حديث النبي ﷺ:(لا تبدؤوا اليهود والنّصارى بالسّلام) دراسة حديثية فقهيّة
The hadith of the Prophet peace be upon him: (Do not initiate the greetings of the Jews and Christians)hadith doctrinal study
أ.م.د.محمد إبراهيم محمد الحلواني/جامعة المدينة العالمية، ماليزيا
D. Mohamed Ibrahim Mohamed Elhalawani/Almadinah International University, Malaysia
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 82 الصفحة 61.
ملخص:تناول هذا البحث موضوعا هاماً من الموضوعات المثارة في المجتمعات الإسلامية، ألا وهو عدم بدء اليهود والنصارى بالسلام عند اللقاء ، حيث زعم أعداء الإسلام ومن سار على شاكلتهم من أبناء المسلمين أن هذا الحديث يحض على كراهية أهل الكتاب والتعامل معهم بعنف ، بل ذهبت بعض المذاهب الفقهية إلى عدم جواز ابتداء اليهود والنصارى بالسلام أخذاً بظاهر الحديث، حيث إنهم لا يُوَقَّرون، ولا يُصَدَّرون في مجلس، وانتشرت هذه الشبهة على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار النار في الهشيم، وقام البعض بالرد على هذه الشبهة ردا مختصراً لا يشفي العليل، بينما أجاد البعض في رده دون استيعاب لهذه المسألة، وكان الواجب على المتخصصين في الدراسات الإسلامية بحث هذه المسألة من الناحيتين الحديثية والفقهية لإزالة الإشكال الوارد حولها، فجاء هذا البحث جواباً عن هذا الإشكال، وقد قسَّم الباحث هذا البحث إلى مبحثين، الأول: تخريج حديث: (لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام) وبيان درجته، وسبب وروده، الثاني: آراء أصحاب المذاهب الفقهية في موضوع بدء اليهود والنصارى بالسلام، ثم الخاتمة والنتائج التي توصل إليها الباحث، ومنها أن هذا الحديث قد ورد في المحاربين.
الكلمات المفتاحية: البدء، اليهود، النصارى، السلام.Abstract :
This research dealt with an important topic of the issues raised in Islamic societies, which is that the Jews and Christians did not start greeting each other when meeting, as the enemies of Islam and those who followed their example from among the sons of Muslims claimed that this hadith incites hatred for the People of the Book and dealing with them violently. To the inadmissibility of the Jews and Christians beginning with the greeting of peace, taking into account the apparent meaning of the hadith, as they are not revered, nor are they issued in a gathering, and this suspicion spread on social networking sites, the spread of fire in the wild, and some responded to this suspicion a short response that does not cure the ailment, while some were good at responding Without understanding the matter,It was the duty of the specialists in Islamic studies to study this issue from the hadith and jurisprudential perspectives to remove the confusion around it, so this research came as an answer to this problem. And the reason for its arrival, the second: the opinions of the owners of jurisprudential schools on the subject of the Jews and Christians beginning to greet, then the conclusion and the results reached by the researcher, including that this hadith was mentioned in the warriors.
The key words: The beginning, jews, Christians, peace.
مقدمة :الإسلام دين السلام والإحسان والرحمة، فكل عاقل منصف يشهد أن السلام الحقيقي والتعاون القلبي والروحي، والتعاون على البِر والتقوى، لا ظل له في الواقع إلا بالإسلام ومن خلال الإسلام وتاريخ الإسلام، وتحية الإسلام تؤكد ذلك، إذ إن سيد الأولين والآخرين قد حضَّ المسلم على إلقاء السلام على غيره حتى ولو كان مجهولاً بالنسبة له قائلاً لرجل سأله عن أفضل الأعمال:( تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ[1])، فإفشاء السلام يؤدي إلى تحقيق الألفة وجلب المودة، وهذا ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ[2])، وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من هجر المسلم لأخيه المسلم ، لأن هذا يؤدي إلى العداوة والبغضاء والكراهية، وبيَّن أن أفضل المسلمين هو الذي يبدأ أخاه بالسلام، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ: فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ[3])، فالمسلم الحقيقي هو الذي يُنكر نفسه، ويغْلب هواه، ولا يستسلم لشيطانه ولا لنفسه الأمارة بالسوء، يلقي السلام على أخيه المسلم حتى ولو كان بينه وبين أخيه جفوة شديدة، طلباً لمرضاة الله عز وجل، واستسلاماً لتعاليم الله ورسوله، وقد رمى أعداء الإسلام هذه التعاليم السامية بالتناقض مع نهيه صلى الله عليه وسلم عن بدء اليهود والنصارى بالسلام زاعمين زوراً وبهتاناً أن هذه التعاليم بشرية ، لأن الوحي الإلهي لا يوجد فيه تناقض، وهذا الفهم السقيم قد نشأ بسبب عدم دراسة الرواية، وعدم الوقوف على السبب الذي سيقت الرواية من أجله، لذا أردت إزالة هذا الإشكال والتعارض الظاهري في هذه المسألة من خلال جمع طرق هذه الرواية وألفاظها، وبيان آراء الفقهاء فيها ، والله أسال التوفيق والسداد، وأن يجنبني الزلل في القول والعمل، وأن يجعل هذا البحث خالصاً لوجهه الكريم، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وإليه المرجع والمصير.
مشكلة البحث:
تكمن مشكلة هذا البحث في تعارض الأحاديث الصحيحة الآمرة بإلقاء السلام على الآخرين مع الحديث الصحيح الذي ينهي فيه الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه عن بدء اليهود والنصارى بالسلام فجاء هذا البحث جوابا عن هذا الإشكال.
