مواجهة الكسب الحرام في ضوء السنّة النبوية: دراسة موضوعية
Facing the forbidden gain in the light of the Sunnah objective study
د. أشرف زاهر محمد• د.مهدي عبد العزيز أحمد/جامعة المدينة العالمية، ماليزيا
Dr. Ashraf Zaher Mohammed • Dr. Mahdi Abdel Aziz Ahmed/Al-Madinah International University-Malaysia
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 83 الصفحة 107.
ملخص:يدور هذا البحث حول موضوع من أخطر الموضوعات لاسيما في العصور الأخيرة، وهو موضوع الكسب الحرام، فقد طغت المادية على المجتمعات حتى أصبحت قيمة الإنسان تحدد عند كثير من الناس بما يملكه الإنسان من مال وثروة، فتنافس الناس في الحصول على المال من كل طريق، ولو كان من حرام ظاهر أو من شبهات الحرام، وتناسى الناس أهمية تزكية الروح وتطهيرها ولا يكون ذلك إلا بتحري الحلال في المطعم والمشرب والمسكن وفي كل مقومات الحياة، ومن ثم جاء هذا البحث ليناقش هذا الموضوع في مبحثين: المبحث الأول: خطورة الكسب الحرام وآثاره. وأما المبحث الثاني: فيقدم نماذج في البعد عن الكسب الحرام ويناقش الدوافع والأسباب التي تدفع الناس للكسب الحرام ويعالجها، ثم الخاتمة: وفيها أهم نتائج البحث والتوصيات.
الكلمات المفتاحية الكسب – الحرام – المادية – الزهد.
Abstract :
This research revolves around one of the most dangerous topics, especially in recent times, which is the topic of illicit gain, as materialism has dominated societies until the value of a person is determined by many people by what a person possesses of money and wealth, so people compete in obtaining money from every way, even if It was from the apparent forbidden or from the suspicions of the forbidden, and people forgot the importance of purifying the soul and purifying it, and this can only be done by investigating the lawful in the restaurant, drink, and housing and in all the necessities of life, and then this research came to discuss this topic in two sections: The first topic: the danger of unlawful earnings and its effects. As for the second topic: it presents models in the distance from illicit earnings and discusses the motives and reasons that drive people to unlawful earnings and treats them, then the conclusion: which includes the most important results of the research and recommendations.
key words:Earning – forbidden – materialism – asceticism.
مقدمة:
لقد أودع الله تعالى في طباع البشر حب المال، وجعل لهم النهار معاشا، يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله؛ ليحصلوا أرزاقهم التي يُلبون بها ضرورات بقائهم من مطعم وملبس ومسكن، ونحوها من مقومات الحياة، ومن ثم فإن نظرة الإسلام للمال نظرة إيجابية، فقد سماه الله تعالى خيرا قال الله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } [البقرة: 180]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “نعم المال الصالح مع الرجل الصالح”([1]).
لكن هذه النظرة للمال مشروطة بأن يكون مصدره حلالا، وإنفاقه في حلال، ولأهمية هذا الشرط فقد تكرر الأمر به في القرآن، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: 168]، وقوله: {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } [المائدة: 88]، وقوله: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [النحل: 114]
ولخطورة هذا الأمر أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه: “لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس، عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم“.([2])
ولذا جاء هذا البحث ليناقش مواجهة الكسب الحرام من خلال السنة النبوية المطهرة، لبيان أنه ليس في تحري الحلال تضييق على الناس؛ بل صيانة لهم من مخاطر الحرام وعواقبه المهلكة.
