أغذية التونسيين اليومية والاحتفالية في أواخر القرن 19 وبداية القر”الهدية أو الفوائد العلمية في العادات التونسية “لمحمد بن عثمان الحشايشين 20 من خلال كتاب: “الهدية أو الفوائد العلمية في العادات التونسية “لمحمد بن عثمان الحشايشي
The daily and festive foods of Tunisians in the late 19th and early 20th centuries through a book “The Gift in Tunisian Customs” by Muhammad bin Othman Al-Hashayshi
د. رشاد الأكحل/ برنامج التاريخ، قسم العلوم الإنسانية، كلية الآداب والعلوم، جامعة قطر.
Dr. Rached Lakhal/Humanities Department, CAS, Qatar University.
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الإنسانية والاجتماعية العدد 93 الصفحة 9.
Abstract:
This article aims to shed light on an important aspect of Tunisian life in the late 19th and beginning of the 20th century, which is nutrition, by focusing on food customs and traditions and introducing the most important dishes and foods they ate at that time and ways of preparing, storing and consuming them. In this work, we have relied on a major source, which is the book “The Gift or Scientific Benefits in Tunisian Customs” by its owner Muhammad Bin Othman Al-Hashaishy, in which most of the Tunisian customs and traditions are presented. We tried to select information related to food and categorize it into two sections: daily foods and festive foods, with an analysis of their symbolic dimensions and their economic, social and cultural implications.
This work enabled us to come to the following conclusions:
-The importance of food as a tool for measuring hierarchy within Tunisian society (urban, rural, and Bedouin) at the beginning of the twentieth century.
– The richness of the Tunisian food heritage as a result of the acculturation process and its absorption of external food influences.
– The connection of festive foods with the religious and social aspects and their role in strengthening the bonds of relations between individuals and groups.
Keywords: Nutrition, Food habits, Tunisia, Al Hashayshy, Daily life, Festivity, Dishes.
ملخص:
تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على جانب هام من حياة التونسيين في أواخر القرن 19 وبداية القرن 20 ألا وهو التغذية، وذلك من خلال التركيز على العادات والتقاليد الغذائية والتعريف بأهم الأطباق والأطعمة التي يتناولونها آنذاك وطرق إعدادها وتخزينها واستهلاكها، وقد اعتمدنا في هذا العمل على مصدر رئيسي هو كتاب “الهدية أو الفوائد العلمية في العادات التونسية” لصاحبه محمد بن عثمان الحشايشي الذي يعرض فيه أغلب العادات والتقاليد التونسية، وحاولنا انتقاء المعلومات المتعلقة بالأغذية وتبويبها في قسمين: أغذية يومية وأغذية احتفالية، مع تحليل أبعادها الرمزية ودلالاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
مكّننا هذا العمل من الوقوف على الاستنتاجات الآتية :
- أهمية الغذاء كأداة لقياس التراتبية داخل المجتمع التونسي (الحضر وأهل الريف والبدو) في بداية القرن العشرين.
- ثراء التراث الغذائي التونسي نتيجة عملية التثاقف واستيعابه للتأثيرات الغذائية الخارجية.
- – ارتباط الأغذية الاحتفالية بالجوانب الدينية والاجتماعية ودورها في تمتين أواصر العلاقات بين الأفراد والمجموعات.
الكلمات المفتاحية: تغذية، تونس، الحشايشي، الحياة اليومية، الاحتفالات، أطعمة، أطباق.
مقدمة :
لئن توفرت للباحثين في تاريخ التغذية في الغرب الإسلامي مدونة ثرية تضم عددا من كتب الطبخ تسمح بمعرفة أنواع الطعام و مكوناتها و طرق إعدادها و استهلاكها، فإنّ مؤرخي الفترة الحديثة والمعاصرة ضلّوا رهينة الوثائق الأرشيفية وما جادت به كتب الإخباريين والرحالة الأجانب من معلومات، وهي في أغلب الأحيانمعلومات مقتضبة وعرضية لا تُمكّن من الخروج بفكرة مستفيضة عن الحياة المادية للسكان ولا عن نظامهم الغذائي و كيفية تمثلهم للغذاء و مدى تقبّلهم للتأثيرات الغذائية الخارجية…و هذا النقص الفادح في المصادر يُفسّر في حدّ ذاته الإقبال المحتشم على هذا الميدان البحثي وقلّة الدراسات فيه[1].و في إطار المدّ الاستعماري الفرنسي، ظهرت في تونس في مطلع القرن العشرين دراسات ميدانية قام بها فرنسيون من أطباء ومختصين في علم النبات و علم الطبيعة والبيولوجيا وعلم الإناسة والإثنولوجيا تناولت بالدرس مختلف جوانب الحياة اليومية للسكان، و انكب اهتمام بعضهم مثل جاك فيهيل (Jacques Vehel) وجيل بوكي (Jules Bouquet) وإتيان بريناي (Etienne Brunet) وارنست قيستاف قوبار (Ernest-Gustave Gobert) على دراسة عادات وتقاليد التونسيين الغذائية في محاولة لتبيّن جذورها التاريخية و خصائصها الغذائيّة وطرق طبخها و فوائدها الصحيّة[2].
وفي هذا الإطار العام يتنزّل كتاب محمد بن عثمان الحشايشي”الهدية أو الفوائد العلمية في العادات التونسية” الذي ألفه سنة 1904 بهدف تعريف الأجانب بعادات التونسيين وتقاليدهم المتنوعة[3]، وهو كتاب ثري يتناول مختلف جوانب حياة الفرد والمجموعة ويُمكن الاستفادة منه لمعرفة حياة التونسيين الغذائية (الأطعمة اليومية والاحتفالية، أسعار المواد الغذائية وأسواق ومهن التغذية بتونس العاصمة) في مستهل القرن العشرين، ويخال القارئ لكتاب الهدية نفسه بأنه سائح يقوم بنزهة في أنحاء مدينة تونس، يتجول في شوارعها ويزور بيوتها و يدخل جوامعها و زواياها و يأكل في مطاعمها ويشرب في مقاهيها ويقتني ما طاب له من أسواقها الكثيرة و دكاكينها المنتشرة هنا و هناك.
وقد تطرق الحشايشي بالتفصيل إلى أغلب العادات التونسية مركزا على تونس العاصمة و ذلك “منذ بروزنا من الأرحام إلى أن نوضع في الرّغام”[4] حسب أطوار الحياة و تقلباتها مستعرضا أهم الممارسات الاجتماعية والمعتقدات والذهنيات السائدة آنذاك ومُبديا رأيه فيها أحيانا، لذلك يُمكن اعتبار كتاب “الهدية” مصدرا مهما لمؤرخي التغذية ودارسي التراث غير المادي، يُمكّنهم من الخروج بفكرة عامة حول أغذية التونسيين في بداية القرن العشرين، وهو ما نصبو إليه في هذا العمل التأليفي، بعد التعريف الموجز بالمؤلِف والمؤلَف في القسم الأول، حاولنا في القسم الثاني جمع وتبويب المعلومات المتوفرة حول الأغذية في محورين رئيسيين: يتضمن المحور الأول أغذية التونسيين اليومية في مستهل القرن العشرين مع تعريف للأطباق الرائجة آنذاك، ويتناول المحور الثاني الاحتفالاتالدينية والاجتماعية (الولادة، الختان، الزواج، الوفاة) وما يصاحبها من عادات غذائية، مع إبراز أبعادها الرمزية (الاجتماعية، الدينية، الثقافية…) ودورها في تمتين أواصر العلاقات الاجتماعية. ولم نكتفي خلال هذا العمل بالتعريفات التي قدمها الحشايشي أو مُحققي الكتاب بل حاولنا إثراءها بمعطيات مستقاة من كتب معاصريه ولاحقيه مثل جاك فيهيل وارنست قوبار.
I- الحشايشي وكتابه”الهدية أو الفوائد العلمية في العادات التونسية”: موسوعة تراثية لمؤلف متعدد الاختصاصات
1- محمد بن عثمان الحشايشي: بين التكوين التقليدي والانفتاح الحضاري
وُلد محمد بن الحاج عثمان بن الحاج محمد بن الحاج قاسم الحشايشي الشريف بتونس العاصمة في 26 رمضان 1269 للهجرة الموافق لـ12جوان 1853، وشب وترعرع في بيئة دينية وعلمية كان لها أثر كبير في تحصيله العلمي وتكوينه الثقافي والاجتماعي والمهني. فقد شغل جدّه خطة قاضي الفريضة[5] و خطة وكيل دار الباشا[6] بتونس في عهد حمودة باشا الحسيني (1782-1814)، أما والده عثمان الحشايشي فقد كان فقيها في العلوم الدينية و تولى خطة عدل فرائض بتونس وألف كتبا عُرف منها كتاب في علم التوثيق.
وتلّقى الحشايشي تكوينا تقليديا في الكتّاب القرآني حيث حفظ القران الكريم وتعلّم فنّ القراءات والنظم والنثر[7]، و بعد وفاة والده سنة 1867، كفله شقيقه الذي أعانه على مواصلة التعلّم وأدخله إلى جامع الزيتونة حيث أحرز شهادة التطويع[8]. كما كان للحشايشي شغف خاص بالأدب، فقد طالع أشعار العرب والمقامات وكتب التصوف والفلسفة الإسلامية، ويذكر المؤلف ولعه “بمطالعة علوم الأجانب ومحاوراتهم و الاختراعات والاستنباطات الوقتية حتى أني صرت أرتكبها في كثير من أشعاري التي تنيف على ستة آلاف بيت في أغراض شتى”[9].
و لم يكتفي الحشايشي بالتكوين على يد مشايخ الزيتونة، بل أنكبّ على توسيع آفاقه المعرفية من خلال تعلمه اللغتين الفرنسية و الايطالية والاطلاع على الثقافة و العلوم الأوروبية، إذ يذكر في سيرته بأنّه ” شديد الشغف بالدراسة، و قد خصّصت لها أغلب أوقاتي، وأعرف شيئا من اللغتين الايطالية و الفرنسية…و لي بعض المعلومات عن جغرافية أوروبا، و عن سياسة الدول الأوروبية، و عن التاريخ الحديث، أما المسألة التي تعلقت بها أكثر من غيرها فهي دراسة الطرق الكفيلة بتقريب الشقة بين الفرنسيين و العرب.”[10].
