علاقة الضبط الإداري بالحريات العامة في ظل جائحة كوفيد19
The impact of administrative control on the rights and freedoms of people in light of the Covid-19 pandemic.
د. عماد صوالحية، جامعة العربي التبسي، الجزائر.
Imad SOUALHIA, Al-Arabi Al-Tebsi University, Algeria.
ورقة منشورة في كتاب أعمال المؤتمر الدولي المحكم حول الحجر الصحي الصفحة 33.
Abstract:
The quarantine function is practiced in two distinct ways, through legal actions aimed at enacting texts and instructions aimed at imposing it or through material actions aimed at its practical embodiment, but the exercise of this function, despite its importance, was not left unconditionally due to its attachment to public rights and freedoms, there are Limitations related to this quarantine, as the means used must be within the framework of legal legitimacy, and be necessary and necessary, due to the consequent restriction of the rights and freedoms of persons in movement, which requires achieving a fair balance between those freedoms and rights and this controlling function, I mean, it is practiced within the framework of respecting public freedoms, protecting public health and not violating it, so what is the impact of administrative control measures in light of the spread of the Corona virus in the world on the rights and freedoms of citizens? To answer this question, we had to use the descriptive analytical approach to address the quarantine procedure as a realistic case in the face of the virus, especially since this procedure must range between severity and lightness and self-isolation in order not to burden citizens.
Keywords: freedom of movement, public freedoms, quarantine, public health, regulatory function.
الملخص:
تمارس وظيفة الحجر الصحي بأسلوبين متميزين، من خلال التصرفات القانونية الرامية إلى سن النصوص والتعليمات الرامية إلى فرضه أو من خلال الأعمال المادية الرامية إلى تجسيده عمليا، لكن ممارسة هذه الوظيفة ورغم أهميتها لم تترك على حالها دون قيد أو شرط نظرا لتعلقها بالحقوق الحريات العامة، فهناك حدود متعلقة بهذا الحجر الصحي، إذ أنه لا بد أن تكون الوسائل المستخدمة في إطار المشروعية القانونية، وأن تكون ضرورية ولازمة، وذلك لما يترتب عنها من تقييد لحقوق وحريات الأشخاص في التنقل، وهو ما يقتضي تحقيق موازنة عادلة بين تلك الحريات والحقوق وهذه الوظيفة الضبطية، يعني أنها تمارس في إطار احترام الحريات العامة وحماية الصحة العامة وعدم المساس بها، فما هو تأثير إجراءات الضبط الإداري في ظل انتشار فيروس كورونا في العالم على حقوق وحريات المواطنين؟
وللإجابة على هذا التساؤل كان لزاما علينا استعمال المنهج التحليلي الوصفي للتطرق لإجراء الحجر الصحي كحالة واقعية في مواجهة الفيروس، خصوصا أن هذا الإجراء يجب يتراوح بين الشدة والخفة والعزل الذاتي حتى لا يرهق المواطنين.
الكلمات المفتاحية: حرية التنقل، الحريات العامة، الحجر الصحي، الصحة العامة، الوظيفة الضبطية.
المقدمة:
يعتبر مجال الحريات العامة من أهم المجالات الحساسة على الصعيدين الوطني والمحلي داخل المحافظات والمقاطعات الإدارية، إذ أن أغلب الاتفاقيات والمواثيق الدولية تسعى جاهدة لحماية هذه الحريات، وأعطتها الأولية القصوى نظرا لارتباطها الوثيق بالكرامة الإنسانية، وهو ذات الأمر بالنسبة للتشريعات المحلية في جل دول العالم، وفي ظل هذه الحماية أصبح المواطن الإنسان يتمتع بحرية مكفولة بقوانين دولية،[1] ترخص بما لا يدع مجال للشك هذا الحق، فقد أكد القانون الدولي على حق جميع الأفراد على اختلاف مستوياتهم المادية والاجتماعية والعرقية والجنسية في التمتع بالحرية والعيش الكريم والكرامة الإنسانية، وشرع كذلك الدفاع عن الحريات العامة بكل الوسائل لأنها من الحقوق التي لا يحق لأي كان أن يسلبها وأصبح في ذات الصدد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو الراعي الأول والأساسي في حماية هذه الحريات وعلى رأسها الصحة العامة، لكن هذه الحماية الدولية للحريات العامة لم تترك دون قيد أو شرط او دون ضوابط تحكمها، لأن استعمال هذه الحرية على إطلاقها يحولها إلى فوضى قد تؤدي إلى المساس بحريات الآخرين، لذلك وجب ضبطها من طرف الحكومات والدول وهو ما يسمى بالضبط الإداري، والذي يعتبر وظيفة إدارية أساسية تهدف إلى حماية النظام العام بمكوناته الأساسية.
موضوع الدراسة: تعد وظيفة الضبط الإداري مظهرا من مظاهر السلطة العامة في فرض النظام العام من خلال جملة الامتيازات والسلطات والصلاحيات المقررة قانون لحماية الأمن والصحة وسكينة أفراد المجتمع، وتعتبر أعمال الضبط الإداري تدابير مانعة للإخلال بالنظام العام ووقائية منه وكذلك سابقة على حدوثه، خصوصا في حالة الانتشار الرهيب والمتسارع لفيروس كوفيد19، ويبرز ذلك من خلال التصدي لكل ما يهدد استقرار صحة المواطنين باتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك كالحجر الصحي الإجباري، ومع أهمية أعمال الضبط الإداري، يبقى واضحا أن ممارسة النشاط الضبطي بما يحتويه من تقييد للحريات العامة، يعد من السلطات البالغة الخطورة في آثارها عليها، وأمام هذه المعادلة الصعبة بين حماية الحريات العامة وضرورة ممارسة وظيفة الضبط الإداري، يتضح أن الحريات العامة لا يمكن ان تكون مطلقة، كما ان الوظيفة الضبطية لا يمكن أن تكون هي الاخرى مطلقة، ويهدف الضبط الإداري عموما إلى إقامة التوازن بين ممارسة الحرية وحماية النظام العامة بمختلف مكوناته.
إشكالية الدراسة: تمارس الدولة وواجباتها في الحفاظ على النظام العام من خلال نشاط الضبط الإداري، فهي تضع قيودا على جملة من النشاطات التي يمارسها الأفراد فتقيد بذلك حرياتهم وحقوقهم، وهو ما يقتضي تحقيق موازنة عادلة بين تلك الحريات والحقوق ووظيفتها الضبطية وبرز هذا الطرح بشكل جلي في ظل جائحة كوفيد 19، وهذا يجعلنا نتساءل:
هل أثرت إجراءات الضبط الإداري في ظل انتشار فيروس كورونا في العالم على حقوق وحريات المواطنين؟
وهذا التساؤل يؤدي بدوره إلى طرح العديد من التساؤلات الفرعية، منها ما يتعلق بالجانب الوظيفي للضبط الإداري والمرتبط بالصلاحيات الممنوحة للهيئات الوطنية أو المحلية لتمكينها من أداء مهامها الضبطية، وكذلك العديد من التساؤلات الأخرى والتي تتعلق بتأثيرها على حقوق وحريات الأشخاص.
أهمية الدراسة: موضوع الضبط الإداري المحلي وأثره على الحريات العامة يكتسي أهمية بالغة لاعتبارات عديدة أهمها، هي اللجوء المتزايد لاستعمال امتيازات السلطة العامة من خلال تقييد حرية تنقل الأشخاص كآلية قانونية جديدة ووسيلة لتفعيل إجراءات الحجر الصحي رغبة في حماية الصحة العامة، وكذلك الأوضاع التي يعيشها العالم من غلق تام في ظل الانتشار الرهيب للفيروس والاقتصادي الوضع الراهن والصعب وما نتج عنه من آثار وخيمة على الأفراد.
أهداف الدراسة:
نظرا للمهمة والوظيفة التي تمارسها الدولة وتلتزم بموجبها بحماية النظام العام، أكد المشرع من خلال النصوص القانونية العديدة، على ضرورة حماية الحقوق والحريات العامة من كل تعسف، إذا لا يمكن أن تكون الوظيفة الضبطية التي تمارسها على إطلاقها، فهذا من شأنه أن يجعلها تتعسف في أداء مهامها وتحيد عن الهدف من نشاطها، لذا فهذه الدراسة تهدف لإبراز علاقة الضبط الإداري بالحريات والحقوق العامة للأفراد .
