الفحولة الشعرية في العصر العباسي الأول بين المركز والهامش
The poetic virility of the first Abbasid era between the center and the margin
أ.د. عامر صلاّل راهي – م.م. هيلين فاضل عبّاس ، جامعة المثنى /كلية التربية للعلوم الإنسانية، العراق
Aamer Sallal Rahi, Helen Fadel Abbas, AL-Muthanna University, Iraq.
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 69 الصفحة 9.
ملخّص:
رام البحث تقديم قراءة جديدة للنص الشعري العبّاسي الذي شغل المركز في بلاط الخلفاء، والنظر في شروط (الفحل) ضمن القراءة الثقافيّة لذلك العصر، والأسباب التي دعت بعض الشعراء إلى النفي الثقافي، وإعلاء النخبة ضمن جدلية المركز والهامش، التي أوجدتها المؤسسة النقدية لعلماء اللغة الّذين أغفلوا بعضاً من مدونات الشعراء ليركّزوا على بعضها الآخر، فثمّة من ملك مركز الشعر في البلاط العبّاسي، وكان عليه اتباع جملة من الشروط للسير على نهج القدامى من الفحول.
الكلمات المفتاحية: الفحولة، الشعر العباسي، المركز والهامش
Abstract
The research aims to present a new reading of the Abbasid poetic text that occupied the center in the court of the caliphs, and to consider the conditions (stallion) within the cultural reading of that era, and the reasons for the cultural exile of some poets, and the rise of the elite within the dialectic of the center and the margin, created by the monetary institution of the linguists who overlooked some of the poets’ blogs to focus on others, there are some of the king of the poetry center in the Abbasid court, and he had to follow a number of conditions to follow the approach of the ancients manalal.
Keywords: Virility, Abbasid Poetry, Center and Margin
المقدمـــــــة:
الحمدُ لله الذي أفاض علينا بنعمة الإسلام، وبمحمّدٍ(e) نبيٍّ كريمٍ والصَّلاة والسَّلام على خير الأنام أبي القاسم محمّد وعلى آله الميامين الكرام، وصحبه المُنتجبين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
من أبرز المحاور التي تناولها النقد الثقافي بالدراسة والتركيز، المركز والهامش، وما تمخّض عنه من صِدام بين طرفي نقيض، أحدهما قمة سياسيّة واجتماعيّة عليا، والآخر يُراوح في وادي الإقصاء الثقافي، فكان مصيره النفي والإهمال.
من أبرز المحاور التي تناولها النقد الثقافي بالدراسة والتركيز، المركز والهامش، وما تمخّض عنه من صِدام بين طرفي نقيض، أحدهما قمة سياسيّة واجتماعيّة عليا، والآخر يُراوح في وادي الإقصاء الثقافي، فكان مصيره النفي والإهمال.
لقد أخذ موضوع المركز والهامش مساحة واضحة في المقاربات النقديّة المعاصرة بوصفه ظاهرة ثقافيّة ثنائيّة شغلت اهتمام كثير من الاتجاهات الفكريّة، التي انهمكت بهاجس التغيير ومحاولة إعادة اعتبار الهامش كونه هويّة قابلة للرفض والتغيير في اتجاه مغاير للمركز([1]).
استقام البحث على تقديمٍ لماهية مفهومي المركزي والمهمّش، وعرض أهم أشكالهما في العصر العبّاسي الأول، من مركزيّة السلطة وحاضرة بغداد، وما نتج عنها من نفي ثقافي لشعراء الهامش، ومركزية الفحل، وما تضمّنه من لعبة تزييف الخطاب، وصناعة الطاغية، ليتمخّض في خاتمته عن جملة نتائج.
ماهية المركزي والمهمّش:
يمثّل المركزي الثقل الأكبر والأكثر هيمنة في المجتمعات؛ كما يمتاز بفئته القليلة مقارنةً بالمهمّش؛ إذ يُشكّل المركزي النخبة العُليا التي تمتلك سلطة القرار، وسيادة الرأي، وآليات التحكّم في الآخر المهمّش.
ولعلّ أوجز مقاربة حدودية لماهية النزعة المركزيّة: إنَّها ظاهرة ثقافيّة تنظر إلى الآخر بوصفه أدنى وليس مختلفاً([2])، ومن هذا التعالي أصبح المركز هو القوى الغالبة التي قامت بإقصاء الآخر المهمّش ونفيه.
أمّا المهمّش فيكون دوره مضمراً، ونصيبه الإقصاء الثقافي، أو التبعيّة والموالاة للمركز الأقوى، وتهميش دوره سياسيّاً واجتماعياً واقتصاديّاً، ومنعه من امتلاك سلطة القرار؛ إذ يخضع لمعايير المركزي الغالب، فيترسخ في قرارته الإحساس بالهامشية، وتتأرجح ردة فعله بين الرفض والقبول.
ومن هذا المنطلق فأنَّ كل خطاب يصدر عن الآخر الهامش لا بدّ أن يكون احتجاجاً على سلطة المركز، أو عملاً على نقضها بوصفها نمت على حساب فئات التجأت إلى الصمت([3])، فيكون هذا الخطاب مقاومة تسعى إلى إيجاد توازن ثقافي في المجتمعات.
لقد شكّل العصر العباسي عصر التناقضات؛ بين غنى فاحش وفقرٍ مدقع، فهناك طبقة مرفهة تمثّل المركز الذي يعيث في قصور الخليفة مجوناً وفساداً، وهناك طبقات مهمّشة أوجع بعضها الفقر فراحَت تُعبّر عن أوجاعها بالشكوى من الدهر، وظلم الحاكم، وقلّة الناصر، فسلك أربابها طريق الزهد في الدنيا، والرضا بقليلها، وبعضها الآخر رفض القبول بالواقع المعيش وراح يلتمس سبيل المركز في أشكال مختلفة، وفيما يأتي رصدٌ لتمظهرات المركز والهامش في ذلك العصر الذي سار في مسلكين:
- مركزيّة بغداد والنفي الثقافي
لقد كانت الكوفة والبصرة معهدي الثقافة الإسلامية، ودَوحَتي النّثر والشعر في عهد الدولة العبّاسية؛ إذ كان الشعراء يتأدبون فيهما على أيدي العلماء، ويعقدون مجالس المناظرات الشعريّة، لينقد كل منهما الآخر، ويُصحح مساره، ويقوّم أدبه، حتّى تقوى شوكة كلماته، ويزداد رونق شعره، فيذهب إلى بغداد المركز الشعري الأهم حيث الخلفاء والوزراء وعطايا القصور، وهذا ما نراه في شعراء البلاط العبّاسي(شعراء المركز) الذين احتكروا النباهة، واستأثروا الدرجات العُليا، ومنهم الثالوث العبّاسي: بشار وأبو نواس وأبو العتاهية؛ إذ أصبح بشار مركزاً بقدومه من البصرة إلى بغداد، واتصاله بالخلفاء العباسيين([4])، كما أتمَ أبو نواس دراسته في البصرة، وأقام في البادية مدّة عام، ليكتمل أدبه، ويقصد بعدها إلى مركز الخلافة في بغداد، فينال ما ناله من حظوظ المركز([5]) التي نالها أبو العتاهية كذلك حين شدَّ الرحال إلى بغداد([6]).
