أقام مركز جيل البحث العلمي أمسية يوم الخميس 18 فبراير، تحت اشراف رئيسته أ.د. سرور طالبي، ندوة افتراضية نوقش فيها كتاب عضو اللجنة التحكيمية بمجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية الناقد العراقي الدكتور محمود خليف خضير الحياني والموسوم بـ “النقد المعرفي للنص الأدبي: مقاربة في النظرية والأصول والمفاهيم” وذلك بمشاركة أسماء أكاديمية عربية وجزائرية، تمثلت في: أ.د. طارق ثابت من جامعة باتنة /الجزائر ، د. نجلاء نصير من جامعة الإسكندرية/مصر ، د. علاوة كوسة من المركز الجامعي بريكة /الجزائر ، د. محمد عروس من جامعة تبسة/الجزائرـ أ. بن جاب الله سميرة من جامعة سوق أهراس/الجزائر.
ولقد أدارت الحوار رئيسة تحرير المجلة د. غزلان هاشمي، وبمساعدة تنظيمية من قبل الباحث الجزائري عدنان لكناوي.
كما حضر الندوة عدد من الشخصيات العلمية العراقية والعربية والجزائرية منهم مساعد رئيس الجامعة التقنية الشمالية في العراق د. ذنون يونس ذنون، وعمداء ورؤساء الأقسام والإداريين والأساتذة وعلى رأسهم: د. سمير طه ياسين عميد الكلية التقنية الإدارية ود. إلهام عبد الكريم حسين رئيسة قسم الجامعة التقنية الشمالية، و أ.د. هيثم عباس سالم الصويلي عميد كلية الآداب بجامعة ذي قار، أ.د. رائدة مهدي جابر من جامعة بابل، د. بسام الحمداني و د. روعة محمود محمد من جامعة الموصل، د. إيمان السلطاني من جامعة الكوفة… وأسماء نقدية عربية وجزائرية مثل أ.د. نبيل الرفاعي من مصر، د. مصطفى الغرافي من المغرب ود. بلعابد عبد الحق من الجزائر .
افتُتِحت الندوة بكلمة رئيسة المركز الأستاذة سرور طالبي التي رحبت فيها بكل الحضور الكريم خاصة الزملاء من الجامعة التقنية الشمالية بالموصل ومن مصر المغرب والجزائر مثمنة جهود الدكتور الحياني ضمن أسرة مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية منذ الأعوام الأولى للتأسيس واعتبرت هذا التكريم خاصا بالدكتور الحياني ويشمل في نفس الوقت كل الأعضاء العراقيين المنتسبين للجان العلمية لمختلف مجلات المركز، كما أكدت على المنحى التكريمي والصبغة الاحتفائية التي تتميز بها هذه الندوات رغم توجهها المعرفي.
بدورها رحبت الدكتورة غزلان بالحضور وقدمت الباحث بقولها: “نسعد اليوم ونتشرف باستضافة عضو اللجنة التحكيمية بمجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية، الناقد العراقي الدكتور محمود خليف خضير الحياني من أجل مناقشة كتابه الموسوم بـ “النقد المعرفي للنص الأدبي: مقاربة في النظرية والأصول والمفاهيم”، خاصة وأن كتاباته تنحو منحى فلسفيا وتحاول استثارة الإشكالات المعرفية من منظور يتجاوز السائد والمألوف ويعتد بدلالات المغايرة والاختلاف وبخلخلة اليقين وزعزعة المسلمات، ونلمس ذلك من عناوين كتبه قبل الالتقاء بمضامينها، مثل: إساءة قراءة التفكيك في الهرمينوطيقا الغربية، الاستشراق والاستغراب، ماورائية التأويل الغربي، النص الأنثوي والنقد النسوي، السلطة والهامش، النقد الثقافي …، وغيرها عشرات من المؤلفات …، لذا قبل أن نناقش الكتاب ونسائل إشكالاته” ثم أحالت إليه الكلمة من أجل تقديم ملخص حول محتويات كتابه.