منهج الدراسة: اعتمدت في هذه الدراسة على المنهج التحليلي، من خلال تحليل الوظيفة الضبطية خصوصا الحجر الصحي، وإبراز علاقة الضبط الإداري بالحريات العامة للأفراد، حيث أن هذا المنهج قائم أساسا على التحليل والتفسير بشكل علمي منظم.
تقسيمات الدراسة: تم عرض هذه المداخلة في مبحثين، حيث تطرقنا في المبحث الأول إلى ماهية الضبط الإداري فحاولنا إعطاء مفهوم له وتطرقنا إلى الأهداف التي يرمي إليها في ظل أزمة الفيروس العالمية وكذلك الوسائل التي يستعملها لحماية الصحة العامة، وفي المبحث الثاني سعينا من خلاله إلى تحديد علاقة الضبط الإداري بالحريات العامة والتطرق إلى الضمانات الدستورية والقانونية للحقوق وللحريات العامة في مواجهة نشاط الضبط الإداري وكذلك الحماية الدولية لهذه الحريات وكل هذا في ظل أزمة فيروس كورنا.
المبحث الأول: ماهية الضبط الإداري:
يقوم التصور الجديد لدور الدولة في الحياة العامة على أساس الفصل بين مهامها كسلطة عامة ضامنة للحريات والحقوق، وبين مهامها كسلطة ضبطية في سبيل تحقيق السير الحسن لهذه الحياة،[2]وحماية الصحة العامة للمواطنين، حيث أن الدولة لا تحل محل الفرد في ممارسة نشاطه، بل تضع له ضوابط حتى لا ينحرف عن دوره رغم أن ممارسة الحقوق الطبيعية لكل إنسان لا حدود لها،[3] إلا أنه مع فتك فيروس كوفيد19 بالآلاف من الأفراد، كان لزاما على الدول التدخل لكبح هذا التوسع والتخفيف من انتشاره والوسيلة لذلك هي استعمال صلاحياتها الضبطية، والضبط الإداري المحلي وظيفة ضرورية لتنظيم المجتمع فلا وجود لمجتمع بدون ضبط، لأن إطلاق الحرية على عنانها يؤدي إلى الفوضى،[4] لذا يجب ان تضبط الحرية حتى لا يساء استعمالها من طرف الفرد أو من طرف السلطة العامة وفقا للكيفيات التي يرسمها القانون وبالضمانات التي يقررها،[5] والضبط الإداري في حقيقة المر هو نتاج للتحولات القانونية للأشكال التقليدية للنشاط الإداري الذي يقتضي استعمال تقنيات أكثر مرونة في التدخل العمومي للتكيف مع الواقع، ويعتبر التنظيم القانوني هو أحد أدوات الضبط، فهو يسمح بالتأطير القانوني للسلوكيات الاجتماعية وتعديلها بما يتناسب مع حماية النظام العام الذي يعرف على انه مجموعة التدابير والتدخلات الصادرة عن السلطة العامة والتي تهدف إلى ضمان السير الحسن للمجتمع بغرض تحقيق المصلحة العامة،[6]والأصل أن يتم تنظيم ممارسة الحريات العامة عن طريق التشريع حتى لا يستغل المسؤولين هذه السلطة لتعطيل الحقوق، وقد تطورت فكرة الضبط الإداري تطورا ملحوظا نتيجة للمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كأسلوب وقائي غايته تنظيم ممارسة الحريات العامة، وعليه نتناول في هذا المطلب ماهية الضبط الإدارية وأدواته.
المطلب الأول: مفهوم الضبط الإداري
تطور فكرة النظام العام ادى بدوره إلى تطور فكرة الضبط الإداري نتيجة لكل المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فبالرجوع إلى مفهوم هذه الفكرة في الماضي نجد أنها لا تتعدى حماية النظام القائم لا غير وذلك بما يحقق اهداف ذلك الحكم القائم، ومع تطور فكرة الضبط توسعت لتصبح وسيلة لعلاج عجز المشروعية، فالضبط يهدف إلى ضمان التوازن بين مختلف المصالح المتناقضة وبين المصلحة العامة، فهو يعتمد على فرض المعايير والقواعد الجديدة التي تقوم على إشراك المخاطبين بالقاعدة القانونية في عملية وضعها مما يضفي مشروعية جديدة على المجتمع،[7] ونستعرض في هذا المطلب إلى تعريف الضبط الإدارية وكذلك إلى أهدافه.
الفرع الأول: تعريف الضبط الإداري
للضبط الإداري تعاريف متعددة ومتنوعة تخضع للزاوية التي ينظر إليه منها، ولن نتعمق في هذه التعاريف سواء بالرجوع إلى العصور الماضية أو بالرجوع للمعنى الاصطلاحي واللغوي، أو بالرجوع للمعيارين العضوي والمادي، بل نكتفي بتعريفه فقها وقانونا، تبعا لوجهات النظر التي تعالج فكرة الضبط الإداري، وفي هذا الصدد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الضبط الإداري غاية في حد ذاته، تهدف إليها الدولة، والبعض الآخر يرى انه تقييد للنشاط والحريات.
حيث عرفه الفقيه “هوريو” باعتباره غاية في حد ذاته بأنه” كل تنظيم للمدينة أي الدولة وكافة وسائل الحكم فيها، عدى القضاء الجنائي، تعتبر وسيلة ضبط”،[8]وعرفه الفقيه أحمد محيو كذلك بأنه ” مجموعة الإجراءات والتدابير التي تقوم بها الهيئات العامة حفاظا على النظام العام،[9]ويعرفه الأستاذ مازن راضي ليليو بقوله ” يقصد بالضبط الإداري بمعناه العام مجموعة الإجراءات والأوامر والقرارات التي تتخذها السلطة المختصة للمحافظة على النظام العام بمدلولاته الثلاثة: الأمن، الصحة، السكينة”،[10] أما تعريف الضبط على أساس أنه تقييد للنشاط والحريات، فقد عرفه الفقيه “جون ريفيرو” بأنه ” مجموعة التداخلات للسلطات الإدارية في تنظيم الأنشطة الخاصة التي يجب تنظيمها بقصد الحفاظ على المجتمع”،[11]وعرفه الفقيه سليمان الطماوي بأنه ” حق الإدارة في أن تفرض قيودا على الأفراد تحد بها من حرياتهم بقصد حماية النظام العام”،[12]ويعرفه الدكتور علي خطار الشنطاوي بأنه ” مجموعة القيود والضوابط التي تفرضها هيئات الضبط الإداري على حريات ونشاط الأفراد بهدف حماية النظام العام”،[13]ويعرفه الدكتور طعيمة الجرف بأنه ” مجموعة ما تفرضه السلطة العامة من أوامر ونواه وتوجيهات ملزمة للأفراد بغرض تنظيم حياتهم العامة أو بمناسبة ممارستهم لنشاط معين بقصد صيانة النظام العام في المجتمع”.[14]
الملاحظ من خلال جملة هذي التعاريف أنها كلها ترمي في اتجاه واحد، ألا وهو أن هدف الضبط الإداري يتمثل في الحفاظ على النظام العام، ولذلك يقوم بتنظيم الطريقة التي تمارس بها الحقوق وتتجسد بها الحريات، إما بتقييدها أو تعليقها إذا استوجبت الظروف ذلك، ومن خلال هذا الطرح يمكننا أن نعرف الضبط الإداري بأنه مظهر من مظاهر نشاط السلطة العامة و الذي يراد من خلاله السماح لبعض الهيئات الإدارية أو الإقليمية أو الوطنية، بفرض قيود على حريات الأفراد العامة وذلك بغرض حماية النظام العام.
