سمات العلاقة الإسنادية في النحو العربي
Predication relation features in Arabic grammar
ط/د. لحمامي رضوان، جامعة الحسن الثاني، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء، المغرب.
Lahmami Radouane, Faculty of letters Ben M’sik Casablanca, Hassan II University Casablanca,
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 78 الصفحة 75.
ملخص:
نناقش في هذا المقال مفهوم الإسناد في النحو العربي لتحديد سمات العلاقة الإسنادية. وليس رصد خصائص العلاقة الإسنادية في النحو العربي أمرا بسيطا، فتحديد طبيعة الإسناد في هذا المجال يتطلب مراجعة لما أفرزته الأدبيات المنطقية الفلسفية بخصوص طبيعة العلاقة الإسنادية. لذلك، نناقش في الفقرة الأولى من هذا المقال مفهوم الإسناد في التقليد المنطقي الفلسفي، وكيف تم الانتقال من التصور التقليدي إلى التصور الحديث الذي تمكن في إطاره فريجه (1879) من تقديم تصور صوري موحد لجميع أشكال العلاقة الإسنادية. ونبحث في الفقرة الثانية الإسناد في النحو العربي من خلال مصطلحي المسند والمسند إليه وما يقتضيانه في تصور سيبويه، ومصطلحي الفائدة والتعلق وما يؤديانه من دور تكاملي يعين في رصد العلاقة الإسنادية في مختلف المقامات الخطابية، ومصطلح الإخبار وما يسهم به في التمييز بين الإسناد الأصلي والإسناد غير الأصلي. وتلخص في الفقرة الثالثة أبرز ما تم التوصل إليه من نتائج.
الكلمات المفاتيح: الإسناد، الفاعل، المحمول، المسند والمسند إليه، الفائدة، التعلق، الإخبار.
Abstract
This article discusses the notion of predication in Arabic grammar in order to determine the predication relation. It is not easy to account for predication relation in Arabic grammar, determining the nature of predication in this field requires a philosophical logic overview of the nature of predication relation. Then, we discuss in the first section of this article the notion of predication in philosophical logic literature, showing how transition from classical to modern concept was made, and how freege (1879) was able to provide in the later a formal unified concept for all predication relation instances. In section 2. We investigate predication in Arabic grammar through the terms: Al musnad and Al musnad ?ilayhi and it’s implications in sibawayhi’s concept, meaningfulness and interrelationships and there complementary role in detecting predication relation in various discours contexts, information and it’s contribution in distinguishing original and non-original predication. Section 3.Concluding results.
Keywords: predication, subject, predicate, Al musnad and Al musnad ?ilayhi, meaningfulness, interrelationships, information.
تمهيد
قبل أن يشغل الإسناد بال النحاة والبلاغيين العرب، شغل المناطقة والفلاسفة أثناء دراستهم للقضايا. فمنذ بداية النقاشات المنطقية الفلسفية والسعي حثيث لتحديد مفهوم الإسناد وطبيعته. لقد أفرز موضوع الإسناد منذ ذلك الحين خلافا تصوريا عبر مختلف المحطات الفكرية التي شهدتها الأدبيات المنطقية الفلسفية، فبينما استند المنطق التقليدي مع أفلاطون وأرسطو إلى التقسيم الثنائي للبنية القضوية معتبرا الإسناد بنية ثنائية تتضمن فاعلا ومحمولا، حاول المنطق الحديث مع فريجه (1892أ: 193) تحديد الإسناد من خلال علاقة صورية تستند إلى مفهوم الإشباع (saturation notion). وبصرف النظر عما إذا كان النحو العربي قد استفاد من المنطق الأرسطي أم لم يستفد، فإن الطبيعة الفلسفية لموضوع الإسناد تتطلب منا، قبل البحث في مفهومه في النحو العربي، مناقشة خصائصه في الأدبيات المنطقية الفلسفية.
لقد شكل الإسناد بالنسبة للنحو العربي أداة الأدوات، فقد كان حاضرا في تحديد وحدة تحليلهم وموضوع دراستهم، فكلامهم لفظ مفيد، والإفادة عندهم تتطلب مسندا ومسندا إليه، لفظا أو تقديرا. ورغم كل ما تمخض عنه الدرس النحوي من تحاليل بخصوص خصائص العلاقة الإسنادية، فإن إمكانية الظفر بمفهوم واضح للإسناد، تظل محدودة جدا، فاختلاط ما هو نحوي بنيوي بما ما هو دلالي تداولي (pragmatic) يجعل الباحث مطالبا بتدقيق النظر في التصورات النحوية لتحديد ما إذا كان الإسناد مفهوما نحويا بنيويا أو مفهوما دلاليا و/ أو تداولي.
نناقش في هذا المقال خصائص الإسناد في النحو العربي لتحديد مفهومه وطبيعته. ونوزع المقال إلى ثلاث فقرات نناقش في أولاها الإسناد في الأدبيات المنطقية الفلسفية لتبين كيفية معالجته واستثمار ذلك في الفقرة الثانية لدراسة خصائصه في التصور النحوي العربي على اختلاف مجالاته وتنوع رؤاه. وللاستدلال على تحليلنا بخصوص مفهوم الإسناد عند النحاة، نتفحص علاقة الإسناد بمفاهيم المسند والمسند إليه والفائدة والتعلق والإخبار. وفي الفقرة الثالثة نلخص أبرز ما توصل إليه البحث من حيث سمات العلاقة الإسنادية.
