التّشكيلات الإيقاعيّة في قصيدة الموت في الشعر التونسيّ الحديث
قصيدة “المفرد الجمع” لحسين العوري أنموذجًا
Rhythmic formations in the poem of death in modern Tunisian poetry
The poem “Singular Plural” by Hussein Al-Auri as a model
عبد الوهاب الشتيوي/ كليّة الآداب والفنون والإنسانيّات بمنّوبة (تونس)
Abdul Wahab Al-Shtiwi
Faculty of Letters, Arts and Humanities of Manouba (Tunisia)
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 80 الصفحة 111.
Abstract
Our work consists of studying the different rhythmic forms of the poem evolving around the theme of death in modern tunisian poetry departing from a poem entitled “the unique plural”written by the tunisian poet Hussein Al Aouri. Our objective is to highlight the diversity and richness of its rhythmic structure which involved both traditional and modern structures as any other modernist arab poet did throughout his experience. In this poem, Hussein Al Aouri uses innovative forms to vary rhythms, rhymes and meters. He also uses a specific figure of style which allows him to express his psychological and existential s
Entrer disorder after his father’s death. The rhythm of the poem transmits this crisis to the reader creating a harmony between the rhythmic and the semantic structures.
Keywords :
Modern Arabic poetry – Modern Tunisian poetry – Tafailah poem – Death poem – Rhythmic formations – Rhythmic and semantic structure – Hussein Al-Auri.
الملخّص
يتعلّق عملنا بالبحث في التّشكيلات الإيقاعيّة في قصيدة الموت في الشّعر التّونسيّ الحديث منْ خلال قصيدة “المفرد الجمع” للشّاعر التّونسيّ حسين العوريّ، والغاية منْ ذلك إبراز تنوّع البنية الإيقاعيّة في هذه القصيدة بجمعها بين بعض التّشكيلات الإيقاعيّة التّقليديّة، والتّشكيلات الإيقاعيّة المحدثة على غرار ما فعل شعراء الحداثة العربيّة مشرقًا ومغربًا عبر تجاربهم في قصيدة التّفعيلة، وقد وجدنا أنّ الشّاعر نوّع الأوزان والتّفعيلات والقوافي، واعتمد التّدوير في هذه القصيدة، لتكون هذه التّشكيلات موظّفة للتّعبير عنْ الأزمة الوجدانيّة والوجوديّة التي أصابته إثر وفاة أبيه، ويكون الإيقاع حاملاً لتلك الأزمة، ناقلاً لها من الشّاعر إلى المتلقّي، فكان التّآلف والتّعالق والتّعاضد بين البنية الإيقاعيّة والبنية الدّلاليّة.
- الكلمات المفتاحيّة
الشّعر العربيّ الحديث – الشّعر التّونسيّ الحديث – قصيدة التّفعيلة – قصيدة الموت – التّشكيلات الإيقاعيّة – البنية الإيقاعيّة والدّلاليّة – حسين العوريّ.
تمهيد:
لقد هبّت على الشّعر العربيّ رياح تغيير كثيرة منذ بداية القرن العشرين، خلخل بعضها بعض أركانه التي ظلّت ثابتة لقرون عديدة وذلك في تجربة قصيدة التّفعيلة التي ظهرت مع حركة الشّعر الحرّ، وعصف بعضها الآخر ببعض أركانه الأخرى وذلك في تجربة قصيدة النّثر، ولعلّ مستوى الإيقاع الشّعريّ كان أهمّ الأركان التي تأثّرت بحركات التّغيير الحداثيّة، فظهرت في البداية تشكيلات إيقاعيّة جديدة منْ داخل البنية الإيقاعيّة التّقليديّة نفسها بالخروج مثلاً عن بنية البيت إلى بنية السّطر التي تحافظ فيها القصيدة على التّفعيلة الموحّدة والوزن العروضيّ الواحد منْ جهة، ولكنّها تخرج عن الأنظمة التّقليديّة في مستوى عدد التّفعيلات في كلّ سطر منْ جهة أخرى، مع عدم التزام الشّاعر بوحدة القافية، فظهر الميل نحو تعدّد القوافي، وتنوّعها، ومدى تواترها، ثمّ تطوّرت تجارب الشّعراء في هذا المستوى في مرحلة ثانية ليتمّ العدول عنْ بعض القواعد الإيقاعيّة التّقليديّة، بإيجاد تشكيلات جديدة مثّل المزج بين البحور، والمزج بين التّفعيلات، والتّدوير أهمّ مظاهرها.
ولمْ يكنْ الشّعر التّونسيّ الحديث بعيدًا عنْ حركات تحديث الشّعر العربيّ، وظهرت تجارب شعريّة مع شعراء كثيرين، منهم منْ جدّد داخل إطار البنية الإيقاعيّة التّقليديّة التي تمثّلها القصيدة العموديّة مثل أبي القاسم الشّابّيّ، ومنهم منْ اختار السّير في تجربة قصيدة التّفعيلة على غرار الطّاهر الهمّاميّ (في بداياته)، ومحمّد الخالديّ، ومحمّد البقلوطيّ، ويوسف رزوقة، وآدم فتحي، ومنصف الوهايبيّ، ومحمّد الصّغير أولاد أحمد، ومنهم منْ زاوج بين القصيدة العموديّة وقصيدة التّفعيلة، على غرار الشّاعر حسين العوريّ الذي راوحت تجربته الشّعريّة بين التّعبير عن البعدين الذّاتيّ والموضوعيّ، ومن القصائد المهمّة المعبّرة عن البعد الذّاتيّ قصيدة “المفرد الجمع”[1] التي كتبها تحت تأثير صدمة موت أبيه، وحول التّشكيلات الإيقاعيّة التي وظّفها في هذه القصيدة، ومظاهر التّمايز عن عناصر الإيقاع التّقليديّ، ومدى نجاح الشّاعر في خلق الائتلاف بين البنى الإيقاعيّة واللّغويّة والدّلاليّة سيكون مدار عملنا في هذا البحث، وسنعتمد منهجًا يراوح بين تفكيك مختلف بنى القصيدة الإيقاعيّة واللّغويّة، والإحصاء، والاستقراء، لنصل في آخر المطاف إلى البعد التّأويليّ الذي نؤكّد فيه أنّ التّشكيلات الإيقاعيّة التي اعتمدها الشّاعر كانت صدًى لذاته في لحظة فقدان أبيه.
- مدخل /في الإيقاع الشّعريّ
ظلّ الإيقاع في الشّعر على امتداد العصور، ومع مختلف التّجارب الشّعريّة أهمّ عناصر الخطاب الشّعريّ، وأهمّ الأسس المولّدة للشّعريّة باعتبار أنّ “الوزن والإيقاع من المكوّنات الأساسيّة لهذا الفنّ اللّفظيّ إذ عليهما المعوّل في انبنائه وفي تحديد أصنافه”[2]، لكنّ الباحث في التّجارب الشّعريّة المختلفة التي عرفها الشّعر العربيّ يجد أنّ مستوى الإيقاع قد تعرّض لانتهاكات كثيرة على أيدي الشّعراء المتحرّرين، ورغم أنّ الإيقاع قد حُصر في الشّعر والنّقد القديمين والتّقليديين في الأوزان الشّعريّة التي قنّنها علماء العروض في ما يُعرف بالبحور الشّعريّة، والتّرخيصات العروضيّة، والقوافي، والتي تكوّن الإيقاع الخارجيّ، فإنّه قد تخلّص في الشّعريّة الحديثة منْ بعض تلك القيود التّقليديّة لينفتح على ممكنات جديدة لم يعرفها الشّعر القديم والتّقليديّ، وهي العناصر التي تمثّل ما أصبح يعرف اليوم بالإيقاع الدّاخليّ، وكانت بدايات تغيّر مفهوم الإيقاع وتعدّده متأتّية منْ تجارب الشّعراء الغربيّين، والنّقّاد الذين ميّزوا بين الوزن والإيقاع في العصر الحديث[3]، فقد “عرف الإيقاع اليوم في الغرب ازدهارًا لم يعهده من قبل بفضل تحرّره من القوانين القاسية والأحكام الجائرة التي تسلّطت عليه قرونًا”[4]، أمّا بعض الشّعراء والنّقّاد العرب فـ“لا يزالون متمسّكين بالنّظريّات اليونانيّة في الإيقاع كما لو أنّ مفهوم الإيقاع لم يتغيّر من عهد اليونان إلى الآن”[5].
ولأنّه من العسير الإلمام بكلّ المقولات النّظريّة التي تتعلّق بهذا المجال، وبسبب كثرتها واختلافاتها، نكتفي بالإشارة إلى علمين مهمّين في عالم النّقد الشّعريّ، أحدهما غربيّ وهو “هنري ميشونيك”HENRI MESCHONNIC))، والآخر عربيّ وهو علي أحمد سعيد (أدونيس).
يدعو “هنري ميشونيك” في بحثه إلى قراءة مسألة الإيقاع قراءة تاريخيّة انتروبولوجيّة لتحديدها بشكل علميّ لأنّه اعتبر أنّ القراءات التّقليديّة عجزت عنْ تقديم التّعريف الحقيقيّ للإيقاع[6]، ويدعو إلى نقد التّصوّر السّائد عن الإيقاع الشّعريّ[7]، وتخليص الإيقاع من المفهوم التّقليديّ الذي يجعل الوزن والعروض مهيمنين عليه، ورفض التّصوّر التّقليديّ الذي يطابق بين الوزن والإيقاع[8]، منْ أجل تأسيس نظريّة بديلة تحرّر الشّعر من المقولات السّائدة، وتسمح له بالتّجدّد والتّعدّد ومواكبة تطوّرات البحث العلميّ التي شهدها العصر الحديث[9]، وأخرج “ميشونيك” الإيقاع من مجال العلامة، وأدخله مجال الخطاب[10]، وانتقد أيضًا التّركيز على الجانب الشّفويّ (L’oralité) في الإيقاع[11]، وأكّد في الأخير أهميّة عنصر الذّاتيّة (La subjectivité) في الإيقاع معتبرًا أنّ الذّات الشّاعرة هي المسؤولة عنْ إبداع الإيقاع الشّعريّ الملائم لنصّها الشّعريّ، وكأنّه يذهب إلى الإقرار بكون الإيقاع هو مغامرة الذّات في عالم الكتابة، فـ“الإيقاع هو تشكّل الذّات في تاريخها، وهو غير قابل للانعكاس أو التّكرار، وغير قابل للجمع”[12]، لأنّ “لكلّ كاتب إيقاعه الخاصّ”[13]، و“سيكون لكلّ كاتب أسلوبه وإيقاعه، كما كان له صوته وطابعه”[14]. ولمّا كان الإيقاع معنًى للذّات فإنّه “يضع الشّعر في المغامرة التّاريخيّة للذّوات”[15]. فهو إذن تجارب مختلفة متعدّدة لا تقبل التّضييق والنّمذجة modélisation)).
أمّا أدونيس فهو منْ أشدّ الشّعراء والنّقّاد (لمساهماته النّظريّة في هذا المجال) العرب المعاصرين دفاعًا عنْ تحرير الإيقاع الشّعريّ منْ حصرة في دائرة الأوزان العروضيّة، والبحور الخليليّة، وعلم العروض بصفة عامّة، فإنْ كان قدامة بن جعفر يشدّد على أنّ الإيقاع يتأتّى من الوزن بقوله: “إنّ أوّل ما يُحتاج إليه في العبارة عن هذا الفنّ، معرفة حدّ الشّعر الحائز له عمّا ليس بشعر، […] من أنْ يقال فيه: إنّه قول موزون مقفّى يدلّ على معنى”[16]، ومثله يذهب حازم القرطاجنّي هذا المذهب بقوله: “الشّعر كلام موزون مقفّى من شأنه أنْ يُحبّب إلى النّفس ما قصد تحبيبه إليها، ويُكرّه إليها ما قصد تكريهه إليها”[17]، فإنّ أدونيس يرفض مثل هذه الآراء، ويعتبر أنّ في إلزام الشّاعر الحديث بالخضوع لتلك الأحكام القديمة ظلمًا كبيرًا يؤدّي إلى تضييق دائرة الإبداع الشّعريّ، وإغنائه بمزيد من التّجارب الذّاتيّة، معتبرًا أنّ تعريف الشّعر بالوزن أو الإيقاع العروضي لا معنى له، لأنّ هويّة الشّعر وجوهره يتجلّيان “في العالم الذي يؤسّسه، والرّؤى التي يكشف عنها، والآفاق التي يفتحها للحساسيّة وللفكر”[18]، ويؤمن إيمان الواثق بكون علم العروض، والأوزان العروضيّة التي أثبتها القدامى لنْ تكون عائقًا أمام إبداعات الشّعراء الجدد الذين همْ “في مرحلة انتقال من واحديّة المفهوم، إلى كُثاريّته، أو من الواحد الشّعريّ إلى المتعدّد الشّعريّ”[19]، فيتحقّق الخروج من الوحدة إلى التّعدّد، ومن التّشابه إلى الاختلاف، ولكنّ ذلك لا يعني بالضّرورة الخروج الكلّي عن الأنساق العروضيّة التّقليديّة، بلْ قد تكون منْ داخل تلك الأنساق نفسها بتعديل بعضها، والإضافة إليها.
وبناءً على ما تقدّم حول مسألة الإيقاع الشّعريّ، وعلاقته بالوزن أو الظّواهر العروضيّة عامّة، سيكون عملنا في هذا البحث المخصّص لاستجلاء التّشكيلات الإيقاعيّة المختلفة في قصيدة “المفرد الجمع” للشّاعر التّونسيّ حسين العوريّ.