الفرع الثاني: أهداف الضبط الإداري:
تهدف الدولة من خلال استعمال سلطتها الضبطية إلى الحفاظ على النظام العام، والذي يعتبره الفقهاء حالة واقعية تتمثل في القضاء على كل ما يهدد أمن وسلامة المجتمع، وهذه السلطات تقوم بدور هام في التعبير عن النظام العام، فهذا الأخير ليس نتاج النصوص بصفة مطلقة وإنما هو تعبير عن المجتمع ويعبر كذلك عن روح النظام القانوني للجماعة، وهو تعبير عن فكرة مرنة ومتطورة تبعا للتطور الاجتماعي ويعبر استحداث تلك السلطات عن الاستجابة لحاجيات جديدة تتعلق بأنماط تدخل الدولة في الحياة الاجتماعية وإدخال المزيد من المرونة على مبادئ التنظيم الإداري التقليدي، وفكرة النظام العام فكرة غير ثابتة، تتغير من زمان لآخر ومن مكان لآخر،[15]وللضبط الإداري كذلك غاية محددة تتمثل في الحفاظ على المصلحة العامة،[16] فهذا الضبط يجب أن يكون بمنأى عن تحقيق المصالح الخاصة الذاتية، بل تسعى السلطة من خلال ممارستها لسلطة الضبط إلى المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاثة، فالأمن العام الغرض منه هو تحقيق الاطمئنان لدي المجتمع من كل خطر قد يكون عرضة له، وبموجبه يتعين على السلطة العامة توفير كافة الإمكانات واتخاذ كل الإجراءات لضمان الأمن العام للأفراد في الظروف العادية والاستثنائية،[17]ويقصد بالأمن العام اطمئنان المرء على نفسه وماله من خطر الاعتداء، سواء كان مصدره الطبيعة كالفيضانات والبراكين والزلازل والحرائق التي يمكن أن تهلك النفس، آم كان مصدره الإنسان كالإشعاعات النووية القاتلة التي تنتج عن القنابل الذرية فتقضي على الرطب واليابس،[18] وقد يقع على عاتقها كذلك التزامها باتخاذ الإجراءات اللازمة في حدود القطاعات التي تنظمها بغرض وقاية صحة الأفراد، ويقصد بها كل الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على صحة الجمهور، ووقايته من أخطار الأمراض وانتشار الأوبئة، ولذا يقع على عاتق الإدارة أن تتخذ كافة الاحتياطات للقضاء على ما من شانه المساس بالصحة العامة سواء كان ذلك متصلا بالإنسان أو الحيوان أو الأشياء، فتقوم الإدارة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمراقبة سلامة الأغذية وعدم تلوث المياه ونظافة المساكن والمحلات العمومية والتحصين عند الأمراض المعدية وهو ما يؤدي في النهاية إلى اختفاء الأمراض آو مخاطرها واستتباب السلامة الصحية بالطرق الوقائية،[19] كما هو الحال مع الانتشار الواسع لفيروس كورونا الذي دمر الصحة في العالم وتسبب بوفيات بالألاف ما استدعى الدول لفرض الحجر الصحي بغرض حماية الصحة العامة، وكذلك من الأهداف الأساسية للضبط الإداري هو تحقيق السكينة العامة، ويقصد بها توفير الهدوء في الطرق والأماكن العامة ومنع كل ما من شانه أن يقلق راحة الأفراد، آو يزعجهم كالأصوات والضوضاء المنبعثة من مكبرات الصوت والباعة المتجولين ومحلات التسجيل ومنبهات المركبات،[20] و إلى جانب ذلك نجد أن مفهوم النظام العام قد اتسع ليشمل النظام العام الأدبي والأخلاق العامة، وأمكن بالتالي استعمال سلطة الضبط الإداري للمحافظة على الآداب والأخلاق العامة، فتجاوز بذلك العناصر الثلاثة السابقة، وفي هذا الاتجاه تملك الإدارة منع عرض المطبوعات المخلة بالآداب العامة، وكذلك حماية المظهر العام للمدن وحماية الفن والثقافة،[21] وفي المجتمعات الإسلامية تكتسب فكرة الآداب العامة أهمية خاصة، حيث يعد الحفاظ على المشاعر الدينية والأخلاقية جزءا لا يتجزأ من النظام العام، ويبقى تقدير هذه السلطات لأوجه الإخلال المبرر لاتخاذ قراراتها الفردية يخضع لسلطتها التقديرية المطلقة، لكن وفي هذا الصدد يرى العديد من فقهاء القانون الإداري أن هذا غير مقبول، ذلك أن التقدير الضبطي مقيد بما يهدف إليه المشرع ومقيد كذلك بما يراه القاضي الإداري مطابقا لتقدير المشرع.[22]
ومن أهم أغراض وأهداف الضبط الإداري في ظل الانتشار الواسع والمتسارع لفيروس كوفيد19 هو حماية الصحة العامة، حيث يمثل الحجر الصحي الوسيلة الأنجع لتحقيق هذا الغرض، ويختلف الحجر الصحي عن العزل، فعلى الرغم من أن المصطلحين متشابهان، إلا أن هناك اختلافا طفيفا بين الحجر الصحي والعزل الذاتي، فالعزل هو فصل المرضى المصابين بمرض معدي عن الأشخاص غير المرضى، أما الحجر الصحي فهو إجراء وقائي يفصل ويقيد حركة الأشخاص الذين تعرضوا لمرض معدٍ لمعرفة ما إذا كانوا مرضى أم لا، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يمكن التوصية بالحجر الصحي للأفراد الذين يعتقد أنهم تعرضوا لأمراض معدية مثل فيروس كوفيد19، لكن لم تظهر عليهم الأعراض.
المطلب الثاني: أدوات الضبط الإداري:
توسعت فكرة الضبط الإداري لتشمل العديد من المجالات التي تتسع وتزيد مع مرور الأيام وذلك نتيجة لتزايد دور الدولة، فالضبط الإداري هو إجراء القصد منه المحافظة على النظام العام، وإذا كان الضبط الإداري هو مجموعة القرارات الصادرة عن السلطة العامة، الهدف منه تقييد حريات الإفراد بما يحقق النظام العام داخل المجتمع، فإن فرض هذه القيود يحتاج إلى أدوات مادية وبشرية وقانونية،[23]وما هو معروف فالأدوات البشرية تتمثل في أعوان الضبط الإداري أي العنصر البشري الذي يقوم بمهمة الضبط ولذلك سنكتفي بالتفصيل في كل من الأدوات القانونية والمادية للضبط الإداري.
الفرع الأول: الأدوات القانونية “لوائح الضبط الإداري”
تمارس هيئات الضبط الإداري نشاطها في حماية النظام العام من خلال ما تملكه من أدوات وسلطات تخولها فرض إجراءات وتدابير ضبطية ملزمة وواجبة التقيد بها، ومن جملة هذه الأدوات، لوائح الحظر، وهو أن تنهى اللائحة عن اتخاذ إجراء معين أو ممارسة نشاط محدود، وهذه الوسيلة تعد استثنائية لا تلجأ الإدارة إليها إلا في حالة استحالة وقاية النظام العام بأية وسيلة أخرى، ولذلك ينبغي أن يكون الحظر جزئيا ليس مطلقا، لأن الحظر يعتبر أعلى أشكال المساس بالحريات العامة بهدف المحافظة على النظام العام، وعندما تفرض الإدارة على الأفراد نشاطا معينا فلا تمنع لمجرد المنع، وإنما لتحقيق مقصد عام يعود بالنفع على جميع أفراد المجتمع،[24]كذلك من جملة الأدوات القانونية اللازمة لمهمة الضبط الإداري، نجد الإنذار المسبق و لوائح الترخيص، إذ يمكن السماح للأفراد بممارسة حرياتهم بشرط حصولهم على موافقة وإذن مسبق من طرف الإدارة، وإلا كان ذلك مخالفا للقانون، وهنا يجب الحصول على إذن مسبق أو ترخيص للممارسة النشاط الفردي وهذا لاتصاله بالنظام العام، كالترخيص بالخروج للتسوق في الحجر الصحي، إضافة إلى ذلك نجد الإعلان المسبق ولوائح الإخطار، فقد تتخذ لوائح الضبط الإداري صورة اشتراط الإخطار المسبق لدى السلطات الضبطية المختصة مقدما وقبل ممارسة النشاط الخاص ،لكي تتخذ هذه السلطات الإدارية المختصة بالضبط الإداري الإجراءات اللازمة لمنع تعرض النظام العام للاضطرابات نتيجة ممارسة هذا النشاط، ويعد الإخطار اخف قيد من قيود وإجراءات الضبط الإداري يرد على حرية النشاط الخاص،[25] بالإضافة إلى العديد من الأدوات القانونية التي تتخذها السلطة العامة في ممارسة نشاطها الضبطي لغرض حفظ النظام العام.
- أوامر الضبط الإداري الفردي: كذلك من جملة الأدوات القانونية الهامة في عملية الضبط الإداري هي أوامر الضبط الإداري الفردي حيث تمارسها السلطة العامة بصورة محددة و في مجال معين بذاته وعلى نشاطات الأفراد المخاطبين به كالضبط الخاص المتعلق بالأجانب، وتستند السلطة الضابطة في ذلك إلى تحقيق هدف متعلق دائما بالنظام العام، فاللائحة أو التشريع لا يمكن أن ينصا على جميع التوقعات أو التنبؤات التي قد تحث ،كما أن مفهوم النظام العام متغير ، فإذا ظهر تهديد أو إخلال بالنظام العام لم يكن التشريع أو اللائحة قد توقعاه فان للإدارة او الهيئة الضابطة صلاحية إصدار أمر ضبطي فردي لحفظ النظام العام، ويجب أن يكون مستندا إلى قاعدة تنظيميه، والمثال على ذلك أثناء فترات ماضية هو إصدار أوامر ضبطية فردية بمنع بعض المدونين من نشر أرقام مغلوطة عن الإصابات وعدد الوفيات جراء الكورونا.
