المدارس العتيقة بالجنوب المغربي بين الأدوار المجتمعية والإشعاع العلمي: حالة مدرسة تنكرت بإفران الأطلس الصغير
Ancient schools in southern Morocco between societal roles and scientific radiation: The case of a school Tankert in Ifrane Atlas Al Saghir
د. رشيد صديق/جامعة محمد الخامس، المغرب طالبة باحثة. إجو بلمسيل/جامعة ابن زهر، المغرب
University of Med 5 Rabat Morocco SADIK RACHID/
IJOU BOULMSAIL/ University of Ibn Zohr Agadir Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 71 الصفحة 61.
ملخص:
تميزت منطقة إفران الأطلس الصغير كغيرها من قرى وواحات بغنى تراثها المادي وغير المادي. ولقد تطرقنا خلال هذا المقال العلمي إلى دراسة بعض الجوانب التاريخية والجغرافية للمنطقة، وانصب اهتمامنا حول الحديث عن أهم المدارس العلمية العتيقة الموجودة بأرض إفران وهي “تنكرت” المشهورة في أرض سوس الأقصى والمغرب عموما، حيث ساهمت في تنشيط الحركة العلمية والثقافية بسوس جنوب المغرب، ولا ننسى أدورها المهمة لعلمائها وإسهامهم الكبير في تأسيسها وبعثها وإحيائها من جديد.
الكلمات المفتاحية: المدارس العتيقة، التراث الثقافي، الجنوب المغربي، إفران الأطلس الصغير.
: Abstract
The region of Ifrane Atlas al-Saghir, like other villages and oases, is distinguished by its rich tangible and intangible heritage. During this scientific article we have dealt with the study of some historical and geographical aspects of the region, and our attention focused on talking about the most important ancient scientific schools in the land of Ifrane, which is the famous ” Tankert” in the land of Sous Al-Aqsa and Morocco in general, as it contributed to the revitalization of the scientific and cultural movement in Souss southern Morocco, and not We forget its important roles for its scholars and their great contribution to its establishment, resurrection and revival.
key words: –Ancient schools -cultural heritage -southern Morocco -Ifrane Atlas Saghir.
تقديم :
لقد بدأت مسيرة البناء الحضاري والاجتماعي بالمغرب مع دخول الإسلام مع الفاتحين الأوائل، حيث برزت فيه مظاهر العبقرية المغربية في الخلق والإبداع، وكان أساس هذه النهضة الحضارية نظام تعليمي ناجح أسس على العقيدة الإسلامية التي آمن بها المغاربة واعتنقوها عن قناعة ورغبة، وقد وفدت تقاليد هذا النظام التقليدي مع الفاتحين الأوائل حينما اتخذوا المساجد أماكن للتعليم والتكوين والتربية.
لقد تعددت المؤسسات التي اضطلعت بهذه المهمة في تاريخ المغرب؛ وحملت المساجد راية ريادتها في بداية الإسلام، ثم شاركتها الرباطات في مرحلة لاحقة حينما أصبحت مقاومة للأفكار الضالة وناشرة للعقيدة الصحيحة، ثم اختفت أدوار الرباطات لتحل محلها المدارس العلمية التي كان من مهامها الوعظ والإرشاد والحفاظ على التوازن؛ وبعد ذلك ظهرت الزوايا التي جمعت بين الوظيفتين: التعليمية التكوينية والتربوية الصوفية، مع بقاء المدارس نشيطة في عملها.
كما نتج عن هذا النشاط العلمي التعليمي بمختلف جهات المغرب لما يزيد على ثلاثة عشر قرنا بروز طائفة كبيرة من العلماء والفقهاء والوعاظ والمقرئين، وظهور آلاف المؤلفات في العلوم المختلفة العقلية النظرية والتجريبية، ولا يخفى ما كان لهذه النخب العالمية من جهود في خدمة الوطن والحفاظ على كيانه والدفاع عن وحدته.