مشكلة البحث:
مما لا شك فيه أن المال مقوم كبير من مقومات الحياة التي لا تستقيم بدونه، ولكن عجلة الزمان كلما دارت ازداد طغيان طوفان المادية الجارف، وعلا هدير صوت المغريات والشهوات وضجيجها وهي تدعو الناس إلى الاستجابة لمطالبها، ومع ضعف الضمائر وخفوت صوت الحق في مواجهة الباطل، وفي خضم الفتن التي تدلهم على الحياة، تلك التي تشتت العقل وتزعزع القيم، تهافت الناس على مغريات الدنيا وحطامها، وذاع التنافس على مكاسبها، مما دفع كثيرا من الناس إلى أن يصبح كل همه ونشاطه في جمع المال مهما كان مصدره، حلالا أو حراما، وازاد هذا الخطر بتنوع أوجه الكسب الحرام، وكثرتها، فظهرت الحاجة إلى بحوث تدق ناقوس الخطر تجاه هذه الظاهرة الخطيرة وتعالج هذا الداء المستشري، من خلال بيان خطورة الكسب الحرام، وأهمية تحري الحلال، وتقديم نماذج عملية ممن ابتعدوا عن الحرام وتعففوا عن الاقتراب من شبهات الحرام؛ فكانوا منارات يقتدى بهم، وتترسم خطاهم؛ فقد ضربوا أروع الأمثلة في الثبات رغم المغريات والتحديات، وهم حجة على الذين يدعون عدم مقدرتهم على التعفف عن الكسب الحرام وشبهاته، كما ظهرت الحاجة إلى بيان كيفية علاج هذه الظاهرة الخطيرة -الكسب الحرام- وردع النفوس أن تتطلع إليه، وقد وجدنا بغيتنا في السنة النبوية المشرفة والسيرة الزكية، فجاء هذا البحث ليعالج تلك الإشكالات.
الدراسات السابقة:
وجدنا مقالات كثيرة تكلمت عن الكسب الحرام وأخطاره، من خلال القرآن والسنة، وهي عبارة عن خطب أو دروس مسجديه، إلا أننا لم نجد حسب اطلاعنا بحثا علميا يتناول بالدراسة الموضوعية من خلال السنة النبوية مواجهة الكسب الحرام، ويعالج المنطلقات النفسية التي تدفع من يكسب الحرام لمقارفة هذه المخالفة التي تورث صاحبها ضياع البركة في العمر والمال، كما تورثه الحسرة والندامة في الآخرة، ولذا جاء بحثنا ليعالج تلك القضية ويناقشها بمنهج أكاديمي.
منهج البحث:
اتبعنا في هذا البحث المنهج الاستقرائي و المنهج التحليلي، حيث نقوم بجمع الأحاديث النبوية والأمثلة التطبيقية من السنة والسيرة، ثم نقوم بتحليل تلك الأقوال والأمثلة وأخذ الشواهد التي يجب على الناس أن يقتدوا بها في سيرهم في دروب الحياة وطلبهم لمعاشهم.
إجراءات البحث:
-عزو الآيات القرآنية إلى مواضعها بذكر اسم السورة ورقم الآية.
-تخريج الأحاديث النبوية بعزوها لمن خرجها من أصحاب كتب السنة متصلة الأسانيد.
-إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما فإننا نكتفي بعزوه إليهما فالعزو إليهما أو أحدهما مشعر بصحة الحديث.
-إذا كان الحديث خارج الصحيحين، فإننا نجتهد في الحكم عليه؛ من خلال أقوال النقاد والمحدثين، دون ذكر الكلام على الأسانيد والأحكام على الرجال، حيث لا يحتمل البحث ذلك.
– عزو كل قول إلى قائله، وذكر مصادر تلك الأقوال، إلى غير ذلك من الإجراءات المعروفة التي يجب الالتزام بها في الكتابات العلمية.
المبحث الأول: خطورة الكسب الحرام وآثاره
شرع الله تعالى للناس من طرق الكسب الحلال ما يكفيهم ويقيهم من عذابه في الآخرة، وسخر الكون كله بسمائه وأرضه وبحره لهم، بل وحث على السعي لتحصيل الرزق الحلال ورغب فيه، وجعله عبادة يثاب المرء عليها، وعده ضرباً من ضروب الجهاد، ففي الحديث: “إن كان يسعى على والديه أو أحدهما فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على عيال يكفيهم فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه فهو في سبيل الله”.([3])
وضمن الله تعالى أرزاق الناس فقال: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } [الأنعام: 38]، وقال صلى الله عليه وسلم: “لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا”.([4])
والمتأمل في آيات القرآن يلاحظ الوعيد الشديد لكل صنوف أكل الحرام، فمن أكل الربا مثلا فهو محارب لله ورسوله، ومن أكل أموال اليتامى ظلما فإنما يأكل في بطنه نارا وسيصلى سعيرا، ومن طفف في الكيل والميزان فهو في وديان جهنم.
