الأدب التفاعلي والتجربة العربية في ميزان النقد: بين القبول والرفض
Interactive literature and the Arab experience in the balance of criticism: between acceptance and rejection
بوطورة حنان – منصوري سميرة : مخبر البحوث والدراسات الاجتماعية، جامعة 20 أوت 1955.سكيكدة، الجزائر
Boutoura Hanan – Mansouri Samira: University of August 20, 1955. Skikda, Algeria
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 72 الصفحة 73.
ملخص:
هدفت هذه الورقة البحثيّة إلى التعرف على النمط الجديد من الأدب التفاعلي الّذي ظهر في عصر العولمة وما بعد الحداثة وما جاءت به من مفاهيم جديدة ارتبطت بتكنولوجيا الاتصال الحديثة كمفهوم النص المتفرع، وكذا التعرف عل التجربة العربية في هذا الشكل الابداعي الجديد والسجال النقدي الذي طرحته حوله في الثقافة العربية، واستخدما لبلوغ هذه الأهداف منهجا وصفيا تحليليا توصلنا من خلاله إلى جملة من النتائج تتضمن أن الأدب التفاعلي هو نمط جديد من الأدب نتج عن مزاوجة الأدب بالتكنولوجيا ويتسم بخصائص عصره والوسيط الذي يعرض من خلاله (الحاسوب)،حيث يكون ذو بعد تفاعلي، مرن، يوظف الوسائط المتعددة (صوت، صوة ،حركة..) ويدخلها ضمن بنية النص الأدبي ما ساهم في تطور العملية الابداعية بمفهومها ومقوماها وعناصرها وكذا طبيعة العلاقة بين هذه العناصر، وقد تلقفت المبدعون العرب هذه التجربة وخاضوا فيها، وخلقت سجالا بين المبدعين والنقاد العرب بين مؤيد ومعارض ولكل مبرراته التي بينها.
الكلمات المفتاحية: الأدب التفاعلي، التفاعليّة، النص المتفرّع، تكنولوجيا الاتصال الحديثة.
Abstract:
This research paper aimed to identify the new style of interactive literature that appeared in the era of globalization and post-modernity and the new concepts that came with it that were linked to modern communication technology such as the concept of branched text, as well as to identify the Arab experience in this new creative form and the critical debate that I presented about it Arab culture, and they used a descriptive and analytical approach to achieve these goals, through which we reached a number of results, including that interactive literature is a new type of literature resulting from the marriage of literature with technology and is characterized by the characteristics of its era and the medium through which it is presented (computer). Where it has an interactive, flexible dimension, it employs multimedia (sound, sound, movement..) and inserts it into the structure of the literary text, which contributed to the development of the creative process in its concept, components and elements, as well as the nature of the relationship between these elements. The Arab creators took this experience and went through it, And it created an argument between Arab creators and critics, between supporters and opponents, and all the justifications between them.
Keywords: interactive literature; Interactivity; branched text; modern communication technology.
- مقدمة
تبلور مفهوم العولمة مع ازدهار القوميات في أوربا منذ أفكار بيريبوا ودانتي عن الحكومة العالمية، ومع كانط في القرن 18، ثم رواد المدرسة الأنجلوساكسونية مثل؛ وليام وجرمي بنثام، ودعوة ماركس القائمة على التفسير المادّي للتّاريخ، وذبول الدّولة القوميّة، كذلك لينين وطموحه للاشتراكية الأممية[1]، ومع ما شهده الفكر اللّيبرالي من أطروحات للعالميّة مثل؛ ميل، بدأت العولمة في وقتنا المعاصر الّذي من أهم سماته الرّقمية، وتطوّر التّواصل العالمي عبر هذه الأجهزة تنحو نحوا جديدا[2].
أين تشهد البشريّة اليوم فكرة الانتقال من الحداثة إلى ما بعد الحداثة، الّتي يراها العديد من المفكّرين حركة نقض و هدم لما جاءت به الحداثة[3]، فما بعد الحداثة كتحوّل فكري، أحضر معه مفاهيم جدّدت جميع أوجه الحياة[4]،حيث يقول آلان تورين في وصفها: “…القرن العشرون قرن غروب الحداثيّة، حتّى لو كان قرن فتوحات التقنيّة و الحياة العقليّة”[5]،و يعبّر عن هذا التّحول التّدفّق الهائل للمعارف و المعلومات، و دخول العالم عصر المعرفة الرّقمية[6]، والانزياح عن الأطر الفكريّة القديمة الّتي تمخّضت عن الثورة الصّناعيّة، وبزغ نجم جديد أضاء هذا التّحوّل و أصبح السّمة الرئيسيّة له الاتّصال و تطوّر وسائل الاتّصال السّمعيّة و المرئيّة الدّائمة و المستمرّة في التّطوّر، ممّا فرض على الإنسانيّة أن تكون على اطّلاع مستمرّ على ما يستجدّ ليس كلّ يوم أو ساعّة، بل كلّ ثانيّة أو جزء من الثّانيّة بالمستجدّات المعرفيّة والمعلوماتيّة[7]
وأدّى كل ذلك إلى ظهور فكرة التّنوير المعلوماتي، الّذي يتيح استخدام فضاء المعلومات-تكنولوجيا الاتّصال-في ضبط المعلومات وتسهيل الاستفادة منها، وذلك ما جعل الإنسان المعاصر ينتقل من الكمّ إلى النّوع، بمساعدته على تحديد حاجته من المعلومات، وكيفية تنظيمها وتفعيلها [8]، حيث ساهم النّص المتفرّع في توفير المعلومات و تسهيل الحصول عليها بتنظيمها مازال هناك بعض اللّبس بسبب تداعيّات العصر الرّقمي، وأعطى حلولا لمشاكل عديدة[9].
وقد كان لهذه التّداعيّات بالعصر الرّقمي أثّر في ظهور نوع جديد من الأدب الّذي وظّف تقنيّات العصر الرّقمي من حاسوب وانترنت ليظهر في حلّة جديدة سمتها التّفاعليّة ، المرونة والحرّية ، انعكست على العمليّة الإبداعيّة كافّة لتعيد تشكيل مفهوم الأدب ومقومّاته وكذا عناصرها وطبيعة العلاقة بينها ، وبرزت هذه التّجربة الحديثة بالغرب وتلقّفها العديد من المبدعين العرب الّذين رأو فيها تجربة جديدة مميّزة ستعطي للأدب معنى وقيمة أكثر فاعليّة في العصر الرّقمي فظهرت عدّة تجارب عربيّة تحاول محاكاة التّجارب الغربيّة، غير أنّ البعض من النّقاد والمبدعين العرب عبّروا عن تخوّفهم من هذه التّجربة على أصالة العمليّة الإبداعية والغاية الإنسانيّة منها وأن تحوّلها التقنيّة الرقميّة إلى رقم من أرقام العصر .
وتأسيسا على ما سبق حاولنا في هذه الورقة البحثيّة التّعرف على هذا النّمط الجديد من الأدب التّفاعلي وتأثيره في التّجربة الأدبيّة العربيّة من خلال طرح التّساؤلات التّاليّة: ما هو الأدب التّفاعلي؟ ما هي أبرز التّجارب العربيّة في هذا النوع الجديد؟ كيف وزن ميزان النّقد العربي هذه التّجربة الابداعيّة الجديدة؟
وللإجابة على هذه الأسئلة اتبعنا خطّة بحث بدأناها بمدخل للأدب التّفاعلي ثمّ عرّجنا على ذكر أبرز التّجارب العربيّة بالأجناس الأدبيّة التّفاعليّة وانتهينا إلى بيان السّجال النّقدي العربي حول هذه التّجربة الجديدة وأدلّة كل من المرحّبين والرّافضين لها وخلصنا إلى خاتمة ذكرنا فيها أبرز النتائج التّوصل لها في هذه الورقة البحثيّة متبعين في ذلك كله منهجا وصفيا تحليليّا.
- مدخل إلى الأدب التّفاعلي
1.2. مفهوم الأدب التفاعلي
تكلّمت فاطمة البريكي في كتابها) مدخل إلى الأدب التفاعلي (عن مصطلح التّفاعليّة باعتبار أنّها أساس فهم الأدب التّفاعلي، وقبل الدّخول إلى تعريف الأدب التّفاعلي ارتأينا التّعرّض لهذا المصطلح من أجل إزالة كلّ لبس أو غموض حوله.
أ. مصطلح التفاعليّة في الدّراسات العربيّة:
التّفاعل أساس الأدب عموما ورقيّا كان أم رقميّا ذلك أنّ وجود التّفاعل بين المبدع و المتلقّي أساس اكتساب الأدب لوجوده، غير أنّ مصطلح التّفاعليّة كما ترى فاطمة البريكي اكتسى طابعا و بعدا جديدا بعد دخول الأدب العالم الرّقمي و مزاوجته بالأنترنت، إذ أصبحت عمليّة التّفاعل تتمّ في فترة زمنيّة قصيرة، كما يتمّ هذا التّفاعل بين قرّاء كُثر يتجاوزون الحدود الّتي يرسمها الأدب الورقي، بحضور القارئ في النّص و مشاركته الفعّالة في خلق معناه، وهي العمليّة الّتي كانت تحدث ببطء و في حدود ضيّقة بالأدب الورقي لسببين:[10]
- طبيعة الوسيط (الورق) الّذي يحدّ من عمليّة التّفاعل.
- عدد القرّاء المحدود يضيّق عمليّة التّفاعل.
