القضاء بالشاهد الواحد ويمين المدعي في الفقه الإسلامي والقضاء العُماني المعاصر
Judgment with One Witness and the Oath of the Plaintiff in Islamic Jurisprudence and Contemporary Omani Judiciary
الدكتور عبدالله بن سعيد المعمري– كلية العلوم الشرعية- سلطنة عمان
الدكتور صالح بن سعيد المعمري – جامعة الشرقية – كلية الحقوق – سلطنة عمان
الدكتور خليل بن حمد البوسعيدي – جامعة الشرقية – كلية الحقوق – سلطنة عمان
Abdullah ben Saeed Al Maamari – Saleh ben Saeed Al Maamari – Khalil ben Hamad Al Busaidi (Sultanat d’Oman)
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات المقارنة العدد 16 الصفحة 65.
Abstract:
This study reviews an issue of jurisprudence of great importance in the judicial work which is the ruling with one witness and the oath of the plaintiff، with the jurists agreeing on the legality of the judiciary with two just male witnesses or one just male witness and two just females presented by the claimant of the right. The jurists are also in agreement that the right of the plaintiff is established by evidence. If the plaintiff lacks the evidence and could not prove his right, and the defendant swears a denial of the lawsuit, thus the lawsuit claimed by the plaintiff is void. They further agree that if the defendant fails to swear in order to deny the law suit, the right of the plaintiff is again established. However, they differ in the case in which the plaintiff is unable to prove his right in full evidence with the defendant’s denial of the claim. Is the judgment valid for one witness or the minor evidence with the oath of the plaintiff himself? So, this study has come to discuss this issue and review the rulings and principles of the courts in the present time and evaluate what seems right. The study has also concluded several recommendations, including the importance of benefiting from the large juristic balance resulting from the jurisprudence of scholars to be applied in the legal districts and to develop legal texts continuously and permanently in accordance with the ideas and solutions that these jurisprudence produces. This study has also addressed the shortcomings and deficiencies in the laws in force with the abundance.
Keywords: testimony… oath… Judicial jurisprudence
الملخص:
تستعرض هذه الدراسة مسألة فقهيه ذات أهمية كبرى في العمل القضائي ألا وهي القضاء بالشاهد الواحد ويمين المدعي، ومع أتفاق الفقهاء على مشروعية القضاء بشاهدين عدلين ذكرين يقدمهما طالب الحق أو بشاهد ذكر عدل وشاهدتين عدلين من النساء، واتفاقهم كذلك على أن حق المدعي يثبت بالبينة، وأنه إن أعوزته البينة ولم يستطع إثبات حقه وحلف المدعى عليه منكرا الدعوى بطلت الدعوى التي ادعى بها المدعي، واتفقوا كذلك أن المدعى عليه إن تخلف عن الدفع بالمطالبة بيمين النكران فإن الحق يثبت للمدعي، إلا أنهم اختلفوا في الحال التي يعجز فيها المدعي عن إثبات حقه بالبينة التامة مع نكران المدعى عليه المطالبة هل يصح الحكم بالشاهد الواحد أو البينة القاصرة مع يمين المدعي نفسه، لذا جاءت هذه الدراسة لتناقش هذه المسألة وتستعرض ما في العصر الحاضر من أحكام المحاكم ومبادئها وترجح ما تراه الحق وخلصت إلى عدة توصيات منها أهمية الاستفادة من الرصيد الفقهي الكبير الناتج عن اجتهادات العلماء لتطبيقه في الأقضية الشرعية ولتطوير النصوص القانونية بصورة مستمرة ودائمة وفقاً لما تفرزه هذه الاجتهادات من أفكار وحلول معتبره، ومعالجة القصور والنقص في القوانين السارية بما تزخر به الحضارة الاسلامية من علوم فقهية تتفق مع الواقع وتواكب متطلبات الحياة المتجددة .
الكلمات الدلالية: الشهادة … اليمين … الاجتهاد القضائي
مقدمة:
إن رد الحقوق لأصحابها هي من أهم الواجبات التي جاء الإسلام بها، فلا تقبل توبة الإنسان مالم يرد الحقوق التي أخذها من غير حق لأصحابها كما بيّن ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – في قوله: “الذُّنُوبُ عَلَى وَجْهَيْنِ : ذَنْبٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ ، وَذَنْبٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَصَاحِبِهِ ، فَالذَّنْبُ الَّذِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ إِذَا تَابَ مِنْهُ كَانَ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ ، وَأَمَّا ذَنْبٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ فَلا تَوْبَةَ لَهُ حَتَّى يَرُدَّ الْمَظَالِمَ إِلَى أَهْلِهَا [1]“، وقد وُضع القضاء ليكون الوسيلة المعتمدة في الشرع التي لها القوة الشرعية لرد هذه المظالم والحقوق إن رفض من أخذها بردها، إلا أن الشرع قنّن الآليات والإجراءات التي بها يسوغ للقضاء استنفاذ القوة التشريعية له بإلزام المستولي على حقوق الآخرين بردها، وهذه الآليات هي ما يعرف في القانون باسم قواعد الإثبات وقوانينه، فكل طالب لحقٍ ما لن يحصل على حقه الذي يطالب به مالم يعتمد في طلبه على هذه القواعد .
وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك في حديثه: “لو يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لادَّعَى رِجَالٌ أموالَ قَوْمٍ ودِماءَهُمْ، لَكِنِ البَيِّنَةُ على المُدَّعِي والْيَمينُ على من أَنْكَرَ” [2] ، فطالب الحق من الجهة القضائية لن يُقبل طلبه ولو كان صادقا حتى يُثبت ذلك إما بالبينة وإما بيمين المدعى عليه المطلوب، فإن فشل في إدراك ذلك فلا يضمن القضاء حقه كما بيّن ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: ” إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فأَقْضِي لَهُ بِنحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ”[3].
وقد اتفق الفقهاء على مشروعية القضاء بشاهدين عدلين ذكرين يقدمهما طالب الحق أو بشاهد ذكر عدل وشاهدتين عدلين من النساء، كما ورد بذلك نص القرآن في سورة البقرة ” واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ” [4] .
واتفقوا كذلك أن حق المدعي يثبت بالبينة، وأنه إن أعوزته البينة ولم يستطع إثبات حقه وحلف المدعى عليه منكرا الدعوى بطلت الدعوى التي ادعى بها المدعي، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: “البينة على من ادعى واليمين على من أنكر”[5]. وقد أكدت مبادئ المحكمة العليا العُمانية ذلك حيث قررت: (إن فرض اليمين على المنكر لا يكون إلا مع تعذر البينات)[6]، وفي موضع آخر قالت: (لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة مع خلاف القاعدة الشرعية التي تقول: أن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر)[7] ، وجاء تأكيداً لذلك (إن اليمين لا تكون واجبة إلا إذا حين يعوز المدعي الدليل)[8] ولو أن هذه المبادئ جاءت قبل صدور قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية الذي صدر بتاريخ 17 مايو 2008م إلا أن القانون قد قام على ذات الأسس مع وجود اختلافات بسيطة فيه.
واختلف الفقهاء فيما عدا ذلك، فيذكر ابن رشد خلاف الفقهاء في إثبات حق المدعي بيمينه إن عجز عن إثبات الحق بالبينة، فيروي عن الإمام مالك أن يمين المدعي تثبت الحق إن أنكر الخصم، ويذكر في مقابل ذلك رأيا آخر في عدم قبول ما سوى البينة في حق المدعي[9].
ويبرهن ابن رشد سبب الخلاف بين القولين هو تردد الفقهاء في مفهوم حديث النبي صلى الله عليه وسلم ” البينة على من ادعى واليمين على من أنكر”[10]، هل أمر البينة واليمين مقصور بهما في كل مدع ومدعى عليه، فلا يتعدى ما ورد في النص حيث لم يرد خلاف ذلك، فلا تنتقل اليمين للمدعي فتثبت له حقه، أم أن ما ذُكر في الحديث هو بالنظر إلى وضع المدعي في كونه الأضعف فيحتاج إلى البينة المساندة وقد تكون شبهة المدعي أقوى فيكون القول قوله وتقبل يمينه[11].
أهمية الموضوع:
سيوضح هذا البحث حكم الاعتماد على الشاهد الواحد المدعوم بيمين المدعي كدليل من الأدلة المقدمة، وهل هذا النوع من الأدلة جائز شرعا للقاضي أن يحكم به أم هو غير جائز فلا يقضي القاضي به ويعتبر الدعوى مرفوضة لعدم اكتمال الدليل، وما هو واقع القضاء العماني المعاصر في هذا الأمر؟
وبالتأكيد تكمن أهمية هذا الموضوع من خلال ندرة الدراسات والبحوث العلمية التي تسلط الضوء على الاجتهادات القضائية الشرعية بصفة عامة، وقلة الدراسات والبحوث حول تطور الفكر الشرعي والاجتهاد القضائي في مسائل الإثبات في سلطنة عمان بصفة خاصة.
أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى استعراض الجوانب الشرعية حول موضوع القضاء بالشاهد واليمين في الفقه الإسلامي وذلك وفقا للمذاهب المختلفة مع التركيز على المذهب الإباضي نظراً لارتباطه بالعمل القضائي في محاكم سلطنة عمان، مع بيان آراء الفقهاء واختلافاتهم مدعمة بالأدلة الشرعية ومناقشتها وربط ذلك بالنصوص القانونية في قانون الإثبات مع الإشارة إلى الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم العمانية.
إشكالية الدراسة:
تتحدث أغلب الكتب والاجتهادات القضائية المختلفة عن إثبات المدعي لدعواه بالبينة وأنه إن أعوزته البينة ولم يستطع إثبات حقه وحلف المدعى عليه منكرا الدعوى بطلت الدعوى التي ادعى بها المدعي، ولكن القليل من كتب الفقه التي ناقشت حالة الاعتماد على الشاهد الواحد المدعوم بيمين المدعي كدليل من الأدلة المقدمة، وهل يستطيع القاضي ويجوز له شرعاً أن يعتمد عليه في حكمه أم يعتبر الدعوى مرفوضة لعدم اكتمال الدليل.
والقضاء العماني قد أسس مبادئ قضائية سار على نهجها في هذا الجانب نظراً لما واجهه من قضايا مستجدة تتطلب نظرة متعمقة في الاعتماد على الشاهد واليمين وعليه يمكن معرفة توجه القضاء العماني المعاصر في هذا الجانب.
