استقلالية شرط التحكيم وآثاره “دراسة تحليلية مقارنة”
Independence of the arbitration clause and its implications A comparative analytical study””
د. حســام الديـــن محمــــود الـدن، قاضي سابق وعضو هيئة تدريس في الجامعة الإسلامية بغزة.
Dr. Hussam El-Din Mahmoud Al-Din, the Islamic University of Gaza.
مقال منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 47 الصفحة 11.
Abstract:
One of the legally established principles is that if the original invalidated the branch, and if the contract is nullified, its content, details and terms are nullified, but does this matter apply to the contract containing the arbitration clause, then the arbitration agreement is invalidated according to the nullity of the original contract containing the arbitration clause?
The truth is that many legal systems have followed and some of them still follow that traditional legal approach. However, jurisprudence, legislation and comparative judiciary have changed this approach to its opposite completely, and this is embodied in the principle of independence of the arbitration clause. There is no doubt that many comparative arbitration legislations have explicitly adopted this principle, with its various consequences and effects, and new legal centers in this regard, chief among them the implementation of the principle of jurisdiction over jurisdiction. The Palestinian legal system, the vast majority of national and international legislation, and the systems of permanent arbitration bodies and centers, followed those modern systems that followed this new approach.
Key words: arbitration, nullity of contract, arbitration clause, arbitration award, nullity of arbitration award.
الملخص:
من المبادئ المستقرة قانوناً أنه إذا بطل الأصل بطل الفرع، وإذا بطل العقد يبطل مضمونه وتفاصيله وشروطه، لكن هل ينطبق هذا الأمر على العقد المتضمن لشرط التحكيم، فيبطل اتفاق التحكيم تبعاً لبطلان العقد الأصلي المتضمن لشرط التحكيم؟. والحقيقة أن العديد من الأنظمة القانونية قد سارت ولازال بعضها يسير على ذلك النهج القانوني التقليدي، إلا أن الفقه والتشريع والقضاء المقارن قد عدل عن هذا التوجه إلى نقيضه تماماً، وتجسد ذلك في مبدأ استقلال شرط التحكيم. ولا شك أن العديد من تشريعات التحكيم المقارنة تبنت صراحة هذا المبدأ، بما يترتب عليه من نتائج وآثار مختلفة، ومراكز قانونية جديدة بهذا الخصوص، وعلى رأسها إعمال مبدأ الاختصاص بالاختصاص. وقد سار في ركب تلك الأنظمة الحديثة التي سلكت هذا النهج الجديد، النظام القانوني الفلسطيني، والسواد الأعظم من التشريعات الوطنية والدولية وأنظمة هيئات ومراكز التحكيم الدائمة.
الكلمات المفتاحية: التحكيم، بطلان العقد، شرط التحكيم، حكم التحكيم، بطلان حكم التحكيم.
مقدمة:
في الحقيقة، لقد أصبح التحكيم اليوم من أسرع النظم القانونية وأشهرها لحل المنازعات التي تثور بين الأفراد والجماعات، وسواء على الصعيد الوطني أم الدولي. بل والتحكيم يعتبر من أكثر الوسائل الحديثة ذيوعاً وانتشاراً في حل الخلافات التي تنشب بين الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين. لذا كان لزاماً على المشرع القانوني أن يكفل لهذا النظام من القواعد المنظمة والمقننة له، حتى تتوافر شروط صحة هذه الوسيلة، وفعالية المصدر الذي يعطي التحكيم شرعيته وسنده القانوني، وعلى رأسها شرط التحكيم، الذي يعطي المحكم سلطة مباشرة اختصاصاته في هذا المجال.
ومن هنا تظهر أهمية فكرة البحث، والتي جاء في طياتها مسألة التعمق في موضوع اتفاق التحكيم “شرط التحكيم” بشكل دقيق ومفصل، وبيان مدى صحة اتفاق التحكيم وآثاره، وخصوصاً عند بطلان العقد الأصلي المتضمن لشرط التحكيم، على ضوء ما يعرف بمبدأ استقلالية شرط التحكيم، من حيث مدى تكريسه والعمل به، وتنظيمه في ظل النظام التشريعي الفلسطيني واتفاقيات التحكيم الدولية، وأنظمة مراكز التحكيم الدولية.
أهمية البحث:
ولعل الأهمية العلمية والعملية لهذا البحث تتضح من خلال تحديد موقف المشرع الفلسطيني من مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم أو شرط التحكيم، وبيان مدى إعماله وتطبيقه في قانون التحكيم الفلسطيني رقم (3) لسنة 2000، بما تضمنه هذا القانون من توجه مختلف ومغاير تماماً عما كان معمولاً به قبل صدوره، وتحديداً فيما كان سارياً ضمن مجلة الأحكام العدلية -القانون المدني الفلسطيني- بما أعقبه ذلك من نتائج وآثار قانونية متعددة، وعلى ضوء اختلاف السوابق القضائية الجديدة الصادرة بعد صدور القانون، خلافاً للسوابق القضائية التي كانت مستقرة لعقود من الزمن، بما ترتب عن ذلك أيضاً من اختلاف في الحلول والمراكز القانونية لأطراف النزاع، واختلاف الاجتهاد القضائي والأحكام القضائية الحديثة الصادرة بناءً على ذلك.
أهداف البحث:
إن أهداف هذا البحث، تتجلى في توضيح موقف المشرع الفلسطيني بدقة وبيان موقفه من استقلالية شرط التحكيم، ومن مبدأ الاختصاص بالاختصاص، وكذلك بيان مدى إعماله وتكريسه لهذين المبدأين وما يعقب ذلك من أثارٍ ونتائج جمة، على غرار اختلاف القوانين المطبقة على كل من اتفاق التحكيم والعقد الأصلي، تبعاً لعدم ارتباط مصير اتفاق التحكيم بمصير العقد الأصلي، علاوة على أحقية هيئة التحكيم بالنظر والبت في اختصاصها، واختلاف مصير النزاع ونتائجه النهائية عن السابق بشكل جوهري.
إشكالية البحث:
تتمثل مشكلة البحث في بيان مدى تأثير تغيير القوانين في فلسطين على العقد المتضمن لشرط التحكيم، وتحديداً مسألة بطلان العقد الذي تضمن ذات الشرط، وذلك على ضوء اختلاف الموقف التشريعي للنظام القانوني الفلسطيني عن النهج التقليدي السابق. فالبحث يناقش مبدأ استقلالية شرط التحكيم قبل وبعد صدور قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة 2001 المطبق حالياً في فلسطين، وآثاره، وبيان موقف تشريعات وهيئات التحكيم الدولية من استقلالية شرط التحكيم على اختلافها.
أسئلة البحث:
- هل يؤثر بطلان العقد على شرط التحكيم المدرج فيه؟
- ما هي الحالات التي يبطل العقد الأصلي وشرط التحكيم معاً خلافاً لمبدأ استقلالية شرط التحكيم؟
- هل هناك علاقة قانونية بين استقلالية شرط التحكيم والاختصاص بالاختصاص؟
- ما هي الأثار القانونية المترتبة على بطلان العقد الأصلي المتضمن لشرط التحكيم؟
منهجية البحث:
لقد اتبع الباحث في هذه الدراسة المنهج التحليلي والمنهج المقارن.
