الأنثروبولوجيا و الرحلة: حضور المقدس و المدنس (رحلة ابن فضلان نموذجاً)
Anthropology and Journey : Presence of the holy and the profane
Journey of Ibn Fadlan as a model
أ.د. محمد زيطان، المركز الجهوي لمهن التربية و التكوين، جهة الدار البيضاء، المغرب.
Dr,Mohamed Zitan, CRMEF –Casablanca-Settat – El jadida-Morocco
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 75 الصفحة 25.
ملخص:
تروم هذه الدراسة البحث في أثر نصي، تم وصفه عبر مختلف الحقب بأدب الرحلة ، لكن من منظور مخالف تماما، يستحضر في المقام الأول زاوية نظر أنثربولوجية، باعتبار أن الرحلة في جوهرها هي مشاهدات مدونة ، تكاد ترتقي أحيانا إلى الحفر الأنثربولوجي في التجليات الثقافية للآخر ، ما دام صاحبها لا ينطلق من ذات مبدعة و لا من ذائقة فنية في المقام الأول، بقدر ما يغلبه هاجس البحث عن حدود المختلف و الفريد و الغريب في هذه القبائل أو في تلك الشعوب. لذلك ارتأينا أن نقف عند ثنائية المقدس و المدنس لما تحمله من طابع خاص في سجل الدراسات المتعددة للأنثروبولوجيا ، مع استدعاء رحلة ابن فضلان كنموذج يعكس الحضور الأفقي و العمودي لهذه الثنائية، لا سيما و أن ابن فضلان لم يشتهر كرجل أدب بقدر ما عرف فقيها و رجل سياسة و عارفا بأحوال الناس.
الكلمات المفتاحيّة: الرحلة – المقدس – المدنس – الطقوس – الإنسان – الآخر.
Abstract :
This study aims to search in journey as a text Not just affiliated with literature; but it also belongs to the field of anthropology, because the journey is in fact a set of written scenes looking for different cultures, As long as the owner of the trip is not necessarily creative, he searches for the strange, for the amazing, for the different in these tribes or in these civilizations. So I chose to talk about the sacred and the profane, Because it is a duality present in anthropology studies, With reference to Ibn Fadlan’s journey
Keywords : jounrey -the sacred – the profane- the ritual- The human- the other.
مقدمة :
يمكننا أن نعتبر سؤالا من قبيل : كيف ننظر إلى الخصوصية البشرية عبر تنوع الشعوب و الأعراق؟ محرضا مباشرا للدارسين و الباحثين قصد تعميق البحث في ثنائية: وحدة/ تعدد، التي تحكم الجنس البشري و تميز حضوره الثقافي المتفرد. وهو السؤال نفسه الذي تمخض عنه علم الإناسة أو الأنثروبولوجيا بدءا من العقود الأولى للقرن التاسع عشر، سيما مع بعض الباحثين الذين تأثروا بفلسفة عصر الأنوار، فنادوا بوحدة الإنسان، لتتبلور الأنثروبولوجيا خارج نطاق الرؤية الكولونيالية التي تقسم الإنسان إلى بدائي و متحضر…لكن ، و بعيدا عن هذا التصور المتقدم في فهم خصوصية الأنثربولوجيا، سنحاول استجلاء رؤية ابن فضلان للآخر وهو المنتمي – حينها – إلى ثقافة مهيمنة و ذات نزعة توسعية لارتباطها العميق بالمحور الديني. فمعلوم أن ” رسالة ابن فضلان في وصف الرحلة إلى بلاد الترك والخزر و الروس والصقالبة ” هي تحقق نصي جاء بعد تكليف من المقتدر بالله لابن فضلان بالسفر إلى ملك البلغار “ألمش بن يلطوار”، الذي التمس من الخليفة العباسي أن يرسل إليه بعثة تفقه أهل مملكته في شؤون الدين الإسلامي، و تبني مسجدا و حصونا تحميهم من الأعداء، كما يوضح صاحب الرحلة في تقديمها، وهي رحلة تندرج كذلك في سياق ازدهار الدولة العباسية على جميع الأصعدة، بما في ذلك ازدهار الكتابة و التأليف.
