أدب الأوبئة والتوقّي منها: نماذج من الأوبئة الحيوانيّة في البلاد التونسية خلال النصف الثاني من القرن 19 من خلال وثائق غير منشورة
Epidemiological literature and prevention: examples of animal epidemics in Tunisia during the second half of the 19th century through unpublished documents.
د. محمد البشير رازقي/كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، تونس
Dr. Mohamed Bechir Rezgui/ Faculty of Humanities and Social Sciences in Tunis
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 76 الصفحة 57 .
الملخص:
قدّمنا في هذا العمل عددا من الوثائق الغير منشورة طرحت إشكاليّات مهمّة وهي الأوبئة الحيوانيّة وطريقة تمثّل الفاعلين الاجتماعييّن ومنهم الدولة لها وطرق الوقاية منها ومعالجتها. مثّلت الأوبئة هاجسا أساسيّا للسكّان والسلطة في الإيالة التونسيّة خلال القرن 19، حيث ترسّخت ممارسات دقيقة مضبوطة للتوقّي من العدوى ومنها الحجر الصحّي. ولا يمكن لنا فصل الأوبئة عن الحيوان سواء من ناحية ارتباط واختلاط الانسان اليومي بالحيوان أو بسبب شكّ الفاعل الاجتماعي بإمكانية نقل الحيوان للمرض والعدوى. برز في هذا الإطار وعي السلطة بخطر العدوى خاصّة مع ترسّخ مؤسسة الحجر الصحّي في البلاد التونسيّة وخاصّة مع تأسيس المجلس البلدي (1858). أصبح الحيوان مكمن شكّ وريبة، ولكن مع فقدان القدرة عن إمكانيّة التخلّي عنه. وتتنزّل الوثائق الأرشيفيّة المقدّمة في هذا المقال ضمن هذه الرهانات: الخوف والتوجّس من الحيوان من ناحيته والسّعي لحمايته من ناحية أخرى.
الكلمات المفتاحية: البلاد التونسيّة؛ القرن 19؛ الأوبئة؛ الحيوان؛ الأرشيف
Abstract:
In this work, we presented a number of unpublished documents that posed important problems, namely animal epidemics, the way social actors, including the state, represent them, and ways to prevent and treat them. Epidemics were a major concern for the population and the authority in the Tunisian province during the 19th century, where precise and precise practices were established to prevent infection, including quarantine. It is not possible for us to separate epidemics from animals, whether in terms of the daily connection and mixing of humans with animals, or because of the social agent’s doubt about the possibility of transmitting the animal to disease and infection. In this context, the authority’s awareness of the danger of infection has emerged, especially with the establishment of the quarantine institution in the Tunisian country, and especially with the establishment of the Municipal Council (1858). The animal became a place of doubt and suspicion, but with the loss of the ability to abandon it. The archival documents presented in this article fall into these stakes: fear and apprehension about the animal on the one hand, and seeking to protect it on the other.
Keywords: Tunisian country; 19th century; epidemics; Animal; archives
تقديم:
تتميّز الأنماط الأدبيّة بالتنوّع والتعدّد، حيث نجد أدب الرحلة والمذكّرات والرواية والقصّة والمسرح إلخ. حاولنا في هذا المقال التطرّق إلى نمط أدبيّ طريف غير مطروق وهو أدب الأوبئة الحيوانيّة وأساليب التوقّي منها. تعرّض عدد من الأبحاث إلى أدب الأوبئة الإنسانية لا الحيوانيّة مثل الطاعون[1]، والحجر الصحّي[2]، وعلاقة أدب الأوبئة بالمصالح والصراعات الدولية والاستعمار[3]، ودور إنتاج أدب الأوبئة في نشأة الحداثة وتطوّر العلوم لدى العرب وخاصة الأندلسيين[4]، وعلاقة النخب المجتمعيّة بتحرير أدب الأوبئة[5]. والإضافة التي نبتغي تقديمها في هذا المقال هي التركيز على أدب الأوبئة الحيوانيّة المنتج في البلاد التونسية خلال النصف الثاني من القرن 19.
احتلّ الحيوان مكانة مهمّة في التاريخ البشري[6] سواء على مستوى الحياة العامّة الحيّز الخاص[7]. وقد ارتبط تملّك الحيوان بالمكانة والوجاهة الاجتماعيّة والثروة الماديّة[8]. وقد شكل تاريخ الحيوان جزءا مهما من تاريخ البلاد التونسية حيث شغل العامة والعلماء، فقد صنّفت عدّة كتب في الفترة الحفصيّة عن الحيوان وأنواع وطرق صيده وفوائده[9]. والرواية الشفويّة تبرز لنا أهميّة تملّك الحيوان لدى الفاعل الاجتماعي حيث أنّ “…الخيل والابل هم خير الكسيبة”[10]. كما مثّل الحيوان خلال القرن 19 ثروة مادية وغذائيّة مهمّة.
قدّمنا في هذا العمل عددا من الوثائق الغير منشورة طرحت إشكاليّات مهمّة وهي الأوبئة الحيوانيّة وطريقة تمثّل الفاعلين الاجتماعييّن ومنهم الدولة لها وطرق الوقاية منها ومعالجتها. مثّلت الأوبئة هاجسا أساسيّا للسكّان والسلطة في الإيالة التونسيّة خلال القرن 19، حيث ترسّخت ممارسات دقيقة مضبوطة للتوقّي من العدوى ومنها الحجر الصحّي[11]. ولا يمكن لنا فصل الأوبئة عن الحيوان سواء من ناحية ارتباط واختلاط الانسان اليومي بالحيوان أو بسبب شكّ الفاعل الاجتماعي بإمكانية نقل الحيوان للمرض والعدوى[12]. برز في هذا الإطار وعي السلطة بخطر العدوى خاصّة مع ترسّخ مؤسسة الحجر الصحّي في البلاد التونسيّة وخاصّة مع تأسيس المجلس البلدي (1858)[13]. أصبح الحيوان مكمن شكّ وريبة، ولكن مع فقدان القدرة عن إمكانيّة التخلّي عنه. وتتنزّل الوثائق الأرشيفيّة المقدّمة في هذا المقال ضمن هذه الرهانات: الخوف والتوجّس من الحيوان من ناحيته والسّعي لحمايته من ناحية أخرى.
قدّمنا في هذا المقال إحدى عشر وثيقة محفوظة بالأرشيف الوطني التونسي تتراوح تواريخها بين سنتي 1865 و1879 تراوحت مواضيعها بين مرض “الكلب” وأمراض الدواب (الأبقار/ الخيول/ الضّأن) وعلاقة الأوبئة الخطيرة التي مرّت بالبلاد التونسيّة خلال النصف الثاني من القرن 19 وأهمّها كوليرة سنة 1867 بالحيوان وموضعة الحيوان ضمن سياسات عامّة للتوقّي وضعتها الدولة لحماية الناس من هذا الوباء الخطير.
وثيقة رقم 1
وثيقة أرشيفية مهمّة حُرّرت من طرف طبيب أوروبي زمن وباء الكوليرا (1867) تُبرز لنا عدم التوازن الحضاري بين طريقة تمثّل الأوروبيين لتطوّر التقنيات الطبيّة ورفض المجتمع المحلّي (مثال مدينة بنزرت) للتقنيات الطبية الحديثة. مثّلت هذه النماذج التفسيرية حسب رأينا أسبابا أساسيّة لفشل تجربة الإصلاحات بالبلاد التونسية.
