
الملخص:
تعد علاقة الطالب بالكتاب سواء أكان تقليديا –ورقيا- أو إلكترونيا ضرورة حتمية تكمن في أنه الأساس الذي يرتكز عليه في بناء شخصيته الفكرية والثقافية، وأن أي تخلّ عن القراءة هو نوع من الإهمال الذي يؤدي لا محالة إلى نوع من الفراغ الفكري والثقافي والروحي خاصة مع ما يسمى بعصر المعلومات وعصر الحضارة الالكترونية أو الحضارة التكنوترونية أو عصر الثورة العلمية والتكنولوجية.
أصبحت الشبكة العنكبوتية تحوي ملايين البرامج في مجالات مختلفة بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي وبالفعل أصبح هنالك مكتبات كاملة مطبوعة يتم مسحها كبيانات إلكترونية واضحي الكتاب وسيلة متداولة لا تحتاج سوى الإبحار في الإنترنيت وشبكات التواصل عن طريق محركات البحث المختلفة وعلى هذا الأساس تقوم الدول اليوم بإدخال البحث العلمي في مقررات الكليات العلمية والاجتماعية والإنسانية بعد أن أدركت أهميته في التنمية الشاملة.
من هذا المنظور ارتأينا البحث في دور شبكات التواصل الاجتماعي في تطوير البحث العلمي.
ماهي أنجع طرق وأدوات جمع المعلومات من الشبكة؟ وكيف تتم تغطية وتوثيق البحث العلمي منها.
هل فعلا تتسبب الشبكة في قلة المقروئية في الوسط الجامعي؟ أم أنها خططت بطرق أفضل جعلت الكتاب غذاء طيّعا لا يستغنى عنه؟
الكلمات المفتاحية:
المقروئية، البحث العلمي، الشبكة، الأدب الرقمي، المجتمع الافتراضي، الإعلام الاجتماعي.
مقدمة:
في الواقع إنّ مكاسب المنظومة الاتصالية الافتراضية كثيرة لا تحصى، كسرعة التواصل وسهولة الحصول على المعلومة، وتقوية العلاقات الاجتماعية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه عند التطرق إلى أهمية وفوائد مواقع التواصل الاجتماعي، هو الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه المواقع في خدمة التعليم. والأثر الذي يمكن أن تتركه هذه الشبكات على العملية التعليمية في الوسط الأكاديمي .
إن أهم ما ميز نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، ظهور تكنولوجيات الإعلام والاتصال وما ترتب عنها من تطورات في جميع المجالات والميادين، ولعل المتتبع لها وما نتج عنها يجد أن أهم ماميزها هو ظهور شبكة الانترنت العجيبة التي فرضت على الجميع، لما تتميز به من خدمات سريعة وفعالة، وأصبح كل فرد لايمكنه الاستغناء عنها، خاصة الباحثين منهم. فدائما مايسعون للتواجد عبر هذا الفضاء الالكتروني والافتراضي وتعتبر الشبكة العنكبوتية أولى المنافذ التي تمكنهم من ولوجه، ومع تطور مواقع الويب وصولا إلى الجيل الثاني2.0 web المبنية على فكرة الشبكات الاجتماعية والتي أصبحت نبض الحياة في الانترنت وهو جيل حديث أكثر تفاعلا وأكثر تطبيقا يحتوي العديد من التقنيات الجديدة والمستحدثة مؤخرا، التي على الباحثين مواكبتها والاستفادة منها في مشاريعهم وبحوثهم المستقبلية، فقليلا ماتجد أستاذا أو طالبا لايملك حسابا على الفايس بوك أو من لايقوم باستخدام التويتر،أو لا يملك سيرة ذاتية في لينكد…الخ. وهكذا تجري وتنبض حياة الانترنت حيث تولد هذه الخدمات شبكة من الترابط القوي والتفاعلي للإبداع كل في مجاله، في ظل مجتمع يعتمد أساسا على المعلومات وكيفية الاستفادة منها بأقل جهد وتكلفة ممكنين.
