الإقناع بالعواطف في الرحلة الكولونيالية رحلة “إتيان ريشي” إلى المغرب أنموذجا
Persuading Emotions in the Colonial Journey Etienne Ricci’s trip to Morocco is a model
د. عبد العالي قادا ـ جامعة القاضي عياض ـ المغرب،
Abdelali Qada, Researcher-professor (Academic degree: Doctorate in Arabic), Cadi Ayyad University Morocco
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 70 الصفحة 25.
الملخص:
تختص الرحلة الكولونيالية، بوصفها شكلا من أشكال الكتابات الاستشراقية، بوظيفة استخبارية وسياسية تتمثل في توفير معلومات دقيقة عن البلدان المستهدفة بالمد الاستعماري من جهة، وفي إقناع الفاعل السياسي وشعوب الدول الاستعمارية بالتحرك لغزو هذه البلدان.
وتسعى هذه الورقة البحثية إلى إبراز دور العاطفة في تحقيق الإقناع بهذه الدعوى من خلال أخلاق وصفات المتكلم (الإيتوس) وانفعالات المتلقي (الباتوس).
الكلمات المفاتيح: أدب الرحلة -الرحلة الكولونيالية – الإيتوس – الباتوس.
Abstract:
As a form of Orientalist writing, the Colonial journey serves a political function concernedwith providing accurate information about the countries targeted by the colonial period on the one hand, and persuading the political actor and the peoples of colonial states to move to invade them. This paper seeks to highlight the role of emotion in achieving persuasion through the morals, qualities, and emotions of the viewer (ethos and pathos).
Key words: literature journey, colonial journey, ethos, pathos.
مقدمة:حظيت كتب الرحلات باهتمام كبير من لدن الباحثين في العلوم الإنسانية عامة، وفي الدراسات الأدبية بشكل خاص، لكونها مصدرا له أبعاد جغرافية واجتماعية وسياسية وثقافية، وفي الوقت ذاته هي بناء أدبي يصوغ الطريف والغريب والمثير بأسلوب يتراوح بين الوصف والتقرير، والانزياح والغرابة والتخييل… فهي تزاوج بين مضمون يحمل أحوال الشعوب، وثقافاتهم، وأديانهم، ولغاتهم وعاداتهم، وبين شكل أدبي يمتزج فيه الواقع بالخيال، ودقة الوصف بجمال العبارة، وقصدية التأثير في المتلقي إمتاعا وإقناعا. مما أنتج مقاربات متعددة لدراسة وتحليل هذا النوع من الكتابة حسب الخلفية المعرفية والمنهجية للدارس.
وتختص الرحلة الكولونيالية، بوصفها شكلا من أشكال الكتابات الاستشراقية، بوظيفة استخبارية وسياسية تتمثل في توفير معلومات دقيقة عن البلدان المستهدفة بالمد الاستعماري من جهة، وفي إقناع الفاعل السياسي وشعوب الدول الاستعمارية بالتحرك لغزو هذه البلدان. وقد ساهمت الإثارة العاطفية لمتلقي الرحلة إلى جانب الحجج والبراهين والاستدلالات العقلية في تحقيق الإقناع بهذه الدعوى.
فكيف بدت صورة الذات “المدونة” في الرحلة الكولونيالية؟ وماهي الانفعالات التي سعت إلى إثارتها في النفوس المتلقية لخطاب الرحلة؟ وكيف تجلت هذه العناصر في كتاب رحلة في أسرار بلاد المغرب للمستكشف الفرنسي “Etienne Richet” (إتيان ريشي)؟
1-في أدبية الرحلة:
إن الرحلة بالنسبة للمؤرخ والجغرافي وعالم الاجتماع وغيرهم من الباحثين عبارة عن وثيقة تاريخية وجغرافية واجتماعية وسياسية… تفصح عن معلومات ومضامين وقيم، فيبحث فيها المؤرخ عن تاريخ البلدان وأخبارها، ويبحث فيها الجغرافي عن أحوال هذه البلدان وتضاريسها، وينقب فيها السوسيولوجي عن نشأة الظواهر الاجتماعية وتطورها، بينما هي بالنسبة للناقد الأدبي “نص أدبي”، وإن كان عصيا على التجنيس، يملك من المقومات “الأدبية” ما يجعله يحتل موقعا مستحقا في الدراسات الأدبية، لذلك يسعى إلى كشف بناء خطابه، وبنية أسلوبه، ويبحث في أدبيته، ولعل هذا ما جعل النقاد يلحقون به كلمة أدب، فيقولون: أدب الرحلة أو أدب الرحلات.
وإذا كان الأدب يعبر في الغالب عن ذاتية المؤلف ورؤيته الخاصة، فإن هذه الرؤية تتسع في “أدب الرحلة” لتشمل الآخر مكانا وزمانا وهوية مغايرة… إنه صورة للآخر أنتجتها الذات بعيونها وفكرها وهويتها، ولهذا ظل هذا الفن عصيا على التجنيس النهائي، فجوهره التعدد والاختلاف، حسب شخصية الرحالة أو المدون وثقافته وطبيعة رحلته والغاية منها… فالرحالة قد يكون أديبا أو مستكشفا أو عالما أو سوسيولوجيا، ورحلته قد تكون داخل المنظومة الثقافية نفسها وقد تكون انتقالا إلى منظومة ثقافية مغايرة، كما أنها قد تكون استكشافا أو سياحة أو بحثا علميا أو “تجسسا”… إذ قد يمتزج في أهدافه المعلن الصريح بالمضمر الخفي.
ومن ثمة فدراسة “النص الرحلي” تقتضي استحضار سياقاته السياسية والاجتماعية… كما تقتضي التعرف على الذات المنشئة للنص في علاقتها بالموضوع.