ومن المؤسف أن اختلط الحلال بالحرام في عصرنا، وضعف الورع، وكثرت الشبهات والمحرمات المالية، وخاض كثير من الناس في المال الحرام، وليس لهم همٌّ إلا تضخيم الثروات بمسالك معوجة ومشبوهة، وانتشر الربا والرشوة، والغش والخداع في البيوع والمعاملات، واختلاس الأموال الخاصة والعامة، والمتاجرة بالمحرمات كالمخدرات، بلا خوف من الخالق ولا حياء من الخلق، حتى إنه ليخشى أن يكون زماننا هو المقصود في الحديث: “يأتي على الناس زمان، لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمن الحلال أم من الحرام”.([5])
ومما قد لا ينتبه إليه الناس في زماننا من صور الكسب الحرام ما يتقاضاه العمال أو الموظفون من رواتب أو مكافآت نظير أعمال معينة متفق عليها، فإن وقع منهم إخلال أو تفريط فيما تعاقدوا عليه فقد تسلل الحرام إلى بعض أموالهم، ومن تلبيس الشيطان في الكسب الحرام أيضا تسمية الرشوة زورا باسم الهدية، وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم كسب الأموال عن طريق الوظائف والأعمال التي للمسلمين، حيث استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا لجمع الصدقات، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أُهدي إليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه، فينظر يهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منه – أي: من هذه الأعمال والمناصب- شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر”.([6])
كما أنه يجب على المتعاملين بالتجارة وغيرها أن يتفقهوا في طرق الكسب وأنواع البيوع المحرمة، لاسيما المستحدثة منها كي يحذروها، وإلا وقعوا في الحرام وهم لا يشعرون.
آثار الكسب الحرام:
إن أعظم الزهد في الدنيا ترك الحرام، وإن الكسب الحلال هنيء مريء، وهو كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي ثمارها اليانعة التي تستطيبها النفوس، وتبتهج بها القلوب، وأما الكسب الحرام فعواقبه وخيمه وآثاره مهلكة وقد حفلت السنة ببيان ذلك كله فمن آثار الكسب الحرام:
1- فساد المال ونزع بركته، وأما الكسب الحلال ففيه صلاح المال؛ إذ بالحلال تُحفظ النعم الموجودة، وتُستجلب النعم المفقودة، وأما المال الحرام فمنزوع البركة، ولذا سُمي سحتا؛ لأنه يسحت البركة: أي يذهبها، ولذا فصاحبه لا بقليل يقنع، ولا من كثير يشبع، كشارب ماء البحر، كلما ازداد شربا ازداد عطشا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذا المال خضرة حلوة، فنعم صاحب المسلم ما أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل وإنه من يأخذه بغير حقه، كالذي يأكل ولا يشبع، ويكون شهيدا عليه يوم القيامة».([7])
وما أصدق قول الشاعر:
جمع الحرام على الحلال ليكثره دخل الحرام على الحلال فبعثره
2- قسوة القلب وقعود الجوارح عن الطاعة، أما تحري الحلال فيصلح القلب، ويشرح الصدر، ويصون الدين والعرض، ويورث الخشية من الله، وعندها تصلح الجوارح، وتنشط في الطاعة، وقد رتب الله تعالى العمل الصالح على أكل الحلال فقال: {يَا أيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } [المؤمنون: 51]، أما الكسب الخبيث فإنه بلاء على صاحبه؛ فبسببه يقسو القلب، وتعمى البصيرة، وتقعد الجوارح عن الطاعات، وبعض صور الحرام تستدعي غيرها، فيقبع صاحبها في الفتن المظلمة، قال سهل رضي الله عنه: “من أكل الحرام عصت جوارحه شاء أم أبى، علم أو لم يعلم”.([8])
3- رد العمل الصالح وعدم إجابة الدعاء، أما تحري الحلال فمن أسباب قبول العمل الصالح وإجابة الدعاء، قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة».([9])
وأما أكل الحرام فهو من أعظم موانع قبول الطاعات، فإذا ذهب آكل المال الحرام للحج “ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور”.([10])
