المناخ المدرسي وعلاقته بتحسين جودة التعليم والتعلم: مقاربة أولية
School climate and its relationship to improving the quality of teaching and learning: an initial approach
د. أحمد جوهاري/جامعة ابن طفيل القنيطرة، المغرب
Dr. Ahmed Jaouhari / University of IbnTofailKenitra –Morocco
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 88 الصفحة 27.
Abstract:
This paper attempts to identify the components of the school climate as an essential element in improving the quality of the school, and these components are related to expectations, values, beliefs, the quality of relations with staff, the principal, teachers, and the behavior of learners, all of which create the so-called “school climate”. The principal can promote or impede a positive school climate through his management model of the school. Thus, the purpose of this paper is to explore the types of climate that appear in the school, as well as to contribute to the expectations of various bodies regarding the school climate. We will start by highlighting how improving the performance of learners and teachers is primarily an improvement in the school climate. Therefore, this study will help the educational frameworks who (for one reason or another) were not effective in assuming their responsibilities, because they did not work sufficiently in improving the school climate. It is assumed that a positive school climate promotes effective teaching and, in turn, better student learning performance. This study will highlight the elements related to expanding the roles of the educational frameworks in the school climate. In the end, this research will help policy makers in Morocco to assess the content of the units necessary for the formation and training of the administrative and educational frameworks in the future, to ensure that they are equipped with the necessary skills, to create a positive, open and cooperative atmosphere in the school.
Key words: school climate, open climate, closed climate, climatic dimension, climate improvement.
ملخص:
تحاول هذه الورقة تحديد مقومات المناخ المدرسي كعنصر أساسي في تحسين جودة المدرسة، وترتبط هذه المقومات بالتوقعات، والقيم، والمعتقدات، ونوعية العلاقات مع الموظفين، ومدير المدرسة، والمدرسين، وسلوك المتعلمين، وهي جميعها تخلق ما يسمى بـ” المناخ المدرسي”، يمكن للمدير تعزيز أو إعاقة مناخ مدرسي إيجابي من خلال نموذج إدارته للمدرسة، وبالتالي الغرض من هذه الورقة هو استكشاف أنواع المناخ التي تظهر في المدرسة، وكذلك المساهمة في توقعات مختلف الهيئات بشأن مناخ المدرسة، سننطلق بداية من إبراز كيف أن تحسين أداء المتعلمين والمدرسين هو بالأساس تحسينا للمناخ المدرسي. لذلك، فإن هذه الدراسة ستساعد هيأة الأطر التربوية الذين (لسبب أو لآخر) لم يكونوا فعالين في تحمل مسؤولياتهم، لكونهم لم يشتغلون بشكل كاف في تحسين المناخ المدرسي، من المفترض أن المناخ المدرسي الإيجابي يعزز التدريس الفعال، وبالتالي، تحقيق أداء أفضل لتعلم التلاميذ، ستعمل هذه الدراسة على إبراز العناصر المتعلقة بتوسيع أدوار هيأة الأطر التربوية في المناخ المدرسي، في النهاية سيساعد هذا البحث صانعي السياسات في المغرب على تقييم محتوى الوحدات اللازمة لتكوين وتدريب هيأة الأطر الإدارية والتربوية في المستقبل، لضمان تزويدهم بالمهارات اللازمة، لخلق مناخ إيجابي ومنفتح وتعاوني في المدرسة.
الكلمات المفتاحية: مناخ المدرسة، مناخ مفتوح، مناخ مغلق، البعد المناخي، تحسين المناخ.
مقدمة:
يلعب التعليم والتكوين الأساس للمدرسين دورًا حيويًا في دعم الفرد والمجتمع، على مستوى تحسين الجوانب الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، وكذلك، في تعزيز تنمية رأس المال البشري الضروري للنمو الاقتصادي. يهدف التعليم الحديث، والمدارس، على وجه الخصوص، إلى توصيل المعرفة، والمهارات، والسلوك، الذي يطلبه الشباب، من أجل أن يصبحوا فعالين في المجتمع، في الأساس كما أن المدارس هي مؤسسات يتعلم فيها التلاميذ تقدير ما يريد المجتمع منهم المساهمة به في تقدمهم وتطورهم.
ينص الميثاق الوطني للتربية والتكوين[1] على أن نظام التعليم ما قبل الجامعي يهدف إلى تكوين كل فرد، من أجل مواجهة تحديات المستقبل، ليكون مسؤولاً أمام الأسرة، والمجتمع، والأمة، على وجه الخصوص، وليتحقق ذلك ينبغي:
أ) الاعتراف واحترام وحماية وتنمية تراث الهوية الوطنية، وتنوعنا الثقافي.
ب) أن يتم تطوير الهوية الوطنية في الجوانب الأخلاقية، والفكرية، والمادية، والاجتماعية، والجمالية، ليكون الفرد قادرا على التفكير بشكل مستقل، ونقدي، وإبداعي، والتكيف مع التغيير، ولديه الثقة بالنفس، ومتشبع بروح التعاون، والاستعداد الدائم لتقديم مساهمته في رفاهية الأمة، وازدهارها، وحريتها، وديمقراطيتها.ج) الاقتناع العميق بأن العدالة، والسلام، والوئام، والتعاون، واحترام الآخرين، هي أسمى القيم الإنسانية، لتحقيق مثل هذه الأهداف، يجب أن يُنظر إلى المدرسة على أنها مكان سليم للتعلم، حيث تكون أحلام وطموحات المتعلمين، وأولياء الأمور هي محور التركيز، ويتم تحفيز المدرسين لتقديم أفضل ما لديهم، إذ يتم احترام الجميع ويشعرون بالارتباط بالمدرسة. هذا هو مناخ المدرسة، أو يسميه الميثاق الوطني للتربية والتكوين بـ “الحياة المدرسية”.
يُعرَّف مناخ المدرسة بأنه مزيج من معتقدات، وقيم، وسلوكيات المتعلمين، وأعضاء هيئة التدريس، ورؤساء جمعيات الآباء، وأولياء الأمور، وأنماط القيادة والرضا الوظيفي، من خلال هذا التعريف، يمكن النظر إلى مناخ المدرسة على أنه المناخ السائد في المدرسة، والذي يمليه المدراء بشكل أساسي، ويؤثر على الطريقة التي ينظر بها المتعلمين والمدرسين إلى مدرستهم، ويؤثر على قيمهم ومواقفهم تجاه المدرسة.