أسئلة البحث :
1- ما درجة الحديث الذي ينهي فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن بدء اليهود والنصارى بالسلام؟
2- هل التعارض الواقع بين الأحاديث الآمرة بإلقاء السلام والأحاديث الناهية عن بدء اليهود والنصارى بالسلام حقيقي أم ظاهري؟
3- ما هي آراء الفقهاء في هذه المسألة، وما هو الرأي الراجح فيها؟
4- هل يشمل الحديث الذي ينهى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن بدئهم بالسلام جميع اليهود والنصارى أم أنه خاص بطائفة معينة؟
أهداف البحث:
1- بيان درجة الحديث الذي ينهي فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن بدء اليهود والنصارى بالسلام.
2- بيان كون التعارض الواقع بين الأحاديث الآمرة بإلقاء السلام والأحاديث الناهية عن بدء اليهود والنصارى بالسلام حقيقي أم ظاهري.
3- بيان آراء الفقهاء في هذه المسألة، وبيان الرأي الراجح فيها.
4- بيان كون الحديث الذي ينهى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن بدء أهل الكتاب بالسلام شامل للجميع أم أنه خاص بطائفة معينة.
المبحث الأول: تخريج حديث: ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ) وبيان سبب وروده.
المطلب الأول: تخريج الحديث وبيان درجته.
أ. تخريج الحديث:
أخرجه مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ[4]» وأبو داود في سننه من طريق حفص بن عمر قال حدثنا شعبة عن سهيل بن أبي صالح قال: خرجتُ مع أبي إلى الشّامِ، فجعلوا يمرُّونَ بصوامِعَ فيها نصارى فيسلِّمُونَ عليهم، فقال أبي: لا تبدؤوهم بالسَّلامِ، فإن أبا هريرة، حدَّثنا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “لا تبدؤُوهُم بالسَّلامِ، وإذا لقيتُمُوهم في الطَّرِيقِ فاضطرُّوهُم إلى أضيقِ الطرِيقِ[5]“، والترمذي في جامعه من طريق قتيبة به، وقال: هذا حديث حسن صحيح [6]، وأحمد في مسنده من طريق وكيع وأبي نعيم الفضل بن دكين قالا: حدثنا سفيان به، ولفظه: ” إِذَا لَقِيتُمُ الْيَهُودَ فِي الطَّرِيقِ، فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهَا، وَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ .”، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ” الْمُشْرِكِينَ بِالطَّرِيقِ[7] “، وابن حبان في صحيحه ، من طريق الفضل بن الحُباب قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ به، ولفظه: (لا تبادروا أهل الكتاب بالسلام[8])، وابن السني من طريق أبي خليفة قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي، ثنا شعبة به، ولفظه: (إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدءوهم بالسلام)، والبيهقي من طريق أَبُي الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: نا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ به[9]، والبغوي من طريق أحمد بن عبد الله الصالحي أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، أَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ به[10].
ب. درجة الحديث: حديث صحيح.
المطلب الثاني: بيان سبب ورود الحديث.
إن الفقيه الجامع بين علمي الحديث والفقه ينبغي عليه حصر جميع الروايات الواردة في المسألة محل الفتوى ومعرفة الملابسات والظروف التي سيق النص لأجلها قبل إصداره للفتوى، وإلا أدى ذلك إلى الخطأ في الفتوى، وسبب هذا الفهم الخاطئ للحديث هو عدم جمع الروايات وضم بعضها إلى بعض، فالحديث الذي ينهى عن بدء اليهود والنصارى بالسلام إنما هو في شأن المحاربين ، والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات منهم، يؤكد ذلك ما رواه ابن ماجه بسنده عن عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إِنِّي رَاكِبٌ غَدًا إِلَى الْيَهُودِ، فَلَا تَبْدَؤوهُمْ بِالسَّلَامِ، فَإِذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ[11].”، ويشهد لهذه الرواية أيضاً ما رواه ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّكُمْ لَاقُونَ الْيَهُودَ غَدًا ، فَلَا تَبْدءُوهُمْ بِالسَّلَامِ ، فَإِنْ سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا: وَعَلَيْكَ [12]“، فسبب الحديث قد بيَّن سبب النهي، حيث قيده بحالة الحرب، فلا نبدأهم بالسلام في حالة الحرب، ونضطرهم إلى أضيق الطرق، أما في حالة السلم فيُعاملون بكل مودة ورحمة كما أمر القرآن الكريم، وهذا ما طبقه النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، حيث عاد غلاماً يهودياً مريضاً ودعاه إلى إلي الإسلام، فنظر الغلام إلى أبيه، فقال له: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ[13]»، فهل من المعقول أن يعرض سيد الأولين والآخرين الإسلام على الغلام دون أن يلقي عليه أو على أبيه السلام؟ ومما يقوي ذلك أيضاً وفاته ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير[14]، فهذه المعاملة التي حدثت بينه وبين اليهودي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن حديث النهي عن بدء أهل الكتاب بالسلام إنما هي في شأن المحاربين، وهذا ما يتفق مع قول الله عز وجل: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[15]).
المبحث الثاني: آراء الفقهاء في مسألة بدء اليهود والنصارى بالسلام.