وإثر تخرّجه من جامع الزّيتونة، اهتم الحشايشي بالصّحافة التي كانت تخطو خطواتها الأولى في البلاد التّونسيّة، وحاول الإسهام في بعض الجرائد والمجلاّت بمقالات، فنشر في مجلّة السّعادة العظمى وجرائد الحاضرة والرّائد التونسي والزّهرة وغيرها، ولم تقتصر كتابات الحشايشي على المقالات بل عكف كذلك على التّأليف، فصنّف في الأدب والتّاريخ و علم الاجتماع كتبا تدل على غزارة إنتاجه و سعة اطلاعه، بعضها وُضعت استجابة لطلب كبار مسؤولي الحماية مثل الكاتب العام للحكومة برنار روا Bernard Royوالمقيم العام بول كامبون Paul Combon و وقعت ترجمتها إلى اللغة الفرنسية[11]. ويدّل كل ذلك على الحظوة التي كان يتمتع بها الحشايشي في الأوساط الاستعمارية المهيمنة على البلاد، وهي حظوة استحقها بثقافته الواسعة وحذقه للغة الفرنسية، في وقت لم يزدهر فيه التعليم وظلّ حكرا على الطبقات المترفة من السكان. و في إطار جهده للانفتاح على ثقافة الآخر، أسّس الحشايشي مجلة علمية عربية أطلق عليها اسم “الاستقبال”، الغاية منها حسب قوله “إبراز الاتحاد بين الجنسين و الالتئام بين العربي و الفرنسي في كل ما يجلب منفعة و يدرأ مفسدة”[12].
وشغل محمد بن عثمان الحشايشي خططا عديدة أولها كاتبا محررا لمقالات الشيخ محمد بيرم رئيس جمعية الأوقاف عند تأسيسها سنة 1874 ثم شاهدا عدلا على بعض الأوقاف بالحاضرة ثم مباشرا لأعمال القيس الفلاحي، وفي أواخر فيفري 1897 عُيّن متفقدا عاما لجميع خزائن الكتب بالجامع الأعظم و العبدلية.
وألّف الحشايشي عددا من الكتب والرسائل ضاع بعضها ونشر بعضها ولا يزال البعض الآخر مخطوطا مثل الدرة النقية في مقاصد الدولة الفرنسية (ألف سنة 1881 و طبع في باريس سنة 1883)، تاريخ جامع الزيتونة (حققه الجيلاني بن الحاج يحي و نشره المعهد القومي للآثار و الفنون بتونس سنة 1974، وأعيد طبعه بمؤسسات بن عبد الله بتونس سنة 1985)، الرحلة الصحراوية عبر أراضي طرابلس و بلاد التوارق (قدم لها وعلق عليها و راجع ترجمتها إلى العربية محمد المرزوقي و نشرته الدار التونسية للنشر سنة 1988)، الهدية أو الفوائد العلمية في العادات التونسية (دراسة و تحقيق الجيلاني بن الحاج يحي عن دار سراس للنشر، طبعة أولى سنة 1994 وطبعة ثانية سنة 1996 وطبعة ثالثة سنة 2004، كما حققه و قدمه الأستاذين أحمد الطويلي و محمد العنابي و نشرته المطبعة الرسمية بتونس سنة 2002).
توفي الحشايشي يوم الثلاثاء 3 ذي الحجة 1330 /12 نوفمبر 1912 عن عمر يناهز ستين سنة قضى جزءا كبيرا منها في التأليف والكتابة.
2- كتاب”الهدية أو الفوائد العلمية في العادات التونسية”: موسوعة تراثية حول العادات والتقاليد التونسية في مستهل القرن العشرين
من المهم التذكير بأنّ تأليف الحشايشي لكتاب حول العادات والتقاليد التونسية كان استجابة لطلب الكاتب العام الفرنسي للحكومة التونسية آنذاك برنار روا Bernard Roy، وأنّ الغاية منه “هو اطلاع الوافدين من الأوروبيين على عوائد أهل البلد حتى يتمكنوا من ربط العلائق المتينة معهم”[13].
ويجد المتصفح لكتاب الهدية معلومات مفيدة ومعارف متنوعة تتناول العادات المتعلقة بالصناعات والحرف ومختلف أوجه عيش التونسيين مع وصف عميق ودقيق ينّم عن معرفة المؤلف بأدق تفاصيل الأجواء التونسية والظروف المادية للسكان. ويحتوي الكتاب على مقدمة عامة في اختلاف العادات عند الشعوب وخمس عشر مقالة وخاتمة حول الإدارة التونسية في بداية القرن العشرين، وخصّص الحشايشي في ثنايا الكتاب حيّزا مهما للحديث عن العادات والتقاليد الغذائية اليومية و الموسمية وأنواع المأكولات و أسعارها و أسواقها و المهن المشتغلة فيها.
ويبرز جليّا من أسلوب الكتابة تأثر الحشايشي بالمنهج الخلدوني وميله إلى علم الاجتماع من خلال رواية العادات والتقاليد و تبسيطها و ذكر تفاصيلها و ترتيبها وأسبابها ومسبباتها وتعليل ممارسة التونسيين لها والبدع المستحدثة حولها، و قد صرح بذلك بكل وضوح في مقدمة كتابه بقوله:”…لا يخفى على كل لبيب أن الإنسان يشتاق بطبعه إلى الإحاطة بعلم أحوال سائر المخلوقات، و غرائزها، و ما هي عليه، خصوصا عوائد بني جنسه المكرم في الاجتماع و المعاش”[14].
وقد سلطت الباحثة فوزية الحشايشي تريمش -إحدى حفيدات الكاتب- الأضواء على المسار الثري والمتنوع للحشايشي من خلال كتبه ورحلاته التي استعمل فيها مقاربات متعددة الاختصاصات (تاريخية وجغرافية وٳثنية واقتصادية و اجتماعية، الخ) و بيّنت البعد الأنثروبولوجي في مصنفه و محاكاته أساليب البحث الإثنولوجي في دراسة المجتمع التونسي[15]، أمّا من الناحية التاريخية، فيُمكن اعتبار كتاب العادات والتقاليد التونسية معينا لا ينضب من المعلومات ومصدرا هاما لما احتواه من معطيات متنوعة مدعومة بجداول وأرقام وقائمات وتفاصيل متنوعة حول حياة التونسيين اليومية في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وهي فترة مميزة في تاريخ البلاد شهدت تحولات اقتصادية واجتماعية وثقافية هامة بعد إرساء أسس الهيمنة الاستعمارية، ولئن ألف الحشايشي كتاب الهدية في سنة 1904 إلا انه يعود في تحليله إلى فترة متأخرة (القرن التاسع عشر)، مستقيا معلوماته من مصادر عديدة مثل كتاب الإتحاف لابن أبي الضياف وصفوة الاعتبار لمحمد بيرم الخامس وأقوم المسالك لخير الدين التونسي ونزهة الأنظار لمحمد مقديش الصفاقسي، الخ، وبالتالي يمكن اعتماد المؤلَف كوثيقة تاريخية فريدة من نوعها وشاهدة على العصر.
وقد اعتمد الباحث لطفي عيسى في كتابه حول أخبار التونسيين، مراجعات في سرديات الانتماء والأصول على مدونة متنوعة من ضمنها كتاب الهدية بهدف غور بعض جوانب الشخصية التونسية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين والبحث في أخلاق التونسيين وطباعهم ومعاشهم وعاداتهم وأعمالهم اليومية والموسمية، وشدّد المؤلف على أهمية هذا الكتاب كمصدر أساسي لمعرفة الموروث الثقافي التونسي في أدّق تفاصيله و فهم الواقع المعيش واستكشاف خصوصيات العيش المشترك المتصلة بالعادات و المعتقدات والقيم والفنون والممارسات الاجتماعية وكيفية تمثّل التونسيين لها[16].
ونطمح من جهتنا في هذه العمل إلى المساهمة في هذا البناء المعرفي التراكمي وذلك بالتركيز على بعض مظاهر الحياة التونسيين الغذائية بالاعتماد على كتاب “الهدية”، مع محاولة إثراء ذلك بمعطيات مستقاة من كتب معاصريه ولاحقيه أمثال جاك فيهيل وارنست قوبار واتيان برناي، ودراسة أبعادها المتنوعة الاقتصادية والاجتماعية والأنثروبولوجية.
II- أغذية التونسيين اليومية في بداية القرن العشرين: بين ثقافة الادخار وسعة الإنفاق
- مؤسسة “العولة“: إحدى مقومات الهوية الغذائية التونسية
اقتداء بالمنهج الخلدوني في علم العمران البشري، ركز الحشايشي منذ المقدمة على إبراز المكانة الهامة التي يحتلها الغذاء في حياة الفرد والمجموعة، وكيف أنّ القوت أساس حياة الإنسان، وتحصيله من صميم الوجود البشري، واستحالة التماسه دون تعاون مع أبناء جنسه. فالإنسان غير قادر على القيام بكل الأعمال من زرع وحصد وطحن وعجن وطبخ بمفرده وهو يحتاج كذلك إلى صانعي الآلات والمواعين اللازمة[17].
