الهوية وأثرها في تشكيل السياسة الخارجية الايرانية
Identity and It’s Impact on Iranian Foreign policy Formation
شيماء محمد أبوعامر ، باحثة دكتوراه جامعة حلوان مصر
Shaima Muhammad Abu Amer, PhD researcher, Helwan University, Egypt
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 30 الصفحة 11.
ملخص :
تعد هوية الدولة أحد أبرز المحددات الفكرية التي ينبغي دراستها عند دراسة العوامل المؤثرة على تشكيل السياسة الخارجية. وتحاول الدراسة أن توضح تأثير الهوية الايرانية على تشكيل سياسته الخارجية وفي ذات الوقت أثرها على زيادة حدة الصراع الطائفي في المنطقة. حيث تأتي الفرضية الأساسية بأن هوية الدولة الايرانية تلعب دورا حاكما في تشكيل سياستها الخارجية. وفي سبيل اثبات ذلك تتناول الدراسة الاسهامات النظرية للمدرسة البنائية والتي اهتمت بتأثير العوامل الفكرية على السياسة الخارجية ، ثم مكونات الهوية الإيرانية ، ثم تناولت الدراسة أثر الهوية على تشكيل السياسة الخارجية وأخيرا العوامل والمتغيرات التي ادت الى اندلاع الصراع الطائفي في منطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة .
الكلمات المفتاحية: إيران – الطائفية – الهوية – المدرسة البنائية .
Abstract
The identity of the state is one of the most important determinants in the factors that influencing the formation of foreign policy. The study attempts to clarify the impact of Iranian identity on the formation of foreign policy and at the same time its impact on the sectarian conflict in the region.
The basic Hypothesis’s is ” identity of the Iranian state plays a dominant role in shaping its foreign policy”. In order to prove this, the study deals with the theoretical contributions of the Constructivism, then the components of Iranian identity and its impact on the formation of foreign policy, and finally the factors that led to the sectarian conflict in the Middle East.
Key Words: Iran – Sectarianism- identity – Constructivism .
المقدمة :
شهدت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة تزايد حدة الاستقطاب الطائفي، وقد تباينت آراء المحللين السياسيين حول أسباب ومبررات هذا الاستقطاب في المنطقة، فالبعض أرجعها للسياسات الطائفية التي تتخذها دول المنطقة خاصة الجمهورية الإيرانية، والبعض الآخر الى تنامي الدور الذي لعبته الجماعات الجهادية الاسلامية خاصة تنظيم (داعش). وتحاول هذه الدراسة تبين دور الهوية الإيرانية في تشكيل سياستها الخارجية ، وأثرها على زيادة التوتر الطائفي في المنطقة.
وفي سبيل ذلك سوف تعتمد هذه الدراسة على المنهج البنائي لتحليل السياسة الخارجية الايرانية، وهو المذهب القائم على الاعتراف بأهمية الهوية والعوامل الفكرية في تشكيل السياسة الخارجية، في محاولة لدراسة السياسة الخارجية الايرانية بعيدا عن المناهج الواقعية، والتي تفترض أن سلوك السياسة الخارجية يأتي بناء على حسابات المصالح المادية وفي سياق توازن القوى الاقليمي. الا أننا في هذه الدراسة نحاول أن نوضح دراسة تأثير الأبعاد الفكرية على السياسة الخارجية الإيرانية ودورها في تشكيل سياساتها الإقليمية تجاه منطقة الشرق الأوسط . ومن الملاحظ ان معظم الدراسات التي تتناول الأبعاد غير المادية في تشكيل السياسة الخارجية تركز إما على دور البعد الأيديولوجي لتفسير السياسة الايرانية في تدعيم علاقاتها مع الجماعات الشيعية في المنطقة ، او تتجه لإثبات أن السياسة الايرانية تأتي في اطار الحفاظ على مصالحها القومية في المنطقة وأنها سياسة براجماتيه تدفعها المصالح القومية بغض النظر عن الدور الذي تلعبه العوامل الأيدلوجية والفكرية .
وما تحاول هذه الدراسة أن تبينه هو دور الهوية الايرانية في تشكيل سياستها الخارجية، وهل الهوية الايرانية بمكوناتها المتعددة هي المشكلة للمصالح الإيرانية، وتأثير ذلك على حدة الاستقطاب الطائفي في منطقة الشرق الأوسط ، فهل الهوية الايرانية الشيعية هي السبب في اندلاع الصراع الطائفي في المنطقة في الفترة الأخيرة.
فرضية الدراسة وتساؤلاتها:الهوية القومية الإيرانية تلعب دورا حاكما في تشكيل سياستها الخارجية تجاه منطقة الشرق الأوسط . فالهوية الإيرانية بمكوناتها المتعددة القومية والاسلامية تلعب دورا هاما في تشكيل سياسة الجمهورية الاسلامية .
وتثير هذه الفرضيات عددا من التساؤلات :
- ما هي مكونات الهوية المؤثرة على السياسة الخارجية الإيرانية تجاه منطقة الشرق الأوسط ، وكيف أثرت هذه المكونات على تشكيل سياستها الخارجية في المنطقة ؟
- ما هي العوامل والمتغيرات التي أدت الى زيادة حدة التوتر
- الطائفي في المنطقة في الفترة الأخيرة ؟
وتحاول الدراسة الإجابة على هذه التساؤلات من خلال : دراسة الاسهامات النظرية التي تبحث في تأثير الهوية على تشكيل السياسة الخارجية ، وتقدم المدرسة البنائية أحد أهم النظريات التي تبحث في دور العوامل الفكرية في تشكيل السياسة الخارجية للدول. ثم بيان مكونات الهوية الإيرانية وكيف تؤثر على تشكيل السياسة الخارجية الإيرانية .وأخيرا من خلال دراسة أسباب التوتر الطائفي في منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحالي ، فاذا كانت الهوية الايرانية تلعب دورا هاما في تشكيل السياسة الخارجية، فما السبب وراء تصاعد التوتر الطائفي في الوقت الحالي .
أولا : النظرية البنائية وأثر الهوية في تشكيل السياسة الخارجية
ارتكزت معظم الدراسات الخاصة بالسياسة الخارجية لدول الشرق الأوسط على المناهج الواقعية، ويعد عمل ستفين والت عن أصول التحالفات من أهم هذه الأعمال.ويرجع ذلك في جزء منه إلى أن منطقة الشرق الأوسط تعم بالفوضى وانعدام الأمن والتي تعد أحد الافتراضات الجوهرية للمدرسة الواقعية. ومع ذلك فعلماء السياسة الخارجية في الشرق الأوسط والعلاقات الدولية يعترفونبحدود الواقعية الجديدة في ضوء الانتقادات التي وجهت لها بإهمال الأنظمة الأيديولوجية والعقائدية.
ولذلك ظهرت أشكالًا معدّلة منها لتلافي أوجه القصور السابقة من خلال التركيز على المحددات الإقليمية والمحلية بجانب المحددات الدولية والنظامية.
