سوء الاستدلال بالنصوص الشرعية وأثره في الانحراف الفكري: دراسة تحليلية
Bad inference in texts and its impact on intellectual deviation
An analytical study
الأستاذ المساعد الدكتور كامران أورحمن مجيد (جامعة السليمانية/ كلية العلوم الإسلامية / قسم أصول الدين)
Assistant professor Dr. Kamaran awrahman Majeed) College of Islamic Sciences | University of Sulaimani (
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات المقارنة – العدد 14- الصفحة 39.
Abstract:
Religions came to organize life, and their goal was to please the human being and keep him away from the intellectual, doctrinal and ethical deviation, and it is no secret that the divine religions only reached man through language, and they are composed of words and words, and from here the person has the chance to interpret the texts of religion and interpret them in order to clarify their purposes and meanings And some people with perverted ideas have taken advantage of the opportunity to distort the meaning of the texts and infer them to the detriment of the
realization of an immediate interest or support for a perverted idea.
Corrupt interpretation is considered a poor inference of the text as well, and the interpretation of some religious texts as an interpretation far from the spirit of religion and its purpose for which it came to be a recurring phenomenon in all religions, which isa dangerous step,جbecause it has consequences and consequences later, affecting the quality of thinking and behavior, and all areas of life, and from The fruit of this workmanship is the phenomenon of extremism and intellectual deviation, because texts are the source of religion, and the religious is subject to their meanings expressed and extracted by the world, so the effects of poor inference in the text are very serious, and the effects of poor textual reasoning and its effects on the human being have preferred the subject of
this study to be poor textual reasoning.
Key words: Inference, interpretation, text, effects, intellectual deviation .
ملخص:جاءت الشرائع لتنظيم الحياة، وهدفها إسعاد الإنسان، وإبعاده عن الانحراف الفكري والسلوكي، ولا يخفى أن الشرائع السماوية إنما جاءت عن طريق اللغات، وهي متكونة من الألفاظ والكلمات، ومن هنا صار للإنسان حظ في تفسير نصوص الدين وتأويلها بغرض بيان مقاصدها ومعانيها، ولا ينكر في اختلاف الناس من حيث درجات العلم والإخلاص، ومن هنا ولهذا السبب – التقصير-إما في العلم والفهم أو الإخلاص ظهر الانحراف في الاستدلال والتأويل الفاسد للنص، ولاسيما بعد ظهور الفرق المنسوبة للإسلام، فحاولوا استغلال النصوص والاستدلال بها سوءا لتأييد فكرتهم المنحرفة، أو لتحقيق مصلحة آنية، وعموما تفسير بعض النصوص الدينية بعيدا عن روح الدين ومقصده الذي جاء من أجله صار ظاهرة متكررة، وهي خطوة خطيرة، لأن لها تبعات ونتائج فيما بعد فتؤثر في نوعية التفكير والسلوك، وكافة مجالات الحياة، ومن ثمار هذه الصنعة ظاهرة التطرف والانحراف الفكري والسلوكي، لأن النصوص مصدر الدين، والمتدين يخضع لمعانيها المبينة والمستخرجة من قبل العالم فتكون آثار سوء الاستدلال بالنص تنعكس سلبا على تعامل الفرد في المجتمع وتصرفاته مع الآخرين، ولعظم خطورة آثار سوء الاستدلال بالنصوص وتأثيراته على الانسان فضلت أن يكون موضوع هذه الدراسة هو سوء الاستدلال بالنصوص.
كلمات مفتاحية: الاستدلال، التأويل، النص، الآثار، الانحراف الفكري.
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وأعطاه من النعم الظاهرة والباطنة، فوهبه نعمة العقل والبيان، ومن تمام لطفه به نزّل كتبه وبعث أنبيائه إليه لبيان التكاليف الشرعية وطرق رضوان الله تعالى في الحياة الدنيا، ويرشده إلى ما يسعده في دنياه وآخرته.
ولا يخفى أن النص الشرعي قد يدل على المعنى بصريح العبارة ودون حاجة إلى البحث والدراسة، وقد يحتاج إلى البحث والروية لبيان معناه، واستنباط الحكم المقصود منه، وفي هذه الحالة قد يأتي نص آخر يفسر معناه ويوضح مقصوده ويبين حكمه، وقد لا يأتي، ومن هنا يجب على العالم المجتهد بيان المعنى المراد منه حسب الدلالة اللغوية والقدرات العلمية والعقلية، ونحن نعلم أن الأمة الإسلامية قد مرت بأطوار مختلفة، فوقعت فتن كثيرة، وكانت بواكيرها في نهاية عصر الخلفاء الراشدين فحدث تمزيق صف المسلمين، ومن هنا فتحت الأبواب على أفكار غريبة واجتهادات سطحية مخالفة لمنطوق النصوص ومفهومها، فظهرت أفكار غريبة في تأريخ المسلمين بذل أصحابها جهودا لاستغلال الاستدلال وانحراف في التأويل من جهات مختلفة، فكل من قام بمثل هذا الأمر -سوء الاستدلال بالنص- فهذا البحث جاء لبيان سوء الاستدلال بالنص وهو محاولة متواضعة لمعرفة الأمر، ولعل أن يكون لبنة للتعريف بمثل هذا التصرف ومنعه.
إشكالية البحث:
استغلال النص بعيدا عن روح الدين ومقاصده من أخطر الأوراق إلتجأ إليها الإنسان في تأريخه، فاستغلال النص وسوء تأويله وتفسيره تصب في نفس الحقل، وهي مشكلة حقيقية خطيرة للغاية؛ لأنها تمس أصل الدين، وهو النص من الكتاب والسنة، وسوء الاستدلال بالنص في الماضي والحاضر من الأسباب التي أدت إلى تمزق وحدة الأمة وتفرقها وكراهة بعضها لبعض، وهو الأمر الذي يجرّ الانسان إلى الانحراف في الفكر والسلوك، فجاء البحث لتسليط الضوء عليه، وبيان الجهات التي انتهجوا هذا النهج مع ذكر مرتكزاتهم لارتكاب سوء الاستدلال بالنصوص.
أهداف البحث:
تهدف هذه الدراسة إلى بيان خطورة سوء الاستدلال بالنصوص، وآثاره على الفكر والسلوك، وتصرفات الانسان بشكل عام، وخصوصا في أيامنا التي نرى أن العالم يعاني من أمراض فكرية وسلوكية من التطرف والعنف والانحرافات الاخلاقية من الدعارة ودعوى الاباحية وغيرها من التصرفات التي لا يقبلها العقل السليم وبعضها على صلة بسوء الاستدلال بالنص.
تساؤلات البحث:
يجيب البحث على مجموعة من الأسئلة والتي بحاجة إلى إجابة وبيان واضح ومن أبرز هذه الأسئلة:
ما هو أثر نصوص الدين في الحياة؟، وما العلاقة بين اللغة والفكر؟ وما أثر اللغة في الحياة الفكرية والسلوكية؟
ومن ثم مدى تطرق الانحراف في تأويل النصوص وما آثار التأويلات الفاسدة؟.
الاستدلال عمل بشري مستندا على النص الشرعي كيف استغل بعض الناس هذه العملية لمصالح فكرية خاصة؟
كيف ينعكس سوء الاستدلال على الحياة؟ وما هو آثاره؟.
أسباب اختيار البحث:
من أهم أسباب اختيار الموضوع ما نراه اليوم من انحرافات في الاستدلال بالنص واستخدامه في غير موضعه وفتاوى غير ملائمة لمعنى النص ومقصد الشرع الحنيف، واجتهادات مخالفة للنص، وبيانات مخالفة لمنطوق النصوص ومفهومها، وهذه أمور كلها بحاجة إلى الاصلاح بالرجوع إلى الضوابط والقواعد الأصولية لكيفية الاستدلال بالنص، ونجعلها نصب أعيننا لنخطو نحو المستقبل ونتصدى لكل من أراد بالنص شرا.
منهج البحث:
يتبع الباحث في هذه الدراسة المنهج التأريخي والذي يقوم أساسا على دراسة الظاهرة المحددة في حقبة زمنية، وذلك من خلال الأدوات البحثية، والتي تساهم في التعرف على التأثير السلبي للمشكلة في الحاضر والمستقبل، فيقوم الباحث باستقراء مواطن التي تم اللجوء الى سوء الاستدلال، ثم يأتي بتحليل الموقف وأسباب الاعتماد عليه، ومن ثم تحديد أماكن الخلل، وكل هذا بغية التوصل إلى الصواب والسداد.
الدراسات السابقة:
كثرت الدراسات المتعلقة بالنص وتفسيره وكذا التأويل وما له صلة به، وادعاء عدم وجود دراسات حول أيّ مسألة ليس بالهين ولا سيما في عصرنا تنشر يوميا مئات البحوث لكنني لم أطلع على دراسة بهذا المعنى سوء الاستدلال حسب اطلاعي المتواضع.
خطة البحث:
يتكون البحث من ثلاثة مباحث مع مقدمة في البداية وخاتمة في النهاية على النحو الآتي:
المبحث الأول: مفهوم الاستدلال، وأسباب سوء الاستدلال، مع تأريخه .
المبحث الثاني: طبقات المستدلين بالنص سوءا .
المبحث الثالث: الآثار الفكرية السلوكية لسوء الاستدلال بالنص الشرعي.
الخاتمة .
المبحث الأول:
مفهوم الاستدلال والنص، وأسباب سوء الاستدلال، مع تأريخه .
موضوع الاستدلال في دراستنا يدور في فلك النص في هذه الدراسة، وعليه أفضّل بيان معنى النص باختصار شديد فالنص من الناحية اللغوية جاء بمعان منها: الارتفاع والظهور وانتهاء الشيء، يقال: نصصت الشيء: أي: رفعته، ومنه منصة العروس.
ونصصت الحديث إلى فلان، أي رفعته إليه. ونص كل شيء: منتهاه([1]).