ومن البديهي القول بأنّ الهمّ الأوّل للإنسان هو توفير حاجاته الأساسية من أكل و شرب وملبس وتحصيل القوت وادخاره لفترات لاحقة ، فتراه يعمل دوما على تصبير وتخزين كميات من الغذاء لاستهلاكها طوال السنة، مستغلا في ذلك وفرة الإنتاج و رخص الأسعار عند”الصابة”(المحاصيل)، و هو ما يُطلق عليه في البلاد التونسية بـ”العُولة” أو “المونة” أي الادخار الغذائي[18]، و قد خصّص الحشايشي فصلا كاملا للحديث عن عادة التونسيين في ادخار المؤن و طرق تخزينها، و هي عادة كانت حاضرة بقوة في التقاليد الغذائية التونسية لكنها ما فتئت تندثر اليوم لتترك مكانها تدريجيا لفائدة الوجبات الجاهزة والسريعة و محلات المطاعم و حتى خدمة الإيصال إلى المنزل[19].
ولعلّ اللافت للانتباه في حديث الحشايشي عن مؤسسة “العُولة” هو ربطه بين عملية الادخار الغذائي ونوع من التراتبيّة الاجتماعية حيث اعتبر عملية خزن المؤن إحدى ميزات “البلديّة” (المقصود هنا سكان الحاضرة، الأعيان) وأنّ “من لم يدخر المؤنة فهو ليس بلدي”، فالعولة حسب المؤلف عنصر من عناصر الهوية وأحد مقومات الانتماء إلى هذه الفئة الاجتماعية الراقية، و ضمن فئة “البلديّة” نفسها، يضيف الحشايشي تصنيفا آخر مرتبطا دوما بالعولة وهو صنف “البلديّة الحذاق النبهاء”، أي هؤلاء “الذين يدخرون كل شيء مما يلزم المنزل مثل الحطب، والفحم، والبصل الصيفي، والفلفل الشائح، والثوم، والجبن المملح، والمكانس، والسمن، والعسل، وسائر الحبوب، والبامية الشائحة، والملوخية، والأبزرة، وغير ذلك، بحيث أنّ البلدي لا يبقى له من النفقة إلا شراء اللحم وبعض الغلال الوقتية”[20].
ويوضح الحشايشي أنّ العولة هي عادة أهل المدن بالأساس وتتم في فصل الصيف (بعد موسم الحصاد) ولا تقتصر على المواد الأساسية فقط مثل الكسكسي[21] والبرغل[22] والمحمّص[23] والقدّيد[24]، بل تشمل كذلك الأبزرة[25] والفلفل المجفف وشرائح الطماطم المجففة والطماطم المعصورة والثوم والأجبان المملحة والسمن والعسل والملوخية والبصل والفحم والحطب وغير ذلك، ويقع تخزين كميات هامة في جرار وقلال وأزيار توضع في غرفة مخصصة للغرض يطلق عليها “بيت المونة” أو “بيت الخزين” أو “المقصورة “أو “الكمانية”[26]. وتختلف كمية المواد الغذائية المدّخرة وأنواعها من بيت إلى آخر حسب امتداد العائلة ودرجة ترفها.
ولئن حصر الحشايشي ممارسة “العولة” في فئة “البلديّة” المترفة دون غيرها، فإنّه يجب التوضيح أن العائلات المتوسطة الدخل تعمد هي الأخرى إلى خزن بعض المؤن لوقت الشدة مثل اللحوم المجففة والزيت والكسكسي والمحمص والقمح وغيرها، بينما تكاد تقتصر ثقافة الادخار عند الفئات الفقيرة والمهمشة على بعض المواد الأساسية نظرا لانعدام الموارد، ففي أطروحته حول الفقراء و المهمشين و الأقليات بمدينة تونس، يذكر عبد الحميد لرقش أن”مونة” هذه الفئة تقتصر على كمية بسيطة من المحمص والحمص والفول وجرة صغيرة من الزيت وكيس من البسيسة[27].
وحري بنا التأكيد هنا على أن العولة في المجتمعات القديمة هي إحدى طرق التأمين الغذائي وحسن التصرف في الموارد الاقتصادية المتاحة. وهنا لا بد من ذكر المثال الذي أورده محمد الصغير بن يوسف في كتابه المشرع الملكي في سلطنة أولاد علي التركي (كُتب في النصف الثاني من القرن الثامن عشر) والذي يصف فيه حياة ذلك الخيّاط الذي يأتي خصيصا إلى سوق بوسديرة لتقديم خدماته للعساكر التي تنزل بالمكان من ناحية والتزود بشتى المواد الغذائية الضرورية للعولة من ناحية أخرى: ” فما تأتي عليه أيام فحصل على دراهم فيبعثها إلى عياله فيكيلون قفيزا من القمح بثمانية ريالات…فتأخذ العيلة ما يكفيها من القمح مؤونة وغيرها، و يبعث لهم بشحم البقر يشتريه بالرخص من جزارة بوسديرة ويبعثه إلى عياله، ثم بعد أيام يرسل بعض الدراهم فيشتروا بها لحم البقر للقديد و يأخذون مطر الزيت و يرتاحون من العولة”[28].
فالعولة إذن هي إحدى مقومات الهوية الغذائية للتونسيين ويُمكن اعتمادها كأداة لقياس الفروقات الاقتصادية والاجتماعية بين مختلف فئات المجتمع، وهي تنم كذلك عن أهمية ثقافة الادخار لدى التونسي وسعيه الدؤوب لتوفير ضروريات الحياة اليومية وتأمين الحاجيات الغذائية المستقبلية تحسبا لنقص المحاصيل وارتفاع الأسعار[29]، ولا يخلُ إعداد طبق يومي أو احتفالي من مواد متأتيّة من”العولة”.
2- الأطباق اليومية التونسية في مستهل القرن العشرين: بين بساطة البدو وترف الحضر.
يلاحظ القارئ لكتاب الهدية ثراء المخزون الغذائي التونسي وتنوعه من وسط إلى آخر (المدن والأرياف) ومن فئة اجتماعية إلى أخرى (“البلديّة” والعامّة) من حيث المكونات وطرق الإعداد والاستهلاك، فبينما يكون طعام أهل البوادي بسيطا متكونا أساسا من دقيق القمح أو الشعير أو الذرة و اللبن و اللحم المشوي، يأكل سكان المدن أنواعا عديدة من السلاطة مثل سلاطة الخصّ و سلاطة الفجل و سلاطة “الفقوس”[30]…و هي أنواع أخذها التونسيون عن الوافدين بالمخالطة على حد قول الحشايشي[31]. كما يحتسي هؤلاء الشربة، ولها أنواع كثيرة، ويقبلون كثيرا على البريك خاصة البريك المحشو بالجبن أو اللحم المفروم[32]، أمّا الأطباق الرئيسية فـ”الكسكسو” (الكسكسي) أو العصيدة[33] أو البازين[34] هو الطعام الغالب في أهل المدن والبوادي على حد السواء، و يطبخ أهل تونس كذلك الهرقمة[35] والأرز والمقرونة والدويدة[36] والملوخية[37] و أنواعا كثيرة من الطواجن مثل طاجين الجبن و طاجين السبناخ و طاجين الملسوقة[38] و أنواعا كثيرة من الحساء مثل مرقة البطاطاس ومرقة القرع والشكشوكة ومرقة طماطم والتي يغمسونها بالخبز[39]، ويفيدنا الحشايشي أن ّالخبز في تونس أنواع : خبز العربان ويصنع من السميد ويكون منضجا في فرن من الطين يسمى “الطابونة”، وخبز المدن وهو خبز مرتفع صغير قليل النضج، يُنضج في الفرن المعتاد، ونوع آخر كبير وهو الذي يصنع في الديار ويكون أنضج من الأول. أما بالحاضرة فيوجد حسب الحشايشي “اثنا عشر نوعا من الخبز كلّها جيدة سليمة ناضجة على النحو الذي يعرف في المشرق بالإفرنجي”[40].
ويبدو أن التونسي في بداية القرن العشرين مولع باستهلاك الحلويات والمرطبات التي تبلغ حسب الحشايشي أكثر من خمسين نوعا، أتى الأندلسيون بـأغلبها عندما حلوا بتونس في بداية القرن السابع عشر، ومن ذلك البشكوطو[41] والغريْبة[42]والكعك[43]والمقروض[44] والجوارش[45] والبقلاوة[46] وبقلاوة الباي[47] والملبس[48] والقنفيد[49] والصمصة[50] والتيتمة[51] ووذان القاضي[52] والقطايف.[53]
وغزيل البنات[54] والزلابية والمخارق[55] والجلجلانية[56] والبجاوية[57] واللوزية[58] والصابونية[59] والسكرية[60] وطواجن اللوز والفستق بكل أنواعها والمحلبية[61] والزريقة[62] والفطاير المشحرة[63] وبريك الحليب والفرشك وغيرها. وتختص بعض البلدان بحسن صناعة نوع من الحلويات كشهرة القيروان بصناعة المقروض، وزغوان بصناعة كعك الورقة، وباجة بصناعة الزلابية والمخارق.
أما بخصوص المشروبات المستخرجة من الثمار والغلال الطازجة والمصبّرة فهي متنوعة مثل عصير البرتقال ومشروب البنفسج، وكذلك أنواع المعاجين مثل معجون السفرجل ومعجون الترنج ومعجون البنفسج ومعجون القرع البوجي (نوع من الخضر) الناعم. وكل هذه الحلويات والمشروبات هي من إعداد النسوة في المنازل اللاتي يجتمعن ويتعاونن في صنعه خاصة في المناسبات الاحتفالية.
3- الاحتفالي والغذائي في البلاد التونسية في مستهل القرن العشرين: الأطباق والدلالات
لعلّه من نافلة القول بأنّ المناسبات الاحتفاليّة تكون عادة مصحوبة باستهلاك أطباق ومشروبات مميزة وبإقامة الموائد والولائم في بعض الأحيان، فبالإضافة إلى مظاهر الزينة والتجمّل والتأنق والعناية بالملبس والمسكن وتنظيم الألعاب والموسيقى، يقع الاستعداد عادة لأي حدث احتفالي ديني أو اجتماعي بإعداد مشروبات وأطباق خاصة، وهي عادات غذائية موروثة من جيل إلى آخر وتحمل رموزا دينية وأبعادا اجتماعية وثقافية هامة. وتختلف مظاهر الاحتفال حسب المستوى الاقتصادي للعائلة أو المجموعة وحسب الوسط الاجتماعي (الحضري والريفي).