والاعتراف بأهمية العوامل الفكرية مثل القواعد والهويات والأيديولوجيات في تشكيل السياسة الخارجية وإدراجها في إطار التحليل. إن إضافة المتغير الأيديولوجي أو الفكري إلى المتغيرات المادية مثل التهديدات والفرص والجغرافيا السياسية وما شابهها يعني ضمناً وجود تمييز واضح بين ما هو فكري وما هو مادي. لذلك عند دراسة سلوك السياسة الخارجية في الاستجابة للتهديدات، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار السياق الأيديولوجي الذي يتم في اطاره تحديد التهديد والاستجابة له .[1]
وقد أدى ذلك الى تصاعد الاهتمام بدراسة دور الهوية في تشكيل السياسة الخارجية ، فقد تساءل مثلا كل من تلحمي وبارنيت في كتاب الهوية والسياسة الخارجية في الشرق الأوسط ، عن مدى اهمية الهوية بطرح السؤال التالي: هل تؤدي دراسةالهوية إلى فهمنا للسياسات الخارجية لدول الشرق الأوسط بطرق قد لا نتمكن من غيرها من فهمها؟ [2]
وتحاول الدراسات البنيوية اثبات أن المصالح تأتي في اطار هيكل اجتماعي وتعتمد على أدوار اجتماعية محددة تاريخياً تحتلها جهات فاعلة. [3] إن البنائية كمنهج لتحليل السياسة الخارجية والعلاقات الدولية تهتم أولا بسؤال الهوية. فهي تركز على البناء الاجتماعي (social construction) لهذه الهويات بين الوكلاء (agents).
وترتبط الهوية بتحديد التهديدات والحلفاء، فالهوية في البنائية هي مفهوم علائقي، فهي لا توضح فقط المعنى الذي يصف المرء به نفسه، ولكنها ترتبط أيضا بالتعريفات التي تمنحها الذات للآخرين.[4] كما أنها تلعب دورا هاما في مسائل إدراك التهديدات ، واختيار خيار معين من اختيارات السياسة الخارجية، بالإضافة إلى التوقيتات المتعلقة ببعض سلوكيات السياسة الخارجية. وهي العناصر التي تجد فيها الدراسات العقلانية صعوبة في التوضيح.الاعتراض الرئيسي على المقاربات البنائية هو المخاطرة بتجاهل المصالح والعوامل المادية ، ومع ذلك يرى البعض أن هذه الاعتراضات يمكن اعتبارها صحيحة اذا تم النظر اليها من وجهة نظر عقلانية ، وذلك من خلال فصل الأبعاد الفكرية ( المعنوية) الناعمة عن المادية .
إلا أنه ينبغي ان نرى أن المقاربات البنائية لا تميز بين المادي والمعنوي: ففي نهاية المطاف، ما يعامله العقلانيون على أنه موضوعي ومادي تصبح له صلة بالسياسة الخارجية في سياق اجتماعي . [5]
إن الافتراض الأساسي للمدرسة البنائية – وفقا لما حدده المفكر الكساندر ويندت – أحد أهم منظري البنيوية – أن الهويات هي أساس المصالح. فالفاعلون لا يحملون مجموعة المصالح بشكل مستقل عن السياق الاجتماعي. وفي كتابه النظرية الاجتماعية يرى أن المصالح تحدد الدوافع التي تساعد على تفسير السلوك … المصالح تفترض مسبقًا الهويات لأن الفاعل لا يمكنه معرفة ما يريده حتى يعرف هويته.[6]إن الهوية تحدد أفعال ومصالح المشاركين في العلاقات الدولية، بالإضافة إلى إنشاء الهياكل التي يمكن أن تحدث فيها أنشطتهم. بمعنى آخر على الرغم من أن النموذج الواقعي قد أثبت فائدته لفهم بعض جوانب العلاقات الدولية الإيرانية، إلا أنه لا يفسر بالكامل العناصر الفكرية في استراتيجيات السياسة الخارجية لطهران.
الأمر الذي يفسر لماذا يتغير الخطاب السياسي الإيراني من إدارة لآخري، ومع ذلك تظل النقاط المرجعية الكلية المستخدمة في تطوير السياسة الخارجية ثابتة.[7]
إن تحديد مصالح الدولة يعتمد على التاريخ والثقافة والخلفيات السياسية والاجتماعية. ويرى البنائيون بأن “أنظمة الأفكار والمعتقدات والقيم المشتركة لها أيضا خصائص هيكلية ولها تأثير قوي على العمل الاجتماعي والسياسي. من خلال وجهة النظر هذه فان ما تقوم به الجهات الفاعلة في العلاقات الدولية، والمصالح التي يحتفظون بها، والهياكل التي يعملون في ظلها تحددها الأعراف والأفكار الاجتماعية، بدلاً من الظروف الموضوعية أو المادية. [8]
ويعد أحد أهم النماذج الدالة على دور الهوية في تشكيل السياسة الخارجية ، هو التحول الدرامي في الموقف الإيراني تجاه الولايات المتحدة بعد الثورة الايرانية من كونها أحد أركان المصالح الأمريكية في الخليج الفارسي إلى أحد تهديدات الأمن القومي الأمريكي . [9]
ومن المهم في هذه الدراسة تحديد معنى الهوية ، فمعظم تعريفات الهوية تدور حول فهم الذات في علاقتها بالآخرين، فالهويات ليست فقط شخصية أو نفسية ، ولكنها أيضا اجتماعية ، وتتأثر بشكل عميق بتفاعل الفاعل مع وبالعلاقة مع الآخرين ، ومن خلال التفاعل والمشاركة في سياق مؤسسي ينسب الفاعل لهوية.
وبالمثل يتم تشكيل هويات الدولة القومية في العلاقة مع القوميات والدول الأخرى. ويمكن تعريف الهوية الوطنية على أنها مجموعة من الأشخاص الذين يتطلعون إلى أو يكون لهم وطن تاريخي، ويتقاسمون أسطورة مشتركة وذكريات تاريخية ولديهم حقوق أو واجبات قانونية لجميع الأعضاء، ولديهم علامات تمييزية عن الآخرين. ووفقا لهذا الرأي ، تتمايز الأمة والدولة من الناحية التحليلية. ان التمييز بين الهوية الوطنية والقومية تم تصميمه ليس فقط لأغراض تحليلية ولكن أيضًا لتوفير قدر أكبر من الوضوح التاريخي والمفاهيمي. ففي الشرق الأوسط على سبيل المثال يمكن أن تكون هوية الدولة متمايزة تمامًا عن الهويات الوطنية للسكان، الأمر الذي يؤدي إلى انعدام الأمن المحلي.[10]
وفي ظل أن منطقة الشرق الأوسط تعم بعمليات الفوضى، فان عمليات تشكيل الهوية تهتم في أولا وقبل كل شيء بالحفاظ على “الأمن” الذاتي. وتختلف مفاهيم الأمن في مدى تحديد الذات وطريقة تحديدها مع الآخر بطريقة معرفية.[11]
بعد أن استعرضنا الاسهامات التي قدمتها المدرسة البنائية في توضيح دور الهوية على العلاقات الدولية والسياسة الخارجية ، نحاول أن نبحث بعد ذلك مكونات الهوية الإيرانية وكيف أثرت هذه المكونات على سياستها الخارجية ومدى هذا التأثير .
ثانيا : مكونات الهوية الايرانية والرؤية الإيرانية لمحيطها الإقليمي
تعد الجمهورية الإسلامية الإيرانية دولة ذات تاريخ وحضارة عريقة ، وكان السؤال المطروح دوما، هل أدى قيام الجمهورية الإسلامية الى هيمنة الأيدولوجية على سياستها الخارجية، اما أن مكونات الهوية الإيرانية الأخرى استمرت في التأثير على سياستها الخارجية ، وعادة ما كان هذا التساؤل يدور حول هل المصلحة القومية الإيرانية أم الأيدلوجية هي الحاكمة للسياسة الخارجية الإيرانية، غير أننا نرى ان التساؤل الصحيح هو عن تأثير مكونات الهوية الإيرانية سواء القومية أو الدينية على سياستها الخارجية .