- ظاهرة المزج بين البحور
تُعتبر ظاهرة المزج بين البحور الشّعريّة المختلفة في القصيدة الواحدة من أهمّ الظّواهر الفنّيّة التي ظهرت في القصيدة العربيّة الحديثة، وقدْ يعود ذلك إلى”طبيعة البحور الشّعريّة ذاتها، ولبناء الوزن في القصيدة العربيّة التي يمكن لإيقاعها أنْ يتسرّب منْ بحر لآخر، وأنْ يلجه بسهولة كبيرة“[20]، وهو ما سمح للنّصّ الشّعريّ بأنّ ينفتح على كلّ الممكنات الإيقاعيّة دون قيد أو شرط إلاّ ما يراه الشّاعر مناسبًا لقصيدته، ولحظته الشّعريّة، وحالته الشّعوريّة، حتّى “أصبح [النّصّ] يمثّل بنيةً حداثيّةً بما هي متعدّدة العلاقات المتواصلة باطنيًّا في مناخ إيقاعيّ معقّد، أصبح النّصّ باحثًا عنْ إيقاع اللّغة بنواميسه الخاصّة، تمتزج فيه إيقاعات الذّات بإيقاعات واقعٍ متحرّكٍ ومتغيّرٍ“[21]، فتمكّنت القصيدة الحداثيّة من التّحرّر من القيود العروضيّة التّقليديّة التي تلزم الشّاعر بها، وتجعل القصيدة سائرة على نموذج إيقاعيّ ثابت متكرّر لا فكاك منه، وأصبحت هذه القصيدة فضاءً تلتقي فيه ظواهر إيقاعيّة عروضيّة تقليديّة وحداثيّة، فهي تقليديّة بتوفّر التفعيلة الوزنيّة منْ جهة أولى، وهي حداثيّة لأنّها مزجت بين تفعيلات بحور عروضيّة مختلفة منْ جهة ثانية، باعتبار أنّها “تخلّت عن البحر العروضيّ ذي الشّكل الهندسيّ الثّابت والمصحوب ـ عادةً ـ برويّ واحد يتكرّر في نهاية كلّ بيتٍ“[22]، غير أنّها لمْ تتخلّ عن الوزن بصفة نهائيّة باعتبار أنّ “الوزن [هو] القاسم المشترك في الشّعر العربيّ، والرّابط السّرّيّ بين الحداثة والموروث“[23]، وباعتبار أنّ العروض الخليليّ يشكّل “أحد العناصر الأساسيّة المكوّنة والدّالّة في النّصّ الشّعريّ“[24]، وتُعدّ هذه الظّاهرة “في الشّعر الحرّ ظاهرةً قديمةً، ولعلّها أقدم الظّواهر ـ التي نذكرها ـ فيه، ففي بداية نظم الشّعر الحرّ كان الأوائلُ يحاولون نظم القصيدة مرسلة القافية، ومشتملة على عدّة بحور، على طريقة الشّعر الحرّ في انجلترا وأمريكا، ليتحرّروا منْ قيد القافية منْ ناحية، ولكيْ لا يتجمّدوا بالوزن في قوالب محدّدة له في القصيدة الواحدة“[25].
إنّ ذلك يعني أنّ شعراء الحداثة العربيّة متأثّرون بالشّعر الغربيّ الحديث، ومستلهمون بعض ما حاول شعراء الحداثة العربيّة الأولى في القرن الثّاني للهجرة إنجازه، لجؤوا إلى “استخدام التّنويعات الوزنيّة وسهولة الانتقال المتدرّج منْ وزن إلى آخر“[26]، و”استخدام أكثر منْ وزن في القصيدة الواحدة“[27]، حتّى بلغوا أحيانًا “الانتقال منْ سطر مؤسّس على تفعيلة إلى سطر آخر مؤسّس على تفعيلة أخرى“[28]، منْ أجل التّخلّص منْ سطوة الإيقاع العروضيّ التّقليديّ الذي يفرض عليهم قيودًا سارعوا إلى التّحرّر منْ بعضها، مشكّلين تشكيلات إيقاعيّة جديدة، والرّأي عندهم أنّه حين يتعارض “الإيقاع والوزن يضطرّ الوزن إلى كثير من التّغييرات“[29].
ويجد الباحث في قصيدة الشّاعر التّونسيّ حسين العوري “المفرد الجمع” هذه الظّاهرة الإيقاعيّة حاضرة بقوّة ووضوح، فقد تكوّنت هذه القصيدة منْ خمسة مقاطع فصل الشّاعر بين الواحد منها والآخر بثلاث نجمات (***)، وتكوّنت منْ مائة وستّ وخمسين تفعيلة (156ت)، وقد نظم الشّاعر مقطعيها الأوّلين على تفعيلة البحر المتدارك (فاعلن)، ووجدنا فيهما ثمان وعشرين تفعيلة (28ت) توزّعت على ثلاث صور وهي:
- فاعلن (/0//0): ثماني عشرة مرّة (18م).
- فَعِلُنْ (///0): سبع مرّات (7م).
- فاعلانْ (/0//00): ثلاث مرّات (3م).
أمّا المقاطع الثّلاثة الأخرى فقد اختار لها تفعيلة البحر الكامل (مُتَفَاعِلُنْ)، وقد وجدنا فيها مائة وثمان وعشرين تفعيلة (128ت) توزّعت على النّحو التّالي:
- مُتَفَاعِلنْ (///0//0): خمسون مرّة (50م).
- مُتْفَاعِلُنْ (= مُسْتَفْعِلُنْ (/0/0//0): ثلاث وستّون مرّة (63م).
- مُتَفَاعِلاَنْ (///0//00): تسع مرّات (9م).
- مُتْفَاعِلاَنْ (= مُسْتَفْعِلاَنْ (/0/0//00): ستّ مرّات (6م).
وسندقّق عمليّة الإحصاء في الجدول التّالي لنتبيّن كيفيّة حضور هذه الصّيغ التّفعيليّة المختلفة:
التّفعيلة | المقطع1 | المقطع2 | المقطع3 | المقطع4 | المقطع5 | المجموع | النّسبة المئوية |
فاعلن | 8 | 10 | 0 | 0 | 0 | 18 | 11.53% |
فَعِلُنْ | 5 | 2 | 0 | 0 | 0 | 7 | 04.48% |
فَاعِلَانْ | 2 | 1 | 0 | 0 | 0 | 3 | 01.92% |
مُتَفَاعِلُنْ | 0 | 0 | 24 | 14 | 12 | 50 | 32.05% |
متْفَاعِلُنْ (= مستفعلن) | 0 | 0 | 14 | 34 | 15 | 63 | 40.38% |
مُتَفَاعِلَانْ | 0 | 0 | 5 | 2 | 2 | 9 | 05.75% |
مُتْفَاعِلَانْ (= مستفعلانْ) | 0 | 0 | 2 | 2 | 2 | 6 | 03.84% |
أمّا إنْ أحصينا حضور تفعيلة المتدارك وحضور تفعيلة الكامل بصيغهما المختلفة، فسنحصل على النّتيجة التّالية، التي يبيّنها الجدول الموالي:
البحر | المقطع1 | المقطع2 | المقطع3 | المقطع4 | المقطع5 | المجموع | النّسبة المئوية |
المتدارك | 15 | 13 | 0 | 0 | 0 | 28 | 17.84% |
الكامل | 0 | 0 | 45 | 52 | 31 | 128 | 82.05% |
وهكذا كان حضور تفعيلتي البحرين في القصيدة:
إنّ قراءة هذا الجدول تبيّن لنا أوّلاً أنّ الشّاعر اعتمد بحرين مفردي التّفعيلة غير مزدوجين، وذلك يعود – محمود علي السّمّان – إلى “شيوع نظم الشّعر الحرّ في البحور ذوات الوحدات الموسيقيّة البسيطة، أيْ البحور ذوات التّفعيلة الواحدة التي تتكرّر في البحر“[30]، ويفسّر هذه الظّاهرة بسببين اثنين: “الأوّل أنّ اختلاف أجزاء الوحدة الموسيقيّة في البحور [المركّبة] لا يسمح بالانسيابيّة التي تتوافر في البحور ذوات التّفعيلة الواحدة لبساطة وحدتها الموسيقيّة، والثّاني أنّ عدم انسيابيّة هذه البحور بسبب اختلاف وحدتها الموسيقيّة من التّكرار في البيت الواحد الا بقدر محدود يقبله الذّوق، أمّا البحور ذوات التّفعيلة الواحدة فيسهل جريانها وانسيابها إلى عدد غير محدود من التّفعيلات“[31]، وهذا يعني أنّ الشّاعر حسين العوري لجأ إلى استعمال بحرين مفردي التّفعيلة لتلاؤمهما مع حالته النّفسيّة المنكسرة التي تتطلّب انسيابيّة التّعبير الصّوتيّ والوجدانيّ.
ويبيّن الجدول ثانيًا أنّ الشّاعر قد بدأ قصيدته باعتماد تفعيلة البحر المتدارك في المقطعين الأوّلين، ثم تخلّى عنها في المقاطع الثّلاثة الأخرى، ليتفوّق حضور تفعيلة الكامل على حضور تفعيلة المتدارك (17.84% 82.05%)، فانزلق الشّاعر من البحر المتدارك إلى الكامل، وتخلّى عن البحر الذي بدأ به، وكأنّ حضوره في القصيدة كان حضورًا شرفيًّا، وهذا التّعدّد الوزنيّ الذي يتجلّى في اعتماد بحرين مختلفين يغذّي الجانب الإيقاعيّ منْ جهة أولى، ويعبّر عن الحالة النّفسيّة المضطربة التي يعيشها الشّاعر باحثًا عنْ أدوات مختلفة للتّعبير عنْ أزمته النّفسيّة والوجوديّة، ولذلك ـ”تتآزر جميع المقاطع [في القصيدة] مكوّنة بناءً إيقاعيًّا أكثر تعقيدًا من القصيدة الغنائيّة ذات الصّوت الواحد، وهذ التّنوّع في الإيقاع القائم على تغيير التّفعيلة يؤدّي إلى بثّ التّنظيم الدّراميّ داخل القصيدة، وذلك منْ خلال تفاعل عناصرها الإيقاعيّة معًا، بالإضافة إلى ما تضفيه منْ جوّ نفسيّ وانفعاليّ يجعل القصيدة أكثر ثراءً وحيويّة“[32].
ويبيّن الجدول من النّاحية الثّالثة أنّ تفعيلة البحر الكامل لمْ تتفوّق على تفعيلة البحر المتدارك في القصيدة كلّها فحسب، وإنّما تفوّقت عليها أيضًا عدديًّا حين نقارن بين عدد حضورها في كلّ مقطع من المقاطع الثّلاثة التي حضرت فيها، بعدد حضور تفعيلة المتدارك في المقطعين الأوّلين معًا وفق المعادلات التّالية: (28 45 في المقطع الثّالث)، (28 52 في المقطع الرّابع)، و(28 31 في المقطع الخامس) فالمقاطع الثّلاثة الأخيرة كانت أطول من المقطعين الأوّلين لفظيًّا وصوتيًّا وتعبيريًّا ودلاليًّا، وكأنّ الشّاعر قد استردّ أنفاسه المضطربة، وتخلّص تدريجيًّا من الصّدمة، فهدأت نفسه، وأخذ يعبّر بهدوء وطلاقة عنْ أزمته في تلك المقاطع الشّعريّة الثّلاثة.
فكيف كان حضور البحرين (المتدارك والكامل) إجرائيًّا في القصيدة؟
- المتدارك
افتتح الشّاعر قصيدته – مثلما ذكرنا سابقًا – بإجرائها على تفعيلة البحر المتدارك في المقطعين الأوّلين، وقد “سّمّي هذا البحر بالمتدارك لأنّ الأخفش الأوسط تدارك به على الخليل الذي أهمله، ويُسمّى أيضًا “بالمتدارك” لأنّه تدارك البحر المتدارك، أيْ التحق به، وذلك لأنّه خرج منه بتقديم السّبب على الوتد“[33]، “وأكثر ما يصلح لإيراد نكتة أو محاكاة وقع مطر أو قعقعة سلاح أو زحف جيش“[34]، “واعتبره المجذوب رتيبًا جدًّا، ولا يصلح إلاّ للحركة الرّاقصة المجنونة، بينما يراه إبراهيم أنيس منسجم الموسيقى حسن الوقع في الآذان“[35]، و”هذا البحر قليل، بلْ نادر في الشّعر القديم، لكنّه أصبح شائعًا في العصر الحديث“[36]، “وازداد حضوره في الشّعر الحرّ“[37]، ولذلك أصبحنا “نلاحظ أنّ استعمال الشّعراء لهذا البحر في الشّعر الحرّ كثير جدًّا، ولعلّة يأتي في المرتبة الثّانية بعد الرّجز“[38]، وقد اهتمّ به شعراء الحداثة “ورفعوه عنْ سابق منزلته التي تتّصف بالخفّة و”الضّجيج”، وبدّلوا دوره الخفيض المستوى […] وصار الشّعراء بعد ذلك يدخلون قدرًا كبيرًا من الزّحاف على هذا الوزن“[39]، وقد أيّدت سلمى خضراء الجيّوسيّ هذا الرّأي لأنّ “تكرار فاعلنْ، فعْلنْ، فعِلنْ يمكن أنْ يُحدث نوعًا من النّشوة الموسيقيّة التي استغلّتها حلقات الذّكر الصّوفيّة“[40]، وقد لجأ إليه روّاد الشّعر الحرّ مستثمرين كلّ ممكناته الإيقاعيّة معتمدين “مختلف الأضرب في القصيدة الواحدة، وتسامحهم في الحشو في استخدام التّفعيلة الصّحيحة (فاعلنْ) والمخبونة (فعِلنْ) […] فضلاً عنْ أنّهم أباحوا في حشوه القبض (فاعلُ) بضمّ اللاّم“[41].
والجدول التّالي يبيّن نسبة حضور تفعيلة البحر المتدارك بصيغها المختلفة في القصيدة كلّها:
التّفعيلة | المقطع1 | المقطع2 | المقطع3 | المقطع4 | المقطع5 | المجموع | النّسبة المئوية |
فاعلن | 8 | 10 | 0 | 0 | 0 | 18 | 11.53% |
فَعِلُنْ | 5 | 2 | 0 | 0 | 0 | 7 | 04.48% |
فَاعِلَانْ | 2 | 1 | 0 | 0 | 0 | 3 | 01.92% |
المجموع | 15 | 13 | 0 | 0 | 0 | 28 | 17.94% |
وهكذا كان حضوره في القصيدة:
وبالعودة إلى القصيدة، واستنادًا إلى الشّواهد السّابقة، ندرك أنّ الشّاعر لجأ إلى هذا البحر لكونه كان في حالة الحزن الذي أطيق عليه بسبب حادثة موت أبيه، وهو يعبّر عن الصّدمة التي ألمّت به بسبب هذا الحدث الجلل، فالمرء في هذه اللّحظة النّفسيّة العنيفة سيشعر بدقّات القلب المتسارعة، وحركة اللّسان المتلعثمة، فتعبّر تفعيلة المتدارك سواء كانت سليمةً “فاعلن” أو مزحّفة “فَعِلُنْ” عنْ ذلك باعتبار محدوديّة مقاطعها، فالأولى تتكوّن منْ ثلاثة مقاطع (/0//0)، مقطع طويل منفتح، ومقطع قصير، ومقطع طويل منغلق، والثّانية تتكوّن منْ ثلاثة مقاطع أيضًا (///0)، ولكنْ فيها مقطعان قصيران، ومقطع طويل منغلق، وقد عبّر المقطع الأوّل عنْ ذلك بجلوس الشّاعر يناجي أباه مستذكرًا صوته يحتمي به ليعزّي نفسه، لاجئًا إلى عزمه يركبه ليواصل رحلته في الحياة، في قوله في المقطع الأوّل:
“لمْ أجدْ غير صوتك متّكأً وملاذًا
به أحتمي منْ رياح السّموم
لمْ أجدْ غير عزمك مركبة باتّجاه النّجوم“[42].