أكد الدكتور محمود خليف الحياني أن موضوع الكتاب صعب، لأن النص الأدبي لا يبحث عن مواضيع علمية، وإنما يبحث عن مواضيع جمالية وعاطفية هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإشكالية الخيال تتعارض مع العقل، لذلك فالكتاب حاول البحث في العلاقة بين الفن والمعرفة بعيدا عن المفاهيم المتوارثة أو الكلاسيكية التي عرفنا بها النقد الأدبي والأدب بصفة عامة ،فالنقد المعرفي مفهوم مجاوز لما هو مألوف وسائد إذ يجاوز الأدب نحو البحث في أشكال المعرفة الفنية ،لذلك على محاور النص أن يقوم بعملية التصفير المعرفي والتي تعني تعليق المعارف والمناهج النقدية الحديثة ومنجزاتها المفاهيمية الحداثية وما بعدها، من أجل عقلها أو فهمها من جديد، وهذا يقتضي العودة الماورائية إلى العصور البدائية وطفولة العقل الفلسفي، حيث كان الفن يرتبط بالحق والخير والجمال، وهذا الأمر تطلب البحث في مفاهيم كانت متداولة قبل الحداثة وطعمت بمفهومية جديدة حداثية مثل المحاكاة والاستعارة، النسق، الحقيقة، المرجع، الإحالة… وغيرها من المفاهيم التي تساعد على فهم العلاقة الجديدة بين الفن والمعرفة .
كما بين د. الحياني أنه عول على خطة تناول في تمهيدها إشكالية المصطلح والمفهوم في الخطاب العربي والغربي، ووضح في فصلها الأول الموسوم بالأصول والبدايات علاقة الفن والمعرفة وارتكازاتها الأولى قبل أن تتعرض للتقويض والتغير، بينما تناول في فصلها الثاني كل ما يتعلق بنظرية النقد المعرفي: المفاهيم والنظرية والمنهاج ..، حيث عد كتابه المحاولة الوحيدة التي تغيت التأسيس لنظرية النقد المعرفي من حيث المنهج والمفاهيم .
بعدها أحيلت الكلمة للأستاذ الدكتور طارق ثابت الذي قدم مداخلة موسومة بـ”الأصل المعرفي للنظرية الأدبية وتأصيلاتها من خلال كتاب “النقد المعرفي للنص الأدبي” للناقد العراقي محمود خليف الحياني”، حيث بين أننا من كتابات الناقد وسيرته نلحظ التعدد في نسقه النقدي، إذ يحاول من خلال مصطلح النقد العربي أن يؤسس تفكيرا جديدا، وأن يبتعد عن الممارسات التقليدية والواهية، وأن يناقش أساس هذه النظرية لذا يعج الكتاب بالمصطلحات الفلسفية ويتبع بالنظام القائم على التعدد في الممارسة النقدية للمعنى.
فالعلاقة بين النقد الثقافي والمعرفي حسب قول الأستاذ طارق هو ما ركز عليه في محاضرته، إذ نجد حديثه عن الآليات الإجرائية للنقد المعرفي وربطه بالدراسات الثقافية وغيرها، حيث بين د. محمود على حد قوله أن هذه الدراسات تهتم بالقراءة النصوصية، ليسائله قائلا: ألا ترى أن النقد الثقافي يقر بالتداخل بين الظاهرة الأدبية والظاهرة الثقافية في تحليل النصوص؟ أليس ذلك امتداد للمدرسة البنيوية والماركسية الأوربية ؟ أليس النقد المعرفي في استفادته من علوم أخرى وتداخله معها شبيها بالنقد الثقافي؟ هل التشابه في الآليات … في الخصائص؟ كما بين الأستاذ طارق أن هذا النقد له علاقة بالمعطيات الحضارية وهنا حينما يتكلم عنه الحياني يتكلم عن نزوعه نحو الشمولية والتي تتولد عن طريق الاشتقاق والنقد العقلاني أو النقد الفكري، فبالعودة للكتاب وحال تكلمه عن المنطق الأرسطي وجد أن هناك تأصيل له عند العرب وهذا غير معقول لأن التفكير غير واحد .
