الدّراسة السوسيولوجية لذوي الاحتياجات الخاصة “الإعاقة البصرية”
Sociological study of people with special needs “Visual Impairment”
د. حليمة سلاوي/جامعة أحمد دراية، أدرار، الجزائر
Dr.Halima Slaoui/ University, Ahmed deraya , Adrar, Algeria
مقال منشور في 78مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 78 الصفحة 47.
ملخص:هدفت دراستنا إلى دراسة الواقع السوسيولوجي للمعاقين بصرياً باعتبارهم فاقدي أهم حاسة وهي حاسة البصر كونها مهمة في عملية التفاعل بين الإنسان ومحيطه، وبالتالي هذا نوع من العجز ممكن أن يقف كحاجز في تلبية احتياجاته الاجتماعية على حد الخصوص، فهم يمثلون شريحة كبيرة في المجتمع وهذا ما أشارت إليه بعض الإحصائيات الحديثة، ورغم ذلك تبقى هذه الإحصائيات غير دقيقة حول المعاقين وذلك لاعتبارات منها عدم تصريح بعض الأسر بوجود معاق أو الحصول على بطاقة الإعاقة مما يجعلهم خارج دائرة الإحصاء، لهذا حظيت أي هذه الفئة باهتمام بالغ من طرف جميع المختصين وخاصة في السنوات الأخيرة وهذا راجع إلى اقتناع المجتمعات باختلاف الأفراد أن لهم الحق أيضا في الحياة الاجتماعية كغيرهم من أفراد المجتمع بأقصى ما تمنحه لهم قدراتهم.
الكلمات المفتاحية: الإعاقة البصرية، الدراسة السوسيولوجية.Abstract:
Our study aimed to study the sociological reality of the visually impaired as they lack the most important sense, which is the sense of sight as it is important in the process of interaction between the human being and his surroundings, and therefore this kind of disability can stand as a barrier in meeting his social needs in particular, they represent a large segment of society and this is what she indicated Some recent statistics, however, these statistics remain inaccurate about the disabled, due to considerations including the failure of some families to declare the presence of a disabled person or obtain a disability card, which makes them outside the Statistics Department. Refer to the conviction of societies with different individuals that they also have the right to social life, like other members of society, to the best of their abilities.
Keywords: visual impairment, sociological study.
مقدمة:
تعتبر الإعاقة البصرية وهي التي يفقد الإنسان فيها القدرة على الإبصار، لكن الله تعالى يعوضه بمهارات وقدرات إذا ما استغلها وأحسن التكيف ووجد البيئة الحريصة والمهتمة به، يستطيع أن يصل إلى ما وصل إليه الأسوياء أو أكثر من ذلك، والواقع يشير إلى أن هناك مشاهير العلماء والأدباء والباحثين الذين تحدوا الإعاقة وتعلموا وصنعوا مجدا وكونوا جيلاً وكانوا ذا صيت في مجتمعهم، وفي وطنهم بل في العالم.
ونجد أن جميع الدول التي تسعى لرفع المستوى المعيشي لشعوبها عن طريق تنمية وتطوير التعليم والتدريب المهني تشمل الأشخاص المعاقين في برامجها حيث أن هؤلاء المعوقين يعتبرون من الموارد البشرية التي يجب المحافظة عليها وتنميتها ويجب أن يعتبروا جزءا من سكان أي بلد يتمتعون بنفس الحقوق والامتيازات والخدمات والاحترام التي يتمتع بها الآخرون، كما تقع عليهم نفس المسؤوليات.
مشكلة الدراسة: حيث نجد أن المعاقين بصريا على حد الخصوص لا يتمتعون بكامل حقوقهم، وخاصة على مستوى النسق الفرعي وهو الأسرة حيث قد يتعرضون للإهمال من حيث التكوين والتعليم وذلك بسبب قلة الاهتمام والتأطير مما يؤدي إلى استفحال الأمية في أوساطهم، خاصة في ظل غياب التجسيد الفعلي للقوانين.
ومن خلال هذا نستشف أن البعد الاجتماعي يقف كعثرة أمام هذه الشريحة من المجتمع وهم المعاقين بصرياً، برغم من اهتمام بعض الجمعيات، لهذا يجب مواجهته بشيء من التحليل والفهم حتى يتسنى لها تجاوز هذه العقبات.
وعليه نطرح التساؤل الآتي : ما طبيعة الواقع السوسيولوجي لذوي الاحتياجات الخاصة المعاقين بصرياً؟
أهمية الموضوع : يكتسي الموضوع أهمية بالغة كونه يهتم بتلك الفئة التي أصابها القدر بإعاقة كان لها تأثير في القيام بدورهم على الوجه الأكمل، ومن أجل توضيح بعض الأمور التي يشوبها الغموض أو النقص وذلك من خلال الوقوف على المشكلات السوسيولوجية التي تواجه الفئات الخاصة وبالأخص المعاقين بصرياً باعتبارهم يمثلون نسبة معتبرة من المجتمع وبذلك هي أيضا لها دور للمساهمة في تقدم وازدهار هذا المجتمع وبالتالي يجب أخد الأمر بعين الاعتبار.
أهداف الدراسة: أكيد أن لكل دراسة هدف تصبوا إليه فالهدف قد يكون علمي وهو محاولة معالجة موضوع من المواضيع ذات أهمية كبرى في المجتمع كونه يتعلق بفئة غير طبيعية تعاني من إعاقة بصرية، وبالتالي محاولة تحريك الضمائر للاهتمام بهذه الفئة، أما الهدف العملي الذي تسعى إلى تحقيقه يتجلى من خلال معرفة طبيعة المعوقات السوسيولوجية وإيجاد حلا لها.
منهج الدراسة: حيث اعتمدنا على المنهج الوصفي باعتباره الأنسب والملائم وذلك نظرا لطبيعة الموضوع التي تفرض ذلك من وصفه وصفا دقيقا وتحليله سواء على مستوى الكيفي أو الكمي ثم تفسيره وذلك حتى يتم الوصول إلى نتائج وتوصيات.