هيكلية البحث:
لقد تم تقسيم هذا البحث إلى مبحثين، حيث تناول المبحث الأول ماهية التحكيم وخصائصه من خلال مطلبين، ثم تناول في المبحث الثاني موضوع ماهية استقلالية شرط التحكيم وعلاقته بمبدأ الاختصاص بالاختصاص، وذلك من خلال مطالب ثلاث.
المبحث الأول: ماهية التحكيم وخصائصه
تم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين بحيث يتم تعريف التحكيم وماهيته في المطلب الأول، ومن ثم بيان مزايا التحكيم وأهميته، ونطاق سريان قانون التحكيم في المطلب الثاني، وذلك على النحو التالي:
المطلب الأول: ماهية التحكيم
يُعرَّف بعض الفقه التحكيم بأنه “اتفاق أطراف علاقة قانونية معينة، على أن يتم الفصل في المنازعة التي ثارت بينهم بالفعل أو التي يحتمل أن تثور عن طريق أشخاص يتم اختيارهم كمحكمين ([1]). ويعرفه البعض الآخر ([2]) بأنه أحد الوسائل المقررة قانوناً لفض نزاع ناشئ أو سينشأ بين أطراف تتفق كتابة على إحالة موضوع النزاع إلى أهمية التحكيم للفصل فيه.
بينما يعرفه آخرون ([3]) بأنه ” نظام قضائي اتفاقي يختار فيه الأطراف قضائهم ويعهدون إليهم بمقتضى شرطاً خاصاً، أو اتفاقا مكتوباً بمهمة تسوية المنازعات التي تنشأ بينهم بخصوص علاقاتهم التعاقدية، أو غير التعاقدية، والتي يجوز تسويتها بطريق التحكيم وفقاً لأحكام القانون، أو مبادئ العدالة وإصدار حكم ملزم لهم”.
ونظراً لأهمية تعريف التحكيم، فقد حرصت بعض القوانين على إدراج ذلك التعريف في نصوصها فقانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة 2000 ([4])، عَرَّف التحكيم في المادة الأولى منه بأنه “وسيلة لفض نزاع قائم بين أطرافه وذلك بطرح موضوع النزاع أمام هيئة تحكيم للفصل فيه”.
كما عرفت المادة رقم (1970) من مجلة الأحكام العدلية التحكيم بقولها “التحكيم هو عبارة اتخاذ خصمين حاكما ًبرضاهما لفصل خصومتهما ودعواهما”. أما المشرع الأردني، فلم يتطرق لتعريف التحكيم ضمن قانون التحكيم الأردني ([5])، بيد أن محكمة التمييز الأردنية عرّفته بأنه “طريق استثنائي يلجأ إليه الخصوم لفض ما ينشأ بينهم من منازعات بموجب اتفاق قائم بينهم بقصد الخروج عن طريق التقاضي العادية”. كما أن قانون التحكيم المصري ([6])، رقم 27 لسنة 1994 لم يُعرِّف التحكيم بشكل مباشر، بل أظهر عناصر التحكيم في تعريفه لاتفاق التحكيم في الفقرة الأولى من المادة العاشرة من القانون المذكور، وترك تعريف التحكيم للقضاء.
وعلى صعيد الاجتهاد القضائي، فقد عرّفته محكمة النقض المصرية ([7]) بأنه “طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية، فهو مقصور على ما تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم، يستوي في ذلك أن يكون الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة خاصة، أو انصرف إلى جميع المنازعات الناشئة عن تنفيذ عقد معين، فلا يمتد نطاق التحكيم إلى عقد لم تنصرف إرادة الطرفين إلى فض النزاع بشأنه عن طريق التحكيم، أو إلى اتفاق لاحق له ما لم يكن بينهما رباط لا ينفصم بحيث لا يُستكمل – دون الجمع بينهما – اتفاق، أو يُفض مع الفصل بينهما خلاف”.
ويرى الباحث أن التعريف الأمثل للتحكيم هو “نظام قانوني استثنائي، يقوم بمقتضاه أطرف علاقة قانونية عقدية كانت أو غير عقدية، بالاتفاق كتابةً على أن يتم الفصل في نزاع نشأ بينهما، أو قد ينشأ في المستقبل، بواسطة محكم أو أكثر أو هيئة تحكيم دائمة، وفق القانون والإجراءات التي يختارها الأطراف، للوصول إلى حكم له صفة الإلزام فيما بينهم “ ([8]).
المطلب الثاني : خصائص التحكيم ونطاق سريانه
أولاً- خصائص التحكيم:
لقد بات التحكيم يتمتع بأهمية كبيرة في الآونة الأخيرة، حيث يلجأ إليه الكثير من المتنازعين لحل النزاعات الناجمة عن تعاقدات فيما بينهم، نظراً لما يتميز به هذا النظام من خصائص كثيرة تميزه عن القضاء العادي، وتتمثل هذه الخصائص فيما يلي:
1- تفادي أطراف العلاقة القانونية طرح منازعاتهم على القضاء:
لا شك ان ميزة تجنيب الخصوم عرض نزاعهم على القضاء له عدة فوائد، أهمها تلافي البطء والتعقيد في الإجراءات، والحيلولة دون إطالة أمد النزاع، نظرا ًلتعدد درجات التقاضي وتوافر الحق في الطعن وفي تقديم إشكالات التنفيذ، من جهة، وبطء إجراءات التقاضي من جهة أخرى. وهذا فضلاُ على مُكنة موائمة القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع لتوقعات الأطراف واختيارهم، والابتعاد عن فكرة الخصومة والمماطلة، واختصار الوقت والنفقات وتوفير المهارة والتقنية والتخصص في حل النزاعات ([9]).
2– اختيار المحكم المناسب لحكم النزاع (موضوع التحكيم):
بموجب التحكيم يتم اختيار محكم من أصحاب الخبرة والمعرفة في الموضوع، الذي يفصل فيه خلافاً للقاضي، فلا يشترط أن يكون المحكم رجل قانون، فقد يكون طبيباً أو فنياً أو خبيراً محاسبياً على سبيل المثال. وهذا مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لا غنى للقضاء عن الاستعانة بالخبراء في معظم الأحيان، نظرا ًلتعدد وتنوع المعاملات التجارية المحلية والدولية، مما يصعب عليه فهم العديد من الأمور، إلا من خلال الخبراء، وهذا الأمر يمكن تحقيقه مباشرة من خلال التحكيم، بحيث يكون المحكم هو الخبير نفسه. وهذا ناهيك عن أن التحكيم بطبيعته يتميز بالمرونة والبساطة والسهولة كنظام قانوني، بالإضافة إلى أنه يعتبر أكثر قوة ًعلى تحقيق العدالة([10]).
3- التحكيم وسيلة من وسائل تحقيق التنمية:
يُعد التحكيم من وسائل تحقيق التنمية خصوصاً في الدول النامية ومنها الدول العربية، من خلال تشجيع المستثمرين الأجانب على عدم الخوف من الاستثمار والوقوع تحت رحمة قضاء الدول النامية والخشية من تحيزه، علاوة ًعلى أنه يعزز المصداقية في المعاملات التجارية ويحفز المستثمرين ([11]).