- الرحلة بين المقدس و المدنس:
بداية وجب التأكيد على أن نص الرحلة كحصيلة لمغامرة فريدة، يمكن أن يشكل بؤرة تلتقي عندها الصفة و ضدها. فهو مثلا يجمع بين : الاجتماعي والفردي، الديني والدنيوي، المقدس والمدنس، الطبيعي والثقافي…وهذا الأمر نجده قد شكل موضوعا مغريا للباحثين، الذين حاولوا تلمس أوجه المفارقات العجيبة، التي تطرحها الرحلة كفضاء للتعدد و المغايرة…و قد اخترت منهجيا أن تتأطر صفات النص السابقة وفق ثنائية: المقدس و المدنس انسجاما مع الهدف الرسمي من الرحلة ( نشر الإسلام و تفقيه الناس في أمور الدين )، و تساوقا مع طبيعتها كنقل سردي لنسق كامل من العادات و الطقوس المرتبطة بأصناف العبادات و أنماط المجتمعات، و ما يجاور ذلك من تمثلات حول السلطة و الموت و المرأة و التضحية…حتى لكأننا حين نستحضر المقدس مقابل المدنس، فنحن نرسم ملامح الأنا مقابل الآخر. هذه الأنا التي يمثلها ابن فضلان كذات تنتمي إلى حضارة عظيمة فيها من النظام و الرقي و المثل ما يجعلها نموذجا، مقابل الآخر المتجسد في الأقوام التي زارها ووصف أساليب حياتها، التي يشوبها خلل أخلاقي و خروج عن المعتاد و المألوف. كما وجب التذكير بأن كل تأطير، يختزل نص الرحلة في حدود المتن الأدبي الصرف، يجعل منه مجرد أثر نثري سردي لمتوالية من الأحداث و الوقائع، التي عرفها الرحالة في مساره الجغرافي ، مع ما يصاحب ذلك عادة من وصف و حديث منقول عن شخصيات الرحلة المتعددة . مما يضيّق زاوية نظر الباحث، و يحصرها في نطاق مفاهيم ذات صلة مباشرة أو غير مباشرة بالأدب. لكن المتعمق في متون الرحلة، و المنفتح على عوالمها من منطلقات غير أدبية، سيجد بأنها أكبر بكثير من أن نختزلها في تمظهراتها النثرية و في أساليبها الفنية، لأنها ملتقى مجموعة من المجالات المعرفية و الإنسانية، يتداخل فيها التأريخ بالتوثيق، الذاتي بالموضوعي، الإثنوغرافي بالأنثروبولوجي…مما يجعل سؤال نص الرحلة سؤالا إشكاليا، يتسلل من هذه الدراسة إلى تلك، مبرهنا على فرادة الرحلة و على تموقعها في حدود الشهادات و المذكرات و التراجم، و أيضا في صلب العجائبي و الغرائبي، ما دامت سفرا ممتدا في الإنسان باختلافاته و بتناقضاته، حيث تنظر الذات إلى الآخر نظرة المحور إلى الهامش، نظرة العادي و المألوف إلى النشاز و المدهش/المريب. “الرحلة من هذا المنظور، ليست مجرد سفر باتجاه التخوم، بل هي فعل وجود. و معنى كونها فعل وجود أنها بحث عن المعنى أو توسيع لدائرة المعنى، و هي أيضا تعبير عن رغبة الكائن في الإفلات من شرط لم يختره، لكنه اختار أن ينازله، و الرحالة مثله مثل عابر السبيل إنما يختار الإقامة في السفر و الترحال بحثا عن المغاير و الفريد و العجيب” [1]. و الإشارة هنا إلى الغريب و المخالف و العجيب هي من باب تثبيت مورفولوجية نص الرحلة، حين يرى الرحالة *الإنسان * في مرآة أخرى غير مرآته الصقيلة، فيبدو له مشوها و مسخا و من غير ضوابط عقلية و دينية تحكمه و ترقى به إلى بيئة الرحالة الأصلية . أو كما يقول ميشيل مافيزولي: ” هذا الإنسان الذي يظل عصيا على الفهم، إلا إذا أرجعناه إلى وسطه الواقعي والطبيعي، الذي ينتمي إليه”[2]. ونحن نضيف هنا وسطا ثالثا وهو الوسط الثقافي، باعتبار أن خطاب الأنثروبولوجيا الوظيفية مثلا، يؤكد بأن أهم واجباته يتجسد و يتحقق حصرا من خلال دراسة الوظيفة الثقافية، لا سيما إذا ربطناها بمفهوم *الاحتياجات* الذي اقترحه برونيسلاف مالينوفسكي و المحدِّد للوظيفية كآلية منهجية لها القدرة على تحويل الاحتياجات العضوية إلى ضرورات ثقافية. لذلك ركز في دراساته على مجالات ذات صلة وثيقة بهذا الاجتهاد المفاهيمي، من قبيل: القرابة و الزواج، السحر و الطقوس و الأساطير و الدين…[3]
و بالعودة إلى الوسط الذي راهن صاحبنا ابن فضلان على نقله إلينا ، فهو ـ ورغم تناقضاته ـ لا ينبغي أن يخرج عن كل ما هو إنساني سليم طاهر و نقي، مثلما تنشده الرسالة التي من أجلها انطلقت رحلته في الأساس، لذلك لا يمكننا أن نقف على أوجه المفارقة بين الأقوام في نص رحلة من الرحلات، إلا من خلال التسليم المبدئي بأن الرحلة هي ليست مجرد انتقال عضوي من مكان لآخر، بل هي رحلة متوغلة في القيم و المثل و وعي المجتمعات بذاتها و بغيرها فنحن ” ننحدر قبل كل شيء من أمكنة، أمكنة تتجاوزنا، و يشكلنا شكلها. أمكنة تشكلت تدريجيا واحتفظت بداخلها ببصمات الذين بنوها و شكلوها و مروا منها فغدت بذلك تراثا و موروثا مشتركا. إن المكان يجمعنا بالآخرين و يخبرنا بالأساسي و الجوهري في أي حياة اجتماعية”[4]. ورحلتنا هذه بالضبط هي رحلة من ذات عليا إلى ذات منخفضة كما يسميها روبرت غرين، أي ” تلك الذات الأكثر تفاعلا مع الطبيعة والحيوان الذي تنزلق إليه بسهولة”[5].
