
بحث مقدم من قبل الدكتورة أمال بن بريح، أستاذة محاضرة بكلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة ” لونيسي علي” ( البليدة 2)؛ للمشاركة بملتقى تمتين أدبيات البحث العلمي المنظم من قبل المركز بالتعاون مع المكتبة الوطنية الجزائرية والذي نشر بسلسلة أعمال المؤتمرات الصادرة عن مركز جيل البحث العلمي بشهر ديسمبر 2015، ص 21 .
لتحميل العدد الخاص بهذا الملتقى يرجى الضغط على غلاف هذه السلسلة:
ملخص المداخلة:أصبحت المنهجية اليوم العلم الذي تشترك في دراسته كل التخصصات، نظرا لأهميته في مجال الدراسة والبحث العلمي. و المنهج في الحقيقة واحد و لكن طريقة تطبيقه في العلوم تختلف من علم لآخر، فكل تخصص يأخذ ما يناسبه من المبادئ و القواعد التي يحتويها علم المنهجية.
هذا العلم الذي يعد أساس كل بحث علمي, خاصة وأن هذا الأخير يمتاز بأنه علم منظم و مضبوط، فالنتائج المتحصل عليها بموجبه ليست وليدة مصادفات بل هي نتائج مدروسة و مقصودة ، وهذا ما يضفي على البحث العلمي عامل الثقة في نتائجه.
و لكي يكون البحث العلمي علم منظم و مضبوط , لابد من إتباع مراحل معينة لإنجازه, و هذه المراحل هي من تطبيقات المنهجية بمفهومها الواسع , والتي تعني كل الطرق و الأدوات والأساليب المسطرة لإعداد البحث العلمي, وهذه المراحل تشترك فيها كل أنواع البحوث مهما اختلفت مواضيعها ,علما أن هناك بعض الخصوصيات قد تنفرد بها فروع معينة من العلوم .
لذلك ومن خلال مداخلتي سأحاول إعطاء بعض الإرشادات و الفنيات التي يجب على كل باحث إتباعها قصد الوصول إلى النتائج المرغوب فيها في الأبحاث العلمية.
مقدمة:
إن الحاجة إلى الدراسات و البحوث و التعلم لهي اليوم أشد إليها أكثر من أي وقت مضى. فالعلم والعالم في سباق محموم للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المستمدة من العلوم التي تكفل الراحة و الرفاهية للإنسان و تضمن له التفوق على غيره.
وإذا كانت الدول المتقدمة تولي أهمية كبيرة للبحث العلمي فذلك يرجع إلى أنها أدركت أن عظمة الأمم تكمن في قدرات أبنائها العلمية و الفكرية و السلوكية. ومع أن البحوث تحتاج إلى وسائل كثيرة معقدة و تستند إلى أكثر من مجال علمي، وتتطلب الأموال الطائلة، إلا أن الدول المدركة لواجباتها الوطنية ترفض أي تقصير في ميدان البحث العلمي لأنها تعتبر البحوث دعامة أساسية لاقتصادها وتطورها وحضارتها الذاتية.
هذا وتندرج عملية إعداد البحث العلمي بعدة مراحل متسلسلة ومتتابعة و متكاملة و متناسقة في تكوين و بناء هذا العلم وإنجازه ، فلابد إذن من الاضطلاع بهذه المراحل مرحلة بعد مرحلة بكل عناية وجدية وصبر ودقة من طرف الباحث العلمي حتى يصل إلى نتيجة إعداد البحث العلمي الكامل.هذه المراحل يمكن تقسيمها إلى مراحل أولية و أخرى نهائية.
لأجل هذا سأحاول من خلال هته المداخلة محاولة إعطاء بعض الإرشادات و التقنيات التي يجب على كل باحث أخذها بعين الاعتبار في إنجازه لبحثه العلمي لاسيما الباحث الطالب و الباحث الناشئ.وذلك بتصنيف هذه الخطوات ضمن مرحلتين أساسيتين هما: مرحلة أولية في إعداد البحث العلمي. وأخرى نهائية في إعداده.وهذا من خلال المبحثين التاليين:
المبحث الأول: المقتضيات الأولية للقيام بالبحوث العلمية.
المبحث الثاني: المعايير النهائية لإنجاز البحوث العلمية.
المبحث الأول:
المقتضيات الأولية للقيام بالبحوث العلمية.
كل عمل وقبل أن يخرج في صورته النهائية لابد وأن يمر بعدة مراحل أولية تسبق ذلك الخروج، فما البال لو تعلق هذا العمل بالبحث العلمي، والذي يعد وسيلة للاستعلام والتحليل المنظم والدقيق قصد الوصول لاكتشاف الحقائق العلمية .
هذا و تخضع عملية إعداد البحث العلمي ، فضلا عن المتطلبات الجوهرية الموضوعية التي يعد الجهد الفكري محورها الأساسي، تخضع أيضا لمقتضيات نظامية و شكلية و عملية و تطبيقية، و يتعلق بعضها بتنظيم الجهود الفكرية للحصول على النتائج بيسر و بأقصر طريق و أقل وقت، و البعض الآخر لتنظيم هذه النتائج المحصلة لتوظيفها عمليا لتبرز بدقة و وضوح.
لأجل هذا فلابد على كل باحث أن يمر ببعض العمليات المقيدة ببعض القواعد والشروط، والتي تعد كمراحل أولية وضرورية تسبق عملية إخراج البحث العلمي في صورته النهائية.هذه المراحل يمكن اختصارها من خلال المطالبين الآتيين:
المطلب الأول : مرحلة اختيار موضوع البحث العلمي.
المطلب الثاني : نظام جمع المادة العلمية وتقنيات قراءتها .
المطلب الأول : مرحلة اختيار موضوع البحث العلمي.
يعتبر حسن اختيار موضوع البحث العلمي هو المحدد الرئيسي لمدى إمكانية السير فيه وإنجازه، هذه المرحلة التي تعد أولى مراحل البحث العلمي، ومن أكثر ما يواجه الباحث من صعوبات في إعداد بحثه وهذا نظرا لتعدد واختلاف عوامل و مقاييس الاختيار.
لهذا ينصح بالتريث و الدقة وعدم العجالة في هذه المرحلة وإعطائها وقتها المناسب دون التفكير في ضياع الوقت ، لأن حسن الاختيار في الأول هو الذي سيوفر على الباحث جهدا كبيرا ووقتا ثمينا سيضيعهما لو اضطر فيما بعد لتغيير الموضوع نتيجة سوء الاختيار.
كما يجب على الباحث أن يراعي في اختياره لموضوع بحثه العلمي أن يكون هذا الأخير يطرح إشكالات حقيقية ولهذا فإن مرحلة اختيار الموضوع هي في حقيقة الأمر نفسها تحديد لإشكالية البحث العلمي. لأجل هذا سأتطرق في هذا المطلب إلى :
مقتضيات اختيار موضوع البحث العلمي في فرع أول. و أسس تحديد مشكلة البحث العلمي وصياغتها في فرع ثان.
الفرع الأول: مقتضيات اختيار موضوع البحث العلمي.
من أجل ترشيد عملية اختيار موضوع البحث العلمي وتوجيه الباحث وإرشاده في نطاق عملية الاختيار هذه يجب أن تكون لديه استعدادات وقدرات ذاتية تمكنه من إعداد هذا البحث إعدادا ممتازا وفقا لقواعد وشروط المنهجية العلمية المطلوب احترامها وتطبيقها في مجال البحث العلمي([1]).
وهذا لا يكون إلا باحترام العوامل و المعايير الذاتية والموضوعية التي تتحكم في عملية الاختيار.
أولا: عوامل اختيار موضوع البحث العلمي المرتبطة بشخص الباحث.
تسود عملية اختيار موضوع البحث العلمي عدة عوامل و معايير ذاتية متصلة بنفسية وشخصية الباحث، تجعله يميل لاختيار موضوع ما دون الآخر، هذه المقاييس يمكن إجمالها في الآتي:
- معيار الرغبة النفسية و الذاتية للباحث:
إن عامل الرغبة النفسية و الذاتية لدى الباحث هو أول ما يشده للدراسة و التعمق بل والتخصص في ميدان معين، وإذا استطاع الباحث أن يحقق ميوله الذاتي نحو موضوع ما، فإن ذلك يخلق نوعا من الإنشداد النفسي و الوجداني بينه وبين موضوع بحثه، فلا يقع في مصيق الملل الذي يمثل أكبر عائق نفسي أمام الباحث، فيرهقه ويؤثر سلبا على عطائه العلمي .
و الإنشداد الوجداني نحو موضوع البحث يعتبر دافع أساسي لإكمال البحث بصورة جيدة ، وهو الذي من شأنه أن يذلل الصعاب و يجعل الإرهاق الجسدي والمادي مجرد متعة تجعل الباحث ينجز بحثه و كأنه يمارس هواية له ([2]).
2) الإستعدادات الشخصية للباحث:
من العوام ولمقاييس الذاتية التي تتطلبها عملية حسن اختيار موضوع البحث العلمي هو معيار مدى توفر القدرات والاستعدادات الذاتية لدى الباحث و التي يجب عليه احترامها و مراعاتها بعناية و جدية سواء من طرفه أو من طرف الأستاذ المشرف و مؤسسات التكوين العالي و البحث العلمي العامة و الخاصة ـ في حالة المذكرات و الرسائل الجامعية ـ وذلك من أجل ضمان السير الحسن و الانطلاقة المنطقية و الموضوعية لإعداد البحوث العلمية ([3]) .
وعلى العموم يمكن تلخيص هذه الاستعدادات في الآتي:
- القدرات العقلية للباحث :
وهي القدرات و المكنات العقلية التي تمكن الباحث من قدرة التعمق و الفهم والتحليل و الاستنتاج و ربط الأفكار ومقارنتها. وهي أمور تتفاوت من باحث لآخر حسب سعة الاطلاع و كثرة القراءة و التفكير و التأمل في شتى الوثائق و المصادر المتعلقة بالموضوع ، بالإضافة إلى أن سنوات الدراسة المتخصصة التي تؤهله لإعداد البحث العلمي.
ب)القدرات الجسمانية للباحث:
على الباحث أن يراعي قدراته الجسمانية في اختياره لموضوع بحثه حتى لا يرهق نفسه بتحميلها أكثر مما تطيق . بحيث عليه اختيار ما يتناسب و حالته الصحية إذا ما كان مثلا مريضا أو معاقا، وذلك بالابتعاد عن بعض المواضيع التي تستدعي كثرة التنقلات و المقابلات.
