تنوع الأشكال السردية في أدب الجاحظ
Diversity of narrative forms in the literature of Al-jahiz
الأستاذ المساعد الدكتور ظاهر محسن جاسم جامعة الكوفة ـ العراق
Dr. Dhahir Muhsin Jasim Kufa University – Iraq
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 79 الصفحة 09.
Abstract
There is no doubt that Al-Jahiz has his distinguished style of writing. He also has his own mental and intellectual abilities. He is an author and rhetorician. He belongs to Mu’tazilite belief so he is a speaker of this belief. His style is distinguished by a mixture of mental and argumentative one. He has an ability to persuade readers as he writes comically in different topics with different categories either poetic type or prose type. Concerning Al-Jahiz, the variety of narrative forms in the literature is an interesting issue for study.
This research deals with the study of narrative types in literature of Al-Jahiz. It is divided into two investigations, before that it prefaces the narrative forms and Al-Jahiz himself. The two investigates are:
first one is variety of narrative form which is included real form and unreal form and this type also is subdivided into sleep narrative, mythical and legendary form. It is two types; the unseen and popular myth, then he strange news.
The second one is the jest that some scholars believe that it firstly is invented by Al-Jahiz. Afterwards the tale comes which is divided into the humorous and the explanatory (the example) and the riddle tale.
Finally, I present a conclusion with the results of this research, then a list of sources and references.
The research sums up that the motive for employing these narrative forms by Al-Jahiz is to push the readers away from boredom, as he declares. There is another reason for such mythical, popular, legendary narrative, humorous and enigmatic tales which they are monitored in his society, Al-Jahiz employs the sleep narrative for a political motive, in which undermines the Umayyad state that killed Hussein (peace be upon him).
Al-Jahiz’s narrations forms are included miraculous and exotic myths, he sometimes gives justifiable explanations beside he always starts this narration with (They said…….) or (They claimed…) in order to make these narrations belong unknown narrators.
The elements of his narrative forms have been varied by names the events, characters, places and time. This variation is more clearly detailed in his stories.
Keywords: forms, narration, Al-Jahiz
ملخص:
لا شك أن الجاحظ لديه أسلوبه المتميز في الكتابة، وقدراته العقلية والفكرية، فهو اديب وبلاغي ومتكلم معتزلي انماز أسلوبه بالتلوين العقلي والحجاجي والقدرة على الاقناع، فهو يتناول في كتبه موضوعات مختلفة وبأجناس مختلفة شعرية ونثرية وبأسلوب فكاهي ساخر، ويعد تنوع الأشكال السردية في أدب الجاحظ من القضايا المثيرة للدراسة.
فتصدى هذا البحث لدراسة الأنواع السردية في أدب الجاحظ، وقد قسم على مبحثين يسبقهما تمهيد في الأشكال السردية والجاحظ أما المبحثان فهما: الأول: تنوع الأشكال السردية. وتضمن الاخبار ومنها الواقعية واللاوقعية التي قسمت على الاخبار المنامية والاسطورية والخرافية وهي على قسمين الخرافي الغيبي والشعبي ثم الاخبار الغرائبية، ثم تأتي النادرة التي يرى بعض الدراسين بأن أول من ابتداعها الجاحظ ثم الحكاية التي قسمت على الحكاية الفكاهية والحكاية التفسيرية (الامثولة) والحكاية اللغز. وأخيرا خاتمة بالنتائج التي توصل اليها البحث، وقائمة بالمصادر والمراجع. وقد توصل البحث الى: كان الدافع لتوظيف هذه الاشكال السردية دفع الملل عن القارئ كما صرح الجاحظ بذلك، ووجود هذه الاشكال السردية في الادب العربي اذ تم رصد هذه الاشكال في مجتمعه ومنها الاخبار الخرافية والشعبية والاسطورية والحكايات الفكاهية والملغزة.
وظف الجاحظ الاخبار المنامية بدافع سياسي هو النيل من دولة بني أمية التي قتلت الحسين (ع). كما تضمنت اشكال السرد الجاحظية الخرافات العجائبية والغرائبية، إذا كان يلتمس لها تعليلا مقبولا في بعض الاحيان، ثم انها كانت مجهولة السند فقد استهلها بـ(قالوا) أو (زعموا). تباينت عناصر الاشكال السردية وهي الحدث والشخصيات والمكان والزمان، وكانت أكثر وضوحاً وتفصيلا في الحكاية.
الكلمات المفتاحية: الأشكال، السردية، الجاحظ
المقدمة:
لا شك أن الجاحظ لديه أسلوبه المتميز في الكتابة، وقدراته العقلية والفكرية فهو اديب وبلاغي ومتكلم معتزلي انماز أسلوبه بالتلوين العقلي والحجاجي والقدرة على الاقناع، فهو يتناول في كتبه موضوعات مختلفة وبأجناس مختلفة شعرية ونثرية وبأسلوب فكاهي ساخر، ويعد تنوع الأشكال السردية في أدب الجاحظ من القضايا المثيرة للدراسة، فنجد هذا التنوع في اغلب كتبه وفي طليعتها البيان والتبيين والبخلاء والبرصان والعرجان والحيوان وحتّى في رسائله. ومن أهم مميزات الخطاب السردي أنه يرتكز على خصيصتين هما السند والمتن.
وقد قام البحث بدراسة هذه القضية في تمهيد ومبحثين الأول في الأنواع السردية، ومنها الاخبار والحكايات بنوعيها الواقعية واللا واقعية ومنها الحكايات المنامية والاسطورية والخرافية الغيبية والشعبي والغرائبي والثاني في عناصر البنية السردية.
تمهيد: الأشكال السردية والجاحظ
لقد تطوّرت الاجناس النثرية ـ ومنها الحكايات والنوادر والقصص والامثال بما يسمى بالوقت الحاضر بالسرد على يد الجاحظ ـ تطوّرا كبيرا بعد أن كانت عبارة عن اخبار تتخلل الشعر العربي، فالجاحظ استطاع كسر التقليد الرسمي للسرد بإدخاله السرد الشعبي المعاصر له بعد إعادة صياغته بل ادخل حتى كلام الحمقى والنوكى في الجزء الرابع من كتابه (البيان والتبيين) ([1]) فضلا عما تضمنته كتبه من ذكر شخصيات غير معروفة بالأدب الرسمي، أو كما يسميها الغذامي بـ(المهمشين) ([2]) من طبقات المجتمع بل تعدى ذلك لذكر المنازعات الجنسية ([3])، أو ما يطلق عليه بالمصطلح المعاصر (المسكوت عنه) في سرود مختلفة متنوعة من حيث الشكل والبناء في خليط منظم ومنها الاخبار والحكايات والنوادر والقصص، ويمكن تقسيم المصادر السردية التي اعتمد عليها الجاحظ على قسمين هما: المصادر الشفهية والمصادر التحريرية المدونة. فالمصادر الشفهية التي اعتمدها كثيرة ومتنوعة لا تقتصر على نوع واحد من المعلومات والاخبار والنصوص التي جمعها عن طريق الاستماع المباشر للناس في معاملاتهم ومظاهر حياتهم العامة فهناك كثير من الأمثلة يمكن رصدها في كتب الجاحظ منها ما قاله لغلام من غلمانه يسوقه في معرض حديثه عما يعتري المولدين من لكنة في الخطاب ([4]).