ويواصل الشّاعر في المقطع الثّاني مناجاة أبيه، ولكنْ بصيغة مختلفة، وبتعبير مغاير، لأنّه يسند الأفعال إلى أبيه بعد أنْ كان قد أسندها في المقطع الأوّل إلى نفسه، وكأنّه يرى أباه حيًّا يسمع ويفهم، إذْ يقول:
“أيّها المفرد الجمع..
لا تكترثْ للمرابين..“[43].
فيتكامل المقطعان الأوّل والثّاني، إذْ تُقصد الذّات الشّاعرة في الأوّل، وتُقصد ذات المخاطب في الثّاني، ويكوّنان شراكة بين ذات مخاطبِة ترثي، وذات مخاطَبة مرثية، فيعبّر الشّاعر إذنْ بتفعيلة المتدارك الرّخوة القصيرة المحدودة المقاطع عنْ ألمه لفقدان أبيه، فتفعيلة المتدارك بصيغها الإجرائيّة المختلفة (“فاعلن” و”فَعِلُنْ” و”فاعلانْ”) وتكرارها والمزاوجة بينها يعبّران عن التّقطّع الصّوتي الذي يعاني منه الشّاعر لحظة الإحساس بهول مصيبة فقدان الأب، ولحظة التّعبير عن تلك الفاجعة شعريًّا، فالصّوت المحدود المقاطع المتقطّع يعدّ بالفعل منْ الحالات النّفسيّة التي يعيشها منْ يصاب بصدمة فقدان أحد الأحبّة.
- الكامل
اعتبر بعض علماء العروض ونقّاد الشّعر أنّ الكامل سمّي يهذا الاسم “لكماله في الحركات، فهو أكثر البيوت حركات، وقيل لأنّه كمُل عن الوافر الذي هو الأصل في الدّائرة وذلك باستعماله تامًّا“[44]، والكامل مناسب “لأيّ غرض، ولهذا كثر وجوده في شعر القدامى والمحدثين، ويجود في الخبر أكثر منه في الإنشاء، وهو إلى الشدّة أقرب منه إلى الرّقّة […] والكامل اليوم قد احتلّ مكان الصّدارة في الشّعر العربيّ الحديث، وبذلك أنزل بحر الطّويل منْ عليائه“[45]، وأصبح من البحور المشهورة في تجربة الشّعر الحرّ[46]، “وكان أوّل البحور التي شاع استعمالها في الخمسينيّات” وخاصّة مع السّيّاب والبيّاتيّ“[47]، وقد يعود ذلك إلى أنّه “منْ أكثر بحور الشّعر العربيّ غنائيّة، ولينًا، وانسيابيّة، وتنغيمًا واضحًا، إلى جانب كونه يتألّف منْ وحدة صافيّة مفردة مكرّرة“[48]، ولذلك أقبل شعراء التّفعيلة عليهف“ـاستثمروا إيقاعه، وحلاوته، فنظموا فيه كثيرًا منْ تجاربهم الفنّيّة، فكان أكثر البحور استخدامًا في بداية الحركة“[49]، وهو ما جعل إبراهيم أنيس يعتبره مطيّة الشّعراء في العصر الحديث[50].
وقد حضر البحر الكامل في قصيدة حسين العوري في المقاطع الثّالث والرّابع والخامس بحسب ما يبيّنه الجدول التّالي:
التّفعيلة | المقطع1 | المقطع2 | المقطع3 | المقطع4 | المقطع5 | المجموع | النّسبة المئوية |
مُتَفَاعِلُنْ | 0 | 0 | 24 | 14 | 12 | 50 | 32.05% |
متْفَاعِلُنْ (= مستفعلن) | 0 | 0 | 14 | 34 | 15 | 63 | 40.38% |
مُتَفَاعِلَانْ | 0 | 0 | 5 | 2 | 2 | 9 | 05.75% |
مُتْفَاعِلَانْ (= مستفعلانْ) | 0 | 0 | 2 | 2 | 2 | 6 | 03.84% |
المجموع | 0 | 0 | 45 | 52 | 31 | 128 | 82.05% |
فكأنّ الشّاعر حسين العوريّ عمد إلى الانزياح الوزنيّ ولجأ إلى الانزلاق العروضيّ ليشكّل بنية إيقاعيّة مختلفة عن البنية الإيقاعيّة التّقليديّة، وهذا العمل مهمّ – عند بعض الدّارسين – لأنّ “منْ شأنه أنْ يُخرج التّصميم الموسيقيّ عن التّناسق والتّوازي الأقرب إلى الرّتابة“[51]، ويُعدّ “تنويعًا في موسيقى القصيدة يخفّف منْ سطوة النّغمات ذاتها التي تتردّد في إطار الوزن الواحد منْ أوّل القصيدة إلى أخرها“[52]، ويعبّر هذا التّنويع عن الحالة النّفسيّة للشّاعر إذْ يراوح بين السّرعة في (فاعلن وفعلن)، والبطء في (متفاعلن) ليعبّر التّوتّر والانفعال حينًا والتّراخي أحيانًا، والتّعبير عن انتقال الشّاعر منْ حيث حالتُه النّفسيّةُ بين الحدّة والهدوء، والسّرعة والبطء.
وهذا الرّسم البياني يبيّن ذلك:
إنّ هذا الانزلاق منْ تفعيلة المتدارك إلى تفعيلة الكامل مع ما يولّده من الخروج من السّرعة إلى البطء والتّراخي نجد ما يؤكّده منْ خلال الأصوات المعتمدة في القصيدة عبر المراوحة بين اعتماد المقاطع الطّويلة المنفتحة والمنغلقة، بنسب متقاربة جدًّا، ومثال ذلك في قول الشّاعر في بدلية المقطع الثّالث:
“وتجاوبتْ أصداء صوتك يا أبي:
“لا.. لا خيارْ
واصلْ غناءك لا خيارْ
قلْ للقصيدة حين تسفرُ عنْ مفاتن وجهها:
ولغُ الوطاوط في دمي
ونسوا الحقيقة.. قلْ لهم:
اللّيلُ آخرهُ نهارْ“[53].
فقد استعمل الشّاعر المقاطع الطّويلة في هذا المقطع ثلاثًا وثلاثين مرّة، وهي: جا/ بتْ/ صوْ/ يا/ بي/ لا/ لا/ يارْ/ وا/ صلْ/ نا/ لا/ يارْ/ قلْ/للْ/ صي/ حي/ تسْ/ عنْ/ فا/ وجْ/ ها/ علْ/ طا/ في/ مي/ سُلْ/ قي/ قلْ/ همْ/ الليْ/ آ/ هارْ.
أمّا المقاطع القصيرة فقد وظّفها تسعًا وثلاثين مرّة ، وهي: و/ ت/ و/ ء/ ت/ ك/ أ/ خ/ غ/ ء/ ك/ خ/ ق/ د/ ة/ ن/ ف/ ر/ م/ ت/ ن/ ه/ و/ ل/ و/ و/ ط/ د/ و/ ن/ ح/ ق/ ة/ ل/ ل/ خ/ ر/ ه/ ن.
وكأنّ الشّاعر بهذه المراوحة بين المقاطع القصيرة والمقاطع الطّويلة يعكس بالفعل حقيقة مقاطع تفعيلة الكامل (متفاعلنْ)، فهي تتكوّن منْ ثلاثة مقاطع قصيرة (مُ/تَ/عِ)، ومقطعين طويلين أحدهما منفتحٌ والآخر منغلقٌ (فَا/لُنْ)، أيْ إنّ المقاطع القصيرة تتفوّق على المقاطع الطّويلة، وهو ما يعكس حقيقة حالة الشّاعر الصّوتيّة والوجدانيّة، إذْ يعبّر عنْ صوت المفجوع بموت أبيه، المتأّم الباكي، فنحن نعلم أنّ الباكي يجهش بالبكاء، فيكون صوته متقطّعًا يمتدّ أحيانًا ويقصرُ لأنّه يحاول الكفّ عن البكاء، وكتم حزنه فلا يستطيع لذلك سبيلاً.
غير أنّ تفوّق المقاطع القصيرة على المقاطع الطّويلة لا يمتدّ على كامل أجزاء القصيدة، لأنّ الشّاعر يخرج في بعضها عنْ التّفعيلة الرّئيسة للكامل (متفاعلنْ) ليعتمد التّفعيلة المزحّفة (مستفعلنْ)، فتكون المقاطع الطّويلة (مسْ/تفْ/لنْ) متفوّقة على المقاطع القصيرة، بلْ إنّ هذا التفعيلة تحتوي مقطعًا قصيرًا واحدًا (عِ) ، والمقاطع الطّويلة منغلقة، فنعود مرّة أخرى إلى تبيّن انحباس صوت الشّاعر وكأنّه يعود إلى البكاء مرّة أخرى، ولنثبت ذلك منْ خلال الأسطر الشّعريّة التّالية الواردة بالفقرة الثّانية من المقطع الثّالث:
“لا.. لمْ تمت
نحنُ امتدادك يا أبي
نحن السّلالة أينعت
منْ عزمك المجدول بالحبّ النّقيّ
كنّا.. ومازلنا على درب الوفا
نبني المحبّة مثلما علّمتنا
نأبَى الصَّغارْ“[54].
لقد بلغتْ المقاطع في هذه الفقرة الشّعريّة ثلاثًا وستّين مقطعًا (63م) بين طويلة وقصيرة، والمقاطع الطّويلة وردت اثنتين وأربعين مرّة (42)، هي: لا/ لمْ/ متْ/ نحْ/ نُمْ/ دا/ يا/ بي/ نحْ/ نُسْ/ لا/ أيْ/ عتْ/ منْ/ عزْ/ كلْ/ مجْ/ دو/ بلْ/ حبْ/ بنْ/ قي/ كنْ/ نَا/ ما/ زلْ/ نا/ لى/ درْ/ بلْ/ فا/ نبْ/ نلْ/ حبْ/ مثْ/ مَا/ علْ/ لمْ/ نَا/ نأْ/ بصْ/ غارْ، فكانت نسبة حضورها 66.66%، أمّا المقاطع القصيرة فقد اعتمدتْ إحدى وعشرين مرّة (21)، وهي: ت/ ت/ د/ ك/ أ/ س/ ل/ ة/ ن/ م/ ل/ ن/ و/ ع/ و/ م/ ب/ ة/ ل/ ت/ ص، فكانت نسبة حضورها 33.33%.
وممّا نتبيّنه في هذه الفقرة الشّعريّة أنّ المقاطع الطّويلة المنغلقة (لمْ/ متْ/ نحْ/ نُمْ/ نحْ/ نُسْ/ أيْ/ عتْ/ منْ/ عزْ/ كلْ/ مجْ/ بلْ/ حبْ/ بنْ/ كنْ/ زلْ/ درْ/ بلْ/ نبْ/ نلْ/ حبْ/ مثْ/ علْ/ لمْ/ نأْ/ بصْ/ غارْ) قد تفوّقت على المقاطع الطّويلة المنفتحة (لا/ دا/ يا/ بي/ لا/ دو/ قي/ نَا/ ما/ نا/ لى/ فا/ مَا/ نَا)، فالأولى اعتمدت ثمانٍ وعشرين مرّة (28) منْ مجموع المقاطع الطّويلة بنسبة 66.66%، وبنسبة بلغت 44.44% منْ مجموع المقاطع المعتمدة في الفقرة الشّعريّة، أمّا الثّانية فقد اعتمدتْ أربع عشرة مرّة (14) منْ مجموع المقاطع الطّويلة بنسبة 33.33%، وبنسبة بلغت 22.22% منْ مجموع المقاطع المعتمدة في الفقرة الشّعريّة، ونبيّن ذلك في الجدول التّالي:
المقاطع | العدد | النّسبة | |
المقاطع القصيرة | 21 | 33.33% | |
المقاطع الطّويلة | 42 | 66.66% | |
المقاطع الطّويلة | المنغلقة | 28 | 44.44% (في الفقرة كلها) |
المنفتحة | 14 | 22.22% (في الفقرة كلها) |
إنّ توزّع المقاطع على النّحو المبيّن أعلاه يبيّن ضعف حضور المقاطع القصيرة التي تعبّر عنْ السّرعة، وغلبة المقاطع الطّويلة التي تعبّر عنْ التّراخي والإبطاء، وتعبّر المقاطع المنغلقة عنْ انحباس صوت الشّاعر وهو يعبّر عنْ مدى تفجّعه بموت أبيه، وحزنه على فراقه، وكأنّه ينقل بالفعل صورة الباكي وهو يجهش بالبكاء، ويحاول في كلّ صوت التقاط أنفاسه المتقطّعة المنكسرة.
وبناءً على ما تقدّم ذكره نكتشف أنّ الشّاعر قد راوح بين تفعيلتي المتدارك (فاعلنْ) والكامل (متفاعلنْ) مع الإكثار منْ اعتماد تفعيلة الكامل المضمرة التي تتحوّل إلى (مستفعلنْ) فتدخل بنا إلى البحر الرّجز، والجمع بين هذه البحور الثّلاثة (إنْ جاز القول) في القصيدة يعود لتقارب التّفاعيل في كلّ منها، فتفعيلة الرّجز هي تفعيلة الكامل مضمرة، وتفعيلة المتدارك (فاعلن) هي تفعيلة الكامل محذوف منها سبب ثقيل (مُتَ+ فَاعِلُنْ //+/0//0)، وهي تساوي أيضًا تفعيلة الرّجز محذوف منها سبب خفيف (مُسْ+ تفْعِلُنْ /0+/0//0= فَاعِلُنْ= /0//0).