4- ضمان المحافظة على المعلومات والأسرار الصناعية:
مما لاشك فيه، أن شأن التحكيم المحافظة على سرية المعلومات والأسرار الصناعية، ولاسيما في العقود الدولية المتعلقة بنقل التقنيات وتراخيص الاستغلال وبراءات الاختراع، حيث أن الأصل عدم نشر أحكام التحكيم إلا بموافقة الأطراف، خلافا ًلأحكام القضاء، ولمبدأ علانية الجلسات القضائية، وتحقيقاً للسرية، ومنعاً للتسرب الحاصل في المحاكم في ظل مبدأ العلانية ([12]).
5- يعتبر التحكيم الوسيلة المثلى لحل المنازعات الناشئة عن معاملات التجارة الدولية:
نظراً للتطور الهائل الذي طرأ على التجارة الدولية والاستثمار الداخلي والخارجي، فكان التحكيم هو الملاذ القانوني القضائي الآمن للمستثمرين، وعلى وجه الخصوص المستثمرين الأجانب، لدرجة أن بعض الفقه اعتبره “القضاء الأصيل للتجارة الدولية” ([13]).
6- يحقق التحكيم الإدارة المهنية لإجراءات التحكيم:
من أهم مظاهر التخصص والمهنية في عملية التحكيم وإدارتها بشكل كامل ودقيق، هو الخوض في غمار التحكيم المؤسسي، نظراً لأحقية الأطراف في اختيار مؤسسة التحكيم ذاتها، فضلاً عن اختيار المحكمين الأكفَاء وأصحاب الخبرات للفصل في منازعاتهم. ويتجلى ذلك في اختيار أطراف التحكيم لمركز تحكيم متخصص، سواء أكان على الصعيد الإقليمي “المحلي” أم كان مركزا ًدوليا ًدائماً للتحكيم، وهذا شجع البعض بالقول أن التحكيم يمكن تسميته “بالقضاء الخاص” ([14]).
ثانيا – نطاق سريان التحكيم ونطاق تطبيق قانون التحكيم الفلسطيني:
- نطاق سريان التحكيم بشكل عام:
مما لا شك فيه أن التحكيم يمكن تطبيقه على جميع المعاملات والنزاعات المدنية والتجارية، ويقتصر الحظر والمنع قانوناً على المسائل المتعلقة بالنظام العام، أو التي يستأثر بها قضاء الدولة، كالمسائل الدستورية والإدارية، أو تلك المسائل والأقضية المتعلقة بالأحوال الشخصية، وهذا فضلاً عن الجرائم والمسائل الجزائية، وفقاً للتوجه التقليدي لحظر التحكيم في المسائل الجزائية ([15]).
ب- نطاق سريان قانون التحكيم على الأشخاص:
تسري أحكام هذا القانون على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين طالما كانوا متمتعين بالأهلية القانونية اللازمة للتصرف بالحقوق ([16]). والمقصود بالأهلية هو ” أهلية الشخص في التصرف فيما يملك ([17])، أو صلاحية الشخص لإعمال إرادته إعمالاً من شأنه ترتيب الأثر القانوني الذي ينشُده” ([18])، بما في ذلك، الاتفاق على التحكيم والتقاضي بموجبه. كما ويتسع كذلك ليشمل كافة المعاملات والعقود بما فيها العقود الإدارية ([19])، إلا ما استثنى بنص خاص ([20])، مع مراعاة الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا الشأن التي تكون السلطة الوطنية الفلسطينية طرفاً فيها.
وغني عن البيان، شمول سريان التحكيم من حيث التطبيق على جميع الأشخاص العامة والمعاملات والعقود بما فيها العقود الإدارية أيضا ً، ما لم يستثنى من ذلك بنص خاص مثل:
1- تعلق المسائل المراد التحكيم بشأنها بالنظام العام.
2- تعلق التحكيم بمسائل لا يجوز فيها الصلح.
3- المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية.
- سريان قانون التحكيم من حيث المكان:
لا خلاف على أن قانون التحكيم الفلسطيني تلقائيا ًعلى التحكيم المحلي، وهذا ما لم يتفق أطراف التحكيم على خلاف ذلك بطبيعة الحال، أما التحكيم الدولي الذي يجري في فلسطين، فيتم تطبيق القانون الفلسطيني عليه في حال اتفاق الأطراف على تطبيقه، أما في حال عدم اتفاقهم على تطبيق قانون معين، فيتم تطبيق القواعد الموضوعية في القانون الذي تنص على تطبيقه قواعد التنازع في القانون الفلسطيني، كما يمكن أن يسري القانون الفلسطيني على التحكيم الدولي الذي يجري في الخارج باعتباره القانون الذي اتفق على تطبيقه الأطراف بموجب إرادتهم واختيارهم ([21]).
المبحث الثاني: ماهية استقلالية شرط التحكيم في القانون الفلسطيني وعلاقته بمبدأ الاختصاص بالاختصاص
المطلب الأول: ماهية استقلالية شرط التحكيم والاختصاص بالاختصاص
أولاً – ماهية استقلالية شرط التحكيم:
يقصد باستقلالية شرط التحكيم: انفصال أثر أي بطلان وتعيب في العقد الأصلي عن شرط التحكيم المدرج في هذا العقد، ما لم يطل هذا البطلان، ويمتد لشرط التحكيم ذاته.
وإن كانت هذه المسألة واضحة بالنسبة لعدم تأثر اتفاق التحكيم ببطلان العقد الأصلي، إلا أنها تحتاج لتوضيح عندما يبطل العقد والشرط معاً، وهي حالة نادرة واستثنائية وتتحقق في حال وقع عيب من عيوب الإرادة على إرادة أحد الأطراف كالإكراه على سبيل المثال، فهنا البطلان لا يقتصر في هذا الحالة على العقد دون أن يطال شرط التحكيم، وإنما –كحالة خاصة- يبطل كل من العقد الأصلي وشرط التحكيم خلافاً لمبدأ استقلال شرط التحكيم.
ثانياً – ماهية مبدأ الاختصاص بالاختصاص:
يقصد بمبدأ الاختصاص بالاختصاص: أن هيئة التحكيم ذاتها تكون مختصة في مسألة اختصاصها في المسألة المنظورة أمامها من عدمه. وبالتالي يكون على هيئة التحكيم ابتداءً التصدي لأي دفع مقدم من أي من الخصوم أو من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها بالفصل في النزاع من عدمه، ويكون قرارها في هذا الشأن صحيحاً وسليماً من الناحية القانونية، وتطبيقاً لمبدأ الاختصاص بالاختصاص، وبغض النظر عن كون هيئة التحكيم قد أخطأت أو أصابت في اجتهادها من عدمه، لأن العبرة هنا تكون في تحديد صاحب القرار أو القول الفصل في مسألة الاختصاص، وبغض النظر عن المآل النهائي لحكم أو قرار التحكيم إذا ما تم فسخه أو إبطاله من قبل القضاء لهذا السبب أو لغيره.