لقد هيمنت بغداد بوصفها مركزاً عمرانياً هائلاً لا أمل للساعين إلى الشهرة أن يكسبوها خارجه، وبإجماع أجيال النقاد الأولى فمركزية الشهرة الشعرية تُلزم صاحبها أولاً باتخاذ هذه العاصمة سَكَناً له، ومن ثمّ الإقبال على التأقّلم مع جوّ التنافس العنيف والشرس أحياناً بين المركز والهامش، وأن يتّخذ من التزلّف سبيلاً للحياة؛ لضمان حماية المركز، وعطايا سلطته، ومن كان خارج هذه الدائرة فهو من الشعراء المغمورين وإن سكن بغداد([7]).
مثّلت بغداد مركز المُلك لا مركز العلم؛ فما فيها من العلم منقول إليها، ليحطّ في باحات قصور الخلافة؛ إذ استطاعت بغداد المركز أن تهمّش الكوفة والبصرة وسواهما من المدن الأخرى، لتفرض هيمنتها المركزيّة بوصفها حاضرة الدولة، ومدينة الخلفاء، ومطمع الأنظار ومطمحها بالنظر لما تنطوي عليه من مالٍ وجاهٍ وحضارة ومدنيّة([8])، فمَن قدِم إليها أصبح المركز ومن تخلّف عنها فهو هامش كما كان حال ديك الجن(ت235ه) مثلاً، الذي فضّل الإقامة بحمص مسقط رأسه على القدوم إلى مركز السلطة في بغداد([9]).
من الشعراء العباسيين الذين كانوا مصاديقَ للنفي الثقافي، محمد بن حازم الباهليّ([10])؛ إذ أغفل المؤرّخون سنة ولادته ووفاته، ورجّح شاكر العاشور سنة وفاته بين(217-218ه) استنادا إلى مرويات تأريخية ذُكرت عن الباهليّ([11])، وكان له ديوان شعري من سبعين ورقة لم يصل منها سوى نتفٍ قليلة([12])، وعليه فضياع شعره يمكن عدّه لوناً من ألوان النفي الثقافي الذي تعرّض له الشاعر نتيجةً لعدم اتصاله بالخلفاء قطّ، كما أنَّه لم يمدح إلّا المأمون([13]) ولم يبقَ من هذه المُدحة سوى بيتين هما([14]):
(السَّريع)
أَنتَ سَماءٌ، وَأَنا أَرضُهـــــا وَالأَرْضُ قَدْ تَأْمُلُ غَيْــــثَ السَّمـــــا
فازْرَعْ يَدًا عِنْديَ مَحْمودَةً تَحْصُدْ بِها في النّاسِ حُسْنَ الثَّنا
نلحظ أنّ الشاعر ابتدأ مدح المأمون بجملة ثقافيّة([15]) نسقية في قوله: (أنت سماء وأنا أرضها) نستطيع من خلال دلالتها الكشف عن الفعل النسقي لخطاب الباهليّ؛ إذ عمد فيها إلى دلالتين: الأولى دلالة ظاهرة أراد بها إسباغ تشبيه مقدّس للممدوح ، طلباً لإرضائه، وقبول سلعته لدى الخليفة، والدلالة الثانية: دلالة نسقية مضمرة، أراد بها الشاعر تأكيد ثنائية متلازمة (ثنائية الأرض والسماء)، وترابط شرط وجود أحدهما بالآخر؛ إذ لا سماء بلا أرض، ولا أرض بلا سما، وهكذا هو الحال بين الشاعر والخليفة؛ إذ لوّح الباهليّ للمأمون بوجوب إرضائه بالعطاء؛ كونه الضامن لبقائه، فصار العطاء بالمقايضة؛ [ أكرمني – تنل مدحتي ]، وقبال ذلك نجد أن الشاعر حافظ على منزلته وجعلها في مصاف منزلة الخليفة في استعماله للحرف(قد)([16])، فالوضع الطبيعي هو عطاء الخليفة، أمّا إذا عزَّ ذلك فـ(ربَّما) يأمل الشاعر هذا العطاء، وثمّة شكّ في هذا الأمل من قبل الشاعر، وفي عجز البيت الأول جملة ثقافيّة نسقيّة أخرى يدل فعلها النسقي على تعالي الشاعر وزهده في طلب عطاء الخليفة، وفيه بعض التوبيخ له لانقطاع عطائه سابقاً عن الشاعر إلى أن تعرّض لمدحته.
وفي قول الشاعر: (ازرعْ يداً) تورية ثقافيّة([17]) يحمل خطابها مضمراً نسقياً لا شعوري طلب به الشاعر من الخليفة عطاءً مستمراً يكون محموداً عنده، واستعمل لهذا الطلب فعل الأمر(ازرعْ) وقدّم نفسه على حمد هذا العطاء استمراراً في خطابه المتعالي المضمر، ليكون حصاد هذا العطاء رضا الناس عن الخليفة الناتج عن خطاب الشاعر المدحي له، فهو جواب لشرط لا خيار سواه، وكأنَّ الشاعر لوّح للخليفة بالتعرّض وتأليب الناس عليه في حال انتفاء شرط العطاء.
إذن، فالأبيات السابقة تُظهر المدح للخليفة، وتُبطن الهجاء بوصفه نسقاً مضمراً؛ إذ تعتمد بدءاً على القياس العقلي في العلاقة بين الأرض والسماء، ثُمَّ المقايضة المشروطة بعطاء الخليفة للحصول على مدح الشاعر.
