الاقتصاد البنفسجي :مدخل في الأسس وسبل التطبيق لتنمية الواحات المغربية
“Purple Economy”:Introduction to the foundations and methods of application for the development of Moroccan oases
ط.د.عبد الكريم جندي/جامعة ابن طفيل، المغرب
PhD student. ABDELKRIM JENDI /Ibn Tofail University, Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 72 الصفحة 117.
ملخص:
إن هذا المقال عبارة عن مدخل لدراسة نوع من أنواع الاقتصادات المعاصرة، وهو “الاقتصاد البنفسجي” الذي ظهر في العقد الأخير سنة (2011م)، ولا يعرف انتشارا وتداولا واسعا في الساحة العلمية، والسياسية، والاقتصادية العربية؛ وذلك من خلال تعريفه، والاقتراب من سياق ظهور، وتوضيح أسسه النظرية، وسبل تطبيق أنشطته لتنمية الواحات المغربية.
الكلمات المفتاحية: الاقتصاد البنفسجي، التنمية، الواحة.
Abstract:
This article is an introduction to studying a type of Contemporary economies, it is the “purple economy” that appeared in the last decade (2011), it is not known widely in the Arab scientific, political and economic arena. That’s by defining it, approaching the context of its appearance, clarify its theoretical foundations, and ways to implement its activities to develop Moroccan oases.
Key words: Purple economy, Development, Oasis.
تمهيد:
تمتلك الواحات المغربية، تاريخا عريقا، وتراثا ثقافيا غنيا ومتنوعا، ما جعل منها فريدة في خصائصها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية عن المجالات والمجتمعات الأخرى. لكنها في الآن نفسه، كانت ولازالت تواجه العديد من الإشكالات، لعل من أبرزها إشكالية التنمية التي تتصف بالتعقيد والتشابك، في تشكلها من جهة، وفي معالجتها من جهة أخرى.
لقد تراجع بريق المنظورات التي تربط ظاهرة التنمية بالنمو الاقتصادي، والتطور التقني والتكنولوجي وذلك بسبب استنادها إلى مقاربات تفصل التنمية عن روحها الثقافية. وبعيدا عن هذه النظرة الاختزالي ة، فأن التنمية تدل على مختلف العمليات المستمرة التي تهدف إلى تحويل المجتمع من حالة الفقر، والركود، والهشاشة، إلى حالة من التقدم، والتطور، والازدهار؛ وذلك بالاعتماد على قدرات سكانه، واستثمار تراثهم الثقافي كركيزة أساسية، ليتمكن هذا المجتمع من تجاوز العراقيل، والإشكاليات الثقافية، والاجتماعية ، والاقتصادية، والسياسية، والبيئية، التي تقف أمام تحسين وضعية أفراده، دون إلحاق الضرر بهم وبتراثهم وبمواردهم.
تكمن أهمية الاهتمام بالبعد الثقافي من أجل تنمية الواحات المغربية في تحقيق الازدهار والتقدم بالاقتران مع الحفاظ على خصوصيتها المحلية، وذلك من خلال التصدي لمظاهر الشرخ الذي أحدثته وتحدثه “العولمة” بين الإنسان الواحي، وبين هويته وتراثه الثقافي المحلي.
إن الهدف من هذا المقال هو الوقوف عند جانب من جوانب أهمية العوامل الثقافية في التنمية الواحية، من خلال مناقشة حضور الثقافة في الاقتصاد المحلي؛ أو بعبارة أخرى، استثمار الثقافة (بمعناها الأنثروبولوجي) في التنمية الاقتصادية المحلية عبر التطرق لنوع من الاقتصادات المعاصرة، وهو “الاقتصاد البنفسجي” (Economie Mauve / Purple economy). فما المقصود بهذا المفهوم؟ وما هي سياقات ظهوره؟ وما هي أسسه ومرتكزاته وسبل تطبيق أنشطته في الواحات المغربية؟
المحور الأول: مفهوم الاقتصاد البنفسجي وسياق ظهوره:
قبل تعريف مفهوم “الاقتصاد البنفسجي” (Economie Mauve / Purple economy)، من المهم الإشارة إلى أنه “ظهر علنًا في فرنسا في 19 ماي (2011م)، بمبادرة من جمعية (Diversum) خلال بيان نشر في جريدة لوموند الفرنسية (Le Monde.fr)[1] عشية اليوم العالمي للتنوع الثقافي للحوار والتنمية”[2]. وأن مبدعه هو جيروم غويادين (Jérôme Gouadain) الكاتب العام لهذه الجمعية، وهو محرك المنتدى الدولي للاقتصاد البنفسجي[3].