ووضح الأستاذ طارق أن أهم مباحث الكتاب تجلت في قضية الشعر أي في المبحث الرابع، حيث قال: “مصطلح المحاكاة والتخييل حينما تكلمت عنهما تمنيت لو تعمقت أكثر، وفي مبحث الخامس تكلمت عن علمنة الجمال وهو مفهوم واسع، ذكرت التأويل الفلسفي الألماني والفرنسي … وتكلمت عن الرومانسية فهي من الماضي ولا يمكن أن نؤسس عليها الآن خطابا نقديا ،كما أن النقد المعرفي مواكب للتطورات المعرفية ويوظف مصطلحاتها، أهملت الناقد المعرفي الذي يسعى لتفكيك النص والذي يضيء المستور والمضمر ،كما أني أرى النقد المعرفي هو نقد نفعي لأنه يسعى لتقديم المعرفة “،هذا وعد كتابه مهما إذ ثمنه وبين أنه وفق كثيرا في تبيان هذا النوع ، إذ حسب رأيه الكتاب مؤسس للنقد المعرفي.
بعده قدمت الدكتورة نجلاء نصير مداخلة تحت عنوان “بين الفن والمعرفة قراءة في كتاب النقد المعرفي للدكتور محمود خليف خضير الحياني”، حيث بينت أن د. الحياني “عرض لمجموعة من القضايا، فتعرض لإشكالية المصطلح نظرا لما يلتبسه من غموض بسبب ترجمته، كما تحدث عن جماليات النص في النقد التراثي القديم وتفرغ للحديث عن النقد المعرفي لغة واصطلاحا فلم يترك للمتلقي فجوة وغموضا، فهو وجبة دسمة وكتاب جامع مانع، وضح الجانب المعرفي للنص الإبداعي حيث بين لنا العلاقة بين الفن والمعرفة ..،ثم أعقبت ذلك بسؤال قالت فيه: أجملت كل النظريات النقدية وتريد أن تؤسس لهذا النقد من خلال ناقد يتقن كل الفنون النقدية، فهل على الناقد أن ينهل وأن يكون على معرفة بالدراسات البينية ؟ هل أنت راض عن هذه النتائج أم تراها بحاجة لإعادة النظر خاصة حينما تحدثت عن النقد الثقافي ؟
ثم عرض الدكتور محمد عروس مداخلته تحت عنوان “النقد المعرفي في كتابات محمود خليف الحياني: مقاربة من منظور نقد النقد” حيث قدم فيها تعريفا لنقد النقد من أجل توضيح المدخل الذي سيتناول من خلاله الكتاب، وذلك بتحليل المعطيات الوصفية ثم التأويل، فناقش عنوان الكتاب، حيث وجده محدد الرؤية، ووجد أن المقاربة تتغيا البحث في هذه النظرية، فالعنوان أحسن انتقاءه، والأهداف في الكتاب حسب قوله تجمل في البحث عن العلاقة بين الفن والمعرفة، فهو سؤال حاضر في مسار البحث الإنساني ..، لكن د. الحياني بحث عنها لمحاولة تأسيس نظرية النقد المعرفي، فالتحولات الكبرى للنقد وضحها ليؤكد استقلال هذه الدراسة من هذا المنظور، ثم تساءل: هل هذه هي المحاولة الوحيدة كما ذكر هو، أم أن هناك جهود أخرى سابقة مثل محمد مفتاح ومحمد سالم سعد الله ولو كان لكل منظوره ورؤيته ؟