ويكون هذا العمل الذي أنجزه العوريّ في هذه القصيدة على مستوى الإيقاع منْ أجل نقل أجواء حالته الوجدانيّة المنكسرة، فقد بدأت القصيدة سريعةً بفعل مقاطع المتدارك المحدودة (فاعلنْ = ثلاثة مقاطع) لأنّ في المتدارك سرعةً ولهاثًا، ثمّ انحرفت إلى الإبطاء والتّراخي بفعل مقاطع الكامل الكثيفة سواء كانت “متفاعلن” (خمسة مقاطع)، أو “مُسْتفْعلنْ” (أربعة مقاطع)، وهو أيضًا تعبير حقيقيّ عنْ حالة منْ يفقد عزيزًا عليه، إذْ يصيبه الاضطراب في بداية تلقّي الخبر، ثمّ يلجأ إلى بعض الهدوء بعد ذلك حين يخفت وقع المصيبة عليه وتضعف آثار الصّدمة.
- المزج بين التّفعيلات
ليست ظاهرة المزج بين البحور هي الظّاهرة الوحيدة التي اخترقت البنية الإيقاعيّة للقصيدة العربيّة الحديثة، بلْ هناك ظاهرة أخرى مهمّة هي ظاهرة المزج بين التّفعيلات دون أنْ يؤدّي ذلك إلى الخروج عن البحر الأصلي، ومعنى ذلك أنّ الشّاعر يكثر منْ اعتماد الزّحافات في التّفعيلة الأصليّة، فيخرج بها إلى تفعيلة أخرى قريبة منها تصبح وكأنّها التّفعيلة الأصليّة لأنّ حضورها يفوق حضور التّفعيلة الأولى في القصيدة، أو في بعض مقاطعها وفقراتها، “ولذلك يلجأ الشّعراء إلى تنويع الإيقاع في التّفعيلة نفسها بإدخال ما يطيقون من الزّحافات“[55].
لكنّ بعض الشّعراء والنّقّاد رفضوا بشدّة هذه الظّاهرة الإيقاعيّة – وغيرها – التي أدخلها شعراء الحداثة على القصيدة العربيّة، ونظروا إليها باعتبارها “مؤامرةً لهدم اللّغة العربيّة، واتّهم أصحابها بأنّهم إنّما لجؤوا إلى هذا اللّون “الممزّق” من الشّعر لأنّهم عاجزون عن الشّعر الجزل ذي الشّطرين“[56]، واعتبروها “بدعة سيّئة النّيّة غرضها هدم الشّعر العربيّ“[57]، وقد مثّل محمود عبّاس العقّاد زعيم رافضي هذه الظّاهرة[58]، إضافةً إلى الشّاعرة العراقيّة نازك الملائكة التي اعتبرت هذه الظّاهرة المستحدثة “مرضًا شاع شيوعًا فادحًا في الشّعر الحرّ“[59]، واعتبرته المسؤول”إلى حدّ كبير عنْ شناعة الإيقاع والنّثريّة“[60].
ولمْ يكنْ الشّاعر حسين العوري في هذه القصيدة في مأمنٍ منْ اعتماد هذه الظّاهرة الإيقاعيّة في قصيدته “المفرد الجمع” والتي كنّا قد ذكرنا أنّه بناها في مقطعيها الأوّلين على تفعيلة البحر المتدارك، وفي مقاطعها الثّلاثة المتبقّية على تفعيلة البحر الكامل، فأين كان المزج بين التّفعيلات في هذه القصيدة؟
لقد توفّر المزج بين التّفعيلات في هذه القصيدة في المقاطع الثّالث والرّابع والخامس، وذلك من خلال كثرة خروج الشّاعر عن التّفعيلة الأصليّة للبحر الكامل (متفاعلن ///0//0) إلى التّفعيلة المضمرة (متْفَاعِلُنْ /0/0//0) وهي عروضيًّا مساوية لتفعيلة الرّجز (مستفعلن /0/0//0)، وإنْ كان التّزحيف من الصور العروضيّة الجائزة في تفعيلة الكامل، فإنّنا نعتقد أنّ الإكثار من الخروج عنها إلى تفعيلة الرّجز يُعدّ مزجًا بين تفعيلتي البحرين، وذلك باعتبار أنّ علماء العروض القدامى الذين أجازوا الزّحاف قد استكرهوا الإكثار منه، والجدول الموالي يثبت تفوّق حضور تفعيلة الرّجز (مستفعلن) (53.90%) على حضور تفعيلة الكامل (متفاعلن) (46.09%)، إضافةً إلى التّفعيلة الأصليّة المضاف إليها سبب خفيف “مُتَفاعِلاَتنْ” في آخرها، وقد أعطانا الإحصاء النّتائج التّالية:
المقطع التفعيلة | المقطع3 | المقطع4 | المقطع5 | المجموع | النّسبة المئوية |
مُتَفَاعِلُنْ | 24 | 14 | 12 | 50 | 39.06% |
متْفَاعِلُنْ (= مستفعلن) | 14 | 34 | 15 | 63 | 49.21% |
مُتَفَاعِلَانْ | 5 | 2 | 2 | 9 | 07.03% |
مُتْفَاعِلَانْ (= مستفعلانْ) | 2 | 2 | 2 | 6 | 04.68% |
وحين نجمع بين متفاعلنْ ومتفاعلان منْ جهة، ومستفعلن ومستفعلانْ منْ جهة أخرى نحصل على النِّسَبِ التّالية:
المقطع التّفعيلة | المقطع3 | المقطع4 | المقطع5 | المجموع | النّسبة المئوية |
مُتَفَاعِلُنْ + مُتَفَاعِلَانْ | 24+ 5 | 14+ 2 | 12+ 2 | 59 | 46.09% |
متْفَاعِلُنْ (= مستفعلن) + مُتْفَاعِلَانْ (= مستفعلانْ) | 14+ 2 | 34+ 2 | 15+ 2 | 69 | 53.90% |
ويبدو لنا أنّ خروج الشّاعر منْ تفعيلة “فاعلاتن” إلى تفعيلة “مستفعلن” أمر عاديّ ومقبول من النّاحية العروضيّة باعتبار أنّ “البحر الكامل يحتوي في تشكيلاته الوزنيّة على تفعيلة الرّجز، وذلك بتسكين المتحرّك الثّاني وهو ما يُسمّى في علم العروض بالإضمار“[61]، إضافةً إلى أنّ هاتين التّفعيلتين تتجاوران في بحور كثيرة، إذْ تشكّلان معًا الوحدة العروضيّة للبحر الخفيف (فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن)، والبحر المجتثّ (مستفعلنْ فاعلات)، والبحر المنسرح (مستفعلن فاعلاتُ مفتعلُ)، وكأنّ الشّاعر يعمل في مستوى المنجز الإيقاعيّ منْ داخل التّراث لا منْ خارجه فحسب، فـ”العمل على هذه الأجزاء، بما فيها العمل المتعلّق بالتّفعيلة، يعتمد التّراث، لا يهدمه بل يطوّره، ينطلق منْ أسس له ليكوّن المختلف عنه“[62]، ومن المؤكّد أنّ الخروج من تفعيلة الكامل إلى تفعيلة الرّجز، أوْ لنقلْ الإكثار من تفعيلة الرّجز على حساب تفعيلة الكامل الأصليّة أصبح من الظّواهر الإيقاعيّة المألوفة في الشّعر العربيّ الحديث، والانتقال من الكامل إلى الرّجز “ليس تحوّلاً في حقيقة الإيقاع وجوهره، أو انقلابًا أحدثه الشّاعر بقدر ما هو تحوّل بسيط، أو اهتزاز خفيف في طبيعة الإيقاع، وهذا يمثّل ضربًا من انعكاس الحالات النّفسيّة لدى الشّاعر عند اللّحظات التي كتبت فيها“[63] القصيدة، ومنْ شأن ذلك “أنْ يُخرج التّصميم الموسيقيّ عن التّناسق والتّوازي الأقرب إلى الرّتابة“[64]، ويصبحُ “تنويعًا في موسيقى القصيدة يخفّف منْ سطوة النّغمات ذاتها التي تتردّد في إطار الوزن الواحد منْ أوّل القصيدة إلى أخرها“[65].
ولكنْ لماذا كثّف الشّاعر حضور تفعيلة الرّجز على حساب تفعيلة الكامل؟
لقد “أكّد الزّجّاج أنّ الرّجز يسهل في السّمع، ويقوم في النّفس“[66]، وهو “أسهل البحور الشّعريّة“[67]، و”الرّجز شاع استعماله في العصر الحديث بفضل تفعيلته ذات الإيقاع السّريع في اتّئاد ولا يبلغ لهاث المتدارك، ولا اتّئاد الكامل مثلاً، وهو وزن يلبّي التّعبير عنْ نفسيّة هذا العصر اللاّهث الشّارد الحيران“[68]، وقيل عنه أيضًا إنّه “حمار الشّعراء الجدد أيضًا، بلْ لعلّه يكون وسيلتهم المفضّلة التي لا تعدلها وسيلة أخرى لنظم شعرهم الحرّ“[69]، ومنْ هذه الشّواهد ندرك أنّ لجوء العوريّ إلى الإكثار منْ اعتماد تفعيلة الرّجز ليس مجرّد خروج عنْ تفعيلة الكامل عبر زحاف الإضمار، أو تماشيًا مع ما يسمح به علم العروض في تفعيلة هذا البحر، وإمكان الخروج أحيانًا عنْ صيغته النّظريّة إلى صيغة إجرائيّة تتعايش فيها تفعيلتا “متفاعلنْ” و”مستفعلنْ”، وإنّما هو عمل واعٍ مقصود، أو عمل شعريّ وجدانيّ لا شعوريّ فرضته اللّحظة الوجدانيّة، وأوجدته لحظة الكشف الشّعريّ، ويريد منْ خلاله الاستناد إلى تفعيلة الرّجز أكثر من الاستناد إلى تفعيلة الكامل لقدرتها على التّعبير عن اللّحظة الشّعريّة الوجدانيّة التي أفرزت القول الشّعريّ في هذ القصيدة، وهو ما نجد ما يبرّره في الفقرة الثّالثة من المقطع الشّعريّ الرّابع الذي يقول فيه الشّاعر:
“لا.. لمْ تمتْ
/0/0//0
مستفعلن
أجسادنا منْ صخر وادينا، ومنْ
/0/0//0*/0/0//*0/0/0//0
مستفعلن/ مستفعلن/ مستفعلن
عشب الحقول قلوبنا لكنّها البركان
/0/0//0*///0//0*/0/0//0*/0/0/
مستفعلن/ متفاعلن/ مستفعلن/ مستفعِ
حين على مشارف حقلنا يقف التّتار“[70].
/0*///0//0*///0//0*///0//00
لنْ/ متفاعلنْ/ متفاعلنْ/ متفاعلانْ
ففي أربعة أسطر شعريّة اعتمد الشّاعر إحدى عشرة تفعيلة، جمع فيها بين التّفعيلة الأصليّة متفاعلنْ، والتّفعيلة المضمرة مُتْفَاعِلنْ وهي مثلما ذكرنا تساوي “مستفعلنْ”، ولكنْ حين تتفوّق المضمرة على الصّحيحة (7 مستفعلنْ 4 متفاعلن) لا يمكن أنْ نقول إنّ ذلك العمل هم مجرّد انحراف عن التفعيلة الأصليّة عبر رخصة الزّحاف المجوّزة في علم العروض، وإنّما تصبح ذات دلالة إيقاعيّة، وذات قيمة دلاليّة، فتفعيلة الرّجز(مستفعلن) هي بين السّرعة والإبطاء، وهي بين سرعة المتدارك وتراخي الكامل، فتكون خير معبّر عنْ ذات الشّاعر التي تصارع لحظة تلقّي خبر موت الأب، فهي في حالة وجدانيّة منكسرة، وفي حالة وجوديّة قاتمة لأنّها ترى العالم فراغًا برحيل منْ سمّاه في عنوان القصيدة “المفرد الجمع”، فهي مفرد في شخصه، جمع في قيمته ومكانته، لأنّه رمز لحمة الأسرة، وجامع شملها، وذات الشّاعر بحسب هذه الفقرة الشّعريّة بين القوّة والشدّة والصّلابة منْ جهة أولى، وبين الضّعف واللّين والرّخاوة منْ جهة ثانية، وقد مثّل الصّخر والبركان والتّتار المعاني الأولى، ومثّل الوادي والعشب والحقول المعاني الثّانية، وكانت الأجساد كائنة بينهما تعاني آلام الفراق، وقد رفضت ذات الشّاعر المنكسرة في هذه اللّحظة الوجدانيّة التّراجيديّة الإقرار بموت أبيه لأنّه يراه حيًّا ممتدًّا في الزّمان، كائنًا في المكان بين حقولهم وواديهم.