يدل هذا المفهوم، عموما، على “ذلك النوع من الاقتصاد الذي يأخذ الثقافة في الاعتبار، ويتكيف مع التنوع البشري في العولمة، ويعتمد على البعد الثقافي لتثمين السلع والخدمات”[4]. يقول غويادين (Jérôme Gouadain) في هذا السياق: “الاقتصاد البنفسجي هو مقاربة جديدة، اقترحناها في عام (2011م)، أصالتها هي أنها تقدم البعد الثقافي ليس كقطاع معزول عن القطاعات الأخرى، ولكن كأساس، وكبيئة تروي جميع الأنشطة البشرية، ولا سيما الأنشطة الاقتصادية. وقد تم اختيار اللون البنفسجي (Mauve / Purple) لأنه لون الثقافة، والمخيال والرمز“ [5].
ويقول غويادين أيضا: “الاقتصاد البنفسجي هو اقتصاد يدمج البصمة الثقافية (Empreinte culturelle) في أسلوب النظر للعالم. كما أن الاقتصاد الأخضر هو اقتصاد يدمج البصمة البيئية، والاقتصاد الاجتماعي هو اقتصاد يدمج البصمة الاجتماعية ، كل في أسلوبه الخاص في النظر للعالم“[6]، وهذه الأنواع الثلاثة هي المكونة للاقتصاد المستدام (Economie durable).
(صورة توضح أهمية الاقتصاد البنفسجي في الاقتصاد المستدام[7])
المعنى المقصود من عبارة “البصمة الثقافية (Empreinte culturelle)”، الواردة في تعريف غويادين (Jérôme Gouadain) لمفهوم الاقتصاد البنفسجي، هو حضور ما يدل على هوية وخصوصية الثقافة المحلية من قيم، ورموز، وعلامات، وأشكال، ورسوم، على الأدوات، والسلع، والخدمات، والمنتجات الاقتصادية، التي يروجها سكان مجتمع ما داخل بلدهم، أو يصدرونها إلى البلدان أو المناطق الأخرى، بحيث يسهل التعرف على أصلها الثقافي وتساهم في التعريف به.
إن مفهوم الاقتصاد البنفسجي يعني، باختصار، أقلمة أو تكييف الاقتصاد مع الثقافة (Culturalisation de l’économie)، أو بناء اقتصاد ثقافي (Economie culturalisée)، أو الحرص على حضور “البصمة الثقافية (Empreinte culturelle)” في الاقتصاد المستدام، من خلال القيام بمجموعة من الأعمال والأنشطة البنفسجية، التي تتأسس على مبدأ حضور ثقافة المجتمع في تنميته الاقتصادية.
المحور الثاني: الاقتصاد البنفسجي في الواحات المغربية: الأسس وسبل التطبيق:
في المحور السابق، تم توضيح أن الاقتصاد البنفسجي يتأسس على حضور البصمة الثقافية في مختلف الأنشطة الاقتصادية الهادفة إلى تنمية منطقة ما؛ أما في هذا المحور، فسأحاول التطرق إلى أهم الأسس، والمرتكزات، والخطوات، التي أعتقد بأن اعتمادها أمر ضروري لتطبيق مبادئ وأهداف هذا النوع من الاقتصاد، سعيا إلى تحقيق التنمية المحلية المستدامة في الواحات المغربية، التي تمتلك تراثا ثقافيا غنيا ومتنوعا في جوانبه المادية واللامادية.