هذا وبين الدكتور عروس أن “البعد المعرفي الفلسفي والإبداعي والنقدي موجود في الكتاب، والذي يتحاور مع جملة متون أجرى معها الباحث حوارات معرفية كثيرة، والتي تتجلى فيها ثلاثية الحق والخير والجمال، لتغيب بعض الكتب المهمة التي تحمل عنوان النقد المعرفي، وتظهر الاقتباسات النصوصية الهامة التي لا تغيب عن المتخصص في الفلسفة، إذ استند إلى منظومة اصطلاحية فلسفية محملة بإرث مفاهيمي عبر تخصصي، فالمفهوم الأساسي الذي استند اليه الباحث في تعريفه له لا يستقل بموضوعه، وإنما يؤكد على المعرفة التكاملية وهذا لا تختلف عما وضعه الدارسون في هذا النوع من النقد …”، ثم أتبع قوله بتساؤل: أتساءل كيف يتم إلغاء ما بعد القرن 18 في حديثك عن التصفير المعرفي… رغم هذا الحضور الذي يؤكده، فكيف يتأسس الإلغاء مع الحضور ؟ فالكثير من الرؤى تسقط في المصادرات حسب قوله، والدارس للكتاب يجد إغفالا لرؤى نقاد وفلاسفة مهمة حول هذا الموضوع …
بعده قدمت الأستاذة بن جاب الله سميرة مداخلة موسومة بـ” إساءة قراءة النقد المعرفي في تجربة محمود خليف الحياني، حيث قدمت ملخصا حول الكتاب حيث قالت:” تشكل تجربة الناقد العراقي الدكتور محمود خليف خضير الحياني تجربة نقدية لها خصوصيتها من حيث مسارها الانطولوجي واتكاؤها على مجموعة من الفلسفات المختلفة والمتنوعة، فقد حاول الحياني أن يجمع في سلة واحدة فيما طرحه التعريف، والتأصيل، والمرجعيات بما يخص موضوع النقد المعرفي في الخطاب الغربي، والعربي، محاولا أن يبحث عن المرجعيات، والأصول، والمفاهيم في كتابه (النقد المعرفي للنص الأدبي مقاربة في النظرية والاصول والمفاهيم)، الذي عالج فيه إشكالية المصطلح، والمفهوم في الخطاب العربي، والغربي، ومن ثمة في الفصل الأول، والثاني كاشفا عن البداية، والأصول، وفي الفصل الثالث جمع بين موضوع المعرفة في النص الابداعي، والتنظير الذي يجمع بين النظريات الحديثة، والفلسفات القديمة، صاهرا بين السيميائية، والفلسفة التأويلية، ونظرية أرسطو لفن الشعر ولاسيما ما يخص قضية المحاكاة”، هذا ووجدت أنه لم يجد تعريفا مانعا جامعا لهذا المصطلح، إذ مارس نوعا من الجينالوجية فكك على إثرها المصطلح باحثا عن أصوله عند العرب والغرب، حيث عارضته قائلة: ولا أعتقد أن هذا التعريف يمكن أن يجد الإجماع كما تصور الحياني ؛ لأنه اتكأ فيه على المنطق، والابستمولوجية، والفلسفة فالجمع بين التناقضات لا يمكن أن يشكل هوية متماسكة وصلبة لتأسيس التعريف”، لذا حسب رأيها لا يمكن أن نتصور أن من يقرأ هذا الكتاب سيجده متمتعا بالسهولة، والوضوح، إنما” جسد حالة من التجربة الفلسفية الفريدة التي ارتبطت بما شرعنه الحياني فيما كتب من كتب مقالات كثيرة، ومتنوعة في مجالات النقد الأدبي، فالقصور الذي نلاحظه في هذا الكتاب من حيث تجاوز الحياني لتجارب نقدية كثيرة حاول أن يتلافاها في بحثه الموسوم ( إشكالية النقد المعرفي في الخطاب النقدي العربي الحديث )، متطرقا فيه إلى موضوع إشكالية استقبال النقد المعرفي في الخطاب النقدي العربي الحديث من حيث إشكالية واضطراب ترجمة المصطلح، والمفهوم، فضلا عن المسارات اللسانيات، والفلسفية التي تشكلت في حدود اللسانيات الادراكية أو المعرفية، والمسار الذي قدمه لايكوف في فكرة الاستعارة المفهومية، محاولا الحياني تفنيد هذه التجارب النقدية مركزا أيضا على مشروعه في أن النقد المعرفي هو موضوع أنطولوجي يمكن أن نجده في المحاكاة الأرسطية التي ركزت على موضوع التعرف ، والاكتشاف الماهوي للشيء، فالتمسك من قبل الحياني بالجانب الأنطولوجي فيما يطرحه تحول إلى تجربة تطبيقية في كتابه”. هذا وطرحت تساؤلا قائلة: هل القالب الجمالي يمكن أن يكون منطلقا نقديا جديدا ؟