لاحظ مجموعة من الباحثين، مثل “هاي”و”مسكل” 2001م،[2]و”فرايبرغ” و”شتاين” 1999م[3]، أن المناخ المدرسي الإيجابي يؤثر على الفعالية الكلية للمدرسة، بمعنى آخر فإنه يشير إلى وجود صلة بين المناخ الإيجابي في المدرسة وفعاليته، في هذا الصدد، خلصت دراسة “ليتوين” 1968م[4]، إلى أنه من الممكن تحسين المناخ في المدرسة خلال فترة زمنية قصيرة، وبإمكان التدخل في أسلوب الإدارة السائد، وتوجيهه نحو الأفضل، يرى “هالبين”و”كروفت”أن تصورات المتعلمين والمجتمع حول المدرسة مهمة لتهيئة مناخ جيد يراعي ظروف عمل المدرسين وباقي الموظفين، وهو ما من شأنه أن يحقق نتائج فعالة تناسب طموحات المتعلمين، وبالتالي، يدفع الآباء إلى الانخراط والمشاركة في تعليم أبنائهم.
إن دراسة مستوى الرضا الوظيفي للمدرسين في المغرب، يعطينا صورة واضحة عن الأثر الذي أحدثته إصلاحات نظام التعليم المدرسي، وبموجب ذلك تم تحديد العديد من العوامل التي تؤثر على أداء المدرسين، وكذلك، مواقف المدرسين فيما يتعلق بهذه العوامل، على الرغم من أنه تم تحسين جميع المؤشرات، فقد كانت هناك العديد من القضايا التي تقدم إمكانية التدخل من أجل زيادة رضا المدرس في العمل، وبالتالي، تحقيق أداء أعلى، بناءً على النتائج المذكورة أعلاه، يوصى بأن يركز تدخل رؤساء و مسؤولي قطاع التعليم لزيادة مستوى رضا المدرسين بشكل أساسي من خلال وضع معايير واضحة لتقييم، وتعيين، وترقية المدرسين، بناءً على أداء العمل الجيد، وتجهيز المدارس بجميع أدوات التدريس، اللازمة لضمان عملية التعليم والتعلم.
يؤكد الباحثون في هذا المجال أنه من أجل الحصول على تعليم أكثر فاعلية، يجب أن يكون المناخ المدرسي ودودًا، ليس فقط بين المتعلمين، ولكن أيضًا بين المدرسين، وبهذا إن التعلم سيكون أكثر إمتاعًا وفعالية، إذا كانت البيئة المدرسية أكثر ودية ومضيافة من كونها معادية ومتسلطة.
من خلال فحص الأبحاث المرتبطة بالمناخ المدرسي، تسعى هذه الدراسة للإجابة عن الأسئلة الآتية:
–ما هي أنواع المناخ المتوفرة في المدرسة؟
–كيف يمكن خلق مناخ ايجابي في المدرسة؟
– كيف يمكننا تحسين المناخ المدرسي؟
- في مفهوم المناخ المدرسي
يمكن حصر مفهوم المناخ المدرسي في مجموع القيم، والثقافات، وعمليات السلامة، والهياكل التنظيمية داخل المدرسة، والممارسات التربوية، والتنوع، والعلاقات بين المدير والمدرس، والعلاقات بين المدرسين بعضهم ببعض، والعلاقات بين الآباء والمدرسين، والعلاقات بين المتعلمين والمدرسين، يعود أصل مفهوم المناخ المدرسي إلى أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، حيث درس الباحثون في العلوم الاجتماعية الاختلافات الموجودة في بيئات العمل، ونشر “أندرو هالبين” و”دون كروفت” عام 1963م، نتائج بحثهما حول المناخ المدرسي، ويرجع لهما الفضل في صياغة هذا المفهوم، ومنذ ذلك الحين أصبحت أعمالهما منطلق للباحثين الآخرين، ومن هنا حدد العديد من الباحثين والخبراء التربويين المناخ المدرسي بطرق مختلفة، ولكن يبدو أن هناك إجماعًا على ما يشكل أساس المناخ المدرسي، يزعم “فرايبرغ” و”شتاين”[5] أن مناخ المدرسة هو “قلب وروح” المدرسة، وهو العامل الذي يحفز المتعلمين والمدرسين معا، ويجعلهم يرغبون في ممارسة العملية التعليمية-التعلمية، وعلى استعداد كبير للتواجد دوما في المدرسة، هكذا تم استخدام “القلب، والروح”؛ كمصطلحات مجازية، لإبراز أهمية تغير المناخ، لأنه يحفز أعضاء هيأة التدريس، ويجعلهم يشعرون بالانجذاب نحوها، وبهذا فإن المناخ المدرسي هو ما يمنح للمدرسة حياة مفعمة بالنشاط والحيوية، ويبرز مختلف القيم التي تمثلها المدرسة.
في هذا الإطار، حدد “هاي” و”ميسكل”1996م[6]، أن مناخ المدرسة هو مجموعة من السمات التي تميز منظمة واحدة عن سلوكيات، ومواقف الأشخاص الذين تتكون منهم، بمعنى آخر نظرًا لاستخدام سلوك أشخاص معينين لتمييز الأفراد عن بعضهم، فإن المدرسة لها خصائصها المحددة، وفقًا للتفاعل البشري داخل المدرسة، وهنا يحضر التصور العام لـ “هالبين”1966م[7]،والقائل بأن المناخ هو روح المنظمة، وأن مناخ المؤسسة مشابه للشخصية الذاتية للمدرسة، كما يختلف مناخ مدرسة “أ” عن مناخ مدرسة “ب” المرتبط بشخصية كل منهما، في هذا السياق يقر”ليتوين”و”سترينغر” 1968م[8]، بأن مناخ المدرسة من حيث هو مرفق عمومي يمتلك معايير بيئة عمل قابلة للقياس، بناءً على التصورات الجماعية للأشخاص الذين يعيشون ويعملون في تلك البيئة، وبعبارة أخرى فإن المناخ المدرسي هو،إلى حد ما، إدراك المدرسين لمقدار اللطف والضيافة الذي يتلقونه، أثناء التفاعل مع مدير المدرسة.
في هذا السياق، تشير “ألكسندرا لوكاس” 2007م[9]، إلى أنه على الرغم من صعوبة تحديد تعريف شامل للمناخ المدرسي، يتفق الباحثون على أن المناخ هو بناء متعدد الأبعاد؛ يتضمن أبعادًا مادية، واجتماعية، ومعرفية، وتنظيمية، على النحو الآتي:
البعد المادي يشمل:
- عرض لمبنى المدرسة والأقسام الدراسية.
- حجم المدرسة ونسبة المتعلمين/ المدرسين في القسم.
- تنظيم الأقسام في المدرسة.
- فعالية الأدوات والموارد التعليمية.
- الأمن والسلامة.
البعد الاجتماعي يشمل:
- جودة العلاقات الشخصية لجميع أعضاء هيئة التدريس (المدرس – المدير، المدرس- المدرس، المدرس- المتعلم، المتعلم- المتعلم، المدرس- أولياء الأمور).