ويُميّز الحشايشي بين المواسم الشرعية (الأعياد الدينية) والاحتفالات الاجتماعية مثل الولادة والختان والزواج والمأتم، ويُفرد كل احتفال بوصف العادات الاستهلاكية الخاصة به.
أ- المواسم الشرعية واستهلاك اللحوم والحلويات
يصف الحشايشي المواسم الشرعية بأنّها ” أيّام زهو وأكل وشرب وبعال”[64] ُصنفها إلى مراتب; عيد الأضحى وعيد الفطر ويوم عاشوراء في المرتبة الأولى، ثم يأتي المولد النبوي و ليلة رأس العام الهجري و ليلة المعراج وليلة 27 من شهر رجب في المرتبة الثانية، وهي حسب رأيه “منسوبة إلى الشّرع و ليست منه”[65].
و يُعتبر عيد الأضحى أعظم مواسم المسلمين جميعا ويسمى كذلك بعيد النحر إذ ينحر فيه المسلم حيوانا (شاة أو عنز أو بقر أو ابل) يأكل منه شيئا و يتصدق بشيء و يدخر الباقي بعد تمليحه و تجفيفه (و هو ما يسمى القديد)[66]. ويدوم الاحتفال بعيد الأضحى ثلاثة أو أربعة أيّام، و يخبرنا الحشايشي أنّ ” بعض أهل الحاضرة لا يكسّرون لحم الضحية إلاّ في اليوم الثاني من العيد و هو بدعة”[67]، إضافة إلى استهلاك اللحم و”المرقاز”[68]، يصنع التونسيون بمناسبة عيد الأضحى الحلويات والكعك بأصنافه وشيئا يسمونه “البناضج” وهو طعام من السميد المعجون بالسمن و وسطه لحم مفروم[69]. كلّ ذلك يهيئونه للأقارب في وقت المعايدة.
وجرت العادة في عيد الفطر، و هو الموسم الثاني من المواسم الشرعية، استهلاك الحلويات و خاصة طبق المروزيّة المتكون من اللحم المطبوخ بالزبيب و القسطل[70].و هذه العادة ليست جديدة اذ أشار اليها ابن ابي الدينار في بداية القرن السابع عشر وينسب هذا الأكلة إلى الفرس وبالتحديد إلى مدينة مروز[71].
أمّا يوم عاشوراء فيتميز بذبح الدجاج وشراء اللحم الغنمي وكذلك طبخ الحبوب وشراء الفاكهة المخلوطة. وتجدر الإشارة إلى أنّ ظاهرة استهلاك التونسيين للحم الدجاج في هذه المناسبة ليست بالجديدة فقد تعرض إليها ابن أبي الدينار في كتابه المؤنس وأكد على أنّ”…من أيامهم المشهورة اليوم العاشر من شهر محرم يحتفلون له غاية الاحتفال…وكذلك اليوم التاسع منه يواظبون فيه على أكل الدجاج والطعام الذي يقال له دويدة…فيقولون الفطير وما يطير، ويعظمون هذا اليوم… ويرون الإنفاق فيه من التوسعة على العيال وملازمة أكل الدجاج من جهة التطيب، لأن الحكماء قالوا لا بأس به مرة في السنة والمداومة عليه تورث النقرس، أعاذنا الله منه”[72].
ويشتري التونسيون في ليلة المعراج وليلة 27 من رجب اللحم وينفقون على العيال، ويتقربون إلى الله بالصدقات والعبادات وقلّ إنسان لا ينفق في هذه الليلة، ويتميز الاحتفال بليلة المولد الشريف باستهلاك أكلة العصيدة.
ويحتفل التونسيون بليلة رأس العام الهجري (رأس السنة الهجرية) بطبخ طبق مميز هو الكسكسي بالقديد والفول. ويحمل استهلاك هذا الطبق المتكون من مواد مجففة ومحفوظة ومتأتيّة من”العولة” أبعادا رمزية هامة إذ يدل على عدم انقطاع “النعمة”(الطعام) وتوفرها طيلة السنة إلى آخر يوم منها، وفي اليوم الموالي، يتناول التونسيون طبق الملوخية باللحم والتي تتميز بلونها الأخضر دلالة على التفاؤل بالخصب والرخاء.
تحظى الاحتفالات بالمواسم الشرعية بمكانة هامة في حياة التونسيين الدينية والاجتماعية والاقتصادية ويظهر ذلك جليا في سعة الإنفاق وتنوع الأطباق التي تحمل دلالات متعددة حسب كل مناسبة، فكل احتفال يقترن باستهلاك مواد غذائية معينة وأكلة وعادات ترمز إلى قيم دينية واجتماعية (مثلا التكافل الاجتماعي) وتصورات ذهنية ونفسية مرتبطة بالمنظومة الثقافية السائدة آنذاك (مثل استهلاك الملوخية في اليوم الأول من السنة الهجرية)، ويمكن التأكيد هنا على الحضور القوي للحم كمادة غذائية أساسية واحتفالية في الوقت نفسه، سواء في المواسم الشرعية أو في الاحتفالات الاجتماعية[73].
ب-ولائم الاحتفالات الاجتماعية: الطعام لتمتين أواصر اللُحمة الاجتماعية
تنقسم حياة الإنسان من الولادة حتى الوفاة إلى مراحل، ويُعبّر عن كل انتقال من مرحلة إلى أخرى بنوع من الطقوس تُسمى طقوس العبور وهي تحمل رموزا وأبعادا اجتماعية و أنثروبولوجية هامة، ويقع الاحتفال بهذه الأحداث عادة بإعداد أكلات معينة ودعوة الناس إلى وليمة، وهي كذلك فرصة لتمتين العلاقات داخل المجموعة العائلية/القبلية من ناحية وإبراز سعة العائلة من ناحية أخرى. فكلما كان عدد المدعوين كبيرا والموائد كثيرة والأطباق متنوعة، كلما كانت العائلة تتمتع بمكانة اجتماعية أرفع ومقام أسمى، فالاستهلاك الغذائي خلال هذه المناسبات هو تعبير عن الثروة والجاه و المكانة[74].
وأولى الاحتفالات الاجتماعية ترتبط بالولادة، وهو حدث سار يجسد الخروج إلى الحياة والنور، و يفيدنا الحشايشي أنّه من عادات التونسيين أن يُولم للمولود ويجعل طعام من سميد البُرّ يخلط بالعسل والسمن، يطلق عليه عند الحضر اسم العصيدة وتأكل منه الأقارب و الجيران، و عند أهل الريف و البدو يسمّى بالحرش[75]، كما يقع توزيع “صحاف كبيرة الجرم” من البسيسة[76] على الأحباب والأقارب والجيران، “ولما تبلغ تلك البسيسة إلى من وُزعت عليه، يُعطون للموزع بدلها جنبا من الدراهم، مقداره، في الغالب، من خمسة فرنكات إلى فرنكين، على حسب الرفاهية. وهذه العادة تكون في العام الأول من نفقة والد المرأة، سواء كانت بكرا أو ثيّبا، و في الثاني و ما بعده من نفقة زوجها”[77].
و في الأيام السبعة الموالية للولادة، يقع الاحتفال بالعقيقة و هي من السنة المستحبة و ذلك بذبح “عند سابع الولادة شاة من الغنم أو المعز أو البقر أو الإبل، يشترط فيها مثل ما يشترط في شاة الضحية…و تذبح ضحوة و لا يمس الصبي شيئا من دمها و يؤكل منها و يتصدق و يكره أن يجعل منها وليمة”[78]، وعندما يبلغ الطفل سن الرابعة أو الخامسة في الغالب، وقد يكون في الأولى أو في التاسعة، يقع ختانه أي قطع الجلدة الساترة للحشفة، ويسمى في اللهجة العامية التونسية “الطهور”، ومن عادة التونسيين إشهار الختان وإقامة وليمة يطلق عليها الطّعمان( كلمة متأتية من الطعام)[79]، وتكون الوليمة في المدن مصحوبة بالموسيقى العربية تصدح بأنغامها العذبة، أو تكون بدلها جماعة البردة و القادرية، ينشدون أثناء ذلك قصيدة البردة للإمام البوصيري، وبعض أمداح في حق القطب الرباني، شيخنا سيدي عبد القادر الجيلاني، أما سكان البوادي والخيام والجبال الجوفية…فيطبخون في الختان الكسكسي واللحم، وتكون الوليمة مصحوبة بالطبال (قارع الطبل) والزكار (عازف الزكرة وهي آلة موسيقية تشبه المزمار) وصراخ البارود ولعب الخيل عوض الموسيقى، ويدفعون للولد دراهم أيضا، أو بقرا، أو غنما ، أو معزا، أو بعيرا، وهذا الإعطاء يكون بمثابة السلف الواجب رده، حتى إنّ من لم يردّه من العرب يصير ملوما، و يجبر على ردّه.
ولا تختلف وليمة العرس (الزواج) عن الختان كثيرا من حيث مظاهر الاحتفال ودعوة الأقارب وإقامة الموائد وتقديم الأطعمة والأشربة، و يُميّز الحشايشي كعادته بين أعراس الحضر و أعراس “العرب العرباء” (أهل البوادي و الجبال). ففي الحاضرة مثلا، “يقع قبل ليلة العرس بيوم تنظيم وليمة بالحلويات الخفيفة على مائدة مستطيلة كبيرة في إحدى البيوت المتسعة، حولها كراسي، و يدعى إليها مئات من الناس من أول النهار إلى ما بعد نصفه، كلما جاء فوج أدخل أعيانه كما تقدم في موكب طعام الختان المسمى بالطعمان… وقد يعوض هذا الطعمان بالوليمة، وهي عشاء بعد منتصف النهار محتو على مطبوخ من اللحم والطير والسمك والحلويات على حسب الرفاهية على مائدة واحدة، وتدخل عليه الناس كما مرّ، غير أنّ الأكل منه أكثر من السابق… وقد يعوض عن الجميع بوليمة ليلة العرس لمجرد أحباب الزواج وأقربائه…”[80]،ويحضر عند وليمة العرس أهل الموسيقى وهم في الغالب من اليهود. أما عند العرب، فتنقسم وليمة العرس إلى قسمين: “قسم للرجال وقسم للنساء، ويعطي لكل شخص لحمة في يده من رجل أو امرأة، واللحم موضوع في القفة، ثم تقدم قصع الكسكسو، و لمن أخذ لحمة فوجدها عظما أن يردها و يأخذ غيرها…”[81].
