راهن العلاقة تكوين- تشغيل في الجزائر: حتمية الميدان وقيمة الشهادة:
(دراسة ميدانية لواقع التكوين المهني وخصوصية الطلب المؤسساتي بولاية تلمسان)
Current training /employment relations in Algeria: afield study on the reality of vocational training and the specificity of business demand in the wilaya of Tlemcen
د. محمد أنور زهراوي/جامعة أبي بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر
Mohamed Anouar ZAHRAOUI/University of Abu Bakr Belkaid Tlemcen, Algeria
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 81 الصفحة 9.
ملخص:
تهدف هذه الدراسة إلى محاولة إبراز راهن العلاقة تكوين المهني/تشغيل وفق مقاربة سوسيولوجية، استنادا على دراسة ميدانية في(6) مراكز للتكوين المهني والتمهين بولاية تلمسان إضافة إلى تسليط الضوء على واقع الطلب المؤسساتي وذلك بالتركيز على أهم المتغيرات التي تأثر وتتحكم بشكل كبير في منظومتي العرض والطلب على التكوين في الجزائر. توصلت الدراسة إلى أن الطلب على التكوين لم يعد خاضع للشروط الموضوعية (عروض التكوين)، كما لم تعد العلاقة بين التكوين المهني وسوق العمل ذات الطابع الآلي بل اتخذت أشكالا عدة إما من جانب التكوين المهني الذي لازال يعاني من تراجع قيمته الاجتماعية والاقتصادية، أو من جهة سوق الشغل الذي يعاني منانعدام المعايير والقوانين التي تضبطه في ظل سيطرة مبدأ القوة (السلطة، والوراثة) والتراتبية الاجتماعية على مبدأ التعيين، الوضع الذي أدى إلى وجود علاقة عكسية بين التكوين المهني وسوق الشغل أدت إلى تعميق رقعة الأسواق الموازية الغير منتجة والتي لا تعترف بالشهادة وتهمل هذا المعيار رغم أن هذه السوق تحتوي شريحة كبيرة من أفرد المجتمع ذوي قوة عمل فزيولوجية إضافة إلى قوة عمل ذهنية.
الكلمات المفتاحية: التكوين، الشغل، العرض، الطلب، الكفاءة، المهنة.
Abstract:
The problem of integration and the relation between vocational training /employment itself a major question, in the shadow of the constant contradictions between vocational training institutions and the labor market, creating a situation disequilibrium between supply and demand. This study aims to highlight the issue of the relationship between vocational training and the labor market through the attempt to answer for number of questions following a sociological approach while basing itself on a ground pratical study in six vocational training center’s in the Tlemcen district. The study revealed that the demand for vocational training is not subject to objective criteria (training offer) but also the relationship governing vocational training and the labor market is no longer an automatic one taking other forms, be it on the training side, which still suffers from devaluation of its social and economic value, and on the other hand, the absence of norms and laws governing the labor market which remains subject to the principle of force (power, inheritance,….) and the social stratification .
Key words: Vocational training, Job, Offer, Demand, Skill, Profession.
مقدمة:
يحتل التكوين في عالمنا المعاصر مكانة هامة في اقتصاد أي دولة حديثة باعتباره إحدى الدعامات التي ترتكز عليها السياسات العمومية الاقتصادية الكلية لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية لمواكبة الطلب الاجتماعي المتزايد في مجالات مختلفة ومراعاة التغيرات والتحولات الحاصلة، لكن لا تكمن أهمية التكوين في بعده النظري فقط بل من حيث فعاليته في منح الفرد كفاءة مهنية تمكنه من الاندماج في الحياة المهنية، من هذا المنطلق برز اهتمام كبير من قبل العديد من المفكرين الذين تناولوا هذا المفهوم من وجهات نظر مختلفة لكن بخلفيات مشتركة تؤكد علاقته الوطيدة بسوق العمل، وذلك باعتباره يؤدي دورين أساسيين سواء في بناء القدرات الذهنية وتشكيل ذلك الكل من المعارف والخبرات، أو من حيث مساهمته في تعزيز قوة النشاط الاقتصادي وتلبية الاحتياجات الاقتصادية وفق ما تفرضه الظروف الموضوعية لكل دولة.
في هذا الإطار كانت تجربة الجزائر في هذا الحقل على علاقة آلية بين التكوين والشغل بمعنى أن سوق الشغل يوظف المتخرجين من قطاع التكوين المهني في مختلف القطاعات الإدارية والاقتصادية في القطاع العام على وجه الخصوص والذي كانت ولا تزال فيه معايير التوظيف خاضعة لمنطق الاقتصاد الإداري المدعم بسلسلة من المخططات التنموية منذ سنة (1970) إلى غاية سنوات الثمانينيات من القرن الماضي والتي اعتبر فيها قطاع التكوين المهني من القطاعات التي ساهمت في تطوير القاعدة الصناعية في الجزائر.
لكن منذ سنة (1986) والتي شهدت أزمات حادة أدت إلى اختلالات كبيرة في سوق الشغل قابله تهميش كبير لقطاع التكوين المهني، حيث تقلصت فرص العمل المتاحة بدرجة كبيرة في نفس الوقت سجل فيه تزايد لطالبي الشغل (التوجه نحو الخوصصة بحل المئات من المؤسسات العمومية في كافة الأنشطة الاقتصادية -ارتفاع نسبة البطالة – زيادة معدل النمو السكاني…) هذه الأزمات أجبرت الدولة على الدخول في سلسلة من الإصلاحات مست كل المجالات خلال الفترة الممتدة ما بين (2001 و2014)إذ شهدت هذه الفترة انخفاضا بحوالي الثلث في معدل البطالة ووصل سنة (2011) نسبة(9%) بعدما كان يساوي (30 %) سنة (1999) ويرجع ذلك إلى زيادة الإنفاق العام (الاستثمارات و المشاريع) المبرمجة من طرف الدولة في إطار البرامج التنموية منها برنامج الإنعاش الاقتصادي (2001 – 2004) وبرنامج دعم النمو الاقتصادي (2005 – 2009)، في حين لم يعد التكوين المهني ذلك القطاع الفعال بل أصبح يمثل وعاء للمتسربين أو المقصيين من المنظومة التربوية وآخر محطة للشباب الذين لم يسعفهم الحظ في مواصلة الدراسة أو البطالين، ومع بداية الألفينيات أعيد رد الاعتبار إلى التكوين المهني بعد تهميشه وظيفيا إذ أصبح من الضروري تنميته وتحديثه لتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني الذي لم تتضح معالم تشكله بعد.
وعلى هذا الأساس كان من الضروري على وزارة التكوين والتعليم المهنيين الدخول في جملة من الإصلاحات تفضي بتوجيه التكوين المهني وفق منطق الطلب لإعادة التوازن مع القطاع الاقتصادي، حيث يصبح التكوين عن طريق التمهين هو الرهان الأساسي خاصة في ظل التنوع الكبير الذي شهدته مدونة التخصص، كما أن الفرص في سوق الشغل لم تعد خاضعة ومرتبطة بالضرورة بمستوى التكوين أو التأهيل، فثمة عوامل أخرى خارجية لا تجعل من مستوى التكوين ولا حتى الشهادة المحدد الرئيسي في التشغيل خاصة مع تبني مفاهيم جديدة على غرار قابلية التشغيل، المقاولاتية.
وأمام هذه الإشكالات الكبيرة المتعلقة خاصة بالتكوين المهني، تتمحور هذه الدراسة حول مجموعة من التساؤلات التي تشكل الإطار العام لإشكالية البحث: هل يساهم التنوع الحاصل واتساع نطاق المهن في حقل التكوين من خلال الفروع والتخصصات المهنية إلى زيادة الطلب الاجتماعي من طرف الشباب أم أن هناك عوامل أخرى تتدخل في تشكل الطلب على التكوين؟ وهل يقتصر العرض المؤسساتي على نمط من التكوين (التكوين عن طريق التمهين) خاصة وأن سوق الشغل يشهد ميلاد العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أم أن هناك عوامل أخرى تعتبر المحدد الرئيسي للإدماج في ظل تقلص مناصب الشغل وانخفاض قيمة شهادة التكوين المهني في سوق الشغل؟ وتجسيدا لهذا الطرح سنحاول في هذه الورقة البحثية الوقوف على هذه الإشكالات ومحاولة الإجابة عنها من خلال دراسة ميدانية بعد ما ساهمت الدراسة الاستطلاعية في إثراء بحثنا من خلال ضبط أسئلة الاستمارة والمقابلة النصف موجهة وتحديد ميدان البحث فضلا عن المقاربة المنهجية أو التمشي المنهجي للبحث.
