مسار جنيف التفاوضي: فشل مجلس الأمن في إنهاء الحرب السورية
Geneva`s Negotiation path: The Security Council Failed to End the Syrian War
محمود الحسين (باحث سوري حاصل على الماجستير في إدارة النزاع والعمل الإنساني)
Mahmood Alhosain, Syrian Researcher
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 31 الصفحة 11.
الملخص:لم يكن أحد يتصور في يوم من الأيام أن تذهب سوريا باتجاه حرباً أهلية طاحنة لا تبقي ولا تذر، دمرت البلاد وشردت العباد وأخرجت سوريا كدولة فاعلة من المعادلة الإقليمية والدولية، فما بين تعنت النظام السوري وإصراره على الحل الأمني والعسكري منذ البداية وفشل المجتمع الدولي بجميع مؤسساته وعدم قدرة الأطراف الدولية الفاعلة في الملف السوري التوصل إلى اتفاق سلام، فضلاً عن تفرق المعارضة السورية واختلاف وجهات النظر بين مكوناتها، تدمرت سوريا وأضحى نصف الشعب السوري ما بين لاجئ ونازح، كما فشلت جميع المبادرات العربية والدولية ومنها مفاوضات جنيف التي جاءت على أساس قرارات مجلس الأمن ومنها بيان جنيف رقم 1 في العام2012وكان الهدف منها هو التوصل إلى حل ينهي الحرب الدائرة في سوريا.
وعلى الرغم من إصدار مجلس الأمن القرار رقم 2118 في العام 2013 والذي تمت الموافقة عليه للمرة الأولى بالإجماع بين أعضاء مجلس الأمن ومن دون استخدام روسيا والصين حق النقض الفيتو[1]، إلا إن على أرض الواقع لم يحصل شيء ولم يجد القرار طريقه للتنفيذ[2]، وهو الذي ينص في مواده على عقد مؤتمر دولي من أجل تنفيذ بيان جنيف 1 والتأكيد على الحل السياسي للقضية السورية من خلال تمثيل جميع الأطراف السورية، وهو ما شجع المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي دعوة طرفي النزاع في سوريا إلى مفاوضات جنيف 2 في الشهر الثاني من عام 2014. إلا أن المبعوث الأممي أعلن بعد خمسة أيام فقط وصول المفاوضات إلى “طريق مسدود” بسبب حدة الخلافات بين الطرفين.
ستبحث هذه الورقة البحثية مسار مفاوضات جنيف حول القضية السورية من خلال تحليل مواقف طرفي النزاع والمرور على الظروف التي رافقت جميع جولات المفاوضات في مدينة جنيف السويسرية، لتنتهي بعرض أسباب فشل المفاوضات.
الكلمات المفتاحية: الحرب الأهلية، النزاع، سوريا، المفاوضات، جنيف، مجلس الأمن
Abstract:
No one would have imagined that Syria would go towards a brutal civil war that destroys the country, displaces the people, and drops Syria as an active state out of the regional and international arena. As with the Syrian regime intransigence and insistence on security and military solutions, the failure of the international community with all its institutions, the inability of the international actors in the Syrian crisis, and the Syrian opposition is divided and the different points of view among its components, Syria has been destroyed and half of the Syrian people have become refugees and displaced. Moreover, all Arab and international initiatives, including the Geneva negotiations that came based on Security Council resolutions, including the Geneva Declaration No. 1 in 2012, failed to reach a solution that could end the war in Syria despite the Security Council’s issuance of Resolution 2118 in 2013, which was approved unanimously for the first time among the members of the Security Council, without Russia and China using their veto power, as is customary when voting on any resolution related to Syria.
However, on the ground, the resolution, which stipulates in its articles the convening of an international conference to implement the Geneva 1 statement and emphasize the political solution of the Syrian issue through the representation of all the Syrian parties was not implemented. Therefore, the UN envoy Lakhdar Brahimi invited both Syrian parties. The conflict in Syria led to the Geneva 2 negotiations in the second month of 2014. However, after only five days, the UN envoy announced that the negotiations had reached a “dead end” due to the intensity of the differences between the two parties.
This research paper will examine the course of the Geneva negotiations on the Syrian issue by analyzing the positions of the two parties, considering circumstances that accompanied all rounds of negotiations in Geneva and Switzerland, and finally presenting the negotiations failure reasons.
Keywords: Civil war, The conflict, Syria, Negotiation, Geneva, UN Council.
المقدمة:بدأ الصراع في سورياعبر انتفاضة شعبيةطالب فيها السوريون بالحرية والكرامة احتجاجاً على استبداد وفساد النظام السوري لفترة طويلة من الزمن ارتكب فيها النظام السوري انتهاكات جمة بحق المدنيين، ثم ما لبثت أن تصاعدت الأحداث بشكل دراماتيكي لتتحول سوريا إلى ساحة صراع تدخل فيها الكثير من الدول عسكرياً مثل إيران وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا.
إذ يُعتبر النزاع في سوريا واحداً من أعقد النزاعات في العصر الحديث، بسبب ما آلت إليه الأمور من دمار غير مسبوق في البنى التحتية، وتشريد أكثر من نصف الشعب ما بين نازح ولاجئ، وتدخل عسكري ومباشر للقوى الإقليمية والدولية في المنطقة وارتكاب الكثير من الانتهاكات لحقوق الإنسان وانهيار الاقتصاد بشكل لم تشهده سورية في تاريخها الحديث فضلاً عن فرض الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية صارمة على النظام السوري وداعميه كما ينص قانون قيصر[3].
وقد مر الصراع في سوريا بمنعطفات وأحداث كثيرة أثرت فيه وتفاعلت معه؛ إذ تصاعدت وتيرة العنف مرات عديدة، وخلال هذه التغييرات الميدانية،تحرّك المجتمع الدولي لحل النزاع في سوريا عبر جهود الوساطة الدولية من خلال تعيين عدة مبعوثين للأمم المتحدة بدءاً من كوفي أنان، مروراً بالأخضر الإبراهيمي وصولاً إلى ستيفان دي مستورا وانتهاءً بالمبعوث الأخير غير بيدرسون، للتوسط بين طرفي النزاع من خلال جولات مفاوضات عديدة في مدينة جنيف السويسرية. وفي ظل هذه الجهود الدولية كان هناك تباينات كثيرة على المستوى الدولي والإقليمي من حيث المواقف أو حتى التدخل العسكري، حيث انخرطت دول المنطقة والمجتمع الدولي ككل في النزاع بشكل مباشر وغير مباشر.
تحاول هذه الورقة استعراض الجولات العديدة لمفاوضات جنيف من أجل حل القضية السورية، وما هي مآلات هذه المفاوضات من خلال تقييم الثغرات التي مرت بها المفاوضات من جميع الأطراف بما في ذلك مبادرات مبعوثي الأمم المتحدة إلى سوريا، وبالتالي ستحاول هذه الورقة الإجابة على السؤال البحثي التالي: لماذا فشلت مفاوضات جنيف في التوصل إلى حل ينهي الصراع في سوريا؟
أهمية البحث:
أن الآليات والوسائل والمبادرات التي طرحتها أطراف دولية عديدة فاعلة في الملف السوري، لم تؤدِ إلى نتيجة، بما في ذلك المبادرات العربية والإقليمية والدولية، فعلى الرغم من طرح العديد من المبادرات، ومنها مفاوضات جنيف بناءً على قرارات مجلس الأمن، إلا إنها فشلت جميعها في التوصل إلى حل ينُهي الصراع في سوريا. ومن هنا تأتي أهمية هذا البحث، الذي يستعرض مكامن الخلل التي رافق هذا المسار التفاوضي، التي لم تتطرق لها الأدبيات بالشكل الكافي، ولم تُفصل في سبب فشلها للتوصل إلى حل.
إشكالية البحث:
إن الإشكالية التي يعالجها البحث تتمثل في أن الجهود الدولية والمبادرات العديدة التي طُرحت لإنهاء الصراع والحرب الدائرة في سوريا، فشلت جميعها في التوصل إلى اتفاق بين أطراف الصراع، بل على العكس تماماً، ظهر مجلس الأمن وكأنه شبه عاجز عن فعل أي شيء بسبب الفيتو الروسي، أو حتى الضغط بشكل جدي على أطراف النزاع من أجل وقف الحرب التي استمرت عدة سنوات وراح ضحيتها عدد كبير من المدنيين، وأصبح أكثر من نصف الشعب مُشرداً ما بين نازح ولاجئ. الإشكالية التي يناقشها البحث هي سبب فشل مفاوضات جنيف في إنهاء الحرب في سوريا، وما هي الديناميات والأسباب الداخلية والخارجية التي منعت مفاوضات جنيف من إحراز أي تقدم يُذكر في سبيل إنهاء الصراع الدائر في سوريا. وبالتالي فأن مفاوضات جنيف لم تتوصل إلى حل سلمي للنزاع، ولم تأتِ بأي نتيجة على الإطلاق.