إن اختلاف أبعاد ومداخل “النص الرحلي” أدت إلى تعدد مناهج دراسته بين الدراسات التاريخية والدراسات التحليلية[1]، ويفسر هذا التعدد والاختلاف بتعدد الحقول المعرفية للدارسيين، بل وتتعدد مناهج التحليل حتى داخل الحقل الواحد، ففي حقل النقد الأدبي مثلا، ولاعتبارات تتعلق بالخلفية النقدية والمنهجية للباحث، سعى بعض دارسي “النص الرحلي” إلى المقارنة بين أدب الرحلة والأجناس والمعارف المتقاطعة معه، كالسرد والسير والتراجم والتاريخ والجغرافيا… بهدف إبراز فرادته، في حين اختار البعض الآخر محاورة هذا النص باعتباره نصا أدبيا له خصوصيات شكلية ومضمونية، فبحث في أبعاده الفنية وخصائصه الأسلوبية، بينما قربه فريق ثالث من الرواية فجعل تقنيات السرد أساسا للبحث في أدبيته. فالرحلة ليست سفرا فحسب، أي ارتحالا ماديا في المكان بل هي” سفر يعاد إنتاجه على مستوى الكتابة، وإعادة المسار سردا ووصفا هو الذي يشكل فن الرحلة”[2] .
2- الرحلة الكولونيالية بين الذاتية والموضوعية:إن الرحلة وإن كانت تقدم تجربة حقيقية معيشة، فهي ليست صورة مطابقة للواقع، بل هي نتاج تفاعل الذات مع هذا الواقع، تفاعل يفرض انتقاء وعدولا، كما يفرض رؤية خاصة للمكان والأحداث والأشخاص… مما يجعل كتب الرحلة في مجملها مغلفة “بالذاتية” مهما بدت واقعية وموضوعية.
وإذا صح هذا الأمر بالنسبة لأدب الرحلة بشكل عام، فإنه يغدو واضحا جليا في الرحلة الكولونيالية، التي اعترف الكثير من أصحابها بأن رحلاتهم كانت مسخرة لخدمة أجندة استعمارية تبرر “إبادة الآخر” و”تشرعن” اغتصاب أرضه، بدعوى خدمة الإنسانية، ونقل الحضارة الأوروبية إلى الشعوب البدائية.
فالرحلة الكولونيالية خاضعة للرؤية الاستشراقية التي “تكرر القول بالتفوق الغربي على التخلف الشرقي”[3]، والتي تجعل كل من يفكر بالكتابة عن الشرق يلتزم “بالقيود التي يفرضها الاستشراق على الفكر والعمل”[4]. فالرحالة يتحدث عن الشرق “باعتباره أوربيا أو أمريكيا أولا، وباعتباره فردا ثانيا، وكونه أوربيا أو أمريكيا في مثل هذا الموقف لا يمكن أن يكون حقيقة “خامدة”، وإذا كانت هذه الحقيقة تعني ولا تزال أنه على وعي ما، مهما يكن غائما، بأنه ينتمي إلى دولة ذات مصالح محددة في الشرق”[5]. لذلك فهو “يجعل الشرق يتكلم ويصف الشرق ويشرح أسراره الغامضة للغرب ومن أجل الغرب”[6]، مما يؤكد تسخير الرحلات الغربية إلى البلاد الإسلامية لخدمة الاستعمار، فهي إنتاج استشراقي وفر قاعدة بيانات ومعلومات استخبارية هائلة سهلت غزو البلدان العربية والإسلامية ولاسيما في الشمال الإفريقي[7]. كما ساهمت في إقناع النخب السياسية الغربية، وكذا الشعوب الغربية بضرورة الإسراع إلى احتلال هذه البلدان، خاصة إذا علمنا التنافس الحاد بين الدول الغربية على من يظفر بهذا البلد العربي أو ذاك.
ولعل هذا الحضور البارز للذاتية والبعد الإقناعي في هذا النوع من النصوص، هو ما يبرر، لنا نحن، مقاربة الرحلة الكولونيالية الفرنسية مقاربة حجاجية، باعتبارها خطابا موجها إلى النخبة السياسية الفرنسية بالدرجة الأولى، ثم إلى كل الشعب الفرنسي، بدعوى مخصوصة وهي ضرورة التحرك لاستعمار المغرب، معتمدا نسقا متكاملا من الحجج يخاطب العقل أحيانا ويخاطب العواطف في أحايين كثيرة. وسنسعى فيما يلي إلى الكشف عن دينامية اشتغال الإيتوس والباتوس داخل هذا النسق في نموذج لرحلة كولونيالية، هي رحلة إتيان ريشي (1973-1929) في المغرب[8].
3-الإيتوس أو عندما تصبح صورة الذات حجة:
إن لصورة المتكلم دورا كبيرا في الإقناع، إذ ينبغي أن يكون موضع قبول لدى المتلقي لحظة بث الخطاب وتلقيه، وقد ركزت البلاغة الكلاسيكية على الأخلاق التي ينبغي أن تتوفر في الخطيب/ المتكلم، يقول أرسطو: “ولا بد للخطيب أن يتحلى بثلاث خصال كي يحدث الإقناع، لأنه بصرف النظر عن البراهين فإن الأمور التي تؤدي إلى الاعتقاد ثلاثة هي: اللب والفضيلة والبر”[9]. فاللب والفطنة والذكاء وهي صفات “من يتشاور في الأمر جيدا، ومن يزن الأمور جيدا”[10]، والفضيلة وهي “إعلان عن صراحة لا تهاب العواقب وتعبر عن نفسها مباشرة مطبوعة بأمانة استعراضية”[11]، وصفة البر وحب الخير التي تتجلى “في عدم إثارة السامعين أو صدمهم، بل الظهور بمظهر محبب (بل وظريف) والدخول في تواطؤ مجامل مع مجموع السامعين”[12]؛ كلها أخلاق إذا بدت في الخطيب أسهمت في تحقيق الإقناع. “وإجمالا فعلى الخطيب وهو يتكلم ويعرض مراسيم حججه المنطقية أن يقول أيضا وباستمرار: “اتبعوني قدروني وأحبوني”[13].