يبدو أن الباهلي لم يكن ذا شهرةٍ في البصرة([18]) وهذا ما دعاه للسفر إلى بغداد مركز السلطة، لكنّه لم يحظَ بما أراد من الشهرة؛ لعدم إتقانه سبل المركز، وعرض السلع الشعرية وفق شروطها السلطويّة؛ إذ لم يتصدَّ لمدحٍ ولا طلب([19])، وهو يتعالى في خطابه الشعري ضمن أنساقٍ مضمرة تعاورت على تنظيمها أبيات شعرية عدّة أعلن منها الشاعر تمرّده على سؤال الخليفة، ومنها قوله([20]):
(الوافر)
وَمُنْتَظِرٍ سُؤالَكَ بالعَطايــــــــا وَأَشْرَفُ مِنْ عَطاياهُ السُّؤالُ
إِذا لَمْ يَأْتِكَ المَعْروفُ طَوْعاً فَدَعْــــهُ، فَالتَّنَزُّهُ عَنْــــــهُ مالُ
لقد رضى الباهليّ بالبقاء ضمن طبقة الشعراء المهمّشين، وعدَّ ذلك من الغنى؛ فهو لا يتعرّض لذلّ السؤال في وصل الملوك، بل يعدّ سؤاله أعلى وأشرف من عطايا الملوك كلّها، ويتعدّى أكثر من ذلك؛ إذ يصف مآل وصلهم إلى الكره والهجر، في قوله([21]):
(مجزوء الكامل)
وَصْلُ المُلوكِ إِلى التَّقالي وَوَفا المُلوكِ مِنَ المُحالِ
ولم يكن نصيب محمود الورّاق(…- نحو 225ه)([22]) أقل من نصيب الباهليّ في النفي الثقافي؛ فقد أغفل الرواة إيراد أخباره، ولم نعرف عن حياته إلّا القليل الّذي ينقله واحد عن آخر في كلِّ مصدر، وهو من الموالي، ولم نعرف نسب أسرته ولا نشأته سوى أنَّه شاعر عراقيّ.
للورّاق ألقاب عدّة منها ما دلَّ على ولادته: (البغداديّ)([23])، و(الكوفيّ)([24]) وثمّة شكّ في مسقط رأسه؛ فلا يوجد ترجيح لأحدهما بدليل قاطع؛ لقلّة أخباره لدى المؤرّخين، وهذا وجه آخر من أوجه النفي الثقافي، ومنها ما دلَّ على مهنته: (الورّاق)([25])، و(النَّخاس)([26])، أمّا الورّاق فهو الناسخ بالأجرة، ويظن الدكتور وليد قصّاب بأنَّه ربّما اشتغل بهذه المهنة فلُقّب بها، ولم يصل إلينا شيء عن أخبارها وشأنه فيها([27])؛ فهو معروف بمهنة النخّاسة؛ إذ كان يبيع الجواري والغلمان([28]).
ولعلّ السبب وراء تهميش الورّاق كان عدم اتصاله بالخلفاء وزهده في عطائهم، بل توبيخه واستهزاؤه بالوافدين في ساحاتهم، فهو لم يكتفِ بعدم مدح الخلفاء بل راح يرسم نموذجاً في خطاب السلطة يقوم على التهكّم ومنه قوله([29]):
( مجزوء الكامل)
رَكِبُوا المراكــــــبَ واغتَدَوا زُمَراً إلـــى بابِ الخليفــــــهْ
وصَلُوا البُكور إلى الرَّوا حِ ليبلُغُوا الرُّتَبَ الشَّريفة
نلحظ في أبيات الورّاق السابقة هجاءً مضمراً للخليفة أطلقه الشاعر من خلال التعرّض للوافدين عليه، والهجاء هو الأصل في النسق المضمر؛ فهو ذو جذرٍ ثقافي عميق يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسحر، وفكرة تدمير الخصوم بتصويرهم بشكل مَعيب([30]):
باعُوا الأمانةَ بالخِيَـــا نَةِ واشتَرَوا بالأمنِ جِيْفَهْ
عَقَدُوا الشُّحومَ وأهزلُوا تلكَ الأماناتِ السخيفـــهْ
جمعت الأبيات السابقة عدّة أنساق متضادّة (باعوا-اشتروا)، (الأمانة- الخيانة)، (عقدوا- أهزلوا) كشفت عن صراعات ثقافيّة شملها الهامش العباسي، فكانت مجموعة من التناقضات الثقافيّة مثّلت وضع الهامش في ظلّ المركز، واستعمل في هذا التصوير أسلوب التهكّم والتوبيخ في قوله: (اشتروا بالأمن جيفه)، ووصفه لأمانات هؤلاء القوم بالسخيفة، ليستمرّ بعدها بوصف الهامش في حضرة المركز وسلطته العليا:
ضَاقت قُبورُ القومِ واتْـ ــتَسَـعَتْ قُصُورُهُم المُنيفـــــــهْ
مِنْ كُلِّ ذي أَدَبٍ ومــــــــعـ ـرفَــــــــــة وآراءٍ حَصيفَـــــــهْ
مُتَفَقِّهٍ جَمَـــــــــــــــــعَ الحَديـ ـثَ إلى قياسِ أبي حَنيفَهْ
فأتاكَ يَصلُــــــــــــــــحُ للقَضا ء بلحيَةٍ فَوقَ الوَظيفَـــــهْ
لمْ يَنتَفِعْ بالعِلــــــــــــــــــــمِ إذ شَغَفَتْــــــــهُ دنياه الشَّغُوفَهْ
نَسِيَ الإلـــــــــــهَ ولاذَ في الدْ دُنيــــــــا بأسبابٍ ضعيفَهْ
اِستطاع الورّاق تحويل الخطاب السلطوي من خطاب غارق في المدح إلى خطاب تهكّم وتوبيخ واجه به كلَّ هامش حاول الوصول للسلطة بذلِّ السؤال، وبيع أمانة الصدق، وتضمّن هذا الخطاب هجاءً لسلطة المركز، شمل مجونه وترفه، وما احتواه من معرفة مزيّفة، وقضاء جائر، ودينٍ واهٍ، واهتمام بالدنيا وعزوف عن الآخرة.
وكان محمد بن يسير الرياشي(…- 210ه)([31])، من الشعراء العبّاسيين الذين تعرّضوا للتهميش لبُعدهم عن بغداد وعدم انتقالهم إليها؛ إذ كان بصرياً، لم يفد إلى بغداد أبداً، ولم يُفارق البصرة قطّ([32])، فكان ذلك سبباً في تصنيفه هامشاً.