منهجية البحث:
اتبع البحث المنهجين الوصفي والتحليلي في قراءة المعطيات والتفاصيل التي رافقت مفاوضات جنيف والدخول في أدق التفاصيل التي رافقت هذه المفاوضات من خلال تصريحات الأطراف المتفاوضة ومواقفها المُسبقة. بالإضافة إلى استعراض الأدبيات السابقة على مستوى الجوانب النظرية كنظريات النزاع أو التعاريف التقنية للمفاوضات وكل ما يتعلق بها، أو على مستوى أدبيات البحث التي تناولت الملف السوري بكافة تفاصيله الدقيقة.
شرح الصراع:
اندلعت المظاهرات الشعبية في سوريا في آذار2011[4]ملتحقةً ببلدان الربيع العربي، نتيجة الفساد والاضطهاد الذي مارسه النظام السوري بحق الشعب لعقود طويلة، طالب المحتجون بدايةً بالإصلاح والحرية ثم ما لبثت أن تحولت إلى مطالبات بإسقاط النظام بسبب عدم استجابة النظام لمطالب الشعب، بل على العكس قرر النظام استخدام العنف وفضّل الخيار العسكري على أي خيار آخر، ومع ذلك بقيت المظاهرات متواصلة بشكل سلمي لعدة أشهر[5]، ثم ما لبثت أن تحولت لمقاومة مسلحة شملت أغلب المحافظات السورية[6].
رافق هذه الاحتجاجات الشعبية والحراك المسلح خلال فترات زمنية مختلفة اجتماعات دورية من قبل المعارضة السورية على اختلاف مسمياتها في الداخل والخارج نتج عنها تشكيل العديد من الهيئات والكتل السياسية ضمن برامج وأهداف متنوعة[7]،كالمجلس الوطني السوري والائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية وهيئة التنسيق الوطنية والهيئة العليا للمفاوضات، جميع هذه القوى المعارضة كانت تحاول إيجاد البديل ورسم النهج الذي ستكون من خلاله سوريا المستقبل[8].
ونتيجةً لهذا الحراك الشعبي، سعى المجتمع الدولي لإيجاد صيغة حل سياسي تهدف إلى إنهاء الصراع المسلح الدائر في سوريا؛ هذه الجهود أثمرت عن اتفاق مجموعة عمل مؤلفة من الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وتركيا وجامعة الدول العربية عام 2012في مدينة جنيف على مبادئ مرحلة انتقالية، ودعوة الأطراف المتنازعة في سوريا للبدء في مفاوضات جدية، تفضي إلى التوصل لاتفاق شامل ومرحلة انتقالية تؤسس لعملية تحول ديمقراطي[9].وهذا ما لم تتفق عليه الأطراف المتنازعة ومن خلفهم الداعمين حيث اختلفوا على تفسير هذه المبادئ التي لم تُشر بوضوح إلى مصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي تصر المعارضة السورية على رحيله[10]، حيث اعتبرت واشنطن أن الاتفاق يمهد المجال لمرحلة ما بعد نظام الأسد، في حين ادعّت روسيا والصين أن تقرير مصير الأسد يعود للسوريين أنفسهم وهنا يحاول النظام السوري الإمساك بهذه الورقة لعرقلة أي حل قد يُفضي إلى رحيله لاحقاً[11]. وفي هذه النقطة ينطبقتماماً ما يُسمى في العملية السياسية بالغموض البنّاء، حيث يتم إدراج بند في أي اتفاق يكون تفسيره مفتوح، وكلُّ يقوم بتفسيره من وجهة نظره وبحسب مصلحته[12].
كل هذه الجهود الدولية لحل النزاع في سوريامن الاجتماعات الرسمية للدول والقادة السياسي يندرج تحت مسمى المسار الأول (Track 1)، والمسار الأول تعريفاً بحسب (Fetherston):”هو جميع الجهود والاجتماعات التي تحدث على مستوى المجتمع الدولي والدول والقادة السياسيين على أعلى المستويات من خلال طرق رسمية تهدف إلى حل الخلافات مباشرةً وإحلال السلام والحيلولة دون تصعيد للعنف بين الأطراف المتنازعة”[13].
بعد ذلك بدأت رحلة المفاوضات؛ حيث عُقدت بين عامي2012و 2018 ثماني جولات من المفاوضات في مدينة جنيف السويسرية[14]، باستثناء الجولة التاسعة والأخيرة من المفاوضات التي عُقدت في مدينة فيينا النمساوية[15]، خلال جولات المفاوضات هذه اختلفت الظروف الخارجية والداخلية والميدانية بشكل كبير، كما تباينت مواقف الدول نتيجةً لهذه الظروف، حيث كانت مفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة من خلال مفاوضات غير مباشرة جمعت وفدي النظام والمعارضة السورية، ظهرت فيها قضايا وخلافات جوهرية بين الطرفين حالت دون حسم القضايا المطروحة للنقاش[16].والمفاوضات تعريفاً بحسب (Bercovitch & Jackson) هي “استراتيجية لحل النزاع تهدف إلى وقف العنف والتوصل إلى اتفاق من خلال عملية مشتركة لصنع القرار متضمنة كل الأطراف الداخلة في الصراع”[17].
كان طرفي الصراع، أي النظام والمعارضة، على قناعة بأن الحوار والمفاوضات لن تفضي بالنهاية إلى حلول سياسية للصراع الدائر في سوريا، وإنما جاءا نتيجة الضغوط الخارجية من قبل المجتمع الدولي، حيث إن النظام ومنذ بداية الثورة السورية رفض أي شكل من أشكال التفاوض مع المعارضة كي لا يعطيهم الشرعية[18]،وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد قد رفض الحوار مع المعارضة قائلاً: “لن يكون هناك حوار مع من وصفهم “بالخونة” أو “عرائس صنعها الغرب”[19]. بل الأكثر من ذلك رفض النظام السوري فكرة تنازل بشار الأسد عن السلطة لحكومة انتقالية كاملة الصلاحيات كما رفضت الأجهزة الأمنية والجيش الولاء لمثل هذه الحكومة والخضوع لأوامرها[20].بالإضافة إلى أن النظام السوري كان يهدف إلى إضاعة الوقت من خلال المفاوضات التي يريدها أن تكون ضمن حدود هو يضعها بنفسه[21].
وفي هذه النقطة يبرر الدبلوماسي السويدي -جان إلياسون الذي شغل نائب الأمين العام للأمم المتحدة بين عامي 2012و2016 أن مثل هذه التصرفات من قبل الحكومات التي يكون لديها حروب أهلية لا ترغب بالدخول في مفاوضات مباشرة مع الأطراف المعارضة لكيلا تمنحهم الشرعية من خلال المفاوضات، مما يعني من وجهة نظرها -أي الحكومات-أن الأطراف المعارضة لديها الحق والحجة لمعارضة النظام وبالتالي الاعتراف بمطالبهم[22].
بداية المفاوضات كانت باستضافة مكتب الأمم المتحدة بمدينة جنيف في شهر حزيران 2012اجتماعاً لـ “مجموعة العمل من أجل سوريا”[23]،بناء على دعوة كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا في ذلك الوقت[24]، حيث خلُص الاجتماع إلى إصدار كوفي عنان بياناً مفصلاً عُرف بـ(خطة عنان)أو بيان جنيف 1أكد فيه على ضرورة الضغط على جميع الأطراف؛ لتطبيق البنود الستة الواردة في الخطة وهي : “إيقاف العنف بشكل فوري و تأسيس هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة و مشاركة جميع أطياف المجتمع السوريفي عملية حوار وطني هادف و إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة، وأن يتم إطلاق سراح المعتقلين”، كما يجب وقف “عسكرة الأزمة” مشدداً على “الحل بطريقة سياسية وعبر الحوار والمفاوضات فقط، الأمر الذي يتطلب تشكيل حكومة انتقالية، من قبل السوريين أنفسهم، ومن الممكن أن يشارك فيها أعضاء الحكومة السورية الحالية”[25].
