نظرية الفائدة في الفكر النحوي العربي
The Theory of Usefulness in the Syntactic Thought
د. سعد عبد الحسين فرج الله , كلية الآداب – جامعة البصرة , العراق .
Dr. Saad Abdul Hussein Farajallah , College of Art, University of Basrah,Iraq
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 72 الصفحة 139.
الملخّصالفائدة نظرية وضعها النحاة العرب للمعنى النحوي مجالها الكلام, قامت إطاراً تفسيريّاً عامّا يشرف على أبنية الكلام وأنماطه على اختلاف الأساليب والأغراض . وقد نشأت هذه النظرية فتكاملت مع تراكم التأليفات النحوية ما تقدم منها أو تأخّر . اجتهد الباحث وسعى إلى الكشف عن أسرارها مضموناً وموضوعاً, بعد رصد مجالها وضبط بنائها المنطقي وبحثها في مسائل وقضايا مهمة من الكلام, ثمّ في أهمّ ظاهرتَين تعرضان للغة وهما اللّبس والحذف . الغاية من ذلك إعادة قراءة التراث العربي الأصيل قراءة واعية وتقديمه بالصورة التي تناسب السياق العلمي الراهن .
الكلمات المفاتيح : الإفادة – الكلام – القصد – الوضع – اللّبس – الحذف
Abstract
The use theory was laid down by the Arab grammarians for the grammatical meaning whose domain is speech. It put a general explanatory framework that takes care of the structures and patterns of speech with its different methods and intentions. This theory emerged and ripened with the accumulation of grammatical publications altogether. The researcher worked hard and sought to expose its implications in terms of content and subject, after he has observed its scope, mastered its logical structure and researched in important issues of speech in the most two outstanding phenomena of language, namely ambiguity and ellipsis. The purpose behind that is to consciously re-read the genuine Arab heritage and present it in a way that fits the current scientific context.
Key words : use, speech, intent, position, ambiguity, ellipsis
اللغة بناء من صوت ومعنى – وجهَين متلازمَين وجوداً وحقيقة, لا ينفكّ أحدهما عن الآخر بحال؛ إذ لا لغة طبيعية بلا صوت أو شكل كما لا لغة بغير معنى . وقد قامت الجهود اللغوية قديمها وحديثها وما زالت على هذين المحورين اللذين يؤلفان اللغة لتفسير مجالهما منفردين كانا أو مجتمعين . فعلى حين تبرز لنا من تلك الجهود نظريات تعنى بالصوت أو الشكل اللغوي, تظهر لنا في الوقت نفسه أخرى مقابلة تعمل على تفسير الوجه الثاني الملازم للغة وهو المعنى . وكذا لا نعدم وجود أخرى كليّة تحاول أن تغطي الاثنين معاً . ودون شك ترتقي النظرية النحوية – لأهميتها – إلى سلم الترتيب عن نظائرها اللغوية . وتمثل نظرية الفائدة في الفكر النحوي موقفاً نظريّا منظماً موجها إلى جانب المعنى من التركيب النحوي, سعى بها واضعوها من النحاة إلى تفسير بنية الكلام قوانين وقواعد, بناء على مقتضياتها .
إنّ نظرية الفائدة كانت قد تكاملت واستقرّ بناؤها بعد توالي التأليفات النحويّة مع تطور التفكير النّحوي وبلوغه درجة عالية من النضج في النظر والتطبيق, وبحسب ما أتيح له من معارف وعلوم في كل عصر من عصوره . وقد قامت تلك النظرية في الفكر النحوي العربي على قضية لغوية مفادها : الأصلُ في الكلام أن يوضعَ للفائدة . ويستطيع الدارس المتخصص إدراك هذه الحقيقة من خلال تتبعه لأقوال النحاة في نصوصهم ومدوناتهم, وتعقّب مدلول نظريتهم تلك بالكشف عن صدقها في تطبيقاتها على الكلام أصولاً وفروعاً ومسائل؛ إذ لم يخرج بسائر فنونه وتجلياته عندهم عن هذا الإطار العام أو ينفلت من إساره الشامل . أمّا مجال تلك النظرية فهو الكلام, ذلك الذي تُنشَدُ فيه الفائدة مقولتها الكليّة فتضبط ظواهره وقوانينه وأنماطه وأساليبه, ويؤيد ذلك ما ثبت في نحوهم من التلازم العضوي بين الكلام والفائدة . على أنّ الفائدة التي وظّفها النحاة في نحوهم حملت مفهوماً خاصاَ أعربت فيه عن نسقهم الثقافي العربي الإسلامي . إنّها – في مضمونها – نظريّة لغوية قيمية .
– الأسس القيميّة للثقافة العربية
الثقافة العربية الإسلامية – في جوهرها – ثقافة قيميّة معيارية مثالية, وقد تسرّبت مفاهيمها تلك إلى جميع مناحي الحياة الفكرية والعملية التي باشرها – لاحقاً – العرب والمسلمون عامة . وكان للتفكير اللغوي نصيبه من تلك النزعة, ولاسيّما أنّه متعلّق بأشرف معانيها وهو الكلام – ما ألهم الله به الإنسان خليفة الله في أرضه, المكوِّن الفاعل في الوجود المنفعل بعقله ولسانه, لقولهم : ( إنّما المرء بأصغرَيهِ قلبِهِ ولِسانهِ )([1]) . ومن القلب واللسان يُخلقُ البيان كينونة الكلام وماهيته ؛ البيان الذي يمنح الوجود الإنساني قيمته المعرفية والجمالية . ثمَّ لا يخفى أنّ الثقافة الإسلامية اللاحقة كرّست هذا المفهوم في البيئة العربية, مشيرة إلى أهمية البيان وأثره في الإنسان وصلته به, كما ورد في قوله تعالى : {خَلَقَ الْإِنْسَانَ , عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} ( الرحمن 3-4) . ومن مظاهر الجانب القيمي الذي كرّسه الإسلام في تعاليمه السماويّة الدعوة إلى الإعراض عن اللّغو من الكلام وتخيّر أحسنه, من مثل قوله تعالى : {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} ( الزمر18) .
إنّ شيوع مثل هذه الثقافة المدعمة بالنص الديني المقدس ذي النموذج المثالي ستكون – دون شكّ – حافزاً يدفع أرباب اللغة ونظّارها إلى الكشف عن أسرار الكلام الرفيع, الذي يحظى بنصيب وافر من البلاغة والبيان؛ حين يؤدي المتكلّم غرضه من المفيد بأقلّ مؤونة ممكنة, من باب القول المأثور : ( خير الكلام ما قلّ ودلّ )([2]) . ثمّ إنّ العرب وإنْ رضيت بالإطناب في الكلام, بوصفه ضرباً من البلاغة, لأنّه بسطٌ له مع الفائدة؛ فإنّها – من طرف مقابل – قد عدّتْ الإسهاب عِيّا؛ لكونه بسطاً للكلام بلا فائدة ([3]) . والحديث عن فائدة الكلام متعلق – لديهم – بمقدار الحاجة التي لا تزيد ولا تنقص, كما في الصورة التي يجلوها الكرماني ( 786هـ ) في حديثه عن ( حقّ الكلام عقلاً )؛ بقوله : ( العقل يحكمُ بأنّ حق الكلام أن يكون مفيداً بقدر الحاجة, مُفرَغاً في قالب المراد لا أزْيَدَ, وإلّا كان هَذَراَ, ولا أنقصَ وإلّا كان حَصَرَاً )([4]).
لقد جاء ولعُ اللغويين العرب ببيان الكلام فصاحة وبلاغة من أثر معرفي ثقافي قيمي لاشعوري, أسهم بصورة رئيسة في ظهور معجزتهم([5]), حين بنَوا صرح العلوم العربية بعد استقرائها وتصنيفها ثم تقعيدها . ومن المرجّح أن تكون تلك البيئة القيمية المعيارية هي المحفّزة إلى تبنّي مفهوم الفائدة النحوية عند النحاة, وبسببها جاء الربط بينها وبين مدلول الكلام التام؛ حتى جعلوها أصلاً فيه لا يفارقه . وكيف لا تستخلص الفائدة من ذلك كلّه وقد رسخ في عقيدتهم تفوق اللغة العربيّة على سائر اللغات, وهي لغة التنزيل التي خصها الله بكل لفظ غنيّ مفيدٍ بليغٍ جميلٍ؛ ولسانها كما وصفه القرآن :{بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} (الشعراء 159) . أمّا بيانها فذاك الذي يشرق به المعنى الرفيع باللفظ المحكم وتُضِيء به الإفادة التامة . يقول ابن فارس( 395هـ), في ( باب القول : إنّ لغة العرب أفضل اللغات وأوسعها ) من الصاحبي : ( فلمّا خَصّ – جل ثناؤه – اللسانَ العربيّ بالبيانِ عُلِمَ أن سائر اللغات قاصرةٌ عنه وواقعةٌ دونه )([6]) . بل أصبح الإيمان بتقدم العرب عمّن سواهم وتفوق لغتهم على سائر اللغات جزءاً من الإيمان بالله ورسوله, كما ذهب إليه الثعالبي (429هـ )؛ إذ رأى أنّ من هداه الله اعتقدَ أنّ ( العربَ خيرُ الأمم, والعربيةَ خيرُ اللغات والألسنة )([7]) . ما دعاهم إلى قولهم بحكمة الواضع للعربية, ليحملهم ذلك على الاجتهاد – مجدّين – في استنباط عللها وقوانينها وقواعدها, بعد إطالة النظر فيها لاستجلاء تلك الحكمة المكنونة والمودعة في بنائها المُعجز ؛ يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي – محتجاً لمنهجه النحوي في التعليل – : ( … فمَثَـلي في ذلكَ مَثلُ رجلٍ حكيمٍ دخلَ داراً مُحكمَةَ البناء، عجيبةَ النّظمِ والأقسام، وقد صحّت عنده حكمةُ بانيها بالخبرِ الصادقِ، أو بالبراهينِ الواضحةِ، والحججِ اللائحةِ )([8]) .
– مفاهيم محوريّة
لا يختلف اثنان في أنّ الحاجة إلى تحديد المفهومات الأساسية والفرعيّة في الأبحاث والدراسات أمر من الأهمية بمكان, والهدف منه – كما هو بيّن – تحقيق المعرفة السليمة بالتواصل العلمي الدقيق المثمر . وحرصاً على ذلك الغرض وإدراكاً لأهميته, كان لزاماً علينا توضيح المفاهيم المحورية التي يستند إليها البحث وتبيينها للقارئ . وتبرز في هذه الدراسة مفاهيم رئيسة تمثلها ثلاثة مصطلحات هي :1- النظرية 2- الكلام 3- الفائدة . ولتحديد هذه المصطلحات مفهوميّا على الوجه المقبول, اقتضى طرقها من جهتين؛ الأولى منهما يُسلّط فيها الضوء على الدلالة اللغوية, بوصفها الأصل الأول الذي بُنيَت عليه هذه المفاهيم . والثانية منهما تأتي من طرق المعنى الاصطلاحي الذي اشتق من الأصل اللغوي . ومن خلال ذلك تتضح لنا الصورة بالغرض المطلوب وتُدرك على الأرجح أبعادها الخفية؛ ولاسيما أنّ المفاهيم والمصطلحات في التراث من ذوات اللفظ العربي غير منبتة عن جذورها اللغوية ودلالتها المعجميّة الأصل, فإنّ فيها من الخيط الواصل بين الحديث والقديم أو الأصل ما يتفاوت سمكاً لكنه لا ينقطع البتة . بل قد لا تعدم هذه الغلبة أيضاً عند نظائرها في الثقافة العربية الحديثة أو المعاصرة؛ لخاصية أو مزية اختصت بها اللغة العربية, مُفادها أنّ ألفاظها وأسماءها الحادثة غير منقطعة عن بعدها التأريخي لغويا ودلالياً ([9]) .
أوّلاً- النظرية
1- لغة
النظرية مصدر صناعي أخذ من مادة ( نظر ), من وجهها غير الحسي وهو التجريدي المتعلق بالفكر أو النشاط العقلي للإنسان . وأرجع ابن فارس (395هـ) فروع هذه المادة في أصلها ( إلى معنىً واحدٍ وهو تأمّلُ الشيءِ ومعاينتُهُ .. )([10]), وجاء في اللسان قوله : ( .. وإذا قلتَ نظرتُ في الأمرِ احتملَ أنْ يكونَ تفكّراً وتدبّراً في القلْبِ .. والنّظَرُ : الفِكرُ في الشّيء تقدّرُهُ وتقيسُهُ مِنكَ )([11]) . ولفظ النظرية بصيغة ( المصدر الصناعي ), وبمفهومها المعهود في عصرنا الحالي, لم يُتداول في الثقافة العربيّة ومعاجمها اللغوية والفنيّة إلّا حديثاً؛ إذ جاء مع حركة الترجمة للمعارف والعلوم الأجنبية الحديثة . غير أنّ الرابط الذي يجمع بين المصطلح لغويّاً ودلالته الأصل رابط وثيق؛ باعتباره دالّا معبّراً عن الوظيفة المعرفيّة التأمليّة المنتجة في عالم الفكر .
2- اصطلاحاً
أمّا النظرية – اصطلاحاً – فهو – كما نُوِّه به – مفهوم متواصل مع دلالته اللغوية الأصل؛ إذ هو يعبّر عن نشاط فكري تأمّلي, ذي سمة تجريديّة محضة . وقد ألمح إلى ذلك الأمر الجرجاني (816هـ ) في تعريفه لمصطلح ( النظري ) أي القائم بفعل النّظَر العقلي, فقال : ( هو الذي يتوقّفُ حصولُهُ على نَظَرٍ وكَسْبٍ .. )([12]) . وعلى الرّغم من تعدّد التعريفات الحديثة لهذا المصطلح, فهي لم تخرج عن أنّها ( فرضٌ علميٌّ يربطُ عدّة قوانين بعضها ببعض, ويردّها إلى مبدأ واحد, يمكنُ أن نستنبط منه حتماً أحكاماً وقواعد )([13])
وقد بسط ( لالاند ) – في موسوعته الفلسفية – القول في مصطلح النظرية, مبيناً مفهومه من خلال فصله عن الممارسة العملية التي يتقاطع معها, وأيضاً من خلال مقارنته بالمعارف أو المفاهيم الأخرى القريبة إليه . ويهمنا من مجموع ما عرضه من المقارنات تعريفان؛ أولاهما : يقابل ما يُصطلح عليه بالمعرفة العاميّة, وهو ( ما يكون موضوعاً لتصوّر منهجي, منظّم نسقيّاً , ومرتبطاً مِن ثَمَّ – في صورته – ببعض القرارات أو المواضعات العلميّة التي لا تنتمي إلى المعنى العام )([14]) . وثانيهما : يقابل ما يُعرف بتفاصيل العلم, وهو ( توليفٌ عام يأخذ على كاهله تفسير عدد كبير من الوقائع, ومُسلّمٌ به من قبل معظم علماء عصر ما, بوصفه فرضية معقولة )([15]) . والتعريفان الأخيران واردان في توجيه مفهوم النظرية وربطها بـ( الفائدة) موضوع البحث, آخذين بنظر الاعتبار الخصوصية النظرية للعلوم الانسانية عنها في نظيرتها الطبيعية والفوارق المنطقية في بنائها, مقارنة بالأخرى . والمُرجّح أنّ التعريف الثاني أدنى قرباً إلى منهج النحاة في توظيف الفائدة, بوصفها فرضاً نظرياً تفسيرياً يلازم فهمهم للوقائع اللغوية التركيبية, وسعيهم في ضبطها وصفاً وتفسيراً؛ بناء على معطيات مفهومهم لها . على أنّ هذا الترجيح لا يغرينا بإهمال التعريف الأول وما سبقه؛ ففيهما – أيضاً – ما يعين الباحث على تثبيت مفهوم النظرية للفائدة النحوية على نحو وافٍ مثمر.
ثانياً – الفائدة
1- لغة
أحاطت المعاجم العربيّة بمادة الفائدة وتنوع دلالتها بتنوع مبناها, منها ما ورد في تهذيب اللغة للأزهري (370هـ ) الذي جاء فيه : ( الفائدةُ ما أفَادَ اللهُ العبْدَ مِنْ خَيرٍ يستفيدُهُ أو يستحدثُهُ وجمعُها الفَوائِدُ .. يقال : إِنهما لَيَتَفايَدانِ بالمالِ بينهما أَي يُفِيدُ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَهُ, والناس يقولون : هما يَتَفَاوَدان العلمَ أي يفيدُ كل منهما صاحبَهُ .. أفدتُ المالَ أعطيتُه غيري وأفدتُه استفدتُهُ … وفادَ المالُ نفسُهُ يَفيدُ: إذا ثَبَتَ لَهُ مالٌ, والاسمُ الفائدةُ )([16]) . وتابع الجوهري ( 393هـ ) ما ورد في التهذيب , فقال : ( والفائدةُ: ما استفدتَ مِنْ علمٍ أو مالٍ . تقولُ منه: فَادَتْ له فَائدَةٌ . .. أفَدْتُ المالَ : أعطيتُهُ غيري . وأَفَدْتُهُ : اسْتَفَدْتُهُ . )([17]) . وقد أوجز الكلامَ ابنُ فارس ( 395هـ ) بقوله : ( وَالْفَائِدَةُ: اسْتِحْدَاثُ مَالٍ وَخَيْرٍ. وَقَدْ فَادَتْ لَهُ فَائِدَةٌ. وَيُقَالُ : أَفَدْتُ غَيْرِي، وَأَفَدْتُ مِنْ غَيْرِي . )([18]) . وممّا أضافه ابنُ منظور إلى ما تقدّم, قوله : ( وفادَ المالُ نفسُه لفلانٍ يَفِيدُ إِذا ثَبَتَ لَهُ مالٌ ، وَالِاسْمُ الفائدةُ. ) ([19]) . وقد سبقَ لابن سيده ( 458هـ ) أنْ جعل الفعل ( أفادَ ) ممّا يدلُّ على التضاد , وذكر ذلك في باب الأضداد من مُخصّصه, وجاء فيه : ( وَقَالَ : أَفَدْتُ المَال : أَعْطيتُهُ واستفدتُهُ .. )([20]) .