“الحمد الله. في 27 يونيه (1867) الموافق في 25 صفر الخير 1284. تعريب تلغراف كتب يوم التاريخ ببنزرت من الطبيب تاي إلى الدوتور (الدكتور) نكوله فينيالي باش طبيب الحضرة العليّة أيّده الله تعالى. نخربكم أن أتاني تلغراف المؤرخ يوم ماضي أربعة ساعات من الزوال وأنا وصلت إلى بنزرت يوم الجمعة ماضي ساعتين من الزوال وعند وصولي قبلت (قابلت) العامل وثال لي أن المرضى بالقليل وأن يموتوا من السبعة إلى الثمانية أنفار في كلّ يوم، ولو الحال مؤخّر (أي متأخّر) إذ ذاك النهار فزرت خمسة وعشرة أشخاص من كلّ دين وهم مرضى مثقلين، ونخبركم أن الكوليرا موجود هنا في بنزرت منذ خمسة وأربعين يوما، وماتوا بالتقريب من المسلمين 500 أنفار، من اليهود 50 أنفار وذلك في مدّة خمسة وعشرين يوما، ومن النصارى ماتوا خمسة أنفار قبل وصولي هنا وسنبيّن لكم بالتفصيل عدد الموتى من يوم وصولي هنا.
من يوم 20 في شهر التاريخ إلى يوم 21 إذا التاريخ ماتوا من المسلمين 11 ومن اليهود 5، الجميع 16. وفي اليوم 22 فمشيت عند ماشة وخمسة أنفار الذين مرضوا بالكوليره منهم من النصارى 2 ومن اليهود 39 ومن المسلمين 64، وماتوا من يوم 21 إلى يوم 22 في صبيحة شهر التاريخ من المسلمين 18 ومن اليهود 8 الجميع 26. والغدا من ذلك زرت خمسية أنفار الذين مرضوا بالكوليره منهم أربعة وعشرين مسلمين ومن اليهود 23 ومن النصارى 3 فماتوا من يوم 22 إلى يوم 23 من اليهود 4 ومن المسلمين 19 الجملة 23 موت. وفي يوم 24 من شهر التاريخ مرضوا من المسلمين 18 ومن اليهود 11 ومن النصارى 2 الجملة 31 مريض والغدا (أي غدا) من ذلك ماتوا من المسلمين 25 ومن النصارى (لا شيء) ومن اليهود 1 الجملة 26 موت. وفي 25 من شهر التاريخ مرضوا من الأشخاص 33 منهم من المسلمين 18 ومن اليهود 13 ومن النصارى 3 وللغدا من ذلك ماتوا من المسلمين 25 ومن اليهود 2 الجميع موت 27. ويوم التاريخ إلى الثلاثة ساعات من الزوال فمشيت عند 21 مريض جدد وقابلت النصارى المرضى قديم وجديد ومن اليهود 11 قديم وجديد ومن المسلمين 16 قديم وجديد ومرضوا يوم التاريخ 14 أنفار جدد فقط ولكن إلى الآن لم تنتهي خدمتي اليومية كون من المستحيل يتيسّر لي نقابل المرضى بكلّهم في نهار واحد خصوصا في الأزقّة التي ساكنين فيهم المسلمين. فنعمل جميع ما نقدر ونبادر في الخدمة ونبذل جهدي كوني في خمسة أيام زرت مائتين وثمانية وستين أنفار مرضى بالكوليره، وما ماتوا على يدي سوى عشرين نفر فقط. وخصوصا بعثوا لي في وقت الذي لا ينفع العلاج. ولمّا أهل البلاد ينادونني في بدو (أي بداية) المرض بقدرة الله وإعانته المرض لا يزيد القدّام. وكثرة المسلمين لا يرادوا ينادوا الطبيب والأدوية، وأما اليهود يحتاجوا الطبيب حالاّ. وكما تقدر تتأمّل بما ذكر أعلاه مرض الكوليره قد ذهب بالتقريب من حومتهم. ويوم التاريخ مات واحد يهودي فقط ويقولوا أن ماتوا من المسلمين من الأربعين إلى الخمسين نفر، كما ذلك بعلم عامل بنزرت. وأنا باقي نجري ليلا ونهارا في استعانت المرضى في كلّ أربعة وعشرين ساعة ما نرتاح إلاّ أربعة ساعات فيهم، وليس لي وقت لنكتب لكم هذا الروبورت (التقرير: Rapport)، ولو ما طلبتموني فيه لنتنوجّه لكم بعد غد وأنا وحدي بنفسي ومعي زوج نساء المعروفات باسم السوريّات ونعمل ما نقدر بإذن الله تعالى. وفي هذا الوقت الذي أنا نكتب لكم هذا التلقراف جانب كثير من سكان البلاد مارّين وسط المدينة وطالبين الشفاعة من الله تعالى إذ يرفع عليهم هذا المرض. وقد رأيت هنا شيء ليُحزن القلب: من النّاس طالعين الرّوح في الأزقّة وبسقيفة جامعة (أي جامع) سيدي المسخري، الناس تموت بالشرّ والجوع ويوجد من الديار الذين ماتوا فيهم حتى أربعة أنفار من الخمسة. وهذا الشيء لم يزل باقي موجودا. وأمس التاريخ بدشرة (تجمّع سكّاني) رأس الجبل ماتوا من الثلاثين إلى الأربعين شخص وخارج الدشرة المذكورة ماتوا أيضا خمسة عشر نفسا، والحاصل أنّ ما أثبت عندي إلاّ القليل من الذين مرضوا بمرض قوية الذي الانسان يموت فيه في ساعة واحد، ولكن الجوع والشرّ وقلّة الترتيب هم سبب هذا الموت، وهذا الضرر كله والمدينة ووسط الديار من سنين كثيرة الوسخ (التلوّث) الذي لا يظنّه عقليّة الانسان والناس تبيع في اللحم الدونيّة وفاسدة وأهل البلاد يشتروا فيها بأرباع ريال ويأكلوها والمسلمين يأكلوا بالكثير جدّا من الفقوس والطماطم والبطّيخ وجميع الغلّة النيّة (النيّئة) والدونية وغير طبيّة. والآن إذا اقتضى من نظر سيّدنا ومولانا أيّده الله تعالى لنقدم إلى حلق الوادي فنقدم حالا لمّا يأذن بذلك. وبلد بنزرت فعليه أن يعمل كما يدر. ويوم التاريخ الذي هو 27 في شهر التاريخ ماتوا من المسلمين 33 نفر ومن اليهود 12 ومن النصارى 2. ولكن الحمد الله الجميع مرض خفيفا وباللطف، وجانب من أهل البلاد قد هجّت من البلاد وذكروا أنّ خمسمائة من المسلمين قد تركت بنزرت، والذي نظنّه فهو أن هذا المرض القتّال قد ضعف من القوّة الآن أعني عيان والمرضى الذين زرتهم صبيحة يوم التاريخ على حال العافية ان شاء الله كون من ثلاثة عشر مسلمين الذين زرتهم أمس التاريخ ما ماتوا لي منهم إلاّ إثنين فقط. صحّ من تاي”[14].
