تداعيات تراجع أسعار النفط خلال جائحة كوفيد19 على المستوى الاجتماعي والاقتصادي الجزائري
The repercussions of the decline in oil prices during the Covid-19 pandemic on the Algerian social and economic level .
الأستاذ عاشوري عبدالله، جامعة محمد لمين دباغين سطيف2.
Achouri abdellah, Mohamed Lamine Debaghin University, Setif2.
ورقة منشورة في كتاب أعمال الملتقى تداعيات الأزمات الدولية الراهنة على الوطن العربي الصفحة 109.
ملخص:
أدّت جائحة كورونا كوفيد-19 التي مست جميع دول العالم خلال السنوات الأخيرة، إلى ركود الاقتصاد العالمي، وترتّب عنه تداعيات كبيرة على الاقتصاديات الوطنية للدول خاصة الريعية منها، كالجزائر التي مرت خلال مرحلة انتشار جائحة كوفيد 19 بأزمة اقتصادية مزدوجة ميزها تراجع كبير في الطلب العالمي على البترول من جهة، ومن جهة أخرى تهاوي أسعار هذه المادة التي وصلت إلى مستويات قياسية، وهو ما خلف آثارا كبيرة على الاقتصاد الوطنى امتد تأثيره إلى الجانب الاجتماعي، و سيتم خلال هذه الورقة شرح وتحليل الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لتراجع أسعار النفط في السوق العالمية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي المحلي الجزائري.
الكلمات المفتاحية: النفط، جائحة كوفيد19، الاقتصاد الجزائري، المجتمع الجزائري.
Abstract:
The Corona Covid-19 pandemic, which affected all countries of the world in récent years, led to the stagnation of the global economy, and had major répercussions on the national economies of countries, especially rentier ones, such as Algeria, which went through during the stage of the spread of the Covid 19 pandemic a double economic crisis characterized by a significant décline in global demand On the one hand, oïl, on the other hand, the prices of this substance have fallen, which have reached record levels, which has left significant effects on the national economy, and its impact has extended to the social aspect.
Keywords : oïl, COVID-19 pandemic, Algerian economy, Algerian society.
مقدمة:
تركت جائحة كوفيد 19 التي انتشرت في جميع أنحاء العالم خلال السنوات الأخيرة تداعيات كبيرة على المنظومة الصحية العالمية، ومن أجل الحد من انتشار هذه الجائحة وكبح تمددها تم اللجوء إلى فرض واتخاذ إجراءات صارمة في جميع دول العالم، وهو ما قاد إلى ركود النشاط الاقتصادي العالمي بشكل كبير وصلت تداعياته حتى داخل كل الدول وتأثرت بشكل كبير وملموس حياة السكان ومعيشتهم في تلك الدول.
تعيش الجزائر منذ انتشار جائحة كوفيد19 مرحلة اقتصادية صعبة ومعقدة، ميّزها تراجع الطلب العالمي على النفط وكذا تهاوي أسعاره في الأسواق العالمية لاسيما وأن اقتصادها ريعي وسياساتها التنموية قائمة على الريع البترولي ما جعلها تعيش وضعا اقتصاديا مأزوما وتركها عرضة لتقلبات أسعار هذه المادة في السوق العالمية، وهو ما سيرهن حتما استقرارها الاقتصادي وأمنها الاجتماعي .
الإشكالية: نحاول في هذه المداخلة الإجابة عن التساؤل الرئيسي للبحث الذي يتمثل في:
فيم تتمثل أهم الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية على المستوى المحلي الجزائري المترتبة عن تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال مرحلة انتشار جائحة كوفيد 19؟
التساؤلات الفرعية:
1- كيف شكل فيروس كورونا كوفيد 19 المستجد أزمة صحية وطنية؟
2- كيف أثر تراجع سعر النفط عالميا خلال جائحة كوفيد19على الاقتصاد الوطني؟
3- ما تداعيات وآثار تراجع أسعار النفط خلال فترة انتشار كوفيد 19 على المجتمع الجزائري؟
4- ما هي أهم الإجراءات والسياسات التي اتخذتها الجزائر لمواجهة تداعيات تراجع أسعار النفط خلال جائحة كوفيد 19.