1. الإسناد في التقليد المنطقي الفلسفي
1. 1. الإسناد علاقة أنطلوجية
يمكن اعتبار أفلاطون أول من أقحم مصطلحي الفاعل والمحمول حينما عرف الجملة في عمله “السفسطائي” معتبرا إياها بنية ثنائية وهو ما أورده سورن (1998: 15) Seuren في النص الآتي:
(1) بنية مركبة من عبارتين: اسمية تمثل الفاعل، وفعلية تمثل المحمول”
وإذا كانت الجملة عند أفلاطون وصلا بين عنصري الفاعل (subject) والمحمول (predicate)، فإنه يمكن اعتبار الإسناد علاقة بين هذين العنصرين. ورغم أن أفلاطون عند تعريفه للجملة لم يكن منشغلا لا بتعريف الفاعل، ولا بتحديد المحمول، ولا حتى بتعريف الإسناد، إلا أنه يمكن استخلاص تصوره بخصوص العلاقة الإسنادية باعتبارها علاقة ثنائية، ذات طبيعة منطقية دلالية تنظر لمصطلحي الفاعل والمحمول باعتبارهما مفهومين منطقيين لا مفهومين نحويين. ويبدو أن ما كان يشغل أفلاطون هو تحديد بنية القضية وحساب قيمتها الصدقية ما جعله يؤسس، في سلسلة من محاوراته (Symposium, Pheado, the Republic)، نظريته للإسناد على أساس قيمتي الصدق والكذب المتعلقتين بالتماثل بين الفاعل والمحمول، فالقضية (زيد أستاذ) تكون صادقة إذا تماثل الفاعل (زيد) مع المحمول (أستاذ) وكاذبة إذا لم يتماثلا. وإذا كانت نظرية أفلاطون للإسناد تستطيع أن تستوعب القضايا المكونة من عبارتين، تمثل أولاهما الفاعل والثانية المحمول، فإنها لا تستطيع أن تستوعب المحمولات العلاقية التي تتطلب على الأقل موضوعين إلى جانب المحمول كما هو الحال، مثلا، بالنسبة للمحمول (يحب) في (2).
(2) زيد يحب هندا
نلاحظ من خلال البنية (2) أن القضية يمكن أن تتضمن محمولا (يحب) وموضوعين (زيد) و(هندا)، ما يطرح مشكلا بالنسبة للتصور الأفلاطوني الذي يعتبر القضية بنية ثنائية تتضمن فاعلا ومحمولا، فأين هو الفاعل والمحمول في (2)؟ وإذا اعتبرنا (زيد) فاعلا و(يحب هندا) محمولا، فكيف يمكن الحكم على القضية (2)؟ على اعتبار أن الحكم بصدق (2) أو بكذبها يرجع إلى تماثل الفاعل (زيد) مع المحمول (يحب هندا) من عدمه؟ هذا فضلا عن عدم قدرة التصور الأفلاطوني على التمييز بين التحليلين المنطقي واللساني. فكيف تم التعامل مع هذه المشاكل بعد أفلاطون؟.
1. 2. الإسناد اللغوي وإشكال ثنائية البنية القضوية
بعدما أقحم أرسطو في عمله “المؤول”[1] (Interpretation)، العلاقة الإسنادية تم إقحام فكرتين أساسيتين في النقاش الفلسفي واللغوي؛ فكرة تركيبية تعتبر القضية بنية ثنائية تتكون من فاعل ومحمول، وفكرة دلالية تعتبر الإثبات القضوي إجراء دلاليا يتم من خلاله إثبات خاصية لفاعل ما. بعد ذلك، حاول أرسطو اقتراح بعض المصطلحات لتحديد الفرق بين المحمول المنطقي والمحمول النحوي وتمييز الإسناد المنطقي عن الإسناد النحوي فوضع مصطلح “categoreniom” للدلالة على المحمول المنطقي، ومصطلح “symbebicos” للدلالة على المحمول النحوي. لكن عدم وضع المقايل النحوي لمصطلح “hypokymenon” الدال على الفاعل المنطقي جعل أكريل (1963) Achrill يعزو إشكال تحديد مفهوم الفاعل إلى أرسطو. لكن هذا الإشكال، وإن فتح الباب أمام نقاش واسع بخصوص مفهوم الفاعل، لم يمنع الباحثين، بعد ذلك، من التمييز بين الإسناد اللغوي الذي يعنى بالبحث في العلاقات بين الوحدات اللغوية، والإسناد المنطقي الذي يهتم بالعلاقات بين الوحدات الوجودية و/ أو الأنطلوجية. ورغم ما قدمه أرسطو من إضافات بخصوص التمييز بين المفاهيم المنطقية والمفاهيم النحوية، فإن تصوره للإسناد ظل تقليديا؛ ينظر إلى القضية باعتبارها بنية ثنائية تتضمن فاعلا ومحمولا، وبالتالي مازال إشكال كيفية رصد الإسناد في البنية (2) عالقا.