ج) القدرات الاقتصادية للباحث:
وهي الحالة المالية و الاجتماعية للباحث و التي يجب مراعاتها أثناء اختيار الموضوع ، إذ هناك بحوث تتطلب مصاريف كثيرة قد تفوق القدرات المالية للباحث.كالمواضيع التي تتطلب التنقل إلى الخارج و اقتناء المراجع و تصويرها أو شرائها .مما يؤثر سلبا على البحث العلمي بأن يكون ناقصا وغير مستوفيا لمتطلباته اللازمة.
د) الاستعدادات و القدرات اللغوية:
تتحكم مدى قدرات و استعدادات الباحث اللغوية في اختيار موضوع البحث العلمي ، حيث هناك موضوعات تتطلب الدراسات المقارنة ، مما يستوجب على الباحث أن يجيد العديد من اللغات الأجنبية،حتى يتمكن من الترجمة الصحيحة للموضوعات المكتوبة بهته اللغات.
3) معيار التخصص العلمي و المهني للباحث: من المعايير التي تحترمها مؤسسات التعليم العالي و يراعيها الباحث أثناء اختيار موضوع البحث معيار التخصص العلمي فهذا المعيار لا يمكن النزول عنه أو التغاضي عنه، إذ يصعب على الباحث الذي زاول دراسته في فرع معين أن يختار موضوعا لا يدخل ضمن تخصصه([4]).
كذلك عامل التخصص المهني هو مؤثر ذاتي وأساسي في اختيار الموضوع، فمن الأفضل على الباحث الذي زاول دراسته في فرع من فروع المعرفة مرتبط بمهنته أن يختار موضوع ضمن اختصاصه المهني، حتى يسهل عليه عملية البحث و يدعم الجانب العملي لموضوع بحثه.
ثانيا : العوامل و المعايير الموضوعية لاختيار موضوع البحث العلمي.
بالإضافة إلى العوامل الذاتية المذكورة سابقا ، هناك مجموعة من المعايير الموضوعية التي تتوقف عليها عملية اختيار موضوع البحث العلمي و التي سنجمل أهمها فيما يلي:
- الوقت المتاح لإنجاز البحوث العلمية:
تلعب المدة الزمنية المحددة لإنجاز البحث العلمي دورا مهما في اختيار نوعية موضوعه, لذلك على الباحث أن يراعي الوقت المتاح له رسميا من طرف الجهات المختصة بذلك حتى لا يقع فيما بعد في سراع مع الوقت مما يؤثر سلبا على مواهبه.وحتى يستطيع إعداد بحثه في الوقت المنوح له ، و تتجنب مخاطر الإخلال بسبب عامل الوقت المحدد([5]).
- مدى توافر المادة العلمية المتعلقة بموضوع البحث:
أكثر ما على الباحث مراعاته في اختيار موضوع بحثه هو عامل و معيار توفر الوثائق العلمية المتعلقة بالموضوع.خاصة البحوث العلمية التي تنجز من أجل الحصول على درجات علمية، كدرجة الماجستير أو الدكتوراه ، حيث يشترط لإنجازها أن يعتمد الباحث على العديد من المراجع و المصادر, هذه الأخيرة التي تؤثر أيضا في القيمة العلمية للبحث و تؤكد عنصر الثقة في نتائج البحث، فالباحث الذي لا يستطيع أن يستوعب جميع حقائق الموضوع ولا يتشكل لديه ما يسمى بنظام التحليل ([6]).
- معيار الدرجة العلمية المحصل عليها بعد إنجاز البحث:
إن طبيعة الدرجة العلمية المتوخاة من إعداد البحث العلمي بدورها تتحكم في طبيعة موضوع البحث. حيث يجبر الباحث على اختيار موضوع دون آخر وذلك بما يتناسب والدرجة العلمية التي يصبوا للحصول عليها أكانت رسالة دكتوراه أم ماجستير أم لأجل ترقية في الوظيفة وغيرها،إذا كان الباحث موظفا.بحيث يظهر الاختلاف من حيث درجة التعقيد والتشعب من الناحية الموضوعية، أيضا من خلال عدد الصفحات من الناحية الشكلية.
- معيار القيمة العلمية لموضوع البحث العلمي:
على الباحث أن يراعي في اختياره لموضوع بحثه أن يكون مبتكرا، يمكن من كشف حقائق جديدة أو أنه على الأقل يدعم المعلومات السابقة لتصبح أكثر نقاءا ووضوحا، وذلك باثراء وتنقيح وإعادة تجميع المعلومات، ولهذا فإنه يمكن إعادة تناول البحوث التي سبق دراستها ، لأن البحث العلمي لا يكون دوما بحثا جديدا، إذ يستطيع الباحث أن يعيد النظر في أعمال من سبقوه بشرط أن يظهر جهده الشخصي فيه و التحليل و النقد البناء له، ويظهر ذلك من خلال الأسلوب و المنهجية والنتائج المتحصل عليها في الأخير.
الفرع الثاني: أسس تحديد مشكلة البحث العلمي:
إن معايير اختيار مشكلة البحث هي نفسها معايير اختيار الموضوع التي تم ذكرها أعلاه . ذلك لأن البحث العلمي ما هو إلا إجابة عن مشكلة ما.
لكن وبعد اختيار المشكلة يجب على الباحث أن يراعي دائما عدم الخروج عن إطارها، لا بالزيادة ولا بالنقصان ، بحيث تكون كل المعلومات التي حصل عليها تتصل بمشكلة البحث ، ولأجل هذا لابد من اتباع بعض الأسس في تحديد مشكلة البحث ، نجملها في الآتي:
- يجب أن تصاغ مشكلة البحث في صورة واضحة ودقيقة .وذلك بتجنب استعمال بعض المصطلحات الفضفاضة التي يمكن تأويل معناها.
- يجب ألا تكون مشكلة البحث عامة و لا غامضة من جهة، ومن جهة أخرى لا تكون ضيقة ومحدودة، بحيث تجعل مضمون البحث يفوق حدود الإجابة عليها . مما يؤثر على القيمة العلمية للبحث. لذلك على الباحث الماهر أن يصل إلى التوفيق بين التوسيع و التضييق في المشكلة،لأن التضييق الزائد شأنه شأن المعالجة العريضة و الموسعة للموضوعات,
- يجب وضع حدود للمشكلة الموضوعة ، بحيث تحذف كل الجوانب التي لا يتضمنها البحث.إذ على الباحث وفي كل مراحل وأجزاء بحثه عليه أن يراعي عدم الخروج عن حدود محاولة الإجابة عن المشكلة المطرحة سابقا.بحيث يفترض أن كل المناقشات التي ستدور في البحث تتمحور حول إيجاد حل لهذه المشكلة.
- بعد اختيار الباحث لموضوع بحثه وتحديد مشكلة له، وبعد التعمق فيه، قد تظهر له إشكاليات أخرى تحتاج إلى معالجة ، وهذا الأمر منطقي ، فنظرة الباحث لموضوع البحث في بدايته تختلف عن نظرته له بعد الدراسة الطويلة، وفي هذه الحالة قد يغير الباحث صياغة المشكلة فيوسعها أو يضيقها ، أو يعيد النظر فيها من الأساس إذا ما رأى أن مشكلة أخرى هي الجديرة بالدراسة.
في نهاية هذا الفرع، وبعد مراعاة الباحث للعوامل الذاتية و الموضوعية في اختياره لموضوع بحثه وتحديد مشكلة له، فإنه تجدر الإشارة إلى أنه عليه أن يحسن كذلك تحديد عنوان مناسب ومعبر بدقة عما يتم مناقشته في هذا البحث([7]). إذ أن الاختيار المناسب لعنوان الموضوع لا يقل أهمية عن حسن اختيار الموضوع ذاته في التأثير عن القيمة العلمية للبحث.
المطلب الثاني : نظام جمع المادة العلمية وتقنيات قراءاتها .
بعد مرحلة اختيار موضوع البحث العلمي و القيام بكافة الإجراءات الإدارية المطلوبة لتسجيله رسميا, تأتي مرحلة البحث عن الوثائق والمعلومات المختلفة . لتأتي بعدها مرحلة القراءة لكل ما تم جمعه .و لهذا سيتم تخصيص فرع لجمع المعلومات وتوثيقها, وآخر للقراءة و تقنياتها.
الفرع الأول : جمع المعلومات و توثيقها.
من خلال هذا المطلب سأحاول التطرق لتبيان معنى جمع المعلومات وأهميتها و كذا طرق التوثيق و تصنيف الوثائق، وذلك وفقا لما يلي:
أولا: معنى الوثائق العلمية وأنواعها.
الوثائق العلمية هي كل المصادر و المراجع الأولية و الثانوية التي تحتوي أو تتضمن على جميع المواد والمعلومات و الحقائق و المعارف المكونة لموضوع البحث العلمي. وهي تأتي في شكل مخطوطات أو مطبوعات سواء أكانت مسموعة أو مرئية([8]).
علما أن الوثائق يمكن تقسيمها إلى نوعين يتمثل الأول منهما في المصادر و التي يطلق عليها اصطلاحا تسمية ” المصادر الأولية”. وثانيها المراجع و التي تدعى كذلك بـ ” المصادر غير الأصلية ” أو ” المصادر غير المباشرة”.
ويكمن الفرق بين الاثنين، كون المصادر هي الوثائق و الدراسات الأولى ، منقولة بالرواية أو مكتوبة بيد مؤلفين موثوق فيهم ، أسهموا في تطوير العلم ، أو عاشوا الأحداث و الوقائع، أو كانوا طرفا مباشرا فيها ، أو كانوا هم الوساطة الرئيسية لنقل و جمع العلوم والمعارف السابقة للأجيال اللاحقة. أما المراجع فهي التي تعتمد في مادتها العلمية أساسا على المصادر الأولية،فتتعرض لها بالتحليل و النقد، أو التعليق و التلخيص .
ثانيا: عملية التوثيق ( الببليوغرافيا) .
عملية التوثيق أو الببليوغرافيا هي كلمة مأخوذة من اللغة اليونانية القديمة، وهي تعني الكتابات التي تصف الكتب أو وصف الكتاب أي أنها تعني إعداد قوائم بالكتب و معرفة مؤلفيها و موضوعاتها و كافة بيانات النشر. هذه العملية التي يقوم بها الباحث بعدما يطلع على قوائم المصادر الموجودة في المكتبات و المراكز العلمية فيقوم بتسجيل عناوين المصادر وأسماء مؤلفيها وكل المعلومات الضرورية لوصفها .
