أهم السبل المتاحة للمساءلة عن الجرائم الدولية المرتكبة في فلسطين
The most important Available means of accountability for international crimes committed in Palestine
بلملياني أسماء ، طالبة دكتوراه في العلوم جامعة وهران 2 محمد بن أحمد
Belmeliani Asmaa, in science of doctorat Student, University of Oran 2 , Algeria
مقال منشور في مجلة جيل حقوق الانسان العدد 39 في الصفحة 123.
Abstract :
The crimes committed by the Israeli occupation against the Palestinian people from the occupation to the present day, constitute serious international crimes that are classified a violations of international humanitarian Law, and therefore should be held accountable and punished those responsible for their commission, either by resorting to national or international justice.
The national judiciary can have consider violations of international humanitarian Law committed by Israel, either through the Palestinian criminal judiciary or the foreign national judiciary through the exercise the principle of universal criminal jurisdiction.
It is also possible to be held accountable and punished for violations of international humanitarian Law committed in Palestine by resorting to the international criminal justice, Which is embodied international criminal tribunals or the spicial international criminal courts.
Key words: violations of international humanitarian Law, Palestine, Israel, criminal justice
الملخص:
إن الجرائم المرتكبة من طرف الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني منذ احتلاله ولغاية يومنا هذا تشكل جرائم دولية خطيرة تصنف باعتبارها انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، لذلك فإنه ينبغي مساءلة ومعاقبة المسئولين عن ارتكابها، إما من خلال اللجوء إلى القضاء الوطني أو الدولي.
إذ يمكن للقضاء الوطني الاختصاص بنظر انتهاكات القانون الدولي الإنساني المرتكبة من طرف إسرائيل، إما عن طريق القضاء الجنائي الفلسطيني أو القضاء الوطني الأجنبي من خلال ممارسة مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي.
كما يمكن المساءلة والمعاقبة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني الواقعة في فلسطين عن طريق اللجوء للقضاء الجنائي الدولي، المتمثل في المحكمة الجنائية الدولية أو المحاكم الجنائية الدولية الخاصة.
الكلمات المفتاحية: انتهاكات القانون الدولي الإنساني، فلسطين، إسرائيل، القضاء الجنائي
مقدمة:
لقد شهدت الأراضي العربية الفلسطينية وقوع أبشع وأشد الجرائم الدولية خطورة وضراوة، التي ارتكبت من طرف الاحتلال الإسرائيلي، هذا الأخير الذي وبمجرد احتلاله للأراضي الفلسطينية انتهك بصورة صارخة مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني المطبقة أثناء النزاعات المسلحة، ولم يتردد في انتهاج سياسات الإبادة والتقتيل والتعذيب والتهجير والتجويع في حق الشعب الفلسطيني، إضافة إلى المجازر والمذابح الجماعية التي ارتكبتها، كمجزرة دير ياسين، كفر قاسم ، صبرا وشتيلا والعدوان على قطاع غزة الذي نتج عنه ارتكاب العديد من الجرائم في حق الشعب الفلسطيني.
إضافة إلى تعمد استهداف المواقع والأهداف المدنية الآهلة بالسكان وشن الهجوم على المنشآت المدنية والمناطق الأثرية، واللجوء لسياسة الاستيطان من خلال التوسع في مصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وإقامة المستعمرات والاستيلاء على الأراضي التابعة للفلسطينيين.
إن الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني ولازالت ترتكبها لحد اليوم تكيف وبلا شك على أنها جرائم دولية خطيرة وانتهاكات جسيمة للمبادئ والقواعد المنظمة للنزاعات المسلحة، وتجد أساس تجريمها ضمن العديد من الوثائق الدولية، كاتفاقيات لاهاي للحرب البحرية لعام 1945، ميثاق محكمة النورمبورغ لعام 1945، اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكول الأول الملحق بها لعام 1977، النظام الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998[1].
إن ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي للجرائم الدولية الخطيرة التي تصنف باعتبارها انتهاكات لقواعد القانون الدولي الإنساني، تستوجب المساءلة والمعاقبة. فما هي أهم السبل الكفيلة بملاحقة ومتابعة مرتكبي الجرائم الدولية الواقعة في فلسطين؟
أهمية الدراسة:
تكتسي دراسة موضوع الجرائم الدولية المرتكبة في فلسطين وبحث مختلف السبل الكفيلة بالمساءلة عنها أهمية بالغة من الناحية القانونية، خاصة وأن إسرائيل منذ احتلالها لفلسطين مارست وارتكبت ضد شعبها أشد وأفضع الجرائم الدولية خطورة، هذه الجرائم التي تصنف باعتبارها انتهاكات جسيمة للقواعد والمبادئ المنظمة للنزاعات المسلحة، لذلك ينبغي العمل على إيجاد وبحث مختلف السبل والوسائل الكفيلة بالتصدي لها وتوقيع العقاب على مرتكبيها، سواء على المستوى الوطني أو الدولي.
الهدف من الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى الوقوف على خطورة وجسامة الجرائم المرتكبة في فلسطين ومعرفة أهم الوسائل والسبل القانونية التي يمكن اللجوء إليها لأجل ملاحقة ومتابعة مرتكبي هذه الجرائم ومنع إفلاتهم من العقاب، وكذا بحث أهم الأسباب التي تحول دون تجسيد هذه المساءلة.
المنهجية المتبعة:
لدراسة موضوع أهم السبل المتاحة للمساءلة عن الجرائم الدولية المرتكبة في فلسطين اعتمدنا في الغالب على المنهج التحليلي التقيمي باعتباره الأنسب لبحث هذه الطرق أو الوسائل القانونية ومعرفة مدى نجاعتها وفعاليتها في التصدي للمجرمين الدوليين الإسرائيليين ومنع إفلاتهم من العقاب، كما عمدنا في بعض الأحيان إلى استعمال المنهج التاريخي لعرض مختلف الوقائع والأحداث المتعلقة بالجرائم الدولية الواقعة في فلسطين.
وقد تناولنا هذه الدراسة ضمن مبحثين قسم كل منهما إلى مطلبين. تبعا لذلك جاءت خطة البحث كالآتي:
المبحث الأول: المساءلة عن الجرائم الدولية الواقعة في فلسطين عن طريق القضاء الجنائي الوطني
المطلب الأول: القضاء الفلسطيني
المطلب الثاني: القضاء الجنائي العالمي
المبحث الثاني: المساءلة عن الجرائم الدولية الواقعة في فلسطين عن طريق القضاء الدولي
المطلب الأول: المحكمة الجنائية الدولية الدائمة
المطلب الثاني: محكمة جنائية دولية خاصة
المبحث الأول: المساءلة عن الجرائم الواقعة في فلسطين عن طريق القضاء الوطني
يملك القضاء الوطني سلطة الاختصاص بنظر الجرائم الدولية الخطيرة ومعاقبة مرتكبيها بصفة أصلية وأولية، إذ ينعقد له الاختصاص بنظر هذه الجرائم وفقا لمبادئ الاختصاص التقليدية أو استنادا لمبدأ الاختصاص الجنائي العالمي.