فالهوية الإيرانية تتميز بأن لديها العديد من السمات المتداخلة الأمر الذي أدى لتعدد محاولات رسم مكونات الهوية الإيرانية واختلاف عناصرها. فقد عرفتها سوزان مالوني بالإسلامية ومعاداة الإمبريالية والإيرانية (الحضارة الايرانية قبل الإسلامية )، فيما رأى محسن ميلاني أن الهوية الإيرانية كانت في يوم من الأيام مستوحاة من الشيعة والفارسية والغربية. وحاول عدد من الباحثين في الآونة الأخيرة حصر مكوناتها في “اللغة الفارسية والمذهب الشيعي والإسلام والثقافة الشرقية والتصوف الشرقي والحداثة والتاريخ الوطني”.
بينما رأى هولادياي أن بناء الهوية الإيرانية يدور حول العلاقة بين الإسلامية والإيرانية والعلاقات التاريخية مع الغرب، ويرى صالح أنها توازن بين ايديولوجية إيران الإسلامية والوطنية المستمدة من تراث إيران قبل الاسلام، بينما أكدت هنتر على التنافس بين الهويتان الإسلامية والإيرانية.
في حين اتجه باحث آخر وهو راسموس إلينغ لمناقشة “الحديث عن الهوية” بدلاً من الهوية نفسها، مشيرًا إلى أن ذلك يعني في حالة إيران “الدين واللغة والقبيلة والجغرافيا جنبًا إلى جنب مع الطبقة والعرق “. بينما فضل علي أنصاري التمييز بين الفاعلين بدلاً من التوجهات غير الملموسة حيث ميز بين القوميين العلمانيين والقوميين المتدينين واليساريين وغيرهم.[12]وعامة يرى البعض أن مكونات الهوية الإيرانية عادة ما تدور حول القومية او” القوة العظمى ” والإسلامية ومناهضة الإمبريالية. حيث لعبت كلا منها دوراً هاماً وإن كان متغيرا في تشكيل الأجندة الخارجية للجمهورية الإسلامية على مدى السنوات الماضية.[13]
وينبغي هنا أن نأكد على التواصل بين الهوية الايرانية قبل الثورة الاسلامية وبعدها ، وعدم حدوث انقطاع أو تحول جوهري في الهوية الايرانية . لقد أكدت العديد من الدراسات على أن ثورة 1979 لم تقم بإعادة اختراع الهوية الإيرانية. وإنما حافظت على الجوانب الحاسمة لها واستكملت بالإسلام والشيعة. ولا يعتبر العديد ممن المحللين أن الإيرانية (الهوية الإيرانية قبل الإسلام ) تتواجد كهوية منافسة منفصلة عن الاسلام ، بل هي واحدة من سلسلة متوالية للهوية الإيرانية.
ففي معظم الحالات لا يفصل الإيرانيون الإسلام عن التراث الإيراني حين يصفون ثقافتهم .[14] فأحد أهم مكونات الهوية الإيرانية هي الإحساس الوطني بالدولة الايرانية، فايران كدوله لها تاريخ حضاري عريق، ذات حدود معروفة ومرسومة عبر التاريخ، مما ولد لدى سكانها شعورا قويا بالهوية القومية حتى مع وجود تنوعا عرقيا ولغويا ودينيا.[15]
ويمكن القول أن مزيج الإسلام والايرانية كانا حاضرين في قرارات صانعي السياسة في الجمهورية الإسلامية. فمن وجهة النظر الرسمية في طهران فان كلاهما كان هدفا للإمبريالية الأمريكية والصهيونية وكذلك هدفا للتهديدات الداخلية التي تمثلها مجموعات الملكيين واليساريين والعلمانيين بشكل عام.
وفي هذا الصدد ينبغي أن نلاحظ أن الهوية القومية كانت قوية منذ الأيام الأولى للثورة ، خاصة في الفترة التي شهدت اندلاع الحرب العراقية الايرانية في سبتمبر عام 1980. فلم يفصل الخومينى الدين عن الأمة مطلقاً ، مؤكداً على أن الجهد الحربي فتح الباب لعودة المهدي المنتظر من غيبته. وقبل فترة وجيزة من وفاته أصدر فتوى دينية تنص ” على أن حماية الدولة واجب ديني له الأسبقية على جميع الالتزامات الإسلامية الأخرى”[16] .
إن الهوية الإيرانية القومية والتي تركز على دورها كقوة اقليمية لم ترتبط فقط بمحاولات الجمهورية الإسلامية لتعزيز دورها في منطقة الشرق الأوسط ، وانما كانت لها جذورا تاريخية . فخلال فترة الحكم الملكي كان الملك ينظر للدور الايراني في المنطقة بوصفه الضامن الرئيسي للأمن الإقليمي وهو الأمر الذي كان سببا للتوتر مع دول الخليج العربي. ومع اندلاع الثورة الإسلامية واستمرار السعي الإيراني لتعزيز دورها الاقليمي اسبغ البعض عليه البعد الطائفي.
إن السعي الايراني للهيمنة الاقليمية أو تعزيز دورها كان مستمرا سواء كان ذلك في شكل تقاليد الإمبراطورية الفارسية أو تحت ستار الجمهورية الاسلامية. [17] فقد كانت إيران دوما ما ترى أنها تمثل طليعة الثورة الإسلامية وأنها محاطة بسلطات تتآمر لزوالها. وقد ساعدت عوامل كثيرة على تعزيز هذا الشعور، فقد استمرت ذكرى الحرب الإيرانية العراقية في تشكيل نظرة إيران على العالم العربي فالعديد من كبار القادة الإيرانيين هم من قدامى المحاربين في تلك الحرب، وهم يتذكرون جيدا كيف قام العراق بضم الأراضي الإيرانية واستخدم الأسلحة الكيماوية وقصف المدن الايرانية بالصواريخ.[18]
وفي ظل هذا الشعور الإيراني بأنها تمثل طليعة الحركات الإسلامية والزعيم الشرعي للأمة الإسلامية. عملت على تضييق الفجوة مع جيرانها الأقرب على ضفاف الخليج العربي، وتقليل أثر الانقسامات الإيرانية-العربية والسنية – الشيعية.
حيث اتخذت عددا من الإجراءات التي شملت : الإعلان عن منع شتم الخلفاء الثلاثة الأوائل – أبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان- التي كانت سارية منذ حكم السلالة الصفوية، وسمح للحجاج الإيرانيين بالصلاة خلف إمام سني أثناء الحج وغيرها. وذلك في اطار محاولاتها لمد دور الجمهورية الإسلامية من سياق “الشيعة الإيرانية” إلى سياق حركة جماهيرية إسلامية شاملة.
ومع ذلك استمرت الملامح الأصلية للهوية الإيرانية والشيعية للبلد ظاهرة بشكل لا يمكن الفرار منه. فقد تم إضفاء الطابع المؤسسي على ملامح الهوية الايرانية الشيعية ، بدءًا بنظرية الخوميني حول ولاية الفقيه ، إلى قرار الإبقاء على التشيع الإثني عشري باعتباره الدين الرسمي للدولة ومطلب أساسي للتأهل لمنصب الرئاسة.[19]إن نظرية ولاية الفقيه التي وضعها الامام الخوميني ساهمت في تعزيز الانقسام بينها وبين دول الخليج العربي ، فقد كانت قائمة على رفض الحكم الملكي كشكل شرعي للحكم، كما أن الحكم الملكي السعودي بالنسبة لوجهة النظر الإيرانية لا يفي بالمتطلبات الأخلاقية للدولة المسلمة، لقد كان الخومينى يرى أن الملكية الوهابية متناقضة مع تعاليم الإسلام. فالسيادة ليست مجرد صفة قانونية في القانون الوطني والدولي، بل إنها تتطلب شرعية شعبية ودينية أخلاقية. وبتحالف الدولة السعودية مع “الشيطان الأكبر” (الولايات المتحدة)، والتمسك بالمبادئ الملكية لإضفاء الشرعية على قيادة آل سعود ، فان “حكومة الحجاز” كما كان يشير إليها الخوميني فقدت مصادر شرعيتها كدولة وكحارس للمقدسات الاسلامية في مكة والمدينة. وفي اطار ذلك تحول موسم الحج بعد الثورة الاسلامية إلى مسرح رئيسي للمظاهرات السياسية من أتباع النموذج الإيراني. واتهمت السلطات السعودية الجمهورية الإسلامية بإثارة الاضطرابات. في مقابل وجهة النظر الايرانية، تأتي وجهة نظر رجال الدين السعوديين أو رجال الدين في الشرق الأوسط بشكل عام بأن المذهب الشيعي خارج عن تعاليم الاسلام الحقيقي.[20]
خلاصة القول أن الجمهورية الاسلامية كانت دائما ما ترى أنها ترى نفسها باعتبارها دولة قائدة في منطقة الشرق الأوسط، سواء كان ذلك في وقت الشاه باعتبارها دولة قومية ، أو بعد اندلاع الثورة الاسلامية باعتبارها طليعة للحركات وللدول الاسلامية في المنطقة.