المطلب الأول: رأي القائلين بالحرمة :
قال الإمام النووي: فَمَذْهَبُنَا تَحْرِيمُ ابْتِدَائِهِمْ بِهِ وَوُجُوبُ رَدِّهِ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يَقُولَ وَعَلَيْكُمْ أَوْ عَلَيْكُمْ فَقَطْ[16]، وقال الطيبي: الصواب تحريم ابتدائهم، لأن النهي للتحريم[17]، وقال ابن رسلان معقباً على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تبدؤوهم بالسلام): فيه دليل على تحريم ابتدائهم بالسلام، وهو مذهب الشافعي وقول أكثر العلماء وعامة السلف[18]، وقال الشيخ محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي: ذهب الجمهور من السلف والخلف إلى تحريم ابتدائهم به[19]، وقال منصور بن يونس البهوتي الحنبلي: يحرم بداءتهم بسلام[20]، وقال الحسين بن محمد بن سعيد اللاعي المغربي: النَّهي على ظاهره من اقتضائه التحريم[21]، وقال الإمام الصنعاني: و الأكثر من العلماء على تحريم الابتداء لهم بالسلام، فإذا ابتدئوا المسلم بذلك أجاب بعليكم فقط[22]، واختاره الصنعاني قائلا: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ ابْتِدَاءِ الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ بِالسَّلَامِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلُ النَّهْيِ ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ خِلَافُ أَصْلِهِ ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْأَقَلُّ[23]، وقال ابن بلبان الدمشقي مؤكداً التحريم: لا يجوز بداءة أهل الذمة بالتحية ، ولو غير السلام، كقول: كيف أصبحت؟ كيف أمسيت؟ كيف حالك؟ ؛ لقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) [الممتحنة: 1]، ولأنه داخل في تعظيمهم ومودتهم، قال أحمد: هو عندي أكبر من السلام[24].
أدلة القائلين بالحرمة:
1-قَال اللَّهُ تَعَالَى:(لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)( المجادلة:22).
2- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) [الممتحنة: 1].
3- قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ[25]»
المطلب الثاني: رأي القائلين بالكراهة.
ذهب بعض علماء الأحناف والشافعية إلى الكراهة، قال الطيبي: قال بعض أصحابنا: يكره ابتداؤهم بالسلام، ولا يحرم، وهذا ضعيف[26]، وقال ابن رسلان: وقال بعض أصحابنا: يكره ولا يحرم، وهو ضعيف[27]، وقال أبو بكر الرازي الجصاص: ويكره ابتداء الكافر بالسلام ، لما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: “لا تبدؤوهم بالسلام [28]“، ورجح ابن القيم أن يبدؤوا بالسلام قائلا:ً ذِكْرُ مُعَامَلَتِهِمْ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَكَرَاهَةِ أَنْ يُبْدَءُوا بِالسَّلَامِ وَكَيْفَ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ[29]، وقال بدر الدين العيني قال الطحاوي: خالفهم في ذلك آخرون؛ فكرهوا أن يُبْتدئوا بالسلام، وقالوا: لا بأس بأن يرد عليهم إذا سلموا، ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون ، وأراد بهم: عمر بن عبد العزيز، ومجاهدًا ، والحسن البصري، والثوري ، وأبا حنيفة، وأبا يوسف ومحمدًا ومالكًا والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق، فإنهم قالوا: يكره أن يبتدئ المسلم أهل الكفر بالسلام، فإذا سلم عليه أحد من أهل الكفر يرد عليه ، ولا يزيد على قوله: وعليكم.[30].
أدلة القائلين بالكراهة:
– قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ[31].»
المطلب الثالث: رأي القائلين بالجواز مطلقاً.
قال بدر الدين العيني: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أنه لا بأس أن يبتدئ أهل الكفر بالسلام، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، ش: أراد بالقوم هؤلاء: عامرًا الشعبي ، وإبراهيم النخعي، وابن وهب، ومحمد بن كعب، ومحمد بن عجلان فإنهم قالوا: لا بأس بأن يبدأ المسلم أهل الكفر بالسلام، واحتجوا في ذلك بحديث أسامة بن زيد المذكور، وروي ذلك عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود، وأبي الدرداء وأبي أمامة وفضالة بن عبيد[32].
أدلة القائلين بالجواز مطلقاً:
1- عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ } [البقرة: 83].
2- أَحَادِيثُ الْأَمْرِ بِإِفْشَاءِ السَّلَامِ[33].
3- عن أسامة بن زيد رضي الله عنه: “أن النبي – صلى الله عليه وسلم – مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين واليهود والمشركين من عبدة الأوثان، فسلم عليهم[34]“.
4- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَضَعَهُ فِي الْأَرْضِ تَحِيَّةً لِأَهْلِ دِينِنَا ، وَأَمَانًا لِأَهْلِ ذِمَّتِنَا[35]».
5- عن أبي أمامة رضي الله عنه: “أنه كان لا يمر بمسلم ولا يهودي ولا نصراني إلا بدأه بالسلام[36]“.
6- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الأَلْهَانِيِّ قَالَ : كُنْتُ آخِذًا بِيَدِ أَبِي أُمَامَةَ ، فَلاَ يَمُرُّ بِأَحَدٍ إِلاَّ سَلَّمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ السَّلاَمَ أَمَانٌ لأَهْلِ ذِمَّتِنَا تَحِيَّةٌ لأَهْلِ دِينِنَا[37].
7- عن ابن عَجْلان: “أن عبد الله وأبا الدرداء وفضالة بن عبيد كانوا يبدؤون أهل الشرك بالسلام[38]“.
8- عن ابن عباس رضي الله عنه: “أنه كتب إلى رجل من أهل الكتاب: السلام عليك[39]“.
المطلب الرابع: رأي القائلين بالجواز مع الحاجة.
حَكَي الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمَاعَةٍ: أَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهُمْ لِلضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ، وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَالنَّخَعِيِّ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ سَلَّمْتَ فَقَدْ سَلَّمَ الصَّالِحُونَ، وَإِنْ تَرَكْتَ فَقَدْ تَرَكَ الصَّالِحُونَ[40]، وقال محمد بن علي الحصفكي: ويسلم المسلم على أهل الذمة لو له حاجة إليه، وإلا كره على الصحيح[41].