أولاً/ ماهية الإعاقة البصرية
- مفهوم الإعاقة البصرية و أنواعها:
- تعريف الإعاقة البصرية: لقد اختلف تعريف هذا المفهوم بين العلماء:
فيعرفها بطرس حافظ في كتابه إرشاد ذوي الحاجات الخاصة و أسرهم على أنها عبارة عن “حالة يفقد الفرد فيها المقدرة على استخدام حاسة البصر بفاعلية مما يؤثر سلبا في أدائه و نموه”.[1]
كما يعرفها كل من Ashrift zamboney على أنها “عجز أو ضعف في الجهاز البصري تعيق أو تغير أنماط النمو عند الإنسان.”[2]
كما تشير هيئة اليونسكو إلى أن فاقد البصر هو الشخص العاجز عن استخدام بصره في الحصول على المعرفة بصفة عامة أي يجد صعوبة في ذلك.
من خلال هذه التعاريف نستشف أنها تصب تقريبا في مجال واحد، إذ ترى أن الفرد الذي فقد أهم حاسة و هي حاسة البصر والتي بدورها تؤثر على حياته بصورة عامة يعتبر معاق بصريا.
فمن خلال ما تقدم من تعاريف للإعاقة البصرية يمكن القول أنها عبارة عن حالة يفقد فيها الشخص أو الفرد بصره مما يؤثر على نموه حيث يجد صعوبة في الحصول على المعرفة نتيجة للاعتماد فقط على الحواس الأخرى وبالتالي فقدانه للبصر سوف يؤثر كليا على أدائه سواء على مستوى الميكرو أو الماكرو.
- أنواع الإعاقة البصرية: هناك نوعان من أنواع الإعاقة البصرية وهما الفقدان التام للبصر وهو ما يصطلح عليه بالمكفوف أما النوع الثاني فيسمى بضعف البصر أو فقدان جزئي للبصر، ويتضح هذان النوعان من خلال الوقوف على التعريف التربوي و القانوني لكل منها.
- التعريف التربوي: “المكفوف: هو شخص يتعلم من خلال القنوات اللمسية أو السمعية.
ضعيف البصر: هو شخص لديه ضعف بصري شديد بعد التصحيح لكن يمكن تحسين الوظائف البصرية لديه.
- التعريف القانوني: المكفوف: هو شخص لديه حدة بصر تبلغ 20/200 أو أقل في العين الأقوى بعد اتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة أو لديه حقل الإبصار لا يزيد على 20 درجة.
ضعيف البصر: هو شخص لديه حدة بصر أحسن من20/200 و لكن أقل من20/70 في العين الأقوى بعد إجراء التصحيح اللازم.”[3]
كما نجد في معجم الإعاقة البصرية أنه يفرق بين إعاقة بصرية خلقية و إعاقة بصرية مكتسبة.
- إعاقة بصرية خلقية: و هي التي تحدث مع ميلاد الفرد أو في مرحلة مبكرة من عمره و بذلك فهي تحدث قبل أن يتم التعرف على المدركات و المفاهيم البصرية.
- إعاقة بصرية مكتسبة: وهي التي تحدث بعد سن السادسة أي بعد أن يتعرف الفرد على المدركات والمفاهيم البصرية و بالتالي فهو يتميز عن صاحب الإعاقة البصرية الخلقية بخبراته و ثرائه فهو لا يجد نفس الصعوبة من حيث التعلم المعرفي و الحركي.
كما يصطلح عليها بالإعاقة البصرية الطارئة وهي التي تحتاج إلى دعم و تقبل اجتماعي أكثر من الإعاقة البصرية الخلقية.
- أسباب الإعاقة البصرية و كيفية الوقاية منها:
- أسباب الإعاقة البصرية:
- الأسباب الوراثية: أي تلك التي تكون فيها “العوامل الوراثية هي الحاسمة في الإعاقة البصرية”[4] مثل التشوهات التركيبية في القرنية.
- الأسباب البيئية: حيث تعد البيئة أيضاً سبباً في الإعاقة البصرية و ذلك من خلال انخفاض المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي مما يؤثر بصورة أو بأخرى على الوعي الصحي العام بالمجتمع، وكذا البيئة الصناعية التي تسبب بعض حالات التسمم بالرصاص أو الإشعاعات أو المفرقعات قد تكون مسؤولة إلى حد كبير عن كف البصر”[5] ، وهذا ما تثبته تجارب رقان التي مازالت إلى حد الآن.
- الأسباب المرضية: و هذه الأسباب بدورها يمكن تقسيمها إلى أسباب مرضية غير معدية وهي التي تبدو في أعمار ما بعد سن الخمسين، حيث نجد فيها حالات ضمور العصب البصري وتلون الشبكية وغير ذلك من الأمراض التي يمكن أن تؤدي في نهاية إلى الفقد التدريجي للبصر. أما أسباب مرضية معدية وهي التي تشمل مثلاً الرمد الصديدي بأنواعه الرمد الغشائي الحاد و الرمد المخاطي الصديدي و عتامة القرنية.
وهكذا نجد أن العين معرضة للأمراض مثل التراخما، الرمد الحبيبي، الماء الأبيض …إلخ، بالإضافة إلى الإصابات والحوادث التي تتعرض لها العين من أهمها الصدمات الشديدة للرأس وهذا ما يؤدي إلى انفصال في الشبكية أو تلف في العصب البصري.
وهناك من يقسم أسباب الإعاقة البصرية على أساس معايير أخرى و هي :”
- أسباب ما قبل الميلاد “الولادة”: و هي العوامل الوراثية كإصابة الأم الحامل ببعض الأمراض مثلا .
- أسباب أثناء عملية الولادة: و هي نقص الأوكسجين و الولادة المتعسرة.