تساؤلات الدراسة:
سيجيب هذا البحث على عدة تساؤلات هي:
- هل يجوز القضاء بالشاهد واليمين للمدعي؟
- ما هي أدلة المانعين الحكم بالشاهد الواحد ويمين المدعي؟
- ما هي أدلة المجيزين الحكم بالشاهد الواحد ويمين المدعي؟
- هل تقضي المحاكم العمانية بالشاهد الواحد واليمين للمدعي؟
منهج الدراسة:
تتبع هذه الدراسة المنهج التحليلي الذي يعتمد على تحليل النصوص الشرعية والقانونية والاجتهادات القضائية، إضافة إلى المنهج التطبيقي الذي يعتمد على منهج التطبيق الواقعي في الأحكام القضائية عند اختلاف الفقهاء أو عدم وجود تفسير واضح للنصوص الشرعية أو القانونية.
خطة الدراسة:
- المبحث الأول: الحكم بالشاهد واليمين عند الفقهاء:
- المطلب الأول: أدلة المانعين بالحكم بشاهد واحد ويمين المدعي:
- المطلب الثاني: أدلة المجيزين بالحكم بشاهد واحد ويمين المدعي:
- المبحث الثاني: الحكم بالشاهد واليمين في القضاء العُماني:
- الخاتمة والتوصيات
المبحث الأول: الحكم بالشاهد الواحد ويمين المدعي في القضاء
إن مما استقر عليه العمل القضائي أن القضاء يدور على معرفة المدعي من المدعى عليه، لأنه أصل مشكل، وإقامة الدليل أمام القضاء بالطرق والإجراءات المحددة لذلك على وجود أو صحة واقعة معينة متنازع عليها هو ما يُعرف قضاء بالإثبات، وسيتم في هذا المبحث معرفة حدود المدعي من الإثبات المقبول قضاء مع تسليط الضوء على المعمول به في القضاء العُماني المعاصر، وكيف تعامل القضاء العُماني المعاصر مع الحجج الناقصة التي يقدمها المدعي، وسيتم مناقشة ذلك في مطلبين على النحو الآتي:
المطلب الأول: معنى البيّنة ودلالاتها في العمل القضائي:
لم يختلف العلماء في حكم ما لواحد من الخصمين (المدعي والمدعى عليه) بعد تمييزهما، فعبء إثبات الدليل يكون على المدعي (الطالب) إذا أنكر المدعى عليه (المطلوب) المطالبة، وأن على المدعى عليه اليمين إذا لم تقم البينة على خلاف الظاهر[12]، وهل تتوجه اليمين على المدعى عليه مباشرة إن فشل المدعي إثبات مطالبه بالدليل أو على أقل تقدير وجود شبهة قوية تستدعي ذلك، وهي ما يسميها العلماء “بالخلطة”، حتى لا يُحلّف السفهاءُ أهلَ الفضل، أم أنّ اليمين حق للمدعي سواء كانت هناك شبهةُ خُلطةٍ أم لا؟ وسواء كان المدعي وضيعا والخصمُ شريفا أم لا؟[13]
ولا يلزم قضاءً أن يكون مقدّم الشكوى ابتداءً هو المدعي، فقد يكون مدعى عليه حسب سير الدعوى، ولذا قررت المحكمة العليا العُمانية أن توجيه اليمين من عدمها من المسائل التقديرية التي تستقل بها محكمة الموضوع متى كانت مطمئنة في حملها على ما يحمله من أدلة بناء على سير الدعوى[14]. وقررت المحكمة العليا العُمانية مبدأ آخر لحفظ الحقوق والعمل بهذه القاعدة وهو أن رفض المدعي يمين خصمه بعد عجزه عن إقامة البينة أثره رفض الدعوى، حيث إنه إما يقدم البينة أو يستحق يمين النكران من خصمه، ولا يحق له فوق ذلك شيء[15].
والبينة في باب القضاء هي كل ما يبين للقاضي وجه الحكم[16]، ولا خلاف في أن أقوى درجات البينة في القضاء الإسلامي هي الشهادة وهي من أكثر وسائل الإثبات انتشاراً،[17] يقول ابن العربي: “وأعلا مراتب البينة شاهدان عدلان”[18]، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : “البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر”[19]، ولاعتماد القضاء على هذا المبدأ من العهد النبوي إلى عهدنا الحاضر ولكثرة الروايات فيه اعتبر بعض العلماء هذا الحديث من الأحاديث المتواترة من حيث المعنى[20]، واعتبر العلماء هذا الحديث كذلك من جوامع الكلم، فقد استنبط العلماء من هذين الكلمتين ما بلغ دفاتر[21]، وقد فسّر الشرع المقصود بالبينة في هذا الحديث بأنها الشهادة، حيث نص عليها في روايات أخرى بقوله: “شاهداك أو يمينه”[22]، وفي أمر الزواج ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم – توثيق عقد الزواج بالبينة وتفسيرها إشهاد ذوي عدل، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: “لا نكاح إلا بولي وصداق وبيّنة”[23]، وقد قال تعالى في أحكام الرجعة من بعد الطلاق، “وأشهدوا ذوي عدل منكم”[24]، وقد ذكر المفسرون[25] أن هذه الشهادة هي ذاتها المعتمدة في عقد التزويج المفسرة للبيّنة المذكورة في قوله: “لا نكاح إلا بولي وصداق وبينة”.
والشهادة [26] كما يُعرّفها الفقهاء أنها إخبار الإنسان في مجلس القضاء بحق على غيره لغيره[27]، وقد عمل القضاء الإسلامي بمبدأ تقديم الشهادة على سائر وسائل الإثبات واعتبارها أقوى درجات الإثبات من العهد النبوي إلى وقت قريب من وقتنا، فلما ضعف الدين في نفوس الناس وكثرت شهادات الزور وابتعدوا عن نصرة أصحاب الحقوق بشهاداتهم وقلّ من يتصف بصفة العدالة من الشهود، وللأسباب التي تعتري الإنسان من حيث فطرته كالنسيان أو المحاباة أو اشتغال الذهن أو الانتقام أو ما يشتبه عليه من بُعْد واقعة الشهادة[28]، فلهذه الأسباب قل اعتماد القضاء على الشهادة باعتبارها المصدر الأول للإثبات[29]، بل وبسبب ذلك أنشئت وظيفة في بعض المحاكم في دول أخرى غير سلطنة عمان تُعنى بالنظر في عدالة الشهود من حيث القبول وعدم القبول وتسمى “بالمزكّي”[30].
واعتمد الناس بسبب ذلك على تثبيت حقوقهم بالتوثيقات والمستندات، وتغيّر تأثير ذلك حتى في القضاء والتشريع، فاعتمدت التشريعات المستحدثة الأدلة الكتابية والمستندات الرسمية كأقوى الأدلة تليها بعد ذلك الشهادة ثم القرائن وبعدها الإقرار وأخيرا الأيمان، فبعد أن كانت الشهادة أعلى مراتب البينات صارت المحررات الكتابية هي الأقوى، إلا أن الشهادة ظلت من الأدلة التي لا يستغني عنها القضاء فاعتنى برسم إجراءاتها وطرق سماعها وتشديد العقوبة على منتهكها[31].
وقد انتقد قديما العلاّمة ابن القيم كلام الفقهاء حين حصروا البينة على الشاهدين أو الشاهد واليمين، فانتصر ابن القيم لقول من اعتبر أن البينة أعمّ من كونها الشهادة فقط، فهي عنده اسم لكل ما يبيّن الحق من شهود وقرائن وغيرها، فأي شيء يقوم مقام البينة عُمل به وإلى هذا ذهب الإمام أحمد بن حنبل[32]، فمتى وجدت القرائن التي تقوم مقام البينة عُمل بها، ويفسّر ابن القيّم حديث النبي -صلى الله عليه وسلم: “البيّنة على المدّعي” و “ألك بيّنة” أي ألك ما يبيّن الحق من شهود أو دلالة، واعتبر ابن القيم أن حصر البينة في الشاهدين أو الشاهد واليمين سبب في تضييع الحقوق وسبب في تضييع طرائق الحكم، لأن الظالم لما أدرك حصر البينة في الشاهدين عمل بحال لا يقوم عليه ذلك، ولو عمل القاضي بالرأي الأعم ثبت الحق عنده بكل شيء، بالشاهد والقرينة وغيرها[33].
المطلب الثاني: الحكم بالشاهد واليمين في القضاء العُماني:
من التشريعات التي عملت بالتوسع في الأخذ بالبينات التشريعُ العُماني في قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 68/2008،[34] حيث نصت المادة (42) على أن الدليل الكتابي مقدم على الشهادة، ولذا بدأ القانون بذكر الدليل الكتابي كأول الأدلة المعتمدة لإثبات الحق، فكان هو الباب الثاني بعد مقدمة الأحكام العامة، وأفرد المشرع العُماني الباب الثالث للشهادة مبينا أحكامها وطرق قبولها.
ووفقا للمرسوم السلطاني رقم 51/2022 بتعديل بعض أحكام قانون الكتاب بالعدل، تم تهميش مبدأ الشهادة إلى عدم اعتبارها شرطاً في كثير من العقود والمحررات، ما يدلّ أن القضاء في سلطنة عمان يسير على أن البينة ليس هي الشهادة فقط، بيد أن المادة (43/د) أبقت قوة الشهادة للإثبات في يد القاضي حين أعطته السلطان في قبول الشهادة كاملا بلا حدود إذا اقتنعت المحكمة بالأسباب المقدمة الاعتماد على الشهادة من غير ذكر ماهية الأسباب أو حصرها، ما يعني بقاء قوة الشهادة مقارنة بالمحررات الكتابية في القضاء العُماني، وفي المقابل لم يقبل القضاء العماني الشهادة القاصرة كشهادة ثلاث نساء[35] .
فقد جاء في مبادئ المحكمة العليا (إن تحصيل الوقائع وفحصها وبحث الأدلة كالقرائن والمستندات وتقدير أقوال الشهود والموازنة بينها أمور تخضع لاختصاص محكمة الموضوع ما لم تخرج بتلك الأقوال والمستندات وغيرها إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها)[36] ، وكذلك (إن دراسة الأدلة القولية والمستندية أمر تختص به محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك من المحكمة العليا، ويكون قائما على أسباب سائغة الحكم الذي صدر بعد إجراء معاينة النزاع وبعد تلقي حجج الخصوم)[37] .
وتعتبر الشهادة الشفهية سواء كانت أصلية أم سماعية[38] هي الأصل في أداء الشهادات[39]، ويكون أداؤها أمام قاضي الموضوع كما سار عليه العمل في القضاء العُماني، إلا أنه مع ذلك تقبل الشهادة المكتوبة المعتمدة الموثقة قضاء [40]، وينبغي التفريق وعدم الخلط بين الشهادة في المحررات والمستندات الرسمية والعرفية والشهادة الكتابية، فالأولى لأجل توثيق المستند، والثانية هي شهادة قضائية عوضا عن الشهادة الشفهية في مجلس القضاء تقبلها المحكمة استثناء لعارض تقبله المحكمة كسفر وسجن وغيره[41].