كما أنه ونظرا لكون البحث العلمي من أهم مميزاته التنظيم، الذي ينعكس على سلوك الباحث في إعداده لبحثه، فيجب أن تأخذ كل أعماله شكلا تنظيميا معينا .
حيث يتعين على الباحث تدوين ما سبق ذكره ، في بطاقات تخصص كل واحدة منها لمصدر واحد لكي يسهل جمعها وترتيبها حسب الحروف الهجائية أو الأبجدية لتكون فيما بعد المرجع في عملية كتابة قائمة المصادر في نهاية البحث([9]).
الفرع الثاني: تقنيات القراءة المجدية.
بعد رحلة البحث عن المصادر والمراجع المتعلقة بالموضوع تأتي مرحلة أخرى لا تقل أهمية على ما سبق ذكره . ألا وهي مرحلة القراءة ، والتي تعتبر عمليات الإطلاع و الفهم لكافة الأفكار و الحقائق و المعلومات التي تتعلق وتتصل بالموضوع محل الدراسة و البحث العلمي، وتأمل وتحليل هذه المعلومات والأفكار و الحقائق عقليا وفكريا حتى تولد في ذهن الباحث النظام التحليلي للموضوع. فمرحلة القراءة و التأمل هذه لابد أن تتحقق كافة أهدافها وتجعل الباحث مسيطرا و مستوعبا لكل أسرار وحقائق الموضوع و متعمقا في فهمها و قادرا على استنتاج الأفكار و الفرضيات و النظريات منها.
والقراءة كأصعب و أطول مرحلة في البحث العلمي،لها أنواع وأهداف لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تمت وفقا لشروط وقواعد منهجية وموضوعية مختلفة.وفيما يلي سأحاول شرح كل جزء من هته الأجزاء و ذلك على النحو التالي:
أولا : أنواع القراءة.الكثير من القراء يعتقدون أن القراءة نوع واحد، لكن في حقيقة الأمر فإن للقراءة عدة أنواع تختلف حسب درجة عمقها و المدة الزمنية التي تستغرقها والتي يمكن إجمالها في ثلاثة أنواع.
1) القراءة السريعة:القراءة السريعة هي القراءة الاستطلاعية و الخاطفة للمراجع ، وهي تتحقق عادة عن طريق الإطلاع على فهارس الوثائق وعناوينها في قوائم المراجع و المصادر المختلفة ، كما تشتمل القراءة السريعة على مقدمات وبعض فصول و عناوين المراجع و الوثائق المتعلقة بالموضوع وكذا الخاتمة .
هذا وتتمثل أهداف و وظائف القراءة السريعة في تحديد الموضوعات و المعلومات المتعلقة بموضوع البحث ، وتقدير وتقييم الوثائق المجمعة من حيث درجة ارتباطها بالموضوع محل الدراسة ،كما تساهم هذه القراءة في تدعيم قائمة المصادر والمراجع المجمعة بوثائق جديدة، وكذا معرفة سعة وآفاق الموضوع وجوانبه المختلفة، وتفيد في ترشيد عملية القراءة و التفكير، حيث تكشف القيم و الجديد و المتخصص و الخاص من الوثائق،والعام والسطحي و القديم منها, فتنحصر وتتركز كل من القراءتين العادية والمعمقة الآتيتين على الوثائق القيمة منها فقط([10]).
2) القراءة العادية:بعد أن يحدد الباحث عن طريق القراءة الاستطلاعية بعض الموضوعات التي تشتمل عليها المصادر والتي يجب التعمق فيها بالقراءة والتفكير، فإنه ينتقل بعد ذلك إلى نوع آخر من القراءة تكون أكثر عمقا وتدقيقا، حيث يركز القراءة على الموضوعات التي تم اختيارها، ويتمخض عن هذه القراءة الفهم الجيد لموضوع البحث، وتسجيل كل المعلومات و الأفكار المتعلقة به ، والقيام بعمليات الاقتباس اللازمة.
3) القراءة المعمقة:بعد المرور بالقراءتين السابقتين تظهر للباحث بعض الوثائق التي يراها تحتاج إلى قراءة معمقة ومركزة لأنها ذات قيمة علمية كبيرة وذات صلة متينة بموضوع البحث، ولهذا فلا تكون قراءتها بطريقة عادية بل عميقة و مركزة و تتخللها فترات للتفكير و التحليل و تسجيل ما تم التوصل إليه من أفكار و مفاهيم، وهذا النوع من القراءة هو الأساس الذي يرتكز عليه البحث فهو الذي يقود الباحث نحو المنهجية الجيدة و التحليل القيم، ولهذا فهو يتطلب أكبر قدر من الصرامة في الالتزام بشروط القراءة التي سيأتي بيانها([11]).
ثانيا) شروط القراءة وقواعدها:حتى تحقق عملية القراءة نتائجها المرجوة منها، وحتى يتمكن الباحث من الاستفادة من كل المراجع و المصادر المعتمدة والتي تعب في جمعها وذلك باستغلال كل المعلومات الواردة فيها واستثمارها استثمارا ناجحا، عليه أن يتبع ويحترم بعض الشروط و القواعد التي تتطلبها عملية القراءة السليمة والتي يمكن إجمالها في الآتي:
- يجب أن تكون القراءة واسعة وشاملة لكافة الوثائق و المصادر و المراجع المتعلقة بالموضوع، وأن تكون متعددة وعميقة الفهم والإطلاع.
- كما يجب أن تكون القراءة مرتبة و منظمة لا ارتجالية وعشوائية، لأن تنظيم القراءة يعني تنظيم الأفكار و المفاهيم المستنبطة من خلالها. كما يجب الانتباه و التركيز في القراءة وفي فهم ما يقرأ فهما تاما وواضحا.
- ليست كل الأوقات مناسبة للقراءة، لهذا يجب على الباحث أن يحسن اختيـار هذه الأوقات، فلقد أثبتت الدراسات و التجارب أنه ليست كل الأوقات صالحة للقراءة و الفهم، بل هناك أوقات معينة كسـاعات الصباح خصوصا، وساعات ما بعد الراحـة و النوم عمومـا، حيث يكون عقل و فكر القارئ أكثر استعـدادا و قدرة و تقبلا للقراءة و الفهم والاستيعاب و التحصيل.
- يجب اختيار الأماكن المريحة و الهادئة للقراءة المتأنية و المعمقة، فلابد من اختيار أماكن القراءة التي تتوفر فيها الشروط والظروف النفسية اللازمة لراحة و هدوء القارئ الباحث.
- كما يجب احترام القواعد الصحية و النفسية أثناء عملية القراءة، إذ يجب على القارئ أن يكون في كامل قواه العقلية و النفسية و العصبية أثناء هذه العملية. و الابتعاد عن القراءة و التفكير في فترات الأزمات النفسية والاجتماعية والصحية للباحث.
وهذا حتى تكون عوامل و فرص الاستفادة و التحصيل من عملية القراءة مؤكدة و كثيرة, لذا يجب على الباحث القارئ الاهتمام بظروفه الصحية السليمة جسميا وعقليا أثناء مراحل البحث عامة و عملية القراءة خاصة.
- يجب على الباحث القارئ ترك فترات للتأمل و التفكير خلال أو ما بين القراءات المختلفة، وذلك لتمحيص و تحليل ما يقرأ و استيعاب المعلومات والأفكار و الحقائق في هدوء و صحوة للعقل.
ثالثا)نتائج القراءة السليمة: إن عملية القراءة الواسعة و المعمقة و الواعية لكل الوثائق العلمية المتعلقة بالموضوع واستعاب المعلومات و الحقائق والأفكار الموجودة في الوثائق العلمية المتصلة بالموضوع تستهدف تحقيق الأهداف الآتية:
- التعمق في التخصص و فهم الموضوع و السيطرة على جوانبه الإعلامية و العلمية و الفكرية، بواسطة الإطلاع على كافة أسراره و حقائقه، و فهم معلومات و أفكار الموضوع الموجودة في الوثائق العلمية المختلفة والمتعلقة به.
- تكسب مرحلة القراءة و التفكير الباحث القدرة المنطقية و العلمية و المنهجية السليمة، حيث أن سعة الإطلاع و قوة فهم و استيعاب كافة جوانب وحقائق و معلومات الموضوع، تجعل الباحث قادرا على إقامة خطة موضوعية جيدة وتقسيم الموضوع على أسس منطقية و صائبة، وإلى أجزاء متوازنة و متناسقة و متكاملة شكلا وموضوعا, وهذا ما يسهل عليه فيما بعد جمع و تخزين المعلومات ضمن أجزاء البحث المختلفة([12]).
- كما تكسب عملية القراءة و التفكير الباحث نظام تحليل متخصص وقوي حول البحث، والذي يعني قوة الاستنتاج وربط الأفكار.
- كذلك تمكن عملية القراءة الباحث من اكتساب ثروة لغوية و فنية متخصصة، تجعله قادرا على صياغة البحث بلغة علمية سليمة و قوية, الأمر الذي يزيد في القيمة الإجمالية و العلمية للبحث.
- فهم الموضوع و التعمق فيه و الإلمام بجميع جوانبه، تكسب الباحث شجاعة أدبية تؤهله للإدلاء برأيه في مختلف مسائل الخلاف التي يحتويها بحثه و تبعث فيه روح النقد و التعقيب، وهذا يعني أن شخصيته ستظهر في البحث فلا يكون بحثه مجرد تكرار لما سبقه من بحوث.
كانت هذه مختصرات لأهم المراحل الأولية لإعداد البحوث العلمية و التي تعد اللبنة الأساسية لبنائها.لذا على الباحث العمل بها و بالمراحل النهائية لإعداد هته البحوث، والتي سيتم التطرق لها من خلال المبحث الثاني.
المبحث الثاني:
المعايير التقنية لإخراج البحث العلمي.
بعد المراحل السابقة التي قام بها الباحث كخطوات أولية لإنجاز بحثه، يأتي الآن دور مراحل أخرى لا تقل أهمية عن المراحل السابقة، وهذا حتى يتسنى له إخراج بحثه العلمي في صورته النهائية اللائقة به.
حيث تكون فكرة الموضوع الأساسية وآفاقها وجوانبها و عناصرها الأساسية و الثانوية، والكلية و الجزئية و العامة والخاصة، قد تكونت و تجمعت ملامحها في ذهنية الباحث، الأمر الذي يساعده في هيكلة و تخطيط عملية دراسة وبحث الموضوع.