الفرضيات:
– خلّف تهاوي أسعار النفط خلال جائحة كوفيد 19 تداعيات على الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية المحلية للجزائر.
– اتخذت الجزائر إجراءات وسياسات فعالة لمواجهة تداعيات تراجع أسعار النفط ساهمت في تخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية.
أهمية الموضوع: يكتسي الموضوع أهمية خاصة لكونه يعالج موضوعا اقتصاديا يشغل اهتمام الكثير من الباحثين الاقتصاديين وحتى الساسة وخبراء النفط في الساحة الوطنية والعالمية خصوصا في مرحلة انتشار جائحة كوفيد19 وما تبعها من آثار ناجمة عن تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر.
أهداف المداخلة: تتمثل أهداف المداخلة في العناصر التالية:
– توضيح ومعرفة طبيعة الفيروس المستجد كوفيد 19 وكذا آثاره المختلفة.
– توضيح وتحليل الآثار المترتبة عن تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال مرحلة انتشار جائحة كوفيد19 على المستوى الاقتصادي والاجتماعي الجزائري.
– الإشارة إلى أهم الإجراءات والترتيبات المتخذة من طر ف الحكومة الجزائرية لمواجهة تداعيات وآثار هذا التراجع في أسعار النفط.
المنهج:
تم الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي من خلال وصف وتحليل الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لتراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال مرحلة انتشار جائحة كورونا 19على المستوى المحلي الجزائري، كما تم الاعتماد على المنهج الإحصائي من خلال تقديم وتحليل إحصائيات تخص الموضوع البحثي.
عناصر المداخلة: تتكون من العناصر التالية:
أولا: لمحة عامة عن فيروس كورونا المستجد كوفيد 19.
ثانيا: تراجع أسعار البترول خلال فترة انتشار كوفيد 19 وأثرها على الاقتصاد الجزائري.
ثالثا: الآثار الاجتماعية في الجزائر لتراجع أسعار البترول خلال فترة جائحة كوفيد 19.
رابعا: آليات الحكومة الجزائرية لمعالجة الآثار السوسيو اقتصادية لتهاوي أسعار النفط خلال كوفيد 19.
أولا: لمحة عامة عن فيروس كورونا المستجد كوفيد 19:
أ– كوفيد 19: فيروسات كورونا هي مجموعة من الفيروسات التي يمكنها أن تسبب أمراضا مثل الزكام والالتهاب التنفسي الحاد الوخيم (السارز) ومتلازمة التنفس (ميرز)، ولقد تم اكتشاف نوع جديد من فيروسات كورونا بعد أن تم التعرف عليه كمسبب لانتشار أحد الأمراض التي بدأت في الصين في ديسمبر 2019.[1]
ب- تصنيفه:
تم في شهر مارس من عام ألفين وعشرين تصنيف فيروس كورونا 2019 (2sars cov) كوفيد19 من طرف منظمة الصحة العالمية على أنه جائحة، وبدأ العمل على مراقبتها ونشر البيانات والمعلومات والتقارير الحديثة حول انتشارها، وكذا إصدار توصيات حول سبل الوقاية منها ومعالجة هذا المرض المستجد.
تجدر الإشارة أن مجلس الأمن الدولي في عام2000 قد شكّل علامة مميزة في كيفية التعاطي مع الأمراض والأوبئة والحديث عنها بأنها من أبرز اهتمامات الأمن الدولي والعالمي والقومي والإنساني.[2]
يصيب هذا الفيروس المستجد جميع الفئات من صغار وكبار وكلما زاد عمر الإنسان كانت تطور الإصابة تبعا لذلك أكبر، وأكثر الفئات الأكثر ضررا بهذا الفيروس هم أصحاب الأمراض المزمنة (مرض السكري، الكبد، الكلى، أمراض السمنة، أمراض المناعة، القلب، مرض الربو…)[3].