- تمظهرات المقدس و المدنس في رحلة ابن فضلان :
إذا عدنا إلى لسان العرب، فإننا سنجد بأن لفظ المقدس: “من قدس، تقديس، أي تنزيه الله عز وجل، وفي التهذيب: القدس تنزيه الله تعالى، وهو المتقدس القدوس المقدس، ويقال: القدوس فعول من القدس، وهو الطهارة. والتقديس: التطهير والتبريك، وتقدس أي تطهر.” [6] أما المدنس فهو ” من الدنس في الثياب، أي لطخ الوسخ، ونحوه حتى في الأخلاق، والجمع أدناس. وقد دنس يدنس دنسا، فهو دنس، أي اتسخ”.[7] ينما إذا ابتعدنا قليلا عن الضبط الاصطلاحي، وانفتحنا على القاموس الأنثروبولوجي نظرا للصلة المعرفية، التي تربط ثنائية المقدس والمدنس بمجال الأنثروبولوجيا عموما، فإننا نجد بأن: ” المقدس هو صلة يطلقها المجتمع على أشياء وأماكن وأعمال يعتبرها واجبة الاحترام، فيقيم لها طقوسا دينية لاعتقاده باتصالها بعبادة الإله، أو الآلهة، أو المعبودات والقوى فوق الطبيعية، أو لأنها ترمز إلى القيم الأساسية للمجتمع، ولهذا فهي مصونة من العبث أو التخريب. “[8] أما المدنس فهو في موسوعة لالاند الفلسفية” يعني كل شيء دنيوي خارج عن نطاق الدين، وكل سلوك لا يمت إلى الطقوس بصلة”.[9]
و على هذا الأساس، يمتد المدنس على طول مسار الرحلة تقريبا، فنحن نجد في وصفه لبعض قبائل الأتراك ما يشي بالخروج عن المعايير المثلى، التي تركها ابن فضلان خلفه في بلاد (المقدس)، يقول : ” قطعناه فأفضينا إلى قبيلة من الأتراك يعرفون بالغزّية (…) و هم مع ذلك كالحمير الضالة لا يدينون لله بدين ، و لا يرجعون إلى عقل و لا يعبدون شيئا، و لا يستنجون من غائط أو بول، و لا يغتسلون من جنابة، و لا يستتر نساؤهم من رجالهم و لا من غيرهم ، و كذلك لا تستر المرأة شيئا من بدنها عن أحد من الناس “[10]. و المفارقة التي نصادفها هنا، هي أن مثل هذه السلوكات، التي يدرجها ابن فضلان في خانة المدنس، و يصبغ عليها بالتالي طابع المكروه و المذموم، كاشفا من خلال تعبيره الصريح: (كالحمير) عن بون شاسع بين السلوك الإنساني و السلوك الحيواني، هي نفسها السلوكات التي تتعايش جنبا إلى جنب مع قيم تناقضها كتجريم الزنا مثلا، فابن فضلان يسجل بأنهم قوم لا يعرفون هذا الفعل، و من وقع فيه فإنه يشق إلى نصفين” و ذلك أنهم يجمعون بين أغصان شجرتين ثم يشدونه بالأغصان و يرسلون بالشجرتين فينشق الذي شُدَّ إليهما” [11]. و هي الصورة التي تتكرر عند حديثه عن الصقالبة، حيث العري/ المدنس عادة لا تتغير، متأصلة، تُخضِع الجسد إلى سلطة الطبيعة و إلى ثقافة مختلفة، تحدد الجسد كبناء رمزي في جانب من جوانبه، لذلك تظهر عادة مجموعة من التصورات، التي تسعى لإعطائه معنى أو على الأقل تبريرا يفسر طابعه الغريب و الشاذ و المتناقض من مجتمع لآخر” و ما زلت أجتهد أن يستتر النساء من الرجال – و كلهم عراة – في السباحة، فما استوى لي ذلك “[12].
