المشروع الفكري لبيير بورديو
The Intellectual project of Pierre Bourdieu
د. محمد مهنا نصّور/جامعة القاهرة، مصر
Dr.Mohammad Muhanna Nassour / University of Cairo, Egypt
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 72 الصفحة 89.
ملخص:
هدف هذا البحث إلى تبيان كيف استطاع بييربورديو إغناء السوسيولوجية المعاصرة بمجموعة من المصطلحات والمفاهيم والنظريات التي لا يمكن تجاوزها أثناء ممارسة البحث السوسيولوجي وتوظيفها في أبحاثه ودراساته وكتبه، وتأثيرها على الكثير من المدارس السوسيولوجية المعاصرة على الرغم من تعقيدها وغموضها، أو مقاربة الظواهر المجتمعية والثقافية والتربوية، وكتابة علم اجتماع متجدد ومبتكر، وتشكّل فكري وثقافي وسياسي غيرت مفهومنا من العلوم الإنسانية والاجتماعية ، للوصول إلى سوسيولوجية علمية انتقادية تسعى إلى تعرية واقع الهيمنة والقوة والنفوذ وانتقاد المجتمع الليبرالي المعاصر الذي يمتد بالظلم واللامساواة وصراع الحقول والطبقات الاجتماعية ، وتقديم نظرية سوسيولوجية للمجتمع في ضوء هذه المقاربة الصراعية.
الكلمات المفتاحية: المشروع الفكري، بيير بورديو.
Abstract
The aim of this research is to show how Pierbordio was able to enrich contemporary sociology with a set of terms، concepts and theories that cannot be crossed during the practice of sociological research and employing them in his research، studies and books، and their impact on many contemporary sociological schools despite their complexity and ambiguity، or an approach to societal، cultural and educational phenomena. And writing a renewed and innovative sociology، and an intellectual، cultural and political formation that changed our concept of the human and social sciences، to reach a critical scientific sociology that seeks to expose the reality of hegemony، power and influence and criticize the contemporary liberal society that extends to injustice، inequality and the struggle of fields and social classes، and to present a sociological theory of society in light of this approach Conflict.
Key words: intellectual project، Pierre Bourdieu.
تمهيد:
يمثل “بيير بورديو” Pierre Bourdieu ( 2002-1930) الرمز الأهم في مجال علم الاجتماع في العقود الأخيرة، فلقد طرح ما يمكن أن نطلق عليه المشروع الفكري الأكثر شمولاً ورونقاً elegance منذ “تالكوتبارسونز” لقد قدم بإتقان نظرياته الاجتماعية المتميزة على مدار حياته الحافلة المليئة بالأحداث ، وعكست هذه النظريات التزامه الدائم نحو العلم، وبناء المؤسسات الفكرية، وتحقيق العدل الاجتماعي، وقد امتلك اتجاهاً سوسيولوجياً وأكاديمياً لا نظير له.
ولد بورديو في أغسطس عام 1930 في منطقة BEARN، وهي منطقة ريفية في جنوب غرب فرنسا محصورة في سفح جبال البرانس ، في قرية صغيرة ذات لهجة مميزة، وقد قضى أيامه في المدارس الابتدائية بين أبناء الفلاحين وعمال المصانع، وأصحاب المحال التجارية الصغيرة في القرية والقرى الأخرى المجاورة لها، والتي تتسم بانعزالها نسبيا واختلاف لهجتها الفرنسية عن اللهجة الباريسية.[1]
سافر إلى الجزائر في الخمسينات لأداء خدمة العسكرية ولم يغادرها بعد انتهاء خدمته العسكرية، بل عمل معيداً في جامعة الجزائر العاصمة وشرع في إجراء بحوثه الاجتماعية عن القبيلة والمهاجرين البربر والتحولات الاجتماعية في العاصمة الجزائرية منذ عام 1958م، وكان هذا تأسيساً لبداية شهرته كعالم اجتماع في الجزائر، حيث كتب كتاباً صغير الحجم يتكون من (128) صفحة يحمل عنوان (سوسيولوجيا الجزائر) سعياً منه إلى أن يضع بين يدي الفرنسيين وسائل تمكنهم من تكوين فكرة واقعية عن الوضع الاجتماعي في هذا البلد.
وعقب عودته إلى فرنسا عام 1962م حاول تطبيق منهجه الذي استخدمه في دراسته عن المجتمع الجزائري بمنطقة (القبائل) بأن قام بدراسة مشابهة في موطنه الأصلي بفرنسا عام 1962م .
وفي سنة 1961م، قام بالتدريس في جامعة السوربون وجامعة ليل وتزوج عام 1962م من (ماري كليربريزارMarie Claire Brizard) أنجب منها ثلاثة أولاد حيث دام زواجه بها حتى عام 1983م . عُين بورديو عام 1964م مديراً للدراسات في المدرسة العلمية للدراسات العليا بباريس ومنها بدأ بنشر أبحاثه عن المدرسة والممارسات الثقافية .
ونظراً لأن بورديو كان من أصول متواضعة وبسيطة ، فقد كان شديد التعاطف مع الطبقات العمالية، مما أثار حساسية البرجوازية والرأسمالية والمثقفين التابعين لها، حيث شنت عليه الجرائد والمجلات الفرنسية حملة شعواء بسبب مواقفه تلك ، وقالت إنه رجل خطير يريد السيطرة على الساحة الثقافية الفرنسية، انسحب على إثرها بورديو من الساحة واختفى عن الأنظار، حتى قيل إنه أصيب بمرض السرطان، إلا
أنه حتى وهو على فراش المرض راح يندد بالاشتراكيين الذين خانوا قضية العمال والطبقات الشعبية من أجل البقاء في الحكم، وكان كتابه علم العلوم والتأمل، آخر كتبه المنشورة قبل وفاته بعد أسابيع . [2]
أولاً: أهمية بيير بورديو :
- لأنه عالم اجتماع معاصر ومن أهم الفرنسيين الذين أعطوا اهتماماً خاصاً لموضوع الثقافة.
- لأنه من أبرز الأشخاص انشغالاً بالعمل الإمبيريقي المنتظم والتنظير النقدي وهذا الانشغال هو ما دفعه إلى إطلاق عبارته الشهيرة “النظرية بدون بحث إمبيريقي خواء والبحث الإمبيريقي بدون نظرية هراء”.
- لأن معظم مؤلفاته تثير القارئ وتدفعه إلى التفكير معه وسواء اتفق القارئ مع بورديو أو اختلف معه فإن القارئ في النهاية هو المستفيد لأنه تعلم شيئاً من بورديو.
- لكثرة إنتاجاته ووفرة كتبه والتي ترجم قسم منها إلى اللغة العربية وأهمها:
- درس في الدرس (عبد السلام بن عبد العالي)، 1986م.
- حرفة عالم الاجتماع (نظير جاهل) 1993م.
- العنف الرمزي بحث في أصول علم الاجتماع التربوي، نظير جاهل، 1994م.
- أسئلة علم الاجتماع (إبراهيم فتحي)، 1995م.
- أسئلة علم الاجتماع في علم الاجتماع الانعكاسي، (عبد الجليل الكور) 1997م.
- قواعد الفن، (إبراهيم فتحي)، 1998م.
- التلفزيون وآليات التلاعب بالعقول، (درويش الحلوجي)، 1999م.
- أسباب عملية إعادة النظر بالفلسفة ، (أنور مغيث) 1998م.
- حول الأسباب العملية و نظريتها، (عادل العوا)، 2000م.
- بعبارة أخرى محاولات باتجاه سوسيولوجيا انعكاسية، ( أحمد حسان)، 2001م.
- بؤس العالم، الجزء الأول رغبة الاصلاح، (محمد صبح)، 2001م .
- الرمز والسلطة، (عبد السلام بنعبد العالي) ، 2007م .
- إعادة الإنتاج (ماهر تريمش) ،2008م .
- الهيمنة الذكورية، سليمان قعفراني، 2009م .