ومن الأدلة التي اعتمدها القضاء العُماني اليمين التي يوجهها أحد الخصوم على الآخر لإثبات حقه أو دفاعه كما نص على ذلك في المادة (67) وسماها باليمين الحاسمة، وهي كما تعرّفها مبادئ المحكمة العليا: “قول يتخذ فيه الحالفُ اللهَ عز وجل شاهدا على صدقه بالقول أو على إنجاز ما يعد”[42]، حيث جاء ضمن أحكام المحكمة العليا (لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة مع خلاف القاعدة الشرعية التي تقول أن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر)[43] ، وجاء تأكيداً لذلك (إن اليمين لا تكون واجبة إلا إذا حين يعوز المدعي الدليل)[44]، ووضع لها ضوابط خاصة في قبولها وأدائها واعتبر أداءها إنهاء للدعوى، واعتبر من رفض أداءها من غير عذر تقبله المحكمة خاسراً لدعواه[45]، ومن مبادئ المحكمة العليا العُمانية في هذا الجانب (أن رفض المدعي يمين خصمه بعد عجزه عن إقامة البينة أثره رفض الدعوى، حيث إنه إما يقدم البينة أو يستحق يمين النكران من خصمه، ولا يحق له فوق ذلك شيء) [46].
ومن باب التوسع في إجراءات التقاضي -كغيره من النظم القضائية- اعتمد القضاء العّماني على اليمين المتممة لتوثيق البينة ولو مع وجود الشهادة، واليمين المتممة هي[47] : اليمين التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أحد الخصوم في حال ضعفت قناعته في الأدلة المقدمة[48]، واليمين المتممة في القضاء العماني[49] هي ملك للقاضي وليست من أدلة الإثبات التي يقع عبء تقديمها على المدعي، وإنما هي تحت سلطة القاضي وإجراء يتخذه بناء على رغبته في استقصاء الحقيقة متى ما رأى ذلك في مصلحة الحكم[50].
وقد تعتبر هذه اليمين القانونية “اليمين المتممة” بمثابة اليمين الداعمة للشهادة -موضوع البحث- في بعض أجزائها، خاصة فيما يتعلق بدعم دليل لم يكتمل[51]، وهو عندنا نصاب الشهادة، وإن كان القانونيون أنفسهم يختلفون في جدوى تطبيقها لأنها تعطي القاضي السلطة من ذات نفسه للانتقال من الدليل القانوني إلى منطقة الضمير الذاتي للبت في الدعوى[52] .
وفي مبادئ المحكمة العليا العُمانية أن شرط توجيه اليمين المتممة ألا يكون في الدعوى دليل كامل، وإلا تكون الدعوى خالية من أي دليل [53]، وبناء على مبادئ المحكمة العليا العمانية لتأكيد هذا الخلاف القانوني فإن من مبادئها عدم الحسم باليمين المتممة، وللمدعي الذي حاز على بينة لم تكن متوفرة في السابق أن يقدمها ولو بعد أداء اليمين، حيث جاء من ضمن أحكام المحكمة العليا العُمانية ومبادئها: (اليمين الحاسمة وفقا للقاعدة القانونية تتفق مع اليمين القانونية في أنها لا توجه إلا في حالة عدم وجود بينة لدى المدعي وهي بخلاف اليمين القانونية التي لا تحسم النزاع بصفة نهائية بمعنى انه يجوز للمدعي إن وجد بينة بعد اداء خصمه اليمين أن يتقدم بها إلى القاضي)[54] .
ولم يتطرق قانون الإثبات بالتصريح في مسألة الحكم بالشاهد واليمين وهل للقاضي أن يحكم به قانونا أم لا، إلا أنه يفهم من أحكام المحكمة العليا ومبادئها عدم العمل بمبدأ الحكم بالشاهد واليمين، فقد جاء من ضمن أحكام المحكمة العليا أن شهادة الواحد لا تقبل في إثبات الحقوق، ولم يقرر الاعتماد على يمين المدعي إن لم يملك إلا هذا الشاهد [55]، بل وصرحت المحكمة في حكم آخر أن شهادة الشاهد الواحد لا يؤخذ بها في إثبات السرقة وعلته في ذلك هو عدم اكتمال نصاب الشهادة، حيث على المحكمة تطبيق قاعدة البينة على من ادعى واليمين على من أنكر إذا لم تقبل الشهادة في الإثبات[56]، ليبين توجه المحكمة العليا عدم الأخذ بقول العمل بالحكم بالشاهد واليمين وإلا لنصت على ذلك.
وفي ختام المبحث الأول يتبين لنا أن القضاء العماني بصفة عامة والمحكمة العليا في سلطنة عمان بصفة خاصة مع عدم العمل بالشاهد الواحد ويمين المدعي وفقاً لما استقرت عليه الاحكام القضائية وسار عليه القضاء العماني دون خلاف، مع حكمهم باليمين للقانونية “اليمين المتممة” باعتبارها بمثابة اليمين الداعمة للشهادة في بعض أجزائها، خاصة فيما يتعلق بدعم دليل لم يكتمل وكمرجح له.
المبحث الثاني: الحكم بالشاهد الواحد مع يمين المدعي عند الفقهاء:
اختلف الفقهاء في الحكم بالشاهد واليمين فمنع طائفة من العلماء الحكم بشاهد واحد ويمين المدعي وفي مقدمتهم الإباضية [57] وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر والثوري والأوزاعي وابن شبرمة [58]، ونسبه ابن رشد إلى جمهور أهل العراق[59] وعزاه الشوكاني إلى الإمام يحيى وإلى أبي حنيفة وأصحابه[60]، بينما أجاز طائفة كبيرة من العلماء الحكم بشاهد واحد مع يمين المدعي، ومن هؤلاء: المالكية، والشافعية، والحنابلة[61]، والظاهرية[62]، وقد حكى صاحب البحر هذا القول عن أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ بن أبي طالب وأبيّ بن كعب وابن عباس وعمر بن عبد العزيز وشريح والشعبي وربيعة وفقهاء المدينة[63]، ومن هؤلاء من خصّ القول بالجواز في الأموال فقط[64].
وعليه ولأجل مناقشة أدلة المانعين الحكم بالشاهد الواحد ويمين المدعي وكذلك أدلة المجيزين له بصورة معمقة فإننا سنقوم بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين، المطلب الاول يتحدث عن أدلة المانعين والمطلب الثاني يناقش أدلة المجيزين.
المطلب الأول: أدلة المانعين بالحكم بالشاهد الواحد مع يمين المدعي:
يمكن إجمال أدلة المانعين بالحكم بالشاهد الواحد مع يمين المدعي في عشر نقاط هي:
أولا: أن الحكم بشاهد واحد ويمين المدعي مخالف لقوله تعالى: “واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان من نسائكم ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى.[65]“، والعمل به رافع لما قصده الشارع من أمر الشهادات من الاحتياط والوثيقة على ما بينه في هذه الآية، وقصد به من المعاني المقصودة بها، ذلك لأن الله تعالى قسم أنواع الشهادة وعددها، ولم يذكر الشاهد واليمين، فلا يجوز القضاء به، لأنه يكون قسما ثالثا، فيما قد قسمه الله تعالى قسمين[66] .
واعتُرض على هذا الاستدلال أنه مما سار عليه القضاء إجماعا الحكم للمدعي بنكول المدعى عليه ويمين المدعي، وهذا ليس في كتاب الله تعالى، فهو قسم ثالث ليس له ذكر في القرآن، ومن هذا الباب جاز الحكم بالشاهد واليمين وإن لم نجد له ذكرا في القرآن[67].
ثانياً: أن الله سبحانه وتعالى أوجب التوثيق على عقود المداينات في قوله : “يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه”[68]، ولما كان التوثيق يتضمن الإشهاد فإن الأمر به يشمله في الوجوب لأن ظاهر اللفظ “فاكتبوه” يقتضي الإيجاب، لأنه أمر، وأوامر الله على الوجوب، فيجب الاستشهاد في المداينات، حيث أكد سبحانه وتعالى ذلك في قوله: “واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان من نسائكم ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى”، والأمر بالاستشهاد في قوله تعالى: “واستشهدوا” يتضمن كذلك عند التجاحد في إقامتها عند الحاكم ولزوم أخذ الحاكم بها ويجب على القاضي قبول الاستشهاد في حكمه[69].
واعتُرض على هذا الاستدلال بأن الآية وسائر النصوص الأخرى إنما هي لبيان جواز العمل بشهادة العدول، وأن شهادة الرجلين مشروعة مقبولة، وهذا لا يمنع جواز قبول شهادة الرجل الواحد مع يمين المدعي، إذ ليس فيها بيان نفي ذلك بدون العدد، ولا يوجد دليل يمنعه، وأن قبول يمين المدعي مع شاهد واحد ليس من قسم الشهادة، وإنما الحكم هنالك باليمين، وحطُّ الشاهد هناك هو لترجيح جانب المدعي ويمينه[70].
ثالثاً: أن الآية تضمنت كذلك على شيئين من أمر الشهود وهما، (العدد والصفة)، وهي أن يكونا أحرارا مرضيين لقوله تعالى: “من رجالكم ” (أي الأحرار)، وقوله: “ممن ترضون من الشهداء[71]” ، وهي صفة العدالة كما بينتها الآية الأخرى “وأشهدوا ذوي عدل منكم”[72]، فلما لم يجز إهمال الصفات المشروطة للشهود والاقتصار على ما دونها لم يجز أيضا إسقاط العدد، ولئن كانت صفتا العدالة والرضا إنما نثبتها من طريق الظاهر ولم تسقط فكيف نسقط العدد مع أنه ثابت بطريق اليقين لأن دلالته قطعية، ولذا فإن الحكم بالشاهد واليمين فيه إسقاط لا شك فيه، وإهمال للعمل بمقتضى النص ” شهيدين ” و” فرجل وامرأتان “، فلا يجوز الأخذ به[73].
واعتُرض على هذا أنه استدلال بمفهوم العدد وهو من أضعف أنواع المفاهيم عند الأصوليين، على أن الحنفية أنفسهم لا يقولون بحجية المفهوم مطلقا من أي نوع كان ويسمونها بالاستدلالات الفاسدة، فكيف بمفهوم العدد المضعف[74].
ورد المانعون على هذه الاعتراض بما حاصله أن المقصود من منع العمل بالشهادة التي تكون دون العدد المطلوب من المشرع، فالمقادير في الشرع تذكر إما لمنع النقصان دون الزيادة كأقل مدة الحيض، أو لمنع الزيادة دون النقصان كأكثر مدة الحيض، والتقدير الوارد في الآية المذكورة في معرض الشهادة هو ليس لمنع الزيادة وهذا متفق عليه بين الفقهاء، وإنما لمنع النقصان، فلو لم يفد منع النقصان لم يبق لهذا التقدير فائدة، وحاشا أن يكون التقدير المنصوص عليه خاليا من الفائدة، فكلام الله عزوجل منزه عن العبث.