فابن فضلان هنا، يُصدِر عن ثقلٍ كبير لسلطة المجتمع الذي يمثله، المبنية أساسا على عقد جمعي يسود و ينظم، من خلال ما يقتضيه من سيادة الأعراف و الارتكاز على قيم دينية و أخلاقية و ثقافية، عملت على تغييب الجسد بستره كونه عورة/مدنس، حيث “يأخذ الإنسان عمله عن المقدس، لأن هذا يظهر و يبدو كشيء مخالف تماما للدنيوي” [13] .و لإضاءة هذه القضية، نشير إلى أن العري الذي صادفه ابن فضلان أثناء السباحة الجماعية، لا يقترن عند أصحابه بفعل مدنس (الرغبة الصريحة في التعري بعرض استمالة الآخر) بل نلمس فيه نوعا من الحنين إلى البداية، إلى الزمن الأول كما يسميه مرسيا إلياد ، حيث يتحدد المنظور المثالي للجسد كرحلة بحث مستمرة عن كمال و انسجام معين، من منطلق أن ” الحنين لكمال البدايات هو الذي يفسر في القسم الكبير منه العودة الدورية لبداية الزمن ” [14]. و من هنا فالعري يكشف عن طقس يقوم على التكرار، حتى يصبح شريعة خالصة، تدخل في إطار المقدس، مثلما نجد في كثير من الأساطير و في عادات بعض الشعوب، خاصة إذا نظرنا إليها من الجانب الأنثروبولوجي.
- الجسد كموضوع للمقدس و المدنس :
يمكننا أن نشير في نفس السياق إلى أن الجسد – موضوع العري – كان محط تصورات و تمثلات متعددة، و يمكننا أن نفهم ذلك أكثر بالعودة إلى المقولات الفلسفية، التي استحضرت في انشغالاتها مفهوم الجسد، مقابل مفهوم الفكر أو العقل أو الروح أو النفس، فمنذ القديم والأعراف الحضارية تقف في مواجهة الجسد، تدعوه إلى أن يحارب نزواته و إلى أن يتحلى بالطهارة و العفة. مما جعلنا في نهاية المطاف أمام واقع ينظر إلى الجسد نظرة دونية، تصبغ عليه كل ما هو مرتبط بالشر و بالسوء و بالدنس، بينما يرى في النفس صورة الصفاء و السمو و النور. ففي الفلسفة العربية الإسلامية مثلا، نجد الطرح القائل بأن الجسد بماديته يعود إلى التراب فيتحلل و يتلاشى، أما الروح فهي سامية، تتعالى عن البدن بنوع من اللذة، يصفها الفارابي قائلا :” تلك اللذة التي تستمدها النفس الإنسانية بفعل تجردها من الجسد و اتصالها بالعقل الفعال و إدراك العالم الروحاني، وذلك بكشف حجاب الحس و نسيان المدارك الجسمانية جملة”[15]. ومن هنا شكل الجسد دائما مجالا للسجال، كونه يندرج في نفس الآن ضمن مجال المدنس و المقدس نظرا لطبيعته المادية، التي قد تسقط إلى الحضيض، أو قد تنشد السمو و الرفعة، كما أنه من نافل القول بأن الجسد كمعطى مادي، لا يحظى بقيمة حقيقية في غياب وظيفة حركية يؤديها على أكمل وجه، إذ بينه و بين الأداء علاقة تلازمية خالصة، تضمن نوعا من الحياة و الاستمرارية، و الدخول في شبكة من العلاقات و في سلسلة معقدة من الأفعال ذات الصبغة الاجتماعية و الطبيعية و الدينية و الثقافية…فالجسد الهامد هو جسد ميت، هو عنصر خارج نطاق الحضور الحركي، هو عنصر فيسيولوجي خالص، قابل للمعاينة و للتشريح، لكنه من دون وظيفة أدائية ملموسة. قد يحتفظ طبعا بوظائف أخرى رمزية تعكسها مثلا التماثيل البرونزية و الرخامية التي وصلتنا عن الحضارتين اليونانية و الرومانية تحديدا، و هي كتل مصقولة بطابعها الجمالي و الأركيولوجي، تنطق بأشياء كثيرة رغم سكونها الأزلي. و الأجسام المحنطة عند الحضارة الفرعونية القديمة، وأجساد المارقين و المفسدين والخونة و الأعداء التي كانت تعلق وسط الساحات أو عند أبواب المدن الرئيسية، لتكون عبرة للأجساد الأخرى الحية و المتحركة، ونحن نلاحظ بأن انتقال ابن فضلان إلى بلاد الروس، قد صاحبه وقوف خاص على مظاهر المدنس، لا فيما يخص فساد العقيدة فحسب، بل فيما