1 – التمشي المنهجي للبحث:
1 – 1 – الإطار الزمني والمكاني للدراسة:
تتحدد هذه الدراسة وفق مجالين أهمهما المكاني الذي يعتبر من المراحل الرئيسية لإنجاز أي بحث ميداني، فاختيارنا لولاية تلمسان كان قصديا وذلك من أجل فهم أفضل للواقع وللظاهرة، بحيث تدفعنا التساؤلات الأولى عن طبيعة العلاقة بين التكوين المهني وسوق الشغل أو طبيعة العلاقة بين العرض والطلب على التكوين إلى محاولة الكشف عن الآليات التي تتحكم في هاته العلاقة، في هذا السياق قمنا بتحديد مجتمع البحث حيث تبين لنا أنه لا يمكننا إجراء مسح شامل لكل مراكز التكوين المهني في الولاية، لهذا عمدنا إلى اختيار عينة اقتصرت على (531) فرد، وفق نمط العينة الحصصية**“La méthode des quotas“ التي تشمل كلا الجنسين، نمط التكوين في (06) مراكز للتكوين المهني والتمهين، مع العلم أن جل المبحوثين (المتربصين، المتكونين) أي حولي (60%) لم يتبقى لهم إلا شهر واحد على التخرج، أما الفئة الثانية فتمثل المسجلين الجدد الذين توجه غالبيتهم نحو نمط التكوين الإقامي هذا ما سنوضحه بشكل مفصل في الجدول التالي (جدول رقم (1))، حيث سنركز فيه على كيفية اختيار العينة وفق شروط المعاينة الحصصية Tableau de contingence.
العينة المسحوبة من المجتمع الأصلي | العينة بالنسبة % | مجتمع البحث الأصلي | |||||||||||
التكوين عن طريق التمهين | التكوين الإقامي | الإناث | الذكور | عينة البحث | التكوين عن طريق التمهين | التكوين الإقامي | المجموع | المركز/ المعهد | |||||
الإناث | الذكور | الإناث | الذكور | الإناث | الذكور | الإناث | الذكور | ||||||
0 | 6 | 1 | 11 | 1 | 17 | 18 | 8.13 | 3 | 78 | 4 | 139 | 224 | سيدي سعيد (تلمسان 1) |
6 | 31 | 5 | 29 | 11 | 60 | 71 | 16.08 | 25 | 198 | 38 | 182 | 443 | عين الدفلى (تلمسان 2) |
4 | 4 | 9 | 10 | 13 | 14 | 27 | 9.87 | 36 | 40 | 96 | 100 | 272 | إمامة |
24 | 14 | 27 | 15 | 51 | 29 | 80 | 17.02 | 94 | 127 | 205 | 43 | 469 | الكيفان (الإناث) |
40 | 27 | 32 | 23 | 72 | 50 | 122 | 21.06 | 180 | 139 | 161 | 100 | 580 | المعهد المتخصص إمامة |
35 | 44 | 59 | 75 | 94 | 119 | 213 | 27.81 | 113 | 169 | 223 | 261 | 766 | المعهد المتخصص منصورة |
109 | 126 | 133 | 163 | 242 | 289 | 531 | 100 | 1202 | 1552 | 2754 | المجموع |
الجدول من إعداد الباحث اعتمادا على معطيات مأخوذة من مقررات التكوين المهني لولاية تلمسان
أما الفئة الثالثة فتتكون من خريجي التكوين المهني الذين قمنا باستجواب البعض منهم باختلاف وضعياتهم الحالية إذ وجدنا أن أقلية منهم تشتغل في القطاع الخاص والأقلية الأخرى تعمل لحسابها الخاص أما غالبيتهم ففي وضعية بطالة وفي ما يخص الفئة الرابعة المتمثلة في بعض المقاولين واستقصاء نظرتهم التقييمية حول كفاءة ومستوى تأهيل خريجي التكوين المهني مع تركيز استجوابهم عن فئة المكونين إقاميا، وأخيرا يأتي ذكر فئة العاملين في الوكالة الوطنية للتشغيل (ANEM)، وذلك بإجراء مقابلات نصف موجهة قصد التعرف على مختلف العروض الخاصة بخريجي التكوين المهني، وأهم الشهادات المطلوبة والمعايير المستعملة لانتقاء هذه اليد العاملة، ضف إلى ذلك نوع المؤسسات التي تقدم هذه العروض.
1 – 2 – المقاربة المنهجية للبحث:
إن التناول المنهجي للبحث يجعلنا نتبع منهجية ترتكز على نوعين من المناهج، الكمية والكيفية“L’approche quali-quantitative“*تفرضها طبيعة الموضوع بحيث لا يكفي تكميم الظاهرة وإعطائها دلالات كمية دون فهم لجوانب العالم الواقعي فإذا كان لزاما استعمال المنهج الكمي واستعمال وسائل التحليل الإحصائي باستخدام “تقنية الاستمارة”)[1]) لتكميم الظاهرة فإن السوسيولوجيا تفرض علينا وكما يؤكد (P. Bourdieu)على أن “عالم الاجتماع لا يجد في تراثه النظري ذلك التضاد بين المختبر والحياة اليومية، كما أنه لا يجد أيضا الأدوات التي تسمح له برفض اللغة الشائعة بما تحتويه من مفردات رفضا قاطعا”)[2]) بحيث أن “سلطان هذه المفردات الشائعة بالغ القوة، ومن هنا يجب الاستعانة بجميع التقنيات المتوفرة لإنجاز القطع المنهجي”)[3])، فالاستعانة بأدوات جمع البيانات ضرورة منهجية، بحيث إن إجابات المبحوثين في ميدان البحث عن طريق “المقابلة النصف موجهة”)[4]) يمكنها أن تغير الانطباعات الأولية للباحث حول الظاهرة قيد الدراسة، إذن لا يمكننا الاستغناء عن المنهج الكيفي في علم الاجتماع، فوصف وتفسير الظاهرة لا يكفي دون فهم وتأويل تلك الخطابات الشائعة والعفوية، وبهذا يكون تحكمنا في الظاهرة كليا ووفق نظرة كلية غير جزئية.
1 – 3 – أساليب التحليل الإحصائية:
تتحدد الأساليب الإحصائية المستخدمة في أي دراسة وفق طبيعة الموضوع والمنهج، فبعد التعرف على طبيعة التوزيع الذي تتبعه العينة إذ تتبع التوزيع الطبيعي لهذا وبحكم أن العينة قيد الدراسة تفوق عدد وحداتها (30) ( n˃30 ) ما يفوق (500) مبحوث، فلم يكن هناك من داع لاختبار إن كانت العينة تتبع التوزيع الطبيعي أم لا لأنه كلما كبر حجم العينة كلما كانت أقرب إلى التوزيع الطبيعي، وكلما كان حجم العينة كبير كلما كانت العينة ممثلة أحسن تمثيل للمجتمع الذي أخذت منه، لهذا يجوز استعمال كل الاختبارات اللامعلمية “Test non-paramétrique“ كاختبار حسن المطابقة أو جودة التوفيق، اختبار الاستقلالية“Chi Square“، اختبار“Kolmogorov-Smirnov“ وغيرها من الاختبارات اللامعلمية لأن جل الدراسات السوسيولوجية التي تعتمد على التحقيق الميداني أو استطلاعات الرأي العام، تتضمن غالبا البيانات الإسمية “nominal“ والترتيبية “ordinal“ بالإضافة إلى الأساليب الإحصائية الوصفية والتي تعطينا صورة واضحة لخصائص مجتمع الدراسة وتركيبته.
2 – العرض والطلب على التكوين: بين الشروط الموضوعية وتشكل الطلب على التكوين:
إن الحديث عن العلاقة عرض/طلب على التكوين أصبحت من المواضيع ذات المعطى الموضوعي ومن القضايا المحسومة مسبقا بسبب استدامة التناقض بين العرض والطلب على التكوين، فإذا كانت عروض التكوين المقترحة في تنوع أكثر فالطلب عليها يتخذ عدة أشكال أو منحى آخر مناقضا للشروط الموضوعية لهذه العروض ولا يتوافق وتوجهات الفاعلين، إما من جهة طالب التكوين أو من جهة المؤسسات المشغلة (أرباب العمل، المقاولين…).