وإذا كانت البلاغة الكلاسيكية ركزت على أخلاق الخطيب، وأبرزت دورها في إكساب الخطاب الحجاجي فعالية ونجاعة، فإن البلاغة الجديدة قد أغفلت الإيتوس والباتوس “بدعوى ارتباطهما بالخطاب الشفوي، فبترت بذلك شقا أساسيا في بلاغة الخطاب التي تقوم على أخلاق وصفات الخطيب، وعلى أحوال وانفعالات المتلقي”[14]، وفي أحسن الأحوال أعاد بعض الباحثين الحديث عن الجانب العاطفي والسيكولوجي كما ورد في البلاغة الأرسطية. بينما سيتخذ الإيتوس في تحليل الخطاب شكلا أعمق وأوسع، فأصبح الحديث عن صورة الذات باعتبارها جزءا لا يتجزأ في بنية الخطاب، حيث تجاوز الإيتوس مع مانغونو البرهنة والحجاج إلى المساهمة في بنينة الخطاب، يقول: “إن منظوري يتجاوز بشكل كبير إطار الحجاج إلى ما وراء الإقناع والحجاج”[15]. فالإيتوس من منظور تحليل الخطاب “جزء لا يتجزأ من المشهد التلفظي”[16]، وقد صاغ مانغونو ” Dominique Maingueneau ” أنواع الإيتوس على شكل ثنائيات، فميز بين الإيتوس الخطابي والإيتوس ما قبل الخطابي، وبين الإيتوس المنتج والإيتوس المستهدف، والإيتوس المصرح به والإيتوس المثبت[17].
وبالعودة إلى المتن المدروس تبرز الذات في كتاب إتيان ريشي بشكل مركب، فهي ذات الكاتب نفسه والصورة القبلية التي يحملها أصحاب القرار في فرنسا عنه، والتي سيسعى إلى تكريسها في رحلته، والذات الجماعية التي تتشكل في صورة الأوروبي المتحضر تارة، وتتقلص في لحظات الصراع الأوروبي حول المغرب لتعبر عن صورة الفرنسي المتحضر والقوي والمغامر والمؤهل للاحتلال المغرب.
3-1) الصورة القبلية للذات المرسلة:إتيان ريشي كاتب صحفي ومستكشف ورحالة وديبلوماسي فرنسي ولد سنة 1873، كلفته الحكومة الفرنسية ببعثات ديبلوماسية حساسة في الفيتنام والكونغو ومدغشقر ومصر وموريتانيا ثم المغرب[18]. أي أنه شكل قبل تكليفه بمهمته في المغرب “صورة عن ذاته”، بوصفه خبيرا في استكشاف البلدان؛ مما جعله محل ثقة بالنسبة للسياسي الفرنسي، فقد استدعاه السيد والديك روسو Waldek Rousseau حين عودته من آسيا إلى باريس يوم 20 دجنبر 1901 كما جاء في مقدمة رحلته[19]، حيث يقول: “حين دخلت إلى مجلس لويس السادس عشر، كان رئيس المجلس بمكتبه… طلب مني الجلوس وقال لي…:
لقد قرأت باهتمام التقارير التي أرسلتها لي من أقصى آسيا. رغم بعض الانتقادات غير المبررة وبعض الأخطاء في التفاصيل التي سأنبهك إليها، كشفت لي عن ذكاء وتحرر فكرك.
وبما أنني خجلت من هذا المديح اللامتوقع شكرته، واستأنف:
-هل أنت مستعد للرحيل مجددا؟
رغم المفاجأة التي سببها لي هذا السؤال، أجبت بلا تردد:
- كما تشاء سيدي الرئيس”[20].
إنه حوار يكشف عن ثقة رجل السياسة في ذكاء وخبرة إتيان ريشي، وعن الصورة الإيجابية التي كونها عنه انطلاقا من تقاريره السابقة، بدليل تكليفه برحلة جديدة بعد النجاحات التي حققها، وهذه الصورة ذاتها، أو هذا الإيتوس القبلي بتعبير مانغونو، سيكسب تقارير إتيان ريشي حول المغرب، والمجمعة في رحلته، حجية ومصداقية. فالمتلقي لهذه التقارير يستحضر دائما أنه يتلقى خطابا من مستكشف فرنسي خبير جال بلدانا متعددة، وأنجز تقارير عميقة، ووجه توصيات دقيقة إلى حكومته وشعبه.
3-2)-صورة الكاتب من خلال الرحلة أو “الإيتوس الخطابي”:
انطلق ريشي من إيتوس قبلي داعم ليشكل صورة قوية عن الذات انطلاقا من كلامه، أو إيتوسا خطابيا بتعبير مانغونو، وهي صورة تكسب استنتاجاته في رحلته بل واقتراحاته وتوجيهاته للفرنسيين مصداقية أكبر، فهو المستكشف المغامر الذكي الذي سيقتحم تضاريس المغرب وأحواله في ظروف تاريخية صعبة، وفترة احتدمت فيها الأحداث في المغرب، من أجل خدمة وطنه. يدلل على ذلك:
– رفضه للحرس من عسكر المخزن الذي اقترح عليه، واكتفاؤه بترجمانه أحمد وخادمه موحا رغم التحذيرات، يقول: “هناك من ذوي النية الحسنة من كرر لي… لكي تتحرك بكل حرية داخل المغرب من الضروري أن تتوفر على حرس. وإذا ما جازفت لوحدك فكل المخاطر ممكنة”[21]؛ لكنه لم يبال بهذه التحذيرات؛ يضيف “انطلقت وحيدا، بلا حرس، بمعية أحمد وموحا الذي تقدمنا بأربعة وعشرين ساعة”[22].