وترى فاطمة البريكي أنّ التّفاعليّة هي نمط حياة وليست مصطلحا أدبياّ أو إنترناتيّا أو تكنولوجيّا فحسب. كما أشارت عبير سلامة لمصطلح التّفاعليّة عند تعريفها للرّواية التّفاعليّة غير أنّها لم تقف عندها، وأشار لها حسام الخطيب حيث قدّم هذا الناّقد المغربيّ لفظة التفاعليّة كما هي في الثّقافة الغربيّة وذلك في سياق حديثه عن بناء المواقع العربيّة على شبكة الأنترنت مشيرا إلى غياب البعد التّفاعلي فيها.[11]
أمّا عن سعيد يقطين فقد عرّف التّفاعل على أنّه الاستجابة والتّبادلات المزدوجة الّتي تتأتّى من الإمكانات الّتي يقرّها النّظام الإعلاميّاتي للمستعمل والعكس، هذه النّظرة هي الأكثر عمقا ومقاربة. لنظيراتها في الثّقافة الغربيّة، وعرّفه كذلك على أنّه عمليّة الانتقال بين الرّوابط الّتي يقوم بها المستعمل لجهاز الحاسوب بالطّريقة الّتي تفيده[12] في حين لم يشر فضل شبلول في كتابه (أدباء الأنترنت أدباء المستقبل) إلى لفظه التّفاعليّة ولم يستخدمها للدّلالة على العلاقة الحواريّة بين المبدع والمتلقّي[13].
ب-مصطلح التفاعليّة في الدّراسات الغربية:
يقوم مصطلح التّفاعليّة في الثّقافة الغربيّة على أرضيّة صلبة حيث لا نكاد نجد اختلافا بين مستخدميها و هي موجودة في الثّقافة الغربيّة على مستويين:[14]
- النّظريّة النّقديّة.
- الأدب الإلكتروني.
وبدأ استخدامها في النّظريّات النّقديّة بمنتصف الستّينات من القرن الماضي مثل نقد استجابة القارئ ونظريّة التّلقي الّتي أطلقتها جامعة مدرسة كونستانس الألمانية ومن أعلامها ياوس وايزر.
كما ظهر مصطلح التّفاعليّة في مفهوم (التّطهير المأساوي) عند أرسطو طاليس وفي متعة المحاكاة الّتي أشار إليها في كتابه (فنّ الشّعر) كما أشار له لويس أراتا حيث ذكره في مقال له بعنوان (انعكاسات حول التفاعليّة)، أمّا عن إيكو فقد رأى بأنّ التّفاعليّة هي عمليّة التّشكيل الّتي يتعرّض لها العمل الأدبي أثناء استخداماته، كما نقل كوسكيما عن أرسيث بأنّ التّأويل جزء ملازم لكلّ قراءة، وبالتّالي يساهم المتلقّي في إعادة تشكيل النّصّ وهي التّفاعليّة كما تمّ شرحها[15].
2.2.أنواع التّفاعل النّصّي:[16]
أ- المناصة: وتتمّ في عمليّة التّفاعل ذاتها، طرفاها الأساسيّان هما “النّصّ و المناص” و العلاقة الّتي تربط بينهما تتمّ عن طريق مجيء المناص كبنية نصّيّة مستقلّة مجاورة لبنية النّصّ الأصلي، ويرى سعيد يقطين أنّ المناصة في عمليّة التّفاعل ذاتها و طرفاها الأساسيّان هما “النّصّ و المناص” ، و تتحدّد العلاقة بينهما من خلال مجيء المناص كبنية مستقلّة و متكاملة بذاتها، تجاوز بنية النّصّ الأصل كشاهد تربط بينهما نقطتا التّفسير، أو شغلهما لفضاء واحد في الصّفحة عن طريق التّجاوز، كأن تنتهي بنية النّصّ الأصل بنقطة مع الرّجوع إلى السّطر، لنجد أنفسنا أمام بنية نصّيّة جديدة لا علاقة لها بالأولى إلاّ من خلال البحث و التأمّل.
ب-التّناص: المناص يجاوز النّص، لكن المتناص يتداخل مع النّصّ فيكون مندمجا فيه لدرجة أنّه يصعّب على القارئ استخراج وتبيين وجود التّناص أحيانا.
ج-الميتانصية: تشبه الميتناص وتفرّق بينهما طبيعة التّفاعل الدّلالي حيث يأتي الميتانص على أساس نقد للنّص وقد يكون نقدا أدبيّا، أو أيديولوجيّا أو تاريخيّا.
3.2. مفهوم الأدب التّفاعلي:
إن دخول الأدب إلى عالم التّكنولوجيا جعل العمليّة الإبداعيّة و المساهمة الّتي يقدّمها القارئ تتمّ في زمن قصير، عكس ما في الأدب الورقي، كما أنّ عمليّة التّفاعل أصبحت تتمّ بين عدد من القرّاء غير محدودين، وتخلّصت من القيد الّذي كان يحبسها و يحدّ من فعاليّتها، و لعلّه ذلك الوسيط الّذي يحمل الأدب الورقي و نتج عن ذلك ظهور نوع من الأدب يتمتّع بقدر كبير من الحرّيّة و التّفاعليّة، هو الأدب التّفاعلي أو ‘الأدب الرّقمي، الّذي تقدّم فيه الأجناس الأدبيّة دون شرط أن تكون جديدة بالتّمام، و إنّما يمكن أن تكون قديمة لكنّها اتّخذت صورا متجدّدة مع الوسيط الجديد(الحاسوب)[17]
– ويشير مصطلح الأدب التّفاعلي حسب تعريف فاطمة البريكي إلى: جميع الفنون الأدبيّة الّتي نتجت عن تقاطع الأدب مع التّكنولوجيا الرّقميّة/الحاسوب والانترنت ويستخدم تقنيّة النّص المتفرّع Hypertext–[18]
ويعرفه رمضان بسطاويسي محمد من خلال ربطه بما بعد الحداثة حيث يرى أنّ الأدب التّفاعلي هو شكل جديد من الأدب النّاتج عن حالة ما بعد الحداثة الّتي نتج فيها استخدام التّكنولوجيا في تقديم أشكال فنية جديدة تعبّر عن التّشتّت الّذي لا نهاية له في الحياة، فأصبح الكومبيوتر بديلا عن الوعي أو امتدادا له، غير أنّه لم يشر إلى مصطلح الأدب التّفاعلي بل تكلّم عنه في مفارقة بين الحداثة وما بعد الحداثة، أما حسام الخطيب فيرى بأنّ الأدب التّفاعلي هو شكل جديد من الأدب الّذي ساهم في ظهوره تقنيّة النّص المتفرّع الّذي ساعد ليتجلى الأدب من خلال شاشة الحاسوب.[19]
ويعرف سعيد يقطين الأدب التّفاعلي بأنّه صورة جديدة للإبداع الأدبي، تعتمد وسائط جديدة للتّواصل، هذه الوسائط ذات طبيعة رقميّة إلكترونيّة، تمنح العمل الإبداعي مساحة ما ليكون قابلا للمعاينة، هذا النّوع من الأدب يستخدم تقنيّة النّص المتفرّع Hypertext مما أدّى إلى ظهور أجناس أدبيّة كلاسيكيّة كالشّعر والسّرد والدّراما في صورة أجناس أدبيّة جديدة مثل الرّوايات المشتركة والكتابات الجماعيّة والمدوّنات ذات الطبيعة الإبداعيّة[20].
و الملاحظ من هذه التّعريفات كلّها هو الإجماع على الوسيط الجديد (الحاسوب) الّذي يتجلّى من خلاله الأدب التّفاعلي كبديل عن الورق، من هنا نرى أنّ الأدب التّفاعلي هو الأدب الّذي يستخدم الحاسوب و التّقنية الجديدة، ليتجلّى في ثوب جديد يجعله يختلف عن نظيره الورقي لاعتماده أساس هذا العصر الرّقمي و هو الصّورة، أو هو الأدب الّذي يتجلّى من خلال الحاسوب أو الانترنت، ظهر بفعل انتشار الشّبكة العالميّة، و استخدام الأنترنت مرتبطا بظهور المجتمع الافتراضي و الإنسان الرّقمي، و بالتّالي فهو وليد المجتمع الرّقمي معبّرا عن الإنسان الرّقمي، يتحلّى بسمات العصر الرّقمي.
4.3.أسباب ظهور الأدب التّفاعلي:
يعدّدّها حسن الأمراني فيما يلي: [21]
- اثبات قدرة الأدب على مجاراة العصر الّذي يحيا فيه.
- ظهور الثّقافة الرّقمية والمعلوماتيّة وتطوّر العلوم وبقاء الكليّات النّظرية مثل الأدب رهينة التّهميش.
- محاولة الانتقال بالأدب من أدب الحضارة إلى حضارة الأدب.
- محاولة الرّقي بمهمة الأدب النبيلة والمحافظة عليها من الضياع في مجتمع المادّة والآلة.
- إثبات أهميّة الأدب وأن لا غنى للإنسانيّة عنه مهما تقدّمت.
- البحث عن دور للأدب في ظلّ العصر الرّقمي وتفعيل دوره لتشييد الحضارة الانسانيّة.
- الخروج بالأدب من عالم الخيال والأحلام إلى عالم واقعي فعّال يساهم في حركة التّقدم، بتجديد مواضيعه القديمة التي لا تفيد الإنسان المعاصر إلا بهدف التسلية ولا تعبّر عنه.
5.2.مقومات الأدب التفاعلي
أ-الكتابة الأدبيّة الرّقميّة: لقد جمعت الكتابة الرّقميّة إلى جانب اللغة، الصّوت والصّورة والحركة فأصبحت كلها وسائط تتفاعل في عملية الكتابة الرّقميّة، وبالتّالي فهذه اللّغة هي لغة مركبّة نتجت عن استعمال الحاسوب في عمليّة الكتابة، تتركّب من اللّغة المكتوبة والوسائط المتعدّدّة، يقول علي حرب: “… وإنّما هي نماذج قوالب أو طرز تصطنع لكي تخلق الواقع وتديره وتحرّكه بواسطة التّراكيب الافتراضية والأبجديّات الرّقميّة الّتي ترتكز إلى المواد ولكنّها لا تعترف بالعوائق المادّية”[22]،
في حين يميّز سعيد يقطين بين نوعين من الكتابة التي نتجت عن استخدام التّكنولوجيا الحديثة وهما الكتابة المرقمة، والكتابة الرّقمية.
