اشكالية حماية الحق في الغذاء في زمن تغير المناخ
The problem of protecting: The right to food in times of climate change
د. قابه منى (أستاذة محاضرة أ كلية الحقوق جامعة الجزائر1)
GABA Mona (Algiers1 University)
مقال منشور في كتاب أعمال ملتقى القانون الدولي وتحديات التغير المناخي الصفحة 43.
ملخص
تعالج هذه الورقة البحثية بالدراسة والتحليل تأثير تغير المناخ في الحق في الغذاء والذي يعد من حقوق الإنسان الأساسية، فعلى الرغم من الحماية المقررة له في الصكوك الدولية وما تبذله الدول والمنظمات الدولية من مجهودات في هذا الصدد، يهدد انبعاث الغازات الدفيئة ونقص المحاصيل الزراعية وندرة المياه والجفاف وغيرها من الآثار الناجمة عن التغيرات المناخية التمتع بهذا الحق.
وتبحث هذه الدراسة عن فعالية أسس وآليات حماية الحق في الغذاء في زمن يشهد تهديدات متزايدة ناجمة عن تغير المناخ، قصد إيجاد حلول لإعمال هذا الحق وتعزيز الأمن الغذائي المستدام.
الكلمات المفتاحية: الحق في الغذاء، تغير المناخ، الأمن الغذائي، التنمية المستدامة، المواثيق الدولية.
Abstract
This research paper deals with the study and analysis of the impact of climate change on the right to food, which is one of the basic human rights. Despite the protection established for it in international instruments and the efforts made by countries and international organizations in this regard, it threatens the emission of greenhouse gases, lack of agricultural crops, water scarcity and drought. And other effects resulting from climatic changes enjoy this right.
This study examines the effectiveness of the foundations and mechanisms for protecting the right to food in a time of increasing threats resulting from climate change, in order to find solutions to implement this right and promote sustainable food security.
Keywords: The right to food, climate change, food security, sustainable development, International Agreements
مقدمة:
يعد الحق في الغذاء أحد حقوق الإنسان الأساسية المكرسة في العديد من الصكوك الدولية والذي سعت الدول والمنظمات الدولية لحمايته، غير أنه أصبح يواجه الكثير من التحديات من أهمها تغير المناخ[1]، والذي يعيق وفاء الدول بالتزامها بتوفير الغذاء الكافي لشعوبها ويحول دون تمتع الفرد بهذا الحق.
وبعد أن كانت نقاشات تغير المناخ تركز على الجوانب العالمية والبيئية والاقتصادية، تطور الفهم العالمي لأسباب وتبعات هذه الظاهرة واتضح تأثير ذلك على البشر وظروف المعيشة، واتسع نطاق تركيز النقاشات تدريجيا وباتت الأبعاد البشرية والاجتماعية لتغير المناخ تحظى باهتمام متزايد توج بإصدار مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة عام 2008قراره 07/23 نبه من خلاله إلى تأثير التغيرات المناخية وتهديدها الفوري والبعيد المدى على التمتع بالحقوق الأساسية وتلته قرارات أخرى تنصب كلها على حقوق الإنسان وضرورة التضامن الدولي لمواجهة هذه الظاهرة[2].
وتكمن أهمية هذه الدراسة في كشفها عن تهديدات تغير المناخ للحق في الغذاء، فرغم إقرار الصكوك الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان الحماية لهذا الحق لاتزال تأثيرات تغير المناخ المباشرة وغير المباشرة تعيق التمتع به.
وتبرز أهمية الموضوع أيضا في معالجتها لدور المنظمات الدولية وعلى وجه الخصوص منظمة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في تفعيل وإعمال الحق في الغذاء في زمن تغير المناخ.
ويهدف هذا الموضوع إلى إظهار تهديدات تغير المناخ للحق في الغذاء لإدراك مدى خطورة هذه الظواهر وتأثيراتها السلبية في التمتع بهذا الحق.
كما ترمي لإثراء المكتبة العلمية وإفادة الباحثين باطلاعهم على الأسس القانونية لحماية الحق في الغذاء والجهود الدولية لإعماله رغم تحديات وتهديدات تغير المناخ، نظرا لقلة الدراسات القانونية التي تجمع بين الموضوعين،
وتهدف للبحث عن حلول لمواجهة تهديدات تغير المناخ وإعمال الحق في الغذاء.
ويطرح هذا الموضوع إشكالية مفادها كيف تصدى المجتمع الدولي لحماية الحق في الغذاء في زمن يشهد تغيرات متزايدة للمناخ؟
وتندرج عن هذه الإشكالية عدة تساؤلات منها ما لمقصود بالحق في الغذاء؟ وماهي أسسه القانونية؟ وكيف يؤثر تغير المناخ في التمتع بهذا الحق؟ وفيما تتمثل أهم الجهود الدولية لحمايته؟
وللإجابة عن ذلك تم الاعتماد على المنهج الوصفي لوصف الأسس المقررة للحق في الغذاء وتأثيرات تغير المناخ في التمتع بهذا الحق.
كما تم الاستناد على المنهج التحليلي لتحليل وتفسير مختلف الأسس المقررة للحق في الغذاء والاليات المبذولة لتفعيله.
وقسمت الدراسة إلى جزئين يعالج الجزء الأول الإطار المفاهيمي للحق في الغذاء من خلال البحث عن مفهومه وتأثيرات تغير المناخ على التمتع به.
ويدرس الجزء الثاني إعمال الحق في الغذاء في ظل تغير المناخ بالبحث عن دور الصندوق الأخضر للمناخ كآلية لمواجهة هذه المشكلة وتسليط الضوء على جهود المنظمات الدولية ذات الصلة، للوصول إلى الخاتمة وما تتضمنه من نتائج واقتراحات.
المبحث الأول الإطار المفاهيمي للحق في الغذاء
أقرت المواثيق الدولية الحق في الغذاء وبينت عناصره غير أن ثمة عراقيل تحول دون التمتع بهذا الحق من أهمها تغير المناخ كما سيتضح ذلك تباعا.
المطلب الأول مفهوم الحق في الغذاء
نظرا لأهمية الحق في الغذاء لبقاء الإنسان فقد كرسته أولى الصكوك الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وعرفته وثائق صادرة عن المنظمات الدولية.