لقد كان للرياشيّ نصيبٌ من النفي الثقافي والتهميش؛ إذ أخطأت كثير من كتب التراث التي ترجمت للشاعر في رسم اسمه بالصورة الصحيحة([33])؛ فكتبوا اسم أبيه بشير بدل من يسير([34])، كما أغفلوا نسبه ولقبه، فخلط بعضهم في نسبه فجعله حميريّاً([35])، وهو في الإبانة معروف بزريق([36]).
لم يكن الرياشيّ من شعراء البلاط العبّاسي، ولم يكن شاعراً فحلاً بمقاييس عصره، انصرف في شعره إلى تصوير حياته اليوميّة، ولم يشغل نفسه بمنافسة شعراء المركز على الرغم من اتصاله بأمراء البصرة، وولاتها، ومنادمتهم، فإنَّه لم يمدح أحداً منهم قط، بل كان يدخل المجلس دخول العالم الأديب، لا الشاعر المتكسّب([37]).
- مركزية الفحل بين تزييف الخطاب وصناعة الطاغية
تمنح الثقافة العربية ضمن موروثنا الأدبي-أحياناً- المنزلة الأعلى للشعر الأسوء من حيث القيمة الإنسانيّة، فالشعر/الفحل هو شعر المديح والهجاء والفخر، ومن تخلّف عن بلوغ هذه الأغراض عُدَّ رُبع شاعر، وقامت الثقافة بكلّ رموزها بالتسويق لهذا النسق حتّى صار الشاعر المدّاح الهجّاء هو الشاعر الفحل([38]).
إنَّ ابتكار فكرة الفحل من أخطر الابتداعات الشعريّة/الثقافيّة؛ إذ ارتبط هذا المصطلح بالطبقة(طبقات فحول الشعراء)، كما ارتبط بتوظيف اللغة لمصلحة لعبة مشتركة تقوم على الاتفاق بين المادح والممدوح([39]) والوسط الثقافي المزامن واللاحق لها، حتّى أصبحت هذه اللعبة الجماليّة الأكثر فعاليّة ديدناً ثقافيّاً اجتماعياً سائداً ومطلوباً في المجتمع العبّاسي، مع ما تحتويه من قيم أخطرها صورة ثقافة التسوّل(الكدية) المنافقة، وصورة الممدوح المختَرَع بما فيه من صفات قدسيّة مُنافية للواقع، جعلت منه الحاكم الطاغية([40]).
لقد طال التهميش مدوّنة بعض الشعراء، وأقصى ما كان غير مركزي من الأغراض، واهتمَّ بالأغراض الشعريّة الكبرى من مديح وهجاء على سير الفحول، وهذا ما حصل لشعر صالح بن عبد القدّوس؛ إذ ضاع هذا الشاعر الحكيم مع من ضاع من الشعراء العباسيين المهمَّشين؛ ولعلّ السبب الذي يقف وراء هذا الضياع كونه لم يقصد بغداد لمدح الخلفاء، وفضّل البقاء في مدينته البصرة قبل الفرار إلى الشام بعد مضايقته من لدن الخليفة المهدي([41]).
لم يكن صالح من شعراء البلاط، ولا المتعرّضين لهم بمدحٍ قطّ؛ وكانت له نظرة خاصّة في المدح؛ إذ قال([42]):
(الوافر)
أنِستُ بوحدَتي ولَزمتُ بيتي فَتَمَ العِز لي ونما السرورُ
وأَدَبَني الزَمانُ فلَيتَ أَنّـــــــــي هُجَرْتُ فَـــــلا أزارُ ولا أَزورُ
ولَسْتُ بِقائِلٍ ما دُمْتُ حَيَّـــــاً أَسارَ الجُنْد أمْ نَزَلَ الأَميـرُ
ومن يَكُ جَاهِلاً بِرِجالِ دَهْرٍ فَإنّـــــــــــي عَالِمٌ بِهِم خَبيِـــــرُ
كَأَنَّهُــــــــمْ إذا فَكَّرْتَ فِيهِــــــم ذِئابٌ أَو كِلابٌ أو حَمِيـــــــــرُ
يُحيل صالح في خطابه هذا إلى مجموعة من الدلالات النسقيّة كشفت عن الفعل النسقي للخطاب المتمثّل في رفضه المدح بشكلٍ تام (ولستُ بقائل ما دمتُ حيَّاً)؛ إذ إنَّ عزَّه وسروره في وحدته، غير مبالٍ بمدحِ أيٍّ من الرجال، وهو العالِم بهم، والخبير بشأنهم؛ فهم بين (ذئاب) مفترسة، مُشيراً بها إلى رجال السلطة من الخلفاء، و(كلاب) مسعورة من العاملين في ظلّ السلطة، و(حمير) جهلة من عامّة الناس، التابعين لهم، والراضخين لظلمهم، وفي هذه الأبيات أنساقٌ تمرديّة عجَّ بها الشاعر رفضاً لمدح الخلفاء خاصّة، جعلها مضمرة تحت الرفض العام لغرض المديح في أسلوب تهكمي واضح، ويزعم البحث أنَّ هذه الأبيات هي التي كانت وراء مقتل صالح؛ لاكتنافها الهجاء الصريح للخليفة، وحاشيته السياسيّة، وعمّاله، ولعلّ هذا النصّ يمثل خلاصة فلسفة صالح في المدح.
لقد كان لشعر المديح القِدْح المُعلَّى في البلاط العبّاسي؛ وبذا خضع لجملة من المقاييس وجب على الشاعر اتّباعها ليكون نديماً للخليفة، وقد عُنيَ علماء اللغة في العصر العبّاسي الأول بتلك المقاييس، وكانوا يقصدون البوادي، ويقضون بها حقباً قد تطول أو تقصر؛ لجمع شوارد اللغة وشواذها من أفواه العرب الخُلّص، ووضع قواعد اللغة([43])، وهذا ما جعل جهابذة اللغة يميلون إلى مقاييس الشعر الجاهلي، ويهمّشون ما كان محدثاً من الشعر، بل لا يعدّونه شيئاً مذكوراً، وثمّة علاقة وثيقة كانت تربط بين الشعراء وعلماء اللغة؛ فقد كان الشعراء يعرضون قصائدهم عليهم؛ فقد كان هؤلاء العلماء هم سدنة الشعر في ذلك العصر، ولهم حظوة في مجالس الخلفاء، فمن نوهوا به من الشعراء صار فحلاً، ومن لوَّحوا في وجهه غدا مهمّشاً مغموراً([44]).