فعملية إخراج البحث العلمي تتضمن أهداف معينة و محددة، وتتحكم فيها جملة من القواعد و المبادئ العلمية والمنهجية والمنطقية تقود وترشد الباحث إلى الطريقة العلمية و الواضحة و الدقيقة والتي توصله في نهاية الأمر إلى تحقيق أهداف تحرير وصياغة نتائج بحثه العلمي.
هذا و تتكون عملية إخراج البحث العلمي من مجموعة من المقدمات و الدعائم يجب على الباحث احترامها و الالتزام بها ، سواء عند تقسيم موضوع البحث العلمي و تدوين المعلومات، أو عند مرحلة كتابته.
وعليه سيتم تقسييم هذا المبحث إلى:
المطلب الأول : قواعد تقسيم موضوع البحث العلمي وطرق تدوين المعلومات.
المطلب الثاني: الكتابة الفنية للبحث العلمي.
المطلب الأول: قواعد تقسيم موضوع البحث العلمي وطرق تدوين المعلومات.
لن يكون بحثا علميا جيدا، ذلك الذي يتم فيه الانتقال إلى أفكار أساسية جديدة غير ملموسة، دون انعكاس ذلك على تقسيماته، وليس جيدا من ناحية ثانية أي بحث تكثر فيه التقسيمات الجزئية، بحيث تفكك الفكرة الواحدة إلى عناصرها الأولية .
فعملية تقسيم وتبويب البحث العلمي، والتي تتضمن تقسيمات الموضوع الأساسية و الكلية و العامة والفرعية و الجزئية والخاصة، على أسس و معايير علمية و دقيقة، هي عملية حتمية و حيوية لإعداد البحث العلمي ، حيث يقوم الباحث على هدى الخطة و التقسيم و المرسوم بإعداد بحثه خطوة خطوة و مرحلة مرحلة.في حركات و تنقلات متناسقة و متكاملة حتى يصل إلى النتيجة العلمية المقصود كشفها و تفسيرها في نهاية البحث. كل هذه المراحل يمكن إجمالها هن خلال الفرعين التاليين:
الفرع الأول: أسس تبويب موضوع البحث العلمي.
إن عملية هيكلة و تقسيم موضوع البحث العلمي، هي مرحلة حتمية و جوهرية للباحث من أجل إعداد بحثه، مثلها مثل حتمية عملية وضع تصاميم البناء و العمران لإتمام إقامة البنايات.فما المقصود بتبويب البحث العلمي، و ما هي شروطه ؟.
أولا:معنى و مضمون تبويب البحث العلمي.
إن معنى تقسيم و تبويب موضوع البحث العلمي يعني و يتضمن تحديد المشكلة أو الفكرة الأساسية و الكلية لموضوع البحث تحديدا جامعا و مانعا ، وإعطائها عنوانا رئيسيا، ثم تحديد مدخل الموضوع في صورة مقدمة البحث، والقيام بتفتيت وتقسيم و ترتيب الفكرة أو الموضوع الأساسي و الرئيسي في مشكلات وموضوعات فرعية و جزئية و خاصة، ثم تقسيم الأفكار الفرعية و الجزئية و الخاصة إلى موضوعات و مشكلات أقل فرعية و جزئية و خصوصية… وهكذا، وذلك على أسس و معايير منطقية و منهجية دقيقة وواضحة، بحيث يشكل التقسيم و التبويب هيكلة و بناء البحث الكامل، ثم القيام بإعطائها عناوين جزئية و فرعية في نطاق قوالب و صور منهجية و معلومة.
ذلك أن تقسيمات البحث الأساسية و الثانوية هي في الحقيقة أفكاره الأساسية الرئيسية و الجزئية كاملة. واستعمال أحد مصطلحات التقسيم :قسم ، باب، فصل ، مبحث ، مطلب… يجب أن يتناسب مع طول البحث . وتؤخذ بعين الاعتبار في كتابة البحث العلمي([13]).
ثانيا:شروط تقسيم البحث العلمي:
هناك مجموعة من الشروط و الإرشادات لابد على الباحث أن يتبعها و يحترمها لإقامة و تحقيق خطة تقسيم و تبويب البحث بصورة سليمة و ناجحة، ومن هذه الشروط مايلي:
1) يجب الاعتماد الكلي على المنطق و الموضوعية و المنهجية السليمة في التقسيم و التبويب المؤسس والمقبول لموضوع البحث. ويكون ذلك بالتعمق و الشمول في قراءة و تأمل كافة جوانب و أجزاء الموضوع بصورة جيدة.وبضرورة الإطلاع والاستفادة من خطط وتقسيمات الأبحاث العلمية الممتازة و الناجحة التي سبقت.
2) لابد على الباحث أن ينطلق في تقسيمه للموضوع من مشكلة البحث أو الفكرة العامة له، فتكون كل عناصر الخطة عبارة عن مشكلات فرعية تشكل في مجموعها المشكلة الأساسية للبحث، وإذا التزم الباحث بهذا الشرط يكون قد ضمن لنفسه عدم الخروج عن موضوع بحثه.
3) حتمية الأخذ في الحسبان الموضوعات و العناصر المستحدثة ، المتوقعة و غير المتوقعة و المتعلقة بموضوع البحث. لذا لابد من احترام مبدأ مرونة خطة و تقسيم البحث.
4) أكثر ما على الباحث مراعاته أثناء تقسيمه للبحث، هو المحافظة على التوازن من الناحية الشكلية و الموضوعية للخطة. ومعنى التوازن الشكلي، هو ضرورة تحقيق التقابل و التوازن بين التقسيمات الأساسية و الفرعية و الجزئية أفقيا و عموديا، كأن يتساوى و يتوازن عدد أبواب الأقسام و الأجزاء، و كذا عدد فصول الأبواب، وعدد مباحث الفصول، وعدد مطالب البحوث…وهكذا.
أما التوازن من الناحية الموضوعية للخطة فهو يعني عدد الصفحات لكل قالب من القوالب المستعملة، فإذا قسم الموضوع إلى فصلين مثلا، فيجب أن تكون عدد الصفحات المخصصة لكل فصل متساوية أو متقاربة مع الفصول الأخرى، ولهذا يجب منذ البداية وقبل الانطلاق في عملية الكتابة مراعاة ذلك و هذا بالنظر إلى ما يمكن أن يحتويه كل عنصر من عناصر البحث من معلومات و بالتالي ما يمكن يخصص له من صفحات.
- يجب أن يكون التقسيم والتبويب تحليليا و دالا، وليس مجرد تجميعا لموضوعات و عناوين فارغة، فلا بد أن يذكر التبويب في موضوعا ته و عناوينه الأساسية و الفرعية و الجزئية و العامة و الخاصة وفرضيات و أفكار ذات دلالات وإيحاءات علمية. كما يجب تحاشي التكرار و التداخل و الاختلاط بين مضامين و محتويـات العناصر و الموضوعات والعناوين الأساسية و الفرعية و الجزئية و العامة و الخاصة أثناء تقسيم وتبويب البحث.
- يجب أن تكون كل عناصر الخطة مترابطة فيما بينها، بحيث إذا حذفنا أحد العناصر يظهر الخلل بوضوح في البحث ، وهذا ما يميز خطة البحث العلمي عن المؤلفات الحرة التي تظهر في شكل كتب ومجلات وغيرها، إذ في هذه الأخيرة لا يكون الترابط كبيرا بين عناصرها لأنها في الغالب تحتوي على موضوعات مستقلة عن بعضها إلا من ناحية كونها مادة واحدة ،أما في البحوث العلمية فالأمر يختلف فالباحث يتناول موضوعا واحد هو نقطة صغيرة في مادة محاولا التعمق إلى أبعد مدى ولذلك تكون خطة بحثة شديدة الترابط في أجزائها.
- يجب أن تكون العناوين المكونة لخطة البحث واضحة و كاملة في بنائها، بحيث لا تستند في بنائها إلى العنوان الذي تنطوي تحته. كما يجب عند صياغة عنوان معين أن تكون كل العناوين الجزئية التي تدخل في إطاره تعبر عن ذلك العنوان، وإذا ما ظهر عنوان مطلب مثلا لا يتناسب مع عنوان المبحث، فلا بد من حذفه، وإدخاله في جزء آخر من الخطة أو توسيع عنوان المبحث لكي يكون مستغرقا فعلا لكل المطالب التي تدخل ضمنه([14]).
الفرع الثاني: عملية تدوين المعلومات والبيانات المستمدة من مصادر البحث العلمي.
يقصد بالتدوين, عملية نقل المعلومات و البيانات التي تتعلق بموضوع البحث من مصادرها الأصلية و تسجيلها على أوراق أو أسطوانات كمبيوتر بطريقة معينة و بإرشادات خاصة من شأنها أن تمكن الباحث من الرجوع إليها بيسر و سهولة عند كتابة بحثه وكلما احتاج إليها بعد ذلك.
و تكمن أهمية التدوين في كونه الوسيلة التي يتفادى بها الباحث تداخل المعلومات و البيانات الخاصة ببحثه في ذهنه و نسيانه لتك المعلومات، إذ أن كثرة المعلومات و البيانات التي يقوم الباحث بجمعها و الإطلاع عليها من شأنها أن تؤدي إلى تداخلها في ذهن الباحث وتجعله يغفل عن الكثير منها مع مرور الوقت([15]).
و لتدوين المعلومات المستمدة من مصادر البحث العلمي طرق مختلفة. وفيما يلي سأحاول التطرق لأشهرها:
أولا: التدوين عن طريق الملفات .
يرتكز نظام التدوين عن طريق الملفات على قيام الباحث بإعداد ملف يتكون من غلاف سميك و ماسكة حديدية معه لحمل أوراق مثقوبة، ويقوم الباحث هنا بتصنيف الأوراق داخل الملف حسب خطة بحثه.ويمتاز هذا الأسلوب بسهولة الاستعمال ، فهو أسلوب عملي ، يسهل معه حذف المعلومات الإضافية التي لا تفيد البحث أو إضافة معلومات جديدة ، وذلك بفتح الماسكة الحديدية وإضافة الأوراق في المكان الملائم كما يمكن اصطحابه إلى المكتبات بسهولة.
ثانيا: التدوين عن طريق البطاقات.
يعتمد أسلوب البطاقات في جمع وتخزين المعلومات على إعداد بطاقات صغيرة أو متوسطة الحجم، قد تكون هذه البطاقات معدة مسبقا و يتم الحصول عليها من المكتبات أو يعدها الباحث بنفسه من ورق جيد النوعية. ويستحسن أن تكون من الورق المقوى لأن المدة الطويلة للاستعمال و كذا استعمالها المكثف والمتكرر قد يعرضها للتلف إذا كانت من ورق عادي.