المطلب الأول: القضاء الفلسطيني
يختص القضاء الوطني الفلسطيني بالمساءلة عن الجرائم الدولية استنادا لمبدأ الإقليمية باعتبار أن الجرائم المرتكبة قد وقعت فوق الإقليم الفلسطيني.
ويقصد بالاختصاص الإقليمي أن الدولة تمارس اختصاصها بصفة أولية على جميع الأشخاص الموجودين فوق إقليمها[2]، ومن ثم فإنها تختص بالنظر في جميع الجرائم الواقعة داخل هذا الإقليم، حيث تعتبر المحاكم الوطنية للدولة التي وقعت الجريمة داخل حدود إقليمها هي المخولة بصفة أصلية بمتابعة ومعاقبة مرتكب الجريمة، من خلال تطبيق قانونها الوطني على جميع الجرائم المرتكبة فوق إقليمها وعلى كل الأشخاص الذين يرتكبون هذه الجرائم بغض النظر عما إذا كانت الجريمة الواقعة تمس مصالحها أو مصلحة دولة أجنبية وسواء كان مرتكبها ينتمي إلى الدولة أو أجنبيا عنها[3].
وفقا لمبدأ الإقليمية وباعتبار أن الجرائم المرتكبة من طرف إسرائيل قد وقعت داخل فلسطين، سعت هذه الأخيرة إلى إيجاد مؤسسات وهيئات تختص بالنظر في الجرائم المرتكبة من طرف إسرائيل، فكان إنشاء دائرة ملاحقة الجرائم الدولية الإسرائيلية في النيابة العامة الفلسطينية، بحيث قامت الدائرة ولأول مرة منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بتنظيم ملف لعدوان إسرائيل على قطاع غزة عام 2008 حسب المعايير الدولية من حيث معاينة مسرح الجريمة، حصر أقوال الشهود، تضمين التقارير الطبية للشهداء والمصابين[4].
إضافة إلى ذلك أنشأ المجلس التشريعي الفلسطيني في قطاع غزة بتاريخ 25 أوت 2010 الهيئة الفلسطينية المستقلة لملاحقة جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، تعمل هذه الهيئة على رصد جرائم الاحتلال الفلسطيني وتوثيقها ثم رفع الدعاوى المدنية والجنائية بخصوصها وتقديم الشكاوى أمام الهيئات والمحاكم المختصة الوطنية والدولية والتعاون مع هيئات ومراكز حقوق الإنسان والمواطن الناشطة في فلسطين أو خارجها[5].
من خلال هذه التجارب القضائية يظهر عجز القضاء الفلسطيني عن ملاحقة ومتابعة مرتكبي الجرائم الدولية الواقعة في فلسطين لعدة أسباب من بينها غياب هيئة وطنية فلسطينية تعمل على رصد وتوثيق انتهاكات وجرائم القانون الدولي الإنساني المرتكبة في فلسطين، إذ يعتبر غياب هذه الهيئة من بين أكثر العقبات التي تعرقل من مساءلة المجرمين الإسرائيليين ومحاكمتهم[6].
كما أن هناك عوائق أخرى تحد من هذه المساءلة والمعاقبة، من بينها اتفاقيات أسلو المبرمة سنة 1993 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، والتي كان موضوعها استثناء امتداد الولاية القضائية الفلسطينية على مرتكبي الجرائم الدولية من الإسرائيليين، إذ أنه وبموجب هذه الاتفاقيات فإن المجرمين الإسرائيليين لا يمثلون أمام القضاء الوطني الفلسطيني ولا يمكن لهذا الأخير مساءلتهم ومحاكمتهم عن الجرائم الدولية المرتكبة من طرفهم كجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية[7].
هذه العوائق التي تحول دون إمكانية مقاضاة المجرمين الدوليين الإسرائيليين يمكن تلافيها من خلال جعل المساءلة عن الجرائم الدولية تنعقد للجهات القضائية التابعة لإسرائيل وفقا لمبدأ الاختصاص الشخصي، هذا المبدأ الذي يقضي بتطبيق القانون الوطني على الجرائم الواقعة من طرف المواطنين الحاملين لجنسية الدولة بغض النظر عن مكان وقوع هذه الجرائم،[8] حيث يمكن للقضاء الوطني الإسرائيلي أيضا الاختصاص بنظر الجرائم الدولية الخطيرة المرتكبة من طرف الإسرائيليين باعتبار أن مرتكبيها هم مواطنون إسرائيليين. وبذلك يتحمل هؤلاء المسؤولية الجنائية الفردية عن الانتهاكات المرتكبة من طرفهم وإسرائيل ملزمة بمحاكمتهم وتعويض الضحايا[9].
وقد أقيمت في حالات نادرة جدا بعض المحاكمات الوطنية أمام القضاء الإسرائيلي لغرض محاكمة المجرمين الإسرائيليين، إلا أنها كانت مجرد محاكمات شكلية وصورية لا تستجيب لأدنى معايير المحاكمات النزيهة والعادلة. الأمر الذي يؤكد أن محاكمة المجرمين الإسرائيليين عن الجرائم الدولية الخطيرة المرتكبة من طرفهم يجب أن تتم خارج القضاء الإسرائيلي[10].
كخلاصة لما سبق يمكن القول أن محاكمة ومساءلة مرتكبي الجرائم الدولية الواقعة في فلسطين يمكن أن تتم عن طريق القضاء الفلسطيني الذي يختص بنظر هذه الجرائم وفقا لمبدأ الإقليمية باعتبار أن الجرائم ارتكبت في فلسطين، كما يمكن أن تتم هذه المساءلة عن طريق القضاء الإسرائيلي استنادا لمبدأ الاختصاص الشخصي باعتبار أن مرتكبي الجرائم الدولية يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويمكن في حالات أخرى أن تنعقد ولاية الاختصاص بنظر الجرائم الدولية الواقعة في فلسطين للجهات القضائية الوطنية للدول الأجنبية وفقا لمبدأ الاختصاص الجنائي العالمي.
المطلب الثاني: القضاء الجنائي العالمي
في ظل عجز القضاء الوطني الفلسطيني عن محاكمة المجرمين الإسرائيليين عن الانتهاكات المرتكبة من طرفهم، وعدم رغبة القضاء الإسرائيلي في إجراء هذه المحاكمة يبقى خيار اللجوء للاختصاص الجنائي العالمي هو السبيل الأنجع والأنسب للتصدي لمرتكبي الجرائم الدولية الواقعة في فلسطين.