وإذا دعا آكل الحرام لا تجاب دعوته، حتى لو جمع من صفات المسكنة والافتقار والإلحاح في الدعاء ما يجعله جديرا بإجابة الدعاء، ولذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم: “ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك”.([11])
ولو ظن آكل الحرام أنه يستطيع أن يخادع الله تعالى بأن يتصدق بجزء من ماله الحرام؛ ليُحول باقي ما جمع من الحرام إلى حلال فإن صدقته لا تقبل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا”([12])، وقال سفيان الثوري: من أنفق من الحرام في طاعة الله كان كمن طهر الثوب النجس بالبول، والثوب النجس لا يطهره إلا الماء، والذنب لا يكفره إلا الحلال.([13])
بل ولو قُتل آكل الحرام في صفوف المسلمين فلا يشفع له ذلك؛ فقد شهد الصحابة بالشهادة لرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “كلا، إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة”.([14])
4- استحقاق العقاب ودخول النار، وأما تحري الحلال فسبب للمغفرة ودخول الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: “من أكل طيبًا، وعمل في سنة، وأمن الناس بوائقه دخل الجنة”.([15])
أما أكل الحرام فمن عواقبه ما يحل بصاحبه من غضب الله تعالى، وما ينتظره من أليم العذاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به”.([16])
5- حلول الكوارث والأزمات بالمجتمع، وأما في تحري الحلال فيسلم الفرد والمجتمع؛ فإن في تفشي الحرام نزع البركة، وانتشار المظالم والعداء والشحناء، وحلول الكوارث والأزمات، فإنه ما من قوم كما في الحديث: “لم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أخذوا بالسنين -جمع سنة: القحط- وشدة المئونة –الغلاء- وجور السلطان” ([17])، وفي الحديث أيضا: “ما من قوم يظهر فيهم الربا، إلا أخذوا بالسنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشا، إلا أخذوا بالرعب”.([18])
المبحث الثاني: نماذج في البعد عن الكسب الحرام وعلاجه
ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى والأسوة في تحري الحلال، حيث قال: “إني لأنقلب إلى أهلي، فأجد التمرة ساقطة على فراشي، فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة، فألقيها”([19])
وعلى دربه سار السلف الصالح حيث كانوا في غاية الخوف من أكل الحرام، والمبالغة في التحذير منه، حتى قال بعضهم: لو قُمتَ في العبادة قيام السارية ما نفعك ذلك حتى تنظر ما يدخل بطنك.([20])
وحفلت سيرهم بأمثلة مبهرة في الورع، فحفظهم الله تعالى من الحرام حتى في المواقف التي لم يفطنوا إليها، فهذا أبو بكر رضي الله عنه أكل يوما من كسب عبده، ثم علم أن هذا الأكل من كهانة، فأدخل أبو بكر يده في فمه فقاء كل شيء في بطنه([21])، وفي رواية قال رضي الله عنه: لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها.([22])
وكذلك روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شرب لبنا فأعجبه، فقال للذي سقاه: من أين هذا اللبن؟ فأخبره الساقي أنه من لبن إبل الصدقة، فأدخل عمر يده في فمه فاستقاءه.([23])
بل بلغ تحريهم للحلال مبلغا عظيما حتى إنهم تورعوا عن بعض الحلال مخافة الوقوع في المحرمات، قال عمر رضي الله عنه: “تركنا تسعة أعشار الحلال مخافة الربا”.([24])
وكان يوزن بين يدي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه مسك للمسلمين فأخذ بأنفه حتى لا تصيبه الرائحة، وقال: وهل يُنتفع منه إلا بريحه.([25])
علاج الكسب الحرام:
عند التأمل في الدوافع والأسباب التي تجعل الإنسان حريصا على المال شرها في طلبه حتى لو كان تحصيله من حرام، نجد أن هناك سببين أساسين وراء هذه المسالك:
أولهما: الخوف على الرزق والرغبة في الاستمتاع بالحياة وملذاتها ولو كان ذلك من حرام.
والسبب الثاني: الخوف على الأبناء والذرية من الفقر مما يدفع الآباء إلى الطمع في المال ولو كان من سبل مشبوهة.