إذا كانت مدونة التخصصات تضم (22) شعبة مهنية منقسمة على (442) تخصص في كل المجالات وحسب كل المستويات، فإن ميدان البحث (مدينة تلمسان) الذي نحن بصدد دراسته لم يتوفر على كل هذه التخصصات بل يشمل (20) شعبة مهنية ممثلة في (189) تخصص حسب قطاعات النشاط، وحسب كل منطقة داخل الولاية (تلمسان)، رغم تجاوز هذه التخصصات وهذه الشعب لطلب المؤسسات، إلا أنها اتخذت منحى آخر فردي في تشكيل هذه القاعدة العامة لنظام التكوين المهني بنمطيه الإقامي وعن طريق التمهين، إذ لم يقتصر عرض التكوين على طلب المؤسسات أو غيرها بل على توجيه طالب التكوين وفق مسار آخر يمكنه من حجز مكانة في سوق العمل وذلك بتشجيع المبادرة الفردية في محاولة إنشاء مؤسسة عن طريق أجهزت التشغيل (Ansej, Angem, Cnac…).
تخضع عروض التكوين بالدرجة الأولى للمستوى التعليمي وحسب التخصصات التي تم انتقاؤها من مدونة التخصص حسب تقرير (DFP) لولاية تلمسان، فنجد أن معظم المسجلين ابتداء من سنة (2015) لا يقل مستواهم عن التاسعة متوسط أي المستوى الثاني في التكوين المهني ويزيد عن الثالثة ثانوي إذ يقابله المستوى الخامس في التكوين وحصرا في المعاهد المتخصصة، أين نجد التوجه التقني الحديث وإقصاء بعض المهن اليدوية التي تحتاج إلى الممارسة أكثر من الشهادة مثل: (maçonnerie-ferrailleur-coufrage…) فلم يكن إقصاء هذه المهن إقصاء مباشرا بل حسب المعطيات الموضوعية إذ لم يعد هنالك طلب بصفة الجمع على هذه المهن بل هناك طلب بصفة المفرد إضافة إلى ما تشكله وتتسم به بعض المهن عند البعض مثل: (cordonné-pâtisserie …) وغيرها من المهن التي يطغى عليها طابع الاحتكار أو تمثل إرثا ثقافيا لهؤلاء الأشخاص خاصة في تلمسان، وهذا ما أكدته مستشارة التوجيه لمركز التكوين المهني بسيدي سعيد:“أن هناك بعض المهن ذات طابع عائلي فالذين يمارسون التمهين عند أصحاب هذه الحرف لا يتعلمون شيء، لهذا نحن ندرس إلا أبنائهم، فهذه الحرف محصورة في العائلة ولا ينبغي لأحد أن يأخذ هذه الحرفة خوفا من المنافسة*“. لهذا أصبح جل القائمين على مراكز التكوين المهني لا يوجهون طالبي التكوين لهذه المهن لتجنب الوقوع في الرفض أو الاستغلال من قبل أرباب العمل، فهناك تحفظ على بعض المهن وذلك بعدم إشراكها في منظومة العرض رغم وجود الطلب عليها من قبل طالبي التكوين.
2 – 1 – آليات تشكل الطلب على التكوين.
يتخذ الطلب على التكوين أشكالا متعددة، فبالنسبة لطالب التكوين وباعتباره فردا ينتمي إلى بنية اجتماعية يحمل مجموعة من الانطباعات أو نسق من المعارف المبنية “structurés“ المستعدة على أن تشتغل، فطلبه على تخصص معين مستمد من تصورات اجتماعية ومن الواقع الاجتماعي، حيث أن هذا الأخير هو الذي يشكل هذه الانطباعات لأن الفرد يعيش في مجال معين “Champ“ حقل بتعبير P. Bourdieu)) ويشغل موقعا معين أو يمكن القول أنه يعيش في تراتبية معينة، هذا الموقع مرتبط بمجموعة من الخصائص الاجتماعية للفرد، فبوجوده في هذا المكان يستبطن ويستدمج كثيرا هذه الانطباعات والمعارف المبنية اجتماعيا، فالتمثلات والتصورات حول المهنة يستمدها من الواقع أو المجال الذي ينتمي إليه، فلا يتعلق ذلك أساسا وفق عروض التكوين المتنوعة، وما هو قابل للاشتغال أو التوظيف (التخصص أو المهنة) من طرف المقاول أو مؤسسة معينة، لا يمكن أن يكون بالضرورة مقبولا من طرف طالب التكوين. وأمام هذا التعارض الذي يشكله الفاعلون ضمن منظومة العرض والطلب على التكوين والذي يعتبر من أكبر الحواجز التي تؤدي إلى انكماش الطلب في بعض المهن سواء من طرف الطالب أو من طرف المؤسسات، الذي نتج عنه تناقض كبير بين طلبات المؤسسات وعروض التكوين، وإذا كان طالب التكوين بحكم محدودية تعليمه القاعدي يجهل ما تحمله هذه التخصصات فإنه ينتج استراتيجيات تتحدد حسب منفعته أو مصلحته والذي يمنحه سمو ومكانة في التراتبية الاجتماعية، حيث تظهر لنا نتائج الدراسة الميدانية أن هناك ارتباط بين (المستوى التعليمي، الجنس، مهنة الأب…) واختيار التخصص بالنسبة لطالب التكوين، إذ تتحكم هذه المتغيرات وخاصة مهنة الأب بشكل كبير في تشكل الطلب وهذا ما يظهره اختبار “Chi-square“ أو اختبار الاستقلالية للجداول المتقاطعة أن النتائج دالة إحصائيا عند مستوى الدلالة (Sig=0.000<0.05) فالمتغيرين غير مستقلين وبالتالي نقبل بأن لاختيار التخصص علاقة كبيرة بمهنة الأب وهذا ما يوضحه أكثر الملحق (1). فمثلا اختيار تخصص “مربية الطفولة الأولى” بالنسبة للإناث له صلة مباشرة بمهنة الأب، لهذا نجد أن نسبة كبيرة من الإناث اللائي يخترن هذا التخصص تكون مهنة الأب بين الطب والتعليم وأغلبهم وجهن لهذا التخصص، ضف إلى ذلك المستوى التعليمي الذي لا يقل عن المستوى الثانوي*. وبناءا على هذا يمكننا القول أن المواقع الاجتماعية التي يوجد فيها هؤلاء الفاعلون (طالبي التكوين) تتحدد بحجم الرساميل الموجودة فيها، فهناك “الرأسمال الثقافي، الرأسمال الاجتماعي والرأسمال الرمزي”)[5]) موزعين في فضاء اجتماعي معين، هذه الرساميل* تتدخل بشكل كبير في إنتاج الممارسات وهذه الأخيرة تنتج بدورها أو تعيد إنتاج الواقع الاجتماعي، بحيث يميل هؤلاء الفاعلون إلى المحافظة على المكانة الاجتماعية التي يشغلونها هذا إذا سلمنا أن كل فضاء اجتماعي هو فضاء صراع بين الفئات الاجتماعية ممن تملك رأس المال وممن لا تملكه.
المصدر: من إعداد الباحث بناءا على نتائج برنامج التحليل الإحصائي spss
ومن جهة أخرى، يعتبر متغير السن من المتغيرات الأكثر تأثيرا ومن المؤشرات المحورية والأكثر تحديدا خاصة في اختيار أو توجيه طالب التكوين وهذا ما تظهره نتائج الدراسة وباستعمال “Régression logistique“ الانحدار اللوجيستي لاختبار كيف يتدخل السن والجنس في اختيار أو توجيه طالب التكوين*. وكما هو موضح في الجدول رقم (2) أن العلاقة بين السن والاختيار أو التوجيه هي علاقة عكسية توضح تأثير السن، أي أن طالب التكوين كلما ارتفع سنه كلما كانت حظوظه كبيرة في اختيار التكوين المهني بنسبة (45%) مقارنة بالسن المنخفض، لا يختلف الأمر بالنسبة للجنس فالذكور طالبي التكوين لهم حظوظ كبيرة في اختيار التكوين المهني على أن يوجهوا إليه بنسبة (166%) على غرار الإناث.