الوثيقة رقم 2
“الحمد الله. تعريب تقرير لجناب مولى الوزير الأكبر سيدي خير الدين وزير الأمور الخارجية دام عزّه وعلاه من السنيور بوقيل طبيب الخيل في 13 يونية 1876.
أما بعد، فإنه لما وقعت حوادث كثيره بالحاضرة من مرض الكلاب المعروف فالواجب عليّ من طريق خطّتي التي نأخذ عليها في المرتّب من الدولة أن نعرض على السيادة ما سيأتي بيانه.
إن المرض المسمّى بالكلب هو أمر محقّق وداء لا علاج له، وينتقل للإنسان ولجميع الحيوانات، وإن الكَلَبْ المعروف بالخوف من الماء فهذا اللفظ غير لايق وهو غلط محظ حيث أن الحيوان لم يكن له رعب من الماء، وهذا المرض لا دواء له باتّفاق جميع العلماء بعد فحصهم على ذلك، وهو لا يقع إلا في الكلاب والقطاطس وسبب وقوعه مجهول. وإن الذي يظهر من العادة أن السبب هو قلّة الأكل والشرب وقلّة الضروريّات الجنسية التي تزيل الحرارة، وإن لم يقع تجريب في ذلك كما لم يقع تجريب في منع الحيوانات من الأكل والشرب حتّى يتحقّق أنه هو السبب، وهذا المرض كثيرا ما يحدث في زمان الربيع والخريف، وفي البلدان المعتدلة الهواء. وإن من يدّعي من الأطبّاء وجود هذا المرض في البلاد الحارّة هو مردود كما حقّقه أطبّاء مجالس التحفّظ بمصر والشام وبرّ الترك بأن هذا المرض كان مجهولا ولم يُعرف إلا منذ سبعة أعوام. وأن رئيس مكتب أطباء الخيل بمصر لم يرى أدنى حدث كلبْ من منذ عشرة أعوام، كما بلغني بتونس أن هذا المرض لم يظهر إلاّ منذ خمسة أعوام وغير محتمل أنه ورد من كلاب أوروبا. وأن هذا المرض يتكوّن من أمرين متقاربين وغنما الاختلاف في الكيفيّة، فكلب مائل وكلب مسكت، ومما يبيّنه أن الكلب إذا وقع له هذا المرض يبطل عليه اللعب والترحيب المعتاد ويميل إلى الوحدة وإلى الأماكن المظلمة ويظهر عليه التشويش والتنقّل من مكان إلى آخر ويمزّق ما يجده من الثياب وغيرها من الأمتعة، ويُلقي نفسه على من يجده من الناس والكلاب ولا يخاف إلاّ من سيّده، وفي بداءته يجيب من يناديه ويرحّب كعادته. ومما يبيّن أن الحيوانات إذا وقع لها هذا المرض يعضّوا لحومهم ويلقوا الدم من بطونهم بالقيء، ويبقوا على هاته الحالة من يومين إلى ثمانية وإن زادت في الطول يقع له العبس ويخفي رأسه بين رجليه وتارة يقع في حيرة كمن ضاع له شيء ونظره يتعجّب منه لما يقع فيه من التبديل على كيفيته المعتادة حتى أن من يراه على تلك الحالة يخاف منه ولا يضرّ مولاه ويعضّ الهواء بكثرة ولو كان مربوطا وإن في محلّ مظلم. فتظهر عيناه كأنّها قطع نار وعندما يسمع صوت مولاه يذهب عنه ذلك وقتيّا ثمّ يرجع لحالته وإذا طال مرضه امتنع من الأكل المعتاد ويصير يأكل الأشياء الغير معتادة كالتبن والخشب والجلد وغير ذلك، وفمه يمتلئ رغوة وقت هيجانه ثمّ يجفّ، وكذلك تتبدّل له كيفيّة الشرب ويصير يبلع الماء بلعا وربّما يغطس رأسه في الماء، وكيفيّة نبحه هو أنه يعوي بعكس العادة وتقع له كحّة بحسّ خصوصي، وإذا رءا حيوانا من جنسه تُهيّج له المواد النسليّة ويصير يلعق فيه ثمّ يعضّه، وإذا هاج له الوجع يعضّ ما كان أمامه ولو حديد المحمي بالنار. وإذا ضُرب بالنار يذهب ويسكت ثم يرجع للنار ويعضّها، وإذا ذهب من محلّ مولاه فقليل رجوعه. ومن علامات الكلبْ وضع ذنبه بين رجليه ومهما رأى حيوانا من جنسه ازداد هيجانه ويعضّه، وإذا عضّوه سكت. ولما رأته الكلاب المستأنسة به فرّوا منه ولو كانوا أقوى منه. ومن المعقول أن الانسان إذا لقي كلب مكلوبا ولم يتيسّر له قتله في ذلك الوقت فإن يقف خير من الهروب. ومن علاماته أيضا أنّ أشداقه تنفتح وتقع زروقة في أسنانه وتشيح عيناه وتصير تشعل كالبلاّر ومشيه بالميلان ويصير متحيّرا. ومدّة الكلبْ من أربعة أيام إلى ثمانية ومنهاتيه بالموت. وإذا شرّح جسد الكلب بعد موته لم يظهر في بدنه أدنى ضرر معنوي بالمشاهدة، وما يعبرونه الأطباء الطليانية (الإيطالية) لا وجود له، ووجود مثل الشعر والجلد والتبن وغير ذلك في معدته دليل على الكلبْ وكذلك فراغ نبولته. وأما الكلب المسكت (الساكت) فهو من العجز لأن أحد شدقيه ساقط ولسانه معلّق وتقع فيه زروقه (زُرقة) ومن ذلك ينتج عدم النبح، وليس له شهوة كثيرة بالعضّ ولذلك سمّي بالكلب المسكت، وفي الغالب لا يعضّ الحيوانات التي من جنسه كما يقع في الكلب الهائج وعيناه لا تنتهي في اللمعان مثل الهائج. ويظهر كأنه مريض بحلقه بأشياء برانيّة وكأنه ليس بمكلوب، وهذا أمر مخوّف حيث أنه في الحقيقة مكلوب وقلّة أكله من صعوبة البلعان، وقد يقع الشكّ من صوت الكلب خصوص الذي يأكل اللحم في كونه ليس مكلوبا إنما ذلك المرض حلّ بمعدته أو شيئا يعطلّ حلقه أو عرقا بحلقه، ومع ذلك لم يتقيّأ ولم يقع له سعال ولا يحكّ حلقه وأن الأطبّاء لهم معرفة غاية في شأن المرض المذكور وأما العامّة بالتجربة لا بالعلاقة المذكورة. وأما القطّ الذي يعتريه المرض المذكور فإنّه لا يعضّ وإنما ينشب بمخالبه ولم يعوي بمقلوب مثل الكلب وإنما يعتري صوته البحّة، طما أن الحصان المكلوب يندر كونه يعضّ أو يضرب، ومن علامة ذلك للحصان أنه لمّا يرى كلبا يقع له هيجان ويقه له عجز عن الحركة، وإذا يصدر منه عضّ أو إدخال شيء من دمه أو غير ذلك بجسد آخر تقع العدوى. وعلامة الثور المكلوب يُحرّك أحناكه