- معاملة عادلة ومتساوية للمتعلمين من قبل المدرسين، وغيرهم من أعضاء هيئة التدريس.
- درجة المنافسة والمقارنة الاجتماعية بين المتعلمين.
- مدى مساهمة المتعلمين والمدرسين والعاملين بالمدرسة في عملية صنع القرار.
البعد المعرفي-التنظيمي يشمل:
- جودة التدريس.
- توقعات المدرسين لإنجازات المتعلمين.
- مراقبة تقدم المتعلمين، والإبلاغ الفوري بالنتائج للمتعلمين وأولياء الأمور.
في الواقع، مناخ المدرسة هو موضوع تصورات المدرسين والمتعلمين، وهو قابل للقياس، من خلال التعريفات المذكورة أعلاه، يمكننا أن نستنتج أن مناخ المدرسة له علاقة بالجو أو الشعور السائد في مدرسة معينة، يبدو من العلاقة بين المدير والمدرسين، والمدرسين والمتعلمين، وبين المدير والمتعلمين، تجبر المدرسة كنظام تفاعل اجتماعي الرؤساء، والمدرسين، والمتعلمين، على التفاعل في مجالات التخطيط، وصنع القرار، وحل المشكلات على المستوى الإداري، كما يتفاعلون أيضًا في القضايا الشخصية التي تعد جزءًا من الممارسات التربوية اليومية.
1.1. الاختلاف بين المناخ المدرسي والثقافة المدرسية.
يتم استخدام المناخ المدرسي والثقافة المدرسية أحيانًا بشكل متبادل، على الرغم من أن هذين المفهومين متشابهين في بعض النواحي، إلا أن هناك اختلافات لا تزال بينهما،فكلا المفهومين يحددان جوانب معينة من المنظمة أو المدرسة، في الواقع، يقول الباحثون أنفسهم إن تعريفات المناخ المدرسي والثقافة المدرسية غالبًا ما تكون غير واضحة، وعادة ما يكون الاختلاف هو أن الثقافة تتكون من “افتراضات” وإيديولوجيات، ويتم تعريف المناخ على أنه تصور للسلوكيات، كما لاحظوا، كذلك، أن “القفزة” المفهومية من الثقافة إلى المناخ ليست كبيرة جدًا، لكن الاختلاف مهم وذا مغزى، يمكن إيضاحه من خلال الجدول أسفله.
مناخ المدرسة | ثقافة المدرسة | |
الانضباط | علم النفس، وعلم النفس الاجتماعي. | الأنثروبولوجيا، وعلم الاجتماع. |
المنهج | طريقة البحث. | التقنيات الاثنوجرافية. |
إحصائيات متعددة التغيرات. | تحليل اللغة. | |
المضمون | إدراك السلوك. | الافتراضات والإيديولوجيات. |
إحصائيات متعددة التغيرات. | تحليل اللغة. | |
مستوى التجريد | ملموس. | مجرد. |
2.1. أهمية المناخ المدرسي
غالبا ما يتم فهم طبيعة المناخ من خلال الإشارة إليه من حيث الطقس؛ فعندما يكون الجو دافئًا بشكل معتدل بالخارج، نشعر عادةً بالدفء والراحة، وعندما يكون الجو حارًا جدًا أو شديد البرودة، لا نشعر بالراحة، ونبذل جهودًا مضنية لجعل أنفسنا نشعر بالتحسن، وعندما يكون الجو ملبدًا بالغيوم، يشعر بعض الأفراد بالارتياح على أمل أن تخرج الشمس لتوها من خلال السحب، بينما يشعر الآخرون بالتحدي في توقعهم للعاصفة، بمعنى آخر، يؤثر الطقس المرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمناخ على المشاعر، وكذلك على استعدادنا للعمل والمشاركة، وبالمثل يؤثر مناخ المدرسة على مشاعر المدرسين والمتعلمين، واستعدادهم للمشاركة، والتزامهم بالمساهمة تجاه أنفسهم والآخرين، يؤثر المناخ المدرسي على التزام المدرسين بتحديد رؤية المدرسة فيما يتعلق بالمكان الذي تتجه إليه المدرسة، وينعكس على خصائص محددة، كالاحترام، والكرامة الشخصية، والأمانة، والإنصاف، والسلامة…إلخ، لكن إذا فشل المناخ المدرسي في عكس هذه المجموعة من الخصائص، فسيتم التشكيك في التكامل، والحفاظ على الاستدامة، وإرساء الشعور بالمساواة بين المتعلمين ذوي القدرات الفكرية المحدودة، وعليه يقر”برووك” 1999م[10]،بأنه من المرجح أن يتألق المتعلمين في بيئة مدرسية يشعرون فيها بالراحة، عندما يشعرون أنهم يعاملونهم بشكل عادل من قبل المدرسين، وعندما يشعرون أن لديهم شعورًا بالانتماء إلى البيئة المدرسية، وفيما يتعلق بالشعور بالانتماء، من الأهمية بمكان إنشاء درجة من الضيافة لكل متعلم، من أجل تجنب أي شعور بالعزلة والانفصال، هكذا، يمكن تلخيص العوامل التي لها دور في المناخ المدرسي، على النحو الآتي:
- جودة التفاعل.
- شخصية المدرسة.
- العوامل البيئية.
- الأداء الوظيفي.
- السلامة، وحجم المدرسة.
- الاحترام، والثقة.
ففي كثير من الأحيان، يجب أن تصبح المدرسة مكانًا آمنًا وإيجابيًا يتولى دور الميسر في عملية التعلم، ويعزز العلاقات الإيجابية، ويساعد المتعلمين على الاستعداد بشكل أفضل لمواجهة التحديات المقبلة، كما يمكن أن يكون للمناخ المدرسي تأثيرا إيجابيا على المتعلم، أو يمكن أن يتحول بسهولة إلى عقبة أمام التعلم، وبالتالي يمكن أن يعيق أو يسهل الإمكانات المعرفية لكل متعلم، في المغرب، مثلا تم إيلاء قدر معقول من الأهمية للمناخ المدرسي أو للحياة المدرسية، من خلال جعله مدرجًا بشكل كبير في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، في هذا الميثاق، يصور المناخ المدرسي على أنه مجال يغطي الأبعاد الجسدية، والنفسية، والاجتماعية، تماشيا مع عملية التعلم، كما يشير المناخ على هذا النحو إلى التنظيم على مستوى المدرسة والفصول الدراسية، ويشير إلى “الشعور” في المدرسة، وأن مدرسة ما مختلفة عن الأخرى، يضع الميثاق[11]ضغوطًا شديدة على عامل واحد، وهو أن المناخ المدرسي يعكس الأفكار، والقيم، والرؤية، والثقة المشتركة، والتي بدورها تضفي على المدرسة هوية ومعايير السلوك المتوقع، ينعكس المناخ على جو المدرسة، وكذلك، على القانون الأخلاقي، وتعزز البيئة المادية الممتعة التفاعل الاجتماعي، والعكس بالعكس، وبنفس الكيفية، يخلق التفاعل الاجتماعي بيئة دافئة، وعاطفية، هكذا، تعتبر البيئة المادية الدافئة والمرحبة التي تستهدف التعلم أحد أهم العناصر لتطوير التعليم الجيد والمنصف.