وقد أدى قيام الجمهورية الاسلامية وتبنى نظرية ولاية الفقيه كنظام للحكم ، الى تزايد الهوة بين ضفتي الخليج العربي، ورغم التوتر الذي كان يسود العلاقات بين الطرفين منذ قيام الجمهورية ، الا أن الصراع بين الطرفين لم يصل الى ما وصلت اليه الأمور في السنوات الأخيرة .
وسوف نحاول أن نوضح أولا السياسات الايرانية التي اتبعتها تجاه دول منطقة الشرق الأوسط ، ثم نوضح بعد ذلك أسباب الصراع الطائفي في المنطقة في الوقت الحالي .
كيف أثرت عناصر الهوية الايرانية على السياسة الخارجية الايرانية:
يمكن تتبع أثر الهوية الايرانية على السياسة الخارجية الايرانية على مختلف الاصعدة، فالمواد المتعلقة بالسياسة الخارجية في الدستور الايراني شهدت تداخلا بين الهوية الاسلامية والهوية القومية الايرانية، فقد تضمنت (المادة 152) المحافظة على استقلال الدولة، ورفض كافة أنواع الخضوع لأي قوة متسلطة، والمحافظة على وحدة أراضي الدولة، وإقامة علاقات سلمية مع جميع الدول التي ليست في حالة حرب مع إيران، وعدم الانحياز للقوى المتسلطة، ونصرة جميع المسلمين في العالم ، بينما تضمنت المادة (153) منع عقد أي معاهدة قد تؤدي إلى السيطرة الأجنبية على الدولة ، في حين أشارت المادة (154) إلى دعم المستضعفين ضد المستكبرين في أي مكان في العالم وفي الوقت نفسه عدم التدخل في الشئون الداخلية للشعوب الأخرى. [21]:
وتثير المبادئ الحاكمة للسياسة الخارجية الإيرانية في الدستور الإيراني عدة ملاحظات أهمها:
- الدور الذي لعبته أفكار الخوميني في التأثير على المبادئ الخاصة بالسياسة الخارجية الإيرانية، حيث قسم الخوميني العالم إلى مستكبرين ومستضعفين. فيسعى المستكبرون إلى الهيمنة على المستضعفين. ويضم جانب المستضعفين المسلمين وباقي دول العالم الثالث، وقد طالب بدعم المستضعفين وحركات التحرير حول العالم وطالب حكومة إيران بأن يكون هدفها تحرير البشرية بأكملها بعد أن أصبحت إيران بعد الثورة مركزا للمقاومة ضد القوى العظمى في العالم[22].
- مفهوم الدعم في المادة (154)، يثير إشكالية أخرى، فالمدى الواسع الذي يمكن أن تمثله أشكال الدعم المختلفة قد تتراوح ما بين إرسال الأسلحة والقوات إلى الدول الأخرى لمساندتها، إلى التعاطف وتقديم المشاعر الودية مرورا بالنصائح الأبوية للمظلومين كما أن مفهوم الاستضعاف نفسه أيضا من الصعب تحديده. فمن هم المستضعفون، وهل يقبل المستضعفون دفاع إيران عنهم ؟[23]
- تثير المواد المتعلقة بالسياسة الخارجية في الدستور الجدل باعتبار أن الدستور حمل العديد من الأهداف المتناقضة، ومن ذلك عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى وفي نفس الوقت نصرة المستضعفين في العالم وما قد يؤدي إليه ذلك من تدخل في شئون الدول الأخرى[24] .
أما على سبيل السياسة الخارجية الايرانية تجاه دول منطقة الشرق الأوسط ، فسوف نلاحظ أنها اتجهت الى تعزيز دورها الاقليمي في منطقة الشرق الأوسط من خلال بناء تحالفات إقليمية وبخاصة مع الأطراف التي تواجه التحديات ذاتها، وأيضا عقدت العديد من التحالفات الأخرى في المناطق التي تعتبرها تمس أمنها القومي خاصة في الفترة السابقة لبداية الثورات العربية ، ومن أهم تضاريس خريطة التحالفات التي تسعى إيران لإقامتها والحفاظ عليها لتعزيز أوراقها الإقليمية ما يلي:
- التحالف السوري الإيراني:
تعد سوريا الحليف الاقليمي الاستراتيجي الاقرب لإيران، إذ تلعب دورا سياسيا ولوجستيا رئيسيا في الأجندة الإيرانية في المنطقة، في ضوء جوارها الجغرافي مع حزب الله والجماعات الفلسطينية ، كما أنها تقع على الحدود مع لبنان، والعراق، وإسرائيل. وبالتالي تعد سوريا ممرا جغرافيا للوصول إلى هذه الجماعات والدول.[25] هكذا مثلت سوريا ركناً رئيسياً في سياسة إيران الخاصة بتعزيز نفوذها الإقليمي، وكذلك في سياستها الدفاعية. الأمر الذي جعلها جزءاً محورياً من معادلة الصراع التي تخوضها طهران مع العديد من القوى الإقليمية والدولية لتحقيق طموحاتها الاقليمية . وبالتالي فإن أي تغيير سياسي في سوريا سيلقى بآثاره وتبعاته على السياسة الإقليمية لإيران، وعلى معادلة الصراع بما يعيد صياغة احتمالات الصراع والحرب في الإقليم في المديين المنظور والمتوسط.