ويزدم (يهجم) وينطح ويحفر برجله ويقع له عجز عن الحركة. وعلاقة الغنم تضرب الأرض برجلها وتصوّت. وعلامة الخنزير تكون له شهوة في العضّ وتعتري صوته بحّة وإذا عضّ كلب إنسانا لم تظهر علامة ذلك في الانسان المذكور إلا بعد سبعة أيام في الأقل وفي الأكثر 100 أيام. وأن الأطباء يشرون إلى حفظ المكلوب أربعين يوما وإن لم يبرئ في المدة المذكورة يُقتل. وأما الدواء من عضّ المكلوب ففيه خلاف بين العلماء ولم يقفوا فيه على تحقيق إلا بكفيّة واحدة وهي السرعة بكيّ النار على العضّة قبل أن يسري السمّ في الأعضاء، وأدوية النّار التي لها نتيجة هي الحديد المحمي في النار وملح البارود مع الجاز بالزئبق وكذلك ملح النشادر. وكيفيّة أخرى أقلّ من الأولى وهي الاحتجام (ممارسة الحجامة) بالمضايق وأن وسائل التحفّظ التي يذكرونها الأطبّاء هو ما ذكرناه أعلاه مع زيادة وهي أن الدولة من حقّها أن تنتبه لتبعيد الضرر الناشئ من عضّ الكلاب المكلوبة (مصابة بمرض الكلب) من حومهم…لأن تونس ممتلئة بهم ومهما مات كلب إلاّ ويلقونه بالطريق حتّى تأتي إليه الكلاب ويأكلوه منه وهو من أعظم أسباب الكلبْ. ومن أحسن التدبير هو حصر عدد الكلاب الغير النافعة وجعل أداء عليها كفرنسا لمّا وقع فيها ما ذكر وقعت نتيجة واضحة بذلك. ومن الوصايا أن الدولة لا تترك الكلاب الضالّة التي بدون كمائم لمنع وقوع حوادث الكلبْ لا سيما في وقت المصيف، وأن جعل الكمائم وقع منه نتيجة عظيمة كما سيأتي، وهو أن ببلد برلينو في عام 1845 وعام 53 وقعت حوادث كلبْ عدد 278 وبوجود الكمائم انتهت الحوادث إلى عدد 6 في عام 1861، وتأويل تسميم الكلاب التي تدوم بالطرقات بدون كمامه أمر سهل على الدولة ولكن يلزم التحفّظ على ذلك، كما يلزم قتل من عضّه كلب مكلوب لأنه يكلب بعد أربعين يوما.
ومختصر الوسيل التي لا بأس بإمضائها من الدولة حتى لا يقع عدوى الانسان والحيوان: الأوّل هو جعل أداء على الكلاب، الثاني كلّ كلب يلزمه علاقة باسم مولاه ومكانه، الثالث كلب مهمل بدون كمامه تقع عليه يد القبض ويدفع عليه ربّه أداء معلوما وإذا مضت ثمانية أيّام ولم يقدم ربّه لطلبه فإنّه يُباع، الرابع من يظهر عليه من الحيوانات مرض الكلبْ فإنه يُقتل، الخامس إن الكمامة لازمة خصوصا في وقت الكلبْ. وأما ما يتعلّق بالحيوانات التي فيها الشكّ ويلزمها القتل وتعتبر كأنها مكلوبة وهي التي بالفصول التالية: الأوّل الحيوان الذي عضّه كلب مكلوب، الثاني الحيوان الذي أكل لحم مكلوب أو شرب من دمه أو قرّب إليه أو توسّخ بلعاب ريقه، الثالث الحيوان الذي وقعت له مخالطة جنسيّه كالاجتماعات مع الحيوانات التي فيها الشكّ ثم كلبت، الرابع الحيوان المريض هيئته مُخوّفة وصوته محصور وله شهوة العضّ ويمتنع من الأكل والشرب وله لعاب كثير. فجميع من به هاته الكيفيّات يُقتل حالا ولا كلام في شأنه، وأن جثّة الحيوان المكلوب يلزم تُطرح خارج البلد وتُغطّى بمقدار ميترو تراب إلخ. صحّ من طبيب الخيل بوقيل”[15].
الوثيقة رقم 3
“الحمد الله. تعريب مكتوب لحضرة الوزير الأكبر من مسيو لرينسو فروج قنصل جنرال دولة تونس بمالطه في 8 نونبر سنة 1865.
أتشرّف بأن أرسل لجنابكم نسخة آخر من إعلان دولة مؤرّخة في 4 شهر التاريخ مضمونه أنّه لمّا ثبت من الأخبار الرسميّة أن مرض الحيوانات الذي كان في قليبية غير المرض المُخوّف منه، وقد ارتفع بتمامه تقبّل الحيوانات من غير عمل كرنتينة والمحرزيّه أظنّ أنها تحضر في الجمعة الآتية، والبحريّة التي بها بخير وأرجو وصول الدراهم عاجلا لندفع المصروف. نصّ الإعلان المذكور: حضرة الكفرنتور لما علم على الوجه الرسمي أن المرض الذي ثبت في الحيوانات المذكور في الإعلان المؤرّخ في 4 شهر التاريخ ليس هو المرض المسمّى بوباء البقر. ومع ذلك قد ارتفع بتمامه من ناحية قليبية التي لو يُوجد إلا بها، أذن بعدم العمل بالإعلان الأوّل. وبقبول الحيوانات الواردة من تونس من غير كرنتينة”[16].
الوثيقة رقم 4
“الحمد الله. تعريب مكتوب للصدر الهمّام جناب المولى الوزير الأكبر سيّدي من الدوتور (الدكتور) جوان مسكرو باش طبيب الحضرة العلية دام عزّها في 26 يونيه 1874.
أما بعد فإنّ بمقتضى الإذن الكريم الصادر من جنابكم توجّه الدوتور (الدكتور) برايص للمركاض وتأمّل تأمّلا شافيا من البقر المُبلى بالمرض الجاري منذ مدّة بالبقر بالمملكة، وبمقتضى الأماير (الأدلّة) التي قرّرها لي الدوتور برايص المذكور وما بلغني من غيره، تعيّن عندي أن المرض المذكور هو المعبّر عنه عند الفرنسيس بلفظ سورلانو . وأماير المرض المذكور هي الآتية: أمبوبات وتجريحات (جروح وتشقّقات) في الشفتين واللسان والأضفار مع جريان لعاب ونفاخ في القراجم وسخانة ابتدائيّة، وحالة كونه مُعدي لغيره. وأمّا كيفيّة الاحتفاظ منه فإنّ الشرط الأوّل فيه هو إبعاد الحيوان المريض عن السالم، ثمّ البقر المريض يُعالج بأن يُطعم حشيشا ونُخّالة مْدرْدرهْ (مختلطة) بماء. وإذا وُجدت بعض قشرات (قشور) فوق اللسان تُزال ثمّ يُدرك اللسان واللغام وساير ما أمكن من جهات الفمْ التي يمكن التوصّل لها بدواء مركّب من جزء شبّ وجزأين عسل مخلّطين، ولا بأس من دلك الساقين المرضى بهذا الدواء أيضا. هذا ما لزم عرضه”[17].