والسرد فعل لا حدود له، يتسع ليشمل مختلف الخطابات سواء أ كانت أدبية أم غير أدبية، يبدعها الإنسان، ([5]) لذا ويمكن دراسة الاشكال السردية عند الجاحظ في مبحثين هما:
المبحث الأوَّل: الأشكال السردية في أدب الجاحظ:
من يطالع كتب الجاحظ، ولاسيما البيان والتبيين والحيوان والبرصان والعرجان والعثمانية يلحظ خروجه المستمر إلى الخطاب المعلن بحسب ما يعرض له؛ لتنبيه القارئ، وقد وضع كتبه في عصر كان فيه الناس يؤثرون السماع على القراءة في الكتب، فأطّلع الجاحظ بهذه المهمة التي تساعده على نشر ثقافة القراءة في المجتمع، بأن يجمع بين أجناس مختلفة من الكلام عبر أسلوبه السردي ([6]). فقد شملت كتبه الآنفة الذكر على:
القرآن الكريم، الحديث النبوي الشريف، الخطب والوصايا، القصة والنادرة، أقوال العلماء، الامثال…
ومما يؤكد استعمال الجاحظ لهذه الاجناس أنه ينقلها بصفة المروي أو المنقول، ويتم توظيفها بطرق مختلفة ومتعددة فعرض النادرة وتقديمها يختلف عن عرض الآية القرآنية والحديث الشريف، كما أنها قد تأتي في سياق المحاورة بين شخصين (شخصيته والقارئ) بمعنى أنها مروية بقالب، فقد أكد عنايته بترتيب مروياته وفق انساق الكتاب واتجاهاته في الفنون المختلفة إذ يقول: ((اقلبك منه في الفنون المختلفة فأجعلك لا تخرج من الاحتجاج بالقرآن الحكيم إلا إلى الحديث المأثور ولا تخرج من الشعر الصحيح الظريف إلا إلى المثل السائر ولا تخرج من المثل السائر الواقع إلا إلى القول في الفلسفة والغرائب التي صححتها التجارب…)) ([7]). ويمكن حصر الخطاب السردي عند الجاحظ في الأنواع الآتية:
- الخبر:
الخبر هو الجنس الأدبي القابل للتغير والتحول والانشطار، والعودة مرة أخرى لوضعه الطبيعي تبعا للظروف المحيطة به ولقدرته على التفاعل ([8]). والخبر قائم من حيث الشكل على قسمين متميزين أحدهما عن الآخر هما السند والمتن ([9]).
والملاحظ على الجاحظ أنه نقل كثيرا من الاخبار السياسية والدينية والأدبية والاجتماعية، لكنه لم تكن وظيفته نقل الاخبار وروايتها بل الى جانب ذلك يحاول ترك انطباعه الخاص فضلا عن جانب المؤثرات الجانبية الأخرى عن طبيعة المجتمع، ولا سيما فيما يتعلق بالمؤثرات الأيديولوجية التي جاءت من انساق مبنية على أساس الاقصاء والتهميش التي تعاني منها طبقات المجتمع فظهر ما يعرف بـ (أدب الهامش) وذلك بسبب الدكتاتورية المركزية (السلطة) ([10]).
وقد تأثر الجاحظ بعلماء الحديث الذين اعتمدوا على مجموعة من الصور أو الصيغ واصطلحوا على تسميتها بـ (صيغ الأداء أو صور الأداء) ومنها (سمعت/ حدثني/ أخبرني/ قرأت عنه) وغيرها لتصوير حالات الأداء، فعبر تتبع نصوص الجاحظ في سرده وطريقة صياغته تبين أنه يعبر عن حضور المتكلم كـ (أقول/ وجدنا/ جوابي ذلك/ لو قلت) ومنقولات منسوبة لأصحابها ولتوضيح البناء السردي الذي استعمله الجاحظ لاحظ هذه الخطاطة ([11]):
القرآن الكريم قال تعالى
الحديث النبوي الشريف أقول، رأيت، سمعت.
الشعر أخبرني، حدثني، انشدني…
أقوال العلماء قال بعض العلماء…
الخبر الطريف سمعت، زعموا…
من تلك الأخبار الأدبية الواقعية المروية: ((قال: ودخل رجلٌ على شريحٍ القاضي، يخاصم امرأةً له، فقال السلام عليكم. قال: وعليكم السلام. قال إني رجل من أهل الشام. قال: بعيد سحيق. قال: وإني قدمت إلى بلدكم هذا. قال: خير مقدم. قال: وإني تزوجت امرأة. قال: بالرفاء والبنين. قال: وإنها ولدت غلاماً. قال: ليهنئك الفارس. قال وقد كنت شرطتُ لها صداقها. قال: الشرط أملك. قال وأردت الخروج بها الى بلدي. قال: الرجل أحق بأهله قال: أقضِ بيننا. قال: قد فعلت)) ([12]). والملاحظ على هذا الخبر أنه غير مسند ولا ندري اذ كان القائل أبا الحسن الذي له اخبار سابقة: ((وقال أبو الحسن))([13]) ثم أنه لم يعطف لكي يعلمنا بأن القائل هو أبو الحسن؟ ففي خبر سابق كرر ذلك مباشرة.
فالسمة الغالبة التي تتجلى في القسم الأكبر من الاخبار أنها تقوم على استعادة قول الراوي عبر أسلوب التمثيل فهو المدخل الرئيس للخبر ([14]). ثم أن الجاحظ يختبئ خلف الراوي ومهمته منحصرة في إبلاغ القارئ أو السامع على حين أن الحقيقة هي نقل الخطاب من راوٍ إلى آخر قد غيرت. أما الزمن فيكثفه وربما لا نجد إشارات صريحة الى زمن الوقائع والأحداث، ولعل مرد ذلك إلى أن أسماء الشخصيات في حد ذاتها تشير الى زمن الوقائع وأن كانت تلك الإشارات عامة تعوزها الدقة والضبط في اغلب الأحيان ([15]).
أمَّا الحوار فيحركه الراوي عبر الفعل (قال) الذي يتكرر بين الشخصيتين ست عشرة مرة بصيغة (قال) عدا مرة واحدة أضاف له الفاء ذلك لأن الكلام مازال من قبل الرجل.
ثم إنَّ اغلب ما نجده في كتب الأدب العامة من سرد مستمد من التاريخ الإسلامي، ولاسيما في الأدب الرسمي على حين نجد ما يتصل بالفكاهة والنادرة مستمد من كلام السوقة من الناس ومنهم الحمقى والنوكى وغيرهم. ومن هذا النوع من السرد:
قال: ((قال: وخرج الحجّاج ذات يوم فأصحر، وحضر غداؤه، فقال: اطلبوا من يتغدّى معي. فطلبوا فإذا اعرابيّ في شملةٍ، فأتى به. فقال: السلام عليكم. قال هلمَّ أيَّها الأعرابي. قال قد دعاني من هو أكرم منك فأجبته. قال: من هو؟ قال: دعاني ربي إلى الصّوم فأنا صائم! قال: وصوم في مثل هذا اليوم الحّار! قال: صمت ليومٍ هو أحرُّ منه، قال فأفطر اليوم وصم غداً. قال: ويضمن لي الأمير أني أعيش إلى غد؟ قال: ليس ذلك إليه! قال: كيف يسألني عاجلاً بآجل ليس إليه؟ قال: إنه طعام طيّب. قال: ما طيّبه خبّازك ولا طبّاخك! قال: فمن طيبه؟ قال العافية. قال الحجّاج: تاللهِ إن رأيت كاليوم! أخرجوه)) ([16]).