1. 3. الإسناد والإشباع
إذا كان الفضل يعود لأرسطو في التنبيه إلى ضرورة التمييز بين الإسناد المنطقي والإسناد اللغوي، فإن الفضل في تحديد مفهوم صوري يستوعب كل الأشكال الإسنادية يرجع إلى فريجه (1879) Frege الذي شكل منعطفا تصوريا مثل نقلة نوعية في تاريخ الفلسفة والمنطق. فمع ظهور فريجه ظهر تصور جديد للإسناد بدأ فيه التمييز بين العبارات المشبعة (saturated) والعبارات غير المشبعة (Unsaturated). وتطلق العبارات غير المشبعة، في المعنى الصوري، على كل عبارة تتضمن موقعا فارغا يجب ملؤه بواسطة متغير (موضوع ما)، بينما تطلق العبارات المشبعة على كل عبارة تعين شيئا ما (موضوعا وجوديا). ولتحقق جملة ما في إطار تصور فريجه يلزم انطباق الدالة (ظريف) على الموضوع (زيد) كما في (4) التي تمثل البنية الصورية للجملة (3).
(3) زيد ظريف
(4) ظريف (أ)
وتحدد القيمة الصدقية للقضية (3) بالنظر إلى ما إذا كان زيد، في الواقع، ظريفا أو لا. ولتفحص كفاية التصور الفريجي نقارن الأمثلة الآتية:
(5) زيد جاء
(6) زيد أستاذ
(7) زيد يحب هندا
تتضمن هذه البنيات أشكالا إسنادية مختلفة يمكن التمييز فيها بين بنيات تتضمن موضوعا واحدا وبنيات تتضمن موضوعين اثنين. فإذا كانت البنيتان (5) و(6) تندرجان ضمن الإسناد الثنائي المكون من فاعل ومحمول، فإن (7) تتضمن، بالإضافة إلى المحمول (يحب) موضوعين اثنين هما: (زيد) و(هند). وهنا يطرح السؤال الآتي: أي الموضوعين في (7) يمثل الفاعل؟
إن مسألة تحديد الفاعل والمحمول في المنطق التقليدي، مع أفلاطون ومن بعده أرسطو، لم تكن تثير أي إشكال؛ فالقضايا في هذا المنطق بنيات ثنائية لا تتضمن إلا فاعلا متحدثا عنه ومحمولا مسندا إلى الفاعل. وبناء عليه، حدد الفاعل بالعنصر الذي يتصدر القضية والمحمول بالعنصر المحمول عليه، وهو ما كان يعرف بثنائية المحور (theme) والتعليق (rheme) . لكن هذا التصور، في نظر فريجه، لا يشمل الأشكال الإسنادية التي تتضمن أكثر من موضوع، إذ كيف يتم تحديد الفاعل في البنيتين (8) و(9)، مثلا، في ظل تصور يعتبر القضية بنية ثنائية، وينظر إلى الفاعل باعتباره موضوع الحديث محددا إياه في العنصر المتصدر للجملة؟
(8) المفتاح فتح الباب
(9) الباب فتح بالمفتاح
نلاحظ من خلال البنيتين (8) و(9) أننا بصدد جملتين لهما نفس المحتوى الدلالي، وأن الفرق بينهما يكمن في البناء؛ فقد بني الفعل في (9) لغير الفاعل، بينما بني الفعل في (8) للفاعل. وإذا اعتمدنا، في تحديد الفاعل في (8) و(9)، التصور التقليدي للإسناد واعتبرنا الفاعل المتحدث عنه في (8) العنصر (المفتاح)، فإن العنصر المتقدم في (9) (الباب) لا يمكن اعتباره فاعلا رغم كونه متحدثا عنه ومتصدرا للجملة، لأن الفاعل في البنية (9) هو العنصر المنزوع بالحرف (المفتاح). فعن أي فاعل نتحدث؟ عن الفاعل المنطقي/ أو الدلالي؟ أم عن الفاعل التركيبي؟
إن التصور التقليدي للقضية و/ أو الجملة باعتبارها بنية ثنائية تتكون من فاعل ومحمول يطرح عددا من المشاكل؛ فمن حيث مفهوم الفاعل، لا يمكن تحديده دلاليا/ أو تداوليا باعتباره العنصر الفاعل للفعل (من قام بالفعل) أو العنصر المتحدث عنه، أما من حيث موقعه فلا يمكن تحديد الفاعل في العنصر الذي يتصدر الجملة، كما أن التصور التقليدي لا يرصد إلا المحمولات الأحادية؛ ذات الموضوع الواحد، أما المحمولات العلاقية التي تتطلب أكثر من موضوع فلا يمكن رصدها، في نظر فريجه، إلا من خلال البنية المجردة الآتية:
(10) [موضوع – دالة]
فمن خلال هذه البنية، يقسم فريجه الإسناد، بكل أشكاله، إلى عنصرين اثنين: عنصر متغير (variable) يسميه الموضوع (argument)، وعنصر غير متغير يسميه الدالة (function).استنادا إلى هذا التصور الجديد أصبح الإسناد عملية يتم بموجبها إشباع الدالة القضوية بما تقتضيه من موضوعات.