الوثيقة رقم 5
“الحمد الله. تعريب مكتوب للصدر الهمام جناب المولى الوزير الأكبر سيدي من الدوتور (الدكتور) جوان مسكرو باش طبيب الحاضرة دام عزّها في 19 يونية 1874. أما بعد فإن بمقتضى الإذن الكريم الصادر من جنابكم توجّه الدوتور برايص للمركاض وتأمّل تأمّلا شافيا من البقر المبلي (المبتلى) بالمرض الجاري منذ مدّة بالبقر بالمملكة، وبمقتضى الأماير (الأدلّة) التي قرّرها لي الدوتور برايص المذكور وما بلغني من غيره تعيّن عندي أن المرض المذكور هو المعبّر عنه عند الفرانسيس (الفرنسيين) بلفظ سورلانو وأماير المرض المذكور هي اللآتية: امبوبات (أي تقرّحات) وتجريحات في الشفتين واللسان والأضفار مع جريان لعاب ونفاخ في القراجم (الحلق) وسخانة ابتدائيّة، وحالة كونه معدي لغيره. وأما كيفية الاحتفاظ منه فإن الشرط الأوّل فيه هو إبعاد الحيوان المريض عن السالم ثمّ البقر المريض يُعالج بأم يُطعم حشيشا ونخّالة مدرْدرهْ (أي مختلطة) بماء، وإذا وُجدت بعض قشرات (بثور) فوق اللسان تُزال ثم يُدلك اللسان واللغام وساير ما أمكن من جهات الفم التي يمكن التوصّل لها بدواء مركّب من جزء شبّ وجزأين عسل مخلّطين ولا بأس من دلك الساقين المرضى بهذا الدواء أيضا، هذا ما لزم عرضه إلخ”[18].
الوثيقة رقم 6
“الحمد الله. تعريب تقرير من ريكاردو زفرانه طبيب الهوير إلى جناب المولى سيدي الوزير الأكبر. نصّه الواضع اسمه أسفله طبيب الهوير أنه بمقتضى الإذن الذي صدر لي من جنابكم الرفيع بواسطة أمير اللوا(ء) السيد الياس مصلي فإني ذهبت في اليوم الرابع عشر من شهر التاريخ إلى تستور وباجة لأجل الاطّلاع عن سبب موت البقر فإنّ في البلدان التي ذهبت إليها وفي الأماكن التي بقربها فبحثت عن ذلك بغاية التدقيق بتجريح بعض البقر واستخبار حرارته البدنيّة، والذي أحقّقه لجنابكم الرفيع بأنه لا يوجد مرض عادي وأن موت البقر ناشئ من قلّة المرعى وتغيير الهوا(ء)، والواضع اسمه أسفله يحقق ذلك لجنابكم على مقتضى معرفته وامتنانه إلخ. في 20 دجنبر 1879. مصحّح من ريكاردو وزفرانه”[19].
الوثيقة رقم 7
“الحمد الله. تعريب. الحمد الله أن في هذا الوقت الذي الكوليره بتأمّل منه كل أحد ذي عقل بالسؤال هل هو هذا المرض يعدي أم لا وهل ما شاهدناه في الماضي وما انضرّ به جمّ غفير ببلدان كثيرة من جهد معالجة الأطبّاء فيه لعلّ أن البعض من الناس يقول أن كلامنا زايد لكن لمّا نرى أن من الناس البعض عقلهم أكثر من جرمهم وينكر ما يعتقدون من العلم ويُحاججون بخلاف ما يعتقدون ويبيعون حياة الأمم بأخذ الدراهم. فمن يتأمّل في ذلك يعترف أن هذا الأمر له شأن، ومن وافقكم في هذا البيان وأنه مرض يعدي فله الشكر عند الخاص والعام. وأني لمّا ابتديت (أي بدأت) في صناعة الطبّ فأنا نوافق لمن قال هذا المرض يعدي ولم يلزمني حجّة في بيان ذلك مع ضعف معرفتي وحجّتي في ذلك باينة في كتابي الموضوع في مرض الكوليرا، كما شاهدتّه بتونس. وأن بخلاف لأطبّا(ء) كثيره كتبت في تعدية هذا المرض. ولكن لمّا رأيت حتّى في الإيطالية أن فيه من يقول لم يعدي فظهر لنا أن كل حجّة التي تزيد في صحّ هذا المرض يُعدي تزيد في تقوية حجّتنا، لذلك وهنا نحن عرّفناكم بصورة الاحتفاظ الذي صار في تونس، والظاهر أن مع القدرة هو الذي حفظنا من ذلك وبيانه أن لمّا الكوليرا ظهر بمرسيليا الجناب العليّ المعظّم سيدي الباشا باي لم يقبل الشقوف التي أتت منها، ثمّ إنه لم يقبل الشقوف (السفن) التي قدمت من جنوة ثم من كالياري ثم من القرنة ثم من نابولي ثم من مالطه وثمّ من كلّ محلّ فيه المرض حيث كان. وبعد ذلك اقتضى من نظر الجناب العليّ أن الشقوف التي تأتي بباطينده (التصريح) نظيفة وإن كانت قدمت من بلاد التي عمالتها فيها المرض يعملوا 14 يوم كرنتينة إن كان لم فيه وسق، وعدد 24 يوم إن كان فيه وسق. وأن هذا الاحتفاظ الذي رتّبه الأمير المعظّم المذكور الذي منزلته كالأب. وقد حصل عندي الظنّ القويّ أن بهذا العمل يقع التحفّظ من المرض من جهة البحر، وأما من جهة البرّ وقع التحيير، وكنت نتأمّل بظهور شيء من تلك الناحية لأن من جهة البرّ امتناع الخلطة يصعب ولو تُوقع العسّة المؤكّدة. ولكن المرض لم يكثر في الجزائر وانفصل من جهة البحر، ومع تلك الاحتفاظ حصل عندنا غاية العافية من تلك المرض. وهذا الاحتفاظ حجّة لأصحاب العلم بالطبّ، ولم يصبر في مدح جناب المعظّم المذكور لأنه هنّأ بذلك قلوب الناس من تشوّش المرض، والمرجو هو أنّ بعد ما صار من التجاريب (التجارب) جميع النّاس يستقرّ عقولهم على تعدية (أي عدوى) هذا المرض كما صار في أطبّا(ء) مبتدئين الصناعة الذين كانوا ينكروا تعدية المرض، والآن وافقوا في تعديته. والسلام من محبّكم جوان فريني”[20].