من كوفي عنان إلى الأخضر الإبراهيمي:
استند كوفي عنان في خطته على مبدأ الدبلوماسية المرنة التي تقضي بعدم وضع أي شروط مسبقة، يمكن أن يرفضها أي طرف، وهو من وجهة نظره يرى “أن تحقيق القليل من التقدم في الحل ولو بشكل بطيء أحسن من لا شيئ”[26]، الأمر الذي يتطلب قراءة مختلف وجهات النظر سواء من الطرفين المحليين أو حتى من اللاعبين الإقليمين والدوليين، بناءً على ما سبق، قام كوفي عنان بإشراك روسيا والصين وإيران من خلال مناقشتهم في تفاصيل خطته، كما طلب منهم الضغط على النظام السوري لتنفيذ بنود الخطة[27]. إلا أن الخطة فشلت بعد14 عشر شهراً نتيجة عدم تطبيق بنودها الستة، وتحديداً من قبل النظام السوري الذي بقي مصرّاً على الحل العسكري، ولم يقم بتحييد الآلة العسكرية، كما لم يقم بتقديم أي تنازلات لدفع العملية التفاوضية والسياسية للأمام[28]،وهو ما دفع المبعوث الأممي كوفي عنان إلى تقديم استقالته، ليتم بعدها اختيار المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بهدف إيجاد حل للصراع الدائر في سوريا[29]. إلا أن أحد أهم أسباب فشل خطة كوفي عنان أو التوصل إلى حل هي عدم إعطائه التفويض الكافي من قبل مجلس الأمن، فضلاً عن محدودية الصلاحيات التي تخوله للقيام بأداء مهمته على الشكل المطلوب وذلك من خلال الضغط على طرفي النزاع بهدف التوصل إلى حل[30].
بدأ بعدها الإبراهيمي مهمته بالتواصل مع اللاعبين الدوليين والإقليمين في الساحة السورية، فقام بإجراء عدة محادثات مع المجتمع الدولي، محاولاته جاءت لدفع العملية السياسية باتجاه حل ينهي معاناة الشعب السوري ويمكّن الإبراهيمي بمساعدة الأطراف المتصارعة تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة[31]. كما دفع الإبراهيمي باتجاه تشكيل حكومة انتقالية تضم شخصيات من النظام السوري والمعارضة، إضافةً إلى سعيه للحصول على تعهدات من قبل طرفي الصراع في سوريا، تنصّ على الالتزام باتفاقات محلية لوقف إطلاق النار للسماح بمرور المساعدات الإنسانية، ولكن القتال استمر في أغلب المناطق في سوريا رغم ذلك[32].
وبحسب ما آلت إليه نتائج الجولة الثانية، التي لم تأتِ بأي انفراج بين الطرفين، وكانت هناك عثرات كبيرة في مسار المفاوضات، خاصةً أن الأسد وإعلامه وحلفائه يطلقون تصريحات تؤكد أن جنيف 2 لن يكون تسليماً للسلطة، وأنه سيكون من حق بشار الأسد الترشح للانتخابات القادمة في منتصف العام 2014[33].
إصرار النظام على ترشح الأسد كانت النقطة الحاسمة لاستقالة الإبراهيمي[34]، حيث لم تنجح مساعيه لا بتقريب وجهات النظر بين النظام والمعارضة السورية حول نقاط محددة أو كُلية، ولا في إنتاج تفاهمات مشتركة أو حتى تغير في الوضع الراهن، وبالتالي بقيت معاناة الشعب السوري وبقيت المناطق محاصرة، ولم يُفرج عن أي معتقل. على الرغم من أن الإبراهيمي هو المبعوث الأممي الوحيد الذي ترأس المحادثات المباشرة الوحيدة التي عقدت بين الحكومة السورية والمعارضة الرسمية في أوائل عام 2014[35].
على المستوى الإقليمي والدولي، واجه الإبراهيمي صعوبات عديدة، نتيجة انقسام المجتمع الدولي بالتعامل مع الصراع الدائر في سوريا، من جانب آخر رفض الإبراهيمي مشاركة ممثلي المجتمع المدني في المفاوضات بما في ذلك الوفد النسائي، كل هذه الظروف جعلت مفاوضات جنيف عقيمة ولم تفضِ إلى حل تنهي به معاناة الشعب السوري[36].
جنيف ومعضلة الشروط المسبقة:
رافقت مفاوضات جنيف صعوبات كثيرة، من ضمنها كانت معضلة الشروط المسبقة؛ حيث اشترطت المعارضة السورية ممثلة بالائتلاف السوري منع بشار الأسد من المشاركة في حكومة مشتركة لفترة انتقالية، أو حتى لعب أي دور سياسي في سوريا[37].من جانب آخر اشترط ممثلو النظام السوري عدم التطرق إطلاقاً إلى مستقبل الأسد خلال جولات المفاوضات[38]،وهذا ما يسمى في المفاوضات بالمساومة (Bargaining): وهي أحد الوسائل المستخدمة في المفاوضات، بهدف الحصول على مكسب ما من الطرف الثاني باستخدام مجموعة واسعة من الاستراتيجيات، كوضع الشروط المسبقة أو التهديد بالانسحاب من العملية التفاوضية[39].
وعلى الرغم من إعلان رئيس الائتلاف السوري خالد خوجة في آذار/ مارس من العام 2015 من خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند عدم اشتراط الائتلاف السوري تنحي الأسد شرطاً لبدء المفاوضات السياسية مع النظام السوري[40]، في محاولة من الائتلاف في تقريب وجهات النظر مع الأجسام السياسية المعارضة كهيئة التنسيق، إلا أن النظام أصر على عرقلة الجهود الدولية ولم يتم التوصل إلى أية نتائج في إطار هذه العملية التفاوضية.
وحول قضية الشروط المسبقة يعتبر الدبلوماسي السويدي جان إلياسون-من خلال تجربته كوسيط خلال الحرب الإيرانية العراقية-أن وضع الشروط المسبقة هي أكثر القضايا التي تهدد نجاح عملية الوساطة، حيث يؤكد إلياسون على أن المرونة مطلوبة، والوقت مهم جداً بالنسبة للأطراف المتنازعة؛ لأنه عادةً ما يجد طرفي النزاع يتجاوبان بعد فوات الأوان[41].
ديمستورا والتدخل الروسي وسقوط حلب:
عُقدت الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف2016بعد تعيين مبعوث أممي جديد إلى سوريا، وهو ستيفان دي ميستورا[42]. سبقت هذه الجولة ظروف ميدانية مختلفة كلياً، فالنظام بسبب تراجعه نتيجة تقدم المعارضة المسلحة ومحاولاتهم السيطرة على الأطراف الشمالية من العاصمة دمشق[43]، قام بالاستعانة بالحليف الروسي الذي تدخل عسكرياً في أيلول 2015[44]،لتأتي المفاوضات بظروف سياسية وعسكرية مختلفة عن سابقاتها؛ فوفقاً لقرار مجلس الأمن 2254 الذي تم التوافق عليه بين الأطراف الإقليمية والدولية[45]،أهمها الولايات المتحدة وروسيا وتركيا والسعودية في النمسا أواخر عام 2015[46]، توصلت من خلالها الأطراف الدولية إلى خارطة طريق لحل سياسي خلال سنة ونصف، تهدف لقيام حكومة مشتركة وهيئة حكم انتقالية من المعارضة والنظام، واعتماد مسار لصياغة دستور جديد لسوريا[47]،وهو ما يُعتبر أيضاً ضمن الجهود الدولية للمسار الأول[48].
المعارضة السورية قدمت عبر الهيئة العليا للمفاوضات 17 مُذكرة إلى المبعوث الأممي ستفيان دي مستورا منها 12 مذكرة تتعلق بالقضايا الإنسانية وقضايا المعتقلين وفك الحصار وإيصال المساعدات وعن الخروقات التي حصلت من قبل النظام السوري خلال الهدنة التي تم توقيعها بين النظام السوري والمعارضة[49]، بالإضافة إلى 5 مذكرات تم تقديمها ثلاث مرات متتالية من أجل الحصول على أجندة واضحة وجدول زمني واضح لتحقيق الانتقال السياسي[50]، إلا أن النتيجة كانت سلبية للغاية، لأن النظام السوري كان يُريد إضاعة الوقت من أجل إحداث تقدم عسكري على الأرض يُحسب لصالحه وهو يقوم بذلك متسلحاً بالتدخل الروسي، الذي غيّر المعادلة العسكرية على الأرض كلياً ورجّح الكفة لصالحه[51]. وعلى الرغم من أن حسم المعركة عسكرياً بشكل نهائي هو أمر شبه مستحيل في الحالة السورية، إلا أن التقدم العسكري ميدانياً له دور كبير ينعكس سلباً أو إيجاباً على مسار المفاوضات بكل تأكيد، وهذا الأمر يُعرف في علم التفاوض بميزان القوى (Balance of power)؛ وهي أحد أهم العوامل التي تلعب دوراً مهماً في سير عملية المفاوضات كما أسموها[52]Bercovitch, Jacob & Richard Jackson.