Variables dans l’équation |
|||||||
A |
E.S. | Wald | ddl | Sig. |
Exp(B) |
||
Etape 1a |
Age |
-,787 | ,139 | 32,025 | 1 | ,000 | ,455 |
sx | ,510 | ,204 | 6,246 | 1 | ,012 | 1,665 | |
Constante |
1,210 |
,365 | 10,997 | 1 | ,001 |
3,352 |
|
|
إن هذه الفروقات بين الجنسين (ذكر، أنثى) تحمل عدة دلالات، بعيدا عن الثنائيات وعن علاقة الهيمنة التي يشير إليها (P. Bourdieu) (المهيمن والمهيمن عليه)، التمييز الجنسي، فالتقسيم الجنسي للعمل يعطينا صورة واضحة للبعد الرمزي التي تمثله الوظيفة العمومية (بحكم الارتفاع الكبير للإناث في الفروع والأسلاك المهنية مثل التعليم، التربية الصحة، … أو المهن الإدارية الخدماتية) وبالعودة إلى مدونة التخصص تظهر لنا الهيمنة الذكورية على كل التخصصات حتى وإن ألغينا تلك الحدود بين الجنسين في اختيار المهن إلا أن تلك المهن لا تمثل لدى الإناث ذلك التميز على غرار التخصصات الإدارية فالعلاقة بين الجنسين هي علاقة صراع حول التموقع.
توضح وتعكس النتائج التي أفرزها التحقيق أن الطلب على التكوين لا ينحصر فقط في المستوى التعليمي وضعفه أو الانتماء الاجتماعي، فاختيار التخصص لا يقتصر على هذين المتغيرين وبحكم أن هؤلاء الأفراد (طالبي التكوين) يكونون منغمسين في الحياة الاجتماعية بحكم التنشئة الاجتماعية والحس المشترك والتي تعود إلى إنتاج المجتمع،هذه الطبيعة الثانية هي التي تساهم بشكل كبير في توجيه طالب التكوين إلى إنتاج أفعال وممارسات فتظهر لنا على أنها ممارسات وسلوكات واعية وموجهة لفعل ما، لكن وعلى نقيض ما يطرحه رواد نظرية الاختيار العقلاني الذين يعتبرون أن الإنسان هو عقلاني واعي“homo économicus“* في حين أن “*L’habitus هو الذي يجعل الفرد يحدد ما هو ملائم وما هو غير ملائم بحسب الوضعية الاجتماعية التي يكون فيها، فالعزوف الكبير لطالبي التكوين عن عروض التكوين المقترحة وبالخصوص عن التخصصات اليدوية مثل:
(maçonnerie-carreleur coffrage…) وغيرها من المهن التي تتطلب جهدا كبيرا لممارستها مع تواجد هذه المهن وكثرة الطلب عليها من قبل المؤسسات، هو أن هذه الأخيرة لا تمنح طالب التكوين سمو في التراتبية الاجتماعية لهذا يتوجه إلى المهن الحديثة مثل:
(électricien bâtiment, menuiserie aluminium et Pvc,installation sanitaire et gaz-garnissage auto et ameublement, …)أو التخصصات التقنية، إن هذا الانكماش في الطلب راجع إلى أن المهن اليدوية لا تتطلب شهادة لممارستها بل ترتبط بالفعالية في سوق الشغل أي بالكفاءة، فالمقاولين والمؤسسات الخاصة للبناء والأشغال العمومية مثلا: لا تشترط الشهادة بل تركز على نوعية العمل كان هذا حسب مجموعة كبيرة من المقاولين الذين جرى عليهم التحقيق، فلم تختلف وجهات نظرهم حول التكوين المهني ويعتبرون أن التكوين النظري الأولي في مراكز التكوين المهني لهذا النوع من المهن لم ولن يجدي، كما أنهم يرجعون فشل التكوين إلى محدودية تكوين الأساتذة باعتبارهم غير مختصين يكتفون بتلقين نظري لهذه المهن في حين أن هذه الأخيرة تحتاج في نظرهم إلى الممارسة والعمل في ورشات ومؤسسات مختصة بإشراف من بنائين في الميدان.
3 – طالب التكوين بين المهنة والكفاءة:
بالرغم من تباين الرؤى والمواقف حول طبيعة العلاقة تكوين مهني /تشغيل فإن البحث والتفكير في عمق هذه العلاقة يضعنا أمام مجموعة من الإشكالات، فإذا سلمنا بأن التكوين المهني يقتصر على منح الفرد مجموعة من المؤهلات والكفاءات والمهارات، فإن حاجة الفرد إلى الشغل تفوق حاجته إلى القوانين والقواعد النظرية والشيء الوحيد الذي يمنح الفرد قيمة اجتماعية هو انخراطه في ممارسة المهنة، تفرض علينا الدراسة الميدانية تحليل المعطيات الإحصائية وفق اقترابين: يتمثل الأول في التركيز على “المهنة” و”الكفاءة”، فالمهنة هي مجموعة من المعارف والمهارات التي يكتسبها الفرد من خلال دراسته في مراكز أو معاهد التكوين المهني لمدة تتراوح ما بين (6) أشهر إلى (18) شهرا أو تفوقها، وذلك حسب طبيعة التخصص إذ تتطلب التخصصات التقنية أكثر من (30) شهرا، أما الكفاءة المهنية أي ممارسة المهنة بعيدا عن مراكز التكوين المهني عن طريق الاحتكاك بسوق الشغل أو ما يسمى بالتمهين.
أما المقاربة الثانية فترتكز على الطلب المؤسساتي أي متطلبات سوق الشغل بمعنى أنه لا يؤدي تكوين في تخصص ما بشكل آلي إلى منصب شغل محدد، بما أن ممارسة هذه المهنة أو تلك لا تتوقف على مستوى التكوين بل على فعالية نمط التكوين، هنا تظهر الفروقات بين نمطي التكوين، فعملية الانتقال من حقل إلى آخر (من مركز التكوين المهني إلى سوق الشغل) يختلف عن الحقل الذي استمد منه الفرد (طالب التكوين) تلك المعارف يحدث ما يسميه (P. Bourdieu) بعدم التطابق بين “L’habitus” و“Le champ“ لهذا فالرهان الأساسي الذي يقوم عليه التكوين المهني هو التمهين، هو ممارسة المهنة، فالذي يمارس التمهين (المتربص) عند اتصاله للمرة الأولى بمكان العمل (ورشة أو مؤسسة مهما كانت طبيعتها) لا يتعلم من الكتب النظرية بل بالممارسة مع رب العمل أو صاحب الورشة أو موظفين فيحاكيهم في كل تصرفاتهم في حركاتهم سلوكاتهم العملية، هو يحاكيهم في كل شيء، هذه المهارات والقدرات والكفاءات تقوم على مجموعة من المفترضات الغير معلن عنها يكتسبها الفرد عن طريق الممارسة أو من خلال عمله مع الجماعة، مع رب العمل، فلا يشترط الشهادة في حرفة ما أو تخصص معين بل بممارسة تلك المهنة، لأنها وكما يطلق عليها المعرفة الضمنية والسلوكات الضمنية، إذن ففعالية نظام التكوين المهني لا تتوقف على التلقين النظري في بعض التخصصات بل على ممارستها والشكل رقم (2) في الملحق (3) يبين تأثير العمل الجماعي بشكل إجابي على تحصيل تلك المعارف والمهارات المتعلقة بمهنة معينة ونخص بالذكر التخصصات الحرفية حيث لا وجود لتلك المعيقات المتعلقة باللغة مقارنة بالتخصصات التقنية أين تعتبر اللغة حاجزا كبيرا وراء تحصيل طالب التكوين من عدمه، لهذا فالتمهين يعتبر الرهان الأساسي الذي يسهل من عملية إدماج واندماج الفرد في سوق الشغل، وبالاعتماد على برنامج التحليل الإحصائي(SPSS)، تظهر النتائج المستخرجة عن طريق اختبار الاستقلاليةChi-squareبما أن(sig 0.000<0.05)فالنتائج دالة إحصائيا عند مستوى الدلالة (a=0.05) و(a=0.01)، إذن نقبل بأنه كلما كان العمل الجماعي والتعاون بين المتربصين في مكان العمل، كلما ازداد التطور الذهني والعملي للمتربص، أي هناك فروق دالة إحصائيا بين نمطي التكوين مع مراعاة طبيعة التخصص وطبيعة المؤسسة التي يجرى فيها التربص كما هو موضح في الجدول رقم (3).