- الاتصال العلمي بين الواقع والمجتمع الافتراضي الإلكتروني:
تختلف طبيعة الاتصال العلمي حسب مفهومه ونوعه ومقوماته وأشكاله التي تتراوح بين الواقع الفعلي والواقع الافتراضي، الذي يوطد العلاقات بين الأساتذة والباحثين من جهة وبين الأساتذة والطلبة من جهة أخرى، ذلك أن الاتصال هو الإطار الأساسي للعلوم الحديثة فلا قيمة للعلم دونه باعتباره الميزة التي تميزه عن النشاطات الأخرى.
- مفهوم الاتصال العلمي:
لكي تحقق العملية التعلمية التعليمية هدف مواجهة التحديات الهائلة، لابد من التعامل بفكر منظومي شامل وليس بفكر أحادي التوجه، ولابد من أن تكون عملية التطوير شاملة ومتكاملة ومتشابكة في جميع مكوناتها ومراحلها، بوصفها منظومة مترابطة ومتفاعلة ومتماسكة متعددة الأطراف، ذلك أن « العلم بطبيعته اتصالي، فأي نظرية أو نتيجة متوصل إليها لا تلقى قيمة علمية إلا عن طريق تداولها وتبليها إلى مجتمع الباحثين من جهة وعرضها للنقد من جهة أخرى» [1] مثلما أشارت لذلك مارتن بارير، فعن طريق التبليغ والتلقي والنقد يتطور البحث العلمي وتتطور طرق تبادل المعرفة العلمية وتبادل الخبرات التي لا تقتصر على الدوريات والمراسلات والمناقشات في الملقيات فحسب، بل تمتد لتشمل التقنيات الحديثة والمتطورة التي اختزلت المسافات بين الباحثين ووطدت العلاقات بينهم ولو كان ذلك افتراضيا.
ازداد الاهتمام في السنوات الأخيرة بدور التكنولوجيا وأنواعها وجدوى الاستعانة بها وأفضل أساليب الاستفادة منها في تطوير التعليم ومعالجة مشكلاته، ذلك أن التطورات المتلاحقة في شبكة الإنترنت ساهمت في تزايد أهميتها على المستوى الدولي مع تنوع استعمالاتها، وازدياد عدد المستخدمين لها، فأهمية الانترنت لا تنحصر في مجال الاتصال وتبادل المعلومات فحسب بل تتعدى ذلك إلى إيجاد شكل من الإعلام الجديد، تعددت نماذجه ومسمياته لدى المهتمين والمتخصصين الذين أطلقوا عليه مصطلح الإعلام التفاعلي والذي يشمل شبكات التواصل الاجتماعي التي تعتبر شكلا من أشكال تطبيقات الانترنت وهي عبارة عن حلقات اجتماعية بين الأهل والأصدقاء أو حلقات تعليمية بين مختلف شرائح الطلاب أو غيرهم إذ يتبادلون فيها اهتماماتهم المشتركة.
ومع ذلك لا نجزم بأن الاتصال العلمي ارتبط فقط بشبكة الانترنيت بمختلف وسائطها، بل على العكس من ذلك نجد له جذورا تتعلق «بالحضارات القديمة المصرية والآشورية والبابلية والهندية، وكان يعتمد أساسا على الطرق الشفوية لتبليغ الأفكار والإنجازات العلمية والفكرية، غير أن بقايا الشواهد التاريخية كأوراق البردي وأقراص الطين لا تقدم لنا صورة دقيقة لنموذج الاتصال العلمي في ذلك الزمن البعيد إلا بعد اختراع الطباعة المتحركة سنة 1455 من طرف غوتنبرغ Gutenberg والتي تركت علامة بارزة في تاريخ الاتصال العلمي، كما أن إنشاء كل من الجمعية الملكية البريطانية وأكاديمية العلوم في فرنسا يعد حدثا عظيما في تاريخ العلوم والاتصال العلمي، وذلك بصدور مجلة العلماء بباريس سنة 1665، وصدور مجلة الأعمال الفلسفية في بريطانيا في السنة ذاتها، كما تطورت الدورية العلمية باعتبارها النموذج المثالي للاتصال العلمي بمقالاتها المقسمة إلى أجزاء والتي تتناسب مع المجتمع الأكاديمي» [2] أخذا وعطاء وتبادلا للآراء والأفكار تأثيرا وتأثرا في كل من ينتمي للأوساط العلمية والمهنية، وهو ما أشار إليه وليم جارفي في تعريفه للاتصال العلمي قائلا:« تلك الأنشطة الخاصة بتبادل المعلومات والتي تحدث أساسا في أوساط الباحثين العلميين المنغمسين على جبهة البحث، وتغطي هذه الأنشطة الاتصال العلمي بدءا بما يدور بين اثنين من الباحثين من مناقشات في ظروف أبعد ما تكون عن الرسمية إلى أن تصل إلى الدوريات والمراجعات العلمية والكتب» [3].