- آفاق المناخ المدرسي
هناك العديد من وجهات النظر حول المناخ المدرسي، كما أسلفنا الذكر، ولكن في نطاق هذه الدراسة، سيتم النظر في الموقف الذي يرى أن المناخ المدرسي يشكل هوية ذاتية خاصة بمدرسة دون أخرى، في هذا السياق يقر “فرايبرغ” و”شتاين”[12]بأنه على الرغم من أن المدرسة ليست كائنًا حيويًا بالمعنى الطبيعي للكلمة، إلا أنها تتميز بخصائص الكائن الحي بالمعنى التنظيمي، كما أن خارج الهيكل المادي للمدرسة، هناك عناصر أخرى تعكس التفاعل البشري، وهو ما يفسر في نظر”هالبين”و”كروفت” أن “المناخ المدرسي حقيقي؛ إذ يمكن الشعور به على مستوى التفاعلات بين المدرسين من جهة أولى، وبين المدرسين والمتعلمين، من جهة ثانية، وبين المدرسين والمدير، من جهة ثالثة، الأمر الذي دفع الباحثان إلى القول بضرورة بناء المناخ المدرسي، باعتباره “شخصية” تنظيمية في عملية تصور مناخ المدرسة، من كونه مناخا مفتوحًا إلى كونه مناخا مغلقا.
يؤثر سلوك الأفراد والفاعلين التربويين داخل المدرسة على المناخ السائد، وتشكل أنماط سلوك الهيئات الفاعلة المختلفة، من سلوك المدير، والمدرسين، وسلوك المتعلمين، وأولياء الأمور، أساس قيام المناخ المدرسي، علاوة على ذلك، فإن المناخ السائد في المدرسة يشير إلى التفاعل بين مديري المدارس والمدرسين، والمدرسين فيما بينهم، وبين المدرسين والمتعلمين، وكذلك، بين أولياء الأمور والمدرسة، في هذا الإطار يميز “هالبين”[13]أنواعًا مختلفة من المناخ الموجود في المدارس، بما في ذلك المناخ المفتوح، والمناخ المتحكم فيه، والمناخ المستقل، والمناخ الأبوي، والمناخ الأسري، والمناخ المغلق.
– المناخ المفتوح: يرتبط المناخ المفتوح للمدرسة بشكل رئيسي بخصائصها التعبيرية، بحيث يمكن استخدام المناخ المفتوح بسهولة، لدراسة كل من الفضاء، والأصالة بين علاقات مديري المدارس، والمدرسين والمتعلمين، وأولياء الأمور، يرى “هاي”[14] أن المناخ المفتوح ينعكس على الدور الداعم، والترحيبي، والإيجابي، للمدير (رئيس المؤسسة) تجاه تصورات المدرسين، بالإضافة إلى تفانيه في العمل، وبحسب “هاي” فإن المدير يظهر اهتماما حقيقيا بالمدرسين ويدعم الموظفين العاملين فيها،كما يُمنح الموظفون طريقتهم الحرة في القيام بالمهام الإدارية، بأفضل طريقة ممكنة؛ إنه حريص بشكل خاص على عدم السماح للمهام اليومية، بالتأثير في واجبات المدرسين وممارساتهم التربوية، في مناخ المدرسة المفتوح، يتم تصوير المدرسين على أنهم متسامحون، ومفيدون، ويتم تحفيزهم للقيام بمهامهم على أحسن وجه، وبالمقابل يبدي المدرسون اهتمامهم واستعدادهم لتلبية احتياجات المتعلمين، من خلال العمل الجاد، حتى ينجح الأطفال في مساعيهم، في هذا الإطار، يساعد التواصل والحوار المتبادل بين المدرسين على تنمية القدرات المهنية والذاتية للمدرسين أنفسهم، وعلى قدرات المتعلمين في التحصيل الدراسي، وهذا يستدعي في نظر “هالبين” أن يشتغل المدرسين في مجموعات، تتعاون فيما بينها لضمان نجاح المتعلمين وتفوقهم الدراسي، فالمدير والمدرسين على حد سواء، يظلون دوما جاهزين للحفاظ على العلاقات الوثيقة التي تجمع المتعلمين بأولياء أمورهم، كما تشير الدراسات التربوية إلى أن السلوك الذي يتمتع بالدعم الكامل من الإدارة العليا للمدرسة، والسلوك المجتهد للمدرسين يُعزى إلى مناخ تنظيمي سليم ومنفتح في المدرسة، وبالتالي كلما كان المناخ المدرسي أكثر انفتاحًا، كلما كان المدرسون أكثر تفانيًا، وولاءً، وسعادة، وكلما كان المناخ المدرسي أكثر انفتاحًا، زاد إنتاجية التلاميذ في أدائهم المدرسي، فهناك إجماع واسع عبر مجموعة الأدبيات حول المناخ المدرسي، والتي تؤكد أن مناخ المدرسة المفتوح، يساهم، إلى حد كبير، في تعزيز النتائج الإيجابية في الأداء المعرفي للمتعلمين، من خلال المساهمة بدوره في صحتهم النفسية والروحية، وكذلك، في الرضا الوظيفي للمدرسين، ومديري المدارس.
هكذا، لا يمكن في نظر “هاي” أن ينشأ مناخ المدرسة المفتوح بين عشية وضحاها، بل ينشأ نتيجة لهندسة تطوير مدروسة جيدًا، ويتم تنفيذها من قبل المدرسين ومديري المدارس، كما ينشأ نتيجة لسياسات التوظيف القوية التي يجب أن تتميز بالجودة والجاذبية.