- التدوير
يمثّل التّدوير بدوره إحدى الظّواهر الأخرى التي دخلت الشّعر العربيّ الحديث عبر بوّابة الشّعر الحرّ، وساهمت في توليد أنساق إيقاعيّة جديدة، وإنْ كان التّدويرمن”التّقنيّات القديمة التي كانت مستخدمةً في الشّعر العربيّ، [فإنّه] مع القصيدة الجديدة انفتح […] أمام استخدامات جديدة له، وأصبح أداةً فعّالة في جماليّات القصيدة“[71]، وبين التّدوير في الشّعر القديم والشّعر الحديث اختلاف جوهريّ، فهو”في العروض الموروث يعني اتّصال شطري البيت، واشتراكهما في كلمة واحدة، بين الشّطرين بحيث ينتهي الشّطر الأوّل في صدرها، ويبدأ الثّاني بعجزها“[72]، أيْ إنّه يتعلّق بالتّوزيع اللّفظيّ، أمّا في الشّعر الحديث فهو غير ذلك تمامًا لأنّه يتعلّق بالتّوزيع العروضيّ لا بالتّوزيع اللّفظيّ، منْ خلال تقسيم التّفعيلة الواحدة (أو بعض التّفعيلات) بين سطرين متتاليين، إنّه “انشطار التّفعيلة إلى جزأين لا الكلمة، فيكون أوّلهما في نهاية السّطر الشّعريّ وما تبقّى منها في بداية السّطر الذي يليه“[73]، أيْ إنّه يعني “اتّصال أبيات القصيدة بعضها ببعض، حتّى تصبح القصيدة بيتًا واحدًا، أو مجموعة محدودة من الأبيات المفرطة الطّول“[74]، ويتمّ التّعالق (La cohérence) العروضيّ أو الإيقاعيّ بين الأسطر الشّعريّة بعد أنْ كان الانفصال تامًّا بين الأبيات في القصيدة التّقليديّة العموديّة، أو حتّى القصيدة الحرّة التي رفض أصحابها التّدوير، فيكون التّدوير إذنْ “محاولة لإلغاء الوقفات العروضيّة في نهاية الشّطر أو السّطر، ودفع التّفاعيل العروضيّة في الانسياب والتّدفّق، محقّقةً إيقاعًا خاصًّا ونغمةً مميّزةً في السّطور المدوّرة“[75]، وقد يتأتّى هذا التّعالق الإيقاعيّ من التّعالق النّحويّ إذْ تقسّم الجملة النّحويّة بين سطرين أو أكثر، ويؤدّي ذلك بدوره إلى التّعالق الدّلاليّ، فنحصل بالتّدوير على التّآلف بين البنى النّحويّة والإيقاعيّة والدّلاليّة، يمكّن الشّاعر منْ تحقيق “إضافة فنّيّة تتيح تدفّق الأداء متجاوزةً محدوديّة السّطر الشّعريّ وانغلاق المعنى عليه“[76]،
ورغم معارضة بعض روّاد الشّعر لهذه الظّاهرة مثل نازك الملائكة التي ترى أنّه “زيادة على كونه [التّدوير] يرهق القارئ الذي يركن في العادة إلى وجود وقفات موسيقيّة في نهاية الأبيات يلتقط عندها أنفاسه، يضعف الإيقاع العامّ في القصيدة، لأنّه يقضي على بعض عناصر هذا الإيقاع المتمثّلة في الوقفات الموسيقيّة عند نهاية كلّ بيت“[77]، فإنّ الشّعراء الحداثيّين “لمْ يستطيعوا تقبّل رأيها فدخلوا معها في نقاش عنيف […] فقد كانوا يعارضون بشدّة محاولتها فرض الحدود على حريّة الشّعراء في تناول البناء العروضيّ في القصيدة“[78]، وتحوّل التّدوير إلى ظاهرة مرتبطة بتجربة لشّعر الحرّ.
ومنْ هذه المنطلقات سننظر في تجلّيّات حضور التّدوير في قصيدة حسين العوري “المفرد الجمع”.
لقد لجأ العوريّ إلى التّدوير بين الأسطر الأربعة المشكّلة للمقطع الثّاني من القصيدة على هذا الشّكل:
السّطر الشّعريّ | التّقطيع العروضيّ | التّفعيلة |
“أيّها المفرد الجمع.. | /0//0*/0//0*/0/ | فاعلن فاعلن فاعِــــــــــ |
لا تكترثْ للمرابين.. | /0*/0//0*/0//0*/0/ | ــــــــــلُنْ فاعلن فاعلن فاعِـــــــــــ |
ليل الوطاويط مهما تطاول | /0*/0//0*/0//0*/0//0*// | ـــــــــلُنْ فاعلن فاعلن فاعلن فعِــــــــــــ |
يعقبه الفجر والفاتحون“[79]. | /0*///0*/0//0*/0//00 | ــــــــــلُنْ فعلن فاعلن فاعلان |
ويبدو منْ خلال هذا المقطع أنّ التّدوير جاء بسبب التّعالق اللّفظيّ والنّحويّ بين الأسطر الشّعريّة الأربعة باعتبار أنّها تمثّل فقرة نحويّة واحدة لا يمكن تجزئة مكوّناتها بسبب ارتباطه الدّلاليّ أيضًا، وخاصّة الارتباط النّحويّ بين السّطرين الأوّل والثّاني، وبين السّطرين الثّالث والرّابع، فكلّ سطرين يمثّلان جملة نحويّة واحدة، فالسّطر الأوّل منادى والسّطر الثّاني مضمون النّداء، فيكون النّص متكاملاً على هذا النّحو: أيها المفرد الجمع لا تكترث للمرابين، والسّطر الثّالث مبتدأ والسّطر الرّابع خبر، فيكون النّصّ على هذا النّحو: ليل الوطاويط مهما تطاول، يعقبه الفجر والفاتحون، بلْ إنّنا نزعم أنّ الأسطر الأربعة تمثّل نصًا نحويًّا واحدًا إذا ما أضفنا حرف الاستئناف (الفاء) في أوّل السّطر الثّالث ليصبح النّصّ على النّحو التّالي: أيها المفرد الجمع، لا تكترث للمرابين [ف] ليل الوطاويط مهما تطاول يعقبه الفجر والفاتحون، فيكون التّدوير بناءً على ذلك أمرًا مبرّرًا اعتماده لأنّ الفقرة كلّها تمثّل بينة نحويّة واحدة استوجبت أنْ تتبعها البنية الإيقاعيّة التي تلائم البنية الدّلاليّة الواحدة أيضًا.
وينطبق التّفسير نفسه على التّدوير الذي أجراه الشّاعر في الأسطر التّالية من المقطع الثّالث الذي بناه على تفعيلة الكامل، والتي يقول فيها:
السّطر الشّعريّ | التّقطيع العروضيّ | التّفعيلة |
“وأبي شموخ الطّرد، كان قصيدةَ | ///0//0*/0/0//0*///0/ | متفاعلن مستفعلن متفاعِــــــــ |
الفعل الخصيب | /0*/0/0//0*/ | ــــــــلُنْ مستفعلنْ مُــــــــــ |
ونغمة مازال ينشدها الصّغارْ”[80]. | //0//0*/0/0//0*///0//00 | ــــــتفاعلنْ مستفعلنْ متفاعلانْ |
فهذه الأسطر الشّعريّة الثّلاثة تمثّل جملة نحويّة واحدة تتشكّل على النّحو التّالي حين نكتبها بشكل مسترسلٍ: “وأبي شموخ الطّرد، كان قصيدةَ الفعل الخصيب، ونغمة مازال ينشدها الصّغارْ”، فيكون التّدوير متأتّيًا من البنية النّحويّة، خاضعًا لها، وليس مجرّد تشكيل إيقاعيّ اعتباطيّ.
ورغم أنّ التّدوير متأتٍّ – مثلما ذكرنا – منْ خضوع الجملة الإيقاعيّة للجملة النّحويّة، ووجوب التّعالق بينهما، إذْ حين لا تتوقّف الجملة نحويًّا في السّطر الشّعريّ لا تتوقّف الجملة الإيقاعيّة، فيلجأ الشّاعر إلى إجراء ما يمكن تسميته بالجريان (L’écoulement) الإيقاعيّ، فإنّه في بعض الأسطر لمْ يكنْ متأتّيًا من هذا التّعالق، باعتبار أنّ الشّاعر كان بإمكانه أنْ يوزّع أجزاء الجملة النّحويّة على أسطر عديدة دون اللّجوء إلى التّدوير، بمعنى أنْ يجعل كلّ جزء شبه تامٍّ منها في سطر مستقلّ، فيكون التّدوير في هذه الحالة متأتّيًا منْ طريقة توزيع المقطع على فضاء الورقة وفق الدّفقة الشّعوريّة، وليس وفق البنية النّحويّة ومثالنا على ذلك الفقرة الثّالثة من المقطع الرّابع:
السّطر الشّعريّ | التّقطيع العروضيّ | التّفعيلة |
“لا.. لمْ تمتْ | /0/0//0 | مستفعلن |
أجسادنا منْ صخر وادينا، ومنْ | /0/0//0*/0/0//*0/0/0//0 | مستفعلن/ مستفعلن/ مستفعلن |
عشب الحقول قلوبنا لكنّها البركان | /0/0//0*///0//0*/0/0//0*/0/0/ | مستفعلن/ متفاعلن/ مستفعلن/ مستفعِــــ |
حين على مشارف حقلنا يقف التّتار“[81]. | /0*///0//0*///0//0*///0//00 | ــــلُنْ/ متفاعلنْ/ متفاعلنْ/ متفاعلانْ |
ولوْ أراد الشّاعر تجنّب التّدوير لجعل السّطرين الثّالث والرّابع بهذا التّوزيع:
“عشب الحقول قلوبنا،
لكنّها البركان حين على مشارف حقلنا يقف التّتار”.
فينتفي التّدوير باعتبار أنّ التّقطيع العروضي يكون على هذا الشّكل:
/0/0//0*///0//0*/0/0//0*
مستفعلن/ متفاعلن/ مستفعلن
/0/0//0*/0/0//0*///0//0*///0//0*///0//00
مستفعلنْ/ مستفعلنْ/ متفاعلنْ/ متفاعلنْ/ متفاعلانْ
وبناءً على ما تقدّم نستنتج أنّ حسين العوريّ أدرج التّدوير في قصيدته لسببين مختلفين، يتعلّق الأوّل بالجريان والتّعالق النّحويّ بين أجزاء الجملة الواحدة، أو الجمل المترابطة دلاليًّا، ومسايرة التّوزيع العروضيّ لهذا التّعالق ليتحقّق التّكامل بين البنيتين النّحويّة والإيقاعيّة، ويتعلّق الثّاني بالتّوزيع الطّباعيّ لأسطر القصيدة الذي ارتآه الشّاعر لنفسه، وهو توزيع لا يخضع إلاّ لمنطق الدّفقة الشّعوريّة التي أفرزت تلك القصيدة، أو ذلك المقطع الشّعريّ، وهذا ما يجرّنا إلى القول بأنّ “الشّاعر لا يريد الوقوف إلاّ حيث ينتهي المعنى“[82]، فالأمر في النّهاية موكول لـــ”فلسفة الحالة ورغبة الشاعر في خلق حالة متكاملة وممتدة دون توقف بفيض مشاعرها ودلالاتها“[83].
- أنظمة القافية
إذا كانت القصيدة العموديّة تلتزم بحسب القيود العروضيّة نظامًا محدّدًا صارمًا من القافية يخضع له كلّ الشّعراء، لأنّها تتكوّن منْ “عدّة أصوات تتكرّر في أواخر الأسطر أو الأبيات من القصيدة، فهي بمثابة الفواصل الموسيقيّة يتوقّع السّامع تردّدها ويستمتع بمثل هذا التّردّد الذي يطرق الآذان في فقرات زمنيّة منتظمة، وبعد عدد معيّن منْ مقاطع ذات نظام خاصّ يُسمّى الوزن“[84]، وهي “جزء إيقاعيّ متمّم للوزن ومساهم في ضبط نهايات الأبيات [وهي] ترنيمة إيقاعيّة خارجيّة، تضيف إلى الرّصيد الوزنيّ طاقةً جديدةً، وتعطيه نبرًا، وقوّة جرس، يصبّ فيها الشّاعر دفقةً، حتّى إذا استعاد قوّة نفسه بدأ منْ جديد“[85]، فإنّ قصيدة الشّعر الحرّ سعت إلى التّحرّر منْ هذا النّظام الذي اعتبره شعراؤها مانعًا لهم عنْ ممارسة حريّتهم الإبداعيّة، فأدّى ذلك إلى خلخلة ثبوتيّتها، ونمطيّتها، “إذْ دعا قسم من الشّعراء المحدثين إلى الاستغناء عن القافية لأنّها بنظامها وقوانينها تحدّ منْ حريّة الشّاعر الباحث عنْ أقصى حدود الحرّيّة في التّعبير“[86]، منْ أجل أنْ تبلغ القصيدة الحديثةَ “بعدًا من التّناسق والتّماثل يضفي عليه طابع الانتظام النّفسيّ والموسيقيّ والزمنيّ“[87]، وقد أفرزت هذه الدّعوة فقدان القافية طابعها الإلزاميّ، وتحوّلت إلى ظاهرة إيقاعيّة قابلة للتّعدّد، غير ملتزمة بأيّ نظام ثابت[88]، فكان تفاوت الشّعراء “في مدى الالتزام بالقوافي أو التّنويع في تشكيلاتها تبعًا لأمزجتهم ورؤيتهم الشّعريّة“[89]، غير أنّ التّعدّد والتّنّوّع والتّحرّر من القافية الموحّدة الملزمة “لا يعني أنّ الشّاعر الحديث قد تخلّص نهائيًّا منْ القافية، فالقافية لا تزال قائمة في هذا الشّعر ولكنْ بمفهوم آخر غير المفهوم الذي عُرفت به في إطار الموسيقى التّقليديّة“[90]، وقد أكّد “رومان جاكبسون” في هذا الإطار رفضه لحصر القافية في بعدها الصّوتيّ، مؤكّدًا بعدها الدّلاليّ باعتبار أنّ “القافية تستلزم بالضّرورة علاقةً دلاليّةً بين الوحدات التي تربط بينها“[91]، ويؤيّده في ذلك “جون كوهين” الذي يرى أنّ القافية “عنصر مستقلّ، صورة تُضاف إلى الصّور الأخرى، وظيفتها الحقيقيّة لا تظهر إلاّ إذا وُضعتْ في علاقة مع المعنى“[92].
وإنّ هذه الآراء، وغيرها كثير، تثبت “أنّ الوقفة العروضيّة أو القافية لمْ تعدْ مجرّد حِلية، أو لازمة لزومًا ضروريًّا، بلْ إنّها تجيء وفقًا للواقع النّفسيّ والانفعاليّ للشّاعر“[93]، فأصبحت القافية تؤدّي دورًا أساسيًّا على مستوى بنيتي القصيدة الإيقاعيّة والدّلاليّة، ودون ذلك فإنّ”القصيدة تفقد بذلك جزءًا مهمًّا منْ حيويّتها وقوّة أدائها“[94].
وبعيدًا عنْ الاختلافات النّظريّة حول مفهوم القافية، سنميل إلى اعتبار القافية هي حرف الرّويّ الأخير منْ كلّ بيتٍ، أو سطر شعريّ، فالرّويّ إذنْ هو “الحرف الذي تُبنى عليه القصيدة كلّها وتُنسب إليه“[95]، وهو الحرف الذي تسمّى القصيدة القديمة والتّقليديّة وهذا الرّأي يؤيّده الفراء بقوله: “القافية حرف الرّويّ لأنّه الحرف الذي تُنسب إليه القصيدة، فيقال قصيدة نونيّة وقصيدة عينيّة. وبرّر قطرب ذلك “بأنّ القائل يقول قافية هذه القصيدة (دالّ) أو (ميم)“[96].