فالاختصاص الجنائي العالمي يمنح للدول التي تتبناه، صلاحية المساءلة والمعاقبة أمام قضائها الوطني عن الجرائم الدولية الأشد خطورة، كجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وذلك بصرف النظر عن موقع المتهمين داخل هذه الدولة أو حتى المكان الذي ارتكبوا فيه هذه الجرائم.[11]
ويمكن تعريف الاختصاص الجنائي العالمي على أنه خضوع الأجنبي الذي يرتكب جريمة في الخارج لقانون عقوبات الدولة التي يتم القبض عليه فيها أو يوجد فوق إقليمها، وهذا المبدأ يقوم على قاعدة مفادها أن لكل دولة ولاية القضاء في أية جريمة أينما تم وقوعها وبصرف النظر عن مدى مساسها بمصالح هذه الدولة أو عما إذا كان مرتكب الجريمة أو المجني عليه من جنسية هذه الدولة أو من غير جنسيتها، فمبدأ الاختصاص العالمي ينطبق على كافة الأجانب الذين يرتكبون جريمة في أية دولة كانت، طالما تم القبض عليهم في إقليم تلك الدولة.
ويرجع الهدف من إقرار مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي إلى ضمان عدم إفلات الأشخاص الذين يرتكبون الجرائم الدولية الخطيرة من العقاب، بل والحرص على مساءلتهم ومعاقبتهم أينما ذهبوا وحيثما وجدوا، خاصة وأن طبيعة هذه الجرائم وخطورتها تتطلب المعاقبة عليها وعدم التسامح مع مرتكبيها، كونها تهدد المجتمع البشري وتمس سلمه وأمنه .[12]
وفقا لهذه الغاية يجوز للدولة استنادا لمبدأ الاختصاص الجنائي العالمي أن تلقي القبض على مرتكب الجريمة لمقاضاته أو تسليمه إلى دولة أخرى لمحاكمته، حتى وإن لم تكن لهذه الدولة علاقة مباشرة بالجريمة، من خلال جنسية الجاني أو المجني عليه أو من خلال مكان وقوع الجريمة،[13] فمبدأ الاختصاص الجنائي العالمي يعطي الحق لكل دولة في محاكمة الأشخاص الموجودين فوق إقليمها، والذين يكونون قد ارتكبوا جرائم دولية خطيرة، خارج نطاق إقليمها وحدود اختصاصها التقليدي.
بالنظر لأهمية الاختصاص الجنائي العالمي فقد أخذت بت العديد من الدول وبالأخص الأوروبية، كبلجيكا واسبانيا وبريطانيا، وقد طالبت بموجب ذلك بملاحقة بعض المسئولين عن جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، كما هو الحال بالنسبة لـلرئيس الشيلي السابق أوغوستو بينوشيه الذي أصدر في حقه القضاء الاسباني أمرا بالاعتقال أثناء تواجده في بريطانيا وذلك بعد الشكاوى المقدمة ضده أمام القضاء الاسباني[14].
أما بالنسبة للدول العربية، يوجد لحد الآن دولتين فقط أخذت بمبدأ الاختصاص العالمي، وكرسته ضمن تشريعاتها الجزائية الوطنية وهما الجمهورية اليمنية والمملكة الأردنية الهاشمية، حيث أدرجت فيها جرائم الحرب كما وردت في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وكما تم النص عليها في البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977.[15]
بمجرد أن تتبنى الدولة مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي تتقرر لها ولاية النظر في الجرائم الدولية الأشد خطورة بغض النظر عن مكان وقوعها أو جنسية مرتكبيها ويرجع ذلك لطبيعة وخاصية هذه الجرائم التي تتميز بخطورة شديدة تجعلها تشكل مساسا بالسلم والأمن الدوليين. وتنطبق هذه الخاصية على الجرائم المرتكبة من طرف إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، كونها تشكل انتهاكات جسيمة وخرقا صارخا لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وبالرجوع لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني، وبالأخص المواد المشتركة منها (المادة 49، 50، 129، 146)[16] والمادة 86 من بروتوكول جنيف الأول[17] لعام 1977 الملحق بهذه الاتفاقيات، نجد أنها تعطي الحق لأي دولة طرف لكي تقوم بملاحقة ومتابعة مرتكبي انتهاكات القانون الدولي الإنساني وتقديمهم أمام قضائها الوطني لأجل مساءلتهم ومعاقبتهم، أو تسليمهم إلى دولة أخرى طرف في الاتفاقيات تتولى ذلك،[18] وينطبق هذا الأمر على الجرائم والانتهاكات الواقعة من طرف إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني والتي تستدعي المساءلة والمعاقبة عنها.
وقد رفعت العديد من الدعاوى لتجسيد هذه المساءلة تأسيسا على مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي، بحيث تم بتاريخ 18 جوان 2001 رفع دعوى أمام القضاء البلجيكي ضد رئيس وزراء إسرائيل أرييل شارون، بسبب مسؤوليته عن المجازر المرتكبة في صبرا وشتيلا عام 1982 التي راح ضحيتها ما يزيد عن 900 شخص، استنادا لما تقضي به المادة السابعة من القانون الصادر بتاريخ 16 جوان 1993 والمعدل سنة 1999 المتعلق بالمعاقبة عن ارتكاب الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الأربع، والذي يمنح للقضاء الجنائي البلجيكي حق ملاحقة ومتابعة مرتكبي الانتهاكات المنصوص عليها ضمن محتواه، بغض النظر عن مكان وقوعها أو جنسية مرتكبيها أو ضحاياها. وقد أصدر القضاء البلجيكي بخصوص هذه الدعوى قرارا يقضي بعدم متابعة المتهم أرييل شارون بحجة أن القانون الدولي لا يسمح للدول بالمتابعة الجزائية للأشخاص الذين يتمتعون بالصفة الرسمية أثناء ممارستهم لوظيفتهم. وأن القضاء البلجيكي بفتحه تحقيقا قضائيا بشأن أرييل شارون يتجاوز القاعدة المكرسة ضمن قواعد القانون الدولي العرفي والتي تقضي بتمتع كبار المسئولين في الدولة بالحصانة القضائية[19].
كما أودع المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان شكوى أمام القضاء الإسباني بتاريخ 22 جويلية 2002 بشأن الجرائم المرتكبة في إطار العدوان الإسرائيلي على غزة، بحيث وجهت الاتهامات إلى وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بن يامين بن إليزير ومجموعة من الضباط في الجيش. وبحجة المتابعة القضائية للقضية من طرف المحاكم الإسرائيلية تم في 2 أفريل 2009 حفظ الملف من طرف القضاء الإسباني، وبسبب تماطل القضاء الإسرائيلي في نظر القضية وعدم وجود أي أدلة تثبت قيام القضاء الإسرائيلي بالتحقيق في القضية. قام القضاء الإسباني بمتابعة التحقيق في القضية من جديد بتاريخ 4 ماي 2009، إلا أنه تم إصدار قرار بحفظ الملف بصفة نهائية في جويلية 2009 من طرف الهيئة العليا القضائية الإسبانية[20].