نلحظ في النص انف الذكر أن الروي لم يذكر السند وبدء بالسرد مباشرة؛ لأنه ذكره في صحيفة سابقة إذ قال: ((قال أبو الحسن)) ([17]) والسند كما يرى القاضي تضطلع بدور آخر فضلا عن السند هو إنه أداة يتستر خلفها الراوي ليبدع ما شاء من الابداع دون أن يهتم بالوضع ([18])، ثم إنه ركز على شخصيتين هما الحجاج والاعرابي. ثم إنه يكشف عن شيء هام هو توظيف الطاقة اللغوية في تجسيد الحدث الذي يظل إحد السمات التي تراهن عليها النصوص في كتابات الجاحظ وهذه اللغة تكمن فيها صورة قوامها الفعل الحركي والصراع بين الحجاج والاعرابي والاسهاب في وصف شراهة الحجاج وطلبه من يأكل معه وزهد الأعرابي عن الطعام لأجل كسب مرضاة الله ([19]). وغالبا ما يرتبط السرد التاريخي بالديني من ذلك ((قال أبو عمرو: خرج صعصعة بن صوحان عائداً إلى مكة، فلقيه رجلٌ. فقال له: يا عبد الله، كيف تركت الأرض؟ قال عريضة أريضة. قال: إنما عنيت السماء. قال فوق البشر ومدى البصر. قال سبحان الله. إنما اردت السحاب! قال: تحت الخضراء، وفوق الغبراء، قال: إنما أعنى المطر. قال: عفي الأثر، وملأ القتر، وبل الوبر، ومطرنا احيا المطر، قال: انسي أنت أم جني؟ قال: بل انسي، من أمة رجل مهدي صلى الله عليه[واله]وسلم)) ([20]) أول ما نلحظه على هذا السرد وغيره من الأنواع بساطة البنية وهي بساطة تتمثل في التحولات السريعة من وظيفة الى أخرى فضلا عن أحادية البطل ([21]) وهو الاعرابي في النص الأول، وصعصة بن وصوحان في النص الثاني. من ثم عناية الجاحظ بالوظائف الأدبية ويتجلى ذلك في الهيمنة الواضحة لمكونات الخطاب السردي على حساب الحكاية أو محتوى الخبر كالتركيز على الوصف الداخلي أو الخارجي والحوار والمكان والزمان وغيرها من السمات التي ينتقل بها الخبر من وظيفة الإعلام وتوصيل المعرفة إلى وظيفة الامتاع والتخييل وتشكيل معانٍ إنسانية وخلقيه ([22]). وللخبر أنماط أخرى نذكر منها:
- الأخبار المنامية :
هي حكاية تعبر عن حال اللاوعي ويطلق عليها سعيد يقطين (حكاية الحلم) ([23])، على حين ترى فدوى مالطي بأن الحلم تجربة سمعية أو بصرية تروى على أنها حدثت أثناء النوم ([24])، والخبر المنامي أو النبوئي يقسم على قسمين: قسم يدون اخبار النبوءات التي تحصل عن طريق الرؤيا والاحلام في المنام وهي تحطم عالم اليقظة، وقسم من الاخبار تدون النبوءات عن طريق كشف علامات معينة خارقة ، ومعرفتها تظهر في شخص أو في آخر، أو في ظاهرة طبيعية ([25]) في الغالب وتمثل الحال المنامية استشراف المستقبل ففي كتاب البرصان يذكر الجاحظ الخبر الآتي:((قال: ومن البرصان : شمر بن ذي الجوشن الضبابي. قال الحسين بن علي بن أبي طالب (رحمة الله عليه) قبل أن يقتل بليلة: رأيت في المنام كأن كلب أبقع يلغ دمائنا، فعبرته هذا الابرص الضبابي. يعني شمر بن أبي ذي الجوشن كان الرئيس في قتل الحسين بن علي، والملك يزيد بن معاوية وكان الأمير الذي جهز الجيش وعقد اللواء عبيد الله بن زياد وكان صاحب الجيش وأمير الجماعة عمر بن سعد وكان قائده الأكبر شمر بن ذي الجوشن، وكان الذي تولى قتله يزيد بن الخولي، والذي حفظ ظهر يزيد حتى نزل إليه وحز رأسه سنان بن أنس)) ([26]). والملاحظ على هذا الخبر أنه مركب فالأول مسند للجاحظ، والثاني للحسين بن علي ـ عليهم السلام ـ ثم إن الاحلام تتضمن دلالة رمزية وهذا ما نلحظه في كلمة (ابقع) التي ترمز للشمر ابن ذي الجوشن؛ لأنه مصاب بالجذام، وكذلك عبارة (يلغ دمائنا) التي تدل ـ دلالة رمزية ـ على سفك الدماء والإصرار على ذلك، وقد ورد هذا الخبر بهدف وجود الشمر وهو من البرصان لكنه لم يكتف بذلك بل ذكر تفاصيل مقتل الحسين ـ عليه السلام ـ وربما كان الدافع سياسي لان ذلك يفت في عضد الدولة الأموية ويقوي موقف الدولة العباسية.
- الأخبار الأسطورية:
وظف الجاحظ السرد الأسطوري لتفسير ما هو غير قابل للتفسير أو ما يشوبه الغموض، لذا كانت وظيفة الأسطورة دينية واجتماعية؛ لأنها تحاول تفسير ما هو غيبي غامض، لذا ارتبطت بالطقوس والشعائر الدينية، واجتماعية لأنها تفسر بعض الظواهر تفسيرا اجتماعيا أخلاقيا ([27]).
من ذلك ما يذكره الجاحظ في كتاب الحيوان عن بلقيس:((وزعموا أن بلقيس بنت ذي مشرح، وهي ملكة سبأ ذكرها الله في القرآن، فقال: ﭽ ﭙ ﭚ ﭛ ﭼ ([28]).زعموا أن أمها جنية وأن اباها انسي غير أن تلك الجنية ولدت انسية خالصة صرفاً بحتاً، ليس فيها شوب، ولا نزعها عرق، ولا جذبها شبه، وكانت كإحدى نساء الملوك)) ([29]) ويرى الدكتور مرتاض أن عبارة (زعموا) تدل دلالة حتمية على نفي الوجود التاريخي، واثبات الصفة الخيالية الخالصة للعمل الأدبي عامة والعمل السردي خاصة ([30]) لذا بدأ الجاحظ بها خطابه السردي، ويعضد الخبر بالنصوص القرآنية ليؤكد ما يذهب اليه من أفكار. وما نلحظ أن الجاحظ يورد الاخبار الأسطورية من دون تفسير وتعليل. ومن الاساطير التي ذكرها الجاحظ خبر الرخمة: ((ويقال: أنه قيل للرخمة: ما أحمقك! قالت: وما حمقي، وأنا أقطع في أول القواطع، وارجع في أول الرواجع، ولا اطير في التعسير ولا اغتر بالشكير ولا أسقط على الجفير)) ([31]) نلحظ استعمال الجاحظ الاستهلال الخارجي إذ اسند الحكاية الى غيره ولم يحدد القائل، كما قام بإسناد خبر بلقيس الى راوِ خارجي في قوله زعموا وهذا شيء مألوف في الاخبار الأسطورية والخرافية. والجاحظ يتخذ من هكذا اخبار ميداناً لعرض الاعاجيب، وأن كان يرى الغرابة ينبغي أن لا تكون في الأمور الممتنعة في الطبيعة لكنه يجاري النّاس في تعلقها بشيء فيه غريب أو اغراب.
- الأخبار الخرافية:
إنَّ مكونات السرد الغرائبي والعجائبي تكمن في الاساطير والخرافات، وتشمل الإنسان والحيوان والنبات والجماد وتكاد تتركز في بلاد اليمن ([32])، وقد وضع تودورف حدا للغريب وبحسب تصور القارئ فاذا لم يتلمس القارئ تفسيرا للظواهر السردية فهو امام الغريب، أمَّا إذا التمس لها تعليلا فهو أمام جنس عجيب، ولقد كان القص الشفوية المرتبط بالتراث الديني منطلقا لسلسلة من الخرافات في شأن المناقب العجيبة ومنها (عصا موسى) ومآربها الكثيرة مما جعل الجاحظ يضع كتابه البيان والتبيين ليبين مآرب العصا ([33]).
كذلك يسرد الجاحظ اخبارا كثيرة عن الحيوانات وطباعها وحيلها، ولاسيما في كتاب الحيوان، وربما تكون هذه الشخصيات الحيوانية رموزا لشخصيات بشرية، فالجاحظ هنا ليس مجرد راوٍ للأحداث مضطلع بالسرد فحسب بل هو خبير بالوضع السياسي والاجتماعي فيحاول نقد هذا الواقع عبر شخصيات الحيوانية وهذا ما نلحظه في الخبر الآتي:
((وقالوا: ولما بلغ المأمون اختلاط من حال البريد، وجه ثمامة بن أشرس ليتعرف له ذلك. فلما رجع اليه وسأله قال: يا أمير المؤمنين، تركت بغلاً على معلف كذا وكذا وهو يقرأ: ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭼ ([34]) …ومررت بسكّة أخرى، وإذا على المعلف بغلٌ، وإذا هو يغني:
ولقد ابيتُ على الطّوى وأظّلهُ حتّى أنالَ بهِ كريم المأكلِ)) ([35]).
نلحظ في سرد الخبر الانف الذكر أنه تضمن شخصيتين تاريخيتين هما: المأمون وثمامة، في حادثة واقعية هي اختلاط حال البريد، لكن المفاجئة تكمن في الأسلوب الساخر في جواب ثمامة عن سؤال المأمون، إذ أجرى الحديث على لسان الحيون (البغل)، ربما أرد الجاحظ الإشارة الى السياسة غير العادلة للمأمون فهناك من ينتظر الرزق بصبر وهناك من يصل حد التخمة فيغنى على المائدة وهذا امر غريب في السرد الجاحظي إذ ظل فيه الحيوان محتفظا بطبيعته على الرغم من اضطلاعه بدلالات ثقافية ([36]).