الوثيقة رقم 8
“تعريب تقرير صدر من مجلس التحفّظ بالحاضرة بتاريخ 29 مارس 1868 مسيحيه ونصّه: إن بموجب مطلب قنصل جنرال الفرنسيس بالحاضرة انعقد المجلس ليعطله على بعض المراسلات التلغرافية الموجّهة له من نايبه بسوسة وهو مسيو جفان الطبيب بالمكان ونائب القنصلات هناك يذكر أنّ يوجد بسوسة مرض معادي في السعي والذي يموتوا منه عدد وافرا من السعي ولم يعرّفنا باسم المرض المذكور، وذكر أيضا أن ثبت على جلود تلك السعي المفروشة في عدّة أماكن من البلد بعض البقط (البثور) الذي هو دليل المرض المذكور، وعلى أنه عالج خمسة أشخاص أمراض بالدمامل الذين سلخوا وقطعوا بعض من السعي الذي كانوا مرضه بالمرض المذكور. وبحسب عرفه يذكر أن أولا يكون الأشخاص تلقّح لهم المرض من السعي المريض وينتج من ذلك من ذكره على أن يُعطي البتينطه (التصريح) الموسّخة للشقوف المسافرين من سوسة بالخصوص للذين يُوسقوا منها الجلود والعظم الجيفة والشوالق (قطع قماش بالية) لأنه لمّا يفرغوا وسقهم في البلدان المتوجّهين إليهم فيتيسّر أن يظهر بهم المرض، ومن الممكن ظهور الوباء. وبعد هذا استقرّ الطبيب مسيو برتس على أن لم يُوجد أصلا من المرض في السعي بالحاضرة ولا بباجة أو بنواحي الحاضرة وخصوصا في باجة أين يوجد فيها كثير من السعي لو يُوجد شيء من تلك المرض، وعلى أنّ جميع اللحم الذين يبيعوا لجميع الجزارة بالحاضرة ليس فيه أثر مرض الذي الإنسان يخشى منه. وعلى أن كثرة الموت الموجود منذ مدّة في السعي ينتج من عدم وجود المرعى فقط، أو من طبيعته غير طبيّة. ومن بعد ما تأمّل المجلس في المراسلات التلغرافية الموجّهة من نوّاب بنزرت وصفاقس وحلق الوادي على أنّ حال الصحّة في السعي بعمالتهم في غاية الخير ومن بعد ما تأمّل أيضا في المراسلة التلغرافية الموجّهة من نايب الصنيطة (الحجر الصحي) الذي يوافق على قول مسيو جوفان الطبيب فاقتضى من نظر المجلس أن جمعيّة مركّبة من ثلاثة أطبّاء بسوسة فيتأمّلون بالتحقيق في النازلة وبعد تأمّلهم يكتبوا تقرير بما ثبت لهم في ذلك، وبعدما يصل لهم التقرير المذكور فيجتمع المجلس ليصدر منه الرأي في ذلك، وتوجّه حالا تلقراف للنايب المذكور بسوسة في اجتمع الأطبّاء الثلاثة ليتأمّلوا فيما ذكر، وقد أعرض المجلس أن الساقية من زغوان للحاضرة هي من غير غطى (غطاء) بالمحمدية، وبذلك سينتج أن العربان الفقراء الذين بالمحمدية يوسّخوا ويعفّنوا الماء التي يشربوها أهل الحاضرة. فأجل ذلك طلبوا بحضور مسيو قليا مهندس الدولة ليفاهم المجلس بالتفصيل في شأن ذلك، وكون مسيو قليا ليس كان حاضرا إذّ ذاك الوقت بداره فأبقوا الأمر إلى أن يعقد مرّة ثانية المجلس ويسألونه في ذلك. والمجلس طالب من الدولة أنها تكون ببال في أمر مهمّ مثل هذا لأنه يتيسّر الضرر للصحّة العموميّة، وأيضا أن الدولة تأخذ في جميع ما يلزم فيما يتعلّق بدفينة الموتى وبرمي التراب على الجبابن (المقابر والقبور) الإسلام على مقابر من دُفن قبل التاريخ. وبأن المقابر الجدد يكون غرق حفيرهم (أي عمق القبر) من زوج ميتروا (2 متر) تراب على الجثّة لأنّ هذا شيء واجب لحفظ الصحّة العموميّة”[21].
الوثيقة رقم 9
“الحمد الله. تعريب تقرير صدر من مجلس التحفّظ بالحاضرة بتاريخ 11 مارس 1868 مسيحي نصّه: من بعد ما انعقد مجلس التحفّظ بالحاضرة بمحضر مسيو قليا مهندس الدولة العلية وذكر بأنه الساقية من زغوان للحاضرة مغطّية في جميع امتدادها وعلى أن من زغوان إلى المحمدية يوجد بالساقية المذكورة من المائتين ميتروا (متر) مسافة نقرة التي يطلع منه الانسان الماء مثل البير وعلى أن لم يوجد بالمحمدية شيء من ذلك. ومن المحمدية إلى الحاضرة ليس يوجد شيء أيضا مما ذكر، أعني لا فتح ولا نقرة وعلى أن يوجد بالساقية المذكورة من الموظفين والعسّاسة الذين يمنعون جميع ما يوٍسّخ الماء، وعلى أن في كل يومين يوجّهوا أبورت (تقرير) لمسيو قاليا فيما يتعلّق بالساقية فينتج من ذلك ألا يخشى الانسان في شيء ممّا يوسّخ الماء أو يعفّنها لأن لم يتيسّر إلى أحد غسل الحوايج (الثياب) من كثرة علوّ الأبيار المذكورين. ومسيو قاليا قد حقّق للمجلس أن المولى سيدي الوزير الأكبر أذنه في سدّان فتح أبيار المحمدية بورقة من الحديد ويجعل في عوضهم بعض الجعب من الحديد ليصل الماء بسبّالة (حنفيّة) موجودة ببلاصة (مكان) بلد المحمدية، وبعد ذلك ثبت للمجلس أو تقرير مسيو قاليا صحيح وكافي لهنى (هناء) السكان. فتأمّل في المراسلات التلغرافية التي وردت من نواب الصنيطة من بنزرت وصفاقس والمهدية والمنستير ومن حلق الوادي، وينتج منهم أن حال والصحّة بالسّعي (الماشية) بأولئك البلدان في غاية الخير وعلى أن العدد الوافر الذي مات منهم ينتج من شدة البرد أو من عدم وجود المرعى. وكذلك تأمّل المجلس المذكور في التقرير الذي وجّه الجمعية بالتلغراف ويشهدون فيه الأطبّاء فناروا وأريزه بسوسة بأن الموت الكثير الذي كان بالسعي مدّة شهرين قد زال بالتقريب بتمامه، وإنما السعي كانوا يموتوا من شدّة البرد وعدم وجود المرعى. وعلى أن بعض الأشخاص القليل منهم مرض بالدمامل (البثور) لمّا السّعي (الماشية) كانوا يموتوا بالكثير، وهذا المرض ما وقع إلاّ بالقليل ولم ظهر منه بعد ذلك شيء منه. وينتج عن ذلك أن أولا يكون أنفار ليس مرضوا من شأن خدمتهم في رفع الجلود قد اقتضى من نظر المجلس على صوت واحد على أن البطينطه النظيفة تعطي لجميع الشقوف (السفن) المسافرين من أمراسي (مراسي) المملكة، وقد عرض المجلس مكتوب من قاروا بلنتينوا الطبيب بالصنيطة بصفاقس راغب أن يأخذ على كلّ شقف ما يأخذوا أمثاله بمرسى جربة وسوسة والمنستير والمهدية لأنه ليس له مرتّب خصوص. ومن بعدما تأمّل المجلس المذكور في المراسلة التلغرافية الموجّهة من نايب الصنيطة (الحجر الصحي) بصفاقس ومعها تقييد ما يؤدّون الشقوف فاقتضى من نظره أن طبيب الصنيطة بصفاقس يأخذ مما يأخذون أمثاله بمراسي المملكة كما ذكر”[22].