ومن مجموع ما تقدّم لمبحث الفائدة – لغةً – يُستنتج الآتي :
– أصل الفعل المشتقّ من مادة ( الفائدة ) ثلاثيّ مجرد لازم .
– الفائدةُ الاسم المُستفاد الذي قد يكون معنوياً كالخير والعلم, أو مادياً كالمال؛ بما قيل : ( والفائدةُ: ما استفدتَ مِنْ علمٍ أو مالٍ ) .
– الفائدة هي المُستفاد منها, أي المستحدث, وليست بالموجود أو القائم في المستفيد من قبل؛ بما قيل : ( وَالْفَائِدَةُ: اسْتِحْدَاثُ مَالٍ وَخَيْرٍ )
– الفائدة إثباتها لإنسان إمّا بمعنى انتهاء الغاية إليه, وإمّا بمعنى التمليك له أو شبهه؛ من نحو : ( فادَ المالُ نفسُه لفلانٍ ) .
– الفعل الرباعي من تلك المادة مزيد بهمزة التعدية التي تعدّيهِ إلى مفعول واحد . وهنا تقع فيه ظاهرة التضاد؛ ففي قولهم : (أَفَدْتُ المَالَ ..) يحتمل معنيَينِ ؛ أولاهما يدلّ على الإعطاء بالجعل والتصيير([21]) , أي جعلَ المالَ مفيداً لغيره . وثانيهما يأتي بمعنى متضاد للأول, وهو الاستفادة من المال المـُعطى له؛ من نحو : ( أَفَدْتُ المَال : أَعْطيتُهُ واستفدتُهُ )
2- اصطلاحاً
هناك مفهومان في المعنى الاصطلاحي للفائدة, أحدهما عام والآخر خاص؛ العام منهما مترتبٌ على معنى الفائدة اللغوي وهو شامل للحقول المعرفية المنسوبة إلى الثقافة العربية الاسلامية وفي ضمنها الحقل اللغوي وأخصّه النحوي منه . أمّا الخاص فيُراد به ذلك المفهوم القائم المتعارف عليه في التفكير النحوي العربي بما ورد عنهم في مدوناتهم النحوية . على أنّ المفهومين ( العام والخاص ) لم يخرجا عن دلالة الفائدة معجمياً باستحضار المستفاد منها, على الرغم من تمايزهما بين ما أطلق وما هو مقيّد .
وإذا ما أراد الباحثُ طلب مفهوم الفائدة في الاصطلاح العام المتداول في الحضارة العربية الاسلامية لم يظفر بتعريف فنّي لها إلّا في مصنفات المتأخرين كثيراً, أمثال المناوي في التوقيف ( 1031هـ ) الذي قال : ( الفائدةُ : الشيءُ المُتجدّدُ عند السامع يعودُ إليه لا عليه )([22]) . والملاحظ في تعريف المناوي أنّه قصر معنى الفائدة على الجانب اللغوي, بل قيّده بالسامع حصراً من طرفي العملية التداولية . في حين ذهب أبو البقاء الكفوي ( 1094هـ ) في كلياته إلى بسط المعنى في هذا المصطلح, سالكاً طريق التوسع في دلالته, ليشمل عموم اللفظ في مفهومه المتداول بالمعنى العام؛ معرّفاً الفائدة بأنّها : ( ما يترتّب على الشيء ويحصل منه من حيثُ أنّه حاصل منه )([23])
أمّا الفائدة في الاصطلاح النحوي الخاص فقد كانت أوضح مفهوماً من سواها – وأعني بها المعارف العربية الإسلامية – وأكثره استقراراً . وحظيت موضوعاته بعناية القدماء, سواء منهم المتقدّم او المتأخر؛ إذ لم تغب صورته عن أذهانهم قط . وما إن تراكمت مباحث الفائدة حتى استقرت في أذهانهم مصطلحاً علمياً خاصّاً دالّاً على نزوعهم النظري الذي أضفى جانبا من الانسجام على حقلهم العلمي . ودارت دلالة المصطلح في تفكيرهم حول التداول اللغوي دون سواه ولم تتعدّاه, ليصير ثابتاً عندهم ( أنّ المفيد في عرف النحاة لا يُطلق إلّا على ما يحسنُ السكوتُ عليه )([24])؛ وهو أمر حقّقه المُرادي ( 749هـ ) أيضاً بقوله : ( .. الإفادة الاصطلاحية , وهي إفهام معنى يحسنُ السكوتُ عليه )([25]) . وعلى المنوال نفسه أثبت ابن هشام الأنصاري ( 761هـ ) هذا المفهوم للمصطلح عندما فسّر المفيد من الفائدة بأنّه ( الدّال على معنى يحسنُ السكوتُ عليه, نحو : زيدٌ قائمٌ , وقامَ زيدٌ )([26]) . وهكذا؛ فقد كان الإجماع متحققاً عند النحاة في إدراك المُراد من الفائدة, إذ ما برحت مسائلها حاضرة في تفاصيل ( الكلام ) موضوع نحوهم وغاية جهدهم, وصفاً وتفسيراً وتوجيهاً؛ حتى استقرت بمفهومها نظرية نحوية تضبط صناعتهم بناء واستدلالاً .
ثالثاً- الكلام .
وهو من المفاهيم الكليّة في علوم اللسان العربي عامة وفي النحو خاصة, بل لا غرو إنْ قلنا أنّ له موقعاً متقدماً في عموم العلوم المعرفية العربية الإسلامية ذات البعد الانساني . أمّا على مستوى النحو فليست بخافية مكانته المحوريّة فيه . وكيف لا تكون مكانته كذلك, وهو الذي يمثل موضوع علم النحو ومدار أحكامه وقواعده وأبوابه الموضوعة, لتحقيق أغراضه العلمية والتعليمية . أضف له عمق الصلة بينه وبين الفائدة نظرية ومنهجا؛ فهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر كما سيتضح لاحقاً . وبعدُ ؛ فما مفهوم الكلام ؟
1- لغة
الكلام لفظٌ مشتقٌ من مادة ( كلم ) التي قال عنها ابن فارس ( 395هـ ) : إنّها قد ثبت فيها ( أصلانِ : أحدُهما يدلُّ على نُطْقٍ مُفْهمٍ, والآخرُ على جِراحٍ )([27])؛ فالأصل الأول ( الكلام ) . والأصل الآخر ( الكَلْم ), وهو الجُرح ([28]) . والكلام ( اسمُ جِنسٍ يقعُ على القليلِ والكثيرِ )([29]) , قيّده ابن سيده ( 458هـ ) بالاكتفاء, مُميزاً به بينه وبين القول؛ إذ ( الكَلامُ ما كانَ مُكتفياً بنفسِهِ, وهو الجملةُ . والقولُ ما لمْ يكُنْ مُكتفياً بنفسِهِ, وهو جزءُ الجُملةِ )([30]), مستدِلّاً بإجماع العرب على وصف القرآن بأنّه ( كلامُ الله ), وهم لا يقولون : ( قولُ الله )؛ مُعقّباً على ذلك بقوله : ( فَعُبِّرَ لذلِكَ عنهُ بالكلامِ الّذي لا يكُونُ إلّا أصْواتاً تامّةً مفيدةً)([31]).
وقد توسّعَ النحاة في مدلول لفظ ( الكلام ), ووجد ابنُ هشام الأنصاري ( 761هـ ) أنّه يُطلقُ في العربيّة على ثلاثة معانٍ هي :([32] )
1- الحدث الذي هو التكليمُ, كقولهم : ( أَعجبَنِي كلامُك زيداً ), أي : تكليمُك إيّاهُ .
2- ما يقع في نفس المتكلم من نظمٍ قبل التعبير عنه باللفظ المفيد ( الكلامُ ), أي قبل إيقاعه في الخارج متلفّظاً به .
3- كلّ ما تحصلُ به الفائدةُ من الحدث اللغوي, سواء أكان لفظاً, أم خطّاً, أم إشارة, أم ما دلّ عليه لسانُ الحال .
2- اصطلاحاً
أمّا الكلامُ في اصطلاح النحويين فله تعريفات عديدة اجتهد النحاة في حده, وجاءت تلك التعريفات بصيغ تباينت إطلاقاً وتقييداً, على الرّغم من اشتراكها في مفهومه الخاص به؛ منها ما جاء عن ابن عصفور( 669هـ ) بقولُه : ( الكلام اصطلاحاً هو اللفظُ المركّبُ وجُوداً أو تقديراً المُفيدُ بالوضْعِ )([33]). وعبّر ابنُ مالك ( 672هـ ) عن مصطلح الكلام في عرف النحاة بلفظ آخر جاء فيه : ( ما تضمّنَ اسناداً مفيداً مقصوداً لذاتِهِ )([34]) . وأضاف ابنُ عقيل ( 769هـ ) للكلام من بيان الفائدة بقوله : ( اللّفظُ المفيدُ فائدةً يحسنُ السكوتُ عليها )([35]) . ولم تخلُ كتب النحو ولاسيما المتأخرة من تعريف للكلام, غير أنّها بمجموعها لم تخرج عن أن تبني الكلام على ست دعامات هي : 1- التركيب 2- التأليف 3- الإسناد 4- الفائدة 5- القصد 6- الوضع ؛ كما سيتضح تباعاً .
– العلاقة بين الفائدة والكلام
لمّا كان لكلّ نظرية مجال فلا نبعد عن الحقيقة إن قلنا : إنّ مجال نظرية الفائدة الكلام, بوصفه موطنَ الإعراب المستفاد من تركيب الكلم؛ لذا كانت العلاقة التي جمعت الفائدة بالكلام في الفكر النّحوي العربي ذات صيغةً أشبهت العلاقة العضوية التامّة؛ فهما – مجتمعَينِ – يمثلان وحدة لسانية واحدة . على ذلك خلت آراء النحاة العرب وتطبيقاتهم من أي أثر يضعُ حدّاً فاصلاً بينهما, ويحول دون تلازمها على المستوى النظري فضلاً عن الواقعي؛ إذ لا كلام بلا فائدة كما لا فائدة بلا كلام . ولمّا صار الكلام موضوع علم النحو فالنتيجة تحتّمُ أنّ خلوه من الفائدة يعني – بالضرورة – عدم صلاحه ليكون موضوعاً له, بل يُعدم وجود النحو من أساسه؛ فهو سالب بانتفاء الموضوع كما يعبّر عنه أرباب المنطق .
وبعد ُ؛ فإنّ بحث الكلام وعلاقته بالفائدة من الأبحاث الأصول التي طرقتها أذهان النحاة مبكراً, فقد سبق لسيبويه (180هـ ) أن أشار في مواضع كثيرة من كتابه إلى أنّ الكلام هو ذلك الذي يبين عن الإفادة فحسب, وكان لا يُطلقُ عنده إلّا على الخبر المحكي المفيد؛ تفريقاً به عن القول الذي يشمل ما يُحكَى وما لا يُحكَى . يقول سيبويه : ( واعلمْ أنَّ (( قلْتُ )) إنّما وقعتْ في كلامِ العربِ على أنْ يُحكَى بها, وإنّما تَحكِي بعد القولِ ما كانَ كلاماً لا قولاً )([36]) . وكذا في موضع متقدم من كتابه عندما فرّق به بين الفعل والاسم, بناء على مواقع ورودها في الكلام؛ إذ لا يمكنُ أن يحلّ الفعل مكان الاسم, واحتج على ذلك قائلاً : ( ألَا ترى أنّكَ لو قُلْتَ : إنَّ يَضْربَ يَأتينَا , وأشباه هذا, لم يكُنْ كلاماً )([37]) . والأمر نفسه ينطبق على المبرّد ( 285هـ ), الذي ساوى بين الجملة والكلام, بما يحسنُ به السكوت عليه؛ أي ما يتحقق به الإفادة من الكلام, مصرّحاً بذلك من خلال تفسيره وجود الرفع في جملة الفاعل, قياساً على الجملة الاسمية من المبتدأ والخبر؛ بقوله : ( وإنّما كانَ الفاعلُ رفْعاً لأنّه هو والفعلُ, جملةٌ يَحسنُ عليها السكوتُ , / وتجبُ بها الفائدةُ للمخاطب . فالفاعلُ والفعلُ بمنزلةِ الابتداءِ والخبرِ .. )([38]) .
وهكذا ؛ حتى توثقت العلاقة بين الفائدة والكلام تباعاً في تفكير النحويين, فصار الكلام يُعرّفُ بالفائدة ويُحدُّ بحدّها . وتأصّل الأمر بصورة أعمق عندهم, فأبان عن مقولة نحوية كبرى , صدح بها ابنُ السرّاج ( 316هـ ), قائلاً : ( وأصلُ الكلام موضوعٌ للفائدة )([39]) . ثُمّ قصَرَ ابن جني الكلام على الفائدة عندما قال : ( أمّا الكلامُ فكلُّ لفظٍ مستقلٍّ بنفسِهِ , مُفيدٍ لمعناه وهو الذي يسمّيه النحويون الجُمَل )([40]), وإنّ استقلال اللفظ من التامّ معناه الذي هو المفيد([41]) . وسار النحاة على المنوال نفسه يلتزمون هذا التصور رؤية ومنهجا, فصار الكلام بعد ذلك يُعرّفُ – في الاصطلاح النحوي – بأنّه : ( اللّفظُ المُفيدُ فائدةً يَحسُنُ السّكوتُ عليها )([42]) .
ومضى النحاة في ذلك إلى أن استتبّ الكلام – معقد الفائدة – موضوعاً لعلم النحو العربي, وصار عليه مبدؤه وختامه ومداره, وما بُنيت عليه من الأنظار التي جرّدت الأصول والفروع, ووضعت الأقسام والأبواب . ثُمّ أصبح باب الكلام أول موضوع يشرع به مصنفو المنظومات والكتب النحوية من موضوعات صناعتهم, كقول ابن مالك ( 672هـ ) في ألفيته :
كَلامُنا لفظ ٌمُفيدٌ : كاسْتقِمْ واسْمٌ , وفِعلٌ , ثُمَّ حرفٌ الكَلِمْ
ويريد بـ ( كلامنا ) أي نحن النحاة؛ وبه يفرّق بين مفهوم الكلام عندهم وعند اللغويين الذين يجعلون الكلام عاماً لكل ما يُتكلّمُ به, سواء أكان مفيداً أم غير ذلك . في حين أنّ النحاة يقصرونه على المفيد التام منه فحسب, أمّا غير المفيد فهو ليس من الكلام باصطلاحهم ([43]).
– الجملة والكلام
إنّ الناظر في تصانيف النحاة العرب وتأليفاتهم, ولاسيّما المتقدمين منهم, يدرك للوهلة الأولى أنّ هناك انطباقاً تامّا بين مفهومي الكلام والجملة عندهم؛ دلّت على ذلك أقوالهم سواء بنحو التلميح أم التصريح؛ ووجه الانطباق أو التساوي بين المفهومَين لم يأتِ إلّا من قيام رابط الفائدة الجامع لهما, وبلحاظ الاسناد المفيد بما يحسن عليه السكوت . ومثلما كانت الفائدة سبباً في وجود الكلام كانت أيضا سبباً في وجود الجملة, تبعاً له ولزوماً لها .
ومن المتقدمين الذين ألمحوا من هذا الترابط الوثيق المبرّد ( 285هـ) في النص الذي سبق لنا ذكرُه , حين تحدّث عن أمثلة الكلام باجتماع الفعل والفاعل المشابه لاجتماع المبتدأ والخبر عند وقوع الاسناد المفيد فيهما, وجاء من ذلك قوله : ( وإنّما كانَ الفاعلُ رفْعاً لأنّه هو والفعلُ, جملةٌ يَحسنُ عليها السكوتُ, / وتجبُ بها الفائدةُ للمخاطب )([44]) . ومثله ابن الورّاق ( 325هـ ) ؛ فقد ماثل أيضاً بين الجملتين الاسمية والفعلية, وبأثر من تلك الفائدة الجامعة المانعة , وورد ذلك حين قال : ( .. أنّ الفاعلَ – قد بيّنا – مُشبِهٌ للمبتدأ؛ إذ كانَ هو والفعلُ جملةً يحسنُ عليها السكوتُ, كما أنّ المبتدأ والخبر جملة يحسنُ عليها السكوت )([45]) . وعقدَ ابنُ فارس (395هـ ) باباً للكلام وحقيقته في كتابه الصاحبي, مُدلّاً عليه بالتمثيل من نحو جملتَي : قامَ زيدٌ وذهبَ عمْرو, ثمّ كان عنده بالسواء أنْ يكون الكلامُ – كما قِيلَ- ما سُمِعَ أو فُهِمَ, أو كانَ حروفاً مؤلفة دالة على معنى ( لأنّ المسموع المفهوم لا يكاد يكون إلّا بحروف مؤلفة تدلّ على معنى )([46]) .
وقصد بالحروف الكلمات, وبالتأليف من ( المؤلفة ) ما كان علامة للإسناد الدّال على الفائدة التامّة .