- بؤس العالم، الجزء الثاني نهاية العالم، سليمان حرفوش، 2010م .
- بؤس العالم، الجزء الثالث منبوذو العالم، رندة بعث، 2010م .[3]
أنتج يبر بورديو أكثر من 30 كتاباً ومئات من المقالات والدراسات التي ترجمة إلى أبرز الألسن في العالم والتي جعلته يتبوأ مكانة بارزة بين الأسماء البارزة في علم الاجتماع و الفكر النقدي.
ويعبر بورديو عن مرحلة تفكير نقدي تهتم بفاعلية نماذج الكشف عن المعاني الذاتية للأفكار، وتحليل إعادة الإنتاج الثقافي وتحليل الممارسات الهادفة، وإعادة الإنتاج في ميدان الرموز وتحليل البنيات الاجتماعية . لم يضع بورديو الإنسان في مركز العلوم الإنسانية، بل وضع القيم القلب الاجتماعي للإنسان وجعلها محور الاهتمام، بوصفها أساس الادراكات والإحكام والسلوك.[4]
ثانياً: أهم المفاهيم التي اعتمد عليها المشروع الفكري لبورديو:
- مفهوم رأس المال Capital :
إن كلمة (رأسمال) عند بورديو تحتمل تعريفات عدة، بعيدة عن مصطلحات العلوم الاقتصادية ، وهي تسمح بكشف صراعات أخرى غير الصراعات ذات الطابع الاقتصادي، وإذا ما فهمنا (الرأسمال) على أنه كل طاقة اجتماعية قابلة لأن تنتج (تأثيرات Effects) فإنه من اللازم اعتبار كل طاقة أن تكون مستخدمة (بشكل واعٍ أو لا واعٍ) كأداة في عملية التنافس الاجتماعية بمنزلة رأسمال، فالأفضل إذاً الأخذ بعين الاعتبار كل الممتلكات التي يستخدمها الفاعلون في ممارساتهم. يشتمل رأس المال عند بورديو على رأس المال النقدي وغير النقدي كما يشتمل على الأشكال الملموسة (المعنوية) ، حيث يمثل رأس المال عنصراً أساسياً لتشكيل الطبقات الاجتماعية ، من حيث السيطرة والخضوع للسيطرة، فالرأسمال هو أساس الهيمنة والصراع، رغم عدم إدراك ذلك من قبل أطراف هذا الصراع، وإذا كان المجال يتضمن مجالات فرعية من القوة والصراعات حول الوضع والمكانة الاجتماعية ، والسلطة الشرعية، فإن منطق رأس المال هو الذي ينظم تلك الصراعات. يميز بورديو بين ثلاثة نماذج عامة لرأس المال، والتي تفترض لكل منها مجالاً ذا محتويات خاصة وهذه الأنواع من رأس المال هي : رأس المال الاجتماعي، ورأس المال الثقافي، ورأس المال الاقتصادي.
- رأس المال الاجتماعي Social Capital :
يشير مفهوم رأس المال الاجتماعي إلى الروابط والعلاقات الاجتماعية ، والتي تتضمن مجموعة من القيم والمعايير الأخلاقية، ويتم تكوينها في إطار بناء اجتماعي معين، ويمتد هذا البناء من الأسرة، وجماعات الجيرة والأصدقاء، ومؤسسات المجتمع المدني، إلى بقية مؤسسات المجتمع، ويأتي التركيز على هذا المفهوم في إطار التأكيد على ضرورة الاستفادة من الروابط والعلاقات غير الرسمية في عملية التنمية ، خاصة في البلدان النامية، التي تمثل تلك الروابط الآلية الأساسية، التي يعتمد عليها الفقراء للتكيف مع الحرمان الاقتصادي.[5]
مفهوم رأس المال الاجتماعي هو مصطلح حديث نسبياً، ورغم التنوع في أشكال رأس المال إلا أن هذه الأشكال لا تعمل بشكل مستقل بل إنها تعتمد على بعضها البعض، فرأس المال الاجتماعي يلعب دوراً كبيراً في تشكيل وتطوير رأس المال البشري والعكس صحيح، وهو يؤثر عندئذ في استغلال رأس المال الطبيعي وتشكيل رأس المال المادي، ومن ثم يؤثر على اتجاهات الاستثمارات المالية (رأس المال المالي)، ويتسم رأس المال الاجتماعي بذات صفة العلوم الاجتماعية وهي توافر تعريف محدد له، فبالرغم من وجود اتفاق حول مصطلح رأس المال الاجتماعي أو البشري والذي يعنى به الأفراد المتطوعون لدعم بعض أفراد المجتمع، إلا أن رأس المال الاجتماعي كمفهوم يخضع للعديد من التعريفات سواء الصادرة من المنظمات الدولية أو المنظمات الإقليمية.[6]
يكتب بورديو أن الرأسمال الاجتماعي هو مجموعة الموارد، سواء فعلية أم افتراضية، التي تحدث لشخص أو لجماعة بسبب امتلاك شبكة مستمرة من العلاقات المؤسساتية، سواء قلت أم كثرت، من المنفعة والتقدير المتبادل.[7]
لاقى المفهوم نقداً بسبب أنه فضفاض ويفتقر لحدود واضحة . وليس واضحاً تماماً إلى مدى ينظر إلى مفهوم الرأسمال من المجاز، أو على النقيض من ذلك أنه يمكن قياسه وإخضاعه إلى نوع من التقييم مثل ذلك المطبق في الرأسمال المالي والمادي. علاوة على ذلك، فإن مفهوم الرأسمال الاجتماعي ذو بعد معياري. وبرأي بوتنام هو مفهوم إيجابي لأنه الرابطة التي تجمعنا سوياً. كما أظهرت بعض الدراسات الإمبيريقية أنه يمكن للناس استخدام أصول شبكاتهم من أجل أغراض غير اجتماعية (Anti-Social) (مثل الجريمة المنظمة)، وأن تدعم بعض الشبكات القيم والسلوكيات التي تمنع الناس من التعامل مع المشكلات بفاعلية.[8]
- رأس المال الثقافي Cultuntal Capital :
يعبر مفهوم رأس المال الثقافي، عن مجموعة الرموز والمهارات Competences الثقافية واللغوية والمعاني التي تمثل الثقافة السائدة، والتي اختيرت لأنها جديرة بإعادة إنتاجها واستمرارها ونقلها خلال العملية التربوية، ويركز هذا المفهوم على أشكال المعرفة الثقافية والتنافس أو الاستعدادات ، والتي تعبر عن رموز داخلية مندمجة، تعمل على إعداد الأفراد للتفاعل بإيجابية مع مواقف التنافس، وتفسير العلاقات والأحداث الثقافية.[9]
فالأفراد، وفق هذا المفهوم لا يمتاز بعضهم عن بعض على أساس العوامل الاقتصادية أو المهنية فحسب بل يتباينون من حيث أذواقهم الثقافية والسبل التي يسلكونها للترويح وقضاء وقت الفراغ ، ويحفزهم على ذلك المؤسسات التجارية المتزايدة المستعدة على الدوام لتلبية الاحتياجات من السلع والخدمات مهما كان نوعها . كما أسهمت في تنامي هذه المعايير الطبقية الجديدة – بدلالاتها الفعلية أو الرمزية – غلبة النزعة الاستهلاكية في النظام الرأسمالي في المجتمعات الغربية . وتضافرت لحفز هذا الاتجاه وتشجيعه عشرات من المؤسسات والتخصصات التي تقوم بتزويد الخدمات والسلع المرتبطة أساساً بأسلوب الحياة، ومن جملة هذه الخدمات أنشطة الإعلان، والتسويق، والترويج، وتصميم الأزياء، وتقديم المشورة، والتصميم الداخلي، والتدريب والعلاج الطبيعي، وتصميم مواقع الإنترنت وغيرها من الأنشطة تستهدف تشكيل أو تعديل الذوق العام في أساليب الحياة المعاصرة. ويرى بورديو أن هذه الحوافز كلها تتضافر مع النزعة الاستهلاكية العارمة في المجتمعات الغربية الحديثة وتؤدي إلى مزيد من التمايز بين أساليب الحياة وأنماط الذوق المرتيطة بالوضع الطبقي في المجتمع . وقد حذا كثير من علماء الاجتماع حذو بورديو فتوسعوا في تحديد مجالات التمايز بين أساليب الحياة التي تمارسها مختلف الشرائح الاجتماعية .[10]