الوثيقة رقم 10
“الحمد الله. تعريب مكتوب للصدر الهمام جناب الوزير الأكبر أمير الأمراء سيدي مصطفى من مسيو ويري نايب رئيس مجلس التحفّظ العمومي بتونس في 14 فورار 1868. أما بعد فإني أتشرّف بأن أوجّه لجنابكم نسخة من تقرير المجلس الذي انعقد في 12 شهر التاريخ ليعرض رأيه على موافقة الحضرة العليّة، هذا ما لزم عرضه. تعريب نسخة التقرير المذكور: انعقد المجلس وأخبر الرئيس أنه عقدت بطلب من الفرنسيس لعمل تأويل فيما يتعلّق بالمرض الموجود بالبلاد وليعرض عليه المكتوب الذي كتبه في 5 شهر التاريخ لجناب الوزير الأكبر وجواب جنابه على المكتوب المذكور. فشكر المجلس رئيسه على الاعتناء المذكور منه وأنه وافقه على ساير ما كتبه للدولة، ولكن رأى ما ساءه أن جناب الوزير الأكبر أجاب على مكتوب رئيسه بوجه مُبهم، ولذلك عزم ساير الأعضاء على كتب مكتوب مصحّح من جميعهم جوابا على المكتوب المذكور، ثم أخذ المجلس في التفاوض على قصد هذا الاجتماع فعرض الدوتور فينيالي وأشار على المجلس بأنه يقرّر للدولة حال البلاد فيما يتعلّق بالصحة العمومية وأنه يطلب منها أن تستعمل حالا الأمور التالية:
الأول أنها تُبعد من الحاضرة ساير العربان الفقراء الذي أتوا لها وغصبهم على السكنى تحت الخيام بمكان بعيد جدّا من الحاضرة أو نقلهم للمحمدية إذ يوجد بها أماكن واسعة ولائقة بهم، وإبعاد الصحيح منهم عن المريض أو معالجة المرضى من غير تراخي.
الثاني أنها تأمر بدفن الموتى في درجة مناسبة من العمق في الأرض أعني بقدر زوج ميتروات (متر) في الأقلّ وصبّ مقدار كافي من الجير الحيّ على الجثّة قبل تغطيتها بالتراب.
الثالث: أنها تأمر بوضع مقدار كافي من التراب على القبور الجديد بحيث أن سطحة الأرض ترتفع وتصير الأجسام تحت مقدار كافي من التراب.
الرابع: أنها تأمر بإخراج الناس من القشل (الثكنة العسكرية) والحبوسات (السجون) وأنه يقع تغيير هواها بساير الأوجه الممكنة وتبييض حيوطها (حيطانها) بالجير.
الخامس: تسكين الناس المجتمعين كثيرا مع بعضهم تحت الخيام بقدر الإمكان.
السادس: تكنيس الشوارع والأزقّة ورفع الطبعة والأوساخ منها بغاية التدقيق ومنع بقاء الأشياء فيها التي تكون قابلة لعمل روائح مكروهة وأنه تقع العسّة على نظافة ساير الأمور بغاية التشديد.
السابع: تحجير فرش الجلود على اختلاف أنواعها في الشوارع والبطاح وأماكن النزهة والحاصل إبعادها عن أماكن السكنى والأماكن التي تتردّد عليها الناس وتعيين محلّ بعيد لتنشيف الجلود المذكورة من غير مضرّة السكّان.
الثامن: استعمال ذلك أيضا في حقّ عظام الحيوانات.
التاسع: دفن ساير الحيوانات الميّتة في حفرة عميقة جدّا وصبّ الجير الحيّ عليهم بمقدار كافي وتغطيتهم بالتراب.
فوافق ساير أعضاء المجلس على رأي الدوتور فينيالي وطلبوا بغاية الحرص العمل بمقتضى هذا في الحين لأنها في غاية الحسن. ثمّ سألوا قنصل الفرنسيس عن حال المرض الموجود هل هو موجود ممّا يعدي ويقتل أم لا. فأجاب الدوتور فينيالي أن المرض المسمّى تيفو (تيفوس) يعدي وينقل، وأما المرض الآخر المعروف بحمّى التيفو (التيفوس) يعدي نعم ولكن بقلّة، وعنده الشكّ في كونه يُنقل. فرأى المجلس أن من الواجب على كلّ من أعضائه أن يعرف حقيقة حال البلاد فيما يتعلّق بالصحة العمومية في شأن كيفية إعطاء الباتيندات (تصريح المرور) للشقوف (السفن) التي تقدم لمراسي المملكة، ولما كان لا يتيسّر لأحد غير الأطبّاء وحدهم تبيّن حقيقة ذلك فظهر لهم اجتماع أطبّاء الحاضرة في هذا اليوم بعد الزوال بساعات 4 تحت رياسة الدوتور (الدكنور) فينيالي ليعلموا تقرير في ذلك ويعرضوه على المجلس. والمجلس يجتمع مرّة أخرى يوم الجمعة قبل الزوال بساعتين ليطّلع على التقرير المذكور ويتّفق على ما يلزم عمله. ثمّ اطّلع الرئيس المجلس على مكتوب من نايب السانيتا بجرجيس يتشكّى فيه من أن الخليفة يمنعه من مباشرة خدمته ولا يعتبر كلامه. فاعتبر المجلس هذه الشكاية الحقية وطلب صدور الإذن لخليفة جرجيس بأن لا يتعرّض للسنيور كولمباني في مباشرة واجبات خدمته المأذون بها”[23].
الوثيقة رقم 11
“الحمد الله. تعريب مكتوب من كاهية بنزرت رايس مجلس التحفّظ بالحاضرة المؤرّخ في 2 أينار 1868 إلى الصدر الهمّام المرفّع شأنه جناب المولى سيدي الوزير الأكبر أدام الله عزّه وإجلاله. أتشرّف بالتوجيه إلى سيادتكم نسخة من مكتوب أتاني الآن من السنيور كوشطه نايب الصنيطه (الحجر الصحي) ببنزرت وبه يخبرني أنه يوجد بالمكان مائتين وخمسة وعشرون من الخيل للمعظّم سيدنا دام نصره ولكن بكلّهم (أي كلّهم أمراض (مرضى)، وعلى أن في كلّ يوم يموت منهم بالتقريب اثني عشر، ثمّ بعد ذلك يرموهم بقرب أسوار المدينة من غير تأويل، وعلى أن سينتج من ذلك المضرّة الكبيرة والمهمّة لأنه يصدر منهم الرياحة (الرائحة) المنتنة وتفوض (تفوح) في الهواء وينتج من ذلك الأمراض المعادية. ومن الممكن أن تلك الأمراض يفاضوا (أي تنتشر) في جميع المملكة، فلأجل ذلك نرغب من فضل السيادة في مصالح الصحّة العمومية أنها تأذن لعامل بنزرت على أنّ جثث الخيل المذكورين يدفنوا في الرمل بحفرة غارقها (عمقها) زوج ميتروا (متر) والمسافة من المكان المذكور تكون بعيدة من مدينة بنزرت في كيفيّة على أن لا يصل إلى أهل المدينة تلك الرياحة (الرائحة) من الجيفة أكرمكم الله لأنه ينتج منها غاية المضرّة، ونترجّى من السيادة على أنها تعتبر ما أعرضناه لجنابكم ويصدر الإذن على الفور لعامل بنزرت بعمل ما ذكر لأن هذا الشيء هو في مصالح الصحّة العمومية البشرية الإنسانية، إلخ”[24].