فالتغيير الأسوأ من منظور المصالح الإيرانية، هو سقوط النظام السوري وتبني أي نظام سوري جديد توجهات تتماهى بشكل كامل مع المعسكر المناوئ لإيران. وفي هذه الحال، فإن خسارة إيران لن تقتصر على خسارة الطرف السوري، بما يعنيه ذلك من خصم من نفوذها السياسي والعسكري إقليمياً، وإنما ستمثل سوريا بالتالي عنصر تهديد لبقية عناصر معادلة النفوذ والتأثير الإيرانية، والتي كان التواصل الإيراني معها يرتبط بنظام الأسد، وسيتمثل ذلك في خنق حزب الله في لبنان سياسياً ولوجيستياً.[26]
- التحالف مع حزب الله اللبناني: تعزز هذا التحالف منذ الغزو الإسرائيلي للجنوب اللبناني في بداية الثمانينات، ونتيجة للعلاقات القوية بين كل من طهران والشيعة في لبنان، فقد أمدت طهران الشيعة بمعونات مالية وعسكرية ضخمة استخدمت في تسليح حزب الله وفي إقامة الخدمات الاجتماعية بما فيها المستشفيات والمدارس كما أنه بعد الانسحاب الإسرائيلي في عام 2000 من جنوب لبنان كان وزير الخارجية الإيراني أول وزير خارجية يزور لبنان.[27]
وتتعد الصلات التي تربط حزب الله اللبناني بالجمهورية الاسلامية ، فحزب الله يؤيد نظرية ولاية الفقيه، كما يعربقادة الحزب دائما عن ولائهم للزعيم الخومينيو خليفته آية الله علي خامنئي ، وفضلا عن الصلات الأيدلوجية والدينية ، يتلقى حزب الله العديد من المساعدات المادية والمعنوية من إيران ، فقد اعترف الحزب بتلقي ملايين الدولارات من الدعم المالي سنويا من إيران، ولا تأتي كثير من هذه الأموال من مصادر حكومية فقط، وانما تأتي أيضا من مؤسسات ومنظمات خيرية يتحكم فيها مباشرة المرشد الأعلى. كما تلقى أعضاء الحزب التدريب العسكري على أيدى الحرس الثوري الايراني . حيث أشارت بعض التقارير إلى قيام حزب الله بارسال 500 مسلح في أبريل 2007 إلى إيران ليتم تدريبهم بشكل مباشر. [28]
ومن نافلة القول أن حزب الله يمثل بالنسبة لإيران مصدراً من مصادر نفوذها في الشرق الأوسط إذ يعزز من قدرتها على مواجهة التهديدات الإسرائيلية، فنظرا للتعاون بينهما، فإنه يمكن القول أن إيران تعتمد على الحزب لأن يلعب دورا مهما بتأليب الجبهة مع إسرائيل في جنوب لبنان في حالة نشوب حرب ضد إيران. وتشير العديد من التحليلات إلى أن إيران سوف تستخدم ورقة حزب الله باعتباره السلاح الأول في مواجهة المخطط الأمريكي ضدها.[29]
وفي هذا الصدد أظهرت الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو 2006 أهمية حزب الله بالنسبة لها. فقد صدرت العديد من التحليلات التي اعتبرت هذه الحرب بمثابة مقدمة لحرب أمريكية إسرائيلية على إيران لحسم الملفات العالقة، وأن هناك خططا أمريكية إسرائيلية معدة سلفاً لمهاجمة حزب الله، وفق رؤية أمريكية إسرائيلية ترى أنه يجب مهاجمة حزب الله، والقضاء على الأسلحة التي يمتلكها أولا قبل توجيه أي ضربات عسكرية على إيران، ولذلك تعتبر إيران أن حزب الله هو خط دفاعها الأول ضد إسرائيل والولايات المتحدة.[30]
- التحالف مع العراق :
بعد زوال حكم البعث في العراق بدأت إيران حملة للمصالحة مع العراق الجديد. وهو التغيير الدال عليه التصريح الصادر من الرئيس الإيراني السابق رافسنجاني في ابريل 2003 “بأن زوال نظام البعث ليس جيدا أو سيئا، وانما يعتمد على نوع النظام الذي سوف يحل محله ، فاذا نجحت الولايات المتحدة في انشاء دولة تابعة في العراق فإن ذلك سوف يكون ضارا جدا للأمن القومي الايراني ، على الوجه الأخر إذا انتهت الانتخابات إلى صعود حكومة مستقلة فسوف يكون ذلك في مصلحة إيران حيث سوف تهيمن عليها “الأغلبية الشيعية”، ولذلك دعمت طهران الحكومة المؤقتة في يونيو 2004، كما تم الاعلان عن إنشاء مكتب الاعمار في العراق ووفرت 300 مليون دولار لمشاريع إعادة الإعمار.[31]
كما عملت إيران على تحسين علاقاتها مع كل الأطراف العراقية لتعزيز دورها في عراق ما بعد صدام، فقد كانت على علاقات راسخة مع المجلس الأعلى وحزب الدعوة منذ الحرب بين إيران والعراق في الثمانينات.
ورغم حرص كل من المجلس الأعلى وحزب الدعوة على وضع مسافة بينهما وبين طهران بعد سقوط صدام حسين، إلا أنهما احتفظا بعلاقات وثيقة معها، ودافعا عن الجمهورية الإسلامية في مواجهة الاتهامات الأمريكية لإيران بالتدخل في الشئون العراقية.
كما أقامت إيران أيضا صلات مع مقتدى الصدر وجيش المهدي التابع له، في ضوء ما تمتع به من قوة صاعدة ومعارضته الشديدة للاحتلال الأمريكي. فضلا عن ذلك دعمت إيران علاقاتها مع رجل الدين الشيعي البارز آية الله السيستاني.
فقد أكد الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني على الدور الذي لعبه السيستاني في نجاح الأحزاب الشيعية في الانتخابات العراقية . ومن جانبه حافظ السيستاني على علاقات وثيقة مع مجتمع رجال الدين في إيران، فضلا عن اجتماعه بشكل روتيني مع المسؤولين الإيرانيين في زياراتهم للعراق.
وتأكيدا على السياسة التي اتبعتها إيران في تحسين علاقاتها مع كافة الأطراف العراقية ، سعت أيضا إلى اقامة علاقات مع الأحزاب الكردية، وخاصة مع جلال الطالباني الذي يتزعم الاتحاد الوطني الكردستاني فقد حرصت بعد سقوط صدام على استمرار العلاقات الودية مع طالباني .[32]
ولم تكتفي إيران بتعزيز تحالفاتها مع الأطراف الشيعية في المجتمع العراقي وانما عملت على تعظيم نفوذها في المجالات الأمنية والعسكرية ، فتم التوقيع على سلسلة من الاتفاقيات الثنائية مع العراق خلال ربيع وصيف عام 2005، منها مذكرة تفاهم حول التعاون الأمني لضمان أمن الحدود لمنع الإرهابيين من دخول العراق من الأراضي الإيرانية، إلى جانب إنشاء لجنة مشتركة لتبادل الخرائط والمعلومات عن حقول الألغام المزروعة على جانبي الحدود. [33]
وقد استفاد الإيرانيون من حالة الفوضى الموجودة في العراق فعملوا على دعم نشاطهم داخل التجمعات الشيعية في الجنوب وبين الأكراد في الشمال عبر تقديم الدعم العسكري والمالي واللوجستى للحلفاء الأساسيين. وقد تم هذا في البداية بموافقة ضمنية من قوات التحالف خاصة في الجنوب حيث ازدهرت المنظمات غير الحكومية غير الهادفة للربح بتمويل ودعم إيراني. وقد بدت هذه المنظمات كقوة استقرار بعد الإطاحة بصدام حسين ولكن بعد وصول احمدي نجاد إلى الرئاسة، بات المسئولون الأمريكيون والبريطانيون أكثر صراحة في نقد النفوذ الإيراني في مناطق الشيعة[34].
5-دعم المنظمات الفلسطينية:
عززت الجمهورية الاسلامية علاقاتها مع المنظمات الفلسطينية الجهادية، حيث التقى الرئيس السابق أحمدي نجاد مع قادة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وعدد من المجموعات الصغيرة خلال زيارته الى دمشق في يناير 2006.
وقد وضح الدور الايراني في دعم المنظمات الاسلامية المقاومة، حيث أعلن رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني في اجتماع في طهران مع أحد زعماء حركة حماس بأن الجمهورية الإسلامية تهدف إلى مد السلطة الفلسطينية التي تقودها حماس بالمال اللازم لتمويل العمليات الحكومية اليومية. وتراوحت التقديرات ما بين 50 مليون الى 100 مليون دولار. [35]
فضلا عن ذلك فان بعض التقارير تورد أن المساعدات الايرانية المالية إلى حماس تتدفق عبر دمشق، حيث تقوم طهران بتحويل معظم المساعدات المالية لحماس والجهاد الاسلامي في فلسطين من خلال فروع بنك ملي في دمشق. كما أو ردت وزارة الخزانة الأمريكية أن بنك ملي يقدم خدمات مصرفية للحرس الثوري الإيراني وفرع فيلق القدس وهي الجهات الايرانية التي تستخدم للعمليات في الخارج “.[36]
كما أوردت العديد من التقارير أن إيران أصبحت المورد الرئيسي للأسلحة ولتدريب حماس. كما استفادت إيران من التقارب بين حزب الله وحماس لتمكين أعضاء الحرس الثوري لتدريب حركة حماس في استخدام صواريخ ( SA-7) ستريلا المضادة للطائرات في قاعدة جنتا في وادي البقاع في لبنان.