روسيا ومن خلال تدخلها العسكري أحدثت تغييراً كبير في موازين القوى لصالح النظام؛ حيث تمكن النظام من استعادة مدينة حلب، وتأمين دمشق نسبياً[53]. وعلى الرغم من أن حسم الصراع بقي أمراً شديد الصعوبة والتعقيد، إلا أن التغيير في موازيين القوى ميدانياً كان له انعكاس كبير على مسار العملية التفاوضية بكل تأكيد خصوصاً بعد كل عملية عسكرية يستعيد فيها النظام منطقة ما من سيطرة المعارضة المسلحة.
السلال الأربعة ووثيقة دي مستورا:
لم تأتِ الجولة الرابعة بأي نتائج تُذكر[54] ، في حين جاءت الجولة الخامسة بتقدم بسيط؛ إذ حاولت الأطراف تحقيق اتفاق سياسي لتسوية سياسية وفق بيان جنيف 1 والقرار الأممي 2254، لهذا السبب تمت مناقشة 4 نقاط رئيسية، وهي التي وصفها دي مستورا بالسلال الأربعة. وهي: “الحكم غير الطائفي، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب”[55]. ومع ذلك انتهت هذه الجولة من دون أية نتائج، بل كان هناك تبادل للاتهامات بين وفدي النظام والمعارضة بشأن عدم تحقيق أي تقدم في هذه الجولة[56].
ثم بدأ الحديث عن جولة سادسة، هذه الجولة كان فيها تقدم بسيط من قبل الوسيط الأممي الذي قام بتقديم وثيقة تتعلق بالآلية التشاورية لإعداد الدستور[57]، وذلك لضمان عدم وجود فراغ دستوري أو قانوني في أي مرحلة خلال عملية الانتقال السياسي المتفاوض عليها، يترأس الآلية المبعوث الأممي الخاص مستعيناً بخبراء قانونيين يسميهم النظام السوري والمعارضة، إلا أن اعتراض وفد المعارضة أدى إلى سحبها، وانتهت هذه الجلسة من دون أي نتائج تُذكر رغم أنها جاءت بعد اتفاق خفض التصعيد في العاصمة الكازخاستانية أستانا بين روسيا و تركيا و إيران[58].
استمرت الجولة السابعة لستة أيام دون تحقيق أي تقدم على السلال الأربع المدرجة على جدول الأعمال، ولكن نستطيع القول إنما ميز هذه الجولة هي اشتراط المبعوث الدولي على المعارضة السورية ممثلةً بالهيئة العليا للمفاوضات توحيد وفودها كشرط رئيسي لعقد جولات جديدة من المفاوضات[59]، وفي الجولة الثامنة من المفاوضات والتي اعتبرها المبعوث الأممي فرصة ذهبية ضائعة على الطرفين؛ لعدم عقد أي لقاءات مباشرة بينهم، وحمّل روسيا والنظام المسؤولية عن عدم الانخراط بجدية في المفاوضات[60]. وفي المقابل أصرت المعارضة على اعتبار أن مسألة الانتقال السياسي وتشكيل لجنة حكم انتقالي يشكلان أولوية بالنسبة لها.[61]
الجولة الأخيرة التاسعة من هذه المفاوضات في كانون الثاني 2018، جاءت قبل أيام من مؤتمر الحوار السوري في مدينة سوتشي الروسي، حيث قدمت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن والسعودية للمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا دي ميستورا مقترحا بعنوان “ورقة غير رسمية”، تهدف إلى إحياء العملية السياسية في جنيف بشأن سوريا استنادا للقرار 2254، غير أن النظام السوري رفض المقترح.[62]
وبالرغم من كل الجهود الدولية لإيجاد حل للنزاع الدائر في سوريا، إلا إن الأمر كان معقداً للغاية وهذا ما يؤكد كلام البعض، ومنهم فالنستين الذي يرىأن الصراعات المحلية مستعصية على التسوية؛ إذ أن الحرب الأهلية هي في حقيقة الأمر تفككك للعلاقات الاجتماعية الموجودة، فقد تنقسم العائلات وتنهار الصداقات وتتحطم الجماعات المحلية، لذا فإنها أكثر دماراً من الحروب الدولية من الناحية الاجتماعية والنفسية[63].
أسباب فشل مفاوضات جنيف:
عند الحديث عن سبب فشل مفاوضات جنيف لا بد من ذكر سبب رئيسي، وهو شلل مجلس الأمن وإخفاقه الكامل بإصدار أي قرار يؤدي إلى وقف العنف، واصطدام أي مشروع قرار حول سوريا بالفيتو الروسي والصيني[64]، وبالتالي إذا كانت المؤسسات الدولية التي يُفترض أنه باستطاعتها إصدار قرارات لحل النزاع، كانت عاجزة عن ذلك وغير قادرة في الضغط بشكل كافي على طرفي الصراع، بالتالي لا يمكن التوصل إلى حل وإنهاء الصراع الدائر هناك.
بالإضافة إلى إن استثناء وعدم دعوة إيران إلى جنيف 2، كان له أثر سلبي على الحرب في سوريا؛ لأن إيران عندما تُركت خارج العملية التفاوضية، أصبحت تعمل على إفشال أي حل يؤدي إلى الاستقرار من خلال دعم المليشيات الطائفية وزجّها مذهبياً للقتال في سوريا، كحزب الله اللبناني، وأبي الفضل العباس، وفاطميون[65]، وبالتالي بكل الدور الإيراني كان معطلاً لأي مسار سياسي من شأنه أن يدفع العملية التفاوضية إلى الأمام.
من جانب آخر، وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي حاول التدخل مبكراً لحل النزاع في سوريا، إلا أنه لم ينجح بالتوصل إلى حل ، وهنا تأتي مشكلة التدخلات المبكرة، ومن جانب آخر فإن طرفي النزاع كانا على قناعة في البداية أن كل طرف منهم قادر على حسم الأمور عسكرياً لصالحه، وبالتالي لا داعي للذهاب والجلوس حول طاولة المفاوضات، وإن كان ولا بُد من الذهاب، فضمن شروطًا مسبقة، مما يعني تعطيل العملية التفاوضية، لكنّه مع مرور الوقت لم يستطع أي طرف حسم المعركة لصالحه، وهذا ما أدى إلى تدخل أطراف إقليمية ودولية إلى الساحة السورية، ودخول المليشيات الطائفية، بالإضافة إلى ظهور تنظيمات متطرفة تقف خلفها مشاريع عابرة للحدود والجغرافيا السورية كجبهة النصرة، وتنظيم الدولة الإسلامية، و قوات سوريا الديمقراطية[66]. الأمر الذي أدى إلى تعقّد الأمور أكثر واستحالة التوصل إلى تسوية سياسية.
على مستوى الدول الكبرى صانعة القرار وتحديداً أمريكا وروسيا، لم يكن هناك تفاهم إطلاقاً منذ البداية، وكان الموقفان الروسي والأمريكي عبئاً على القضية السورية؛ فالموقف الأمريكي كان ضبابياً يعتريه الغموض ولم تضغط الإدارة الأمريكية عبر الرؤساء الذين تعاقبوا على البيت الأبيض منذ عام 2011 حتى عام 2020 أية ضغوط حقيقية لإنهاء الصراع الدائر في سوريا، بل على العكس تماماً، تركت أمريكا الملف السوري مفتوحاً على مصراعيه لتدخل أطراف كثيرة في سوريا كروسيا وإيران وتركيا ولم تبدي أي ردة فعل حيال ذلك، معتبرة الصراع السوري خارج مصالحها الاستراتيجية، ولكن حجم التدخل الإقليمي في النزاع السوري والتهديد بانتقاله إلى دول الجوار وازدياد منسوب الاحتقان الطائفي والمذهبي في عموم المنطقة قد جاء بنتائج كارثية، وفسح المجال أمام المليشيات الطائفية والتنظيمات المتطرفة لإشعال الحرب الأهلية أكثر. ولعلّ هذا ما يفسر قول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري: “أن إدارة أوباما ربما تأخرت في إيجاد حل للأزمة السورية”[67]. وعلى الرغم من تهديدات الرئيس الأمريكي باراك أوباما للنظام السوري لعدم تجاوز الخطوط الحمراء في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري، إلا أنه لم يقم بتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري كما كان متوقعاً، واقتصرت ردة فعل الإدارة الأمريكية على سحب ترسانة النظام الكيمياوية فقط[68].