مارست إسرائيل عدة ضغوطات على إسبانيا بسبب هذه القضية، حيث احتجت وزيرة خارجية إسرائيل تسيبي ليفني وبصفة رسمية أمام وزير خارجية إسبانيا بشأن تصرفات القضاء الإسباني واعتبرتها موقف سياسي أكثر منه قضائي، ردا على ذلك صرح وزير خارجية إسبانيا ميقال أنجيل موراتينوس أن “موقف إسرائيل هو موقف إسرائيل أما موقف الحكومة الإسبانية فيمثل احترام القضاء”[21]
غير أنه وفي تصريح لاحق أكدت وزيرة الخارجية لإسرائيل أنها تلقت وعدا من طرف نظيرها الإسباني بشأن تعديل القانون الإسباني المتضمن اعتماد الاختصاص الجنائي العالمي، وقد تحقق هذا الأمر من خلال التعديل الذي أجرته إسبانيا على تشريعها الوطني والذي ضيق من نطاق اختصاص القضاء الإسباني فأصبح يشمل بالمساءلة فقط الجرائم التي يكون ضحاياها من جنسية إسبانية مع اشتراط تواجد المتهم فوق الإقليم الإسباني[22].
استنادا لهذه المعطيات يصبح من الصعب الاعتماد على مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي لمساءلة ومعاقبة مرتكبي الجرائم الدولية الخطيرة بسبب الصفة الرسمية والمركز الذي يتمتع به مرتكبوها، والذي يمنحهم حصانة جنائية قضائية مطلقة تعفيهم من المسؤولية، وهو ما ينطبق على انتهاكات القانون الدولي الإنساني المرتكبة في فلسطين التي لا يمكن مساءلة مرتكبيها أمام القضاء الوطني الأجنبي[23].
وعليه يمكن القول أن تفعيل مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي في مواجهة الجرائم المرتكبة من طرف إسرائيل طغت عليه الاعتبارات السياسية التي ضيقت من نطاق تطبيقه وأفرغته من محتواه[24].
تبعا لذلك قد يكون اللجوء للقضاء الجنائي الدولي هو السبيل الكفيل للتصدي لمرتكبي الجرائم الدولية الواقعة في فلسطين، من خلال ملاحقتهم ومساءلتهم عن هذه الجرائم وبالتالي وضع حد لإفلاتهم من العقاب.
المبحث الثاني: المساءلة عن الجرائم الواقعة في فلسطين عن طريق القضاء الجنائي الدولي
يؤدي القضاء الجنائي الدولي دورا كبيرا في التصدي لمرتكبي الجرائم الدولية الخطيرة ومنع إفلاتهم من العقاب، سواء تعلق الأمر بالقضاء الجنائي الدولي الدائم أو المؤقت.
المطلب الأول: المحكمة الجنائية الدولية الدائمة
تختص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة بنظر الجرائم الدولية الأشد خطورة التي تهدد السلم والأمن الدوليين، والمتمثلة أساسا في جريمة الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب وجريمة العدوان.
هذه الجرائم الواقعة ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية قد تم ارتكابها على نطاق واسع من طرف الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني وقد كيفت باعتبارها انتهاكات للقانون الدولي الإنساني لأنها جرائم واقعة أثناء النزاع المسلح[25].
وقد أكدت المحكمة الجنائية الدولية هذا الأمر ضمن نظامها الأساسي، إذ نصت على أنه يعتبر من جرائم الحرب كل فعل تقوم به دولة الاحتلال ينطوي على نقل أجزاء من سكان هذه الدولة المحتلة إلى الأرض التي تحتلها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أو أن تقوم بإبعاد أو نقل سكان الأرض المحتلة أو جزء منهم داخل الأرض المحتلة أو خارجها[26].
فكل هذه الأفعال التي تشكل جريمة الاستيطان قامت إسرائيل بارتكابها في فلسطين، ويتجلى ذلك من خلال بنائها لجدار عازل تهدف من ورائه إلى عزل أجزاء من الأراضي الفلسطينية التي تحتلها عن الأراضي الأخرى، إضافة إلى سياسة التوسع في مصادرة الأراضي ثم بناء المستوطنات عليها، والتي تنتهجها إسرائيل مند احتلالها لفلسطين، فهذه الأفعال كلها تشكل خرقا وانتهاكا لمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني، وتعتبر بذلك جرائم حرب تدخل ضمن الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية[27].
إضافة إلى ذلك فإن إسرائيل ترتكب العديد من الأفعال الأخرى التي ترتبط بجريمة الاستيطان وتؤدي إليها، والتي من بينها التهجير الإلزامي والإبعاد القسري للسكان الفلسطينيين، إلى جانب هدم المنازل ومختلف أعمال القتل الفردي والجماعي وغيرها من الجرائم الأخرى التي تشكل انتهاكا للقواعد المنظمة للنزاعات المسلحة والتي جرمها نظام روما الأساسي وعاقب على ارتكابها، إذ أن هذا الأخير جاء بقائمة مطولة لمختلف جرائم الحرب الممكن وقوعها خلال النزاعات المسلحة، وكل هذه الأفعال المجرمة مارستها إسرائيل ضمن السياسة التي اعتمدتها لاحتلال فلسطين، إذ أن التاريخ سجل وقوع وارتكاب كل هذه الأفعال في حق الشعب الفلسطيني، خاصة ضمن المجازر التي ارتكبتها إسرائيل والتي أبادت من خلالها الكثير من السكان الفلسطينيين[28].
بدراسة الشروط الواجب توافرها لانعقاد الاختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية، نجد أن هذه الأخيرة يمتد اختصاصها للمحاكمة عن تلك الجرائم المرتكبة في فلسطين والواقعة بعد دخول النظام الأساسي حيز النفاذ فقط، أي بعد 1 جويلية 2002، أما الجرائم الواقعة قبل ذلك فإنها لا تدخل ضمن اختصاص المحكمة، إلا ما تعلق منها بالجرائم المتسمة بالاستمرارية، كجريمة الاستيطان وجريمة ترحيل السكان أو إبعادهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يمكن الملاحظة أن إسرائيل دولة محتلة قامت بالاعتداء على فلسطين، وارتكبت العديد من الأفعال الإجرامية التي تشكل جرائم حرب بموجب نظام المحكمة الجنائية الدولية، لكنها ليست طرفا في نظام روما الأساسي، وفي المقابل نجد سلطة معترف بها هي السلطة الفلسطينية على قطاع غزة والضفة الغربية، وأن هذه السلطة التي ارتكبت ضدها جرائم حرب قد قبلت اختصاص المحكمة الجنائية الدولية للنظر في هذه الجرائم[29].