- تشجيع البحث العلمي والتكوين المهني في طرق استثمار الثقافة في التنمية بالواحات:
إننا نعيش اليوم في عصر العلم، والتخطيط، ووضع الاستراتيجيات والتصورات، وفق أبحاث ودراسات علمية تستفيد من المعارف والتجارب المتراكمة لدى سكان كل منطقة في تدبير مجالهم وشؤون مجتمعهم، أما تبني أساليب التدخل بشكل عشوائي وسريع، أو اعتماد منطق الإسقاط، وتعميم الاستراتيجيات والسياسيات التنموية دون مراعاة الخصوصيات الثقافية والمجالية؛ فهذا يؤدي إلى نتائج وخيمة تزيد من تفاقم الأزمات والمشاكل، ولا تحقق الأهداف المنشودة من التنمية المحلية المستدامة.
بناء على القوة التأثيرية التي يمتلكها البعد الثقافي في مختلف جوانب السلوك الإنساني عموما، وتنمية المجتمعات بشكل خاص كما يؤكد مجموعة من العلماء الاجتماعيين[8]؛ يكون من أولى الأولويات أن يهتم المكلفون بتنزيل المشاريع التنموية بفهم ومعرفة خصوصية المجتمع الثقافية، وتطلعات أفراده، ومتطلباتهم المشتركة. لذلك، فقبل البدء بالتخطيط أو تنفيذ مشروع تنموي ما، من الضروري القيام بدراسة للمجال والمجتمع الذي سيطبق فيه، ولاسيما ما يرتبط بتمثلات، ومعتقدات، ونمط عيش السكان، لمعرفة وجهات نظرهم حول المشروع، ومدى استعدادهم لتقبل أهدافه أو رفضها. ولتحقيق هذه الخطوة، يمكن الاستعانة بالباحثين في العلوم الاجتماعية [9] والمهتمين بالتراث الثقافي عموما لإنجاز هذا العمل المهم.
استنادا إلى ما سبق، فإن من أهم أسس تطبيق الاقتصاد البنفسجي، وتحقيق أهدافه، هي تشجيع البحث العلمي المهتم بالتراث الثقافي الواحي في علاقته بإشكالية التنمية المحلية؛ ولتفعيل ذلك، من الضروري العمل على إعداد ما يلي:
- إنشاء مراكز بحثية علمية: الهدف منها هو إنجاز بحوث ودراسات حول تاريخ ومجال الواحات، وعناصر تراثها الثقافي، وطرق استثمارها في التنمية المحلية.
- إحداث تخصصات أكاديمية جديدة في الكليات: تهتم بالتراث الثقافي الواحي، وطرق وآليات الحفاظ عليه، وكيفية تثمينه واستثماره لخدمة التنمية المحلية، ولا سيما في الكليات الموجودة أو القريبة من المجالات الواحية، أو في الكليات التي سيتم إنشاؤها مستقبلا.
- إنشاء معاهد ومراكز جديدة في التكوين المهني: متخصصة في الصناعة التقليدية، وترميم التراث الثقافي المادي، والسياحة الثقافية، والتجارة المعتمدة على المواد المحلية والمستحضرة للبصمة الثقافية الواحية؛ وباختصار، إنشاء مراكز ومعاهد متخصصة في تكوين المتدربين على الأنشطة والأعمال البنفسجية الهادفة إلى تحقيق التنمية المستدامة بالواحات المغربية.
- تخصيص منح لفائدة المراكز والباحثين: لتشجيع الأبحاث العلمية المتخصصة في دراسة التراث العمراني، والتراث الشفهي، والمنتجات التقليدية، وابتكار طرق وآليات فعالة للحفاظ على هذا التراث وتثمينه لخدمة التنمية المحلية.
- تشجيع الملتقيات، والندوات، والمؤتمرات العلمية: المهتمة بالتعريف بالتراث الثقافي المحلي، ومناقشة إشكاليات الحفاظ عليه، وطرق تثمينه واستثماره في تحقيق أهداف التنمية المحلية المستدامة بالواحات المغربية.
- الاهتمام بالتنمية الاجتماعية والثقافية، وإدماج الثقافة في المشاريع التنموية:
أنطلق في هذا الجانب من فكرة مفادها أن التنمية مفهوم شامل ومنفتح على مختلف الأبعاد الإنسانية (الاجتماعية ، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية…)، وأن التنمية الاقتصادية المستدامة مشروطة بالتنمية الاجتماعية والثقافية نظرا لعلاقات التأثير والتأثر بينها.