أمّا فيما يخصّ روسيا، فقد دأبت منذ انطلاق الثورة السورية على استخدام الفيتو في مجلس الأمن؛ لتعطيل أي مشروع قرار وذلك كوسيلة ضغط لعدم إسقاط نظام الأسد[69]،بالإضافة إلى أن روسيا وجدت في القضية السورية فرصة للوقوف بوجه الغرب والولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط خصوصاً بعد تدخل الناتو في ليبيا والذي أدى إلى سقوط نظام معمر القذافي، وبذلك وجدت في النزاع السوري فرصة للوقوف بوجه الهيمنة الغربية والأمريكية على المجتمع الدولي، وهو الأمر الذي يسعى إليه بوتين شخصياً كمجد شخصي يثبت من خلال للغرب قدرة الروس على تغيير قواعد اللعب في الشرق الأوسط وإجبارهم على احترام روسيا بعد أن كان الغرب يتجاهلها لأكثر من ثلاثة عقود[70]، وستذهب موسكو في خيارها هذا إلى أبعد ما يمكن بغض النظر على تبعات هذا الموقف ومآسيه وهو ما حدث فعلياً.
كما أن المعارضة السورية راهنت كثيراً على الموقف الأمريكي ليتبين لهم لاحقاً أن أمريكا لم تكن لديها سياسة واضحة على الإطلاق في التعامل مع القضية السورية، على الرغم من تدخلها العسكري لاحقاً ضمن إطار التحالف الدولي للحرب على الإرهاب بهدف القضاء على تنظيم الدولية الإسلامية “داعش” في العام 2015.
بعد ذلك جاء التدخل العسكري الروسي عام 2015[71]، ليصبح الموقف الروسي أكثر صلابةً في الحفاظ على نظام الأسد، ولتحافظ على مصالحها حيث تُعَدّ سوريا بلداً محورياً بالنسبة إلى التطلّعات الروسية الجيوسياسية؛ إذ تحتفظ البحرية الروسية بقواعد عسكرية في المياه الإقليمية السورية، وهي موطئ قدم للروس على البحر الأبيض المتوسط، مع عدم إغفال الطموحات الروسية الرامية إلى لعب دور جيوسياسي أكبر في المشرق والوصول للمياه الدافئة. بالإضافة إلى صفقات الأسلحة التي بقي النظام السوري محافظاً على إبرامها مع روسيا منذ عهد الأسد الأب[72].كما قامت روسيا بعد تدخلها العسكري بتوقيع العديد من الصفقات والعقود طويلة الأمد للاستفادة من ثروات سوريا ضمن شروط مجحفة بحق الدولة السورية والاقتصاد السوري، في حين بدا واضحاً للجميع أن رئيس النظام السوري لم يهتم إلا بالبقاء بكرسي الحكم وهو الذي فرط ولا يزال بموارد الدولة السورية ومقوماتها الاقتصادية.
من جانب آخر كان للضغط الذي مارسه المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا أثر سلبي على المعارضة السورية، خصوصاً القضية التي كان يصر عليها دي مستورا دائماً وهي توحد المعارضة السورية، هذا الأمر إلى رفد الهيئة العليا للمفاوضات بأجسام وتيارات متعددة وهو ما أدى إلى تشتت المعارضة السورية وفقدان الانسجام بين مكوناتها، وأفقدها قدرتها في المحافظة على صوت الشارع المنتفض، أو عدم القدرة على مجاراة حجم الحراك الشعبي على الأرض، وهي ذات النقطة التي أكد عليها الدبلوماسي السويدي جان إلياسون بالقول: “إن عدم وجود معارضة موحدة، وتشتتها ووجود خلافات ضمنها يؤثر سلباً على أدائهم، وهو ما سينعكس على سير المفاوضات”[73].
وفي عام 2017ابتدعت روسيا مسار أستانة التفاوضي [74]،وشكّل ذلك ضربة لمسار جنيف، بل إن مفاوضات إستانة قوّضت مفاوضات جنيف وجهود المبعوث الدولي إلى سوريا، حيث دعت موسكو قادة عسكريين من المعارضة السورية لخوض غمار مفاوضات مع النظام، وساندتها في ذلك تركيا في الضغط على المعارضة والفصائل العسكرية لقبول هذا المسار الذي حقق لاحقاً ما يسمى (اتفاقية مناطق خفض التصعيد) التي أسست لما يسمى أيضاً نقاط المراقبة[75]، وحدّدت بذلك مرحلياً مناطق السيطرة والنفوذ بين النظام والمعارضة؛ مما جعل مسار جنيف يتجمد مرحلياً ويصبح غير نافع ميدانياً الذي فشل عملياً في التوصل إلى حل كما فشلت معه مفاوضات إستانة.
كما كان للخلاف التركي – الأمريكي [76]انعكاس على سياق هذا المسار، فأنقرة عزمت على المضي قدماً مع موسكو في مسار الأستانة، وكون تركيا دولة محورية في الملف السوري، فغياب ثقلها الكلي في مسار جنيف لصالح مسار إستانة ساعد على إضعافه.
كما كان لغياب الثقة بين الطرفين سبباً آخر من أسباب فشل المفاوضات، وهو ما يؤكدا عليها Bercovitch, Jacob & Richard Jackson كعامل الحواجز النفسية(Psychological barriers)[77]؛ لأن الثقة كانت معدومة، بالإضافة إلى عدم وجود أي استعداد أو رغبة للتعاون أو المضي قدماً بأي عملية سياسية قد تؤدي إلى حل دائم، وبالتالي فأن الأمر الأكثر أهمية لنجاح المفاوضات هو بناء الثقة بين طرفي النزاع، من خلال إظهار النتائج الإيجابية التي يتم تحقيقها خلال كل جولة تفاوضية بالتزامن مع عقد ورش عمل مستمرة على المستوى الشعبي أو ما يسمى بالمسار الثالث[78]، ودعوة المجتمع المدني والشخصيات المؤثرة في المجتمع السوري من رجال دين وشيوخ ليكون لها تأثير أقل على الاستقرار. وبالتالي فأن القرارات الصادرة عن القادة السياسيين في المسار الأول من الممكن أن تستمد الدعم والثقة المطلوبة من ورش عمل المجتمع المدني للعمل على تأسيس أرضية صلبة على المستوى الوطني لما لها من أهمية في عملية الاستقرار واستدامة الحل السياسي، وحول هذا الجانب يؤكد بيتر فالنستين على أهمية “إرساء حوار وإجراءات بناء الثقة بين الأطراف”
الخاتمة:
بعد تسع جولات من المفاوضات، فشلت جميع هذه الجولات بالتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب في سوريا، بل فشلت مفاوضات جنيف في تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع، وسط إصرار طرفي النزاع على مواقفهم المسبقة، كما أن ميزان القوى تغير كثيراً لصالح النظام السوري ولا سيما بعد التدخل الروسي في أواخر العام 2015، وهو ما زاد من تعنت النظام السوري وتمسكه بمواقفه في عدم المضي قدماً في أي عملية تفاوضية، وهو الذي لم يقبل بالتفاوض عندما كانت الكفة تميل لصالح المعارضة السورية في السنوات الأولى من الحرب، فكيف له أن يقبل بالعملية التفاوضية بعد أن أصبحت موازين القوى من صالحه، وبالتالي كان يذهب للتفاوض من أجل كسب الوقت ليس أكثر من ذلك.
وضمن هذا الإطار يفسر إدوارد عازار في كتابه الذي تناول الصراعات طويلة الأمد، الأسباب التي تطيل من أمد الصراعات وتعمل على إفشال المحاولات المتكررة لتسويتها، فإذا كان أسباب الصراع هو إنكار حاجات معينة فإن عملية التسوية يجب أن تحدد هذه الحاجات وأن تقدم طرقاً لتلبيتها ويرى عازار أن الاتفاقيات لن تستمر في حال عدم ملامستها للقضايا الجوهرية[79]، وهذا ما كان يجب على الطرفين في سوريا إدراكه وتحديداً من قبل النظام السوري من خلال الاعتراف بالأسباب التي قامت من أجلها الاحتجاجات الشعبية.