وقد خُصَّ شعر المدح بشروط (الفحل)؛ كونه المركز الذي كان يُنشَد دون غيره في المجالس الرسميّة، ومن كان يحضرها من العلماء والنقّاد، وهذا ما جعل بشار بن برد يستهلّ قصائده المدحية بالفواتح القديمة([45]) ضمن مقاييس الشعر الجاهلي(الفحل)، ليكون بشار مركزاً شعرياً في بلاط الخليفة المهدي، ومن ذلك قوله في مدحه([46]):
(الطويل)
أشَاقَكَ مَغْنَى مَنْزِلٍ مُتَأَبِّــــــدِ وفَحْوَى حَديثِ البَاكر المُتَعَهِّدِ([47])
وِشَّامٌ بحَوْضى ما يَرِيمُ كأَنَّهُ حَقَائقُ وَشْمٍ أَوْ وُشُومٌ على يَدِ([48])
…..
فَتىً جادَ بِالدُنيا خَلا زادَ راكِبٍ وَشُحَّ عَلى دينِ النَبِيِّ المُؤَيَّدِ
هكذا هي القصائد الرسمية لبشار إذ كانت تستحضر معها السمت الشعري للعصر الجاهلي، بما يحتويه خطابها من: جزالة اللفظ، وذكر الديار، والبكاء على الأطلال؛ فهي بعيدة عن حضارة العصر المعيش، كونها قصائد موجّهة لإرضاء الخليفة، ولا تُعبّر عن رغبات الشاعر، وحياته العصريّة، ولا يقتصر هذا الأمر على بشار؛ إذ إنَّ القارئ لشعر أبي نواس يجد ثمّة شخصيتين متناقضتين، إحداهما رسميّة تُحاكي شروط (الفحل)، خصّها في مجالس الخلفاء، وأخرى متحرّرة مالت إلى التجديد، والتغزّل بالخمر وساقيها، على سياق التطوّر الحضاري الّذي شهده العصر العبّاسي.
لقد شكّل أبو نواس مركزاً (فحلاً) بين جماعة عصره، وكان التجاوز عن وصف الطلول وصدّه عن الدمن وكلّ ما يمتُّ لحياة البداوة بصلةٍ جزءاً من مذهبه، الذي أعلن عنه صراحةً في قوله([49]):
(الكامل)
صِفةُ الطُلول بَلاغـــــةُ القدمِ فاجْعَلْ صِفاتِك لابنة الكَرْمِ
صهباءَ فضّلها المُلوكُ على نُظَرائــــها لفَضيلـــــة القِدْمِ
فإِذا أَطفْن بها صمتْن لــــــها صَمْتَ البَنات لهَيْبــة الأُمِّ
رفض أبو نواس السير على نسق القدامى في مقدماتهم الطللية بأسلوب استهزائي واضح، تمرّد فيه على القديم وراح يهتف للمقدمات الخمرية وما فيها من دلالات حضاريّة تناسب عصره، بل تعدّى ذلك بالإفصاح عن أسرار مجالس الملوك وخفاياها؛ إذ إنَّهم في الحقيقة يفضّلون الخمرة وما يصفها من الشعر، ونَسبَ فضيلة القِدم للخمرة لا للطلل، وجعل ذكرها بمثابة الأم (المركز) لكلّ ما سواها من المقدمات الأخرى، حتّى وصل الأمر إلى الخليفة، فأمره بترك الحديث عنها في قصائد المدح، وذكر الديار والطلل على نهج القدامى([50])؛ إذ كان الخليفة العبّاسي يعيش حياتين تختلف كل واحدة عن الأخرى، (حياة خاصّة مضمرة) هُتكت فيها كثيرٌ من القيم الإسلاميّة، عاشها برفقة من يسيئون إلى قدسيّة هذه القيم، و(حياة عامّة معلنة) حرص فيها الخليفة على الظهور في صورة الإمام الحاكم بتفويض إلهي، وكان من بعض لوازم هذه الحياة الظهور بمظهر المحافظ على اللغة وتعاليم الدين([51])، ممّا دعا أبو نواس إلى الاستجابة؛ رغبةً في الوصول إلى المركز، وقال في مطلع قصيدة مدح فيها الرشيد([52]):
(الكامل)
حَيّ الدِيارَ إذا الزّمانُ زَمانُ وإذا الشِباكُ لنا حَرّى ومَعانُ([53])
يا حَبَّذا سَفُوانُ مِنْ متربّــــع ولَرُبّما جمــــعَ الهَوى سَفُوانُ([54])
وإذا مررتَ عَلى الديارِ مسلِّما فلغير دارِ أُميمـــــةَ الهِجْرانُ
لقد أخضع أبو نواس بضاعته لشروط الفحل، وأخذ بتجويد سلعته من غير النظر في مدى زيفها، أو حتّى خروجها عن النسق المقدّس، ومن ذلك مدحه للرشيد في قوله([55]):
(الكامل)
يأبَى لهارونَ الخَليفةِ عُنْصُرٌ زاكٍ تمكّن في المُصاص المُعرِقِ([56])
مَلِكٌ يطيبُ طِباعُهُ ومِزاجُـــــهُ عَذْبُ المَذاقِ علــــــى فَمِ المُتذوِّقِ
يلقى جَميعَ الأمْرَ وهو مقسَّمٌ بين المَناسِـــــــــك والعَدُوِّ المُوفِــقِ([57])
…..
لقَدْ اتقيتَ اللهَ حَــــــقَّ تُقاتِــــــهِ وجَهَدتَ نَفْسَكَ فوقَ جَهْدِ المُتَّقي
وأخَفْتَ أهْلَ الشِرْكِ حتّى أنّـه لَتَخافـــــكَ النُطَفُ التي لَــمْ تُخلَــــقِ
وبِضاعةُ الشُعراءِ إنْ نَفَقتَهـا نَفَقَــــتْ وإن أكسدتَها لَــــــمْ تنفُـــــقِ
أضفى أبو نواس على ممدوحه مجموعة من الصفات المقدّسة ضمن عملية تزييف الخطاب، وصنع الطاغية؛ ركّز فيها على تصوير الأنويّة السلطوية، وتفرّد الممدوح، وتميزه عن غيره؛ فهو الأوحد من النخبة، المُعرّق بنسبه إلى رسول الله (e)، الملك الطيّب، المؤمن، المتّقي، الذي قسَّمَ حياته بين عبادة الله تعالى، ومحاربة أعدائه، زِدْ على ذلك مبالغته بالمدح في تصوير خوف نطف المشركين التي لم تُخلق في الأرحام بعد منه، وفي هذا الخطاب نسق مضمر لإقصاء الآخر من الهاشميين، والمعارضين للسلطة، وإثبات لأحقيّة الرشيد في الخلافة، وفيه تصريحٌ من الشاعر بحقيقة هذه المُدحة، والتلويح بثمن هذه البضاعة.