Tests du Khi-deuxاختبار الاستقلالية |
|||
Valeur |
ddl |
Signification asymptotique (bilatérale) |
|
Khi-deux de Pearson |
149,098a | 38 | ,000 |
Rapport de vraisemblance |
182,710 | 38 | ,000 |
Association linéaire par linéaire |
,217 | 1 | ,641 |
Nombre d’observations valides |
502 | ||
|
وفي السياق ذاته تختلف إجابات المبحوثين باختلاف تخصصاتهم وباختلاف وضعيتهم الاجتماعية في ما يخص بعض التخصصات خاصة الحرفية (textile- couture-pâtisserie- élevage des ruminants-coiffeur (homme et femme)…)وغيرها من المهن، فمنهم من يمارس هذه المهنة بكفاءة مهنية من دون شهادة، لهذا يلجأ إلى مؤسسات التكوين المهني للحصول على شهادة تمكنه من خلق مؤسسة خاصة إما عن طريق ماله الخاص أو التقرب إلى أجهزة التشغيل التي وضعتها الدولة، كما أجاب جل المبحوثين إضافة إلى اعتبار أن بعض المهن تمثل لدى البعض إرث ثقافي (رأسمال رمزي) ما يجعل طالبي التكوين لا يتوجهون إليها، فهم يتقبلون هذا الفعل وبذلك يعترفون بشرعية هؤلاء الأفراد، نتحدث هنا عن الرأسمال الرمزي الذي يتشكل من الفروقات الطبقية ثم يتحول إلى فروقات موضوعية نجدها في الثروات وامتيازات لها شرعية معترف بها في التصورات الاجتماعية لفضاء اجتماعي معين، وما يؤكد ذلك أن القائمين على التكوين المهني يقرون بهذه الهيمنة فلا يقومون بتوجيه طالبي التكوين لهذه المهن وهذا ما أكده كل مستشاري التوجيه المهني لمراكز التكوين المهني بقولهم:” هناك بعض المهن معروفة بأصحابها أو من طرف مجموعة معينة تمثل عندهم إرث، لذلك لا نريد أن نجازف بطالب التكوين بعد تحصله على الشهادة لا يجد من يوظفه أو حتى إنشاء مؤسسة صغيرة خاصة به، فنحن نكتفي بمنح أبنائهم شهادة كفاءة، لكن منهم من يصر على التكوين في هذه المهن لكنه خلال فترة التمهين عند هؤلاء الحرفيين لا يتعلم شيئا، بل يكتفي بالأعمال الشاقة فهناك حالات بالجملة من هذا القبيل*“.
لا تعتبر الطبيعة الاحتكارية هي العائق الوحيد الذي يقف في وجه المتربص الذي يمارس التمهين، بل هناك أسباب أخرى تتحدد وفق نمط التكوين (الإقامي وعن طريق التمهين) وطبيعة التخصص وتعتبر من الإشكالات الكبرى وهنا نركز على ثلاث محطات رئيسية في المسار المهني للمتربص:
تتمثل الأولى في رفض أرباب العمل (مؤسسات، ورشات…) المتربص من أول اتصال له بمكان العمل خاصة المؤسسات الخاصة، إذ يفضل أرباب العمل (المقاولون خاصة) الكفاءة ولا يعيرون اهتماما للشهادة ولا المتربص حسب تصريح أحد المقاولين:“عندما يأتي إلينا حاملي شهادات التكوين المهني خاصة في تخصصات البناء نستلم منه الملف إلا أننا لا نستطيع تشغيله لأننا محكومون بفترة زمنية لإنهاء المشاريع وخريجي التكوين المهني ليس لديهم تكوين ميداني**“.
يتمتع أرباب العمل بالسلطة التي تجعلهم يتحكمون في قوانين السوق وحتى في الفضاء الاجتماعي بحكم امتلاكهم للرأسمال المادي والاجتماعي، فهم يبسطون هيمنتهم ويصدرون أحكاما تعمل لصالحهم كرفض تقمص دور التمهين رغم الشروط القانونية التي ينص عليها مبدأ الشراكة تكوين/مؤسسة، هؤلاء “الذين يهيمنون على الحقل (سوق العمل) يملكون الوسائل التي تمكنهم من جعلها تعمل لصالحهم”)[6]) ويؤكد هذا مستشار التوجيه لمركز التكوين المهني عين الدفلى بقوله:“إن أرباب العمل يبحثون عن متكون ماهر، بتكلفة قليلة وفي وقت وجيز، هذا يحدث مرارا عند طلبهم لعمال من عندنا، بحيث لا يريدون تقمص دور التمهين فهم يبحثون عن الربح في وقت قصير وبأقل تكلفة وجودة عالية وهذا غير ممكن”.
أما السبب الثاني وهو الإقصاء بالتمهين، حيث يقضي المتربص في مهنة أو تخصص ما فترة التمهين في مؤسسة أو ورشة، بغض النظر عن طبيعة المؤسسة (إدارية، اقتصادية) فلا يحصل شيء حول المهنة، تقول في هذا الصدد مستشارة التوجيه لمركز التكوين المهني سيدي سعيد:” هناك حالات كثيرة اطلعنا عليها في مكان العمل (التمهين) فوجدناهم لا يعلمون شيء حول المهنة التي يزاولونها، بل يكتفون بالنظافة والأعمال الشاقة التي ليس لها دخل في المهنة أو التخصص”.
نذكر هنا تصريح في المقابلة رقم (5) ل: (ل. ف. (23) سنة، انقطع عن التكوين بعد (18) شهرا ولم يتحصل على الشهادة، في مهنة (النجارة) بقوله:“لم أكتسب شيء كنت عبارة عن عامل مساعد، لم يأمرني يوما بعمل معين إلا قص اللوح فقط والأعمال الشاقة من الثامنة صباحا إلى الرابعة مساءا بأجر (500 دج) في الأسبوع، وهذا ينطبق على (4) متربصين آخرين*“.
إن أغلب هؤلاء المتربصين لا يكملون تربصهم وبالتالي لا يتحصلون على شهادات ومنهم من يتحصل على شهادة فقط لهذا يكون اندماجهم في الحياة المهنية صعبا، هؤلاء المستخدمين (أرباب العمل) لا يبحثون عن تكوين لهؤلاء الأفراد بل هناك سبب آخر وراء قبولهم كما صرح مستشار التوجيه المهني بمركز التكوين المهني إمامة:“إن أرباب العمل يطلبون متربص لغرض واحد وهو أن الدولة وضعت بندا يقضي بأن أي مؤسسة خاصة بطبيعة الحال تتكفل بمدة التمهين، تلغي لها جزء من الضرائب”.
وأخيرا، الطبيعة الاستغلالية للمتربص وهي الأكثر شيوعا كما صرحت مستشارة التوجيه بمركز التكوين المهني سيدي سعيد بقولها:“إن التخصصات الأكثر طلبا هي: (Plomberie-électricité bâtiment-quilibrage-hôtellerie-cuisine-– التأثيث المنزلي والمركبات-الاعلام الآلي) من طرف المؤسسات فهم يطلبون المتربصين ذوي(CAP) و(CMP) لقضاء فترة التمهين، لكنهم في حقيقة الأمر هم يبحثون عن عمال بأجر زهيد لا يمكن أن نسميه أجرا”.
ويؤكد أحد المتخرجين من التكوين المهني ويمتلك الآن ورشة في مقابلة رقم (6) بقوله:“لم أتعلم شيء مع رب العمل، بل كان هناك في تلك الورشة متربصين أقدم مني، فكل واحد منهم يعلمني شيء حتى تعلمت، رب العمل لا يريدك أن تتعلم لكن المهم أن تساعده في العمل، بدون مقابل*“.