لقد سمح استبدال الفاعل والمحمول بالمتغير والدالة برصد كل أنواع المحمولات من خلال انطباق الدالة (ظريف) على المتغير (أ) كما في (3) أعلاه، وبما أن الدالة يمكن أن تأخذ أكثر من موضوع (أ، ب، ج)، فإن (أ) يجب أن يكون الموضوع الأعلى والأبرز بحيث لا يمكن الاستغناء عنه.
إن ما يقدمه فريجه بخصوص الإسناد، لا يسعف، فقط، في رصد كل علاقات الإسناد، وإنما يعين، أيضا، على تصور دقيق لمفهومي الفاعل والمحمول. فإذا كان اهتمام أرسطو، في إطار النظريات التقليدية، قد انصب على مقاربة الفواعل والمحمولات والإسناد مقاربة تداولية من خلال مصطلحات الفاعل والمحمول، فإن فريجه يرى أن مصطلحي الموضوع والدالة أشمل من مصطلحي الفاعل والمحمول. فبينما يقتصر مفهوم المحمول في التصور الأرسطي على الأفعال والصفات أو الخصائص (properties)، تشمل الدالة الخصائص والأعمال والعلاقات. وإذا كان الفاعل في المنطق التقليدي يمثل العنصر اللغوي المحيل على الذات المتحدث عنها، فإنه في المنطق الحديث، مع فريجه، أصبح يرمز للموضوع باعتباره متغيرا يجب تحديد قيمته لإشباع الدالة المنطبقة عليه قصد تحقيق الإسناد.
2. الإسناد في النحو العربي القديم
اهتم النحو العربي القديم بالإسناد اهتماما كبيرا، فقد وظف النحاة القدماء أثناء تحليلاتهم مصطلحات المسند والمسند إليه، والإسناد المقصود لذاته والإسناد غير المقصود لذاته للتمييز بين ركني الكلام/ أو الجملة[2]. وتعد مصطلحات الإسناد من المصطلحات الأساس في التحليل النحوي، إذ لا يمكن تحليل الجملة العربية إلا من خلال تحديد المسند والمسند إليه. ولتحديد مفهوم الإسناد في النحو العربي القديم نتوقف عند كل من سيبويه والجرجاني والأستراباذي لأن الأول، في حدود ما نعلم، يعد أول من خصص بابا للمسند والمسند إليه، ولكون الثاني أبرز من وظف الإسناد للكشف عن أسرارا البلاغة في الكلام، وبيان دلائل الإعجاز في القرآن، ولكون الثالث أول من قدم تمييزا بين الجملة والكلام على أساس الإسناد.
2. 1. الإسناد عند سيبويه
يعد الإسناد من بين أهم المباحث التي تصدرت كتاب سيبويه (ت 180 هـ). ولتحديد مفهوم الإسناد يقول سيبويه (الكتاب، ج. 1، ص. 23):
- “هذا باب المسند والمسند إليه وهو ما لا يغني واحد منهما عن الآخر، ولا يجد المتكلم عنه بدا، فمن ذلك الاسم المبتدأ والمبني عليه. وهو قولك: عبد الله أخوك، وهذا أخوك. ومثل ذلك يذهب عبد الله، فلا بد للفعل من الاسم كما لم يكن للاسم الأول بد من الآخر في الابتداء. ومما يكون بمنزلة الابتداء قولك: كان عبد الله منطلقا وليس زيدا منطلق لأن هذا يحتاج إلى ما بعده كاحتياج المبتدإ إلى ما بعده”.
انطلاقا من هذا النص، نستخلص أن سيبويه لم يحدد لا المسند ولا المسند إليه، بل اكتفى فقط بذكر العلاقة بينهما والتمثيل لهما في كل من الجمل الاسمية والجمل الفعلية. ولتحديد المسند والمسند إليه في كلامه نأخذ الأمثلة التي قدمها في (11).