ولم يكن الشعراء المُجّان وحدهم مركزاً في البلاط العبّاسي؛ إذ كان شاعر الزهد أبو العتاهيّة مركزاً مُنافساً لأبي نواس، عَلِم أنساق النخبة، وجرى في قصائده المدحية على سير الفحول، فأغرقها بالبداوة التصويرية، ومن ذلك قوله في مدح المهدي([58]):
(المنسرح)
وَمَهمَهٍ قَد قَطَعتُ طامِسَهُ، قَفْرٍ عَلى الهَوْلِ وَالمُحاماةِ([59])
بِحُــــــرَّةٍ جَسْــــــــــــــرَةٍ عُذافِرَةٍ، خَوصـــــاءَ، عَيرانَةٍ، عَلَنداةِ([60])
تُبادِرُ الشَمسَ كُلَّما طَلَعَتْ بِالسَيرِ، تَبغي بِذاكَ مَرضاتي
يا ناقُ خُبّي بِنــــا وَلا تَعدي نَفسَـــــــكِ مِمّـــا تَرَيـــنَ راحاتِ([61])
حَتّى تُناخي بِنا، إِلى مَلِــــكٍ، تَوَّجَـــــــــــــهُ اللَــــــهُ بِالمَهاباتِ
يصوّر أبو العتاهية مسيره إلى الخليفة على ناقة قويّة نشيطة، أخذ يصفها بألفاظ بدويّة جافّة بعيدة عن رقّة الحضارة العبّاسيّة، ويحثّها على السير بسرعة من غير أن يريحها ساعة، سيراً في المفازات الموحشة المخيفة، وما من شكّ أنَّ أبا العتاهية لم يركب ناقة وصولاً إلى المهدي، ولم يقطع مفازة قط، فكلاهما يسكن بغداد، لكنَّه سيراً على الأساليب الفنيّة القديمة([62])، ومُجاراة لشروط (الفحل)المركز، واتقاناً لتزييف الخطاب الصانع للطاغية، وهذا ما يلحظه البحث في قوله من القصيدة نفسها:
عَلَيهِ تاجــانِ، فَوقَ مَفرِقِـــــــــــــــهِ، تــــاجُ جَلالٍ، وَتــــــاجُ إِخباتِ([63])
يَقولُ لِلريــــــحِ كُلَّمـــــا عَصَفَــــــــت: هَل لَكِ يا ريحُ، في مُباراتي
مَن مِثلُ مَن سادَ أعماماً، ثمَّ من أَخوالُــــــــــــــهُ أَكـــرَمُ الخُؤولاتِ
الغلو بادٍ بشكل جلي على محيا نصّ أبي العتاهية؛ حين عمد إلى تصوير تفرّد المهدي بهيبة المُلك وجلاله، وإعلاء صفاته وكأنَّه إله؛ فهو يتحدّى قوّة الريح في عصفها، وبين الهيبة والتواضع والقوّة يسود المهدي أعمامه من بني هاشم قاطبةً، إضماراً لإقصائهم، وتخويفاً لأعداء المهدي، وتثبيتاً لأحقيّته في الحكم.
هذه هي بعض شروط الخطاب المدحي الّذي شغل المركز في قصور الخلافة، وهُمّش الشعراء الّذين لم يستطيعوا بلوغه، ليمتلك شعراء النخبة المال، والجاه، ويبقى غيرهم من شعراء الهامش ضمن طبقة عامّة هي الغالبية العظمى الموجّهة من النخبة، التي نأت بنفسها بعيداً عن أضواء الشهرة؛ لعدم مجاراتها شروط (الفحل) ولعبة تزييف الخطاب.
الخاتمة
ممّا تقدّم نخلص إلى النتائج الآتية:
- لقد أغفلَ العصر العبّاسي الأول مدونة الشعراء المهمّشين، وركزوا على جوانب من مدونة شعراء المركز التي لم تتعرّض للخرم، وخير من مثّل هذه الجوانب في أغراض الشعر الكبرى هو شعر المدح، الّذي كان له المنزلة الأعلى، وقامت الثقافة العربيّة بكل أنساقها لتسويقه.
- ثمّة من يملك مركز الشعر في البلاط العبّاسي، وكان عليه اتباع جملة من الشروط للسير على نهج القدامى من الفحول، ضمن مقاييس اللغويين، من جزالة اللفظ، وجودة الطبع، والمقدمات الطللية بما فيها من ذكر الديار، والبكاء على الأحبة.
- كان على الشاعر المركز امتلاك جملة من الصفات ومنها قدرته على تزييف الخطاب، ومن نتائج هذا التزييف-المتّفق عليه من الأطراف جميعها: المادح والممدوح والوسط الثقافي- صناعة الطاغية من شخصيّة الخليفة الحاكم، وإضفاء صفات المقدّس عليه؛ لإثبات الشرعيّة والتفويض الإلهي لحكمه.
المصادر:
- الإبانة عن سرقات المتنبّي لفظاً ومعنى، العبيديّ، المطبعة العبّاسيّة، مصر، (د.ت).
- الأغاني، الأصفهاني، تحقيق عبد الكريم إبراهيم العزباوي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993م.
- تاريخ مدينة السَّلام، الخطيب البغداديّ، تحقيق: الدكتور بشار عوّاد معروف، دار الغرب الإسلامي، ط1، بيروت، 2001م.
ديوان أبي العتاهية، دار صادر للطباعة والنشر، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1960م.
- ديوان بشار بن برد، تحقيق الطاهر بن عاشور، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1954م.
- ديوان محمد بن حازم الباهليّ، تحقيق: شاكر العاشور، دار صادر،ط3، بيروت-لبنان، 2014م.