أمّا عن الكتابة المرقمة: وهي ذات طابع قابل للمعاينة من خلال تجليها على شاشة الحاسوب محمّلة بآليّات النص، كما يظهر على الورق، إذ يتم إدخاله إلى الحاسوب بواسطة تقنيات برمجيّة خاصّة بالحاسوب، ويتم تحويل النّص المطبوع إلى نص معاين باعتماد المسح الإلكتروني للنّص المطبوع وتحويله عن طريق طبعه ببرنامج مثل PDF)) أو بواسطة القراءة الآلية التي تسمح بالتعرف على الخط (OCR).
أما عن الكتابة الرّقميّة: فتختلف عن نظيرتها المرقّمة لأنّها أعدّت في الأساس لتتلقّى من خلال الشّاشة ويتّضح الفرق من خلال توظيف الكتابة الرّقميّة لمختلف التّقنيّات والبرمجيّات الرّقميّة لإنتاج النّص، أما الكتابة المرقّمة فتتم من خلال نقل نسخة لكتاب غير رقميّة إلى الحاسوب لتقرأ من خلال شاشته دون تغير في خصائص الكتاب الورقي أي أنّه يظلّ محافظا على أصوله غير الرّقميّة[23])،
و قد ظهرت الكتابة الرّقميّة في الأساس من خلال استعمال و توظيف تقنيّة النّص المتفرّع، يقول علي حرب: ” … ولذا فإنّ النّص الإلكتروني يغيّر علاقتنا بالكتابة و القراءة، إذ هو يعني ممارسة جديدة و مغايرة للكتابة”[24]،و هذا التّغاير يتمثل على حسب رأيه في: “… بهذا تندمج في الكتابة الجديدة التي يتيحها الإعلام المتعدّدّ، حاسة الرّؤية و حاسّة السّمع، إنها كتابة مركّبة، ذات الاستخدامات المتنوّعة، حيث تمتزج النّصوص المكتوبة مع الصّوت و الصّورة و الفيديو، على ما تبيّن لنا ميلين غاريغ في مقالتها حول “مستقبل النص”[25]و بالتّالي فقد غيّر النّص الإلكتروني العلاقة بالكتابة و القراءة بدمج الكتابة العاديّة مع الكتابة الجديدة الّتي توظّف الصّورة و الصّوت لتشكل في النّهاية الكتابة الرّقميّة، و ذلك كله وليد العصر السّمعي البصري.
يقول علي حرب: ” لا شك أنّنا ندخل مع تقنيّة المعلومات لعصر جديد هو عصر الحاسوب، بلغة توفلر، والعصر السّمعي والبصري بلغة دوبريه، والعصر العددي بلغة بيل غيتس مهندس طرقات الإعلام السّريعة، باختصار أنّه عصر الوسائط وزمن المعلومة الكونيّة”[26].
ولا تعتمد الكتابة الرّقميّة على أساس اللّغة المكتوبة ولغة المفردات والكلمات المعروفة، بل تتجاوز ذلك إلى لغة المرئي والسّمعي والحركي، فاعتماد التّقنية الحديثة في الأدب جعله يتخلّص من البناء المغلق للنّص اللّغوي وينفتح للتّعبير عن طريق الوسائط المتعدّدّة كالصّورة والصّوت والحركة، فيكتب بذلك النّص الأدبي التّفاعلي بواسطة الحواسيب والأنظمة البصريّة، بذلك تحتل الأشرطة والأقراص والوحدات الضوئيّة اللّاماديّة محلّ الحبر والورق والقلم.[27]
وقد وضعت فاطمة البريكي مخطّطا توضح فيه هذه المراحل في دورة حياة النّص الأدبي وعلاقته بالكتابة كالتّالي:
المصدر: فاطمة البريكي، مرجع سابق، ص19
وتأسيسا عل ما سبق يمكن القول أنّ فعل الكتابة يظل ذاته في جوهره وفي غاياته القصوى فالكتابة هي تدوين وتخزين للمعلومات وتسجيل للوقائع الحيّة واختبار للمشاعر والأفكار سواء كتبت على الورق باليّد أو القلم أو على المطابع والآلات كالكاتبة التّقليديّة، أو بواسطة الحاسوب وما يتيحه من برامج.
ب-النّشر الرّقمي
- مفهوم النّشر الرّقمي:
يقول عنه صادق طاهر: “هو استخدام الأجهزة الرّقمية في مختلف مجالات الإنتاج والإدارة والتوزيع للبيانات والمعلومات وتسخيرها للمستفيدين”[28]
خصائص النّشر الرّقمي: يقدم القاص غازي القبلاوي مجموعة من المميزات للنشر الرّقمي بالمقابل مع النّشر الورقي أهمها: [29]
- سهولة النّشر في فترة قصيرة إما عبر المواقع الشّخصية أو المتخصّصة
- انخفاض تكاليف النّشر بمقارنته مع الورقي.
- شساعة المساحة المتاحة للنّشر، في حين أن النّشر الورقي من خلال الصحف والمجلات محدود بالمساحة الموجودة، والورق المتوفّر، عكس الصفحة الرّقميّة.
- حرية النّشر والتّخلص من الرّقابة التي تصادر حريّة الإبداع.
- الوصول إلى العالمية بأقصر الطرق بالنّسبة للنّاشر لأنّه لا وجود لحدود جغرافية أو زمنيّة تقف في وجه المعلومة.
- تعدّدّ الوسائط الّتي تساعد على إيضاح المادّة كالصّورة الثّابتة أو المتحرّكة أو الصّوت…وغيرها.
- إعطاء القارئ فرصة الاطلاع على ما يريد بكلّ حريّة فيكون التّنافس على بيّنة.
- استعمال الأقراص المدمجة والموجودة في المكتبات الخاصة التي تسوّق، ما يتطلب العتاد والبرمجيّات الرّقمية والّتي من فوائدها البحث والحفظ والنّسخ والطّبع.
- مع ظهور النّشر الرّقمي ظهور ما يعرف بالنّاشر الرّقمي حيث تخلّص هذا النّاشر عديد العوائق الّتي كانت تعيقه في السّابق، ومنها: [30]
- الاصطدام بواقع البيروقراطية والوساطة في دور النّشر.
- خشية مقص الرّقيب الذي يصادر الأفكار بمزاجيّة أحيانا.
- لقي النّاشر متنفسا للتّعبير عن رغبته في الكتابة دون قيد أو شرط.
- الاتصال المباشر بالقرّاء ليحكموا بعفويّة دون معرفة المبدع من خلال الشّاشة الزّرقاء.
- يمكن أيا كان من ممارسة الأدب وتعاطيه والتّعبير عن ذاته عبر موقع خاص أو عام.
- امتلاك النّاشر الرّقمي مساحة أكبر للتّعبير عن ذاته.
- تكافؤ الفرص بين الأدباء المعروفين والّذين يتجاهلهم الإعلام.
ج-الصورة والبلاغة الرقمية: لا تعتمد اللّغة الرّقميّة الّتي تقوم عليها البلاغة التّفاعليّة غلى الكلمات والحبر والورق وانما تحتلُّ الأشرطة والأقراص والوحدات الضوئيّة اللاماديّة محلّ الحبر والورق والقلم، وبالتّالي فهي تقوم على أبجديّة رقميّة تختلف عن الأبجديّة القديمة من حيث أنّها توجد واقعا افتراضيّا، ويمكن تخيّلها وتركيبها بواسطة الأرقام فهي كما ذهب إلى ذلك علي حرب تتألّف من سيول مضيئة وخطوط متلاشية وحروف متحرّكة، بالإضافة إلى أنّه يمكن تفكيكها وإعادة تركيبها بواسطة أبواب ومفاتيح النّص المتفرّع[31]
ويقول صلاح فضل: ” للكلمات طريقتها الشّعريّة الخاصة في محاكاة الحياة، وتجسيد حركيتها، لكنّها حينما تترجم إلى لغة الصّورة البصرية لتنتقل إلى مجال الرّؤيا تختلف أوضاعها يشكل جذري”[32]
ويقول فونتاني:” كل شيء يحدث وكأن فضاء رقابة التّحولات المجرّدة الّتي فتحصناها أعلاه يتجسّم ويتجسّد في زمكانيّة تصويريّة، يرتبط فيها الجزئي بالكلّي في اللّحظة نفسها الّتي تنشط فيها ذات الإدراك الحسّي كذات حاسّة وفعّالة[33]
لذا فهذه المميزات للصّورة الرّقميّة جعلتها توجد نوعا ونمطا جديدا من فن الاقناع أو ما يعرف بالبلاغة الرّقميّة ويعرّفها السّيد نجم بأنها:” فن الاقناع في وسائل الاعلام الالكترونيّة، أو فن توجيه المحتوى-في أنواع جديدة من الخطاب: كالبريد الالكتروني، صفحات المواقع، ألعاب الفيديو، المدوّنات، والصّور المعدّلة ليناسب الوسط الّذي يقدّم عبره (الانترنت)،…ولا يمكن إغفال النّص الأدبي أساسا” [34]
والّتي تعرّف على أنّها فن الاقناع في وسائل الإعلام والاتصال الرّقميّة كالحاسوب والانترنت، وتهتم بالجوانب الجماليّة المتمثّلة في الوسائط المختلفة ودمجها مع النّص كالصّورة والصّوت والحركة وغيرها وتقوم حسب السّيد نجم على جانبين هما:
- الاعتبارات الوظيفيّة: وهي مجموع ما يجعل الموقع مستخدما بسهولة، ومفضّلا
- الاعتبارات الجماليّة: وتتمثّل فيما يلي:
- التّفاعلية: وهي جعل القارئ لصفحات الانترنت كاتبا باستخدام تقنيّة النّص المتفرّع الّذي يسمح بعمليّة التّفاعل.
- النّصّية: وتتمثّل في كون النّص لم يعد يقرأ بالمعنى التّقليدي بالضّرورة إذ أن الكلمات في وسط الانترنت لا تشتغل بالطريقة الّتي اعتدنا عليها، بل تتفاعل مع التّصميم المرئي.