وممّا يدلُّ على أنّ الجملة والكلام قد استقرّا مفهومَين مترادفًين في أذهان النحاة ابتداء, وإن لم يصرحوا به, ما أورده ابنُ جنّي ( 393هـ ), مُعلناً بما نصّه : ( أمّا الكلامُ فكلُّ لفظٍ مستقلّ بنفسه, مفيدٍ لمعناه, وهو الذي يسمّيه النحويون الجمل نحو : زيدٌ أخوك , وقامَ زيدٌ )([47]) . ولمّا كان القول أعمّ من الكلام لأنه يشتمل على الناقص والتام معاً كانت الفائدة هي معيار الفصل بينهما, من ذلك أضاف ابن جني أيضاً قوله : ( فالتام هو المفيد أعني الجملة )([48]) . وعبّر عبد القاهر الجرجاني ( 471هـ ) عن ذلك الترابط بصورة أكثر بياناً حين حصر الجمل بالكلام وقصرها عليه, مفسّراً اسم الكلام ومدلوله بقوله : ( وإنّما سُمّيَ كلاماً ما كان جملة مفيدة )([49]) . وتابعهما الزمخشري ( 538هـ ) في المفصّل؛ إذ قال : ( والكلامُ هو المركّبُ من كلمتَين اُسندت إحداهما إلى الأخرى, وذلك لا يتأتّى إلّا من اسميَن كقولك : زيدٌ أخوك, وبشرٌ صاحبُك, أو في فعلٍ واسمٍ, نحو قولك : ضربَ زيدٌ, وانطلقَ بكرٌ, وسُمّيَ الجملة )([50]) . ودام هذا الفهم , حتى توثّقت الصلة إلى المدى الذي صارت به الجملة عنصراً من حدّ الكلام وتعريفه عند النحاة المحققين, كما أشار إليه أبو البقاء العُكبري ( 616هـ ), حين عرّف الكلام بأنّه ( عبارة عن الجملةِ المفيدةِ فائدةً يسوغُ السكوتُ عليها عند المحقّقين )([51]) . وذهب النيلي ( من علماء القرن السابع ) إلى ( أنّ الكلام اسمٌ للجملة المفيدة )([52]).
ولم تنفصم عُرى التساوي أو الترادف بين الجملة والكلام في تفكير النحاة, حتى عند أولئك الذين فرّقوا بينهما كالرضي ( 686هـ )([53]), ومَن تابعه كابن هشام الأنصاري (761هـ )([54]) ؛ حينما جعلا الجملة أعمّ من الكلام؛ لكونها تصدقُ – عندهما – على ما تضمّن اسناداً مقصوداً لذاته, كالجملة الاسميّة والفعلية, وغير المقصود لذاته, كجملة الخبر والصلة والوصف وجملتَي الحال والشرط والجزاء منفردتَينِ . ومع فرض افتراقهما في ضوء هذا القيد تظلّ الجملة غير المقصودة لذاتها كلاماً ؛ لأن الفائدة متحققة بها أصلاً, وبالإسناد المفيد المقصود من قبْلِ فرعيتها, ( والحكمُ عليها بذلك لا يخرجها عن أن يكون فيها تركيب اسنادي, ولولا ذلك لما حُكِم على أفرادها بالإعراب وأُعرِبت )([55])
– عقد الكلام والإفادة
بانَ ممّا سبق أنّ الكلام موضوع علم النحو العربي , بوصفه الوحدة اللغوية المستقلة بنفسها التي يسميها النحويون الجملة . أمّا الفائدة فتُجنى – لزوماً – من هذه الوحدة المتحققة بالعقد والتركيب . والكلام عندهم ينشأ من علاقة بين ركنين يمثلهما المبتدأ والخبر أو الفعل والفاعل, وهما يحتلان – كما هو مشهور – مرتبة ( العمدة ) فيه, وما تبقى منه يُعرف عتدهم أيضاً بـ( الفضلة ), وهي من فروع الفائدة ومتمّماتها في الكلام . غير أنّ كلمات النحوين كانت قد اختلفت على ثلاثة ألفاظ أو مصطلحات, تداولوها في تصنيفاتهم للتعبير عن تلك العُلقة المؤلفة لأركان الكلام؛ وهي – بحسب السبق استعمالاً – : الإسناد , والتركيب, والتأليف . وبين هذه الثلاثة مواطن التقاء وافتراق تتأرجح بين العام منها والخاص, وللفائدة مدخل في هذه المواطن؛ كما يبينها التفصيل الآتي:
أ- الإسناد
يظهر من خلال التتبع التأريخي أنّ مصطلح ( الإسناد )أو لفظه كان الأسبق في الاستعمال من قرينَيه؛ فقد عقد له سيبويه ( 180هـ ) في كتابه باباً وسمَهُ بـ( هذا باب المسند والمسند إليه ) وقال عنه : ( وهما ما لا يَغنَى واحدٌ منهما عن الآخَر، ولا يجدُ المتكلمُ منه بدّا )([56]), ومثّل له بالجملتين : الاسمية ( المبتدأ / المسند إليه والخبر / المسند ) والفعلية ( الفعل / المسند والفاعل / المسند إليه ) . وتابعه الزجّاجي ( 340هـ ) أيضاً في وصف العلاقة بين ركني الجملتين الاسمية والفعلية بقيامهما على عنصر الاسناد, ولم يرد عنه ذكر التركيب في بيان أجزاء الكلام المؤتلفة ([57]) .
وبقي الاسناد حاضراً في أذهان النحويين المتقدمين, وكذا لم يفارق عبارات بعضٍ من المتأخرين, حتى صار قيداً في حدّ الكلام ؛ كما فعل ابن الحاجب ( 646هـ ) عندما عرّفه بقوله : ( الكلامُ ما تضمّن كلمتَين بالإسناد, ولا يتأتّى ذلك إلّا في اسمَين , أو فعل واسم )([58]) . وعلّق الرضي ( 686هـ) في شرحه الكافية على النص المذكور آنفاً, قائلاً : ( والمراد بالإسناد أن يُخبر في الحال أو في الأصل بكلمة أو أكثر عن أخرى )([59]) . وعن سبب ذكر الاسناد في التعريف؛ فقد قال : ( وإنّما قال بالإسناد ولم يقل بالإخبار لأنّه أعمّ؛ إذ يشمل النسبة التي في الكلام الخبري والطلبي والإنشائي )([60]) . وعلى منوال ابن الحاجب, سار ابن مالك ( 672هـ ) بتضمين الإسناد في حدّ الكلام؛ حينما عرّفه بأنّه : ( ما تضمّن من الكلم اسناداً مفيداً مقصوداً لذاته )([61]). ويُلحظ أنّ ابن مالك عمد إلى إضافة قيد الإفادة للإسناد, وأراد بها – كما بيّنه هو- الخبر الجديد, احترازاً منه بالمفيد ممّا لا فائدة فيه؛ نحو : ( السماء فوق الأرض ), وما على شاكلة هذا المعنى ([62]) .
أمّا عن علاقة الاسناد بالفائدة فقد توسّع أبو حيان ( 745هـ ) في بيانها, حينما اختار – لما سمّاه الكلام الاصطلاحي – التعريف الذي رآه مناسباً له في ( أنّه قولٌ دالٌ على نسبة اسنادية مقصودة لذاتها )([63]) . والنسبة الاسنادية في قبال النسبة التقيديّة التي توجد في نسبة الإضافة, ونسبة النعت, ونسبة العامل من نحو : ( الضارب زيداً ) . غير أنّ نسبة الاسناد عنده هي ( نسبة شيء إلى شيء على سبيل الاستقلال )([64])؛ أي إنّ النسبة في الاسناد يتحقّق بها استقلال الكلام مكتفياً بنفسه, ومنه تتم الفائدة المقصودة لذاتها . وختم أبو حيان تفصيله ببيان أثر العلاقة العضوية بين الاسناد والفائدة, مضرباً عنه بقوله : ( بل متى حصل الاسناد المتقدّم كان كلاماً )([65]) . وكذا أطنب ابن النحويّة ( 718هـ ) في بيان عنصر الاسناد بطرفيه المسند والمسند إليه في الكلام, فهو -بدءاً – يعرّف الإسناد بأنّه : ( نسبة أحد الجزءَين إلى الآخر , لإفادة المخاطب .. )([66]), أمّا مكانته من الكلام بلحاظ الإفادة فعنده ( شرطٌ في الكلام, حيثُ اُشترِطَ فيه تمام الفائدة, فحيثُ انتفى الإسناد انتفى الكلامُ, ضرورة انتفاء الشيء عند انتفاء شرطه )([67]) . من ذلك؛ ربط السيوطي ( 911هـ ) بينهما – أعني بين الإسناد والفائدة – على نحو اللزوم ؛ معلّلا ذلك بقوله : ( لأنّ الإفادة إنّما تحصل بالإسناد )([68]) .
ب- التأليف
يتلو التأليف الاسناد في التداول الاصطلاحي للنحاة, وفي تعريفهم الكلام وبيان وظائفه النحوية وأجزائه المؤتلفة فيها, وربّما تداخل معه أحياناً في بعض عباراتهم؛ على أنّه لاحق للإسناد وأسبق من لفظ التركيب واصطلاحه في الاستعمال عندهم . ومن النحويين الذين طرقوا هذا الاصطلاح مسبقاً أبو علي الفارسي ( 377هـ ) . ففي عرضه لأقسام الكلام وهي الاسم والفعل والحرف صنّف باباً لائتلافها؛ أي ما تقع بها الفائدة سمّاه : ( بابُ ما إذا ايتلف من هذه الكلِم الثلاث كان كلاماً مستقلّاً )([69]) . وممّا جاء فيه قوله : ( فالاسمُ يأتلفُ مع الاسمِ فيكون كلاماً مفيداً, كقولنا : عمروٌ أخوك, وبِشرٌ صاحبُك, ويأتلفُ مع الاسم فيكون كذلك كقولنا : كتبَ عبدُ اللهِ , وسُرَّ بِكرٌ .. )([70]) . وحينما تعرّض ابنُ فارس (395هـ ) لوجهَي الكلام في أقوال أهل العلم – في النص الذي سبق لنا ذكره – أورد هذا المصطلح بمدلوله, حين قال : ( زعَمَ قومٌ أنّ الكلام ما سُمِعَ وفُهِم. وذلك قولنا : قامَ زيدٌ، وذهبَ عمروٌ، وقال قوم : الكلامُ حروفٌ مؤلّفةٌ دالّةٌ على معنى )([71]) . وبه قارب بين القولين استناداً إلى قيام عنصر الائتلاف الدال على المعنى التام الذي تُجنى منه ( الفائدة ), مُعرباً عن ذلك كلّه بما نصّه : ( والقولانِ عندنا متقاربان, لأنّ المسموعَ المفهوم لا يكادُ يكون إلّا بحروفٍ مؤلّفة تدلُّ على معنى )([72]) .
وفي شرحه للإيضاح؛ علّق عبد القاهر الجرجاني (541هـ ) على نص أبي علي الفارسي ( 377هـ ) الذي جاء فيه : ( الكلامُ يأتلفُ من ثلاثة أشياء : اسم, فعل, وحرف )([73]), شارحاً وموضحاً مدلوله, ثمّ توقّف عند لفظ ( يأتلف ) من قول أبي علي, مفسّراً إيّاه بقوله : ( حقيقتُه ُبأنْ تقعَ الألفة بين الجزءَينِ )([74]) . ولم يخرج مفهوم الفائدة من رصد العلاقة بين أقسام الكلام عند الجرجاني إفراداً وتركيباً, فقد وجدَ أنّ الإفادة لا تقع إلّا بائتلاف أجزاء الكلام ومكوناته؛ أي من اسم مع اسم أو فعل, وفعل مع اسم . وختم بيان ذلك كلّه بقوله : ( .. كلُّ جزء انفردَ كان عارياً من الإفادة )([75]) . وعلى خُطى الجرجاني نهج أبو البركات الأنباري ( 577هـ ), حين قرنَ بين التأليف والفائدة في الكلام الذي عدّه ( ما كانَ من الحروف دالّاً بتأليفه على معنى يحسنُ السكوتُ عليه )([76]) . ويريد بنصّه المتقدّم إبراز فكرة مُفادها : أنّ ما يحسنُ عليه السكوتُ يحصل من التأليف, وبعبارة أخرى؛ أنّ الفائدة محصول التأليف الاصطلاحي الحاصل بالضرورة . ووقَعَ التأليفُ أيضاً في عبارات النحاة المتأخرين عن هؤلاء المتقدمين, أمثال ابن يعيش ( 643هـ )([77]), والمرادي (749هـ )([78]), والرُّعيني ( 779هـ )([79]), وخالد الأزهري (905هـ )([80]), ومن أولاءِ من فرّق بين التركيب والتأليف, وهو ما ستبينه السطور اللاحقة .
جـ – التركيب
أخذ مصطلح التركيب في التفكير النحوي بُعدَين اثنَين, أولهما : كان بعداً عاماً لغويّاً, وثانيهما : كان منطقيّاً؛ أي التركيب في مقابل الإفراد لغة, ثمّ في مقابل البساطة منطقاً . وهو بالبعد الأول قد غطّى مساحة عريضة من وصف النحاة العلاقات القائمة بين الحروف في الكلمة الواحدة أو بين الكلمات في التعابير والجمل وربّما بين الجمل في نص لغوي . أمّا الثاني منهما فكان بُعداً خاصّاً جاء من وصف العلاقة التي تجمع بين عناصر الجملة أو الكلام, حتى أخذ مدلوله الاصطلاحي ودخل قيداً في حدّ الكلام تباعاً .
ومن القدماء الذين طرقوا التركيب , وجعلوا له مكانة بارزة في عباراتهم ابنُ جنّي (392هـ ), وابن جنّي – كما عرفنا سلفاً – كان من النحاة الذين ساوَوا بين الجملة والكلام, و الجامع بينهما عنده هما : الاستقلال والإفادة؛ أي ما يُعرِف بالمعنى التام عند النحويين. وفي معرض حديثه عن الفرق بين القول والكلام, أكّد عمق العلاقة بين الجملة و الكلام بلحاظ التركيب, وخلص – بعد نقاش طويل – إلى ( كونِ الكلام مختصّاً بالجمل المركبة وأنّه لا يقع على الآحاد المجرّدة )([81]) . وما برح ملتزماً بمصطلح التركيب في إدراك بنية الكلام أو الجملة في أكثر من موضع من كتابه ( الخصائص ), منه حديثه عن الإطناب والإيجاز وعلاقتهما بمفهوم الكلام وفائدته التركيبية لزوماً, ويُريد به المفيد المستقل بنفسه من خلال التركيب فحسب؛ ويقول في هذا الصدد ( ولو بلغَ بها الإيجازُ غايته لم يكن له بدّ من أنْ يعطيك تمامه وفائدته, مع أنّه لابدّ فيه من تركيب الجملة )([82]) .
والكلام عند الزمخشري (538هـ) ( هو المركّبُ من كلمتَين اُسندتْ إحداهما إلى الأخرى )([83]), ليكون التركيب عنصراً من مكونات الكلام وبنية تعريفه . وفسّر ابن يعيش (643هـ ) في شرحه مصطلح التركيب بأنّه جنسٌ عام قُيّد بالفصل ( كلمتين ) ثمّ ( الاسناد ), مفرّقا – في الأثناء – بين تركيب الإفراد وتركيب الاسناد؛ الأول منهما يمثله اجتماع كلمتين وتكون بمنزلة كلمة واحدة كالتركيب المزجي الذي لا يفيد حتى يُخبرُ عنه, نحو : ( معد يكربُ مقبلٌ ) . والثاني وهو مظنة الفائدة المستفادة من الكلام, لأنّه من تركيب كلمتَين بنسبة أحداهما إلى الأخرى ما يعبر عنه بالإسناد ([84]).
وتعمّق مفهوم التركيب في أذهان النحاة, ليستقر مصطلحاً علمياً يسهم في تفسير مدلول الكلام أو الجملة؛ بل صار وجوده في حدّ الكلام أمراً لازماً, ومعياراً لقياس علّميته, وسبباً للاستدراك على تعريف لم يدرج لفظ التركيب في عبارته كما سيأتينا . ومن مطلع القرن السابع الهجري نظفر بتعريف جديد للكلام عند الجزولي ( 607هـ ) يحلّ فيه قيد ( المفيد ) محلّ الاسناد, غير أنّه يلتزم بذكر التركيب بوصفه جنساً له, وذلك في قوله : ( الكلامُ هو اللّفظُ المركّبُ المفيدُ بالوضع )([85]), ليصل من تعريفه إلى أنّ التركيب المفيد هو الكلام, ولا فائدة تركيبية حاصلة قطُّ بلا اسناد؛ من ذلك استغنى عن ذكر الاسناد في حدّه . وتابعه أيضاً ابن معطٍ (628هـ ), بل على التعريف نفسه لفظا ومعنى([86]) . وممّن قيّد أيضاً التركيب بالفائدة أبو علي الشلوبيني ( 645هـ ), إذ قال : ( الكلامُ – حقيقة – : لفظ مركّبٌ وجودا أو نيّة مفيداً بالوضع )([87]) . ويحسنُ بنا التذكير أنّ مثل هذه التعريفات للكلام لم تأت ارتجالاً أو عفو الخاطر, وإنّما هي حصيلة جهود نحوية متواصلة, على تطور ملحوظ لمفهوم التركيب والفائدة في بنية الكلام عند النحاة .