ثالثاً- علاقة استقلال شرط التحكيم بالاختصاص بالاختصاص:
سبق أن توصلنا إلى أن استقلالية شرط التحكيم، يترتب عليه بقاء التحكيم قائماً واتفاقه صحيحاً، حتى لو بطل العقد الأصل المتضمن لشرط التحكيم-ما لم يطل البطلان شرط التحكيم ذاته- وانتهينا أيضاً إلى أن الاختصاص بالاختصاص يعني أنه هيئة التحكيم هي الجهة المختصة قانوناً في تحديد نطاق اختصاصها في نظر النزاع والفصل فيه من عدمه، سواء أكان القرار بالاختصاص من عدمه كلياً أم جزئياً.
لكن يثور التساؤل عن العلاقة القانونية بين استقلالية شرط التحكيم والاختصاص بالاختصاص؟
من المعلوم أن هيئة التحكيم إذا ما استقلت بتحديد اختصاصها قانوناً من عدمه فإن مسألة بطلان العقد الأصلي المتضمن لشرط التحكيم يقع في نطاق اختصاصها أيضاً، وذلك يكون من خلال قيامها بالفصل في مسألة بطلان العقد الأصلي وتقريره أو تقرير صحته “العكس”، ومن ثم فإن نطاق الاختصاص بالاختصاص ينصرف إلى تحديد صحة العقد الأصلي المتضمن لشرط التحكيم من عدمه.
كذلك فإن مبدأ استقلالية شرط التحكيم وإن تقرر فعلاً بطلان العقد الأصلي المتضمن لشرط التحكيم يكون من شأنه التأكيد على سلطة هيئة التحكيم في البت في مسألة اختصاصها من عدمه رغم بطلان العقد الأصلي أيضاً، فكلا المبدأين له انعكاسه وأثره على الآخر، ويرتب آثاراً ونتائج قانونية مختلفة.
المطلب الثاني: استقلالية شرط التحكيم في النظام القانوني الفلسطيني
اقتضت الدراسة تقسيم هذا المطلب إلى ثلاثة فروع، حيث تم تناول مبدأ استقلالية شرط التحكيم قبل إصدار قانون التحكيم الفلسطيني الحالي، ثم التعرض إلى مدى إعماله بعد صدور قانون التحكيم الحالي رقم (3) لسنة 2000 في المطلب الثاني، وانتهاءً بمدى تكريس هذا المبدأ في ظل اتفاقيات وهيئات التحكيم الدولية في الفرع الثالث، وذلك على النحو الآتي:
الفرع الأول: استقلالية شرط التحكيم قبل سريان قانون التحكيم
أولاً- الموقف التقليدي للنظام القانوني الفلسطيني الخاص باستقلال شرط التحكيم :
تنص المادة (52) من مجلة الأحكام العدلية على أنه “إذا بطل الشيء بطل ما في ظنه “.
يتضح من نص المادة السابقة، أن مبدأ استقلالية شرط التحكيم لم يكن معروفاً ومطبقا ًفي النظام القانوني الفلسطيني قبل صدور قانون التحكيم الحالي، حيث كان مستقراً وفق القواعد القانونية أن الفرع يتبع الأصل، فإذا بطل الاتفاق الأصلي بطل معه شرط التحكيم بالتبعية ([22]) وهذا من جانب.
ومن جانب آخر، فإن أحكام النظام القانوني الفلسطيني في تلك الحقبة، كانت مستمدة من أحكام قانون التحكيم البريطاني الصادر عام 1889م، وهو لم ينص على استقلالية شرط التحكيم عن الاتفاق الأصلي. وتأكيداً لذلك -في حينه- أصدرت محكمة يافا المركزية حكماً ([23])، يرفض مبدأ استقلال شرط التحكيم استنادا ًإلى القواعد العامة التي تقرر أن الفرع يتبع الأصل، والجزء يتبع الكل، وما بنُي على باطل فهو باطل.
ثانياً- التوجه الحديث للنظام القانوني الفلسطيني الخاص باستقلال شرط التحكيم :
في الواقع، ظلت قاعدة الفرع يتبع الأصل، وقاعد إذا بطل الشيء بطل ما في ظنه، مطبقة حتى صدور قانون التحكيم الفلسطيني رقم (3) لسنة 2000 الذي ألغى بدوره كل ما تعارض مع أحكامه، ونصت المادة (5/5) منه على أنه ” يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن العقد الأصلي، ولا يتأثر ببطلان العقد الأصلي أو فسخه أو انتهائه “.
وبناءً على ما تقدم، تم الخروج عن القواعد العامة سالفة الذكر بشكل صريح، وتم الإقرار الصريح بتكريس مبدأ استقلال شرط التحكيم في النظام القانوني الفلسطيني، بما يوجب ذلك الموقف والتوجه الجديد للمشرع الفلسطيني من ضرورة مناقشة هذا الموضوع في فرع مستقل.
الفرع الثاني: مبدأ الاستقلالية في قانون التحكيم الفلسطيني
لا يختلف اثنان على حدوث تغيير جوهري في النظام القانوني الفلسطيني بصدد انتهاج مبدأ استقلال شرط التحكيم، فاستنادا ًإلى نص المادة رقم (5/5) في قانون التحكيم الفلسطيني، التي اعتبرت شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً لا يتأثر ببطلان العقد أو فسخه أو انتهائه، فإننا نكون إزاء هذه الحالة بصدد تكريس صريح لاستقلال شرط التحكيم في القانون الفلسطيني بموجب نصوصه سارية المفعول، وفي هذا خروجاً واضحاً عن القواعد العامة التي جرى عليها العمل والتطبيق وفق النظام القانوني السابق كما أسلفنا. وقد أحسن المشرع الفلسطيني-وبحق- في ذلك، وبذا يكون الأخير قد واكب التطور القانوني لفكرة مرونة ومعاصرة التحكيم لمتطلبات العصر، وساير توجهات التجارة الدولية ودواعي اجتذاب الاستثمار.
الفرع الثالث: الأهمية القانونية والإجرائية لاستقلالية شرط التحكيم آثاره
أولا / أهمية استقلال شرط التحكيم عند إبطال حكم التحكيم أو فسخه:
- تبرز أهمية الأخذ بمبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي، عند النظر في دعوى بطلان حكم التحكيم بشكل خاص. فمن أهم حالات بطلان الحكم في القوانين العربية عموماً، سواء تلك التي أخذت بمبدأ الاستقلالية أم التي لم تأخذ به، صدور الحكم بناءً على اتفاق تحكيم باطل أو غير موجود بشكل عام بصرف النظر عن سبب ذلك ([24]). وبالتالي لو كان النظام القانوني للبلد الذي صدر منه التحكيم لا يأخذ بمبدأ استقلال شرط التحكيم، وكان العقد الأصلي المتضمن لشرط التحكيم باطلاً، فإن هذا يكون من شأنه إبطال حكم التحكيم الصادر بهذا الخصوص، بغض النظر عن عدالة الحكم أو صحة إجراءاته([25]).
- إن أهمية إعمال مبدأ استقلال شرط التحكيم، تتضح عند بطلان العقد الأصلي حتماً، فلا يمنع بطلان العقد الأصلي هيئة التحكيم من النظر في الأمور التي نشأت عن بطلان العقد وإشكالياتها، بما في ذلك الخلافات التي قد تحصل من جراء ذلك، فتستمر الهيئة في النظر والبت في تلك المنازعات والأمور العالقة في حدود اختصاصها.