المطلب الخامس: رد المانعين على المبيحين.
ردَّ المحَرِّمون للتسليم على المجيزين والكارهين قائلين: احْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ وَبِإِفْشَاءِ السَّلَامِ وَهِيَ حُجَّةٌ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بحديث لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بِالسَّلَامِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُكْرَهُ ابْتِدَاؤُهُمْ بِالسَّلَامِ، و لا يحرم، وَهَذَا ضَعِيفٌ أَيْضًا، لِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ[42]، وقال ابن حجر ردا على الاحتجاج بحديث أسامة بن زيد: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي سَلَّمَ بِهِ عَلَيْهِمْ صِيغَةُ عُمُومٍ فِيهَا تَخْصِيصٌ كَقَوْلِهِ: السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى[43]، وقال أيضا رداً على الاحتجاج بخبر أبي أمامة الباهلي: وَكَأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى دَلِيلِ الْخُصُوصِ[44]، وقال العيني: قال الطحاوي ردا على حديث أسامة بن زيد الذي احتج به المبيحون لإلقاء السلام: يجوز أن يكون النبي -عليه السلام- أراد بسلامِهِ مَن كان فيهم من المسلمين، ولم يُرِدْ اليهود والنصارى ولا عبدة الأوثان، حتى لا تتضاد هذه الآثار، وهذا الذي وصفنا جائز، فقد يجوز أن يسلم رجل على جماعة وهو يريد بعضهم، وقد يحتمل أن يكون النبي -عليه السلام- سلم عليهم وأراد جميعهم؛ لأن ذلك كان في وقت قد أمر فيه أن لا يجادلهم إلا بالتي هي أحسن، فكان السلام من ذلك، ثم أُمر بقتالهم ومنابذتهم، فنسخ ذلك ما كان تقدم من سلامه عليهم[45].
المطلب السادس: مناقشة الآراء وبيان الرأي الراجح في المسألة.
- مناقشة أدلة المحرِّمين لبدء اليهود والنصارى بالسلام.
1- احتجاجهم بقوله تعالى:(لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة:22)،لا محل له، لأن الآية وردت في شأن من عادى الله ورسوله، قال قتادة: لا تجد يا محمد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر، يوادّون من حادّ الله ورسوله: أي من عادى الله ورسولَه[46]، وقال د. محمد سيد طنطاوي: أي: لا تجد- أيها الرسول الكريم- قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر حق الإيمان، يوالون ويحبون من حارب دين الله- تعالى- وأعرض عن هدى رسوله[47].
2- عدم صلاحية احتجاجهم بقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) [الممتحنة: 1]، لأن الآية وردت في شأن فتح مكة، قال المفسرون: إن الآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، حين كتب إلى مشركي قريش يخبرهم بمسير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم لما قصد فتح مكة، ينهاه الله عن موالاة الكفار[48]، فالآية لا تصلح دليلاً على النهي عن بدء اليهود والنصارى بالسلام، فسبب فتح مكة أنه لما كان صلح الحديبية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش كان فيه أن: من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فليدخل، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فليدخل فيه، فدخلت بنو بكر في عهد قريش، ودخلت خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم، وكان قبل ذلك بينهما دماء، أي فحجز الإسلام بينهما لتشاغل الناس به، وهم على ما هم عليه من العداوة، وكانت خزاعة حلفاء عبد المطلب بن هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم، أي يناصرونه على عمه نوفل بن عبد مناف، حتى ناصرت قريش بني بكر على خزاعة، ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد والميثاق ندموا[49].
3- معارضة قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ[50].»، لحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه في تسليمه صلى الله عليه وسلم المسلمين والمشركين واليهود[51]، كما عورض أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي رَاكِبٌ غَدًا إِلَى الْيَهُودِ، فَلَا تَبْدَؤوهُمْ بِالسَّلَامِ)، وقد حاول المانعون حمل حديث أسامة بن زيد على إرادة النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام المسلمين فقط، وذكروا هذا الاحتمال دون أن يكون لديهم دليل قوي على ذلك، وقالوا أيضا: بنسخ حديث أسامة بحديث النهي، والنسخ لا يثبت بالاحتمال، فلم يصرح النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من صحابته بالنسخ، ولم يصرح شارح من الشراح بنسخ حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه.
- مناقشة أدلة المجيزين لبدء اليهود والنصارى بالسلام.
1-احتجاجهم بعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ } [البقرة: 83]، لا ينهض دليلا لهم، لاختلاف المفسرين في تفسيرها ، فمنهم من فسر الحُسْن بأمر الناس بقول لا إله إلا الله، ومنهم من فسرها بقول الصدق في شأن محمد صلى الله عليه ، وهناك قول ثالث: فسر الحسن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واليهود والنصارى يؤمرون بكل ما سبق، إلا أن عطاء بن أبي رباح قال: من لقيت من الناس فقل له حسنا من القول[52]، وليس بلازم أن يقول إلقاء السلام عليهم من جملة القول الحسن.
2- احتجاجهم بأَحَادِيثُ الْأَمْرِ بِإِفْشَاءِ السَّلَامِ، مردود عليه بتخصيص حديث أبي هريرة رضي الله عنه لهذا العموم.
3- احتجاجهم بحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه:(أن النبي- صلى الله عليه وسلم- مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين واليهود والمشركين من عبدة الأوثان، فسلم عليهم) في محله فالحديث صحيح متفق عليه.
4- احتجاجهم بحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَضَعَهُ فِي الْأَرْضِ تَحِيَّةً لِأَهْلِ دِينِنَا ، وَأَمَانًا لِأَهْلِ ذِمَّتِنَا) لا ينهض دليلاً للاحتجاج، فالحديث ضعيف، فِيهِ عِصْمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ: مَتْرُوكٌ.