إذن، إن منطقة سوس لها إسهام كبير في هذه الحركة التعليمية المغربية، وذلك لكثرة المدارس العتيقة المنتشرة في مناطقها، حيث بلغ عدد المدارس العلمية بسوس ما يفوق المائتين[1]، واستمرت في العطاء التربوي والعلمي منذ أول مدرسة علمية وهي مدرسة وكاك بن زلو بأكلو، التي استمرت في إمداد المنطقة خاصة والمغرب عامة بالعلماء المبرزين والفقهاء النوازليين والقراء الماهرين والحفاظ المستظهرين، وتشهد كتب التاريخ والتراجم والفهارس على مقدار عطائهم وتفوقهم وإسهامهم في تنوير مجتمعهم وفتح آفاقه المعرفية والفكرية.
وتعتبر إفران الأطلس الصغير منطقة مأهولة بالسكان منذ العصور التاريخية القديمة نظرا لما تزخر به من مؤهلات ثقافية وطبيعية تشجع على الاستقرار، إذ تعد مجالا خصبا غنيا يكتنز إرثا حضاريا وثقافيا؛ ويختزل ذاكرة حية تتحدث لغة التاريخ والحضارة والتراث.
وتتميز المنطقة كذلك بغناها الثقافي والحضاري الذي يختلف من حيث زمان البناء ومكانه وتقنياته. فهذه المباني الشاهدة على قدم التعمير وتطوره في المنطقة، ومن أهم هذه المآثر التاريخية: “المدارس العلمية العتيقة” التي عرفتها منطقة إفران، شأنها شأن مناطق سوس. ومن أهم هذه المدارس التي تهدف بالأساس إلى التنشئة السليمة على الدين القيم والتخلق بالآداب وتعلم اللغة العربية والعلوم الشرعية المختلفة؛ “مدرسة تَنْكَرْتْ” نموذجا.
أولا: المدارس العلمية العتيقة بسوس: المفهوم والتاريخ
1- الإطار المفاهيمي “المدرسة العتيقة نموذجا“
يقصد بالمدارس العتيقة، تلك المدارس الدينية التقليدية الأصيلة التي انتشرت في المغرب الأقصى منذ الفتوحات الإسلامية، وهي تمتاز بأصالة التعليم، وتلقين العلوم الشرعية، وشرح مبادئ العقيدة الربانية، لذلك تسمى بمدارس الدين الإسلامي، أو مدارس التعليم الأصيل، أو مدارس التعليم التقليدي أو التعليم القديم أو المدارس الدينية أو المدارس القرآنية أو المدارس الشرعية[2].
يعد المؤرخ محمد المختار السوسي أول من أطلق مصطلح المدارس العتيقة في كتابيه: “مدارس سوس العتيقة” و”سوس العالمة” الموجودة بكثرة في منطقة سوس بالجنوب المغربي، ولم يقصد رحمة الله عليه بهذا الوصف القدح والتنقيص وإنما قصد التمييز، لذا تلقاه الباحثون الذين جاؤوا بعده بالاستحسان ولم تنتقده إلا القلة القليلة[3]، وتعرف الدكتورة رشيدة برادة المدرسة العتيقة بأنها: “بناية كانت تحبس لمزاولة التعليم وإيواء الطلبة الذين كانوا يفدون عليها قصد التعلم من مختلف أنحاء البلاد” ومصطلح التحبيس يعني هنا أن هذه البناية لا تمول من بيت المال وإنما يحبس عليها من أملاك الرعية أو الحكام”[4].
إن المدارس العتيقة أيضا تعني الكتاتيب القرآنية (المكتب، الكتاب، والمسيد[5]، دار الفقهية)، والمساجد والجوامع، والروابط والزوايا والمدارس الحضرية التي كان قد شيدها السلاطين المغاربة بفاس ومراكش ومكناس وسبتة وسوس … [6].