- لا شك أن النزاع بين الأطراف يُحال غالباً إلى جهة معينة للفصل فيه وهي كقاعدة عامة القضاء، لذلك، فإنه لا مشكلة من الإبقاء على شرط التحكيم، وإحالة النزاع لجهة التحكيم التي ستقضي فيه حسب أحكام القانون، تماماً كما هو الحال بالنسبة للقضاء، وحكمها من حيث النتيجة سيخضع لرقابة القضاء عن طريق دعوى بطلان الحكم إذا توفرت إحدى حالات البطلان المنصوص عليها في القانون، أو الطعن بالحكم استئنافاً إذا توفرت شروط ذلك.
- إعمال مبدأ استقلالية شرط التحكيم يتماشى مع الواقع العملي من حيث إعلاء مبدأ حرية إرادة الأطراف، وخاصة في التحكيم الدولي. وأكثر، إن لم يكن غالبية العقود الدولية تنص على التحكيم لتسوية النزاعات الناشئة عن العقد، والأطراف عندما يتفقون في العقد على الإحالة إلى التحكيم، لا يتوقعون حينئذ إلا الأخذ بما اتفقوا عليه لتسوية نزاعهم باللجوء إلى التحكيم وليس للقضاء. ولا شك أن المنازعات العقدية لا تنحصر فقط بمدى تنفيذ أي من الأطراف لالتزاماته العقدية، وإنما يشمل ذلك أيضاً بيان حقوقهم المالية الناجمة حتى عن انتهاء العقد لأي سبب من الأسباب. فإذا قلنا أن هذا الانتهاء يؤدي حكماً إلى انتهاء الشرط التحكيمي فهذا يعني الخروج على إرادة الأطراف، بإجبارهم على اللجوء إلى القضاء خلافاً لهذه الإرادة، مما يؤدي إلى زعزعة اتفاق التحكيم وخاصة في العقود الدولية.
- يكون من صلاحية هيئة التحكيم إنهاء العقد المتضمن لشرط التحكيم، عن طريق فسخه مثلاً أو تقرير انفساخه إذا توفرت شروط ذلك، لاسيما إذا تضمن اتفاق التحكيم هذه الصلاحية. فلو دفع أحد الطرفين أمام هيئة التحكيم بعدم اختصاصها بالفصل في موضوع النزاع نظراً لسقوط شرط التحكيم بسبب فسخ العقد الأصلي مثلاً، فإن الهيئة سترد هذا الدفع حتماً إذا كان القانون المطبق على اتفاق التحكيم ينص على استقلالية شرط التحكيم عن ذلك العقد. وعندئذ لن يكون الحكم قابلاً للبطلان لهذا السبب، وكذلك الحال في قوانين كلاً من مصر وعُمان والأردن ([26]). وهذا بعكس ما لو قلنا بأن فسخ العقد الأصلي يقتضي حكماً سقوط شرط التحكيم في الدول التي لا تأخذ باستقلالية الشرط، ففي هذه الحالة يكون الحكم قابلاً للبطلان لعدم وجود اتفاق تحكيم بالتبعية للعقد الأصلي، أي بسبب فسخ ذلك العقد.
ثانياً- الأهمية الإجرائية لإعمال مبدأ استقلال شرط التحكيم والآثار المترتبة عليها:
أ- اختلاف مصير اتفاق التحكيم عن مصير العقد الأصلي وعدم ارتباطهما يبعضهما البعض:
إن وجود اتفاق تحكيم صحيحا ًومستوفيا ًلشروط انعقاده تجعله لا يتأثر بمصير العقد الأصلي ما لم يكن اتفاق التحكيم باطلا ًفي ذاته نظرا ًلعيب لحق به كنقص الأهلية، أو لعدم وجود سلطة إبرام اتفاق تحكيم، أو إبرام اتفاق يتضمن شرط تحكيم ([27]).
ب- إمكانية اختلاف القانون المطبق على العقد الأصلي عن القانون المطبق على اتفاق التحكيم ([28]):
لا يشترط بموجب مبدأ الاستقلال أن يكون القانون المطبق على العقد الأصلي هو نفس القانون الذي يطبق على اتفاق التحكيم، بحيث قد يتم إخضاع اتفاق التحكيم إذا ما عرض على القضاء للفصل في مسألة وجوده، أو صحته، لقانون أخر يختلف عن القانون الذي يخضع له باقي العقد ([29]).
ج- أحقية هيئة التحكيم بالنظر في اختصاصها ([30]) “الاختصاص بالاختصاص”:
لعل من أهم نتائج مبدأ استقلالية شرط التحكيم، هو حق الهيئة في الفصل في مسألة اختصاصها حيث يعتبر المحكم له كامل الحق في النظر في اختصاصه وفق ما يعرف بمبدأ استقلال المحكم في الفصل في مسألة اختصاصه، أو ما يعرف بمبدأ “الاختصاص بالاختصاص”.
المطلب الثالث: موقف تشريعات وهيئات التحكيم الدولية من استقلالية شرط التحكيم
تذهب معظم الهيئات ومراكز التحكيم الدولية إلى تكريس مبدأ استقلالية شرط التحكيم في قوانينها وقواعدها، لذا سنتعرض إليها تباعا بشيء من التفصيل على نحو يقتصر على توضيح مواقفها من المبدأ بشكل دقيق من خلال الاستعانة ببعض نصوص المواد التي تبين ذلك:
أولاً: القانون النموذجي للتحكيم التجاري
تنص المادة (16) من القانون النموذجي للتحكيم في فقرتها الأولى على انه “يجوز لهيئة التحكيم البت في اختصاصها بما في ذلك أي اعتراضات تتعلق بوجود اتفاق التحكيم أو بصحته. ولهذا الغرض، ينظر إلى شرط التحكيم الذي يشكل جزءً من عقد كما لو كان اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى. وأي قرار يصدر من هيئة التحكيم ببطلان العقد لا يترتب عليه بحكم القانون بطلان شرط التحكيم، وهذا يتضح من النص أن القانون النموذجي ينص صراحة ًعلى مبدأ استقلالية شرط التحكيم، بما لا يدع مجالاً للشك أن القانون الذكور قد عمل على تكريس هذا المبدأ بشكل واضح، ويؤكد ذلك أيضا ًنص المادة رقم (21) الفقرة الثانية من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 31 /98 بتاريخ 15 كانون أول/ ديسمبر 1976 بشأن قواعد التحكيم التي اعتمدتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري ([31]).
ثانيا ً: مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي
حذا مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي حذو القانون النموذجي للتحكيم بشأن تكريسه لمبدأ استقلالية شرط التحكيم، حيث يقوم المركز الإقليمي بتطبيق قواعد قانون اليونسترال الخاصة بالتحكيم، وهذا ما أكده نص المادة (11) من نظام المركز الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بالقاهرة ([32]).