الفرع الثاني: الأدوات المادية والتنفيذ الجبري:
يقصد بالأدوات المادية كافة الإمكانيات والوسائل التي من الممكن استخدامها بغرض ممارسة نشاط الضبط الإداري، كالتجهيزات المختلفة والعتاد والآليات اللازمة مثلا، وهناك من الفقه الإداري من اعتبر الأدوات المادية مجموعة من الأعمال المادِية التي تؤديها سلطات الضبط الإداري؛ بهدف حماية النظام العامّ، وتحقيق أهداف الضبط الإداري الخاص، وتتمثل هذه الوسائل بتنفيذ الأوامر، والقوانين بالقوة الجبرية، ودون الحاجة إلى وجود ترخيص قانوني، أو إذن من الجهة القضائية، وذلك مع ضرورة وجود نصٍ قانوني يتيح ذلك في الحالات الضرورية، والاستثنائية، وفي هذا الصدد يجب الإشارة إلى أن استخدام القوة المادية لا يعني تبرير التعسف وتجاوز استعمال القوة بل يعني القوة المادية اللازمة لحماية النظام العام بمكوناته الثلاثة من امن عام وصحة عامة وسكينة عامة.[26]
ومن جملة الأدوات المادية في الحجر الصحي هو العنصر البشري، سواء من قوات الأمن أو الشرطة التي تفرض على المواطنين الالتزام بقواعد الحجر الصحي ومواعيدها بالقوة ومن خلال الغرامات والعقوبات، لكن ذلك لا يعني إلغاء مفهوم الحريات العامة بل هو حماية لمصلحة المجتمع ومنه العام، والدليل على مشروعية هذا الإجراء هو منح الرخصة الاستثنائية لكسر الحرج، متى اقتضت الضرورة ذلك، كالخروج للتسوق أو لظرف قاهر لا يقبل التأخير، وهو ما قامت به العديد من الدول العربية على غرار الأردن، الجزائر، الإمارات، الكويت، فقد أعلنت وزارة الصحة الكويتية كمثال عن تطبيق الحجر، فرضها إقرار على جميع القادمين من مطار الكويت أو المنافذ البرية، يتم التوقيع عليه قبل دخولهم الكويت، وأن توقيع هذا الإقرار يأتي فى ضوء اتساع دائرة انتشار فيروس (كورونا المستجد كوفيد – 19) دوليا، والاجراءات الاحترازية الدولية المتخذة لمواجهة هذا الفيروس، والتي قد تفرضها الدول لدخول ومغادرة المسافرين من وإلى الكويت في أي وقت، والإقرار يتضمن – كذلك – تعهد المسافر بالبقاء في مكان الحجر الصحي المحدد له من السلطات، ووفق ما تقرره السلطات بمدة لا تقل عن 14 يوما، مع التعاون التام معهم، وذلك للحد من انتشار الفيروس في الكويت وتقديم المصلحة العامة لحماية المجتمع من أى أمراض أو أوبئة، لكن الحجر الصحي يتطلب الصرامة وتغليب الصحة العامة على المصالح الخاصة والشخصية، لذلك فهو يلغي الحرية العامة في مقابل الصحة العامة.
المبحث الثاني: علاقة الضبط الإداري بالحريات العامة
تلجأ الدولة للعديد من الوسائل القانونية بهدف تحقيق النظام العام كما رأينا فيما سبق مع فيروس كوفيد19، إلا انه وفي سبيل ذلك تصطدم الوظيفة الضبطية بالحريات العامة للأفراد والجماعات، وهو ما يؤدي إلى انعكاسات عديدة تقيد الأفراد رغم أن الهدف منها هو حماية النظام العام، فالإدارة وبما لها من سلطة عامة، تملك حق التدخل في الحريات العامة وتقييدها، تبعا لما يحدده القانون والتشريع في هذا الصدد حتى لا تتعسف في استعمال هذه السلطة، أي أن أعمالها تكون خاضعة لمبدأ المشروعية وخاضعة كذلك لرقابة القضاء،[27] فإذا كانت هناك نصوص تشريعية خاصة في شأن تنظيم الحريات العامة فان جهات الضبط الإداري تلتزم بما ورد فيها من قيود وتنظيم ولا تتجاوزها وإذا انحرفت عن حدوده كان قرارها مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة، يتمثل هذا العيب الذي يصيب الهدف أو الغاية من إصدار الجهة الضبطية للقرار الإداري، فذلك الهدف يقتضي تحقيق المصلحة العامة وبالتالي إذا انحرفت تلك الجهة عن هذه الغاية فإن قرارها يكون محل طعن بالإلغاء، ونكون بصدد انحراف بالسلطة كذلك عندما تستعمل الجهة الضبطية سلطتها لتحقيق هدف غير الذي منحت لها من أجله تلك السلطة،[28] ويعرف الفقيه سليمان الطماوي، عيب الانحراف في استعمال السلطة بأنه ” عيب ينصب على ركن الغاية في القرارات الإدارية ولا يكون ذلك إلا إذا كانت سلطة الادارة تقديرية”.[29]
أما حالة عدم وجود نصوص تشريعية تنظم علاقة سلطات الضبط الإداري بالحريات العامة، فإن سلطاتها تختلف حسب الظروف الزمنية والمكانية المحيطة بممارسة الحرية، دون أن يعني ذلك أن سلطات الضبط الإداري مطلقة و خالية من كل قيد، كما هو الحال مع الأزمة العامية الصحية التي تسبب بها الانتشار الواسع لفيروس كوفيد 19، حيث لم يعد هناك مجال لاحترام الحريات العامة وتطبيق الحجر الصحي على نطاق واسع، مع توقيع عقوبات ومخالفات لكل من يخل بهذا القرار الضبطي، وعموما تعمل أغلب التشريعات على حماية الحريات العامة وتنص على ذلك في العديد من الدساتير والقوانين والمراسيم والتنظيمات، إلا أن هذا النص ومهما كانت أهميته يكون بدون جدوى إذا لم تصحبه ضمانات دستورية وقانونية تكفل ممارسة هذه الحريات وتطبيقها عمليا.
فالحاجة إلى احترام حقوق الإنسان تصبح أكبر في مثل هذه اللحظات الحرجة التي تمرّ بها شعوب العالم كله، وضمانها للجميع يصبح أمرا لازما بل وضروريا في أوقات الأزمات، لأنه، بحماية الحقوق الفردية والجماعية، يمكن تعزيز الصفوف وتقويتها، وقد كشفت هذه الأزمة عن أخطار تهدد الدول مثل انهيار الأنظمة الصحية وعجز الدول عن حماية الحق في الصحة، بل أن طول مدة الحجر الصحي وتمديده في عدة مرات متتالية أثر سلبا فعلا على حق المواطن في التنقل وعلى نفسته أمام عجز الدول عن كبح الفيروس، بل نجد أن العديد من الحكومات قد استعملت الظروف الاستثنائية والصحية الخطيرة التي فرضتها جائحة كورونا لتبرير تعطيل القانون وحيازة السلطة المطلقة، إضافة إلى أن طول الأزمة زاد من نسبة الفقر في العالم، وجعلت الشخص المحتاج للعمل يتمرد على الحجر رغبة منه في إيجاد قوته أمام عجز العديد من الدول، فالحجر الصحي وإن كان مرده هو حماية الصحة العامة إلا أن له العديد من التأثيرات السلبية على الأفراد والجماعات.