وفقا لهذه المعطيات يمكن تجاوز العائق الذي يحول دون مساءلة إسرائيل كونها ليست مصادقة على نظام روما الأساسي من خلال السلطات التي يتمتع بها مجلس الأمن استنادا لنظام روما الأساسي، إذ يستطيع المجلس أن يقوم بإحالة المسئولين عن الجرائم المرتكبة في فلسطين إلى النائب العام لدى المحكمة الجنائية الدولية، وذلك في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يسمح له بتكييف الوضع القائم في فلسطين على أنه تهديد للسلم والأمن الدوليين، خاصة وأن مجلس الأمن سبق له وأن لجأ لهذا الحل عندما أحال الجرائم المرتكبة في إقليم دارفور بالسودان إلى النائب العام لدى المحكمة الجنائية الدولية، رغم أن السودان ليست طرفا في نظام روما الأساسي، وكان ذلك بموجب القرار الذي أصدره بتاريخ 31 مارس 2005 تحت رقم 1593[30].
فبالرغم من كل النتائج المتوصل إليها من طرف المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، بناءا على التحقيقات التي قامت بها فيما يتعلق بالأفعال الإجرامية المرتكبة في فلسطين وبالأخص العدوان على قطاع غزة والذي ارتكبت فيه أبشع وأخطر الجرائم الدولية، إلا أن إمكانية تحرك مجلس الأمن واتخاذه للإجراءات والتدابير اللازمة لملاحقة ومتابعة مجرمي الحرب الاسرائيلين تبقى محدودة وصعبة التحقق، خاصة في ظل تشكيلة مجلس الأمن وعمله الذي يتسم بالطابع الانتقائي والسياسي المحض، إضافة إلى الضغوط الممارسة عليه من طرف الدول ذات الوزن الثقيل[31].
كخلاصة لذلك يمكن القول أن مبادئ وقواعد المسؤولية الجنائية الدولية لمرتكبي الجرائم الدولية، وبالرغم من إقرارها وتفعيلها ضمن نظام المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنها تبقى فارغة المضمون إذا لم تقترن بالضمانات القانونية الكفيلة بإنفاذها وتطبيقها على كل مرتكبي الجرائم الدولية الخطيرة والتي تدخل ضمن الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية .[32]
تجدر الإشارة إلى أن عدم تحرك مجلس الأمن لا يعتبر السبب الوحيد الذي يحول دون مساءلة المجرمين الإسرائيليين عن الجرائم المرتكبة من طرفهم، بل إن هناك أسباب أخرى موضوعية تتمثل أساسا في اعتماد فلسطين استراتيجية التفاوض وسياسة الشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي، وتفكيرها الدائم في إدارة العلاقة معه، الأمر الذي يجعلها تحت ضغط دائم وترقب مستمر لأي عقوبات قد تفرض عليها بسبب إخلالها بمبادئ التفاوض[33].
ومن الأمثلة على ذلك القرار الذي أصدره قاضي فلسطيني في محكمة صلح بجنين، والمتضمن رفض تطبيق اتفاقية أوسلو ووجوب محاكمة حملة الجنسية الإسرائيلية الذين يرتكبون جرائم على الأراضي الفلسطينية،[34] وقد بدت بوضوح عدم موافقة السلطة الفلسطينية على هذا القرار من خلال قيامها بنقل القاضي الذي أصدره من مكان عمله إلى مكان آخر، وهو الأمر الذي يثبت عدم رغبتها في تفعيل آليات المساءلة والمتابعة عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي واستمرارها في التفاوض معه[35].
من الأسباب التي تحول أيضا دون متابعة المجرمين الإسرائيليين، الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي أثر بشكل سلبي على النظام القانوني والقضائي، وما نتج عنه من حل للأجهزة القضائية الفلسطينية وازدواجية في إصدار القوانين والقرارات، إضافة إلى هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، كل ذلك أضعف من قدرة القضاء الفلسطيني على القيام بدوره في مجال ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين ومنع إفلاتهم من العقاب[36].
إلى جانب ذلك فإن نقص الخبرات والكفاءات الفلسطينية في المجال القانوني والقضائي من جهة وعدم تخصيص ميزانية مالية كافية لأجل تطبيق وبسط الاختصاص القضائي الوطني على الجرائم المرتكبة من طرف الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى ساهم ومن دون شك في الحيلولة دون تجسيد المساءلة عن هذه الجرائم، خاصة وذلك يتطلب وجود كفاءات بشرية متخصصة في مجال القانون الجنائي الدولي والقانون الدولي الإنساني والعلم بكافة الاتفاقيات والقوانين ذات الصلة بالجرائم المرتكبة، إضافة إلى إتقان وإجادة العديد من اللغات خاصة الإنجليزية.
كما أن عدم سعي السلطات الفلسطينية إلى موائمة تشريعها الوطني مع ما صادقت عليه من اتفاقيات دولية، بالأخص تلك المتعلقة بالجرائم الدولية حال دون تهيئة قضاءها الوطني لممارسة ولايته القضائية على الجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني،[37]وبالتالي ساهم في إفلات مرتكبيها من العقاب.
إذا كنا لا نستطيع الجزم بأن ملاحقة المجرمين المنتهكين لقواعد القانون الدولي الإنساني ومعاقبتهم من خلال القضاء الوطني بالدرجة الأولى ثم المحكمة الجنائية الدولية بالدرجة الثانية سوف يضع حدا نهائيا للانتهاكات الخطيرة والجسيمة الواقعة خلال النزاعات المسلحة الدولية منها وغير الدولية، كان من الواجب والحال كذلك البحث عن آليات أو وسائل قانونية أخرى يمكن بواسطتها متابعة هؤلاء المجرمين الدوليين ومعاقبتهم عن الجرائم الدولية الخطيرة التي يرتكبونها، وهو الأمر الذي قد يتحقق من خلال استحداث محكمة جنائية دولية خاصة.