تستغرق فترة الإصابة بالفيروس وظهور الأعراض ما بين يومين و14 يوما بمتوسط خمسة أيام، و تشمل هذه الأعراض ظهور الحمى والسعال والعطس وآلام الحلق وضيق التنفس والصداع، وأوجاع الجسم وآلام في العضلات، وفقدان حاستي الشم والذوق، كما قد تظهر أغراض أخرى أكثر تعقيدا كالالتهاب الرئوي والغثيان والإسهال.[4]
بخصوص الإجراءات التي تتخذ لمجابهة الوباء هي كالتالي:
1- الكشف والتحري عن بؤر الوباء.
2- تشخيص المصابين.
3- تطوير وتعزيز سبل ووسائل الوقاية لمنع الانتشار وانحسار الوباء.
4- تعزيز ونشر الوعي الصحي مع قوة تطبيق القانون، والالتزام بما تقدمه أو تنشره المؤسسات الصحية أو الأجهزة المختصة بمتابعة تفشى الوباء من إرشادات صحية وتحذيرات وتشريعات للحد من الفيروس وانتشاره.
ج-الجائحة:
تصنف الجائحة بأنها أعلى درجات الخطورة في قوة انتشار الفيروس، وذلك لانتشاره في أكثر من منطقة جغرافية في العالم، وليس في قارة أو إقليم معين ،مما يتطلب مزيدا من التنسيق بين السياسات الوطنية والإقليمية والعالمية في تعزيز الوقاية والحماية من انتشار المرض.[5]
ثانيا: آثار تراجع أسعار النفط خلال كوفيد 19 على الاقتصاد المحلي الجزائري:
أ-تعريف الأثر: هو التداعيات الحية لفعل أو حدث أو قرار أو خطاب على شخص أو على شيء ما.
أدّت جائحة كورونا التي أصابت جميع دول العالم إلى انكماش كبير في الاقتصاد العالمي وتسببت في تراجعه بشكل كبير، وهو ما أدى إلى تراجع في الاقتصاديات الوطنية المحلية للدول، ولكن مخلفاته على اقتصاديات الدول النامية كانت كبيرة جدا خاصة الدول الريعية منها.
تعتبر الجزائر واحدة من الدول الريعية التي تأثرت كثيرا بجائحة كوفيد 19 من خلال تضرر القطاع الصحي من جهة، ومن جهة أخرى تراجع أسعار البترول في الأسواق العالمية بسبب تراجع الطلب العالمي عليه نتيجة الركود الاقتصادي العالمي، وسنحاول توضيح وشرح آثار وانعكاسات تراجع أسعار النفط على الاقتصاد الوطني كما يلي:
-امتدت آثار الجائحة إلى أسواق النفط والغاز العالمية، وتسببت لها في انهيارات غير مسبوقة لسعر النفط الذي هوى إلى حد 25 دولار للبرميل في 2020، علما أن صادرات النفط الجزائري يمثل نسبة 94%، من إجمالي صادرات الجزائر، ويمثل60% من ميزانية الدولة.[6] وهو ما يؤكد فعلا أن أي تراجع في أسعاره في الأسواق العالمية ستكون له مخاطر كبيرة على الاقتصاد الجزائري الذي يبقى مرهونا لصادرات البترول ومشتقاته وهو ما يهدد استقرار المجتمع وأمن البلاد في مجملها.