- أسباب بعد الولادة: و هي زيادة نسبة الأوكسجين المعطي للطفل والإصابات الناتجة عن الحوادث”[6].
ومن خلال ذلك نستشف أن الإعاقة البصرية تختلف باختلاف طبيعة البيئة والعمر والمكان وأيضا باختلاف الأمراض المنتشرة في تلك البيئة.
حيث نجد “أن رحم الأم ما هو إلا بيئة ينشا فيها الطفل فإنه يتأثر بالعوامل الولادية أو الميلادية التي تؤثر في الأم أثناء مرحلة الحمل”[7] ومن بينها: إصابة الأم مثلا بفقر الدم، كبر سن الأم أو الأب، الحمل المتكرر، تعرض الأم الحامل للإشاعات والتلوث.
- كيفية الوقاية منها: بعد الحديث عن الإعاقة البصرية يتم الآن معرفة كيفية الوقاية منها وذلك نظرا لاستفحالها بشكل كبير في أوساط المجتمع بل العالم كله، وهكذا نجد أن أي مجتمع لا يكاد يخلو من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة وبالأخص المعاق بصريا وللحد منها كما ذكرنا آنفا يجب مراعاة ما يلي:
- التغذية الصحيحة و تناول كميات كافية من الفيتامينات و خاصة فيتامين أ.
- التثقيف في أمور الأغذية و الصحة و أحوال المعيشة.
- العناية الفائقة بالحوامل وذلك من خلال تغذيتهم بشكل جيد نوعياً وكمياً وابتعادهم عن الأمراض الجرثومية.
- حماية المواليد الجدد بوضع المرهم المناسب.
- التلقيح ضد الأمراض السارية
- تحويل الأطفال إلى المركز الصحي عند حدوث احمرار بالعين”[8].
إن الوقاية من حدوث الفقدان للبصر أو الضعف يعتبر في غاية الأهمية لأن الإدراك المبكر لهذا الأمر، ومعالجته في وقت مبكر يمنع تفاقم المشكلات، و عليه يجب إتباع الإجراءات المهمة والأنسب للوقاية من حدوث الإعاقة فمثلا استخدام العدسات الطبية، التداوي بالعقاقير والجراحة…إلخ كل هذه الأمور من شأنها أن تحد من عواقب الضعف البصري وهكذا نجد أن هناك ضرورة ملحة من أجل إتباع الإجراءات الكفيلة لحماية العين وسلامتها لأن تقديم الخدمات الطبية والتربوية والاجتماعية والتأهيلية اللازمة تعتبر بمثابة وقاية، لأن “الوقاية ليست مسؤولية الأطباء فقط أو الجهات الصحية الرسمية، إنما مسؤولية الأسرة والفرد والمجتمع كله”[9].
- أعراض وخصائص المعاقين بصرياً:
أ. أعراض الإعاقة البصرية:- هناك مجموعة من الأعراض التي تشير إلى احتمال وجود مشكلة إعاقة بصرية والتي اختلف الباحثين في تحديدها حيث نجد كل باحث ركز على جانب معين منها وأغفل الجوانب الأخرى في حين نجد الجمعية العالمية لطرق الوقاية من الإعاقة البصرية قامت بحصر هذه الأعراض في قائمة من أجل أخذها بعين الاعتبار وتتمثل هذه الأعراض فيما يلي:
- “الأعراض السلوكية: يفرك عينه باستمرار، يغمض إحدى عينيه، يقرب كثيرا من الشيء عند النظر إليه، لديه صعوبة في القراءة أو في عمل يتطلب النظر عن قرب، يرمش عينيه أكثر من المعدل الطبيعي، يطبق جفونه أو يبعدهما عن بعضهما، تغطية إحدى العينين عند القراءة أو رؤية الأشياء القريبة أو البعيدة.
- الأعراض الظاهرية: انتفاخ الجفون والتهاب الجفون، احمرار العينين، الحول، الإحساس بتنميل في العين باستمرار.
- الأعراض عن طريق الشكوى: حكة في العين و الشعور بالألم، حرقة في العين، الشعور بجرح في العين، الصداع بعد إنجاز عمل يتطلب جهدا عن قرب أو الغثيان، الدوخة عند القراءة أو الكتابة، شعور بوجود شيء خشن أو رمل في العين.”[10]
بالإضافة إلى ذلك نجد” ازدواجية في الرؤيا أو غشاوة الرؤية، تفضيل الواجبات والأنشطة التي لا تتطلب التعامل مع العين مثل الاستماع، عدم الاهتمام بالأنشطة البصرية مثل النظر أو القراءة، كثرة التعرض للسقوط أو الاصطدام، الخلط بين الأشياء والحروف والأرقام المتشابهة”[11].
- خصائص المعاقين بصرياً: نظرا للاختلافات في درجة الإعاقة البصرية وفي أنواعها وأسبابها وفي الظروف البيئية المحيطة بالمعاق بصريا مثل الاتجاهات الأسرية والاجتماعية طبيعة الخدمات التربوية والتأهيلية والنفسية التي تقدم للمعاق.
ومن الصعب أن نحدد خصائص معينة يمكن أن تنطبق على جميع المعاقين بصريا وذلك لأنهم ليسوا مجموعة متجانسة ولكن العديد من الدراسات التي تناولت هذه الفئة من المعاقين قد ألقت الضوء على بعض الخصائص وهي كما يلي:
- “الخصائص الأكاديمية: بطء معدل سرعة القراءة سواء بالنسبة للبرابل، أو الكتابة العادية، أخطاء في القراءة الجهرية، انخفاض مستوى التحصيل الدراسي”[12].
ويلاحظ أن هذه السمات لا توجد عند كل المعاقين بصريا فهناك العباقرة منهم والذين حصلوا على أعلى الدرجات العلمية كالماجستير والدكتوراه والذين شغلوا وظائف مرموقة كالأستاذية في الجامعات والمناصب الوزارية ومنهم من يقرض الشعر، ومن يؤلف الكتب، وحتى منهم من يحقق البطولات الرياضية العالمية والتاريخ حافل بهذه البطولات.