يتعلق بنشاز الفعل و وضاعة السلوك أيضا الذي يصدر عن هذا – الجسد – في بعده المختل، لنجد أنفسنا أمام مشاهد مقززة، يمعن صاحب الرحلة في وصفها من دون أن يخفي استغرابه : “و لا بد لهم في كل يوم من غسل وجوههم و رؤوسهم بأقذر ماء يكون وأطفسه، و ذلك أن الجارية توافي كل يوم بالغداة و معها قصعة كبيرة فيها ماء، فتدفعها إلى مولاها فيغسل فيها يده ووجهه، ثم يتمخط و يبصق فيها، فإذا فرغ مما يحتاج إليه، حملت الجارية القصعة إلى الذي إلى جانبه، ففعل مثل فعل صاحبه…”[16] إن الأفعال المرصودة في هذا المقطع السردي، تكشف عن نوع من * الاتكيت * المتداول، الذي يهدف إلى تغذية روح الجماعة و لو بكيفية قذرة، فقوله : ( وذلك أن الجارية توافي كل يوم بالغداة و معها قصعة كبيرة ) يؤكد أن الأمر لا يتعلق بحالة استثنائية، قد تبررها نذرة الماء أو التواجد في مكان مخصوص كساحة المعركة مثلا، بل هي حالة عادية و مستساغة عند القوم، في انصهار تام بين الطاهر و المدنس، أو حين يصبح فعل الغسل برمزيته المقدسة سبيلا إلى فعل آخر ينجم عنه الخَبث و الدنس، و هذا ما يجعل من الجسد بؤرة للفعل و ضده. و لعل حديث ابن فضلان عن قتل الجارية لتلحق بمولاها في الجنة بعد هلاكه تدعم هذا الطرح، حيث يتحول الجسد إلى قربان ضروري لإتمام طقوس العبور– عن طريق الحرق- إضافة إلى قرابين أخرى منتقاة بعناية من بيئة الهالك و مجالات تفاعله وهو على قيد الحياة، يقول ابن فضلان: ” فلما كان اليوم الذي يحرق فيه هو و الجارية، حضرتُ إلى النهر الذي فيه سفينته (…) ثم جاءت امرأة عجوز يقولون لها ملك الموت، تقتل الجواري (…) و جاءوا بخبز و لحم و بصل فطرحوه بين يديه، و جاءوا بكلب فقطعوه نصفين و ألقوه في السفينة، ثم جاءوا بجميع سلاحه، فجعلوه إلى جانبه، ثم جاءوا ببقرتين فقطعوهما أيضا و ألقوهما فيها…”[17]. و بقراءتنا لباقي العبارات السردية المكثفة، التي تلي هذا المشهد مباشرة، سنجد ابن فضلان يسوق مقطعا حواريا فريدا من نوعه، أقطابه: الروسي و الترجمان و السارد نفسه، إذ يمكننا اختزال مضمونه في هذه الجملة الدالة: الحرق و الدفن كرحلة في الاختلاف، ذلك أن ابن فضلان في نهاية الحدث السابق داخل مشهد حواري فريد من نوعه، فبينما يدفع الرجال بجثتي السيد الهالك و جاريته إلى النهر كي يضرموا النار فيهما فوق مجسم خشبي، (يدعوه السارد / الرحالة سفينة)، يتقدم فرد من الروس و يوجه حديثه إلى ابن فضلان عبر الترجمان، ساخرا من طقوس الدفن المنتشرة عند العرب، معتبرا أن الحرق طقس مقدس يُحوّل الجسد إلى رماد متناثر تصعد به الرياح إلى السماء بسرعة، فيصل بالتالي صاحبه إلى مكانه في الجنة دون عناء تحلل تحت التراب.” ثم هبت ريح عظيمة هائلة، فاشتد لهب النار، واضطرم تسعرها، و كان إلى جانبي رجل من الروسية فسمعته يكلم الترجمان الذي معي، فسألته عما قال له، فقال: إنه يقول أنتم يا معشر العرب حمقى، فقلت لِمَ ذلك؟ قال: إنكم تعمدون إلى أحب الناس إليكم وأكرمهم عليكم فتطرحونه، فتطرحونه في التراب، وتأكله الهوام و الدود، و نحن نحرقه بالنار في لحظة فيدخل الجنة من وقته و ساعته. ثم ضحك ضحكا مفرطا، فسألته عن ذلك فقال: من محبة ربه له قد بعث الريح له حتى تأخذه في ساعة. فما مضت على الحقيقة ساعة حتى صارت السفينة و الجارية و الحطب و المولى رمادا رمدادا .” [18]