تجدر الإشارة أن احتياطي الجزائر المؤكد من النفط قد قدّر بحوالي 12،2مليار برميل وبذلك تحتل ثالث أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا بعد ليبيا ونيجيريا، مع احتياطي للغاز يقدّر ب4،5تريليون متر مكعب(حوالي160تريليون قدم مكعب).[7] وهذا ما جعل الجزائر تعتمد كثيرا في تمويل وتنفيذ سياساتها وبرامجها التنموية المختلفة على النفط .
-بالنسبة للقطاع الصناعي: أدت القيود المفروضة لمحاربة تفشي الوباء خاصة مع طول فترة الأزمة الصحية إلى تعطل ديناميكية الإنتاج وركوده ، وتسببت اختلالات عملية شحن واستلام المواد الأولية القادمة من الصين وأروبا، وطول المدة الزمنية لتسليم البضائع إلى حصول اضطراب في السوق وندرة الكثير من المواد الأولية، والبضائع والسلع المختلفة، علما أن القطاع الاستهلاكي الجزائري يعتمد بنسبة كبيرة تساوي 80% على الخارج، وتعتبر الصين وأوروبا من بين أهم موردي الجزائر بالمواد الأولية كالحديد والألمنيوم، وكذا المواد الطبية، والصيدلانية وغيرها من المواد الأخرى .[8] وهوما جعل الجزائر دائما مرهونة في اقتصادها للسوق الخارجية التي تستنزف كثيرا من مداخيلها النفطية.
– عرف قطاع النقل بمختلف فروعه هو الآخر بسبب القيود التي فرضتها السلطات تضررا، وكان قطاع النقل البحري والجوي من أكثر المتضررين، لا سيّما مع منع حركة السفر الداخلي والخارجي خصوصا في فترة تتزامن مع زيادة تنقلات المسافرين في الموسم الصيفي، وقد تضررت شركات النقل بمختلف فروعها في ظل انعدام المداخيل، حيث تكبدت مثلا مؤسسة مطار الجزائر في 2020 خسائر قدرت ب 1.3 مليار دينار بسبب تكاليف ونفقات الأجور، في فترة تعليق الرحلات الجوية 22 مارس 2019، بنسبة تراجع في المداخيل تقدر بـ 96%، مقارنة بالمداخيل التي تم تسجيلها خلال نفس الفترة من سنة 2019.[9]
– إن تراجع أسعار النفط الجزائري من جهة، ومن جهة أخرى تراجع الطلب العالمي على النفط أدى إلى اعتماد الدولة على مخزونها من العملة الأجنبية فتآكل احتياطي الصرف الوطني وانخفض من 51,6 مليار دولار في قانون المالية لـ 2020 إلى 44.2 مليار دولار في قانون المالية التكميلي، أي خسارة ما مقداره 7 مليار دولار من احتياطي الصرف بسبب التكاليف الضرورية لمجابهة جائحة كورونا كوفيد 19. تجدر الإشارة أن الجزائر خلال السنوات الأخيرة عرفت سياسات تقشفية صارمة وذلك بسبب تآكل احتياطي الصرف من العملة الأجنبية وأدت إلى مستويات قياسية بعد ما كان احتياطي الصرف خلال عشرية السابقة يفوق مائة مليار دولار وهو ما سمح بتجسيد العديد من البرامج والسياسات التنموية التي سمحت بتحسن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية داخليا.
– تراجع معظم الأنشطة الاقتصادية خاصة قطاع الطاقة الذي تراجعت مداخيله إلى النصف باعتباره المورد الوحيد الجزائري مما أدى إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.2%.[10] مع العلمأن معدل النمو الاقتصادي في سنة 2019 قد بلغ نسبة 0،8من حيث الحجم مقابل1،4سنة 2018.[11]
– ارتفاع معدل البطالة سواء في القطاع الرسمي أو القطاع الموازي -الذي يشكل 30% من حجم التشغيل في الجزائر- بسبب غلق المؤسسات الإنتاجية والصناعية، وحتى هناك بعض المؤسسات التي قد أعلنت إفلاسها بسب غياب التسويق وتراجع مشترياتها خاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي لم يعد بمقدورها تحمل أثار الأزمة الصحية وما تبعها من أزمة اقتصادية، وهذا ما سيقود حتما نحو تعقد الوضعية الاقتصادية والاجتماعية في البلد.