المطلب الثاني: محكمة جنائية دولية خاصة
وفقا لمقتضيات المادة 227 من اتفاقية فرساي لعام 1919 التي أقرت المسؤولية الجنائية الفردية لقيصر ألمانيا آنذاك غيلوم الثاني، عمدت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، وعقب انتهاء هذه الحرب، إلى إنشاء محكمة جنائية دولية خاصة لمحاكمة غيلوم الثاني عن الجرائم الدولية الخطيرة التي ارتكبها خلال الحرب العالمية الأولى، والتي شكلت خرقا ومساسا بالأخلاق الدولية وانتهاكا لقدسية المعاهدات، وقد كان هذا القرار المتمثل في إنشاء محكمة دولية خاصة، هو الحل الوحيد للوقوف في وجه الحصانة التي كان يتمتع بها الملوك والرؤساء آنذاك والتي كانت تحول دون متابعتهم ومعاقبتهم عن الجرائم الدولية الخطيرة التي يرتكبونها، سواء أمام القضاء الوطني للدول التي يتبعونها أو أمام المحاكم الأجنبية.
مند ذلك الحين أصبح اللجوء إلى إنشاء المحاكم الجنائية الدولية الخاصة والمؤقتة هو الطريقة المفضلة في المعاملات الدولية، للتصدي للجرائم الدولية الخطيرة التي تهدد كيان المجتمع البشري، ومنع إفلات مرتكبيها من المساءلة والعقاب .[38]
وتؤسس هذه المحاكم عادة بمبادرة من هيئة الأمم المتحدة، من خلال مجلس الأمن الدولي الذي يعتبر السلطة التنفيذية في هذه الهيئة، وهو المؤهل للقيام بمهام الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ووقف كل ما يمكن أن يشكل تهديدا لهما، من جرائم وانتهاكات تمس حقوق الإنسان خلال النزاعات المسلحة.[39]
بالرجوع إلى الممارسات الدولية لمجلس الأمن نجد أنه وأثناء نشوب النزاعات المسلحة ووقوع الجرائم الدولية خلالها، يقوم بإنشاء هذه المحاكم الخاصة والمؤقتة عن طريق تشكيل لجان دولية تكلف بمهمة التحقيق في هذه الجرائم، إذ تتولى هذه اللجان مهمة جمع الأدلة والمعلومات المتعلقة بالجرائم الدولية المرتكبة والبحث عن المسئولين عن وقوعها، ثم يقوم مجلس الأمن بعد ذلك واستنادا لهذه المعلومات المقدمة إليه من طرف اللجنة، بإصدار قرارات لإنشاء المحاكم الجنائية الخاصة للنظر في الجرائم الدولية الواقعة ومعاقبة مرتكبيها.
وقد قام مجلس الأمن بإنشاء محكمتين جنائيتين دوليتين، الأولى محكمة يوغسلافيا المنشأة بمناسبة النزاع المسلح الذي كان قائما في يوغسلافيا السابقة، وذلك بموجب قرار أصدره عام 1993 تحت رقم 808، تختص هذه المحكمة بمحاكمة الأشخاص المسئولين عن ارتكاب الانتهاكات الجسيمة الواقعة خلال النزاع المسلح القائم في يوغسلافيا والتي تشكل خرقا لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني، أما الهيئة القضائية الدولية المؤقتة الثانية فهي محكمة رواندا، والتي أنشأها مجلس الأمن استنادا لقراره رقم 955 الصادر سنة 1994، والتي تختص بمحاكمة الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب الواقعة انتهاكا لأحكام القانون الدولي الإنساني في رواندا.[40]
إن إنشاء هذه المحاكم يكون في الحالات العادية من اختصاص مجلس الأمن، وهي مهمة قانونية وأخلاقية يتحملها مجلس الأمن باعتباره ممثلا للمجتمع الدولي في مجال إرساء السلم والأمن الدوليين والحفاظ عليهم، ومسئولا عن حمايته من كل الجرائم التي تهدد كيانه البشري.
أما من الناحية العملية، فإن إنشاء هذه المحاكم الجنائية الخاصة من طرف مجلس الأمن هو أمر نادر الوقوع إن لم نقل مستحيل، وذلك بسبب حق الفيتو الذي تستعمله الدول الدائمة العضوية للتأثير على مجلس الأمن الدولي[41]، خاصة إذا ما تعلق الأمر بتلك الجرائم الدولية الخطيرة المرتكبة خلال النزاعات المسلحة، من طرف الدول العظمى كالجرائم المرتكبة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في العراق، والجرائم المرتكبة من طرف إسرائيل في فلسطين.
بذلك يمكن القول أن خيار إنشاء المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة للتصدي لانتهاكات القانون الدولي الإنساني الواقعة في فلسطين، يبقى أيضا خيارا مستبعدا مادام أن تحققه مرتبط بمجلس الأمن وضرورة إصداره لقرار يقتضي بإنشاء هذه المحاكم، خاصة بوجود التشكيلة الحالية للمجلس والتي تترأسها الولايات المتحدة الأمريكية بسيطرتها على هذا المجلس حتى أنه أصبح يعتبر جهازا من الأجهزة التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية.
إلا أن ذلك لا يمنع من وجود سبيل أخر غير مجلس الأمن، يمكن الاعتماد عليه لإنشاء هذه المحاكم الجنائية المؤقتة، والذي يتمثل في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي يمكن التعويل عليها لإنشاء هذه الهيئة القضائية خاصة وأن الجمعية العامة غير معنية بحق الفيتو، فأعضاء الجمعية العامة يتمتعون جميعهم بنفس الحق في التصويت، إذ أن لكل دولة عضو صوت واحد بغض النظر عن وزنها السياسي أو مكانتها الدولية[42].
ومبادرة الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء محكمة جنائية دولية خاصة، لغرض محاكمة ومعاقبة الجرائم الدولية الخطيرة الواقعة خرقا لقواعد القانون الدولي الإنساني هو أمر يمكن وقوعه، خاصة وأنه سبق وأن أنشأت مثل هذه المحكمة من طرف الجمعية العامة سابقا، وهي محكمة السير ليون المنشأة سنة 2002.[43]
إذ أنه وبالرجوع إلى مضمون المادة 22 من ميثاق الأمم المتحدة والتي تقضي بأن “للجمعية العامة أن تنشئ من الفروع الثانوية ما تراه ضروريا للقيام بوظائفها” ومع فرضية أن مجلس الأمن هو المؤهل قانونا لإنشاء المحاكم الجنائية الخاصة، وذلك ضمن إطار المحافظة على السلم والأمن الدوليين، واعتمادا على ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة، فإن اختصاص مجلس الأمن بإنشاء المحاكم الجنائية الدولية الخاصة، لا يمنع من أن تختص أجهزة أخرى للأمم المتحدة بذلك، فاختصاص مجلس الأمن ليس اختصاصا مانعا.[44]
وحق الجمعية العامة في إنشاء المحاكم الجنائية الدولية الخاصة، هو حق يخول لها في حال تعذر على مجلس الأمن إنشاء مثل هذا النوع من الهيئات القضائية بسبب عدم اتفاقه، وهذا الحق المخول للجمعية العامة يجد أساسه ومصدره في “قرار الاتحاد من أجل السلام” الذي أصدرته الجمعية العامة بخصوص كوريا عام 1950، إذ أنه وقياسا على هذا القرار تملك الجمعية اختصاصا احتياطيا يسند لها في حال عدم اتفاق مجلس الأمن وعجزه عن اتخاذ التدابير اللازمة.[45]
وفقا لما سبق ذكره فإنه يمكن اللجوء للجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل إنشاء محكمة جنائية دولية خاصة لغرض النظر في الانتهاكات والجرائم الواقعة في فلسطين، ويبقى ذلك خيارا قائما يتطلب تكاثف الجهود الدولية وبالأخص العربية لأجل استحداث مثل هذه الهيئة.