إضافة لما تقدم، فإن تقدير العدد في الشهادة فيه معنى طمأنينة القلب، وذلك عند إخبار الجماعة أظهر منه في خبر الواحد، وفي الشهادة محض الإلزام، وخبر الواحد لا يكفي لذلك، وتعدد الشهود فيه معنى التوكيد، بأن ما يقال ويخبر به هو حق وصدق، فالتزوير والتلبيس في الخصومات يكثر فيشترط العدد في الشهادات صيانة للحقوق المعصومة[75].
رابعاً: أنه مما يفهم من الآية كذلك أن الله أراد الاحتياط في شهادة النساء فأوجب شهادة المرأتين في مقابل الرجل حيث قال تعالى ” أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى”، ثم قال: “ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا”، فنفى بذلك أسباب التهمة والريبة والنسيان، وفي مضمون ذلك عدم قبول البينة التي تحتوي على تهمة وريبة ومنها الحكم بالشاهد ويمين المدعي الطالب، لما فيه من الريبة والحكم بغير مقتضى الآية، فدل على عدم قبول الحكم بالشاهد واليمين وعلى بطلان الحكم بذلك[76].
خامساً: إن مما دلت عليه الآية في قوله تعالى “ممن ترضون من الشهداء” أن المقصود بالقبول والرضى هو الشهادة، ويمين المدعي لا يقع عليها اسم الشاهد، ويمين المدعي هي إثبات لما يدعيه لنفسه، فلا يجوز أن يكون رضى لأمر يدعيه لنفسه، ذلك لأن يمين المدعي هي دعواه، ولأن مخبرها ومخبر الدعوى واحد وهو المدعي، فلو استحق بيمينه الحق الذي يطالب به كان مستحقا بدعواه، وقد منع النبي – صلى الله عليه وسلم- أن يستحق بها شيئا، حيث قال: ” لو يعطي الناس بدعواهم لادعى قومٌ دماء قوم وأموالهم”[77]، فلما لم يجز أن يستحق بدعواه شيئا لم يجز كذلك أن يستحق بيمينه إذ كانت يمينه قوله، وبهذا اعتبر المانعون بالقضاء بشاهد واحد مع يمين المدعي العمل به مخالفا للسنة النبوية المذكورة[78].
واعتُرض على هذا الاستدلال بأن اليمين التي على المنكر لا تتعداه، لأنها تعتبر يمين دافعة، أي تدفع عن قائلها الحق، بينما اليمين التي يأتي بها المدعي مع الشاهد هي يمين جالبة، بمعنى أنها تجلب له الحق، فهي غيرها فلم يبطل الحصر، حيث أنها تقبل في حق المودع إذا ادعى رد الوديعة، وفي حق الملاعن، وتقبل كذلك في القسامة، وبإن القول باعتماد يمين المدعي مع الشاهد ليس تحويلا عن يمين المنكر والمدعى عليه، بل إثبات ليمين أخرى بالسنة[79].
وأجيب على هذا الاعتراض أنه لما لم تتحول البينة عن المدعي إلى المدعى عليه فكذلك لا يجوز العكس، وهو تحويل اليمين من المدعى عليه إلى المدعي، ولا شك أنه خلاف النص[80].
واعترض بأن التحويل واقع غير مُنكَر، لأنه لو ادُّعِيَ عليه فأنكر، لم يكن للمنكر إقامة البينة، ولو ادعى المدعى عليه قضاء الحق الذي عليه كان له إقامة البينة مع أنها بينة ثابتة في الحالين.
ويُردّ على هذا بأن المدعى عليه لما أجاب على دعوى المدعي بقضائها، فإنه يكون قد أقر ضمنا بأصل الحق ووجود الصفة في الدعوى، فثبتت عليه دعوى المدعي، ولكنه انقلب في الحال إلى مدعٍ، حيث ادعى قضاء الحق المطلوب، فعليه أن يثبت دعواه بالبينة، فيظهر من ذلك أن البينة لم تنتقل من المدعي على المدعى عليه، وإنما هي دعوى مختلفة، فبطل الاعتراض[81].
سادسا: أن النبي عليه الصلاة والسلام أوجب اليمين على المدعى عليه في قوله: “البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر”، ولو جُعلت حجة المدعي اليمين لا تبقى واجبة على المدعى عليه، وهو خلاف النص، وقد بيَن عليه الصلاة والسلام ذلك في قوله: “واليمين على من أنكر”، فجعل كل جنس اليمين حجة المدعى عليه، لأنه عليه الصلاة والسلام ذكر اليمين بلام التعريف فيقتضي استغراق كل الجنس، فلو جُعلت حجة المدعي لا يكون كل جنس اليمين حجة المدعى عليه، بل يكون من الأيمان ما ليس حجة له – وهو يمين المدعي- وهذا خلاف النص[82].
سابعاً: كان قضاء الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم قبول الشاهد واليمين، لأنه النبي -صلى الله عليه وسلم- نفى أن يستحق المدعي شيئا بغير الشاهدين، وأخبر أنه لا شيء له غير ذلك، وفي ذلك ما يدل على بطلان الحكم بالشاهد واليمين[83]. وقد وقع ذلك في واقعتين مختلفتين، ففي الحديث الذي أخرجه الشيخان البخاري ومسلم عن الأشعث بن قيس قال: “كان بيني وبين رجل خصومة في شيء، فاختصمت إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقال: ” شاهداك أو يمينه”، فقلت: إذن يحلف ولا يبالي، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم: “من حلف على يمين يقطع بها مال امرئٍ مسلم وهو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان”[84].
والواقعة الثانية في حديث علقمة بن وائل بن حجر عن أبيه في الحضرمي الذي خاصم الكندي في أرض ادعاها في يده، وجحد الكندي، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم- للحضرمي: “شاهداك أو يمينه، ليس لك إلا ذلك”. واعترض بأن الحديث لم ينف أن يستحق المدعي بإقرار المدعى عليه فكذلك لا ينفي أن يستحق بشاهد ويمين[85].
وأُجيب بأن حكم النبي -صلى الله عليه وسلم- ورد في دعوى أنكر فيها المدعى عليه ما يدعي به عليه المدعي وجحده ” وجحد الكندي “، فبيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- للمدعي حكم ما يوجب صحة دعواه عند الجحود، وأما حال الإقرار فلم يجر لها ذكر وهي موقوفة على الدلالة، إضافة إلى ذلك أيضا أنّ ظاهره يقتضي أن لا يستحق شيئا إلا ما ذُكر في الخبر، والإقرار قد ثبت بالإجماع وجوب الاستحقاق به، فكان الحكم به واجبا، أما الشاهد واليمين فمختلف فيه، فقضى قوله – صلى الله عليه وسلم- “شاهداك أو يمينه، ليس لك إلا ذلك” ببطلانه[86].
ثامناً: إن مما استقر عليه العمل القضائي أنه لا يقضى بالشاهد واليمين في الأبدان وقضايا الجناية على النفس فكذلك الأموال بطريق القياس، وبينوا بأنه وإن وُجد الفارق بين أحكام الأموال وأحكام الأبدان والتي لا يُقبل فيها شهادات النساء، ولا تثبت باليمين مع النكول عند المالكية والحنفية خلافا للشافعي، فإنه لا يعني ذلك سقوط قيمة الأموال، وعدم اعتبار البينات الصالحة لإثباتها أو نفيها، ولا شك أن الأموال معصومة كعصمة الأبدان، وقد ورد الشرع باستحقاقها من ذكرين أو ذكر وامرأتين بشرط العدل والرضى[87].
تاسعاً: إن اليمين لو كانت كالشاهدين لجاز تقديمها على الشاهد، كأحد الشاهدين مع الآخر، ولجاز إثبات الدعوى بيمينه.
واعترض بأن هناك فرقا بين الأمرين لأن الشاهدين معناهما مستويان فلا مزية لأحدمها على الآخر في التقديم، وأما اليمين فإنما تدخل لتقوية جهة الشاهد، فلا قوة لها قبل الشاهد، فلا تدخل ولا تُشرع، وشُرع الشاهدان لأنهما حجة مستقلة مع الضعف[88].
وأُجيب على هذا الاعتراض بأنه لما لم تكن اليمين ترقى إلى درجة الشاهد في الإثبات، فكيف يصح العدول عن الشهادة إليها، مع العلم أن موقف المدعي من حيث الأصل ضعيف، لأنه يدعي خلاف الظاهر، ولذا يحتاج إلى بينة قوية وهما الشاهدان لتغير هذا العلم، وإلا فإنه يزداد باليمين ضعفا إلى ضعفه.
المطلب الثاني: أدلة المجيزين بالحكم بالشاهد الواحد ويمين المدعي:
احتج القائلون بجواز الحكم بالشاهد الواحد مع يمين المدعي بأدلة كثيرة أبرزها ما رُوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قضى بنفسه بشاهد واحد مع يمين المدعي، فمن طريق ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قضى بيمين وشاهد”. وجاء عن ربيعة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، باليمين مع الشاهد الواحد، وقد نص الحديثان على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قضى بنفسه بشاهد واحد مع يمين المدعي، وهناك روايات أخرى تساند هاتين الروايتين إلا أنها جميعا لا تخلو من مقال في أسانيدها، فإن طرقها تدور بين الضعفاء والمتروكين، ومنها ما فيه انقطاع وفي بعضها جهالة[89]، قال أبو عمر بن عبد البر بعد ذكر الرواية الأولى رواية ابن عباس رضي الله عنهما: “هذا أصح إسناد لهذا الحديث[90]“[91]، وقال البزار: “في الباب أحاديث حسان أصحها حديث ابن عباس”[92]، ونقل في التلخيص عن ابن الجوزي أنه قال: “وأصح طرقه – أي حديث الشاهد واليمين- حديث ابن عباس ثم حديث أبي هريرة”[93]. إلا أنه قد اعتُرض على هذين الحديثين من عدة وجوه:
الوجه الأول: بالنظر إلى الإسناد: وبينوا أن القاعدة مستقرة على أن الحكم يستفاد من الدليل متى ما كان الدليل ثابتا صحيحا، فلو هدم أصل الدليل لم يكن للاستدلال به معنى ولم يكن للحكم به حجة، ولذا رد المانعون بالحكم بالشاهد واليمين الحديثين حديث ابن عباس وحديث أبي هريرة، وقالوا هما حديثان ضعيفان لا يثبتان عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن قيل في حديث ابن عباس أنه أصح ما ورد في هذا الباب، وذلك لعدة أمور:
- ضعف سيف بن سليمان أحد رواة الحديث[94]، وقد طعن في سنده يحيى بن معين وقال عن هذا الحديث: “لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاهد ويمين”[95].