، ويمكن تقسيم الأخبار الخرافية عند الجاحظ في الآتي:
أوّلاً: الخرافي الغيبي:
وهي من أشكال القص التي يأخذ فيها الحيوان دور البطولة في حيز فاعلية السرد، وهو صورة رمزية عن واقع الإنسان في صفاته من وفاء وصدق او اخلاص أو النقيض من ذلك([37])، وتأتي الخرافات متعلقة بخبر عام صوّر عادة أو تقليداً بصيغة بسيطة تبدأ بتأطير زماني هو اعادة الماضي السحيق يحيل اليه الفعل الماضي الناقص (كان) متبوعا بالفعل زعم ليأتي بعد ذلك الحدث المشكل للمفارقة المجسدة لطابعه الخرافي كما نلحظ في الخبر الآتي عن الهدهد:
((فإنَّ العرب والاعراب كانوا يزعمون أن القنزعة التي على رأسه ثواب من الله تعالى على ما كان من بره لأمه، لأن أمه لما ماتت جعل قبرها على رأسه، فهذه القنزعة عوض تلك الوهدة)) ([38]) وهذا النوع من الخرافات غيبي مرده إلى تفسير مكانة الهدهد عند النبي سليمان (عليه السلام)؛ لان مقامه مقام رسول النبي سليمان ـ عليه السلام ـ كما ورد في القرآن واستشهد به الجاحظ في كتابه الحيوان. وربما يصدق الجاحظ هذا الخبر لان الهدهد حيوان منتن.
ثانياً: الخرافي الشعبي:
هذا النوع من الخرافات يختلف عن سابقه؛ لأنه صادر عن اعتقاد أو تقليد شعبي تؤمن به العجائز من النساء والصبيان ومن ذلك ما يرويه الجاحظ عن نفسه إذ يقول: ((وأمَّا قول النساء واشباه النساء في الخفافيش فأنهم يزعمون أن الخفاش إذا عض الصبي لم ينزع سنه من لحمه حتى يسمع نهيق حمار وحشي، فما أنسي فزعي من سن الخفاش ووحشتي من قربه! إيماناً بذلك القول إلى أن بلغت…)) ([39])، ومثل هذه الخرافات تخلق في مخيلة الطفل صورة مشوهة عن العالم، فيغرق في فنطازيا وحشية، ويرى نفسه فيها وحيدا، ضعيفا مترددا ولا يثق بالآخرين ويخاف على نفسه من المخاطر غير المرئية ([40]).
- الأخبار الغرائبية:
بحسب تودوروف فأن العجائبي يكمن في ((التردد الذي يحسه كائن لا يعرف غير قوانين الطبيعة فيما يواجه حدثا فوق الطبيعي حسب الظاهر)) ([41]).
ويرى محمد مشبّال أن السرد عند الجاحظ يقتصر على رواية الاحداث الغريبة القابلة للتفسير العقلي إذ يقوم الغريب في سرده على اساسين: أولهما: أحاديث العرب والأعراب، والآخر: على المفارقة بين الطبيعة والعقل فهو يقوم على أساس ثقافي عقدي ([42]). والنوع الآخر نجده في الخبر الآتي:
: ((وفيما يُضرب بالأمثال من العصيّ قالوا: قال جميل بن بصهري حين شكا إليه الدّهاقين شرَّ الحجَّاج. قال: أخبروني أين مولده؟ قالوا: الحجاز. قال ضعيف مُعجب. قال: منشؤه؟ قالوا: الشام. قال ذلك شرُّ. ثم قال: ما أحسن حالكم إن لم تبتلوا معه بكاتبٍ منكم، يعني من أهل بابل. فابتلوا بزاذان فروخ الأعور. ثم ضرب لهم مثلاً فقال: إنَّ فاساً ليس فيها عودٌ ألقيت بين الشجر، فقال بعض الشجر لبعض: ما ألقيت هذه هنا لخير. قال: فقالت شجرة عادية: إنَّ لم يدخل في است هذه عودٌ منكن فلا تخفنها)) ([43]). ويستعمل الجاحظ نظام التضمين السردي إذ يضمن الحكاية الأساسية حكاية أُخرى، وهذه الحكاية فيها من الغربة تكمن غرابتها في ادارت الحديث على لسان الشجر، لكن السارد استطاع الانتقال بالسرد من الغرابة الى الالفة عن طريق التفسير.
- النادرة:
يرى بعض الدارسين أنَّ النادرة جنس أدبي ابتدعه الجاحظ، وهي في ابسط تعريفاتها ما اضحك من قول أو فعل أو هيئة أو موقف، أو الكلام الغريب المورى الذي باطنه على غير ظاهره ([44]).
اشتهر الجاحظ بنوادره المبثوثة في كتبه بل ربما نجد بعضها وضع من اجل التندر والاضحاك، لكن نادرة الجاحظ لم يكن يقصد منها تكلف النادرة؛ لكي يلهي قوماً عن أشياء أراد أن يقولها في اثناء كتبه، فهو لم يرد أن يشغل العامة بها كما يرى بعض الدارسين ([45]) وهو لا يرى الضحك انحرافاً عن الصواب إلا إذا عري من المعنى يقول في ذلك: ((فالنَّاس لم يعيبوا الضحك إلا بقدر ولم يعيبوا المزاح إلا بقدر، ومتى أريد بالمزاح النفع وبالضحك الشيء الذي له جعل الضحك صار المزاح جداً والضحك وقارا)) ([46]) ثم يوصي الجاحظ بنقل النادرة كما هي حتى وأن كانت ملحونة وفيها الفاظ سخف لان استعمال الاعراب وابدال السخافة بالجزالة يخرجها من بابه ويدخلها في باب يكرب النفوس ويكاظمها ([47])،من هذه النوادر : ((قال أبو الحسن: عرض الأسدُ لأهل قافلة، فتبرع عليهم رجل فخرج إليه فلما رآه سقط وركبه الأسد، فشدوا عليه بأجمعهم، فتنحى الأسد. فقالوا له: ما حالك؟ قال لا بأس عليّ، ولكنّ الأسد خرى في سراويلي)) ([48]). وما نلحظه في النادرة الانفة أن شخصية البطل هي رجل أحمق، فضلا ان النادرة فيها كلام مورى عنه وهو قول البطل حين سئل (ما حالك؟) فقال: (لا بأس، ولكن خرى الأسد في سراويلي). ومثل هذا نجده في النادرة الآتية: ((قال: قيل لأعرابي: ما اسم المرق عندكم؟ قال السّخين. قال: فإذا برد؟ قال: لا ندعه يبرد)) ([49]). فالجاحظ يعتمد عنصر المفاجأة في سرد النادرة لكي يضحك القارئ والسامع.
- الحكاية:
وهي لفظ عام يدل على قصة متخيلة أو على حدث تاريخي خاص، أو أنها سرد قصصي يروي تفصيلات حدث واقعي أو متخيل([50]).
((قال أبو عبيدة: قيل ذلك؛ لأنَّ رجلاً خرج إلى الجبّانة، ينتظر ركابه، فاتبعه كلب كان له، فضرب الكلب وطرده، وكره أن يتبعه، ورماه بحجرٍ، فأبى الكلب إلا أن يذهب معه. فلما صار إلى الموضع الَّذي يريد فيه الانتظار، ربض الكلب قريب منه، فبينما هو كذلك، إذا أتاه أعداء يطلبونه بطائلة لهم عنده، وكان معه جار له وأخوه دنياً فأسلماه وهربا عنه. فجرح جراحات، ورمي به في بئر غير بعيدة القعر ثم حثوا عليه التراب، ثم غطي رأسه ثم كمم فوق رأسه منه، والكلب في ذلك يرخم ويهر، فلما انصرفوا أتى رأس البئر؛ فما زال يعوي، وينبث عنه، ويحثو التراب بيده ويكشف عن رأسه حتى اظهر رأسه فتنفس، وردت إليه الروح، وقد كاد أن يموت، ولم يبقَ منه إلا حشاشة. فبينا هو كذلك، إذ مرَّ ناسٌ، فأنكروا مكان الكلب ورأوه، وكأنه يحفر عن قبر، فنظروا، فإذا هم بالرَّجل على تلك الحال فاستشالوه. فأخرجوه حيًّا، وحملوه حتى أدوه إلى أهله)) ([51]). نجد أن الحكاية الانفة الذكر مسندة الى ابي عبيدة. وما نلحظ في الحكايةـ ايضاً ـ أن الجاحظ أراد اثبات وفاء الكلب، لأن الكلب عند الجاحظ رمز ثقافي واداة بلاغية لا تنفصل عن الرسالة الخلقية؛ فالخطاب السردي عند الجاحظ يقوم على افتراض يفيد التواصل والتخييل معاً، أنه يجمع بين الوظيفة التوصيلية (المرجعية والانفعالية والحجاجية) وبين الوظيفة الأدبية ([52]).