واصطلاحا عرف بعدة تعريفات من ذلك، عرفه ابن حزم بقوله:” هو اللفظ الوارد في القرآن أو السنة المستدل به على حكم الأشياء”([2]). وقد يطلق النص ويراد به ما يقابل الظاهر في موضوع واضح الدلالة عند الأصوليين وهو غير مراد هنا طبعا بل المقصود به هو كل ما ورد من الدين بطريق الوحي المباشر وهو القرآن الكريم وغير المباشر وهو السنة النبوية مع مراعاة الضوابط المعروفة فيما يتعلق بالسنة، وعليه النص ما دل على المعنى بمجرد النطق به بغض النظر عن طريقة الدلالة قطعية أو ظنية.
وأما الاستدلال فهو استفعال، ومعناه طلب الدليل، والإرشاد والاهتداء إلى المطلوب([3]). وله تعريفات في العلوم والفنون المختلفة فله تعريفه عند الفلاسفة والمتكلمين والمناطقة والأصوليين وغيرهم، إلا أن تقييد الاستدلال بالنصوص يجعلنا الالتزام بالتعريف الأصولي له، وعند أهل الأصول له اطلاقات مختلفة، وأنواع كثيرة يتفاوت العلماء في عدّها وحصرها([4])، ولنفس الاحتراز الذي سبق ذكره-التقييد بالنصوص- لا يحسن بنا التغلغل في أحشائه والتجول في أروقته عند أهل الأصول أيضا، فعدلت عن التعريفات المطلقة له([5]) وتمسكت بما هو مقيد: ومن تعريفات الأصوليين له: قال الطوفي: طلب الحكم بالدليل من نص أو إجماع أو قياس”([6])، ولما قيدنا بالنص ينحصر المقصود فيه.
أو هو: الاهتداء بالدليل والاقتفاء لأثره حتى يوصل إلى الحكم([7]). وهذان التعريفان مناسب لهذه الدراسة، وذلك لأنني قيد الاستدلال بالنص بمعنى كيفية جعل النص برهانا وبيانا لإثبات الحكم أو بيان الأمر.
مشروعية الاستدلالي:
مكانة الاستدلال وأهميته لا يخفى على باحث ودارس؛ لِأَن المشتغل وحسب تعريف الاستدلال العام المطلق إما عنده النص ويريد إسقاطه على الواقع، وكما يعرف أهل الاختصاص عملية الاسقاط ليست هينة بل هي بحاجة إلى معرفة المناسبة بين الواقعة والنص، ولبيان كيفية الدلالة عليها، ولكي تكون العملية سديدا وصحيحاً لابد من الاطلاع على جميع الزوايا المتعلقة بهذه العلمية، فدلالة النص على الحكم سواء كانت بالعبارة أو الإشارة والمفهوم أو غيرها بحاجة إلى الاستدلال، وهذه المعرفة لا تكون عن هوى وكيفما اتفق بل لابد من البحث والتحقيق، والخطوات المتبعة في الاستدلال يتضمن أكثر الأمور المطلوبة عند المشتغل في النص هذا إذا كان عند المشتغل نص.
وأما إذا لم يكن عنده نص في حكم الحادثة، فيستقري في هذه الحالة ويجتهد للحصول على نص له علاقة بالحادثة عن طريق الإيماء والتلميح أو مصلحة وغيرها مما له صلة بالموضوع، فيثبت حكمها به، وطلبه هذا عين الاستدلال؛ لأنه كما ذكرنا هو لغة طلب الدليل.
وبهذا يتبين أن تصرفات المشتغل في الفقهيات وغيرها بحاجة إلى الاستدلال، وهذا برهان أهميته وفوائده ومكانته.
المصطلحات التي لها صلة بسوء الاستدلال:
أولا: التأويل الفاسد المعارض للنص، والتأويل من الناحية اللغوية يعود إلى آل يؤول بمعنى رجع، وهو في النص الشرعي وعند المتقدمين يأتي بمعنى بيان النص وتوضيحه ويساوي التفسير، إلا أنه قد طرأ عليه التغير عند المتأخرين قال ابن حزم التأويل:” نقل اللفظ عما اقتضاه ظاهره، وعما وضع له في اللغة إلى معنى آخر” ثم قال:” فإن كان نقله قد صح ببرهان وكان ناقله واجب الطاعة فهو حق، وإن كان نقله بخلاف ذلك اطرح ولم يلتفت إليه وحكم لذلك النقل بأنه باطل([8]).
وعليه فالتأويل الفاسد المرجوح قريب من مفهوم سوء الاستدلال، وقد أعم منه؛ لأنه قد يكون لبيان نص دون قصد الاستدلال به على الحكم بل مجرد بيان، وقد يكون بغرض استخراج الحكم، وهذا الأخير يساوي الاستدلال، فإذا انحرف المشتغل فيه وأعرض عن الصواب فقد أساء الاستدلال والتأويل.
ثانيا: الاستنباط: وهو من النبط، ومعناه الاستخراج، يقال: استنبَطْتُ الماءَ: استخرجتُه”([9])، وأما تعريف الاستنباط عند العلماء فذكروا له تعريفات لعل أكثرها تدور حول المعنى اللغوي منها: فيقال: استنبطَ الفقيهُ: “إذا استخرجَ الفقهَ الباطنَ بفهمهِ واجتهادهِ”([10]).
قال ابن جرير الطبري:” وكل مستخرج شيئًا كان مستترًا عن أبصار العيون..فهو له”مستنبط”([11]). وبين الاستنباط والاستدلال صلة قوية؛ لأن المشتغل بهما يطلب الحكم الشرعي، وإن كان الاستنباط أعم من الاستدلال؛ لأنه قد يكون المستنبَط حكما شرعيا وهو يساوي الاستدلال وعلى ضوئه قال الجصاص(ت: 370 هـ):” والاستنباط في الشرع: نظير الاستدلال..”([12])، لكن الاستنباط قد يكون لأمور أخرى غير استنباط الحكم كاستنباط المعنى والعلل، وهذا ليس باستدلال. كما قال الزمخشري في تعريفه له:” الاستنباط استخراج ما خفي المراد به من اللفظ([13])، فلفظة ما” عام شاملة للحكم وغيره.
أسباب سوء الاستدلال:
لسوء الاستدلال أسباب ودوافع كثيرة متنوعة، من ذلك ضعف الإمكانية العلمية، أو الدفاع عن مبدأ وفكرة ما فيؤوّل النص تأويلا فاسدا ويجعله سندا لمبدأ فكري منحرف أو فقهي متكلف، أو الحيرة عند التعارض بين دليلين، وقد يكون للحصول والطمع في سلطة أو مصلحة شخصية كما هو دأب علماء السوء والسلاطين، وهو خطير فيستغل النص لمصلحة خاصة مقابل المصالح العامة، أو التجاوز على الآخرين باسم النص والحفاظ على المصالح، وهذه أسباب تعم الناس.
والعالم المتمكن المؤهل إذا غاب عنه النص ولم يطلع عليه فأفتى بخلافه أو بالضعيف مقابل القوي، أو أخطأ ولم يصب الحق، فهو مأجور عند الله تعالى لحسن نيته واخلاصه كما ورد في الحديث الصحيح([14])، لكن الإصرار على استدلاله غير مقبول وبالتالي يدخل في اطار سوء الاستدلال؛ لأن النتيجة هي مخالفة النص، مع توقيرنا التام للعالم الذي قام بمثل هذا واحترامنا له، ولعله يسأل سائل وهل حدث للعلماء بمثل هذا ؟ .
نقول نُقِل عن ابن دقيق العيد أنه جمع المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث الصحيح انفرادا وإجماعاً في مجلد ضخم([15]).
وهل يمكن الإصرار والاستمرار على ما أخطأ فيه عالم أو مذهب مع العلم بالمخالفة؟، قال الرازي حاكيا عن شيخه:” شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله في بعض المسائل، وكانت مذهبهم بخلافها فلم يقبلوا تلك الآيات ..” ثم قال:” ولو تأملت حق التأمل وجدت هذا ساريا في عرف الأكثرين”([16]). وهذا ابن القيم قسم المتأولين إلى أصناف فيقول:”والمتأوّلون أصناف عديدة، بحسب الباعث لهم على التأويل، وبحسب قصور أفهامهم ووفورها:
وجعل الصنف الأول: أشدهم خطرا وأعظمهم توغلًا في التأويل الباطل وهو: من فَسَد قصدُه وفهمُه؛ فكلما ساء قصده وقَصُر فهمُه كان تأويلُه أشدَّ انحرافًا، ثم يليه الثاني وهو: من يكون تأويله لنوع هوًى من غير شُبهة، بل يكون على بصيرة من الحق، والثالث هو: من يكون تأويله لنوع شبهة عرضت له أخْفَتْ عليه الحق،.. وأما القسم الرابع: من يكون تأويله لنوع هدًى من غير شبهة، بل يكون على بصيرة من الحق، والخامس فهو: من يجتمع له الأمران الهوى في القصد والشُّبهة في العلم”([17]). وسيأتي زيادة توضيح لما ذكرنا من أسباب ودوافع لسوء الاستدلال بالنص، لكن عموما هذه جملة من الأسباب الدافعة لسوء الاستدلال بالنص.