– إقدامه على اتباع الطريق التي لم تعد حتى القوافل الكبيرة المجهزة تجرؤ على سلكها، يقول: “ثلاث ساعات من السير كانت كافية لتنقلنا إلى قلب المغرب، داخل بلد ثائر، حيث لم تعد القوافل تود عبوره”[23].
– سعيه إلى لقاء الريسولي “قاطع الطريق ومختطف الأمريكي بيريكاريس وصهره البريطاني فاليري”، فرغم ما تلقاه من تخويف ومن سخرية ممن اقترح عليهم الأمر، يقول: ” مرت أيام، ورغم أني كنت أفكر مرة أخرى في الريسولي، كنت أتجنب الحديث عنه، وكنت أتظاهر، تماما وببساطة، بالتخلي عن مشروعي، عندما أسرجت الخيول في وقت مبكر ذلك الصباح، وأعلمت أحمد بأننا سننطلق إلى قرية ما سأعرفه عليها في الطريق”[24].
-مخاطرته في الدخول إلى مسجد القرويين وقضاء يوم به من الفجر إلى المغرب، وهو يعلم العقوبة التي تنتظره إن كشف أمره، يقول: “لم يسبق أبدا لرومي أن وطئ بحذائه الناعم بلاط القرويين… وإذا ما كشف أمره، سيعدم بلا محاكمة”[25]، ومع ذلك يضيف ساخرا “تنكرت مرتين في قناع مسكين بربري حتى أتمكن من التسلل إلى القرويين، وفقط اليوم… تمكنت من اقتراف جرم تدنيس حرمة المسجد”[26].
-ادعاؤه الإسلام للنجاة من قطاع الطرق، يقول: “على التل، بالقرية، خرجت كلمة من كل الأفواه: الرومي.. الرومي.. أجبتهم مكررا، بلا ملل، شهادة الإسلام: لا إله إلا الله “[27].
إن هذه المواقف تنسج في ذهن المتلقي، شيئا فشيئا، صورة للذات المتكلمة، صورة مستكشف فرنسي لا يعرف الخوف الطريق إلى قلبه، يخوض في المجهول والمخيف من أجل وطنه يغامر بحياته مرات ومرات لينجح في المهمة “المقدسة” التي انتدب إليها، وهي صورة تجعله جديرا بالثقة، وستكون تقاريره بالنسبة للمتلقي الفرنسي حقائق خطتها يد مواطنة ومستكشفة ومغامرة، والتي يلخصها الكاتب في دعوة صريحة إلى استعمار المغرب، فمع “حال الفوضى السائدة في المغرب المعتم… من الضروري أن يحكم هذا البلد من قبل شعب متحضر وقوي..”[28]، ولما كانت دول أوروبية كثيرة تعرب عن رغبتها في القيام بهذا الدور، فإن الكاتب يحسم الأمر؛ ففرنسا “هي المؤهلة طبيعيا للاطلاع بذلك، بحكم حدودها المتاخمة له وأيضا بحكم حقوقها التاريخية”[29].
4-الباتوس أو عندما تغدو الإثارة العاطفية حجة:
لما كانت الغاية من كل خطاب حجاجي هي إقناع المخاطب والتأثير فيه، كان من الضروري أن يحظى المتلقي باهتمام الدراسات الحجاجية القديمة والحديثة، فقد جعل أرسطو انفعالات الخطيب “مقدمات استدلالية وسبيلا من سبل الإقناع والتأثير أو الإقناع بالتأثير”[30]. ويقصد بالانفعالات “كل التغيرات التي تجعل الناس يغيرون رأيهم فيما يتعلق بأحكامهم… وكل واحد منها يجب أن ينقسم إلى ثلاثة أقسام، مثلا بالنسبة إلى الغضب: الحالة النفسية التي تجعل الناس غاضبين، والأشخاص الذين يغضب عليهم عادة، والظروف التي ينشأ عنها الغضب”[31]؛ فالذات التي نخاطبها تحركها معارف وأهواء وانفعالات “وكلما تمكنا من معرفتها أو معرفة بعضها على الأقل كانت لنا القدرة على الحجاج الجيد”[32]. ووعيا من أرسطو بصعوبة التكهن بانفعالات الآخرين والتحكم فيها فإنه “لم يتبنها إلا من منظور فن الخطابة techné، أي بوصفها مقدمات لترابطات استدلالية، لذا يميزها بفعل esto(ليكن..) الذي يسبق وصف كل انفعال، وهو الفعل المميز “للاحتمال العرفي”. يتحدد كل انفعال بهيئته الخارجية (المعطيات العامة المساعدة على ظهوره) وبموضوعه (اتجاه من ننفعل) وبالظروف المثيرة (البلورة)…”[33]، أي أن المتكلم لا يهدف إلى البحث في الانفعالات الحقيقية للمتلقي، بل إن هدفه هو آراء العامة والجمهور حول هذه الانفعالات، فهو من خلال التحكم في القول وتوجيهه يدفع المتلقي إلى انفعال معين، يقوده من خلاله إلى تقبل موضوع معين أو اتخاذ موقف، أو القيام بسلوكه أو تركه، فبالقول “يبني الخطيب بحسب ما يريد إحداثه من رد فعل نمطا من أنماط الانفعالات النفسية والاجتماعية، ويستدرج السامعين للحلول فيه، وبذلك يضع حيادهم بين قوسين إن كانوا محايدين، ويجعلهم بحكم ذلك النمط الانفعالي في علاقة معلومة بالموضوع المقول فيه ويوجه رد فعلهم بل يكاد أحيانا يتحكم فيه”[34].