أخيرا، يعتبر الموت حدثا محزنا ينتقل فيه الإنسان من دار الحياة إلى دار الفناء ويقع الاحتفال به بطرق مختلفة لا تخلو من طقوس وعادات لم يتعرض إليها الحشايشي إلاّ بصورة مقتضبة جدا، مميّزا بين أهل الحضر والعرب. ففي المدن، لا يطبخ أهل الميّت طيلة أيام الموت بل يقع” إهداء الأكل لأهل الميت أيام موته، لا في السادس و ما بعده…”[82]، و خلافا لأهل الحواضر، فإنّه “من عوائد العرب، يطعمون الطعام يوم المأتم لمن يرد للتعزية”[83].
في نهاية المطاف، يمكن القول أنّ الاحتفالات الدينية والاجتماعية تمثل مناسبة هامة لإشباع البطن والتمتع بالأكل ومشاركة الطعام في إطار جماعي بهدف توطيد العلاقات العائلية والاجتماعية، وهي تتيح كذلك الفرصة للفرد والمجموعة لممارسة طقوسهم وعاداتم في وسط بيئي وثقافي مختلف (المدن والأرياف)، وتمكن البعض من التفاخر وعرض وجاهتهم وبالتالي تعزيز مكانتهم في المجتمع[84].
خاتمة :
يلاحظ المطلع على كتاب الهدية للحشايشي مدى ثراء وتنوع التراث الغذائي التونسي في مستهل القرن العشرين، وهو تراث يعود إلى عهود قديمة ويحمل في طياته تراكمات تاريخية وثقافية واجتماعية متعددة تطورت بفعل التأثيرات الخارجية لمختلف الحضارات التي حلت بالبلاد (من القرطاجية حتى الأوروبية مرورا بالعربية والعثمانية). ولعله من نافل القول بأن الغذاء يمثل مرآة عاكسة لعملية التثاقف ومدى قابلية التونسي لاستيعاب ثقافة الآخر وانفتاحه عليه، فالأطباق التي يتناولها التونسي سواء في حياته اليومية أو بمناسبة الأعياد الشرعية والاحتفالات الاجتماعية هي في حد ذاتها تعبير عن تلاقح بين ثقافتين مختلفتين (محلية ووافدة) وتنوع بين الأوساط الحضرية والريفية.
ولا شك أن حياة الإنسان مرتبطة أشد الارتباط بتحصيله لقوته والمحافظة عليه ولذلك يحتل الطعام مكانة مركزية في حياته اليومية وفي احتفالاته الدينية والاجتماعية، فلا يكاد يخلو حدث، سار أو محزن، من وليمة تجمع أفراد العائلة أو القبيلة، يتقاسمون من خلالها قيمهم الجماعية، ويمارسون طقوسهم ومعتقداتهم، ويوطدون علاقاتهم ببعضهم وبالآخر. وكل نوع من الطعام له دلالته و رمزيته، توارثته الناس جيلا عن جيلو طورته في نسق يتماشى مع سيرورة الزمان وكينونة المكان، فلا يزال تونسيو اليوم، على غرار أجدادهم في القرن 19 والقرن 20، يحتفلون برأس السنة الهجرية بطبخ الكسكسي بالقديد بالفول، والملوخية في صبيحة السنة الجديدة، ويطبخون الكسكسي باللحم في نصف رمضان وليلة السابع والعشرون منه، ويقيمون الولائم في حفلات الختان والأعراس.
أخيرا، لا بد من التأكيد على أهمية التغذية كمجال خصب لا للبحث التاريخي فحسب بل لكافة الاختصاصات، فهي مرآة عاكسة للتراتبية الاجتماعية ومؤشر يدل على التغير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمعات.
قائمة المصادر و المراجع :
ابن أبي الدينار، المؤنس في أخبار افريقية و تونس، دار المسيرة، لبنان، 1993.
أحمد ابن أبي الضياف، اتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس و عهد الأمان، الجزء السابع، الدار العربية للكتاب، تونس، 1999.
الصغير بن يوسف، المشرع الملكي في سلطنة أولاد علي التركي، تقديم وتحقيق أحمد الطويلي، المجلد الأول، المطبعة العصرية، تونس، 1998.
محمد الكوكي، 500 وصفة من الطبخ التونسي، «أمك صنافة» ، دار التراث التونسي للنشر، تونس، 1997.
محمد بن عثمان الحشايشي، الدرة النقية في النوايا الصادقة للحكومة الفرنسية، باريس،1883.
محمد بن عثمان الحشايشي، الرحلة الصحراوية عبر أراضي طرابلس وبلاد التوارق، الدار التونسية للنشر، تونس، 1988.
محمد بن عثمان الحشايشي، الهدية في العادات التونسية، تقديم وتحقيق أحمد الطويلي ومحمد العنابي، المطبعة الرسمية، تونس، 2002 .
محمد بن عثمان الحشايشي، العادات و التقاليد التونسية. الهدية أو الفوائد العلمية في العادات والتقاليد التونسية، دراسة وتحقيق الجيلاني بن الحاج يحي، تقديم محمد اليعلاوي، دار سراس للنشر، تونس، 2004.
محمد محفوظ، تراجم المؤلفين التونسيين، الجزء الثاني، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، 1982.
جمال بن طاهر، «خبز الأغنياء وخبز الفقراء بالبلاد التونسية خلال العصر الحديث»، المغيبون في تاريخ تونس الاجتماعي، منشورات بيت الحكمة بقرطاج، تونس, 1998، ص.17-36.
لطفي عيسى، أخبار التونسيين، مراجعات في سرديات الانتماء والأصول، مسكيلياني للنشر والتوزيع، تونس، 2019.
سهام الدبابي الميساوي، مائدة افريقية، دراسة في ألوان الطعام، منشورات المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون بيت الحكمة، تونس، 2017.
سهام الدبابي الميساوي، الولادة في تونس، الطقوس و الرموز، دار الجنوب للنشر، تونس، 2021.
Bairam Alya, « Le Bit- al Muna ou chambre de provision dans l’habitation traditionnelle à Tunis », Cahiers des Arts et des Traditions Populaires, n°7, 1980.
Bouquet Jules, « La meloukhia »,Bulletin de la Sociologie Pharmacologique de Paris, n°39, : 1932.
Bouquet Jules, « Contribution à l’étude de l’alimentationen Tunisie. Aliments végétaux d’appoint », Archives de l’Institut Pasteur de Tunis (AITP), vol XXVII, 1938.
Bouquet Jules, « Notes sur l’alimentation dans lesud tunisien », AIPT, vol XXVIII, n° 3, 1939.
Brunet Etienne, « Enquête sur l’alimentation enTunisie », AIPT, vol XXVI, 1937 .
BrunetEtienne, « Le blé et le riz », AIPT, vol. XXIX, 1938.
Brunet Etienne, « L’alimentation en Tunisie », AIPT, vol. XXVII, 1940.
Brunet Etienne et Viscontini M., « Le pain et lescéréales dans l’alimentation tunisienne », AIPT, vol. XXVIII, 1939.
Brunet Etienne et M. Viscontini, « Composition de quelques mets tunisiens », AIPT, vol. XXVIII, 1949.
Elias Norbert, La société de cour, Flammarion, Paris, 1985.
Essid Mohamed Yassine, At-Tadbîr/ Oikonomia. Pour une critique des origines de la pensée économique arabo-musulmane, Editions T.S., Tunis,1993.
Fischler Claude, « La Macdonalisation des mœurs », Flandrin Jean Louis &Montanari Massimo, Histoire de l’alimentation, Fayard, Paris, 1996.
Gobert Ernest-Gustave, Usages et rites alimentaires des Tunisiens, Présentation et Glossaire de Yassine Essid, MC-Editions, Tunis, 2003.
Lakhal Rached, Nourrir la ville et l’Etat. L’approvisionnement en viande de la capitale, de l’armée et de la cour en Tunisie aux XVIIIe et XIXe siècles, Edition Dar Al Massira, Tunis, 2021.
Lakhal Rached, «La cuisine des beys de Tunis aux XVIIIe et XIXe siècles», La cuisine du Maghreb n’est- elle qu’une simple histoire du couscous, sous la direction de Kilien Stengel et Sihem Debbabi Missaoui, L’Harmattan, Paris, 2020.
Lakhal Rached, « La Rabta (office du blé) à Tunis au XIXe siècle : l’institution et son rôle à l’époque des Réformes », Nourrir les cités de Méditerranée. Antiquité – Temps modernes, Maisonneuve et Larose, Paris, 2004,p 461-472.
Larguèche Abdelhamid, Les ombres de la ville. Pauvres, marginaux et minoritaires à Tunis (XVIII-XIXe siècles), CPU, Tunis, 1999.
Rodinson Maxime, « Recherches sur les documents arabes relatifs à la cuisine », Revue des Etudes Islamiques, 1949, pp.95-166.
Valensi Lucette, Fellahs tunisiens. L’économie rurale et la vie des compagnes aux 18e et 19e siècles, Mouton-Paris-La Haye, 1977.
Véhel Jacques, La véritable cuisine tunisienne, Manuel pratique et complet, illustré. Plus de 200 recettes, présentation de Yassine Essid, MediaCom Editions, Tunis, 2003.
[1]RodinsonM., « Recherches sur les documents arabes relatifs à la cuisine », Revue des Etudes Islamiques, n°17,1949, pp. 110-111.