ومن وصف المدرسة التقليدية بالعتاقة، أخذ وصف التعليم الذي يمارس فيها الوصف نفسه، فقيل التعليم العتيق هو ذلك التعليم الذي يمارس في مدارس المغرب القديمة، ومقابله التعليم العصري أو الرسمي النظامي[7]، والمدرسة العتيقة مؤسسة حضرية تعليمية سنية صريحة أو رباط جهادي وزاوية صوفية[8]؛ تتميز باستقلال بناياتها، واعتمادها على الأحباس، وصدقات المحسنين في دفع أجرة المدرسين، وتكاليف المبيت، ومصاريف الأكل، والشرب، واللباس، وشراء الكتب الدراسية، وكرائها لنسخها؛ ويكون ضمن أحباسها أحيانا مقبرة لدفن من يتوفى من طلابها كما هو الشأن بأقدم مدرسة بسبتة [9].
وقبل الحديث عن المدارس العلمية العتيقة بـ “سوس” وجب الوقوف عند الحركة العلمية بسوس منذ دخول الإسلام إليه في القرن الأول الهجري، ثم إلى ظهور المدارس العلمية العتيقة التي حملت مشعل الثقافة الإسلامية ولواء العروبة والإسلام قرونا من الزمان كل هذا بفضل جهاد علمائها الأجلاء الذين وهبوا حياتهم لخدمة الدين والثقافة الإسلامية.
2- تاريخ المدارس العلمية العتيقة بسوس
قبل الحديث عن ظهور المدارس العتيقة بسوس ارتأينا أن نقدم أولا بداية الحركة العلمية بسوس منذ الفتح الإسلامي هذا الأمر الذي سيساعدنا على إبراز وإظهار القيمة الحقيقية التاريخية لحركة سوس العلمية وجهاد علمائها في نشر الثقافة العربية الإسلامية في بادية سوس والتي عرفت بالشجاعة والكرم والجود ومحبة العلم وأهله. ففي بداية النصف الأخير من القرن الأول الهجري شاءت إرادة الله تعالى أن يصل نور الإسلام إلى ربوع سوس ليخرج أهله من ظلمات الجهل والوثنية إلى نور المعرفة والعلم و التوحيد.
تذكر كتب التاريخ أن كل الذين كتبوا عن تاريخ المغرب بصفة عامة وسوس بصفة خاصة، اتفقوا على أن التابعي الجليل عقبة بن نافع[10] الفهري الذي يرجع له الفضل في إيصال الإسلام إلى سوس خاصة والشمال الإفريقي عامة، وكان أول من فتح المغرب الأقصى عام 62 هجرية لما بعثه الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي[11]. وفي ظل هذا الفتح العظيم خطا عقبة خطوات كبيرة بسرعة وذلك لشجاعته النادرة في مصارعة الوثنية والشرك قبل مجيء الإسلام[12]. زاد الإسلام ينتشر عاما بعد عام بفضل جهاد العلماء والوعاظ وبفضل اختلاط المغاربة في حياتهم العامة بعدد كبير من الصحابة والتابعين الذين دخلوا المغرب.
وفي عهد مولاي إدريس[13] وصل إلى بلاد سوس كثير من العلماء من جميع التخصصات ونشروا بين أبنائه الإسلام الحنيف واللغة العربية والعلوم الإسلامية كلها في جميع الميادين وجميع الأماكن وكان ذلك حوالي 172 هجري، فأتم رحمه الله ما كان مؤسسا على يد عقبة بن نافع و ابن نصير، فبث التعليم ونشر العلم العربي والثقافة الإسلامية[14].