وقد بنيت الإثارة العاطفية في رحلة إتيان ريشي على ثنائية الإنسان والأرض، فبالقدر الذي سعى فيه الكاتب إلى إظهار الآخر/ الإنسان المغربي في صورة قبيحة منفرة تحرك الكره في نفس المتلقي وفي أحسن الأحوال تثير الشفقة. سعى في الوقت ذاته إلى إبراز جمال المغرب وغناه، وبالغ في إظهار مقدراته، وهي صورة تغري المتلقي/ الفرنسي بالإقدام على احتلال هذا البلد الغني والجميل، إنها إثارة مركبة كره الإنسان لأن مواجهته حتمية للاستيلاء على أرضه، مع قليل من الشفقة تجعل لهذا الاستيلاء هدفا نبيلا وهو “تمدين” هذا الكائن البدائي والمتخلف… ولما كانت هذه المواجهة تحتاج محفزا يأتي الإغراء بأرض فاقت بمقدراتها الجزائر وتونس وليبيا “فهو يمتاز على الجزائر وتونس وليبيا بكونه يتوفر على واجهتين بحريتين، وله موانئ على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وينعم أيضا بامتياز آخر هو أنه نظرا لامتلاكه لكتل الأطلس الأكثر ارتفاعا يتوفر على مياه جارية كثيرة، كما أن عددا من أنهاره لا تجف أبدا… وجباله غنية بالمعادن”[35]، وفاقت بجمالها وسحرها سويسرا التي “خلقت لكي تصنع متعة الشخص ذي الذوق التافه والمبتذل لا الفنان الحقيقي”[36]، بينما “في أوتاد (جبال) الأطلس تلك لا يخشى أن يحبط نظر الفنان (كما يحصل مع جبال أوربا) هنا، الكل في انسجام، الكل كبير، الكل حقيقي”[37]…
وقد أجمل ريشي هذه الثنائية التي يسعى إلى ترسيخها في ذهن الفرنسيين في صورة مدهشة “فمثل هذه المشاهد الإفريقية التي أغدقت عليها صدفة مدهشة كل هذه النعم، تجعلك دون إرادة منك تفكر في تلك البحيرات الصافية ذات المياه الزرقاء حيث تسترخي التماسيح”[38]، فهنا يبدو المغرب بحيرة زرقاء صافية تغري بالغوص فيها، لكن يحول دون هذه المتعة المغاربة / التماسيح المتوحشون.
4-1)- الآخر المتوحش سبيلا لإثارة النفور والشفقة:
إذا كان مفهوم الآخر قد برز في الحياة الفكرية منذ القرن 19 مع الفلسفة الهيغلية، التي جعلت الوعي بالذات يمر بالضرورة عن طريق الوعي بالآخر، فإن هذه العلاقة الجدلية لا تحكم الأفراد فقط بل تتعداهم إلى العلاقات بين البلدان والمجتمعات، فالغرب يبني نظرة دونية حيال الشعوب الشرقية وثقافاتها وعاداتها وتقاليدها ولغاتها ودياناتها… نظرة خاضعة لأحكام مسبقة وتفسيرات اختزالية تشكلت عبر قرون، أدت إما إلى نفي الآخر، أو تشويهه ببناء صورة نمطية له، فالشرقي والعربي المسلم خصوصا، عنيف ومتوحش وبدائي وغير متحضر وغارق في الخرافات…، وقد تكرست هذه الصورة في المرحلة الاستعمارية، عندما وظفت بوصفها حجة لتبرير مشروعية هيمنة الغرب على الشرق الغارق في الجهل والتخلف والضعف. وننبه هنا إلى أن الشرق مفهوم مشحون بدلالات سياسية وثقافية، جعلته مفهوما إيديولوجيا أكثر منه جغرافيا، فيصبح شرقيا كل مسلم أو عربي حتى وإن كان قريبا جدا من أوروبا، كما هو الشأن بالنسبة للمغربي. وهكذا نجد إتيان ريشي يصور المغربي الصورة النمطية ذاتها التي نجدها في جل كتابات المستشرقين، فالمغربي خامل كسول يكره التغيير ولا يسعى إليه، فالحياة “بالنسبة للشعوب الأخرى تعني التحول والتغير، أما بالنسبة للعربي فهي الاستمرار على نفس الحال”[39]، والمغاربة غارقون في الرتابة “فعلا لماذا سيستعجلون أمرهم؟ لماذا سينظرون حولهم؟… ماذا لديهم لكي يفعلوه، أو يروه، أو يقولوه؟”[40]؛ بل وتستمر النظرة المتعالية لتساوي بينهم وبين البهائم، يضيف الكاتب واصفا شيخا مغربيا يسوق بهيمته إلى الحقل “أي اختلاف يوجد بين ذهنه محدود الأفق وغريزة البهيمة التي يبذل جهدا في الاعتناء بها؟ هل انتابه في مساره الطويل، من المهد إلى اللحد الذي يقترب منه، فضول ما أو فرح ما خارج المنفعة الآنية؟ هل عرف شعورا أسمى من الأحاسيس الانفعالية للحياة الحيوانية؟ هل من المؤكد أو من المعقول أن له روحا حرة؟”[41].