وإذا ما تقدمنا في الفكر النحوي من العصور اللاحقة, وجدنا من يطيل النظر في تلمس العلاقة بين التركيب والتأليف, فيفرّق بينهما على جهة العموم والخصوص مطلقاً؛ إذ يصير التركيب عنده عاماً والتأليف خاصّاً له . كما نجد ذلك عند أصحاب الشروح والمطولات النحويّة, ممّن فسّر ما جاء عن أصحاب المتون من هذا الغرض, كتفسير المرادي (749هـ ) لعبارة ابن مالك ( الكلام وما يتألف من )؛ بقوله : ( وإنّما قال : وما يتألفُ منه, ولم يقل : وما يتركّبُ ؛ لأنّ التأليف – كما قيل – أخصُّ, إذ هو تركيبٌ وزيادةٌ, وهي وقوع الإلفة بين الجزءين )([88]) . ومثله – مفسّراً العبارة نفسها – قول الأزهري (905هـ ) : ( وهو – أي التأليف – أخصُّ من التركيب, إذ التركيبُ ضمُّ كلمة إلى أخرى فأكثر؛ فكلُّ مؤلف مركّبٌ من غير عكس )([89]) . وعلى أساس من هذا الفهم الجديد المستدرك؛ يصبح وجود الإفادة في التأليف أمراً واجباً, لكنّه ممكن في التركيب؛ وهي نتيجة عملية فرضها تغيّر المفهومين وتطور دلالتهما عند النحاة المتأخرين .
– القصدُ والوضع
لا يكاد مفهوما القصد والوضع ينفصلان عن بعضهما في فائدة الكلام وحدّه ومباحثه عند النحاة, بل لا تعدمه عند سائر اللغويين من غير النحويين ممّن اشتغل بمفهوم الكلام وجرى في مضماره . فضلا عن أنّ مبحثي القصد والوضع وعلاقتهما بالفائدة كانا قد أخذا حيّزاً كبيراً من أذهان النّحاة وتأليفاتهم, ولاسيّما الذين عاشوا بعد القرن الخامس الهجري, حينما تشعّبت أنظارهم وتآزرت في بيان نظرية الفائدة في الكلام, حدوداً وقيوداً ومسائل . ومن الجدير بالذكر أنّ بعضاً من البلاغيين ناقشوا النحاة في هذا الغرض, أفضى نقاشهم إلى أضافة كبيرة أغنت البحث فيه وأشرفت منه على أبعاد معرفية علميّة ثرية, وخاصة في إدراك العلاقة المتينة بين الوضع والقصد, أو علاقة اللغة الموضوعة بالتكلّم؛ أي بين ما هو لغوي وآخر نفسي أو قيمي جمالي . ومن أولئك البلاغيين ابن سنان الخفاجي ( 477هـ), الذي عرض نقاشاً مثمراً بين البلاغيين والنحويين في الكلام لم يخل من حضور المفاهيم المنطقيّة والكلاميّة في إثنائه, التي كان لها أثرها في حسم الجدل فيه . غير أنّنا نقتصر على ما يفيدنا في هذا البحث, وهو الحديث الذي يكشف عن طبيعة العلاقة بين الوضع والقصد في تصوّر علماء اللسان العربي . وممّا يغنينا في ذلك قوله : ( والكلامُ يتعلّق بالمعاني والفوائد بالمواضعة لا لشيء من أحواله, وهو قبل المواضعة لا اختصاص له … وهو بعد وقوع التواضع يحتاج إلى قصد المتكلّم له واستعماله فيما قرّرته المواضعة )([90]) . ويقرّب ابن سنان الصورة أكثر – بعد بسطه الكلام فيهما – بما مثّله من قوله : ( فالمواضعة تجري مجرى شحذ السّكين وتقويم الآلات, والقصد يجري مجرى استعمال الآلات بحسب ذلك الإعداد )([91]) . ويفيدنا هذا البيان المتقدّم من كونه مدخلاً وافيا يكفينا مؤونة الحديث الطويل عن علاقة المواضعة بالقصد سلفاً .
وإذا ما عدنا إلى ضفة النحاة فسوف نصيب القسط الوافر من عنايتهم المخصوصة لهذين المفهومَين, ولا سيّما بعد تعمّق النظر في الكلام الاصطلاحي؛ فهم – ابتداء -أدركوا أنّ الكلام في أصله وجود نفسي ( يعبّرُ عن المعنى القائم في النفس , الذي تدلّ عليه العبارات )([92]) . وحينما استقرّ معناه الاصطلاحي في أنظارهم, أدركوا – تباعاً – أنّه لا يقوم ولا يؤدي غرضه إلّا باجتماع أربعة أصناف, هي : ( أن يكونَ ملفوظاً, وأن يكون مركّباً, وأن يكون مفيداً, وأن يكونَ مقصوداً )([93]) . وعلى الرّغم من أنّ الفائدة كانت قسيماً لتلك الأصناف الأربعة, فلم يخفَ وقعها في وجودهنّ منفردة كانت أو مجتمعة . أمّا فيما يتعلّق بموقعي الوضع والقصد من تعريفات النحويين للكلام فقد كان لقيد الوضع سبقٌ فيها عليه, وفي ضمّه إلى قيد الفائدة أيضاً . وقد فاق القصد كثرة وإن كان أقرب بالفائدة رحماً من المواضعة . مع التنويه بأنّ إغفال ذكر القصد في صياغة حدود الكلام المتقدّمة لم يقتصر عليها فحسب, بل تعدّى ذلك إلى قسم المتأخرة منها أيضاً, ومع تقدّم ذكر الوضع في حدود الكلام في التأليفات النحويّة . غير أنّ ذلك لم يمنع ترجيح البدء بالقصد أوّلاً؛ لصلته الوثيقة بالفائدة والمتكلّم معاً . أضف إليها أنّ بعضاً من النحويين فسّر الوضع بالقصد([94])؛ لذا كانت حاجتنا لبحث القصد – ابتداءً – أولى في الترتيب من الوضع, وهو أمرٌ ستُجلى لنا مسوغاته تباعاً .
– القصد
لعلّ أسبق التعريفات وأوضحها التي ورد فيها ذكر القصد في الكلام تعريف ابن مالك ( 672هـ ), بأنّه (ما تضمّن من الكلِمِ اسناداً مقصوداً لذاته )([95]), وأراد بقوله : ( مقصوداً ) خبر العاقل الواعي بمضمونه, في حال كونه قاصداً إيّاه؛ ليُخرج بهذا القيد كلام النائم والمجنون والطيور التي تحكي الكلام, وإن جاء مفيداً . وفي حين أراد بقوله : ( لذاته ) إخراج الجمل المفيدة التي تقع صلة أو مضافاً إليها وسواهما, ممّا لم تُقصد لذاتها بل لغيرها, على كونها خبراً ذا فائدة في الأصل. ويظهر من عبارات النحويين أنّ ( القصد ) قد صار قيداً لازماً في حدّ الكلام لديهم, حتى اقتصر عليه ابن هشام الأنصاري ( 761هـ), مقروناً بـ( الفائدة ) دون غيرها؛ وذلك حين قال : ( والكلامُ قولٌ مفيدٌ مقصودٌ )([96]) . ولم يزد عليه شيئاً كما فعل ابن مالك, ومَن تابعه كأبي حيان (745هـ)؛ عندما حدّ الكلام بـ( أنّه قولٌ دالٌّ على نسبة اسناديّة مقصودة لذاتها )([97]) .
ولناظر الجيش ( 778هـ ) نقاشٌ مليءٌ بالفوائد العلميّة, حينما تعقّب ما طرحه أبو حيان (745هـ) في كتابه التذييل والتكميل([98]), وفيه نقل رأي ابن الضائع ( 680هـ) في اعتبار القصد قيداً في إفادة الكلام . ورأى ابن الضائع أنْ لا حاجة لذكر قصد المتكلم, احترازاً به عن خبر الساهي والنائم والمجنون, ولو جاء مطابقاً للواقع؛ محتجّاً لرأيه بقوله – الذي نقل معناه ناظر الجيش – وجاء فيه : ( والصادر من هؤلاء يخرجُ بقيد الإفادة, لأنّ مثل هذا لا يفيد بوجه, ولو قال النائمُ : زيدٌ قادِمٌ مثلاً, ووافق ذلك قدومه؛ فالفائدة لم تحصل من إخباره, وإنّما حصلت من مشاهدة القدوم )([99]) . والمفهوم من رأي ابن الضائع هذا وعبارته, أنّه لا ينفي اشتراط القصد في الإفادة, كما فهم منه خلاف ذلك أبو حيّان؛ فزعمَ أنّ ابن الضائع يشترط أنْ يكون على هيئة التركيب الموضوع في اللسان العربي فحسب دون القصد ([100]) . والحقّ أّنْ لا دليل على زعم أبي حيّان من مضمون ما عرضه من كلام ابن الضائع, لأنّ القصد أمرٌ متسالمٌ عليه بين النحاة, كما يستفاد من أقوالهم, وهو واقع في الإفادة بدلالة التضمّن عندهم, ونفيه قد يوهم بخلوّ القصد في إفادة غير النائم والساهي والمجنون . وما نفاه ابن الضائع هو الإفادة عن كلام النائم, ليستغني به عن ذكر القصد الذي هو قرينها, كما أكّده ناظر الجيش ([101]) .
وبعدُ؛ فقد صوّب ناظر الجيش رأي ابن الضائع السالف ورجّحه, لكنّه استدرك عليه بفرض مُفاده : ( إلّا أن يُقالُ : المرادُ بالكلام المفيد, ما صورته صورة ما يحصلُ فيه الفائدة, أي ما من شأنه أن يفيد, ولا يلزمُ إفادتُهُ من ذلك المحلّ بخصوصه, ولا شكّ أنّ قول النّائم : قامَ زيدٌ مثلاً شأنه شأن ذلك؛ فهو داخلٌ إلى أن يخرجَ بقيد القصد )([102]) . وهو استدراك وجيه, وإن أقيم على جهة الفرض؛ فهو يصدر عن رأي ثاقب, يضفي على مفهوم الفائدة سعة, ويمنحها حظاً وافراً من مجالها في النظام اللغوي؛ يغني عن التوسّع في قيودها التجريديّة القيميّة أو أبعادها الجماليّة, كما هو المنهج المتبع عند نحاة العرب .
وفي تعرّضه لقيدَي التركيب والقصد, وجدَ خالد الأزهري ( 905هـ) انتفاء الحاجة لذكرهما؛ لأنّ المفيد من الكلام ما دلّ على معنى يحسنُ السكوتُ عليه يستلزمهما, ثمّ قال في القصد : أنْ لا حاجة ( إلى قولهم : المقصود, لأنّ حسنَ سكوت المتكلّم يستدعي أن يكونَ قاصداً لِما تكلّمَ به )([103]) . وتابعه في ذلك الصبّان (1206), قائلاً : ( وحسنُ سكوت المتكلّم يستدعي أن يكون قاصداً لِما تكلّمَ به )([104]) . ومن قبلِهِ؛ استعان القوجوي ( 950 هـ) بالإفادة المقصودة في اعتبارها معياراً للتفريق بين الجملة والكلام, فرأى أنّ الجملة الواقعة صلة أو مضافاً إليها وسواهما هي جملٌ وليست بكلام؛ لكونها تراكيب غير مقصودة لذاتها, بخلاف الكلم المفيد المقصود لذاته؛ وبناء عليه؛ تكون الجملة ما تضمّن الاسناد الأصلي المقصود لذاته أو لغيره, والكلام ما تضمنه مقصوداً لذاته([105]) .
– الوضع
تُنبئُ نصوص النحويين في هذا الغرض عن تداخل بين مفهومي القصد والوضع, لإيقاع الإفهام أو الفائدة من الكلام, حتى يصعب عنده الفصل بينهما؛ ولاسيّما فيمن فسّر الوضع بالقصد كما تقدّم . ومع هذا كلّه؛ يمكن لنا من خلال تحليل دقيق وفهم لجملة النصوص أن نستبين الفرق بينهما, ثمّ ننشئ من تلك العلاقة قولين مفادهما:
1- القصدُ ألصقُ بالكلام .
2- الوضعُ ألصقُ باللغة ( النظام ) .
وبدأنا بهذه النتيجة قبل العرض لأقوال النحاة, حتى تكون عوناً لنا فيما يأتي, وبها نتلمّس دقّيق العلاقة بين هذين المفهومين, تفادياً لوقوع اللّبس أو التسرع في إبداء حكمٍ لظاهر نصّ لم يستوفِ سياقه؛ ثمّ قد يوحي بخلاف ذلك .
إنّ الكلام – بحسب فهم النحاة بل اللّغويين عامة – لم تأتِه الفائدة من حيث كونه كلاماً, وإنما من جهة كونه مفيداً بالمواضعة . وسبق لهم أنْ جعلوه ضربين : مهمل ومستعمل؛ والمهمل عندهم مالم يُوضع في اللغة, أمّا المستعمل فهو الموضوع لمعنى, أو فائدة ترجع في كلّها إلى الخبر([106]) . وممّا يحسنُ ذكره في هذا المعرض؛ ما أبانه ابن سنان الخفاجي (466هـ ) من طبيعة العلاقة التكامليّة التراتبيّة بين الوضع والقصد التي أدركتها أذهان علماء العربية, بقوله : ( الكلامُ يتعلّقُ بالمعاني والفوائد بالمواضعة, لا لشيء من أحواله, وهو قبل المواضعة لا اختصاص له .. وهو بعد وقوع التواضع يحتاج إلى قصد المتكّلم )([107]) . ومن المؤكد أنّ النحاة لم يتنكبوا عن هذا الطريق وما عبّر عنه ابن سنان, فقد توافقوا جميعاً على طبيعة العلاقة وأصلها, لكونها إطاراً عاماً, أو قل هي حقيقة كليّة يدخل فيه علماء العربية جميعهم . إلّا أنّ تفسير بعض النحاة القصد بمعنى الوضع جعل الأمر مبهماً شيئاً ما, كما زعم بذا أبو حيان (745هـ), ناسباً ذلك القول إلى ابن عصفور(669هـ), مع أنّك لا تجد ذلك صريحاً في مصنفاته .
على أنّ النحاة كانوا قد أولّوا مبحث الوضع أهمية وعناية خاصة في بيان مفهوم الكلام, وجعلوه قيداً في حدّه وتعريفه, كما أثبت الجزولي (607هـ ) ذلك في تعريفه الكلام, فقال عنه : ( هو اللّفظ المركّب المفيد بالوضع )([108]), ثمّ تابعه ابن معطٍ (628هـ ) أيضاً, في تعريفه بلفظه ومعناه ([109]) . وضارعهما أبو علي الشلوبيني ( 645هـ) , حين قال : ( الكلامُ – حقيقةً – لفظ مركّبٌ , وجوداً ونيّة , مفيداً بالوضع )([110]) . وفسّر النيلي ( من علماء القرن السابع ) معناه, بقوله : ( إذ المراد من الوضع تخصيص اللفظ بمسمّاه )([111]), ولا يغيب عن أذهاننا أنّ الوضع اللغوي عندهم قسمان : أحدهما , دالٌّ بالوضع على معنى مفرد, ما يعرف بالوضع الشخصي . وثانيهما, الدال بالوضع على معنى مركّب, ويراد به القواعد العامة للسان العرب, وهو ما يعرف بالوضع النّوعي ([112]).
والوضع عند النحاة عنصر أصيل في الكلام, يدور حول محوره وأعني به الفائدة وجوداً وعدماً؛ يقول ابن أبي الربيع ( 688هـ ) : ( ومعنى الوضع أن يضعه اللّافظ للإفادة , وهذا تحرّزٌ من لفظ الطائر, فإنّه يلفظ بألفاظ مركّبة مفيدة ولا يسمّى كلاماً؛ لأنّه لم يضعها لإفادة أحد ..)([113]) . ونقل أبو حيّان ( 745هـ ) عن ابن الضائع ( 680هـ) أنّه قسّم الفائدة باعتبار الوضع وعدمه على قسمين : أولهما المفيد بالوضع؛ كقولهم : ( قامَ غلامُ زيدٍ ), حيث أفاد هذا الكلام معنيَين : أحدهما الإخبار عن غلام زيدٍ بالقيام ( وهو المعنى الذي وضع له اللفظ ) . وثانيهما المفيد بالعرض المأخوذ من المثال نفسه, الذي يخبر عن تملّك زيد للغلام, مع أنّ اللفظ لم يكن موضوعاً له في أصله وغرضه, فهو إذاَ مفيد بغير الوضع؛ ومن أجل ذلك تحرّز القائل بالوضع ممّا يفيد بالعرض ([114]) .
وللشاطبي (790هـ) نص بالغ الأهميّة, تناول فيه وجهين للوضع في مجيئه قيداً للفظ المركّب المفيد, جاء فيه : ( أمّا من يقول : معنى بالوضع بالقصد؛ أي بقصد المتكلّم الإفادة, تحرّزاً من كلام الساهي والنائم والمجنون, وكلام بعض الطير, فإنّه لم يقصد في ذلك الإفادة؛ فليس بكلام اصطلاحاً .. أمّا من فسّر الوضع بوضع العرب, تحرّزاً من كلام الأعجمي, فإنّه لفظٌ مركّب مفيد لكنه ليس بوضع العرب؛ فليس بكلام اصطلاحاً )([115]) . إنّ مدلول نص الشاطبي يقرّبنا من المفهوم اللساني الحديث للغة والكلام؛ أي اللغة التي تحكي النظام الخاص بلغة معينة ويمثلها قوله : وضع العرب ( من كونه على طريقة العرب وترتيب ألفاظها على معانيها )([116]) . أمّا الكلام فهو تحقيق ذلك النظام في إحداث القول مستنداً إلى قوانينه مع قصد الإفادة؛ وهو ما أكّده الصبّان (1206هـ ) في حاشيته, ما نصّه : ( وقوله: ( بالوضع ) الظاهر أنّ مراده الوضع العربي الذي هو قيدٌ لابدّ منه في تعريف الكلام, كما قال الشاطبي وغيره, ليخرج كلامُ الأعاجم, لا القصد لأنّه أدرجه في الإفادة, ثمّ حُمِل الوضعُ على الوضع العربي مبنيّ على أنّ المركّبات موضوعة وهو الصحيح, لكنّ وضعها نوعيّ فهو المراد في التعريف )([117])
ويمكن أن نخلص من مجموع الكلام عن الوضع والقصد ومدلولهما عند النحاة إلى الآتي :
أولاً– الوضعُ قسمان :
1- وضع لغوي قبل إحداث الكلام وقصده, يمثله وضع العرب؛ أي نظام اللغة العربيّة ( اللفظ الموضوع لمعنى شخصياً كان أو نوعيّاً ), تحرّزاً به عن كلام الأعجمي .