ويذهب بيير بورديو في كتابه إعادة الإنتاج الثقافي وإعادة الإنتاج الاجتماعي (الصادر عام 1973م) إلى أن الآباء في أسر الطبقة الوسطى يزودون أبناءهم برأس مال ثقافي يتمثل في كفاءات لغوية وثقافية متنوعة . وتتطلب المدارس (التي يتحكم الأغنياء في محتوى المواد التي تعلم فيها) توافر تلك الكفاءات للنجاح في التحصيل الدراسي ، ولكنها تفشل في تعليم تلك الكفاءات لأطفال أسر الطبقة العاملة. وهكذا نجد أن عمليات التقويم الدراسي التي تبدو محايدة في الظاهر تعمل في الواقع على إضفاء المشروعية على اللامساواة الاقتصادية، من خلال ترجمة الكفاءات الاجتماعية الثقافية إلى بناء هرمي متدرج من الإنجاز الدراسي، الذي يبدو محصلة لعدم المساواة في القدرات الطبيعية.[11]
إذاً يتكون رأس المال الثقافي من المهيمنين على الثقافة في المجتمع وخاصة هؤلاء القادرين على الفهم والقادرين على استخدام لغة المثقفين، وأيضا يتكون من مجموعة من الرموز والمهارات والقدرات الثقافية واللغوية والمعاني التي تمثل الثقافة السائدة، والتي اختيرت لكونها جديرة بإعادة إنتاجها ، واستمرارها ونقلها خلال العملية التربوية، ويركز هذا المفهوم على أشكال المعرفة الثقافية والاستعدادات التي تعبر عن رموز داخلية تعمل على إعداد الفرد للتفاعل بإيجابية مع مواقف التنافس وتفسير العلاقات والأحداث الثقافية، ويقرر بورديو أن رأس المال الثقافي يتشكل من خلال الإلمام والاعتياد على الثقافة السائدة في المجتمع وخاصة القدرة على فهم واستخدام لغة راقية ويؤكد على أن امتلاك رأس المال الثقافي يختلف باختلاف الطبقات ، ولهذا، فإن النظام التعليمي يدعم امتلاك هذا النمط من رأس المال، وهذا يجعل من الصعوبة بمكان على معظم أفراد الطبقة الدنيا النجاح في هذا النظـام.
وبإيجاز إن أبناء الطبقات الأغلبية الفقيرة هم الأكثر فشلاً في النظام التعليمي والتمتع بفرص الحياة الاقتصادية والاجتماعية نتيجة استراتيجية هذا النظام الموجه إلى أبناء الطبقات العليا، وقد تعرض بورديو لنقد شديد حول فكرته القائلة بأن الطبقة العليا هي من تشكل رأس المال الثقافي ومن هذا النقد أن نظريته هذه ليست مدعومة ببحوث تجريبية وأنها بحاجة إلى إظهار ما يلي:
- وراثة رأس المال من الوالدين إلى الأبناء.
- تحويل الشهادات التعليمية إلى رأس مال ثقافي للأطفال.
- المؤهلات التعليمية هي الآلية الرئيسية لإنتاج رأس المال الاجتماعي في المجتمعات الرأسمالية المتقدمة.[12]
- رأس المال الاقتصادي Economic Capital :
يعتمد بورديو على رأس المال الاقتصادي من خلال علاقته برأس المال الثقافي، باعتبار أن العلاقة هي أساس بنية الطبقات الاجتماعية ، والتي تتصارع وتتنافس على تحويل رأس المال الثقافي إلى رأس مال اقتصادي، أو تحويلهما إلى رأس مال رمزي.[13]
وتتحدد عضوية الفرد في طبقته – خاصة من وجهة النظر الماركسية – وفقاً لمدى وصوله إلى الرأس المال الاقتصادي وسيطرته عليه (مثل الآلات الصناعية، والمواد الخام، وكذلك المال).
وقد قام بيير بورديو بعقد مماثلة بين هذا الوضع وبين وصول الفرد إلى الموارد الثقافية (بما في ذلك المعلومات والمهارات)، والتي يتم اكتسابها داخل الأسرة قبل دخولهم المدرسة. وبهذا الشكل لن يكون نظام التعليم نظاماً تمييزياً – بصورة مكشوفة – لصالح أطفال الطبقة المسيطرة. وإنما يتم تقويم جميع الأطفال “بحياد” ، وذلك وفقاً لقدراتهم على الإنجاز تبعاً لنفس معايير التميز والتفوق. ومع هذا تظل المعايير مستمدة من الثقافة السائدة. لذلك فإن أطفال الطبقة المسيطرة سيحققون نتائج أفضل، محققين بذلك منفعة (من حيث “القوة الرمزية”) وتكون المنفعة ناتجة عن استثمارات آبائهم في مجال رأس المال الثقافي.[14]
- مفهوم الهابيتوس (Habitus) :
يرتبط مفهوم الهابيتوس (Habitus) بأعمال بيير بورديو، وهو مصطلح فلسفي استخدمه أرسطو، ثم استخدم بعد ذلك على فترات متقطعة من جانب مؤلفين لاحقين، بمن فيهم هيغلوهوسرل (Husserl) وفيبرودوركهايم. ويمكن أن يرى تطوير بورديو لهذا المفهوم على نحو أفضل باعتباره اتحاداً متآلفاً من استخلاص إدموند هوسرل التظاهري للمصطلح، واستخدامه من قبل نوربرت إلياس للتأكيد على سيكولوجية الجهات الفاعلة المترسخة اجتماعياً وتركيز مارسيل موس (Marcel Mauss) على العادات الجسدية. وخطط بورديو لهذه الفكرة كطريقة لحل صراعاته مع علم الإنسان البنيوي والوجودية، مع أفكار للبنية الاجتماعية والعمل.[15]
الهابيتوس هو نسق الاستعدادات التي ينشأ عليها الفرد ويكتسبها ، وهي تتعلق بأربعة مستويات : العرفاني، والخلقي، والجمالي، وهيئة الجسد. وعلى العموم فالهابيتوس كنسق من الاستعدادات يعمل وفق آليات داخلية معقدة تكون حدود النسق وتشكله، في استقلالية عن محيطه، وتظهر إلى العلن في ممارسات تعبر عن الهوية الاجتماعية لصاحبها وانتمائه. ويعرف بورديو الهابيتوس كالآتي: “أنساق من الاستعدادات المستدامة والقابلة للنقل. إنها بنى مبنية، قابلة، مسبقاً، للاشتغال بوصفها بنى مبنية، أي باعتبارها مبادئ مولدة ومنظمة لممارسات وتمثلات يمكن لها، موضوعياً أن تتأقلم مع هدفها، من دون افتراض رؤية واعية للغايات والتحكم الصريح في العمليات الضرورية من أجل بلوغها”.[16]
إذاً يعرف بورديو الهابيتوس بأنه : نظام من الاستعدادات ، مخططات الإدراك المكتسبة الدائمة، الفكر والفعل، ما ينتج عن الظروف الموضوعية والتي تبقى حتى بعد تغير هذه الظروف، حيث يرى بورديو أن الهابيتوس ذات أهمية رئيسة في إعادة الإنتاج الاجتماعي، لأنه هو الذي ينتج بالفعل الممارسات المعتادة التي تشكل الحياة الاجتماعية ، وهو نتاج للتشكيل الاجتماعي، وعندئذ التصرف الفعلي بالهيكل الاجتماعي.[17]
يحتل مفهوم الهابيتوس مكاناً مركزياً في تحليل بورديو للهوية الاجتماعية ، ويمثل محاولته لتنظير طرق اندماج العنصر الاجتماعي في الذات، إن الهابيتوس (ذاتية متحولة اجتماعياً)، فهو طريقة بورديو للتنظير عن الذات اجتماعياً، وهي طريقة تحليل كيف تصبح العلاقات الاجتماعية كياناً داخلاً في الذات، ولكن أيضاً كيف أن الذات تشكل العلاقات الاجتماعية .