- الخصائص العقلية:” أشارت بعض الدراسات المقارنة بين الطلاب المعاقين بصريا إلى أن العديد من المعاقين بصريا يكون أداؤهم في اختبارات الذكاء حسنا نسبيا، و أكدت بعض الدراسات أن ذكاء المعاقين بصريا أقل من ذكاء أقرانهم المبصرين، وقد يكون السبب في هذه النتائج راجعا إلى صعوبة قياس ذكاء المعاقين بصريا حيث أن معظم الاختبارات والمقاييس التي تستخدم لقياس الذكاء تتعامل مع فقرات تحتاج إلى قدرة بصرية”[13].
- الخصائص الاجتماعية والانفعالية أو النفسية: لقد أجريت العديد من الدراسات والبحوث حول الخصائص الاجتماعية والانفعالية وأن السبب في هذه المشاكل الاجتماعية والانفعالية هو القصور البصري من ناحية وردود أفعال الآخرين من ناحية أخرى. و من أهم الخصائص التي تميز المعاقين بصريا ما يلي:
السلوك العُصَابي، التبعية، الانطواء والانبساط، الغضب
د- الخصائص اللغوية: غياب البصر لا يعتبر حاجزا كبيرا أمام نمو اللغة والكلام، ولكن على الرغم من ذلك لا يستطيع فاقد البصر متابعة الإيماءات و الإشارات التي يستخدمها المبصرون.
ومن أهم أنواع اضطرابات اللغة والكلام التي يعاني منها بعض المعاقين بصرياً والتي أجمعت عليها معظم الدراسات والبحوث ما يلي: “الاستبدال، العلو، النبرة، القصور بالإيماءات والتعبيرات الوجهية والجسمية.”[14]
وكذا القصور باتصال العين مع المتحدث، اللفظية، قصور في التعبير.
ثانياً/ ماهية الاجتماعية للمعاقين بصرياً
- التأهيل الاجتماعي للمعاقين بصرياً:
تعريف التأهيل الاجتماعي: يعرف بعدة تعريفات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
أنه “عبارة عن مجموعة من الخدمات تهدف إلى مساعدة الفرد على التكيف والتفاعل بشكل ايجابي مع المجتمع”[15].
أيضا هو”عبارة عن عملية التنشئة الاجتماعية للمعوق الذي يعاني من ازدواجية الإعاقة وشدتها بحيث لا يمكنه الاستفادة من التأهيل المهني ومزاولة العمل”[16].
كما يعرف بأنه “إعادة تكيف المعوق مع المجتمع الذي يعيش فيه عن طريق تسهيل الوسائل التي تساعده على الانخراط في المجتمع وإعطاؤه الثقة ومساعدة المعوق على حل مشاكله الفردية الناتجة عن الإعاقة والعمل على إيجاد التوافق بين المعوق وأسرته ومساعدته في تكوين العلاقات وتسهيل تقبل المجتمع له والتعامل معه على أنه فرد طبيعي يؤدي دورا معينا في الحياة”[17].
كما يقصد به كذلك”عملية الإعداد والتوجيه والتدريب والتشغيل والمتابعة المستمرة المترابطة التي تؤدي إلى تقديم خدمات مهنية مما يهيئ للمعوق فرصة الحصول على عمل مناسب والاستقرار فيه”[18].
ومن خلال ذلك نستشف أن مصطلح التأهيل الاجتماعي يقصد به الاهتمام بالفرد المعاق بصفة عامة بحيث يتم إعداده من جميع الجوانب الاجتماعية مما يسهل اندماجه في مجال العمل.
أما الهدف من عملية التأهيل الاجتماعي للمعاقين يكمن في محاولة استغلال كل طاقاته وقدراته وإمكانياته ومن ثمة تحويله من قوى معطلة إلى قوى فعالة من خلال إدماجه في ميدان العمل بحيث يتناسب مع مؤهلاته وقدراته وبالتالي تتوفر له فرصة الكسب والاستقرار ومن ثمة تزداد القوة الإنتاجية في المجتمع، لأنه إذا لم تكثف هذه الجهود سوف يؤدي هذا إلى انحراف الكثيرين منهم وذلك نتيجة الخوف والقلق من طرف الفئات العاملة بسبب انتشار المعوقين في المجتمع دون رعاية أو توجيه.
لهذا نجد الحركة الديمقراطية نادت بتكافؤ الفرص والمساواة بين الأفراد بغض النظر على جنسهم ولونهم …إلخ فالكل سواسية، فالمكفوفين على وجه الخصوص يعتبرون أعضاء أو جزء من النسق الاجتماعي الأكبر وهو المجتمع ومن ثمة فعليهم واجبات ولهم حقوق يتمتعون بها وهذا ما أشارت إليه البحوث والدراسات الخاصة بهذا المجال ومن بينها:
- “أن الكفيف كمواطن له كامل الحقوق التي لغيره من المواطنين.
- أن الكفيف قادر على أن ينتج وأن يساهم مع الآخرين إذا ما كيف وشجّع ووجّه.
- أن المجتمع يعتبر مسؤولاً عن تكيفه وتوجيهه ليس من جانب الشفقة بل واجب عليه.
- أن الهدف من أي نوع من الخدمات التي تقدم للكفيف هو تمكينه من الاستغلال والاعتماد على النفس.”[19]
كذلك نجد أن رعاية المعوقين هي “واجب أخلاقي وإنساني تفرضه القيم الدينية والإنسانية المختلفة وواجب تفرضه طبيعة التكافل الاجتماعي وحق الفرد على المجتمع”[20] وهذا من بين المبادئ التي تفرض الخدمة الاجتماعية، وعليه فالخدمات التي يعمل المجتمع على توفيرها من خلال برنامج رعاية المكفوفين تتمثل في “توفير الفحص والعلاج الطبي في العمليات الجراحية وتوفير العدسات والنظرات اللازمة لفقد البصر والتي تقدم لهم بالمجان في حالة عدم القدرة على دفع نفقاتها وكذلك الاستشارة في المشكلات المتصلة بفقدان البصر والتوجيه المهني والتدريب المهني والتشغيل”[21]كل هذا من أجل ضمان استقلالية لذوي الاحتياجات الخاصة.