- اعتبارات مرئية: يتمثل في انزياح سلطة الكلمة لحساب الصورة، حيث تشير عبير سلامة إلى أن مسيرة الأبجدية الصّوتية والتّتابع المنطقي للجمل قد تراجع أمام سلطة الأيقونات
7.2.عناصر العملية الابداعية بالأدب التفاعلي
أ-المبدع التّفاعلي: ويرى سناجلة أنّه المبدع الّذي يكتب بطريقة رقميّة مستخدما التّقنيات الرّقميّة في عمليّة إبداعه للنّصّ الأدبيّ، الّذي يعرضه عبر وسيط مختلف عن المرحلة الورقيّة، فقد وجد فضاء أوسع وأرحب، ذلك إنّه يستطيع تجاوز حدود اللّغة المكتوبة ليعبّر عن التّقنية الرّقميّة مستعملا الصّوت، الصّورة، الحركة كوسائط فعّالة للتّعبير، والّتي تتيح للمبدع الرّقمي تقديم نصّ أدبيّ مضمّنا فيه خياله الخاص، ثمّ يبدأ النّصّ بالتّشكلّ مع كلّ قراءة لأحد القرّاء الّذين لا حصر لهم فينتقل بذلك الأدب من الخاص إلى العام ومن كونه يعبّر عن الوعي أو الخيال الخاص ليخرج إلى الوعي المشترك الجماعي، ومن ذلك تأتي عمليّة الإبداع كعمليّة أوليّة، تليها عمليّة التّلقّي لتنصهر كلّ واحدة منهما فيما بعد وتتداخل مع الأخرى، فيتحوّل المبدع إلى قارئ والقارئ إلى مبدع وينتج عن ذلك تعدّد المبدع التّفاعلي[35]
غير إنّ فكرة تعدّدّ المبدعين للنّصّ الأدبي الواحد كما ترى فاطمة البريكي ليس بالأمر الجديد على أدبنا العربي، مشيرة إلى وجود تجارب مرتبطة بالإنتاج و الإبداع الورقيّ تعدّد فيها المؤلّف مثل رواية (عالم بلا خرائط) للرّوائيّين الرّاحلين عبدالرّحيم منيف وجبرا إبراهيم جبرا غير أنّ تلك التّجارب لم تتح لها فرصة الانتشار إذ كانت شبه مرفوضة بسبب التّعوّد على نمط العمليّة الإبداعيّة الّتي يكتنفها شيء من الخصوصيّة أي المبدع الواحد[36]، يقول سعيد يقطين في عمليّة الإبداع التّفاعلي “مع الإبداع التّفاعلي يمكن الحديث عن الفنّ المتكامل أبدي يتزاوج فيه الصّوت بالصّورة و الحركة” [37].
ب-النّص التفاعلي الأدبي: وهو النّص الّذي يستخدم تقنيّة Hypertext، ويعطي القارئ فرصة المشاركة في تشكيله وإعادة بنائه وحريّة قراءته، من أيّ زاوية يريد، تتداخل في تكوينه وسائط بصريّة وسمعيّة تحفّز القارئ على الإبحار و القراءة، دون تهميش للدّور اللّغوي ولغة النّصّ، كي لا يكون النّصّ عبارة عن لقطات بصريّة سمعيّة، يبطل وجوده كنصّ أدبيّ، ذلك يساهم في انفتاح النّصّ الأدبيّ التّفاعلي، في أشكال لا بداية ولا نهاية محدّدة، أي أنّ الإبداع في شكله الجديد يقوم على صناعة العلاقات الجديدة بإضافة العناصر المؤثرة، البصريّة، السّمعيّة، الحركيّة، لأنّ النّصّ الأدبي التّفاعلي هو وليد بيئته الّتي تتبنّاه، لترسم ملامحه بتفاصيل تقوم على التّخيّل والتّخييل، فقد ولد في واقع افتراضي ركيزته الأساسيّة التّخيّل فالتّحوّل للرّقميّة أتاح فرصا لجمهور المتلقّين بتحوير العمليّة الفنيّة لتعبّر عن الخيال الجماعي لمجموعة من الأفراد بدل أن تكون نتاج خيال شخص واحد، إذ يتفاعل فيه خيال المبدع الخاص مع وعي المتلقّين المشترك، ولا يكتمل تأثير خيال المبدع لهذا النّص إلاّ من خلال وعي و خيال وإرادة المتلقّي المشترك في العمل وإنتاجه، فمضمونه يعتمد أساسا على التّأويل، لأنّ الخلق الفني هو مدى احتمال العمل الفنّي على أكثر من تأويل وأكثر من قراءة، باعتباره معطى تخييلي بالأساس[38]
كما أنّ للحاسوب دورا فعّالا في عمليّة الإبداع التّفاعليّة، فبدونه لا يمكن الحديث عن وجود نصّ متفرّع، لأنه وسيلة الإنتاج والتّلقّي، كما أنّ الوسائط المتعدّدة الّتي يتمّ استثمارها في إنتاج النّصّ الأدبيّ التّفاعلي قائمة عليه، ممّا أمكن استعمال الصّوت والصّورة إلى جانب اللّغة في إنتاجه.
ج-المتلقّي التّفاعلي: وهو المبحر التّفاعلي ويعدّ جزء أساسيّ من عمليّة الإبداع، يشارك فيها كالمبدع، تتحقّق إبداعيّته من خلال مساهماته في العمليّة الإبداعيّة، إذ تجاوز متابعة النّصّ بعينه إلى المساهمة الفعّالة في إنّجاز هذا النّصّ بطريقته الخاصّة، بمجرد النّقر على الفأرة، ثمّ ينتقل في جسد النّصّ بكلّ حرّيّة، وينتج نصّه انطلاقا من النّصّ الّذي يقرأه،غير أن عمليّة التّفاعل لدى المتلقّي التّفاعلي لا تبدأ عند التقائه بالنّص وإنما تبدأ مع الجولات الاستكشافيّة الّتي يقوم بها القارئ ليلمّ بالجوانب المختلفة للنّص ليكون في النّهاية قادرا على إضافة ما يراه مناسبا للنّص فهو بذلك قارئ خبير وعليم من خلال المراحل الّتي يمر بها في عمليّة القراءة.[39]
ويتكلّم القارئ التّفاعلي عبر آليّة الصّورة أساسا، فالقارئ التّفاعلي يتعامل مع النّصّ التّفاعلي من منطلق الوسائط المتعدّدّة من صورة وصوت وحركة، ومن خلال العلامات المتاحة الّتي تسهم بفاعليّة في بناء النّص الأدبي وفهمه، بصورة صار معها بإمكان المتلقّي أن يؤثّر بلمسة من أصابعه على التدفّق الدّرامي للنّصّ بحيث يؤثّر ويغيّر وجهة التّدفّق الدّرامي للأحداث ومصائر الأبطال، ويتيح بهذه الإمكانات إشراكه الفاعل من متابعة الصّور متزامنة مع الموسيقى والصّوت وتحويل الصّور المسطّحة إلى صور مجسّدة ومتحرّكة[40].
ويرى علي حرب أنّ ذلك كلّه يرجع إلى ثمرة علم الكتابة الّذي ولد مع جاك دريدا الّذي أعاد الاعتبار لجسد النّصّ[41] ، إلا أنّ ما جاء به أنصار نظريّة التّلقي لم يكن أغلبه ليتحقّق لولا ظهور النّص التّفاعلي وما يتميّز به من مرونة نتيجة طبيعة الوسيط الّذي يعرض من خلاله والّذي أفسح المجال لكثير من مقولات نظريّة التّلقي بالتّجسّد مثل القول بالمعاني المتعدّدّة وضرورة انفتاح النّص على عدد لا نهائي من التّأويلات، والدّعوة للمساهمات الفعّالة للمتلقّي، والّتي لم تجد مجالا لتطبيقها نتيجة طبيعة وسيط الورق بالأدب الورقي، في حين مكّن منها النّص الرّقمي التّفاعلي بفعل طبيعته اللّاخطّيّة المرنة الّتي لا تسمح للقارئ فقط باختيار مسار القراءة الّذي يرغب به بل تسمح له أيضا بإعادة القراءة واختيار مسار مختلف لها لينتج في كل مرّة معنى جديد مختلف عن سابقه[42]
وتأسيسا على ما سبق يمكن القول أنّ القارئ التّفاعلي أصبح إيجابيّا فعّالا، يُفعّل قراءته في إنتاج معنى النّصّ منفعلا مندمجا معه لدرجة يمكن أن يفرض على الكاتب تحويل مسار نصّه إلى مسارات أخرى، وهو أيضا في ذلك بحاجة إلى الشّعور ليستطيع الوصول إلى العناصر الشّعوريّة والعاطفة في العمل الأدبيّ فيمارس التّجربة النّفسيّة الّتي مارسها الأديب، ليصبح بذلك مبدعا بعد تجسيد هذه التّجربة بما يضيفه إلى العمل الأدبي، ويقترب إلى المشاركة الوجدانيّة الكاملة[43]
3.التجربة العربية بالأدب التّفاعلي
1.3.التجربة العربية بالرواية التفاعليّة:
أ-رواية الواقعية الرقمية لمحمد سناجلة كنموذج للتّجربة العربيّة بالرّواية التّفاعليّة:
– مفهوم رواية الواقعية الرقمية: هي مصطلح ونوع أدبي جديد في إطار الأدب التّفاعلي جاء به الروائي الأردني محمد سناجلة يختلف عن مصطلح الرّواية التّفاعليّة حيث لا يهتم بالشّكل فقط وإنّما تجدّد كذلك في المضمون وهي تنظير رقمي سنة 2004
وتتميز لغتها بالمميّزات الآتية:[44]
- لغة لا تعتمد الكلمة فحسب بل تتجاوز ذلك للتّعبير بالصّورة والصّوت والمشهد السنيمائي والحركة.