ثالثاً – غرفة التجارة الدولية
تنص المادة (6) في فقرتها الرابعة، من الأحكام التمهيدية لنظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية ([33]) على أنه ” ما لم يتفق على خلاف ذلك، فإن الادعاء ببطلان العقد أو الزعم بانعدامه لا يترتب عليه اختصاص المحكم إذا قبل صحة اتفاق التحكيم، وحتى في حال انعدام العقد أو بطلانه يستمر اختصاص المحكم لتحديد حقوق الأطراف والبت فيما يدعونه “.
يتضح من هذا النص، أنه جرى إعمال نظام التحكيم الخاص بالغرفة لمبدأ استقلال شرط التحكيم، ولاسيما من خلال تأكيد النص على استمرار اختصاص المحكم بتحديد حقوق الأطراف، والبت فيما يدعونه رغم بطلان العقد الأصلي، بما يفيد ذلك من تكريس الغرفة للمبدأ المذكور بشكل تام، ما لم يتفق الأطراف طبعاً على خلاف ذلك.
رابعاً – موقف اتفاقية نيويورك لسنة 1958:
لقد خلت اتفاقية نيويورك ([34]) حقيقةً من النص على تكريس مبدأ استقلالية شرط التحكيم من عدمه، على خلاف معظم القوانين الدولية للتحكيم وقواعد وأنظمة مراكز وهيئات التحكيم الدولية، التي كرست في معظمها المبدأ المذكور ([35]).
وقد أدى خلو نص اتفاقية نيويورك من إعمال مبدأ استقلال شرط التحكيم إلى اختلافات في آراء واجتهادات الفقه، من حيث اعتبار أن الاتفاقية قد تضمنت ما يفيد تكريس مبدأ استقلالية شرط التحكيم من عدمه ([36]).
وأخيراً تجدر الإشارة إلى أنه على صعيد الأنظمة القانونية العربية، فقد أثار مبدأ استقلالية شرط التحكيم جدلاً في الفقه المصري، وخصوصا ًفي ظل عدم نص مواد التحكيم في قانون المرافعات على مبدأ استقلالية شرط التحكيم، كما اختلفت اجتهادات الفقه من ناحيةٍ أخرى بشأن ما إذا كانت اتفاقية نيويورك قد تضمنت ما يفيد تكريس مبدأ الاستقلالية من عدمه ([37])، وهذا بالإضافة إلى اختلاف الفقه والقضاء أيضاً بشأن مدى جواز التحكيم في العقود الإدارية ([38]) ، وظل هذا الخلاف قائماً إلى حين صدور قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 وتعديلاته. كما لم ينص القانون الفرنسي الحالي نصاً صريحا ًعلى تكريس مبدأ استقلالية شرط التحكيم، ولكنه كرس مبدأ الاختصاص بالاختصاص في نص المادة رقم (1466) منه، مما حذا بجانب من الفقه الفرنسي إلى القول بأن المادة سالفة الذكر تكرس مبدأ استقلالية شرط التحكيم من الناحية العملية، خلافا لرأى البعض ([39]).
ولعل النظام القانوني الفرنسي الذي استقر فيه العمل بمبدأ استقلال شرط التحكيم تشريعا وفقها وقضاءاً. فالاجتهاد القضائي في هذه الفرنسي كان سباقا في بروز فكرة فصل اتفاق التحكيم عن العقد، وعدم تأثر الشرط التحكيمي الموجود في العقد بمصير هذا العقد سواء بانقضائه أو بطلانه. لذا يمكن القول أن الفضل يعود للقضاء الفرنسي في تأصيل مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن طريق تأثره بهذه الأحكام. ولا شك أن هذا التأثر نتج عنه إصدار قرار هام عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 07 مارس 1963، القاضي باستقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي في قضية Gosset إذ جاء فيه: “في مجال التحكيم الدولي، فإن اتفاق التحكيم سواء ورد مستقلا أم مندمجا في تصرف قانوني له استقلال كامل مما يستبعد أثره بما قد يطرأ على التصرف من بطلان، وذلك فيما عدا حالات استثنائية”.([40])
أما بالنسبة لموقف المشرع المصري الحالي في ظل قانون التحكيم الحالي، فقد تم حسم هذا الخلاف، حيث نصت المادة (23) على أن ” يعتبر شرط التحكيم اتفاقا ًمستقلا ًعن شروط العقد الأخرى ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه، إذا كان هذا الشرط صحيحا ًفي ذاته “. ولا شك أن القانون المصري قد تحول صراحة إلى موقف واضح ومختلف عن موقفه السابق ([41])، بما لا يدع مجالا للاجتهاد بشأن تكريسه لمبدأ استقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي.
الخاتـــمة
لا شك في أن خاتمة كل شيء نهايته، وأن أحسن ما يُختم به الشيء أفضله، وأفضل ما يُمكن أن نتعرض له في خضم بيان ثمار هذا البحث هو تناول ما انتهينا إليه من نتائج يمكن الاستفادة منها، وتوصيات توصلنا إليها.
أولاً النتائج:
- كرس قانون التحكيم الفلسطيني ومعظم تشريعات التحكيم العربية والدولية مبدأ استقلالية شرط التحكيم، وقد وفق المشرع الفلسطيني في ذلك أيما توفيق، مسايراً في ذلك معظم التشريعات الدولية الحديثة في مجال التحكيم، علاوة ًعلى مواكبته لأنظمة وقواعد هيئات ومراكز التحكيم الدولية المعاصرة في هذا المضمار.
- باستثناء اتفاقية نيويورك للتحكيم، فإن السواد الأعظم من الهيئات ومراكز التحكيم الدولية قد نصت بصريح العبارات والمواد على تكريس مبدأ استقلال شرط التحكيم، فضلاً على غالبية التشريعات الدولية المتعلقة بالتحكيم باستثناء البعض منها.
- وجود علاقة وطيدة بين مبدأ استقلالية شرط التحكيم ومبدأ الاختصاص بالاختصاص، ولكلا المبدأين أثره القانوني على الآخر.
- أن قانون التحكيم الفلسطيني -رغم حداثته وتطوره- إلا أنه لازال بحاجة إلى العديد التعديلات والتحديثات التي استجدت، أو التي سوف تستجد في المستقبل، ومنها وجوب نص المشرع الفلسطيني في قانون التحكيم على أثر بطلان شرط التحكيم على العقد الأصلي ولاسيما في حال إدراج شرط التحكيم في العقد، وكان شرط التحكيم جوهريا ًودافعاً على التعاقد؟!. أما مشارطة التحكيم فلا يتصور وجود أي أثر لبطلانها على العقد الأصلي نظراً لكون الاتفاق عليها يتم في وقت لاحق.
- تعدد أسباب بطلان وفسخ حكم التحكيم في القانون الفلسطيني، وعلى رأسها بطلان اتفاق التحكيم ذاته أو سقوطه أو انتهاءه، مع تعدد وكثرة طرق الطعن على أحكام التحكيم أمام القضاء.
ثانياً – التوصيات:
- يوصي الباحث بضرورة نص المشرع على حالة بطلان اتفاق التحكيم عند بطلان العقد الأصلي إذا كان شرط التحكيم هو الباعث الجوهري الدافع للتعاقد، كاستثناء على الأصل والقاعدة المتمثلة باستقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي.