[2] ينظر على سبيل المثال لا الحصر المراجع الآتية:
VéhelJ., La véritable cuisine tunisienne, Manuel pratique et complet, Plus de 200 recettes, Tunis, réédité en 2003, présentation de Yassine Essid, Media Com Editions, 140p. ; Bouquet J., « La meloukhia », Bulletin de la Sociologie Pharmacologique de Paris, n°39, 1932, p. 228;du même auteur, « Contribution à l’étude de l’alimentation en Tunisie. Aliments végétaux d’appoint », Archives de l’Institut Pasteur de Tunis (AIPT), vol XXVII, 1938, pp. 66-77 ;du même auteur, « Notes sur l’alimentation dans le sud tunisien », AIPT, vol XXVIII, n° 3, 1939, pp. 350-355. Les articles de BrunetE, «Enquête sur l’alimentation en Tunisie », AIPT, vol XXVI, 1937,172p. ; du même auteur, « L’alimentation en Tunisie », AIPT, vol. XXVII, 1938, pp.85-95. ; du même auteur, « Le blé et le riz », AIPT, vol. XXIX,1940, p. 319 ; Brunet E.et Viscontini M., « Le pain et les céréales dans l’alimentation tunisienne », AIPT, vol. XXVIII, 1939,pp. 221-268 ; du même auteur, « Composition de quelques mets tunisiens », AIPT, vol. XXVIII, 1949,pp. 339-349. ; Gobert E-G.,Usages et rites alimentaires des Tunisiens, Présentation et Glossaire de Yassine Essid, MC-Editions, Tunis, 2003, 270p.
[3]تم تحقيق هذا الكتاب مرتين; الأولى تحت عنوان الهدية في العادات التونسية، تحقيق أحمد الطويلي ومحمد العنابي سنة 2002، والثانية تحمل عنوان العادات والتقاليد التونسية. الهدية أو الفوائد العلمية في العادات التونسية، تحقيق الجيلاني بن الحاج يحي (طبعة سنة 2004)، والاختلافات بين التحقيقيْن بسيطة وقد اعتمدنا في هذا العمل على كليهما وستقع الإشارة في كلّ مرّة إلى التحقيق المعتمد بذكر اسم المحقق إلى جانب العنوان.
[4]الحشايشي، العادات، دراسة وتحقيق الجيلاني بن الحاج يحي، ص 35.
[5] قاضي الفريضة هو الحاكم المكلف بتحديد النصيب الراجع لكل وريث في المواريث الإسلامية. ينظر ترجمته في أحمد ابن أبي الضياف، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، الجزء السابع، الدار العربية للكتاب، تونس، 1999، ص 125.
[6] الموظف المكلف بالسهر على مداخيل ومصاريف الحامية التركية بتونس.
[7] ينظر ترجمته في محمد محفوظ، تراجم المؤلفين التونسيين، الجزء الثاني، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، 1982، ص144-147.
[8] التطويع هي شهادة ختم الدروس بجامع الزيتونة.
[9] ينظر تقديم الهدية في العادات التونسية، تقديم وتحقيق أحمد الطويلي ومحمد العنابي، ص10.
[10]محمد بن عثمان الحشايشي، الرحلة الصحراوية عبر أراضي طرابلس وبلاد التوارق، الدار التونسية للنشر، تونس، 1988، ص 39.
[11] ألف الحشايشي كتابا سماه الدرة النقية في النوايا الصادقة للحكومة الفرنسية، طبع بباريس سنة 1883 بأمر من وزارة الخارجية، ويقول فيه صراحة ” حاولت فيه إبراز المقاصد التمدينية لفرنسا تجاه سكان الإيالة معرفا بهذه المقاصد بالتفصيل، وبالنتائج السعيدة التي ستنجر عن الحماية”. ينظر الحشايشي، الرحلة الصحراوية، ص 18.
[12]الحشايشي، الهدية، تقديم وتحقيق أحمد الطويلي ومحمد العنابي، ص11.
[13] يذكر الحشايشي ذلك صراحة في المقدمة: “… ودعت الضرورة لتأكيد علائق الدولة الحامية والمحمية، وحسن المعاشرة بين الأمة الفرنسية والأمة العربية التونسية. ولهذا الشرط طلب مني – ولم تسعني مخالفته لحسن مقصده- أن أؤلف كتابا جامعا في عوائد أهل هذا القطر … فلبّيت هذا الطلب الذي ستحمد إن شاء الله عقباه… وها أنا أعرضه على نصير الإسلام جناب مسيو روا القنصل جنرال وكاتب الدولة العام، عسى أن يرى ذلك الصنيع، مما يحسن عند الجميع…”، ينظر الحشايشي، العادات، تحقيق الجيلاني بن الحاج يحي، ص 25-27.
[14]الحشايشي، الهدية، تقديم وتحقيق أحمد الطويلي ومحمد العنابي، ص27.
[15]El Hachaichi-Trimèche F., Itinéraire d’un intellectuel anthropologue du Maghreb. Mohamed El –Hachaichi, Centre de Publication Universitaire, Tunis, 2007, p 157.
[16]لطفي عيسى، أخبار التونسيين. مراجعات في سرديات الانتماء و الأصول، مسكيلياني للنشر و التوزيع، تونس، 2019، 350 صفحة.
[17]الحشايشي، العادات، تحقيق الجيلاني بن الحاج يحي، ص29.
[18] العولة هي ممارسة اقتصادية واجتماعية قديمة وهي تنضوي في المجتمعات العربية الإسلامية ضمن اختصاص التدبير المنزلي. ينظر خاصة:
Essid Y., At-Tadbîr/ Oikonomia. Pour une critique des origines de la pensée économique arabo-musulmane, Tunis, Editions T.S., 1993, p 239-257.
[19]لا تحظى “العولة” اليوم بنفس المكانة التي كانت تحتلها سابقا نظرا لتفتت العائلة الممتدة، وخروج المرأة إلى العمل وبالتالي قلة الوقت والجهد، والسكن في شقق صغيرة تتميز بالضيق وعدم توفر فضاء مخصص لخزن المؤن، وتطور الصناعات التصبيرية وتوفر المنتجات الغذائية النصف جاهزة والجاهزة في المساحات التجارية الكبرى، وانتشار ثقافة الأكل في الشارع و الوجبات السريعة و الوجبات الجاهزة و المعلبة. لمزيد التفاصيل حول هذا الموضوع، ينظر:
Fischler C., « La Macdonalisation des mœurs », dans Jean Louis Flandrin & Massimo Montanari, Histoire de l’alimentation, Fayard, 1996, p 859-879.
[20] الحشايشي، العادات، تحقيق الجيلاني بن الحاج يحي، ص 294.
[21]الكسكسي أو الكسكسي هو طعام يتناوله التونسيون بكثرة سواء في حياتهم اليومية أو في احتفالاتهم، ويتكون من حبات من دقيق السميد ويقع طهيه بطرق مختلفة ومتنوعة، ينظر تعريفه في الحشايشي، الهدية، تحقيق أحمد الطويلي ومحمد العنابي، ص 134.
[22] “البرغل هو قمح يطبخ ثم يهرس في مهراس كبير. الحشايشي، الهدية، تحقيق أحمد الطويلي ومحمد العنابي، ص 134.
[23] المحمّص مثل الكسكسي و لكن حبوبها أكبر جرما منه. نفس المصدر، ص 134.
[24] القدّيد هو عبارة عن شرائح من لحم البقر أو الغنم مملحة ومتبلة ومجففة في الشمس والهواء.
[25]يقصد بالأبزرة التوابل والأفاويه التي تطيب الطعام مثل الكمون والفلفل والخردل والقرنفل والقرفة.
[26] الفضاء المخصص لخزن المؤن ووضع الجرار والقلال وأواني الطبخ يمكن أن يكون ركنا من المطبخ أو غرفة على حدة أو علوا بأكمله يسمى “علو المونة” (خاصة في المنازل الكبرى)، حول هذا الموضوع، ينظر المراجع الآتية :
Bairam A., « Le Bit- al Muna ou chambre de provision dans l’habitation traditionnelle à Tunis », Cahiers des Arts et des Traditions Populaires, n°7, 1980,p 47-58. ; Lakhal R., « La cuisine des beys de Tunis aux XVIIIe et XIXe siècles », La cuisine du Maghreb n’est- elle qu’une simple histoire du couscous, sous la direction de Kilien Stengel et Sihem Debbabi Missaoui, L’Harmattan, Paris, 2020,p 143-164 ; Lakhal R., Nourrir la ville et l’Etat. L’approvisionnement en viande de la capitale, de l’armée et de la cour en Tunisie aux XVIIIe et XIXe siècles, Dar Al Massira,2021, p 249-252.
[27]Larguèche A., Les ombres de la ville. Pauvres, marginaux et minoritaires à Tunis (XVIII-XIXe siècles), CPU, Tunis, 1999, p 89.
[28] الصغير بن يوسف، المشرع الملكي في سلطنة أولاد علي التركي، تقديم وتحقيق الدكتور أحمد الطويلي، المجلد الأول، الطبعة الأولى، المطبعة العصرية، 1998، ص 41.
[29]تجدر الإشارة إلى أن عملية ادخار المؤن لا تقتصر على مستوى العائلات فقط، بل تمارسها الدولة كذلك التي تمتلك مخازن للحبوب تقع في هضبة الرابطة بتونس العاصمة، وفضاءات لحفظ المواد الغذائية توجد في قصر بارود. لمزيد التفاصيل حول هذا الموضوع، ينظر:
Lakhal R., « La Rabta (office du blé) à Tunis au XIXe siècle : l’institution et son rôle à l’époque des Réformes », Nourrir les cités de Méditerranée. Antiquité – Temps modernes, Paris, Maisonneuve et Larose,2004, p 461-472.