- قنوات الاتصال العلمي الشفوية والمكتوبة:
مهما كانت درجة الثبات وسرعة التغير في النسق العلمي والثقافي وبالتالي في منظومة القيم، فإن طبعتها الأولى تحدث مع ما يسمى بالاتصال العلمي الرسمي المتمثل في الدوريات والكتب والحوليات وكل ما يمت بصلة للبحث العلمي المكتوب المتناول من طرف الخبراء والباحثين حسب كل تخصصه، ولن يتحقق ذلك إلا عبر المرور بهياكل معتمدة تتيح فرص الاتصال المتنوعة ولعل أبرزها:« مؤسسات إنتاج المعلومات من الجامعات ومراكز البحوث والأجهزة الحكومية والمكاتب الاستشارية فضلا عن الباحثين أنفسهم… إضافة إلى الجمعيات العلمية ودور النشر التجارية وقد أضيفت إليها مؤخرا الشركات المتخصصة في إضافة المحتوى الإلكتروني على الإنترنيت…المؤسسات التي تعمل على تيسير الإفادة من المعلومات مثل المكتبات ومراكز المعلومات عل اختلاف أنماطها»[4] لنجد أن البحث العلمي يتطور بتطور الوسائط وحلقات الاتصال بفعل تأثرها بالتطورات الجارية في تقنيات المعلومات في البيئتين المادية والالكترونية.
تتعدد أنماط الاتصال العلمي المكتوب وتتعلق أساسا بالمادة العلمية المرتبطة بالبحوث الأكاديمية أو التقارير التحريرية والفنية التي تسبق نشر المقال العلمي في الدوريات المحكمة والتي تزيد من جودته بعد الصقل والتنقية وإعادة القراءة، أو التي ترتبط بالرسائل الجامعية والأطروحات التي «تمثل أحد القنوات غير الرسمية الأساسية لبث المعلومات العلمية على أوسع نطاق، وتجدر الإشارة إلى أنه هناك بعض الأنواع الأخرى ذات الطابع غير الرسمي تنتمي إلى ما يسمى الآداب الرمادية من براءات الاختراع وأعمال المؤتمرات وأطروحات ورسائل جامعية ووثائق قبل النشر وتقارير البحوث التي تنتجها هيئات خاصة أو عمومية»[5].
نجد أن أغلب الباحثين يتحدثون عن أعمالهم العلمية قبل إنجازها وقبل تحريرها ويتم ذلك عن طريق الاتصال الشفوي مع الأساتذة الباحثين المتخصصين، وذلك في إطار ملتقيات ولقاءات علمية التي تتمثل في «منتديات الدوريات التي تنظم بأحد مراكز البحوث أو الجامعات أو الأقسام ذات الأهمية المشتركة … الحلقات الدراسية التي تنظم من طرف الهيئات الأكاديمية ومراكز البحوث الصناعية … اللجان العلمية أو الفنية لها دور بالغ في نظام الاتصال العلمي وتشكل لإقرار أو رفض أحد البحوث التي تحتاج إلى تمويل ويمكن مقارنتها في سياق البحث العلمي بالجزائر بتلك اللجان المشكلة على المستوى الوزاري المركزي بهدف تقييم عمل المخابر ودراسة جدوى المشاريع المقترحة للبحث قصد تمويلها»[6] هذا بالإضافة إلى اللقاءات المحلية الوطنية والمغاربية والدولية التي تشكل أولوية لكثير من العلماء والباحثين لعرض أهم ما توصلوا إليه من نتائج وتوصيات في بحوثهم العلمية.