– المناخ الخاضع للسيطرة: الخصائص الرئيسية للمناخ الخاضع للرقابة تتزايد أكثر فأكثر في طريقة العمل، على الرغم من أن المدير في هذه الحالة بعيد عن أن يكون نموذجًا للتفان، إلا أن الأهمية تُمنح لإنجاز المهام، ولا يخصص سوى القليل من الوقت للحياة الاجتماعية، ومع ذلك يبدو أن المدرسون مخلصون تمامًا لعملهم، ويقضون فترات طويلة من الوقت في تحقيقها، وبالتالي ففي معظم الحالات، لا يتوفر سوى القليل من الوقت للسماح بالتفاعل بين بعضهم، كما يشارك التلاميذ أيضًا بشكل كبير في المهام، ولا يُمنحون وقتًا طويلاً للاستسلام للأنشطة غير المنظمة، في هذا الإطار يعتبر “هالبين”[15]و”سليفير”[16]، أن المدراء عادةً ما يحافظون على مسافة من المدرسين، والمتعلمين، وأولياء الأمور، لتجنب أي درجة من الألفة، كما لا يتم تشجيع أولياء الأمور على زيارة المدرسة، والتعرف على المدرسين بخصوص مشاكل أطفالهم، بدلاً من ذلك، يتم استخدام مثل هذا الوقت في شيء أكثر قيمة ومنفعة بالنسبة للمتعلمين.
-المناخ المستقل: يرى “هالبين” أن المناخ المستقل هو نوع من المناخ الذي يصوّر جوًا يتمتع فيه المدرسون بقدر كبير من حرية التصرف في طريقة عملهم داخل المدرسة، ويجسد المدير نموذجا فعليا لهذا الحماس، بما أنه لا توجد تهديدات أو تأثيرات خارجية، وبالتالي تتولد لدى المدرسين رغبة قوية في التدريس، ويتم تحفيز المتعلمين على التعلم، مادامت هناك علاقة وثيقة بين المديرين والمدرسيين، وبين المتعلمين وأولياء الأمور.
– المناخ الأبوي: يقر “كوستلي” و”توود”[17]،بأنه يتم وصف المناخ الأبوي بنوع من الجو يكون فيه مدير المدرسة شخصًا مجتهدًا، لكنه لا يكون له أي تأثير على الموظفين، بحيث هناك درجة من التوافق بين المدير والمدرسين، لكن توقعات المدرسين تميل أكثر إلى أن تكون غير عملية تمامًا، بينما يتمتع مدير المدرسة بالحيوية والنشاط، لكن أسلوب إدارته يميل إلى الاعتماد على الجانب الاستبدادي، نتيجة لذلك، يفضل غالبية المدرسين، والمتعلمين، وأولياء الأمور، الحفاظ على مسافة حذرة من المدير، في كثير من الأحيان، قد يواجه المتعلمين صعوبة في التعبير عن مخاوفهم وصعوباتهم، بينما يأتي الآباء إلى المدرسة فقط، لأنهم يشعرون أنها ضرورية لتلبية حاجات أبنائهم التعليمية، أو عندما يطلب المدرسين حضور الآباء إلى المدرسة.
– المناخ المدرسي المألوف: يصف “سليفير”[18] المناخ المدرسي المألوف بأنه نوع من جو يطغى عليه مفهوم “عدم التدخل”، أو مقولة “دعهم يفعلون ما يشاؤون”، حيث يهتم المدير، إلى حد كبير، بالحفاظ على مناخ اجتماعي يفضل إنجاز أي مهمة معينة تناسب أو لا تناسب القدرات المهنية للفاعلين التربويين في المدرسة، مما يدفع العديد منهم إلى عدم الالتزام بالمهام الرئيسية المسندة لهم، كما لا يحب البعض منهم الطريقة التي يقود بها المدير العملية التعليمية-التعلمية في المدرسة، لكن البعض الآخر لا يشارك بالضرورة الرأي نفسه مع زملائهم أو مع المدير، نتيجة لذلك فإن أولئك الذين لم يتم إشراكهم حقًا يشكلون مجموعة معينة، لأنهم يظهرون نفس النوع من السلوك، هكذا، لا يأخذ معظم التلاميذ عملية التعلم الخاصة بهم على محمل الجد، والبعض الآخر ينسج كل أنواع الأعذار الباطلة والجوفاء للخروج من المدرسة، أو التغيب عنها (التغيب بدون عذر)، كما لا يشارك معظم أولياء الأمور في تعليم أبنائهم، وهم جاهلون بما سيفعله أطفالهم في المدرسة، وبهذا يعتقدون أنه ليس من الضروري بالنسبة لهم حضور الاجتماعات المخصصة للآباء، وفي نظر “هالبين”[19] هذا النوع من المناخ المألوف بين المدير والمدرسين، يتم فيه إيلاء اهتمام ضئيل للأداء العام للمدرسة.
– المناخ المغلق: بقر “هاي” و”سابو”[20] بأن المناخ المغلق يمثل عكس المناخ المفتوح، أساسا يهتم بشكل رئيسي بنقص الالتزام والإنتاجية، بحيث لا يكاد يكون هناك أي التزام خاصة من جانب كل من المدير والمدرسين، كما لا يكاد يكون هناك أي تركيز على الوفاء بالواجبات؛ أثناء قيام المدير بالأنشطة الروتينية، أو الأمور التافهة، أو في الأعمال الورقية غير الضرورية التي يستجيب لها المدرسون بحد أدنى، وعليه يميل مدير المدرسة إلى أن يكون صارمًا ومسيطرًا، وهو غافل، لا داعم، وليس بمقدوره فعل أي شيء، وبموجب ذلك، يميل معظم المدرسين إلى الإحباط وعدم القدرة على العمل، وفقا لـ”سابو”، هناك عدم احترام من جانب المدير، وبالمقابل، يظهر المدرسون عدم احترام تجاه سلطة المدرسة (الإدارة)، وتجاه بعضهم البعض، أو حتى تجاه المتعلمين، بما أن المدرسين غير متسامحين ومنقسمون، فإن الضغط الاجتماعي يزداد ترسيخا في المناخ المدرسي، يحدد “هاي” في هذا الإطار، نفس الخصائص التي تعكس المناخ المدرسي المغلق غير السليم، في ظل مثل هذا المناخ، سيكون مخالفًا للعقل توقع حصول التلاميذ على أي إنجاز معرفي جيد، أو إبراز أي مواقف إيجابية تجاه المدرسة، وتجاه بعضهم البعض، لمجرد عدم وجود مثال معين يجب إتباعه.