2- وضع لغوي بعد إحداث الكلام مقصود لذاته, بوصفه تمثيلاً للنظام ( المعنى الذي وضع له اللفظ ) وفيه جانبان : لغوي ونفسي .
ثانياً– الفائدة بالقصد لا تخلو من :
1- الفائدة الحاصلة بقيد القصد المطابق للوضع اللغوي .
2- الفائدة الحاصلة بالقصد أو دونه, لأنّ الأصل الوضع اللغوي, ممثلاً بالنظام ( ما صورته صورة ما تحصل به الفائدة )([118])
3- بناء على ما تقدّم؛ إذا اعتُبِرَ القصدُ كان ( كلام النائم والساهي ) غير مفيد في أصله, ثمّ لا حاجة لقولهم 🙁 لذاته ) قيداً له . وإذا لم يُعتبر القصد وكان مفيداً احتاج بعدها إلى قولهم : ( لذاته), للتفريق بين المفيد بالوضع والمفيد بالعرض .
– الفائدة وحسن السكوت
في هذا المبحث تبرز لنا قيمة تداوليّة من مفهوم الكلام النحوي, أي علاقة الكلام بمستعمليه – فاعلَي الخطاب وهما : المتكلّم والمخاطب . وفي الكلام المفيد – عند النحويين – ما يعرف بحسنُ سكوت؛ والسكوت الحسن أثرٌ تجلبه الفائدة . على أنّهم – ابتداء – يفرّقون بين الفائدة وهي مدلول الجملة أو الكلام النحوي, وبين المعنى الذي يعمّ المفرد والمركب على السواء . غير أنّ بعضاً من النحاة يضمّ كليهما إلى الفائدة, ثمّ يفصل بينهما, بين ما هو مطلق الفائدة ويشملهما معاً, أو ما هو من الفائدة التامة وهو خاص بالكلام؛ يقول النيلي ( من علماء القرن السابع ), مفسّراً قول ابن معطٍ في منظومته : ( اللّفظُ إنْ يُفدْ هو الكلامُ .. ) : ( قوله : ( إنْ يُفِدْ) يريدُ به الفائدةَ التّامةَ؛ إذ لو أرادَ مطلقَ الفائدة لاندرجتْ الكلمة المفردة )([119]) . وسبق لابن جنّي ( 392هـ) أنْ قالَ – في معرض ربطه الكلام بالجمل دون الكلمة المفردة – : ( ومعلوم أنّ الكلمة الواحدة لا تَشجو ولا تحزنُ , ولا تمتلك قلبَ السامع )([120]) .
إنّ حسن السكوت محصول من الفائدة التامة لا غيرُ, وفي جانبيهما يقف طرفا العمليّة التواصليّة : ( المتكلّم والمخاطب ) . والفائدة – لزوماً- رسالة دالة تامة ينتجها منشئ الكلام ليوصلها إلى المخاطب, فهي خاصة بالمتكلّم وحده؛ يقول المبرّد : ( وإنّما كان الفاعلُ رفعاً لأنّه هو والفعل جملة يحسنُ عليها السكوتُ, وتجبُ بها الفائدةُ للمُخاطبِ )([121]) . والجملةُ هي الخبرُ الذي يستفيدُه السامع ( لأنّ الغرضَ في الخبر إفادة المُخاطب )([122]) . امّا حسنُ السكوت فهو عبارة اُختيرت بعناية, لتكون قيداً في تعريف الكلام؛ إذ لم يقل النحاة ( السكوت ) منفردا, بل قرنوه بما عُرِفَ عندهم بـ( حسن السكوت )؛ وليس كلّ سكوتٍ كان حسناً, بل إنّ السكوت لا يحسنُ إلا بحسن الفائدة وهو تمامها, وذلك حين بلوغها قصد المتكلّم بإفادة المخاطب, بعد استيفائها شروط السياقَين : اللغوي ( النحو ), والخارجي ( المقام )؛ لذا أصطـُلِح َعليه أحياناً بـ( صحة السكوت ), كما سيأتي . من ذلك صرّح الموصلّي (696هـ ) أنْ لا فائدة إلّا بحسن السكوت, مستدلاً على ذلك بإرجاع الكلام إلى الكَلْم ( الجرح ) في وقوع الأثر, بوصفه مصدراً لاشتقاق الكلام, فقال : ( واعلمْ أنّ المفيد في عرف النحاة, لا يطلق إلّا على ما يحسنُ السكوت عليه, لا على ما أفاد إفادة ما, لأنّه مشتقّ من الكَلْم وهو الجرح, وكما أنّ الجرح لابدّ أن يؤثّر بيد المجروح, فكذلك الكلام, لأنّه إن كان حسناً أثّر في السامع سروراً , وإن كان قبيحاً أثّر حُزناً )([123])
أمّا المراد من حسن السكوت فقد أوضحه بعضهم , بقوله : ( أي : لو سكتَ المتكلّمُ لم يكن لأهل العرف مجالُ تخطئة ونسبة إلى القصور في باب الفائدة )([124]) . وهو – كما يظهر- تعليلٌ تعليمي لم يوضع بالصياغة العلمية التي يتقنها أساطين النحاة, كما جاء عن السيوطي قوله : ( والمُراد بـ( حسن السكوت عليه ) ألّا يكون ( المتكلم ) محتاجاً في إفادته السامع, كاحتياج المحكوم عليه إلى المحكوم به أو عكسه )([125]) . وذكر القوجوي (950هـ) أنّ النحاة أطلقوا المفيد على جملة أشياء منها ( ما يصحّ السكوت عليه ), ثمّ قال : ( وفسّروا صحة السكوت بأنّ الكلام لا يستتبع لفظاً آخر, انتظار المحكوم عليه وبه )([126]) ؛ ويريد بصحة السكوت حسنه, كما هو ظاهر؛ فالحسنُ في الكلام يُقابل الصحة في عرف النحاة, بما يستوفي تمام الفائدة, نحواً ومقاماً .
وبقي من مفهوم حسن السكوت أو صحته أمر مهم, أعني به المشار إليه بالسكوت أهو المتكلّم أو المخاطب أو هما معاً ؟ . وزعم السيوطي (911هـ) أنّه من موارد الخلاف بين النحويين, على الرّغم من ندرة ذلك الخلاف المزعوم وروداً في مؤلفات النحويين الذين سبقوه, وجاء عنه ذلك في قوله : ( والكلامُ قولٌ مفيدٌ, وهو : ما يحسنُ السكوتُ عليه, وقيل : السامعُ, وقيل : هما )([127]) . والراجح أن لا مورد للخلاف في هذه المسألة, لسببين : الأول, أنّه لم يُعهد عند من سبق السيوطي الإشارة إلى الخلاف بين المتكلم والمخاطب في موضوع السكوت وحسنه أو صحته, بل بدا أنّ المعهود عليه بين النّحويين إجماعهم على كون المقصود به المتكلّم وليس المخاطب وعلى ذلك صاغوا ألفاظ تعريفهم للكلام؛ ما دفع محمد بن الحسن الصايغ (720هـ ) على التصريح به, وتضمينه حدّ الكلام؛ بقوله : ( والكلامُ ما حصَلَ به فائدةُ السامع وحسُنَ عليه سكوتُ المتكلّم)([128]).
والسبب الثاني تدلّ عليه ألفاظ التعريف وسياقه في صياغة حدّ الكلام عندهم, بما يثبت التكلّم والسكوت للمتكلّم بدءاً وختاماً, وذلك بعد استيفاء الإفادة وإبلاغها من لدن المتكلّم للمخاطب؛ بمعنى وقوع الفائدة بتمامها . ويعضدُ الحجة للسبب الثاني استدراك السيوطي نفسه على قوله المتقدّم, حينما افتتح تعريفه السابق للكلام وزعم فيه الخلاف؛ ثمّ قال في سطور لاحقة : ( .. وهل المراد سكوت المتكلّم أو السامع أو هما, أقوال : أرجحها الأول, لأنّه خلاف التّكلّم, فكما أنّ التكلّم صفة المتكلّم كذلك السكوتُ صفته أيضاً )([129]) ؛ مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ من الكلام المفيد التام ما لا يحضره المخاطب, فيعبّر به صاحبُه نطقاً أو كتابة في غياب السامع, أو القارئ حتى حين, وهو يسكت عنه بعد إتمام فائدته, وضعاً و قصداً؛ إنّه في كل الأحوال كلام, وإنْ عُدمَ فيه حضور المتلقي سامعاً كان أو قارئاً .
إنّ حسنُ السكوت عنصرٌ أصيل في الكلام, وهو مثلما قلنا : أثرٌ تجلبه الفائدة . وكما كانت الفائدةُ من سهم المخاطب كان حسنُ السكوت أو صحته من سهم المتكلّم, وذلك بعد إيقاع شروط الإفادة التي تتحقق بتمامها, حينما تأتي في تركيب جملة قد استوفت سياقها اللغوي وسياقها الخارجي؛ كيما تنال بعد ذاك رتبة السكوت الحسن أو الصحيح؛ بوصفها علامة دالة على فائدة الكلام التامة . وسوف يسكتُ المتكلّمُ حين يعتقدُ أنّ مراده من الكلام قد بلغَ المتلقي الواقعي أو الافتراضي, لذا هو يحرص على تجنّب الخطأ أو اللّبس في بنية الكلام ومعناه إنْ حضر متلقيه أو غاب .
– الفائدة وأمن اللّبس
ظاهرة اللّبس في الكلام من الظواهر التي تطرأ على اللغات بصورة عامة والعربية خاصة, وقد فطن لها اللغويون القدماء ووقفوا عليها, وكذا بحثها المحدثون بما يقارب ما اصْطلِح عليه في اللسانيات الحديثة بالجمل الملتبسة ([130]) . ومن خصائص اللغات أنها تسعى إلى رفع اللّبس في حال اختل نمط الكلام المعهود في مبنى اللغة أو معناها, وذلك بوضع الدلائل على مقصود المتكلم أو قل القرائن, لغوية كانت أم معنوية أم حالية؛ حتى يقع الغرض الأصل من التواصل اللغوي وهو الفهم والإفهام .
وقد وقف اللغويون العرب الأوائل ومنهم النحاة على هذه الظاهرة وأولوها عناية خاصة تناسب خطرها في الكلام, لأنّها أشبه بآفة اللغة التي تحول دون تحقق وظيفتها الإبلاغية . من ذلك لم تخل عباراتهم في وضع الأصول وتقعيد القواعد, وفي بسط المسائل وشرحها من التنبيه على ما عُرف لديهم بـ( أمن اللّبس ), سواء عبروا عنه بهذا الاصطلاح أو بألفاظ مرادفة له تحمل المدلول نفسه؛ أمثال : الإفادة, وخوف اللّبس, وحذر اللّبس, وعدم الضرر, وإرادة المعنى .. وهلمّ جرّاً ([131]) . وتعّبر هذه الألفاظ مجتمعة – كما يتضح – عن مفهوم الاحتراز من اللّبس, الذي يعني من وجه آخر افتقار الكلام للفائدة لزوماً؛ إذ متى انتقضت شروط الفائدة لم يعد الكلام سوى حشد من الألفاظ التي لا معنى لها أو أثر يُذكر.
ويستطيع الباحث الاستدلال على أهمية هذه الظاهرة عند النحاة العرب وإدراكهم لها وحرصهم الشديد على تجنبها في التكلم, من خلال جملة من النصوص الكثيرة المبثوثة في كتبهم ما تقدم منها وما تأخر, حتى ضمنوها منظوماتهم النحوية التي ما برحت التنويه بها؛ كقول ابن مالك (672هـ) في ألفيته :
وإنْ بشكل خِيفَ لَبسٌ يُجتنبْ
وقوله في الكافية الشافية , عند وجوب التزام الرتبة المحفوظة خوف اللّبس :
وأَخِّرِ المفعولَ إنْ لَبْسٌ حُذِرْ أو أُضْمِرَ الفاعلُ غيرَ مُنْحَصِرْ
وقوله – فيها أيضاً – عند الترخص في نصب الفاعل ورفع المفعول مع قيام القرينة :
ورفْعُ مفعولٍ بهِ لا يُلْتَبَسْ معَ نصْبِ فاعلٍ رَوَوْا فَلا تَقِسْ
وربما عقدوا لها بابا خاصاً, كما فعل السيوطي ( 911هـ ) في الأشباه والنظائر سمّاه ( اللّبس المحذور )([132]), مستعرضاً فيه وجوه الاستعمال اللغوي الذي حُصّنت من هذه الآفة اللغوية أو تلك التي قد تقع في شراكه, سواء على مستوى البنية الصرفية أو التراكيب النحوية وأساليبها ومعانيها, مستشهداً بأقوال النحاة المتقدمين في هذا المجال . وممّا شرع ذكره في هذا الباب العلّة من وجود الإعراب الحاصل في الأسماء دون الحروف والمضمرات والإشارات والموصولات, أو في الفعل المضارع دون سائر الأفعال؛ وذلك لقيام اللّبس في الاسم والفعل المعربَين . يقول السيوطي : ( ومن ثَمّ وُضِعَ له ما يزيله إذا خيف – أي اللّبس- واسْتُغنِيَ عن لحاق نحوه إذا أُمِنَ . فمن الأوّل الإعراب؛ إنّما وُضِعَ في الأسماء ليزيل اللّبس الحاصل باعتبار المعاني المختلفة عليه … ولمّا كان الفعل المضارع تعتوره معانٍ مختلفة كالاسم دخل فيه الإعراب, ليزيل اللّبس عند اعتوارها )([133])
ومن أهمّ مظاهر اللّبس التي تناولها النحويون ما يقع في عمدة الكلام من تقديم وتأخير, ويريدون بالعمدة الجملتين الاسمية والفعلية, اللتين تقوم فيهما الإفادة بالأصالة عندهم . وفي نحوِ الجملة الاسمية ؛ اشترط النحاة أن يكون المبتدأ معرفةً أصلاً, أو ما قاربَها من النكرات الموصوفة تبعاً, وهو ما كان معلوماً للمخاطب سلفاً . أمّا الفائدة فإنّها تأتي مع الخبر النكرة ( الذي يستفيدُهُ السامعُ ويصير به المبتدأ كلاماً )([134]) . وقد يأتي المبتدأ والخبر معرفتين معاً, نحو:( زيدٌ أخُوكَ ), ( فتكونُ الفائدةُ في اجتماعهما, وذلك هو الذي استفادهُ المخاطبُ )([135]) . غير أنّهم لم يجيزوا – في مثل هذا النمط – تقديم الخبر, ( لأنّه ممّا يشكُلُ ويلبِسُ, إذ كلُّ واحدٍ منهما يجوزُ أن يكون خبراً ومُخبَراً عنه )([136]), باستثناء إذا ما وُجِدت قرينة لفظيّة أو معنويّة على المبتدأ أو الخبر, يُرفعُ بها الالتباس وتتحقق بها الفائدة المقصودة([137]) ؛ كقول الشاعرِ :
بَنُـونَـا بَنُـو أَبْنَائِنَا وبَنَاتُنَا بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الأَبَاعِـدِ ([138])
فالقرينة المعنوية التي قامت في الشاهد منعت ( أن يكونَ ( بنونا ) هو المبتدأ , لأنّه يلزمُ منه أن لا يكونَ له بنون إلّا أبناءه, وليس المعنى ذلك؛ فجاز تقديمُ الخبر هنا, مع كونه معرفة لظهورِ المعنى وأمنِ اللّبس )([139]) .
ونظيرُ الجملةِ الاسمية الجملةُ الفعليةُ, ذاتُ الفعل المتعدي؛ فقد أجاز النحاة الترخّص في رتبتها أيضاً, حين يتقدمُ المفعولُ على الفاعل, بشرط أن تظهر العلامة الإعرابية على أحدهما أو كليهما, كقولهم : ( ضربَ زيدٌ خالداً ). غير أنّهم ألزموا المتكلّم بنمط الرتبة المحفوظة, ووجوب الأخذ بها عند غياب الدليل, من مثل : ( ضربَ موسى عيسى ) ؛ فلا يصحّ عن المتكلم عندهم – في هذه الجملة وأشباهها – تقديم المفعول على الفاعل, إلّا حينما تتعيّن القرينة, سواء تلك اللفظية أم المعنويّة؛ فتدلُّ إحداهما على المعنى النحوي عند انتفاء الإعراب اللفظي . وقد فصّل الرضي (686هـ) القول في ذلك, منه قوله : ( والقرينة اللفظية كالإعراب الظاهرِ في تابعِ أحدهما أو كليهما, نحو : ضربَ موسى عيسى الظريف, واتصال علامة الفاعلِ بالفعلِ؛ نحو : ضرَبتْ موسى حُبلى … والمعنويةُ , نحو : أكلَ الكُمَّثرَى موسى, واستخلفَ المُرتضى المصطفى )([140]) .