يلجأ المتربص في هذه الحالة إلى العمل الجماعي لتحصيل المعارف المتعلقة بالمهنة ولتحسين كفاءته المهنية، لأن ما يجعل الفرد يحس أنه جزء من الكل هو العلاقات الاجتماعية للإنتاج التي تنشأ عن طريق العمل الجماعي “Relation sociale de production“.على العكس من ذلك تتميز العلاقة بين المتربص ورب العمل دائما ب: الهيمنة، “Rapport sociale de production” فهي علاقة استغلالية تحت غطاء التمهين وحتى بعد انتهاء هذه الفترة لا تتغير نظرت رب العمل نحو المتربص، حيث يبقى دائما مبتدأ وأنه له الفضل في منحه ذلك الرأسمال الرمزي (تقنيات المهنة وبالخصوص الحرف)، إلا أن ما ينطبق على الذين يقضون فترة التمهين في الورشات ليس هو بالضرورة بالنسبة للذين يمارسونه في المؤسسات خاصة ذات الطابع الإداري، لأن طبيعة التخصص هي التي يمكنها التحكم في المسار المهني للفرد فممارسة التمهين في التخصصات ذات الطابع الحرفي ورغم كل العوائق (الصراع مع رب العمل، الاستغلال، الأجر المنعدم، ظروف العمل…) إلا أنهم يتخذون منحى آخر في الوصول إلى سوق العمل لكن بشكل غير رسمي نذكر مثلا:
(coiffeur- électricien soi (automobile ou bâtiment)- boucherie- plomberie- cuisine- installation sanitaire et gaz-التأثيث المنزلي والمركبات- الخياطة…) هؤلاء الأفراد عند تخرجهم لا يتوجهون إلى مكاتب أو أجهزت التشغيل (خاصة الذكور) إلا القليل منهم، بل يحاولون تجاوز تلك الحواجز والعراقيل التي ينتجها النسق العام تحول دون وصول هذا الفاعل إلى سوق العمل بشكل رسمي.بناءا على ما سبق يمكننا اعتبار أن النسق العام هو الذي ساهم ولا يزال يساهم بشكل كبير في إنتاج وتوسيع رقعة الاقتصاد الغير رسمي (سوق العمل الغير رسمي) انطلاقا من القوانين والقواعد التي يقوم بصياغتها وليس الأفراد، لأن هذا الأخير خاضع بشكل أو بآخر لما يمليه الواقع فازدياد الحاجيات الاجتماعية والاقتصادية للفرد تفرض عليه التوجه وممارسة تلك المهنة بشكل غير رسمي في الاقتصاد الموازي. لكن تختلف وضعية الأفراد الذين يمارسون التمهين في مؤسسات وبحكم تخصصاتهم التقنية نجدهم يتخلون عن الشهادة شكلا ومضمونا، هنا يمكننا القول أن العلاقة تكوين مهني/تشغيل أو عرض/طلب تخطت حدود التنظير الاقتصادي وتجاوزت كل الأطر النظرية التي ترجح دور الفرد في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، باعتباره فاعل اجتماعي مسؤول يمتلك اختيارا عقلانيا يخضع بشكل مباشر لقوانين وقواعد السوق بل أصبحت خاضعة لقرار سياسي يقضي بإرضاء الفئات الاجتماعية (بتحصيل على الشهادة) في المجتمع.
4 –التكوين المهني وسوق الشغل بين القدرة الفردية في تحصيل الشهادة وكفاءة المتخرجين:
انطلاقا من قانون بسيط هو: “أي تخصص بدون سوق، سيكون من دون قيمة أو أكثر دقة يكف عن أن يكون رأسمالا ليصبح تخصص”:
« Une compétence sans marché devient sans valeur ou, plus exactement, cesse d’être un capital »)[7])
بحيث “لا قيمة لشهادة إن كانت لا تحظى بسوق” فأي تخصص ما لا يحمل أي منفعة إلا في سوق معين:
« Un capital ne se définit comme tel, ne fonctionne comme tel, n’apporte des profits que sur un certain marché »)[8])
تختلف وجهات النظر حول صلاحية ومصداقية شهادة التكوين المهني في سوق الشغل فبالنسبة للقائمين على مؤسسات التكوين المهني: فهي شهادة تثبت أحقية حاملها وكفاءته بنسبة (75%) في التحكم الجيد بالمهنة “كما صرح مديري المعهد المتخصص في التكوين المهني – منصورة* وإمامة** – وكل مستشاري التوجيه للمراكز التي أجريت فيها الدراسة” إلا أنها لا تمثل لدى الطالبين على اليد العاملة خاصة التخصصات التقنية أي قيمة، فالكفاءة المهنية لها مكانتها وموقعها في سوق الشغل، كما يصرح المسؤول عن تسيير الموارد البشرية في الشركة الأجنبية (شراكة سورية/تركية) للبناء والأشغال العمومية “البيرق” بقوله:“قمنا بتوظيف 2 “Topographes” ومسير أشغال كانت لهم خبرة ميدانية من قبل هذا فقط، لكن في التخصصات الأخرى لا يمكننا لأن هناك من يتقنون تلك المهن ويمارسونها أي لهم ورشات”*.
لكن يختلف الطلب على اليد العاملة باختلاف التخصص ونخص بالذكر المستويات العليا (المستوى الرابع والخامس)، وبحكم أنها تدخل ضمن سوق العمل الأولي، مما يجعل الطلب عليها (على حاملين هذه الشهادات) يقل لوجود تضخم في العرض من قبل خريجي الجامعات، فبناء على المبدأ الاقتصادي العام الذي ينص على أن “زيادة العرض في أي سلعة أو خدمة ما تؤدي إلى انكماش أو انخفاض في فرص العمل أو عرضها في السوق بأقل سعر مما لو كان الطلب عليها أكبر”) [9]) يؤكد هذا المبدأ تصريح مدير الوكالة المحلية للتشغيل حول طلب المؤسسات بقوله: “تطلب المؤسسات تخصصات كثيرة في جميع المجالات وتركز في طلبها على الشهادات الجامعية (ماستر، ليسانس) في التخصصات التقنية وكذلك الحرفية لكن بنسبة قليلة جدا تكاد تكون منعدمة على (TS)، (BTS)**“.
ويضيف كذلك مسؤول تسيير الموارد البشرية لشركة البناء والأشغال العمومية (البيرق): “صراحة نحن نطلب أكثر من الوكالة المحلية للتشغيل خريجي الجامعات، لكن لماذا؟ أعطيك مثالا: (un géologiste) يتقن (topographie–informatique) إضافة إلى تخصصه (comptable) يتقن (informatique–saisie–gestion) إضافة إلى المحاسبة، أما خريجي التكوين المهني لا يتقن إلا تخصص محدد مثلا (topographie) أو (agent de saisie) محاسبة إذا ماذا يمكن أن يضيف مع أنه ليست له خبرة، أما خريج الجامعة فهو يمزج بين العمل الإداري والعمل الميداني”.
لا زالت تلك النظرة الدونية لأرباب العمل بل للمجتمع ككل اتجاه حاملي شهادات التكوين المهني فيرون أنهم “Réside la faille، إنها ترسبات تاريخية لازالت راسخة في اللاوعي الجمعي ما ساهم وسيساهم في خلق هوة بين ما يطمح إليه حامل هذه الشهادة والفرص الواقعية في سوق الشغل بعد سيطرت القطاع الخاص وانتشار سياسة التعاقد التي مست حتى القطاع العام أصبحت هذه الشريحة من المجتمع (حاملي شهادات التكوين المهني خاصة المستويات العليا (4 و5) تعيش تهديدا حقيقيا بدخولها في منافسة لا تقوى على مجاراتها فمن جهة: الصورة النمطية التي يحملها أرباب العمل حول هذه الشهادات ومن جهة أخرى: انخفاض لقيمة هذه الأخيرة في سوق شغل غير مهيكل لا مكان فيه للمهارة والمعرفة العلمية بقدر ما للرأسمال الاجتماعي من مكانة في الحصول على منصب شغل، لأنه عندما يتيح النسق العام لكل الطبقات الاجتماعية إمكانية النفاذ إلى التعليم – التكوين، فهذا لا يعني أن كل هذه الطبقات لها الحق في التوظيف، بل هي استراتيجية لها أبعاد سياسية، ثقافية، اجتماعية، اقتصادية يؤكدها المبدأ الاقتصادي المذكور سابقا أن التضخم في عرض أي سلعة يقابله عرضها في السوق بأقل سعر ممكن، إنها طرق جديدة لاستغلال هذه الطبقة والتي يمكن تسميتها بالبروليتاريا بشكل ومضمون آخر، ليست البروليتاريا كما حددها ماركس (K. Marx) التي تمتلك قوة عمل فزيولوجية بل تتعداها إلى قوة عمل ذهنية كما يسميها (P.Glotz) بروليتاريا جديدة ما بعد الصناعة “New prolétariat postindustriel“([10]) في أعمال تعود بالربح على أرباب العمل وبطرق غير مكلفة، هذه الطبيعة الجشعة التي تميز أرباب العمل في استغلال طبقة كبيرة لم تصل بعد لدرجة الوعي الطبقي وبالتالي ترى في قبول الأجر المنخفض الطريقة الوحيدة للكسب، بل إلى التخلي حتى على تخصصاتها العلمية وقبول أعمال أخرى تضمن لها دخلا تسد به حاجته البيولوجية فقط ولا تتعداها إلى شيء آخر.