إن مسألة الاهتمام بالتنمية الثقافية، وإدماج الثقافة، وأخذها بعين الاعتبار في السياسيات والبرامج التنموية الموجهة للتطبيق في الواحات، تقتضي مجموعة من التدابير والشروط أهمها:
- تجاوز المقاربات التنموية التي تعتمد منطق نسخ التجارب والمشاريع السابقة التي أنجزت في مجالات ومناطق أخرى، لأن نجاحها في تلك المجالات لا يعني بالضرورة نجاحها في كل المجالات؛ وذلك بسبب وجود اختلافات وخصوصيات ثقافية وجغرافية يجب استحضارها في عمليات التنمية؛ هذه الخصوصيات تؤثر بشكل قوي في نجاح أو فشل المشاريع التنموية.
- الاهتمام بالتنمية الاجتماعية والثقافية، عوض الاكتفاء بالتنمية الاقتصادية فقط؛ أي يجب أن تكون أهداف كل مشروع مرتبطة بالتنمية بمعناها الشمولي (كما تم توضيحها في مقدمة هذا المقال)، وليس الارتكاز فقط على الجوانب الاقتصادية والتقنية، ولغة الإحصاءات والأرقام، والبنية التحتية المادية، الخ.
- الميل للاقتصاد المعتمد بالأساس على قيم التضامن والتعاون الموروثة عن الأجداد، مع تثمين قيم التفكير في المصلحة الخاصة والعامة معا، وعدم الاقتصار على المصحة الخاصة فقط؛ ولذلك يستوجب العمل على استثمار البعد الديني في تشجيع السكان على المبادرة، والتطوع، والعطاء المادي والرمزي لإنجاز مشاريع تنموية يستفيد منها السكان (مثل: بناء وإصلاح المرافق العمومية كالمدارس والمستشفيات، وتعبيد الطرقات، ومساعدة الأرامل واليتامى والأطفال في وضعية صعبة…). بالإضافة إلى إحياء الطقوس التي تعزز العمل الجماعي التطوعي في خدمة المجتمع ككل، مثل طقس “التويزة”.
- إشراك مختلف الفاعلين المحليين والسكان في المشاريع التنموية التي تخص مجتمعهم، وذلك من خلال استشارتهم، ومعرفة متطلباتهم، وتطلعاتهم، ومدى تقبلهم أو رفضهم للمشروع، أو لأحد جوانبه أو طرق تفعيله على أرض الواقع.
- وضع مسألة الحفاظ على التراث الثقافي ضمن الأوليات في مختلف المشاريع التنموية، والتوعية بأهمية هذه المسألة، ودورها في التنمية المحلية عن طريق اعتماد الإعلام المكتوب، والسمعي، والبصري، (الجرائد، والمجلات، والمواقع الإلكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي، وقنوات الإذاعة والتلفزة…). ومساهمة المجتمع المدني والجماعات الحضرية والقروية في نشر الوعي، من خلال توضيح أهمية الحفاظ على التراث، وكيفية استثماره للأغراض التنموية المستدامة، والإشراف على ملتقيات محلية تساهم في نشر الوعي بقيمة التراث الثقافي. وتوعية سكان المجتمع بفكرة أنه ليس كل جديد مضر، ولا يعني التخلي عن هوية المجتمع وذاكرته وتراثه الثقافي، بل قد يكون تثمينا وإغناء لها.
- مواجهة التمثلات والمعتقدات التي تعرقل التنمية المحلية من طرف أبناء الواحة؛ لأن تغييرها، أو تحيينها، أو تجاوزها، مرتبط بعملية التوعية التي يمكن أن يقوم بها الناشطون في المجتمع المدني من أبناء المنطقة، في حين يكون تدخل فاعلين آخرين من خارج المجتمع لتغيير الثقافة يتعارض مع احترام مبدأ “النسبية الثقافية” (Relativisme culturel)؛ أي أنه لا يمكن وضع أحكام قيمة حول ثقافات أخرى، والعمل على تغييرها فقط لأنها مختلفة عن ثقافة المجتمع الذي ننتمي إليه؛ وفي المقابل، فأبناء المجتمع هو وحدهم من لهم الحق في الحفاظ عليها، أو تغيرها وفق ما يتناسب مع أهداف التنمية المحلية المستدامة.