يمكن تقسيم المبادئ التي يقوم عليها مفهوم الهابيتوس بناءً على ثلاثة أبعاد أساسية :
البعد الأول : يشير إلى مكونات الهابيتوس وبنيته الداخلية، التي تتكون من الميول الجسدية، والصفات السلوكية والتصورات والإدراكات ورؤية العالم.
أما البعد الثاني : فيركز على السمات الأخلاقية والسمات العقلية والثقافية (أو نظم التعبير عن الأشياء)
في حين يركز البعد الثالث : على دور الهابيتوس في توليد وإنتاج الممارسات التي تميل لإعادة إنتاج الشروط الموضوعية الملازمة لإنتاج الهابيتوس نفسه، بحيث اختار بورديو هذا المفهوم ليؤكد المعنى التوالدي (إعادة الإنتاج) فيها، أي كعامل يتوسط بين استيعاب شروط الوجود الاجتماعي وبين إعادة إنتاجها مرة أخرى.[18]
- مفهوم المجال Field:
هو ميدان للتنافس والصراع الاجتماعي ، يتنافس فيه الأفراد كما في ميدان اللعب، فهم يناورون ويطورون استراتيجيات، ويناضلون من أجل الحصول على المراكز المرغوبة، وبدلاً من الحديث عن مجال كرة القدم كما يشرح “ولاس وولف” يتحدث بورديو عن المجال الأكاديمي والمجال الديني والمجال الاقتصادي ، كشبكة علاقات موضوعية بين أوضاع اجتماعية مختلفة، تعرف موضوعياً في إطارها الوجودي، ومن خلال التحديات المفروضة على من يحتلونها، وشكل بناء توزيع القوة أو رأس المال. فالمجال عند بورديو يمثل نسقاً من المواقع الاجتماعية مبنية داخلياً في ضوء علاقات القوة، وكل مجال هو محل لعلاقات القوة.[19]
إن ركون بورديو إلى مفهوم الحقل كان سعيا وراء فهم علائقي لممارسات الإنتاج الثقافي والفكري عموماً. إذ لا يمكن فهم حقيقة أثر ما إلا إذا أعدنا وضعه في نسق العلاقات الاجتماعية الموضوعية لئلا ينتزع من مشروطيته مثلما فعلت الوظيفية أو يقرأ من الخارج بمنطق الانعكاس مثلما فعلت الماركسية . [20]
حيث ثمة حقيقة أن علاقات القوى التي تفرض على كل الفاعلين agents الذين يدخلون المجال تكتسب شكلاً خاصاً : إنها في الحقيقة، تقوم على أساس شكل شديد الخصوصية من رأس المال، وهو في آن واحد أداة و موضوع الصراعات التنافسية داخل المجال، ألا وهو رأس المال الرمزي الذي استطاع مختلف الفاعلين أو المؤسسات مراكمته خلال الصراعات السابقة، على حساب نشاطات نوعية واستراتيجيات نوعية.[21]
إذاً الحقل عند بيير بورديو ليس مجرد تمثل ذاتي أو بناء نظري للعالم، بل على العكس له وجود واقعي مادي، تعكس صورته المؤسسات التي تعبر عنه وتحدد كيانه، لكن ليس بعيدا عن مجموعة من الفاعلين الاجتماعيين الذين يعتبرون بمنزلة عملاء قبلوا استثمار ذواتهم وإمكاناتهم المادية والمعنوية داخل حقل معين، بل أكثر من ذلك سمحوا لأنفسهم بأن يتعرضوا لشتى أنواع المنافسة والصراع لكن ليس بصورة مادية بل بصورة رمزية.
- مفهوم الممارسة practice :
يركز مفهوم الممارسة عند بورديو على علاقة الفاعل بالبناء الاجتماعي وهي العلاقة التي تتضمن بأن يقوم الفاعلون بإعادة إنتاج هذا البناء، وبمعنى واضح فإن بورديو يؤكد على أن الممارسة هي الفعل الاجتماعي الذي يقوم فيه الفاعلون بالمشاركة في إنتاج البناء الاجتماعي وليس مجرد أداء أدوار بداخله.
بينما يصح القول بأن بورديو بدخول لعبة الممارسة بدون التمادي والانجراف فيها، لها إيحاءاتها، ومع صورته “المأساوية” للعلم باعتباره حرية حقيقية إلى درجة أنه أصبح “معرفة الضرورة”، تزودنا بأساس ممكن لفهم أعمق للمشروع العلمي وبالتالي للمشروع الاجتماعي (السوسيولوجي)، إلا أن عمل بورديو ما زال يعتمد على الفصل الأساسي بين النظرية والممارسة، أو بين النظرية والواقع. هذا التقسيم بحد ذاته يحتاج إلى إعادة نظر إذا أردنا لعمل بورديو أن يشمل دينامية فرويد.[22]
ثالثاً : أهم القضايا النظرية التي تصدرت أعمال بيير بورديوالسوسيولوجية:
حاول بيير بورديو إعادة تأسيس علم الاجتماع على أطر معرفية تواكب ما يعتري الواقع من تحولات سريعة وواضحة، وذلك عن طريق الارتكاز على بعض المفاهيم أو المقولات الجديدة التي طورها في نظريته عن الممارسة والحقول والعادات، ورأس المال وإعادة إنتاج البنية الاجتماعية ، والسلطة الرمزية، والعنف الرمزي، والهمينة، والمصلحة، والاستراتيجية، وجميعها تمثل أهم القضايا النظرية التي تصدرت أعماله السوسيولوجية.[23]
أولاً : نظرية الممارسة The Theory of practice
عرضت نظرية الممارسة ، عام 1972 في كتاب بعنوان “مخطط لنظرية في الممارسة” وفي صيغة أكثر بلورة، ظهرت في كتاب “الحس العملي” عام 1980. وفي الحالتين تقدم هذه النظرية باعتبارها ذات أبعاد شاملة. يقول بورديو في كتابه أسباب عملية:
” من أجل حل الإشكالات التي يطرحها تحليل ممارسة الطقوس واستراتيجيات زواج القربى اضطررت إلى تدقيق وتنظيم نظرية الممارسة التي كنت قد صغتها بشكل أقل بلورة في أعمال سابقة لا سيما في مداخل كتاب “فن وسيلة “عام 1975م . أعتقد أن الفكرة المركزية لهذه النظرية كانت موجودة سابقاً في أعمالي الأولى لا سيما في كتاب ” العمل والعمال في الجزائر” إذ انتقدت نموذج الرجل الاقتصادي بوصفه حاسباً راشداً وهو ما يدرج اليوم باسم “نظرية الفعل الرشيد” Rational Action Theory أو الفردية المنهجية. لكن في المخطط و الحس العملي أوضحت أفضل ما يمكن مفاهيم الإستراتيجيا ولا سيما مفهوم الهابيتوس . هذا المفهوم أحدث بين أشياء أخرى قطيعة بين علم حركة الممارسة الذي حاولت بلورته وبين علم الظواهر المتداخلة والتي تدرج حاليا في الأخرى عبر أشكال عدة من علم الأثنيات”.[24]
يستند بورديو في الخطوط العريضة لنظرية الممارسة، إلى عمله الميداني في مناطق القبائل ليطور فكرة التجانس بين العالم الخارجي والترتيبات الداخلية للهابيتوس. إذ ركز بعد دوركهايم وموس على التصنيفات المترسخة في نظرة القبائل إلى العالم، ومتبعاً بنيوية كلود ليفي شتراوس في استخراج المعارضات الثنائية التي تساعد في ترتيب هذه التصنيفات إلى علاقات هرمية واختلاف، ولكنه موضوعية هذا التقليد بإصراره على الصلة الوثيقة بين مستوى التمثيل والرموز من جهة والممارسات الاجتماعية التي توسطت ظاهرة الهابيتوس المتجسدة من جهة أخرى. ترى التصنيفات والتمثيلات والمعارضات الثنائية كوسائل مساعدة على تشكيل مخططات توليدية عدة مرتبطة بالمجالات المختلفة للعمل والتي تمارس القبائل من خلالها حياتها اليومية .