– خسائر بالنسبة للقطاع التجاري، حيث تكبدت شركات التصدير والاستيراد والتوزيع الجزائري خسائر فادحة بسبب اعتمادها على الواردات الصينية بـ 25% من إجمالي واردات الجزائر أي 80 مليار دولار.[12]مع العلم أن جل واردات الجزائر من السلع ومنتوجات الصناعية تأتي من الصين .
– فيما يخص قطاع الخدمات، فقد تأثر هو الآخر بجائحة كورونا، حيث تسببت الجائحة مثلا في خلق أزمة نقص السيولة المالية بالمؤسسات المالية، وخاصة قطاع البريد الذي سجل تراجعا في السيولة بنحو 15% في 2020، وقد هوى حجم السيولة المالية المتداولة في البنوك إلى ما دون 8 مليار دولار لأول مرة منذ أكثر من عشرين سنة.[13]
بسبب تدابير الغلق الكلي والجزئي تضرر قطاع السياحة بشكل واضح وأحال جل موظفي القطاع إلى بطالة امتدت طيلة فترة انتشار الجائحة وهو ما شكل لها أزمة حقيقية.
ثالثا: الآثار السوسيولوجية بالجزائر لتراجع أسعار النفط خلال انتشار جائحة كورونا:
يقصد بالآثار الاجتماعية مخلفات الظواهر الاجتماعية بمختلف تأثيراتها على الأفراد في سلوكهم ووعيهم، و على المجتمع في استقراره أو توازنه أو اختلاله وتفككه، لتتميز من خلالها أبعاد الظواهر الايجابية أو الظواهر السلبية وتداعياتها على حياة الفرد وبناء المجتمع برمته.[14]
أ-الأثار السلبية:
تسبب تراجع أسعار البترول الجزائري في الأسواق العالمية في ركود اقتصادي على المستوى المحلي وامتدت تداعيات ذلك الركود بصورة مباشرة وغير مباشرة لتمس المستوى الاجتماعي والمعيشي للسكان أثر على استقرار المجتمع وتوازنه.
فرضت الجائحة تأثيرات سلبية تمثلت في العزلة الاجتماعية بسبب القيود المفروضة لمنع التنقلات والتجمعات العائلية والتي تعد أحد العوامل الرئيسية المساهمة في تمدد وانتشار الوباء.
بالنسبة لآثار الجائحة النفسية والاجتماعية فيمكن ذكرها على سبيل المثال لا الحصر فيما يلي:
– ارتفاع نسب الإصابات بالوباء وتزايد أعداد الوفيات خاصة وأن الجائحة تجاوزت السياسات الوطنية الأساسية في الحماية وتقليل أعداد الوفيات، ولم تتمكن المؤسسات الصحية من التكفل وتوفير الحاجيات الأساسية لحماية الأرواح في ظل تسجيل غياب للإمكانيات والوسائل الممكنة (كالأكسجين وتهيئة المرافق الصحية وفق المستوى الصحي في الدول الأخرى).
-الإحساس بفقدان الحرية في ممارسة وأداء أمور الحياة.
– اضطراب الحالة النفسية للأفراد وتزايد حالات القلق والخوف من الإصابة بالعدوى، وفقدان حياتهم أو حياة ذويهم.
– اختلال أنماط الاستهلاك ولاعقلانية في الاستهلاك وتولدت عنه حالات الجشع والاحتكار والادخار غير العقلاني للسلع وتسببت في حدوث المضاربة.
– خلق التوتر والانفعال مما أدى إلى إصابة البعض بأمراض نفسية كالاكتئاب والقلق.