رغم تعدد الهيئات القضائية الدولية التي شهدها المجتمع الدولي، والتي كان الهدف منها ملاحقة ومتابعة مجرمي الحرب الدوليين، كمحاكمات النورمبورغ وطوكيو، أو تلك المحاكم المنشأة بمناسبة النزاع القائم في يوغسلافيا السابقة ورواندا وكذا السير ليون، إلا أنه يظهر من خلال الممارسة الدولية أن هناك إقصاء واستبعاد لمبدأ المساءلة والعقاب الذي يسري على جميع المجرمين، وذلك عندما يتعلق الأمر بجرائم الحرب المرتكبة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، إذ تعتبر هاتان الدولتان من أكثر الدول التي يتمتع مجرموها بحصانة مطلقة تحميهم من المساءلة والعقاب عن الجرائم المرتكبة من جانبهم، سواء أمام القضاء الجنائي الدولي الدائم وحتى المؤقت وسواء الداخلي منه أو الدولي.
خاتمة:
بالرغم من كل السبل والمساعي الدولية والوطنية المبذولة في سبيل ملاحقة ومتابعة الأشخاص المسئولين عن ارتكاب الجرائم الدولية الخطيرة في فلسطين ومنع إفلاتهم من العقاب إلا أنها باءت كلها بالفشل ، الأمر الذي شجع إسرائيل على التمادي في ارتكابها للجرائم وانتهاكها لقواعد القانون الدولي، بل وسعيها لضمان عدم مساءلة المسئولين عنها من خلال اتخاذ العديد من التدابير والإجراءات كمنعهم من مغادرة إسرائيل، وإلزام كبار المسئولين والقادة العسكريين باستشارة المحكمة العسكرية عند تنقلهم إلى الخارج لتفادي القبض عليهم إلى جانب إنشاء لجنة تتولى مهمة حماية المسئولين الإسرائيليين في حال تحريك دعاوى جزائية ضدهم في الخارج وامتناعها عن الكشف عن هوية الأشخاص المسئولين عن تنفيذ الجرائم[46].
مع ذلك يبقى الأمل معلقا بشأن معاقبة هؤلاء المجرمين مهما طال الزمن، خاصة مع وجود قاعدة عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المكرسة ضمن اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لعام 1968 وأيضا ضمن اتفاقية روما لعام 1998 المنشأة للمحكمة الجنائية الدولية.
النتائج:
من خلال دراسة موضوع السبل المتاحة لمساءلة مرتكبي الجرائم الدولية في إسرائيل نخلص للنتائج التالية:
- أن إسرائيل ومنذ احتلالها لفلسطين ارتكبت العديد من الجرائم والمجازر في حق الشعب الفلسطيني
- أن الجرائم المرتكبة من طرف إسرائيل تصنف باعتبارها جرائم دولية خطيرة وانتهاكات لقواعد القانون الدولي الإنساني
- أنه وبالرغم من كل السبل والطرق المتاحة على الصعيد الوطني لمساءلة ومعاقبة مرتكبي الجرائم الدولية في فلسطين، إلا أن هؤلاء المجرمين يفلتون في كل مرة من العقاب
- أن إسرائيل تحظى بدعم ومساندة الدول العظمى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك فإنها تتمادى في ارتكاب الجرائم الدولية وتبقى خارج دائرة المساءلة
التوصيات:
وفقا للنتائج المتوصل إليها نقترح التوصيات التالية:
- العمل على إيجاد هيئات ومؤسسات دولية ووطنية تعمل على رصد وتوثيق الانتهاكات والجرائم الدولية الخطيرة المرتكبة في فلسطين
- سعي المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده والدعوة إلى توقيع العقاب على مرتكبي الجرائم الدولية في فلسطين
- تفعيل مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي وبالأخص من طرف الدول العربية لأجل مساءلة ومعاقبة مرتكبي الجرائم الدولية في فلسطين
قائمة المراجع:
أولا: باللغة العربية
- الكتب
- بوزينة آمنة أمحمدي، آليات تنفيذ القانون الدولي الإنساني الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة، 2014.
2-يشوي لندة معمر، المحكمة الجنائية الدولية الدائمة واختصاصها، الأردن، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2008.
3-المخزومي عمر محمود، القانون الدولي الإنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية، الأردن، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2008.
- المقالات
- بشارة أحمد موسى” الانتقائية في العدالة الجنائية الدولية” مجلة دراسات وأبحاث، الجزائر، السنة الخامسة، العدد الحادي عشر، 2013
- بوبكر عبد القادر “المسؤولية الجنائية الدولية عن الجريمة الدولية، مسؤولية الدولة والفرد”، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية، الاقتصادية والسياسية، جامعة الجزائر، كلية الحقوق، العدد الثاني، جوان 2012.
- بيتجش ايلينا “المساءلة عن الجرائم الدولية من التخمين إلى الواقع”، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد 845، 2002.
- عصماني ليلى “العدوان الإسرائيلي على غزة، المسؤولية الجنائية لمجرمي الحرب الإسرائيلية” مجلة الحقوق، فصلية علمية تصدر عن مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، العدد الأول، مارس 2012.
- تاجر محمد “العدالة الجنائية الدولية ودورها في مواجهة الجرائم الاسرائلية المرتكبة في غزة” المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية، جامعة الجزائر، كلية الحقوق، العدد الأول 2011.
6- المرصد الإعلامي للقطاع الأمني “محكمة صلح جنين تعلن إلغاء اتفاقية أوسلو وترفض تطبيقها” مقال محرر بتاريخ 11 جانفي 2015، على الرابط https://www.marsad.ps/ar/2015/01/11/ تاريخ الاضطلاع 01 جوان 2020
7-هنادي صلاح “الولاية القضائية الدولية وتجسيدها فلسطينيا” المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية مسارات، مقال منشور بتاريخ 28 سبتمبر 2019، على الرابط https://www.masarat.ps/article/5236 تاريخ الاضطلاع 30 ماي 2020
8-ولهي مختار “المحكمة الجنائية الدولية وجرائم الحرب الإسرائيلية، الجدوى والخيارات” المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية، جامعة الجزائر، كلية الحقوق، العدد الثالث، 2009.