وهم في أحسن الأحوال متشابهون، يفتقرون إلى “شخصيات فردية، إلى حد يختلط في ذاكرتي بعضهم بالبعض الآخر…”[42]، كما أنهم جامدون جمودا ضاربا في القدم “(فـ)السلالات المسلمة تشبه المومياء المصرية، نادرا ما تتغير لأنها ميتة”[43]. وهكذا يصور الكاتب المغاربة في صورة الموتى، وإذا ما بعث فيهم الحياة فهم إما بخلاء “شحادون وأبناء شحادين… يشكل البخل الذي لا يمل من الشكوى وادعاء البؤس واحدة من تخصصات المغرب الأكثر غرابة”[44]. وإما لصوص وقطاع طرق، فبعد تعرض الكاتب للسرقة، يسجل بارتياح كبير “قبل نومي فكرت في هذا الشعب الذي يمجد السرقة”[45]، وحتى لا يبدو الأمر مجرد فلتة لسان تأثرا بالحادث يضيف بكثير من التفصيل “في المغرب الكل يسرق، الأبناء يسرقون آباءهم، البنات يسرقن أمهاتهن، الزوج يسرق زوجته، والقبائل تسرق بعضها البعض، وحين يراد الشروع في تحقيق، من المستحيل الخروج من هذه السلسلة من الحيل، ومن الأكاذيب التي تتوقف أربع أو خمس مرات في اليوم، أثناء الصلوات بالمسجد”[46].
إنها صورة مركبة من جملة من الأوصاف القدحية التي تصور المغربي في هيئة تحرك في المتلقي، المتشبع بالمركزية الأوروبية وبالنظرة الاستعلائية إلى الآخر المتخلف واللص والبدائي…، انفعال الكره والاشمئزاز، فهذا المخلوق لا يستحق أن يعامل كإنسان ولا يستحق هذه النعم التي وهبت له. وفي أحسن الأحوال يحرك انفعال الشفقة على هذا الكائن المسكين الذي من واجب الإنسان الأوروبي المتحضر أن ينقله إلى الحضارة رغما عنه لأنه، لجهله وتخلفه، لا يدرك مصلحته.
ولتغليب انفعال الكره على انفعال الشفقة، ينقل الكاتب إلى المتلقي الفرنسي نظرة المغربي إلى الآخر باعتباره روميا ومسيحيا أو يهوديا، “فأكبر الشرور التي يعاني منها المغرب هي التعصب الديني، فلا يوجد مكان في الدنيا يولد هذا القدر من الأذى والكراهية، ولا يوجد مكان يحتقر فيه الرومي أكثر، ويجبر فيه اليهودي على حياة أكثر حقارة وإهانة وهشاشة”[47].
4-2)-الأرض الجميلة والغنية وسيلة للإغراء والإغواء:
إن مبالغة الكاتب في خلق صورة نمطية منفرة عن المغربي قد تجعل الفرنسي يفقد أي محفز للقدوم إلى بلد أهلها بدائيون متوحشون، لذلك ستحضر في مقابلها صورة مغرية ومغوية، إنها صورة المكان، الأرض والبحر والسماء والطبيعة التي تفنن الكاتب في وصفها، فبعد أن ميز ريشي بين المغرب والمغاربة، ميز مرة أخرى بين المغرب الدولة والمخزن، والمغرب الأرض، حيث يبدو المغرب الدولة ضعيفا متخلفا مجتاحا “بشكل جماعي من قبل المجرمين والذين يعيتون في الأرض فسادا دون أن تقلقهم أية سلطة”[48]، ودولة ينخرها الفساد فالسلطان “يفتقر إلى قدرات ومهارات القائد الجيد”[49]، ويعتبر خزينة الدولة خزينته الخاصة “منها يغترف ملء يديه للعناية بالحريم والمقربين والأثيرين والمؤسسات الكهنوتية المحلية”[50]، والمخزن “يعادي كل تقدم”[51]، والمغرب “مسلم للفوضى”[52]، فالسلطان “لا يحكم إلا بالاسم أغلب أراضي المملكة..”[53]. وفوق ذلك يسود المملكة الظلم، فالضرائب كثيرة إلى درجة أنه “من الحكمة أن يظهر فيه المرء فقيرا، وإلا لتعرض للنهب وأثقل كاهله بالضرائب”[54]، أما الحرية فهي في المغرب “دائما مؤقتة بالنسبة لرعايا عبد العزيز”[55].
هكذا إذن يبدو المغرب مملكة ضعيفة ينخرها الضعف والظلم والفساد، وهي حجة عقلية تحفز صاحب القرار السياسي في فرنسا بحسم مسألة التدخل وفرض الحماية عليه. لكن وفي المقابل تبدو صورة المغرب الأرض والبحر والجبل والسماء فاتنة مغرية، تثير الأطماع في نفوس المستعمرين، وتستميل أعناقهم ونفوسهم إلى هذا البلد الرائع.
يبدأ التصوير المذهل للمغرب من مرفأ طنجة، حيث “تخترق الغروب سماء محملة بالأمطار ويلهب الخط الأرجواني لرأس سبارطيل.. بعد ذلك يا له من سحر: أبيض، أصفر وأزرق، وتلوح طنجة بمآذنها وقببها وقصبتها وفيلاتها الحديثة”[56]. ثم يرسم ريشي بعد ذلك سماء طنجة بصورة فنية معبرة ومؤثرة “فالساعة الأعذب للسماء الإفريقية تمتلئ بسكينة لا مثيل لها. دفء لا منتهى له، قبة السماء العميقة تكون مثالية في زرقتها والنجوم المضيئة تتلألأ مثل أعين جميلة غارقة في الدموع”[57]. ثم يأخذ المتلقي بعد ذلك في وصف آسر لتطوان “رائعة من المغرب الشمالي، كنت سأتعرف عليها بين مئة مدينة أخرى… اسمها الذي تغنى به الشعراء يرن بانسجام… وهي محاطة ببهاء الجبال والبحر، وهي قريبة وبعيدة، تمتد خلفها أراض غريبة شاسعة، فهي حديثة ومتوحشة، جديدة وقديمة.. تطوان .. لؤلؤة المغرب، المدينة السنية البهية التي سحرت السماء نفسها كما تقول الأسطورة…”[58]، ويتوالى الوصف الذاتي لمدن المغرب وقراه، ولأرضه وسماه… حيث يتفاعل الواصف مع الموصوف، فتبدو الصورة حية وتجربة معيشة، صورة المغرب بعيون أجنبية، تفضل سحره وجماله وروعته على سويسرا الأوروبية، وتسعى جاهدة لنقل عدوى هذا السحر والافتتان إلى بني شعبها حاكمين ومحكومين ليصير هذا الجمال ملكا لهم.