ثم يقوم بتنظيمها عن طريق تصنيفها و ترتيبها طبقا لأجزاء وأقسام و عناوين حطة البحث و تبويب الموضوع، ويشترط في البطاقات أن تكون متساوية الحجم، وتكون مجهزة للتسجيل و الكتابة فيها على وجه واحد فقط ووضع مجموعات البطاقات المتجانسة من حيث عنوانها الرئيسي في ظرف أو صندوق خاص([16])، حتى تضل محفوظة فيه طبلة مدة إعداد البحث.
كما يجب أن يكتب في البطاقات كافة المعلومات المتعلقة بالوثيقة أو المصدر أو المرجع الذي نقلت منه المعلومات والأفكار و الحقائق، مثل اسم المؤلف، وعنوان الوثيقة و بلد ودار الإصدار و النشر ، ورقم الطبعة و تاريخها ورقم الصفحة أو الصفحات.و يجب أن يكتب في البطاقات بخط واضح ، وتترك فراغات لاحتمالات تسجيل أفكار مستجدة حول الموضوع.
لكن لابد من ذكر أن أسلوب البطاقات يتصف بالتعقيد و الصعوبة في استعماله، مقارنة بطريقة الملفات, بحيث تعتبر طريقة غير عملية إذ يصعب على الباحث استعمال البطاقات التي أعدها و التنقل بها، خاصة إذا ما حفظت في صناديق.
ثالثا: التدوين عن طريق الكمبيوتر.
يقوم نظام التدوين عن طريق الكمبيوتر على قيام الباحث بوضع ملفات داخل جهاز الكمبيوتر الخاص به باستخدام برنامج معد لذلك، ويخصص لكل فرع و كل مطلب و كل مبحث… وكل قوالب تقسيم البحث الذي يقوم بإعداده ملفا منها، ويكتب على كل ملف عنوان الفرع أو المطلب أو المبحث أو الفصل الخاص به، ثم يقوم بتدوين المعلومات التي يطلع عليها مصحوبا بتدوين البيانات الخاصة بالمصدر الذي أخذت منه في الملف الخاص بها،و يحتفظ بمجموع الملفات في ذاكرة الكمبيوتر أو في أقراص مضغوطة لحين كتابتها أو الحاجة إليها.
و يفضل في هذه الطريقة استخدام كمبيوتر محمول، بحيث يتمكن الباحث من حمله و اصطحابه عند التردد على المكتبات و مراكز البحث المختلفة.
وفي الأخير يمكن القول أن الطريقة الأخيرة هي التي صارت معتمدة بكثرة في عصرنا الحالي، وعلى العموم تبقى عملية التفضيل والترجيح في اختيار إحدى الطرق السابقة و اعتمادها ترجع إلى اعتبارات و عوامل نفسية لدى الباحث.
و المهم في أي طريقة اختيرت لتدوين المعلومات والبيانات هو أن يسير الباحث في ذلك وفق الخطة التي رسمها لبحثه، ولا ينصح أبدا بتدوين المعلومات في دفتر عادي لكي لا تختلط عليه المعلومات فيما بعد ولا يستطيع استغلالها كما يجب.
المطلب الثاني: الكتابة الفنية للبحث العلمي:
بعد أن يستكمل الباحث كل الخطوات السابقة من اختيار للموضوع وخطة مناسبة له، ووصولا إلى اختيار طريقة لجمع المعلومات. إلا أن هذا وحده لا يكفي ، فقد يتساءل الباحث كيف يكتب ؟ و من أين يبدأ ؟ …هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الخطوات التحضيرية السالفة لا تكون نهائية في أغلب الأحيان.
فكتابة الفصل الأول من البحث مثلا لا تعني أن مواد الفصول الباقية جاهزة في البطاقات أو الكمبيوتر.كما أن خطة البحث و كل خطواته التي كانت قد أعدت من قبل تبقى أولية و عرضة للتعديل عبر كل مراحل إعداد البحث العلمي.
لهذا يمكن القول أن هذه المرحلة هي أصعب مراحل إعداد البحث العلمي، فهي التي تخرج البحث في شكله المادي إلى الجمهور، وحينها لا ينظر القارئ إلى المجهودات التي بذلها الباحث والمدة التي استغرقها في إعداد البحث، وإنما ينظر إلى مدى جودة العمل الذي بين يديه، ولهذا فإن كل الأعمال والمجهودات التي بذلها الباحث تحسم بالشكل المادي الذي يقدم به البحث، أي تحسم في مرحلة الكتابة .
غير أن الكتابة هنا لا تعدو أن تكون أولية فهي قابلة لإعادة النظر، ففي الرسائل الجامعية مثلا يقدم البحث في شكله الأولي إلى الأستاذ المشرف ليقدم ملاحظاته وبعد ذلك يستطيع الباحث أن يكتب البحث بشكل نهائي بعد إجراء التعديلات اللازمة ثم يقدمه لصاحب المطبعة ليقوم بطبعه.
وعليه سيتم التطرق في هذا المطلب إلى:الكتابة المبدئية للبحث العلمي في فرع أول. وإلى الكتابة النهائية له في فرع ثان.
الفرع الأول: الكتابة المبدئية للبحث العلمي.
الهدف الأساسي و الجوهري من عملية صياغة وكتابة البحث العلمي هو إعلام القارئ بطريقة علمية ومنهجية، دقيقة ومنظمة عن مجهودات وكيفيات إعداد البحث وإنجازه وإعلان النتائج العلمية التي توصل إليها الباحث.
فكتابة وصياغة البحث العلمي لا ستهدف التشويق وتحقيق المتعة الفنية والأدبية لدى القارئ كما تفعل القصص والروايات والمسرحيات والمقالات الأدبية. بل تستهدف تحقيق عملية الإعلام العلمي عن جهود ومراحل ونتائج عملية البحث العلمي التي قام بها الباحث و أنجزها.
لأجل هذا لابد أن تسبق عملية الكتابة النهائية للبحث العلمي ، كتابة أولية له ، أو ما يعرف بمسودة البحث وهذا من أجل الحصول على النتيجة المثالية له، والتي لا تتحقق إلا بالتقيد ببعض الشروط والضوابط المنهجية التي نجملها في الآتي:
أولا: بعد تدوين المعلومات على البطاقة أو الأوراق يجب على الباحث قراءة كل ما أعده في هته البطاقات أو الأوراق، وترتبيها ترتيبا موضوعيا استعدادا لكتابتها في شكل منظم.كما يجب استبعاد البطاقات التي تحمل معلومات لا تنسجم مع ما يكتبه الباحث، فليس بالضرورة كتابة كل ما هو موجود على البطاقات.
ثانيا: يجب على الباحث كتابة بحثه بأسلوب علمي، ويعني ذلك ضرورة مراعاة عدة ضوابط من بينها مايلي:
- اللغة: يراعى فيها الأمور التالية :
أ ـ يجب أن تكون سليمة خالية من الأخطاء اللغوية، بما فيها الأخطاء الشائعة التي وإن وقع فيها الغير فلا يجب أن يشتمل عليها البحث العلمي.
ب ـ استعمال اللغة الفنية المتخصصة: بمعنى أن تكون المصطلحات التي يستعملها الباحث تتفق مع طبيعة الموضوع ومع تخصص الباحث،فالباحث في العلوم القانونية يستعمل مصطلحات معروفة لدى كل من تخصص في هذا الميدان، فمصطلح الفسخ له دلالته الخاصة لا يجوز استبدالها بمصطلح الإبطال، و مصطلح التعسف أيضا له دلالته الخاصة لا يجوز استبدالها بمصطلح الظلم أو الخطأ أو المجاوزة.وبهذه الكيفية نجد أن المصطلحات القانونية لها دلالتها الخاصة على الباحث الإلتزام بها.
ج ـ الابتعاد عن اللغة الشعرية وهي اللغة البلاغية ة، والابتعاد عن الأمثال الشائعة لغويا، والجمل المقتبسة من مشاهير البلغاء، فيجب استعمال الألفاظ الدالة دلالة واضحة على المعنى والتي لا تحمل التأويل ،خاصة في ميدان العلوم القانونية حيث يزاد تطبيق هذا الشرط صرامة لأن اللغة القانونية هي لغة فنية متخصصة.
د ـ يجب الابتعاد عن كل ألفاظ السخرية والتهكم ، فالروح العلمية يجب أن تسودها الموضوعية، لأن الباحث الذي أعطى لنفسه حق السخرية والتهكم على الغير يكون قد أباح لهم حق الرد عليه بنفس الطريقة، فيجب أن يبقى البحث العلمي بحثا موضوعيا بعيدا عن مثل هذه الأساليب، كما يجب الابتعاد عن ألفاظ التفخيم والتحية للآخرين ،كعبارة الأستاذ العظيم أو سعادة الوزير وغيرها من الألقاب والأوصاف، إلا أن هذا لا يعني استبعاد الألقاب العلمية بل يتوجب ذكرها.
- يجب الإيجاز والتركيز في عرض الأفكار والمفاهيم، حيث على الباحث الابتعاد عن الإطناب والحشو، الأمر الذي قد يؤدي إلى إطالة البحث دون جدوى، فالبحث الذي يحتوي على صفحات قليلة، وكتب بشكل موجز ودال ومفيد أحسن بكثير من البحث الذي يحتوي على صفحات كثيرة لكنها جوفاء .
- التسلسل المنطقي في الانتقال من جملة إلى أخرى ومن فقرة إلى أخرى ومن فكرة إلى أخرى ،كي لا يكون البحث مجرد أفكار مبعثرة يمكن تقديم فكرة وتأخير أخرى بسهولة، فالتسلسل في العرض يعكس مدى قدرة الباحث في التحكم في الموضوع ومدى قدرته على الصياغة العلمية الجيدة.
- حين عرض الباحث لاختلافات فقهية أو تشريعية أو قضائية، وانتقاده بعض الاتجاهات منها، يجب أن يدعم رأيه بحجج منطقية، أي اكبر عدد من الأدلة والشواهد، التي تبعث في ذهن القارئ الاقتناع برأي الباحث والترتيب المنطقي يقتضي أن يعرض كل رأي أو اتجاه على حدى ، ثم يقدم النقد الكافي له ،وفي الأخير يقدم رأيه الشخصي ويدعمه بالحجج المؤيدة له،ويمكنه الاستدلال بآراء الفقه و القانون والقضاء، لتكون الحجج أكثر قوة ومصداقية.