- قال البيهقي: “أعله الطحاوي بأنه لا يعلم قيسا – قيس بن سعد أحد رواة الحديث- يُحدّث عن عمرو بن دينار بشيء”، وأجيب إن كان الطحاوي لا يعلم قيسا يحدث عن عمرو بن دينار شيئا فقد علمه غيره[96].
- أن عمرو بن دينار لم يثبت له سماع من ابن عباس،[97] قال الترمذي في العلل: “سألت محمدا -يعني البخاري- عن هذا الحديث، فقال: لم يسمعه عمرو عن ابن عباس”، وأجيب عن هذا الاعتراض أن لعمرو بن دينار روايات سمعها من ابن عباس، وقد سمع من جماعة من أصحاب ابن عباس، فلا ينكر أن يكون سمع منه حديثا أو سمعه من بعض أصحابه عنه[98].
- رواية أبي هريرة مضعفة من عدة وجوه، وسندها من طريق الدراوردي عن ربيعة بن عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، وسهيل ابن أبي صالح الراوي ينكر روايته لهذا الحديث[99]، قال أبو داوود صاحب السنن: “وزادني الربيع بن سليمان المؤذن في هذا الحديث قال: أخبرنا الشافعي عن عبد العزيز قال: فذكرت ذلك لسهيل -أي الحديث- فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه، ولا أحفظه[100].
- ضعف كثير من العلماء سهيل ابن أبي صالح بعد اختلال حافظته ونسيانه كثيرا من الأحاديث، قال عبد العزيز -ممن عاصر سهيل ابن أبي صالح-: “وقد كانت أصابت سهيلا علة أزالت بعض عقله، ونسي بعض حديثه”، وعلّق أبو بكر الجصاص على ذلك بأن مثل هذا الحديث لا يثبت به شريعة مع إنكار من رُوي عنه نفس الحديث وفقد معرفته به، واعترض المستدلون بهذا الحديث عن هذه العلة بأنه يجوز أن يكون رواه ثم نسيه، وخاصة أن الذي روى عنه ثقة، وأُجيب بأنه يجوز أن يكون قد وهم به بداية فروى مالم يكن سمعه، ثم نفاه آخر الأمر عن نفسه وجحده[101].
الوجه الثاني: بالنظر إلى المتن: طعن المعارضون لمبدأ الحكم بالشاهد واليمين على الحديثين من حيث متونها، فمع التسليم بصحة السند إلا أنها لا تخلوا إما أن يكون هذا النص منسوخا أو مؤولا، وذلك للاعتبارات الآتية:
- يرى علماء الحنفية المعارضون لمبدأ قبول الحكم بشاهد واحد مع يمين المدعي أن الحديث الذي يعتمد عليه المجيزون مخالف للنص القرآني القاضي بالاستشهاد برجلين أو رجل وامرأتين، ويعتبرون أن الحديث فيه أمر زائد عن النص القرآني، والزيادة على النص نسخ، ولا يصح النسخ هنا لأن الدليل الناسخ وهو حديث قضاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالشاهد واليمين آحادي من السنة ولا ينسخ المتواتر من القرآن، ولذا فينبغي طرح الرواية وعدم الاستدلال بها [102]، فقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- انه قال: “ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فهو عني، وما خالفه فليس مني”، فيكف يُزال حكمٌ ثبت بنص الكتاب برواية تحتمل الثبوت وعدم الثبوت، وفي مقابل ذلك أجاب المجيزون على هذا الاعتراض بأنه ليس كل زيادة على النص تعتبر نسخا، فقد يكون تقييدا لمطلق لا نسخا، لأن النسخ رفع الحكم ولا رفع هنا، ولأن الناسخ والمنسوخ يتواردان على محل واحد[103].
- أنه إن لم يؤخذ بالطريقة السابقة في طرح الحديث فلا أقل من أن يقال بأن الحديث منسوخ بنص القرآن، ويبين الجصاص في كتابه أحكام القرآن هذا الأمر فيقول: فلما كان حكم القرآن في الشاهدين والرجل والمرأتين مستعملاً ثابتاً، وكانت أخبار الشاهد واليمين مختلفا فيها وجب أن يكون خبر الشاهد واليمين منسوخا بالقرآن، لأنه لو كان ثابتا لاتُفق على استعمال حكمه كاتفاقهم على استعمال حكم القرآن.”[104] .
وأجاب المجيزون بأن النسخ يحتاج لدليل يثبته، ولا دليل يبين تاريخ نزول الآية ولا تاريخ ورود الحديث، ولذا رد المعترضون بأن السلامة في العمل بما في القرآن المتفق على دلالته وثبوته، مع سلامة الدين بالخروج من الخلاف، خاصة وأن طرق الحديث من حيث السند يعتريها الضعف واللين[105].
- على التسليم بصحة الروايات وعدم وجود النسخ، فالحديثان قابلان للتأويل توفيقا بينهما وبين الآيات القرآنية المعارضة لهما وكذلك الأحاديث الأخرى المتفق على صحتها وثبوتها، فالأدلة إن تعارض ظاهرهما فالجمع بينهما للعمل بها جميعا خير من العمل ببعضها وطرح البعض الآخر، ومن هذا الباب يرى المعارضون لما في الحديثين من معارضة لآيات القرآن والسنة الثابتة أن المراد بقوله: “بشاهد ويمين” أي جنس الشاهد وجنس اليمين، وبيان ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشهادة عند توفرها لأنها البينة، سواء كانت عن رجلين أو رجل وامرأتين، وقضى كذلك باليمين إذا انعدمت البينة عن المدعي فحلف المدعى عليه فتبرأ ذمته من الحق، لما جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم: “البينة على من ادعى واليمين على من أنكر”[106] .
واعترض المجيزون بعدم قبولهم هذا الرد وأن التأويل صرف عن ظاهر النص بلا دليل، لأن كلمة الشاهد وردت في الحديث نكرة، فهي لا تدل على العموم لأنها مثبتة غير منفية، ورد المعترضون بأنها وإن كانت مثبتة فإنها تدل على العموم إذا دلت على ذلك القرينة كما في قوله تعالى: ” علمت نفس ما أحضرت”[107]، فهو شامل لكل نفس بدون استثناء، بالإضافة إلى أنه وردت رواية أبي هريرة بالتعريف حيث قال: “قضى باليمين مع الشاهد”، فدل ذلك على المطلوب صراحة دون تكلف وهو جنس الشاهد وجنس اليمين، إذ هي “أل” الجنسية الدالة على العموم[108].
واعترض المجيزون أيضا على هذا الرد بأن المراد بالعطف بين الشاهد واليمين الوارد في الحديث هو الجمع بينهما، لا أنه حكم لكل واحد منهما مستقلا عن الآخر، ويؤكد ذلك رواية أبي هريرة حيث عبر فيها بلفظة “مع” بدلا من الواو، فظاهر النص دال على المطوب ولا يحتاج لتكلّف تأويل، وأجاب المعارضون بأن المراد بقوله: ” قضى باليمين مع الشاهد” أي قضى باليمين تارة إذا لم توجد بينة، وبالشهادة برجلين أو رجل وامرأتين تارة أخرى، فقد قضى بالوجهين جميعا حيث تدل “مع” بمعنى “جميعا”، وذلك من استعمال المقيد بمعنى المطلق[109].
- أن المراد بالحديث حكاية واقعة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس بلفظ العموم في إيجاب الحكم بشاهد ويمين حتى يحتج به في غيره، فلم يبين الحديث كيفية وقوعها في الخبر، فهي واقعة حال لا عموم لها.
وأجاب المجيزون على هذا الرد بأن الحديث ورد من طرق كثيرة حتى أوصلها بعضهم إلى إحدى وعشرين طريقا، فهل يمكن أن تُحمل جميعها على أنها واقعة حال؟ ورد المعارضون بأن المعول على رواية ابن عباس وأبي هريرة الأقوى سنداً من تلك الطرق، حيث أن باقي الطرق ضعيفة لا حاجة لفرض الاحتمالات فيها[110].
- من باب التأويل فإنه يحتمل أن يريد الراوي في هاتين الروايتين بقوله: “قضى بالشاهد مع اليمين” أن وجود الشاهد الواحد لا يمنع استحلاف المدعى عليه، إن استحلفه مع شهادة شاهد، فأفاد الحديث أن شهادة الشاهد الواحد لا تمنع استحلاف المدعى عليه، وأن وجوده وعدمه بمنزلة، وقد كان يظن ظان أن اليمين إنما تجب على المدعى عليه إذا لم يكن للمدعي شاهد أصلا، فأبطل الراوي بنقله لهذه القضية ظن الظان ذلك[111].
- ويحتمل كذلك أنه جائز أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد واحد وهو خزيمة بن ثابت الذي جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- شهادته بشهادة رجلين، فاستحلف الطالب “المدعي” فوق هذه الشهادة حتى مع اعتبارها عن اثنين لأن المطلوب “المدعى عليه” ادعى البراءة.[112]
- يُحتمل وورد الحديث في مسألة بعينها، كأن تكون القضية فيمن اشترى جارية وادعى عيبا في موضع لا يجوز النظر إليه إلا لعذر، فتقبل شهادة الشاهد الواحد في وجود العيب مع يمين المشتري المدعي، فيكون قد قضى بالرد على البائع بشهادة شاهد مع يمين الطالب.
- ويحتمل أن تكون القضية التي قضى فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أمان الكافر، فقد روي عن بعض الصحابة قبولهم لشاهد واحد مع اليمين في قضائهم في الأمان، قال الإمام الشوكاني في “بدائع الصنائع”: “وعندنا يجوز القضاء في بعض أحكام الأمان بشاهد واحد إذا كان عدلاً، بأن شهد أنه أمّن هذا الكافر، فتقبل شهادته حتى لا يقتل لكن يُسترقّ، واليمين من باب ما يحتاط فيه، فحمل على هذا توفيقا بين الدلائل صيانة لها عن التناقض.”[113]
- يُحتمل أن يكون الحكم بشاهد واحد مع يمين المدعي إنما كان رضاء المدعى عليه بذلك، وإلا فلا، بأن يقول مثلا: جيء بشاهد واحد واحلف مع ذلك، أو يجيء المدعى عليه يشهد بقضاء وأداء ما ادُّعي عليه فيحلف مع ذلك.