المصادر والمراجع:
المصادر الأرشيفية:
-الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 222، الملف 416، الملف الفرعي: 10
-الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 65، الملف 795، 10
-الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 66، الملف 795، و.7
-الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 66، الملف 803
المراجع العربيّة
– محمد البشير رازقي، “التراث الحيواني في مدينة تونس خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر: ثروة ماديّة ووجاهة اجتماعيّة”، المجلّة التاريخيّة المغاربيّة، تونس، العدد 181، صص.155- 188.
–المنصوري في البيزرة، تحقيق: عبد الحفيظ منصور، المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات: بيت الحكمة، قرطاج/ تونس، 1989
-حسن الفرقان (دراسة وتحقيق)، أدبيّات الأوبئة في مغرب القرن 19: نموذج أقوال المطاعين في الطعن والطواعين للعربي المشرفي، منشورات التوحيدي، المغرب، 2020
-حسين بوجرّة، الطاعون وبدع الطاعون: الحراك الاجتماعي في بلاد المغرب بين الفقيه والطبيب والأمير (1350- 1800)، مركز دراسات الوحدة العربيّة، بيروت، 2011.
-محمد الأمين البزّاز، تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، المغرب، 1992.
-محمد البشير رازقي رازقي، ” الأمراض والتطبيب والسياسة الصحيّة في البلاد التونسيّة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر من خلال وثائق الأرشيف الوطني التونسي”، مجلة العبر للدراسات التاريخية والأثرية، جامعة ابن خلدون/ تيارت: مخبر الدراسات التاريخية والأثرية في شمال إفريقيا، الجزائر، المجلّد 2، عدد 1، 2019، صص.373- 388.
-محمد البشير رازقي، “”الأوبئة والدّين في البلاد التونسية خلال القرن التاسع عشر: نموذج وباء الكوليرا في مدينة بنزرت (1869)”، مجلّة تيلوس، العدد الثاني، 2020، صص.15- 19
-محمد البشير رازقي، “الحجر الصحّي في البلاد التونسيّة من خلال وثيقة أرشيفيّة: الأزريط سنة 1880″، مجلّة الدراسات التاريخيّة والاجتماعيّة، كلية الآداب والعلوم الانسانية، جامعة نواكشوط. العدد 54، مارس 2022، صص.160- 188
-محمد حسن (تحقيق)، ثلاثة رسائل أندلسيّة في الطاعون الجارف، المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون: بيت الحكمة، تونس، 2016.
المراجع المترجمة:
-شلدون واتس، المرض والقوّة والامبريالية، ترجمة: أحمد محمود عبد الجواد، المركز القومي للترجمة، مصر، 2010.
-فرنان برودل، هويّة فرنسا. المجلّد الثاني: الناس والأشياء، ترجمة: بشير السباعي، المركز القومي للترجمة، 2011، الطبعة الثانية، الجزء الثاني.
-هانز شتزمه، أشعار وأغاني تونسية من القرن التاسع عشر، ترجمة: محمود كبيبو، دار الوراق للنشر، بيروت، 2015.
المراجع الأجنبيّة:
-BRETT L. WALKER, “ANIMALS AND THE INTIMACY OF HISTORY”, IN, History and Theory, Wesleyan University, U.S.A, No 52, December 2013, P.45- 67
-Does History Need Animals?, History and Theory, Wesleyan University, U.S.A, No 52, December 2013
[1] حسين بوجرّة، الطاعون وبدع الطاعون: الحراك الاجتماعي في بلاد المغرب بين الفقيه والطبيب والأمير (1350- 1800)، مركز دراسات الوحدة العربيّة، بيروت، 2011.
[2] محمد الأمين البزّاز، تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، المغرب، 1992.
[3] شلدون واتس، المرض والقوّة والامبريالية، ترجمة: أحمد محمود عبد الجواد، المركز القومي للترجمة، مصر، 2010
[4] محمد حسن (تحقيق)، ثلاثة رسائل أندلسيّة في الطاعون الجارف، المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون: بيت الحكمة، تونس، 2016.
[5] حسن الفرقان (دراسة وتحقيق)، أدبيّات الأوبئة في مغرب القرن 19: نموذج أقوال المطاعين في الطعن والطواعين للعربي المشرفي، منشورات التوحيدي، المغرب، 2020.
[6] أنظر مثلا العدد الخاص من دوريّة History and Theory الذي خُصّص لدور الحيوان كفاعل مهمّ في التاريخ:
Does History Need Animals?, History and Theory, Wesleyan University, U.S.A, No 52, December 2013
ومن المقالات التي تضمّنها العدد نجد:
BRETT L. WALKER, “ANIMALS AND THE INTIMACY OF HISTORY”, IN, History and Theory, Wesleyan University, U.S.A, No 52, December 2013, P.45- 67
[7] فرنان برودل، هويّة فرنسا. المجلّد الثاني: الناس والأشياء، ترجمة: بشير السباعي، المركز القومي للترجمة، 2011، الطبعة الثانية، الجزء الثاني، ص 83- 103
[8] محمد البشير رازقي، “التراث الحيواني في مدينة تونس خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر: ثروة ماديّة ووجاهة اجتماعيّة”، المجلّة التاريخيّة المغاربيّة، تونس، العدد 181، صص.155- 188.
[9] أنظر مثلا: المنصوري في البيزرة، تحقيق: عبد الحفيظ منصور، المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات: بيت الحكمة، قرطاج/ تونس، 1989
[10] هانز شتومه، أشعار وأغاني تونسية من القرن التاسع عشر، ترجمة: محمود كبيبو، دار الوراق للنشر، بيروت، 2015، ص.57
[11] محمد البشير رازقي،”الحجر الصحّي في البلاد التونسيّة من خلال وثيقة أرشيفيّة: الأزريط سنة 1880″، مجلّة الدراسات التاريخيّة والاجتماعيّة، كلية الآداب والعلوم الانسانية، جامعة نواكشوط. العدد 54، مارس 2022، صص.160- 188
[12] محمد البشير رازقي، “”الأوبئة والدّين في البلاد التونسية خلال القرن التاسع عشر: نموذج وباء الكوليرا في مدينة بنزرت (1869)”، مجلّة تيلوس، العدد الثاني، 2020، صص.15- 19
[13] محمد البشير رازقي، ” الأمراض والتطبيب والسياسة الصحيّة في البلاد التونسيّة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر من خلال وثائق الأرشيف الوطني التونسي”، مجلة العبر للدراسات التاريخية والأثرية، جامعة ابن خلدون/ تيارت: مخبر الدراسات التاريخية والأثرية في شمال إفريقيا، الجزائر، المجلّد 2، عدد 1، 2019، صص.373- 388
[14] الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 66، ملف 795، وثيقة 61
[15] الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 66، الملف 795، و.7
[16] الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 222، الملف 416، الملف الفرعي: 10، و.72
[17] الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 65، الملف 795، 10، و.3- 4
[18] الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 65، الملف 795، و.3
[19] الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 65، الملف 795، و.10
[20] الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 65، الملف 795، و.34
[21] الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 66، الملف 803، و.240
[22] الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 66، الملف 803، و.240
[23] الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 66، الملف 803، و.22
[24] الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، الصندوق 66، الملف 803، و.209