- حين استعانة الباحث بوسائل توضحية مثل الرسومات والجداول، فإنه ينظر إلى تلك الوسائل التوضحية هل تشغل نصف الصفحة أو أكثر من نصفها، أو أنها تشغل جزء يسيرا منها ،فإذا كانت تشغل نصف الصفحة أو أكثر من نصفها فإنه يخصص لها صفحة كاملة، ولا يكتب في تلك الصفحة ، وإذا كانت تشغل جزاء يسيرا منها فإنه يدرجها ضمن سياق الفقرات التي تحتويها الصفحة، إذا تعددت الوسائل التوضيحية فلابد من ترقيمها.
ثالثا:الباحث ليس مضطرا لكتابة كل ما يجده في البطاقات فإذا كانت بطاقة ما تحتوي مثلا على اقتباس حرفي فله أن يغيره إلى اقتباس فكرة، ولهذا إذا رأى الباحث أنه قد أكثر من الاقتباس فلا بد أن يجتهد للتقليل منه و إبراز وجهات نظره وتحليله الخاص للأفكار والمفاهيم ،ويجب عليه الالتزام بالقواعد التالية:
- عدم الإكثار من الاقتباس: فكثرته تذيب شخصية الباحث وكثرة الهوامش في الصفحة الوحدة تحاصر فكر الباحث، فلا يجد لنفسه مسلكا يبرز من خلاله شخصيته العلمية،كما أن كثرة الاقتباس تخل بالتسلسل في الأفكار وفي نوعية اللغة المستعملة ،وبالتالي تخل بالأسلوب العلمي للباحث ،وذلك ناتج عن اختلاف أساليب المؤلفين الذين اقتبس الباحث آراءهم.
- توجد بعض الأفكار والمفاهيم الشائعة ترددها كل المصادر فلا داعي لان ينسبها الباحث إلى مصدر معين، وعدم الإشارة في الهامش إلى تلك الأفكار و المفاهيم لا يعني أنها تنسب إلى الباحث، لأن من يطالع مصادر أخرى في الموضوع نفسه يجد هذه المفاهيم تتكرر ولا يعرف بالضبط مصدرها الأصلي، فيدرك أنها أصبحت في حكم المباح لا يحتكرها أحد.
- هناك حالات يستحب فيها الاقتباس، كاستشهاد الباحث برأي مؤلف ما، وفي البحوث القانونية يستحب الاقتباس الحرفي للنصوص القانونية والأحكام والقرارات القضائية غير أنه في هذه الأخيرة يذكر الباحث منطوق القرار فقط بدون حيثيات إذا كان الاستشهاد بمحتوى القرار أو الحكم، أما إذا ركز الباحث انتقاده على صحة أو خطا القرار فلابد من ذكر أسباب صدور القرار لمعرفة العيب الذي اشتمل عليه من حيث التسبيب([17]).
- في حالة الاقتباس الحرفي لا يجوز للباحث تحريف الكلام أو تغييره، إلا انه قد تكون هناك أخطاء في النص المقتبس ترجع للطبع أو لصاحب النص نفسه، فهنا لابد من تصحيحها بشرط أن يضع الباحث كلامه الخاص الذي يتوسط النص بين إشارتين أو بين مطتين، وذلك لأن الباحث وإن كان غير مسؤول عن أخطاء الآخرين إلا أنه مسؤول عن الكتابة، فلا يجوز له الوقوع في الأخطاء نفسها التي وقع فيها الآخرون([18]).
- عن طريقة الاقتباس، إذا كان الاقتباس حرفيا فإنه يوضع بين قوسين ،وإذا كان طويلا وأراد الباحث حذف البعض منه فإنه يشير إلى الكلام المحذوف بثلاث نقاط أفقية ،ويستحسن الاقتصار على حالة الضرورة فقط في الاقتباس الحرفي، فأسلوب المؤلف ولغته قد تغري الباحث بأن يحاول اقتباس النص حرفيا ، ولكن هذا ليس بمبرر، وهو دليل ضعف أسلوب الباحث ، ولهذا يجب عليه أن يحاول اقتباس الأفكار فقط وصياغتها بأسلوبه الخاص.
- في الحالتين، الاقتباس الحرفي واقتباس الفكرة يجب الإشارة إلى المصدر المعتمد في ذلك، وعدم الإشارة إلى المصدر الهامش يعتبر تعديا على أفكار الغير ويسميه البعض بالسرقة الأدبية، فهو يخل بسمة الأمانة العلمية التي يتحلى بها الباحث، ولكن قد يصل الباحث إلى نتائج أو أفكار معينة فيكتبها في بحثه على أنها نتاج ذهنه ويكتشف فيما بعد هناك من وصل إلى نفس النتائج وهنا لا بأس من الإشارة في الهامش إلى المصدر من أجل تدعيم رأيه، مع ذكر عبارة “أنظر في هذا الرأي”([19]).
رابعا: يجب على الباحث الالتزام بالقواعد المنهجية في توثيق المصادر في الهامش، والتوثيق هنا يقصد به إسناد الأفكار والمفاهيم إلى مصدرها الأصلية، وهذه العملية تختلف باختلاف نوع المصدر المستخدم، وكذالك تختلف في حالة تكرار المصدر وقبل التطرق إلى قواعد التهمشيات لابد من إيضاح بعض وظائفها وطرقها حسب التفصيل الآتي:
1 ) وظائف التهميشات: خلال إعداد البحث يعتمد الباحث على مصادر متنوعة لذا وجب الاعتراف لمؤلفيها بفضلهم الكبير في إنجاز البحث وهذا الاعتراف يظهرامن خلال التهميش.بالإضافة إلى ذلك تؤدي التهميشات وظائف أخرى متعددة نذكر من بينها:
أ ـ يستعمل الهامش لإحالة القارئ إلى المصادر المتعددة في البحث، والرجوع يكون إما للمزيد من المعلومات فيذكر في الهامش عبارة “راجع” ويذكر اسم المصدر،أو التأكد من صحة المعلومات فيذكر في الهامش عبارة “أنظر” ويذكر اسم المصدر، والتفرقة بين الحالتين محبذة لكي يسهل للقارئ عملية الرجوع فيعرف مسبقا هل الرجوع للمزيد من المعلومات أم للتأكد من صحتها.
ب ـ قد يتناول الباحث فكرة معينة أو موضوعا فرعيا بالتفصيل في صفحات معينة ثم يرجع الاستناد إلى هذه الشروحات التي قدمها سابقا لبناء فكرة أخرى فهنا يستعمل الهامش لإحالة القارئ لقراءة تلك الصفحات فيذكر في الهامش عبارة راجع ص… من هذا البحث.
ج ـ يستعمل الهامش أيضا للشرح والتفسير الذي يتعذر ذكره في المتن أو للتعريف بشخصية ما ورد ذكرها في المتن، فمثل هذه المسائل التي قد تقطع تسلسل الأفكار الواردة في المتن وتخل بالأسلوب العلمي يستحسن ذكرها في الهامش.
2) طرق التهميش:للتهميش ثلاثة طرق هي:
أ ـ استقلال كل صفحة بهامش وذلك بوضع أرقام متسلسلة في الهامش،ويشار إلى كافة المصادر المعتمد عليها، وفي تلك الصفحة يفصل الهامش عن المتن بخط أفقي وتكتب المصادر بحجم صغير لتكون مميزة عن المتن من جهة، ومن جهة أخرى لكي لا تشغل مكانا كبيرا،.وميزة هذه الطريقة أنها تيسر للقارئ التعرف على المصادر بسرعة وهي طريقة الغالبة خاصة في البحوث القانونية.
ب ـ إدارج الهوامش في النهاية كل فصل وترقيمها بأرقام متسلسلة تصاعديا تبدأ من أول هامش إلى آخر هامش يحتويه الفصل،وتخصص لها صفحة أو أكثر في نهاية الفصل.
ج ـ إدراج الهوامش في نهاية كل بحث، بحيث ترقم تسلسليا من أول هامش إلى آخر هامش يحتويه البحث، وتدرج كافة الهوامش في نهاية البحث وتخصص لها صفحات مستقلة.
والملاحظ على الطريقتين الثانية والثالثة أنهما لا تأخذان سرعة التعرف على المصدر بعين الاعتبار فالقارئ لن يتعرف على المصدر إلا بتقليب صفحات البحث،ولهذا نفضل الطريقة الأولى في التهميش.
3 ) طر ق تدوين بيانات المصادر في الهامش : تختلف طرق توثيق الهوامش من مصدر لآخر كما تختلف حسب المناسبة التي يذكر فيها المرجع هل ذكر لدى المناسبة الأولى أم الثانية، ولهذا وجب التفريق بين مختلف هذه الحالات على النحو الآتي:
أ ـ الهامش الذي يشار فيه إلى كتاب: وهنا يجب التفريق بين حالتين:
ـ حالة ذكر الكتاب لدى المناسبة الأولى: هنا يجب أن تذكر كافة المعلومات المتعلقة به وذلك حسب الترتيب الآتي:
إسم المؤلف ثم لقبه وان كان الكتاب له أكثر من مؤلف تذكر أسماؤهم ويعطف بينها بحرف( و) وطريقة كتابة اسم المؤلف ولقبه تختلف عن طريقة توثيق المراجع حيث يبدأ في هذه الأخيرة بلقب المؤلف ثم اسمه، عنوان الكتاب، إسم المترجم أو المحقق إن وجد، رقم الجزء ،رقم الطبعة،اسم المدينة ثم البلد الذي نشر فيه الكتاب ،اسم الناشر ،تاريخ النشر وتذكر بشأنه السنة فقط ،رقم الصفحة وإذا تم الاقتباس من صفحات عديدة يستطيع كتابة أول صفحة وآخر صفحة مثال: ص26ـ32 ويمكن كتابتها على الشكل التالي:ص26 وما بعدها. على أن يفصل مابين هذه البيانات بفاصلة.وهناك من يستعمل طريقة أخرى وهي وضع علامة النقطتان بعد ذكر اسم المؤلف ثم تليه بقية البيانات ويفصل بينها بنقطة أو فاصلة.