- يجب على الكلمة في رواية الواقعيّة الرقميّة أن ترسم مشاهد ماديّة وذهنيّة متحرّكة
- لغة سريعة مباغتة فالزّمان بت واحد والمكان نهاية تقترب من الصفر ولا تساويه.
- مختصرة وسريعة لا تزيد عن 4 كلمات على الأكثر للجملة والكلمة لا تتجاوز 4 و5 أحرف.
- تعرض من خلال الكتاب الالكتروني
وقد حدّد محمد سناجلة شروط لروائي رواية الواقعية الرقميّة وهي:[45]
- أن يكون شموليّا بكل معنى الكلمة لأن الكلمة لم تعد أداته الوحيدة للتّعبير.
- عليه أن يكون مبرمِجا على اطلاع واسع بلغة الكومبيوتر
- يتقن لغة HTML على أقل تقدير.
- يعرف فن الاخراج السّينمائي وكتابة السّيناريو والمسرح.
- انتقال Animatio
- يعتمد على الخيال المعرفي بدلا من الخيال السلفي الارتدادي.
أما عن موضوع رواية الواقعية الرقميّة فحدّدّه فيما يأتي:[46]
الانسان الافتراضي(الرقمي): تعبر رواية الواقعيّة الرقميّة عن الإنسان الرّقمي الّذي يعيش داخل المجتمع الرقمي، وكما ترصد تحوّل المجتمع من مجتمع واقعي إلى مجتمع رقمي، فهي كذلك تتبع تحول الإنسان من كينويته الواقعيّة إلى مقابلتها الرّقميّة، إنّه الكائن الّذي يوجد داخل كل مبحر متفاعل، داخل كل قارئ ومستعمل للحاسوب. الكائن المتفرد العائد إلى كينونته الأساسية الذّاتيّة من الكينونة الاجتماعيّة التي فرضتها الحاجة والضرورة وليست الطبيعة كما يرى محمد سناجلة.
المجتمع الرّقمي: المجتمع الّذي تعبّر عنه رواية الواقعيّة الرقميّة، ليس المجتمع الواقعي وإنّما هو مجتمع تشكّلت معالمه بالواقع الافتراضي والمسمى بالمجتمع الرقمي، حيث يذهب سناجلة إلى أنّ النّاس لن يتعارفوا في المجتمع هذا بأشكالهم ووجوههم الحقيقيّة وإنما يكون لكل منهم شكل وهوية، يستطيع هو أن يشكّلها حسب رغباته وهي ما يسمى (الصّورة الرّقميّة للكائن)، ولا يعني هذا أنّ الصّورة الرّقميّة هي صورة ماليّة للكائن البشري وإنّما تعكس حقيقة الإنسان الواقعي. وبالتّالي لن تنتهي الحروب والمشكلات بالمجتمع الرّقمي وانما ستصبح افتراضيّة وأشدّ خطورة، وهذا المجتمع بكل أبعاده هو موضوع رواية الواقعية الرقميّة.
ويمكن استخلاص خصائصها من توصيفاتها السابقة الّتي وضعها لها ناحتها محمد سناجلة كما يلي:
- تستخدم الأشكال الجديد التي أنتجها العصر الرقمي وبالذات تقنية النص المتفرع ومؤثرات الملتيميديا.
- تستخدم إلى جانب الكلمة والصورة والصوت والحركة وفن الجرافيك.
- تدخل التقنية الرقمية ضمن البنية السردية نفسها.
- دقيقة في توجهها.
- تعبر عن العصر الرقمي والمجتمع الرقمي والإنسان الرقمي.
- تستخدم الكتاب الالكتروني كبديل عن الكتاب الورقي.
- رواية موضوع وشكل.
- غياب الخطية وتوظيف الروابط التشعبية.
- تعتمد الخيال المعرفي بدل الخيال السلفي الارتدادي.
ب-التجربة العربية بالقصيدة التّفاعليّة
لا يزال هذا النوع الأدبي الجديد يلفه الغموض والضبابيّة لذا تعد الأعمال قليلة إن لم نقل تكاد تكون معدومة، ومن أشهر من كتب في هذا النوع من الأدباء العرب ما كتبه الشاعر مشتاق عباس معن، الّذي أطلقت عليه فاطمة البحريني اسم كاندل العربي، وعنوان مجموعته الرقميّة (تباريح رقميّة لسيرة بعضها أزرق)، وعبد النور ادريس ومجموعته تحت عنوان (تمزقات عشق رقمي) والتّجربتين كانتا في عام 2007، ولاقت الأولى احتفاء بها أكثر من الثّانية. وقد استعمل مشتاق عباس معن في مجموعته المؤثرات الصوتيّة والصوريّة وتقنيّات النّص المتفرّع(11010) الجرافيكيّة)، الّتي تساعد على التنقّل بين النّوافذ المفتوحة بحريّة، ضمّت المجموعة ستّة نصوص تتفرّع من نوافذ متّصلة، يظهر النّص الأول عبر الزّر الرّئيس الموجود في الواجهة الرئيسيّة، ويتم التّفرع من النّاحية الثّالثة بالضغط على أيقونة (هامش) الموجودة في الواجهة الثّانية لتتشكّل لنا رؤية ثلاثيّة الأبعاد والعلامة للنّص المرقوم على الزّر الرئيسي الأوّل، إذ يمكن للقارئ أن يختار الواجهة العلاميّة باختياره النّافذة الحاملة للنّص المتفرّع Hypertextوالزّر الرئيسي الثّاني أيضا، وقد استثمر الأشكال الشّعرية الثّلاثيّة العموديّة، والتّفعيليّة، وقصيدة النّثر، لتكون مجموعته حاملة لأشكال الشّعر العربي المعروفة لئلا تحسب هذه المجموعة لشكل دون آخر ويعتبرها العديد من الدّارسين أول تجربة عربية رائعة في مجال الإبداع التّفاعلي فيما يخص القصيدة الرّقميّة طال انتظارها، ومن بينهم فاطمة البريكي[47] .
وذهب ناظم السعود إلى أنّ تجربة مشتاق عباس معن حقّقت الرّيادة عربيّا لأسباب منها:[48]
هي الأولى بالّلغة العربيّة في العالم كلّه.
- الشّاعر أحال الاستقبال لتجربة تأسيسيّة غير مسبوقة.
- شكّلت هذه التّجربة ما يسميه الرّيادة المزدوجة زمنيا وفنيا.
- اختزلت ما توصل إليه العقل الغربي في 17 عاما بأداء ابداعي استباقي.
- التّأسيس الرّيادي الّذي جاء به الشّاعر جاء في أرض غير مهيأة لهذا الغرس لأسباب عدّة منها:
- الوسيط الحاضن للتّجربة (الحاسوب) غير شائع الاستعمال عربيّا
- المرحلة الابداعيّة الّتي انبثق خلالها هذا الجنس الإبداعي مرحلة هلامية ضبابيّة لا تشجع على الابداع
– توصيف لتجربة مشتاق عباس معن:
مع ظهــور الواجهة للمتلقّي، يجــد نفسه أمام طريقتين للولــوج إلى النّصوص، الأول؛ هو الخــط العمودي إلى اليمين، ممثّل بأيقونتين تحمـلان كلتاهما: [اضغط فوق ضلوع البوح [، وكل منهما تحمل المتلقّي إلى خيار شعري يمتاز ببوح خاص، عبر مقطع شعري. يتم الوصول إلى الواجهة الّتي تظهره عبر النّقر على إحدى الأيقونتين، غير أنّ النّص القادم ليس بالضّرورة هو الأخير، فهو يحيل على نصوص أخرى بما يظهر للمتلقّي من أيقونات معنونه أنشئت وفق ما هو متوّقع من المتّلقي من انفعالاته تجاه النّص السّابق، أما الطّريق العمودي في الواجهة الرئيسيّة فيتضمّن خمس أيقونات بصف عموديّة ُكتب عليها بالتّسلسل: [أيقنت، أنّ، الحنظل موت، يتخثر ]، وحين يمرر مؤشر الحاسوب على إحداها تطلعه تلقائيا على امتداد الكلمة النّصي، ومجموع الكلمات عبارة عن نص، وكل منها رأس لنص شعري آخر، يعبر عن هواجسه ويجيب عن أسئلته المفترضة، بحسب انفعاله المتوقع لتحقيق التفاعل معه عبر تسطير رقمي تقني. إن الشاعر كما أختار تقنيّة النّصوص المتوالدة، اختار أيضا شعرية اللون) ألوان الخلفيات، ألوان الحروف، ألوان اللّوحات، … (، وشعرية الصّوت) الأناشيد، معزوفات موسيقية (وشعرية الكتل الناطقة) الأيقونات، المنحوتات، الخزفيات، … (كما وظف شعرية المفارقة) الشريط الاعلاني المتحرك[49]
أما محمد حسين حبيب، فقد ذهب إلى أنّ أول تجربة عربية رائدة في القصيدة التّفاعليّة كانت مع سناجلة ضمن رواية شات وصقيع؛ حيث يذهب محمد حسين حبيب إلى أن القصيدة التّفاعليّة العربيّة الأولى جاءت متضمّنة في رواية شات لمحمد سناجلة، تظهر مع الشّذرة السّردية وجود الّتي تحمل القارئ المتفاعل إلى صدى إيقاعات شعريّة ساهمت الصّورة والموسيقى في تعميق معانيها، أما مجموعة مشتاق عباس معن الشّعرية التي أصدرها على CD ليست الرائدة في القصيدة العربيّة التّفاعليّة، وإن كانت تجربة سناجلة متضمنة في رواية فهذا لا ينفي عنها الرّيادة.[50]
أما الاضمامة الشعرية لعبد النور إدريس وعنوانها (تمزقات عشق رقمي) فقد صدرت في طبعتها الأولى موشاة بلوحة غلاف للفنّان التّشكيلي خليد ماني، تعبر كلمة تمزقات عن الطابع الجديد للنّص القائم على التّشظيات، ويرى عبده حقي أنّ تمزقات كلمة معبرة جدا ليس فقط على طبيعة الناس الموجودة وانما على مضمون الإضمامة، فإن كانت تعبر عن التّقطيع والتّشذير لطبيعة النّص فهي تعبر عن عمليّة التّجزيئ والتّقطيع لجسد السّارد/العاشق، أو جسد العشق، أو جسد النّص الورقي أو الرّقمي الغائب، حيث أنّ العشق الّذي تعبر عن القصيدة ليس عشقا عاديا تحكمه المشاعر الإنسانية بل إنه عشق سيلكوني تستبدل فيه المشاعر بالتّيار الكهربائي والأمواج النّتية، وهو كما يسميه عبده حقي (عشق ما بعد حداثي)، وبتسمية زيجمونت باومان (الحب السائل)، يكون الإهداء في هذا النّص كبنية نصّية موازية يقول فيها الشاعر:[51]
إليكِ
أنتِ
تتلقين العشق
السيلكوني والأيقونات
عند حافة المسّنجر
يختزل الإهداء في حمولته هوية المتن ككل ويجمع المقاطع والفضاءات السّردية الموجودة فيه أو بالأحرى المحتملة، تقوم هذه الإضمامة على مجموعة من المقومات التي تجعل منها قصيدة رقمية لعل أهمّها:
- وجود مجموعة من العلامات الرقمية الّتي تتخلّل العديد من التّشظيات مثل: (تمزقات نتية لمرأة السيلكون، سيدة الياهو، قصيدة الشات (Chat@
- وجود مجموعة من المصطلحات الرّقمية داخل العديد من التّشظيات مثل (شات فضية، شاشة حاسوبي، القصيدة @، تقرأها سيدة الفنجــــــــ@ــــــــان).