إن إتيان ريشي وهو يصف جمال الطبيعة المغربية، يحاول أن يجعل المتلقي يتماهى معه، وينفعل لانفعاله، ويرى بخياله ما يراه الكاتب بعينيه يقول في أحد المقاطع الوصفية “يأسرنا كبر المشهد، ويبهرنا تألق النباتات… هو بمتابة حفل إسراف للزهور، وفيضان للنسغ، وحتى الأشواك فهي ضخمة باذخة… في بعض الأحيان تبدو لي الطبيعة وكأنها بلا حد ولا نظام ولا ضبط”[59]، إنه جمال لا حد له يدفع الكاتب إلى الصراخ انبهارا، صراخ “يهيج” رغبة المتلقي في الاطلاع على ما اطلع عليه الكاتب ويجعله يصرخ معه قائلا: “ما هذا؟ هذا كثير، أكثر من اللازم، لا حقا هذا كثير.. هذا غير معقول..””[60].
على سبيل الختم:
تلتقي الرحلة الكولونيالية مع أنواع الرحلات الأخرى في كونها سفرا يعاد إنتاجه على مستوى الكتابة، وهذه الإعادة تجعل واقعية الرحلة وموضوعيتها تمتزج بذاتية الكاتب وهويته ورؤيته للعالم. لكنها تختلف عن هذه الرحلات في الحضور الكبير للقصد، وتوجيه الأحداث والأوصاف لخدمة هدف مرسوم مسبقا، ومحددة معالمه بكثير من الوضوح، إنها كتابة استشراقية واعية. وقد كشفت رحلة إتيان ريشي إلى المغرب عن هذه القصدية وعن هذا الوعي، فالرحلة كانت بتكليف صريح من رجل السياسة، وأهدافها المعلنة هي بناء معرفة عميقة عن بلد أصبحت فرنسا تستعجل احتلاله، وتوفير حجج وأدلة وبراهين تقنع الفاعلين السياسيين وكذا الرأي العام الفرنسي بصواب هذا القرار، وقد شكلت الإثارة العاطفية لهؤلاء المتلقين بمختلف مستوياتهم جزءا من هذه الحجج، حجج برزت من خلال صورة الذات القبلية المتمثلة في إتيان ريشي المستكشف الثقة والخبير المجرب… وهي صورة كرسها خطاب الرحلة الذي بدا فيه الكاتب نموذجا للشخصية الفرنسية القوية والمغامرة والمواطنة. كما برزت من خلال الاستهداف العاطفي للمتلقي بإثارة انفعالات الكره الممزوج بالشفقة على الإنسان المغربي من خلال تصويره بدائيا ومتوحشا ولصا بخيلا وكسولا… فضلا عن تحريك “شهوة التملك” بتقديم المغرب الأرض والبحر والفضاء في صورة بهية آسرة.
لائحة المصادر والمراجع:
1-مصدر الدراسة:
– إتيان ريشي: رحلة في أسرار بلاد المغرب، ترجمة بوشعيب الساوري، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2016.
2– مراجع باللغة العربية:
– سعد الله مكي: الأنا والآخر في أدب الرحلة دراسة نقدية مقارنة، أطروحة لنيل درجة دكتوراه في الأدب العربي الحديث، كلية اللغة والأدب العربي والفنون، الجزائر، الموسم الجامعي 2016-2017.
– عبد العالي قادا: بلاغة الإقناع دراسة نظرية وتطبيقية، دار كنوز للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 2016.
– عبد العالي قادا: الحجاج في الخطاب السياسي الرسائل السياسية الأندلسية خلال القرن الهجري الخامس أنموذجا (دراسة تحليلية)، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 2015، ص 171.
– نجيب العقيقي: المستشرقون، دار المعارف، القاهرة، مصر، ط5، 2006، ج3.
– هشام الريفي: الحجاج عند أرسطو ضمن أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية، مؤلف جماعي من منشورات كلية الآداب، منوبة، تحت إشراف حمادي صمود.
3 ـ المراجع المترجة:
– أرسطو طاليس: الخطابة، ترجمة عبد الرحمان بدوي، زكالة المطبوعات الكويت، دار القلم، بيروت، لبنان، 1979.
– إدوارد سعيد: الاستشراق المفاهيم الغربية للشرق، ترجمة محمد عناني، دار بنجوين العالمية ، رؤية للنشر والتوزيع، طبعة 1995 المزيدة.
– بارت رولان: قراءة جديدة للبلاغة القديمة، ترجمة عمر أوكان، إفريقيا الشرق، 1994.
4-مراجع باللغة الأجنبية:
: Etienne Richet, Voyage au Maroc, Ed, Vasseur,1909-
-Dominique Maingueneau ; L’éthos ; de la réthorique a l’analyse du discours « Probleme d’éthos » ; Pratique ; n113-114 ; juin 2002 .
[1] – يمكن تقسيم الدراسات النقدية التي تناولت أدبَ الرحلات إلى مدرستين: تاريخية، وتحليلية. الأولى منهما تغلب عليها منهجية توثيقيةّ، حيث يكون فيها النصيبُ الأوفر مخصصا لتلخيص حياة الرحالة، وأسماء الأماكن التي مروا بها في رحلاتهمّ، وزمن الرحلة ومسارها. أما المدرسة الثانية فتقوم بتحليل نصوص الرحالة وتفكيك خطابها.