أ. الحكاية التفسيرية (الامثولة):
هي جنس أدبي وجيز موغل في القدم شأنه شأن أجناس موجزة أخرى كالخرفات والاساطير، وهذا الجنس السردي منشؤه النشاط الحكائي الشفوي، ويندرج في سياق التضمين، وقد استغرقت الحكاية المثلية زمناً طويلاً للانتقال من الشفوي الى المكتوب ومن وضع الخطاب المجهول الى المنسوب لقائله ([53]).
من ذلك قول الإمام علي (عليه السلام): ((عرفتني بالحجاز وانكرتني بالعراق، فما عدا مما بدا لك)) ([54]). وحكاية المثل كما يذكره الجاحظ برواية ((عبد الله بن مصعب قال: أرسل علي بن ابي طالب رحمه الله عبد الله بن عباس لما قدم البصرة فقال له: ايتِ الزبير، ولا تأتِ طلحة، فأن الزبير ألين، وأنك تجد طلحة كالثور عاقصاً قرنه، ويركب الصعوبة ويقول: هي أسهل؛ فأقرئه السلام، وقل له: يقول لك ابن خالك عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق، فما عدا مما بدا لك؟ .قال: فأتيت الزبير فقال: مرحباً يا ابن لبانة أ زائراً جئت أم سفيراً؟ قلت كل ذلك. وابلغته ما قال علي، فقال الزبير: ابلغه السلام وقل له: بيننا وبينك عهد خليفة ودم خليفة، واجتماع ثلاثة وانفراد واحد، أمُّ مبرورة ومشاورة العشيرة، ونشر المصاحف، فنحلَّ ما احلَّتْ، ونحرّم ما حرمتْ. فلما كان الغد حرَّش بين النَّاس غوغاؤهم. فقال الزبير: ما كنت أرى أن مثل ما جئنا له يكون فيه قتال!)) ([55]) نلحظ أن الجاحظ استهل الحكاية بـ (عبد الله بن الزبير قال) فقدم الاسم لما له من أهمية تاريخية ودينية وهو يمثل الطرف الأول في الحكاية، أما الطرف الثاني فهو علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ الذي أرسل عبد الله بن عباس فيكون الجاحظ الطرف الثالث الذي نقل الحكاية وأعاد صياغتها لتلائم ما يريد الذهاب اليه.
ب. الحكاية الفكاهية:
تقوم هذه الحكاية على سرد الواقع ثم مفاجئة القارئ بمفارقة لغوية تهدف الاضحاك والتفكه ((قال: وتعشى أبو كعب القاصّ بطفشيل كثير اللوبيا، وأكثر منه، وشرب نبيذا وتمرا، وغلس الى بعض المساجد ليقص على اهله، إذ انفتل الامام من الصلاة فصادف زحاما كثيرا، ومسجد مستور بالبواري من البرد والريح والمطر، وإذا المحراب غائر في الحائط، وإذ الامام شيخ ضعيف، فلما صلى استدبر المحراب وجلس في زاوية منه يُسبّح، وقام أبو كعب فجعل ظهره الى وجه الامام ووجهه الى القوم، وطبق وجه المحراب بجسمه فروته وكسائه، ولم يكن بين فقحته وبين انف الامام كبير شيء، وقص وتحرك بطنه، فاراد أن يتفرج بفسوة وخاف أن تصير ضراطا، فقال في قصصه: قولوا جميعا: لا اله الا الله! وارفعوا بها اصواتكم. وفسا فسوة في المحراب فدارت فيه وجثمت على انف الشيخ واحتملها، ثم كده بطنه فاحتاج الى أخرى فقال: قولوا: لا إله الا الله! وارفعوا بها اصواتكم. فأرسل فسوة أخرى فلم تخطى انف الشيخ، واختنق الشيخ في المحراب. فاخمر أنفه، فصار لا يدري ما يصنع. أن هو تنفس قتلته الرائحة، وأن لم يتنفس مات كربا. فما زال يداري ذلك، أبو كعب يقص، فلم يلبث أبو كعب أن احتاج الى أخرى، وكلما طال لبثه تولّد في بطنه من النّفخ على حسب ذلك. فقال: قولوا جميعاً: لا إله الا الله! وارفعوا بها اصواتكم. فقال الشيخ من المحراب وأطلع رأسه وقال: لا تقولوا! لا تقالوا! قد قتلني! انما يريد أن يفسو؟ ثم جذب اليه ثياب أبي كعب وقال: جئت هنا لتفسو أو تقص؟ فقال: جئنا لنقص، فاذا نزلت بلية فلا بد لنا ولكم من الصبر! فضحك الناس واختلط المجلس)) ([56]). فالازدواجية اللغوية في المزج بين الفصحى والعامية في الحكايات الفكاهية والنوادر وتنوع الأسلوب وتعداد أصوات النص القاص والشيخ والناس (المستمعون) واستعمال الالفاظ السخيفة (فسوة) فهي تمتع القارئ كما يرى الجاحظ لأنها تكون امتع كثيرا من الالفاظ الجزلة.
ج. الحكاية اللغز:
وهي حكايات تتضمن تورية أو مجازا تكون بمثابة شفرة بين شخصيين يبعث الشخص الأول هذه الشفرة أو اللغز للشخص الثاني عبر وسيط أومن دون وسيط. غير أن هذا النوع من الحكاية يدخل في عداد الرمزية الواعية، ويختلف عن الرمز بحصر المعنى من حيث ان ذاك الذي يطرح اللغز ويعرف مدلوله اتم المعرفة وقد اختاره عن قصد شكل القمين بأن يوهمه والذي عبره يتم حرزه ([57]). والجاحظ كعادته يلتقط هذه الاخبار والحكايات اللغز أو الملغزة كما يسميها هيغل ([58]) ومنها ما اورده في كتاب البيان والتبيين في باب ((من اللغز في الجواب)) ([59]). جاء فيه: ((قالوا: كان الحطيئة يرعى غنما له، وفي يده عصا. فمر به رجل فقال: يا راعي الغنم ما عندك؟ قال: عجراء من سلم. يعني عصاه. قال: إني ضيف. فقال الحطيئة: للضيفان أعددتها)) ([60]). نلاحظ المفارقة بين السؤال والجواب فالرجل يطلب طعاما والحطيئة يطلب الإفلات من الضيافة…
وفي موضع آخر يورد هذه الحكاية: (قصة العنبري الأسير): ((الاصمعي قال: أخبرني شيخ من بني العنبر، قال أُسر بنو شيبان رجلاً من بني العنبر، قال دعوني حتّى أرسل إلى أهلي ليفدوني. قالوا على أن لا تكلم الرسول إلا بين أيدينا. قال نعم. قال: فقال للرسول ائت أهلي فقل: إنَّ الشجر قد أورق، وقل إنَّ النساء قد اشتكت وخرزت القرب، ثُمَّ قال: أ تعقل؟ قال: نعم. قال: إن كنت تعقل فما هذا؟ قال: ليل. قال: اراك تعقل! انطلق إلى أهلي فقل لهم: عروا جملي الاصهب، واركبوا ناقتي الحمراء، وسلوا حارثاً عن امري، وكان حارث صديقاً له. فذهب الرسول فأخبرهم. فدعوا الحارث فقص عليه الرسول القصة، فقال: أما قوله: إنَّ الشجر قد أورق، فقد تسلح القوم. أمَّا قوله: إنَّ النَّساء قد اشتكت وخرزت القرب، يقول قد اتخذت الشكا وخرزت القرب للغزو، وأما قوله: هذا الليل فأنه يقول: اتاكم جيش مثل الليل، وأما قوله: عروا جملي الاصهب، فيقول: ارتحلوا عن الصمّاء، أما قوله: اركبوا ناقتي الحمراء، فيقول انزلوا الدهناء. وكان القوم تهيئوا لغزوهم، فخافوا أن ينذرهم فأنذرهم وهم لا يشعرون، فجاء القوم يطلبونهم فلم يجدونهم)) ([61]). استهل الجاحظ الحكاية بـ(الاصمعي) الذي نقل له حكاية عن شيخ من بني العنبر.