5- احتجاجهم بالأثر الوارد عن أبي أمامة رضي الله عنه: أنه كان لا يمر بمسلم ولا يهودي ولا نصراني إلا بدأه بالسلام، في محله فالحديث حَسَن، لكن قد يُرَد عليهم بأنه ربما لم يطلع على دليل النهي، وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن حجر في الفتح.
6- احتجاجهم بالأثر الوارد عن ابن عَجْلان: (أن عبد الله وأبا الدرداء وفضالة بن عبيد كانوا يبدؤون أهل الشرك بالسلام) لا يصلح دليلاً لضعف الأثر، وعلة الضعف: الانقطاع بين ابن عجلان وأبي الدرداء وفضالة بن عبيد.
7- احتجاجهم بحديث عن ابن عباس رضي الله عنه: (أنه كتب إلى رجل من أهل الكتاب: السلام عليك) لا يصلح دليلاً، لضعف الحديث، ففي الإسناد راو مجهول.
ج. بيان الرأي الراجح في المسألة.
ظهر لي عقب سرد آراء الفقهاء في المسألة ومناقشة أدلة المانعين والمجيزين أن الراجح هو بدء المسالمين من اليهود والنصارى بالسلام، شريطة عدم سب الله ورسوله والمؤمنين والمؤمنات، وعدم الاستهزاء والسخرية من الإسلام وشريعته أو التحريض عليه، ولا يبدأ بالسلام من حارب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مادياً ومعنوياً للأسباب الآتية:
1- تسليمه صلى الله عليه وسلم على أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود كما ورد في الصحيحين، والقول باحتمال إرادة المسلمين بالسلام ، أو نسخ حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه قول بلا دليل.
2- تخصيص حديث النهي عن بدء اليهود والنصارى بالسلام بالمحاربين المعادين لله ورسوله، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي رَاكِبٌ غَدًا إِلَى الْيَهُودِ، فَلَا تَبْدَؤوهُمْ بِالسَّلَامِ)، قال ابن القيم: وهذا لما ذهب إليهم ليحاربهم وهم يهود قريظة فأمر ألا يبدؤوا بالسلام ، لأنه أمان وهو قد ذهب لحربهم[53].
3- حضُّ الإسلام على صلة الأقارب المشركين، فعن أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: قَدِمَتْ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ[54])، فهل يعقل أن تزور السيدة أسماء رضي الله عنها أمها دون أن تلقي عليها السلام؟ وقد أكد الشراح أن أمها ماتت مشركة.
4- إباحة الإسلام نكاح المحصنات من أهل الكتاب يؤكد جواز إلقاء السلام عليهم، كما في قوله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[55])، فهل يعقل أن يدخل الزوج على زوجه الكتابية أو يقابلها في الطريق دون إلقاء السلام عليها، وهل يضطرُّها إلى أضيق الطريق كما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وماذا لو أنجب منها ذكوراً وإناثاً هل يأمر أولاده بعدم إلقاء السلام على أمهم، وهل هذا من البر الذي أُمر به الأبناء تجاه آبائهم.
نتائج البحث:
– عدم وجود تعارض حقيقي بين حديث تسليم النبي صلى الله عليه وسلم على أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود وبين حديث النهي عن بدء اليهود والنصارى بالسلام لورود حديث النهي في طائفة معينة منهم وهم المحاربون لله ورسوله، وهذا ما أكدته رواية أبي عبد الرحمن الجُهَني وابن عمر رضي الله عنهما.
– حضُّ القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة على صلة الأقارب المشركين والقيام ببرهم يؤكد أن حديث النهي وارد في المحاربين المؤذين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا يتفق مع رأي المجيزين لإلقاء السلام عليهم.
– إباحة الإسلام نكاح المحصنات من أهل الكتاب يؤكد أن النهي وارد في شأن المحاربين المعادين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالإسلام لا يبيح عدم إلقاء الأبناء السلام على الأم الكتابية، كما لا يبيح اضطرار الابن أمه إلى أضيق الطريق كما ورد في الرواية الناهية عن إلقاء السلام عليهم.
– تعامل سيد الأولين والآخرين مع بعض اليهود من خلال رهن درعه ، وزيارته صلى الله عليه وسلم للغلام اليهودي أثناء مرضه ودعوته للإسلام يؤكد أن حديث النهي وارد في شأن المحاربين المعادين لله ورسوله، وذلك لعدم ورود ما يؤكد عدم إلقائه للسلام على اليهودي الراهن أو اضطراره لأضيق الطريق.
– احتجاج المانعين بقوله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ( المجادلة:22) وبقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ)، [الممتحنة: 1] في غير محله فالآيتان واردتان في المحاربين المعادين لله ورسوله وناقضي العهود والمواثيق.
– عدم إشارة المانعين إلى حديث تسليمه صلى الله عليه وسلم على اليهود أدى إلى عدم حكمهم الدقيق في المسألة، اللهم إلا قليل منهم كأبي جعفر الطحاوي والحافظ ابن حجر رحمهما الله.
التوصيات :
– ضرورة قيام المفتي بحصر جميع الأدلة الشرعية الواردة في المسألة محل السؤال، فالاكتفاء ببعض الأدلة وإهمال البعض الآخر يؤدي إلى الخطأ في الفتوى.
– ضرورة القيام بإزالة الاختلاف الظاهري الواقع بين النصوص الحديثية الصحيحة، فعدم القيام بمعالجة هذا الاختلاف يؤدي إلى إثارة الشبهات ونشرها بين العوام وغير المتخصصين، مما يؤدي إلى اتهام الإسلام بما هو منه براء.