تأريخ سوء الاستدلال:
لسوء الاستدلال بمعناه الواسع تأريخ طويل، فالله سبحانه وتعالى أنزل كتبه وأرسل الرسل لإصلاح حياة الإنسان في العاجل والآجل، لكن الإنسان هو الذي عدل عن الصواب مرة بتحريف الكتب السماوية بل وتبديلها أحيانا، وأخرى بإخفاء بعضها، وحينا بتأويلها وتفسيرها حسب المصالح الخاصة أو متأثرا بالأهواء، وهذا مسلّم لمن درس الأديان، والقرآن الكريم بين لنا هذه الحالات، فتأريخ سوء الاستدلال بالنص لم يكن خاصا بأمة دون أخرى بل عم الأمم، ولا يخرج من هذا الإطار الأمة الإسلامية إلا أن الفرق بينها مع الأمم الأخرى هو أنها لم تجتمع على سوء الاستدلال والتأويل الفاسد، بل بقيت الظاهرة كمحاولات فردية أو فئات محددة وفرق معروفة، مقارنة بالسواد الأعظم من الأمة، ولم تنحصر هذه المحاولة في فرقة واحدة واتجاه بعينه، وفي عصر أو مكان ما بل تجلت المحاولة منذ عصر الوحي ومن بعده ومن أمثلة الاستدلال الفاسد في هذا العصر-عصر الوحي-:
المنافقون وهم الذين أظهروا الاسلام وأبطنوا الكفر فقد سجل القرآن الكريم سوء استدلالهم ببعض النصوص منها: قولهم الذي ورد في سورة التوبة:[وَمِنْهُم مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لي وَلا تَفْتِنِّي] التوبة(49) روي في سبب نزل الآية أنها نزلت في الجدّ بن قيس حيث لما قال له الرسول(صلى الله عليه وسلم):(يا جِدُّ بْنَ قَيْسٍ ما تقُول في مُجاهدة بَني الأَصْفر؟) قال: يا رسول الله، إِنّي امْرؤٌ صاحِبُ نساءٍ، ومتى أرى نساءَ بني الأَصفر أُفْتَتَنُ فائْذنْ لي في الجلوس، ولا تفْتنِّي)([18])، فاستدل بالنص الآمر بغض النظر لرد النص الآمر بالجهاد استدلالا فاسدا، ولذلك قال تعالى:[ ألا فِي الفِتْنَةِ سَقَطُوا] .
وبعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وسلم) مرة أخرى وفي إطار أوسع ظهرت ظاهرة سوء الاستدلال بالنص فتمسك مانعو الزكاة بالنص كقولهم: “إن الله تعالى أمر نبيه(صلى الله عليه وسلم) بقوله:[خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ]التوبة الآية(١٠٣)، وقالوا: إنما ندفع الزكاة لمن صلاته سكن لنا([19])، وبعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وسلم)، فلا صلاة منه على مخرج الزكاة، وإذن فلا زكاة.
ومن سوء استدلالهم بالنص أيضا في نفس الموضوع أن الله تعالى يقول لنبيه الكريم:[خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً..]، قالوا: لفظة:[خذ]
في الآية خطاب لنبيه فقط فليس علينا أن ندفعها لغيره([20]). فلا زكاة علينا لغيره.
ومن ثم زادت المحاولات بعد ظهور الفرق المنسوبة للإسلام وذلك- في آواخر عهد الصحابة- فعدلت تلك الفرق عن المنهج الذي سار عليه المسلمون في الاستدلال بالنصوص، والمحاولات ظهرت بين حين وآخر كما سنتحدث عنها بتفصيل أكثر في المبحث الآتي.
وبذلك انتهينا بأن سوء الاستدلال له تأريخ طويل في الحياة، وقد ظهر في التشريع الإسلامي في العصر الوحي واستمر إلى اليوم.
المبحث الثاني: طبقات المستدلين بالنص سوءاً
سوء الاستدلال حسب التعريف الماضي يتعرض له كثير من المشتغلين في المسائل الشرعية، فليس هينا تحديد جميع الجهات والفئات والأفراد.
وقد حدث في تأريخ المسلمين سوء الاستدلال بالنص من قبل جهات مختلفة شرعوا في هذا الأمر كما أشرنا إلى ذلك في المبحث الماضي، إلا أننا في هذا المبحث أعرضنا عن المحاولات الفردية للأمر أو جماعية غير منظمة وذلك بغية الاختصار وعدم الاطالة، وسنأتي بذكر أمثلة متنوعة من الفئات التي قامت وتقوم بالأمر، وكيفية استدلالها واستغلالها للنص، واخترت لذلك جهات وطبقات مختلفة من أهل الفرق وأصحاب السلطة وأصحاب التوجهات الفكرية وغيرها، ونبدأ من حيث الترتيب الزمني .
أولا: الخوارج: ولا يخفى أنهم أول فرقة ظهرت في تأريخ المسلمين: وهم الذين مزقوا وحدة الأمة الإسلامية لأول مرة، وابتدعوا نقض البيعة من إمام بايعوه، وأجمعت الأمة عليه، وهو علي بن أبي طالب(كرم الله وجهه)، والخوارج تجاوزوا الحدود، وشرعوا في الاستدلال بالنصوص في غير موضعها، وتأولوها حسب رغباتهم وأفكارهم، وهم عبارة عن فرق مختلفة متفرقة، والذي جمع أغلبهم هو التشدد والعنف ضد أهل الاسلام، ومن سوء استدلالهم بالنص:
استدلوا بقوله تعالى:(إنِ الحُكْمُ إلا لله)، فاستدلوا بهذا النص لأغراض منها:
- اتهام علي(كرم الله وجهه) بأنه عدل فلم يحكم في العدو بما أنزل الله؛ لأن حكم العدو عندهم هو القتل، لكنه(رضي الله عنه) حكّم الرجال في دين الله، وانتزعوا من النص شعارهم:(لا حكم إلا لله)([21])، والخلل هنا ينحصر في الاستدلال بالنص في غير موضعه، ولذلك قال علي بن أبي طالب”: كلمة حق أريد بها باطل”([22]).
- الاستدلال بالنص نفسه على أن عليا(رضي الله عنه) ارتكب إثما كبيرا حيث عدل عن حكم الله- لأنه حكّم الرجال، فهو
آثم وهذه الخطوة الثانية، والثالثة وهي الأخطر فكل من ارتكب كبيرة يخرج بها من الملة فكفروا خليفة المسلمين بهذا الاستدلال
الفاسد.
ومن ثم لم يتوقفوا عند تكفيره فحسب بل كفروا كبار الصحابة إلى أن عمموا الحكم فيمن لم يكن معهم، فكفروا أهل الايمان وبعد هذه الخطوات لجؤوا إلى السيف بوجه المسلمين وأباحوا دمائهم([23])، قال ابن حجر:” ثم اجتمعوا- أي: الخوارج- على أن من لا يعتقد معتقدهم كافر ويباح دمه وماله وأهله، وانتقلوا إلى الفعل فاستعرضوا الناس، وقتلوا من اجتاز بهم من المسلمين”([24]). والتأويل الفاسد عند الخوارج هو السبب في كثير من أخطائهم الفضيحة بحجة أن النص يأمرهم بذلك، ولم يسبقهم جماعة إلى ذلك، قال ابن حجر عن الخوارج:” إنهم كانوا يتأولون القرآن على غير المراد منه، ويستبدون برأيهم..”([25])، ومن أقبح تأويلاتهم الفاسدة تأويلهم لبعض الآيات افتراء([26])، فحكمت الأزارقة منهم على أطفال المسلمين بالقتل، كما ذكر أهل الفرق كالبغدادي وغيره،” أَنهم استباحوا قتل نسَاء مخالفيهم وَقتل أطفالهم”([27])، فعندما سئل نافع بن الأزرق رئيس الأزارقة عن أطفال المخالفين أجاب بقوله:” وأما أمر الأطفال فإن نبي الله نوحا كان أعرف بالله -يا نجدة- مني ومنك:[ وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَاّ فَاجِرًا كَفَّارًا ] نوح: ٢٦، ٢٧]، فسماهم بالكفر وهم أطفال، وقبل أن يولدوا، فكيف جاز ذلك في قوم نوح ولا يجوز في قومنا؟!، فاستدل بالنص ونزله على المسلمين([28]).
وعليه قال عبد الله بن عمر(رضي الله عنهم) فيهم:” شرار خلق الله، قال: إنهم انطلقوا إلى آيات أنزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين”([29])، وقال أيضا: “يكفرون المسلمين، ويستحلون دماءهم وأموالهم، وينكحون النساء في عددهم، وتأتيهم المرأة، فينكحها الرجل منهم ولها زوج، فتكون المرأة عندهم لها زوجان”([30]).
من المشاكل المعضلة لدى الخوارج: يرون أن فهمهم للدين ونصوصه مثل النصوص معصوم، ولذلك هان عليهم التعامل بالعنف
مع المخالف وإراقة دمه؛ لأن كل من خالفهم خرج حسب اعتقادهم من الدين بل صار عدوا محاربا للدين، وهذا غلط فاحش وكل ذلك بسبب تأويلهم الفاسد للنصوص الشرعية وإخراجهم لها في سياقها وظاهرها إلى ما استقر في أذهانهم، فعلى سبيل المثال أنهم كفروا من لم يحج، بدليل آية الحج:[وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ] البقرة(97). وقد بين ابن جرير الطبري أن معنى النص:” من جحد ما ألزمه الله من فرض حج بيته فأنكره وكفر به؛ فإن الله غني عنه وعن حجه وعمله وعن سائر خلقه من الجن والإنس”([31]) أي: بالإنكار والجحود يكفر وليس بعدم القيام بالفعل.
وقال الأستاذ أبو زهرة في رد استدلالهم هذا: ” وكل هذه الدلائل تمسك بظواهر النصوص، وأكثرها كان الحديث فيه عن مشركي
مكة فهي أوصاف لهم، وفي آية الحج ليس الكفر وصفا لمن لم يحج، إنما الكفر فيها لمن أنكر فريضة الحج”([32])، ويقول في أساس
منهج الخوارج:” قام على التشدد والغلو في فهم الدين”([33]). وبهذه الأسطر يتبين لنا أن من بين الفرق والجماعات التي جعلوا النص ملجأ لأنفسهم لتنفيذ أفكارهم المتشددة هم الخوارج.