يورد الجاحظ حكاية أُخرى بعنوان (حديث المرأة التي طرقها اللصوص) وهو يسند الرواية للأصمعي. ((الأصمعي قال: كانت امرأة تنزل متنحية من الحي، وتحب العزلة وكان لها غنم، فطرقها اللصوص فقالت لأمتها: اخرجي! هاهنا؟ قالت: هاهنا حيّان والحمارس وعامر والحارث، ورأس عنز وشادان ورعيا بهمنا. فنحن ما أولئك. أي نحن أولئك. فلما سمعوا ذلك ظنوا أنّ عندها بنيها. وقال الاصمعي مرة: فلما سمعت حسهم قالت لأمتها أخرجي سلح بني من هاهنا. وقال سلح جمع سلاح. وحيان والحمارس: أسماء تيوس لها)) ([62]).
وفي الغالب تستعمل الرموز كشفرة بين المرأة والرجل الذي يريد الزواج منها، من ذلك حكاية بعنوان (قصة الممهورة والشياه والخمر):
((قال الاصمعي: تزوج رجل امرأةً فساق إليها مهرها ثلاثين شاة، وبعث بها رسولاً وبعث بزق خمر، فعمد الرسول فذبح شاة في الطريق فأكلها وشرب بعض الزق، فلما أتى المرأة نظرت الى تسعٍ وعشرين ورأت الزّقَّ ناقصا، فعلمت أن الرجل لا يبعث الا بثلاثين وزق مملوء. فقالت للرسول: قل لصاحبك إن سحيما قد رثم، وإن رسولك جاءنا في المحاق؟ فلما اتاه الرسول بالرَّسالة، قال يا عدو الله، أكلت من الثلاثين شاةً شاةً، وشربت من رأس الزق! فاعترف بذلك)) ([63]). ويكمن اللغز في موضعين، الأول: ((قل لصاحبك، إن سحيما قد رثم)) والرثم في اللغة له معان مختلفة لكن أقرب هذه المعاني هو الكسر وهو من رثمت انفه إذا كسرته([64])، وهذا له علاقة دلالية بالزق لأنه كسره وشرب منه. والآخر قولها: ((وإن رسولك جاءنا في المحاق)) والمحاق نقص في القمر في جرمه وضوئه ([65]) وله علاقة بنقص الشياه شاة واحدة ففطن الرجل الى ذلك ووبخ رسوله.
المبحث الثاني: عناصر البنية السردية
لا شك أن السرد بصورة عامة يتكون من عناصر وهذه العناصر في توظيفها تشكل عامل ابداع عبر بنائها وترابطها وتسلسلها. وان تضافر هذه العناصر (الحدث، الشخصية، الزمان والمكان)، يعطى انطباعا إيجابيا للمتلقي. لذا سنقف على كل شكل من الأشكال السردية ونحللها الى عناصرها.
- الحدث: يعد الحدث عنصرا رئيسا في بناء الخطاب السردي؛ إذ يقوم بربط عناصر السرد، فهو سلسلة من الوقائع المتصلة تتسم بالوحدة والدلالة وتتلاحق من خلال البداية ووسط ونهاية ([66]). ويمكن دراسة الحدث في النصوص السردية السابقة في الآتي:
الحدث في الاخبار: لابد من القول في البداية بأن الاخبار بكافة أنواعها تعتمد على الحدث أو الفعل وهذا ما نلحظه في الحدث في النوادر والاخبار التاريخية وكذلك الاخبار المنامية إذ ركز على الرؤيا التي رآها الحسين (عليه السلام) قبيل استشهاده وتمثلت بصورة رمزية هي (الكلب الابقع يلغ دمائهم) الذي عبره الحسين بشمر بن ابي ذي الجوشن الضبابي الذي كان مصاب بداء البرص. على حين الاحداث تتعدد في الحكاية الفكاهية بدءاً من العشاء (تعشى أبو كعب القاص) ثم ذهابه الى المسجد، ثم الجلوس في زاوية المسجد وصولا الى القص، وخروج الريح، ثم التستر بكلمة لا إله الا الله. وهذه الاحداث جاءت متسلسلة مترابطة عبر الوصف فـ(العشاء لوبيا وشراب نبيذ التمر) فهي من مهيجات خروج الريح من البطن. ثم الذهاب لبعض المساجد وقد أصاب الشيخ مسجدا كثير البواري دافئ، فجلس ووجهه للناس وقفاه للشيخ إمام المسجد، ولم تفصل بينه وبين الشيخ مسافة ويبدأ القص وتتحرك بطنه والحدث المهم أو الذروة هو التفريج بـ(فسوة) والتستر بذلك بقولوا الا إله الله…ولعل السمة الجمالية المهيمنة في هذا النص تتمثل في تفجير طاقة اللغة لتصوير هيئة القاص الأكول الشره الذي اكل طفشيل وهو الطعام المصنوع من اللوبياء وشرب نبيذ التمر وهو كما ذكرنا من مهيجات الريح في البطن ثم توظيفه لكلمة (تفريج) وهي ذات دلالتين أولهما فرج فتح وثانيهما كشف الغم وتكمن أهميته لأنه يثير الضحك لدى السامعين وهو هدف الحكاية. وعادة في السرد القديم ولا سيما في الاخبار والحكايات والنوادر يبدأ السارد بنقطة محددة تمثل البداية ثم يسرد الاحداث الى نقطة النهاية من دون استباق للأحداث أو تنبئ بالمستقبل ([67]).
- الشخصية: تعد الشخصية ركناً اساسياً من عناصر الخطاب السردي؛ لأنها تشكل ((مزيج من الفعاليات البيولوجية والذاتية والفكرية والحوادث الاجتماعية)) ([68]) لكن الصفة الغالبة على الشخصيات في السردي الجاحظي تاريخية، أو تعد في وقتنا الحاضر من التاريخ، ولاسيما في الاخبار والنوادر، فهذه الشخصيات حقيقة عاصرها الجاحظ أو سمع عنها من أحد جلسائه، وهناك من يقسم شخصيات الجاحظ على الشخصية المتسلطة أو القاهرة ومنها الحجاج والشمر بن ابي ذي الجوشن… والشخصية المقهورة ومنها الحسين بن علي (عليه السلام) والأعرابي في خبر الحجاج…. ([69]) لكن يمكن دراسة الشخصية بحسب النوع السردي في الآتي:
- الشخصية في الخبر: الشخصية في الاخبار غالب ما تكون أحادية ومنها شريح القاضي، والحجاج، وصعصعة، والحسين بن علي (عليه السلام)…ويمكن تقسم الشخصيات الجاحظية على: الشخصيات البرجوازية ومنها الحجاج والمأمون وثمامة….الشخصيات الأسطورية ومنها بلقيس بنت ذي مشرح، والشخصيات الخرافية ومنها الهدهد والبغل، الشخصيات الهامشية الساذجة منها الرجل والاعرابي في النادرة وهذه الشخصيات تتسم بالسذاجة ولا يهتم السارد بوصفها بقدر اهتمامه بالحدث لان هدفها الفكاهة والاضحاك ليس الا.
- الشخصية في الحكاية: هناك شخصيات رئيسة في الحكاية هي (رجل) و(كلب) والملاحظ أن شخصية الرجل نكرة غير معروفة لأن الهدف من الحكاية اثبات وفاء الكلب. يقوم الجاحظ بوصف الشخصية بحسب طبيعة السرد بوصف جسماني وسيكولوجي، ففي الحكاية الفكاهية هناك شخصيتان هما: القاص (أبو كعب) والشيخ (إمام المسجد)، وقد جاءت الشخصيتان في إطار اجتماعي ديني. فالقاص في سرد الجاحظ وظيفته اجتماعية ترفيهية والشيخ وظيفته دينية وثمة مفارقة سردية فالقاص رجل هدفه دنيوي رجل شره كثير الاكل والشرب، رجل ضخم الجثة عظيم البطن وهذا ما لمح به الجاحظ (وطبق وجه المحراب بجسمه وفروته وكسائه)، فهو يبحث عن مكان مليء بالناس دافئ من البرد ومستور من المطر وقد وجد ضالته في أحد المساجد. على حين أن الشيخ هدفه ديني فهو رجل ضعيف البنية يجلس في زاوية المسجد في المحراب الذي هو غائر في الحائط يسبح الله ويذكره، فالجاحظ بدأ سرده بعرض مباشر إذ عرفنا منذ البداية بالشخصيات.