تؤكد إجابات المبحوثين (عينة الدراسة) (المتربصين الذين يجرون فترة التمهين في المؤسسات العمومية أو الخاصة حسب اختلاف نمط المؤسسة) أن غالبيتهم لا يريدون الاستمرار في مكان التربص أبرزهم الذين يمارسون التمهين في ورشات (يريد طالب التكوين أي المتربص في الورشة الاستمرار من أجل الخبرة) أو مؤسسات خاصة لأسباب عديدة أهمها: (كثرت الأعمال وممارسة أعمال إضافية لا علاقة لها بالتخصص- سوء المعاملة التي يتلقاها المتربص خلال فترة التمهين – الصراع الدائم مع رب العمل…الخ)، لكن الأمر لا ينطبق على المتربصين الذين يجرون فترة التمهين في المؤسسة العمومية، ورغم كل الحواجز إلا أنهم يعتبرون الشغل في المؤسسة العمومية مهما كانت طبيعته ومهما كان الأجر الذي يتقاضونه ومهما كانت ظروف العمل فهي مرضية،فنسبة كبيرة من الذين يريدون مواصلة الشغل بعد انقضاء فترة التمهين يكونون قد ضمنوا منصب دائم بالطرق الغير قانونية فالرأسمال الاجتماعي له مكانته في سوق الشغل المحلية.
المصدر: من إعداد الباحث بناءا على نتائج برنامج التحليل الإحصائي spss
خاتمة:
إذن في ظل انعدام المعايير والقوانين التي تضبط سوق الشغل وسيطرت مبدأ القوة (السلطة والوراثة) والتراتبية الاجتماعية على مبدأ التعيين، وانعدام وجود آليات حديثة تضبط الإدارة كنظام الأجور الغير الموحد وغير المؤطر بقوانين وقواعد، كان لابد للدولة من خلق مفاهيم على رأسها قابلية التشغيل كآليات انتقائية للانسحاب من الدور الذي كانت تؤديه كمشغل رئيسي وتوكيل المهمة للقطاع الخاص، لكن في المقابل لايزال التشغيل في القطاع العمومي أو الوظيفة العمومية تمثل للمجتمع آلية من آليات التنمية الاجتماعية، فكل عارضي العمل (من بينهم الذين يجرون التربص في المؤسسات العمومية) نجد أن لديهم نوع من الازدواجية فمن جهة هو اتجاه سيكولوجي يحمله كل المجتمع نحو الوظيفة العمومية باعتبارها الضامن للأمان والاستقرار الاجتماعي، ومن جهة أخرى عدم الرضا عن ما يستفيدون منها فهم ينتقدون هذه المؤسسات، الموظفين، الخدمات التي توفرها، الأجر المنخفض… هو وضع متناقض، فهي مرغوب فيها ومنتقدة في نفس الوقت.
ما تم التوصل إليه من خلال نتائج الدراسة الميدانية أن كل المتربصين بما في ذلك الذين يزاولون التكوين الإقامي في التخصصات التقنية يتشبثون بالتوظيف المباشر والفوري في أسلاك الوظيفة العمومية (القطاع العمومي) ما يعني أنه لازالت هذه الأخيرة تشكل في اللاوعي الجمعي للمجتمع ككل تلك الوسيلة التي تضمن الاستقرار الاجتماعي وتضمن مكانة أعلى في التراتبية الاجتماعية، فجل الدراسات تقدم وصفات تقنية للعلاقة تكوين/تشغيل عرض/طلب لكن هناك خلل ما في مجال آخر غير ما هو تقني وهذا المجال هو المجال الرمزي (الثقافي)فإذا كانت الإجابة عن لماذا لازالت الوظيفة العمومية تمثل الضامن للأمان والاستقرار الاجتماعي فستكون: لأن النسيج الثقافي الجزائري لم يتم بلورته بشكل يجعل التصور والتمثل للوظيفة العمومية يتغير، فإذا كنا نعتبر مبدئيا أن للثقافة تأثير على سلوك الفاعلين داخل فضاء ما، فيجب أن نعيد النظر في مجموعة من الإجراءات أهمها خلق قطاع خاص قوي وتخليص الشباب من ذلك التشبث المرضي بالوظيفة العمومية أو بالتشغيل في القطاع العمومي.
قائمة المراجع:
1 –بيير بورديو، ج. س. باسرون، ج. س. شامبوردون، حرفة عالم الاجتماع، ت. نظير جاهل، دار الحقيقة، بيروت، ط1، 1993.
2 –عبد الكريم بزاز، علم اجتماع بيار بورديو، أطروحة دكتوراه، جامعة منتوري قسنطينة، الجزائر، 2006-2007.
3 –بيار أنصار، العلوم الاجتماعية المعاصرة، ت. نخلة فريفر، ط1، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1992.
4 –بيير بورديو، مسائل في علم الاجتماع، ت. د. هناء صبحي، هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة، ط1، 2012.
5 –توماس ساويل، تناقض الرؤى، الجدور الإيديولوجية للصراعات السياسية، ت. رنده حسين الحسيني، منشورات مجالات، بيروت، ط1، 2006.
6 – Selz Marion, la représentativité en statistique, Méthodes et Savoirs, édition Ined, paris, 2012.
7 – Luc Van Campenhoudt et Raymond Quivy, Manuel de recherche en sciences sociales, 4° édition Dunod, paris, 2011.
8 – Pierre Bourdieu, les structures sociales de l’économie, éditions Seuil, 2000.
9 – Pierre Bourdieu, Question de sociologue, Edition de Minuit, janvier 2013.
10 – André Gorz, L’immatériel : connaissance, valeur et capital, éd Galilée, Paris, 2003.
قائمة الملاحق:
Tests du Khi-deuxالملحق رقم 1 | |||
Valeur | ddl |
Signification asymptotique (bilatérale) |
|
Khi-deux de Pearson |
336,324a | 228 | ,000 |
Rapport de vraisemblance |
303,915 | 228 | ,001 |
Association linéaire par linéaire |
9,683 | 1 | ,002 |
Nombre d’observations valides |
502 | ||
|
niveau de formationالملحق رقم 2: توزيع عينة البحث حسب مستوى التكوين |
|||||
Effectifs | Pourcentage |
Pourcentage valide |
Pourcentage cumulé |
||
Valide |
niveau 1 certificat de formation professionnelle spécialisé (CFPS) |
5 | 1,0 | 1,0 | 1,0 |
niveau 2 certificat d’aptitude professionnelle (CAP) |
183 | 36,5 | 36,5 | 37,5 | |
niveau 3 certificat de maitrise professionnelle (CMP) |
53 | 10,6 | 10,6 | 48,0 | |
niveau 4 brevet de technicien (BT) |
52 | 10,4 | 10,4 | 58,4 | |
niveau 5 brevet de technicien supérieur (BTS) |
209 | 41,6 | 41,6 | 100,0 | |
Total |
502 | 100,0 | 100,0 |
الملحق رقم 3:
**تعتبر العينة الحصصية من العينات الأكثر شيوعا والأكثر استعمالا خاصة من طرف مراكز البحث في فرنسا وهذا لسهولة استعمالها ومن شروط استعمالها أو من مبادئها، أن تكون العينة المسحوبة ممثلة لمجتمع البحث وهذا وفق المتغيرات السوسيوديموغرافية، مثلا إذا كان مجتمع البحث الأصلي الذي نحن بصدد إجراء الدراسة عليه يتكون من (2754) متربص حيث يشكل نسبة الإناث (43 بالمئة) والذكور (57 بالمئة) فالعينة المسحوبة وحسب العينة الحصصية تمثلت في (531) متربص ووفق النسبة نفسها أي (43 بالمئة) إناث و(57 بالمئة) بالنسبة للذكور، وحسب نفس متغير نمط التكوين (الإقامي وعن طريق التمهين). للاطلاع أكثر أنظر:Selz Marion, la représentativité en statistique, Méthodes et Savoirs, édition Ined, paris, 2012 p58.