إن طقوس الحرق قديمة جدا، و هي و إن ارتبطت في سياق معين ببلدان آسيوية محددة، إلا أنها قد عرفت في مناطق أخرى من العالم كأستراليا، كما توضح الأبحاث الأركيولوجية و الأنثروبولوجية، و هي طقوس يحضر فيها المقدس بشكل محوري، كونها تقترن بمفهوم ( العبور) كما حدده الأنثروبولوجي الفرنسي آرنولد فان جنيب A. Van Gennep [19]، وما يعنيه من ارتقاء نحو الأعلى و الأسمى و الأمثل ، حيث الأبدية و السعادة و الراحة، و إن كان أساس هذا العبور مشروطا بالموت كحدث حتمي، له أثر مباشر في الفرد و الجماعة، سيما و هو المتصل بمجال *المأساوي* الذي يفرض مواضعات ثابتة و دورية. لذلك يمكن النظر إلى ثنائية الحرق و الدفن من زاوية ما أسماه كلود ليفي ستراوس ” بالمقولات ” catégories و” البنى اللاواعية للعقل البشري”. خاصة و أنها تندرج ضمن نسق ثقافي واسع وممتد، باعتبار أن الثقافة هنا ” مجموعة من المنظومات الرمزية، التي تحتل المرتبة الأولى فيها اللغة وقواعد الزواج والعلاقات الاقتصادية والفن والعلم والدين، وهذه المنظومات كلها تهدف إلى التعبير عن بعض أوجه الواقع المادي والواقع الاجتماعي، وكذلك العلاقات التي يقيمها هذان النمطان مع بعضهما بعض، وتلك التي تقوم بين المنظومات الرمزية نفسها مع بعضها”.[20]
كما أن طقوس الموت و العبور هي بنية مكتملة، تحاور إشكالية الجسد بكثير من الرمزية، الجسد و ما يدور في فلكه من تيمات مهمة كالفناء و المعاناة و الروح الهائمة ، نجدها حاضرة في أكثر من مناسبة داخل متن الرحلة، وهي طقوس في حقيقة الأمر غير بعيدة عما شكله وعي الإنسان في بدائيته و طفولته ، مما كان محفزا لبلورة تفكير أسطوري ، نجد له امتدادات عند مختلف الشعوب و الحضارات، فهذا جورج فريزر يسوق لنا في كتابه ” الغصن الذهبي ” حكاية أحد المبشرين الأوربيين حين خاطب بعض سكان أستراليا الأصليين قائلا :” أنا لست واحدا ، بل اثنين ، لترتفع ضحكاتهم و يخبره أحدهم بأنه أيضا اثنان ، و بأن له جسما صغيرا داخل صدره، و لما سأل المبشر أين يذهب هذا الجسم الصغير بعد الموت ، أجابه الرجل بأنه يذهب خلف الأحراش ، ثم قال آخر بأنه يغوص في البحر “[21].
و الملاحظ دائما في كثير من الحكايات الشعبية و الأساطير أن فعل العبور أو الصعود يقترن بمبدأ التضحية، سواء بذات بشرية – كما هو الحال مع الجارية – أو بذات حيوان، مثلما يتضح في بعض المقاطع التي يدرجها ابن فضلان بين ثنايا رحلته و منها : ” وربما تغافلوا على قتل الدواب يوما أو يومين، فيحثهم شيخ من كبارهم فيقول : رأيت فلانا ـ يعني الميت ـ في النوم فقال لي : هو ذا تراني وقد شُقِّقت رجلاي ، من اتباعي لهم ، ولست ألحقهم ، وقد بقيت وحدي. فعندها يعمدون إلى دوابه فيقتلونها و يصلبونها عند قبره. فإذا كان بعد يوم أو اثنين جاءهم ذلك الشيخ و قال : قد رأيت فلانا وقال : عرِّفْ أهلي و أصحابي أني قد لحقت من تقدمني و استرحت من التعب ” .[22] فالدواب هنا خلاص للروح الهائمة المتعبة، و التضحية بها هي من صميم المقدس، الذي من شأنه أن يحقق نوعا من التوازن عند ( العقل الجمعي ) ، فيصبح الطقس هنا سبيلا لاستعادة (الزمن الأول) حسب تعبير مرسيا إلياذ. الزمن الذي يُسْترجَع من خلال وصول الهالك إلى الجنة بسرعة ومن دون مشقة. و هو ما يدعمه قول ابن فضلان مقطع آخر : ” و إذا مات الرجل منهم حفروا له حفرة كبيرة كهيئة البيت، فعمدوا إليه و ألبسوه قرطه و منطقته و قوسه ، وجعلوا في يده قدحا من خشب فيه نبيذ، وجاءوا بكل ما له فجعلوه معه في ذلك البيت ، ثم أجلسوه فيه فسقفوا البيت عليه ، و عمدوا إلى دوابه على قدر كثرتها ، فقتلوا منها و أكلوا لحومها إلا الرأس و القوائم و الجلد و الذنب ، فإنهم يصلبون ذلك على الخشب ، و قالوا: هذه دوابه يركبها إلى الجنة ” [23].