- خلق مناخ مدرسي إيجابي
غالبًا ما يتميز المناخ المدرسي الإيجابي، بما يلي: علاقة قوية بين التلاميذ أو المتعلمين والمدرسين، التأديب الرسمي الذي يتم إدارته بعيدا عن الإجراءات العقابية، ولكنه مقبول للحد من العواقب، بالإضافة إلى فرص المشاركة والتقييم، والإدارة، للتلاميذ في مجموعة واسعة من الأنشطة، ففي عدد من الاستطلاعات التي أجراها “جونسون”[21]، و”فرايبيرغ”[22]، و”كوبيرميك”[23]، تم تحديد ثمانية عوامل، فيما يتعلق بالمناخ الإيجابي في المدرسة، والذي يرتبط بنتائج تعليمية ونفسية إيجابية للمتعلمين وموظفي المدرسة، كما هو موضح في الرسم البياني الآتي:
يقر”فرايبرغ” و”شتاين”[24] بأن المناخ المدرسي يمكن رؤيته في جوانبه المتعددة، من خلال طريقة تصرف المدرسين، والبيانات المتعلقة بمشاركة التلاميذ في الفصل، أثناء تنفيذ البرامج الدراسية، خلال العطل، وفي قاعة المدرسين، ومن تحركات التلاميذ في الممرات، ومن أنماط الاتصال الخاصة بهم، وما إلى ذلك ومن المثير للاهتمام أن مناخ المدرسة يكون منظما وغير عشوائي، وبالتالي يتم إنشاء مناخ المدرسة على هذا النحو من أجل الحفاظ عليه، وقد يكون مهددا بالانهيار فقط، إذا كان هناك تحول سلبي في الحياة المدرسية، في هذا الإطار توصل الباحثان إلى استنتاج مفاده أنه من الصحيح تمامًا أن سلوك المدير، والمدرسين، والمتعلمين، وأولياء الأمور، يؤثر في مناخ المدرسة، وإلى حد ما، فإن المدير نفسه هو من يهيئ المناخ، أي أنه الشخص القادر على تحديد ما إذا كان المناخ سيكون إيجابيًا أم سلبيًا.
من أجل خلق مناخ إيجابي، تركز المدرسة على مجالات محددة، وتشارك في سلسلة من المبادرات على النحو المبين في الرسم البياني الثاني، الذي يبرز كيفية تطوير علاقات صحية ومحترمة بين أعضاء المجتمع المدرسي:
يتبين من خلال الرسم البياني الثاني أن هناك عدة مبادئ إرشادية تتعلق بتنفيذ هذه المبادرات، يمكن إجمالها في العناصر الآتية:
أولا؛ لكل فرد دور يلعبه في بناء مناخ ترحيبي وإيجابي وشامل في المدرسة، كما يعتمد النجاح بشكل كبير على المشاركة النشطة لمديري المدارس، والمدرسين، والمتعلمين، وأولياء الأمور، وأعضاء المجتمع الآخرين، الذين يشاركون معًا رؤية جيدة حول التخطيط، وداعمة للمجتمع.
ثانيا؛ يتطلب بناء مناخ مدرسي إيجابي أن يتم التركيز على تطوير علاقة قوية تحترم المجتمع المدرسي بأكمله، بين المتعلمين الصغار والكبار.
ثالثا، بناء مناخ مدرسي إيجابي يعني ترسيخ مبادئ المساواة والاندماج في جميع جوانب البيئة التعليمية، من أجل دعم الأنشطة المدرسية، والإنجاز المعرفي لجميع التلاميذ.
رابعا؛ لا يمكن وصف حل واحد لضمان خلق مناخ مدرسي إيجابي والحفاظ عليه، لأن النجاح يتطلب بذل جهد مستمر يجب أن يكون شاملاً ومتعاونًا من جميع الفاعلين والمهتمين بالشأن التربوي.
هكذا، يمكن التلاعب بمناخ المدرسة بسهولة، وبالتالي، التأثير بشكل مباشر في سلوك الأشخاص المرتبطين بالمدرسة، ويمكن الإشارة إلى أن المعايير الرئيسية لتهيئة مناخ إيجابي في المدرسة تتمثل في عنصرين أساسيين، هي: أ) الرضا الوظيفي. ب) الاعتراف بالكرامة الإنسانية، والعمل الجماعي[25].
- تحسين المناخ المدرسي الإيجابي والمحافظة عليه
يرى”هاريس”و”لويري”[26]، أن للمدير، والمدرسين، والمتعلمين، وأولياء الأمور، العديد من الفرص المتاحة لتحسين المناخ المدرسي، وفيما يلي بعض مؤشرات التدخل في تجويد الحياة المدرسية:
- تنفيذ الشخصية، والرسالة الأساسية للتعليم، وتعزيز القيم الأخلاقية الأساسية لدى التلاميذ.
- مشاركة والتزام المجتمع المدرسي (المدرسين، والتلاميذ، وأولياء الأمور) في عملها.
- الحد من العنف والنزاعات في المدرسة.
- تعاون الأقران.
- التصدي للعنف اللفظي والنفسي.
- يعامل المدير والمدرسين التلاميذ معاملة عادلة ومتساوية يطبعها الاحترام والتقدير.
- تأمين بيئة آمنة للموظفين والمتعلمين.
- تنمية شخصية التلاميذ من خلال الأنشطة المدرسية والترفيهية.
يقارن”فرابيرغ”و”ستاين”[27] الحفاظ على مناخ المدرسة بالجهود المستمرة للحفاظ على “جمال الحديقة، والفضاء الداخلي للمدرسة”، وتشمل الجهود المستمرة مجموعة من المقومات، نذكر أهمها: أ) التحفيز، ب) التقييم، ج) تطوير القدرات المهنية للمدرسين، د) العمل الجماعي، ويمكن تحديد هذه المقومات، على النحو الآتي:
أ) التحفيز: يؤكد الباحثان على أن مدير المدرسة مزود بعدد كبير من الفرص، لاستخدام المشاعر (الموجودة بالفعل في المدرسة) بطريقة بناءة لإشراك المدرسيين، والمتعلمين، وأولياء الأمور بعمق، من خلال تشجيع الحافز، والالتزام الشخصي لأنشطتهم المدرسية في تحقيق الأهداف التربوية، لذلك ففي دوره كمحفز، يجب على المدير أن يعترف ويقيم باستمرار عمل المدرسين، والمتعلمين، وأولياء الأمور.
ب) التقييم: يشير”ستيفي”[28] إلى أنه يجب توظيف القصد والغرض من تقييم المدرسين، لمنحهم تغذية راجعة حول أدائهم، ولكي نكون قادرين على الحفاظ على مناخ إيجابي، يجب على مدير المدرسة (المدير) معرفة أداء المدرسين، ثم تقييمه، لتعزيز فعالية عملية التدريس، وعليه فالتقييم لا يقل أهمية عن الاستجابة التي تم الحصول عليها، يستمر “ستيفي” في القول إنه في حالة نقص التغذية الراجعة، لا يوجد اعتراف، وعندما لا يكون هناك اعتراف لا توجد مكافأة، وهذا بدوره قد يؤدي إلى الإحباط وخيبة الأمل، هكذا يعمل التقييم المنتظم لأداء المدرسين، كأداة نحو تحسين عملية التدريس، وتعزيز مناخ مدرسي إيجابي.