* تستعمل المقاربة الكمية-الكيفية في جل البحوث الاجتماعية وخاصة في العلوم السياسية وعلم الاجتماع وأحسن مثال على ذلك كتاب بورديو التمييز أو التمايز، حيث يؤكد بورديو على ضرورة التوفيق بين المنهجين، بحيث لا يجوز في علم الاجتماع إحداث القطيعة.
[1]Luc Van Campenhoudt et Raymond Quivy, Manuel de recherche en sciences sociales, 4° édition Dunod, paris, 2011, p167.
[2] بيار بورديو، ج. س. باسرون، ج. س. شامبوردون، حرفة عالم الاجتماع، ت. نظير جاهل، دار الحقيقة بيروت، ط1، 1993، ص19.
[3] المرجع نفسه، ص19.
[4]Luc Van Campenhoudt et Raymond Quivy, Manuel de recherche en sciences sociales, op.cit. p170.
* مقابلة رقم (1) يوم 23/10/2017 مع مستشارة التوجيه لمركز التكوين المهني والتمهين بسيدي سعيد (تلمسان 1).
* بما أن طبيعة الدراسة ترتكز على راهن العلاقة تكوين/تشغيل، عرض/طلب وأهم المتغيرات التي تتدخل في تشكل الطلب لهذا اعتمدنا بشكل كبير على اختبار “Chi-square” الذي يعطينا طبيعة العلاقة بين المتغيرات عند مستوى الدلالة فإما أن تكون هذه المتغيرات مستقلة عن بعضها أي (Sig=0.000<0.05) أو تكون العلاقة بينها هي علاقة طردية أي (sig<a=0.05)هذا الاختبار يؤكد إما قوة هذه العلاقة بين المتغيرات أو نفي وجود ارتباط بينها. حيث تظهر نتائج الدراسة الميدانية وجود علاقة قوية بين مهنة الأب تخصص طالب التكوين، وكما هو موضح في الشكل رقم (1)، إذ أن (70%) من أبناء الإطارات (إطارات في القطاع العمومي، القطاع الخاص ذوي مستوى تعليمي عالي، ضف إلى ذلك أطباء وصيدليين) يختارون أو يوجهون إلى التخصصات الإدارية مثل: محاسبة، تسيير الموارد البشرية، محاسبة وتسيير، إدارة الفنادق… إلى غيرها من التخصصات ذات الطابع الإداري، (32%) من أبناء الفلاحين agriculteursمن يختارون التخصصات السالفة الذكر تليها نسبة (47%) من أبناء التجار commerçons و(36%) من أبناء البنائين maçonsو(32%) من أبناء العمال اليوميين الذين يعانون من مشكل البطالة، بينما يطغى على المهن الأخرى بشكل كبير أبناء الفلاحين، التجار، البنائين، عامل يومي.
[5] Pierre Bourdieu, les structures sociales de l’économie, éditions Seuil, 2000, p12. P13.
*يستعير بيار بورديو مفهوم رأس المال من المقاربة الاقتصادية، ليفسر أوجه الشبه بين المادي (الاقتصادي) واللامادي الرمزي، الذي لا ينتقل عن طريق التبادل الآلي (السلع)، بل عن طريق الوراثة، فهو الشكل الآخر لرأس المال، لهذا يميز بورديو بين أربع أنواع لرأس المال:
« Le capital culturel qui est élaboré par Gary Becker « le capital humain » … qui trouve dans les performances scolaires d’enfants inégalement dotés culturellement et, plus généralement, dans toutes sortes de pratiques culturelles ou économiques »…
« Le capital social c’est l’ensemble des ressources qui peuvent être réunies par procurations, à travers des réseaux de relations plus ou moins nombreuses et plus ou moins riches »للاطلاع أكثر أنظر Pierre Bourdieu, les structures sociales de l’économie, op. Cit. p12.
“الرأسمال الرمزي: le capital symbolique وهو يتعلق بمجموعة الطقوس التي لها علاقة بالشرف والاعتراف وهو في النهاية السمعة والسلطة التي يتمتع بها الفاعل من خلال الأشكال الثلاثة لرأس المال” إضافة إلى رأس المال الاقتصادي le capital économique: الذي يتكون من العوامل المختلفة للإنتاج (الأرض والمصانع، العمل…) ومجموع الثروات الاقتصادية (المداخيل الإرث، الثروات المادية…)” للاطلاع أكثر أنظر: عبد الكريم بزاز، علم اجتماع بيار بورديو، أطروحة دكتوراه، جامعة منتوري قسنطينة، الجزائر، 2006-2007، ص 60.
*Concernant les deux variable (âge, sex) par rapport au variable dépendant (orienter, choisi la formation professionnelle) on utilise la régression logistique (ce type de teste utilisé pour savoir l’impact d’un variable à l’autre mais quand on a des variables nominale et des variables ordinales comme âge et sex mais à condition que le variable dépendant sera nominale comme : orienter vers la formation professionnelle ou vous avez choisis la f.p) comme indiqué dans les résultats, nous avons trouvé que ; Les demandeurs de la formation professionnelle, ils ont la chance d’être choisis la formation professionnelle par rapport à l’Age supérieur de (45%) que les demandeurs de la f.p sont une chance d’être orienté par rapport à l’Age inferieur. Selon le sex : les hommes ont la probabilité de (1.665) de (166%) d’être choisi la formation professionnelle que les femmes. Ces résultats explique l’impact et l’influence des variables sex et âge et sur le variable dépendant (choisis, orienté).
*قدرة الفرد على تقويم الحالة الصحيحة للعلاقات الاجتماعية، وعلى البحث عن تحقيق منافعه بأفضل وجه، فهي تضخم دور الفرد في الحياة الاجتماعية وتقلص دور الدولة ومكانتها، تعتبر هذه النظرية امتدادا للفردانية المنهجية التي وضع أسسها العالم الفرنسي Raymond Boudon.
* يعرف بيار بورديو L’habitus على أنه مجموعة من الاستعدادات المكتسبة وأصول الإدراك والتقويم والفعل التي طبعها المحيط الاجتماعي في لحظة محددة وموقع خاص، أنظر: بيار أنصار، العلوم الاجتماعية المعاصرة، ت. نخلة فريفر، ط1، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1992، ص 34.36.
* المقابلة رقم (1)، مستشار التوجيه المهني لمركز التكوين المهني عين الدفلى والمقابلة (2)، مستشارة التوجيه المهني لمركز التكوين المهني سيدي سعيد، تم ذكرهما سابقا. المقابلة رقم (3)، مستشار التوجيه المهني لمركز التكوين المهني إمامة بتاريخ: 06/11/2017.
** المقابلة رقم (4)، ب – م -مقاول 50 سنة إمامة –تلمسان-بتاريخ: 18/10/2017.
[6] بيير بورديو، مسائل في علم الاجتماع، ت. د. هناء صبحي، هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة، ط1، 2012، ص 219 – 220.
* مقابلة رقم (5)، ل. ف. 23 سنة، مهنة نجار، لم يواصل تكوينه بعد قضائه 18 شهرا في الورشة، تلمسان بتاريخ: 23/12/2017.
* مقابلة رقم (6)، س. ف. 24 سنة، صاحب ورشة في نجارة الأليمينيوم، تلمسان –الرمشي-بتاريخ: 15/11/2017.
[7]Pierre Bourdieu, Question de sociologue, Edition de Minuit, janvier 2013, p125.
[8]Ibid. p125.
المقابلة رقم (7)، مدير المعهد المتخصص في التكوين المهني – منصورة – تلمسان، بتاريخ: 05/02/2018. *
المقابلة رقم (8)، مديرة المعهد المتخصص في التكوين المهني – إمامة – تلمسان، بتاريخ: 14/02/2018. **
* المقابلة رقم (9)، مسؤول تسيير الموارد البشرية للشركة الأجنبية للبناء والأشغال العمومية “البيرق”، أوجليدة – تلمسان – بتاريخ، 18/03/2018.
[9] توماس ساويل، تناقض الرؤى، الجذور الإيديولوجية للصراعات السياسية، ت. رنده حسين الحسيني، منشورات مجالات، بيروت، ط1، 2006، ص256.
** المقابلة رقم (10)، مدير الوكالة المحلية للتشغيل ANEM بولاية تلمسان، بتاريخ: 12/10/2017.
[10]André Gorz, L’immatériel : connaissance, valeur et capital, éd Galilée, Paris, 2003, p90, 92.