(12) عبد الله أخوك
(13) هذا عبد الله
(14) يذهب عبد الله
إذا افترضنا أن المسند إليه في البنيتين (12) و(13) يتمثل في العنصر التركيبي المتصدر في كل منهما (عبد الله) و(هذا)، وأن المسند هو الاسم الثاني فيهما (أخوك) و(عبد الله)، وأن المسند في البنية (14) هو الفعل، والمسند إليه في البنية نفسها هو (عبد الله)، فإننا سنجد أنفسنا أمام افتراض خاطئ إذا ما أخذنا بعين الاعتبار رأي أغلب النحاة فيما يخص طبيعة الاسم الأول في الجملة الاسمية؛ إذ يعتبرونه مسندا إليه وليس مسندا. فهل، فعلا، يعتبر سيبويه الاسم الأول الذي يتصدر الجملة الاسمية مسندا على خلاف مذهب النحاة؟ أم أن افتراضنا بأن سيبويه يجعل الاسم الأول في الجملة الاسمية مسندا يحتاج إلى مراجعة؟
لنأخذ النص الآتي:
(15) “ولم يكن ليكون هذا كلاما حتى يبنى عليه أو يبنى على ما قبله؛ فالمبتدأ مسند والمبني عليه مسند إليه”. (الكتاب، ج. 1، ص. 23)
نستنتج من خلال هذا النص، بما لا يدع مجالا للشك، أن سيبويه، خلافا لما عليه جمهور النحاة[3]، يجعل المبتدأ (الاسم الأول في الجملة الاسمية) مسندا والخبر مسندا إليه. وإذا كان اعتبار سيبويه المبتدأ مسندا والخبر مسندا إليه، وهو ما لم يوافقه عليه أحد من النحاة ممن جاء بعده، يثير الأسئلة حول تصوره لهذين العنصرين، فإن ما يمكن استخلاصه من النص الأول، تحديدا، هو أن الكلام/ أو الجملة يشكل نواة إسنادية تتطلب على الأقل مسندا ومسندا إليه. أما ماهية المسند والمسند إليه فيبدو من خلال النص الثاني أن سيبويه لم يحسم فيها، وبالتالي، ليس هناك تصور واضح بخصوص المسند في الجملة الاسمية. ويبقى مفهوم الإسناد عند سيبويه، كمفهوم علاقي يربط مكونين متلازمين لا يمكن للواحد منهما أن يغني عن الأخر في الكلام/ أو الجملة[4]، بصرف النظر عن طبيعة ركني الإسناد اللذين عبر عنهما تارة بمصطلحات البناء (المبني والمبني عليه)، وتارة أخرى بمصطلحات الحديث (المحدث به والمحدث عنه)، مفهوما قاصرا عن رصد المظهر النحوي للتصور الوظيفي، إذ لا يمكن تحديد المسند والمسند إليه في الجملة الاسمية مثلا بمصطلحي المبتدأ والمبني عليه نظرا لارتباط الأول بالوظائف الخطابية وارتباط الثاني بالوظائف النحوية البنيوية، ولا يمكن الجمع في التفسير النحوي للمفهوم الدلالي للإسناد بين وظيفتين من مستويين لسانيين مختلفين (المستوى التداولي والمستوى النحوي).
ولئن كان النص (15)، أعلاه، لا يفصل القول في مسألة اللفظ والتقدير، فإن حديث سيبويه في بابي ما يكون فيه المبتدأ مضمرا ويكون المبني عليه مظهرا[5]، والابتداء الذي يضمر فيه ما يبنى على الابتداء[6] يجعلنا نستنتج أن الإسناد مفهوم دلالي يمثل له نحويا إما بلفظ عنصري الإسناد معا، أو لفظ أحدهما وتقدير الآخر. ثم إن ما تم ذكره عن أسباب حذف أحد ركني الإسناد، يمكن أن يدفع نحو تصور مجرد للإسناد، تصور يجعل العلاقة الإسنادية مرتبطة بالقرائن الحالية الضرورية لتقدير أحد طرفي الإسناد، وبالتالي، لا بد من إعادة تحديد مفهوم الإسناد وطبيعة العلاقة الإسنادية في ضوء ظواهر الحذف. وما دام الحذف ظاهرة أسلوبية لها علاقة بعلم البلاغة الذي يدرس الجملة و/ أو الكلام في المقام التخاطبي، فإننا سنخصص هذه الفقرة للإسناد والمقام التخاطبي.
2. 2. الإسناد عند الجرجاني
رغم انتباه سيبويه ومن جاء بعده من النحاة لما للمقام التخاطبي من أهمية في تقدير طرفي الإسناد عندما يحذف أحدهما أو هما معا، إلا أن ارتباط ظاهرة الحذف بمقتضى الحال يدفعنا إلى دراسة هذه الظاهرة في إطار النحو البلاغي. ويعتبر عبد القاهر الجرجاني من أبرز النحاة البلاغيين الذين وظفوا مفهوم الإسناد لوصف وتفسير الظواهر التركيبية لبيان أسرار البلاغة في كلام العرب، ودلائل الإعجاز في كلام الله عز وجل. لذلك، تعد نصوصه بالغة الأهمية في تحديد مفهوم الإسناد، وتبين التصور الذي حكم الدرس النحوي العربي بخصوص هذا المفهوم. وبما أن الإسناد يقتضي الفائدة والفائدة عند حذف أحد طرفي الإسناد تقتضي الاستناد إلى المقام، والمقام يحدد المسند والمسند إليه، والمسند والمسند إليه عنصران يتعلق أحدهما بالآخر، فإن تحديد مفهوم الإسناد في ضوء الحذف يتطلب دراسة علاقة الإسناد بالفائدة والتعلق.