ولمّا كانت الفائدة – عند النحاة – تمثّل جهة عليا, تشرف على أنماط الكلام وأساليبه, فلا يجوز بحكمها الإخلال بأعراف اللغة وقوانينها, مخافة اللّبس الذي يُذهبُ بثمرة الكلام . يقول د. تمّام حسّان, معبّراً عن فهم النحاة ونظرهم في الفائدة : ( وإذا سلمنا بان الإفادة هي المطلب الأول لاستعمال اللغة في أغراض الاتصال، أدركنا أن أمن اللّبس هو أغلى ما تحرص عليه اللغة، وفهمنا لماذا جاءت عبارة ابن مالك حيث يقول : وإنْ بشكل خِيفَ لَبسٌ يُجتنبْ )([141])
– الفائدة والحذف
ليس بخافٍ على المختصين أنّ ظاهرة الحذف – كانت وما زالت – من الظواهر المألوفة في اللغات الانسانية, لكنّها أفضت في العربية عن سمة من سمات فصاحتها وبلاغتها, بل تفوقها فيها على أقرانها من اللغات . وللحذف في اللسان العربي الفصيح غاياتٌ ومقاصدُ تعبيرية يُراعى فيها السياقان اللغوي والخارجي من مراتب الكلام وأحوال المتكلم والسامع . وقد فطن اللغويون العرب إلى هذه الظاهرة على نحو مبكر, ولا سيما النحويين الذين سبقوا البلاغيين في هذا المضمار, حينما أدركوا تلك الظاهرة فاستقروا مواضعها في اللغة العربية على اختلاف مستوياتها, وعمدوا – بعد أنْ أطالوا النظر فيها – إلى ترتيبها وتصنيفها بصورة وافية بحسب مبناها إفراداً وتركيباً, أو بحسب معناها وأساليبها المتنوعة . والحذف كان وما زال مظنّة التأويل النحوي وأهم مباحثه الرئيسة . ويعدُّ سيبويه (180هـ ) من النحاة الأوائل المبرّزين الذين تعرضوا للحذف في العربية في مواضع كثيرة من كتابه, مبيناً فيه صوره ومعللاً أغراضه؛ وهو من عقدَ له باباً في بواكير كتابه سمّاه [ باب ما يكون في اللفظ من الأعراض ], قال فيه : ( اعلمْ أنّهم ممّا يحذفون الكَلِم وان كان أصلُهُ في الكلام غير ذلك, ويحذفون ويعوّضون ويستغنون بالشىءِ عن الشىءِ الذي أصله في كلامهم أن يستعملَ حتى يصير ساقطاً .. )([142])؛ معلّلا بعضه بكثرة الاستعمال, كقوله : ( وما حُذِفَ في الكلام لكثرة استعمالِهم كثيرٌ )([143]), وآخر بالخفّة , كقوله : ( فحذفوا الكلام استخفافًا )([144]) .
وبقي النحاة يتعقبون الحذف في العربية على مختلف عصورهم, يتدارسونه ويتوسعون في مسائله؛ كابن جنّي (393هـ ), الذي أبدع في وصفه وتفسيره, حينما أدرجه في باب, سمّاه ( باب في شجاعة العربية ) . ثُمّ أنّه وجد الحذف واقعاً في ثلاثة مواضع هي : الحرف والكلمة والجملة, مفصّلاً القول في ذلك كلّه, مطنباً في شروطه ومسوغاته وأدلته والشواهد عليه ([145]) . واستقام الباب؛ حتى تشعبت مباحثه وتعمّقت في الفكر النحوي؛ غير أنهم – في خضم ذلك كلّه – لم يغفلوا عن كون الحذف خروجا عن سنن اللغة وأصول الكلام بأنماطه ومعانيه, لذا وضعوا شروطاً له وقواعد لكي لا يفضي قيامه في الكلام إلى الإخلال بالمعنى, ومِن ثَمّ تنتفي الغاية منه؛ أي تحصيل الفائدة المبتغاة ([146]) . وبناء عليه ؛ قامت جملة شروطه على قاعدة كلية مفادها : ( لا حذف إلّا بدليل )([147]) . وفي الإشارة إلى ضرورة ذلك الدليل وأهميته؛ قال الرماني (386هـ) في نُكته, معرّفاً به وبنوعه : ( الحذف إسقاط كلمة للاجتزاء عنها بدلالة غيرها من الحال أو فحوى الكلام )([148]) , وزاد ابن جني بياناً في حاجة الحذف الملحة إلى القرائن ولزومها, عند تعقيبه على ذكر مواضع الحذف الثلاثة, بقوله : ( وليس شيءٌ من ذلك إلّا عن دليل عليه, وإلّا كان فيه ضربٌ من تكليفِ علمِ الغيبِ في معرفته )([149]) ؛ ومن ثَمّ تُعدَم الفائدة, وبسببها تنتفي الحاجة إلى الكلام .
ويطيل حذّاق النحو التفكير في هذا الدليل, ولا سيّما المتأخرين منهم من أرباب الصناعة والتأمل والنظر العقلي, ليخرجوا منه بنوعين كلّيين يغطيان فروعه وإقسامه؛ كما نبّه على ذلك ابن هشام ( 761هـ ), مشيراً إلى ( أنَّ دليل الحذف نوعان؛ أحدُهما : غيرُ صناعي، وينقسمُ إلى حالي ومقالي .. ، والثاني: صناعي، وهذا يختص بمعرفته النحويون, لأنه إنما عُرِفَ من جهة الصناعة؛ وذلك كقولِهم في قولهِ تعالى : {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} . إنّ التقدير: لأنا أقسمُ )([150]) .
وبعدُ ؛ فإنّ الدليل عند النحاة هو الدليل على الفائدة لا غيرُ, وهي عندهم بمنزلة البدهيّات التي لا تحتاج إلى برهان . وهم يدركون أنّ السالك أساليب الحذف وأنماطها في الكلام العادي وحتى الأدبي منه لا بدّ أن ينشد دواعي الإبلاغ بالإفادة, وليس من وكده أو غرضه إدخال المتلقي في متاهات الغموض أو التعمية, إذا ما مال إلى الخروج عن سنن الكلام وقواعده في التعبير؛ وإلّا فما حاجته إليه إن لم يكن مفيداً . ويفسر هذا الفهمَ الأصيلَ في فكر النحاة العزُّ بن عبد السلام (660هـ ) بقوله : ( والعربُ لا يحذفون ما لا دلالة عليه, ولا صلة إليه؛ لأنّ حذف ما دلالة عليه منافٍ لغرض وضع الكلام من الإفادةِ والإفهام )([151]) .
– الفائدة نظرية أو قاعدة ؟
ذهب د. تمّام حسان إلى عدّ الفائدة قاعدة من القواعد وصفها بالكبرى التي تندرج تحت ما سمّاها قواعد التوجيه([152]), لكنّنا كنّا قد اتفقنا على أنّها نظرية, بناء على ما تقدّم من الشرح والتوضيح . ويمكن الاستدلال على صدق ما اتفقنا عليه من إجراء مقارنة بين مفهومي النظرية والقاعدة, مستعينين – للفهم أكثر – بالمباحث التي عُرضت لنا في هذا البحث الذي بين أيدينا . مع التذكير أن النقاش قد أُرجِئَ في هذا المبحث قصداً, لأجل أن تكتمل الصورة عندنا بعد ذلكما العرض والتفصيل .
إنّ النظرية – كما هو معلوم – تصور ذهني مستنبطٌ بالتسلسل المنطقي أو من استقراء الأحكام الفرعيّة الجزئية, وهي ( مجموعة المصطلحات والتعريفات والافتراضات لها علاقة بعضها ببعض )([153]) . من جهة أخرى تُغطّي النظرية موضوعات تشتمل على مسائل أو قضايا جزئية وتشرف عليها . ويكون للنظرية في العادة عناصر من أركان وشروط وأحكام تقوم بينها صلات تجمعها وحدة موضوعية تحكم عناصرها تلك؛ وهي على ذلك ليست بحكم في ذاتها, وإنّما الإحكام الذاتية قيمة قائمة في قواعدها كلية كانت أم فرعية .
أمّا القاعدة – اصطلاحاً – فهي ( قضية منطبقة على جميع جزئياتها )([154]), وكونها قضية يجعل منها ضابطاً خاصاً لمسائل معينة في حقل علمي ما . والقاعدة – وإن كانت مفهوماً كليّاً يُشترط انطباقه على جميع جزئياته – لا تعدو أن تكون حكماً خاصاً في ذاتها يُوجبُ إلزاماً معيارياً أو منطقياً, وهي – كما وضّحها ( لالاند )- ( صيغة أو توصيف لما يتعيّن القيامُ به في حالة محدودة )([155]) . وعلى أساس هذا؛ فهي قضية لا تشتمل على أركانٍ وشروط عامة يندرج تحتها مجموعة قضايا أو موضوعات أو مسائل متنوعة وتتباين في أبوابها ومجالاتها المختلفة التي تنتمي لعلم من العلوم . وهي – بعدُ – دون القانون رتبة, إلّا إذا استقرت وبلغت درجة من الشمول فعندها ترتقي إلى رتبته لتصير قانوناً . ويذهب علماء المنهج إلى أنّ القاعدة أضيق من القانون والقانون أضيق من النظرية([156]). وبالمقارنة بين النظرية والقاعد نستنتج الآتي :
1- النظرية :
– النظرية عملية استنباطية لا تتضمن حكماً خاصاً في ذاتها .
– تتضمن النظرية مجموعة من المصطلحات أو الافتراضات لها علاقة بعضها ببعض .
– تنطوي النظرية في الغالب على أركان وشروط و أحكام تتفاوت بحسب الحقول العلمية .
– تتضمن النظرية قواعد تقوم بينها صلة في وحدة موضوعية تحكمها النظرية .
2- القاعدة :
– القاعدة قضية تتضمن حكماً في ذاتها .
– لا تتضمن القاعدة مجموعة من المصطلحات والافتراضات لها علاقة بعضها ببعض .
– تخلو القاعدة من الأركان والشروط العامة .
– القاعدة عبارة عن ضابط خاص بمسألة معينة أو قضية من قضايا النظرية ومسائلها
من خلال ما عرضناه من جملة البحث وتفصيله؛ يتبيّن لنا أنّ الفائدة في تفكير النحاة أضيق من أن تكون قاعدة صغرى أو كبرى تضبط مسألة نحوية أو حكم نحوي خاص, وإنّما هي في واقعها نظرية لغويّة ذات إطار عام, مشتقة من تصور ذهني مستنبطٌ من استقراء الأحكام الفرعيّة الجزئية للكلام, وعلى منطقها تقوم سننه وقواعده عامة .
الخلاصة
– نظرية الفائدة من نتاج الفكر النحوي العربي قامت على أسس قيميّة مثاليّة .
– الفائدة نظرية تفسيريّة تُعنى بجانب المعنى من النظام النحوي بوصفه المعنى التام المستفاد ذلك النظام .
– مجال نظرية الفائدة الكلام ( موطن الإعراب ) بمختلف سياقاته وتجلياته, وهي تعمل على ضبطه وتفسيره , بنية ووظيفة ومقاصد .
– تمثل الفائدة الدليل الضابط لأهم ظاهرتين خطيرتين تعرضان للكلام وهما : اللّبس والحذف, وبإشرافها العِلّي تُضبَطُ أدلةُ التأويل والتقدير والتعليل المتعلقة بهما أو بغيرهما .
المصادر والمراجع
– القرآن الكريم .
أولاً – المصادر
– أبو عبد الله ابن الفخار وجهوده في الدراسات النحوية مع تحقيق كتابه شرح الجمل, إعداد حماد بن محمد حامد الثمالي, رسالة دكتوراه جامعة ام القرى – كلية اللغة العربية, 1409هـ – 1410هـ
– ارتشاف الضرب من لسان العرب, أبو حيان الاندلسي (745 هـ),تحقيق د. رجب عثمان محمد, مكتبة الخانجي, ط 1, القاهرة , 1418هـ – 1998 م .
– أسرار العربية, كمال الدين أبو البركات عبد الرحمن محمد بن سعيد الأنباري النحوي ( 577هـ ) , تحقيق بركات يوسف هبّود, ط1, بيروت – لبنان , 1420هـ – 1999م .
– الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز, أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام (ت660هـ), تحقيق محمّد بن الحسن بن اسماعيل, دار الكتب العلميّة, ط1, بيروت – لبنان, 1416هـ – 1995م .
– الأشباه والنظائر في النحو, جلال الدين السيوطي ( ت911هـ ) , وضع حواشيه غريد الشيخ, دار الكتب العلميّة, ط1 , بيروت – لبنان, 1422هـ – 2001م .
– الأصول في النحو, أبو بكر محمد بن سهل ابن السرّاج ( ت 316هـ ), تحقيق د. عبد الحسين الفتلي ,مؤسسة الرسالة, ط 3, بيروت – لبنان, 1417 هـ – 1996 م .
– الإعراب عن قواعد الإعراب, جمال الدين ابن هشام الأنصاري (761هـ)؛ تحقيق علي فودة نيل, جامعة الرياض، ط1، 1981م .
– الايضاح العضدي, أبو علي الفارسي, (377هـ ), تحقيق د. حسن شاذلي فرهود, كلية الآداب – جامعة الرياض, ط1, 1389هـ – 1996م .
– الإيضاح في علل النحو, أبو القاسم الزجاجي (337هـ ), تحقيق د. مازن المبارك, دار النفائس, ط3, بيروت, 1399هـ – 1979م .
– البسيط في شرح الجمل, إبن أبي الربيع عبيد الله بن احمد الأشبيلي (688هـ ), تحقيق د . عيّاد بن عيد الثبيتي, دار الغرب الاسلامي, بيروت – لبنان, ط1 , 1407هـ – 1986م .
– تحقيق الفوائد الغياثيّة, شمس الدين محمد بن يوسف الكرماني (786هـ ), تحقيق ودراسة علي بن دخيل الله, مكتبة العلوم والحكم, ط1, المدينة المنورة, 1424هـ .
– التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل, أبو حيان الأندلسي ( ت 745هـ ), تحقيق د. حسن هنداوي, ط1, دار القلم بدمشق, 1419هـ – 1998م .
– التقرير والتحبير لأبي عبد الله، شمس الدين محمد بن محمد بن محمد المعروف بابن أمير حاج ( ت879هـ), دار الكتب العلمية, ط2 1403, هـ – 1983 .
– توضيح المقاصد والمسالك بشرح الفية ابن مالك, إبن أمّ قاسم المرادي (749هـ), تحقيق عبد الرحمن علي سليمان, دار الفكر العربي, ط1, القاهرة, 1422هـ – 2002م .
– التوطئة, لأبي علي الشلوبيني ( 645هـ ), تحقيق د. يوسف أحمد المطوّع, ط2, الكويت, 1401هـ – 1981م .
– ثلاث رسائل في إعجاز القرآن, للرّماني والخطّابي وعبد القاهر الجرجاني – النُّكت في إعجاز القرآن, أبو الحسن علي بن عيسى الرماني (ت 386هـ ), تحقيق محمد خلف الله و محمد زغلول سلام, دار المعارف, ط3 . مصر , 1976م .
– الجمل في النحو, أبو القاسم عبد الرحمن بن اسحاق الزجّاجي (340هـ ), تحقيق د. علي توفيق الحمد, مؤسسة الرسالة, ط3, بيروت – لبنان, 1407هـ – 1986م .
– حاشية الصبّان, شرح الأشموني على ألفية ابن مالك, محمد بن علي الصبان (1206 هـ ) تحقيق طه عبد الرؤوف سعد, المكتبة التوفيقية, القاهرة, ( د.ت ) .
– خزانة الادب ولبّ لباب لسان العرب, عبد القادر بن عمر البغدادي (1093هـ), تحقيق عبد السلام محمد هارون, مطبعة المدني, ط4, القاهرة, 1418 هـ – 1997م .
– الخصائص, أبو الفتح عثمان بن جنّي (393هـ ), تحقيق محمد علي النجّار, عالم الكتب, ط1, بيروت – لبنان, 1427هـ – 2006م .
– سرّ الفصاحة, أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي ( ت 466هـ ), تحقيق عبد المتعال الصعيدي, مطبعة محمد علي صبيح وأولاده, ط1, مصر, 1372هـ – 1952م .
– شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك, بهاء الدين عبد الله بن عقيل (769هـ) تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد, دار التراث, ط20, القاهرة, 1400هـ – 1980 م .
– شرح ألفية ابن معطٍ (ت628هـ ) لعبد العزيز بن جمعة الموصلي (ت 696هـ )، تحقيق: علي موسى الشوملي، مكتبة الخريجي, ط1 , الرياض, 1405هـ – 1985م .
– شرح ألفية ابن معطٍ المسمّى (حرز الفوائد وقيد الأوابد) لبدر الدين محمد بن يعقوب المعروف بابن النحوية المتوفي سنة (718هـ) من أوله إلى نهاية باب التوابع, دراسة وتحقيق, رسالة دكتوراه في كلية الآداب جامعة أم القرى, للطالب عبد الله بن فهيد بن عبد الله البقمي, 1421هـ – 2001م .
– شرح ألفية ابن معط, أبو جعفر أحمد بن يوسف بن مالك الرّعيني (ت 779هـ), رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية اللغة العربية جامعة أم القرى, للطالب حسن محمد عبد الرحمن أحمد, 1414هـ – 1994م .
– شرح التسهيل لابن مالك, جمال مجمد بن عبد الله بن عبد الله الطائي الأندلسي ( 672هـ ), تحقيق د. عبد الرحمن السّيد و د. محمد بدوي المختون, هجر , ط1, الجيزة – مصر, 1410هـ – 1990م .
– شرح التسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد, محب الدين محمد بن يوسف بن أحمد المعروف بناظر الجيش (778هـ), تحقيق علي محمد فاخر وآخرون, دار السلام, مصر – القاهرة – الاسكندرية , ط1, 1428هـ – 2007م .
– شرح التصريح على التوضيح على أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك, الشيخ خالد عبد الله الأزهري ( ت905هـ ), تحقيق محمد باسل عيون السّود, دار الكتب العلمية, ط1, بيروت – لبنان, 1421هـ – 2000م .
– شرح جمل الزجاجي, ابو الحسن علي بن مؤمن بن عصفور الإشبيلي( 669هـ), تحقيق فواز الشعّار, دار الكتب العلمية, ط1, بيروت – لبنان, 1419هـ -1998م .