كانت آخر المحاضرات من تقديم الدكتور علاوة كوسة بمداخلة موسومة بـ”النقد المعرفي ـ اصطلاحا وممارسة ـ عند محمود خليف خضير الحياني”، قدم فيها جملة من التساؤلات: “أليس النقد المعرفي كما النقد الثقافي إعلان عن موت النقد الأدبي؟ كيف يمكننا القول بالنقد المعرفي ومنظومته المصطلحية من خزائن النقد الأدبي ؟ أليس النقد المعرفي انتهاكا للنقد الأدبي كما النقد الثقافي؟ كيف يحول النقد المعرفي حوار النص في تحويله للعلامات الجمالية إلى خطاب معرفي يخاطب العقل ويلغي مادونه؟ أليس كل هذا حريا بنصوص غبير أدبية؟ أليس من السابق لأوانه أن نقول بأن النقد المعرفي هدم وتفكيك للنقد الأدبي؟ إذا كان النقد الأدبي يتخبط في متاهات منهجية بكل تراكماته منذ القديم؟ ألا تتخوفون من متاهات منهجية مصطلحية في مجال النقد المعرفي؟ هذا كما حيا فيه الجرأة في الطرح وتمنى ألا يلغي الدراسات السابقة في النقد المعرفي، وأكمل قوله: “النقطة التي كنت سأناقشكم فيها، هي غياب الممارسة النقدية المعرفية في كتابكم، وهذا خلل منهجي تأسيسي، إذ لا يمكن التأسيس للنقد المعرفي مع غياب ممارسات نقدية تطبيقية توضيحية، هذا على خلاف النقاد في مجال النقد الثقافي الذي لم يكن بمعزل عن المقاربات التطبيقية، في هذه النماذج التي تتحدث عنها الآن أنت تتقاطع مع مقاربة الأنساق في الشعر الجاهلي، فهل مازال الخيط رفيعا بين النقد الثقافي وبين النقد المعرفي، ولم يحن الوقت بعد لأن ينسل هذا من ذاك؟”
فتحت د. غزلان النقاش أمام السادة الحاضرين، إذ تساءلت الدكتورة إخلاص محمود من العراق قائلة: ما الخلاصة أو النتيجة التي يخرج بها الباحث من خلال النقد المعرفي وتحديد ذلك بسطرين مثلا وكيف يمكن أن يطبق في النص الأدبي من خلال رؤيته؟ ،كما تساءلت د. نجلاء نصير عن مناحي النقد المعرفي ، هذا وتدخل عدنان لكناوي بطرح تساؤل: ما رأيكم في الخلط واللبس الكبير الذي طال مفهوم النقد المعرفي؟ وهل المقصود بالمعرفي من نظرتكم النقدية المقابل لمصطلحknowledge أوcognitive؟ وقد وضحتم أن النقد المعرفي عندكم لا ينتمي إلى النقد الإدراكي بالمفهوم الغربي عند لايكوف والجماعة الذين بحثوا في الإدراك بتوظيف علم النفس الإدراكي والمعارف الأخرى؟ أليست عودتكم إلى مصطلحات مثل القصدية والنفعية(برغماتية) أو الشمولية، أو تأثير العالم على اللغة، أو القراءة الظاهراتية الإدراكية والماهية … وغيرها من المفاهيم والإجراءات انتماء للنقد الإدراكي بمفهومه الغربي cognitive؟