وعليه” فدور الخدمة الاجتماعية اتجاه هذا الكفيف الذي يعاني من ضغوط ذاتية أو نفسية وضغوط بيئية سواء كانت مادية أو اجتماعية، ولتخفيف أثر هذه الضغوط نستطيع اللجوء إلى طرق الخدمة الاجتماعية الثلاث التي تلعب دورا رئيسيا في تحقيق التكييف الاجتماعي للكفيف”[22].
- طريقة خدمة الفرد: وذلك من خلال ما يلي:
- “الإعداد الاجتماعي للكفيف وهو الأساس الذي ينبني عليه دراسة وتشخيص وعلاج مشكلاته.
- مساعدة الكفيف في تقبل إعاقته دون تهوين أو تهويل ومساعدته على التكيف مع الظروف البيئية.
- الاهتمام باكتشاف الحالات التي تحتاج لرعاية في مرحلة مبكرة حتى لا تتفاقم مشكلاتها.
- المساعدة في تقديم الخدمات التشغيلية كتوظيف الكفيف في المصانع وتتبع حالته حتى يستقر في حياته الاجتماعية الجديدة”[23].
- طريقة خدمة الجماعة: إن العضو الكفيف يستطيع أن يكتسب العديد من المهارات والخبرات من خلال أنشطة الجماعة ومن أمثلة ذلك نجد التدريب على القيادة والتبعية وتحمل المسؤولية والنظام واحترام الملكية الجماعية والتعاون والتنافس البناء.
- طريقة تنظيم المجتمع: حيث يتم تعريف المواطنين بأهمية رعاية هؤلاء المكفوفين ومشكلاتهم وطرق الوقاية من الإصابة بالإعاقة وإجراء البحوث العلمية لتحديد برامج الرعاية وكل هذا يساهم في تحقيق التكيّف بين الكفيف والمجتمع.
إذن فعملية التأهيل الاجتماعي للمعوقين تعد بمثابة عملية ديناميكية متخصصة تتضافر فيها جهود الأخصائي الاجتماعي وأخصائي العلاج الطبيعي والأخصائي النفسي والمهني بصورة متكاملة يعملون بروح الفريق الواحد حيث الفرد المعاق هو محور العمل، كما أنه لا يتوقف عند حدود المعاق بل يتجاوز ذلك إلى مساعدة أسرهم سواء من الناحية المادية أو المعنوية ومحاولة تغيير وجهة نظرهم نحو الإعاقة، بالإضافة إلى ذلك أنها تعمل على تقديم مساعدات مالية خاصة إذا كان الفرد المعاق معيلاً لأسرة وفقد عمله أو أصبح عاجزاً بسبب الإعاقة.
وبالتالي يمكن القول “أن التأهيل الاجتماعي هو برنامج لإعادة تأهيل الأفراد ومساعدتهم على تنظيم حياتهم واستغلال القدرات والجوانب الايجابية في سلوكهم واستعداداتهم للاندماج والتكيّف والعمل في البيئة الاجتماعية “[24]
- نظرة المجتمع للمعاقين بصريا: قبل الحديث عن نظرة المجتمع للمعاق بصريا سوف نتحدث عن الدور المنوط به أي المجتمع اتجاههم حيث نجد له دورا مهما فهو أيضا يتحمل جزءا من المسؤولية باعتبار أن الأفراد المعاقين بصريا جزءا من النسق الأكبر وهو المجتمع بحيث يتم إتاحة لهم فرص متكافئة ومن ثمة يمكن الوصول بهم إلى درجة استثمار قدراتهم وإمكاناتهم لزيادة الإنتاج وتتمثل واجبات المجتمع نحو الفرد المعاق في تقديم كافة المساعدات لهم وذلك من خلال:
- “الوقاية الصحية الشاملة.
- توفير الخدمات الاجتماعية.
- توفير كافة الخدمات المهنية.
- توفير الإمكانيات والأجهزة والأدوات.
- الاعتراف بذوي الاحتياجات الخاصة كمواطنين.
- إتاحة فرصة التعليم وإنشاء مدارس خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة.
- متابعة كل تطور مستحدث في مجال المعاقون”.[25]
لكن رغم ذلك نجد أن معظم المجتمعات تقريبا تنظر إلى المعاق نظرة دونية على أنه “قوة معطلة وذلك منذ أقدم العصور وأنهم عالة على المجتمع ويستنفذون طاقاته دون وجه حق”[26]على خلاف اليوم حيث تغيرت تلك الأفكار إلى درجة ما، وحل محلها الاهتمام إلى حدّ ما بالمعاقين والعمل على ضمان حقوقهم.
كما أن أحياناً هذه النظرة أي نظرة المجتمع وردود فعله نحوالمعاق “تزيد من تعويقه فالسخرية والاستهزاء والنظرة السلبية وعدم احترام كرامة المعاق وإهمال دوره واحتقاره كلها عوامل تزيد من اغتراب الفرد المعاق عن النسق الاجتماعي الذي يعيش فيه”[27]ومن ثمة نجد أن هذه النظرة تؤثر على المعاق بصريا ذاته ثم أسرته مما يؤدي به أحيانا إلى العزلة.
وبالتالي نستنتج أن الإعاقة ليست مشكلة أحياناً في نظر المعاق ولكن المجتمع هو الذي يعتبر معيقاً.