الفرع الأول: الإقرار القانوني للحق في الغذاء
جاءت الإشارة إلى الحق في الغذاء ضمن عدد من الصكوك الدولية حيث تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 اعترافا صريحا بهذا الحق في الفقرة الأولى من مادته 25 والتي تنص على أنه:” لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته ويتضمن ذلك التغذية …”.
وما يلاحظ هنا هو أن الاعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يكتف بإقرار الحق في الغذاء فحسب، بل أكد أن لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف وذكر من بين العناصر التي ينبغي أن تتوفر له التغذية ومعنى ذلك ضرورة توفر غذاء كاف للفرد.
وجاء في المبدأ الرابع من إعلان حقوق الطفل لعام 1959 اقرار صريح بحق الطفل في الغذاء الكافي حيث نص هذا المبدأ على: “أن للطفل حق في قدر كاف من الغذاء …”، ويلاحظ هنا ذكر عبارة “الغذاء الكافي” كحق للطفل وليس فقط الحصول على الغذاء.
ووردت إشارة واضحة وصريحة للحق في الغذاء ضمن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 باعتباره حق من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للإنسان ضمن المادة11[3] والتي أقرت حق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته يوفر ما يكفي بحاجتهم من الغذاء وتعهدت الدول بموجبها باتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ هذا الحق كما اعترفت بحق كل شخص في التحرر من الجوع واتخاذ التدابير اللازمة لتحسين طرق انتاج وحفظ وتوزيع المواد الغذائية ونشر المعرفة بمبادئ التغذية، واستحداث أو إصلاح نظم توزيع الأراضي الزراعية بطريقة تكفل أفضل إنماء للموارد الطبيعية وانتفاع بها وتأمين توزيع الموارد الغذائية العالمية توزيعا عادلا في ضوء الاحتياجات يضع في اعتباره المشاكل التي تواجهها البلدان المستوردة والمصدرة لها على السواء.
ويتبين من خلال هذا النص تأكيده على الحق في الغذاء الكافي كحق أساسي من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ودعوة الدول إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ هذا الحق.
ونص الاعلان العالمي الخاص باستئصال الجوع وسوء التغذية لعام 1974 في البند الأول منه على أن ” لكل رجل وامرأة وطفل حق غير قابل للتصرف في أن يتحرر من الجوع وسوء التغذية وأكد في بقية بنوده مسؤولية الدول في وضع سياسات غذائية وتغذوية مناسبة في إطار التنمية الشاملة الاجتماعية والاقتصادية والزراعية والتعاون في إقامة نظام فعال للأمن الغذائي العالمي”.
وأكدت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 الحق في التغذية الكافية أثناء الحمل والرضاعة في مادتها 12/ف2، ونصت المادة 24/2 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 أن توفير الغذاء المغذي الكافي التزام على الدول الأطراف[4].
وحظرت المادة 54 من البروتوكول الاضافي الملحق باتفاقيات جنيف والمتعلقة بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية لعام 1977 تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب كما حظرت مهاجمة، أو تدمير، أو نقل، أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، مما يؤكد أن الحق في الغذاء مكرس ومحمي أثناء السلم والحرب على السواء.
ومن خلال هذه الصكوك يتضح الإقرار الدولي للحق في الغذاء الكافي وأن تحقيق ممارسة هذا الحق هو التزام تعهدت الدول بإنفاذه أثناء السلم والحرب، غير أن هذه المواثيق لم تشهد تعريفا واضحا لهذا الحق وهو ما سعت لتحديده وتوضيحه المنظمات الدولية.
الفرع الثاني: تعريف الحق في الغذاء
عرفت اللجنة الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق في الغذاء في تعليقها العام رقم 12 لعام 1999 أنه: “يتم إعمال الحق في الغذاء الكافي عندما يتاح ماديا واقتصاديا لكل رجل وامرأة وطفل بمفرده أو مع غيره من الأشخاص في جميع الأوقات، سبيل الحصول على الغذاء الكافي أو وسائل شرائه”.
وعرفه المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء بأنه “الحق في الحصول بشكل منتظم ودائم ودونما عائق، إما بصورة مباشرة أو بواسطة مشتريات نقدية، على غذاء واف وكاف من الناحيتين الكمية والنوعية، يتفق مع التقاليد الثقافية للشعب الذي ينتمي إليه المستهلك ويكفل له حياة بدنية ونفسية، فردية وجماعية، مرضية وكريمة في مأمن من القلق “[5] .
وتعرف منظمة الأمم المتحدة للتغذية الحق في الغذاء على أنه “الحق في التغذية بكرامة وأنه يقصد به أيضا الحق في الوصول الدائم للموارد الأساسية للإنتاج وبيع وشراء الأغذية بكمية كافية ليس فقط بعيدا عن الجوع فحسب بل لضمان الصحة والراحة النفسية أيضا”[6].
و توضح أن لمنهج تحقيق الأمن الغذائي القائم على الحقوق بعد قانوني بمعنى أن الحكومات تكون ملزمة قانونا بأن تعمل بالتدريج على تمكين جميع الأفراد الذين يقيمون داخل أراضيها من أن يتحرروا من الجوع وليس هذا فحسب بل أن يكون بوسعهم إنتاج أو شراء الغذاء الذي يكفيهم لأن يحيوا حياة نشطة وصحية بالشكل الذي يحفظ لهم كراماتهم الإنسانية ويتطلب تحقيق هذا الحق ” توافر الغذاء بالكمية والنوعية الكافية لإشباع احتياجات الأفراد الغذائية وأن يكون خاليا من المواد الضارة ومقبولا في البيئة الثقافية القائمة، وأن تكون طرق الحصول عليه قابلة للاستدامة وألا تتعارض مع التمتع بحقوق الإنسان الأخرى” [7].