إنّ تحرّر القافية في القصيدة العربيّة من النّمطيّة والثّبات، أدّى إلى ورودها في صيغ مختلفة، فنجد منْ حيث التّواتر القافية الموحّدة السّطريّة والجُمليّة والفِقَريّة والمقطعيّة، والقافية المرسلة وهي المتباعدة التي لا تكاد تُلاحظ في القصيدة، والقافية المتحرّرة منْ أيّ مظهر تكراريّ، ونجد منْ حيث حركة الرّويّ القافية المقيّدة وهي ما كان رويّها ساكنًا، والقافية المطلقة وهي ما كان رويّها متحرّكًا، والقافية المزدوجة التي تدلّ على اجتماع النّوعين في القصيدة الواحدة.
فكيف كان حضور القافية في قصيدة حسين العوريّ “المفرد الجمع”؟
لقد اعتمد العوريّ التّنويع في نظام التّقفية سيرًا على منهاج شعراء التّفعيلة العرب، فجعل “الميمْ” السّاكنة في المقطع الأوّل قافيةً تتكرّر في السّطرين الثّاني والثّالث، ثمّ جعل “النّون” قافية المقطع الثّاني تتكرّر في السّطرين الثّاني والرّابع، ثمّ انصرف عنْ تكرار هذين الحرفين ليستقرّ على اعتماد حرف “الرّاء” قافية لبقيّة مقاطع القصيدة يكرّره في مدد مختلفة تتقارب حينًا وتتباعد أحيانًا.
وسنبيّن كيفيّة توزيع هذه القوافي الثّلاث في القصيدة منْ خلال الجدول التّالي:
القافية المقطع | الميم | النّون | الرّاء | المجموع | النّسبة المئوية |
المقطع1 | السّمومْ/ النّجوم | W | W | 2 | 10.00% |
المقطع2 | W | المرابين/ الفاتحون | W | 2 | 10.00% |
المقطع3 | W | W | خيارْ/ خيارْ/ نهارْ/ جدارْ/ الاخضرارْ/ الصّغارْ/ النّضارْ | 7 | 35.00% |
المقطع4 | W | W | القفارْ/ الثّمارْ/ الصّغارْ/ البركانْ/ التّتار | 5 | 25.00% |
المقطع5 | W | W | الصّغارْ/ قرارْ/ الجدارْ/ النّهارْ | 4 | 20.00% |
المجموع | 2 | 2 | 16 | 20 | 100% |
ولعلّ أهمّ ما يلاحظ حول تواتر حضور قافية حرف “الميم” أنّ الشّاعر اعتمده في السّطرين الثّاني والثّالث في مقطع ذي ثلاثة أسطر، وكأنّ المقطع يتكوّن منْ بيت ذي أسطر ثلاثة، أمّا بالنّسبة إلى قافية حرف “النون” الذي تواتر في المقطع الثّاني ذي الأسطر الثّلاثة، فإنّ الشّاعر اعتمده في السّطرين الثّاني والثّالث وكأنّ كلّ سطرين يمثّلان بيتًا واحدًا.
أمّا بالنّسبة إلى تواتر حضور حرف “الرّاء” قافيةً للمقاطع الثّلاثة الأخرى، فنلاحظ أنّ الشّاعر جعل هذه القافية منْ حيث تواترها بين أنْ تكون قافية جمليّة، وقافية مقطعيّة، فيتكرّر حرف “الرّاء” في آخر كلّ جملة أو فقرة، إضافة إلى المحافظة عليه في آخر كلّ مقطع شعريّ من المقاطع الثّلاثة الأخيرة، ومثال ذلك قوله في المقطع الثّالث من القصيدة:
“ولغ الوطاوط في دمي
ونسوا الحقيقة.. قلْ لهم:
اللّيل آخره نهارْ
..قل للبيادر أنْ تهيّء عرسها
بَرَدُ الوطاوط لا يعوق سنابلي
ولو استحال إلى جدارْ
سيراس حاضنتي الوفيّة أودعت
في خافقي سرّ الخصوبة والنماء
و”اللاّس” سرّ الاخضرارْ“[97].
وهذا الحرف الذي أختير منْ قبل الشّاعر ليكون قافية تتكرّر في تلك المقاطع الثّلاثة يكون قفلُ القصيدة في فقرتها الشّعريّة الأخيرة رغم أنّه لمْ يرد فيها إلاّ مرّة واحدة، وذلك ما هو ظاهر في قول الشّاعر:
“نحن امتدادك يا أبي
لا.. لمْ تمتْ
نحن السّلالة أثمرت
نحن النّهارْ“[98].
وقد جعل الشّاعر هذا الحرف يتكرّر وفق بنية هندسيّة متشابهة،ـ ووفق مدد إيقاعيّة زمنيّة مقاربة، إذْ يكرّره بعد مدّة أدناها سطرين، وأقصاها خمسة أسطر، فتكون قافيةً فِقريّةً إذْ تتكرّر في آخر كلّ فقرة نحويّة، ويتأخرّ ظهور القافية بحسب عدد مكوّنات الفقرة النّحويّة، وهو ما يجعلنا نقرّ بأنّ القافية في قصيدة العوري ليست مسألة صوتيّة تتكرّر في آخر الأسطر مثلما كان الأمر عليه في القصيدة التّقليديّة، أو المحاولات الأولى لشعر التّفعيلة حيث كن الشّعراء يحرصون على تكرار القافية في أواخر الأسطر بشكل متتابع أو شبه متتابع، وإنّما القافية عنده مرتبطة بالبنية النّحويّة والدّلاليّة، فلا تظهر القافية إلاّ حين يتمّ الشّاعر الفقرة النّحويّة، والمضمون الدّلاليّ، وبعد أنْ تنتهي الدّفقة الشّعوريّة، وهو ما يؤكّد أنّ البنية الصّوتيّة “تندمج مع البنية اللّغويّة الدّلاليّة اندماجًا كلّيًّا، وفي هذه المناطق يتدخّل الحسّ الصّوتيّ ليكون بديلاً للإيقاع المحفوظ، وهذا الحسّ يعتمد على “الحرفيّة” مدخلاً للإيقاع“[99]، ومثال ذلك ما نجده في الفقرة الأول من المقطع الرّابع:
1 “لا.. لم تمت
2 نحن البيادر والسّنابل يا أبي
3 يأوي إلى أفيائنا الخطاف كلّ هجيرة
4 كي يستظلّ بروحك المعطاء
5 منْ سغب [القفارْ]
6 نحن الحقول غمرتها بالحبّ حين فلحتها
7 نحن الزّياتين التي أطعمتها خبز المحبّة
8 حينما أودعتها حضن الثّرى
9 فتدافعت في الكفّ أعذاق [الثّمارْ]“[100].
ولنا الآن أنْ نتساءل عنْ سرّ اختيار الشّاعر هذه الحروف الثّلاثة لتكون قوافي قصيدته.
إنّ الحرف للحرف وظيفة دلاليّة لأنّه يسهم في التّعبير عن الغرض الذي يريد المتكلّم التّعبير عنه، غير أنّ هذه الوظيفة تُتجاوز في الخطاب الشّعريّ لأنّ الشّاعر يوظّفها بشكل رمزيّ يدعو إلى التّأويل، والحرف يمثّل في اللّغة “أصغر وحدة إيقاعيّة في المفردة الدّاخليّة في نسيج القصيدة الشّعريّة، ويكتسب في دخوله الشّعريّ قيمة إيقاعيّة مضافة منْ خلال الفاعليّات التي تنهض بها مجموعة الأصوات المتجانسة والمتناثرة، وهي تؤلّف موجّهات تقارب قيمًا مدلوليّة معيّنة“[101]، ورغم “اختلاف وجهات النّظر حول الحكم على دلالات الحروف التي تُعدّ الأكثر إثارة للجدل في الكشف عنْ دلالات النّصّ، سواءً منْ حيث البنية اللّغويّة، أو الرّؤية الفكريّة المتضمّنة إضمارًا تجريديًّا“[102]، فإنّنا نزعم أنّ للحروف دلالاتها التي لا يمكن غضّ النّظر عنها، وعنْ قيمتها الدّلاليّة أثناء تحليل القصيدة، وتأويل دلالاتها.
ورد حرف الميم قافية للمقطع الأوّل، وهو حرف “ينتمي إلى طبقتي اللّمسيّ والبصريّ بجدارة […] لطبيعة صوته ولغلبة معاني اللّمسيّات في المصادر التي تبدأ به منْ رقّة ولين وتماسك على معاني البصريّات منْ جمع وضمّ وقضم“[103]، ويدلّ الميم أيضًا الميم اللّيونة والمرونة، وهذه الدلالات مؤكّدة في المقطع الأوّل من القصيدة لأنّ الشّاعر يعبّر عنْ تفجّعه بموت أبيه، وآثار الصّدمة التي أصابت وجدانه، فراح يستذكر صوت أبيه ليحتمي به منْ آثار الفقد التي عبّر عنها ب”رياح ىالسّموم”، ويصبح الصّوت ذو الطّبيعة المسموعة إلى شيء محسوس يُدرك باللّمس لا بالسّمع، وكأنّ الشّاعر يبحث عنْ شيء ملموس يمسك به ليتشبّث بذكرى أبيه.
ثمّ اختار اشّاعر حرف النّون قافيةً للمقطع الثّاني، وهو بحسب حسن عبّاس على الألم والخشوع والأناقة والرّقّة والاستكانة والأنين، ويعتبر أنّ الدّلالات الصّوتيّة الصّادرة عن النّون “مستمدّة أصلاً منْ كونها صوتًا هيجانيًّا ينبعث من الصّميم للتّعبير عفوَ الفطرةِ عن الألم العميق (أنّ أنينًا)“[104]، بل إنّه ذهب إلى أكثر منْ ذلك فاعتبره “أصلح الأصوات قاطبة للتّعبير عنْ مشاعر الألم والخشوع“[105]، وأنزل “هذا الحرف في زمرة الحروف الشّعوريّة لا السّمعيّة وذلك لما يثيره صوته الرّنّان في النّفس منْ مشاعر الحنين والخشوع والألم الدّفين“[106]، وبناءً على ذلك نعتقد أنّ هذه المعاني ظاهرة جليّة في المقطع الثّاني من القصيدة، لأنّ الشّاعر يناجي أباه كأنّه حيّ لمْ يمتْ ليخفّف عنْ نفسه وطأة الصّدمة، ويحافظ على وجود أبيه حيًّا في وجدانه، حاضرًا في ذاكرته، راسخ المكانة في حياته، فيتحوّل في هذا المقطع من التّفجّع الذي عبّر عنه في المقطع الأوّل، إلى التّعبير عن التّعزّي:
“أيّها المفرد الجمع..
لا تكترث للمرابين..
ليل الوطاويط مهما تطاول
يعقبه الفجر والفاتحون“[107].
أمّا حرف الرّاء الذي سيطر على بقيّة القصيدة قافيةً فهو حرف “مجهور متوسّط الشّدّة والرّخاوة“[108]، ويدلّ على التّرجيع والتّكرار والحركة والرّخاوة و”الرّقّة والنّضارة والرّخاوة“[109]، و”منْ أبرز صفاتها الرّبربة أيْ التّحريك“[110]، وقد وجد شعراء الحداثة خاصّة ضالتّهم في “الرّاء” “فأقبلوا عليها واستثمرا الكثير منْ خصائصها ووظائفها، فكان نصيبها منْ قوافيهم أكثر منْ أيّ حرف آخر“[111]، ونعتقد أنّ البحث في ثنايا القصيدة يسعفنا دون عناء بالعثور على هذه المعاني التي يحلها حرف الرّاء، وذلك مثلاُ منْ خلال تكرار عبارة “لا.. ل تمت” خمس مرّات، باعتبار أنّ الشّاعر يرفض الإقرار بحقيقة رحيل أبيه عن الحياة الدّنيا، ثمّ نجد الحقل المعجمي المعبّر عن الألم والظّلمة والضّياع والشدّة، مثل دمي، واللّيل، والصّخور، وصخر، والبركان، والتّتار، لكنّ الشّاعر يستدرك نفسه، فيرفض الانحناء لحدث الموت، ويرفض الانهيار الوجداني، ويتمسّك بالصّبر والجلد والتّعزّي، لعبّر عن استمرار الحياة محافظًا على ذكرى أبيه، ومكانته في حياته، وذلك بيّن منْ خلال الحقل المعجميّ الذي اعتمده، ومنه نهار، والبيادر، وعرسها، وسنابلي، والوفيّة، والاخضرار، وعشب الحقول، وصتك نابض، والصّلوات، وشمعة، إضافة إلى تعزية نفسه بوجود أمّه الحبيبة الوفيّة التي تمثّل أهمّ ركن في البيت يحافظ على بقاء الأب خالدًا في الوجدان، ويمكن أنْ نؤكّد معاني الصّبر والعزم على مقاومة السّقوط الوجدانيّ بقول الشّاعر في هذه الفقرة الشّعريّة:
“لا.. لم تمت
“فعزيزة” الأمّ الحبيبة لم تزلْ
مثل الوفاء نقيّة..
وحفيّة بالله.. بالصّلوات
بالنّسل الصّغار
أمّي الحبيبة لم تزل نبعًا تحدّر
منْ تجاويف الجبال الشمّ، ليس له قرار
نبعًا من الحبّ المصفّى
شمعة في اللّيل تهدينا إذا انتصب الجدار“[112].
فيصبح الحرف ملتحمًا بذات الشّاعر، غير منفصل عنه، بلْ إنّ الحرف مفوّض عنها، ملتحم بها، ويُتّخذ سبيلاً إلى التّعبير عنْ ذاته الممزّقة بين الانكسار أمام حدث الموت، والانتصار عليه، فيراوح الشّاعر بين التّفجّع والتّألّم، والتّجلّد والتّعزّي، لكيْ يتمكّن منْ مواجهة مصيبة الموت، ولا يسمح لها بأنّ تؤدّي به إلى حالة من التشظّي الوجدانيّ، والفراغ الوجوديّ، وتلك في آخر المطاف وظيفة الشّعر بالنّسبة إلى الشّاعر باعتبار الشّعر أداة لمواجهة مصائب الحياة، وقضايا الوجود عامّة، ولأنّه – أحيانًا – “انعكاس لتجربة الشّاعر وموقفه الحقيقيّ من الحياة“[113].