- قنوات الاتصال العلمي الافتراضية:
مما لا شك فيه أننا نحيا الآن في عصر متغير بكل المقاييس عن العصور الماضية والذي يطلق عليه اسم “عصر المعلوماتية ” الأمر الذي جعل الدول في تحد من أجل أخذ أحدث أساليب العلم والتقنية، أي أن القوة الحقيقية الآن لمن يمتلك المعلومات و يستخدمها الاستخدام الأمثل وبما أن الجامعات والطلبة والوسط التعليمي عموما معنيون بشكل كبير جدا بمواكبة هذه التطورات فإننا نلاحظ جليا الاستخدام الواسع لأجهزة الحاسوب بنظمها وبرمجياتها المتنوعة، ووسائل الإتصال، بالإضافة لشبكات الأنترنيت والتطبيقات التكنولوجية المرتبطة بها … وغيرها في البيئة التعليمية والأكاديمية عموما، وهذا ما دفع بالمهتمين بالتعليم عموما وبالتعليم الذاتي خصوصا لاستثمار هذه الشبكات في التحصيل المــــــــــــعرفي و لعل من أبرز الأمثلة في هذا المجال ” شبكات التواصل الاجتماعي” التي تلقى رواجا كبيرا في الوسط الأكاديمي .
ازداد البحث العلمي نشاطا بازدياد رغبة الباحثين في تنمية قدراتهم الذاتية ومعارفهم وخبراتهم وميولاتهم العلمية في إطار ما يسمى بالتعلم الذاتي المعتمد على شبكات التواصل الاجتماعي باعتبارها إستراتيجية هامة مستخدمة في العملية التعليمية، ذلك أنها تدعم وتوجه وتثقف الباحث أو الطالب في تحصيله العلمي وتحسن تواصله مع الأساتذة والطلبة والأسرة الجامعية ككل «فيكون باستطاعة العلماء وأساتذة الجامعات من الدول المتطورة وحتى الباحثين من الدول النامية، الاستفادة من بنوك المعطيات والمعلومات المحمية طوال قرون من الزمن في الدول المتطورة والاطلاع على الأبحاث الحديثة المتقدمة التي ينتجها العلماء في الدول المتطورة، وهذا يشكل بحد ذاته خطوة كبيرة إلى الأمام، تساعد على رفع المستوى العلمي والتكنولوجي للدول النامية، ويعلم الجميع مدى أهمية الاطلاع على البحوث الموجودة والتطورات العلمية والنشرات والموضوعات المكتشفة لتطوير العلوم وتحديثها، وقد كان العلماء والباحثون في الدول النامية مضطرين إلى السفر للدول المتطورة والغوص في مكتباتها للحصول على المعلومات العلمية المطلوبة لأبحاثهم مع ما يترتب على ذلك من عناء وضياع للوقت وهدر للأموال» [7] هكذا جرت العادة من قبل الباحثين العرب أثناء تناولهم لشبكات التواصل الاجتماعي إبراز تداعياتها ومظاهرها السياسية والاقتصادية الاجتماعية والثقافية ،لكن قلما ما نجدهم يتحدثون عن الأثر الذي تتركه هذه الشبكات على العملية التعليمية رغم أن استخدامها في مجال التعليم الإلكتروني ساهم في إعادة بناء صياغة جديدة للعلاقات وهو ما سيكون دافعا قويا للتعلم ولتعزيز العلاقة بين هذه الأطراف،و قد بلغ هذا التأثير إلى درجة اعتبر فيها بعض الباحثين أن منصات التواصل الاجتماعي ستصبح في المستقبل القريب بديلا كاملا عن برامج التعلم الإلكتروني التقليدية.