[2] – سعد الله مكي: الأنا والآخر في أدب الرحلة دراسة نقدية مقارنة، أطروحة لنيل درجة دكتوراه في الأدب العربي الحديث، كلية اللغة والأدب العربي والفنون، الجزائر، الموسم الجامعي 2016-2017، ص130.
[3] -إدوارد سعيد: الاستشراق المفاهيم الغربية للشرق، ترجمة محمد عناني، دار بنجوين العالمية ، رؤية للنشر والتوزيع، طبعة 1995 المزيدة، ص51
[4] – نفسه ص46.
[5] – نفسه ص57.
[6] -نفسه ص70.
[7] – نجيب العقيقي: المستشرقون، دار المعارف، القاهرة، مصر، ط5، 2006، ج3، ص125
[8] – العنوان الأصلي للرحلة: Etienne Richet, Voyage au Maroc, Ed, Vasseur,1909
وقد ترجمه إلى العربية بوشعيب الساوري تحت عنوان: رحلة في أسرار بلاد المغرب، لإفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2016.
[9] – أرسطو طاليس: الخطابة، ترجمة عبد الرحمان بدوي، زكالة المطبوعات الكويت، دار القلم، بيروت، لبنان، 1979، ص 103.
[10] – بارت رولان: قراءة جديدة للبلاغة القديمة، ترجمة عمر أوكان، إفريقيا الشرق، 1994، ص 135.
[11] – البلاغة القديمة ص135.
[12] – البلاغة القديمة ص135.
[13] – نفسه.
[14] – عبد العالي قادا:الحجاج في الخطاب السياسي الرسائل السياسية الأندلسية خلال القرن الهجري الخامس أنموذجا (دراسة تحليلية)، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 2015، ص 171.
[15]-Dominique Maingueneau ; L’éyhos ; de la réthorique a l’analyse du discours « Probleme d’éthos » ; Pratique ; n113-114 ; juin 2002 ;p7.
[16] -Ibid p 14.
[17] – يتعلق الإيتوس الخطابي بالصورة التي يبنيها المتكلم عن ذاته انطلاقا من خطابه، بينما يتعلق الإيتوس القبلي بصورة قبلية تتشكل لدى المتلقي عن المتكلم قبل بث كلامه. أما الإيتوس المنتج فيتعلق بالصورة التي يهدف الباث إلى تشكيلها لدى مخاطبيه، في حين يتعلق الإيتوس المستهدف بالصورة التي تبنى لدى هؤلاء المخاطبين. أما الإيتوس المصرح به فهو ما يصرح به المتكلم، بين الإيتوس المثبت هو ما يظهر عليه الخطيب.
[18] – إتيان ريشي: رحلة في أسرار بلاد المغرب، ترجمة بوشعيب الساوري، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2016.، صص 25-27 بتصرف.
[19] – نفسه ص41.
[20] – نفسه ص42.
[21] – إتيان ريشي: رحلة في أسرار بلاد المغرب ص 72.
[22] – رحلة في أسرار بلاد المغرب ص73.
[23] – نفسه ص93.
[24] – رحلة في أسرار بلاد المغرب ص92.
[25] – نفسه ص130.
[26] – نفسه ص131.
[27] -نفسه ص94.
[28] – رحلة في أسرار بلاد المغرب ص55
[29] – نفسه ص55.
[30] – عبد العالي قادا: بلاغة الإقناع دراسة نظرية وتطبيقية، دار كنوز للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 2016، ص86.
[31] -الخطابة ترجمة بدوي ص30.
[32] -بلاغة الإقناع ص87.
[33] – البلاغة القديمة ص135/136.
[34] – هشام الريفي: الحجاج عند أرسطو ضمن أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية، مؤلف جماعي من منشورات كلية الآداب، منوبة، تحت إشراف حمادي صمود، ص 146.
[35] – رحلة في أسرار بلاد المغرب ص35.
ولا يخفى ما يحمله هذا القول من استدلال عقلي عبارة عن قياس مضمر يمكن تفصيله كالآتي:
المقدمة الكبرى: كل بلد غني بطبيعته (بحار وجبال وأنهار وسهول…) وبمقدراته (مياه ومعادن..) على فرنسا السعي إلى احتلاله.
المقدمة الصغرى: المغرب بلد يتميز بطبيعة متنوعة وبمقدرات كبيرة.
النتيجة: على فرنسا التحرك لاحتلاله.
لكننا ركزنا على دور القول في تحقيق الإثارة العاطفية، وتحريك الأطماع في النفوس عن طريق الإغراء.
[36] – نفسه ص111.
[37] – رحلة في أسرار بلاد المغرب ص111.
[38] -نفسه ص36.
[39] – رحلة في أسرار بلاد المغرب ص75.
[40] -رحلة في أسرار بلاد المغرب، ص156/157.
[41] -نفسه ص157.
[42] – نفسه ص150.
[43] -نفسه ص90. [44] -نفسه ص106. [45] -نفسه ص79. [46] -نفسه ص80. [47] – رحلة في أسرار بلاد المغرب ص36 [48] – رحلة في بلاد المغرب ص35. [49] – نفسه ص37 [50] -نفسه ص36 . [51] – رحلة في أسرار بلاد المغرب ص35 [52] -نفسه ص58 [53] -نفسه ص58. [54] -نفسه ص36 [55] -نفسه ص101. [56] -نفسه ص51 [57] -نفسه ص74 [58] – رحلة في أسرار بلاد المغرب ص82-83 [59] – رحلة في أسرار بلاد المغرب ص114 [60] -نفسه.