- الخاتمة
إنّ هذا البحث الذي أجريناه على قصيدة حسين العوريّ “المفرد الجمع” يمكّننا منْ تحقيق ثلاث نتائج أساسيّة مهمّة، فالنّتيجة الأولى تتمثّل في انطلاق الشّاعر من أسس البنية الإيقاعيّة التّقليديّة للإيقاع الشّعريّ العربيّ، والمحافظة على بعض عناصرها منْ خلال الأوزان العروضيّة الموجودة في التّراث، وتفعيلاتها بصيغها المختلفة، وذلك عكس ما فعله شعراء قصيدة النّثر حين خرجوا خروجًا نهائيًّا عن الإيقاع الوزنيّ، أمّا النّتيجة الثّانية فتتمثّل في قدرة الشّاعر العوريّ على تمثّل ما جدّ في البنية الإيقاعيّة للقصيدة العربيّة الحديثة تجديد وانحراف وتنويع، وذلك عبر المزج بين بعض البحور الشّعريّة في القصيدة الواحدة، والمزج بين التّفعيلات، واعتماد التّدوير، وتنويع القوافي، وتوظيف حروفها للتّعبير عنْ ذاته الشّعرية في اللّحظة الشّعوريّة التي أنتجت القصيدة، وتتمثّل النّتيجة الثّالثة في كون البنية الإيقاعيّة التي ارتآها العوريّ لقصيدته تلتحم مع البنيتين النّحويّة والدّلاليّة، فلا يكون الإيقاع الشّعريّ مجرّد بناء خارجيّ يُفرض على الشّاعر الالتزام به كيْ تكون القصيدة شعريّة لا نثريّة، بما أنّ الذّائقة التّقليديّة تميّز بين الشّعر والنّثر بالإيقاع الوزنيّ، بلْ إنّ الإيقاع الشّعريّ في هذه القصيدة كان حمّال المعاني، مولّد الدّلالات، معبّرًا عن ذات الشّاعر المتفجّع، المتألّم، الذي يواجه محنة موت الأب، ويدعو نفسه إلى التّعزّي متمسّكًا بعناصر ظلّت محفورة في ذاكرته منْ صورة الأب الرّمز، وملامح “المفرد الجمع”، ويمكن أنْ تكون هذه القصيدة معبّرةً عنْ تجربة حسين العوريّ الوجوديّة التي يكون فيها من الشّهود، على قدرة الإنسان على مواجهة آلام الوجود، وكأنّ هذه المحنة رغم عظمتها عجزت عنْ أنْ تسقطه في حالة من الاغتراب والتّيه، وعجزت عنْ كسر كيانه، وإيقاف نزيف الحياة في وجدانه.
- المصادر والمراجع:
- المصدر:
العوريّ، حسين، ديوان “ليس لي ما أقولُ…“، مطبعة دار الشّباب للنّشر والتّوزيع، تونس 2006.
- المراجع:
- بالعربيّة:
- الكتب:
- أدونيس، الشّعريّة العربيّة، دار الآداب، بيروت، الطّبعة الأولى، 1985.
- أدونيس، سياسة الشّعر، دار الآداب، بيروت، الطّبعة الأولى، 1985.
- ابن جعفر (قدامة)، نقد الشّعر، تحقيق كمال مصطفى، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1963.
- إسماعيل (عز الدّين)، الأسس الجماليّة في النّقد العربيّ، دار الفكر العربيّ، القاهرة، 1992.
- إسماعيل (عز الدّين)، الشّعر العربيّ المعاصر، قضاياه وظواهره الفنّيّة والمعنويّة، دار العودة، بيروت، الطّبعة الثّالثة، 1981.
- أنيس (إبراهيم)، موسيقى الشّعر، دار القلم، بيروت، الطّبعة الرّابعة، 1972.
- البحراويّ (سيّد)، العروض وإيقاع الشّعر العربيّ، محاولة لإنتاج معرفة علميّة، الهيأة المصريّة العامّة للكتاب، القاهرة 1993.
- بكّار (يوسف)، بناء القصيدة في النّقد العربيّ القديم، دار الأندلس، بيروت، الطّبعة الثّانية، 1983.
- بوسريف (صلاح)، حداثة الكتابة في الشّعر العربيّ المعاصر، إفريقيا الشّرق، الدّار البيضاء، المغرب، 2012.
- الجوّة (أحمد)، بحوث في الشّعريّات، مفاهيم واتّجاهات، مطبعة التّسفير الفنّيّ، صفاقس (تونس)، 2004.
- الجيّوسيّ (سلمى الخضراء)، الاتّجاهات والحركات في الشّعر العربيّ الحديث، ترجمة عبد الواحد لؤلؤة، مركز دراسات الوحدة العربيّة، بيروت، لبنان، الطّبعة الثّانية، تشرين/ أكتوبر 2007.
- الخاتونيّ (موفّق قاسم خلف)، دلالة الإيقاع وإيقاع الدّلالة في الخطاب الشّعريّ الحديث، قراءة في شعر محمّد صابر عبيد، دار نينوى للدّراسات والنّشر والتّوزيع، دمشق، سوريا، 2013م/ 1434ه.
- خلّوصي (صفاء)، فنّ التّقطيع الشّعريّ والقافية، منشورات مكتبة المثنّى، بغداد، الطّبعة الخامسة، 1977.
- زايد (علي عشري)، عنْ بناء القصيدة العربيّة الحديثة، دار ابن سينا للطّباعة والنّشر والتّوزيع والتّصدير، القاهرة، 2002.
- زرقة (أحمد)، أصول اللّغة العربيّة، 1 أسرار الحروف، دار الحصاد للنّشر والتّوزيع، دمشق، الطّبعة الأولى، 1993.
- سالمان (محمّد علوان)، الإيقاع في شعر الحداثة، دراسة تطبيقيّة على دواوين فاروق شوشة ـ إبراهيم أبو سنّة ـ حسن طلب ـ رفعت سلاّم، دار العلم والإيمان للنّشر والتّوزيع، كفر الشّيخ، الطّبعة الأولى، 2008.
- السّمّان (محمود علي)، العروض الجديد، أوزان الشّعر الحرّ وقوافيه، دار المعارف بمصر، القاهرة، 1983.
- السّيّد (صبري إبراهيم)، أصول النّغم في الشّعر العربيّ، دار المعرفة الجامعيّة، الإسكندريّة، 1993.
- الصّبّاغ (رمضان)، في نقد الشّعر العربيّ المعاصر، دراسة جماليّة، دار الوفاء لدنيا الطّباعة والنّشر، الإسكندريّة، الطّبعة الأولى، 2002.
- الصّمّاديّ (امتنان عثمان)، شعر سعدي يوسف، دراسة تحليليّة، مطبعة الجامعة الأردنيّة، عمّان، الطّبعة الأولى، 2001.
- عبّاس (إحسان)، اتّجاهات الشّعر العربيّ المعاصر، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطنيّ للثّقافة والفنون والآداب، الكويت، فيفري 1978.
- عبّاس (إحسان)، اتّجاهات الشّعر العربيّ المعاصر، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1978.
- عبّاس (حسن)، خصائص الحروف العربيّة ومعانيها، منشورات اتّحاد الكتّاب العرب، دمشق، 1992.
- عبد المطّلب (محمّد)، النّصّ المشكل، الهيأة العامّة لقصور الثّقافة، القاهرة، كتابات نقديّة، 1998.
- عبّو (عبد القادر)، فلسفة الجمال في فضاء الشّعريّة المعاصرة، منشورات اتّحاد الكتّاب العرب، دمشق، الطّبعة الأولى، 2007.
- عبيد (محمّد صابر)، القصيدة العربيّة الحديثة بين البنية الدّلاليّة والبنية الإيقاعيّة، حساسيّة الانبثاقة الشّعريّة الأولى، جيل الرّوّاد والسّتّينات، منشورات اتّحاد الكتّاب العرب، 2001.
- عبيد (محمّد صابر)، جماليّات القصيدة العربيّة الحديثة، منشورات وزارة الثّقافة السّوريّة، دمشق، 2005.
- العيّاشيّ (محمّد)، نظريّة إيقاع الشّعر العربيّ، المطبعة العصريّة، تونس، الطّبعة الأولى، 1976.
- العيد (يمنى)، في معرفة النّصّ، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، الطّبعة الثّالثة، 1985.
- الغذاميّ (عبد الله)، تشريح النّصّ، مقاربات تشريحيّة لنصوص شعريّة معاصرة، المركز الثّقافيّ العربيّ، الدّار البيضاء، المغرب، الطّبعة الثّانية، 2006.
- الغزالي (عبد القادر) ، قصيدة النّثر العربيّة: الأسس النّظريّة والبنيات النّصيّة، مطبعة تريفة، بركان، الطّبعة الأولى، 2007.
- فيتوح (عبد الفتّاح)، أيقونة الحرف وتأويل العبارة الصّوفيّة في شعر أديب كمال الدّين، منشورات ضفاف، بيروت، الطّبعة الأولى، 1437/ 2016.
- القرطاجنّي (حازم)، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تقديم وتحقيق محمّد الحبيب بلخوجة، دار الغرب الإسلاميّ، بيروت، لبنان، الطّبعة الثّانية، 1981.
- المقالح (عبد العزيز)، أصوات من الزّمن الجديد، دراسات في الأدب العربيّ المعاصر، دار العودة، بيروت، الطّبعة الأولى، 1980، ص95.
- الملائكة (نازك)، قضايا الشّعر المعاصر، منشورات مكتبة النّهضة، الطّبعة الثّالثة، 1967.
- النّصريّ (فتحي)، شعريّة التّخييل، قراءة في شعر سعدي يوسف، مسكلياني للنّشر والتّوزيع (تونس)، الطّبعة الأولى، 2008.
- النّويهيّ (محمّد)، قضيّة الشّعر الجديد، المطبعة العالميّة، القاهرة، 1964.
- الوجيّ (عبد الرّحمان)، الإيقاع في الشّعر العربيّ، دار الحصاد للنّشر والتّوزيع، دمشق، الطّبعة الأولى، 1989.
- الورقيّ (السّعيد)، لغة الشّعر العربيّ الحديث، مقوّماتها الفنيّة وطاقاتها الإبداعيّة، دار المعارف، بيروت، الطّبعة الثّانية، 1983.
- يعقوب (إميل بديع)، المعجم المفصّل في علم العروض والقافية وفنون الشّعر، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان، الطّبعة الأولى، 1411، 1991.
- يونس (علي)، النّقد الأدبيّ وقضايا الشّكل الموسيقيّ في الشّعر الجديد، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، القاهرة، 1985.
- المترجمة:
- جاكبسون (رومان)، قضايا الشّعريّة، ترجمة محمّد الوليّ ومبارك حنون، دار توبقال للنّشر، الدّار البيضاء، المغرب، الطّبعة الأولى، 1988.
- كوهين (جون)، النّظريّة الشّعريّة، بناء لغة الشّعر، اللّغة العليا، ترجمة أحمد درويش، دار غريب للطّباعة والنّشر والتّوزيع، القاهرة، 2000.
- المجلاّت:
- الجيّوسيّ (سلمى الخضراء)، مقال “الشّعر العربيّ المعاصرـ تطوّره ومستقبله“، مجلّة عالم الفكر، المجلّد الرّابع، العدد الثّاني، 1973، الكويت.
- نجّار (منال)، مقال: قراءة براغماتيّة مقاميّة لموسيقى القافية ورسمها، ديوان الأعشى أنموذجًا، مجلّة جامعة النّجاح للأبحاث (العلوم الإنسانيّة)، المجلّد31 (9)، 2017.
- عيد (رجاء)، القصيدة الجديدة بين التّجديد والتّجدّد، مجلّة فصول، المجلّد15، العدد2، صيف 1985، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، القاهرة.
بالفرنسيّة:
Jean Molino, Joëlle Gardes-Tamine, Introduction à l’analyse de la poésie, Presses Universitaires de France, Paris, 2eme édition, 1987,tome1.
HENRI MESCHONNIC, Les états de la poétique, Edition Presses Universitaires de France, 1985.
HENRI MESCHONNIC, Critique du rythme, Anthropologie historique du langage, Edition Verdier, 1975.
[1] ـ وردت قصيدة “المفرد الجمع” في ديوان “ليس لي ما أقولُ…“، الصّادر عن مطبعة دار الشّباب للنّشر والتّوزيع، تونس 2006، من الصّفحة 35 إلى الصّفحة 38.
[2] ـ أحمد الجوّة، بحوث في الشّعريّات، مفاهيم واتّجاهات، مطبعة التّسفير الفنّيّ، صفاقس (تونس)، 2004 ص92.
[3] ـ انظر:Jean Molino, Joëlle Gardes-Tamine, Introduction à l’analyse de la poésie , Presses Universitaires de France, Paris, 2eme édition, 1987,tome1, p32, 33.،
[4] ـ نظريّة إيقاع الشّعر العربيّ، المطبعة العصريّة، تونس، الطّبعة الأولى، 1976،ص17.
[5] ـ العيّاشيّ، المرجع نفسه، والصّفحة نفسها.
[6] ـ انظر: HENRI MESCHONNIC , Les états de la poétique, Edition Presses Universitaires de France, 1985, p85.
[7] ـ Ibid, p85.
[8] ـ انظر: HENRI MESCHONNIC, Critique du rythme, Anthropologie historique du langage, Edition Verdier, 1975, p69.
[9] ـ عبد القادر الغزالي، قصيدة النّثر العربيّة: الأسس النّظريّة والبنيات النّصيّة، مطبعة تريفة، بركان، الطّبعة الأولى، 2007.ص ص148، 149.
[10] ـ انظر: المرجع نفسه، ص70.
[11] ـ انظر: المرجع نفسه، ص93.
[12] ـ MESCHONNIC, Critique du rythme, p85
[13] ـ Ibid, p85
[14] ـ Ibid, p86
[15] ـ Ibid, p90
[16] ـ نقد الشّعر، تحقيق كمال مصطفى، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1963، ص15، فصل “حدّ الشّعر”.
[17] ـ منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تقديم وتحقيق محمّد الحبيب بلخوجة، دار الغرب الإسلاميّ، بيروت، لبنان، الطّبعة الثّانية، 1981، ص71.