علاج السبب الأول:
وإذا قلبنا النظر السنة والسيرة لنبحث عن علاج لهذا السبب وجدنا أن السنة النبوية عالجت القلق على الرزق والخوف من فواته بتثبيت العقيدة وتصحيحها، وبناء اليقين في نفس المؤمن أن الله تعالى هو المتكفل بأرزاق الناس، وما على الإنسان إلا أن يسعى في دروب الحياة ويأخذ بالأسباب لطلب الرزق ثم يتوكل على الله تعالى فهو مالك الكون الذي لا يتخلى عن خلقه، قال صلى الله عليه وسلم: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله؛ لرزقكم كما يرزق الطير: تغدو خماصا وتروح بطانا» ([26])
وقال صلى الله عليه وسلم: “لا تستبطئوا الرزق، فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له”([27])
كما أننا لو فتشنا في السيرة الزكية لنماذج تعالج الرغبة في الاستمتاع بكل ما في الدنيا ولو على حساب طيب المطعم والمشرب وطيب الكسب لوجدنا بغيتينا في نماذج كثيرة لتوجيه من يريد التمتع بما في الحياة من شهوات وملذات ولو من حرام، إلا أن من أنصع هذه النماذج وأبرزها حكيم الأمة أبو الدرداء الأنصاري رضي الله عنه، الذي عاش حياة الزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله تعالى والامتثال لوصية النبي صلى الله عليه وسلم بتخفف الإنسان من متاع الدنيا.
فقد قدم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام متفقداً أحوالها، فزار صاحبه أبا الدرداء رضي الله عنه في منزله ليلاً، قال: السلام عليكم، قال: وعليك قال: أدخل؟ قال: ادخل، فدفع الباب فإذا ليس عليه غلق، فدخلنا إلى بيت مظلم، فجعل عمر رضي الله عنه يلمسه حتى وقع عليه فجس وسادة فإذا هي برذعة -البرذعة: كساء يلقى على ظهر الدابة- وجس فراشه فإذا بطحاء، وجس دثاره -الدثار: الغطاء- فإذا كساء رقيق، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: من هذا؟ أمير المؤمنين؟ قال: نعم، قال: أما والله لقد استبطأتك منذ العام، فقال عمر رضي الله عنه: «رحمك الله ألم أوسع عليك؟ ألم أفعل بك؟» فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: أتذكر حديثا حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أي حديث؟ قال: «ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب» قال: نعم، قال: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟ قال: فما زالا يتجاوبان بالبكاء -أي: يجيب كل منهما صاحبه بالبكاء- حتى أضحيا”. ([28])
وقد تكرر هذا الموقف مع صحابيين آخرين فقد روى ابن ماجه من حديث أنس رضي الله عنه، قال: اشتكى سلمان فعاده سعد، فرآه يبكي، فقال له سعد: ما يبكيك يا أخي؟ أليس قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أليس؟ أليس؟ قال سلمان: ما أبكي واحدة من اثنتين، ما أبكي حبا للدنيا، ولا كراهية للآخرة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدا، فما أراني إلا قد تعديت، قال: وما عهد إليك؟ قال: عهد إلي: «أنه يكفي أحدكم مثل زاد الراكب، ولا أراني إلا قد تعديت، وأما أنت يا سعد فاتق الله عند حكمك إذا حكمت، وعند قسمك إذا قسمت، وعند همك إذا هممت» قال ثابت: «فبلغني أنه ما ترك إلا بضعة وعشرين درهما، من نُفَيْقَةٍ كانت عنده» ([29])
علاج السبب الثاني:
وأما إذا كان الدافع لكسب الحرام هو الخوف على الأبناء من الفقر فيكفينا موقف المنصور حين دخل عليه “مقاتل بن سليمان” رحمه الله، يوم بُويعَ بالخلافة، فقال له “المنصور” عِظني يا “مقاتل، فقال: أعظُك بما رأيت أم بما سمعت؟ قال: بل بما رأيت، قال: يا أمير المؤمنين، إن عمر بن عبد العزيز أنجب أحد عشر ولدا وترك ثمانية عشر دينارا ً، كُفّنَ بخمسة دنانير، واشتُريَ له قبر بأربعة دنانير وَوزّع الباقي على أبنائه، وهشام بن عبد الملك أنجب أحد عشر ولدا ً، وكان نصيب كلّ ولد ٍ من التركة ألف ألف دينار. والله يا أمير المؤمنين لقد رأيت في يوم ٍ واحد ٍ أحد أبناء عمر بن عبد العزيز يتصدق بمائة فرس للجهاد في سبيل الله، وأحد أبناء هشام يتسول في الأسواق([30])
وقد سأل الناس عمر بن عبد العزيز وهو على فراش الموت، ماذا تركت لأبنائك يا عمر؟ قال: تركت لهم تقوى الله، فإن كانوا صالحين فالله تعالى يتولى الصالحين، وإن كانوا غير ذلك فلن أترك لهم ما يعينهم على معصية الله تعالى. ([31])
ومن نافلة القول أن ننبه إلى أنه ليس معنى ما تقدم أنها دعوة للفقر بل إن الإنسان يسعى في دروب الحياة طلبا للرزق فإن وسع الله عليه من الحلال الطيب فبها ونعمت، وأما إن ضيق الله تعالى عليه رزقه فليكفه القناعة، فإن المعاملة بالدرهم والدينار هي ما يستبين به ورع الإنسان، ومن ثم يكون المال نعمة على صاحبه إذا تحرى الطيب من الكسب والنزيه من العمل، ويكون نقمة على صاحبه إذا تمكنت الدنيا من قلبه، فلم يبال من أي مصدر جمع ماله، ولو أن الناس اطمأنت إلى أن رزقها سيأتيها حتما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تستبطئوا الرزق، فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له”([32])، لو تحقق هذا اليقين، وتحرى الناس الحلال، لقضينا على أنواع الفساد المالي الذي أنتج الكساد والفقر والحاجة، ولعاشت أمتنا عزيزة مكينة تؤدي رسالتها فتصلح دنياها وآخرتها.