2. 2. 1. الإسناد والفائدة
يقول الجرجاني (ت 316) في معرض حديثه عن الإسناد ما نصه:
(16) “… والذي ينبغي أن يذكر الآن حد الجملة في الحقيقة والمجاز. إلا أنك تحتاج أن تعرف في صدر القول عليها ومقدمته أصلا وهو المعنى الذي من أجله اختصت الفائدة بالجملة ولم يجز حصولها بالكلمة كالاسم الواحد، والفعل من غير اسم يضم إليه. والعلة في ذلك أن مدار الفائدة في الحقيقة على الإثبات والنفي. ألا ترى أن الخبر أول معاني الكلام وأقدمها والذي تستند سائر المعاني إليه وتترتب عليه، وهو ينقسم إلى هذين الحكمين. وإذا ثبت ذلك فإن الإثبات يقتضي مثبتا له نحو أنك إذا قلت : ضَربَ زيد أو زيد ضارب فقد أثبت الضرب فعلا أو وصفا. وكذلك النفي يقتضي منفيا ومنفيا عنه. فإذا قلت: ما ضرب زيد وما زيد ضارب فقد نفيت الضرب عن زيد وأخرجته عن أن يكون فعلا له. فكما كان الأمر كذلك احتيج إلى كلمتين يتعلق الإثبات والنفي بهما، فيكون أحدهما مثبتا والآخر مثبتا له. وكذلك يكون أحدهما منفيا والآخر منفيا عنه. فكان ذانك الشيئان المبتدأ والخبر أو الفعل والفاعل. وقيل للمثبت والمنفي “مسند” و”حديث”، وللمثبت له والمنفي عنه “مسند إليه” و”محدث عنه”. وإذا رمت الفائدة أن تحصل من الاسم الواحد أو الفعل وحده صرت كأنك تطلب أن يكون الشيء الواحد مثبتا ومثبتا له ومنفيا ومنفيا عنه، وذلك محال”.
(الجرجاني، أسرار البلاغة: 316)
نلاحظ من خلال هذا النص أن الجرجاني يجعل الإسناد شرطا لتحقق الجملة؛ لأن الفائدة التي تختص بها الجملة لا تتحقق، بالنسبة إليه، إلا بعنصرين تعلق أحدهما بالآخر. فالإسناد عند الجرجاني علاقة بين مسند ومسند إليه، أو حديث ومحدث عنه ولا يمكن لهذه العلاقة أن تقوم إلا بإثبات شيء لشيء أو نفيه عنه. لكن إذا كان الجرجاني، من خلال هذا النص، تمكن من تحديد الإسناد باعتباره علاقة بين كلمتين يتعلق الإثبات أو النفي بهما، فإنه لم يبين بشكل واضح طبيعة العلاقة الإسنادية ما إذا كانت علاقة بنيوية أم علاقة دلالية. ولو افترضنا أنه أوضح معنى المسند والمسند إليه من خلال مصطلحي الحديث والمحدث عنه، فإن السؤال الذي يطرح هو: هل، فعلا، المسند والمسند إليه مفهومان دلاليان عند الجرجاني؟ للإجابة عن هذا السؤال نبحث مفهوم الإسناد في علاقته بمفهوم النظم عند الجرجاني من خلال النص الآتي:
(17) “معلوم أن ليس النظم سوى تعليق الكلم بعضها ببعض وجعل بعضها بسبب من بعض والكلمة ثلاثة: اسم وفعل وحرف، وللتعلق فيما بينها طرق معلومة وهو لا يعدو ثلاثة أقسام: تعلق اسم باسم وتعلق اسم بفعل وتعلق حرف بهما. ومختصر كل الأمر أنه لا يكون كلام في جزء واحد وأنه لا بد من مسند ومسند إليه… وجملة الأمر أنه لا يكون كلام من حرف وفعل أصلا ولا من حرف واسم إلا في النداء نحو يا عبد الله…”.(الجرجاني، دلائل الإعجاز، مقدمة الكتاب)
إن قول الجرجاني “ومختصر كل الأمر أنه لا يكون كلام في جزء واحد وأنه لا بد من مسند ومسند إليه يجعلنا نستنتج أن الإسناد عند الجرجاني علاقة دلالية بين مسند ومسند إليه، وذلك لأن الكلام يقتضي تحقق الفائدة، والفائدة في الكلام لا تحصل إلا بمسند ومسند إليه كمافي (18) و(19) مثلا.
(18) جاء زيد
(19) زيد أستاذ
وقد تحصل الفائدة أيضا في أسلوب النداء كما في (20) مثلا، وهو ما جعل الجرجاني في (17) يستثني البنية (20) من الشرط الذي ينص على عدم تحقق الكلام بإسناد حرف إلى اسم. ولرد هذا النوع من البنيات إلى القاعدة يتم تقدير فعل محذوف وجوبا هو (أدعو/ أو أنادي)[7] كما في (21).
(20) يا عبد الله
(21) أنادي/ أدعو عبد الله
لكن تقدير فعل محذوف كما في (21) يؤدي إلى حصول تناقض بين ما يفيده النداء كأسلوب إنشائي، وما يفيده الإسناد كبنية خبرية تتطلب مسندا ومسندا إليه. لقد كان هذا النوع من البنيات من بين الحجج التي استند إليها النحوي الأندلسي ابن مضاء القرطبي في تفنيد نظرية العامل، والرد على النحاة الذين كانوا يقدرون العوامل عند غيابها.
وإذا كان الكلام عند الجرجاني مظهرا للإسناد وكان الإسناد يستلزم طرفين يتعلق أحدهما بالآخر، فإن تعلق الكلم بعضها ببعض يطرح قضية طبيعة هذا التعلق؛ هل هو تعلق دلالي؟ أم تعلق تركيبي؟.