قائمة المراجع :
1- أحمد بن حسين بن علي بن رسلان، شرح سنن أبي داود ، دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث، الفيوم، جمهورية مصر العربية، ط: الأولى، 2016م.
2- أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي ، السنن الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط: الثالثة، 2003م، شعب الإيمان، تحقيق: عبد العلي عبد الحميد حامد، مكتبة الرشد، الرياض، 2003م.
3- أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص ، شرح مختصر الطحاوي ، تحقيق: د. عصمت الله عنايت الله محمد – أ. د. سائد بكداش – د محمد عبيد الله خان – د زينب محمد حسن فلاتة، دار البشائر الإسلامية، ط: الأولى، 2010م.
4- أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني ، فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. دار المعرفة، بيروت، 1379هجرية.
5- أحمد بن محمد بن حنبل ، الزهد، أحمد بن محمد بن حنبل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط: الأولى، 1999م، المسند، تحقيق: شعيب الأرناؤوط – عادل مرشد، مؤسسة الرسالة، ط: الأولى، 2001م.
6- الحسين بن عبد الله الطيبي ، الكاشف عن حقائق السنن ، تحقيق: د. عبد الحميد هنداوي، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، الرياض، ط: الأولى، 1997م.
7- الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء أبو محمد البغوي، شرح السنة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط – محمد زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، دمشق، بيروت، ط: الثانية، 1983م.
8- سليمان بن أحمد أبو القاسم الطبراني ، المعجم الصغير، تحقيق: حسام الدين القدسي، مكتبة القدسي، القاهرة، 1994م.
9- سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني ، السنن، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، دار الرسالة العالمية، ط: الأولى، 2009م.
10- عبد الله بن محمد بن إبراهيم أبو شيبة ، المصنف ، تحقيق: محمد عوامة، دار القبلة ومؤسسة علوم القرآن، ط: الأولى، 1427هجرية.
11- علي بن برهان الدين الحلبي، السيرة الحلبية ، دار الكتب العلمية، بيروت، ط: الثانية، 1427هجرية.
12- علي بن بلبان الفارسي، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط: الأولى، 1988م.
13- علي بن سلطان أبو الحسن القاري ، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ، دار الفكر، بيروت، لبنان، 2002م.
14- عياض بن موسى بن عياض أبو الفضل اليحصبي ، إكمال المعلم بفوائد مسلم ، تحقيق: د. يحيي إسماعيل. دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، ط: الأولى، 1998م.
15- محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد ابن قيم الجوزية، أحكام أهل الذمة ، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط: الثانية، 2002م.
16- محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري ، الأدب المفرد، تحقيق: علي عبد الباسط مزيد – علي عبد المقصود رضوان، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط: الأولى، 2003م، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه ، تحقيق: محمد زهير بن ناصر، دار طوق النجاة، ط: الأولى، 1422هجرية.
17- محمد بن بدر الدين البلباني الحنبلي، الدلائل والإشارات على أخصر المختصرات ، دار الركائز للنشر والتوزيع، الكويت، ط: الأولى، 2018م.
18- محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، ط: الأولى ، 2000م، تحقيق .
19- محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط، دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة، القاهرة، ط: الأولى، 1998م.
20- محمد بن علي بن محمد الحصني الحصفكي، الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار، تحقيق: عبد المنعم خليل إبراهيم، دار الكتب العلمية، ط: الأولى، 2002م.
21- محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، الجامع الكبير، تحقيق: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1998م.
22- محمد بن يزيد بن ماجه، السنن، دار الرسالة العالمية، ط: الأولى، 2009م.
23- محمود بن أحمد بن موسى أبو محمد بدر الدين العيني، نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، الأولى، 1429 هـ – 2008 م.
24- مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
25- يحيي بن شرف أبو زكريا النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط: الثانية، 1392هجرية.
[1] – محمد بن إسماعيل البخاري، الجامع الصحيح، تحقيق: محمد زهير بن ناصر، (دار طوق النجاة، ط: الأولى، 1422هجرية) ، كتاب: الإيمان، باب: إطعام الطعام من الإسلام، 1/12، ح رقم: ( 12)، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
[2] – مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، (دار إحياء التراث العربي، بيروت.)،كتاب: الإيمان، باب: بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ، وأن محبة المؤمنين من الإيمان، وأن إفشاء السلام سبب لحصولها، 1/74، ح رقم: ( 93/54).
[3] – البخاري، الجامع الصحيح ، كتاب: الأدب، باب: الهجرة وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ»، 8/21، ح رقم: ( 6077)، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
[4] – مسلم بن الحجاج، المسند الصحيح، كتاب: السلام، باب: النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف يُرَد عليهم، 4/1707، ح رقم: ( 13- 2167).
[5] – سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني، السنن، تحقيق: شعيب الأرناؤوط ، (دار الرسالة العالمية، ط: الأولى، 2009م.)، كتاب: الأدب، باب: السلام على أهل الذمة، 7/497، ح رقم: ( 5205)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.
[6] – محمد بن عيسى الترمذي، الجامع الكبير، تحقيق: بشار عواد معروف، (دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1998م.)،كتاب: الاستئذان والآداب، باب: ما جاء في التسليم على أهل الذمة، 4/357، ح رقم: ( 2700).
[7] – أحمد بن محمد بن حنبل، المسند، تحقيق: شعيب الأرناؤوط – عادل مرشد، (مؤسسة الرسالة، ط: الأولى، 2001م) ، 15/452، ح رقم: (9726)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
[8] – علي بن بلبان الفارسي، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، (مؤسسة الرسالة، بيروت، ط: الأولى، 1988م، باب ذكر الزجر عن مبادرة أهل الكتاب بالسلام، 2/253، ح رقم: (500)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الصحيح.