مثلما نجد أن التضحية بالأرض حرقا هي أيضا طقسٌ مقدس عند بعض الأقوام لدفع المخاطر و الكوارث، حيث يذهب فريزر إلى أنه ” في كثير من مناطق بروسيا و ليتوانيا، توقد نيران عظيمة عشية منتصف الصيف، حتى ليتراءى للناظر أن المرتفعات بأكملها تلتهب على مد النظر، و يُفترض أن تدفع النيران خطر السحر و الرعد و البرد و أمراض الماشية “[24]. فإذا كانت الدواب في نص ابن فضلان تُقدَّم قربانا لروح الهالك ، فإن الأرض هنا تتموقع هي الأخرى في خانة الضحية / القربان ، الأرض كجسد أنثى ممتد متجدد من شأنه أن يحفظ أجساد أخرى معرضة للفناء .
من جانب آخر، يُلاحَظ أن ابن فضلان و نظرا لطبيعة الهدف من رحلته، لم يمعن في رصد المذهل و المبهر من زاوية الميتافيزيقي، كما أنه لم يسلم العنان لخياله كي يضفي على مشاهداته أبعادا خارقة، كأن يوقعنا في مواضع للميتامورفوز أو صور للحلول…و هنا يكمن الفرق بينه و بين بعض كتاب الرحلة الآخرين كالشيخ شمس الدين أبي عبد الله محمد أبي طالب الأنصاري المعروف بشيخ الربوة في كتابه* نخبة الدهر في عجائب البر و البحر * الذي يغرق في وصف كل عجيب و مدهش عن طريق التخيل، فلا نكاد نقف على حدود المقدس و المدنس إلا من خلال مشاهد خارقة/ رمزية، و ما يصاحبها عادة من لغة تصويرية بأبعاد بلاغية عملا بمقولة تودروف ” و لئن كان العجائبي يستعمل باستمرار صورا بلاغية، فلأنه وجد فيها أصله . إن فوق – الطبيعي يولد من اللغة، وهو في نفس الوقت نتيجتها و دليلها “[25]. في حين ينحاز صاحبنا ابن فضلان إلى نوع من الواقعية والتسجيلية رغم أنه صادف في رحلته ما يمكن أن يشكل مجالا للدهشة والغرابة. فقد كان مضطرا، لأن تنقله عبر الأمصار و القبائل ومكوثه في هذا المكان أو ذاك، كان بهدف الوصول إلى ملك البلغار – كما أسلفنا – بداعي نشر أصول الدين الإسلامي، لذلك فرسالته المدونة تبطن المقدس و تضع القارئ في مواجهة مشاهد المدنس حتى تبلغ نوعا من المصداقية عند صاحبها أولا، ثم عند من كلفه بها ثانيا. و من ذلك مثلا رصده للتبرك بعواء الكلاب في قوله:” رأيتهم يتبركون بعواء الكلاب جدا، و يفرحون به و يقولون :سنة خصب و بركة و سلامة ” [26]. إذ نقف على دقة الاختصار مع ارتباط الفعل ( الطقس ) بما بعده بكيفية متوقعة ، لا تترك للقارئ مجالا لإعمال خياله :
التبرك الفرحة الفرحة القول
خاتمة :
تبقى الرحلة عالما سرديا منفتحا على قراءات متعددة المرجعيات، و هنا مكمن تفردها و تميزها ، و إذا كنا قد اخترنا النظر إلى ما تقدمه مشاهدها و أحداثها و فضاءاتها و شخصياتها من زاوية نظر أنثربولوجية، فإن نص الرحلة باعتباره أثرا ماديا متحققا باللغة كتركيب و كأنساق دلالية ، يمكنه أن يخضع للمقاربة البنيوية و التداولية و التأويلية …كما أن الدارس المشتغل على المتون السردية العربية القديمة في محاولة لإبراز امتداداتها داخل الأجناس السردية الراهنة – خاصة الرواية – سيجد في نصوص الرحلة – كما في نصوص ألف ليلة وليلة – أرضية خصبة لتلمس بعض مكونات النص السردي الحديث. إلا أن زاوية الدراسة الأنثربولوجية بما ترصده من تفاعل بين الثقافات والذوات المختلفة، يمكنها أن تشكل حلقة مهمة، تفيد حقل الدراسات الثقافة الحديثة، كما يمكنها أن تفيد في تفهم خصوصية الشعوب الثقافية والحضارية، وإرجاع كل تفاوت حاصل بينها إلى عوامل ملموسة، ترتبط بالدين وبالتاريخ وبالطبيعة … وهو ما دعانا إلى اختيار ثنائية المقدس والمدنس كمنطلق لدراسة رحلة ابن فضلان.
قائمة المصادر و المراجع :
المصادر :
- أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حماد *رسالة ابن فضلان في وصف الرحلة إلى بلاد الترك والخزر و الروس والصقالبة* تحقيق د. سامي الدهان ، مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق.
المراجع العربية
- ابن منظور – لسان العرب – دار صادر – ج 3 بيروت 1990.
- شاكر مصطفى سليم، قاموس الأنثروبولوجيا، جامعة الكويت، الطبعة الأولى، 1981.