ثانيا: المعتزلة وسوء استدلالهم بالنص
وهم أتباع واصل بن عطا(ت١٣١هـ)، وعمرو بن عبيد(143 هـ)، ظهرت المعتزلة في أواخر العهد الأموي وبداية العهد العباسي، وللمعتزلة جماعات وفرق كثيرة لا تجمعهم إلا ما عرف بالأصول الخمسة([34])، وقد تأثروا ببعض أفكار الخوارج كما في مسألة مرتكب الكبيرة، وقلة الاهتمام ببعض الأخبار وغير ذلك، والمذهب قائم على التأويل ورد كل نص لا يوافق عقولهم ومذهبهم، كما يتبين من كلام أئمة المعتزلة”([35]).
وقد تنبه العلماء إلى خطر لوي النص لتأييد المذهب أو الفكر مرض دخل في أفكار كثير من الفرق، قال ابن الجوزي:” إنما ينبغي للإنسان أن يتبع الدليل، لا أن يتبع طريقًا، ويتطلب دليلها!” ([36])، وأضاف ابن تيمية بقوله: “وأهل البدع سلكوا طريقا آخر ابتدعوها اعتمدوا عليها، ولا يذكرون الحديث، بل ولا القرآن، في أصولهم إلا للاعتضاد لا للاعتماد”([37]).
والمعتزلة بعد رفضهم للأخبار المعارضة لمبادئهم لجؤوا إلى تأويل النصوص القرآنية المنافية لأصولهم، لتعذر ردها لأنها قطعية الثبوت فنفوا الصفات الخبرية، ففي نفي صفة الكلام عن الباري وقفوا عند قوله تعالى:[وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا] النساء: ١٦٤)، وقالوا إن المتكلم هو فاعل الكلام، أو أن معناه من الكلم، أي: “وجرح الله موسى بأظفار المحن ومخالب الفتن”([38]). هروبا من إثبات صفة الكلام لله سبحانه([39]).
وفي رؤية الباري سبحانه وتعالى لأهل الإيمان الواردة في قوله تعالى:[وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ] القيامة: ٢٢-٢٣)، قالوا:
المراد بـ النَاظِرَةٌ: أن تنتظر ثواب الله، وتنتظر نعمه، ليكون موافقا لدليل العقل والكتاب([40])، وبالتالي قاموا بتأويل جميع النصوص الواردة بهذا الشأن، ويمكننا أن نلخص القول ونقول في سوء الاستدلال عند المعتزلة :
تأويل النصوص وتجاوزها إذا لم توافق أصولهم فما:” من آيات يؤولونها، وان يعارضها من أحاديث ينكرونها([41])، وهذا الأمر جرهم إلى فضائح ومن ذلك: امتحانهم للناس في مسألة خلق القرآن: ففي سنة(218هـ) كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم ببغداد في امتحان القضاة والشهود والمحدّثين بالقرآن، فمن أقرّ أنّه مخلوق محدث خلّى سبيله، ومن أبى أعلمه به ليأمره فيه برأيه([42])، والأمر صدر من الخليفة نفسه، ومن لم يخضع للأمر انقطع عنقه أو مات تحت التعذيب ولم ينج إلا القليل([43]). ولاريب أنه لم يقم بالأمر دون تمهيد واستدلال ببعض النصوص على أحقية الأمر ومناصرة العلماء من أهل الاعتزال.
وبهذه النقول يتبين أن المعتزلة من الفرق التي تجاوزت على النصوص واتخذوها ملجأ للحفاظ على مبادئهم وأفكارهم، وهذا يدخل في خانة سوء الاستدلال؛ لأن النص جاء للاتباع والطاعة وليس للاستغلال من قبل الأتباع.
سوء الاستدلال عند الفرق الأخرى:
الشيعة هم الذين شايعوا علياً(رضي الله عنه) على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصية، إما جلياً أو خفياً([44])، ومن سوء الاستدلال بالنص عند الشيعة في نظر مخالفيها، ونحن نأتي بأمثلة التي قال بها أكثرهم وليس التي تفرد بها عالم أو مفسر، وهي كثيرة ،ولا يزال تزداد يوما بعد يوم، ومن الأمثلة الواضحة في ذلك:
المثال الأول: نسب الكليني إلى جعفر الصادق قولاً في قوله تعالى:[ومن يطع الله ورسوله”(في ولايـة على والأئمة من بعده)” فقد فاز فوزاً عظيماً]الأحزاب الآية(71) فقال: هكذا نزلت فهذه إضافة للآية ما ليس منها، وليس تأويلا فقط، والكلام ورد في أوثق الكتب عندهم، وهو الكافي للكليني([45]).
وقد روى الكلينى أيضا عن جعفر الصادق عندما سئل لم تسمى علي بن أبي طالب أمير المؤمنين؟، فقال: الله سماه، وهكذا أنزل في كتابه:[وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظهُوُرِهِم ذُرّيتهم وَأشهدهم عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُم” وأن محمداً رسولي وأن علياً أمير المؤمنين”]([46]). وهذا أيضا إضافة وإزدياد في النص وهو أشد من التأويل الفاسد.
المثال الثاني: استدلوا بقوله تعالى:[يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ
النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ] المائدة(67)، فقالوا هذا نص في إثبات إمامة علي(كرم الله وجهه) بعد الرسول(صلى الله
عليه وآله وسلم) مباشرة ومعنى الآية عندهم: بلغ ما أنزل الله إليك في إمامة علي، وهي آية التبليغ([47]).
وهذه الحالة موجودة عند أكثر الفرق كالمتصوفة والباطنية والقاديانية والبهائية وغيرها فكلها شاركت الخوارج والمعتزلة في تأويل الفاسد وسوء الاستدلال وبهذا القدر تبين المقصود وعليه اكتفيت بهذا القدر.
سوء الاستدلال عند الباطنية:
الباطنية ترى أن لظواهر النصوص والأخبار بواطناً، وهم طوائف عديدة تلجأ إلى تأويل النصوص الشرعية عن معناها الظاهر إلى معان باطنية غير معهودة ومعروف لدى المسلمين شرعاً أو لغة أو عقلاً، ولها فرق مختلفة والذي جمعهم هو القول بأن للنص ظاهرا وباطنا([48]).
استدل الباطنية القرامطة بقوله تعالى:[وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ] الحجر 99، على سقوط التكليف عنهم، وفسروا اليقين هنا بالعلم والمعرفة، فقالوا: من حصلت له المعرفة بالله سقطت عنه التكاليف. إن العبد متى حصل له ذلك سقط عنه التكليف بالعبادة([49])، وقد ردّ عليهم: بأن الأنبياء- عليهم السلام- كانوا هم وأصحابهم أعلم الناس بالله وأعرفهم بحقوقه وصفاته، وما يستحق من التعظيم، وكانوا مع هذا أعبد وأكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة، وإنما المراد باليقين هاهنا الموت([50]).
سوء الاستدلال من قبل أهل السلطة:
السلطة والطمع فيها من أبرز الدوافع التي جر الناس إلى سفك الدماء وتجاوز النصوص واللجوء إلى سوء الاستدلال بها وتأويلها تأويلا فاسدا متكلفا، ولا نريد الاطالة في هذا الموضوع؛ لأنه بحتاجة إلى مجلد ضخم، لكننا نمر عليه مرور الكرام لكون هذه الدراسة دراسة مختصرة، والذي يهمنا هو تقديم نماذج لاثبات الدعوى لا غير.
سوء الاستدلال من قبل بعض أمراء الأموية:
حكمت الأموية إحدى وتسعين سنة حيث دام حكمهم من(41 إلى 132 الهجرية)(662-750 م)، أو أكثر بسنة، وفي هذه الفترة، قاموا بمشاريع وأمور كثيرة من فتح البلدان واتساع العمران والحفاظ على المجتمع وغيرها، لكن دراستنا تقتضي التركيز على مسألة محددة وهي سوء الاستدلال بالنص معتديا به على الغير وباسم الحفاظ على الملك، والمستقرئ لهذا التأريخ يعثر على نماذج مختلفة ومنها:
كارثة كربلاء:
وقد وقع في زمن الأموية كوارث لم يكن لها مثيل في الأمة الإسلامية، ومن أبرزها كارثة كربلاء في سنة(61) من الهجرة النبوية الشريفة، والتي استشهد فيها أكثر آل بيت النبوة، وفي مقدمتهم ريحانة رسول الله(صلى الله عليه وسلم) حسين بن علي(رضي الله عنهم أجمعين)، على الرغم من استعداده للتفاوض والحوار مع المخالف لكنهم أبوا إلا القتل، وخالف مرتكبوا هذه الجريمة جميع النصوص الناهية عن قتل النفس فكيف بسيد شباب أهل الجنة وأكثر آل بيته!! والقصة معروفة عند المسلمين وتمامها بحاجة إلى صفحات([51]). والباعث على الجريمة هو الحفاظ على السلطة وأخذ البيعة بالقوة كرها.
ومن سوء استدلالهم بالنص باسم المصلحة وفرض السيطرة: إكراه الناس على الطاعة والبيعة وتحليفهم على عدم المخالفة لسلطتهم واشتهر في ذلك أحداث مختلفة كوقعة الحرة في زمن يزيد بن معاوية في المدينة([52]). ووقعة الحرة هي:
وقعة الحرة:
كانت وقعة الحرّة في سنة(63) من الهجرة([53]). وسببها رفض البيعة من قبل أهل المدينة وفرضها من قبل جيش يزيد على الناس بالقوة، فانتهكوا الحرمات من قتل الأبرياء والاعتداء على أهل المدينة رجالا ونساء، وفيها علماء الكبار فلم يستفتوا أحد ولا وقفوا عند حد([54]). وبهذا التصرف تجاوزوا على النصوص الصريحة البينة من حرمة مدينة رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وإراقة الدم فيها، ولو بحثنا عن دليلهم لارتكاب هذه الجريمة البشعة لنجد نفس الكلام الذي تمسك به أهل السلطة في كل زمان وهو الاحتياط في حفظ السلطة، وإبعاد الخطر المزعوم عنها.