– تسبب غلق المساجد ودور العبادة والتي لها دور كبير في سكينة الروح والهدوء النفسي في تزايد حالات القلق والشعور بالاضطراب النفسي..
-تسببت إحالة العمال والموظفين على عطل إلزامية في الشعور بالملل والكسل واكتساب سلوكيات الكسل والفشل.
– غياب الأمن الوظيفي وعدم استقرار الدخل وكذلك تراجع القدرة الشرائية للأسر والعائلات، وتزايد معاناة الطبقات الاجتماعية الهشة، وصعوبات مادية بسبب غلق المحلات وأماكن العمل.
– حتى الأطفال فقد امتد إليهم تأثير الجائحة، وتولدت عندهم سلوكيات جديدة كالإدمان على الألعاب الالكترونية، وتسبب الانقطاع عن الدراسة وغلق المؤسسات التربوية في تزايد حدة القلق والحالة النفسية الصعبة، مما ترتب عنها غياب الهدوء والاستقرار بالبيوت، خاصة مع في ظل غلق دور العبادة والمساجد والمصليات.
ب-الآثار الايجابية لجائحة كورونا على المجتمع الجزائري:
لم تكن مرحلة انتشار الوباء أو الجائحة إجمالا ذات تأثيرات سلبية، بل تولدت من رحم الأزمة الصحية وتداخلها مع الضائقة الاقتصادية الوطنية ظواهر اجتماعية إيجابية هامة، تمثلت في إعادة إحياء قيم التكافل والتضامن الاجتماعي وزيادتها بشكل أفضل، وتجديد وتحيين العلاقات البينية داخل الأسر الجزائرية بشكل مغاير عن الفترات السابقة.
– كما ظهرت كثيرا وبشكل جلى سلوكيات وقيم التضامن والتكافل الاجتماعي من خلال مساعدة العائلات والأسر المحتاجة والمعوزة. ويمكن الإشارة هنا إلى مجموعة من الظواهر الإيجابية التي ظهرت خلال مرحلة الوباء فيما يلي:
– تنامي أدوار المجتمع المدني والتنظيمات المدنية في دعم ومساعدة الآخرين المحتاجين بالمساعدات الغذائية والمادية واللوازم الضرورية المختلفة.
– ارتفاع الأنشطة الخيرية والتكافلية بمشاركة كثير من الفواعل الرسمية وغير الرسمية.
– بالإضافة إلى ذلك فقد توحد شمل الأسر، وتزايدت ممارسة العبادات في المنازل مع الأهل وأفراد العائلة كالصلاة، وهي صور تعكس استمرارية التزام العبادات الدينية رغم إجراءات الحجر الصحي وغلق المساجد ودور العبادة.
– ارتفاع وتزايد حملات النظافة والتعقيم للحفاظ على سلامة الأفراد والعائلات.
رابعا: إجراءات الحكومة المتخذة لمواجهة آثار تراجع أسعار النفط خلال الجائحة الصحية.
بالنسبة لهذه الإجراءات التي تم اتخاذها من طرف الحكومة لمجابهة الجائحة وتداعياتها فقد تمثلت في الترتيبات الآتية:
– إعلان وتنفيذ إجراءات الترشيد في النفقات الاقتصادية وتخفيض نفقات التسيير والتجهيز.
-تكييف الحجر الصحي المنزلي وتحيين مواقيته بما يتماشى مع تطور الوضعية الوبائية محليا وبما لا يؤثر على نشاط المؤسسات الاقتصادية خاصة الإنتاجية والتي تساهم في تأمين احتياجات السكان الغذائية والصحية اللازمة.
– وضع خلية أزمة لمتابعة انتشار الوباء، ومن جهة تكثيف وزيادة مواقيت العمل بالنسبة لمستخدمي الصحة بالمستشفيات والقطاعات الصحية.
تخصيص ميزانية لمجابهة الوباء واقتناء المعدات اللازمة للوقاية ومواجهة الوباء.