- وجود بعض الرّموز الرّياضيّة والنّوتات الموسيقيّة والتّشكيلات الكاليغرافيّة الأفقيّة والعموديّة والإنحداريّة على مستوى الكلمة من جهة مثل:(بلاغااااااات) و(أن ال س ت أ ن ا) التي تنزل عموديا و(الجملة المتدرجة) من جهة ثانية مثل: (تلهو كغجرية بأحرف إلهية وتشير إلى قمرها المكسّر)
- وجود بنيات بصرية متمثّلة في الرّسومات المرافقة للنّصوص تدخل كعنصر فعال وليس مقحما ليستكمل المتخيّل النّصي بالرّمزية والأيقونيّة واللّونية، في الصفحة خمسة حيث تم استنساخ فأرة الحاسوب من على ظهر الغلاف إلى داخل المتن، ووجود علامة إشارية في الصفحة ثلا وخمسين تتعلق بالمحرك(غوغل)، وهو رسم كاريكاتوري يجعله يشبه الأبطال الأسطوريين الرومانيين في سينما الخمسينات والستينات من القرن الماضي في عضلات سواعدهم وبنياتهم الجسمية القوية مثل(هرقل).
ج-التجربة العربية بالمسرح التّفاعلي
تأثر المسرح العربي بتجربة المسرح الغربي فيما يعرف بالمسرحية التّفاعليّة، إلا أنّ هذا النّوع الأدبي الجديد لا يزال في مرحلة التنظير والتشكيل، ولم يقبل بصورة نهائية بعد في الثقافة العربية، وقد ظهر نموذج للمسرح التّفاعلي على يد المسرحي محمد حسين حبيب سنة 2005، وسمّي (مسرح عبر الانترنت) وتعد غير ناضجة من الناحية التقنية بشهادة كاتبها بسبب نقص التقنيات التي وجب توفرها في عراق الحرب، ثم تلتها تجربة أستاذة المسرح بالمعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق ماري إلياس[52]
ويعرف محمد حسين حبيب المسرح التّفاعلي بأنه:ّ “ذلك العرض المسرحي الحي المقدم على خشية المسرح، والّذي يشاهده الجمهور في ال(هنا) و(الآن) وهو يستثمر التّقنيّات الرّقميّة الّتي من شأنها التّحليق جماليّا وفكريّا بفضاءاته وعوالمه الدّراميّة ليتجلّى فيها انفعال التّلقّي وانعكاسه على الذّائقة بمختلف مستوياتها”[53]
ويذكر محمد حسين حبيب خصائص للشخصية الافتراضية بالمسرح التفاعلي وهي:
الارتجال، المصداقية، اختلاف الوظيفة، تحقيق حلم المخرج، تمنح فرصا للإبداع لانهائية من خلال طابعها الوهمي الخيالي الغامض والشفاف. [54]
أما عن قواعد المسرح التّفاعلي فقد أورد محمد حسين حبيب قواعد خمس للمسرح التّفاعلي طرحها كارل بادريزا سينجلا في دراسته تحت عنوان (المسرح الرّقمي) وهي:[55]
- المسرح التّفاعلي هو محصّلة ممثّلين وملايين من وحدات التخزين الرّقميّة صفر واحد تجوب شبكة الفيديو كونفراس، حاملة معها صورا وأصواتا وحركة تنقلها من مكان لآخر.
- المسرح التّفاعلي مثل أي مسرح آخر يتم بشكل مباشر حقيقي بتفاعل كامل بين الممثلين الّذين يعملون من خلاله.
- لا يحتاج ممثلو المسرح التّفاعلي لأن يكونوا في أمكان أو مدن أو بلاد مختلفة لأنه قد تم ربطهم بواسطة وحدة تحكم عن بعد للفيديو كونفراس.
- يسمح المسرح التّفاعلي بإعادة تغذية الصورة كقاعدة للتّواصل بين الممّثلين، يتم الأمر وفقا لسلسلة من الصّور الّتي تمر من مكان لآخر من خلال الشبكة خلال بضع أجزاء من آلاف من الثانية.
- المسرح التّفاعلي برغم ارتكازه على التّكنولوجيا يعود في بطريقة حاسمة إلى شكل المسرح البسيط الأولي القديم.
وذكر محمد حسين حبيب أنه ضد أغلب ما جاءت به هذه القواعد الخمس للمسرح التّفاعلي لأنها قيدت المفهوم البرمجيات الحاسوبيّة بعيدا عن روح الدرامة القائمة على الثنائيات والصراع والصورة والتّحولات والتأثيرات الفكريّة والجماليّة على فكر وروح المتفرج، في حين يرى أن هذه القواعد عنده لا تنبني فقط عل البرمجيات وإنما أيضا على العرض المسرحي في ال (هنا) و(الآن).[56]
2.3. التجربة العربية بالأدب التفاعلي في ميزان النقد:
أ-ميزان النقاد المرحّبين بالأدب التّفاعلي:
يعد سعيد يقطين أوّل من نقل هذه المصطلح والشّكل الأدبي الجديد إلى الثّقافة العربيّة، مؤكدا على ضرورة دخول الثّقافة العربيّة تحديّات العصر بجرأة وممارسة هذه التّجربة الابداعيّة الجديدة الّتي شهدها الغرب للانتقال إلى مرحلة جديدة من تطوير الابداع الأدبي العربي والخروج به من المحلّية إلى العالميّة.[57]
وقد استند رأي المحتضنين لهذه التجربة الابداعية الجديدة على جملة المميزات التي يرونها فيها وهي:[58]
- يتميّز الأدب التفاعلي بالمتعة الّتي تتشكّل من خلال مشاركة مستعمل الحاسوب في انتاج النّص الأدبي الموجود على الانترنت.
- التّحرّر من نمطيّة العلاقة بين عناصر العمليّة الابداعيّة فالنّاقد يمكن أن يكون قارئا ومبدعا والمبدع فيه يكون قارئا وناقدا، وكذلك يمكن للقارئ أن يكون مبدعا وناقدا بالمساهمة الفعّالة في انتاج النّص الأدبي المفتوح.
- تجاوز النّمطيّة والتّقليديّة في تقديم النّص الأدبي حيث يعرض من خلال وسيط جديد ليظهر شكل جديد للتّواصل.
- اخراج الأدب من النّخبويّة وفسح مجال للحرّية في الممارسة الإبداعيّة لكل من يجد في نفسه الموهبة.
- إرجاع للقارئ قيمته ودوره في العمليّة الابداعيّة والّتي أهملت لفترة طويلة من النّقاد.
- التّخلص من البيروقراطيّة العربيّة المسيطرة على دور النشر والمؤسّسات الثّقافيّة الرّائدة.
- عدم تقييد المبدع التّفاعلي في مساحة محدّدّة فهو في فضاء افتراضي واسع.
- استخدام الوسائط المتعدّدّة (الملتميديا) في آن واحد.
- إعطاء فرصة للقرّاء للتّحاور مع منتج النّص من أجل تفاعل بناء يساهم في اثراء النّص من خلال جلسات الحوار الجماعيّة الّتي يحرّرها الوسيط الإلكتروني[59].
ب-ميزان النقاد الرافضين للأدب التفاعلي:
على الرغم من كون تجربة الأدب التّفاعلي في الوطن العربي لا تزال فتيّة إلا أنّ هناك من النّقاد العرب مع رفضها جملة وتفصيلا من منطلق رفض مبدأ المزاوجة بين الأدب والتّكنولوجيا من الأساس على اعتبار اختلافهما في الطّبيعة ما يجعلهم متخوّفين من هذه التّجربة ومعارضتها بصورة كبيرة ومن الدّواعي والأسباب الّتي جعلت مثل هذا النّوع الأدبي يلقى كل هذه المعارضة منهم ما عبّروا عنه فيما يلي:
- اعتبر العديد من المبدعين العرب مثل حسين سليمان الأدب التّفاعلي جنس هجين لا يلجأ إليه إلا من لا موهبة لديه، فيلجأ إلى تعويضها بخصائص التّكنولوجيا الحديثة، واستخدام الصورة كما في كتب الأطفال، فالأدب الحق عنده يبنى على الكلمة.[60]
- الأمّيّة التّكنولوجيّة مقارنة بالدّول الغربيّة حتى في أوساط المثقّفين حيث يشير النّاقد أحمد فضل شبلول إلى أنّ الأدباء والشّعراء والمثقّفين العرب هم الأكثر بعدا عن استخدام الأجهزة التّكنولوجيّة الحديثة، وبالأخص الإلكترونية وهم الأكثر بعدا عن استخدام شبكة الانترنت[61].