– شرح الرضي المعروف : شرح كافية ابن حاجب, رضي الدين الأسترابادي ( 646هـ ), مؤسسة التأريخ العربي, ط1, بيروت – لبنان, 1433هـ – 2012م .
– شرح شافية ابن الحاجب, رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي النحوي ( 686هـ ) مع شرح شواهده لعبد القادر البغدادي ( 1093هـ ), تحقيق محمد نور الحسن وآخرين , دار إحياء التراث العربي, ط1, بيروت – لبنان ( د.ت ) .
– شرح شذور الذهب, جمال الدين عبد الله بن يوسف المعروف بابن هشام النحوي ( ت761هـ ), تحقيق محمد أبو الفضل عاشور, دار إحياء التراث العربي, ط1 , لبنان – بيروت, 1422هـ – 2001م.
– شرح قواعد الإعراب لابن هشام, محمد بن مصطفى القوجوي : ( شيخ زاده ) (950هـ), تحقيق اسماعيل مروة, دار الفكر المعاصر, بيروت – لبنان / دار الفكر, دمشق – سورية, ( د . ت ) .
– شرح المفصّل للزمخشري, موفق الدين أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش (643هـ), تحقيق أميل بديع يعقوب, دار الكتب العلمية, ط1, بيروت – لبنان, 1422هـ- 2001م .
47- شرح ملّا جامي, الفوائد الضيائية على متن الكافية في النحو, عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي ( ت 898هـ ), ويليه حواشي وتعليقات الشيخ علي رضا الدوللي القيصري الشهير بدولوزاده, تحقيق الشيخ أحمد عزو عناية و الاستاذ علي محمد مصطفى, دار إحياء التراث, ط1, بيروت- لبنان , 2009م- 1430هـ .
– الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها, أبو الحسين أحمد بن فارس (ت395هـ ), تحقيق عمر فاروق الطبّاع, مكتبة المعارف, ط1, بيروت, 1414هـ – 1993م .
– الصفوة الصفية في شرح الدرة الألفية, تقي الدين إبراهيم بن الحسين المعروف بالنيلي من علماء القرن السابع الهجري, تحقيق محسن بن سالم العميري, جامعة أم القرى, ط1, 1420هـ
– علل النحو, أبو الحسن محمد بن عبد الله الورّاق ( 325هـ), تحقيق د. محمد جاسم محمد درويش, مكتبة الرشيد, المملكة العربية السعودية – الرياض, ط1, 1420هـ – 1999م .
– الفروق اللغوية, أبو هلال العسكري (ت نحو 395هـ), تحقيق محمد إبراهيم سليم, دار العلم والثقافة, القاهرة, ( د. ت).
– الفصول الخمسون, لابن معطٍ, زين الدين, أبي الحسن يحيى بن عبد المعطي المغربي (ت628هـ ), تحقيق محمود محمد الطناحي, مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه, ط 1, ( د. ت ) .
– فقه اللغة وأسرار العربيّة, أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي (ت429هـ ), تحقيق د. يحيى مراد, مؤسسة المختار, ط1, القاهرة, 1430هـ – 2009م .
– الكافية في النحو والشافية في علمي التصريف والخط, عثمان ابن عمر جمال الدين بن الحاجب ( 646هـ ), تحقيق د. صالح عبد العظيم الشاعر, مكتبة الآداب, ط1, القاهرة, 2010م .
– الكتاب, سيبويه (180هـ) تحقيق عبد السلام محمد هارون, مكتبة الخانجي, ط3 , القاهرة, 1408هـ – 1988م .
– اللُّباب في علل البناء والإعراب, أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري ( 616هـ ) تحقيق غازي طليمات, دار الفكر المعاصر, بيروت – لبنان , دمشق – سورية, ط1 , 1416هـ – 1995م .
– اللّمحة في شرح المُلحة, محمد بن الحسن الصايغ ( ت720هـ ), تحقيق ودراسة إبراهيم بن سالم الصاعدي, الجامعة الإسلاميّة, ط1 , المدينة المنوّرة, 1424هـ – 2004م .
– مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، جمال الدين ابن هشام الأنصاري ( ت 761 هـ )، تحقيق : د . مازن المبارك، محمّد علي حمد الله، ط 1، مؤسسة الصادق، طهران, 1378 ش .
– المفصّل في علم العربية, أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري ( 538هـ), تحقيق فخر صالح قدارة, دار عمّار, ط1, عمّان – الأردن, 1425هـ – 2004م .
– المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية, أبو اسحاق ابراهيم بن موسى الشاطبي ( ت790هـ), تحقيق د. محمد ابراهيم البنّا, جامعة أم القرى, ط1, مكة المكرمة, 1428 هـ – 2007م .
– المقتصد في شرح الايضاح, عبد القاهر الجرجاني, (471هـ), تحقيق كاظم بحر المرجان, وزارة الثقافة والاعلام, الجمهورية العراقية, 1982م .
– المُقتضب, أبو العباس محمّد بن يزيد المبرّد ( 285هـ ), تحقيق عبد الخالق عضيمة, عالم الكتب, (ط إحياء التراث ), ( د . ت ) .
– المقدمة الجزوليّة في النحو, أبو موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي ( 607هـ ), تحقيق د. شعبان عبد الوهاب محمد, مطبعة أم القُرى ( د . ت ) .
– المقرّب, علي بن مؤمن المعرف بابن عصفور( 669هـ ), تحقيق عبد الستار الجواري وعبد الله الجبوري, ط1, ( د . د ) , 1892هـ – 1972م .
– نتائج الفكر في النحو, أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي (581هـ), تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوّض, دار الكتب العلمية, ط1, بيروت – لبنان, 1412هـ -1992م.
– هَمْع الهوامع في شرح جَمع الجوامع, عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السّيوطي (911هـ ), تحقيق عبد العال سالم مكرّم, مؤسسة الرسالة, بيروت, 1413هـ – 1992م .
ثانياً– المراجع
– الأُصول دراسة إبستيمولوجية للفكر اللغوي عند العرب د . تمّام حسّان ، عالم الكتب، القاهرة, 1420هـ – 2000 م .
– البيان في روائع القرآن, د. تمّام حسّان, عالم الكتب, ط2 , القاهرة, 1420هـ – 2000م .
– تكوين العقل العربي, د. محمّد عابد الجابري, مركز دراسات الوحدة العربيّة, ط9, بيروت , 2006م .
– مقالات في اللّغة والأدب, د. تمّام حسّان, ط1, عالم الكتب, القاهرة, 1427 هـ – 2006م .
– منهجية البحث العلمي في العلوم الانسانية, موريوس أنجرس, ترجمة بوزيد صحراوي وآخرين, دار القصبة للنشر, الجزائر, 2004- 2006.
– اللسانيات التوليدية، من النموذج ما قبل المعيار إلى البرنامج الأدنوي، مفاهيم وأمثلة، د . مصطفى غلفان، ط1، عالم الكتب الحديث، إربد، الأردن, 1431 هـ – 2010 م .
ثالثاً – المعاجم والموسوعات
– أنساب الأشراف, أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البَلَاذُري (ت 279هـ), تحقيق: سهيل زكار ورياض الزركلي, دار الفكر, ط1 بيروت, 1417 هـ – 1996 م .
– التعريفات, علي بن محمد بن علي الجرجاني ( 816هـ ), تحقيق إبراهيم الأبياري, دار الكتاب العربي, ط1, بيروت, 1405هـ .
– تهذيب اللغة, أبو منصور محمد بن احمد الأزهري (370هـ), تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم, الدار المصرية للتأليف والترجمة, القاهرة, ( د . ت ) .
– التوقيف على مهمات التعاريف, زين الدين المعروف بعبد الرؤوف بن تاج العارفين المناوي القاهري ( 1031هـ ) تحقيق عبد الحميد صالح حمدان, عالم الكتب, ط1, القاهرة, 1410هـ – 1990م .
– الصحاح, تاج اللغة وصحاح العربية, إسماعيل بن حماد الجوهري ( 393هـ ), تحقيق أحمد عبد الغفور عطّار, دار العلم للملايين, ط4, بيروت – لبنان, 1990م .
– الكلّيات, معجم في المصطلحات والفروق اللغوية, أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي ( 1094هـ ), تحقيق د.عدنان درويش, ومحمد المصري, مؤسسة الرسالة, ط2, بيروت – لبنان, 1419هـ – 1998م .
– لسان العرب, العلّامة ابن منظور (711هـ), دار إحياء التراث العربي, ط3, بيروت – لبنان, 1419هـ – 1999م .
– المحكم والمحيط الأعظم, أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيدة (458هـ), تحقيق د. عبد الحميد هنداوي , دار الكتب العلمية, ط1, بيروت – لبنان, 1421هـ -2000م .
– المُخصّص, أبو الحسن علي بن إسماعيل ابن سيده الأندلسي ( 458هـ ), تحقيق مكتب التحقيق بدار إحياء التراث, ومراجعة د. خليل ابراهيم جفّال, دار إحياء التراث – مؤسسة التأريخ العربي, ط1, بيروت – لبنان , 1417هـ – 1996م .
– المعجم الفلسفي, مراد وهبة, دار قباء الحديثة, ط1, نصر – القاهرة, 2007م .
– المعجم الفلسفي، مجمع اللغة العربية بمصر، الهيئة العامّة لشؤون المطابع الأميرية, 1403 هـ – 1983م .
– مقاييس اللغة, أبو الحسين أحمد بن فارس (395هـ), تحقيق عبد السلام محمد هارون, دار الفكر, 1399هـ – 1979م .
– موسوعة كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم, العلّامة محمد علي التهانوي ( ت 1158 هـ ), تحقيق د. علي دحروج, مكتبة لبنان ناشرون, بيروت – لبنان, ط1, 1996م .
– موسوعة لالاند الفلسفية، أندريه لالاند، تعريب خليل أحمد خليل، ط 2 ، عويدات، بيروت، باريس, 2001م .
[1]– أنساب الأشراف , أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البَلَاذُري (ت 279هـ) , تحقيق: سهيل زكار ورياض الزركلي , دار الفكر , ط1 بيروت , 1417 هـ – 1996 م , 12/ 129 .
[2]– يُنسب الحديث إلى الإمام الحسن بن علي عليهما السلام , ينظر التقرير والتحبير لأبي عبد الله ، شمس الدين محمد بن محمد بن محمد المعروف بابن أمير حاج ( ت879هـ) , دار الكتب العلمية , ط2 1403, هـ – 1983, 1/20 .
[3]– ينظر الفروق اللغوية , أبو هلال العسكري (ت نحو 395هـ) , تحقيق محمد ابراهيم سليم , دار العلم والثقافة , القاهرة , ( د. ت ) , ص40 .
[4]– تحقيق الفوائد الغياثيّة , شمس الدين محمد بن يوسف الكرماني (786هـ ) , تحقيق ودراسة علي بن دخيل الله , مكتبة العلوم والحكم , ط1, المدينة المنوّرة , 1424هـ , 1/ 264 .
[5]– ينظر تكوين العقل العربي , د. محمّد عابد الجابري , مركز دراسات الوحدة العربيّة , ط9 , بيروت , 2006م , ص37 و ص80 .
[6]– الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها , أبو الحسين أحمد بن فارس (ت395هـ ) , تحقيق عمر فاروق الطبّاع , مكتبة المعارف , ط1 , بيروت , 1414هـ – 1993م , ص44 .
[7]– فقه اللغة وأسرار العربيّة , أبو منصور عبد الملك بن محمد بن اسماعيل الثعالبي (ت429هـ ), تحقيق د. يحيى مراد , مؤسسة المختار , ط1 ,القاهرة , 1430هـ – 2009م , ص22 .
[8]– الإيضاح في علل النحو , لأبي القاسم الزجاجي (337هـ ) , تحقيق د. مازن المبارك , دار النفائس , ط3 , بيروت , 1399هـ – 1979م , ص 66
[9]– ينظر مقدمة موسوعة كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم , العلّامة محمد علي التهانوي ( ت 1158 هـ ) , تحقيق د. علي دحروج , مكتبة لبنان ناشرون , ط1 , بيروت – لبنان , 1996 , ص Vlll .
[10]– مقاييس اللغة , أبو الحسين أحمد بن فارس (395هـ) , تحقيق عبد السلام محمد هارون , دار الفكر , 1399هـ – 1979م , 5/444, مادة ( نظر ) .
[11]– لسان العرب , العلّامة ابن منظور (711هـ) , دار إحياء التراث العربي , ط3 , بيروت – لبنان , 1419هـ – 1999م , 14/ 193 , مادة ( نظر ) .
[12]– التعريفات , علي بن محمد بن علي الجرجاني ( 816هـ ) , تحقيق إبراهيم الابياري , دار الكتاب العربي ,ط1 , بيروت , 1405هـ , ص 310 .
[13]– المعجم الفلسفي ، مجمع اللغة العربية بمصر ، الهيئة العامّة لشؤون المطابع الأميرية , 1403 هـ – 1983 م , ص 202 .
[14]– موسوعة لالاند الفلسفية ، أندريه لالاند ، تعريب خليل أحمد خليل ، ط 2 ، عويدات ، بيروت ، باريس 2001 م , ص 1454.
[15]– السابق نفسه والصفحة .
-[16] تهذيب اللغة , أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (370هـ) , تحقيق محمد أبو الفضل أبراهيم , الدار المصرية للتأليف والترجمة , القاهرة , 14/ 196- 197 , مادة ( فاد ) .
-[17] الصحاح , تاج اللغة وصحاح العربية , إسماعيل بن حماد الجوهري ( 393هـ ) , تحقيق أحمد عبد الغفور عطّار , دار العلم للملايين , ط4, كانون الثاني / يناير , بيروت – لبنان , 1990م . 2/ 521 , مادة ( فيد ) .
-[18] مقاييس اللغة , 4 / 464 , مادة ( فيد ) .
[19]– لسان العرب , 10 / 364 , مادة ( فيد ) .
[20]– المخصّص , أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده الأندلسي ( 458هـ ) , تحقيق مكتب التحقيق بدار إحياء التراث , ومراجعة د. خليل إبراهيم جفّال , دار إحياء التراث – مؤسسة التأريخ العربي , ط1 , بيروت – لبنان , 1417هـ – 1996م , 4 / 175 – باب الأضداد .
[21]– ينظر شرح شافية ابن الحاجب , الشيخ رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي النحوي ( 686هـ ) مع شرح شواهده لعبد القادر البغدادي ( 1093هـ ) , تحقيق محمد نور الحسن وآخرين , دار إحياء التراث العربي , ط1 , بيروت – لبنان , ( د .ت ) , 1/ 63 .
[22]– التوقيف على مهمات التعاريف , زين الدين المعروف بعبد الرؤوف بن تاج العارفين المناوي القاهري ( 1031هـ ) تحقيق عبد الحميد صالح حمدان , عالم الكتب , ط1 , القاهرة , 1410هـ – 1990م , ص 256 .
[23]– الكلّيات , معجم في المصطلحات والفروق اللغوية , أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي ( 1094هـ ) , تحقيق د.عدنان درويش , ومحمد المصري , مؤسسة الرسالة , ط2, بيروت – لبنان , 1419هـ – 1998م , ص 694
[24]– شرح ألفية ابن معطٍ (ت628هـ ) لعبد العزيز بن جمعة الموصلّي (ت 696هـ )، تحقيق: علي موسى الشوملي ، مكتبة الخريجي , ط1 , الرياض , 1405هـ – 1985م , 1/ 191 .
[25]– توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك , ابن أمّ قاسم المرادي (749هـ) , تحقيق عبد الرحمن علي سليمان , دار الفكر العربي ,ط1, القاهرة , 1422هـ – 2002م , 1/ 268 .
[26]– شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب , جمال الدين ابن هشام الأنصاري ( 761هـ ) , تحقيق محمد أبو الفضل عاشور , دار إحياء التراث العربي , ط1 , بيروت – لبنان , 1422هـ – 2001م , ص19 .
[27]– مقاييس اللغة , 5 / 131 , مادة ( كلم ) .
[28]– يُنظر السابق نفسه والصفحة .
[29] – الصحاح ,. 4 / 2023 , مادة ( كلم ) .
[30]– المحكم والمحيط الاعظم , أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيدة (458هـ) , تحقيق د. عبد الحميد هنداوي , دار الكتب العلمية , ط1, بيروت – لبنان , 1421هـ -2000م . 7 / 49 , مادة ( ك ل م ) .
[31]– المحكم والمحيط الأعظم , 7 / 49 , مادة ( ك ل م ) .
-[32] يُنظر شرح شذور الذّهب , .ص19 .
[33]– المقرّب , علي بن مؤمن المعرف بابن عصفور( 669هـ ) , تحقيق عبد الستار الجواري وعبد الله الجبوري , ط1, ( د .د ) , 1892هـ – 1972م ,1/ 45 .
[34]– شرح التسهيل لابن مالك , جمال مجمد بن عبد الله بن عبد الله الطائي الأندلسي ( 672هـ ) , تحقيق د. عبد الرحمن السّيد , و د. محمد بدوي المختون , هجر , ط1 , الجيزة – مصر ,1410هـ – 1990م , 1/5 .
[35]– شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك , بهاء الدين عبد الله بن عقيل (769هـ) تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد , دار التراث , ط20, , القاهرة , 1400هـ – 1980 م , 1/ 14 .
[36]– الكتاب , سيبويه (180هـ) تحقيق عبد السلام محمد هارون , مكتبة الخانجي , ط3 , القاهرة , 1408هـ – 1988م , 1/ 122 .