- تخصيص جزء مهم من ميزانية الجماعات المحلية لتثمين دور البعد الثقافي في التنمية عموما، وفي الاهتمام بالتنمية الثقافية بشكل خاص. وحث المنظمات الحكومية وغير الحكومية، المحلية والوطنية والدولية، على دعم مختلف المبادرات التي تسعى إلى تحقيق هذا الهدف.
- الانفتاح على التجارب الإنسانية الأخرى الرائدة في مشاريع استثمار التراث الثقافي في التنمية مع الحفاظ على الإبداع والخصوصية الثقافية المحلية.
- تشجيع السياحة الثقافية بالواحات المغربية:
إن السياحة الثقافية من أهم الأنشطة الاقتصادية المساهمة في تطبيق أهداف الاقتصاد البنفسجي في الواحات المغربية؛ وذلك لكونها تساعد على عرض وترويج المنتجات والأدوات التقليدية المتنوعة التي تجعل السائح المحلي والأجنبي يتلمس جمالية ومهارة الإبداع التقليدي لدى سكان الواحة في عصور تاريخية مختلفة، كما تساهم في التعريف بمختلف المآثر التاريخية، والطقوس، والعادات، والاحتفالات، والمهرجانات الثقافية المحلية، إنها وسيلة للتواصل ثقافيا مع الزوار الأجانب القادمين من ثقافات أخرى ويرغبون في التعرف على ثقافة الواحيين.
بالإضافة إلى هذا الدور الذي تقوم به السياحة الثقافية في التعريف بالخصوصية الثقافية للإنسان الواحي؛ فهي تساهم، أيضا، في التنمية الاقتصادية لهذه المناطق، من خلال فتح فرص الشغل أمام أبنائها في مختلف الخدمات المرتبطة بهذا النوع من السياحة؛ مثل: خدمة الإرشاد السياحي، وخدمات الاستقبال والإيواء في الفنادق ودور الضيافة، وبيع المنتجات والأدوات التقليدية للسياح وغيرها.
يعاني قطاع السياحة عموما، والسياحة الثقافية بشكل خاص، من مجموعة من الإشكاليات والعراقيل التي تقف أمام ازدهارها في الواحات المغربية؛ لذلك وجب العمل على تشجيعها من طرف مختلف الفاعلين لتساهم بشكل فعال في تحقيق أهداف الاقتصاد البنفسجي؛ من خلال القيام بخطوات وإجراءات أهمها:
- وضع دليل سياحي شامل للمواقع السياحية الثقافية الموجودة بالمناطق الواحية المغربية، تتضمن معلومات تاريخية، وجغرافية، واجتماعية، وثقافية حول المجتمع الواحي.
- الحرص على اختيار العاملين في قطاع السياحة الثقافية الواحية بطريقة نزيهة، وتشجيعهم وتسهيل أداء مهامهم، والحفاظ على حقوقهم، ووضع قوانين منظمة لعملهم.
- بناء متاحف تراثية تهتم بالترويج وعرض المواد، والإنتاجات، والأدوات التقليدية المحلية (مثل أدوات البناء، والسقي، والزراعة، والطبخ وغيرها) أمام الزوار والسياح.
- تشييد فنادق ومراكز استقبال خاصة بالسياح والزوار وفق النمط التقليدي المعبر عن التراث الثقافي المحلي (على شكل القصور والقصبات المبنية بالطين مثلا).
- ترميم القصور والقصبات والمآثر العمرانية الواحية، والاهتمام بها بشكل مستمر عن طريق الحرص على نظافتها، وأمنها، وإصلاح بنيتها التحتية، وتجهيزها بالمرافق الضرورية التي يحتاجها السياح أثناء زيارتهم.
- المحافظة على عناصر التراث الثقافي الإيكولوجي الواحي (مثل الخطارات)، وتسهيل وصول السياح والزوار إليها، عن طريق تعبيد الطرق بشكل جيد.
- وضع عقوبات زجرية مخصصة للذين يقومون بكافة الأعمال المخربة للمناطق التراثية.
خاتمة:
في ختام هذا المقال، يمكن القول أن تطبيق مبادئ وأنشطة “الاقتصاد البنفسجي” سيمكن من تجاوز حالة الانفصال الذي يراد له أن يكون بين التراث الثقافي، وبين التنمية الواحية المحلية؛ وفي المقابل، فإنه سيعزز الاتصال، والتكامل، والانسجام، والاتحاد بينهما.