قال المختار السوسي لما تحدث عن هذه الحقبة: “لم يمر إلا زمن يسير حتى صار المغرب يكتسي حلة عربية إسلامية، وتأصلت فيه جميع العلوم العربية الإسلامية، وتأسست لها معاهد ومدارس في كل مكان وشهدت سوس بالخصوص نهضة علمية كبيرة ومتى أراد الله شيئا هيأ له الأسباب”[15]. وقال: “ولما جاء القرن التاسع الهجري بفاتحة خير حيث ازدهرت النهضة العلمية العجيبة التي رأينا ثمارها في التدريس والتأليف وكثرة تداول الفنون”. وقد شاركت “سملالة” و”رسموكة” و”أيت أحمد” و”أقا” و”الهشتوكيون” و”الراسلواديون”[16] وغيرهم في النهضة السوسية[17].
وخلال القرن العاشر، فشهد بدوره حركة علمية أوسع وأكثر مما قبلها فقد خرج العلماء إلى الميادين الحيوية ودخلوا المعترك السياسي فشاركوا في الأمور العامة، وفي سياسة البلاد وتسيير أمور المواطنين، فاستحوذوا بذلك على قيادة الشعب، فقد كانوا حسب المؤرخين سببا في توطيد الدولة السعدية[18].
وأشار المختار السوسي في سوس العالمة إلى أن: “سوس كلها زخرت بالدراسة والتأليف والبعثات العلمية تتوإلى إلى فاس وإلى مراكش وحتى الأزهر حتى أصبح كل ما يدرس في فاس من العلوم والفنون يدرس في سوس أيضا سواء بسواء”[19].
وهكذا إلى أن جاء القرن الحادي عشر بخيرة من فطاحل العلماء الكبار، وأصبحت فتواهم قوية بفضل الأجلاء الذين برزوا في جميع الميادين مثل “عيسى السكتاني”[20] و”عبد الله بن يعقوب السملالي”[21] و”على بن أحمد الرسموكي”[22] و”سعيد الهوزالي”[23] و”محمد بن سعيد المرغيتي”[24] و”محمد بن محمد التامانارتي”[25].
بعد ذلك هيأ الله للمغرب المجاهد زهير بن قيس البلوي[26]، فقتل كسيلة وجاء بعد ذلك حسان ابن نعمان الأزدي، فاستأنف الجهاد الذي بدأه عقبة، ودون الدواوين باللغة العربية وجعلها اللغة الرسمية للبلاد، واتخذ الفقهاء للصلاة والوعاظ للإرشاد والفتوى في مسائل الدين وأقام الكتاتيب بجانب كل مسجد لتعليم أبناء المسلمين دين الإسلام وتحفيظهم القرآن الكريم وتعليمهم اللغة العربية، ويعد أول من أقام الدولة الإسلامية بالمغرب بجميع تنظيماتها المعروفة[27].
وبعد ذلك جاء موسى ابن نصير[28] ليتبع طريق من سبقوه وقد جاء معه بسبعة وعشرين ألفا من العرب المسلمين وأمرهم أن يعلموا المغاربة القرآن والفقه وكان موسى ابن نصير ثالث أمير عربي وصل إلى المغرب ودفع عجلة الحركة الإسلامية إلى الأمام، أما في عهد عمر ابن عبد العزيز[29]، فقد أسلم بقية المغاربة على يد اسماعيل[30] بن عبد الله بن أبي المهاجر سنة مائة وواحد للهجرة.
كان بناء المساجد[31] أول شيء اهتم به الفاتحون الأولون، وذكر المؤرخون[32] أن عقبة بن نافع وحسان بن النعمان وغيرهما من الفاتحين المذكورين قاموا بإنشاء سلسلة من المساجد في مختلف المدن والقرى لكي يستقر الإسلام في قلوب الذين يرتدون من المغاربة كمسجد “القيروان”[33] ومسجد “نفيس”[34] برباط شاكر ومسجد “أغمات”[35] ومسجد “رباط ماسة”[36] وغيرها.