كما أن العديد من التقارير الاسرائيلية تورد وجود أعضاء من الحرس الثوري الايراني داخل قطاع غزة لتدريب أعضاء الحركة . [37]وقد أتاحت علاقات طهران مع المنظمات الفلسطينية قيمة استراتيجية في المواجهة الجيوسياسية الإقليمية، وسمحت لها باستخدام التهديد بالانتقام العسكري من قبل حلفائها لردع هجوم إسرائيلي أو أمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، أو على الأقل جعل مثل هذا الهجوم مكلفا. كما ساعدت طهران على تفكيك الادعاء بأن إيران تسعى إلى تحقيق ما يسمى بالهلال الشيعي.[38]
- تحسين علاقاتها مع باقي الأطراف الاقليمية :
لم تكتفي إيران خلال فترة أحمدي نجاد بشكل خاص على دعم تحالفاتها في المنطقة مع الأطراف التي تشاركها نفس وجهات النظر أو الأطراف التي تشاركها الروابط الدينية أو الأيدلوجية، وانما حاولت تحسين علاقاتها مع العديد من الأطراف الأخرى خاصة دول الخليج ، فقد قدمت إيران عددًا من المقترحات لإنشاء نظام أمني تعاوني في الخليج العربي من خلال انشاء منظمة للتعامل مع قضايا الأمن الإقليمي، ومجلس تعاون اقتصادي، وذلك خلال الزيارة التاريخية التي قام بها أحمدي نجاد إلى قطر في عام 2007، وحضر خلالها اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي نفس العام زار أحمدي نجاد كل من الكويت والبحرين وعمان والإمارات العربية المتحدة خلال جولة كبيرة لدول المنطقة. وقد قام بتوقيع اتفاقيات للتعاون في مجال النفط والغاز في عمان ، الا أن الزيارة الأكثر أهمية كانت للمملكة العربية السعودية.
والتي كانت استجابة لدعوة الملك عبد الله خلال موسم الحج . ومع ذلك ونتيجة للعديد من المتغيرات – والتي من أهمها الموقف الايراني من القضية الفلسطينية ودعمها لحزب الله، والاتهامات الموجهة لها بالتدخل في الشئون العربية ، والتي تفسرها الدول العربية كمحاولة إيرانية لمد نفوذها في المنطقة- لم تسفر التحركات الايرانية عن تحسن في العلاقات مع دول الخليج العربية.
كما أحدثت التصريحات التي أصدرها رئيس البرلمان الايراني السابق في يناير 2009 والتي انتقد فيها الشاه للتخلي عن البحرين توترا آخرا في هذه العلاقات . ورداً على ذلك ، أوقفت البحرين المفاوضات بشأن بيع الغاز الإيراني إلى البحرين ومنعت المواطنين الإيرانيين من دخول أراضيها. وطالب مجلس التعاون الخليجي الحكومة الإيرانية بإدانة بيان ناطق نوري.
ولتفادي الأزمة أبعدت الحكومة الإيرانية نفسها عن هذه التصريحات، وتراجع ناطق نوري قائلا إن تصريحه لم يكن يهدف إلى إحياء مطالبة إيران بالبحرين، بل لإظهار الطبيعة الخاضعة لسياسة الشاه الخارجية. وقد تم تخفيف حدة التوتر عندما زار وزير الداخلية الإيراني البحرين وجاء وزير الخارجية البحريني إلى طهران.
واستمرارا لنهجها في محاولة تعزيز علاقاتها مع دول الخليج العربية، استطاعت إيران دعم علاقتها مع كل من عمان وقطر. ففي أغسطس 2009 زار السلطان قابوس برفقة وفد كبير ورفيع المستوى إيران ، وتم مناقشة عدد من القضايا الهامة من ضمنها توقيع اتفاق أمني ، كانت الدولتان تتفاوضان بشأنه لمدة ثلاث سنوات، فضلا عن رغبة عمان في استيراد الغاز الطبيعي من إيران والاستثمار في حقل غاز كيش بالقرب من جزيرة كيش. وفي فبراير 2010 ، قام ولي عهد قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بزيارة طهران، وفي 24 فبراير 2010 زار وزير الدفاع الإيراني قطر. خلال هذه الرحلة،
وقّع الجانبان على ما تم وصفه بأنه “اتفاقية دفاع” أو “بروتوكول أمني”.
وفي مارس 2010 ، زار وزير الداخلية الإيراني قطر لتوقيع الاتفاقية الأمنية والتي تغطي مجالات التعاون ضد الإرهاب وتهريب المخدرات والبشر وغسل الأموال وغيرها من الأنشطة الإجرامية.[39]
وعلى نفس الخطى حاولت إيران تحسين علاقاتها مع باقي دول منطقة الشرق الأوسط خاصة جمهورية مصر العربية، ففي مايو 2007 ، أعلن أحمدي نجاد أن إيران مستعدة لفتح سفارة في القاهرة إذا كانت مصر ستقوم بالمثل.
وخلال الفترة 2007-2008 ، كان هناك عدد من الزيارات بين المسؤولين الإيرانيين والمصريين من المستوى المتوسط. في ديسمبر 2007 – يناير 2008 ، زار وزير الأمن القومي الإيراني القاهرة واجتمع مع كبار المسؤولين والزعماء الدينيين، بمن فيهم وزير الاستخبارات عمر سليمان ورئيس الأزهر والشيخ محمد سيد طنطاوي.
عرض لاريجاني بيع القمح الإيراني والمساعدة في تطوير البرنامج النووي المصري. في يناير 2008 اتصل أحمدي نجاد بمبارك لمناقشة الوضع في غزة ، كما التقى رئيس البرلمان الإيراني الذي كان في القاهرة لحضور اجتماع رؤساء البرلمانات في الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي بالرئيس مبارك.
ومع ذلك ، فان الرد المصري على المبادرات الإيرانية كان أكثر حذراً مما كان عليه خلال رئاسة خاتمي. ويمكننا أن نعزو صعوبة تحسن العلاقات بين الدولتين الى العديد من الأسباب منها الاختلاف العميق في الرؤية العالمية للدولتين، والتنافس الشديد على النفوذ الاقليمي، واختلاف وجهات النظر بينهما حول قيمة وضرورة استعادة العلاقات.
بالإضافة إلى ذلك ادت المتغيرات الاقليمية الى زيادة التوتر بينهما خاصة مع اندلاع أزمة غزة في الفترة 2008-2009 ، فقد اتهمت إيران مصر بانها تتعاون مع إسرائيل ، كما ادت الجهود الايرانية بإرسالها مبعوثين إلى الدول العربية لحثهم على توحيد ومساعدة الفلسطينيين الى اغضاب مصر، كما عقدت مؤتمراً دولياً لدعم الفلسطينيين في طهران، في مقابل ذلك عقدت مصر مؤتمرا دوليا في شرم الشيخ يضم القادة العرب والغربيين لحل الأزمة أيضا.[40]
أوضح لنا العرض السابق أن إيران قد انتهجت عددا من السياسات الرامية لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط خاصة بعد انهيار النظام العراقي في مطلع الألفية الثالثة، حيث عملت على تشكيل شبكة من التحالفات في المنطقة، سواء مع الأنظمة التي تشاركها نفس التوجهات أو تحسين علاقاتها مع باقي دول المنطقة، غير أن العلاقات الايرانية مع التجمعات الشيعية سواء في العراق أو لبنان أو النظام السوري العلوي هي ما جعل الجميع يسبغ على السياسة الايرانية الصبغة الطائفية.