تعد شبكات التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها فيسبوك FACEBOOK وتويتر TWITTER واليوتوب أحد أهم وسائط الإعلام والاتصال التي زاد انتشارها في العصر الحالي وبرغم حداثتها، تضاعف الإقبال عليها واستخدامها وصارت تلعب دورا مهما وأساسيا في مختلف المجالات، وامتد تأثيرها إلى مجال التعليم الذي استفاد وبصفة كبيرة من هذه الشبكات من خلال دمجها في العملية التعليمية وهذا لما تقدمه من دعم لها. حيث أن أهـــــم ما يميز العملية التعليمية من خلال الشبكات الاجتماعية هو تنشيط المهارات لدى المتعلمين، وتوفير الفرص لهم، وتحفيزهم على التفكير الإبداعي بأنماط وطرق مختلفة.
قد يتبادر للذهن أن الحديث عن الفايسبوك هو أداة ترفيهية ووسيطة من وسائط التواصل الاجتماعي، متناسين قدرته على إيصال المعلومة لدى كل مشترك يملك حسابا خاصا ببيانات خاصة ترتبط به، بل على العكس من ذلك فإنه يتيح « إضافة المقررات والإعلانات والواجبات وتكوين حلقات نقاش ومجموعات للدراسة.كما أن استخدام المجموعات المغلقة التي يستخدمها موقع فيسبوك كأحد أهم الوسائل الناجحة في تعزيز التعليم حيث يمكن للإستاد أن ينشئ مجموعة فيسبوك خاصة فقط بطلاب الفصل أو المادة التي يدرسها ويدعو طلابه للانضمام إليها فيتيح لهم من خلالها النقاش والحوار حول مواضيع لها علاقة بالمادة الدراسية مما يشجعهم على التفاعل والمبادرة والاعتماد على النفس دون أن يضيف إليهم عبء تعلم برامج إلكترونية معينة حيث سيكون من المؤكد أن جميع الطلاب يستخدمون فيسبوك وستكون هذه المجموعة ضمن متابعاتهم اليومية على فيسبوك كما أن ذلك سيساعد الأستاذ على تقييم الطلاب من خلال مشاركاتهم في النقاش مما يحفزهم أكثر على التفاعل والمشاركة وهي البديل المثالي للتلقين»[8]
جعل التنوع في البرمجيات المقدمة عبر شبكة الويب شعبية مواقع التواصل الاجتماعي تزداد يوما بعد يوم ولعل التويتر أحدها الذي يعتبر المكان الأمثل «اليوم للحصول على المعرفة وبالتالي فإن مجرد تواجد الأستاذ على تويتر وحث طلابه متابعته سيمكنهم من الحصول على معارف من أستاذهم خارج حدود المنهج الدراسي مما يعزز المعرفة لدى الطلاب ولا يحصرهم بصفحات الكتاب المقرر فتغريدات الأستاذ سوف تكون فرصة كبيرة لتعزيز المعرفة لدى الطلاب والاتصال العلمي مع الأستاذ كما أن تويتر سيفتح ىفاق الطلاب نحو متابعة متخصصين آخرين في ذات المجال سيتعرفون عليهم من خلال بحثهم في تويتر أو من خلال “إعادة التغريد” لتغريداتهم من قبل الأستاذ نفسه»[9] هكذا أتاحت الفضاءات الافتراضية فرصة استخدامها من طرف كافة أفراد المجتمع بمن فيهم الفئة الطلابية الاستفادة من استطلاعات الرأي، التي يستخدمها المعلم كأداة تعليمية فاعلة لزيادة التواصل مع طلبته و متابعة الأخبار الجديدة والوقوف على ما يستجد من أحداث جارية سياسية واقتصادية وعلمية واجتماعية…التي تعد من مزايا استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية.