إن مسجد القيروان[37] الذي يعد أقدم جامعة إسلامية في إفريقيا كلها تقريبا وأسس في أواسط القرن الثالث الهجري وجامع بن يوسف بمراكش يعدان ثمرة ونتيجة لتلك المساجد. والجدير بالذكر هنا، أن هذه المساجد المذكورة وغيرها كانت بداية المدارس العتيقة بسوس، ولاشك أن المدارس والمساجد شاركت في نشر الثقافة والحضارة بسوس خاصة والمغرب بصفة عامة[38].
فإلى هؤلاء وفتاويهم، يرجع عند الاختلاف وفي فض النزاعات والنوازل[39] ثم جاءت الدولة العلوية فكانت سعد السعود، كما يقول المختار السوسي فقد تكاثرت في عهدها المدارس العتيقة حتى بلغت أكثر من مائتين وزخرت بالطلبة[40]. يظهر إذن، أن فترة الفتوحات الإسلامية ومرحلة دخول الإسلام إلى سوس -بكل مراحلها وعلمائها- لها الفضل الكبير في بداية انتشار المدارس العلمية واهتمام الأمة بأمور التدريس لمختلف العلوم الشرعية وإعطاء المكانة للدين الحنيف والعبادة.
ثانيا: إفران الأطلس الصغير: الموقع الجغرافي والمعطيات
1- الموقع الجغرافي
تقع منطقة إفران الأطلس الصغير على الساحل الأطلسي بسوس جنوب المملكة، وتمتد حدودها الساحلية إلى مصب واد إفران الأطلس الكبير، الذي يصب في منطقة “آسْكْ نْدْعْلِي أُعُمَرْ” في المحيط الأطلسي. وتحديدا ما بين خطي طول 9°و 10°وخطي عرض29° و30، وتقدر مساحتها الإجمالية ب 129.49كيلومتر مربع[41] . تحد منطقة إفران شمالا جماعة تيغيرت إقليم تزنيت غربا، وجماعة أيت ارخا إقليم تزنيت شرقا، وجماعة أداي أيت حربيل، وجنوبا جماعة تيمولاي قيادة إفران.
وتبعا للإطار القانوني الإداري، تنقسم المنطقة إلى أربع مشيخات وهي: تَنْكَرْتْ، أمسرا، ربع الوسط، إداوشقرا، وربما هذا التقسيم يؤكد مع ما جاء به “مارمول كربخال” من خلال قوله “إفران عبارة عن مجموعة عمرانية تتألف من أربع مدن مسورة”[42] وكما قال ليون الإفريقي: “إفران تتكون من نحو أربعة قصور”[43]. وتقدر مساحة منطقة إفران دون مساحة الجماعة الثانية تيمولاي بحوالي 129كلم²، أما عدد سكانها فيبلغ 15.800نسمة[44]. (أنظر الخريطة رقم 1).
توطين ` google earth بتصرف- عمل شخصي 2019
2- المعطيات العامة
تتميز منطقة إفران بمناخ شبه جاف، يتأثر بالمؤثرات الصحراوية، خاصة الشركي الذي يهب في فصل الصيف، تتراوح فيه درجة الحرارة ما بين 38° و42° كمعدل سنوي، وما بين10° و12° في فصل الشتاء. أما الفصل المطير فلا يستغرق وقتا طويلا؛ إذ أن ثلث أرباع الأمطار المتساقطة تكون في مدة وجيزة، ترتبط أساسا بالرياح الغربية والجنوبية بمعدل 15 يوما في السنة، مع وجود تفاوتات من سنة إلى أخرى لتتراوح بذلك كمية التساقطات ما بين 90 و 110 ملم في السنة[45].
تعتبر منطقة إفران الأطلس الصغير منطقة محاطة بالجبال من كل الجهات، كما أن معظم أراضيها عبارة عن تلال وهضاب، تتخللها وديان من منخفضات؛ وهي صالحة للزراعة المسقية أو البورية، كما أنها صالحة للرعي كذلك.