أمراء العباسية وسوء الاستدلال:
جاء بعد حكم الأموية خلفاء العباسية ومدة حكمهم(524) عاما حيث بدأ حكمهم من عام(632-إلى 656 ه)، وقد اهتموا بالعلوم والمعارف وازدهرت المجتمعات في عصرهم، ولكن مع ذلك لهم حظ وافر للنيل من التجاوز على الحقوق والاعتداء
على الناس وإراقة دماء الأبرياء، يقال لما غضب المعتصم لا يبالي من قتل ولا ما فعل([55]).
ومن ذلك ما قام به أمراء بني العباس تجاه بني أمية تجاوزوا جميع المعايير الشرعية ومن ذلك باختصار: قال محمد بن سليمان بن عبد الله النوفلي كنتُ مع عبْد اللَّهِ بْنِ عَلِيٍ أَوَّلَ مَا دخل دمشق، دخلها بالسيف، وأباح القتل فيها ثلاث ساعات، وبعد السيطرة على المدينة سجل هذه الجرائم:
1) جعل جامعها سبعين يوما اسطبلا لِدَوَابِّهِ وَجِمَالِهِ.
2) نَبش قُبُور بَنِي أُمَيَّةَ واحدا تلو الآخر إلا عمر بن عبد العزيز.
3) وجدوا هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ صَحِيحًا لم يبل منه غير أرنبة أنفه، فَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ وَهُوَ مَيِّتٌ وَصَلَبَهُ أَيَّامًا ثُمَّ أحرقه ودق رماده ثم ذره فِي الرِّيحِ([56]) .
4) ثمَّ تَتَبَّعوا بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ أَوْلَادِ الْخُلَفَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ فِي يَوْمٍ واحد اثنين وتسعين ألفا عِنْدَ نَهْرٍ بِالرَّمْلَةِ([57]).
5) بَسَطَ عبْد اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى أسرى من بني أمية الْأَنْطَاعَ وَمَدَّ عليهم سماطا فأكل وهم يختلجون تحته([58]).
6) لم يفلت من بني أمية إلا صبي صغير يرضع أو من هرب إلى الأندلس([59]).
7) أرسل الرجل نفسه امرأة هشام بن عبد الملك وهي عبدة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية صاحبة الخال، مع نفر من الخراسانية إلى البرية ماشية حافية حاسرة عن وجهها وجسدها عن ثيابها ثم قتلوها..([60]). ويتساءل فرج فودة:” في أي نص من كتاب الله وسنة رسوله وجد العباسيون ما يبرر فعلتهم؟([61]). ربما يعترض علينا معترض بأن الذين سجلوا هذا التأريخ من الأموية والعباسية لم يكونوا من العلماء بل هم من عامة الناس.
يجاب عن ذلك أولا بعضهم كانوا من أهل العلم ومن التابعين ومع ذلك كان معهم فقهاء إلا أنهم سكتوا عن جرائمهم إما خوفا من السيف أو طمعا من المال والمنصب.
نعم كان كبار الفقهاء كأبي حنيفة ومالك وغيرهما من العلماء البارزين عاصروا هذه الجرائم لكن لما رأوا أن أهون الشيء بالنسبة لهؤلاء الأمراء هو القتل لم يكن بوسعهم الوقوف بوجههم.
وفي ظل الاستدلال بالنص سوءا امتحان سلطات العباسية للعلماء في موضوع خلق القرآن الكريم كما أمر به المأمون خليفة بني
العباس، ومن امتنع الاقرار بخلق القرآن أو انكر مصيره الموت أو عذابا أليما، وقد سبق الحديث عنها أثناء الكلام على المعتزلة
قبل أسطر، ولا أعود إليها مرة أخرى.
التأويل الفاسد وسوء الاستدلال بالنصوص في العصر الحديث:
سوء الاستدلال بالنص أمر مستمر لا ينقطع زمن عنه، وفي عصر الحديث هناك مدراس وجهات لهم وجهة نظر لتأويل النص وتفسيره قد يجرهم إلى سوء الاستدلال بالنص أو التأويل الفاسد ومن تلك المدارس مدرسة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومن نحا نحوهم من أصحاب الاعجاز العلمي للمحاولة بالتوفيق بين النص والعلم الحديث فهؤلاء مع اخلاصهم وجهودهم في مجال الدعوة والفكر إلا أنهم وقعوا في سوء الاستدلال بالنص كمحاولتهم للتوفيق بين القرآن ونظرية التطور([62]) والانفجار العظيم، لأنهما مخالفان لنصوص القرآن الصريحة كما في بداية الخلق وقصة آدم في عدة مواضع كقوله تعالى:[وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ]الحجر(28)، وغيرها من الآيات الكريمة الخاصة بمراحل خلق السموات والأرض، سيما في سورة فصلت.
وهناك أناس متأثرون بمنهج الفرق التأريخية:
وبرهان تأثير الفرق على بعض الناس نحن عرفنا إبداعات الخوارج في كيفية القتل في أبشع صوره خصوصا قتل النساء وشق بطن الحامل منها هذا أمر فضلا أنه مخالفة صريحة للنصوص إلا أنه غريب في تصرفات الناس، وفي أيامنا نجد له مثيل في الابداع من القتل كإحراق الأسرى أو إغراقهم ناهيك عن تكفير المجتمعات الذي كان من طبيعة فكر الخوارج، وكذلك هوان القتل وقتل الابرياء، فمن تأمل في هذه الأمور يعرف مدى التشابه بين هؤلاء بالفرق الماضية.
وإلى هنا عرفنا مما سبق أن القائمين بسوء الاستدلال بالنص طبقات مختلفة من حيثيات متباينة، فقد يكون القائم بالأمر منافق يستغل النص للعدول عن حكم ما أو مجموعة لهم أهداف وأفكار يلجؤون إلى النص لإثبات الدعوى ونقض التهم الموجهة إليهم، أو جهات تأثروا بدعاوى خارجية يجرون النصوص لشرعنة أمرهم، وقد يكون من قبل شخص متصدي للأحكام غير أنه لم يصل تمييز الأدلة ومراتبها فيقع في الزلة.
المبحث الثالث: الآثار الفكرية والسلوكية لسوء الاستدلال بالنص الشرعي
سوء الاستدلال بالنص يؤدي إلى نتائج خطيرة فيقلب الموازين ويجعل من الدين ملجأ للظلم والاضطهاد والاستبداد فضلا عن أنه مخالفة صريحة لروح الدين ومقصده ونصوصه الواضحة، وله آثار كثيرة وكبيرة في الحياة وأخطرها الجانب الفكري وذلك لأن الفكر ينبني على النصوص الشرعية ومعناها فلما حدث انحراف في الاستدلال بها يؤثر على الفكر فينحرف صاحبه سواء كان الاستدلال تعلق بالعقيدة والايمان كالذي تعلق بمعرفة الخالق وصفاته ما يجوز اثباتها له وما لا يجوز، أو تعلق بأوامره ونواهيه فلما حدث سوء الاستدلال بها يؤدي إلى الانحراف في الفكر ومن آثار سوء الاستدلال بالنص:
أولا: جاء النص للاتباع والانقياد له، وإخفاؤه مرفوض، قال تعالى:[ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ]المائدة من الآية 15)، وقال سبحانه:[إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ] فصلت(40)، سوء الاستدلال يجعل النص تابعا لمقصد الانسان
وليس مصدرا له، وهذا معصية وإثم كبير واخفاء للحقائق.
ثانيا: من الآثار الفكرية لسوء الاستدلال بالنص: ظهور الفرق المتجادلة والمتعاركة فيما بينها وكلها ظهرت نتيجة لسوء الفهم من النص وسوء الاستدلال به، وكم من جهود صرفت من قبل هذه الفرق لتأييد فكرتها وتقويتها، وكم من جهود بذلت لبيان تزيفها وهوانها من قبل العلماء المخلصين، ولو صرفت هذه الطاقات كلها لخدمة المجتمعات الاسلامية وتطورها لكانت مجتمعاتنا في مقدمة الأمم من حيث التطور والازدهار.
ثالثا: من آثاره:” التفرق وتمزق وحدة صف المسلمين، وقد حدث هذا الأمر في تأريخ المسلمين فالفرق لما انفصلت عن جماعة
المسلمين شقت بذلك الوحدة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها في مواطن من كتابه، قال الله تعالى:[ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا] آل عمران من الآية(103). والقيام بشق الصف ذنب عظيم.
رابعا: إن سوء الاستدلال بالنص قد يؤدي إلى إراقة الدماء، فكل من الخوارج والمعتزلة والقرامطة وغيرها قد قاموا بقتل المسلمين غير مرة في التأريخ.
خامسا: إن سوء التأويل والاستدلال قد يسحب صاحبه إلى الكفر، لأنه يحكم على مخالفيه بالخروج عن الدين مع أن الانحراف قد حدث من جهته وبذلك يشمله الحديث النبوي:(مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ: كَافِرٌ؛ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا..) الحديث ([63])، وهل هناك أخطر من الولوج في الكفر؟ّ. ولهذه الأضرار وغيرها تحدث ابن القيم عن سوء الفهم الذي هو جزء من سوء الاستدلال بقوله:” سوء الْفَهم عَن الله وَرَسُوله أصل كل بِدعَة وضلالة نشأت فِي الْإِسْلَام بل هُوَ أصل كل خطأ فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَلَا سِيمَا إِن أضيف إِلَيْهِ سوء الْقَصْد فيتفق سوء الْفَهم فِي بعض الْأَشْيَاء من الْمَتْبُوع مَعَ حسن قَصده وَسُوء الْقَصْد من التَّابِع فيا محنة الدّين وَأَهله وَالله الْمُسْتَعَان”([64]) .