ج) تنمية القدرات المهنية للمدرس: يجب تحويل المدارس إلى مؤسسات تعليمية فعالة، حيث يتم إنشاء وتشجيع قدرات المتعلمين، والمدرسين معا، فالمدارس عبارة عن منظمات ملتزمة بعملية التدريس والتعلم، لأن هذا هو الغرض الأساسي من المدرسة، لذلك مثلما يزيد التلاميذ من معارفهم باستمرار، بنفس الكيفية، يحتاج المدرسون إلى تطوير معارفهم وقدراتهم المهنية من أجل تحقيق أهداف المدرسة، في هذا الإطار، يدعي”هاريس”[29] أن تطوير قدرات المدرس أمر بالغ الأهمية، لتحسين قدرات المتعلمين، وتحسين جودة المدرسة.
د)العمل الجماعي: يصف “جورج”[30] الفريق التربوي بأنه مجموعة من الأشخاص الذين يمتلكون مهارات معينة، ويعملون معًا بشكل وثيق، لتحقيق هدف مشترك يكونون مسؤولين عنه بشكل جماعي، بمعنى آخر ينشأ العمل الجماعي عندما يعمل المدرسون معًا لتحقيق نفس الغرض، ويستخدمون مهاراتهم لتحقيق الأهداف المشتركة، يؤكد هذا التصور على القول المأثور “يد واحدة لا تصفق”، هكذا يرى “جورج”، عندما يعمل المدرسون في مجموعات، فإنهم يخدمون تلامذتهم بشكل أفضل.
استنتاجات :
من خلال هذه الدراسة تم التوصل إلى الاستنتاجات الآتية:
– تتراوح أنواع المناخ في الحجم من مفتوح إلى مغلق، من خلال إلقاء نظرة فاحصة على سمات كل مناخ تنظيمي للمدرسة، فإن المناخ المنفتح والمغلق هما النقيضان، وكل بُعد في أي مناخ مفتوح هو بُعد إيجابي ساهم في خلق بيئة مواتية لتحسين إنجازات المتعلمين، بينما في حالة المناخ المغلق يكون كل بُعد سلبيًا، مما يؤدي إلى جو من الارتباك وعدم الإنتاجية، من هنا يمكن ملاحظة تباين مماثل بين أنواع المناخ المستقل والأبوي؛ إذ أن الانطباع العام عن المناخ المستقل هو أن هناك بالفعل شخصًا موجهًا نحو علاقة مختلفة تمامًا عن العلاقة الموجهة نحو المهام، والتي تميز المناخ الأبوي، كما أن كل من المناخ الخاضع للرقابة يشبه المناخ الأبوي، بحيث أن المناخ الذي يتم التحكم فيه يتجه أكثر فأكثر نحو المهام، ويميل إلى أن يكون أكثر انفتاحًا، بينما المناخ الأبوي أقل توجهاً نحو المهام، لكنه مغلق أكثر من كونه مناخا مفتوحا.
-تتميز كل مدرسة بمناخها الفريد، لأن المدارس تعمل بطرق مختلفة، كما أن نوع المناخ السائد في المدرسة هو مزيج من سلوك مدير المدرسة، وسلوك المدرسين، والمتعلمين، وأولياء الأمور في المدرسة، وبهذا يختلف المناخ من مدرسة إلى أخرى، ويُنظر إليه على أنه عامل يتغير دائمًا، في هذا السياق تشير نتائج الدراسات إلى أن بعض المدارس ترحيبية، وتتوفر على أماكن لطيفة للعمل، وفضاء مريح للدراسة، حيث يتم التعامل مع الجميع تعاملا إنسانيا، ويتم تشجيع كل من المدرسين، والمتعلمين، على التعبير عن آرائهم وأفكارهم، في حين أن هناك مدارس أخرى، يبدو فيها التوتر واضحًا تمامًا، سواء في مكتب المدير، أو في الفصول الدراسية، أو في الممرات، أو في الفناء الأمامي، وأثناء فترات الاستراحة.
– على الرغم من أن سلوك المدرسين، والمتعلمين، وأولياء الأمور، يساهم بشكل مباشر في تحديد نوع المناخ المدرسي السائد، يتم تحديد سلوك المدير على أنه البعد الرئيسي للمناخ الذي نشأ في المدرسة، إذ يمكن لسلوكه إما أن يمنع أو يعزز مناخا إيجابيا، لأن المدرسين يعتمدون على مديري المدارس كعنصر أساسي في التحفيز، والإدارة، والتنمية، من ناحية أخرى يعتمد التلاميذ أيضًا على المدير للحصول على تعليم جيد (مجموعة متنوعة من الأنشطة المدرسية، وبيئة مادية جيدة)، علاوة على ذلك، يرى الآباء في المدير الرجل الذي يحافظ على المعايير التنظيمية والتربوية العالية، وهو الرجل الذي يمنح للمدرسة شخصيتها التعليمية لها تأثير في شخصية التلميذ، من خلال الحصول على أفضل تعليم متاح.
– إن الحفاظ على مناخ مفتوح في المدرسة أمر ضروري للغاية في تطوير قدرات المتعلم، فالمدرسة هي المكان المثالي، حيث يتم تعديل شخصية المتعلم،ويتم تحديد رؤية واضحة تجاه التعليم والتعلم، إذ يتم بناء تصورات المتعلم عن العالم والذات والمجتمع، مما ينعكس ذلك إيجابا على شخصيته، وفي تطوير أهدافه في المستقبل، كما يعكس المناخ المدرسي الإيجابي، في كثير من الأحيان، طبيعة العلاقة التي أقيمت بين مدير المدرسة والمدرسين، وبين المدرسين فيما بينهم، وبين المدرسين والمتعلمين، وبين أولياء الأمور والمدير.
قائمة المراجع:
- الميثاق الوطني للتربية والتكوين، المملكة المغربية، وزارة التربية الوطنية، 1999.
-
Costley, Dan L. & Todd, Ralph , 1987, Human relations in organization, West Publishing Company.
- Philadelphia: Falmer Press.
- Philadelphia: Falmer Press.
-
Freiberg, H. J., & Stein, T. A. (1999). Measuring, improving and sustaining healthy learning environments. In H. J. Freiberg (Ed.), School climate: Measuring, improving, and sustaining healthy learning environments, Philadelphia, PA: Falmer Press.
- Freiberg, H.J. (Ed.). (1999). School climate: Measuring, improving and sustaining healthy learning
- Freiberg, H.J. (Ed.). (1999). School climate: Measuring, improving and sustaining healthy learning
- George, J.M. (2000) ‘Emotions and leadership: the role of emotional intelligence’, Human Relations, Vol. 53, No. 8.
- Halpin, A. W. 1966. Theory and Research in Administration, New York: Macmillan.