- التّخوف من ضياع حقوق الملكيّة الفكريّة[62].
- المتلقّي العربي الّذي يوجّه له مثل هذا الأدب منشغل عن الأدب والثّقافة بالأمور الجانبيّة حيث ترتفع نسبة من يستخدمون الانترنت لأغراض التّسلية، وتنخفض نسبة الّذين يستعملونها من أجل الثّقافة والمعلومة في الوطن العربي.
- هذا النّوع من الأدب يعتمد كثرة الرّوابط وبالتّالي التّشتيت لذهن المتلقّي.[63] .
- التّولّد المستمر الآني للنّصوص، وتعدّد المبدعين داخل النّص الواحد يؤدي إلى غياب الانسجام والتّوافق بين عناصر النّص، ويجعلها متنافرة.
- يذهب الكثير من الكتّاب والمثقّفين العرب إلى أنّ الكتابة أصالة وإدخال التّكنولوجيا في الأدب سيجعله خاليا من كل أنواع الخيال والإبداع.
- التّخوف من أن يصبح الرّكض وراء تطوير التّقنيّة الرّقميّة سببا في اهمال الدّور الحقيقي للأدب.
- موقف اللّغة العربيّة على شبكة الانترنت، حيث أصبحت لغة ثانوية مقارنة بنظريتها الانجليزيّة والفرنسيّة، مما يعيق دخولها العصر الرّقمي كلغة تواصل عالميّة ويعيق وجود أدب عربي تفاعلي.
- ويؤكد سعيد يقطين أن سبب الرّفض الكبير الّذي يلقاه الأدب التّفاعلي في أوساط النّقاد العرب يرجع إلى أن التّطور العربي للثّقافة والتّكنولوجيا متّصل دائما بالغرب وخاصة أمريكا فاتّخذوا ذلك مبررا لموقف الرّفض[64]
- إنّ انسان العصر الرّقمي في حاجة ماسّة للأدب والفنون ليذكره بإنسانيّته وحمايته من التشيّؤ، فلا داعي لأن يُقحَم الأدب ليصبح رقما من أرقام العصر، لتحاصر التّقنيّة الإنسان من كل النّواحي وتجرّده من آدميّته[65].
الخاتمة:
وفي الأخير يمكن القول أنّ الواقع الافتراضيّ الّذي أوجدته التّقنّيات الرّقميّة سمح للإنسان المعاصر بالنّظر من نافذة الغد إلى ما يمكن إيجاده و خلقه بشكل لا يكاد ينتهي غير أنّ هذا الواقع الّذي ماتت فيه الحدود الجغرافيّة وانتهى فيه الزّمن، أرجع أزمة عدم الاستقرار للواجهة ، فالواقع الافتراضيّ الّذي جاء بعالم خياليّ يحقّق فيه الإنسان راحته من التّسارع بعصر ما بعد الحداثة، خلق مشاكل أكبر من حلّها، كأزمة الهويّة، وتزعزع الأمن المعرفي، لأنّ الإنسان المعاصر حمل معه نوازعه السّاعية للسّيطرة والمركزيّة إلى هذا العالم، وهو ما جاء الأدب التّفاعلي لليعبّر عنه في شكله من خلال التحولات التي طالت مفهومه ومقوماته وكذا عناصره والعلاقة بينها ، أو في مضمونه وما عبّر عنه من تمزق وتشتت بالحياة المعاصرة بمجتمعها وإنسانها الرقميين.
أما عن التّجربة العربيّة في هذا النّوع الأدبي الجديد فيمكن القول أنّها لا تزال فتيّة للغاية إذا ما قورنت بنظريتها الغربيّة، ولا يزال مصيرها مجهولا، خاصة وأنّها لا تزال في تجاذب بين من يقبلها ويرى فيها قفزة نوعية ستسهم في تطوير الأدب ومن يرفضها ويتخوّف منها ويرى فيها نهاية وموتا للأدب ولكل مبرراته التي يستند عليها في موقفه.
قائمة المراجع:
1.الكتب بالعربية:
- أحمد فضل شبلول، أدباء الأنترنت، أدباء المستقبل، دار الوفاء لدنيا الطّباعة والنّشر، ط2، الاسكندريّة، د.ت
- أمجد حميد التميمي، مقدمة في النقد التفاعلي الثقافي، كتاب ناشرون، ط1، لبنان،2010.
- باسم علي خريسان، العولمة والتّحدي الثقافي، دار الفكر العربي مؤسسة ثقافية للطباعة والنشر، ط1، د.ب،2002.
- حسام الخطيب، رمضان بسطاويسي محمد، آفاق الابداع ومرجعيته في عصر المعلوماتية، دار الفكر، ط1، د.ب، جمادى الآخرة، سبتمبر 2001.
- حسن الأمراني، الأدب والبناء الحضاري، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية، ط1، د.ب،2001.
- سحر طلعت، الحب الالكتروني: رحلة في عالم الحب والأحلام، دار الراية للنشر والتوزيع: د.ب،2006.
- سعيد سقطين، من النص إلى النص المترابط: مدخل إلى جماليات الأبداع التفاعلي، المركز الثقافي العربي، ط1، الدار البيضاء، المغرب،2005.
- سعيد يقطين، النص المترابط ومستقبل الثقافة العربية، نحو كتابة عربية رقمية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 2008.
- سعيد يقطين، انفتاح النّصّ الرّوائي، النّص والسّياق، المركز الثقافي العربي، ط2، الدار البيضاء، المغرب،2006.
- صلاح فضل، قراءة الصورة وصور القراءة، دار الشروق، ط1، القاهرة،1997.
- عثمان موافي، السعيد الورقي، دراسات في النقد العربي الحديث، ج2، دار المعرفة الجامعية، د.ط، د.ب، د.ت.
- علي حرب، العلم ومأزقه: منطق الصدام ولغة التداول، المركز الثقافي العربي، ط1، الدار البيضاء، المغرب،2002
- علي حرب، حديث النهايات، فتوحات العولمة ومآزق الهوية، المركز الثقافي العربي، المغرب، ط2، 2004.
- فاطمة البريكي، الكتابة والتكنولوجيا، المركز الثقافي العربي، ط1، الدار البيضاء، المغرب،2008.
- فاطمة البريكي، مدخل إلى الأدب التفاعلي، المركز الثقافي العربي، ط1، الدار البيضاء، المغرب، 2006.
- كمال عبد الحميد زيتون، تكنولوجيا التّعليم في عصر المعلومات والاتّصال، عالم الكتب، د.ط، د.ب،2004.
- ماهر عبد القادر محمد، معالم على طريق الفكر العربي المعاصر، دار الثقافة العلمية، د.ط، د.ب، 2002.
- محمد مريني، النص الرقمي وابدالات النقل المعرفي، كتاب الرافد، العدد 89، دار الثقافة والاعلام، د.ط، الشارقة، مارس 2015.
- مي العبد الله سنّو، الاتصال في عصر العولمة: الدور والتحديات الجديدة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، د.ط، د.ب،1999.
- يوسف عز الدين، قديم لا يموت أو جديد لا يعيش: آراء نقدية صريحة في الحداثة والشعر والمجتمع، دار الإبداع الحديثة للنصر، د.ط، د.ب،1996.
2.الكتب المترجمة:
- آلان تورين، نقد الحداثة: الحداثة المظفّرة، ترجمة صيّاح الجهيم، منشورات وزارة الثقافة، د.ط، سوريّة، 1998.
- جاك فونتاني، سيمياء المرئي، تر: علي أسعد، دار الحوار للنشر والتوزيع، ط1، د.ب،2003.
المجلات:
- ثائر عبد المجيد العذاري، الأدب الرّقمي والوعي الجمالي العربي، مجلة آداب الفراهيدي، العدد(2)، السنة الأولى.
- زغدودة ذياب، المسرح التفاعلي والرّقمنة، مجلة العلوم الاجتماعية والانسانية العدد (35)، جامعة باتنة، ديسمبر 2016.
3.المذكرات الجامعية:
- باللودمو خديجة، المتلقي بين نظرية التلقي والأدب التفاعلي، مذكرة ماجستير تخصص: نقد أدبي حديث ومعاصر، كلية الآداب واللغات، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة،2012/2013.
4.المواقع الالكترونية:
- إلهام شافعي، الأدب الرقمي…رهانات وآفاق، اشكالية الأدب الرقمي: مفهومه وخصائصه، تم الاسترجاع من الموقع:
بتاريخ: 15/07/2021، على الساعة:12:50https://fll.univ-biskra.dz/images/Annonces_2021/sem_arab/إلهام_شافعي.pdf
- السيد نجم، النقد الرقمي ومستقبل السرد مع الوسائط الحديثة، مجلة اتحاد كتاب الانترنت المغاربة، 8 أكتوبر 2008، متاحة على الرابط: https://ueimag.blogspot.com/2016/04/blog-post_74.html
- عبده حقي، تشظيات السندباد الرقمي، منتدى واتا، الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب، 26-11-2007، على الرابط:
- محمد حسين حبيب، الريادة الرقمية والحقائق الثابتة، موقع أنفاس نت من أجل الثقافة والانسان،1-12-2007،تم الاسترجاع من الرابط:
https://anfasse.org/index.php/عالم-التقنية/41-أنفاس-رقمية/1418-2010-06-20-18-23-56،بتاريخ 15-07-2021،على الساعة:12:26
- محمد حسين حبيب، خصائص(الشخصية الافتراضية) في المسرح الرّقمي، تم الاسترجاع من موقع مجلة الفرجة على الرابط :
بتاريخ:15-07-2021، على الساعة:15:44https://www.alfurja.com/2015/11/خصائص-الشخصية-الافتراضية-في-المسرح-ال/
- محمد حسين حبيب، قواعد المسرح الرّقمي، تم الاسترجاع من الموقع:
بتاريخ:15-07-2021،على الساعة:16:24https://www.atitheatre.ae/قواعد-المسرح-الرقمي-د-محمد-حسين-حبيب-ا/
- محمد سناجلة، رواية الواقعية الرقمية، متاح على الرابط: http://www.arab-ewriters.com/booksFiles/5.pdf
- ناظم السعود، القصيدة التفاعلية-الرقمية: حين تكون الريادة استباقا مزدوجا !!، صحيفة المثقف،العدد5427،15-07-2021،متاحة على الرابط: https://www.almothaqaf.com/qadayaama/qadayama-09/850-2009-06-03-02-26-25
[1] باسم علي خريسان، العولمة والتّحدي الثقافي، دار الفكر العربي مؤسسة ثقافية للطباعة والنشر، ط1، د.ب،2002، ص15.