سادسا: التعصب والاختلاف المذموم، فلو سألنا عن تصرفات الفرق الضالة مثل الخوارج والمعتزلة والجبرية وغيرها لماذا صدر منهم هذه التصرفات والاضرار بالناس؟ لنجد أنهم ينسبون تصرفاتهم إلى الدين ونصوصه على ضوء الاستدلال الفاسد ويتعصبون لآرائهم أكثر من متدين على منهج صحيح، وعليه جاء الطحاوي متحدثا عن التأويل الفاسد وتحريف معنى النص الذي يدور في فلك سوء الاستدلال بقوله:” هذا الذي أفسد الدنيا والدين, وهكذا فعلت اليهود والنصارى في نصوص التوراة والإنجيل، وحذرنا الله أن نفعل مثلهم, وأبى المبطلون إلا سلوك سبيلهم، وكم جنى التأويل الفاسد على الدين وأهله من جناية, فهل قتل عثمان رضي الله عنه إلا بالتأويل الفاسد؟ وكذا ما جرى في يوم الجمل، وصفين، ومقتل الحسين، والحرة؟ وهل خرجت الخوارج، واعتزلت
المعتزلة، ورفضت الروافض، وافترقت الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، إلا بالتأويل الفاسد؟!([65]).
سابعا: من الآثار الفكرية في ظل سوء الاستدلال يبرز دور المشككين في القضايا الدينية “الذين في قلوبهم مرض، ويلعبون هؤلاء لعبتهم الهزيلة بعدما يفسح لهم المجال ويفتح لهم الباب لتشويه الصورة الحقيقية للإسلام بالتأييد للمعنى المنحرف الذي لجأ إليه المستدل سوءا. ويضعف اليقين عند بعض المسلمين الذين معلوماتهم زهيدة.
وعليه أن سوء الاستدلال بالنصوص له آثار خطيرة فالأمراض الفكرية والعقدية جاءت من هذا المنفذ ويفتح الباب للتطرف والعنف.
ومن الآثار السلوكية والخلقية لسوء الاستدلال:
1) أنه يؤدي إلى هجر المسلمين بعضهم بعضا والتهاون بقضية الأخوة والتي كما سبق مقصد شرعي ورد به القرآن الكريم والسنة النبوية، فلا تجد منحرفا يصاحب ويوالي المسلمين ويحبهم.
2) ظهور الشتائم والسب واللعن وما شابه ذلك بسبب سوء الاستدلال بالنص، وهو ما حدث في تأريخنا وما زال يدين به بعض من أهل القبلة ؛ لأن كل فرقة تجعل نفسها أولى بالالتزام من مقابلها وتجعل المقابل كأنه شيطان فيهون عليه سبه ولعنه.
وفي النهاية أقول قد أحسن من قال:” التأويل الفاسد في رد النصوص ليس عذرا لصاحبه، كما أنه سبحانه لم يعذر إبليس في شبهته التي ألقاها، كما لم يعذر من خالف النصوص متأولا مخطئا، بل كان ذلك التأويل زيادة في كفره”([66]). وسوء الاستدلال أسوأ منه بكثير.
الخاتمة .
بعد كتابة هذه الصفحات في سوء الاستدلال بالنص وآثاره في الحياة، توصلت إلى عدة نتائج وهي باختصار:
أولا: إن سوء الاستدلال قد وقع في تأريخ الأمة من قبل جهات مختلفة، وقد أدى مشاكل مختلفة في فترات متباينة. وهو لم يختص بدين محدد بل دخل في الشرائع السماوية.
ثانيا: سوء الاستدلال موضوع متعلق باللغة واللفظ ثم يؤثر على الفكر والمعتقد لوجود صلة قوية بين اللغة والفكر.
ثالثا: سوء الاستدلال إثم كبير القائم به إذا لم يتب ويرجع إلى الصواب سيكون في زمرة الذين يحرفون الكلم عن
مواضعه، لأنه يشوه حقيقة الدين ويضل الناس بدلا من البيان .
رابعا: سوء الاستدلال يدخل في اطار الاستهزاء بالدين إذا كان عمد وقصد وينال القائم به التهديد الذي ورد في حق المستهزئ قال تعالى:[وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ]البقرة (14).
خامسا: سوء الاستدلال له آثاره على الخلق والسلوك، لأن مصدر السلوك هو النصوص الدينية فلما حرفت معناها فسوف تؤثر على التصرفات والسلوك ولهذا السبب ترى أن بعض الفرق المعروفة أجازت لنفسها السب والشتائم واللعن للآخرين، مخالفا
للنصوص الآمرة بحفظ اللسان واجتناب مثل هذه التصرفات.
سادسا: معالجة سوء الاستدلال والتصدي له إنما يكون أولا بتقوية الوازع الديني والخوف من الله تعالى والتفكر بعاقبة هذا التصرف والاهتمام بتزكية النفس وتقوية الجانب الروحي، لأن هذه الوسائل خير عون للثبات والاستقامة وتأييد الله تعالى لعبده ورعايته سبحانه وتعالى له.
سابعا: من سبل معالجة سوء الاستدلال هو الالتزام بالقواعد الأصولية والتمسك بها لمعرفة طرق دلالة اللفظ على المعنى وكيفية هذه الدلالة .
وأما توصياتي: فأوصي الباحثين بالخوض في المسائل التي تضر المجتمع الإسلامي من سوء الاستدلال والتأويل الفاسد وتوظيف مناهج لتفسير النصوص وهي غريبة بحقيقة النصوص المقدسة.
قائمة المصادر والمراجع:
بعد القرآن الكريم وكتب السنة والحديث:
- الألوسي، محمود بن عبد الله الحسيني، شهاب الدين(ت ١٢٧٠هـ) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق: علي عبد الباري عطية، دار الكتب العلمية – بيروت، ط1، 1415هـ(7/329).
- ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي(ت: ٥٩٧هـ)، تلبيس إبليس، دار الفكر بيروت، لبنان، ط 1، ٢٠٠١م.
- ابن الجوزي، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد(ت ٥٩٧هـ) صيد الخاطر، بعناية: حسن المساحي سويدان، دار القلم– دمشق، ط1، ١٤٢٥هـ – ٢٠٠٤م.
- ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد، جمال الدين أبو الفرج (ت ٥٩٧هـ) زاد المسير في علم التفسير، المحقق: عبد الرزاق المهدي، دار الكتاب العربي – بيروت، الطبعة: الأولى – ١٤٢٢ هـ (2/547)
- ابن تيمية، أبو العباس أحمد بن عبد الحليم الحراني(ت: ٧٢٨هـ) مجموع الفتاوى، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، عام النشر: ١٤١٦ه/١٩٩٥ م.
- ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد الحراني الحنبلي الدمشقي (ت ٧٢٨هـ)، منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، تحقيق: محمد رشاد سالم، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة: الأولى، ١٤٠٦ هـ – ١٩٨٦ م.
- ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني الحنبلي الدمشقي(ت: ٧٢٨هـ) الفتاوى الكبرى لابن تيمية، دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، ١٤٠٨هـ – ١٩٨٧.
- ابن حزم، علي بن أحمد الأندلسي أبو محمد، الاحكام في أصول الاحكام، دار الحديث – القاهرة، ط1 ، 1404هـ ).
- ابن حزم، علي بن أحمد بن حزم الأندلسي أبو محمد، الإحكام في أصول الأحكام، دار الحديث – القاهرة، ط 1، 1404هـ .
- ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله(ت: ٥٧١هـ)، تاريخ دمشق تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عام النشر: ١٤١٥هـ- ١٩٩٥م تاريخ دمشق.
- ابن فارس، أحمد بن زكريا، مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الفكر، الطبعة : 1399هـ – 1979م .
- ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين،(ات: ٧٥١هـ)،الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة دار الكتب العلمية – بيروت.
- ابن كثير، البداية والنهاية، دار إحياء التراث العربي، تحقيق: علي شيري، الطبعة الاولى 1408 ه. 1988 م.
- ابن منظور، محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين الأنصاري الرويفعى الإفريقى(ت: ٧١١هـ)، لسان العرب، دار صادر – بيروت، الطبعة: الثالثة – ١٤١٤ هـ.
- أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري، تحقيق: ابن باز ومحب الدين الخطيب، دار المعرفة-بيروت، ١٣٧٩ه.
- أبو زهرة، تأريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد وتأريخ المذاهب الفقهية، دار الفكر العربي- القاهرة، بدون تاريخ
- أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر بن القرطبي(ت: 463هـ)، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي, محمد عبد الكبير البكري، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية– المغرب، ١٣٨٧هـ.
- أحمد أمين. ضحى الإسلام، الناشر مؤسسة هنداوي، 2012م، جمهورية مصر العربية، القاهرة.
- الأشعري أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بردة بن أبي موسى(ت ٣٢٤هـ) مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، المحقق: نعيم زرزور، المكتبة العصرية، ط1، ١٤٢٦هـ – ٢٠٠٥م .
- الإيجي، عضد الدين عبد الرحمن، المواقف، دار الجيل– بيروت، ط 1، 1997، تحقيق: د.عبد الرحمن عميرة.
- الباجي، أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب القرطبي الأندلسي(ت: ٤٧٤هـ)، الحدود في الأصول(مطبوع مع: الإشارة في أصول الفقه)، تحقيق: محمد حسن إسماعيل، دار الكتب العلمية، بيروت– لبنان، ط 1، ١٤٢٤هـ- ٢٠٠٣ م .
- البغدادي، عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله التميمي الأسفراييني، أبو منصور(ت: ٤٢٩هـ)، الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية، دار الآفاق الجديدة – بيروت، الطبعة: الثانية، 1977م.
- بوزياني، الدراجي، دول الخوارج والعلويين في بلاد المغرب والأندلس، دار الكتاب العربي (2007م) .
- الجصاص، أحمد بن علي أبو بكر الرازي الحنفي، أحكام القرآن، تحقيق: عبد السلام محمد علي شاهين دار الكتب العلمية بيروت–لبنان، الطبعة: الأولى، ١٤١٥هـ/١٩٩٤م (ت: 370هـ).
- الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار،، دار العلم- لبنان، الطبعة الرابعة 1407 ه – 1987 م .
- الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان، شمس الدين أبو عبد الله ، تذكرة الحفاظ، دار الكتب العلمية بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، ١٤١٩هـ- ١٩٩٨م .