وكما يرى البعض فإن إعمال الحق في الغذاء يتطلب تحقيق عنصرين أولهما الكفاية والتي لها أهمية خاصة بالنسبة للحق في الغذاء، فهي تأخذ في الاعتبار في تحديد ما إذا كانت أنواع معينة من الأغذية أو النظم الغذائية يمكن أن تعتبر في ظروف معينة هي الأنسب كما أن صفة الكفاية تتحدد إلى مدى بعيد بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمناخية والبيئة وغيرها من الأوضاع السائدة، وثانيهما الاستدامة، والتي تنطوي على إمكانية الحصول على الغذاء لأجيال الحاضر والمستقبل، بمعنى توفر الغذاء وإمكانية الحصول عليه في الأجل الطويل [8].
المطلب الثاني: تأثير تغير المناخ في الحق في الغذاء
يواجه الحق في الغذاء العديد من العوامل تؤثر في التمتع به ومن أهمها تغير المناخ والذي يؤثر فيه بصورة مباشرة وغير مباشرة.
الفرع الأول: التأثير المباشر
أوضح تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2021 تأثيرات تغير المناخ على الأراضي إذ يؤدي تواتر حالات الجفاف وشدتها والإجهاد الحراري ونوبات الجفاف والرياح، وارتفاع مستوى سطح البحر وحركة الأمواج، وذوبان التربة الصقيعية وتآكل السواحل والفيضانات وتهاطل الأمطار إلى الضغط على استخدام الأراضي في بعض الأقاليم. وتدهورها.
وأظهرت الدراسات أن تأثير تغير المناخ على غلات المحاصيل مثل الذرة والقمح في كثير من مناطق خطوط العرض السفلى، كما أدى إلى انخفاض معدل نمو الحيوانات وإنتاجيتها في النظم الرعوية في إفريقيا، بالإضافة إلى أن الآفات والأمراض الزراعية قد استجابت بالفعل لتغير المناخ وأدى ذلك إلى حدوث زيادات وانخفاضات على السواء في تفشي الآفات والأمراض، وأظهر التقرير أن الأنشطة في قطاع الزراعة والاستخدامات الأخرى للأراضي AFOLU مسؤولة عن حوالي 13% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون[9].
وعلى سبيل المثال أوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تأثير التغير المناخي على المحاصيل في بعض المناطق من العالم كغزة اين عانى المزارعون من انخفاض هائل في إنتاجية أشجار الزيتون في عام 2021 ويعزى جزء كبير من هذه الخسارة إلى التدهور البيئي وتغير المناخ، وحسب وزارة الزراعة هناك، فإن إنتاج الزيتون شهد انخفاضا وصل إلى 65% بالمقارنة مع السنوات الماضية وأن هذا الانخفاض الكبير ناتج بشكل رئيسي عن تداعيات التغير المناخي[10].
الفرع الثاني: التأثير غير المباشر
أوضحت منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة أن الاحتراز العالمي ستتمخض عنه عواقب بعيدة المدى بالنسبة لمواقع وكيفية انتاج الغذاء في العالم، وسيؤدي إلى إضعاف الخصائص الغذائية لبعض المحاصيل وإلى الانقراض المتواصل لبعض أصناف الحيوانات والنباتات، مما يؤدي إلى انعكاسات بالنسبة لسياسات مكافحة الجوع والفقر، وسيؤثر على التجارة العالمية للأغذية [11] .
ويؤكد تقرير المنظمة العالمية للزراعة لعام 2022 ما جاء به تقرير التقييم السادس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2021 والذي يظهر المخاطر المناخية التي يواجهها كوكب الأرض حاضرا ومستقبلا بسبب ازدياد حدة موجات الحر والأمطار الغزيرة، وحالات الجفاف والحرائق والأعاصير المدارية التي من المتوقع أن تؤثر على جميع مناطق العالم وتأثير التغيرات المناخية الطويلة الأجل والبطيئة الحدوث على النظم الزراعية والغذائية وسبل عيش الناس بطرق كثيرة والتي تتطلب اتخاذ إجراءات تكيف سريعة.
كما أوضحت المنظمة في تقريرها ان تقلب المناخ وزيادة تواتر الظواهر الجوية القصوى وشدتها بسبب تغير المناخ تحديات متعددة فهي تؤدي إلى تفاقم المخاطر والآثار وتؤثر على جميع أبعاد الأمن الغذائي والتغذية (التوافر والوصول والاستخدام والاستقرار) وتزيد من الضغط على الموارد من الأراضي والمياه والنظم الزراعية والغذائية والنظم الإيكولوجية الهشة[12] .
وأوضح تقرير التقييم المتوسطي الأول والذي أعدته شبكة خبراء حوض المتوسط المعنية بتغير المناخ والبيئة تأثر إنتاج الغذاء من البر والبحر بشدة بتغير المناخ، وبالظواهر المتطرفة الشديدة مضافا إليها ارتفاع درجة تملح البحر وتحمض المحيطات وتدهور الأراضي ويتوقع أن تقل غلال معظم المحاصيل في العقود القادمة في معظم مناطق الإنتاج وأن تؤثر هذه العوامل مجتمعة وتسبب في حوالي عام 2050 في انقراض محلي لأكثر من 20% من الأسماك واللافقاريات المستغلة في حوض المتوسط[13].
وحسب تقرير أهداف التنمية المستدامة لعام 2022 تضع حالات الجفاف والفيضانات موجات الحر الناجمة عن تغير المناخ ضغطا إضافيا على إنتاج الغذاء في العديد من مناطق العالم وتشهد أجزاء من إفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية بالفعل ازدياد واشتداد حدة الأمن الغذائي وسوء التغذية بسبب الفيضانات والجفاف[14] .
وتعاني الصومال مثلا من الجفاف الكارثي بسبب انخفاض معدلات الأمطار في موسم هطولها، وتتوقع منظمات أممية أن يتسبب الجفاف الكارثي الذي ضرب البلاد خلال 2019 في معاناة أكثر من مليوني شخص من الجوع الحاد.
وأظهرت الأمم المتحدة أن درجات الحرارة ما برحت ترتفع في منطقة الساحل بمعدل أسرع مرة ونصف عن متوسط ارتفاع درجات الحرارة عالميا وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى تدهور ما يقرب من 80% من الأراضي الزراعية فيما تظهر تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن تقلب المناخ ربما يرفع من خطر الجوع وسوء التغذية بنسبة 20% بحلول 2050[15].