تظهر المعطيات السابقة -التضاريسية منها والمناخية- ضعف الغطاء النباتي، وارتباط نموه بالفصل المطير، فلا تتكيف مع هذا النوع من المناخ إلا النباتات الشوكية وأشجار أركان التي تنتشر في المرتفعات والأراضي البورية. إضافة إلى طبيعة التربة المتميزة بضعف مكوناتها وندرة المياه أثناء سنوات الجفاف إلا تربة الواحات، تلك التي تسمح بإقامة أنشطة زراعية لامتدادها على ضفاف الأودية، والتي يعتمد فيها الفلاحون على نظام الري التقليدي بالاعتماد على العيون الموجودة بالمنطقة، والتي يعتمد فيها على نظام النوبة مع الاستعانة بمياه الآبار باستعمال المضخات الكهربائية.
من الناحية التاريخية، فقد شكلت إفران منذ القدم منطقة استقطاب لعدد من الجماعات البشرية: أمازيغ ويهود وعرب وأفارقة، فقد توالت على المنطقة منذ القرن الخامس قبل الميلاد قادمة من إفريقيا وفلسطين وشبه الجزيرة العربية، نظرا لما توفره واحة إفران من ظروف مواتية ومشجعة على الاستقرار حيث وفرة الماء والكلإ وكذا وجود سلاسل جبلية، إضافة إلى كون المنطقة محطة استراحة القوافل الصحراوية التي عرفت أوجها في عهد أحمد المنصور الذهبي، ناهيك عن كونها منطلقا لعدد من الدول التي توالت على حكم المغرب (المرابطين، الموحدين)؛ هذا ما جعل المنطقة تتميز عن غيرها من المناطق بتنوعها الطبيعي والبشري والعمراني وغناها التاريخي[46].
وعلى المستوى الطوبونومي، تتخذ لفظة إفران أبعادا أسطورية تاريخية ولغوية، كما تداولتها الروايات الشفوية وبعض الكتابات المهتمة بالمنطقة، التي أعطتها تفسيرات مختلفة، وأكثرها تداولا: الأصل الاشتقاقي والتاريخي لكلمة إفران: مفرد هذه الكلمة هو إِفْرِي وتصغيرها تِيفْرَاتِينْ باللغة الامازيغية وتقابلها في اللغة العربية غار، ولا يستبعد أن يكون هذا التفسير هو الأصح والأقرب للحقيقة نسبة إلى مظاهر العمران البشري بالمنطقة؛ حيث النواة الأولى القديمة للتعمير بقبيلة تَنْكَرْتْ شيدت على طول جنبات واد إفران وتتخلله مجموعة من المغارات[47].
أما بالنسبة لجانب الاقتصادي، فقد شكلت منطقة إفران فيما مضى ممرا تجاريا هاما تسلكه القوافل التجارية القادمة من الجنوب نحو الشمال أو العكس، وكما أن الحركة التجارية بين المغرب والسودان والتي تنطلق من إفران أو تمر به متاجرة في النحاس و الذهب والثمر…، وأهم مركز تجاري في المنطقة والذي يوجد بالمركز وتقصده القبائل المجاورة الموجودة بشمال إفران إداوسملال وتلك الموجودة بجنوب وادي نون[48].