طرحت الأستاذة رشا سؤالا تمثل في: إلى أين ممكن تتوقع أن يصل النقد المعرفي إلى التغير أم إلى الاستمرار بنفس الأسلوب ولكن بطريقة أدبية معاصرة؟ ما رأيكم ورأي السادة المشاركين؟ لتتبعه الأستاذة سميرة بن جاب الله بتساؤل مفاده: أليس تحليلك لقصيدة عنتر من صلب النقد الثقافي؟ الأستاذة سهى رومي، هل هذا النقد المعرفي هل هو تحديث يعتمد للنقد الثقافي ؟ هل هو تابع له أم يسبقه أم مستقل عنه ؟
بينما طرحت الأستاذة سهى رومي تساؤلا قائلة: هل هذا النقد المعرفي هل هو تحديث يعتمد للنقد الثقافي ؟ هل هو تابع له أم يسبقه أم مستقل عنه ؟
بعدها أحالت د. غزلان الكلمة للمحتفى به من أجل الإجابة عن التساؤلات المطروحة ،حيث بين الدكتور محمود الحياني أنه يكتب عن الذات والموضوع، بين عالم الواقع والمثل، حيث أراد أن يأخذ منطقة وسطا، فالجمع بين المتناقضات هو الذي طور العلوم، ولأن اللغة هي الوسيط بين الخيال والعقل، فهي مراوغة استعارية معيارية ومجازية، لا تصلح لأن تكون علمية …، تفرض سلطتها .. تنعتق من المؤلف والنص، لذلك حاول قراءتها بطريقة حيلية ..، هذا ووضح أنه في قضية التصفير بحث عن الجانب المعرفي المضموني لا الشكلي، وأما التشكيلة الواسعة في التعريف فلأن الموضوع مجالاته واسعة لذلك افترض هذه التشكيلة وهذا التوسع.
وأما عن قضية المصطلحات فبين أنه من أشد المعجبين بالفلسفة الألمانية المثالية، فخميرة الكلمة عندما يبحثون عنها يجدونها في اليونان، وهذا ما فعله حينما بحث وشكل المصطلحات، حيث استعان بالعديد من المناهج من أجل تقديم قراءة مغايرة لا تطمئن للدلالة الجاهزة، هذا وبين أنه لم يعد للسابقين لأنه حاول أن يمشي في مسار معين، إذ لم يتطرق إلى الجانب الانطولوجي، فمقصدية الكتاب تقوم على الجانب البرغماتي بغية الإضافة.
هذا وأحالت مديرة الندوة الكلمة للدكتور محمد عروس للرد على الناقد حيث قال: بعد الذي قيل في العلاقة الإشكالية بين النقد المعرفي والثقافي هناك مقال النقد الثقافي والنقد المعرفي الائتلاف والاختلاف للباحث التونسي محمد علاقي أدعوكم لقراءته، وكذا مقال النقد المعرفي نحو إبدال منهجي جديد أو مقالي في مجلة الرافدين .
ختمت د.غزلان الندوة شاكرة الحضور على جميل التفاعل، حيث قالت: “اجتمعنا اليوم من أجل مناقشة كتاب د. محمود الحياني، والذي ارتاد فيه عوالم الفكر والفلسفة بل وعول على تيمة التعدد من أجل تقديم قراءة مغايرة تتعالى عن المبتذل والسطحي والمألوف، هذا الكتاب الذي أراد التأصيل للنقد المعرفي من وجهة نظر أحادية بعيدا عن المنجزات القبلية، والتي طالب د.علاوة ألا يتجاوزها وألا يقصيها.
شكرا للدكتور الحياني على سعة صدره شكرا للسادة الأساتذة المحاضرين، شكرا للسادة الأساتذة الحاضرين وللطلبة والمهتمين، شكرا لرئيس الجامعة التقنية الشمالية ولرؤساء أقسامها وعمدائها وأساتذتها، وعلى أمل لقياكم في الأسبوع القادم بحول الله من أجل مناقشة مؤلف آخر لعضو أسرة مجلتنا أترككم في رعاية الله”.
.