- طبيعة التفاعل الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية للمعاقين بصريا: إن العامل المعاق بصريا في أي مؤسسة مهما كانت نجده مضطر لعملية التفاعل الاجتماعي وكذا تكوين علاقات سواء مع المدير أو مع الزملاء وهكذا نجد أن القدرة على التكييف الاجتماعي تعتبر “قدرة مرهونة بمواقف الآخرين واتجاهات أفراد المجتمع الذي يعيش فيه الشخص المعاق بصرياً”[28]، بالإضافة إلى ذلك نجد الشخص الذي يفقد بصره خلال حياته أي إعاقة طارئة يميل إلى المعاناة من حيث صعوبة التوافق والتكييف والتفاعل مع الآخرين بشكل أكثر من الشخص الذي يولد معاقا بصرياً وبالتالي عملية التفاعل الاجتماعي تعتبر أمر ضروري سوء في بيئة العمل أو خارجها إلا أن المعاق بصريا نجده يحتاج إلى وقت أطول لربط الكلمة بالمعنى ونظرا لوجود القدرة السمعية لدى هذه الفئة فإن القدرات اللغوية لا تتأثر بشكل كبير، ويتصف بعض المعاقين بصريا بوجود بعض المشكلات في استعمال الضمائر، ومشكلات في استعمال الإيماءات والإشارات غير اللفظية وقلة الوعي الخاص لتكيف الكلام وتؤدي عدم القدرة على الإبصار إلى محدودية الأنشطة والاختلاطات والتفاعلات الاجتماعية”[29]، ويتضح أكثر في علاقات اجتماعية داخل ميدان العمل سواء كانت مع المسؤولين أي المدير والمشرف المباشر أو مع زملاء العمل لأن مهارات التواصل تقوم على عمليتين هما الإرسال والاستقبال بحيث ترتبط العملية الأولى أي الإرسال بالقدرة على التعبير عما يدور داخل الفرد.
أما العملية الثانية فترتبط بالقدرة على فهم المعلومات التي يحصل عليها الفرد، وبالتالي فنقص في حاسة البصر أو فقدانه يؤثر على طبيعة المعلومات التي تأتي عن طريق هذه الحاسة، كما نجد تباين شديد في طبيعة الإعاقة البصرية، وهذا ناتج عن “درجة الإعاقة أو زمن الإعاقة وتباين في درجة ونوعية المعلومات والخبرات التي يكتسبها المعاق بصريا والتي تؤثر بدورها على مهارات التواصل”[30] بالإضافة إلى ذلك نجد عوامل أخرى من شأنها أن تؤثر على عملية التواصل وهي قوة الحواس المتبقية لدى هذا الفرد، الخبرات السابقة، درجة الذكاء، طبيعة الخدمات التي تقدم للمعاقين بصريا…الخ.
ومن ثمة فمن الصعوبات التي يواجهها المعاقين بصريا هي صعوبة عملية التفاعل الاجتماعي ويعود السبب إلى غياب ونقص المعلومات البصرية التي لها دور مهم في تكوين السلوك الاجتماعي، ومن ثمة فالطفل الذي تكون لديه إعاقة وراثية أي منذ ولادته يتأثر بغياب البصر بينه وبين أمه لأن طبيعة هذه الاستجابة تختلف بين الطفل المعاق بصريا والطفل المبصر، فهنا الطفل يعجز عن رؤية أمه ومن ثمة لا يستطيع تقليدها وعليه فالفرد المعاق بصريا عندما “يغضب أو يفرح أو يندهش فإن ملامح وجهه قد لا تدل على ذلك وهذا يؤدي إلى ضعف الاتصال مع الآخرين المبصرين”[31].
وبالتالي فعملية الاتصال تؤثر على العلاقات الاجتماعية للعمل باعتبار أن المعاقين بصريا وخاصة المكفوفين يعانون من صعوبات في عمليتي التفاعل الاجتماعي واكتساب المهارات الاجتماعية، ويرجع ذلك إلى غياب أو نقص المعلومات البصرية التي تلعب دورا في كبير في تكوين السلوك الاجتماعي الذي يتم من خلال التقليد والمحاكاة.
لهذا فقد يواجه المعاقون بصرياً صعوبة في عملية التفاعل الاجتماعي، مما قد ينعكس على طبيعة العلاقات الاجتماعية.
- أهميــة عمـل المعاقين بصريا: إن مفهوم العمل يعتبر وسيلة لإشباع الحاجيات النفسية والاجتماعية وبالتالي فالحاجات المادية لا تعتبر الحافز الإنساني الذي يدفع الفرد للعمل، وإنما هناك حوافز أخرى تنبع من طبيعة المجتمع نفسه، كما أن الفرد لا يعمل من أجل إشباع حاجاته الشخصية فقط وإنما هناك حوافز غير مادية كثيرة ترتبط بالبناء الاجتماعي الذي يعيش فيه الفرد وقيمه.
أما فبما يخص ذوي الاحتياجات الخاصة وبالأخص فئة المعاقين بصرياً فهو يمثل قمة العملية التأهيلية وذلك من حيث:
- “تحقيق الذات وما سيتبعه من أثار إيجابية اجتماعية ونفسية.
- كسب دخل يضمن حد معين من الطمأنينة ويؤمن مستوى معين في الحياة.
- المساهمة في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية وبناء الاقتصاد الوطني.
- المساهمة في عملية الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للمعوقين في جميع الأنشطة الحياتية.”[32]
كما كشفت البحوث النفسية والاجتماعية “بأن الشخص العاطل عن العمل تتضاءل نظرته لنفسه، ويرى حياته عبئا لا طائل من ورائه، ومجرد وجود لا قيمة له ولا أهداف أمامه، كما أنه يفقد أمنه وثقته بنفسه وسرعان ما ينعكس ذلك على سلوكه ومشاعره نحو الآخرين، فهم في نظره قد أهملوه إن لم يكونوا قد كرهوه وعادوه وقد يؤدي ذلك إلى عدوان نحوهم أو الهروب منهم للانزواء عنهم وأحياناً يلجأ إلى الانحراف أو الإدمان لعله يجد في ذلك مخرجاً من الضغوط والتوتر الذي يمر فيه وقد يلجأ إلى الهروب من الحياة كلياً معبراً عن تعاسته وبأسه”[33]، كما نجد في هذا الصدد أولئك الذين كانوا يتمتعون بحاسة البصر ثم فقدوها إثر حادث ما، ونتيجة لهذا نجد بعض المعارضة من طرفهم إلى العودة إلى العمل، وذلك خشية أنهم إذا فعلوا ذلك فقد يكون لذلك آثار سلبية على مطالبهم بالحصول على تعويضات أو إعانات عن الإصابة”[34].