وقد استمرت المحاولات الايرانية لتعزيز نفوذها في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، الا أن اندلاع الثورات العربية وما تلاها من تحولات استراتيجية في المنطقة والتي كان من ضمنها تصاعد دور الجماعات الجهادية والانفصالية في الاقليم، فرض تحديات كبيرة على السياسة الخارجية الايرانية، وقد شهدت هذه الفترة تصاعد التوتر الطائفي في المنطقة، للعديد من المتغيرات منها ما هو مرتبط بالسياسات التي اتبعتها إيران ومنها ما هو ناتج عن المتغيرات التي شهدتها المنطقة خاصة في أعقاب الثورات العربية وذلك على النحو التالي :
- التغيرات الجذرية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والتي بدأت بالغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 وبلغت ذروتها باندلاع احداث الربيع العربي ، أدت الى اسقاط أنظمة مستقرة في المنطقة، واندلاع عدد من الصراعات العرقية والطائفية . وقد أدت هذه الأحداث الى تعزيز قوة إيران النسبية ونفوذها في جميع أنحاء المنطقة، خاصة مع الضعف الذي أصاب مراكز القوة الأخرى في المنطقة، كما أدت هذه التغيرات إلى سعي إيران لتعزيز موقفها بتشكيل التحالفات وتوطيد الحكومات خاصة في العراق. كما ازداد نفوذها في كل من سوريا واليمن وتمكنت إيران من اعاقة السعودية وحلفائها في حرب مكلفة، وتحويل الموارد السعودية بعيداً عن العراق وسوريا. [41]
- ضعف سلطة الدولة أو انهيارها في بعض الحالات أدى الى حدوث فراغ سياسي محلي فتح المجال أمام القوى الخارجية للتدخل. ففي حالة الدولة العراقية ادى انهيار الدولة بعد الغزو الأمريكي الى تصاعد الصراع بين المجموعات الشيعية والكردية للحصول على السلطة. واتجهت الأحزاب الشيعية إلى إيران طلبا للدعم، في حين تطلعت الأحزاب السنية إلى المملكة العربية السعودية. مما ساهم في زيادة حدة الطائفية . أما في سوريا فمع سقوط الدولة في أتون الحرب الأهلية أصبح النظام أكثر اعتمادا على الأقلية العلوية، والأقليات الدينية الأخرى الخائفة من التغيير، كما اشتدت حدة الخطابات الطائفية السنية المعارضة . [42]
- تصاعد دور الجماعات الجهادية المسلحة خاصة داعش ، وزيادة الدعم الإيراني للميليشيات الشيعية في العراق، رغم ما لذلك من آثار سلبية طويلة الأمد ضارة بإيران ، بتزايد الاتهامات الموجهة لها بأنها دولة طائفية ،[43]ومع ذلك فإن مواجهة داعش ترتبط ارتباطا وثيقا بأمن الدولة الايرانية. ووفقا لأمين مجلس الأمن القومي الأعلى، إذا لم تواجه إيران داعش في العراق وسوريا اليوم فإنها سوف تقاتلها غدا داخل حدودها. [44]ان الدعم الإيراني للمجموعات الشيعية في العراق أو سوريا لمواجهة داعش يقوض الأساس الأيديولوجي للثورة الإيرانية بانها طليعة الحركات الثورية الإسلامية ضد القوى الغربية. وقد مثل تصاعد دور داعش في المنطقة تحديا للرؤية الإيرانية. فرداً على تصاعد دور داعش، اضطرت إيران للاعتماد على مجموعات المليشيات الشيعية العراقية وحزب الله في لبنان. إن قوات التعبئة الشعبية (PMF) التي شكلتها المليشيات الشيعية العراقية ، كانت داعما رئيسيا لاستراتيجية إيران. فقد ظهرت قوات الدفاع الشعبي في عام 2014 لمواجهة شبح داعش. وفي هذا الصدد أصدر آية الله العظمى علي السيستاني فتوى تطالب جميع العراقيين بغض النظر عن الانتماء الطائفي بالدفاع عن البلاد والأضرحة الدينية – التي تصادف أن تكون شيعية في الغالب. وقد عرضت قوات الدفاع الشعبية مظلة لجمع هذه الميليشيات معا. على الرغم من الأجندة غير الطائفية التي تبناها السيستاني، الا أن غالبية الميليشيات في الجبهة الديمقراطية الشعبية هي شيعية، ولذلك فان البعض يرى بأن “الطبيعة الطائفية لـقوات التعبئة لم تكن نية السيستاني، بل جاءت كنتيجة لدعم إيران لها. فالعديد من الميليشيات الشيعية تخضع حالياً لسيطرة قوة القدس الإيرانية. علاوة على ذلك كان قائد قوات الدفاع هادي العامري ونائبه أبو مهدي المهندس أعضاء في قوة القدس في السابق. [45]
- الصراع على القيادة الإقليمية، لقد تحول الشرق الأوسط بعد الثورات العربية إلى ساحة للمنافسة بين المملكة العربية السعودية وإيران. فالسياسة الإيرانية القائمة على دعم حلفاءها الشيعة في كل من العراق ولبنان واليمن وسوريا أدت لتصاعد المخاوف السعودية من قيام إيران بإنشاء هلال شيعي في المناطق ذات الأغلبية الشيعية. لقد تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة خاصة بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، والذي غير من الخريطة الجيوبوليتيكية للمنطقة ودفع العراق للوقوع تحت النفوذ الإيراني. كما تحولت اليمن منذ عام 2014 إلى ساحة للتنافس بين الدولتين، وتخشى السعودية من أن نمو النفوذ الإيراني في اليمن (والتي تعد منطقة نفوذ لها) قد يشعل التمرد في المحافظات الشرقية والجنوبية في المملكة، ولذلك مولت السعودية الحكومات المتعاقبة في صنعاء لضمان أمنها الداخلي. أما سوريا والتي تعد معقل للنفوذ الإيراني فقد تحولت المظاهرات التي اندلعت في 2001 من المطالبة بإصلاحات اقتصادية وديمقراطية إلى حرب طائفية عدوانية. وقد رأت المملكة العربية السعودية في الأزمة السورية فرصة لإضعاف نظام الأسد ومن ثم عزل إيران عن المنطقة، ولذلك دعمت جماعات المعارضة السورية ومنها الجيش السوري الحر. أما لبنان الساحة الأخيرة للتنافس بين الدولتين وهي لبنان ، فقد أثر الوضع السوري عليها حيث ارتفعت حدة العنف الطائفي داخلها، فقد أدت مشاركة حزب الله النشطة في دعم النظام السوري إلى هجمات على المناطق الشيعية اللبنانية من الفصائل السنية، وعززت السعودية من حدة التوتر الطائفي بتقديم الدعم المالي للجيش اللبناني.[46]
الخاتمـــة :
يتضح مما سبق أن الهوية الايرانية كانت دائما ما تلعب دورا في تشكيل السياسة الخارجية الايرانية، فالشعور القومي الايراني بأنها دولة ذات تاريخ حضاري عميق ولها جذور تاريخية ممتدة، وأنها ينبغي أن تمارس دورها كدولة قائدة في المنطقة عاملا هاما في تشكيل سياستها الخارجية.