- دور الإعلام البديل في تفعيل المشاركة العلمية لدى الباحث:
لا نقتصر حين نذكر الإعلام البديل على ثورة الإعلام الاجتماعي الجديد المتمثل في الفايسبوك أو الشبكات الاجتماعية والثقافية،فقط بل كل ما له علاقة بالشبكات المهنية أو حتى ما أصبح يشكل تعليما بديلا في الواقع الافتراضي والتعليم عن بعد، هذا الفضاء الذي «يشير إلى تكوين بيئات ثلاثية الأبعاد باستخدام الرسومات الحاسوبية وأجهزة المحاكاة … ويحاول العلماء والمهتمين بالواقع الافتراضي من إحداث التفاعل بين الجانب الجمالي المطلوب للمشهد الافتراضي وبين الجانب التكنولوجي لتوفير متطلبات هذا المشهد، وبالتالي تهيئة بيئة افتراضية تتيح للمستخدم الاندماج معها والتحليق في الفضاء الافتراضي كزيارة المتاحف حول العالم إجراء تجارب مختبرية علمية، من جانب آخر تسعى الجامعات المعاصرة إلى نقل أنشطة التعليم العالي إلى بيئة التعليم عن بعد الافتراضية وتثبيت نظم وتشريعات مرنة وبيئة جامعية افتراضية يتواصل الطلبة والمدرسون والإدارة عبر شبكة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عن بعد الافتراضية»[10] فيعد هذا التواصل الفضائي من الأبعاد أكثر تجديدية في الانترنيت، ذلك أنها تتجاوز الفضاءات الجغرافية والزمنية أو ما يطلق عليه عادة بظاهرة التخطي المعلوماتي، لنقلها للمعلومات وإيصالها للأفراد الآخرين المتواجدين في الأطراف الأخرى من الشبكة بسرعة كبيرة وفي ظرف آني تزامني.
يتعامل الفرد مع محتويات الواقع الافتراضي من خلال رمزية النص والصورة والفيديو، وبالتالي فهي ليست حقائق بذاتها بل هي تعبير عن حقائق «ففي مثل هذا التغيير للواقع الافتراضي يمكننا أن نفهم نشوء حضارة مسيطر عليها تماما من خلال التقنيات والوسائط الرقمية، فصار عالم اليوم بفضل هذه الوسائط قرية إلكترونية، صار في إمكان الإنسان في وقت قصير دون أن يتحرك من بيته التواصل مع معارفه في شتى أصقاع الأرض وأن يزور مساحات جغرافية متنوعة ومتباعدة وأن يستخدم الانترنيت ليأخذ بمواضيع كان يمكنه مطالعتها في الأدبيات البالغة التخصص حصرا»[11].
تبدأ فرصة التعامل ومعايشة الواقع الافتراضي وممارسة النشاط العلمي عن بعد بمجموعة المعلومات السابقة عن موضوع ما، التي اكتسبها الباحث في سنوات سابقة، ليبدأ بتوضيحها عن طريق العلاقات الافتراضية لتتوالى الايضاحات حتى تكتمل الصورة، وهذا يعني أن المدخل المنظومي معناه النظرة الشمولية للبحث وإدراك كل مكوناته وارتباطاته وتفاعلاته مما يؤدي إلى رفع كفاءة وتطوير البحث العلمي والعملية التعليمية معا بصورة منظومية شاملة.
هكذا نجد أن الشبكات الاجتماعية تمثل بيئة مناسبة لتعليم مختلف عن التعليم التقليدي، ما يضمن سرعة ودينامية البحث العلمي المتمثل في المقررات والبرامج والمدونات والمراجع الالكترونية، التي تتيح للفرد العادي المستخدم للانترنيت أن يكون صحفيا وكاتبا ومنتجا للمعلومات وقادرا على إسماع صوته للآخرين متجاوزا قيود وموانع الوسائل التقليدية، وبالتالي فإن « التعليم الافتراضي هو طريقة لإيصال العلم وللتواصل والحصول على المعلومات والتدريب عن طريق شبكة الإنترنت، وهذا النوع الحديث من التعليم يقدم مجموعة من الأدوات التعليمية المتطوّرة التي تستطيع أن تقدم قيمة مضافة على التعليم بالطرق التقليدية ونعني بذلك الصف التدريسي المعتاد والكتاب والأقراص المدمجة وحتى التدريب التقليدي عن طريق الكومبيوتر»[12] إذ يستطيع الطالب من خلال التعليم الافتراضي الحصول على قدرة أكبر في التحكم حيث أنه مصمم على أساس المحتوى النوعي وآلية تقديم المادة على النحو الأفضل بما يتناسب تماماً مع المحتوى وهذه العلاقة المطردة تجعل هذه التجربة دائمة التطوّر فكلما ازدادت التجربة تحسن الأداء وتحسنت النتائج بأرفع البرامج قيمة ونوعية تدريس الأساتذة والباحثين والعلماء الدارسين في العالم الذين يضيفون العنصر الثقافي الخاص بمجتمعاتنا على المحتوى العلمي العالمي.