الوجه الثالث: بالنظر إلى عمل السلف: اعترض المعارضون بالحكم بالشاهد واليمين على المجيزين بأن عمل السلف لم يكن كذلك بالرغم من نسبة هذا القول إلى كثير من الصحابة والتابعين واعتبروا أن هذا العمل من البدع المستحدثة التي لم يأت بها الشرع من قبل، وبينوا أن أول من استحدث هذا الأمر من الحكام كان معاوية بن أبي سفيان وقيل عبد الملك بن مروان[114]، ولعلهم استقوها من أحكام الرومان كما هو الحال في كثير من القضايا، فقد حدث عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن الزهري في اليمين مع الشاهد، قال: هذا شيء أحدثه الناس، إلا شاهدين”، وحدث حماد بن خالد الخياط قال: سألت ابن أبي ذئب: إيش كان الزهري يقول في اليمين مع الشاهد؟ قال: كان يقول: بدعة، وأول من أجازه معاوية.” وروي عن معاوية بن أبي سفيان أنه قضى بشهادة امرأة واحدة، ولذا علق الجصاص على هذه الرواية بأنه إن كان قضاء معاوية بالشاهد واليمين جائزاً ومقبولاً، فينبغي كذلك أن يجوز قضاؤه بالشاهد من غير يمين، وهو قضاء مخالف للكتاب والسنة[115]، وعارض القرافي بأنه ليس كذلك وإنما قال بذلك أكثر العلماء وقال به الفقهاء السبعة وغيرهم[116].
وممن انتقد العمل بهذا المبدأ في القضاء من التابعين ومن بعدهم واعتبروه بدعة التابعي عطاء بن أبي رباح حيث قال: “لا يجوز شهادة على دَيْن ولا غيره دون شاهدين” وقال في رواية أخرى: “أدركت هذا البلد -يعني مكة المكرمة- وما يُقضى فيه في الحقوق إلا بشاهدين حتى كان عبد الملك بن مروان يقضي بشاهد ويمين.”، ومن من منعه ابن جريج ونسب من بدأ به في القضاء الإسلامي إلى عبد الملك بن مروان حيث قال: ” حتى إذا كان عبد الملك بن مروان جعل مع شهادة الرجل الواحد يمين الطالب.” وروي هذا الأمر عن الخليفة عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- وروي عنه أنه نهى بعض عماله عن الحكم بشهادة الشاهد الواحد ويمين صاحب الحق.[117]
وفي ختام هذا المبحث يتبين لنا رجحان أدلة المانعين الحكم بشاهد ويمين المدعي وقوة أدلتهم وردودهم التي واجهوا بها المجيزين، وهو ما يرجحه الباحث ويرتكن أليه وفقاً للسرد والمناقشة التي خلص إليها ورجحان كفة فريق المانعين.
الخاتمة والتوصيات:
في ختام هذه الدراسة يتضح لنا رجحان أدلة المانعين الحكم بشاهد واحد ويمين المدعي وفقاً للأدلة التي ساقوها في معرض تدعيم رأيهم ومعارضة رأي الفريق الأخر وهي المجيزون، وقد سايرت المحاكم العمانية وأخذت برأي المانعين في أحكامها، ولذلك لم تقبل شهادة الواحد، ولكنها في المقابل أخذت باليمين المتممة في حال نقص الدليل وعدم اكتماله.
ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة:
- اتفق الفقهاء على مشروعية القضاء بشاهدين عدلين ذكرين يقدمهما طالب الحق أو بشاهد ذكر عدل وشاهدتين عدلين من النساء.
- اتفق العلماء أن حق المدعي يثبت بالبينة، وأنه إن أعوزته البينة ولم يستطع إثبات حقه وحلف المدعى عليه منكرا الدعوى بطلت الدعوى التي ادعى بها المدعي.
- البينة في باب القضاء هي كل ما يبين للقاضي وجه الحكم، ولا خلاف في أن أقوى درجات البينة في القضاء الإسلامي هي الشهادة وهي من أكثر وسائل الإثبات انتشاراً.
- اعتمدت التشريعات المستحدثة الأدلة الكتابية والمستندات الرسمية كأقوى الأدلة تليها بعد ذلك الشهادة ثم القرائن وبعدها الإقرار وأخيرا الأيمان.
- اختلف الفقهاء في الحكم بالشاهد واليمين فمنع طائفة من العلماء الحكم بشاهد واحد ويمين المدعي وفي مقدمتهم الإباضية وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر والثوري والأوزاعي وابن شبرمة، ونسبه ابن رشد إلى جمهور أهل العراق وعزاه الشوكاني إلى الإمام يحيى وإلى أبي حنيفة وأصحابه.
- أجاز طائفة كبيرة من العلماء الحكم بشاهد واحد مع يمين المدعي، ومن هؤلاء: المالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية، وقد حكى صاحب البحر هذا القول عن أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ بن أبي طالب وأبيّ بن كعب وابن عباس وعمر بن عبد العزيز وشريح والشعبي وربيعة وفقهاء المدينة، ومن هؤلاء من خصّ القول بالجواز في الأموال فقط.
- اعتمد القضاء العّماني على اليمين المتممة لتوثيق البينة ولو مع وجود الشهادة، واليمين المتممة هي اليمين التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أحد الخصوم في حال ضعفت قناعته في الأدلة المقدمة، واليمين المتممة في القضاء العماني هي ملك للقاضي وليست من أدلة الإثبات التي يقع عبء تقديمها على المدعي.
- لم يتطرق قانون الإثبات العماني بالتصريح في مسألة الحكم بالشاهد واليمين وهل للقاضي أن يحكم به قانونا أم لا، إلا أنه يفهم من أحكام المحكمة العليا ومبادئها عدم العمل بمبدأ الحكم بالشاهد واليمين
وبناء على هذه النتائج التي توصلت إليها الدراسة يمكن اقتراح التوصيات التالية:
- الاستفادة من الرصيد الفقهي الكبير الناتج عن اجتهادات العلماء لتطبيقه في الأقضية الشرعية ولتطوير النصوص القانونية بصورة مستمرة ودائمة وفقاً لما تفرزه هذه الاجتهادات من أفكار وحلول معتبره.
- معالجة القصور والنقص في القوانين السارية بما تزخر به الحضارة الاسلامية من علوم فقهية تتفق مع الواقع وتواكب متطلبات الحياة المتجددة.
- إخراج الفقه في ثوب جديد يتفق مع التطور الذي تشهده التشريعات التي تمس حياة الناس وتستطيع المحاكم الاستفادة منه معالجة القضايا المعروضة عليها.
المراجع:
- ابن العربي، أبو بكر، أحكام القرآن، بيروت، دار المعرفة، 1987
- ابن العربي، أبو بكر، عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي، بيروت، دار الكتب العلمية، د ت،
- ابن القيم، محمد، إعلام الموقعين، دار ابن الجوزي، الرياض، 2002
- ابن حزم، أبو محمد، المحلى بالآثار، دار الفكر، بيروت، د ت
- ابن رشد، محمد القرطبي، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، دار الكتب العلمية، بيروت، 1988
- ابن فرحون، برهان الدين، تبصرة الحكام، دار الكتب العلمية، بيروت، 1995
- ابن ماجه، أبو عبدالله بن محمد بن يزيد، سنن أبن ماجه، دار إحياء الكتب العربية، دمشق، سوريا، د ت.
- أبو داود، سليمان بن الأشعث بن أسحاق، سنن أبي داود، وزارة الشؤون الإسلامية، السعودية، 1999.
- أحمد بن حنبل، مسند الإمام أحمد، مؤسسة الرسالة، ط 1، 2001.
- اطفيش، شرح كتاب النيل وشفاء العليل، جدة، مكتبة الإرشاد، 1972
- اطفيش، محمد بن يوسف، وفاء الضمانة بأداء الأمانة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، د ت
- الألباني، أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، إرواء الغليل في تخرج أحاديث منار السبيل، المكتب الإسلامي، ط 1، 1979.
- الأنصاري، إسماعيل محمد، التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثًا النووية، مطبعة دار نشر الثقافة، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 1380هـ.
- البخاري، الجامع الصحيح، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، الطبعة الأولى، 1422هـ.
- البيهقي، السنن الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 2003.
- الترمذي، ابو عيسى محمد بن عيسى، الجامع الكبير، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، د ت.
- التوبي، يزن، إجراءات الإثبات بالشهادة في المعاملات المدنية والتجارية من منظور القانون العماني والفقه الإباضي، رسالة ماجستير، جامعة السلطان قابوس، كلية الحقوق، مسقط، 2013
- الثميني، عبد العزيز، الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، 1985
- الجصاص، أبو بكر، أحكام القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1992
- الجهوري، التعليق على قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية العماني، مسقط، 2022
- الحصري، أحمد، علم القضاء، دار الكتاب العربي، بيروت، 1986
- الحنبلي، ابن رجب، جامع العلوم والحكم، مكتبة الإيمان، بيروت لبنان، 2001.
- الربيع بن حبيب، الجامع الصحيح، دار الفتح، بيروت، لبنان، د ت.
- الروبي، أسامة، الوسيط في شرح قانون الإثبات العماني، القاهرة، دار النهضة العربية، 2008
- الزحيلي، وهبة، أصول الفقه الإسلامي، دمشق، دار الفكر، 1986
- الزين، أحمد، قواعد قانون الإثبات العماني، العين، دار الكتاب الجامعي، 2020
- السالمي، نور الدين، شرح الجامع الصحيح، مكتبة الاستقامة، مسقط، 1993
- السالمي، نور الدين، طلعة الشمس شرح شمس الأصول، مكتبة الإمام السالمي، بدية، 2010
- السرخسي، شمس الدين، كتاب المبسوط، بيروت، دار المعرفة، د ت،
- الشبلي، عبدالله، وآخرون، شهادة الشهود وعوارضها بين الشريعة الإسلامية والقوانين المعاصرة، مجلة الشريعة والقانون، ماليزيا، المجلد 7، العدد 1، يونيو 2019
- الشوكاني، محمد بن علي، نيل الأوطار، دار الحديث، مصر، 1993
- الصدر الشهيد، ابن مازة، شرح أدب القاضي للخصاف، بغداد، مطبعة الإرشاد، 1978
- عبد الفتاح إدريس، القضاء بالأيمان والنكول، القاهرة، د ن، 1993
- عثمان، محمد رأفت، النظام القضائي في الفقه الإسلامي، القاهرة، دار البيان، 1994
- القرافي، أبو العباس، أنوار البروق في أنواء الفروق، عالم الكتب، د ط، د ت
- القرطبي، أبو عبدالله، الجامع لأحكام القرآن، القاهرة، دار الكتب المصرية، ط 2، 1964
- الكاساني، علاء الدين، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، مصر، الجمالية، ط 1، 1910
- الكندي، أحمد، المصنف، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، 1984،
- – مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري، صحيح مسلم، دار السلام، الرياض، ط1، 1998.
- مفلح القضاة، الإثبات في المواد المدنية والتجارية، دبي، مطبعة بن دسمال، د ت
- النووي، محيي الدين، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1972
[1] رواه الأمام الربيع بن حبيب في مسنده برقم (691)، في الباب (50) في الوعيد والأموال. ينظر: الربيع بن حبيب، الجامع الصحيح، دار الفتح، بيروت، لبنان، د ت. ج 2، ص: 181.