ورغم امتصاص المحيطات ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية في العالم، وحدها من تأثير تغير المناخ وتخفيفها من آثاره، غير أن هذه الخدمة البالغة الأهمية لم تأت إلا بثمن فهي تغير نظام الكربونات وتزيد من حموضة المحيطات، ويهدد تحمض المحيطات الكائنات الحية وخدمات النظم الإيكولوجية، ويعرض مصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية للخطر[16] .
وهذا ما يؤكد التأثير السلبي تغير المناخ المباشر وغير المباشر على الحق في الغذاء وتهديده للأمن الغذائي وهو ما دفع بالمجتمع الدولي للبحث عن آليات وتدابير لمواجهة هذه الظاهرة لضمان إعمال هذا الحق.
المبحث 2: إعمال الحق في الغذاء في ظل تغير المناخ
نظرا للآثار الوخيمة لتغير المناخ وتهديدها للحق في الغذاء تحرك المجتمع الدولي بحثا عن آليات لمواجهة هذه الظاهرة وإعمال هذا الحق بإنشاء آليات مالية لمساعدة الدول وعن طريق جهود المنظمات الدولية ذات الصلة.
المطلب الأول الصندوق الأخضر للمناخ كآلية للتصدي لتغير المناخ
أنشأت الدول عدة أليات مالية للتصدي لتغير المناخ من أهمها الصندوق الأخضر للمناخ مما يقتضي تعريفه ودراسة أهم إنجازاته تباعا.
الفرع الأول الأساس القانوني
أنشأت المادة 11 من الاتفاقية الاطارية لتغير المناخ لعام 1992آلية مالية بهدف توفير الموارد المالية على أساس المنحة أو بشروط ميسرة بما في ذلك لأغراض نقل التكنولوجيا وهي تعمل تحت توجيهات مؤتمر الأطراف، ويمكن تكليف واحدة أو أكثر من الكيانات المؤسسية القائمة بأمر تشغيلها، وتنص الاتفاقية على أن تمثل جميع الأطراف تمثيلا عادلا متوازنا في الآلية وأن يكون لها نظام إدارة يتسم بالشفافية.
ودعت المادة نفسها الدول المتقدمة النمو لتقديم الموارد المالية المتعلقة بتنفيذ الاتفاقية واستفادة البلدان النامية من هذه الموارد من خلال قنوات ثنائية وإقليمية وقنوات أخرى متعددة الأطراف [17].
ويعد الصندوق أكبر صندوق للمناخ عالميا أُسس لتعجيل إنشاء الأسواق الخضراء وتمويل الدول النامية ولمساعدتها على التكيف مع تأثيرات التغيرات المناخية[18].
الفرع الثاني الانجازات
ساعد الصندوق الأخضر للمناخ منذ عام 2016 الدول النامية على تحسين قدراتها للتصدي للتغيرات المناخية والتقليل من الانبعاثات وبفضل هذه الآلية تمكنت العديد من الدول من تنفيذ مشاريع كبيرة ذات الصلة،[19] ويتولى الصندوق تمويل 216 مشروع عبر العالم بمبلغ قدره 12 مليار دولار[20]،ومن المشاريع التي استفادت بتمويل الصندوق ما يلي:
مشروع برويزا Proeza بالباراغواي والتي تعد أول دولة استفادت من تمويل الصندوق في إطار مشروع “الفقر، التشجير، الطاقة وتغير المناخ “حيث تلقت هذه الدولة مبلغا قدره 25 مليون دولار من أجل التشجير المستدام وحماية الثروة الغابية.
واستفادت ترينيتي و توباقو من 260000دولار من الصندوق لحماية القطاع الزراعي من تأثيرات تغير المناخ وساندتها المنظمة العالمية للأغذية في تحقيق مشروعها.
ومن جهتها تلقت كوبا مبلغا قدره 38 مليون دولار لتحقيق مشروع يهدف لتحقيق الأمن الغذائي عن طريق تنفيذ نظم الحراجة الزراعية والتشجير وتجديد الثروة الغابية وتحسين تسرب المياه في الأراضي وتجنب الانجراف، ويستفيد من هذا المشروع حوالي 240000 شخص يعيشون في المناطق الريفية الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية في تلك الدولة.
ولتحقيق مشروعها والذي أطلق عليه تسمية ” التكيف المناخي للنظم الزراعية للممر الجاف” تلقت السلفادور مبلغ 35,8 مليون دولار من الصندوق الأخضر للمناخ، والذي يهدف إلى حماية مصادر المياه وتنمية مخزون المياه الجوفية وتطوير القدرة المحلية على تسيير الموارد الطبيعية بطريقة مستدامة وتمكين المزارعين من مواجهة تأثيرات التغيرات المناخية[21].
علاوة على هذه المشاريع فقد وضع الصندوق الخطة الاستراتيجية لـ 2020-2023 والتي تهدف أساسا إلى إحداث قدر أكبر من التكيف في البلدان النامية مع تعزيز الملكية القطرية والقدرة على تحديد وتصميم وتنفيذ المشاريع والبرامج وإلى التمويل المتوازن، مع الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات العاجلة والفورية للبلدان النامية المعرضة بشكل خاص للآثار الضارة لتغير المناخ، بما في ذلك أقل البلدان نموا، والدول الجزرية الصغيرة النامية والدول الإفريقية بما يتماشى مع صك الإدارة وقرارات مجلس الإدارة[22].
وتضع هذه الخطة برامج طموحة ورؤية تشغيلية للمرحلة التالية للصندوق وتهدف بشكل كبير إلى مواكبة الحاجة الملحة لتغير المناخ وتحقيق أهداف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس[23]، وهو ما يبرز الدور الهام الذي يلعبه الصندوق الأخضر للمناخ تصديا لتغير المناخ.
المطلب الثاني: جهود المنظمات الدولية
تظافرت جهود المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية في سبيل التصدي لتغير المناخ والحد من آثاره ويظهر ذلك أساسا في ما يلي.
الفرع الأول: دور منظمة الأمم المتحدة
يتجلى دور منظمة الأمم المتحدة لمواجهة تغير المناخ من خلال جهود آلياتها لحقوق الإنسان وما تبذله وكالاتها المتخصصة من مجهودات ذات الصلة.