بالإضافة إلى التركيز ضمن العملية التفاوضية على نهج مُتبع خلال المفاوضات لحل النزاعات وهو نهج حل المشاكل (Problem-Solving approach)[80] ، الذي يركز على طرق التوفيق بين المواقف والأطراف المتصارعة، من أجل تلبية المصالح أو القيم أو الاحتياجات الأساسية وذلك من وضع القضايا في سياق أكبر، وإعادة تحديد الأهداف والمصالح، ومشاركة السيادة، والوصول إلى الموارد المتنازع عليها، وزيادة حجم الكعكة وبالتالي سوف تعود النتائج بالنفع على جميع الأطراف مما يعني أن الجميع رابح (Win-win situation) [81].
كما كان من المفترض أن تلعب الأطراف الدولية والإقليمية والمبعوث الدولي تحديداً دوراً أكثر مسؤولية من خلال الضغط على طرفي النزاع للدخول بمفاوضات جدية، وبالتحديد كان يجب أن يضغط المجتمع الدولي بشكل أكثر فاعلية على النظام السوري، لأن إصدار القرارات لا يكفي فحسب، وإنما يجب أن يترافق ذلك مع ضغط حقيقي على النظام السوري كي يتم تطبيق قرارات مجلس الأمن، وهذا النهج له أهمية كبرى ضمن سياق المفاوضات، حيث يؤكد (Bercovitch Jackson): “إنه مما لا شك فيه أن دوافع الأطراف والالتزام بقبولها للوساطة سيؤثران على النتيجة. عندما يكون طرفا النزاع متحمسين للوساطة أو يعتقدون أنهم قادرون على الحصول على ما يريدون من خلال العمل الأحادي، يكون احتمال نجاح الوساطة منخفضًا للغاية. الوساطة الفعالة تتطلب موافقة متبادلة، وقبول الوسيط، والتحفيز العالي، والمشاركة الفعالة”[82].
من جانب آخر يؤكد بيتر فالنستين بضرورة التركيز على الحسابات المنطقية عند أي عملية تفاوضية ، لأنه في القضية السورية قد اختلفت الظروف كلياً عن بدايات الصراع حيث اعتقد الطرفان أن المزايا التي سيحصلون عليها نتيجة تصعيد الصراع إلى مواجهة مسلحة ستكون أكبر من الخسائر ،لكن مع مرور الوقت وعدم انتصار أي طرف ونتيجة لازدياد الخسائر وانحسار فوائد الانتصار ، وجد الطرفان نفسيهما في مأزق مؤلم (Hurting stalemate)[83]، لأن الإصرار على الحل العسكري في سوريا قوض فرص إحلال السلام وأدى إلى مزيد من الدمار دون التوصل إلى تسوية سياسية.
قائمة المراجع:
العربية:
- BBCعربي ،أمريكا ترّحب بدعوة الخطيب للحوار، 5 شباط/فبراير 2013، https://bbc.in/2DLEtpC
- DWالعربية ، الأخضر الإبراهيمي رجل المهمة شبه المستحيلة، كانون الأول 2014https://bit.ly/2V56dAe
- بيتر فالنستين، “منهجية تسوية الصراعات”. في مدخل إلى فهم تسوية الصراعات: الحرب والسلام والنظام العالمي
- تم التصويت على القرار 2254 في نهاية عام 2015 وهو الذي ينص على بدء محادثات السلام حول الأزمة السورية مع التأكيد على أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد من خلال تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية الأمم المتحدة. كما أن القرار 2254 والقرار 2118 يستندان على بيان جنيف 1 الصادر في العام 2012، أي أن بيان جنيف 1 هو الأرضية التي بُنيت عليها جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأزمة السورية.
- حسين عبد العزيز، شبكة الجزيرة، اصطفافات المعارضة السياسية السورية، https://bit.ly/2vtsGHO
- خالد محمد أبو الحسن، النفوذ الإقليمي لتركيا في ضوء الأزمة السورية، مجلة الدراسات الشرق أوسطية، العدد 66.
- ديمتري ترينن، المصالح الروسية في سوريا، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 11 حزيران/ يونيو 2014، https://bit.ly/2Jl5weP
- شبكة الجزيرة، اتفاق جنيف 1، نيسان 2012، https://bit.ly/2Pu9ZwJ
- شبكة الجزيرة، اجتماع لأصدقاء سوريا بباريس وحراك بشأن جنيف 2، تشرين الثاني 2014، https://bit.ly/2YgGv92
- شبكة الجزيرة،الإبراهيمي يحذّر من انتخابات رئاسية في سوريا، آذار 2014، https://bit.ly/2PDsPS9
- شبكة الجزيرة، تسلسل زمني لاحتجاجات سوريا، آذار 2011، https://bit.ly/2XXwOMv
- شبكة الجزيرة، جيش الإسلام يتقدم في دمشق رغم حملة النظام، كانون الأول 2015، https://bit.ly/2YfXrMI
- شبكة الجزيرة، مبادرات حل الأزمة السورية.. من جنيف1 لوقف إطلاق النار، أيلول/سبتمبر 2016، https://bit.ly/3kQq8fE
- شبكة الجزيرة، من جنيف 1 إلى 8 ماذا تحقق؟ https://bit.ly/2Gjwovb
- عدنان علي، المليشيات في سوريا الأذرع الضاربة للنظام، العربي الجديد، نيسان 2016، https://bit.ly/2LxHOih
- عمر كوش، تمديد خطة عنان ليست حلاً للأزمة السورية، شبكة الجزيرة، https://bit.ly/2vqzBRZ
- عمر كوش، ممكنات نجاح وفشل خطة عنان، شبكة الجزيرة، https://bit.ly/2WfaehN
- مجموعة العمل من أجل سوريا تضم كلاً من: الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية ووزراء خارجية الاتحاد الروسي وتركيا والصين وفرنسا وقطر (رئيسة لجنة جامعة الدول العربية لمتابعة الوضع في سوريا) والعراق (رئيس مؤتمر قمة جامعة الدول العربية) والكويت (رئيسة مجلس وزراء الخارجية التابع لجامعة الدول العربية) والمملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية والولايات المتحدة وممثلة الاتحاد الأوروبي السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية. https://bit.ly/2Pu9ZwJ
- محمد بوبوش، أزمة مؤسسية: الآليات البديلة للتعامل مع تراجع دور المنظمات الدولية، اتجاهات الأحداث، العدد 21، أيار 2017.
- مركز الجزيرة للدراسات، الثورة السورية: نحو المقاومة المسلحة وتأجيج الصراع الدولي، آذار 2012، https://bit.ly/2GO0wfZ
- المؤتمر الصحفي للمنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات الدكتور رياض حجاب من جنيف، أبريل/نيسان 2016،
- وحدة الدراسات السورية المعاصرة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطريق إلى جنيف وتعثر السياسة الأمريكية، مجلة سياسات عربية، العدد 3، تموز 2013.
الإنكليزية:
- Aljazeera Net, Syrian opposition: Regime using pretexts to avoid talks, April 2016, https://bit.ly/2VylGrN
- Bercovitch, Jacob, Richard Jackson, and Richard Dean Wells Jackson. Conflict resolution in the twenty-first century: principles, methods, and approaches. University of Michigan Press, 2009.
- Caesar Syria Civilian Protection Act of 2019, Congress.gov, https://bit.ly/3efPzX2
- Charap, Samuel. “Russia, Syria and the doctrine of intervention.” Survival 55, no. 1 (2013): 35-41.
- David Schenker, Kofi Annan`s plan is destined to fail, The Washington Institute, March 2012, https://bit.ly/2DDQiOi
- Dingley, James. “Constructive ambiguity and the peace process in Northern Ireland.” Low Intensity Conflict & Law Enforcement 13, no. 1 (2005): 1-23.
- Eliasson, Jan. “Peacemaking under the United Nations Flag: Reflections on a Quarter Century of Mediations.” In Interventions in Conflict, pp. 37-52. Palgrave Macmillan, New York, 2016.
- Elizabeth O`bagy, Syria`s political opposition, Middle East security report 4, April 2012, https://bit.ly/2WjlZDY
- Erdbrink, Thomas, Sewell Chan, and David E. Sanger. “After a US shift, Iran has a seat at talks on war in Syria.” New York Times (2015).
- Fetherston, A. Betts. “Peacekeeping, conflict resolution and peacebuilding: a reconsideration of theoretical frameworks.” International Peacekeeping 7, no. 1 (2000): 190-218.