9-ونوقي جمال “المساءلة القانونية عن جرائم فرنسا في إطار القانون الدولي” المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية، جامعة الجزائر، العدد الثاني، 2012.
جـ – الرسائل والمذكرات الجامعية
- أحسن كمال، آليات تنفيذ القانون الدولي الإنساني في ضوء التغييرات الدولية للقانون الدولي المعاصر”، تيزي وزو، جامعة مولود معمري، مدرسة الدكتوراه القانون الأساسي والعلوم السياسية، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، 2011.
- بصل محمود صابر، المسؤولية الجنائية الدولية للاحتلال الإسرائيلي عن جرائمه في قطاع غزة خلال عدوان عام 2014، رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير، فلسطين، 2016.
- لعمامرة لندة، “دور مجلس الأمن في تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني” تيزي وزو، جامعة مولود معمري، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، .2012
د- الاتفاقيات الدولية
1-اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949
- بروتوكول جنيف الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف الأربع
- اتفاقية روما لعام 1998 المتضمنة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية
ثانيا: باللغة الأجنبية
- Charles Rousseau, Droit international public, Paris, 8éme édition, Dalloz, 1976.
[2] . Charles Rousseau, Droit international public, Paris, 8éme édition, Dalloz, 1976, p 95
[3] .آمنة أمحمدي بوزينة، آليات تنفيذ القانون الدولي الإنساني الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة، 2014، ص 244 [4] . نفس المرجع، ص 86 [5] .نفس المرجع، ص 86 [6] . محمود صابر بصل، المسؤولية الجنائية الدولية للاحتلال الإسرائيلي عن جرائمه في قطاع غزة خلال عدوان عام 2014، رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير، فلسطين، 2016، ص 85 [7] . نفس المرجع، ص 85 [8] . آمنة أمحمدي بوزينة، المرجع السابق، ص 245 [9] . ليلى عصماني، “العدوان الإسرائيلي على غزة، المسؤولية الجنائية لمجرمي الحرب الإسرائيلية، مجلة الحقوق، فصلية علمية تصدر عن مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، العدد الأول، مارس 2012، ص 628 [10] .نفس المرجع، ص 629 [11] .لندة معمر يشوي، المحكمة الجنائية الدولية الدائمة واختصاصها، الأردن، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2008، ص 333. [12] . ايلينا بيتجش، “المساءلة عن الجرائم الدولية من التخمين إلى الواقع”، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد 845، 2002، ص 195. [13] . عمر محمود المخزومي، المرجع السابق، ص 90. [14] . نفس المرجع، ص 90 [15] .نفس المرجع، ص 91. [16] . تنص المواد المشتركة من اتفاقيات جنيف على أنه “يلتزم كل طرف متعاقد بملاحقة المتهمين باقتراف المخالفات الجسيمة أو بالأمر باقترافها أيا كانت جنسيتهم وبتقديمهم إلى محاكمه أيا كانت جنسيتهم” [17] . تنص المادة 86 من بروتوكول جنيف الأول على أنه ” تعمل الأطراف السامية المتعاقدة وأطراف النزاع على قمع الانتهاكات الجسيمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع كافة الانتهاكات الأخرى…” [18] . ليلى عصماني، المرجع السابق، ص 619 [19] . مختار ولهي، “المحكمة الجنائية الدولية وجرائم الحرب الإسرائيلية، الجدوى والخيارات”، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية، جامعة الجزائر، كلية الحقوق، العدد الثالث، 2009، ص 225 [20] . محمد تاجر “العدالة الجنائية الدولية ودورها في مواجهة الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في غزة” المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية، جامعة الجزائر، كلية الحقوق، العدد الأول 2011، ص 169 [21] .نفس المرجع، ص 169، 170 [22] . نفس المرجع، ص 170 [23] .نفس المرجع، ص 167 [24]. جمال ونوقي “المساءلة القانونية عن جرائم فرنسا في إطار القانون الدولي” المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية، جامعة الجزائر، العدد الثاني، 2012، ص 436 [25] . أحمد بشارة موسى “الانتقائية في العدالة الجنائية الدولية”، مجلة دراسات وأبحاث، الجزائر، السنة الخامسة، العدد الحادي عشر، 2013، ص 4. [26]. ينظر المادة الثامنة من اتفاقية روما لعام 1998 المتضمنة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية [27]. قدمت فلسطين طلبا بالانضمام للحكمة الجنائية الدولية بتاريخ 01 جانفي 2015 وأصبحت عضوا رسميا في المحكمة منذ تاريخ 01 أفريل 2015 [28] . عمر محمود المخزومي، المرجع السابق، ص 404 [29] .مختار ولهي، المرجع السابق، ص 220. [30] . محمد تاجر، المرجع السابق، ص 172. [31] . نفس المرجع، المرجع السابق، ص 173. [32] .عبد القادر بوبكر، “المسؤولية الجنائية الدولية عن الجريمة الدولية، مسؤولية الدولة والفرد”، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية، جامعة الجزائر، كلية الحقوق، العدد الثاني، جوان 2012، ص 659. [33] . هنادي صلاح “الولاية القضائية الدولية وتجسيدها فلسطينيا” المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية مسارات، مقال منشور بتاريخ 28 سبتمبر 2019، ص 5، على الرابط https://www.masarat.ps/article/5236 تاريخ الاضطلاع 30 ماي 2020 [34] . المرصد الإعلامي للقطاع الأمني “محكمة صلح جنين تعلن إلغاء اتفاقية أوسلو وترفض تطبيقها” مقال منشور بتاريخ 11 جانفي 2015، ص 1، على الرابط https://www.marsad.ps/ar/2015/01/11/ تاريخ الاضطلاع 01 جوان 2020 [35] . هنادي صلاح، المرجع السابق، ص 5 [36] . نفس المرجع، ص 6 [37] – نفس المرجع، ص 6 [38] . محمد تاجر، المرجع السابق، ص 171. [39] . أحسن كمال، آليات تنفيذ القانون الدولي الإنساني في ضوء التغييرات الدولية للقانون الدولي المعاصر”، تيزي وزو، جامعة مولود معمري، مدرسة الدكتوراه القانون الأساسي والعلوم السياسية، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، 2011، ص 92. [40] . لندة لعمامرة، “دور مجلس الأمن في تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني” تيزي وزو، جامعة مولود معمري، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، 2012، ص 108. [41] . نفس المرجع، ص 348. [42] – مختار ولهي، المرجع السابق، ص 226 [43] – نفس المرجع، ص 226 [44] نفس المرجع، ص 227. [45] – نفس المرجع، ص 227 [46] – محمد تاجر، المرجع السابق، ص 170