[18] ـ أدونيس، سياسة الشّعر، فصل “ما الشّعريّة؟”، دار الآداب، بيروت، الطّبعة الثّانية، ص10.
[19] ـ أدونيس، المرجع نفسه، ص12.
[20] ـ صلاح بوسريف، حداثة الكتابة في الشّعر العربيّ المعاصر، إفريقيا الشّرق، الدّار البيضاء، المغرب، 2012، ص129.
[21] ـ عبد القادر عبّو، فلسفة الجمال في فضاء الشّعريّة المعاصرة، منشورات اتّحاد الكتّاب العرب، دمشق، الطّبعة الأولى، 2007، ص25.
[22] ـ عبد الله الغذاميّ، تشريح النّصّ، مقاربات تشريحيّة لنصوص شعريّة معاصرة، المركز الثّقافيّ العربيّ، الدّار البيضاء، المغرب، الطّبعة الثّانية، 2006، ص149.
[23] ـ عبد العزيز المقالح، أصوات من الزّمن الجديد، دراسات في الأدب العربيّ المعاصر، دار العودة، بيروت، الطّبعة الأولى، 1980، ص95.
[24] ـ محمّد علوان سالمان، الإيقاع في شعر الحداثة، دراسة تطبيقيّة على دواوين فاروق شوشة ـ إبراهيم أبو سنّة ـ حسن طلب ـ رفعت سلاّم، دار العلم والإيمان للنّشر والتّوزيع، كفر الشّيخ، الطّبعة الأولى، 2008، ص56.
[25] ـ محمود علي السّمّان، العروض الجديد، أوزان الشّعر الحرّ وقوافيه، دار المعارف بمصر، القاهرة، 1983، ص156.
[26] ـ سلمى الخضراء الجيّوسيّ، الاتّجاهات والحركات في الشّعر العربيّ الحديث، ترجمة عبد الواحد لؤلؤة، مركز دراسات الوحدة العربيّة، بيروت، لبنان، الطّبعة الثّانية، تشرين/ أكتوبر 2007، ص671.
[27] ـ علي يونس، النّقد الأدبيّ وقضايا الشّكل الموسيقيّ في الشّعر الجديد، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، القاهرة، 1985، ص58.
[28] ـ عز الدّين إسماعيل، الشّعر العربيّ المعاصر، قضاياه وظواهره الفنّيّة والمعنويّة، دار العودة، بيروت، الطّبعة الثّالثة، 1981، ص102.
[29] ـ عزالدّين إسماعيل، الأسس الجماليّة في النّقد العربيّ، دار الفكر العربيّ، القاهرة، 1992، ص305.
[30] ـ محمود علي السّمّان العروض الجديد، أوزان الشّعر الحرّ وقوافيه ص ص36، 37.
[31] ـ محمود علي السّمّان، المرجع نفسه، ص86.
[32] ـ رمضان الصّبّاغ، في نقد الشّعر العربيّ المعاصر، دراسة جماليّة، دار الوفاء لدنيا الطّباعة والنّشر، الإسكندريّة، الطّبعة الأولى، 2002، ص188.
[33] ـ إميل بديع يعقوب، المعجم المفصّل في علم العروض والقافية وفنون الشّعر، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان، الطّبعة الأولى، 1411، 1991،ص117.
[34] ـ صفاء خلّوصي، فنّ التّقطيع الشّعريّ والقافية، منشورات مكتبة المثنّى، بغداد، الطّبعة الخامسة، 1977، ص195.
[35] ـ سيّد البحراويّ، العروض وإيقاع الشّعر العربيّ، محاولة لإنتاج معرفة علميّة، ص40.
[36] ـ إميل بديع يعقوب، المعجم المفصّل في علم العروض والقافية وفنون الشّعر، ص119.
[37] ـ سيّد البحراويّ، العروض وإيقاع الشّعر العربيّ، محاولة لإنتاج معرفة علميّة، ص40.
[38] ـ محمود علي السّمّان، العروض الجديد، أوزان الشّعر الحرّ وقوافيه، ص65.
[39] ـ سلمى الخضراء الجيّوسيّ، الاتّجاهات والحركات في الشّعر العربيّ الحديث، ص ص668، 667.
[40] ـ سلمى الخضراء الجيّوسيّ، المرجع نفسه، ص ص668، 669.
[41] ـ عبد الرّضا عليّ، موسيقى الشّعر العربيّ قديمه وحديثه، ص82.
[42] ـ الدّيوان، ص35.
[43] ـ المصدر نفسه، ص35.
[44] ـ إميل بديع يعقوب، المعجم المفصّل في علم العروض والقافية وفنون الشّعر، ص106.
[45] ـ صفاء خلّوصي، فنّ التّقطيع الشّعريّ والقافية، ص ص95، 97.
[46] ـ انظر: محمود علي السّمّان، العروض الجديد، أوزان الشّعر الحرّ وقوافيه، ص34.
[47] ـ سلمى الخضراء الجيّوسيّ، الاتّجاهات والحركات في الشّعر العربيّ الحديث، ص664.
[48] ـ عبد الرّضا عليّ، موسيقى الشّعر العربيّ قديمه وحديثه، ص44.
[49] ـ عبد الرّضا عليّ، المرجع نفسه، ص44.
[50] ـ انظر: إبراهيم أنيس، موسيقى الشّعر، دار القلم، بيروت، الطّبعة الرّابعة، 1972، ص206.
[51] ـ سلمى الخضراء الجيوسيّ، مقال “الشّعر العربيّ المعاصرـ تطوّره ومستقبله“، مجلّة عالم الفكر، المجلّد الرّابع، العدد الثّاني، 1973، الكويت، ص42.
[52] ـ يوسف بكّار، بناء القصيدة في النّقد العربيّ القديم، دار الأندلس، بيروت، الطّبعة الثّانية، 1983، ص172.
[53] ـ الدّيوان، ص ص35، 36.
[54] ـ الدّيوان، ص37.
[55] ـ محمّد النّويهيّ، قضيّة الشّعر الجديد، المطبعة العالميّة، القاهرة، 1964، ص ص168، 169.
[56] ـ إحسان عبّاس، اتّجاهات الشّعر العربيّ المعاصر، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطنيّ للثّقافة والفنون والآداب، الكويت، فيفري 1978، ص20.
[57] ـ نازك الملائكة، قضايا الشّعر المعاصر، منشورات مكتبة النّهضة، الطّبعة الثّالثة، 1967 ص51.
[58] ـ انظر” حسان عبّاس، اتّجاهات الشّعر العربيّ المعاصر، ص20.
[59] ـ قضايا الشّعر المعاصر، ص109.
[60] ـ قضايا الشّعر المعاصر، ص111.
[61] ـ محمّد علوان سالمان، الإيقاع في شعر الحداثة، ص68.
[62] ـ يمنى العيد، في معرفة النّصّ، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، الطّبعة الثّالثة، 1985، ص100.
[63] ـ محمّد علوان سالمان، المرجع نفسه، ص68.
[64] ـ سلمى الخضراء الجيوشيّ، مقال “الشّعر العربيّ المعاصرـ تطوّره ومستقبله“، مجلّة عالم الفكر، المجلّد الرّابع، العدد الثّاني، 1973، الكويت، ص42.
[65] ـ يوسف بكّار، بناء القصيدة في النّقد العربيّ القديم، دار الأندلس، بيروت، الطّبعة الثّانية، 1983، ص172.
[66] ـ محمّد علوان سالمان، الإيقاع في شعر الحداثة، ص67.
[67] ـ إميل بديع يعقوب، المعجم المفصّل في علم العروض والقافية وفنون الشّعر، ص87.
[68] ـ محمّد علوان سالمان، الإيقاع في شعر الحداثة، ص67.
[69] ـ محمّد علوان سالمان، المرجع نفسه، ص54.
[70] ـ الدّيوان، ص37.
[71] ـ رمضان الصّبّاغ، في نقد الشّعر العربيّ المعاصر، دراسة جماليّة، ص232.
[72] ـ علي عشري زايد، عنْ بناء القصيدة العربيّة الحديثة، دار ابن سينا للطّباعة والنّشر والتّوزيع والتّصدير، القاهرة، 2002، ص181.
[73] ـ موفّق قاسم خلف الخاتونيّ، دلالة الإيقاع وإيقاع الدّلالة في الخطاب الشّعريّ الحديث، قراءة في شعر محمّد صابر عبيد، دار نينوى للدّراسات والنّشر والتّوزيع، دمشق، سوريا، 2013م/ 1434ه، ص127.
[74] ـ علي عشري زايد، عنْ بناء القصيدة العربيّة الحديثة، ص182.
[75] ـ محمود علي السّمّان، العروض الجديد، أوزان الشّعر الحرّ وقوافيه، ص84.
[76] ـ رجاء عيد، القصيدة الجديدة بين التّجديد والتّجدّد، مجلّة فصول، المجلّد15، العدد2، صيف 1985، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، القاهرة، ص173.
[77] ـ علي عشري زايد، عنْ بناء القصيدة العربيّة الحديثة، ص183.
[78] ـ سلمى الخضراء الجيّوسيّ، الاتّجاهات والحركات في الشّعر العربيّ الحديث، ص ص663، 664.
[79] ـ الدّيوان، ص35.
[80] ـ الدّيوان، ص36.
[81] ـ الدّيوان، ص37.
[82] ـ سلمى الخضراء الجيّوسيّ، الاتّجاهات والحركات في الشّعر العربيّ الحديث، ص678.
[83] ـ امتنان عثمان الصمّادي، شعر سعدي يوسف، دراسة تحليليّة، مطبعة الجامعة الأردنيّة، عمّان، الطّبعة الأولى، 2001، ص271.
[84] ـ إبراهيم أنيس، موسيقى الشّعر، ص273.
[85] ـ عبد الرّحمان الوجيّ، الإيقاع في الشّعر العربيّ، دار الحصاد للنّشر والتّوزيع، دمشق، الطّبعة الأولى، 1989، ص71.
[86] ـ محمّد صابر عبيد، القصيدة العربيّة الحديثة بين البنية الدّلاليّة والبنية الإيقاعيّة، حساسيّة الانبثاقة الشّعريّة الأولى، جيل الرّوّاد والسّتّينات، منشورات اتّحاد الكتّاب العرب، 2001، ص87.
[87] ـ أدونيس، الشّعريّة العربيّة، دار الآداب، بيروت، الطّبعة الأولى، 1985، ص13 ص101.
[88] ـ انظر: فتحي النّصريّ، شعريّة التّخييل، قراءة في شعر سعدي يوسف، مسكلياني للنّشر والتّوزيع (تونس)، الطّبعة الأولى، 2008، ص135.
[89] ـ موفّق قاسم خلف الخاتونيّ، دلالة الإيقاع وإيقاع الدّلالة في الخطاب الشّعريّ الحديث، قراءة في شعر محمّد صابر عبيد، دار نينوى للدّراسات والنّشر والتّوزيع، دمشق، سوريا، 2013م/ 1434ه، ص92.
[90] ـ السّعيد الورقيّ، لغة الشّعر العربيّ الحديث، مقوّماتها الفنيّة وطاقاتها الإبداعيّة، دار المعارف، بيروت، الطّبعة الثّانية، 1983، ص242.
[91] ـ رومان جاكبسون، قضايا الشّعريّة، ترجمة محمّد الوليّ ومبارك حنون، دار توبقال للنّشر، الدّار البيضاء، المغرب، الطّبعة الأولى، 1988، ص46.
[92] ـ جون كوهين، النّظريّة الشّعريّة، بناء لغة الشّعر، اللّغة العليا، ترجمة أحمد درويش، دار غريب للطّباعة والنّشر والتّوزيع، القاهرة، 2000، ص102.
[93] ـ رمضان الصّبّاغ، في نقد الشّعر العربيّ المعاصر، دراسة جماليّة، دار الوفاء لدنيا الطّباعة والنّشر، الإسكندريّة، الطّبعة الأولى، 2002 ص236.
[94] ـ محمّد صابر عبيد، جماليّات القصيدة العربيّة الحديثة، منشورات وزارة الثّقافة السّوريّة، دمشق، 2005، ص136.
[95] ـ صبري إبراهيم السّيّد، أصول النّغم في الشّعر العربيّ، دار المعرفة الجامعيّة، الإسكندريّة، 1993، ص323.
[96] ـ منال نجّار، مقال: قراءة براغماتيّة مقاميّة لموسيقى القافية ورسمها، ديوان الأعشى أنموذجًا، مجلّة جامعة النّجاح للأبحاث (العلوم الإنسانيّة)، المجلّد31 (9)، 2017، ص ص1579، 1580.
[97] ـ الدّيوان، ص36.
[98] ـ الدّيوان، ص38.
[99] ـ محمّد عبد المطّلب، النّصّ المشكل، الهيأة العامّة لقصور الثّقافة، القاهرة، كتابات نقديّة، 1998، ص36، أورده عبد النّاصر هلال، قصيدة النّثر العربيّة بين سلطة الذّاكرة وشعريّة المساءلة، الانتشار العربيّ (د ت)، ص222.
[100] ـ الدّيوان، ص ص36، 37.
[101] ـ محمّد صابر عبيد، القصيدة العربيّة الحديثة بين البنية الدّلاليّة والبنية الإيقاعيّة، ص9.
[102] ـ عبد الفتّاح فيتوح، أيقونة الحرف وتأويل العبارة الصّوفيّة في شعر أديب كمال الدّين، ص34.
[103] ـ خصائص الحروف العربيّة ومعانيها، ص ص74، 75.
[104] ـ حسن عبّاس، خصائص الحروف العربيّة ومعانيها، ص160.
[105] ـ حسن عبّاس، المرجع نفسه، ص160.
[106] ـ حسن عبّاس، المرجع نفسه، ص163.
[107] ـ الدّيوان، ص35.
[108] ـ حسن عبّاس، خصائص الحروف العربيّة ومعانيها، ص83.
[109] ـ حسن عبّاس، المرجع نفسه، ص85.
[110] ـ أصول اللّغة العربيّة، 1 أسرار الحروف، دار الحصاد للنّشر والتّوزيع، دمشق، الطّبعة الأولى، 1993، ص127.
[111] ـ حسن عبّاس، خصائص الحروف العربيّة ومعانيها، ص93.
[112] ـ الدّيوان، ص38.
[113] ـ موفّق قاسم خلف الخاتونيّ، دلالة الإيقاع وإيقاع الدّلالة في الخطاب الشّعريّ الحديث، ص164.