ونرى أن هذا البعد من الهوية الايرانية هو أحد أهم محددات السياسة الخارجية الايرانية، فهو الذي يدفعها لتشكيل مصالحها في منطقة الشرق الأوسط ، ويدفعها لتعزيز نفوذها في المنطقة، لتمارس الدور الذي تستحقه من وجهة نظرها.
وفي اطار ذلك انتهجت إيران عددا من السياسات الخارجية سواء بتشكيل تحالفات مع تنظيمات شيعية ، أو تدعيم علاقاتها مع المنظمات الفلسطينية السنية ، أو تحسين علاقاتها مع المنظمات الكردية في العراق لتكون لها علاقات مع كل الأطراف العراقية . غير أن اندلاع الثورات العربية بداية من عام 2010 أدى الى حدوث عدد من التغيرات الاستراتيجية في المنطقة ، نتج عنها زيادة التوتر والصراع الطائفي بينها وبين المملكة العربية السعودية .
[1]-MaaikeWarnaar , Iranian Foreign Policy during Ahmdinejad:Ideology and Actions, (New York: Palgrave Macmillan, 2013), Pp 11-13
[2]– ShibleyTelhami, Michael N. Barnett, Identity and Foreign Policy in the Middle East, ( New York: Cornell University press, 2002), p 16
[3]– Ibid, Pp 10-11
[4]– MaaikeWarnaar, p 24
[5]–Ibid , Pp14-16
[6]– Alexander Wendt, Social Theory of International Politics, (New York, Cambridge University Press. 1999), Pp 231
[7]-ShahramAkbarzadeh and James Barry, State Identity in Iranian Foreign Policy, British Journal of Middle Eastern Studies,March 2016, Pp 614-615
[8]-Mahdi Mohammad Nia, Discourse and Identity in Iran’s Foreign Policy , (Iranian Review of Foreign Affairs, Vol. 3, No. 3, Fall 2012 Pp35-36
[9]ShibleyTelhami, Michael N. Barnett,op,cit P 92
[10]– Ibid, Pp8-9
[11]– Alexander Wendt , Anarchy is What States Make of It: The Social Construction of Power Politics, International Organization, Vol. 46, No. 2 (Spring, 1992), p 398
[12]– ShahramAkbarzadeh& James Barry, op,citPp 615-616
[13]– ShibleyTelhami, Michael N. Barnett,op,citp 94
[14]ShahramAkbarzadeh& James Barry,op,citPp 618- 620
[15]– GawdatBahgat, AnoushiravanEhteshami, and Neil Quilliam, Security and Bilateral Issues Between Iran and Its Arab Neighbours ,( London: Palgrave Macmillan, 2017p7
[16]– ShahramAkbarzadeh& James Barry, Pp 618-619
[17]– Shireen Hunter, Iran’s Policy Toward the Persian Gulf: Dynamics of Continuity and Change, in GawdatBahgatAnoushiravanEhteshami, and Neil Quilliam ,Pp 31-32
[18]– Vali Nasr, Iran Among the Ruins: Tehran’s Advantage in a Turbulent Middle East, on , march/ april 2018 :
https://www.foreignaffairs.com/articles/middle-east/2018-02-13/iran-among-ruins
[19]ArshinAdib-Moghaddam, The International Politics ofthe Persian Gulf, A cultural genealogy , (UK:Routledge , 2006), p31-33
[20]– Ibid, p29-33
[21]– راجع نص دستور الجمهورية الإسلامية في إيران الصادر عام 1989 .
[22]– د. وليد محمود عبد الناصر، “الجذور الفكرية للسياسة الخارجية الإيرانية “، السياسة الدولية، العدد 10، أكتوبر1991، ص 137.
[23]– بيزن ازدي ، مدخل إلى السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية ، ترجمة: سعيد الصباغ ، (القاهرة: الدار الثقافية للنشر، 2000). ، ص 107.
[24]– د. نيفين عبد المنعم مسعد، صنع القرار في إيران والعلاقات العربية الإيرانية ،(يروت: مركز دراسات الوحدة العربية ، 2002) ص 74.
[25]-Mohammed ,Idrees. Turkey and Iran Rivalry on Syria, Turkish Journal of International Relations, Vol. 10, No. 2-3, Summer-Fall 2011,Pp 88-89
[26]– مالك عوني . المأزق الايراني : خيارات طهران تجاه احتمالات التغيير في سوريا ، موقع مجلة السياسة الدولية :
http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/2/105/1715/.aspx
[27]– Bahgat ,Gawdat . Israel and Persian gulf, (USA: University Press Of Florida, 2006).P.p.46-50.
[28]– RolaEl Husseini , Hezbollah And The Axis of Refusal: Hamas, Iran and Syria, Third World Quarterly, Vol. 31, No. 5, 2010, Pp809-810
[29]– – سامح همام. ” فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية ودور إيراني جديد“، مختارات إيرانية ، العدد 68 مارس 2006، ص111.
[30]– محمد عباس ناجي. قراءة في الخطاب الإيراني المساند للمقاومة، ضمن: احمد أبو الوفا وآخرون ، العدوان ،المقاومة الحضارية في حرب لبنان: الدلالات والمآلات ، (القاهرة: جامعة القاهرة، برنامج حوار الحضارات، 2007)، ص113 -116.
[31]– Fred , H, Lawson , Syria’s Relations with Iran: Managing the Dilemmas of Alliance, Middle East Journal,Vol 61 , No 1, Jan 2007 . P 37
[32]– Takeyh ,Ray. Iran’s New Iraq, Middle East Journal, Vol 62, No. 1, Winter 2008, Pp 24-26
[33]– Fred H. Lawson., Pp 40-41
[34]-ينظر الدراسة المقدمة من المعهد الملكي للشئون الدولي والواردة بمجلة مختارات إيرانية:
روبرت لو-كلير سبنسر،” إيران وجيرانها والأزمة الإقليمية” ، مختارات إيرانية، العدد 76، نوفمبر2006، ص16-17.
[35]– Fred , H, Lawson , P 37
[36]–CharlieSzrom , Iran-Hamas Relationship in 2008, , Feb 2009, accessed on 1/8/2019
http://www.irantracker.org/military-activities/iran-hamas-relationship-2008#_ednref48
[37]– Frederick W. Kagan, and others. Iranian Influence In The Levant, Iraq , And A fghanistan, American Enterprise Institute , May 2012, accessed on 1/8/2019
http://www.aei.org/wp-content/uploads/2012/05/-iranian-influence-in-the-levant-egypt-iraq-and-afghanistan_171235465754.pdf
[38]– Bassel F. Salloukh, TheArab Uprisings and the Geopolitics of the Middle East, The International Spectator, Vol. 48, No. 2, June 2013, p 37
[39]-Shiereen T. Hunter , Iran’s Foreign Policy in the Post-Soviet Era “Resisting the New International Order (California: Praeger, 2010), Pp198-202
[40]– Ibid, Pp 205-206
https://www.foreignaffairs.com/articles/middle-east/2018-02-13/iran-among-ruins
[42]غريغوري غوس، ما وراء الطائفية ( الحرب الباردة الجديدة في الشرق الاوسط)،
https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2016/06/Arabic-PDF.pdf
[43]Shahram Akbarzadeh , Iran’s Uncertain Standing in the Middle East , The Washington Quarterly · July 2017. P 110-111
[44]– Shahram Akbarzadeh, Iran and Daesh: The Case of a Reluctant Shia Power, Middle East Policy, Vol. XXII, No. 3, Fall 2015. P 50
[45]Shahram AkbarzadehIran’s Uncertain…op.cit., Pp 113-115
[46]– AthinaTzemprin And Others , The Middle East Cold War: Iran-Saudi Arabia and the Way Ahead, Croatian Political Science Review, Vol. 52, No. 4-5, 2015, Pp 190-196