[9] – أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي، شعب الإيمان، تحقيق: عبد العلي عبد الحميد حامد، (مكتبة الرشد، الرياض، 2003م.)، فصل في السلام على أهل الذمة، 11/259، ح رقم:(8512).
[10] – الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء أبو محمد البغوي ، شرح السنة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط– محمد زهير الشاويش، (المكتب الإسلامي، دمشق، بيروت، ط: الثانية، 1983م.) ، باب: كراهية التسليم على أهل الكتاب، 12/269، ح رقم: ( 3310).
[11] – محمد بن يزيد بن ماجه، السنن، (دار الرسالة العالمية، ط: الأولى، 2009م)، كتاب: الأدب، باب: رد السلام على أهل الذمة، 4/652، ح رقم: ( 3699)، وقال الأرناؤوط: حديث صحيح، محمد بن إسماعيل البخاري ، الأدب المفرد، تحقيق: علي عبد الباسط مزيد – علي عبد المقصود رضوان ، باب: لا يبدأ أهل الذمة بالسلام، (مكتبة الخانجي، القاهرة، ط: الأولى، 2003م.) ، باب: لا يبدأ أهل الذمة بالسلام ص495، ح رقم: (1102)، أحمد بن حنبل، المسند، 29/581، ح رقم: ( 18045).
[12] – أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي ، السنن الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، (دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط: الثالثة، 2003م.) ، جِمَاعُ أَبْوَابِ الشَّرَائِطِ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْإِمَامُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ ، وَمَا يَكُونُ مِنْهُمْ نَقْضًا لِلْعَهْد، بَابُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ هَيْئَتِهِمْ وَهَيْئَةِ الْمُسْلِمِينَ، 9/341، ح رقم: (18721).
[13] – البخاري ، الجامع الصحيح، كتاب: الجنائز، بَابُ: إِذَا أَسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ، هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإِسْلاَمُ، 2/94، ح رقم: ( 1356)، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
[14] – المصدر نفسه ، كتاب: الجهاد والسير، بَابُ: مَا قِيلَ فِي دِرْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالقَمِيصِ فِي الحَرْبِ، 4/41، ح رقم: (2916)، عن عائشة رضي الله عنها.
[15] – سورة الممتحنة، الآية رقم: (8).
[16] – يحيي بن شرف أبو زكريا النووي ، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، (دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط: الثانية، 1392هجرية.)14/145، قلت: قال مؤلفو الموسوعة الفقهية الكويتية: وَيَحْرُمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بُدَاءَةُ الذِّمِّيِّ بِالسَّلاَمِ، وَلَهُ أَنْ يُحَيِّيَهُ بِغَيْرِ السَّلاَمِ بِأَنْ يَقُول: هَدَاكَ اللَّهُ، أَوْ: أَنْعَمَ اللَّهُ صَبَاحَكَ، إِنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ حَاجَةٌ، وَإِلاَّ فَلاَ يَبْتَدِئُهُ بِشَيْءٍ مِنَ الإْكرَامِ أَصْلاً؛ لأِنَّ ذَلِكَ بَسْطٌ لَهُ وَإِينَاسٌ وَإِظْهَارُ وُدٍّ. (وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ، الموسوعة الفقهية الكويتية (مطابع دار الصفوة، الكويت، ط: الأولى.)25/168.
[17] – الحسين بن عبد الله الطيبي ، الكاشف عن حقائق السنن، تحقيق: د. عبد الحميد هنداوي، (مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، الرياض، ط: الأولى، 1997م.) 10/3039.
[18] – أحمد بن حسين بن علي بن رسلان ، شرح سنن أبي داود، (دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث، الفيوم، جمهورية مصر العربية، ط: الأولى، 2016م.)، 19/532.
[19] – محمد بن علي بن آدم الإثيوبي، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، (دار ابن الجوزي، ط: الأولى، 1436هجرية.) 35/541.
[20] – منصور بن يونس البهوتي الحنبلي، دقائق أولي النهي لشرح المنتهي، عالم الكتب، ط: الأولى، 1993م، 1/664.
[21] – الحسين بن محمد بن سعيد اللاعي المغربي ، البدر التمام شرح بلوغ المرام، تحقيق: علي بن عبد الله الزبن، (دار هجر، 2007م.) 9/294.
[22] – محمد بن إسماعيل الصنعاني، التنوير شرح الجامع الصغير، تحقيق: د. محمد إسحاق محمد إبراهيم، (مكتبة دار السلام، الرياض، ط: الأولى، 2011م.)11/80.
[23] – محمد بن إسماعيل الصنعاني ، سبل السلام ، (دار الحديث، بدون.) 2/498.
[24] – محمد بن بدر الدين البلباني، الدلائل والإشارات على أخصر المختصرات، (دار الركائز للنشر والتوزيع، الكويت، ط: الأولى، 2018م.)، 2/190.
[25] – سبق تخريجه في ص6.
[26] – الطيبي، الكاشف عن حقائق السنن10/3039.
[27] – ابن رسلان، شرح سنن أبي داود 19/532
[28] – أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص ، شرح مختصر الطحاوي، تحقيق: د. عصمت الله عنايت الله محمد – أ. د. سائد بكداش – د محمد عبيد الله خان – د زينب محمد حسن فلاتة، (دار البشائر الإسلامية، ط: الأولى، 2010م.)، 8/558.
[29] – محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد ابن قيم الجوزية ، أحكام أهل الذمة ، تحقيق: يوسف بن أحمد البكري- شاكر بن توفيق العاروري، ( رمادي للنشر، الدمام، 1997م.)، 1/409.