أما الحكاية اللغز فنلحظ أن الراوي هو من يقدم الشخصية بل نجد في الحكاية ثلاثة رواة هم: الراوي الأول(الجاحظ)، والراوي الثاني (الاصمعي)، والراوي الثالث (شيخ بني العنبر) والشخصية الرئيسة هي (رجل من بني العنبر) اسره بنو شيبان فبعث رسالة ملغزة الى اهله بيد رسول واشترطوا عليه ان يكلم الرسول بين أيديهم فكلمه وألغّز في الكلام، وتأتي وظيفة الرسول في الحكاية في توصيل الرسالة من دون علمه بدلالتها الرمزية، فتحل هذه الرموز على يد صاحبه الحارث أما الرموز فهي: (إنَّ الشجر قد أورق) ويكمن استهلال الرسالة بـ(إنَّ) المشددة إشارة لقوله: ﭽ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﭼ([70]) دلالتها فقد تسلح القوم. (إنَّ النساء اشتكت وخرزت القرب) = اتخذت النساء الشكا وخرزت القرب للغزو. (الليل)= اتاكم جيش مثل الليل، عروا جملي الاصهب= ارتحلوا عن الصماء، اركبوا ناقتي الحمراء= انزلوا الدهناء. والدهناء هي الأرض ذات التربة الحمراء([71])، وجاء مفتاح هذه الشفرة بقوله: سلوا حارثاً عن امري
- المكان والزمان (الفضاء):
للمكان دور فاعل في القص السردي؛ ذلك بأنه يقوم ((بالدور نفسه الذي يقوم به الديكور والخشبة والمسرح)) ([72]). والمكان في أغلب سرد الجاحظ تاريخي، مرتبط بالشخصيات التاريخية منها شريح القاضي الحجاج و صعصة بن صوحان لكن قد يحدد الراوي ـ المكان من ذلك (اقمت في بلدكم) في خبر شريح القاضي فالبلد مكان مفتوح ، كذلك الصحراء في خبر الحجاج لكنه في نهاية الخبر قال (اخرجوه) أي أنه كان في خباء أو خيام في تلك الصحراء أما خبر صعصعة فقد وردت مكة ومكة ايضاً مكان مفتوح، على حين كان المكان في الحكاية الفكاهية المسجد، الذي ضمنه حدود تاريخية وجغرافية ارتبطت بالشخصيات (أبو كعب القاص) و(الشيخ)، وهو بذلك قد اطرّه، ولا يمكن تجاوزه بالأساليب الفنية الأخرى كالاستباق والاسترجاع. فالمكان الذي جرت فيه الحكاية (الجامع) وهو مكان مغلق وقد وصفه الراوي بأنه مستور بالبوري عن البرد والمطر مزدحم بالناس محرابه غائر في الحائط.
أمَّا الزمن فيمكن أن يقسم على زمنين الأول عام وهو زمن الخطاب (زمن الجاحظ) والثاني الزمن الخاص الذي نلحظه في الحكاية وهو وقت العشاء وما بعده أي ليلٍ.
وربما يظهر الزمن بشكل ضمني داخل الحكاية، وأن لم يدل عليه دليل كالظروف ومنها الليل في الحكاية الفكاهية والحكاية اللغز أو قت الظهيرة في خبر الحجاج والاعرابي، أو التاريخ أو شهرة الشخصية لكن سير الاحداث يدل على الزمن كما ان الأفعال الماضية تدل على الزمن ومنها(كانوا) في خبر الهدهد، أو (قال/ قيل) في النادرة، لأن النادرة لا تهتم بالزمن بقدر اهتمامها بالحدث المفاجئ لأن هدفها الاضحاك.
الخاتمة:
وظف الجاحظ أغلب الاشكال السردية في كتبه ومنها الاخبار بأنواعها والنوادر والحكايات.
كان الدافع لهذا التوظيف دفع الملل عن القارئ كما صرح هو بذلك، ووجود هذه الاشكال السردية في الادب العربي اذ تم رصد هذه الاشكال في مجتمعه ومنها الاخبار الخرافية والشعبية والاسطورية والحكايات الفكاهية والملغزة.
وظف الجاحظ الاخبار المنامية بدافع سياسي هو النيل من دولة بني أمية التي قتلت الحسين (ع). تضمنت اشكال السرد الجاحظية الخرافات العجائبية والغرائبية، إذا كان يلتمس لها تعليلا مقبولا في بعض الاحيان، ثم انها كانت مجهولة السند فقد استهلالها بـ(قالوا) أو (زعموا). تباينت عناصر الاشكال السردية وهي الحدث والشخصيات والمكان والزمان، وكانت أكثر وضوحاً وتفصيلا في الحكاية.
المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم.
- المصادر:
- الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب (ت255هـ)، البخلاء، علق عليه حسّان الطيبي، دار المعرفة، بيروت ـ لبنان، ط1، 1429هـ/2008م.
- الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب (ت255هـ)، البرصان والعرجان والعميان والحولان، تح محمد عبد السلام هارون، دار الطليعة، بيروت ـ لبنان، منشورات وزارة الثقافة والاعلام الجمهورية العراقية،1982.
- الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب (ت255هـ)، البيان والتبيين، تح محمد عبد السلام هارون، دار ومكتبة الجيل، بيروت ـ لبنان (د.ت).
- الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب (ت255هـ)، الحيوان، تح: عبد السلام محمد هارون، مكتبة ومطبعة البابي الحلبي وأولاده، مصر، ط1، 1965م.
- الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب (ت255هـ) رسائل الجاحظ، تح: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، مصر، ط1 ،1399هـ/1979م.
- الرضي، الشريف الرضي، نهج البلاغة، وهو ما جمعه الشريف الرضي من كلام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب، عليه السلام، شرح محمد عبده، دار المحجة البيضاء، بيروت، لبنان، ط1، 1429هـ/ 2008م.
- المعاجم:
- ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين بن مكرم، لسان العرب، دار صادر، بيروت ـ لبنان، 2003م.
- الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، دار صادر، بيروت ـ لبنان، ط2، 1995م.
- فتحي، إبراهيم، معجم المصطلحات الأدبية، المؤسسة العربية للناشرين المتحدين، تونس، ط1، 1986م.
- الفيروزآبادي، مجد الدين محمّد بن يعقوب، القاموس المحيط، اعداد وتقديم، محمد عبد الرحمن المرعشلي، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، ط2، 1424هـ/2003م.
- القاضي، محمّد وآخرون، معجم السرديات، دار محمّد علي للنشر تونس، ط1، 2010م.
- وهبة، مجدي، والمهندس كامل، معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مكتبة لبنان، بيروت، ط2، 1984م.
- المراجع:
- خليل، إبراهيم محمود، النقد الأدبي الحديث من المحاكاة الى التفكيك، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان ـ الأردن، 2003/1424هـ.
- سلّوم، داو،د النقد المنهجي عند الجاحظ، مكتبة النهضة العربية، بيروت ـ لبنان، ط2، 1968.
- شخاترة، خولة خليل، بنية النص الحكائي في كتاب حيوان للجاحظ، دار الينابيع للنشر والتوزيع، عمان، 1996م.
- صحراوي، إبراهيم، السرد العربي القديم الأنواع والوظائف والبنيات، الدار العربية للعلوم ناشرون، منشورات الاختلاف،2008م.
- عبد الخالق، نادر أحمد، الشخصية الروائية بين علي أحمد بكثير ونجيب الكيلاني، دراسة موضوعية وفنية، دار العلم والايمان، ط1، 2009.
- عبد العباس، عبد الحي، بناء المصطلح العجيب والغريب والخارق والفانطستيك، بين قيود المعجم وقلق الاستعمال، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش ـ المغرب، ط1 ،2007.
- الغذامي، عبد الله، النقد الثقافي، قراءة في الأنساق الثقافية، المركز العربي الثقافي، الدار البيضاء، المغرب، ط3، 2005م.
- القاضي، محمّد، الخبر في الأدب العربي، دراسة في السردية العربية، دار المغرب الإسلامي، بيروت ـ لبنان، ط1، 1989.
- لحمداني، حميد، بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي، المركز الثقافي العربي، ط1، 1991م.
- مالطي، فدوى، بناء النص التراثي، دراسات في الأدب والتراجم، دار الشؤون الثقافية العامة،1992م.
- مرتاض، عبد الملك، في نظرية الرواية بحث في تقنيات السرد، عالم المعرفة، 1998م.
- مشبّال، محمّد، البلاغة والسرد، جدل التصوير والحجاج في اخبار الجاحظ، مط الخليج العربي، تطوان، المغرب.