ووصف بورديو بكثير من التفصيل النظم التصنيفية المعقدة والمعارضات الثنائية المتعلقة بالممارسات في مجالات التقويم الزراعي (مثل موسم الأمطار / موسم الجفاف)، الطهي، عمل المرأة، دورة الحياة . التباين والمعارضات – في شكلها الأكثر صراحة – مرتبطة بممارسات طقوسية جماعية مثل المرور من موسم الأمطار إلى موسم الجفاف والذي يترجم مباشرة إلى تغييرات في الممارسات الروتينية اليومية، حتى أنه على سبيل المثال القطعان الآن تخرج وتعود في أوقات مختلفة من اليوم. ترتبط بعض تصنيفات التقويم أيضا على سبيل المثال بالمحرمات الزمنية على الممارسات، من التقليم والنسيج والحرث إلى احتفالات الزفاف أو غسل المنازل بماء الكلس. معظم هذه المخططات طرق مسلم بها وضمنية للوجود والتفكير في الذي يرشد ويوجه الممارسات في مجالات مختلفة، ولكنها متصلة . ويعمل الهابيتوس كوسيط ظواهري بين العالم الاجتماعي الخارجي والطبيعي والعالم الذي يعيش فيه العامل البشري بشكل تجريبي .
ويصر بورديو على أن الرأسمال أو السلطة الفاعلة المتوافرة للعامل لا تعتمد فقط على استعداداته (هابيتوس) . وبالأحرى يجب أن تكون جوانب الهابيتوس المعتمد عليها مناسبة لمجال الممارسات ذي الصلة حتى تصبح فاعلة. وهذا ما يعنيه بالمعادلة: هابيتوس+حقل = رأسمال.[25]
إذاً تهتم نظرية الممارسة بإعادة الاعتبار للفاعل الاجتماعي، باعتبارها رد فعل على النظرية البنيوية التي أهملت النظر للإنسان وجعلته خاضعاً للبناء الاجتماعي ونتاجاً له، فالبنيوية تؤكد على إزاحة الفاعلين عن مركز البنية ، على نحو يغدو معه كما لو كان البناء يعمل بشكل آلي يتجاوز إرادة ووعى الأفراد. وقد طرح مفهوم الممارسة قبل بورديو، في إطار النظرية الماركسية، باعتبارها عملية جدلية تهدف لتغيير العالم من خلال النشاطات الخلاقة للإنسان. فعلى الرغم من أن الفاعلين نتاج البنية، إلا أنهم صنعوا ويصنعون البنية باستمرار. فعملية إعادة إنتاج البنية هذه، بعيداً عن أنها نتاج سيرورة آلية، لا تتحقق بدون تعاون الفاعلين الذين استدمجوا ضرورة البنية في شكل هابيتوس، حيث ينتجون، ويعيدون الإنتاج، سواء كانوا واعين بتعاونهم أم لا. وبذلك يقوم علم دراسة الممارسة على تجاوز التعارض بين الموضوعية والذاتية، حيث يرى بورديو أنه ليس سوى تعارض زائف، يساهم في تعتيم الحقيقة الإنسانية للممارسة البشرية. ويتحدد إنتاج الممارسات عند بورديو على الوضع الذي يحتله الفاعل في الفضاء الاجتماعي وأيضاً على المجال الذي تتم فيه هذه الممارسات، ويعبر عن ذلك على النحو الآتي : الممارسة = (الهابيتوس × رأس المال) + المجال.
نظرية الممارسة عند بورديو تشكل المرجعية الأساسية لتحليل الاستهلاك كممارسة اجتماعية، وأيضا فإن مفهوم الهابتوس هام لفهم الممارسات والاستهلاك فهو يحتل موقعاً مركزياً وأساسياً في تحليلات الاستهلاك كممارسة اجتماعية، وبناء على ذلك فإن تحليل فعل الاستهلاك يتطلب ممارسة علائقية أي علاقة الفاعل مع الفضاءات والسياقات الاجتماعية ومن خلال علاقته بالآخرين ومن خلال هذه العلاقة تعطى للسلع الاستهلاكية معناها الرمزي.
فالممارسات ليست مجرد تصميم داخلي موضوعي فهي إنتاج أمور ظاهرية على نحو مماثل لإنتاج الممارسة أي خلق معان جديدة من خلال الانتقال لنسق الترتيبات والأوضاع الجديدة فالممارسة ترتبط بتحقيق مجموعة من المعاني والقيم الاجتماعية.[26]
ثانياً : نظرية الحقول والعادات The Theory of fields and Habitus
تشكل المجالات الجسم الحقيقي للعلم الاجتماعي “فهي فضاء اجتماعي منظم مكون من مناصب وأماكن متنوعة ونظام من صفوف القوة والسيطرة.
يحدد بوردويو ويعرف التطور التاريخي للمجالات في المجتمعات المعقدة الحديثة وعملياتها الخاصة التمييز الداخلي وحركة الحكم الذاتي التي تبدو قريبة من علم الاجتماع الخاص ببارسونز، ولكن التغير الاجتماعي يحدث من خلال الصراع والمنافسة، فالتغير هو الصراع الذي ينتج الاختلاف ات التي تظهر في المجال الواحد. ويمكن تقسيم المجالات إلى مزيد من التقسيمات الفرعية (يحتوي المجال الثقافي على مجالات فرعية أخرى من قصة ورسم وموسيقى). وإنه لمن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الأفراد ليسوا من ينتجون الاختلاف ات التي تظهر في المجال ولكن الأماكن والمناصب الموضوعية التي يحتلها الوسطاء والمؤسسات. وعلى الرغم من ذلك فإن جميع المجالات تتشارك في قانون واحد وهو: أن الوسطاء الذين يحتلون أماكن ومناصب مسيطرة سيبنون بالضرورة “استراتيجيات حفظ” دفاعية للحفاظ على مكانتهم، بينما تقوم العناصر الجديدة على المجال بتطوير “استراتيجيات هدامة” تهدف إلى التخلص من القواعد السائدة والمسيطرة على الرغم من أنهم في نفس الوقت يقبلون شرعية المجال.
لذلك فأثناء كفاح الأفراد لتمييز أنفسهم عن الآخرين والمنافسين مثل الشركات الاقتصادية ومصممين الأزياء والكتاب والمهندسين المعماريين يتم توجيههم من خلال استراتيجيات (فردية وجماعية) تعمل على تغيير والحفاظ على المجال نفسه.
ان الخصائص الداخلية المحددة للمجالات هي التي تمكن الوسطاء من التصرف من خلال عدد من الممارسات الفعالة الإيجابية وليست السلبية. ووجهة نظر بوردويو هي أن الوسطاء يصبحون أكثر اجتماعية في المجالات ليس من خلال العادات والأعراف ولكن بشكل إدراكي عن طريق عملية استلهام البنية الاجتماعية للمجال نفسه. وبشكل موجز يقوم الوسطاء بترجمة ونقل الخصائص الموضوعية للمجال نفسه. (التسلسل الهرمي للمناصب والعادات والتاريخ والمؤسسات) إلى تراكيب عقلية أو إطارات عامة التي تتحكم بعد ذلك في الطرق التي يتم بها إدراك واعتبار المجال ثم استيعابه وفهمه بشكل كامل. وبهذه الطريقة يتم تدعيم إمكانات الأفعال المتأصلة فيه. [27]
ويستخدم بوردويو مفهوم العادات “الموضوعية الاجتماعية ” نظام من “الإيداعات المستمرة أو الخصائص التي تمكن الوسطاء من الفهم والتفسير والتفاعل في العالم الاجتماعي. العادات تقوم بتنظيم الممارسات والأنشطة وتسمح بإدراكها واستيعابها.