[30] – محمود بن أحمد بن موسى أبو محمد بدر الدين العيني، نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار،( وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، الأولى، 1429 هـ – 2008 م.)، 14/250، قلت: قال مؤلفو الموسوعة الفقهية الكويتية: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ السَّلاَمَ عَلَى أَهْل الذِّمَّةِ مَكْرُوهٌ ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِهِمْ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الذِّمِّيِّ إِنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ حَاجَةٌ؛ لأِنَّ السَّلاَمَ حِينَئِذٍ لأِجْل الْحَاجَةِ ، لاَ لِتَعْظِيمِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقُول: السَّلاَمُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ أَيْضًا إِلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَسَائِرِ فِرَقِ الضَّلاَل بِالسَّلاَمِ مَكْرُوهٌ؛ لأِنَّ السَّلاَمَ تَحِيَّةٌ ، وَالْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. ( الموسوعة الفقهية الكويتية 25/168).
[31] – سبق تخريجه في ص6.
[32] – المصدر نفسه، 14/250.
[33] – منها على سبيل المثال لا الحصر قوله صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ)، ابن ماجه، السنن ، تحقيق: شعيب الأرناؤوط- عادل مرشد، ( دار الرسالة العالمية، ط: الأولى، 2009م.)، كتاب: إقامة الصلوات والسنة فيها، باب: ما جاء في قيام الليل، 2/355، ح رقم: (1329).
[34] – جزء من حديث طويل ، البخاري ، الجامع الصحيح، كتاب: تفسير القرآن، بَابُ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186]، 6/39، ح رقم: ( 4566).
[35] – سليمان بن أحمد الطبراني ، المعجم الصغير، تحقيق: محمد شكور محمود الحاج أمرير، (المكتب الإسلامي، دار عمار، بيروت، عمان، ط: الأولى، 1985م.)،1/135، ح رقم: ( 203) ، وقال الهيثمي: فِيهِ عِصْمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.( نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، تحقيق: حسام الدين القدسي، (مكتبة القدسي، القاهرة، 1994م.) 8/29.
[36] – عبد الله بن محمد بن إبراهيم ابن أبي شيبة ، المصنف، تحقيق: محمد عوامة ، (دار القبلة ومؤسسة علوم القرآن، ط: الأولى، 1427هجرية.) ، كتاب: الأدب، باب: في أهل الذمة يبدؤون بالسلام، 13/198، ح رقم: (26265)، قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قلت: والأثر حسن ، إذ إن روايته مقبولة عن الشاميين، قال الحافظ ابن حجر: صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم من الثامنة، مات إحدى أو اثنتين وثمانين ، وله بضع وسبعون سنة، أحمد بن علي بن حجر، تقريب التهذيب، تحقيق: محمد عوامة، (دار الرشيد، سوريا، ط: الأولى، 1986م.) ، ص109.
[37] – أحمد بن حنبل ، الزهد، (دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط: الأولى، 1999م )، ص144، ح رقم: ( 979)، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ، قلت: والأثر ضعيف لتدليس بقية بن الوليد وعدم تصريحه بالتحديث، لكنه يرتقي إلى درجة الحسن لغيره بالأثر السابق، قال الحافظ ابن حجر: صدوق كثير التدليس عن الضعفاء من الثامنة، مات سبع وتسعين وله سبع وثمانون، ابن حجر، تقريب التهذيب، ص125.
[38] – ابن أبي شيبة ، المصنف، كتاب: الأدب، باب: في أهل الذمة يبدؤون بالسلام،13/198، ح رقم: (26266)، قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قلت: ضعيف للانقطاع بين ابن عجلان وبين أبي الدرداء وفضالة بن عبيد.
[39] – ابن أبي شيبة ، المصنف، كتاب: الأدب، باب: في أهل الذمة يبدؤون بالسلام، 13/197، ح رقم: (26262)، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، قلت: والأثر ضعيف لجهالة راو في الإسناد.
[40] – عياض بن موسى بن عياض اليحصبي، إكمال المعلم بفوائد مسلم، تحقيق: د. يحيي إسماعيل ، (دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، ط: الأولى، 1998م.)، 7/53، علي بن سلطان أبو الحسن القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ، (دار الفكر، بيروت، لبنان، 2002م.)، 7/2939.
[41] – محمد بن علي بن محمد الحصفكي، الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار ، تحقيق: عبد المنعم خليل إبراهيم ، (دار الكتب العلمية، ط: الأولى، 2002م.)، ص665.
[42] – يحيي بن شرف النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج14/145.
[43] – أحمد بن علي بن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، (دار المعرفة، بيروت، 1379هجرية.)، 8/232.
[44] – المصدر نفسه، 11/41.
[45] – بدر العيني ، نخب الأفكار 14/252.
[46] – محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق: أحمد محمد شاكر، (مؤسسة الرسالة، ط: الأولى، 2000م)،23/258.
[47] – د. محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط ، (دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة، القاهرة، ط: الأولى، 1998م.) 14/274.
[48] – المصدر نفسه، 4/282.
[49] – علي بن إبراهيم أبو الفرج الحلبي، السيرة الحلبية ، (دار الكتب العلمية، بيروت، ط: الثانية، 1427هجرية.)، 3/102.
[50] – سبق تخريجه في ص6.
[51] – سبق تخريجه في ص11.
[52] – ابن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن2/269.
[53] – محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد ابن قيم الجوزية ، أحكام أهل الذمة، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، (دار الكتب العلمية، بيروت، ط: الثانية، 2002م)، 3/275.
[54] – ابن حنبل، المسند ، 44/448، ح رقم: (26915)، وقال الأرناؤوط: حديث صحيح.
[55] – سورة المائدة، الآية رقم (5).