أولا-الآليات الأممية لحقوق الإنسان
أصدر مجلس حقوق الإنسان عدة قرارات يقر فيها تأثير تغير المناخ على التمتع الكامل بحقوق الإنسان ويساهم من خلالها في زيادة الوعي بالروابط بين حقوق الإنسان وتغير المناخ، ففي قراره رقم 10/4 لعام 2009 لاحظ المجلس أن لآثار تغير المناخ مجموعة من الانعكاسات، المباشرة وغير المباشرة على السواء، على التمتع الفعلي بحقوق الإنسان، وأنها تكون أشد وقعا على شرائح سكانية تعاني من حالة الضعف.
وشدد في القرار 26/27 لـ 2014على ضرورة أن تعزز جميع الدول الحوار والتعاون الدوليين لمعالجة آثار تغير المناخ الضارة على التمتع بحقوق الانسان[24] .
علاوة على ذلك فقد اعتمدت لجنة حقوق الإنسان خلال دورتها السادسة والخمسين لعام 2000 قرار رقم 10/2000 لتعزيز وحماية الحق في الغذاء وعين مقرر خاص تتركز مهمته على الحق في الغذاء وتتمثل مهامه أساسا في تلقي المعلومات عن جميع جوانب إعمال الحق في الغذاء، والتعاون مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية، وتقديم توصيات بشأن إعمال هذا الحق وتحديد القضايا الناشئة المتصلة بالحق في الغذاء في العالم وتحرير تقرير إلى الجمعية العامة ولجنة حقوق الإنسان بشأن ذلك[25].
وأنشأ مجلس حقوق الإنسان ولاية المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق تغير المناخ في دورته 48 المنعقدة في أكتوبر2021 ومن أهم صلاحياته دراسة وتحديد كيفية تأثير تغير المناخ في التمتع بحقوق الإنسان وتقديم توصيات بشأن ذلك، والـتجميع المعارفاتي يتناول كيفية إدماج حقوق الإنسان في سياسات تغير المناخ وزيادة الوعي بحقوق الانسان.
ومن صلاحياته أيضا العمل مع الدول والجهات المعنية من أجل اعتماد منظور لحقوق الإنسان وفقا للمبادئ التوجيهية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان بغية التخفيف من الآثار السلبية على حقوق الإنسان في سياق تغير المناخ.
ودعا هذا القرار المقرر الخاص للعمل بتنسيق وثيق مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وسائر الإجراءات الخاصة وآليات حقوق الإنسان التابعة لمجلس حقوق الإنسان وهيئات المعاهدات وغيرها من وكالات منظمة الأمم المتحدة وصناديقها، وأن يقدم تقرير سنوي إلى مجلس حقوق الإنسان ابتداء من دورته الخمسين وإلى الجمعية العامة ابتداء من دورتها السابعة والسبعين [26].
وإنشاء مقرر خاص بالحق في الغذاء وآخر لحماية حقوق الإنسان في سياق تغير المناخ يبرز الأهمية التي توليها هيئات الأمم المتحدة لإعمال الحق في الغذاء وإدراكها بضرورة حماية حقوق الإنسان، بما فيها الحق في الغذاء في زمن تغير المناخ.
ثانيا- استراتيجية منظمة الأغذية والزراعة الخاصة بتغير المناخ للفترة 2022-2031
وضع الإطار الاستراتيجي لمنظمة الأغذية والزراعة في سياق حافل بالتحديات العالمية والإقليمية الكبرى التي اعترت مجالات ولاية المنظمة بما فيها جائحة كوفيد 19 ، وقد جرت بلورة الإطار الاستراتيجي من خلال عملية شاملة وشفافة اشتملت على عقد مشاورات واجتماعات للأجهزة الرئيسية وتم إقراره خلال الدورة الثانية والأربعين لمؤتمر المنظمة في 18يونيو2021 ،وتهدف الاستراتيجية إلى تيسير مساهمة المنظمة في تحويل النظم الزراعية والغذائية وسبل العيش المعتمدة عليها وتوسيع نطاقها لكي تصبح منخفضة الانبعاثات وأكثر قدرة على الصمود والتكيف مع تغير المناخ[27].
وحسب استراتيجية المنظمة فهذا يتطلب العمل بالتوازي على مستويات ثلاثة وهي المستويان العالمي والإقليمي بتعزيز السياسات والحوكمة العالمية والإقليمية المتعلقة بالمناخ ومعالجة اعتبارات الأمن الغذائي والتغذية والنظم الزراعية والغذائية والموارد الطبيعية[28] .
علاوة على المستوى القطري بتنمية قدرات البلدان في مجال العمل المناخي في إطار النظم الزراعية والغذائية وبقيام أعضاء المنظمة بتنفيذ التزاماتهم المناخية ورصدها والإبلاغ عنها ودعم البلدان لتوسيع نطاق الإجراءات الاستباقية ونظم الإنذار المسبق، والتحليل والتخطيط من أجل المساهمة في بناء القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ والتكيف معه والتخفيف من آثاره في سياساتهم وتشريعاتهم وخططهم وبرامجهم واستثماراتهم المحلية والدولية في النظم الزراعية والغذائية وتشجيعها للإصلاحات القانونية ذات الصلة[29].
ويتبين مما تقدم إدراك الدول الأطراف في المنظمة على ضرورة التعاون وبذل جهود على المستوى العالمي والإقليمي والقطري والمحلي للتصدي لتغير المناخ وآثاره السلبية على الحق في الغذاء.
ثالثا- جهود الوكالة الدولية للطاقة النووية
حسب الوكالة الدولية للطاقة النووية فإن من العوامل الهامة التي تساهم في التكيف مع تغير المناخ هو قياس آثاره الملموسة على الزراعة وإنتاج الأغذية، وأن العديد من التقنيات النووية تتيح وسائل لمعرفة المزيد من تأثير تغير المناخ وكيفية التصدي له ابتداء من السيطرة على تآكل التربة وتدهور الأراضي ووصولا إلى تحسين خصوبة التربة وكفاءة استخدام المياه .