ومن ثمة فإن العمل بالنسبة للمعاق يساعده في تحقيق ذاته ونموه النفسي والاجتماعي السليم وكسب دخل يضمن له مستوى معين من المعيشة والمساهمة في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية لبلده إضافة لذلك فهو يعمل على إدماجه في مختلف مناحي الحياة.
ومن خلال الدراسة التي أقيمت حول الجامعيون المكفوفين يرون أن العمل مهم جدا فهو يحقق لها الأهداف الآتية: “الحصول على راتب يمثل دخلاً مادياً للفرد كما يسمح بالاتكال على الذات وتحقيق الذات بالإضافة إلى تأمين حاجات شخصية وأساسية وإقامة علاقات مع الآخرين أي المكان الوحيد للخروج من المنزل ولقاء أشخاص جدد أو التعرف على أشخاص مبصرين وإقامة معارف وصداقات جديدة والانفتاح على العالم والابتعاد عن هموم الإعاقة ومشاكلها”[35]
كما “أن عملية الدمج الاجتماعي لا تتحقق إلاّ من خلال دمج مهني كي يقبل الفرد في قالب المجتمع، فيتوجب عليه قبل كل شيء حمل بطاقة عامل، إذ يسهم في إعطاء هوية الفرد وتحديدها، إذن بالعمل يصبح لديه مركز ومكانة اجتماعية يتعرف عن ذاته من خلال عمله”[36].
ومن خلال ذلك يتضح أن العمل ضروري بالنسبة لفئة المعاقين بصريا فهو بالنسبة لهم مصدر الوجود الإنساني، الكرامة، الاستقلال وهو الذي يفتح لهم آفاق عدة ويحقق لهم رغباتهم وبالتالي فهو يحقق مكانة اجتماعية وهي الميزة التي يبحث عنها الأسوياء فما بالك فئة المعاقين بصريا.
إن الأفراد المعاقين بصريا في الحقيقة لا يمكنهم العيش باستقلالية والاعتماد على أنفسهم من حيث الدخل والحياة المستقلة إلا إذا وجدوا لأنفسهم مهنة تمكنهم من تغطية ذلك العجز وهو العيش باستقلالية، فمن خلال العمل الذي يحقق لهم الاستقلال والاستقرار ويضعهم في الإطار الاجتماعي المناسب وهو”مصدر لبناء الثقة بالنفس”[37] ومن ثمة فالعمل بالنسبة للمعاقين هو ضرورة اقتصادية، فالحصول على راتب يساعد على تحقيق حاجاته الأساسية ومن ثم الحصول على استقلالية مالية. وهكذا نجد أن هذه الفئة تواجه مشكلات منها التبعية وذلك من خلال الاعتماد على المبصرين في مساعداتهم في مختلف مناحي الحياة إذ تؤكد الدراسات أن المعاقين بصريا “أكثر تبعيةً واعتماداً على الغير”[38].
وعليه فسمة الاعتمادية التي يواجهها المعاق بصريا تجعل منه شخصا اتكالي إذ أنه أحيانا يؤدي إلى تقدير الذات وذلك من خلال تلبية كل احتياجاته وتحقيق رغباته من جهة، ومن جهة أخرى “يشعر أيضاً بالعمل والتمرد لتبعية الآخرين”[39].
وفي الأخير يمكن القول بأن المعاق بصريا يسعى إلى محاولة الحصول على استقلالية والاعتماد على نفس وكذا مكانة اجتماعية رغم إعاقته.
خاتمة:
من خلال هذه الدراسة السوسيولوجية لذوي الاحتياجات الخاصة المعاقين بصرياً نستشف أنه بعدما كان ينظر للمعاقين نظرة غير إنسانية أي أنهم مخلوقات بشرية ناقصة، وهي عالة على المجتمع؛ تستهلاك دون أن عطاء وكانوا يعدون نفايات بشرية فقد وصلت في بغض الحالات إلى محاولة القضاء عليهم بوسائل مختلفة كالقتل والحرق، لكن بظهور المنظور الأخلاقي عدّ المعوقون مخلوقات تثير الشفقة والعطف الإنساني.
وبذلك استطاعوا هؤلاء المعاقون بصريا أن يرفعوا شعار التحدي ويتعلموا ويتأهلوا ويقتحموا عالم الشغل وبه حصلوا على أجور مكنتهم من تسديد احتياجاتهم بحيث ساهموا في خدمة أسرهم و خدمة المجتمع إلا أن محدودية مجالات العمل و اقتصارها على قطاعات تقليدية تجعل هذه المجالات لا توازي تطلعات العاملين المكفوفين و لذلك نقترح ما يلي:
- توسيع مجال تشغيل المعاقين بصريا و إدراج تخصصات جديدة في مراكز التكوين المهني.
- حصول المعاقين على منصب دائم و أجر مقبول نوعا ما لتلبية احتياجاتهم الخاصة.
قائمة المصادر والمراجع:
- أبو النجا أحمد عز الدين، عمرو حسن أحمد بدران: ذوو الاحتياجات الخاصة الإعاقات الذهنية والحركية والبصرية والسمعية، مكتبة الإيمان المنصورة، ط1 ،2003.
- بطرس حافظ بطرس: إرشاد ذوي الحاجات الخاصة وأسرهم، دار المسيرة، عمان، ط1،2007.