- الرحيلي، د. حمود بن أحمد بن فرج، العلمانية وموقف الإسلام منها، الناشر: الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: العدد 115- السنة 34 -1422 هـ .
- الزَّبيدي، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق مجموعة من المحققين، دار الهداية. من إصدارات: وزارة الإرشاد والأنباء في الكويت – المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت.
- الزمخشري، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث والأثر، تحقيق: علي محمد البجاوي-محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعرفة – لبنان، الطبعة الثانية .
- الشاطبي، إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي(ت ٧٩٠هـ) تحقيق: سليم بن عيد الهلالي، دار ابن عفان، السعودية، ط1، ١٤١٢هـ – ١٩٩٢م.
- الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم بن أحمد أبو الفتوح، الملل والنحل، تحقيق: محمد سيد كيلاني الملل والنحل.
- الشيباني، أحمد بن محمد بن حنبل، أبو عبد الله (ت: ٢٤١هـ)، الرد على الجهمية والزنادقة، تحقيق: صبري بن سلامة شاهين، دار الثبات للنشر والتوزيع، ط1(ص34 وما بعدها). والبداية والنهاية لابن كثير).
- صدر الدين محمد بن علاء الدين عليّ بن محمد ابن أبي العز الحنفي، الأذرعي الصالحي الدمشقي(ت: ٧٩٢هـ)، شرح العقيدة الطحاوية، تحقيق: جماعة من العلماء، تخريج: الألباني، دار السلام للطباعة، الطبعة 1، المصرية، ١٤٢٦هـ – ٢٠٠٥م.
- طاهر بن محمد الأسفراييني، أبو المظفر(ت: ٤٧١هـ )، التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، تحقيق: كمال يوسف الحوت، عالم الكتب– لبنان، ط 1، ١٤٠٣هـ- ١٩٨٣م .
- الطبرسي، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، الحاج ميرزا حسين النوري، تحقيق مؤسسة آل البيت لاحياء التراث.
- الطبري، ابن جرير، أبو جعفر(٢٢٤-٣١٠هـ)، صحيح وضعيف، تاريخ الطبري، تحقيق: محمد بن طاهر البرزنجي، إشراف ومراجعة: محمد صبحي حسن حلاق، دار ابن كثير، دمشق– بيروت، ط 1، ١٤٢٨هـ- ٢٠٠٧ م .
- الطبري، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، جامع البيان في تفسير اي القران، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة : الأولى ، 1420 هـ – 2000 م).
- الطوفي، نجم الدين ت(716هـ)، شرح مختصر الروضة، تحقيق: عبدالله التركي، مؤسسة الرسالة، ط1، 1987م .
- عبدالرحمن حسن بن حنبكة، ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة، دار القلم، دمشق، ط1، 1975م.
- الغزالي محمد بن محمد الطوسي، أبو حامد(ت ٥٠٥هـ) فضائح الباطنية، تحقيق: عبد الرحمن بدوي، مؤسسة دار الكتب الثقافية – الكويت، د.ت.
- فخر الدين الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن التيمي، خطيب الري(ت: ٦٠٦هـ)، دار إحياء التراث العربي– بيروت ط 3 – 1420هـ .
- الفُلَّاني، صالح بن محمد بن نوح بن عبد الله العَمْري المالكي(ت: ١٢١٨هـ) دار المعرفة – بيروت .
- القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي(ت: 403 هـ)، التقريب والإرشاد(الصغير)، تحقيق: د. عبد الحميد بن علي أبو زنيد، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الثانية، 1418 هـ- 1998م .
- القاضي عبد الجبار، متشابه القرآن، القاهرة، دار التراث، تحقيق: عدنان زرزور.
- القاضي عبدالجبار، شرح الأصول الخمسة تحقيق: د.عبدالكريم عثمان، مكتبة وهبة، ومتن: الأصول الخمسة، تحقيق: د. فيصل بدير عون، ط1، 1998م .
- قرج فوده، الحقيقة الغائبة، دار الفكر للنشر والدراسات والتوزيع، الطبعة الثالثة، القاهرة، 1988م .
- الكرخي، عبيدالله بن الحسين، الرسالة في أصول الحنفية، مطبوع مع تأسيس النظر للدبوسي ، د.ت.
- محمد بن عبد الوهاب في الدُّرر السنيّة، الدرر السنية في الأجوبة النجدية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الطبعة: السادسة، ١٤١٧هـ/١٩٩٦م .
- محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس، الكامل في اللغة والأدب، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي – القاهرة، الطبعة الثالثة 1417 هـ – 1997 م.
- محمد سليم العوا، المدارس الفكرية من الخوارج الى الاخوان المسلمين، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، القاهرة، الدرا البيضاء، ط1، 2016م.
- النحاس، أبو جعفر، معاني القرآن الكريم، جامعة أم القرى- مكة المرمة، ط1، 1409، تحقيق: محمد علي الصابوني(2/325). محمد بن جرير الطبري، دلائل الامامة، تحقيق قسم الدراسات الاسلامية، مؤسسة البعثة قم، ط1.
[1]– الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار،، دار العلم- لبنان، الطبعة الرابعة 1407ه-1987م(5/205)
[2]– ابن حزم، علي بن أحمد الأندلسي أبو محمد، الإحكام في أصول الأحكام، دار الحديث– القاهرة، الطبعة الأولى، 1404هـ(1/43).
[3]– ينظر: الجوهري، الصحاح(4/1698)، وابن منظور لسان العرب: مادة ” دلل “.
[4]– ينظر: بحث الاستدلال تحديداً وتقسيماً واحتجاجاً في: إحكام الفصول(ص٦٧٢)، شرح اللمع(٢/٨١٥)، الإحكام للآمدي(٤/١١٨)، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب(٢/٢٨٠)، وهناك تعريفات المناطقة له وأرباب الكلام ونحن فضلنا عدم التطرق إليهما. راجع: المرشد السليم في المنطق الحديث والقديم(127)، وعبدالرحمن حسن بن حنبكة، ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة، دار القلم، دمشق، ط1، 1975م (137).
[5]– قال الباقلاني:” فأما الاستدلال فقد يقع على النظر في الدليل والتأمل المطلوب به العلم بحقيقة المنظور فيه. وقد يقع أيضا على المساءلة عن الدليل والمطالبة. ومنهم من أطلقه على إقامة الدليل مطلقاً من النص أو الإجماع أو غيرها، أو على نوع خاصٍّ منه. ينظر: القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي(ت: 403 هـ)، التقريب والإرشاد(الصغير)، تحقيق: د. عبد الحميد بن علي أبو زنيد، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الثانية، 1418 هـ- 1998م (1/208).
[6]-الطوفي، نجم الدين ت(716 هـ)، شرح مختصر الروضة، تحقيق: عبدالله التركي، مؤسسة الرسالة، ط1، 1407هـ، 1987م،(1/34).
[7]– الباجي، أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب القرطبي الأندلسي(ت: ٤٧٤هـ)، الحدود في الأصول(مطبوع مع: الإشارة في أصول الفقه)، تحقيق: محمد حسن إسماعيل، دار الكتب العلمية، بيروت– لبنان، ط 1، ١٤٢٤هـ- ٢٠٠٣ م(ص104).
[8]– ابن حزم، علي بن أحمد الأندلسي أبو محمد، الاحكام في أصول الاحكام(1/43).
[9]– ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن زكريا، مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الفكر، الطبعة: 1399هـ- 1979م.(5/381).
[10]– الزَّبيدي، محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق مجموعة من المحققين، دار الهداية (10/426).
[11]– الطبري، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، جامع البيان في تفسير آي القران، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، ط1، 1420هـ-2000م (7/255).
[12]– الجصاص، أحمد بن علي أبو بكر الرازي الحنفي، أحكام القرآن، تحقيق: عبد السلام محمد علي شاهين دار الكتب العلمية بيروت–لبنان، ط1، ١٤١٥هـ/١٩٩٤م (ت: 370هـ)(2/207).
[13]– الزمخشري، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث والأثر، تحقيق: علي محمد البجاوي- محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعرفة – لبنان، الطبعة الثانية(3/73).
[14]-وهو حديث:(إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر). أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، البخاري: باب أجر الحاكم..رقم(٧٣٥٢) ،(9/108)، ومسلم باب بيان أجر الحاكم: رقم(١٧١٦)، (3/١٣٤٢).
[15] -الفُلَّاني، صالح بن محمد بن نوح بن عبد الله العَمْري المالكي (ت: ١٢١٨هـ) دار المعرفة – بيروت ص99)
[16]– الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن التيمي، خطيب الري(ت: ٦٠٦هـ)، دار إحياء التراث العربي–بيروت ط3، 1420هـ (16/31).
[17]– ينظر: ابن قيم، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف بابن قيم الجوزية (ت ٧٥١ هـ)، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن الجوزي ، السعودية، ط1، ١٤٢٣ هـ(6/188) مع التصرف .
[18]– الطبراني، سليمان بن أحمد بن أيوب(ت: ٣٦٠هـ)، المعجم الكبير تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، دار مكتبة ابن تيمية – القاهرة، ط 2،(12/122) رقم (12654)، حسنه الألباني في السلسلة. رقم(2988)، وينظر أيضا تفسير الطبري(14/286).
[19]– ينظر: ابن كثير، البداية والنهاية، دار إحياء التراث العربي، تحقيق: علي شيري، الطبعة الاولى 1408 ه. 1988 م(6/311).