إن تطبيق أنشطة وأعمال هذا النوع من الاقتصادات المعاصرة في الواحات المغربية، سيساهم بشكل قوي في ازدهار هذه المجتمعات، لكونه يعتمد بالأساس على تثمين واستثمار الثروات الثقافية المحلية، سواء المادية منها، أو اللامادية، بغرض تحقيق أهداف التنمية المحلية المستدامة.
المصادر والمراجع:
- GAGNON, Jacinthe. « L’économie mauve : économie, développement durable et diversité culturelle ». Québec, Laboratoire d’étude sur les politiques publiques et la mondialisation, ENAP, 2012, (Rapport évolutif. Analyse des impacts de la mondialisation sur la culture au Québec; Rapport 12).
- Jean-Jacques Aillagon, « L’économie mauve, une nouvelle alliance entre culture et économie », article publié sur Le Monde.fr : https://www.lemonde.fr/idees/article/2011/05/19/l-economie mauve-une-nouvelle-alliance-entre-culture-et-economie_1524674_3232.html.
- Jérôme Gouadain, «Transition vers l’économie mauve: l’exemple du paysage», 15e réunion des Ateliers pour la mise en œuvre de la Convention européenne du paysage, organisée par le Conseil de l’Europe à Nevşehir, Turquie, 1-2 octobre 2014.
- «L’économie mauve: un objectif, une opportunité», Premier groupe de travail interinstitutionnel sur l’économie mauve , PDF , Paris, 11 juin 2013.
[1] Jean-Jacques Aillagon, « L’économie mauve, une nouvelle alliance entre culture et économie », article publié sur Le Monde.fr :
[2] «L’économie mauve: un objectif, une opportunité», Premier groupe de travail interinstitutionnel sur l’économie mauve , PDF , Paris, 11 juin 2013, P :2.
[3] GAGNON, Jacinthe. « L’économie mauve : économie, développement durable et diversité culturelle ». Québec, Laboratoire d’étude sur les politiques publiques et la mondialisation, ENAP, 2012, (Rapport évolutif. Analyse des impacts de la mondialisation sur la culture au Québec; Rapport 12), P :4.
[4] «L’économie mauve: un objectif, une opportunité», Op Cit, P :2.
[5] Jérôme Gouadain, «Transition vers l’économie mauve: l’exemple du paysage», 15e réunion des Ateliers pour la mise en œuvre de la Convention européenne du paysage, organisée par le Conseil de l’Europe à Nevşehir, Turquie, 1-2 octobre 2014 P :2.
[6] Ibid, P :2.
مصدر الصورة: [7] Jérôme Gouadain, «Transition vers l’économie mauve: l’exemple du paysage», Op Cit P :8.
[8] للاطلاع على منظورات بعض العلماء الاجتماعيين في هذا الموضوع؛ يمكن الرجوع لمقال نشره الكاتب سابقا؛ أنظر:
عبد الكريم جندي، “أهمية التراث الثقافي ودوره المؤثر في التنمية من منظور العلوم الاجتماعية”، مجلة جيل العلوم الإنسانية والاجتماعية، مركز جيل البحث العلمي، العدد 65 – يونيو 2020.
[9] لا بد من تجاوز حالة التهميش والإقصاء التي تطال الباحثين والمتخصصين في العلوم الاجتماعية (علم الاجتماع، والأنثروبولوجيا، وعلم النفس…)، عندما يتعلق الأمر بوضع وتطبيق استراتيجيات التنمية في الواحات المغربية، والمجتمعات العربية عموما؛ وذلك لكونهم يمتلكون من النظريات والمناهج والأدوات العلمية التطبيقية التي تجعلهم، إن أحسنوا استخدامها، يساهمون بقوة في فهم ما يتعلق بثقافة المجتمعات (التمثلات، والمعتقدات، والأساطير، والعادات، والتقاليد…)، واكتشاف مدى تأثيرها في بناء الواقع الاجتماعي عموما، وتشكيل السلوكيات المرتبطة، بشكل مباشر أو غير مباشر، بإشكالية التنمية.