ثالثا: الإشعاع الديني والأدبي والثقافي للمدرسة تنكرت العتيقة
1- الإشعاع الديني:
يتجلى في كون هذه المدرسة تعمل على ترسيخ العلوم الشرعية الإسلامية ونشرها، والدعوة إلى الكتاب والسنة وربط الناس بدينهم[49]. كما يظهر الإشعاع الديني في كون المدرسة لها علاقات وطيدة وكثيرة مع المدارس السوسية المشهورة أهمها مدرسة إعشان ومدرسة إمجاط ولا ننسى المدرسة الإلغية…، حيث يتبادل فقهاء وطلبة هذه المدارس مع فقهاء وطلبة مدرسة تَنْكَرْتْ مجموعة من المراسلات الشعرية والنثرية التي تناقش مواضيع دينية واجتماعية وأخلاقية…[50]، سنقدم نماذج منها:
- منظومة زكاة الفطر التي أفتى فيها الشاعر الحاج الحسين بن موسى بن حمو البكري بوجوب الزكاة حبوبا وليس نقدا وذكر أصناف التي تخرج منها الزكاة معززا بأمثلة في الكتاب و السنة ومعارضا رأي الذين أفنوا بإخراجها نقدا خلافا للأصل الشرعي [51]:
فَفِي زَكَاةِ آلفِطْرِ نَصٌّ وَاضِحٌ صَارَعَهُ فِي آلْعَصْرِ جَهْلُ فَاضِحِ
وَالنَّـصُّ إِنْ وَرَدَ فِي آلقُرْآنِ أَوْ فِي آلحَدِيثِ المُصْطَفَى آلْعَدْنَانِي
يَجِبُ أَنْ نَتْبَعَهُ كَمَا وَرَدَ وَوَيْح ٌمَنْ بَدَّلَهُ بِلاَ سَندِ[52]
ولما ورد هذه الأرجوزة على عبد الله التتكي، رد عليها بقصيدة عنوانها: “أَخْرِجْ زَكَاةَ الفِطْرِ بِالنُّقُودِ”، في 23 فبراير الموافق ل 24 شوال 1418 هجرية:
فَقُلْتُ مُخْتَارًا لِبَحْرِ آلْرَّجَـزِ مَا صُغْتُ فِي هَذَا آلْنَّظْم آلْمُوجَزِ
أَخْرِجْ زَكَاةَ آلْفِطْرِ بِآلنَّقُودِ تَنَلْ بِذَلِكَ رِضَى آلْمَعْبـُودِ [53]
أما الفقيه سيدي محمد عدي[54] فهناك قضايا إنفرد بمعالجتها من بينها نقد التقليد وما يؤدي إليه من الجمود والتخلف، وما يشجع عليه من شعودة وخرافات وبدع لا حد لها، ولم ينسى ما يتخبط فيه المجتمع الإسلامي المعاصر من تقليد للغرب، لنستمع إليه في قصيدة طويلة (49 بيتا):
رَاحَةُ آلْمَوْتِ لاَحَيَاةُ آلْجُمُودِ طَالَ حُلْمِي سَئِمْتُ نَوْمَ آلْفُهُودِ
لَيْتَ شِعْرِي مَتَى يَحِينُ انْتِبَاهِي ضَاعَ عُمْرِي فَأَيْنَ سِرُّ وُجُودِي
لَيْتَ شِعْرِي إِلَى مَتَى هَذِي آلغَفْلَةِ وَالرَّتْعِ فِي مَرَاعِي آلقُرُودِ
أَيْنَ فِكْرِي وَأَيْنَ هَوْمَةُ نُبْلِي أَيْنَ عِلْمِي وَكَيْفَ ضَاعَتْ جُهُودِي[55]
2 الإشعاع الأدبي
يظهر ذلك جليا في أن المدرسة تخرج فيها علماء مبرزون وخاصة في المجال الأدبي، لكون أغلب الفقهاء مدرسة تَنْكَرْتْ الشعراء أدباء. وفترة تواجد الفقيه سيدي الطاهر الإفراني بالمدرسة الذي طار صيته واشتهر بعد صحبته للشيخ أحمد الهيبة، كان له في ذلك إنتاج أدبي في مدحه وفي حضه على الجهاد، كما أقيم للأستاذ عند زيارته بمراكش سنة 1354ه/1935م، حفل تكريم أنشدت فيه قصائد لايزال صداها يتردد. وكما نجد الفقيه محمد أَبَرَاغْ أول فقهاء المدرسة والأستاذ سيدي مولود السريري الفقيه الحالي بالمدرسة كانا من المبدعين في كتابة الكتب ونسخها. ونجد أغلب كتبهم مشهورة ويحتدى بها في المدارس العلمية العتيقة بسوس ويستفيد منها طلبة العلم، وهذا الأمر يعد اشعاعا أدبيا، كما نجد الشاعر سيدي الحسين البكري الناصري الإفراني والمؤرخ محمد المختار السوسي وغيرهم من الطلبة الخرجين بالمدرسة لهم مؤلفات عديدة ودواوين من الشعر تتغير موضوعاتها من فرح أو حزن أو تهنئة أو تعزية وقد يتداولون مواضيع العصر كالجهاد والجفاف أو غيرها… ونذكر مايلي :
- محمد بن البشير الناصري:
من الأدباء الذين يزخر بهم “وادي الأدباء” وقد نظم شعره على منوال من سبقوه ومن عاصروه وجاءت موضوعات شعره في شتى المواضيع.