[2] روي هذا الحديث في ” الصحيحين ” من حديث ابن جريج عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخرجاه أيضا من رواية نافع بن عمر الجمحي ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه البيهقي بإسناد حسن ، وذكر الألباني أنه حديث حسن صحيح ورواه البخاري في صحيحه في عدة ابواب منها باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه، في البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه ورقم الحديث ( 2406 ) وفي باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود الحديث رقم ( 2552) وفي باب {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا، أولئك لا خلاق لهم} الحديث رقم ( 4300 ) كما رواه مسلم في صحيحه في باب اليمين على المدعى عليه الحديث رقم ( 3331 ) ورواه أبو داود في سننه في باب اليمين على المدعى عليه الحديث رقم ( 3190 ) والترمذي في جامعه في باب ما جاء في أن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه الحديث رقم ( 1325 ) و باب عظة الحاكم على اليمين الحديث رقم ( 5376 ) ورواه ابن ماجه في سننه في باب البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه الحديث رقم ( 2332 ) والبيهقي في السنن الكبير في باب البينة على المدعي , واليمين على المدعى عليه الحديث رقم ( 19487 ) .ينظر: الحنبلي ، ابن رجب ، جامع العلوم والحكم، حديث 33 ، مكتبة الإيمان، بيروت لبنان، 2001 ،ج 2، ص: 226 ؛ البيهقي، السنن الكبرى ، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت ، لبنان، الطبعة الثالثة، 2003، ص 345 ؛ البخاري، الجامع الصحيح، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، الطبعة الأولى، 1422هـ ، ج 1، ص 432؛ مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري ، صحيح مسلم، حديث ، رقم: (4470 ،(ص759، ط1، 1419هـ–1998م، دار السلام، الرياض ؛ الأنصاري، إسماعيل محمد، التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثًا النووية، مطبعة دار نشر الثقافة، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 1380هـ، ص 211 .
[3] . أخرجه البخاري، واللفظ له، في كتاب الحيل، باب إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت فقضي بقيمة الجارية الميتة ثم وجدها صاحبها، رقم الحديث (6566) 6/2555- وأخرجه مسلم، في كتاب الأقضية، باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، رقم الحديث (4570) – 5/128؛ ينظر: البخاري، صحيح البخاري، مرجع سابق، ج 1 ص 466؛ مسلم، صحيح مسلم، مرجع سابق، ص 379.
[4] . سورة البقرة الآية رقم 282.
[5] . رواه الربيع في مسنده والبيهقي في السنن الكبرى برقم (20990). وروي في البخاري بمعناه في كتاب: التفسير، باب: (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً)، (4552) وفي صحيح مسلم في كتاب: الأقضية، باب: اليمين على المدعى عليه، (1711)؛ ينظر: السالمي، عبدالله، شرح الجامع الصحيح، مكتبة الاستقامة، مسقط، 1993، ج 3، ص 202؛ البخاري؛ الجامع الصحيح، مرجع سابق، ج 4، ص: 224؛ مسلم، صحيح مسلم، ج 3، ص: 335؛ البيهقي، السنن الكبرى، مرجع سابق، ج 10، ص: 252.
[6] . حكم المحكمة العليا رقم (11) في الطعن رقم (91 / 2003) بجلسة 6 / 12 / 2003م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان لعام 2003م.
[7] . حكم المحكمة العليا رقم (32) في الطعن رقم (47 / 2002) بجلسة 22 / 12 / 2003م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان لعام 2003م.
[8] . حكم المحكمة العليا رقم (33) في الطعن رقم (66 / 2003) بجلسة 12 / 10 / 2003م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان لعام 2003م.
[9] . ابن رشد، محمد القرطبي، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، جمهورية لبنان، بيروت، دار الكتب العلمية، طبعة 1988، ج 2، ص 466.
[10] . سبق تخريجه.
[11] . وقد ذكر الدكتور أحمد الحصري في كتابه “علم القضاء” نوعا من هذا الحلاف وأضاف قولا آخر بالعمل بجواز الخروج عن النص مع بعض القيود في الحق الذي يثبت بهذه الطريقة. ينظر: الحصري، أحمد، علم القضاء، دار الكتاب العربي، بيروت، 1986، ج 1، ص 128.
[12] . المادة (1) من قانون الإثبات العُماني، الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 68 / 2008. وينظر كذلك: ابن فرحون، برهان الدين، تبصرة الحكام، جمهورية لبنان، بيروت، دار الكتب العلمية، طبعة 1995، ج 1، ص: 105.
[13] . السالمي، شرح الجامع الصحيح، مرجع سابق، ج 3، ص: 253؛ والنووي، محيي الدين، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، جمهورية لبنان، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1972ج: 12، ص: 3.
[14] . حكم المحكمة العليا رقم (11) في الطعن رقم (28 / 2002) بجلسة 31 / 3 / 2003م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان لعام 2003م.
[15] . حكم المحكمة العليا في الطعن رقم (187 / 2006) بجلسة 3 / 12 / 2006م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان للعام القضائي السابع.
[16] . السالمي، شرح الجامع الصحيح، مرجع سابق، ج 3، ص: 252.
[17] . عثمان، محمد رأفت، النظام القضائي في الفقه الإسلامي، جمهورية مصر، القاهرة، دار البيان، طبعة 1994، ص 306؛ الحصري، علم القضاء، مرجع سابق، ص 11؛ السالمي، شرح الجامع الصحيح، مرجع سابق، ج:3، ص: 252.
[18] . ابن العربي، أبو بكر، عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي، بيروت، دار الكتب العلمية، د ت، ج: 6، ص: 87.
[19] . سبق تخريجه.
[20] . الثميني، عبد العزيز، الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، 1985، ص: 41.
[21] . السرخسي، شمس الدين، كتاب المبسوط، بيروت، دار المعرفة، د ت، ج 17، ص: 28.
[22] . رواه البخاري برقم 2512 ورواه مسلم برقم 138 واللفظ له، ورواه البيهقي في السنن الكبرى برقم 19534؛ ينظر: البخاري، الجامع الصحيح، مرجع سابق، ج3، ص: 512؛ مسلم، صحيح مسلم، ص: 71.
[23] . رواه الربيع برقم 492 ورواه أبو داود في كتاب النكاح، باب في الولي، برقم (2085)، ورواه الترمذي في كتاب النكاح، باب ما جاء لا نكاح إلا بولي، برقم (1101) ، ورواه أحمد في مسنده برقم (19518) ، وابن ماجه في كتاب النكاح، حديث رقم (1881) وقال عنه الألباني في إرواء الغليل “حديث صحيح”؛ ينظر: السالمي شرح الجامع الصحيح، مرجع سابق، ج3، ص: 3؛ أبو داود سليمان بن الأشعث بن أسحاق، سنن أبي داود، وزارة الشؤون الإسلامية، السعودية، 1999، ج 2 ، ص 229 ؛ الترمذي، ابو عيسى محمد بن عيسى، الجامع الكبير، دار الغرب الإسلامي، بيروت ، لبنان، ج 3 ص 399 ؛ أحمد بن حنبل، مسند الإمام أحمد، مؤسسة الرسالة، ط 1، 2001 ، ج 32 ص 280 ؛ ابن ماجه، أبو عبدالله بن محمد بن يزيد، سنن أبن ماجه، دار إحياء الكتب العربية، دمشق، سوريا، ج1 ، ص 605 ؛ الألباني، أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، إرواء الغليل في تخرج أحاديث منار السبيل، المكتب الإسلامي، ط 1، 1979، ج 6 ص 235.
[24] . سورة الطلاق، الآية رقم 2.
[25] . الجصاص، أبو بكر، أحكام القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1992، ج 5 ص: 351.
[26] . لم يُعرّف قانون الإثبات العماني معنى الشهادة أو الشاهد مع تعريفه لمصطلحات أخرى كالمحررات الرسمية والإقرار، والإقرار القضائي.
[27] . انظر في تعريف الشهادة: اطفيش، محمد، شرح كتاب النيل وشفاء العليل، السعودية، جدة، مكتبة الارشاد، طبعة 1972م ج: 13، ص: 234، الحصري، علم القضاء، مرجع سابق، ص: 66؛ التوبي، ص: 10؛ مفلح القضاة، الإثبات في المواد المدنية والتجارية، الامارات العربية المتحدة، دبي، مطبعة بن دسمال، د ت، ص185؛ الجهوري، محمد عبدالله، التعليق على قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية العماني، سلطنة عمان، مسقط، 2022م ص: 100.
[28] . جاء في احكام المحكمة العليا (إن الشهادة لا تكون مجاملة لأن الأصل في المسلم الأمانة والمسلمون عدول، ولمحكمة الموضوع تقدير الأدلة ووزنها والأخذ بما تطمئن إليه سواء أكانت الأدلة شهادة الشهود أو صكوك إثبات أو قرائن)؛ حكم المحكمة العليا في الطعن رقم ( 8 / 2003 ) بجلسة 26 / 10 / 2003م ، المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان للعام القضائي 2003 .
[29] . الجهوري، التعليق على قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية العماني، مرجع سابق، ص: 97.
[30] . الصدر الشهيد، ابن مازة، شرح أدب القاضي للخصاف، العراق، بغداد، مطبعة الإرشاد، طبعة 1978، ج 3 ص26.
[31] . مفلح القضاة، الإثبات في المواد المدنية والتجارية، مرجع سابق ص:189؛ الجهوري، التعليق على قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية العماني، مرجع سابق ص: 98.
[32] . ابن فرحون، برهان الدين، تبصرة الحكام، مرجع سابق، ج: 1، ص: 172.
[33] . ابن القيم، محمد، إعلام الموقعين، المملكة العربية السعودية، الرياض، طبعة 2002، ج 2، ص: 168- 171، 190.
[34] . صدر قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية بتاريخ 17 مايو 2008م، ولذلك يلاحظ هنالك اختلاف في المبادىء القضائية الصادرة من المحاكم العمانية ما بين المبادىء الصادرة قبل صدور القانون والمبادىء اللاحقة له، ومع وجود اختلافات بين المرحلتين إلا أن الاختلاف الكبر يتمثل في ضرورة الإثبات بالكتابة لما يزيد على ألف ريال عماني وعدم قبول شهادة الشهود فقط.
[35] . حكم المحكمة العليا في الطعن رقم (185/ 2012) بجلسة 22 / 1 / 2018م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان للعام القضائي التاسع عشر.
[36] . حكم المحكمة العليا في الطعن رقم (816/ 2002) بجلسة 23 / 6 / 2003م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان للعام القضائي 2003.