[2] ماهر عبد القادر محمد، معالم على طريق الفكر العربي المعاصر، دار الثقافة العلمية، د.ط، د.ب، 2002، ص83
[3]يوسف عز الدين، قديم لا يموت أو جديد لا يعيش: آراء نقدية صريحة في الحداثة والشعر والمجتمع، دار الإبداع الحديثة للنصر، د.ط، د.ب،1996، ص208
[4]علي حرب، العلم ومأزقه: منطق الصدام ولغة التداول، المركز الثقافي العربي، ط1، الدار البيضاء، المغرب،2002، ص111.
[5] آلان تورين، نقد الحداثة: الحداثة المظفّرة، ترجمة صيّاح الجهيم، منشورات وزارة الثقافة، د.ط، سوريّة، 1998، ص240.
[6] علي حرب، المرجع نفسه، ص113.
[7] مي العبد الله سنّو، الاتصال في عصر العولمة: الدور والتحديات الجديدة، الدار الجامعية للطباعة والنشر، د.ط، د.ب،1999، ص122
[8] كمال عبد الحميد زيتون، تكنولوجيا التّعليم في عصر المعلومات والاتّصال، عالم الكتب، د.ط، د.ب،2004، ص319
[9] مي العبد الله سنّو، المرجع نفسه، ص-ص16-113.
[10] فاطمة البريكي، مدخل إلى الأدب التفاعلي، المركز الثقافي العربي، ط1، الدار البيضاء، المغرب، 2006، ص- ص 54-56
[11] فاطمة البريكي، المرجع السابق، ص57
[12] سعيد سقطين، من النص إلى النص المترابط: مدخل إلى جماليات الأبداع التّفاعلي، المركز الثقافي العربي، ط1، الدار البيضاء، المغرب،2005، ص259
[13] أحمد فضل شبلول، أدباء الأنترنت، أدباء المستقبل، دار الوفاء لدنيا الطّباعة والنّشر، ط2، الاسكندرية، د.ت، ص-ص38-41
[14] فاطمة البريكي، المرجع السابق، ص 63
[15] المرجع نفسه، ص 64
[16] سعيد يقطين، انفتاح النّصّ الرّوائي، النّص والسّياق، المركز الثقافي العربي، ط2، الدار البيضاء، المغرب،2006، ص-ص 111-126
[17] سعيد يقطين، من النص إلى النص المترابط، المرجع السابق، ص، ص 9 ،10
[18]فاطمة البريكي، مرجع سابق، ص73
[19]حسام الخطيب، رمضان بسطاويسي محمد، آفاق الابداع ومرجعيته في عصر المعلوماتية، دار الفكر، ط1، د.ب، جمادى الآخرة، سبتمبر 2001، ص-ص56-115
[20] سعيد يقطين، من النص إلى النص المترابط، مرجع سابق، ص56.
[21]حسن الأمراني، الأدب والبناء الحضاري، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية، ط1، د.ب،2001، ص12
[22] علي حرب، مرجع سابق، ص110
[23]سعيد يقطين، النص المترابط ومستقبل الثقافة العربية، نحو كتابة عربية رقمية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 2008، ص-ص135-137
[24] علي حرب، حديث النهايات، فتوحات العولمة ومآزق الهوية، المركز الثقافي العربي، المغرب، ط2، 2004، ص141
[25] المرجع نفسه، ص141
[26] المرجع نفسه، ص-ص138- 141
[27] المرجع نفسه، ص،ص140، 141
[28]أحمد فضل شبلول، المرجع السابق، ص3
[29] سعيد يقطين، المرجع نفسه، ص3
[30] فاطمة البريكي، المرجع السابق، ص، ص136، 137
[31]علي حرب، حديث النهايات، فتوحات العولمة ومآزق الهوية، مرجع سابق، ص-ص138-141
[32] صلاح فضل، قراءة الصورة وصور القراءة، دار الشروق، ط1، القاهرة،1997، ص18.
[33] جاك فونتاني، سيمياء المرئي، تر: علي أسعد، دار الحوار للنشر والتوزيع، ط1، د.ب،2003، ص48.
[34] السيد نجم، النقد الرقمي ومستقبل السرد مع الوسائط الحديثة، مجلة اتحاد كتاب الانترنت المغاربة، 8 أكتوبر 2008، متاحة على الرابط: https://ueimag.blogspot.com/2016/04/blog-post_74.html
[35] محمد مريني، النص الرقمي وابدالات النقل المعرفي، كتاب الرافد، العدد 89، دار الثقافة والاعلام، د.ط، الشارقة، مارس 2015، ص-ص90-104
[36] فاطمة البريكي، مرجع سابق، ص، ص136، 137
[37] سعيد يقطين، من النص إلى النص المترابط، مرجع سابق،ص243
[38] أمجد حميد التميمي، مقدمة في النقد التفاعلي الثقافي، كتاب ناشرون، ط1،لبنان،2010، ص-ص 35-37
[39]باللودمو خديجة، المتلقي بين نظرية التلقي والأدب التفاعلي، مذكرة ماجستير تخصص: نقد أدبي حديث ومعاصر، كلية الآداب واللغات، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة،2012/2013، ص120
[40] ثائر عبد المجيد العذاري، الأدب الرّقمي والوعي الجمالي العربي، مجلة آداب الفراهيدي، العدد(2)، السنة الأولى، ص87
[41] علي حرب، حديث النّهايات، فتوحات العولمة ومآزق الهويّة، مرجع سابق، ص 141
[42] باللودمو خديجة، المرجع السابق، ص121.
[43]عثمان موافي، السعيد الورقي، دراسات في النقد العربي الحديث، ج2،دار المعرفة الجامعية،د.ط،د.ب،د.ت،ص56
[44] محمد سناجلة، رواية الواقعية الرقمية، ص-ص،95-114 متاح على الرابط: http://www.arab-ewriters.com/booksFiles/5.pdf
[45] محمد سناجلة، المرجع السابق، ص96
[46] المرجع نفسه، ص-ص59-61.
[47]فاطمة البريكي، الكتابة والتكنولوجيا، المركز الثقافي العربي، ط1، الدار البيضاء، المغرب،2008، ص127.
[48]ناظم السعود، القصيدة التفاعلية-الرقمية: حين تكون الريادة استباقا مزدوجا !!، صحيفة المثقف، العدد5427،15-07-2021،متاحة على الرابط: https://www.almothaqaf.com/qadayaama/qadayama-09/850-2009-06-03-02-26-25
[49]إلهام شافعي، الأدب الرقمي…رهانات وآفاق ، اشكالية الأدب الرقمي: مفهومه وخصائصه، ص17،تم الاسترجاع من الموقع:
بتاريخ 15/07/2021https:// fll.univ-biskra.dz/images/Annonces_2021/sem_arab/إلهام_شافعي.pdf،على الساعة:12:50
[50]محمد حسين حبيب، الريادة الرقمية والحقائق الثابته، موقع أنفاس نت من أجل الثقافة والانسان،1-12-2007، تم الاسترجاع من الرابط:
https://anfasse.org/index.php/عالم-التقنية/41-أنفاس-رقمية/1418-2010-06-20-18-23-56،بتاريخ 15-07-2021،على الساعة:12:26
[51] عبده حقي، تشظيات السندباد الرقمي، منتدى واتا، الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب، 26-11-2007، على الرابط:
[52] زغدودة ذياب، المسرح التفاعلي والرّقمنة، مجلة العلوم الاجتماعية والانسانية العدد35، جامعة باتنة، ديسمبر 2016، ص202.
[53] محمد حسين حبيب، فواعد المسرح الرّقمي، تم الاسترجاع من الموقع :
بتاريخ:15-07-2021، على الساعة:16:24 https://www.atitheatre.ae/قواعد-المسرح-الرقمي-د-محمد-حسين-حبيب-ا/
[54] محمد حسين حبيب، خصائص (الشخصية الافتراضية) في المسرح الرّقمي، تم الاسترجاع من موقع مجلة الفرجة على الرابط:
بتاريخ:15-07-2021، على الساعة:15:44 https://www.alfurja.com/2015/11/خصائص-الشخصية-الافتراضية-في-المسرح-ال/
[55]محمد حسين حبيب، فواعد المسرح الرّقمي، مرجع سابق
[56] المرجع نفسه.
[57]سعيد يقطين، من النص إلى النص المترابط، مرجع سابق، ص-ص23-117
[58]فاطمة البريكي، مرجع سابق، ص، ص51، 52
[59] حسام الخطيب، رمضان محمد بسطاويسي، مرجع سابق، ص56
[60]فاطمة البريكي، مدخل إلى الأدب التفاعلي، مرجع سابق، ص130
أحمد فضل شبلول، مرجع سابق، ص25
[62]سحر طلعت، الحب الالكتروني: رحلة في عالم الحب والأحلام، دار الراية للنشر والتوزيع: د.ب،2006، ص-ص-68-74
[63]فاطمة البريكي، الكتابة والتكنولوجيا، مرجع سابق، ص، ص114،115
[64]سعيد يقطين، من النص إلى النص المترابط، مرجع سابق، ص-ص24-32
[65] حسن الأمراني، مرجع سابق، ص17.