- Hilal, Leila. “The United Nations and a peace process strategy for Syria.” Policy brief, December. Oslo: NOREF. < http://peacebuilding. no/Regions/Middle East-and-North-Africa/Syria/Publications/The-United-Nations-and-apeace-process-strategy-for-Syria (2014).
- Hinnebusch, Raymond, and I. William Zartman. “UN mediation in the Syrian crisis: from Kofi Annan to Lakhdar Brahimi.” (2016).
- Julien Barnes- Decey and Daniel Levy, three goals for making the most of Geneva II ON Syria, European Council on Foreign Relations, 17 January 2014. https://bit.ly/2IOc5r4
- Kelman, Herbert C. “Interactive problem solving: An approach to conflict resolution and its application in the Middle East.” PS: Political Science & Politics 31, no. 2 (1998): 190-198.
- Kessler, Glenn. “President Obama and the ‘red lines’ on Syria’s chemical weapons.” The Washington Post 6 (2013).
- Keyman, E. Fuat. “A new Turkish foreign policy: Towards proactive “moral realism”.” Insight Turkey 19, no. 1 (2017): 55-70.
- Lundgren, Magnus. “Mediation in Syria: Initiatives, strategies, and obstacles, 2011–2016.” Contemporary Security Policy 37, no. 2 (2016): 273-288.
- Ramsbotham, Oliver. “The analysis of protracted social conflict: a tribute to Edward Azar.” Review of International Studies 31, no. 1 (2005): 109-126.
- Raymond Hinnebusch, I. William Zartman, et al “UN mediation in the Syrian crisis: from Kofi Annan to Lakhdar New York: International Peace Institute (2016).
- Security council report, Chronology of events, August 2017: https://bit.ly/2J1mHlv
- Siddiqa, Arhama. “Third Round of Astana Talks: A Gordian Knot in the Making?” Institute of Strategic Studies (2017).
- Stent, Angela. “Putin’s Power Play in Syria: How to Respond to Russia’s Intervention.” Foreign Aff. 95 (2016): 106.
- Thomas Seibert, Syrian opposition meet in Turkey to discuss increasing pressure on Assad, The National World, May 2011, https://bit.ly/2vyod6E
- United Nation, Security Council, UN resolution No 2254, December 2015, https://bit.ly/3aGWVQY
- Zartman, I. William. “Ripeness: The hurting stalemate and beyond.” International conflict resolution after the Cold War 2 (2000): 225-250
[1]كما جرت العادة عند التصويت على أي قرار يخص القضية السورية.
[2]الأمر الوحيد الذي جرى تنفيذه هو نزع الأسلحة الكيميائية من النظام السوري بعد استخدامه لها في العام 2013.
[3]Caesar Syria Civilian Protection Act of 2019, Congress.gov, https://bit.ly/3efPzX2
[4]شبكة الجزيرة، تسلسل زمني لاحتجاجات سوريا، آذار 2011، https://bit.ly/2XXwOMv
[5]المصدر نفسه
[6]مركز الجزيرة للدراسات، الثورة السورية: نحو المقاومة المسلحة وتأجيج الصراع الدولي، آذار 2012، https://bit.ly/2GO0wfZ
[7] Thomas Seibert,Syrian opposition meet in Turkey to discuss increasing pressure on Assad, The National World, May 2011, https://bit.ly/2vyod6E
[8] Elizabeth O`bagy, Syria`s political opposition, Middle East security report 4, April 2012, https://bit.ly/2WjlZDY
[9]شبكة الجزيرة، اتفاق جنيف 1، نيسان 2012، https://bit.ly/2Pu9ZwJ
[10]المصدر نفسه
[11]المصدر نفسه
[12]Dingley, James. “Constructive ambiguity and the peace process in Northern Ireland.” Low Intensity Conflict & Law Enforcement 13, no. 1 (2005): 1-23.
[13]Fetherston, A. Betts. “Peacekeeping, conflict resolution and peacebuilding: a reconsideration of theoretical frameworks.” International Peacekeeping 7, no. 1 (2000): 190-218.
[14] Security council report, Chronology of events, August 2017: https://bit.ly/2J1mHlv
[15]شبكة الجزيرة، من جنيف 1 إلى 8 ماذا تحقق؟ https://bit.ly/2Gjwovb
[16] Julien Barnes- Decey and Daniel Levy, three goals for making the most of Geneva II ON Syria, European Council on Foreign Relations, 17 January 2014. https://bit.ly/2IOc5r4
[17]Bercovitch, Jacob & Richard Jackson. Conflict Resolution in the Twenty-First Century: Principles, Methods, and Approaches: 19-32. Michigan: University of Michigan Press, 2009.
[18]Hinnebusch, Raymond, and I. William Zartman. “UN mediation in the Syrian crisis: from Kofi Annan to Lakhdar Brahimi.” (2016).
[19] BBC عربي ،أمريكا ترّحب بدعوة الخطيب للحوار، 5 شباط/فبراير 2013، https://bbc.in/2DLEtpC
[20] وحدة الدراسات السورية المعاصرة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطريق إلى جنيف وتعثر السياسة الأمريكية، مجلة سياسات عربية، العدد 3، تموز 2013.
[21] Aljazeera Net, Syrian opposition: Regime using pretexts to avoid talks, April 2016, https://bit.ly/2VylGrN
[22]Eliasson, Jan. “Peacemaking under the United Nations Flag: Reflections on a Quarter Century of Mediations.” In Interventions in Conflict, pp. 37-52. Palgrave Macmillan, New York, 2016.
[23]مجموعة العمل من أجل سوريا تضم كلاً من: الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية ووزراء خارجية الاتحاد الروسي وتركيا والصين وفرنسا وقطر (رئيسة لجنة جامعة الدول العربية لمتابعة الوضع في سوريا) والعراق (رئيس مؤتمر قمة جامعة الدول العربية) والكويت (رئيسة مجلس وزراء الخارجية التابع لجامعة الدول العربية) والمملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية والولايات المتحدة وممثلة الاتحاد الأوروبي السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية. https://bit.ly/2Pu9ZwJ
[24]شبكة الجزيرة، من جنيف 1 إلى 8 ماذا تحقق؟ https://bit.ly/2Gjwovb
[25] David Schenker, Kofi Annan`s plan is destined to fail, The Washington Institute, March 2012, https://bit.ly/2DDQiOi
[26]عمر كوش، ممكنات نجاح وفشل خطة عنان، شبكة الجزيرة، https://bit.ly/2WfaehN
[27]عمر كوش، تمديد خطة عنان ليست حلاً للأزمة السورية، شبكة الجزيرة، https://bit.ly/2vqzBRZ
[28]David Schenker, Kofi Annan’s Plan Is Destined to Fail, The Washington Institute for Near East policy, March 2012, https://bit.ly/38iP2zM
[29]Raymond Hinnebusch, I. William Zartman, et al “UN mediation in the Syrian crisis: from Kofi Annan to LakhdarBrahimi.New York: International Peace Institute (2016).
[30]Lundgren, Magnus. “Mediation in Syria: Initiatives, strategies, and obstacles, 2011–2016.” Contemporary Security Policy 37, no. 2 (2016): 273-288.
[31]Raymond Hinnebusch, I. William Zartman, et al “UN mediation in the Syrian crisis: from Kofi Annan to Lakhdar Brahimi. New York: International Peace Institute (2016).
[32]David Schenker, Kofi Annan’s Plan Is Destined to Fail, The Washington Institute for Near East policy, March 2012, https://bit.ly/38iP2zM
[33]خالد محمد أبو الحسن، النفوذ الإقليمي لتركيا في ضوء الأزمة السورية، مجلة الدراسات الشرق أوسطية، العدد 66.
[34] شبكة الجزيرة، الإبراهيمي يحذّر من انتخابات رئاسية في سوريا، آذار 2014، https://bit.ly/2PDsPS9
[35]Hilal, Leila. “The United Nations and a peace process strategy for Syria.” Policy brief, December. Oslo: NOREF. < http://peacebuilding. no/Regions/Middle East-and-North-Africa/Syria/Publications/The-United-Nations-and-apeace-process-strategy-for-Syria (2014).
[36]Hilal, Leila. “The United Nations and a peace process strategy for Syria.” Policy brief, December. Oslo: NOREF. < http://peacebuilding. no/Regions/Middle East-and-North-Africa/Syria/Publications/The-United-Nations-and-apeace-process-strategy-for-Syria (2014).