خاتمة :
وبعد هذه الجولة في السنة والسيرة للتنبيه على خطورة الكسب الحرام وكيفية علاجه نخلص للنتائج الآتية:
- أودع الله تعالى في طباع الناس حب المال، ليحصلوا أرزاقهم التي يُلبون بها ضرورات بقائهم من مطعم وملبس ومسكن، ونحوها من مقومات الحياة.
- لا ينظر الإسلام للمال على أنه خير مطلق أو شر مطلق بل هو خير إذا جمع من حلال وأنفق في حلال، وهو شر إذا جمع من حرام أو أنفق في حرام.
- شرع الله تعالى للناس طرقا كثيرة الكسب الحلال تكفيهم وتقيهم من عذابه في الآخرة وجعلها عبادة يثاب المرء عليها، وعد ذلك ضرباً من ضروب الجهاد.
- إن صنوف أكل الحرام كثرت في عصرنا ومن أمثلتها أكل الربا، وأكل أموال اليتامى ظلما والتطفيف وغيرها، وقد جاء في السنة وعيد لكل هذه الأنواع
- لتجنب الكسب الحرام ثمرات كثيرة للفرد والمجتمع وقد اهتمت السنة ببيان ذلك بيانا شافيا.
- ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى والأسوة في تحري الحلال، وعلى دربه سار السلف الصالح حيث كانوا في غاية الخوف من أكل الحرام، والمبالغة في التحذير منه.
- اهتمت السنة النبوية بعلاج الدوافع التي تدفع الناس للكسب الحرام وحذرت منها بما يقطع الطريق على الكسب الحرام.
التوصيات :
- تتبع سير ومآثر الصحابة والتابعين والسلف الصالح في تحري الحلال والابتعاد عن الحرام وشبهات الحرام.
- إعداد بحوث عن أهمية تزكية الروح لمواجهة طوفان المادية الجارف.
- دراسة مستجدات العصر في المعاملات التي تدخل في الكسب الحرام والتحذير منها.
قائمة المراجع :
- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، محمد بن حبان التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ)، ترتيب: الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (المتوفى: 739 هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط. الأولى، 1408 هـ – 1988 م.
- إحياء علوم الدين، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى: 505ه)، دار المعرفة، بيروت.
- البداية والنهاية، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار هجر، الطبعة: الأولى، 1418 هـ – 1997 م.
- تاريخ المدينة لابن شبة، عمر بن شبة (واسمه زيد) بن عبيدة بن ريطة النميري البصري، أبو زيد (ت ٢٦٢هـ)، تحقيق: فهيم محمد شلتوت، جدة، ١٣٩٩ هـ.
- حلية الأولياء، أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (المتوفى: 430هـ)، دار الفكر، بيروت.
- الزواجر عن اقتراف الكبائر، أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري، شهاب الدين شيخ الإسلام، أبو العباس (المتوفى: 974هـ)، دار الفكر، ط. الأولى.
- سنن الترمذي، محمد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي، أبو عيسى (المتوفى: 279ه)، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر، ط. الثانية، 1395 هـ – 1975 م.
- سنن ابن ماجه، ابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، (المتوفى: 273هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية – فيصل عيسى البابي الحلبي.