وحسب هذه الوكالة يمكن أن تحدد تقنية نظير النيتروجين 150 مصدر أكسيد النيتروز وأن تساعد في إيجاد طرق لكيفية تقليل انبعاث هذا الغاز، وتستخدم بصمات الكربون 130 في التربة جنبا إلى جنب مع النويدات المشعة المتساقطة لتحديد مصادر تدهور التربى في الأراضي الزراعية وهو ما يساعد في مكافحة تآكل التربة وفي تحديد مقدار مساهمة مخلفات المحاصيل في تحسين خصوبة التربة وقدرتها على الصمود.
كما يمكن أن تساعد بصمة الأكسجين 180 في تحديد كمية المياه المفقودة خلال ممارسات إدارة المياه الزراعية جراء تبخر المياه من التربة وتعرق النباتات وهذا بدوره يساعد في تحسين كفاءة استخدام المياه ويعزز قدرة النباتات على الصمود، وتساعد الوكالة الدولية الدول الأعضاء على استخدام هذه التقنيات لقياس أثر تغير المناخ والتكيف مع آثاره مما يساعد في تحسين الزراعة وقدرة نظم إنتاج الأغذية على الصمود [30].
كما تعمل على وضع أساليب جديدة من أجل التقدير الكمي لغازات الدفيئة وتحديد طبيعتها وذلك بالتعاون الوثيق مع معهد ايكولوجيا النبات في جامعة بوستس ليبيش في غيسن بألمانيا، وقد تمخض عن ذلك نشر كتاب شامل عن منهجيات التخفيف من آثار غازات الدفيئة يستهدف العلماء والخبراء التقنيين والعاملين في قطاع الصناعة ويقدم الكتاب أساليب عملية لتطبيق تقنيات اقتفاء أثر النتروجين 15 من أجل قياس أكسيد النيتروز بدقة [31]، وهذا ما يؤكد الدور التقني الهام الذي تقدمه الوكالة الدولية للطاقة الذرية للدول الأطراف من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ وانبعاثات غازات الدفيئة على وجه الخصوص.
الفرع الثاني: إسهامات اللجنة الدولية للصليب الأحمر
تعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر الملاك الحارس للقانون الدولي الإنساني والذي أكد في أحكامه ضرورة حماية الحق في الغذاء لضحايا النزاعات المسلحة، وتفعيلا لهذا الحق في زمن التغيرات المناخية فقد اتخذت اللجنة عدة تدابير من أهمها ما يلي:
أولا- إقرار ميثاق المناخ والبيئة للمنظمات الإنسانية
قادت اللجنة الدولية بالتعاون مع الاتحاد الدولي بوضع ميثاق المناخ والبيئة للمنظمات الإنسانية والذي وقعت عليه أكثر من 230 منظمة إنسانية في 2021 وهي سنته الأولى، ويهدف هذا الميثاق إلى تحفيز العمل الجماعي وتوجيهه استجابة للأزمات المناخية والبيئية لا سيما لصالح الفئات التي ستعاني من وطئة آثارها أكثر من غيرها واتفقت المنظمات الإنسانية بموجب هذا الميثاق على ما يلي:
- تكثيف الاستجابة للاحتياجات الإنسانية والمساعدة على التكيف مع آثار الأزمات المناخية والبيئية.
- تعظيم الاستدامة البيئية لأعمالها والإسراع لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة.
- دعم الجهات الفاعلة المحلية والمجتمعات المحلية لاستعداد أفضل لتغير المناخ والمخاطر البيئية.
- تعزيز قدراتها على فهم المخاطر المناخية والبيئية ووضع حلول قائمة على الأدلة والعلوم.
- العمل التعاوني عبر قطاع العمل الإنساني وخارجه لتعزيز العمل المناخي والبيئي.
6- الاستفادة من تأثيرها لحشد عمل مناخي وحماية بيئية عاجلين وتكثيف الجهود لتعزيز تنفيذ أفضل للقوانين والمعايير والسياسات والخطط الدولية والوطنية ذات الصلة من أجل عمل مناخي وحماية بيئية أقوى[32].
وتعد هذه الوثيقة في غاية الأهمية ذلك أن التصدي لآثار تغير المناخ وضمان تمتع الأفراد بحقوقهم والتي من بينها الحق في الغذاء لا يتحقق إلا بتكثيف الجهود والتعاون.
ثانيا- إغاثة ضحايا التغير المناخي
تسعى اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تقديم المساعدة للمجتمعات الهشة بسبب التغيرات المناخية من خلال مساعدة المزارعين والرعاة في دول افريقية عديدة لمواجهة التقلبات المتزايدة في مواسم هطول الأمطار وفترات الشح المائي عبر دعم نظم الري والمساعدة على توفير البذور والأعلاف وتخزينها.
ولتعزيز المساعدة فقد حثت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ على تكثيف جهودها المبذولة لتعزيز العمل المناخي للبلدان المتضررة من النزاعات وبناء القدرة على الصمود لظواهر تغير المناخ.
كما دعتها لضرورة توفير دعم كاف للعمل المناخي عن طريق التمويل المناخي الملائم لهذا الغرض ولمراجعة المعايير الحاكمة لآليات التمويل لتجنب حرمان ملايين البشر من الدعم الضروري في تلك الظروف[33].
ومن خلال ما تقدم يتبين دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في التصدي لآثار تغير المناخ والتي أدركت أن مواجهة مخاطره تقتضي التعاون الدولي والتمويل.
خاتمة:
بعد دراسة وتحليل موضوع الحق في الغذاء في زمن تغير المناخ تم التوصل إلى جملة من النتائج والاقتراحات من بينها ما يلي:
أولا- النتائج
- أقرت العديد من الصكوك الدولية الحق في الغذاء كحق أساسي من حقوق الإنسان مكفول أثناء السلم والحرب ويتضمن معيارين وهما الكفاية والاستدامة مما يرتب التزامات على عاتق الدول لضمان تحقيقه، غير أن التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ تحول دون إعمال هذا الحق وتهدد الأمن الغذائي.
- سعى المجتمع الدولي لإعمال الحق في الغذاء في زمن تغير المناخ من خلال إنشاء آليات لتمويل الدول المتضررة من هذه الظواهر، ويعد الصندوق الأخضر للمناخ أكبر صندوق أنشأ لهذا الغرض ومن خلال جهود المنظمات الحكومية وغير الحكومية في هذا الصدد.