[37]شبكة الجزيرة، اجتماع لأصدقاء سوريا بباريس وحراك بشأن جنيف 2، تشرين الثاني 2014، https://bit.ly/2YgGv92
[38] DW العربية ، الأخضر الإبراهيمي رجل المهمة شبه المستحيلة، كانون الأول 2014https://bit.ly/2V56dAe
[39]Bercovitch, Jacob, Richard Jackson, and Richard Dean Wells Jackson. Conflict resolution in the twenty-first century: principles, methods, and approaches. University of Michigan Press, 2009.
[40]حسين عبد العزيز، شبكة الجزيرة، اصطفافات المعارضة السياسية السورية، https://bit.ly/2vtsGHO
[41]Eliasson, Jan. “Peacemaking under the United Nations Flag: Reflections on a Quarter Century of Mediations.” In Interventions in Conflict, pp. 37-52. Palgrave Macmillan, New York, 2016.
[42]Lundgren, Magnus. “Mediation in Syria: Initiatives, strategies, and obstacles, 2011–2016.” Contemporary Security Policy 37, no. 2 (2016): 273-288.
[43]شبكة الجزيرة، جيش الإسلام يتقدم في دمشق رغم حملة النظام، كانون الأول 2015، https://bit.ly/2YfXrMI
[44]Stent, Angela. “Putin’s Power Play in Syria: How to Respond to Russia’s Intervention.” Foreign Aff. 95 (2016): 106.
[45]تم التصويت على القرار 2254 في نهاية عام 2015 وهو الذي ينص على بدء محادثات السلام حول الأزمة السورية مع التأكيد على أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد من خلال تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية الأمم المتحدة. كما أن القرار 2254 والقرار 2118 يستندان على بيان جنيف 1 الصادر في العام 2012، أي أن بيان جنيف 1 هو الأرضية التي بُنيت عليها جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأزمة السورية.
United Nation, Security Council, UN resolution No 2254, December 2015, https://bit.ly/3aGWVQY
[46]Lundgren, Magnus. “Mediation in Syria: Initiatives, strategies, and obstacles, 2011–2016.” Contemporary Security Policy 37, no. 2 (2016): 273-288.
[47]Lundgren, Magnus. “Mediation in Syria: Initiatives, strategies, and obstacles, 2011–2016.” Contemporary Security Policy 37, no. 2 (2016): 273-288.
[48]Fetherston, A. Betts. “Peacekeeping, conflict resolution and peacebuilding: a reconsideration of theoretical frameworks.” International Peacekeeping 7, no. 1 (2000): 190-218.
[49]اتفاق بشأن “وقف الأعمال القتالية بتاريخ 27 فبراير/شباط 2016: بمبادرة من واشنطن وموسكو، ويتعلق فقط بالمناطق التي تدور فيها معارك بين قوات النظام المدعومة بالطيران الروسي وبين قوات المعارضة المسلحة، ويستثني مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة. شبكة الجزيرة، مبادرات حل الأزمة السورية.. من جنيف1 لوقف إطلاق النار، أيلول/سبتمبر 2016، https://bit.ly/3kQq8fE
[50]المؤتمر الصحفي للمنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات الدكتور رياض حجاب من جنيف، أبريل/نيسان 2016،
[51]محمد بوبوش، أزمة مؤسسية: الآليات البديلة للتعامل مع تراجع دور المنظمات الدولية، مرجع سابق.
[52]Bercovitch, Jacob, Richard Jackson, and Richard Dean Wells Jackson. Conflict resolution in the twenty-first century: principles, methods, and approaches. University of Michigan Press, 2009.
[53] محمد بوبوش، أزمة مؤسسية: الآليات البديلة للتعامل مع تراجع دور المنظمات الدولية، اتجاهات الأحداث، العدد 21، أيار 2017.
[54]شبكة الجزيرة، من جنيف 1 إلى 8 ماذا تحقق؟ https://bit.ly/2Gjwovb
[55]شبكة الجزيرة، من جنيف 1 إلى 8 ماذا تحقق؟ https://bit.ly/2Gjwovb
[56]شبكة الجزيرة، من جنيف 1 إلى 8 ماذا تحقق؟ https://bit.ly/2Gjwovb
[57]Lundgren, Magnus. “Mediation in Syria: Initiatives, strategies, and obstacles, 2011–2016.” Contemporary Security Policy 37, no. 2 (2016): 273-288.
[58]Siddiqa, Arhama. “Third Round of Astana Talks: A Gordian Knot in the Making?” Institute of Strategic Studies (2017).
[59]الهيئة العليا للمفاوضات جاءت نتيجة مؤتمر الرياض 1 وهي عبارة عن خليط من المستقلين والائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة وعسكريين وهيئة التنسيق الوطنية، وفي مؤتمر الرياض 2 وبسبب إصرار المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا وإصرار روسيا أيضاً، تم دمج الوفد المفاوض مع الهيئة العليا للمفاوضات وكذلك الأمر إضافة منصات أخرى إلى الهيئة. شبكة الجزيرة، من جنيف 1 إلى 8 ماذا تحقق؟ https://bit.ly/2Gjwovb
[60]شبكة الجزيرة، من جنيف 1 إلى 8 ماذا تحقق؟ https://bit.ly/2Gjwovb
[61]المصدر نفسه
[62]المصدر نفسه
[64]Charap, Samuel. “Russia, Syria and the doctrine of intervention.” Survival 55, no. 1 (2013): 35-41.
[65]Erdbrink, Thomas, Sewell Chan, and David E. Sanger. “After a US shift, Iran has a seat at talks on war in Syria.” New York Times (2015).
[66]عدنان علي، المليشيات في سوريا الأذرع الضاربة للنظام، العربي الجديد، نيسان 2016، https://bit.ly/2LxHOih
[67]وحدة الدراسات السورية المعاصرة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطريق إلى جنيف وتعثر السياسة الأمريكية، مصدر سابق 35.
[68]Kessler, Glenn. “President Obama and the ‘red lines’ on Syria’s chemical weapons.” The Washington Post 6 (2013).
[69]Charap, Samuel. “Russia, Syria and the doctrine of intervention.” Survival 55, no. 1 (2013): 35-41.
[70]هذا ما يؤكده الدكتور برهان غليون في كتابه: عطب الذات وقائع ثورة لم تكتمل، حيث تلقى المجلس الوطني السوري دعوة من الخارجية الروسية في أواخر عام 2011، ولكن الروس بقوا مصرين على موقفهم ولم يتغير هذا الموقف إطلاقاً
[71]Charap, Samuel. “Russia, Syria and the doctrine of intervention.” Survival 55, no. 1 (2013): 35-41.
[72]ديمتري ترينن، المصالح الروسية في سوريا، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 11 حزيران/ يونيو2014، https://bit.ly/2Jl5weP
[73] Eliasson, Jan. “Peacemaking under the United Nations Flag: Reflections on a Quarter Century of Mediations.” In Interventions in Conflict, pp. 37-52. Palgrave Macmillan, New York, 2016.
[74]Siddiqa, Arhama. “Third Round of Astana Talks: A Gordian Knot in the Making?” Institute of Strategic Studies (2017).
[75]Siddiqa, Arhama. “Third Round of Astana Talks: A Gordian Knot in the Making?” Institute of Strategic Studies (2017).
[76]Keyman, E. Fuat. “A new Turkish foreign policy: Towards proactive “moral realism”.” Insight Turkey 19, no. 1 (2017): 55-70.
[77]Bercovitch, Jacob, Richard Jackson, and Richard Dean Wells Jackson. Conflict resolution in the twenty-first century: principles, methods, and approaches. University of Michigan Press, 2009.
[78]Kelman, Herbert C. “Interactive problem solving: An approach to conflict resolution and its application in the Middle East.” PS: Political Science & Politics 31, no. 2 (1998): 190-198.
[79]Ramsbotham, Oliver. “The analysis of protracted social conflict: a tribute to Edward Azar.” Review of International Studies 31, no. 1 (2005): 109-126.
[80]Bercovitch, Jacob, Richard Jackson, and Richard Dean Wells Jackson. Conflict resolution in the twenty-first century: principles, methods, and approaches. University of Michigan Press, 2009.
[81]Bercovitch, Jacob, Richard Jackson, and Richard Dean Wells Jackson. Conflict resolution in the twenty-first century: principles, methods, and approaches. University of Michigan Press, 2009.
[82]Bercovitch, Jacob, Richard Jackson, and Richard Dean Wells Jackson. Conflict resolution in the twenty-first century: principles, methods, and approaches. University of Michigan Press, 2009.
[83]Zartman, I. William. “Ripeness: The hurting stalemate and beyond.” International conflict resolution after the Cold War 2 (2000): 225-250.