- السنن الكبرى، أحمد بن الحسين، أبو بكر البيهقي (المتوفى: 458ه)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط. الثالثة، 1424 هـ – 2003 م.
- سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه، عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث بن رافع، أبو محمد المصري (المتوفى: 214هـ)، تحقيق: أحمد عبيد، عالم الكتب – بيروت – لبنان، الطبعة: السادسة، 1404هـ – 1984م.
- صحيح البخاري (الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه)، محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة: الأولى، 1422هـ.
- صحيح مسلم ( المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي – بيروت.
- محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، يوسف بن حسن بن أحمد بن حسن ابن عبد الهادي الصالحي، جمال الدين، ابن المبرد الحنبلي (المتوفى: 909هـ)، تحقيق: عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن، عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، 1420هـ/2000 م.
- المعجم الأوسط، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (المتوفى: 360هـ)، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد، عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين – القاهرة.
- المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله الحاكم النيسابوري المعروف بابن البيع (المتوفى: 405هـ)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية – بيروت، ط. الأولى، 1411 – 1990.
- مسند الإمام أحمد بن حنبل، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2001 م
- مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق بن خلاد بن عبيد الله العتكي المعروف بالبزار (المتوفى: 292ه)، تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله، وآخرون، مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة، الطبعة: الأولى، 2009م.
- مسند الدارمي المعروف بـ (سنن الدارمي)، أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بَهرام بن عبد الصمد الدارمي، التميمي السمرقندي (المتوفى: 255هـ)، تحقيق: حسين سليم أسد الداراني، دار المغني للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، ط. الأولى، 1412 هـ – 2000 م .
- المصنف، أبو بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني (المتوفى: 211هـ)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المجلس العلمي- الهند، المكتب الإسلامي – بيروت، الطبعة: الثانية، 1403.
- موطأ الإمام مالك، مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني (المتوفى: 179هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، 1406 هـ -1985.
([1]) أخرجه ابن حبان برقم (3210)، والحاكم برقم (2130) وصححه ووافقه الذهبي.
([2]) أخرجه الترمذي برقم (2417) وصححه، والدارمي برقم (554).
([3]) أخرجه البيهقي برقم (15741).
([4]) أخرجه الترمذي برقم (2344) وصححه، وابن ماجه برقم (4164).
([5]) أخرجه البخاري برقم (2059).
([6])أخرجه البخاري برقم (2597 )، ومسلم برقم (1832).
([7]) أخرجه البخاري برقم (6427)، ومسلم برقم (1052).
([8]) إحياء علوم الدين (2/ 91)، دار المعرفة، بيروت.
([9]) أخرجه الطبراني في الأوسط برقم (6495).
([10])أخرجه البزار برقم (8638)، والطبراني في الأوسط برقم (5228).
([11]) أخرجه مسلم برقم (1015).
([13]) إحياء علوم الدين (2/ 91).
([15]) أخرجه الترمذي برقم (2520)، والحاكم برقم (7073) وصححه ووافقه الذهبي.
([16]) أخرجه الترمذي برقم (614)، وحسنه، والحاكم برقم (8302) وصححه ووافقه الذهبي.
([17]) أخرجه ابن ماجه برقم (4019)، والحاكم برقم (8623) وصححه ووافقه الذهبي.
([18]) أخرجه أحمد برقم (17822).
([19]) أخرجه البخاري برقم (2432)، ومسلم برقم (1070).
([20]) الزواجر عن اقتراف الكبائر للهيتمي (1/ 386)، دار الفكر، ط. الأولى.
([21]) أخرجه البخاري برقم (3842).
([22]) حلية الأولياء للأصبهاني (1/ 31)، دار الفكر، بيروت.
([23]) الموطأ (1/ 269)، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
([24])أخرجه عبد الرزاق في المصنف برقم (14683).
([25]) إحياء علوم الدين (2/ 96).
([26]) أخرجه أحمد برقم (205)، والترمذي برقم (2344) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه برقم (4164).
([27]) أخرجه الحاكم برقم (2134) وصححه ووافقه الذهبي.
([28]) تاريخ المدينة لابن شبة (3/ 835)، ومحض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (2/ 616(
([29]) أخرجه ابن ماجه برقم (4104)، والحاكم في المستدرك برقم (7891) وصححه الذهبي.
([30]) سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي 338.