ـ إذا تكرر ذكر الكتاب: هنا يفصل فيما إذا ذكر الكتاب مرتين متتاليتين، بدون أن يتوسطهما أي مصدر آخر، فلا تذكر كل المعلومات وإنما تذكر عبارة المصدر نفسه أو المرجع نفسه ويذكر بعدها رقم الصفحة، وإذا كان الكتاب باللغة الأجنبية يذكر عبارة (ibid) اختصارا للكلمة اللاتنية(ibidem) وتعني المصدر نفسه. أما إذا ذكر الكتاب مرتين غير متتالتيتن ،بمعنى يوجد مصدر أو أكثر يتوسطهما فقد يتكرر ذكر الكتاب في نفس الصفحة أو في صفحات متفرقة والمهم أن يوجد مصدر أو أكثر يتخللهما ،وهنا لا يعاد ذكر كل البيانات وإنما يذكر اسم المؤلف وتعقبه عبارة “المرجع السابق” ثم رقم الصفحة، وإذا كان لهذا المؤلف أكثر من مصدر اعتمد عليه الباحث، فإن ذكر اسم المؤلف وعبارة المرجع السابق لا تكتفي لتعيين المصدر أو المرجع ولهذا يضاف عنوان الكتاب، أي يذكر اسم المؤلف ثم عنوان الكتاب ثم عبارة المرجع أو المصدر السابق ثم رقم الصفحة ،وإذا كان الكتاب باللغة الأجنبية يذكر العبارة (op.cit) وهي اختصار لعبارة (opera citato) اللاتينة والتي تعني المرجع السابق.
ب ـ الهامش الذي يشار فيه إلى مقال مأخوذ من مجلة أو جريدة:
ـ إذا ذكر المقال لأول مرة: تذكر البيانات التالية: اسم المؤلف ولقبه،عنوان المقال بين قوسين ،اسم المجلة وتحته خط،اسم الهيئة التي تصدرها ،مدينة وبلد النشر، سنة النشر ،رقم العدد،رقم الصفحة .
ـ إذا توالى ذكر المقال مرتين متتاليتين أو غير متتاليتن: هنا تستعمل نفس الطريقة المذكورة في تكرار المرجع لو كان كتابا.
ج ـ طرق الإسناد في حالة الاقتباس من رسائل الماجستير أو الدكتوراه :في حالة الاقتباس من أبحاث الماجستير أو الدكتوراه أو الدرجات العلمية الأخرى مثل دبلوم الدرسات العليا تذكر البيانات التالية:
اسم الباحث،عنوان البحث،نوع البحث هل هو رسالة ماجستير أو دكتوراه أم غير ذلك،وذلك بين قوسين،اسم المعهد أو الكلية واسم الجامعة التي تمت فيها مناقشة البحث، تاريخ المناقشة ويقتصر على ذكر السنة فقط،بعد إغلاق القوس يكتب رقم الصفحة وإذا تكرر الاعتماد على البحث تتبع نفس القواعد التي تنطبق على الكتاب.
د ـ طرق الإسناد في حالة الاقتباس من نصوص قانونية أو تنظيمية. تذكر بيانات التالية:
رقم المادة،نوع القانون،تاريخ صدوره،بيانات المصدر إذا كانت جريدة رسمية يذكر عبارة “الجديدة الرسمية”،تاريخ صدور الجريدة الرسمية،العدد،رقم الصفحة.
الفرع الثاني: المواصفات النهائية للبحث العلمي .
يشتمل البحث العلمي على عدد من الأجزاء تتكامل فيما بينها لتكون في مجموعها البحث في صورته النهائية أي البحث في يد القارئ وهذه الأجزاء هي:الصفحات التمهدية، المقدمة ،صلب الموضوع،الخاتمة،الملاحق،قائمة المراجع والمصادر .وفيما يلي سيتم التطرق بإيجاز لكل جزء منها:
أولا: الصفحات التمهدية:وهي تحتوي على صفحة العنوان، صفحة الإهداء، صفحة الشكر.
1) صفحة العنوان: هي أولى الصفحات التمهدية و واجهة البحث ويخضع تنظيمها لما هو معمول به في مختلف الكليات والمعاهد، فهي التي تفرض على الباحثين شكلا معينا لصفحة عنوان البحث وفي كليات الحقوق عادة ما يشترط ذكر البيانات التالية في صفحة العنوان:
إسم الجامعة،إسم الكلية أو المعهد، عنوان البحث بخط كبير الحجم ،الغرض من إعداد البحث هل هو لنيل درجة الماجستير أم الدكتوراه مثلا،التخصص، إسم الباحث،إسم الأستاذ المشرف،أسماء أعضاء لجنة المناقشة، تاريخ المناقشة.
و توضع كل هذه البيانات في إطار ويستحسن في البحوث العلمية عدم وضع رسومات وزخرفة في الورقة الاولى.
2) صفحة الإهداء: تخصص له صفحة مستقلة، ويستحسن عدم الإطالة فيه،و هو موجه لأحب الناس إلى الباحث كأفراد عائلته أو لفئة معينة من القراء كطلاب الجامعات، وعموما فإن مضمون الإهداء يخضع لرغبة الباحث وهو الشيء الوحيد المتاح لذاتية الباحث فبقية أجزاء البحث تكون خالية من الذاتية.
3) صفحة الشكر والتقدير: في هذه الصفحة التي تلي صفحة الإهداء يعبر الباحث عن شكره وامتنانه إلى أفراد معينين بأسمائهم أو بصفاتهم،و الذين أعانوه في إعداد البحث إما بتذليل الصعوبات ،أو بالنصح والتوجيه، بشرط أن يكونوا فعلا قد ساهموا بوقتهم وجهدهم الخاص في مساعدة الباحث في إعداد البحث ، وللباحث أيضا أن يتقدم بالشكر للأستاذ المشرف إذا كان هذا الأخير قد منح الباحث أكثر من الوقت المتخصص له، أو لأنه قدم له مساعدات خاصة دفعت الباحث نحو الأمام في إعداد البحثن وعلى العموم فان هده الصفحة ملك للباحث وحده فهو الذي يقرر من يستحق الشكر والتقدير.
ثانيا) المقدمة: هي أولى مشتملات البحث حيث يبدأ فيها ترقيم الصفحات،وهناك من يرى عدم استعمال الأرقام في الصفحات حيث توضع بدل الأرقام حروف ( أ، ب ،ج) ويبدأ ترقيم الصفحات من بداية الباب أو الفصل الأول حسب التقسيم الذي اعتمده الباحث ،ولكن يستحسن وضع الأرقام، لأن المقدمة هي بداية الموضوع ولا مبرر لفصلها عنه، كما أن بداية الترقيم من المقدمة يضمن المعرفة الحقيقية لعدد صفحات البحث.
والباحث أثناء عرضه للمقدمة لابد أن يختصر العبارات لكي لا تكون المقدمة طولية، وهو مقيد بذكر بعض النقاط الأساسية في المقدمة وهي: أسباب اختيار الموضوع، أهداف دراسة الموضوع،طبيعة المشكلة محل البحث ومدى أهميتها، الأبحاث السابقة في الموضوع نفسه ،وهذه النقطة اختيارية، المنهج المعتمد في البحث، نوع الدراسة هل هي مقارنة أو… ولماذا إختار هذا النوع من الدراسة، عرض الخطوط الرئسية للموضوع([20]).
ثالثا ) صلب الموضوع :يبدأ صلب الموضوع من الباب أو الفصل حسب التقسيم المعتمد في البحث، وينتهي إلى غاية الخاتمة إذا كان البحث مقسما إلى أبواب.على أن تخصص في بداية كل باب ورقة عازلة لا ترقم ولكنها تحسب ضمن تتسلسل أرقام الصفحات، كما تخصص في بداية كل فصل ورقة عازلة أيضا، والورقة العازلة لا يكتب فيها سوى عنوان الباب أو الفصل، ويعاد كتابته في بداية الصفحة الموالية ويراعى في الكتابة البحث أن تكون أحجام الخطوط التي تكتب بها العناوين متفاوتة، فعنوان الباب يكتب بخط كبير وواضح ويكتب عنوان الفصل بنفس الكيفية ولكن بخط أقل حجما، و يتنازل حجم الخط المتخصص للعناوين إلى غاية أدنى قالب وهو الفرع أو أولا… الخ.
كما يجب أن يفصل متن الموضوع عن الهامش بخط أفقي، ويكتب الهامش بخط أقل حجما من الخط الذي كتب به المتن ،وينبغي أن يضع الباحث في نهاية كل فصل ملخص كي يستطيع إعادة تجميع الأفكار في ذهن القارئ.
رابعا)الخاتمة: وينتهي الباحث في الأخير إلى خاتمة هي عبارة عن حوصلة لأهم النتائج التي يتوصل إليها في البحث، ويجب أن تكون مركزة في عبارة مختصرة ودالة لأن الإسهاب يؤدي إلى تكرار ما ورد في البحث، فالهدف من وضع الخاتمة هو ربط أجزاء البحث ببعضها، وتقديم النتائج النهائية للبحث، وهي ترتبط نوعا ما بالمقدمة، فالمقدمة تطرح المشكلة، وتناقش تلك المشكلة في صلب الموضوع، وتوضع لها الضوابط التي تحكمها والنتائج التي تترتب عنها أن تكون موزعة عبر كامل أجزاء البحث، فتأتي الخاتمة لتجيب عن المشكلة أو السؤال المطروح في المقدمة وتجمع هذا الشتات من النتائج الموزعة عبر كامل أجزاء البحث في شكل فقرات مختصرة ومركزة([21]).
وتختلف الخاتمة عن الخلاصة في كون هذه الأخيرة تلخيص حرفي للبحث، بينما الخاتمة لا تستعمل من أجل تلخيص البحث وإنما من اجل ربط أجزائه المختلفة.
خامسا) الملاحق: الملحق هو أحد أجزاء البحث،ويكون في الحالات التي يريد الباحث أن يلحق بالبحث بعض المعلومات والبيانات الهامة، والتي لا يستطيع أن يدرجها في مضمون البحث،بحيث إذا ما أوردها في صلب الموضوع فإنها تخل بتسلسل الأفكار وترتيبها، الأمر الذي ينعكس سلبا على الأسلوب العلمي المطلوب في البحوث العلمية ،ولكن لإلحاق بعض المعلومات والبيانات بالبحث يشترط أن تكون ذات أهمية علمية أو عملية للموضوع ، وأن تربطها علاقة غير مباشرة به فإذا كانت العلاقة مباشرة فإنه يجب إدراجها في صلب الموضوع لا في الملحق.