[30] تعتمد سلاطة الخص أساسا على أوراق الخص بالأساس، أما سلاطة الفقوس (نوع من الخيار) فهي تتكون من الفقوس الذي يقع تقشيره وقصه على شكل دوائر أو أصابع و رشه بالملح مع إضافة قطع من الفلفل الأخضر والبصل الطازج أو المطبوخ وقليلا من الفلفل الأسود والخل أو عصير الليمون. وتتركب سلاطة الفجل من الفجل وقليلا من المعدنوس والكرفس وحبات من الزيتون دون نواة. يقع خلط كل ذلك بقليل من الملح و الزيت و الخل أو عصير الليمون، ينظر : Véhel J., La véritable cuisine tunisienne, p122.
[31]لا نعتقد من جهتنا أنّ التونسيين يجهلون هذه الأنواع من السلاطة لكن يبدو أن الحشايشي أراد التأكيد على عملية التثاقف الحاصلة على المستوى الغذائي والتأثير الايجابي للاستعمار الفرنسي بتونس، وهو ما عبّر عنه في أكثر من موضع وخاصة في كتابه الدرة النقية في النوايا الصادقة للحكومة الفرنسية.
[32]يعرف الحشايشي البريك كما يلي: “تجعل أوراق جيدة صفيقة من سميد البرّ بعد عجنها وعركها جيدا وتسقى بالزيت الناعم و يجعل في وسطها شيء من اللحم المفروم مع بعض البزور وشيء من الجبن يجعل على شكل دائرة، و يجعل بوسطها بيضة دجاج و تلف تلك الورقة على ذلك على شكل مثلث تقلى في الزيت أو السمن ثم ترفع، و هي أحسن ما يؤكل، أما بريك اللحم، فهو شبه ذلك إلا أنه يجعل في طبق كبير من نحاس ويرسل إلى الفرن ليطيب فيه”، ينظر الحشايشي، الهدية، تحقيق أحمد الطويلي ومحمد العنابي، ص 169.
[33]طعام من السميد يجعل فوقه السمن والعسل والسكر مثل طعام “العيش” عند أهل طرابلس (طرابلس الغرب)والجنوب التونسي، ينظر الحشايشي، الهدية، أحمد الطويلي ومحمد العنابي، ص 97، وتُعتبر العصيدة من الوجبات الرئيسية في النظام الغذائي التونسي بعد الكسكسي من حيث تواترها وأهمية استهلاكها وهي فينفس الوقت طبق يومي ومناسبتي (تستهلك خاصة في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف). ينظرGobert E-G., Usages et rites, p125-126.
[34]البزين طعام مثل العصيدة وله أنواع مثل بازين الفرماس (المشمش المجفف) وبازين العنبر (نوع من السمك المجفف) والبازين باللحم… ينظر الحشايشي، العادات، تحقيق الجيلاني بن الحاج يحيى، ص. 373.ولمزيد المعلومات حول طريقة طبخ البازين وكيفية أكله، ينظر:
Gobert E-G., Usages et rites, pp.80-81 et p155. ; Valensi L., Fellahs tunisiens.L’économie rurale et la vie des compagnes aux 18e et 19e siècles, Mouton-Paris-La Haye,1977,p. 240-244.
[35] الهرقمة حسب الحشايشي “طعام يصنع من رؤوس البقر والغنم وأرجلها في مرق و أبزرة ناعمة و لعاب البيض”، ينظر الحشايشي، الهدية، تحقيق أحمد الطويلي، ص169، ينظر طريقة طبخها في Véhel J., La véritable cuisine tunisienne, p 15.
[36]يُعرّف الحشايشي الدويدة بأنها طعام مثل المقرونة لكنه أجود منه، الحشايشي، الهدية، تحقيق أحمد الطويلي ومحمد العنابي، ص169، وتبدو هذه الأكلة قديمة إذ تحدث عنها ابن أبي الدينار في القرن السابع عشر، ينظر ابن أبي الدينار، المؤنسفي أخبار افريقية و تونس، دار المسيرة، لبنان، 1993، ص 333، لمزيد من العلومات حول تاريخ الدويدة، ينظر سهام الدبابي الميساوي، مائدة افريقية. دراسة في ألوان الطعام، منشورات المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون بيت الحكمة، تونس، 2017، ص 167.
[37] الملوخية طبق للاستهلاك اليومي والاحتفالي (خاصة في احتفال رأس العام الهجري) يُستخدم فيه مسحوق أوراق الملوخية المجففة. يتم قلي مسحوق الملوخية في الزيت ثم يُطبخ مع اللحم (اللحم البقري في الأغلب) بعد إضافة الثوم والطماطم (الطازجة أو المجففة) والملح وبعض أوراق الرند والهريسة (أو مسحوق الفلفل) و قليلا من الكمون و الكروية و الفلفل الأسود. تُطبخ الملوخية على نار هادئة لمدة ست ساعات أو أكثر وعلامة نضجها هي طفح الزيت على سطحها، ينظر : ouquet J., « La meloukhia », Bulletin, n°39, p 228.
[38] يذكر قوبار حوالي اثني عشر نوعا من الطواجن، كل نوع حسب المادة الأساسية المستعملة، فطجين الجبن يطغى عليه استعمال الجبن، وطاجين السبناخ يتميز بهيمنة طعم السبناخ، أما طاجين الملسوقة فيتميز كما يدل على ذلك اسمه باستعمال أوراق الملسوقة (أوراق البريك) المصفوفة على طبقتين في أسفل الطاجين والمدهونة بالزبدة ثم يوضع فوقها قطع اللحم ومرقه. يغطى كل ذلك بأوراق من الملسوقة وتوضع في الفرن، ينظر: Gobert E- G., Usages et rites, p 95.
[39]الشكشوكة حسب الحشايشي هي طعام من زيت و قديد و بصل و طماطم و فلفل. ينظر الحشايشي، الهدية، تحقيق أحمد الطويلي، ص 159. أما جاك فيهيل فيصفها بكونها تشبه ما يطلق عليه بالفرنسية “سلاطة الروس” وهي نوعان: النوع الأول يُستهلك في فصل الشتاء ويتكون من بصل و فلفل و طماطم وبطاطا، يُضاف إليهم البيض وأحيانا المرقاز، أما النوع الثاني فيتركب بالإضافة إلى المكونات السابقة من القرنبيط والجزر والفول (طازج أو جاف) والثوم والبيض، ويُستهلك في فصل الصيف. ينظر Véhel J., La véritable cuisine tunisienne, p 13
[40] الحشايشي، العادات ، تحقيق الجبلاني بن الحاج يحي، ص 352، ويبيّن جاك فيهيل من ناحيته أنّ الخبز أحسن مثال للمثاقفة بين التونسيين والشعوب الوافدة التي حافظت على بعض أصناف الخبز وأدرجتها ضمن الأغذية التونسية، ويبرز ذلك خاصة من خلال التسمية مثل الخبز الايطالي والخبز المالطي والرغيف السوداني…ينظرVéhel J. , La véritable cuisine tunisienne, p 105-106. ولمزيد من التفاصيل حول مختلف أنواع الخبز بالبلاد التونسية، ينظر مقال جمال بن طاهر،1998، «خبز الأغنياء وخبز الفقراء بالبلاد التونسية خلال العصر الحديث»، المغيبون في تاريخ تونس الاجتماعي، منشورات بيت الحكمة بقرطاج، تونس ، ص 17-36.
[41] يطلق جاك فيهيل تسمية “خبز اسبانيا”Pain d’Espagne على البشكوطو ويقدم طريقة صنعه كالتالي: يُخلط مقدار كيلو من الفارينة وربع كيلو من السكر ودزينتين من البيض منزوع منه لعابه الأبيض وكأس من الزهر، يُركض كل ذلك جيدا ومطولا ثم يُوضع في طبق من حديد ويُحمل إلى الفرن وعندما تصفّر قشرته يُخرج ويقع قصه. ينظرVéhel J., La véritable cuisine tunisienne, p 144.
[42] الغريبة من الحلويات الشعبية والرائجة تصنع من السميد الناعم والزيت أو الزبدة والسكر وتكون في شكل معيّن أو في شكل مخروط دائري منتظم. لمزيد التفاصيل حول طريقة إعداد الغريبة، ينظرVéhel J., La véritable cuisine tunisienne, p144.
[43]توجد عدة أصناف من الكعك مثل كعك التمر وكعك السكر وكعك السمن، وشكله حلقة من طحين السميد المخمر والسكر والزبدة أو الزيت والمحشو بالتمر أو باللوز أو البندق أو الفستق والمُعطر بماء الزهر، وقد اختصت زغوان بصناعة كعك الورقة المُعطر بماء النسري، تلك الزهرة التي جلبها الأندلسيون للبلدة، ينظر الحشايشي، الهدية، تحقيق أحمد الطويلي و محمد العنابي، ص 80 و 86.
[44] يُعتبر المقروض من أشهر الحلويات التونسية وقد اختصت مدينة القيروان بصنعه، ويذكر ابن أبي الدينار أن التونسيين “مما يستعملونه في أيام العيد من الحلاوات والأطعمة المقروض الذي يتفاخرون به و هو مشهور بينهم و لا يحتاج إلى تعريف و هو أطيب حلوياتهم و ليس بعد شيء، حتى أني التقيت بمن أكله في الحضرة فأعجبه غاية الإعجاب فقال عجبت لمن في بيته المقروض كيف ينام الليل”، ينظر، ابن أبي الدينار، المؤنس، ص 332.
[45] اكتفى الحشايشي بالقول بأن الجوارش أنواع عديدة دون وصفها أو تقديم مكوناتها وطريقة إعدادها، كما لا نجد لها ذكرا في وصفات فيه يل ولا في كتاب قوبار، أما في وقتنا الحاضر، فتوجد أربعة أنواع من الجوارش (اللوز، الفستق، البندق والبندق الصنوبري) و يتم تحضيرها بطرق مختلفة. لمزيد المعلومات ينظر، محمد الكوكي، 1997، 500 وصفة من الطبخ التونسي، أمك صنافة، دار التراث التونسي للنشر ص 252.