- الفارابي– فصوص الحكم – تحقيق محمد حسن آل ياسين، بغداد 1976.
- محمد لطفي اليوسفي،”حركة المسافر و طاقة الخيال” في : الرحالة العرب و المسلمون: اكتشاف الآخر – المغرب منطلقا و موئلا ( أعمال ندوة ) وزارة الثقافة الرباط، الطبعة الأولى.
المراجع المترجمة
1ـ برونيسلاف مالينوفسكي * السحر و العلم و الدين عند الشعوب البدائية – و مقالات أخرى * تر: د. فيليب عطية ، الهيئة المصرية -العامة للكتاب ، يناير 1995
2ـ تزفتان تودروف – مدخل إلى الأدب العجائبي – تر: الصديق علام ، تقديم محمد برادة ، دار الكلام ، الرباط ، الطبعة الأولى 1993
3ـ جيمس جورج فريزر – الغصن الذهبي: دراسة في السحر و الدين – تر: محمد زياد كبة ، هيئة إبو ظبي لثقافة و التراث ، الطبعة الأولى2011
4 ـ روبرت غرين – قوانين الطبيعة البشرية – تر: إبراهيم محمد المالكي و محمد الإدريسي، منشورات دار المالكي للدرسات والترجمة و النشر. الطبعة الأولى
5 ـ كلود ليفي- ستروس” الأنثروبواوجيا البنيوية ” ترجمة د. مصطفى صالح. منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي – دمشق.
6 ـ ميشيل ما فيزولي– مزايا العقل الحساس/ دفاعا عن سوسيولوجيا تفاعلية، تر : عبد الله زارو ، إفريقيا الشرق 2014.
7 ـ ميرسيا إلياد ” المقدس و المدنس” تر: عبد الهادي عباس، دار دمشق للنشر ، الطبعة الأولى، دمشق 1988.
المراجع الأجنبية :
- Van Gennep , Les rites de passage , Editions A et J Picard , Paris 1981
[1] محمد لطفي اليوسفي.” حركة المسافر و طاقة الخيال ” في : الرحالة العرب و المسلمون : اكتشاف الآخر – المغرب منطلقا و موئلا ( أعمال ندوة ) وزارة الثقافة، الرباط، الطبعة الأولى، 2003 ، ص 51.
[2] ميشيل ما فيزولي – مزايا العقل الحساس / دفاعا عن سوسيولوجيا تفاعلية. تر : عبد الله زارو. أفريقيا الشرق 2014 ص 124.
[3] ينظر : برونيسلاف مالينوفسكي * السحر و العلم و الدين عند الشعةب البدائية – و مقالات أخرى * تر: د. فيليب عطية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، يناير 1995 .
[4] المرجع السابق ص 152.
[5] روبرت غرين – قوانين الطبيعة البشرية – تر: إبراهيم محمد المالكي و محمد الإدريسي، منشورات دار المالكي للدرسات والترجمة و النشر، ط 1 ص 22.
[6] ـابن منظور – لسان العرب – دار صادر– ج 3 بيروت 1990 ص 198.
[7] نفس المرجع ـ ص 211.
[8] شاكر مصطفى سليم، قاموس الأنثروبولوجيا، جامعة الكويت، الطبعة الأولى، 1981، ص 69.
[9] موسوعة لالاند الفلسفية ص 108.
[10] أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حماد – رسالة ابن فضلان في وصف الرحلة إلى بلاد الترك والخزر و الروس والصقالبة – تحقيق د. سامي الدهان ، مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق .ص 104/105.
[11] نفس المرجع ص 106.
[12] نفس المرجع ص 147.
[13] ميرسيا إلياد ” المقدس و المدنس” تر: عبد الهادي عباس ، دار دمشق للنشر . الطبعة الأولى ، دمشق 1988 ص 16.
[14] المرجع السابق ص 73.
[15] الفارابي – فصوص الحكم – تحقيق محمد حسن آل ياسين ، بغداد 1976 ص 64.
[16] رسالة ابن فضلان ص 165.
[17] رسالة ابن فضلان ص 173/174.
[18] رسالة ابن فضلان ص 177.
[19] A. Van Gennep , Les rites de passage , Editions A et J Picard , Paris 1981
[20] كلود ليفي- ستروس” الأنثروبواوجيا البنيوية ” ترجمة د. مصطفى صالح، منشورات وزارة الثقافة.
جيمس جورج فريزر – الغصن الذهبي: دراسة في السحر و الدين – تر: محمد زياد كبة ، هيئة إبو ظبي لثقافة و التراث ، الطبعة الأولى[21]
2011 ص 104
جيمس جورج فريزر – الغصن الذهبي ، مرجع سابق ص 159 [24]
تزفتان تودروف – مدخل إلى الأدب العجائبي – تر: الصديق علام ، تقديم محمد برادة ، دار الكلام ، الرباط ، الطبعة الأولى 1993 [25]
ص 110