سادسا) قائمة المصادر والمراجع: إن إعداد قائمة المصادر والمراجع بشكل منهجي ومنظم يزيد من القيمة العلمية للبحث العلمي، ويسهل للقارئ التعرف على المصادر والمراجع بسهو، وهو امتداد للأمانة العلمية التي سار عليها الباحث في كل مراحل إعداد بحثه واعتراف لأصحاب الفضل في إعداد البحث، وتعتبر هذه القائمة جزء لا يتجزأ من البحث وتأتي في نهايته بعد الملاحق ويعقبها مباشرة الفهرس.ويتم ترتيب قائمة المصادر والمراجع كالآتي:
في البداية يجب على الباحث أن يفصل مابين المصادر والمراجع، فيبدأ أولا بعرض المصادر وثانيا بعرض المراجع، يفصل في هذه الأخيرة مابين المراجع العامة والمراجع المتخصصة ثم يبدأ بترتيبها حسب أحد المعيارين التاليين:
1) على أساس الحروف الأبجدية أو الهجائية: وذلك بالنظر إلى الحرف الأول الذي يبدأ به لقب المؤلف،والحروف الأبجدية هي: أ، ب، ج، د… إلخ ،أما الهجائية فهي: أ،ب، ت… إلخ ، واذا كانت بعض ألقاب المؤلفين تبدأ بنفس الحروف فإنه ينظر إلى الحرف الثاني ثم الثالث… إلخ حتى يصل الباحث في الأخير إلى ترتيب كل المصادر والمراجع ترتيبا أبجديا أو هجائيا، وهذا التصنيف يشمل كل المصادر والمراجع سواء كانت كتبا أم مقالات أم وثائق أخرى، وسواء كانت باللغة العربية أو بلغة أجنبية.
2) على أساس سنة النشر: يستطيع الباحث أن يرتب مصادر البحث على أساس سنة النشر بطريقة تسلسلية، تبدأ من أحدث مصدر إلى أقدم مصدر، أو العكس، وهذه الطريقة سهلة وبسيطة مقارنة بالطريقة السابقة حيث لا تكلف الباحث أي جهد فما عليه سوى تعيين سنة النشر لكل مصدر من المصادر وترتيبها حسب التسلسل الزمني. ولكن تشتمل هذه الطريقة على عيب يجعل الباحث يمتنع عن استعمالها، ويفضل استعمال طريقة ترتيب المصادر حسب الحروف، وهذا العيب يتمثل في كون بعض المصادر لا تحتوي على سنة النشر ضمن بيانات التأليف التي يحملها المصدر أو المرجع ، ولهذا سيجد الباحث أثناء اعتماده لهذه الطريقة في الترتيب أن هناك مجموعة من المصادر لا تحتوي على سنة نشر مما يستوجب عليه أن يرتبها بطريقة أخرى كطريقة الحروف، وإضافة إلى ذلك فانه بالنسبة للمصادر المحتوية على سنة النشر قد توجد بعض المصدر أو المراجع لها نفس سنة النشر فعلى أي أساس ترتب؟ من المؤكد أن الباحث سيلجأ إلى اعتماد طريقة الحروف لترتيبها. فلماذا لا يستعمل منذ البداية طريقة الحروف لتكون هي الطريقة الوحيدة المعتمدة في ترتيب المصادر والمراجع لأن اعتماد أكثر من طريقة في التصنيف ليس عملا منهجيا.
سابعا) قائمة المحتويات:يستعمل كثير من الكتاب والباحثين مصطلح “الفهرس” وهو خطا شائع لأن كلمة الفهرس لا تعني محتويات الكتاب أو البحث من الناحية اللغوية، وإنما هي كلمة فارسية تعني” الكتاب الذي يضم مجموعة من أسماء المؤلفات والكتب”،إذن فالصحيح من الناحية اللغوية هو تعبير ” محتويات البحث”([22]). و محتويات البحث هي الدليل الذي يرشد القارئ لموضوعات البحث الأساسية والفرعية،بحيث يقابل كل عنوان رقم الصفحة، وهي مستمدة أساس من خطة البحث، إلا أن الباحث في قائمة المحتويات يستطيع إدراج كل العناوين الجزئية عكس خطة البحث والتي قد يقتصر عرضه فيه على بعض العناوين الرئسية فقط.
هذا وتعتبر قائمة المحتويات أول ما ينظر إليه القارئ ليستطيع تحديد الموضوعات التي يشملها البحث وتحديد ما سيقرؤه منها فينتقل مباشرة إلى الصفحات المحددة.
الخاتـــمة:
“كبار الأساتذة يعترفون بأن 90% من المعلومات التي تلقوها في المدارس قد نسوها، وذهبت هباء منثورا. أما الطريقة فظلت في أذهانهم مدى الحياة، وكانت سلاحهم القوي في سيرهم العلمي لاقتحام مجاهل المعرفة ” ([23]).
هذه المقولة هي التي لفتت انتباهي لتكون كمدخل لخاتمة مداخلتي هته.و إذا كان الأمر يبدو مبالغا فيه عند قراءتها لأول مرة، إلا أنها فعلا معبر قوي عن أهمية و فعالية استعمال علم المنهجية السليمة والمنطق في كل الأعمال، لاسيما البحوث العلمية منها. وهذا ما هو معبر عنه في المقولة السابقة “بالطريقة”.
ومن خلال هذه المداخلة تم محاولة التطرق لجزء من المنهجية السليمة و الطريقة العملية، وذلك بالتعرض لمراحل إعداد البحوث العلمية وتقنياتها .
هته البحوث العلمية التي تعتبر بمناهجها و إجراءاتها من الأمور الضرورية لأي نوع من أنواع المعرفة. فقد أصبح الإلمام بهذه المناهج المختلفة و القواعد الواجب إتباعها بدءا من تحديد موضوع ومشكلة البحث و وصفهما بشكل إجرائي و مرورا باختيار منهج وأسلوب لجمع المعلومات، وانتهاء بتحليل المعلومـات واستخلاص النتائج ـ و التي تم التطرق لها ضمن متن المداخلة ـ من الأمور الأساسية في العلوم الطبيعية و الاجتماعية و الإنسانية.
لهذا فكلنا اليوم ملزمين أكثر من أي وقت مضى بالتحلي بالروح العلمية و التفكير العلمي، والابتعاد عن كل ما يخرج عن المنهج العلمي من دجل وخرافة.
قائمة المراجع:
- د/ إدريس فاضلي : الوجيز في المنهجية و البحث العلمي ، سلسلة القانون الصادرة عن جامعة الجزائر ، كلية الحقوق ،
- د/ الصيرفي محمد عبد الفتاح ، البحث العلمي ـ الدليل التطبيقي للباحثين ـ الطبعة الأولى، دار وائل للنشر، عمان ـ الأردن،
- د/ بوحوش عمار و د/ الذنيبات محمد محمود ، مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث. ، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،
- د/ بوفحص عبد الكريم ، دليل الطالب لإعداد وإخراج البحث العلمي، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر،
- د/ شميشم رشيد: مناهج العلوم القانونية ، دار الخلدونية، الجزائر،
- د/ خروع أحمد: المناهج العلمية و فلسفة القانون ، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر.
- د/ عمر فؤاد عمر : أسس و قواعد البحث العلمي في تطبيقاتها على البحث القانوني ، دار النهضة العربية، القاهرة،
- د/ عوابدي عمار: مناهج البحث العلمي و تطبيقاتها في ميدان العلوم القانونية و الإدارية، الطبعة الثانية، ديوان المطوعات الجامعية، الجزائر ،
- د/ مراح علي : منهجية التفكير القانوني، ( نظريا و عمليا) ، الطبعة الثانية ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر،
1 ـ أكثر تفصيل في هذا راجع: د/ عمار بوحوش و د/ محمد محمود الذنيبات ، مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث. ، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1999، ص 31 وما بعدها.
ـ د/ رشيد شميشم : مناهج العلوم القانونية ، دار الخلدونية، الجزائر، 2006، ص 58.[2]
[3] ـ د/ فاضلي إدريس : الوجيز في المنهجية و البحث العلمي ، سلسلة القانون الصادرة عن جامعة الجزائر ، كلية الحقوق ، 2002 ، ص39.
[4] ـ د/ رشيد شميشم : المرجع السابق، ص62.
[5] ـ أكثر تفصيل في هذا راجع: د/ عبد الكريم بوفحص ، دليل الطالب لإعداد وإخراج البحث العلمي، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر، 2006 ، ص32 .
[6]ـ د/ عمار عوابدي : مناهج البحث العلمي و تطبيقاتها في ميدان العلوم القانونية و الادارية، الطبعة الثانية، ديوان المطوعات الجامعية ، الجزائر ، 1983، ص 52.
[7] ـ أكثر تفصيل حول كيفية وشروط اختيار عنوان مناسب لموضوع البحث راجع: د/ محمد عبد الفتاح الصيرفي، البحث العلمي ـ الدليل التطبيقي للباحثين ـ الطبعة الأولى، دار وائل للنشر، عمان ـ الأردن، 2002 ، ص 1 وما بعدها .
[8] ـ د/ فاضلي إدريس : المرجع السابق، ص 55.
[9] ـ أكثر تفصيل حول كيفية تسجيل المعلومات الببليوغرافيا ، راجع : د/ رشيد شميشم : المرجع السابق، ص 72 وما بعدها .
[10] ـ د/ فاضلي إدريس : المرجع السابق، ص 69.
[11] ـ د/ رشيد شميشم : المرجع السابق، ص86.
[12] ـ د/ فاضلي إدريس : المرجع السابق، ص65.
[13] ـ د/ علي مراح : منهجية التفكير القانوني، ( نظريا و عمليا) ، الطبعة الثانية ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر، 2005, ص123 .
[14] ـ د/ رشيد شميشم : المرجع السابق، ص89.
[15] ـ د/ عمر فؤاد عمر : أسس و قواعد البحث العلمي في تطبيقاتها على البحث القانوني ، دار النهضة العربية، القاهرة 2006، ص 112.
[16] ـ د/ فاضلي إدريس : المرجع السابق، ص83.
[17] ـ د/ رشيد شميشم : المرجع السابق، ص102.
[18] ـ د/ فاضلي إدريس: المرجع السابق، ص92 وما بعدها .
[19] ـ د/ رشيد شميشم : المرجع السابق، 103.
[20] ـ أكثر تفصيل في عن عنصر المقدمة ، راجع: د/ أحمد خروع : المناهج العلمية و فلسفة القانون ، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ص 50.
[21] ـ د/ فاضلي إدريس : المرجع السابق، ص123.
[22] ـ د/ رشيد شميشم : المرجع السابق، ص124.
[23] ـ د/ محمد عبد الفتاح الصيرفي: المرجع السابق ص 1.