- يوصي الباحث المشرع الفلسطيني بضرورة النص على بطلان اتفاق التحكيم عند بطلان العقد الأصلي بسبب تعيب في إرادة أحد أطراف التحكيم نظراً لوقوعه في الإكراه أو بأي سبب من شأنه أن يعدم الإرادة أو الاختيار الحر في التعاقد.
- يوصي الباحث بتعديل قانون التحكيم، وتحديداً مسألة تعدد طرق الطعن على قرار التحكيم “حكم التحكيم”، ومسألة تعدد وتوسع أسباب الفسخ والبطلان المتعلقة بحكم التحكيم.
- يوصي الباحث بضرورة قيام الجهات المختصة ممثلة في وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء، والمؤسسات المجتمعية والنقابات وغيرها، بزيادة التعمق القانوني والتدريب والتثقيف المتعلق بالتحكيم وإجراءاته وفعاليته وجدواه في حل النزاعات، باعتباره من الطرق البديلة لحل النزاعات، على أن يشمل ذلك القضاة والمحامين والمحكمين وغيرهم من الباحثين.
- يوصي الباحث بتفعيل دور التحكيم المؤسسي، وتشجيع هيئات التحكيم المتخصصة “الدائمة” ودعمها بكافة الروافد العلمية والقانونية والمالية والكوادر اللازمة لمواكبة ومعاصرة هيئات ومراكز التحكيم الدولية المنتشرة على مستوى العالم.
قائمة المراجع:
المؤلفات والكتب:
- أبو زيد رضوان، الأسس العامة للتحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي بالقاهرة،1981.
- أحمد الخالدي، مشروع قانون التحكيم الفلسطيني، دراسة نقدية، وحدة البحوث البرلمانية التابعة للمجلس التشريعي الفلسطيني، غزة، 1999.
- أحمد عبد الكريم سلامة، قانون التحكيم التجاري الدولي، دار النهضة العربية، طبعة أولى، 2004.
- جابر جاد نصار، العقود الإدارية، دار النهضة العربية، الطبعة الثالثة، 2007.
- حسام الدين محمود الدن، الأسس العامة للتحكيم، مكتبة ومطبعة نيسان، الطبعة الثالثة، فلسطين،2020.
- درويش الوحيدي، التحكيم في التشريع الفلسطيني والعلاقات الدولية، مطابع شركة البحر والهيئة الخيرية، غزة،1998.
- عثمان التكروري، الوجيز في أسس التحكيم المحلي والدولي، بدون دار نشر، 2001.
- عصام الدين القصبي، القانون الدولي الخاص المصري، طبعة 2002 – 2003.
- حمود مختار بريري، التحكيم التجاري الدولي، دار النهضة العربية بالقاهرة، ط 2007.
- مصطفى الجمال، عكاشة عبد العال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة.
- ناظم عويضة، شرح قانون التحكيم الفلسطيني رقم (3) لسنة 2000، دار المنارة، غزة، 2001.
- أنور على الطشي، مبدأ الاختصاص بالاختصاص في مجال التحكيم، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2009.
- أنور سلطان، مصادر الالتزام في القانون المدني دراسة مقارنة في الفقه الاسلامي، الطبعة الثانية، دون دار نشر، 1998.
- حسام الدين محمود الدن، النظرية العامة للالتزام، الجزء الأول، مصادر الالتزام، الطبعة الأولى، مكتبة ومطبعة الجزيرة، فلسطين، 2021.
الرسائل العلمية:
- إسماعيل الأسطل، التحكيم في الشريعة الإسلامية، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة،1986، ص 19.
- حسام الدين محمود الدن، طرق الطعن في حكم التحكيم” دراسة مقارنة” رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس، مصر 2013.
- عبد السلام منصور المناصرة، اتفاق التحكيم وقواعده وفقا لأحكام القانون الفلسطيني رقم 3 لسنة 2000، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 2005.
الأبحاث والمجلات والنشرات والمقالات وورش العمل:
- حسام الدين محمود الدن، نزار حمدي قشطة، الصلح والتصالح في القانون الفلسطيني وعلاقته بالتحكيم في المسائل الجزائية، بحث منشور في مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، العدد السابع، 2017م.
- مجلة المحاماة التي تصدرها نقابة المحامين المصريين، دار وهدان للنشر العدد الأول.
- مجلة المحاماة التي تصدرها نقابة المحامين الفلسطينيين، مطابع الهيئة الخيرية، العدد الثالث.
- النشرة الشهرية لمركز التحكيم لحل الخلافات التجارية، نشرة شهر مايو/ أيار 2003، ونشرة شهر فبراير/ شباط 2003.
- مقالات منشوره في جريدة الراية القطرية بتاريخ 21/1/2008 لمحمد أبو العنين.
- مقال منشور لسعاد حنا صايغ، بعنوان بعض الملامح لقانون التحكيم الفلسطيني رقم 9 لسنة،1926 منشور في العدد الثالث من مجلة المحاماة التي تصدر عن نقابة المحامين الفلسطينيين، فلسطين.
- – Revue Gitique de droit international privé 1963. II, 13405, note Goldmen.Journal de droit international, 1964, note Berdn.
المواقع الإلكترونية:
1) موقع com www. raya. بتاريخ 23/3/2008.
2) موقع com www. alkashkol. بتاريخ 24/3/2019.
3) موقع com www. lac. بتاريخ 24/3/2018.
القوانين والوثائق:
- قانون الصلح الجزائي الفلسطيني رقم 1 لسنة 2017.
- القانون المدني الفلسطيني رقم 4 لسنة 2012م، النافذ في محافظات غزة.
- قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001.
- قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة 2000.
- قانون التحكيم الفلسطيني رقم 9 لسنة 1926.
- مجلة الأحكام العدلية الصادرة سنة 1286 هـ، 1876م.
- قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994.
- الوثائق الرسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة الحادية والثلاثون الملحق رقم 17 (31 / 16 / A).
- نظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية والنظام الجديد للمصالحة ونظام التحكيم المعدل لسنة 1998.
([1]) بريري، محمود مختار، التحكيم التجاري الدولي، دار النهضة العربية، مصر، 2007، الطبعة الثالثة.
([2]) الأسطل، إسماعيل، التحكيم في الشريعة الإسلامية، رسالة دكتوراه، جامعة الشريعة، كلية الحقوق،1986، ص 19.
([3]) سلامة، أحمد عبد الكريم، قانون التحكيم التجاري الدولي، دار النهضة العربية، مصر، 2004، طبعة أولى.
([4]) فلسطين، قانون التحكيم الفلسطيني رقم (3) لسنة 2000 الصادر في غزة بتاريخ 4/5/2000، وتم نشره بتاريخ 30/6/2000 في الوقائع الفلسطينية، الجريدة الرسمية في فلسطين، العدد الثالث والثلاثون.
([5]) الأردن، قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 المنشور على الصفحة 2821 من عدد الجريدة الرسمية رقم 4496. تاريخ 16/7/2001.
([6]) جمهورية مصر العربية، قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 الصادر بتاريخ 18/إبريل / لسنة 2004، وتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 17 مايو/ لسنة 1997.