لم تعد شبكات التواصل الاجتماعية والثقافية والمهنية أداة للتواصل والتعرف على الأصدقاء فحسب، بل أصبح أداة تعليمية من خلال مجموعات تعليمية يشرف عليها الأستاذ الذي يدعم درسه بالمدونات الالكترونية التي تحوي شرحا للمادة العلمية والتمارين المرافقة لها، وهكذا تضمن سرعة وسهولة تداول المعلومات لدى الطلاب وهي أحد مزايا هذه الشبكات، كما تتيح للباحث أيضا « امكانية الإعلان عن حدث أو تظاهرة علمية وإخبار الأصدقاء والأعضاء به.فمثلا يمكن للمكتبة كمقوم من مقومات الاتصال العلمي استغلال هذه الخاصية في الإعلان أو التنويه عن مواعيد الندوات والتظاهرات العلمية التي سيتم عقدها بالمكتبة أو بعض المعارض التي تجريها بعض المكتبات بين الحين والآخر وذلك من خلال كتابة (اسم الحدث، نوع الحدث، وصف الحدث، موعد انعقاده، موعد انتهائه، الوقع، المدينة، الهاتف، البريد الالكتروني …). كما تتميز هده الشبكات الاجتماعية بخاصية الإعلان مثلا عن الندوات وحلقات النقاش المجمعة» [13] أو الملتقيات والأيام الدراسية المتعلقة بالتعليم العالي والبحث العلمي .
على الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي أنشئت في الأساس للتواصل الاجتماعي بين الأفراد، فإن استخدامها امتد ليشمل النشاط العلمي من خلال تداول المعلومات وتحليلها والتوصل للنتائج العلمية بين الباحثين عبر اشتراكهم غير المحدود وغير المشروط بمخابر البحث في العالم لتنمية مشاريعهم العلمية وبحوثهم الأكاديمية، إذ تعد المخابر « النمودج المثالي لتفعيل ودعم حركية البحث العلمي حيث تم تعريفها في الوثيقة التي تتناول الأهداف الكبرى لإدارة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون سنة 1993 على أنها: “مراكز للإنتاج العلمي بدون جدران”، أين يقوم الباحثون بانجاز أعمالهم العلمية دون أن يكونوا مقيدين بتواجدهم في أماكن جغرافية متباعدة، أي أنها عبارة عن هياكل تنظيمية واجتماعية جديدة للنشاط العلمي تقوم على أساس التعاون والعمل المشترك بواسطة شبكات الحواسيب، فهي بذلك تعزز العلاقات الاجتماعية والإنسانية بين العلماء والباحثين وتقرب بينهم من أجل خلق فضاء موحد وأدوات عمل مشتركة بينهم بغض النظر عن انتماءاتهم الجغرافية والسياسية والثقافية»[14] .
دعمت الحيثيات المرتبطة بالوسيلة الالكترونية التعليم العالي في البيئة الرقمية، خاصة ما أتاحته من حرية تامة لدى مشتركي الشبكات التي وفرت لهم المناخ المناسب لإضافة المحتوى المعرفي والعلمي «وكل هذا بشكل مجاني مقابل ما تقدمه لهم من بيئة مناسبة وخدمة جيده كي يحطوا رحالهم داخل صفحات الموقع. فهي تكتب لمشتركيها الاخبار والمقالات، كما تضيف الصور والفيديوهات،. فشبكات التواصل الاجتماعي لم تقم بشيء سوى أنها اتاحت لهم الفرصة ووفرت لهم ولجميع المستخدمين البيئة المناسبة والأدوات المبتكرة والخدمات الفعالة»[15].
خاتمة:
تضاعفت المعرفة وظهرت تصنيفات عديدة لها مع الانفجار المعرفي والثورة المعلوماتية و الحل الحقيقي لهذه المشكلة ليس بزيادة محتوى أو عدد المقررات الدراسية وإنما في تزويد الطلاب بمهارات المعلومات، والتدريب على التعامل مع تقنياتها.