وتمكن العادات الوسطاء من التكيف مع مختلف السياقات والمواقف. وتغرس العادات وترسخ في الذهن أثناء الطفولة ويتم تنظيمها من خلال السياق الاجتماعي ومن ثم تصبح متأصلة باعتبارها كلا من نزعات إنتاجية وقابلة للتحويل. إن نظام النزاعات المستمرة والقابلة للتحويل والتي تندمج مع الخبرات الماضية تعمل في جميع الأحيان بصفتها قالب أو مصفوفة من الإدراكات والأفعال التي ستؤدي إلى وجود عدد من الأذواق المتنوعة بالإضافة إلى التوقعات والطموحات المختلفة. وتنتج العادات عدد من الممارسات والإدراكات والتقديرات الخاصة بالنشاط. ومن الواضح أن العادات تكون مرتبطة ومحتومة بالطبقة الاجتماعية ، كما أن الأفراد سيتشاركون في ثقافة واحدة عامة وذوق موحد (مثل الطبقة العامة التي تفضل اللحم الأحمر، الطبقة المتوسطة التي تفضل الأسماك، وتختار الطبقة العامة الفنون الواقعية وتفضل الطبقة المتوسطة الفنون المستحدثة).
تعمل العادات بشكل عملي باعتبارها “تراكيب تأسيسه ومبادئ تولد وتنظم الممارسات والأنشطة والعروض المختلفة”. وعلى الرغم من أنه يمكن تحديدها من خلال الخبرة فإن نظام النزعات يصبح متأصلاً وراسخاً بصفته “طبيعة ثانوية”.
تحتفظ العادات بشعور من الاستمرارية والعمل وذلك لأن المبادئ البنيوية غير الواعية تحكم وتسيطر على الطرق والأساليب التي لعبها الماضي وأصبحت لها دوراً فعالاً في الحاضر. وكل فرد يحتوي بداخله إنسان الماضي والأمس والذي يكتسب من خلال خبرات الماضي ويكتسب رأس المال الضروري الذي يمكنه من العمل في مجال معين. هذه هي مشكلة التاريخ، فينظم المجال العادات فهو نتاج تجسيد الحاجات الضرورية حيث إن الأفراد يواجهون العديد من المواقف بشكل طبيعي والتي تؤكد عاداتهم ونزعاتهم.[28]
وبشكل تحليلي يفترض مفهوم المجال توزيع رأس المال الصوري والثقافي والاقتصادي والصراعات الاجتماعية بين الطبقات وأجزاء الطبقات والتي تسعى كل منها للوصول إلى أهداف مميزة واستراتيجيات فعالة فالمجالات : هي عبارة عن مجالات للصراع “مجالات قوى” والتي فيها يحتل الوسطاء أماكن ومناصب معينة تهدف إلى نقل أو الحفاظ على توازن القوى الموجود.
ترتبط المجالات وتتصل بالنزعة الحداثية بالنسبة للمجتمعات الأقل تعقيداً والتي تفتقر “للآليات غير المزدوجة” الأمر الذي يؤدي إلى انفصال المجالات عن المؤسسات الإيديولوجية والدينية والسياسية والمركزية.[29]
إن اعتماد فكرة المجال تستدعي قلباً تاماً للرؤية العادية للميدان الاجتماعي، تلك الرؤية التي تكتفي بالأمور المرئية وحدها : كالفرد الذي يربطنا به نوع من المصلحة الإيديولوجية الأساسية، أو الجماعة التي لا تحدد إلا ظاهرياً عن طريق العلاقات التي تربط الأفراد كما تتم بالفعل، وفي الواقع ، كما أن نظرية الجاذبية عند نيوتن لم تتكون إلا بانفصالها عن الواقعية الديكارتية التي كانت تأبى الاعتراف بأي نوع آخر من الفعل الفيزيائي. عدا الصدمة والاتصال المباشر، فإن مفهوم المجال يفترض قطيعة مع التمثل الواقعي الذي يدعو إلى إرجاع تأثير فعل الوسط إلى تأثير العمل المباشر الذي يتم عن طريق تبادل الفعل، هذا في حين أن بنية العلاقات التي تشكل فضاء المجال التي تتحكم في الصورة التي يمكن لعلاقات التفاعل الظاهرية أن تتخذها، بل وفي محتوى الخبرة التي يمكن أن تكون لدى الأعضاء بصددها. إن أخذ فضاء العلاقات الذي يتحرك فيه الأعضاء بعين الاعتبار، يقتضي الانفصال النهائي عن فلسفة التاريخ التي يتضمنها الاستعمال العادي للغة العادية، أو التي تفترضها عادات التفكير التي تصاحب الجدالات السياسية حيث يكون من الضروري العثور على المسؤول عن الأعمال، خيرها وشرها.
وإن مبدأ الحركة الدائبة الذي يعطي للمجال حركته يتحرك في التوترات التي تتولد عن البنية. التي تكّون المجال فتسعى إلى إعادة الإنتاج هذه البنية، إنه يكمن في مجموع الأفعال وردود الأفعال التي تصدر عن الأعضاء الذين لا يملكون إلا أن يتصارعوا للحفاظ على وضعيتهم داخل المجال أو تحسين تلك الوضعية. هذا إن لم يقض بعضهم على الآخر ويقصيه من المجال. وبهذا فهم يساهمون في فرض الضغوط على الأعضاء الآخرين، تلك الضغوط التي تنشأ عن التصارع بينهم والتي غالباً ما لا تحتمل.
إن المجال لا يمكن أن يعمل إلا إذا وجد أفراد مهيؤون اجتماعيا كي يعملوا فيه كأعضاء مسؤولين، وكي يغامروا بأموالهم ووقتهم وأحيانا بشرفهم وحياتهم لمتابعة جميع تحولاته وجني ثمراته التي قد تبدو من وجهة نظر أخرى سخيفة لا قيمة لها. وهذا أمر وارد ما دامت تلك الثمرات تستند إلى علاقة التضافر الوجودي بين الهابيتوس والمجال الذي لا يكون سبب المشاركة فيه اللعبة الاجتماعية .[30]
ومما شجع بورديو على نظريته في الطابع الاجتماعي الثقافي Habitus و المجال Field رغبته في كسر ما يراه حاجزا غير ضروري بين الموضوعية (البناء بصفة عامة) والذاتية (الفعل بصفة عامة) . ويركز بوردييو على العلاقة الجدلية بينهما ، وعلى ما يراه نتاجا لهذه العلاقة، أي الممارسة . وتلمح هذه النظرية إلى أن الممارسة ليست ناجمة عن الإرادة الحرة غير المكبوحة، كما أنها لا تفرض فرضا تاما بوساطة بعض العوامل الخارجية.