([7]) نقض مدني مصري، الطعن رقم (52) لسنة (60) ق، جلسة 27 فبراير 1994، راجع، موسوعة مصر لأحكام محكمة النقض، المستشار/ علي حسن الإمام وجمال أبو حليقة، الجزء الرابع، الطبعة الأولى، مركز مصر الدولي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2004، ص 223.
([8]) الدن، حسام الدين محمود، الأسس العامة للتحكيم، مكتبة ومطبعة نيسان، فلسطين، 2017، الطبعة الأولى.
([9]) الحلاق، جلال، ورشة عمل عقدت في مقر جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين في مدينة غزة، بتاريخ 28 /1/2003.
([10]) مجلة المحاماة التي تصدرها نقابة المحامين المصرية- دار وهدان للنشر، إبراهيم، د. إبراهيم أحمد، اختيار طرق التحكيم ومفهومه، العدد الأول، ص 1.
([11]) مقابلة خاصة منشورة في النشرة الشهرية لمركز تحكيم لحل الخلافات التجارية، الحداد، د. أمين، بعنوان مراكز التحكيم تمنح المصداقية في المعاملات المالية والتجارية وتشكل حافزا للمستثمرين، نشرة شهر مايو/أيار 2003.
([12]) جريدة الراية القطرية، أبو العنين، محمد، مقال عن الجلسة الثانية لمؤتمر التحكيم الدولي، بتاريخ 21/1/2008، شبكة الإنترنت، موقع www.raya.com بتاريخ 23/3/2008.
([13]) رضوان، أبو زيد، الأسس العامة للتحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي، مصر، 1981، بدون طبعة نشر.
([14]) النشرة الشهرية لمركز تحكيم لحل الخلافات التجارية، مقال بعنوان “التحكيم المؤسسي ما هي المميزات “، شهر شباط / فبراير2003.
([15]) ومن الجدير بالذكر، أن قانون الصلح الجزائي الفلسطيني، رقم (1) لسنة 2017، قد سمح بالصلح والتصالح في بعض الجرائم والمسائل الجزائية ضمن ضوابط وشروط محددة، وهذا بلا شك فتح الباب على مصراعيه من حيث جواز التحكيم على ما يجوز فيه الصلح. فالمبدأ أنه ما يجوز فيه الصلح يجوز فيه التحكيم. حسام الدين محمود الدن، نزار حمدي قشطة، الصلح والتصالح في القانون الفلسطيني وعلاقته بالتحكيم في المسائل الجزائية، بحث منشور في مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، العدد السابع، 2017م.
([16]) ووفقاً لنص المادة الأولى من قانون التحكيم الفلسطيني يجب أن يكون أطراف اتفاق التحكيم متمتعين بالأهلية اللازمة للتصرف بالحقوق.
([17]) الدن، حسام الدين محمود الدن، النظرية العامة للالتزام، الجزء الأول، مصادر الالتزام، الطبعة الأولى، مكتبة ومطبعة الجزيرة، فلسطين،2021، ص63 . وأيضاً، الطشي، أنور علي، مبدأ الاختصاص بالاختصاص في مجال التحكيم، دار النهضة العربية، القاهرة، 2009، الطبعة الأولى.
([18]) سلطان، أنور، مصادر الالتزام في القانون المدني دراسة مقارنة في الفقه الاسلامي، دون دار نشر، 1998، الطبعة الثانية.
([19]) عويضة، ناظم، شرح قانون التحكيم الفلسطيني رقم (3) لسنة 2000، دار المنارة، غزة، 2001، بدون رقم طبعة نشر.
([20]) وتنص المادة الرابعة من القانون على أنه ” لا تخضع لأحكام هذا القانون المسائل الأتية وهي:1- المسائل المتعلقة بالنظام العام في فلسطين،2- المسائل التي لا يجوز فيها الصلح قانونا، 3- المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية”.
([21]) التكروري، عثمان، الوجيز في أسس التحكيم المحلي والدولي، بدون دار نشر، 2001، بدون رقم طبعة نشر.
([22]) وبهذا يأخذ كل من قانون التحكيم القطري الحالي، والقانون اللبناني، والقانون السوري، والقانون الإماراتي.
([23]) مجلة المحاماة التي تصدر عن نقابة المحامين الفلسطينيين، صايغ، سعاد حنا، مقال بعنوان بعض الملامح لقانون التحكيم الفلسطيني رقم 9 لسنة 1926، فلسطين، العدد الثالث.
([24])شبكة المعلومات، الإنترنت، بتاريخ، 24 /3/2019، موقع http://www.lac.com.jo/Default.htm
([25]) الدن، حسام الدين محمود، طرق الطعن في حكم التحكيم “دراسة مقارنة”، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس بمصر، كلية الحقوق، 2013، ص 369 وما بعدها.
([26]) شبكة المعلومات، الإنترنت، بتاريخ 24/3/ 2018، موقعhttp://www.alkashkol.com/vb/showthread.php .
([27]) الجمال، مصطفى، عبد العال، عكاشة، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية، دار النهضة العربية، مصر، طبعة أولى.
([28]) الحداد، حفيظة، الاتجاهات المعاصرة بشأن اتفاق التحكيم، دار الفكر الجامعي، 2001، بدون رقم طبعة نشر.
([29]) شهاب، عاطف، اتفاق التحكيم التجاري الدولي والاختصاص التحكيمي، دار النهضة العربية، مصر،2002، بدون طبعة نشر.
([30]) الجمال، مصطفى، عبد العال، عكاشة، المرجع السابق.
([31]) الوثائق الرسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة الحادية والثلاثون، الملحق رقم 17 (31/16/ A).
([32]) تنص المادة (11) على أنه “سيتخذ المركز مثل هذه الخطوات حسبما يراه ملائما لتشجيع التطبيق الأكثر اتساعاً لقواعد اليونسترال الخاصة بالتحكيم في المنطقة “.
([33]) تم سريان نظام المصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية والنظام الجديد للمصالحة ونظام التحكيم المعدل اعتبارا من الأول من كانون الثاني/ يناير لسنة 1988، ويعتبر نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية الحالي أول تعديل مهم يطرأ على النظام منذ 20 عاما، حيث دخل حيز التنفيذ من أول كانون الثاني/ يناير لسنة 1998.
([34]) تم إقرار هذه الاتفاقية في شهر يونيو سنة 1958 في نيويورك من قبل مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بالتحكيم التجاري الدولي، وانضمت مصر لهذه الاتفاقية بموجب القرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959 الصادر في 2/2/1959، وصدر قرار وزير الخارجية بنشرها وتنفيذها في 14/4/1959 واعتبرت نافذة ابتداءً من يونيو 1959.
([35]) ومنها قانون التحكيم الأردني، وقانون التحكيم المصري، وقانون التحكيم العُماني، وقانون التحكيم الفلسطيني أيضاً.
([36]) بريري، محمود مختار، مرجع سابق الإشارة إليه، ص 70.
([37]) المرجع والمكان السابقان.
([38]) نصار، جابر جاد، العقود الإدارية، دار النهضة العربية، مصر، الطبعة الثالثة، ص82.
([39]) المرجع والمكان السابقان.
– Revue Gitique de droit international privé 1963, p :615. II, 13405, note Goldmen.Journal de droit international, 1964, p :82 , note Berdn