2. 2. 2. الإسناد والتعلق
لتحديد مفهوم التعلق عند الجرجاني نعيد استثمار النص (17)، أعلاه، المعاد هنا، للتذكير، في (22).
(22) “معلوم أن ليس النظم سوى تعليق الكلم بعضها ببعض وجعل بعضها بسبب من بعض والكلمة ثلاثة: اسم وفعل وحرف، وللتعلق فيما بينها طرق معلومة وهو لا يعدو ثلاثة أقسام: تعلق اسم باسم وتعلق اسم بفعل وتعلق حرف بهما. ومختصر كل الأمر أنه لا يكون كلام في جزء واحد وأنه لا بد من مسند ومسند إليه… وجملة الأمر أنه لا يكون كلام من حرف وفعل أصلا ولا من حرف واسم إلا في النداء نحو يا عبد الله…”.(دلائل الإعجاز، مقدمة الكتاب)
من خلال هذا النص نستنبط كيفية تعلق الكلم بعضها ببعض، فعبارة التعلق تعني الإسناد التركيبي؛ أي ضم كلمة إلى كلمة، ولا يكون هذا الضم سليما إلا بجعل بعضها بسبب من بعض؛ فالاسم الدال على الفاعل يكون بسبب الفعل، والاسم المفعول به يكون بسبب الفعل المتعدي إلى مفعول واحد، والخبر يكون بسبب المبتدأ وهكذا. فتحقيق الفائدة لا يتم إلى بالتئام والتحام واتلاف أجزاء الكلام المعبرة عن معاني النحو (معنى الفاعلية، معنى المفولية…) في أتم وأدق وأمثل صورها. وفي هذا الإطار يقدم الجرجاني النص الآتي:
(23) ” …مما يوجب اعتبار الأجزاء بعضها مع بعض، حتى يكون لوضع كل، حيث وضع، علة تقتضي كونه هناك، وحتى لو وضع في مكان غيره لم يصلح… حتى كأن الكلامين قد أفرغا إفراغا واحدا وكأن أحدهما قد سبك في الآخر”. (دلائل الإعجاز: 49، 316)
لقد حاول الجرجاني في إطار النحو البلاغي أن يبين طرق الكلام البديع من خلال تتبع معاني النحو وأحكامه بين الكلم من منظور تبعية المبنى للمعنى ، الشيء الذي يجعلنا نستنتج أن الإسناد عند الجرجاني إوالية دلالية (semantic primitive) يمثل لها تركيبيا. لقد كان لهذا الموقف دور كبير في دعم التصور الدلالي للإسناد إلى حين مجيئ الأستراباذي وظهور مصطلحات جديدة من قبيل: الإسناد الأصلي المقصود لذاته، والإسناد غير المقصود لذاته، والإخبار فما علاقة الإخبار بالإسناد؟
2. 3. الاسناد والإخبار
لتحديد مفهوم الإسناد يرصد الأستراباذي علاقة الإسناد بالإخبار كما يلي:
(24) “المراد بالإسناد أن يخبر في الحال أو في الأصل بكلمة أو أكثر عن أخرى على أن يكون المخبر عنه أهم ما يخبر عنه بذلك الخبر في الذكر وأخص به”. (الأستراباذي، شرح الكافية:31)
نلاحظ من خلال هذا النص أن الإسناد مفهوم دلالي تداولي ذو وظيفة تواصلية إخبارية؛ فقوله: “المراد بالإسناد أن يخبر في الحال أو في الأصل بكلمة أو أكثر عن أخرى” إشارة للمقصود من الإسناد وهو الإخبار الذي يتخذ المخبر عنه موضوعا له. ويعلق الأستراباذي على ابن الحاجب، بعدما بين مراد المصنف بالإسناد في النص الآتي:
(25) “وإنما قال بالإسناد ولم يقل بالإخبار لأنه أعم منه، إذ يحتمل النسبة في الكلام الخبري والطلبي والإنشائي”. (الأستراباذي، شرح الكافية: 33)
استنادا إلى هذا النص، نستنتج أن الأستراباذي يجعل الإسناد أعم من الإخبار، وكأنه يستدرك على كلامه الأول في النص السابق الذي حصر فيه الإسناد في الإخبار فقط. ويضيف الأستراباذي في معرض حديثه عن الكلام قائلا:
(26) “أحد أجزاء الكلام هو الحكم أي الإسناد الذي هو رابطة ولا بد له من طرفين: مسند ومسند إليه، والفعل يصلح أن يكون مسندا لا مسندا إليه، والحرف لا يصلح لأحدهما”.
(الأستراباذي، شرح الكافية، ج. 1، ص. 33)
يظهر من خلال هذا التحديد الجديد أن الأستراباذي يجعل الإسناد مقابلا لأحد أجزاء الكلام الذي يتضمن صفة الحكم. ويعتبر الأستراباذي الإسناد رابطة تتطلب طرفين: مسندا ومسندا إليه. هنا يمكن القول إن الأسترباذي أجلى مفهوم الإسناد ولو بشكل مقتضب وعام. ورغم أن ابن الحاجب سبق الأستراباذي في تحديد الكلام باعتباره ما تضمن كلمتين بالإسناد تتكونان من فعل واسم أو من اسمين[8]، إلا أن وصف الأستراباذي الإسناد بالرابطة يقدم تصورا متقدما لمفهوم الإسناد. ويستمر الأستراباذي في استعمال الإسناد في التحليل النحوي أثناء شرحه أقوال ابن الحاجب في الكلام مستدركا عليه:
(27) “وكان على المصنف أن يقول بالإسناد الأصلي المقصود ما تركب منه لذاته ليخرج بالأصلي إسناد المصدر واسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة والظرف فإنها مع ما أسندت إليه ليست بكلام”.