المطلب الأول: ضمانات الحريات العامة في مواجهة نشاط الضبط الإداري
يعتبر احترام الحريات من أسمى القواعد القانونية في العالم المعاصر، إلى درجة انه كلما وجد تعارض بين السلطة والحريات وجب تغلب الحرية، حيث أن هذه الأخيرة أصبحت ذات مدلول واسع غير محدد المعالم، وأصبحت جزء لا يتجزأ من النظام القانوني للدول، وانطلاقا من هذا تقررت لها حماية قانونية محددة تكفل الحريات العامة في مواجهة سلطات الدولة وتتحقق هذه الحماية بوضع قواعد دستورية وقانونية تحقق هذا الغرض.[30]
الفرع الأول: الضمانات الدستورية
الدستور بحكم طبيعته كأسمى قانون في البلاد ويتضمن المبادئ العامة التي تحكم الدولة والمجتمع، وباعتبار الحريات العامة من المبادئ الأساسية لكل دولة، نجد أن أحكام الدساتير تتناول موضوع الحريات الفردية والجماعية في بنودها،[31] ويجدر بنا أن نشير إلى أن الدستور في كل دولة يعتبر القاعدة الصلبة التي تبنى عليها أسس الدولة القانونية، فأهمية الدستور ليست مجرد وجوده وإنما تنفيذه واحترام أحكامه وعدم مخالفتها أو الخرج عليها من السلطة العامة،[32] ومن ثمة اكتسبت الحريات العامة الحماية الدستورية بالنص عليها في الدساتير وبرز موقعها في سلم البناء القانوني للدولة بوجه عام، وبالتالي لا يجوز لأي سلطة أن تخرج على مقتضاها، ويترتب على هذه الحماية أثرها على تقييد سلطة المشرع من خلال الرقابة الدستورية في علاقته بهذه النصوص وذلك بإلغاء التشريعات التي تصدر بالإخلال بالحريات العامة، ومن أهم الضمانات الدستورية التي تكفل حماية الحريات العامة، هو مبدأ الفصل بين السلطات، حيث تتلخص الفكرة الأساسية التي يقوم عليها هذا المبدأ في ضرورة توزيع السلطة في الدولة على هيئات أو سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية، تكون منفصلة ومتساوية بحيث تستقل كل منها عن الأخرى في مباشرة وظيفتها، حتى لا تتركز السلطة في يد واحدة فتسيء استعمالها،[33] ومبدأ الفصل بين السلطات نصت عليه المادة 16 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن سنة 1789،[34] والتي تنص على “أن المجتمع الذي لا يضمن حقوق المواطنين ولا يفرق ويفصل بين مختلف السلطات، فإن لا دستور له”،[35] ويعتبر مبدأ استقلالية القضاء من أهم الضمانات الكفيلة بحماية الحريات العامة، فهو مبدأ دستوري ثابت يضمن نزاهة القضاء وعدم تأثره بالمتغيرات الخارجية وهذا من شانه المساهمة في حماية الحريات الفردية والجماعية وتحصينها من هضم الحقوق والتعسف في ذلك، وإلى جانب ذلك نجد مبدأ عدم رجعية القوانين، فهو الآخر من أهم الضمانات الأساسية في حماية الحريات العامة، وفي حالة فيروس كوفيد19، غلبت الدول جميعها الصحة العامة على الحريات العامة نظرا لوجود المنظومة القانونية التي تقضي بفرض كل ما هو ممكن في سبيل تحقيق وحماية الصحة العامة، فمرجع الدول لفرض الحجر الصحي أو العزل هو القانون قبل كل شيء والانتشار المتسارع لفيروس كوفيد19، حيث يعتبر انتشار الفيروس على نطاق واسع سببا لإعمال القانون بفرض الحجر والعزل، حتى لا ينقل المصابون العدوى إلى أعداد كبيرة من الناس، ورغم أن لا ذنب للمصابين في ذلك، إلا أن ذلك قد يكون عاملا حاسما في كيفية انتشار المرض، فهناك تقارير تتحدث عن حالة تسمى بـ”التفشي الفائق” أثناء انتشار فيروس كورونا الذي انطلق من مدينة ووهان في الصين، فقد تبين مثال عن حالات عدوى أن هناك صلة مثلا بين البريطاني ستيف ولش الذي أصيب بالفيروس خلال وجوده في سنغافورة وبين أربع حالات في المملكة المتحدة وخمسة في فرنسا وواحدة في جزيرة مايوركا في إسبانيا.
ورغم هذه الحماية الدستورية للحقوق والحريات إلا أن جائحة كورونا طرأت كظرف استثنائية هدد سلامة الدولو جعلها عاجزة عن توفير وحماية النظام العام وفى هذه الحالة لابد أن تتسع سلطات هيئات الضبط لمواجهة هذه الظروف، من خلال تمكينها من اتخاذ إجراءات سريعة وحازمة لمواجهة هذا الظرف الاستثنائي، وهذا كان من تداعياته حرمان المواطن أو الفرد من حقوقه الدستورية كالحق في التجمع السلمي مثلا، وهذا في حقيقة الأمر فيه مساس مباشر بحقوق وحريات الأفراد التي يكفلها الدستور، حيث أن الحق في التجمع السلمي يعني تجمع عدة أشخاص في مكان معين، وفي فترة زمنية محددة وتكون المشاركة فيه عن طريق الدعوات الفردية أو عن طريق الصحف و الجرائد وهذا قصد طرح أفكار لمناقشتها واتخاذ قرارات أو اتفاقات على مصلحة معينة، ونصت عليه المادة 49 من التعديل الدستور 2020،[36] لكن إجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي تمنع ممارسة هذا الحق.
الفرع الثاني: الضمانات القانونية
عندما تكون مزاولة النشاط الفردي أو الجماعي نتيجة لمزاولة إحدى الحريات العامة التي يكفلها وينضمها القانون، يتجه القضاء إلى إلزام الجهة الضبطية بضرورة العمل على التوفيق بين مقتضيات حفظ النظام العام واحترام الحريات العامة، وفي سبيل تحقيق هذا الغرض وجدت الرقابة بأنواعها، حيث تعتبر الرقابة البرلمانية بمفهومها وأهدافها من جملة الضمانات القانونية في حماية الحريات العامة، فهي جزء أساسي في النظام الرقابي للدولة، وبدأت هذه الحقيقة تترسخ بفعل انتشار واتساع التطبيق الديمقراطي، وجهود ذوي الاختصاص في الموضوع بالاهتمام والبحث والتنظيم والتحليل لعملية الرقابة البرلمانية ودورها في تدعيم النظام الرقابي في الدولة وسد ثغراته ونقائصه،[37] وتهدف الرقابة البرلمانية إلى تحقيق أهداف عملية الرقابة بصفة عامة والمتمثلة أساسا في المحافظة على المصلحة العامة كما تهدف إلى حماية حقوق وحريات الأفراد، لكن عملية الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة لا يمكن أن تكون رقابة موضوعية وحيادية ومسؤولية إلا إذا كانت تتحرك وتمارس على أسس ومعايير ثابتة ومحددة وواضحة،[38] وفي حالة فيروس كوفيد19 تتجلى الرقابة البرلمانية في السهر على مدى حماية الحكومات لصحة المواطنين بكل ما تفرضه من أعمال مادية وقانونية في سبيل ذلك الغرض.
وكذلك من جملة الضمانات القانونية في حماية الحريات العامة والصحة العامة نجد الرقابة الإدارية على أعمال جهات الضبط الإداري المحلي المختلفة، حيث تحتل هذه الرقابة أهمية كبيرة وتعد من الضمانات الممنوحة والمتاحة للحريات العامة في مواجهة سلطات الضبط المختلفة، وقد عرفها الفقيه حمدي سليمان القبيلات بأنها تلك الرقابة التي تمارس من قبل الإدارة على نفسها، فهي رقابة ذاتية تمارس من قبل أجهزة مركزية مستقلة، و تمارس كذلك من داخل الجهاز الإداري نفسه،[39] ومن أهم وسائل تحريك هذه الرقابة الإدارية هو التظلم الإداري، الذي يقدمه صاحب الصفة والمصلحة إلى السلطات الإدارية الولائية أو الرئاسية أو الوصائية أو إلى اللجان الإدارية، طاعنا في الأعمال الضبطية الإدارية بعدم شرعيتها ومطالبا يجعلها متناسبة مع مبدأ المشروعية والملائمة،[40] فاحترام مبدأ المشروعية يتجسد إذا ارتكزت تصرفات السلطات الضبطية لقواعد قانونية قائمة وسارية المفعول، أي أن تصرفاتها لا تتم بمعزل عن وجود قاعدة قانونية تستند إليها وهذا حماية للحقوق والحريات، وقد عرف الأستاذ عمار بوضياف مبدأ المشروعية على أنه “الخضوع التام للقانون، سواء من جانب الأفراد أو من جانب الدولة وهو ما يعبر عنه بخضوع الحاكمين والمحكومين للقانون وسيادة هذا الأخير وعلو أحكامه وقواعده فوق كل إرادة سواء إرادة الحاكم أو المحكوم”،[41] فالرقابة الإدارية بالإضافة إلى كونها رقابة قانونية إلى حد ما فهي رقابة واقعية فعلية وعملية، أي أنها رقابة ملائمة ورقابة واقع الأمر الذي جعل وجودها حتمي وأصيل كنوع من أنواع الرقابة على أعمال الضبط الإداري.