– تخصيص منح وعلاوات لفائدة المجندين في إطار الوقاية من جائحة فيروس كورونا، ومنح مساعدات والدعم لفائدة المواطنين والأسر المتضررة وأصحاب المهن والحرف الحرة المتضررة من الجائحة.
– تقديم تسهيلات ضريبية وجمركية من خلال تأجيل دفع الرسوم والضرائب كإجراءات استثنائية وتسهيل إجراءات دخول المواد الضرورية كالمواد الغذائية والعتاد الطبي ومستلزمات الصحة.
-بالنسبة المواطنين العالقين بالدول والبلدان الأجنبية فقد تم تنظيم عدة رحلات لإجلائهم وإعادتهم إلى أرض الوطن.
خاتمة:
توصلت هذه المداخلة إلى أن جائحة كورونا كوفيد 19، كان لها تأثير مزدوج على الجزائر حيث تميز بتراجع أسعار النفط على مستوى السوق العالمية من جهة، ومن جهة أخرى تقلص الطلب العالمي على البترول وخفض الإنتاج المحلي، وهو ما أدى إلى ما يلي:
-تراجع المداخيل المالية السنوية بسبب تدهور أسعار النفط إلى أقل من25دولار للبرميل.
-تآكل احتياطي الصرف وتراجعه من 55مليار دولار إلى 44 مليار دولار وهو ما دفع الجزائر إلى تبني حزمة من الإجراءات التقشفية الصعبة التي أثرت على معيشة السكان واقتصاد البلد.
-تضرر القطاعات الاقتصادية المختلفة بمختلف أصنافها وغلق الكثير من المؤسسات الإنتاجية والخدمية لا سيما الصغيرة والمتوسطة مما أحال أعدادا هائلة من العمال على البطالة .
-بروز مشكلات الندرة، المضاربة غير المشروعة، وأزمة السيولة المالية وأزمات ارتفاع الاسعار التي تركت انعكاسات على الاستقرار الاجتماعي و السياسي والأمني في البلاد.
وامتد تأثير تلك الانعكاسات إلى القطاع الاجتماعي حيث تفاقمت معاناة أفراده وأسره، وبرزت المشكلات التالية: البطالة، اضطراب الحالة الاجتماعية والنفسية للأفراد والعائلات الجزائرية، وظواهر عدم الاستهلاك العقلاني للموارد والمواد الاستهلاكية، والمضاربة…الخ.
في المقابل، فقد تولدت من رحم الأزمة قيم التكافل والتضامن الاجتماعي ومساعدة المحتاجين والمتضررين من الوباء وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم.
لتجاوز هذه الآثار السوسيو اقتصادية للأزمة على الجزائر، اتخذت الحكومة عديد الإجراءات لتخفيف هذه الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية إلاّ أنه في تقديرنا فيبقى الحل يكمن في ضرورة بناء وتنفيذ نموذج اقتصادي بديل يمكن أن يساهم في تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على تجاوز مثل هذه الأزمات، والعمل على حماية وتخفيف الآثار غير المرغوبة التي يمكن أن تهدد استقرار المجتمع وتزيد من معاناة أفراده.
المراجع المعتمدة:
- خيرة محمدي، الإعلام الصحي وإدارة أزمة كورونا كوفيد19 في ظل انتشار الاخبار الزائفة عبر مواقع الميديا الاجتماعية، مجلة التمكين الاجتماعي،المجلد2، العدد الثالث، جامعة الجزائر03.
- زهرة سيد اعمر، بللعما أسماء، قراءة في التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا على الجزائر- الآثار والاجراءات، مجلة الاقتصاد وإدارة الأعمال، جامعة أدرار، مجلد 04، عدد 02، 2020.
- سناء عبيدي، ليندة لبيض، الآثار السوسيونفسية لجائحة كورونا على المجتمع الجزائري، مجلة حقائق للدراسات النفسية والاجتماعية، ميلة، مجلد 06، عدد 01، 2021.