- مشبّال، محمّد، بلاغة النادرة، دار جسور للطباعة والنشر والتوزيع، طنجة، المغرب العربي، ط2، 2001م.
- النجدي، أحمد جاسم، تطور منهج البحث الأدبي عند العرب، وزارة الثقافة والفنون، سلسلة دراسات 154، جمهورية العراق، 1978م.
- يقطين، سعيد، تحليل الخطاب الروائي، (الزمن ـ السرد ـ التبئر)، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء المغرب العربي، ط4، 2005.
- يقطين، سعيد، السرد العربي مفاهيم وتجليات، رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة ـ مصر، ط1، 2006م.
- الكتب المترجمة:
- جيرار برنس، المصطلح السردي، ترجمة خزندار ومراجعة محمد براري، المجلس الأعلى للثقافة، ط1، 2003.
- العامل، عادل، الأسطورة والنظريات الميثولوجية ، وزارة الثقافة، دار المأمون للترجمة والنشر، ط1 ،2005.
- هيجل، الفنُّ الرَّمزي الكلاسيكي الرومانسي، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة، بيروت ـ لبنان، ط2 ،1986م.
- الرسائل والاطاريح:
- خميس، ضياء عبد الله، تحولات السرد العربي القديم، دراسة في الأنساق الثقافية واشكال التأويل، أطروحة دكتوراه، كلية الدراسات العليا الجامعة الأردنية.
- الزبيدي، غانم حميد، سردية النص السيري ـ سيرة ابن هاشم انموذجاً، رسالة ماجستير مقدمة لكلية الآداب جامعة البصرة، 2010م.
- نوبوة، عبد القادر، تأويل السرد العربي قراءة في الخصوصية النقدية لكتابات عبد الفتاح كيليطو، أطروحة دكتوراه مقدمة لكلية الآداب واللغات، جامعة محمد لمين دباغين، سطيف2، جمهورية الجزائر.
- الدوريات والمجلات:
- بلخير ارفيس، ما بعد الجملة النص أم الخطاب، مجلة المقري للدراسات اللغوية النظرية والتطبيقية: العدد الثالث.
- محمد اليعلاوي، القصص القرآني، حوليات الجامعة التونسية، العدد الرابع 1985م.
([1]) يقول الدكتور عبد الملك مرتاض: ((ولعل أول من حاول أن يعني بالنثر بعض العناية أو كلها، بالإضافة إلى عنايته أيضاً، بالشعر هو أبو عثمان الجاحظ في كتابه البيان والتبيين حيث أورد نصوصا تعد من روائع الأدب المنثور….)). في نظرية الرواية، بحث في تقنيات السرد: 18.
([2]) ينظر: النقد الثقافي، قراءة في الأنساق الثقافية العربية:230.
([3]) ينظر: الجاحظ، البيان والتبيين: 4/15.
([4]) ينظر: النجدي، أحمد جاسم، منهج البحث الأدبي عند العرب :80.
([5]) ينظر يقطين، سعيد: الكلام والخبر: 25.
([6]) ينظر: صافار، إبراهيم عبد السلام، تحولات الخطاب النقدي المعاصر، مؤتمر النقد الدولي الحادي عشر، التصور القرائي في بنية النص التراثي، الجاحظ نموذجا :357.
([8]) ينظر: القاضي، محمد، الخبر في الأدب العربي:662.
([10]) ينظر: الغذامي، عبد الله محمد، النقد الثقافي قراءة في الأنساق الثقافية العربية :231.
([11]) ينظر: صافار، إبراهيم عبد السلام، تحولات الخطاب النقدي المعاصر، مؤتمر النقد الدولي الحادي عشر، التصور القرائي في بنية النص التراثي، الجاحظ نموذجا:367
([12]) الجاحظ، البيان والتبيين:4/98.
([13]) الجاحظ، البيان والتبيين:4/98،97.
([14]) ينظر: القاضي، محمد، الخبر في الأدب العربي:388.
([15]) ينظر:: القاضي، محمد، الخبر في الأدب العربي:397.
([16])الجاحظ، البيان والتبيين:4/99،98.
([18]) القاضي، محمد، الخبر في الأدب العربي:690.
([19]) ينظر: مشبّال، محمد، بلاغة النادرة:23.
([20]) الجاحظ، البيان والتبيين:99.
([21]) ينظر: صحراوي، إبراهيم، السرد العربي القديم الأنواع والوظائف والبنيات: 162.
([22])ينظر: مشبّال، محمّد، البلاغة والسرد:93.
([23]) ينظر: السرد العربي مفاهيم وتجليات:159.
([24]) ينظر: بناء النص التراثي، دراسات في الأدب والتراجم:154 وما بعدها.
([25]) ينظر: الزبيدي، غانم حميد، سردية النص السيري:129.
([26]) الجاحظ، البرصان والعرجان والعميان والحولان: 119.
([27]) ينظر: الأسطورة والنظريات الميثولوجية، ترجمة عادل العامل: 10،9.
([28]) سورة النمل من الآية 23.
([29])الجاحظ، رسائل الجاحظ:2/371.
([30]) ينظر: في نظرية الرواية، بحث في تقنيات السرد: 144.
([31])الجاحظ، الحيوان:3/520،519.
([32]) ينظر: خميس، ضياء عبد الله، تحولات السرد العربي القديم، دراسة في الأنساق الثقافية واشكال التأويل:20.
([33]) ينظر: الجاحظ، البيان والتبيين:3/31،30؛ اليعلاوي، محمد، القصص القرآني، حوليات الجامعة التونسية، العدد الرابع 1985: 36ـ 39.
([35]) الجاحظ، رسائل الجاحظ :2/266.
([36]) ينظر: مشبال، محمد، البلاغة والسرد:92.
([37]) نوبوة، عبد القادر، تأويل السرد قراءة في الخصوصية النقدية لكتابات عبد الفتاح كيليطو: 185.
([40]) ينظر: عبد العباس، عبد الحي، بناء المصطلح :112.
([41]) مدخل الى الأدب العجائبي:19 ـ20.
([42]) ينظر: مشبال، محمد، البلاغة والسرد:91،90.
([43]) الجاحظ، البيان والتبيين :3/36.
([44])ينظر: القاضي، محمّد وآخرون، معجم السرديات:449.
([45]) ينظر: سلّوم، داود، النقد المنهجي عند الجاحظ:136.
([46]) الجاحظ، البخلاء: 12، ينظر: مشبّال، محمد، بلاغة النادرة:29
([47]) ينظر: الجاحظ، الحيوان: 3/39.
([48]) ينظر: الجاحظ، البيان والتبيين:4/7.
([49]) ينظر: المصدر نفسه :4/9.
([50]) ينظر: وهبة، مجدي، والمهندس، كامل، معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب؛ وفتحي، إبراهيم، معجم المصطلحات الأدبية: 140.
([51]) الجاحظ، الحيوان :2/123،122.
([52]) ينظر: مشبّال ، محمّد، البلاغة والسرد: 23.
([53]) القاضي، محمد وآخرون، معجم السرديات: 156،155.
([54])الجاحظ، البيان والتبيين:3/ 222.
([55])الجاحظ، البيان والتبيين :3/ 222،221؛ الرضي، نهج البلاغة:67.
([57]) ينظر هيجل، الفن الرمزي الكلاسيكي الرومانسي: 143.
([59])الجاحظ، لبيان والتبيين: 2/ 147.
([60]) الجاحظ، البيان والتبيين:2/ 147.
([61]) الجاحظ، الحيوان :3/ 125،124.
([62])الجاحظ، الحيوان:3/ 123،122.
([63]) الجاحظ، الحيوان:3/ 124،123.
([64]) ينظر: الفيروزآبادي، القاموس المحيط مادة (رثم): 1024.
([65]) ينظر: اابن منظور، لسان العرب مادة (محق): 14/ 29.
([66]) جيرار برنس، ترجمة عابد خزندار، المصطلح السردي: 19.
([67]) ينظر: يقطين، سعيد، تحليل الخطاب الروائي:159.
([68])ينظر: عبد الخالق، نادر أحمد، الشخصية الروائية بين علي أحمد باكثير ونجيب الكيلاني دراسة موضوعية وفنية:44
([69]) ينظر: شخاترة، خولة خليل، بنية النص الحكائي في كتاب حيوان للجاحظ: 137 ـ138.
([70]) سورة القصص، من الآية 20.
([71]) الحموي، ياقوت، معجم البلدان: 2/93.
([72]) لحمداني، حميد، بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي: 56.