- ديوان محمد بن يسير الرياشيّ، تحقيق: مظهر الحجّي، دار الذاكرة، ط1، حمص-سورية، 1996م.
- سير أعلام النُّبلاء، الذّهبيّ، تحقيق: شعيب الأرنؤوطي، صالح السَّمر، مؤسسة الرسالة، ط1، بيروت، 1983م.
- الفهرست، النديم، تحقيق: رضا-تجدّد، (د.ت).
- مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، ابن الجوزيّ، تحقيق: رضوان مامو، محمّد معتز كريم الدّين، فادي المغربي، دار الرسالة العالميّة، ط1، دمشق، 2013م.
- الموشّح في مآخذ العلماء على الشعراء، المرزبانيّ، المطبعة السلفيّة-ومكتبتها، القاهرة، 1343ه.
قائمة المراجع:
- أبو نواس، عبد الحليم عباس، دار المعارف، ط2، القاهرة، 1986م.
- الأعلام، الزركلي، دار العلم للملايين، ط15، بيروت-لبنان،2002م.
- تعارضات المركز والهامش في الفكر المعاصر، غزلان هاشمي، دار نيبور للطباعة، ط1، الديوانية، 2014م.
- حركة التجديد في الشعر العبّاسيّ، الدكتور محمد عبد العزيز الموافي، دار غريب للطابعة والنشر والتوزيع، ط6، القاهرة،2007م.
- حياة الشعر في الكوفة إلى نهاية القرن الثاني الهجريّ، الدكتور يوسف خليف، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 1968م.
- شعراء عبّاسيّون منسيّون الإشكالية العامّة، ابراهيم النجّار، دار الغرب الإسلامي، ط1، بيروت، 1997م.
- ضحى الإسلام، أحمد أمين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1997م.
- مقدمة القصيدة العربيّة في العصر العبّاسي الأوّل، الدكتور حسين عطوان، دار المعارف، مصر.
- النزعة المركزيّ الإسلامية رؤية الإسلام للآخر، عادل الحريري، نشر شبكة اللادينين العرب، الإصدار الأول، 2006.
- النقد الثقافي قراءة في الأنساق الثقافية العربية، عبد الله الغذّامي، المركز الثقافي العربي، ط3، المملكة المغربية، الدار البيضاء، 2005م.
- الهوية والاختلاف في المرأة (الكتابة والهامش)، محمد نور الدين آفايا، افريقيا الشرق، الدار البيضاء، 1988م.
المعاجم:
- لسان العرب، ابن منظور، اعتنى بتصحيحها أمين محمد عبد الوهاب ومحمد الصادق العبيدي، دار إحياء التراث العربي،ط1، بيروت-لبنان، 2010م.
- معجم البلدان، الحمويّ، دار صادر، بيروت،(د.ت).
([1]) ينظر: تعارضات المركز والهامش في الفكر المعاصر، غزلان هاشمي:13.
(2) ينظر: النزعة المركزيّ الإسلامية رؤية الإسلام للآخر، عادل الحريري: 6.
([3]) ينظر: الهوية والاختلاف في المرأة(الكتابة والهامش)، محمد نور الدين آفاية:115.
([4]) ينظر: ديوان بشار بن برد، تحقيق: الطاهر بن عاشور:16-17.
([5]) ينظر: أبو نواس، عبد الحليم عبّاس:42.
([6]) ينظر: حياة الشعر في الكوفة إلى نهاية القرن الثاني الهجريّ، الدكتور يوسف خليف:513-590.
([7]) ينظر: شعراء عبّاسيون منسيُّون، ابراهيم النجَّار: القسم الأول:117.
([8]) ينظر: حياة الشعر في الكوفة إلى نهاية القرن الثاني للهجرة:241.
([9]) ينظر: الأغاني، الأصفهاني، تحقيق عبد الكريم إبراهيم العزباوي:14/51.
([10]) هو محمد بن حازم بن عمرو الباهليّ، ويُكنّى أبا جعفر، ولد ونشأ في البصرة، وسكن بغداد، ينظر: المصدر نفسه:14/92.
([11]) ينظر: ديوان محمد بن حازم الباهليّ، تحقيق: شاكر العاشور: 10-11.
([12]) ينظر: الفهرست، للنديم(ت380ه)، تحقيق: رضا-تجدّد:4/188.
([14]) ديوان محمد بن حازم الباهليّ:133.
([15]) الجملة الثقافيّة: هي المقابل النوعي للجملتين النحوية والأدبية، والجملة الثقافيّة مفهوم يمس الذبذبات الدقيقة للتشكّل الثقافي الذي تفرز صيغه التعبيرية المختلفة، وبهذا تكون الجملة الثقافيّة متولدة عن الفعل النسقي في المضمر الدلالي للوظيفة النسقية في اللغة، ينظر: النقد الثقافي قراءة في الأنساق الثقافية العربية، عبد الله الغذّامي:73-74.
([16]) قد: هي حرف لا يدخل إلّا على الأفعال، وهي في هذا الموضع تشبه(ربما)؛ لأنَّها جاءت مع (التاء)في الفعل(تأملُ)،وعندها تميل (قد) إلى الشك، ينظر: لسان العرب، ابن منظور: مادة(قدد):7/192-193.
([17]) التورية الثقافيّة: هي حدوث ازدواج دلالي أحد طرفيه عميق ومضمر، وهو أكثر فاعلية وتأثيراً من ذلك الواعي، وهو طرف دلالي ليس فردياً ولا جزئياً إنَّما هو نسق كلّي ينتظم مجاميع من الخطابات والسلوكيات-بوصفها أنواعاً من الخطابات- مثلما ينتظم الذوات الفاعلة والمنفعلة، ينظر: النقد الثقافي:71.
([18]) ينظر: ديوان محمد بن حازم الباهليّ:8.
([22]) محمود بن حسن الوراق: شاعر، أكثر شعره في المواعظ والحكم، روى عنه ابن أبي الدنيا، وفي الكامل للمبرد، نتف من شعره، ينظر: الأعلام، الزركلي(ت1410ه):7/167.
([23]) ينظر: سير أعلام النبلاء، الذّهبيّ(ت748ه)، تحقيق: شعيب الأرنؤوطي، صالح السَّمر:11/461، تاريخ مدينة السَّلام، الخطيب البغدادي(ت463ه): تحقيق: الدكتور بشار عوّاد معروف:15/102-103.