[38]– المُقتضب , أبو العباس محمّد بن يزيد المبرّد ( 285هـ ) , تحقيق عبد الخالق عضيمة , عالم الكتب , ) ط إحياء التراث ) , ( د .ت ) , 1/ 8 .
-[39] الأصول في النحو , أبو بكر محمد بن سهل ابن السرّاج ( ت 316هـ ) , تحقيق د. عبد الحسين الفتلي , مؤسسة الرسالة , ط 3, بيروت – لبنان , 1417هـ – 1996 م , 1/ 66
[40]– الخصائص , 1/ 57
[41]– ينظر السابق نفسه والصفحة .
[42]– شرح ابن عقيل , 1/ 14
[43] – ينظر شرح ابن عقيل , 1/ 13- 15 .
[44]– المقتضب , 1/ 8 .
[45]– عِلل النحو , أبو الحسن محمد بن عبد الله الورّاق ( 325هـ) , تحقيق د. محمد جاسم محمد درويش , مكتبة الرشيد , ط1 , المملكة العربية السعودية – الرياض , 1420هـ – 1999م , ص269 .
[46]– الصاحبي في فقه اللغة , ص81 .
[47]– الخصائص , أبو الفتح عثمان بن جنّي (393هـ ) , تحقيق محمد علي النجّار , عالم الكتب , ط1, بيروت – لبنان , 1427هـ – 2006م , 1/ 57 .
[48]– السابق نفسه , 1/ 57 .
-[49] المقتصد في شرح الإيضاح , عبد القاهر الجرجاني , (471هـ) , تحقيق كاظم بحر المرجان , وزارة الثقافة والإعلام , الجمهورية العراقية ,1982م , ص68 .
[50]– المفصّل في علم العربية , أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري ( 538هـ) , تحقيق فخر صالح قدارة , دار عمّار , ط1 , عمّان – الأردن , 1425هـ – 2004م , ص32 .
[51]– اللّـباب في عِلل البناء والإعراب , أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري ( 616هـ ) تحقيق غازي طليمات , دار الفكر المعاصر , بيروت – لبنان , دمشق – سورية , ط1 , 1416هـ – 1995م , 1/ 41 .
[52]– الصفوة الصفيّة في شرح الدرة الألفية , تقي الدين ابراهيم بن الحسين المعروف بالنيلي من علماء القرن السابع الهجري تحقيق محسن بن سالم العميري , جامعة ام القرى , ط1, 1420هـ . 1/ 34
-[53] قال الرّضي : ( والفرق بين الجملة والكلام، أنّ الجملة ما تضمن الإسناد الأصلي سواء كانت مقصودة لذاتها أو، لا، كالجملة التي هي خبر المبتدأ وسائر ما ذكر من الجمل، فيخرج المصدر، وأسماء الفاعل والمفعول والصفة المشبهة والظرف مع ما أسندت إليه . والكلام ما تضمّن الإسناد الأصلي وكان مقصودا لذاته ، فكلّ كلام جملة ولا ينعكس ) , شرح الرضي المعروف : شرح كافية ابن حاجب , رضي الدين الأسترابادي ( 646هـ ) , مؤسسة التأريخ العربي , ط1 , 1433هـ – 2012م , بيروت – لبنان , 1/ 25 .
[54]– قال ابن هشام: (اعلمْ أنّ اللفظ المفيد يسمّى: كلاماً وجملة. ونعني بالمفيد ما يحسن السكوتُ عليه. وأنّ الجملة أعمّ من الكلام ، فكلّ كلام جملة ، ولا ينعكس. ألا ترى أن نحو: (قامَ زيدٌ) من قولك : ( إنْ قامَ زيدٌ قامَ عمرو) يسمّى جملة ، ولا يسمى كلاماً ؟ لأنّه لا يحسن السكوت عليه ) – الإعراب عن قواعد الإعراب , جمال الدين ابن هشام الأنصاري (761هـ) , تحقيق علي فودة نيل , جامعة الرياض ، ط1، 1981م , ص35 .
[55]– شرح التسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد , مُحبّ الدين محمد بن يوسف بن أحمد المعروف بناظر الجيش (778هـ) , تحقيق علي محمد فاخر وآخرون , دار السلام , ط1, , مصر – القاهرة – الاسكندرية , 1428هـ – 2007م ,1/ 149- 150 .
[57] – ينظر الجمل في النحو , أبو القاسم عبد الرحمن بن اسحاق الزجّاجي (340هـ ) , تحقيق د. علي توفيق الحمد , مؤسسة الرسالة , ط3 , بيروت – لبنان , 1407هـ – 1986, ص36.
[58]– الكافية في النحو والشافية في علمي التصريف والخط , عثمان بن عمر جمال الدين بن الحاجب ( 646هـ ) , تحقيق د. صالح عبد العظيم الشاعر , مكتبة الآداب , ط1 , القاهرة , 2010م . ص11 .
[59]– شرح الرضي , 1/ 24 .
[60]– السابق نفسه , 1/ 25
[61]– شرح التسهيل , 1/ 5 .
[62]– ينظر السابق نفسه 1/ 7 .
[63]– ارتشاف الضرَب من لسان العرب , أبو حيان الاندلسي (745 هـ) ,تحقيق د. رجب عثمان محمد , مكتبة الخانجي , ط 1, القاهرة , 1418هـ – 1998 م , 2/ 831 .
[64]– السابق نفسه والصفحة .
[65]– السابق نفسه , 2/ 832 .
[66]– شرح ألفية ابن معطٍ المسمّى ( حرز الفوائد وقيد الأوابد ) لبدر الدين محمد بن يعقوب المعروف بابن النّحوية المتوفي سنة (718هـ) من أوله إلى نهاية باب التوابع دراسة وتحقيق , رسالة دكتوراه في كلية الآداب جامعة أم القرى , للطالب عبد الله بن فهيد بن عبد الله البقمي , 1421هـ – 2001م ,1/ 41 .
[67]– السابق نفسه والصفحة .
[68]– هَمْع الهوامع في شرح جَمع الجوامع , عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين الّسّيوطي (911هـ ) , تحقيق عبد العال سالم مكرّم , مؤسسة الرسالة , بيروت . 1413هـ – 1992م , 1/ 33 .
[69]– الإيضاح العضدي , أبو علي الفارسي , (377هـ ) , تحقيق د. حسن شاذلي فرهود , كلية الآداب – جامعة الرياض , ط1 , 1389هـ – 1996م , 1/ 9 .
[70]– السابق نفسه والصفحة .
[71]– الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها , أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الرازي (395هـ ) , تحقيق د. عمر فاروق الطبّاع , مكتبة المعارف , ط1 , بيروت – لبنان , 1414هـ – 1993م , ص81 .
[72]– السابق نفسه والصفحة .
[73]– المقتصد في شرح الإيضاح , 1/ 68 .
[74]– السابق نفسه والصفحة .
[75]– السابق نفسه 1/ 69 .
[76]– أسرار العربية , كمال الدين أبو البركات عبد الرحمن محمد بن سعيد الأنباري النحوي ( 577هـ ) , تحقيق بركات يوسف هبّود , ط1, بيروت – لبنان , 1420هـ – 1999م , ص35 .
[77]– ينظر شرح المفصّل للزمخشري , موفق الدين أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش (643هـ) , تحقيق أميل بديع يعقوب , دار الكتب العلمية , ط1, بيروت – لبنان , 1422هـ- 2001م 1/ 72 .
[78]– ينظر توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك , 1/ 267.
[79] – ينظر شرح ألفية ابن معط , أبو جعفر أحمد بن يوسف بن مالك الرّعيني , رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية اللغة العربية جامعة أم القرى , للطالب حسن محمد عبد الرحمن أحمد , 1414هـ – 1994م , 1/ 70 .
[80]– ينظر شرح التصريح على التوضيح على أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك , الشيخ خالد عبد الله الأزهري , تحقيق محمد باسل عيون السّود , دار الكتب العلمية , ط1 , بيروت – لبنان , 1421هـ – 2000م , 1/ 15 – 16 .
[81]– الخصائص 1/ 63 .
[83]– المفصّل في علم العربية , ص32 .
[84]– ينظرُ شرح المفصّل , 1/ 72 .
[85]– المقدمة الجزولية في النحو , أبو موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي ( 607هـ ) تحقيق د. شعبان عبد الوهّاب محمد , مطبعة أم القُرى ( د . ت ) , ص3 .
[86]– الفصول الخمسون , لابن معطٍ , زين الدين , أبي الحسن يحيى بن عبد المعطي المغربي (ت628هـ ) , تحقيق محمود محمد الطناحي , مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه , ط 1 , ( د. ت ) , ص149 .
[87]– التوطئة , لأبي علي الشلوبيني ( 645هـ ) , تحقيق د. يوسف أحمد المطوّع , ط2 , الكويت , 1401هـ – 1981م , ص112 .
[88]– توضيح المقاصد والمسالك , 1/267 .
[89]– شرح التصريح على التوضيح , 1/ 16 .
[90] – سرّ الفصاحة , أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي ( ت 466هـ ) , تحقيق عبد المتعال الصعيدي , مطبعة محمد علي صبيح وأولاده , ط1 , مصر , 1372هـ – 1952م , ص39.
[92] – نتائج الفكر في النحو , أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي (581هـ) , تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوّض , دار الكتب العلمية , ط1 , بيروت – لبنان , 1412هـ -1992م , ص49.
[93] – أبو عبد الله ابن الفخار وجهوده في الدراسات النحوية مع تحقيق كتابه شرح الجمل , إعداد حماد بن محمد حامد الثمالي , رسالة دكتوراه جامعة أم القرى – كلية اللغة العربية , 1409هـ – 1410هـ . 1/ 15 .
[94]– يُنظر شرح جمل الزجاجي , أبو الحسن علي بن مؤمن بن عصفور الإشبيلي ( 669هـ) , تحقيق فواز الشعّار , دار الكتب العلمية , ط1, بيروت – لبنان , 1419هـ -1998م , 1/ 19 . وينظر التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل , أبو حيان الأندلسي ( ت 745هـ ) , تحقيق د. حسن هنداوي , ط1 , دار القلم بدمشق , 1419هـ – 1998م , 1/ 35 .
[95] – شرح التسهيل , 1/5 .
[96]– شرح شذور الذهب , جمال الدين عبد الله بن يوسف المعروف بابن هشام النحوي ( ت761هـ ) , تحقيق محمد أبو الفضل عاشور , دار إحياء التراث العربي , ط1 , لبنان – بيروت , 1422هـ – 2001ه , ص 19 .
[97] – ارتشاف الضرب , 2/ 831 .
[98] – ينظر التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل , 1/ 36-37 .
[99] – تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد , 1/ 148 .
[100] – ينظر التذييل والتكميل , 1/ 36 .
[101] – ينظر تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد , 1/ 148
[103] – شرح التصريح على التوضيح , 1/ 16 .
[104] – حاشية الصبّان , شرح الأشموني على ألفية ابن مالك , محمد بن علي الصبان (1206 هـ ) تحقيق طه عبد الرؤوف سعد , المكتبة التوفيقية , القاهرة , ( د.ت ) , 1/ 57 .
[105] – ينظر شرح قواعد الإعراب لابن هشام , محمد بن مصطفى القوجوي : ( شيخ زاده ) (950هـ) , تحقيق إسماعيل مروة , دار الفكر المعاصر , بيروت – لبنان / دار الفكر , دمشق – سورية , ( د.ت ) , ص13 .
[106] – ينظر الصاحبي في فقه اللغة العربية , ص 81 – 82 , وينظر سرّ الفصاحة , ص28 .
[107] – سرّ الفصاحة , ص41 .
[108] – المقدمة الجزوليّة , ص3 .
[109] – ينظر الفصول الخمسون , ص149.
[110] – التوطئة , ص112 .
[111] – الصفوة الصفيّة في شرح الدرّة الألفيّة , 1/ 32 .
[112]– ينظر موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم , 1/ 1795- 1796 .
[113]– البسيط في شرح الجمل , ابن ابي الربيع عبيد الله بن احمد الأشبيلي (688هـ ) , تحقيق د . عيّاد بن عيد الثبيتي , دار الغرب الإسلامي , بيروت – لبنان , ط1 , 1407هـ – 1986م , ص158-159 .
[114] – ينظر التذييل والتكميل في شرح التسهيل , ص36 .
[115]– المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية , أبو اسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي ( ت790هـ) , تحقيق د. محمد إبراهيم البنّا , جامعة أم القرى , ط1 , مكة المكرمة , 1428 هـ , 2007م . 1/ 36-37 .
[116]– السابق نفسه , 1/ 38 .
[117] – حاشية الصبّان , 1/56 .
[118]– تمهيد القواعد , 1/ 148 .
[119] – الصفوة الصفيّة في شرح الدرة الألفية , 1/ 32 .
[120]– الخصائص , / 64 .
[121]– المقتضب , 1/8 .
[122]– علل النحو , ص267 .
[123]– شرح ألفية ابن معطٍ , 1/ 191-192 .
[124]– شرح ملّا جامي , الفوائد الضيائية على متن الكافية في النحو , عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي ( ت898 ) , ويليه حواشي وتعليقات الشيخ علي رضا الدوللي القيصري الشهير بدولوزاده , تحقيق الشيخ أحمد عزو عناية والاستاذ علي محمد مصطفى , دار إحياء التراث , ط1 , بيروت- لبنان , 2009م- 1430هـ , الحاشية – هامش (4 ) – 1 /38 .
[125]– هَمْع الهوامع في شرح جَمع الجوامع , 1/ 29 .
[126]– شرح قواعد الإعراب لابن هشام , ص12
[127]– همع الهوامع , 1/ 29 .
[128]– اللّمحة في شرح المُلحة , محمد بن الحسن الصايغ ( ت720هـ ) , تحقيق ودراسة إبراهيم بن سالم الصّاعدي, الجامعة الإسلاميّة , ط1 , المدينة المنوّرة , 1424هـ – 2004م ,1/ 100 .
[130]– ينظر اللّسانيات التوليدية ، من النموذج ما قبل المعيار إلى البرنامج الأدنوي ، مفاهيم وأمثلة ، د . مصطفى غلفان ، ط 1 ، عالم الكتب الحديث ، إربد ، الأردن 1431 هـ – 2010 م , ص72- 74 .
[131]– ينظر مقالات في اللّغة والأدب , د. تمّام حسّان , ط1 , عالم الكتب , القاهرة , 1427 هـ – 2006 م , 2/ 223
[132]– ينظر الأشباه والنظائر في النحو , جلال الدين السيوطي( ت911هـ ) , وضع حواشيه غريد الشيخ , دار الكتب العلميّة , ط1 , بيروت – لبنان , 1422هـ – 2001م . 1/ 292 وما بعدها .
[133]– السابق نفسه , 1/292
[134]– الأصول في النحو , 1/62
[135]– السابق نفسه , 1/66
[136]– شرح المفصّل , ابن يعيش 1/247
[137]– ينظر شرح الرضي , 1/ 140
[138]– ينسب للفرزدق وليس موجودا في ديوانه , وهو بلا نسبة في شرح المفصل لابن يعيش 1/248 , وشرح ابن عقيل 1 / 233, ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، جمال الدين ابن هشام الأنصاري ( ت 761 هـ ) ، تحقيق : د . مازن المبارك ، محمّد علي حمد الله ، ط 1 ، مؤسسة الصادق ، طهران 1378 ش . , 1/ 589 . وخزانة الادب ولبّ لباب لسان العرب , عبد القادر بن عمر البغدادي (1093هـ) , تحقيق عبد السلام محمد هارون , مطبعة المدني , ط4, القاهرة., 1418 هـ – 1997م , 1/ 444 .
[139]– شرح المفصل , ابن يعيش , 1/248
[140]– شرح الرضي , 1/140-141
[141]– البيان في روائع القرآن , د. تمّام حسّان , عالم الكتب , ط2 , القاهرة , 1420هـ – 2000م , ص76 .
[142]– الكتاب , 1/24-52
[143]– السابق , 2/130
[144]– السابق نفسه , 2/ 112
[145]– ينظر الخصاص , 1/ 360 وما بعدها .
[146]– ينظر الشروط التي وضعها ابن هشام في مغني اللبيب , 2/ 768 وما بعدها .
[147]– ينظر الأُصول دراسة إبستيمولوجية للفكر اللغوي عند العرب د . تمّام حسّان ، عالم الكتب ، القاهرة 1420 هـ – 2000 م , ص132.
[148]– ثلاث رسائل في إعجاز القرآن , للرّماني والخطّابي وعبد القاهر الجرجاني – النُّكت في إعجاز القرآن , أبو الحسن علي بن عيسى الرماني (ت 386هـ ) , تحقيق محمد خلف الله و محمد زغلول سلام , دار المعارف , ط3 . مصر , 1976 , ص 76 .
[149] – الخصائص , 1/ 360 .
[150][150]- مغني اللبيب , 2 / 789 .
[151]– الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز , أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام (ت660هـ) , تحقيق محمّد بن الحسن بن إسماعيل , دار الكتب العلميّة , ط1 , بيروت – لبنان , 1416هـ – 1995 م , ص11.
[152]– ينظر الأُصول دراسة إبستيمولوجية للفكر اللغوي عند العرب , ص189 .
[153]– منهجية البحث العلمي في العلوم الإنسانية , موريوس أنجرس , ترجمة بوزيد صحراوي وآخرين , دار القصبة للنشر , 2004- 2006, الجزائر , ص 54 .
[154]– المعجم الفلسفي , مراد وهبة , دار قباء الحديثة , ط1 , 2007م , نصر – القاهرة , ص 487 .
[155]– موسوعة لالاند الفلسفية , ص1193 .
[156]– ينظر المعجم الفلسفي , مجمع اللغة العربية بمصر , ص144 .