[37] . حكم المحكمة العليا في الطعن رقم (30 / 2003) بجلسة 12 / 10 / 2003م المبادئ القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان للعام القضائي 2003.
[38] . التوبي، يزن، إجراءات الإثبات بالشهادة في المعاملات المدنية والتجارية من منظور القانون العماني والفقه الإباضي، رسالة ماجستير، جامعة السلطان قابوس، كلية الحقوق، مسقط، 2013، ص: 40.
[39] . يفهم ذلك من المواد (38- 53) من قانون الإثبات العُماني؛ مفلح القضاة، الإثبات في المواد المدنية والتجارية، مرجع سابق، ص: 249.
[40] . لم يشر أو يصرّح قانون الإثبات العُماني على جواز العمل بالشهادات المكتوبة إلا أن المادة (49) منه أشارت إلى قبول الشاهدة في غير جلساتها المعتادة للنظر في تلك القضية إذا تعذر حضور الشاهد للمحكمة، حيث أجازت انتداب قاض آخر لسماع شهادة الشاهد وإرسالها للمحكم حيث نصت على: ” إذا كان للشاهد عذر يمنعه من الحضور، جاز أن ينتقل إليه القاضي المنتدب لسماع أقواله، فإن كان التحقيق أمام المحكمة جاز لها أن تندب أحد قضاتها لذلك. وتحدد المحكمة أو القاضي المنتدب تاريخ ومكان سماع أقواله..)، وهذا الإجراء القضائي يعطي إشارة ودلالة بقبول الشهادة الكتابية الموثقة قضاء.
[41] . الشبلي، عبدالله، وآخرون، شهادة الشهود وعوارضها بين الشريعة الإسلامية والقوانين المعاصرة، مجلة الشريعة والقانون، ماليزيا، المجلد 7، العدد 1، يونيو 2019، ص: 77.
[42] . حكم المحكمة العليا في الطعن رقم (18/ 2004) بجلسة 25 / 4 / 2004م المبادئ القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان للعام القضائي الخامس.
[43] حكم المحكمة العليا رقم (32) في الطعن رقم (47 / 2002) بجلسة 22 / 12 / 2003م المبادئ القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان لعام 2003م.
[44] . حكم المحكمة العليا رقم (33) في الطعن رقم (66 / 2003) بجلسة 12 / 10 / 2003م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان لعام 2003م.
[45] . ينظر المواد (67- 76) من قانون الإثبات العُماني؛ الجهوري، التعليق على قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية العماني، مرجع سابق، ص:158.
[46] . حكم المحكمة العليا في الطعن رقم (187 / 2006) بجلسة 3 / 12 / 2006م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان للعام القضائي السابع.
[47] . لم يُعرّف قانون الإثبات العماني معنى اليمين المتممة مع تعريفه لمصطلحات أخرى كالمحررات الرسمية والإقرار، والإقرار القضائي وغيرها.
[48] . مفلح القضاة، الإثبات في المواد المدنية والتجارية، مرجع سابق، ص: 373؛ وقد عرفته محكمة النقض المصرية بأنها إجراء من إجراءات التحقيق التي تيسر للقاضي تحصيل دليل خاص تقتضيه العدالة. ينظر: الجهوري، التعليق على قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية العماني، مرجع سابق، ص: 163.
[49] . المواد (77- 79) من قانون الإثبات العُماني.
[50] . حكم المحكمة العليا في الطعن رقم (283/ 2014) بجلسة 10 / 11 / 2015م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان للعام القضائي الخامس عشر.
[51] . الجهوري، التعليق على قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية العماني، مرجع سابق، ص: 162.
[52] . مفلح القضاة، الإثبات في المواد المدنية والتجارية، مرجع سابق، ص: 374.
[53] . حكم المحكمة العليا في الطعن رقم (501 / 2010) بجلسة 20/ 2 / 2011م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان لعام القضائي الحادي عشر.
[54] . حكم المحكمة العليا في الطعن رقم (12 / 2003) بجلسة 26 / 10 / 2003م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان للعام القضائي 2003.
[55] . حكم المحكمة العليا في الطعن رقم (270 / 2007) بجلسة 27 / 1 / 2008م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان للعام القضائي الثامن.
[56] . حكم المحكمة العليا في الطعن رقم (606 / 2008) بجلسة 25 / 1 / 2009م المبادىء القضائية التي قررتها المحكمة العليا في سلطنة عمان للعام القضائي التاسع.
[57] . اطفيش، محمد، شرح كتاب النيل، مرجع سابق، ج 13، ص 233، وهناك قول آخر للإباضية يذكره صاحب كتاب المصنف حيث يقول: “ولا تجوز شهادة الواحد إلا في هلال رمضان، أو مع اليمين في الأموال.”؛ ينظر: الكندي، أحمد، المصنف، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، 1984، ج 15، ص 79.
[58] . الجصاص، أبو بكر، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 247.
[59] . ابن رشد، محمد القرطبي، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، مرجع سابق، ج 2، ص 467.
[60] . الشوكاني، محمد بن علي، نيل الأوطار، دار الحديث، مصر، 1993 ج 8، ص 327.
[61] . الحصري، علم القضاء، مرجع سابق، ج 1، ص 136..
[62] . ابن حزم، أبو محمد، المحلى بالآثار، دار الفكر، بيروت، د ت، ج 9، ص 380.
[63] . الشوكاني، نيل الأوطار، مرجع سابق، ج 8، ص 327.
[64] . الحصري، علم القضاء، مرجع سابق، ج 1، ص 136.
[65] . سورة البقرة، الآية رقم 282.
[66] . ابن العربي، أحكام القرآن، جمهورية لبنان، بيروت، مطبعة دار المعرفة، طبعة 1987، ج2، ص: 253.
[67] . القرطبي، أبو عبد الله، الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية، القاهرة، 1964، ج 3، ص 392؛ ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 253.
[68] . سورة البقرة، الآية رقم 282.
[69] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 247.
[70] . ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 253.
[71] . سورة البقرة، الآية رقم 282.
[72] . سورة الطلاق، الآية رقم 2.
[73] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 248.
[74] . الزحيلي، وهبة، أصول الفقه الإسلامي، سوريا، دمشق، دار الفكر، طبعة 1986، ج 1، ص 362.
[75] . الحصري، علم القضاء، مرجع سابق، ج 1، ص 139.
[76] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 248.
[77] . رواه البيهقي في السنن برقم 1914.
[78] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 249؛ الحصري، علم القضاء، مرجع سابق، ج 1، ص 141.
[79] . عبد الفتاح إدريس، القضاء بالأيمان والنكول، جمهورية مصر، القاهرة، د ن، طبعة 1993، ص 342.
[80] . الكاساني، علاء الدين، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، جمهورية مصر، مطبعة الجمالية، ط 1، 1910، ج 2، ص225.
[81] . القرافي، أبو العباس، أنوار البروق في أنواء الفروق، عالم الكتب، د ط، د ت، ج4، ص 89.
[82] . الكاساني، بدائع الصنائع، مرجع سابق، ج 2، ص 225.
[83] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 249.
[84] . رواه البخاري في كتاب الشهادات من حديث عثمان ابن أبي شيبة برقم 2669، ينظر: البخاري، الجامع الصحيح، مرجع سابق، ج 3، ص: 178.
[85] . القرافي، أنوار البروق في أنواء الفروق، مرجع سابق، ج4، ص 89.
[86] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 249.
[87] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 254؛ الكاساني، بدائع الصنائع، مرجع سابق، ج 2، ص 226.
[88] . القرافي، أنوار البروق في أنواء الفروق، مرجع سابق، ج4، ص 89.
[89] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 250.
[90] . أي ما رواه: سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس.
[91] . القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج3، ص 393.
[92] . الشوكاني، نيل الأوطار، مرجع سابق، ج 8، ص 325.
[93] . الشوكاني، نيل الأوطار، مرجع سابق، ج 8، ص 326.
[94] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 250.
[95] . الكاساني، بدائع الصنائع، مرجع سابق، ج 2، ص 225.
[96] . الشوكاني، نيل الأوطار، مرجع سابق، ج 8، ص 325.
[97] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 250.
[98] . وجود هذه الاعتراضات عن طائفة من العلماء تثير بنفسها شيئا من الغبار حول ثبوت هذه الحديث، ولا ريب إن كان ممن ضعفه الإمام البخاري ويحيى ابن معين وهما من أرسخ الناس قدما في هذا الفن، على أنه ينبغي العمل بالاحتياط والتحرز في الحكم في أموال الناس وحقوقهم.
[99] السالمي، نور الدين، طلعة الشمس شرح شمس الأصول، مكتبة الإمام السالمي، بدية، 2010، ج 2، ص: 57.
[100] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 250.
[101] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 251.
[102] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 252؛ القرافي، أنوار البروق في أنواء الفروق، مرجع سابق، ج4، ص 88.
[103] . اطفيش، محمد بن يوسف، وفاء الضمانة بأداء الأمانة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج 5، ص 268.
[104] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 253.
[105] . السالمي، طلعة الشمس شرح شمس الأصول، مرجع سابق، ج 2، ص: 58.
[106] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 253.
[107] . سورة التكوير الآية 14.
[108] . يقول الإمام السالمي في “شمس الأصول”: وعم أيضا ما رواه الراوي بلفظه إن كان لفظاً حاوي؛ ينظر: السالمي، طلعة الشمس شرح شمس الأصول، مرجع سابق، ج 1، ص: 265.
[109] . اطفيش، محمد، وفاء الضمانة بأداء الأمانة، مرجع سابق، ج 5، ص 268.
[110] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 253.
[111] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 253.
[112] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 253.
[113] . الكاساني، بدائع الصنائع، مرجع سابق، ج 2، ص 225.
[114] . المرجع السابق، ج 2، ص 225.
[115] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 251.
[116] . القرافي، أنوار البروق في أنواء الفروق، مرجع سابق، ج4، ص 87.
[117] . الجصاص، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 252. ولم يُثبت المالكية العمل بالشاهد واليمين في ثلاثة عشر موضعا حيث قال القرافي في الفروق: ” (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْعَبْدِيُّ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ أَرْبَعَةٌ الْأَمْوَالُ وَالْكَفَالَةُ وَالْقِصَاصُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَالْخُلْطَةُ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي التَّحْلِيفِ فِي بَعْضِ الْأَمْوَالِ، وَاَلَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ثَلَاثَةُ عَشَرَ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْوَلَاءُ وَالْأَحْبَاسُ، وَالْوَصَايَا لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَهِلَالُ رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ، وَالْمَوْتُ وَالْقَذْفُ وَالْإِيصَاءُ، وَتَرْشِيدُ السَّفِيهِ، وَنَقْلُ الشَّهَادَةِ.”؛ القرافي، أنوار البروق في أنواء الفروق ، مرجع سابق، ج4، ص 90.