([24]) الإبانة عن سرقات المتبني لفظاً ومعنى، العبيدي:2/65.
([25]) الورّاق معروف، وحرفته الوِراقة، ورجل ورّاق: وهو الّذي يوَرّق ويكتب، ينظر: لسان العرب: مادة(ورق):9/206.
([26]) ينظر: مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، ابن الجوزي(ت654ه): تحقيق: رضوان مامو، محمّد معتز كريم الدّين، فادي المغربي:14/262، النخّاس: هو بائع الرقيق، ينظر: لسان العرب: مادة(نخس):8/365.
([27]) ينظر: ديوان محمود الورّاق: تحقيق: وليد قصاب:15-16.
([28]) ينظر: مرآة الزمان في تواريخ الأعيان:14/262.
([29]) ديوان محمود الورّاق:100-101.
([30]) ينظر: النقد الثقافي:162.
([31]) محمد بن يسير البصري، أبو جعفر: شاعر، من أهل البصرة، كان مولى لبني أسد، أو بني ريّاش(وكانت لهؤلاء خطّة بالبصرة) قال ابن قتيبة: كان في عصر أبي نواس، وعمّر بعده حيناً، وأورد مختارات من شعره. ينظر: الشعر والشعراء، ابن قتيبة:607، الأعلام:7/144.
([33]) ينظر: ديوان محمد بن يسير الرياشيّ، تحقيق: مظهر الحجّي: 7-9.
([34]) وهذا من التصحيف، ثمَّ قام المحققون بتصويب الاسم اعتماداً على القاموس المحيط، وتاج العروس، والشعر والشعراء، ينظر: الأغاني: 14/17 الهامش (1).
([35]) ينظر: الإبانة عن سرقات المتنبي، العبيدي:2/78.
([36]) ينظر: المصدر نفسه:2/45.
([37]) ينظر: ديوان محمد بن يسير الرياشيّ:22.
([38]) ينظر: الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء، المرزباني:172، النقد الثقافي:159.
([39]) ينظر: النقد الثقافي:119.
([40]) ينظر: النقد الثقافي: 94.
([41]) ينظر: صالح بن عبد القدّوس عصره حياته شعره، تحقيق: عبد الله الخطيب:80.
([43]) ينظر: ضحى الإسلام، أحمد أمين:1/314.
([44]) ينظر: مقدمة القصيدة العربية في العصر العباسي الأوَّل، الدكتور حسين عطوان:18-20.
([45]) ينظر: المصدر نفسه:55-69.
([46]) ديوان بشار بن برد: 70-71.
([47]) مُتَأَبِّــــــدِ: تأبدت الدار: خلت من أهلها وصار فيها الوحش ترعاه، لسان العرب: مادة(أبد):1/38.
([48]) وِشامٌ: آثار الديار، أو ما ينبت على الأرض من نباتٍ في أوله، حَوْضى: بالفتح ثم السكون اسم ماء لبني طهمان بن كلاب إلى جنب جبل في ناحية الرمل ، ما يَرِيمُ: ما يبرح، وَشْم: العلامات، وما تجعله المرأة على ذراعها بالأبرة، والجمع وُشومٌ، ينظر: لسان العرب: مادة(وشم):9/234، معجم البلدان، الحمويّ: مج2/321، مادة(ريم):4/240، مادة(وشم):9/233.
([49]) ديوان أبي نواس:3/44-45.
([50]) ينظر: أبو نواس:107-108.
([51]) ينظر: حركة التجديد في الشعر العبّاسي، الدكتور محمد عبد العزيز الموافي:71-72.
([53]) الشِباك: طريق حاجّ البصرة على أميال منها، وهي قريبة من سَفوان، حرّى: من الحَرِّ وهي تأنيث حرَّان، وهما للمبالغة يريد أنَّها من شدّة حَرَّها قد عطشت ويبست من العطش، مَعانُ: المَعَانُ هو المباءة والمنزل، ومَعانُ القوم: منزلهم، معجم البلدان: مج3/317، لسان العرب: مادة(حرر):2/346، مادة(معن):8/240.
([54]) سَفوانُ: ماء على قدر مرحلة من باب المربد بالبصرة وبه ماء كثير الساقي وهو التراب، معجم البلدان: مج3/225.
([55]) ديوان أبي نواس:118-120.
([56]) المُصاصُ: خالص كلِّ شيء، وفلان مُصاصُ قومه أي أخلصهم نسباً، المُعرِقُ: أي عريق النسب أصيل، ينظر: لسان العرب: مادة(مصر):8/221، مادة(عرق):6/121.
([57]) المُوفِقِ: الوَفق من الموافقة بين الشيئين كالالتحام، ينظر: لسان العرب: مادة(وفق):9/268.
([58]) ديوان أبي العتاهية:103.
([59]) مَهمَهٍ: البلدة المقفرة، طامس: بعيد لا مسلك فيه، الهَوْلُ: المخافة من الأمر لا يدري ما يهجم عليه منه، المحاماة: يوصف به الأسود من نحو الليل والسحاب، لسان العرب: مادة(مهه):8/288، مادة(طمس):5/470، مادة(هول):9/121، مادة(الحَوامِي):2/518.
([60]) جَسْــــــــــــــرَةٍ: ناقة جسرة: ماضية، طويلة ضخمة، عُذافِرَةٍ: الناقة الشديدة الأمينة الوثيقة الظَّهيرة، خَوصـــــاءَ: الخوصاء من الضأن: السوداء إحدى العينين البيضاء الأخرى مع سائر الجسد، عَيرانَةٍ: العَيْرانة من الإبل: الناجية في نشاط، عَلَنداةِ: العَلَنْدي: البعير الضخم الطويل، والأنثى عَلَنداة، ينظر: لسان العرب: مادة(جسر):2/155، مادة(عذفر):6/83، مادة(خوص):3/186، مادة(عير):6/372، مادة(علند):6/282.
([61]) خُبّي: الخَبَبُ: ضرب من العَدْوِ، وقيل: هو أن ينقل الفرس أيامنه جميعاً، وأياسره جميعاً، وقيل: هو أن يُراوح بين يديه ورجليه، وكذلك البعير، وقيل: الخَبَب: السرعة، لسان العرب: مادة(خبب):3/6.
([62]) ينظر: حياة الشعر في الكوفة إلى نهاية القرن الثاني للهجرة:695.
([63]) الإخبات: الخشوع والتَّواضع، لسان العرب: مادة(خبت):3/8.