[20]– ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم الحراني(ت: ٧٢٨هـ)مجموع الفتاوى، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية،عام النشر: ١٤١٦هـ/١٩٩٥م(28/542)
[21]– أنكر الخوارج حكم الرجال ولكن العجيب أنه كان لهم دولا على الرغم من إنكارهم حكم الرجال، وذلك في الشام والموصل وعمان واليمن والمغرب وخراسان وغيرها. ينظر: محمد سليم العوا، المدارس الفكرية من الخوارج الى الاخوان المسلمين، الشبكة العربية للابحاث والنشر، بيروت، القاهرة ، الدرا البيضاء، ط1، 2016م(ص56). وبوزياني الدراجي، دول الخوارج والعلويين في بلاد المغرب والأندلس، دار الكتاب العربي(ص22) .
[22]– القرطبي، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر بن عاصم النمري(ت: 463هـ)، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي، محمد عبد الكبير البكري، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية – المغرب، ١٣٨٧هـ (23/335).
[23]– ينظر لموضوع الخوارج وانحرافاتهم: البغدادي، الفرق بين الفرق(ص48)و(ص119). أبو الحسن الأشعري، علي بن إسماعيل(ت ٣٢٤هـ)، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، تحقيق: نعيم زرزور، المكتبة العصرية، ط1، 2005م(1/109 وما بعدها)، ابن حزم الظاهري، الفصل في الملل والأهواء(2/113), وابن حجر، فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ،(12/284).
[24]– الحافظ، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري، تحيقق: عبد العزيز بن باز ومحب الدين الخطيب، دار الفكر (12/284)
[25]– ابن حجر، أحمد بن علي بن محمد فتح الباري (12/283). وهناك من يرى أنهم تمسكوا بظاهر النص فقط كأبي زهرة، في تأريخ المذاهب الاسلامية(ص162)، لكن الأشعري بجعل الخوارج:” صنفان، صنف يجيز الاجتهاد في الأحكام كالنجدات وغيرهم، وآخر ينكر ذلك ولا يقول إلا بظاهر القرآن. راجع مقالات الإسلاميين(ص206). ويبدو كلامه أقرب للصواب.
[26]– وقد أوردها كتّاب الفرق كالأشعري والبغدادي والشهرستاني وغيرهم عن بعض فرق الخوارج. ينظر: مقالات الإسلاميين(1/110)، الفرق بين الفرق، البغدادي(ص 104)، الملل والنحل(1/120).
[27]-ينظر: البغدادي، عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله التميمي الأسفراييني، أبو منصور(ت: ٤٢٩هـ)، الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية، دار الآفاق الجديدة – بيروت، ط2، 1977م(ص٦٣)، وأبو المظفر الإسفراييني، التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، تحقيق: كمال يوسف الحوت، عالم الكتب– لبنان، ط 1، ١٤٠٣هـ- ١٩٨٣م(ص52)، وابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي(ت: ٥٩٧هـ)، تلبيس إبليس، دار الفكر بيروت، لبنان، ط 1، ٢٠٠١م، (ص86).
[28]– المبرد، محمد بن يزيد، أبو العباس، الكامل في اللغة والأدب، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي– القاهرة، ط3، 1417 هـ-1997 م(3/209).
[29]– التمهيد لابن عبد البر (23/335).
[30]– نفسه. والقرشي، أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم المصري (ت ١٩٧هـ)كتاب المحاربة من موطأ ابن وهب، دار الغرب– بيروت، الطبعة: الأولى(16/66).
[31]– الطبري، جامع البيان(5/618).
[32]– أبو زهرة، تأريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد وتأريخ المذاهب الفقهية، دار الفكر العربي- القاهرة، دون تاريخ(ص62).
[33]– نفسه (ص74).
[34]– الأشعري، المقالات(1/56)، الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم بن أحمد أبو الفتوح، الملل والنحل، تحقيق: محمد سيد كيلاني الملل والنحل(1/46 وما بعدها).
[35]-القاضي عبدالجبار، شرح الأصول الخمسة تحقيق: د.عبدالكريم عثمان، مكتبة وهبة(ص769) ومتن: الأصول الخمسة، تحقيق:د.فيصل بدير عون، ط1، 1998م (ص98) .
[36]– ابن الجوزي، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد(ت ٥٩٧هـ) صيد الخاطر، بعناية: حسن المساحي سويدان، دار القلم– دمشق، ط1، ١٤٢٥هـ – ٢٠٠٤م (ص41).
[37]– ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد الحراني الحنبلي الدمشقي (ت ٧٢٨هـ)، منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، تحقيق: محمد رشاد سالم، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة: الأولى، ١٤٠٦ هـ – ١٩٨٦ م(7/37)
[38]– القاضي عبدالجبار، شرح الأصول الخمسة(ص535) الزمخشري: الكشاف(1/314)، والأشعري، مقالات الإسلاميين (ص195).
[39]– ينظر: القاضي عبد الجبار: الأصول الخمسة،(ص74)، والقاضي عبد الجبار، متشابه القرآن، القاهرة، دار التراث، تحقيق: عدنان زرزور(٢/٦٧٤). ومفاتيح الغيب للرازي(11/267)
[40]– المصادر نفسها.
[41]– أحمد أمين. ضحى الإسلام، الناشر مؤسسة هنداوي، 2012م، جمهورية مصر العربية، القاهرة (ص738).
[42]– ينظر: الطبري، تاريخه (٨/٦٣٤)، وابن الأثير، الكامل في التاريخ (٦/٤٢٣).
[43]– ينظر: الشيباني، أحمد بن محمد بن حنبل، أبو عبد الله(ت: ٢٤١هـ)، الرد على الجهمية والزنادقة، تحقيق: صبري بن سلامة شاهين، دار الثبات للنشر والتوزيع، ط1(ص34 وما بعدها). وابن كثير، البداية والنهاية (٣٥/١٠).
[44]-ينظر: الشهرستاني، الملل(ص145) الإيجي، عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد، المواقف، دار الجيل – بيروت، ط1، 1997، تحقيق: د.عبد الرحمن عميرة(3/678)
[45]-الكليني، كتاب الكافي، 1992م:1/414)-رقم( 8)
[46]– الكليني،كتاب الكافي (1/475) رقم( 4).
[47]– ينظر: النحاس، ابو جعفر(2/325). محمد بن جرير الطبري، دلائل الامامة، ،(1/18).
[48]– ينظر: الفرق بين الفرق (ص265)، الغزالي محمد بن محمد الطوسي، أبو حامد (ت ٥٠٥هـ) فضائح الباطنية، تحقيق: عبد الرحمن بدوي، مؤسسة دار الكتب الثقافية – الكويت، د.ت(ص11) ، ابن الجوزي، تلبيس إبليس(ص92)
[49]– ينظر: الألوسي، محمود بن عبد الله الحسيني، شهاب الدين(ت ١٢٧٠هـ) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق: علي عبد الباري عطية، دار الكتب العلمية – بيروت، ط1، 1415هـ(7/329).
[50]– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم،(4/475) بتصرف يسير.
[51]– ينظر: صحيح وضعيف، تاريخ الطبري، للإمام أبي جعفر بن جرير الطبري(٢٢٤-٣١٠ هـ)، تحقيق: محمد بن طاهر البرزنجي، إشراف ومراجعة: محمد صبحي حسن حلاق، دار ابن كثير، دمشق– بيروت، ط 1، ١٤٢٨هـ- ٢٠٠٧ م (4/65) وما بعدها.
[52]– تأريخ الطبري(5/378)
[53]– ينظر: صحيح وضعيف الطبري(4/84) .
[54]– ينظر: البداية والنهاية (8/258)
[55]– نفسه(9/121)
[56]– نفسه (10/45)
[57]– لكن ابن عساكر قال: اثنين وتسعين (نفسا) بدلا من (ألف) تاريخ دمشق(53/127)
[58]– ابن كثير، البداية والنهاية:(10/45)
[59]– ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله(ت: ٥٧١هـ)، تاريخ دمشق تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عام النشر: ١٤١٥هـ- ١٩٩٥م تاريخ دمشق(53/127)
[60]– ابن كثير، البداية والنهاية(10/45) وابن عساكر، تأريخ دمشق(53/127)
[61]– ينظر: قرج فوده، الحقيقة الغائبة، دار الفكر، ط 3، 1998م (ص96)
[62]-نظرية التطور: نشر تشارلز داروين لإنجليزي في سنة 1859م كتابه”أصل الأنواع الذي يركز على قانون الانتقاء الطبيعي وبقاء الأنسب، وقد جعلت الجد الحقيقي للإنسان جرثومة صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين، والقرد مرحلة من مراحل التطور التي كان الإنسان آخرها، وهذه النظرية أدت إلى نشر الإلحاد في أوروبا، والنظرية في جوهرها فرضية بيولوجية أبعد شيء عن أن تكون نظرية فلسفية عامة، وقد قال أحد العلماء الغربيين في النظرية: بـ “بإنَّها أبوها الكفر وأمها القذارة”، والنظرية باطلة بالكتاب والسنة وباطلة بجميع الكتب السماوية، وبإجماع المسلمين وبالعقل الصحيح، وبالفطرة السليمة. ينظر: العلمانية وموقف الإسلام منها، د.حمود بن أحمد بن فرج الرحيلي الناشر: الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: العدد ١١٥- السنة ٣٤ -١٤٢٢ هـ(ص355).
[63]-جزء من النص أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب: من كفر أخاه(15/327)، رقم(6103)..، واللفظ له، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر: (1/79) رقم(60).
[64]– ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين،(ات: ٧٥١هـ)،الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة دار الكتب العلمية – بيروت(ص63)
[65]– صدر الدين محمد بن علاء الدين عليّ بن محمد ابن أبي العز الحنفي، الدمشقي(ت: ٧٩٢هـ)، شرح العقيدة الطحاوية، تحقيق: جماعة من العلماء، تخريج: ناصر الدين الألباني، دار السلام للطباعة، الطبعة المصرية الأولى، ١٤٢٦هـ- ٢٠٠٥م (ص189).
[66]– محمد بن عبد الوهاب في الدُّرر السنيّة، الدرر السنية في الأجوبة النجدية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الطبعة: السادسة، ١٤١٧هـ/١٩٩٦م (13/170).