المطلب الثاني: الحماية الدولية للحريات العامة
تعتبر الحماية الدولية للحريات العامة إحدى الضمانات الأساسية التي تكفل بتحقيق احترام حقوق وحريات الإنسان، وتتمثل هذه الضمانة في عدم مخالفة القوانين الوطنية والمحلية لأحكام الاتفاقيات الدولية، فهذه الالتزامات الدولية التي أصبحت تشكل اليوم أقوى الضمانات التي تعتمدها الدول لإقرار الحريات العامة، حيث أن الأنظمة المحلية تستلهم الكثير من أحكامها في مجال حقوق الإنسان وحرياته العامة إلى هذه الاتفاقيات، حيث أن هناك ارتباط وثيق بين قواعد القانون الدولي وقواعد القانون الداخلي في مجال حقوق الإنسان ويتجلى هذا الترابط بصورة خاصة في أن الأنظمة المحلية قد تأثرت بمفهوم القانوني الدولي في مجال الحريات العامة وتتعهد حين موافقتها على اتفاقيات حقوق الإنسان بأن تعمل على تنفيذ بنود تلك الاتفاقيات من خلال وضع ما يوازيها من بنود في قوانينها الداخلية، وتتعهد كذلك بمنع ارتكاب الأعمال المنافية لأغراض تلك المعاهدات والمعاقبة على كل مخالفة لذلك،[42] وإلى جانب هذه الحماية الدولية من خلال الاتفاقيات والمعاهدات، نجد العديد من الأجهزة الدولية التي تهتم بحماية الحريات العامة على المستوى الدولي ويأتي على رأسها الأمم المتحدة التي سعت جاهدة من خلال وضع العديد من البنود والمواثيق القانونية التي تضمن حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، أما فيما يتعلق بفيروس كوفيد19، فقد برز دور منظمة الصحة العالمية في حماية الصحة في كل العالم، فهي تقود العمل الصحي من منظور حقوق الإنسان، ويعني الحق في الصحة أنه يجب على الحكومات تهيئة الظروف المناسبة التي تتيح لكل فرد إمكانية التمتع بأكبر مستوى ممكن من الصحة، وتتراوح تلك الظروف بين ضمان الخدمات الصحية وظروف عمل صحية وآمنة وقدر كاف من المساكن والأغذية والأطعمة المغذية.
الفرع الأول: الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحقوق والحريات
تعمل أغلب المنظمات والهيئات الدولية على حماية صحة الإنسان باعتبارها حقا من حقوقه الأساسية، حيث أطلقت منظمة الصحة العالمية في إطار عملية الإصلاح الجارية نهجا جديدا يعزز ويسهل تعميم المنظور الصحي وحقوق الإنسان، وذلك بالاستناد إلى التقدم الذي أحرز فعلا في هذا المجال على جميع المستويات الثلاثة للمنظمة، التي تواصل بهمة تعزيز دورها في توفير القيادة التقنية والفكرية والسياسية فيما يتعلق بالتمتع بالحق في الصحة، ويشمل الحق في الصحة عناصر أساسية تمكن من توجيه عملية تحديد الأولويات، ففي العصر الحالي اختلف نهج المنظمات الدولية في حماية الصحة العامة كحق من حقوق الإنسان الطبيعية والأساسية وأخذ حيزا من الأولوية، فعلى العكس من عهد عصبة الأمم، الذي ركز على تنظيم العلاقات بين الدول، أكد ميثاق الأمم المتحدة العلاقة الوثيقة بين السلام والأمن الدوليين من ناحية والظروف الملائمة للرفاهية الاقتصادية والاجتماعية واحترام الإنسان وحرياته الأساسية من ناحية أخرى، كما أنه يعكس فلسفة الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان التي تعتمد على حقيقة أساسية مفادها أن الحرب العالمية الثانية لم تكن سوى كفاح لإعلان كلمة الديمقراطية ضد النظم الشمولية وللاعتراف بمبدأ المساواة لمواجهة النظم العنصرية والاستبدادية،[43] ويعتبر ميثاق الأمم المتحدة من أهم المواثيق الدولية التي تعطي الشرعية الكافية والضمانة القوية لحماية الحريات الأساسية، بالإضافة إلى العديد من البنود الأخرى التي لا يسعنا التطرق لها جميعا لتعددها، وعموما فإن هذا الميثاق قد وضع حقوق الإنسان في إطار للتعاون الدولي، وهذا يعني ضمنا أن الحدود الوطنية لا تشكل حدودا لحقوق، وتعني فكرة التعاون الدولي أيضا أن حقوق الإنسان هي من الاهتمامات الدولية المشروعة، وانه يحق للمجتمع الدولي حينما وأينما تتعرض تلك الحقوق لخطر شديد أن يثير هذه القضايا.
ويعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان احد أركان الشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي تضم إلى جانبه العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكولين الاختياريين الملحقين بهذا الأخير، حيث يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المرجع الأساسي لجميع الحقوق ومن أهمها الحق في التقاضي،[44] إلى جانب ذلك نجد الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، والتي وردت فيها العديد من البروتوكولات المتمحورة حول الحريات العامة وحقوق الإنسان، وإلى جانب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وجدت الاتفاقية الأمريكية لحماية حقوق الإنسان وحريات الأساسية،[45] وقد اشتملت على حقوق الأساسية للإنسان المستمدة في الأصل من الإعلانات والمواثيق الدولية والإقليمية، خاصة الإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان وتعهد الدولة الأمريكية في هذه الاتفاقية بأن تحترم حقوق الإنسان، وأن تتخذ كافة الإجراءات التشريعية لوضعها موضع التنفيذ، كما توجب الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان احترام عدد من الحقوق المدنية والسياسية، أما في إفريقيا فقد وجد الميثاق الأفريقي لحماية حقوق الإنسان وحريات الأساسية.
الفرع الثاني: الهيئات الدولية للدفاع عن الحقوق والحريات العامة
تعود الجذور القانونية الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان إلى المبادئ أو الإعلانات الدولية الصادرة تجسيدا وتفصيلا وتطبيقا لنصوص وثيقة كانت صادرة بصيغة إعلان أو مبادئ لحماية حقوق الإنسان وما يرتبط به من حريات عامة، وواكبت هذه الاتفاقيات المتعددة والمتنوعة إنشاء العديد من الأجهزة التي تهتم بحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية على المستوى الدولي، ومن أهم هذه الأجهزة نجد اللجنة الدولية لحقوق الإنسان،[46] وكذلك مجلس حقوق الإنسان،[47] واللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان: وهي أحد الآليات الهامة لحماية الحريات العامة،[48] والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: تعتبر محكمة دائمة ذات ولاية إلزامية تمارس دورها في حماية الحريات العامة من خلال تقديم الشكاوى من المعنيين من أي دولة طرف في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان،[49]بالإضافة إلى اللجنة الأمريكية لحقوق الإنسانوالتي تمثل أول جهاز على المستوى الأمريكي وهي جهاز دائم من أجهزة منظمة الدول الأمريكية، وتعمل على تعزيز احترام حقوق الإنسان والدفاع عنها،[50] ولا يتمثل هدف اللجنة في إصدار حكم أو عقوبة، حيث إنها ليست جهازا قضائيا. وبدلا من ذلك، تسعى اللجنة إلى تسويات ودية في ضوء معلومات خطية وشفوية قدمتها الدولة المعنية من خلال الشكاوى بطلب من اللجنة، وفي الحالات الخطيرة والعاجلة يحق للجنة إجراء تحقيقات ميدانية مع الموافقة المسبقة للدولة التي يدعى وقوع مخالفات على أراضيها، وفي مواقف أخرى، تبقى الزيارات الميدانية للبلدان أداة تستطيع اللجنة استعمالها للدخول في تحليل عميق للموقف،[51]بالإضافة إلى المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان تنظر في القضايا المرفوع لها من الدول الأعضاء واللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان، وقد تم اعتماد النظام الأساسي للمحكمة في سنة 1980 وهي تتكون من سبعة قضاة من ذوي الاختصاص المعترف به في مجال حقوق الإنسان وتعتبر هيئة قضائية مستقلة، وما تجدر الإشارة إليه أن القرارات الصادرة عن هذه المحكمة ملزمة ونهائية وغير قابلة للطعن.[52]
الخاتمة:
تمارس الدولة وظيفة الضبط الإداري المحلي بصفته مهمة أساسيا ولازمة لحفظ النظام العام والصحة العامة باعتبارها حق من حقوق الإنسان الأساسية، من خلال إعطائها مجموعة من الصلاحيات والوسائل القانونية والمادية، والتي تختلف من حيث درجتها وخطورتها خاصة وان الحريات العامة ليست نوعا واحدا بل هي حريات فردية وجماعية، وبالتالي ممارسة هذه الوظيفة الضبطية، يقتضي أن تتعامل مع كل نوع حسب أهميته وبم يتناسب معه، وترجع أهمية هذه الوظيفة وحيويتها وضروريتها بالنظر إلى قيامها على أكثر الأمور حيوية في المجتمع فهي تهدف إلى حماية النظام العام بمدلولاتها الثلاثة الأمن العام، الصحة العامة، السكينة العامة .