وتنهض نظرية بورديو على ما أسماه “البنيوية الاستدلالية” Constructive Structuralism ، حيث يهتم بالطريقة التي يرى بها الفاعلون عالمهم الاجتماعي استنادا الى موقعهم فيه. وتتأثر هذه الرؤية – مع ذلك – ببناء العالم الاجتماعي الذي يشكل إدراك الفاعلين ويضع قيودا عليه. وينصب اهتمام بورديو على العلاقة بين الأبنية : الاجتماعية والعقلية، وهي ليست علاقة جدلية على الدوام، ويستخدم بورديو مصطلحي “الطابع الاجتماعي الثقافي ” و “المجال” ليصف المكونين الأساسيين لنظريته. ويشير الطابع الاجتماعي الثقفي إلى الأبنية المعرفية التي يستخدمها الناس في تعاملهم مع العالم الاجتماعي. وهذا الطابع “بناء متشكل” Structuring Structure ، بمعنى أنه يتشكل بالطريقة التي يتعامل بها الفاعلون مع العالم الاجتماعي الخارجي من جهة، كما يتعامل في نفس الوقت على تشكيل هذه الطريقة من جهة ثانية. وكل فرد لديه طابع اجتماعي ثقافي مختلف، وهذا يعتمد على الوضع الذي يشغله الفرد داخل البيئة الاجتماعية الأكبر، أي أنه يتأثر بعوامل مثل العمر والثروة والنوع والمظهر الفيزيقي والمهنة وما إلى ذلك . وليس “المجال” بناءً، ولكنه مصطلح يستخدم في وصف سلسلة العلاقات بين الأوضاع بداخله. ولا يصف المجال التفاعلات أو الصلات الاجتماعية بين المواقع الموضوعية بداخله. ولكنه موجود وجودا مستقلا عما إذا كان الفاعلون أو النظم تشكل جزءا منه وتفرض كوابح عليهم. والمجال نوع من حلبة القتال حيث تكون جملة الأوضاع بداخله في حالة اقتناع من أجل تحسين أحوالها بالاعتماد على رصيدها من مختلف أنواع رأس المال : الاجتماعي والاقتصادي والرمزي والثقافي.[31]
النتائج والخلاصات:
في نهاية هذا البحث يمكن القول إن أي عمل مهما كان نوعه أو مجاله المعرفي يحتاج إلى نقف على أهم النتائج و الخلاصات التي تم الوصول إليها، ومن أهمها:
إن الطابع التجديدي لمقاربة بيار بورديو التي وصفها البعض بالثورة الرمزية المماثلة لتلك الثورات التي نراها في الحقول العلمية الأخرى تكمن في تجاوز المعارضات التقليدية في علم الاجتماع بين الموضوعية والذاتوية وبين الرمزي والمادي من أجل تأسيس مقاربة يمكن تسميتها بالبنائية. أي أنه حاول تجاوز تلك المشكلة من خلال تأسيس نظرية وسطى تعمل على التغلب على الثنائية المتعسفة بين الفرد والنزعة الذاتية والمجتمع والنزعة الموضوعية، ومن أجل تحقيق ذلك أبدع العديد من المفاهيم المهمة كالهابيتوس والحقل وغيرهما.
إن بورديو يتطلع إلى مجتمع إنساني أرحب يقوم على أساس متين من العدل والحرية وهذا بتبنيه مسألة العدالة والديمقراطية التي تعد من المسائل المعقدة التي تحتاج إلى جهد علمي ونقد جاد.
-يعتبر بورديو واحد من أشد متون إبداعاً وخصوبة في النظرية والبحث المتعلقين بالسوسيولوجية لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، فقد استطاع بعلمه الواسع أن يتناول مجموعة من الميادين المعرفية كالتربية والتاريخ والسياسة والاقتصاد، وما يميز أعماله أياً هو التنوع والأصالة والعمق واعتماد مجال دراساته على التجربة والمعايشة.
يمثل بيير بورديو رمز من الرموز الأهم في مجال علم الاجتماع في العقود الأخيرة، فلقد طرح ما يمكن أن نطلق عليه المشروع الفكري الأكثر شمولاً ورونقاً، لقد قدم نظرياته الاجتماعية المتميزة على مدار حياته الحافلة المليئة بالأحداث وعكست هذه النظريات التزامه الدائم نحو العلم وبناء المؤسسات الفكرية وتحقيق العدل الاجتماعي، وقد امتلك اتجاهاً فكرياً سوسيولوجياً وأكاديمياً لا نظير له، فالتاريخ قد سجل أن كثيراً من المبدعين قد خلدوا أسمائهم بكلمة واحدة أو مصطلح أبدعوه، فبماذا سيخلد التاريخ بورديو، وقد أبدع العديد من الكتب ومئات من مقالات والدراسات التي ترجمت إلى أبرز الألسن في العالم.
اتخذ بيير بورديو السوسيولوجيا أداة لنقد العالم الليبرالي الجديد، وفضح مؤسساته الإيديولوجية القائمة على الهيمنة والسيطرة وإخضاع الآخرين، على أساس أن مؤسسات الدولة الشرعية، مثل: الدرسة، والعلم، والصحافة، والدين، تمارس نوعا من العنف الرمزي تجاه الآخرين.
بورديو آخر المفكرين الكبار الذين تركوا بصماتهم الفكرية، وأثروا بشكل علمي على الحركات الاجتماعية والسياسية التي شهدها النصف الثاني من القرن العشرين . كذلك فإنه يعد أحد أهم المنظرين الذين تعد أعمالهم أدوات للنضال الفكري والنظري فيما يعرف الآن بحركة العولمة البديلة، وتمثل أعمال بورديو تحدياً مضاعفاً للتقسيمات الحالية التي يعرفها العلم الاجتماعي والأنماط التفكير الرائجة فيه.
خاتمة:
أثار رحيل عالم الاجتماع والفكر الفرنسي بيربورديو في الثالث والعشرين من شهر يناير 2002م ردود أفعال كثيرة ليس في فرنسا فقط ولكن في جميع أنحاء العالم وفي عددها رقم 14 (مارس / إبريل 2002م) كتبت مجلة اليسار الجديدة ” New Left Review “بموت بيربورديو فقد العالم أكثر علماء الاجتماع شهرة كما فقد اليسار الأوروبي أكثر الأصوات المؤثرة في حركته والمعبرة عنه من خلال العقود الأخيرة.
عندما يموت مفكر أو مبدع كبير يشعر الإنسان بالحزن ، يشعر بأن نجمة ما قد انطفأت ومع رحيل بورديو في الثالث والعشرين من كانون الثاني عام 2002م وبعد مسيرة علمية وفكرية تضعه في زمرة المجددين الكبارانطفأ نجم كبير في سماء باريس .
وأعتقد بأن القراءات التي شاهدتها عن بيربورديو قراءات متعددة وكثيرة وعساني أكون قد نجحت في عرض بعض أفكار بيربورديو الكثيرة وما قدمته ليس سوى نقطة صغيرة في بحر أفكاره .
قائمة المراجع:
- أحمد زايد وآخرون: دراسات مصرية في علم الاجتماع (مهداة إلى روح الدكتور مصطفى الخشاب)، كلية الآداب، جامعة القاهرة، 2002م.
- أحمد محمود بدوي وآخرون: سياسات تطوير رأس المال الاجتماعي للمشاركة في التنمية المستدامة للريف والحضر، مجلس الوزراء المصري، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إدارة المكتب الفني، أكتوبر 2005م.
- أمينة رمضان علي العريفي: النظرية والمنهج في الفكر الاجتماعي لبيير بورديو: دراسة نقدية، رسالة مقدمة للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في علم الاجتماع، كلية الآداب، قسم الاجتماع، جامعة القاهرة، 2009م.
- أنتوني جيدنز: علم الاجتماع، ترجمة: فايز الصياغ، المنظمة العربية للترجمة، مؤسسة ترجمان، بيروت، الطبعة الأولى، 2005م .
- بيار بورديو: أسباب عملية إعادة النظر بالفلسفة، ترجمة: أنور مغيث، دار الأزمنة الحديثة، لبنان بيروت، الطبعة الأولى، 1998م.
- بيار بورديو: الهيمنة الذكورية، ترجمة: سلمان قعفراني، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، الطبعة الأولى، 2009م.
- بيار بورديو& جان كلود باسرون: إعادة الإنتاج في سبيل نظرية عامة لنسق التعليم، ترجمة: ماهر تريمش، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، الطبعة الأولى، 2007م.
- بيتر سيدجويك إدجار: موسوعة النظرية الثقافية المفاهيم والمصطلحات الأساسية ، ترجمة: هناء الجوهري، المركز القومي للترجمة، القاهرة، الطبعة الأولى، 2009م.