إن استخدام تكنولوجيا الاتصالات تعد مؤشرًا على تقدم المجتمعات أو تخلفها، الأمر الذي يتطلب من المسؤولين في الأجهزة التعليمية والتدريبية توفير المزيد من المواقع والبرامج العربية ٠
أن أهم مايميز العملية التعليمية من خلال الشبكات الاجتماعية هو تنشيط المهارات لدى المتعلمين والباحثين، وتوفير الفرص لهم، وتحفيزهم على التفكير الإبداعي بأنماط وطرق مختلفة.
– تعظم الدور الإيجابي للباحث في الحوار، وتجعله مُشاركا فاعلا مع الآخرين. وتعزز الأساليب التعليمية في بيئة تعاونية.
– تساعد الطالب على المذاكرة البناءة من خلال تقديم تدريبات متنوعة ومُتكاملة.
– تتيح للباحث والطالب إمكانية تبادل الكتب والمعلومات.
– متابعة ما يستجد من معلومات في التخصص.
قائمة المصادر والمراجع:
[1] – BARRERE Martine. Science et SociétéQuelle raison partager ? les cahiers globals Changes. N.6, fev .1996. cité par : Roland Marie Claude. La communication scientifique: au dela de la technique et de la reproduction de pratiques existantes. (En ligne) http://www.reflexives-Ipr.org/index_competences_41.php .
[2] – أحمد أنور بدر، الجديد في الاتصال العلمي، دار الثقافة العلمية، الإسكندرية، 2003 ، ص 5.
[3] – وليم جارفي، ترجمة حشمت قاسم، الاتصال العلمي أساس النشاط العلمي، تيسير سبل تبادل المعلومات بين المكتبيين الباحثين المهندسين الدارسين، الدار العربية للموسوعات، بيروت، 1983، ص 26.
[4] – ميدوز جاك، آفاق الإتصال ومنافذه في العلوم والتكنولوجيا، ترجمة حشمت قاسم، مكتبة غريب، القاهرة، 1979، ص 356.
[5] – وليم جارفي، المرجع السابق، ص 114.
[6] – المرجع نفسه، ص 93.
[7] – العطيوي صالح، التعلم الالكتروني والجامعة المفتوحة، ورقة معدة ضمن مقرر أصول تكنولوجيا التعليم ، الرياض، كلية الدراسات العليا، قسم وسائل وتكنولوجيا التعليم، جامعة الملك سعود، 2006.
[8] – عباس مصطفى صادق،الإعلام الجدید المفاھیم والوسائل والتطبیقات، الشروق،2008 ، ص 21.
[9] – Bernardo A. Huberman Et al. Social networks that matter: Twitter under the microscope Social Computing Lab, Cornell University, 2000 [online] http://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=1313405&http://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm
[10] – سناء عبد الكريم الخناق، المعوقات والتحديات التي تواجه التعليم الافتراضي الجامعي، التجربة الماليزية والعربية، مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية، ع11، جامعة ملايا، ماليزيا، 2012، ص192.
[11] – مطاع بركات، الواقع الافتراضي، فرصه ومخاطرهوتطوره ‘دراسة نظرية’، مجلة جامعة دمشق، م22، ع02، كلية التربية، قسم الصحة النفسية، 2006، ص 410.
[12] – منى هادي صالح، دراسة إمكانية تطبيق بيئة تعليم افتراضية في المؤسسات التعليمية، جامعة بغداد، كلية التربية للبنات، قسم علوم الحاسبات، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية، عدد خاص بمؤتمر الكلية، 2013، ص 480.
[13] – أحمد أنور بدر،المرجع السابق، ص 95.
[14] – TURNER, William A., DE GUTHTENEIRE, P., VAN METER, K. Merit review, digital library design and cooperative cognition. Solaris,.3, 1996. [en ligne]. http://www.info.unicaen.fr/bnum/jelec/solaris/index.html.
[15] – وليم جارفي، المرجع السابق، ص 139.