النتائج:
- إجراءات الضبط الإداري المتضمن للحجر الصحي تتخذ خلال الظرف الاستثنائي فقط وفي حدود القانون لحفظ النظام العام في المجتمع.
- ممارسة الدولة لوظيفتها الضبطية الإداريةعلى المستوى المحلي يجب أن تكون ضرورية ولازمة وأن تكون متناسبة مع طبيعة وجسامة الخلل المراد تفاديه.
- وممارسة الوظيفة الضبطية بصفة عامة تستوجب ممارسة الرقابة على الوسائل المستعملة من قبل الدولة حتى لا تمس بحقوق وحريات الأفراد بطرق غير مشروعة.
التوصيات والاقتراحات:
- ما يمكن قوله في ظل جائحة كوفيد 19، أنه يجب على الهيئات الإدارية المحلية والوطنية اتخاذ خطوات طبقاً لمبدأ الإعمال التدريجي، والذي يفرض التزاما بالمضي قدما بأسرع وأنجع طريقة ممكنة لحماية الصحة العامة، وذلك بشكل منفرد أو بفضل المساعدة والتعاون بين هذه الهيئات والدولة، وإلى أبعد حد تتيحه الموارد المتوفرة.
- يجب على الهيئات الضبطية المختلفة الامتثال لالتزاماتها بموجب الحق في الصحة خصوصا في حالات العزل الفردي للمصابين بالكورونا حتى لا يعتبر ذلك تعسفا في حقه وإخلالا بمبدأ دستوري هام وهو المساواة بين جميع المواطنين.
- ضرورة التدرج في تطبيق الحجر الصحي، بين فرض للحجر الصحي الجزئي في حالة انخفاض الإصابات بالفيروس، وفرض الحجر الصحي الكلي في حالات تفاقم الوضع وكذلك العزل الفردي في حالة ثبوت الإصابة، حتى لا يثقل ذلك كاهل المواطن ويفاقم من معاناته المادية والنفسية.
قائمة المصادر والمراجع:
- الكتب العربية:
- ابراهيم احمد خليفة، الالتزام الدولي باحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، الاسكندرية، مصر، دار الجامعة الجديدة، 2007.
- احمد محيو، محاضرات في المؤسسات الإدارية، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1996.
- حمدي سليمان سحيمات القبيلات، الرقابة الإدارية والمالية في الأجهزة الحكومية، عمان، الأردن، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1998.
- خالد بالجيلالي، الوجيز في نظرية القرارات والعقود الإدارية، الجزائر، دار بلقيس للنشر والتوزيع، 2017.
- رابح سانة، محاضرات في الحريات العامة، الجزائر، دار بلقيس للنشر والتوزيع، 2018.
- سليمان محمد الطماوي، مبادئ القانون الإداري، الكتاب الثالث – أموال الإدارة العامة وامتيازاتها– القاهرة، دار الفكر العربي، 1979.
- سليمان هندون، الضبط الإداري، سلطات وضوابط، الجزائر، دار هومة للطباعة والنشر، 2017.
- طعيمة الجرف، القانون الإداري – دراسة مقارنة في تنظيم ونشاط الإدارة العامة – مصر، مكتبة القاهرة الحديثة، 1970.
- طعيمة الجرف، مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الإدارة للقانون، القاهرة، دار النهضة العربية، 1986.
- علاء الدين عشي، مدخل القانون الإداري ،عين مليلة، الجزائر، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، 2012.
- عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الرابعة، الجزائر، جسور للنشر والتوزيع، 2018.
- عمار بوضياف، دعوى الالغاء في قانون الاجراءات المدنية والادارية، دراسة تشريعية وقضائية وفقهية، الطبعة الأولى، الجزائر، جسور للنشر والتوزيع، 2009.
- عمار عوابدي، القانون الإداري، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1990.
- عمار عوابدي، النظرية العامة للمنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري، الجزء الأول، القضاء الإداري، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1995.
- عمر سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، الطبعة الثانية، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1993.
- فاطمة الزهرة جدو، الوجيز في حقوق الإنسان، الجزائر، دار بلقيس للنشر والتوزيع، 2018.
- لحسين بن شيخ آث ملويا، دروس في المنازعات الادارية – وسائل المشروعية – الطبعة الثالثة، الجزائر، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2007.
- مازن راضي ليلو، القانون الإداري، الدنمارك، منشورات الأكاديمية العربية المفتوحة، 2008.
- وليد بوجملين، قانون الضبط الاقتصادي في الجزائر، الجزائر، دار بلقيس للنشر والتوزيع، 2009.
- المقالات والبحوث:
- عمار عوابدي، الرقابة البرلمانية ودورها في الدفاع عن حقوق المواطنين ،مجلة الفكر البرلماني، العدد الأول، الجزائر، 2002.
- كيحل كمال، مفهوم النظام العام في القانون الدولي الخاص، «مجلة الحقيقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 42، أدرار، الجزائر، جامعة أحمد دراي، 2018.
- الرسائل الجامعية:
- بشر العاوور، سلطات الضبط الإداري في الظروف الاستثنائية في التشريع الفلسطيني، رسالة ماجستير، جامعة الأزهر، غزة، كلية الحقوق، 2013.
- رداوي مراد، مساهمة المجلس الدستوري الجزائري في حماية مبدأ الفصل بين السلطات، رسالة دكتوراه، بسكرة، جامعة محمد خيضر، 2016.
- كارم محمود حسين نشوان، آليات حماية حقوق الإنسان في القانون الدولي لحقوق الإنسان، دراسة تحليلية، رسالة ماجستير، غزة، فلسطين، جامعة الأزهر، 2011.
- مريم عروس، النظام القانوني للحريات العامة في الجزائر ، رسالة ماجستير، الجزائر، 1999.
- الاتفاقيات والمواثيق الدولية:
- الإعلان الفرنسي لحقوق الانسان والمواطن 1789.
- الإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الأمم المتحدة تحت رقم: 217 الف ( د-3) الصادر في 10 ديسمبر 1948.
- المراجع الأجنبية:
Ouvrages :
- Calvin, John, “Institutes Of The Christian Religion”, Book III, Translated by Henry Beveridge, Eerdmans, W M. B. Eerdmans Publishing Company, Grand Rapids, Michigan, U.S.A, 1995.
- JONGEN, la police de l’audiovisuel, analyse comparée de bruylant – LGDJ, Bruxelles, 1994.
- TIMSIT, la régulation, la notion et le phénomène, n 108, RFAP, 2004.
- JEAN RIVERO, droit administratif, Paris, Dalloz 12eme Edition, 1987.
- MAURICE HAURIOU, droit administratif et droit public général, 3eme Edition, Paris, 1987.
Sites internet :
- ar.guide-humanitarian-law.org.
- ar.wikipedia.org
- britannica.com.
- echr.coe.int.
[1]– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعتمد بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت رقم: 217 الف ( د-3) المؤرخ في: 10 ديسمبر 1948.
[2]– وليد بوجملين، قانون الضبط الاقتصادي في الجزائر، دار بلقيس للنشر والتوزيع، الجزائر، 2009، ص: 15.
[3]– رابح سانة، محاضرات في الحريات العامة، دار بلقيس للنشر والتوزيع، الجزائر، سنة ، ص: 13.
[4]– سليمان هندون، الضبط الإداري، سلطات وضوابط، دار هومة للطباعة والنشر، الجزائر، 2017، ص:09.
[5]– عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الرابعة، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2018، ص: 489.
[6]-F. JONGEN, la police de l’audiovisuel, analyse compareé de bruylant – LGDJ, Bruxelles. 1994, P 50.