- بير بورديو: أسئلة علم الاجتماع في علم الاجتماع الانعكاسي، ترجمة: عبد الجليل الكور، إشراف و مراجعة: محمد بودودو، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1997م.
- بيير بورديو: التلفزيون وآليات التلاعب بالعقول، ترجمة: درويش الحلوجي، دار كنعان، دمشق، الطبعة الأولى، 2004م.
- بيير بورديو: الرمز والسلطة، ترجمة عبد السلام بن عبد العالي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، الطبعة الثالثة، 2007م.
- بير بورديو: بعبارة أخرى: محاولات باتجاه سوسيولوجيا انعكاسية، ترجمة: أحمد حسان، ميريت للنشر والمعلومات، القاهرة، الطبعة الأولى، 2002م.
- جورج ريتزر: موسوعة النظرية الاجتماعية ، ترجمة: مصطفى خلف عبد الجواد، ، الطبعة الأولى، المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة، القاهرة، 2006م.
- جوردن مارشال: موسوعة علم الاجتماع، ترجمة: محمد الجوهري وآخرون، المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة، المجلد الأول، القاهرة، الطبعة الثانية،2007م.
- جون سكوت: علم الاجتماع: المفاهيم الأساسية، ترجمة: محمد عثمان، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 2009م.
- جون ليشته: خمسون مفكراً أساسياً معاصراً من البنيوية إلى ما بعد الحداثة، ترجمة: فاتن البستاني، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، الطبعة الأولى، 2008م .
- عبد الناصر عبد العالي & عبد السلام شماطة، إشكاليات النظرية في مرحلتي الحداثة وما بعد الحداثة، رسالة دكتوراه، كلية الآداب، جامعة القاهرة، 2011م.
- Alan Swingewood: Ashort History of Sociological Thought ، palgraf mac millanlondon،
- Alice Sullivan: Cultural Capital and Educational Attainment،NuffieldCollege،Oxford،
- ISabel Silva Cruz: Between structures and agents: patterns and consumption practices inPortugal، Paper to be presented at the 8th European Sociological Conference – Glasgow.
- Loïc Wacquant: The Sociological Life of Pierre Bourdieu International Sociology، London، Thousand Oaks، and New Delhi ، December 2002.
[1]Loïc Wacquant، The Sociological Life of Pierre Bourdieu International Sociology، London، Thousand Oaks، and New Delhi ، December 2002.
[2] – أمينة رمضان علي العريفي: النظرية والمنهج في الفكر الاجتماعي لبيير بورديو: دراسة نقدية ، رسالة مقدمة للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في علم الاجتماع ، جامعة القاهرة ، كلية الآداب ، قسم الاجتماع ، 2009م ، ص 16- 18 .
[3] – التواريخ جميعها تشير إلى صدور الطبعات العربية فقط .
[4]– أحمد زايد وآخرون: دراسات مصرية في علم الاجتماع (مهداة إلى روح الدكتور مصطفى الخشاب) ، كلية الآداب ، جامعة القاهرة ، 2002م ، ص 1040، 1041 .
[5] – أمينة رمضان علي العريفي: مرجع سبق ذكره ، ص 121 ، 123 .
[6] – أحمد محمود بدوي وآخرون: سياسات تطوير رأس المال الاجتماعي للمشاركة في التنمية المستدامة للريف والحضر ، مجلس الوزراء المصري ، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إدارة المكتب الفني ، أكتوبر 2005 ، ص 10 ، 11 .
[7] – جون سكوت:علم الاجتماع : المفاهيم الأساسية ، ترجمة : محمد عثمان ، مرجع سابق ، ص 223 .
[8] – المرجع نفسه ، ص 225 .
[9] – أمينة رمضان علي العريفي: النظرية والمنهج في الفكر الاجتماعي لبيير بورديو:دراسة نقدية ، مرجع سابق ، ص 117، 119، 120.
[10] – أنتوني جيدنز: علم الاجتماع ، ترجمة : فايز الصياغ ، المنظمة العربية للترجمة ، مؤسسة ترجمان ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 2005م ، ص 359 .
[11] – جوردن مارشال: موسوعة علم الاجتماع ، ترجمة : محمد الجوهري وآخرون ، مراجعة وتقديم ، محمد الجوهري ، المجلس الأعلى للثقافة ، المشروع القومي للترجمة ، المجلد الأول ، الطبعة الثانية ، 2007م ، ص 652 .
[12]Alice Sullivan، Cultural Capital and Educational Attainment، Nuffield College، Oxford، 2001،pp.893،984،895.
[13] – أمينة رمضان علي العريفي: النظرية والمنهج في الفكر الاجتماعي لبيير بورديو:دراسة نقدية ، مرجع سابق ، ص 123 .
[14] – أندرو إدجار& بيتر سيدجويك: موسوعة النظرية الثقافية المفاهيم والمصطلحات الأساسية ، ترجمة : هناء الجوهري ، مراجعة وتقديم وتعليق : محمد الجوهري ، المركز القومي للترجمة ، الطبعة الأولى ، 2009م ، ص 260 ، 261 .
[15] – المرجع نفسه، ص 41 .
[16] – بيار بورديو ، الهيمنة الذكورية ، ترجمة : سلمان قعفراني ، المنظمة العربية للترجمة ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 2009م ، ص186 .
[17] – أمينة رمضان علي العريفي: النظرية والمنهج في الفكر الاجتماعي لبيير بورديو:دراسة نقدية ، مرجع سابق ، ص90 .
[18] – المرجع نفسه ، ص 104 ، 105 ، 106 .
[19] – المرجع نفسه ، ص 89 .
[20] – بيار بورديو& جان كلود باسرون: إعادة الإنتاج في سبيل نظرية عامة لنسق التعليم ، ترجمة : ماهر تريمش ، المنظمة العربية للترجمة ، بيروت ، الطبعة الأولى، 2007م ، ص 50 .
[21] – بير بورديو: بعبارة أخرى : محاولات باتجاه سوسيولوجيا انعكاسية، ترجمة: أحمد حسان، ميريت للنشر والمعلومات ، القاهرة، الطبعة الأولى، 2002م ، ص 234 ، 235 .
[22] – جون ليشته: خمسون مفكراً أساسياً معاصراً من البنيوية إلى ما بعد الحداثة ، ترجمة : فاتن البستاني ، المنظمة العربية للترجمة ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 2008م، ص 106، 107، 108.
[23] – عبد الناصر عبد العالي & عبد السلام شماطة: إشكاليات النظرية في مرحلتي الحداثة وما بعد الحداثة ، رسالة دكتوراه ، كلية الآداب، جامعة القاهرة ، 2011م ، ص 172 .
[24] – بيار بورديو،: أسباب عملية إعادة النظر بالفلسفة ، مرجع سبق ذكره، ص: 197 ، 198 .
[25] – جون سكوت: علم الاجتماع المفاهيم الأساسية، مرجع سبق ذكره، ص ص: 43 ، 44 ، 46 .
[26] Isabel Silva Cruz: Between structures and agents: patterns and consumption practices inPortugal، Paper to be presented at the 8th European Sociological Conference – Glasgow،pp:1،2.
[27]Alan Swingewood: Ashort History of Sociological Thought ، palgraf mac millan london،2000، pp: 211-212-213-214 .
[28] Ibid ،pp: 214 – 215 .
[29] Ibid ،pp: 215 – 216 .
[30] – بيير بورديو،: الرمز والسلطة ، ترجمة: عبد السلام بن عبد العالي، الطبعة الثالثة ، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 2007م ، ص: 23 ، 24 ، 26 .
[31] – جورج ريتزر: موسوعة النظرية الاجتماعية ، ترجمة : مصطفى خلف عبد الجواد ، الطبعة الأولى ، المجلس الأعلى للثقافة ، المشروع القومي للترجمة ، القاهرة ، 2006م ، ص80 ، 81 .