-
Harris, S. & Lowery, S., Eds. (2002). A school for every child: School choice in America today, Rowman& Littlefield Education.
- Hoy, W. K. &Miskel, C. G. (1996). Educational administration: Theory, research, and practice, 5th edition. New York: McGraw-Hill.
- Hoy, W. K., & Sabo, D. J. (1998). Quality middle schools: Open and healthy. Thousand Oaks, CA: Corwin Press.
- Johnson, D. W. (2003). Social interdependence: The interrelationships among theory, research, and practice. American Psychologist, 58 (11).
- Kuperminc, G.P., Leadbeater, B.J., & Blatt, S.J. (2001). School social climate and individual differences in vulnerability to psychopathology among middle school students. Journal of School Psychology, Vol. 39, No. 2.
- Litwin, G. H. & Stringer, R. A. (1968), Motivation and Organizational Climate, Cambridge M.A.: Harvard Business School, Division of Research.
- Lucas, A. , Fall 2007. What Is School Climate? High-quality school climate is advantageous for all students and may be particularly beneficial for at-risk students. Vol. 5, No. 1 (pp: 1-3).
-
Musaraj A., (2010). Brain Drain, Brain Gain e lo sviluppodell’Università in Albania. Unarecenteinchiestasulfenomeno,CriticaSociologica.
- Rodney Brooks (1999), Cambrian Intelligence: The Early History of the New, The MIT Press, DOI: https://doi.org/10.7551/mitpress/1716.001.0001
- Steffy, B. E. 1989. Career Stages of Classroom Teachers, Economic Publishing Company.
19. Silver, P. 1983: Educational Administration: Theoretical Perspectives on Practice and Research, Harpercollins College Div.
[1]– الميثاق الوطني للتربية والتكوين، المملكة المغربية، وزارة التربية الوطنية، 1999، ص: 1-62.
[2]– Hoy, W. K. &Miskel, C. G. (2001),Educational Administration: Theory, Research, and Practice (6th ed.). New York: McGraw-Hill, pp: 45-49.
[3]-Freiberg, H. J., & Stein, T. A. (1999). Measuring, improving and sustaining healthy learning environments. In H. J. Freiberg (Ed.), School climate: Measuring, improving, and sustaining healthy learning environments (pp. 11–29). Philadelphia, PA: Falmer Press, pp: 34-45.
[4]-Litwin, G. H. & Stringer, R. A. (1968), Motivation and organizational Climate, Cambridge M.A.: Harvard Business School, Division of Research. pp:23-34.
[5]-Freiberg, J. H & Stein, T. A. (1999), Measuring, Improving and Sustaining Healthy Learning Environments, Philadelphia: Falmer Press, pp: 45-55.
Freiberg, H.J. (Ed.). (1999). School climate: Measuring, improving and sustaining healthy learning
environments. Philadelphia: Falmer Press.
Freiberg, H.J. (Ed.). (1999). School climate: Measuring, improving and sustaining healthy learning
environments. Philadelphia: Falmer Press.
[6]-Hoy, W. K. &Miskel, C. G. (1996). Educational administration: Theory, research, and practice, op, cit, pp: 45-56.
[7]-Halpin, A. W. Theory and Research in Administration, New York: Macmillan, pp: 26-33.
[8]-Litwin, G. H. & Stringer, R. A. Motivation and organizational Climate, op, cit, pp: 56-67.
[9]-Lucas, A. , Fall (2007). What Is School Climate? High-quality school climate is advantageous for all students and may be particularly beneficial for at-risk students. Vol. 5, No. 1 (pp: 1-3)
[10]-Rodney Brooks (1999), Cambrian Intelligence: The Early History of the New, The MIT Press, DOI: https://doi.org/10.7551/mitpress/1716.001.0001
[11]– الميثاق الوطني للتربية والتكوين، المملكة المغربية، وزارة التربية الوطنية، 1999، ص: 1-62.
[12]-Freiberg, J. H & Stein, T. A, Measuring, Improving and SustainingHealthy Learning Environments, op, cit, p. 78.
[13]-Halpin, A. W. Theory and Research in Administration, op, cit, p. 45.
[14]-Hoy, W. K., & Sabo, D. J. (1998). Quality middle schools: Open and healthy. Thousand Oaks, CA: Corwin Press, pp: 45-78.
[15]-Halpin, A. W. Theory and Research in Administration, op, cit, p. 67.
[16]-Silver, P. (1983),Educational Administration: Theoretical Perspectives on Practice and Research, Harpercollins College Div, pp: 12-34.
[17]-Costley, Dan L. & Todd, Ralph ,(1987), Human relations in organization, West Publishing Company, pp: 56-78.
[18]-Silver, P. Theoretical Perspectives on Practice and Research, op, cit, pp: 45-67.
[19]-Halpin, A. W. Theory and Research in Administration, op, cit, pp: 34-45.
[20]-Hoy, W. K. & Sabo, D. J. Quality middle schools, Open and Healthy, op, cit, pp: 45-56.
[21]– Johnson, D. W. (2003). Social interdependence: The interrelationships among theory, research, and practice. American Psychologist, 58(11),pp: 931–945.
[22]– Freiberg, H. J. 1999. Introduction, in School Climate: Measuring, Improving and Sustaining Healthy Learning Environments, op, cit.pp: 56-77.
[23]-Kuperminc, G.P., Leadbeater, B.J., & Blatt, S.J. (2001).School social climate and individual differences in vulnerability to psychopathology among middle school students.Journal of School Psychology, Vol. 39, No. 2, pp:141–159.
[24] Freiberg, J. H & Stein, T. A. Measuring, Improving and Sustaining Healthy Learning Environments, op, cit. pp: 56-77.
[25]– Musaraj A., (2010), Brain Drain, Brain Gain e lo sviluppodell’Università in Albania. Unarecenteinchiestasulfenomeno,CriticaSociologica, 176, pp:25-34.
[26] -Harris, S. & Lowery, S., Eds. (2002). A school for every child: School choice in America today, Rowman& Littlefield Education, (pp: 34-67).
[27]– Freiberg, J. H & Stein, T. A. Measuring, Improving and Sustaining Healthy Learning Environments, op, cit, pp: 23-45.
[28] -Steffy, B. E. (1989). Career Stages of Classroom Teachers, Technomic Publishing Company, (pp: 200-215).
[29]-Harris, S. & Lowery, S., Eds. A school for every child: School choice in America today,op, cit, pp: 44-56.
[30]-George, J. M. (2003), Understanding the Structure and Role of Emotions in organizationalBehavior_ George, J.M. (2000) ‘Emotions and leadership: the role of emotional intelligence’, Human Relations, Vol. 53, No. 8, pp:1027–1055.