(الأستراباذي، شرح الكافية، ج. 1، ص. 8)
وبناء عليه، يميز الأستراباذي بين الكلام والجملة من خلال نوعين من الإسناد: الإسناد الأصلي المقصود لذاته، والإسناد غير الأصلي غير المقصود لذاته، جاعلا النوع الأول خاصا بالكلام، والنوع الثاني خاصا بالجملة؛ فكل كلام عنده جملة وليست كل جملة كلاما.إن تمييز الأسترباذي بين الكلام والجملة عن طريق تحديد طبيعة الإسناد فيهما بين دور هذه الآلية في فهم طبيعة تركيب الجمل الدامجة والجمل المدمجة والتمييز بين الإسناد الأصلي كما في (28) والإسناد غير الأصلي كما في (29).
(28) أقلقني ضرب زيد عمرا
(29) *[9]ضربُ زيدٍ عمرا
فالبنية “ضرب زيد عمرا” في (29) إسناد غير أصلي لأنه ليس مقصودا لذاته، بينما تعد البنية (28) “أقلقني ضرب زيد عمرا” إسنادا أصليا لأنها مقصودة لذاتها. والملاحظ هنا، أن الإسناد في تصور الأسترباذي حكم لمسند إليه بحكم، وهو ما اعتبره الباحث رابطة بين المسند والمسند إليه.
3. خلاصة
إن الإسناد إوالية دلالية يمثل لها تركيبيا إما على مستوى الإسناد الأصلي المقصود لذاته كما في الجمل التامة القادرة على الاستقال بذاتها، أو على مستوى الإسناد غير الأصلي غير المقصود لذاته كما في المشتقات العاملة التي ترد مدمجة ضمن الإسناد الأصلي. وكما هو الحال بالنسبة لهذين المظهرين التركيبيين يمكن للإسناد أن يأتي في صور أخرى تحذف فيها أحد مكوناته، وفي هذه الحالة يلجأ للسياق لتحديد عنصري المسند والمسند إليه.
المصادر والمراجع:
المراجع العربية:
– الجرجاني، عبد القاهر، أسرار البلاغة، تحقيق محمود شاكر، مكتبة الخانجي، الطبعة الأولى، 1991.
– الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز، تحقيق محمود شاكر، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط. 5، 2004.
– الأستراباذي، رضي الدين، شرح كافية ابن الحاجب، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثالثة، 1985.
– سيبويه، أبو بشر عمرو بن عثمان، الكتاب، تحقيق عبد السلام هارون، جامعة الكويت، 1984.
المراجع الأجنبية:
-Ackrill, John Lloyd, ed. and trans. 1963. Aristotle: Categories and Interpretatione. Oxford: Clarendon Press.
-Aristotle. 1963. Categories and De Interpretatione. Ed. and trans. John Lloyd
Ackrill. Oxford: Clarendon Press.
-Seuren, Pieter. 1998. Western Linguistics: An historical introduction. Oxford:
Blackwell.
– Frege, Gottlob. 1879. Begri¤sschrift. Eine der arithmetischen nachgebildete Formelsprache des reinen Denkens. Halle a. S.: Verlag von Louis Nebert. (Translated as Concept Script: A Formal Language of Pure Thought Modelled upon that of Arithmetic, by S. Bauer-Mengelberg, in Jean van Heijenoort, ed., From Frege to Go¨del: A Source Book in Mathematical Logic, 1879–1931, Cambridge, MA: Harvard University Press, 1967.)
– Frege, G.: 1892. Concept and object. In: P. Geach and M. Black (eds.), Translations from the Philosophical Writings of Gottlob Frege (1980 edition) . Rowman and Littlefield: New Jersey.
[1]ـ أريسطو ، المؤول، ف. 5، 6
[2]ـ استعمل النحاة العرب القدماء مصطلحي الكلام والجملة للدلالة على البنيات التي تتكون من مسند ومسند إليه. فقد ورد مصطلح الجملة مختلطا بمصطلح الكلام عند كل من سيبويه والمبرد.
[3]ـ نقصد بجمهور النحاة أغلب النحاة بصرف النظر عن مذاهبهم.
[4]ـ يستعمل سيبويه الكلام للدلالة على الجملة.
[5]ـ سيبويه، ج. 2، ص. 130.
[6]ـ ن. م: ص. 169
[7]ـ يعزو النحاة سبب حذف الفعل (أدعو أو أنادي) إلى كثرة استعمال أسلوب النداء في الكلام.
[8] ـ انظر الأستراباذي، شرح الكافية، ج. 1، ص، 30
[9] ـ ترمز العلامة (*) إلى لحن البنية.