[46] البقلاوة من الحلويات التي يتطلب إعدادها وقتا وعناية نظرا لدقة العملية، تُبسط العجينة الرقيقة و المورقة في صينية نحاسية في شكل طبقات منضدة (حوالي 12 طبقة) و بكل حذر حتى لا تتمزق و تُدهن بخليط الزيت و السمن بواسطة فرشاة لينة أو خرقة من القماش ثم يُفرش فوقها خليط اللوز المرحي و السكر و القرفة وشوش الورد. يُغطى الخليط بطبقات منضدة من العجين بنفس الأسلوب الأول (في شكل طبقات منضدة). تقص بعد ذلك البقلاوة في شكل معيّنات وتطهى في فرن هادئ الحرارة، حالما يحمر سطح البقلاوة يقع إخراجها من الفرن وسقيها بالعسل المذوب (أو قطر السكر وعصير الليمون و ماء الورد أو العطرشية)، ثم تعاد إلى الفرن من جديد لإتمام الطهي، عندما تحضر البقلاوة يقع قصها بعد أن تبرد (أو في اليوم الموالي). ينظر:Gobert E- G., Usages et rites, p 176
[47] لم نجد لها وصفا عند الحشايشي أو قوبار أو فيهيل، لكن اللافت للانتباه أن فيهيل يقدم وصفةلحلويات اسمها “روح الباي”Ame de prince. تتطابق من حيث اللون والشكل وكيفية التحضير مع بقلاوة الباي في وقتنا الحاضر. وبقلاوة الباي لها نفس شكل بقلاوة اللوز الآنفة الذكر لكن لونها اخضر وأحمر. ينظرVéhel J.,La véritable cuisine tunisienne, p 148.
[48] نوع من الحلويات التي تستهلك في الاحتفالات خاصة الولادة والزواج. يُخلط دقيق اللوز والسكر المرحي و البيض وماء الزهر و تُشكل العجينة في شكل أقراص صغيرة متشابهة وتُغطس في قطر يتركب من سكر و عصير الليمون وتُلف بالسكر المحبب ثم تُترك جانبا حتى تجف، ينظر الكوكي، 500 وصفة من الطبخ التونسي، ص 257.
[49] لم نعثر على تعريف القنفيد و كيفية تحضيره، لكن يبدو أنه من الحلوى المتداولة في احتفالات الولادة و الختان و الزواج، و يطلق عليه اليوم بالعامية التونسية “حلوى دراجي “dragée La وهو عبارة عن حبة من اللوز المحمص و”الملبسة” (أي المغلفة) بـطبقة رقيقة من السكر.
[50]تعتبر الصمصة من الحلويات الخاصة باحتفال رأس العام الهجري وهي عبارة عن أوراق الملسوقة المطوية في شكل مثلث والمحشية بخليط يتركب من جريش اللوز المقلي والسكر المرحي وماء العطرشية، تُقلى الصمصة في الزيت و تُغطس في العسل المذاب أو في قطر من السكر وعصير الليمون وماء الورد ثم تُغشى بقليل من جريش اللوز وتُصف في طبق. وتجدر الإشارة هنا أنّ فيهيل يذكر وصفة اسمها “بريك البايات الصغير” petites breycs beylicales” تتطابق من حيث الشكل والمكونات مع وصفة الصمصة التي قدمها قوبار، ينظر:
Gobert E- G., Usages et rites, p 176 ; Véhel J.,La véritable cuisine tunisienne, 142.
[51]تُسمى كذلك الطيطمة، وهي عبارة عن تناوب بين ورقة الملسوقة ودقيق اللوز أو الفستق بعد طهيها، تُقص الطيطمة في شكل مربعات متساوية وتُسقى بقطر ويُرش سطحها بجريش الفستق ثم توضع في فرن معتدل الحرارة لمدة 20 دقيقة و عندما تبرد تُصف في صحون مسطحة، ينظر الكوكي، 500 وصفة من الطبخ التونسي، ص 262-263.
[52] عبارة باللهجة العامية التونسية يقصد بها أُذنيْ القاضي، و تسمى كذلك “عِمّة القاضي” وفي مصر تسمى “لقمة القاضي”، وهي من الحلويات المشهورة التي أتى بها الأندلسيون إلى تونس، وتختلف الروايات حول أصل التسمية و الأقرب إلى الظن أنها تتصل بشكل هذه الحلويات التي تشبه أذن كبيرة، حيث يجب أن تكون أذني القاضي كبيرتين حتى يسمع ما يعرض عليه من قضايا. يطلق تسمية “دبلة” على هذه الحلويات عندما تكون صغيرة الحجم، أما بخصوص مكوناتها و كيفية تحضريها، يتعرض إليها قوبار دون وصف و يذكرها فيهيل عرضيا عند حديثه في آخر كتابه عن الحلويات المحلية و يطلق عليها اسم Oreillettes grossièresكما يذكر “الدبلة” و يعطيها اسما مقابلا و هوManicotti دون تقديم تفاصيل إضافية. ينظر:Véhel J., La véritable cuisine tunisienne, p156.
[53]القطايف من الحلويات المشرقية القديمة رغم اختلاف التسمية من بلد إلى آخر. ينظر سهام الدبابي الميساوي، مائدة افريقية، ص.131-133. و يُبيّن قوبار أن القطايف هي من حلويات الحضر و تستهلك خاصة في شهر رمضان و تصنع في المنازل كما تباع في الأسواق كذلك. والقطائف عبارة عن خيوط شعرية من العجين مدهونة بالسمن و المقلية في الزيت. تخلط هذه الخيوط بدقيق اللوز والجوز والبندق والسكر المرحي وتُسقى بقطر ثم تُطهى في فرن معتدل الحرارة. عندما تتماسك القطايف و تتورد يقع قلبها بكل لطف في طبق ثان و إعادتها بضع دقائق إلى الفرن حتى يحمر الوجه الثاني، ينظر : Gobert E- G., Usages et rites, p 176
[54] لم يرد لها ذكرا في كتابي فيهيل و قوبار، و غزل البنات حسب وصفة الكوكي نوع من الحلوى المصنوعة من دقيق الحمص و قطر في شكل كتلة من الغزل شبيهة بخصلة الشعر المنفوشة. ينظر محمد الكوكي،500 وصفة من الطبخ التونسي ص 255.
[55] تستهلك خاصة في شهر رمضان و قد اشتهرت مدينة باجة بصنع حلويات الزلابية و المخارق، حول طريقة إعدادها ينظر:
Gobert E- G., Usages et rites, p. 268.; Véhel J.,La véritable cuisine tunisienne, p146.
[56]كما يدل على ذلك اسمها هي حلوى مصنوعة من الفواكه الجافة والجلجلان (السمسم) أساسا.
[57]من الحلويات التقليدية التونسية و تصنع من اللوز المهروش و الفواكه الجافة المحمصة.
[58]حلوى تصنع من اللوز أساسا كما يدل على ذلك اسمها.
[59]سميت كذلك للونها الأبيض المشابه للصابون نظرا لاستعمال مادة النشا في صنعها.
[60] حلوى مصنوعة من شراب السكر المركز.
[61] ينظر طريقة تحضيرها في محمد الكوكي، 500 وصفة من الطبخ التونسي، ص231.
[62]ينظر طريقة تحضيرها في محمد الكوكي، 500 وصفة من الطبخ التونسي، ص234.
[63]الفطائر المغموسة في العسل.
[64]الحشايشي، العادات، تحقيق الجيلاني بن الحاج يحي، ص 195.
[65]نفس المصدر، ص197.
[66]يُستحب توزيع ثلث الأُضحية على الفقراء رحمة بهم، تطبيقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: فكلوا وادخروا وتصدقوا. ويرمز ذلك من المنظور السوسيولوجي إلى نوع من التكافل الاجتماعي.
[67] لا يكسّرون بمعنى لا يقطعون، الحشايشي، العادات، تحقيق الجيلاني بن الحاج يحي ، ص 195، تبدو هذه العادة متواصلة اليوم في بعض المدن التونسية مثل جربة.
[68]شيء من اللحم المفروم المخلوط باللية والكبد يحشون به المصارين.
[69] الحشايشي، العادات، تحقيق الجيلاني بن الحاج يحي، ص196، ويقدم أحمد الطويلي في تحقيقه وصفا أكثر دقة لكيفية صنع البناضج: يجعل شكل السميد المعجون كدائرة يوضع بنصفه اللحم المفروم ويُرجع عليه النصف الآخر ويُلصق بالنصف الآخر و يُبرم و يُفتل الطرفان بالأصابع في شكل حبل مفتول). ينظر الحشايشي، الهدية، تحقيق أحمد الطويلي، ص 96، الهامش 37.
[70]الحشايشي، العادات، تحقيق الجيلاني بن الحاج يحي، ص 196.
[71]ابن أبي الدينار، المؤنس، ص 332.
[72]نفس المصدر، ص 333.
[73]Lakhal R., Nourrir la ville et l’Etat, p 241-249.
[74]Elias N., La société de cour, Flammarion, Paris, 1985, p 331.
[75]الحشايشي، العادات، تحقيق الجيلاني بن الحاج يحي، ص38، حول أغذية الولادة ينظر سهام الدبابي الميساوي، الولادة في تونس، الطقوس والرموز، دار الجنوب للنشر، تونس، 2021.
[76]أكلة تتكون من دقيق القمح أو الشعير يُضاف إليه التوابل (وأحيانا الحمص و العدس) وتُخلط بزيت الزيتون.
[77]الحشايشي، العادات، تحقيق الجيلاني بن الحاج يحي، ص 36.
[78]نفس المصدر، ص 40.
[79]نفس المصدر، ص 67-68.
[80]نفس المصدر، ص 359.
[81]نفس المصدر، ص 361.
[82]نفس المصدر، ص 362.
[83]نفس المصدر، ص 183.
[84]يطلق نوربار إلياس على ذلك عبارة une consommation de prestige بمعنى استهلاك تفاخري، ينظرElias, N., La société de cour,p 17.