ثانيا- الاقتراحات
- نقترح على الصعيد الدولي ضرورة التعاون الدولي للتصدي لتأثير تغير المناخ في الحق في الغذاء بتبادل المعارف ومساعدة الدول الأكثر تضررا على مواجهة هذه الظواهر.
- وعلى الدول المتقدمة تمويل الصندوق الأخضر للمناخ لكونه آلية أساسية للتصدي لمخاطر تغير المناخ و لمساعدة الدول النامية لمواجهة هذه الظاهرة.
- ضرورة توفير الأمن للمنظمات الإنسانية لتمكينها من الوصول لضحايا النزاعات ومدها بالمساعدات الغذائية وتشجيع المنظمات الإنسانية لتوقيع ميثاق المناخ والبيئة لتكثيف جهود مواجهة مخاطر تغير المناخ على الحق في الغذاء.
- وعلى الصعيد الوطني نقترح على الدول ضرورة اتخاذ تدابير تشريعية وإدارية وتدابير أخرى لإعمال الحق في الغذاء والتخفيف من التأثيرات السلبية لتغير المناخ، وتكوين أشخاص مؤهلين في مجال الزراعة المستدامة والتدريب على استخدام التكنولوجيات الرقمية لتحسين الوصول إلى الموارد الطبيعية واستخدامها على نحو مستدام.
- تفعيل المساءلة القضائية لتمكين الأفراد من المطالبة بحقهم في الغذاء أمام القاضي الوطني والدولي، ذلك أن ضمان تمتع الأفراد بهذا الحق التزام دولي وكل خرق لالتزام دولي يترتب عليه المسؤولية الدولية.
قائمة المصادر والمراجع
أولا- المصادر
1- الاتفاقيات الدولية
-اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979.
– اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989.
-اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ لعام 1992.
2- قرارات مجلس حقوق الانسان
-قرار رقم 29/15 لـ عام 2009 بشأن تغير المناخ وحقوق الانسان.
-قرار رقم 18/22 لعام 2011 بشأن تغير المناخ وحقوق الانسان.
-قرار 41/21لعام 2019 بشأن تغير المناخ وحقوق الانسان.
-قرار رقم 44/7 لعام 2020 بشأن تغير المناخ وحقوق الانسان.
3- التقارير
-تقرير التقييم المتوسطي الأولMAR1، ملخص لواضعي السياسات،2020.
التقرير السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 2021.
-تقرير منظمة الزراعة والتغذية لـ جوان 2022.
-تقرير أهداف التنمية المستدامة لعام2022.
ثانيا المراجع
1-الكتب
-الحق في الغذاء في مجال التطبيق، إعمال الحق في الغذاء على المستوى القطري، وحدة الحق في الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، روما، أكتوبر2006.
2-المقالات العلمية
أ-المقالات من المجلات
- تفاقم المناخ يفاقم من معاناة المدنيين في أوقات الحروب، مجلة الإنساني، العدد 65، صيف2019.
- خديجة بن قطاط وبقنيش عثمان، الحق في الغذاء في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان، مجلة الأستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية، مجلد3، عدد04، 2021.
- عزيزة بن جميل، تأثير التغيرات المناخية على حقوق الإنسان الأساسية، المجلة الشاملة للحقوق، المجلد02، العدد02، جوان 2022.
- فوزية فتيسي، الإقرار الدولي بالحق في الغذاء الكافي كضمانة للتحرر من الجوع، مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، المجلد 08، العدد03 جوان2021.
- عزيزة بن جميل، تأثير التغيرات المناخية على حقوق الإنسان الأساسية، المجلة الشاملة للحقوق، المجلد02، العدد02، جوان 2022.
- موكه عبد الكريم وكرمي ريمة، تحديات الحفاظ على الحق في الغذاء في ظل التدهور البيئي، مجلة الأبحاث القانونية والسياسية، المجلد03، العدد01، السنة 2021.
ب-المقالات من الانترنت
- لورانس بواسون دي شازورن، اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ، ص4، مقال منشور في الموقع الرسمي لمكتبة الأمم المتحدة السمع البصرية للقانون الدوليhttps/unfcc.int، تاريخ الاطلاع16/04/2023.
- محمد النادي، آثار التغيرات المناخية على حقوق الأنسان، مقال منشور في موقع المنظمة العربية للهلال والصليب الأحمر بتاريخ 21/10/2020،www.arabrcrc.org، تاريخ الاطلاع 26/02/2023.
3- مؤتمر المناخ السابع والعشرون: اللجنة الدولية تدعو إلى تعزيز العمل المناخي في مناطق النزاع، مقال منشور في الموقع الرسمي للجنة الدولية للصليب الأحمر بتاريخ 24/10/2022.www.icrc.org، تاريخ الاطلاع16/04/2023.
3-مواقع الكترونية
الموقع الرسمي للجنة الدولية للصليب الأحمرwww.icrc.org
الموقع الرسمي لمنظمة الأغذية والزراعةwww.fao.org
الموقع الرسمي لخبراء حوض المتوسط المعنية بتغير المناخ والبيئة،www.Medecc.org
الموقع الرسمي للصندوقwww.greenclimate.fund
موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية،www.iaea.org
[1] عرفت المادة 1 من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ لعام 1992 تغير المناخ أن :”يعزى بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى النشاط البشري الذي يفضي إلى تغير في تكوين الغلاف الجوي العالمي والذي يلاحظ، بالإضافة إلى التقلب الطبيعي للمناخ، على مدى فترات زمنية متماثلة”.
[2] محمد النادي،آثار التغيرات المناخية على حقوق الأنسان، مقال منشور في موقع المنظمة العربية للهلال والصليب الأحمر بتاريخ 21/10/2020، www.arabrcrc.org تاريخ الاطلاع26/02/2023. ينظر أيضا قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 29/15 لـ عام 2009 بشأن حقوق الانسان وتغير المناخ والقرار رقم 18/22 لعام 2011 والقرار 26/27 لعام 2014، والقرار41/21لعام 2019 و القرار 44/7 لعام 2020 بشأن تغير المناخ وحقوق الانسان.