[7]– G. TIMSIT, la régulation, la notion et le phénomène, RFAP, 2004, n 108, P : 10.
[8]– MAURICE HAURIOU, droit administratif et droit public général, 3eme Edition, paris, 1897, P 508.WWW.gallica.bnf.fr
[9]– احمد محيو، محاضرات في المؤسسات الإدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1996، ص: 399.
[10]– مازن راضي ليلو، القانون الإداري، منشورات الأكاديمية العربية المفتوحة، الدنمارك، 2008، ص: 56.
[11]– JEAN RIVERO, droit administratif, Paris, Dalloz 12eme Edition, 1987, P : 518.
[12]– سليمان الطماوي، مبادئ القانون الإداري، الطبعة الرابعة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1961، ص: 742.
[13]– علي خطار الشنطاوي، مبادئ القانون الإداري الأردني، الكتاب الثاني، النشاط الإداري، مطبعة الجامعة الأردنية، عمان، 1996، ص: 311.
[14]– طعيمة الجرف، القانون الإداري – دراسة مقارنة في تنظيم ونشاط الإدارة العامة – مكتبة القاهرة الحديثة، مصر، 1970، ص: 214.
[15]– كيحل كمال، مفهوم النظام العام في القانون الدولي الخاص، مجلة الحقيقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة أحمد دراية، أدرار، العدد 42، 2018، ص: 482.
[16]– خالد بالجيلالي، الوجيز في نظرية القرارات والعقود الإدارية، مرجع سابق، ص: 17.
[17]– عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، المرجع سابق، ص: 798.
الأمن العام يقصد به كل ما يطمئن الإنسان على نفسه وماله، أنظر سليمان محمد الطماوي، مبادئ القانون الإداري، الكتاب الثالث – أموال الإدارة العامة وامتيازاتها – دار الفكر العربي، 1979، ص:86.
[18]– منصور مجاجي :الضبط الإداري وحماية البيئة ،مجلة دورية محكمة تصدر عن كلية الحقوق والعلوم السياسية ، العدد الثاني ،جامعة قاصدي مرباح ،ورقلة ،2009 ، ص:62 .
[19]– سامي جمال الدين: أصول القانون الإداري، منشاة المعارف، الإسكندرية، 2004، ص: 501
[20]– علاء الدين عشي، مدخل القانون الإداري، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، عين مليلة ،الجزائر،2012،ص:193.
[21]– علاء الدين عشي، مدخل القانون الإداري ،المرجع نفسه، ص: 193
[22]– سليمان
هندون، الضبط الإداري – سلطات وضوابط- مرجع سابق، ص: 80.
[23]– عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الرابعة، مرجع سابق، ص: 504.
[24]– بشر العاوور :سلطات الضبط الإداري في الظروف الاستثنائية في التشريع الفلسطيني ،رسالة ماجستير، جامعة الأزهر، غزة، كلية الحقوق ،2013 ،ص: 10.
[25]– عمار عوابدي، القانون الإداري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،1990،ص: 39 .
[26]– حسون محمد عيى، محاضرات في الضبط الإداري، وفق التشريع الجزائري، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة قالمة، دن، ص: 34.
[27] – طعيمة الجرف، مبدآ المشروعية وضوابط خضوع الإدارة للقانون ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،1986،ص:15.
[28]– لحسين بن شيخ آث ملويا، دروس في المنازعات الادارية – وسائل المشروعية – الطبعة الثالثة، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2007، ص:300.
[29]– سليمان محمد الطماوي، نظرية التعسف في استعمال السلطة “الانحراف بالسلطة”، دراسة مقارنة، الطبعة الثالثة، مطبعة جامعة عين شمس، 1978، ص: 69.
[30]– سليمان هندون، الضبط الإداري – سلطات وضوابط- المرجع السابق، ص ص: 96-97.
[31]– تمدرتازا عمر، الحريات العامة والمعايير القانونية، رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام، كلية الحقوق بن عكنون، جامعة الجزائر، 2002، ص: 40.
[32]– محمد عبد الحميد أبو زيد، سيادة الدستور وضمان تطبيقه – دراسة مقارنة – درا النهضة العربية، القاهرة، 1989، ص: 09.
[33]– رداوي مراد، مساهمة المجلس الدستوري الجزائري في حماية مبدأ الفصل بين السلطات، أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه علوم في القانون العام، جامعة محمد خيضر، بسكرة، 2016، ص: 25.
-[34]الاعلان الفرنسي لحقوق الانسان والمواطن 1789، صدر في أعقاب الثورة الفرنسية التي كان سببها انتهاك حقوق الإنسان من طرف الملك وطغيانه، وقد تميزت هذه الوثيقة الفرنسية عن غيرها ممن سبقها من الدول الغربية وخصوصا انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية بأنها أكثر شمولية ووضوحا بالنسبة لحماية حقوق الإنسان، كما أنها لم تقتصر على حماية المواطن الفرنسي فقط، بل اتسع نطاقها لتشمل جميع الناس، وركزت مقدمة الإعلان على ضرورة تعريف الإنسان بحقوقه وتذكيره بها، وجاء النص الأصلي للمادة كما يلي :
«Il n’y a point encore de liberté si la puissance de juge n’est pas séparé de la puissance législative et de l’exécutrice ».
Chloé MATHIEU, la séparation des pouvoirs dans la jurisprudence du conseil constitutionnel, Thèse pour le doctorat en droit public, université de Montpellier, 2015, P : 20.
[35]– في هذا الصدد يرى الاستاذ حسن السيد بسيوني أن النظام القضائي المطبق في النظم الأنجلو سكسونية، تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات وإيديولوجية المذهب الفردي، أنظر، حسن السيد بسيوني، دور القضاء في المنازعة الادارية – دراسة تطبيقية مقارنة للنظم القضائية في مصر وفرنسا والجزائر – عالم الكتب، القاهرة، دون سنة نشر، ص: 12.
[36]– القانون رقم 442-20 المتضمن التعديل الدستوري لسنة 2020 الصادر في الجريدة الرسمية، العدد 82 المؤرخ في 15 جمادى الأولى عام 1442 الموافق الموافق لـ 30 ديسمبر سنة 2020.
[37]– خالد سمارة الزغبي، وسائل الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة، دراسة مقارنة، مجلة العلوم الإدارية ،العدد الأول، القاهرة، 1987،ص: 97.
[38]-عمارعوابدي، عملية الرقابة البرلمانية ودورها في الدفاع عن حقوق المواطنين، مجلة الفكر البرلماني، المرجع السابق،ص:57.
[39]– حمدي سليمان القبيلات، الرقابة الإدارية والمالية في الأجهزة الحكومية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1998، ص: 11.
[40]– عمار عوابدي :النظرية العامة للمنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري ،الجزء الأول، القضاء الإداري، ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،1995، ص: 189.
[41]– عمار بوضياف، دعوى الالغاء في الاجراءات المدنية والادارية، دراسة تشريعية وقضائية وفقهية، مرجع سابق، ص: 08.
[42]– عمر سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، 1993، ص: 45.
[43]– محمد سعيد الدقاق، حقوق الإنسان في إطار نظم الأمم المتحدة، الكتاب الثاني، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، مصر، 1988، ص: 09.
-[44] الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعتمد بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت رقم: 217 الف ( د-3) المؤرخ في: 10 ديسمبر 1948.
[45]– ابراهيم احمد خليفة، الالتزام الدولي باحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، مصر، 2007، ص: 91.
[46]– عبد المنعم بن احمد، اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في ظل مهام اللجنة الدولية لحقوق الإنسان وصلاحيات مجلس الأمن، مجلة دفاتر السياسة والقانون، العدد الرابع، 2011، ص: 277.
[47]– www.ar.wikipedia.org تاريخ زيارة الموقع 02 أفريل 2020 على الساعة11.43
[48]– كارم محمود حسين نشوان، آليات حماية حقوق الإنسان في القانون الدولي لحقوق الإنسان، دراسة تحليلية، مذكرة ماجستير، جامعة الأزهر، غزة، فلسطين، 2011، ص: 141.
[49]–www.echr.coe.int تاريخ زيارة الموقع 08 أفريل 2020 على الساعة 11.58
[50]– فاطمة الزهرة جدو، الوجيز في حقوق الإنسان، مرجع سابق، ص ص: 43-44.
[51]-www. ar.guide-humanitarian-law.org تاريخ زيارة الموقع 09 أفريل 2020 على الساعة 21.30
[52]– www.britannica.com تاريخ زيارة الموقع 11 أفريل 2020 على الساعة 14.12