- خير سليمان شواهين، سحر محمد عريفات وآخرون: إستراتيجية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، دار المسيرة، عمان، ط1 ،2001.
- سليمان طعمه الريحاني وآخرون: إرشاد ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم، دار الفكر، عمان، ط1، 2010.
- عبد الرحمان العيسوي: سيكولوجيا الفئات الخاصة دراسة في الموهبة والعجز، دار النهضة العربية، بيروت، ط1، 2009.
- عبد اللطيف محمد عبد الرحمان الجعفري: التوجيه والإرشاد، إدارة التعليم بمحافظة الإحساء، 01/01/2015 23h00 pdf.actory.com
- فوار خالد: التربية العملية للمكفوفين ورعايتهم و تعليمهم، دار المشرق الثقافي، عمان، ط1، 2006.
- كمال كامل الشيخ: سيكولوجية المعاق بصريا تنمية اتجاهات المجتمع نحوالمعاقين بصريا، 2005، gulfkids.com 16/02/2015 22h00
- محمد سيد فهمي: التأهيل المجتمعي لذوي الاحتياجات الخاصة، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، ط1، 2005.
- مروان عبد المجيد إبراهيم: رعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤسسة الوراق، عمان، ط1،2007.
- منى صبحي الحديدي: مقدمة في الإعاقة البصرية، دار الفكر، عمان، ط4، 2011.
- نايف بن عابد الزراع: تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، دار الفكر، الأردن، ط2، 2006.
- إبراهيم عبد الله، جمانة عقيقي: الجامعيون المكفوفون في لبنان واقع الدراسة والعمل، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، ط1،2003.
يوسف ش
[1] بطرس حافظ بطرس : إرشاد ذوي الحاجات الخاصة و أسرهم، دار المسيرة، عمان، ط1،2007 ، ص 217.
[2] فوار خالد: التربية العملية للمكفوفين و رعايتهم و تعليمهم، دار المشرق الثقافي، عمان، ط1، 2006، ص12.
[3] منى صبحي الحديدي: مقدمة في الإعاقة البصرية، دار الفكر، عمان، ط4، 2011، ص 37.
[4] خير سليمان شواهين، سحر محمد عريفات و آخرون، : استراتيجية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، دار المسيرة، عمان، ط1 ،2001 ، ص 180.
[5] أبو النجا أحمد عز الدين، عمرو حسن أحمد بدران: ذوو الاحتياجات الخاصة الإعاقات الذهنية و الحركية والبصرية و السمعية، مكتبة الإيمان المنصورة، ط1 ،2003، ص 202.
[6] أبو النجا أحمد عز الدين، عمرو حسن أحمد بدران، المرجع السابق، ص203.
[7] عبد الرحمان العيسوي: سيكولوجيا الفئات الخاصة دراسة في الموهبة و العجز، دار النهضة العربية، بيروت، ط1، 2009، ص 294.
[8] خير سليمان شواهين، سحر محمد عريفات و آخرون، المرجع السابق ، ص181.
[9] منى صبحي الحديدي، المرجع السابق، ص49.
[10] فواز خالد، مرجع سبق ذكره، ص ص 43 – 44.
[11] نفس المرجع، ص 44.
[12] عبد الرحمان العيسوي، مرجع سبق ذكره ، ص ص 299 – 300.
[13] نفس المرجع، ص 301.
[14] عبد الرحمان العيسوي، مرجع سبق ذكره ، ص305 .
[15] مروان عبد المجيد إبراهيم: رعاية و تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة ، مؤسسة الوراق، عمان، ط1 ،2007 ،ص100.
[16] نايف بن عابد الزراع: تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، دار الفكر، الأردن، ط2، 2006، ص77
[17]نفس المرجع، ص78.
[18] محمد سيد فهمي: التأهيل المجتمعي لذوي الاحتياجات الخاصة، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، ط 1،2005 ص36.
[19] محمد سيد فهمي، نفس المرجع، ص110.
[21] نفس المرجع، ص114.
[23] محمد سيد فهمي، المرجع السابق،ص117.
[24] مروان عبد المجيد إبراهيم، مرجع سبق ذكره، ص102.
[25] أبو النجا أحمد عز الدين، عمروحسين أحمد بدران، مرجع سبق ذكره، ص 34.
[26] عمر عبد الرحيم نصر الله، مرجع سبق ذكره، ص 41.
[27] مروان عبد المجيد إبراهيم، المرجع السابق، ص101.
[28] أبو النجا أحمد عز الدين، عمروحسين أحمد بدران، المرجع السابق، ص 211.
[29] سليمان طعمه الريحاني وآخرون: إرشاد ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم، دار الفكر، عمان، ط1، 2010ص192.
[30] عبد الرحمان العيسوي، مرجع سبق ذكره، ص286.
[31] كمال كامل الشيخ: سيكولوجية المعاق بصريا تنمية اتجاهات المجتمع نحوالمعاقين بصريا، 2005، www.gulfkids.com 16/02/2015 22h00.
[32] يوسف شبلي الزعمط: التأهيل المهني للمعاقين، دار الفكر،عمان، ط2، 2005، ص 90.
[33] مروان عبد المجيد إبراهيم، مرجع سبق ذكره، ص 108- 109.
[34] يوسف شبلي الزعمط، المرجع السابق، ص85.
[35] إبراهيم عبد الله، جمانة عقيقي: الجامعيون المكفوفون في لبنان واقع الدراسة والعمل، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، ط 1،2003، ص 112.
[36] نفس المرجع ، ص09
[37] مروان عبد المجيد إبراهيم، المرجع السابق، ص109.
[38] يوسف شبلي الزعمط، المرجع السابق، ص304.
[39] عبد اللطيف محمد عبد الرحمان الجعفري: التوجيه والإرشاد، إدارة التعليم بمحافظة الإحساء،
01/01/2015 23h00 www.pdf.actory.com