- صلاح الدين بولعراس، الاقتصاد الجزائري في ظل التداعيات العالمية لجائحة كورونا بين الاستجابة الآنية والمواكبة البعدية، مجلة العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة سطيف 1، م20، عدد خاص، 2020.
- منظمة الصحة العالمية، مقدمة لكوفيد-19: طرق الكشف والوقاية والاستجابة، تم الاطلاع في2021.11.16. https://openwho.org.courses.interduction –to COVID19-AR
- نداء مطشر صادق وآخرون، الأمن الصحي كأحد مهددات الأمن القومي والمجتمعي العالمي، ألمانيا، برلين، المركز الديمقراطي العربي، ط 1، 2020، ص، 203.
- وكالة الأنباء الجزائرية، خسائر أهم القطاعات الاقتصادية والمتضررة من وباء كورونا، تم التصفح في 18.11.2021 2021.www.radioalgerie.dz/news/ar/article/20200718/196409.html.
- Center for disease controle and prevention, corona virus disease, 2019 (covid19),look : https ://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/symptoms-testing/html .
- International Monetary Fund , Algeria 2014 , article iv .cconsultation, IMF ? december, 2014 , visit : www.IMF .org/external/pbs/ft/sct/2014/cr14341.pdf.
[1] مطشر نداء صادق وآخرون، الأمن الصحي كأحد مهددات الأمن القومي والمجتمعي العالمي، ألمانيا، برلين، المركز الديمقراطي العربي، ط 1، 2020، ص، 203.
[2] مطشر نداء صادق وآخرون، المرجع نفسه، ص12.
[3]– center for disease controle and prevention, corona virus disease, 2019 (covid19www//www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/symptoms-testing/html
https://openwho.org.courses.interduction –to COVID19-AR-[4] منظمة الصحة العالمية، مقدمة لكوفيد-19:طرق الكشف والوقاية والاستجابة، تم الاطلاع في2021.11.16.
[5] محمدي خيرة، الإعلام الصحي وإدارة أزمة كورونا كوفيد19 في ظل انتشار الاخبار الزائفة عبر مواقع الميديا الاجتماعية، مجلة التمكين الاجتماعي، المجلد2، العدد الثالث، جامعة الجزائر03، ص،37.
[6]– بولعراس صلاح الدين، الاقتصاد الجزائري في ظل التداعيات العالمية لجائحة كورونا بين الاستجابة الآنية والمواكبة البعدية، مجلة العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة سطيف 1، م20، عدد خاص، 2020، ص، 168.
[7]International Monetary Fund , Algeria 2014 , article iv cconsultation, IMF ? december, 2014 , visit : www.IMF .org/external/pbs/ft/sct/2014/cr14341.pdf.
[8]– سيد اعمر زهرة ، بللعما أسماء، قراءة في التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا على الجزائر- الآثار والاجراءات، مجلة الاقتصاد وإدارة الأعمال، جامعة أدرار، مجلد 04، عدد 02، 2020، ص ص: 137-157.
[9]– وكالة الأنباء الجزائرية، خسائر أهم القطاعات الاقتصادية والمتضررة من وباء كورونا، تم الاسترداد في 18جويلية 2020،www.radioalgerie.dz/news/ar/article/20200718/196409.html
[10] سيد اعمر زهرة، بنعما أسماء، نفس المرجع، ص ص: 137-157.
[11] بولعراس، صلاح الدين، المرجع السابق، ص168.
[12] سيد اعمر زهرة، المرجع السابق، ص 145.
[13] سيد اعمر زهرة، المرجع السابق، 146.
[14] عبيدي سناء، لبيض ليندة، الآثارالسوسيونفسية لجائحة كورونا على المجتمع الجزائري، مجلة حقائق للدراسات النفسية والاجتماعية، ميلة، مجلد 06، عدد 01، 2021، ص: 81.