[3]خديجة بن قطاط وبقنيش عثمان، الحق في الغذاء في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان، مجلة الأستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية، مجلد3، عدد04، 2021، ص241. ينظر أيضا: فوزية فتيسي، الإقرار الدولي بالحق في الغذاء الكافي كضمانة للتحرر من الجوع، مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، المجلد 08، العدد03 جوان2021ص672.
[4] ينظر المادة 12 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 والمادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989،فوزية فتيسي، المرجع نفسه، ص673-675.
[5]خديجة بن قطاط وبقنيش عثمان، مرجع سابق، ص 238.
[6] Qu’ est ce que le droit à l’alimentation, Fiche informative publiée sur le site officiel de l’Organisation des Nations Unies pour l’alimentation et l’agriculture www.org.fao,date de consultation :26/02/2023.
[7] الحق في الغذاء في مجال التطبيق، إعمال الحق في الغذاء على المستوى القطري، كتاب صادر عن وحدة الحق في الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، روما أكتوبر2006 ص4.
[8] فوزية فتيسي، مرجع سابق، ص668.ينظر أيضا: موكه عبد الكريم وكرمي ريمة، تحديات الحفاظ على الحق في الغذاء في ظل التدهور البيئي، مجلة الأبحاث القانونية والسياسية، المجلد03، العدد01، السنة 2021،ص25.
[9] ينظر التقرير السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 2021،ص72.
[10] التغير المناخي يضرب الذهب الأخضر في غزة، مقال منشور في الموقع الرسمي للجنة الدولية للصليب الأحمر، أكتوبر2021.www.icrc.org، تاريخ الاطلاع 16/04/2023.
[11] عزيزة بن جميل، تأثير التغيرات المناخية على حقوق الإنسان الأساسية، المجلة الشاملة للحقوق، المجلد02، العدد02، جوان 2022 ص98.
[12] استراتيجية منظمة الأغذية والزراعة الخاصة بتغير المناخ للفترة 2022-2021، تقرير صادر عن مجلس المنظمة، الدورة السبعون بعد المائة، 13-17 جوان2022، ص 7-11.
[13] التغير المناخي والبيئي في حوض المتوسط الوضع الراهن والمخاطر المستقبلية، تقرير التقييم المتوسطي الأولMAR1، ملخص لواضعي السياسات،2020، ص7، منشور في الموقع الرسمي لخبراء حوض المتوسط المعنية بتغير المناخ والبيئة، www.Medecc.org، تاريخ الاطلاع 07/04/2023.
[14] ينظر تقرير أهداف التنمية المستدامة لعام 2022، منشور في موقع شعبة الإحصاءات التابعة للأمم المتحدةhttp/unstats.un.org تاريخ الاطلاع 07/04/2023.
[15] تفاقم المناخ يفاقم من معاناة المدنيين في أوقات الحروب، مجلة الإنساني، العدد 65،صيف2019، ص11.
[16] ينظر تقرير أهداف التنمية المستدامة لعام2022، مرجع سابق،ص54.
[17] ينظر المادة 11 من اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشألن تغير المناخ لعام 2010.ينظر أيضا: لورانس بواشون دي شاورن، اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ، ص4، مقال منشور في الموقع الرسمي لمكتبة الأمم المتحدة السمع البصرية للقانون الدوليhttps/unfcc.int ،تاريخ الاطلاع 16/04/2023.
[18] ينظر الموقع الرسمي للصندوق الأخضر للمناخ www.greenclimate.fund
[19] ينظر الموقع الرسمي لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة www.fao.org
[20] ينظر الموقع الرسمي للصندوق الأخضر للمناخ www.greenclimate.fund
[21] FAO et le fonds vert pour le climat, organisation des Nations Unies pour l’alimentation et l’agriculture, publié sur le site officiel d’organisation des Nations Unies pour l’alimentation et l’agriculture, www.fao.org,date de consultation 17/04/2023.
[22] ينظر الخطة الاستراتيجية المحدثة لـGCF(الصندوق الأخضر للمناخ) 2020-2023،ص6، منشورة في الموقع الرسمي للصندوقwww.greenclimate.fund، تاريخ الاطلاع 17/04/2023.
[23] المرجع نفسه،ص14.
[24] أسئلة يتكرر طرحها بشأن حقوق الانسان وتغير المناخ، صحيفة الوقائع رقم 38، الأمم المتحدة، حقوق الانسان، مكتب المفوض السامي، نويورك وجنيف، 2022، ص43-44. ينظر أيضا: قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 29/15 لـ عام 2009 والقرار رقم 18/22 لعام 2011 ، والقرار 9/33 لعام 2019 والقرار رقم 44/7 لعام 2020 بحقوق الانسان وتغير المناخ.
[25] ينظر الفقرة 10 و11 من القرار 10/2000 للجنة حقوق الانسان المعنون بالحق في الغذاء والصادر في دورتها السادسة والخمسين لعام 2000.
[26] ينظر الفقرة 2من القرار 48/14 لـ18اكتوبر2021 لمجلس حقوق الانسان.
[27] ينظر الموقع الرسمي لمنظمة الأغذية والزراعة www.fao.org
[28] ينظر الصفحة 20-22 من استراتيجية منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الخاصة بتغير المناخ للفترة 2022-2031 منشور في الموقع الرسمي لمنظمة الأغذية والزراعةwww.fao.org ،تاريخ الاطلاع 17/04/2023.
[29] ينظر من استراتيجية منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الخاصة بتغير المناخ، مرجع سابق، ص23-25.
[30] الأمن الغذائي وتغير المناخ، منشور على موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية،www.iaea.org تاريخ الاطلاع 17/04/2023.
[31] ينظر التقرير السنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 2021،ص73.
[32] ينظر قرار رقم 1 بشأن إقرار ميثاق المناخ والبيئة للمنظمات الانسانية، اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر جويليه2022، ص5-9. منشور في الموقع الرسمي https//rcrconference.org تاريخ الاطلاع 17/04/2023.
[33] مؤتمر المناخ السابع والعشرون: اللجنة الدولية تدعو إلى تعزيز العمل المناخي في مناطق النزاع، مقال منشور في الموقع الرسمي للجنة الدولية للصليب الأحمر بتاريخ 24/10/2022.www.icrc.org ، تاريخ الاطلاع 17/04/2023.