منها التهنئة وذلك بمناسبة استقلال الجزائر يقول في مطلعها:
هَاتِفَاتُ آلْمُنَى تَزُفُّ آلبَشَائِرْ بِانُهِزَامِ العَدَا وَنَصْرُ الجَزَائِرِ
فَآنْبَرَتْ أَلْسُنُ آلْمَحَطَّاتِ تَشْدُو مُطْرِيَاتٍ جَيْشًا عَلَى آلْبَغْيِ ثَائِرِ
صَاحَ فَآنْظِمْ إِنْ كَانَ فِكْرُكَ صَوَّا غًا نِظَامُ آلْعُلاَ أَوْ إِنْ كُنْتَ نَاثِرُ[56]
وكما يملك سيدي محمد بن البشير قصيدة يرثي فيها الفقيه العلامة سيدي محمد المختار السوسي، حيث تربطه بهذا الأخير علاقة وطيدة يقول فيها:
عَظُمَ آلْمُصَابُ وَفَاقَ مَا يُتَصَوَّرُ عَقْلُ آللِّسَانُ فَنُطْقُهُ مُتَعَذِّرُ
رَحَلَ آلْتَّصَبُّرُ وَآسْتَقَّرْ خِلاَفُهُ وَجْدٌ يُذِيبُ وَمَدْمَعَ يَتَحَذَّرُ
فَآشْدُدْ يَدَيْكَ عَلَى آلْفَؤَادِ فَإِنَّهُ قَدْ كَادَ مِنْ كَمَدٍ بِهِ يَتَفَطَّرُ[57]
- سيدي الطاهر الإفراني:
كان يمارس التدريس في مدرسة تَنْكَرْتْ ويمارس الجهاد ضد الاحتلال الأجنبي، بحث حارب الاستعمار الفرنسي للمغرب بلسانه وبيده، وأصبح أحد العلماء الكبار الذين قادوا الجهاد طيلة عشرين سنة من 1330ه إلى 1352ه[58].
ووجه قصيدة إلى شيخه سيدي أحمد بن عبد الرحمان الجشتيمي[59] يستنهضه للجهاد، ودعوة الناس إليه، لمناهضة الاحتلال الأجنبي الذي يستشعر بخطورته مطلعها:
أَبْرَقٌ بَدَا أَمْ لَمْعُ ثَغْرٍ مُنَضَّدِ وَغَيْثٌ هَمَى أَمْ قَطْرُ دَمْعِ مُبَدَّدِ
وَوَجْهُكَ أَمْ بَدْرٌ عَلَى غُصْنِ بَانَةٍ وَلَحْظُكَ أَمْ حَدُّ آلحُسَامِ آلْمُهَندِ
إلى أن يقول:
فَقُمْ يَا لِسَانَ آلدِّينِ وَادْعُ إِلَى سَبِي لِ رَبِّكَ بِآلْحُكْمِ آلْصَّرِيحِ آلمُؤَبَّدِ
وَنَادَ عِبَادَ اللهِ مُسْتَصْرِخًا وَسِرْ بِسِيرَتِكَ الَّتِى تُعِنُّ وَتُسدِّدُ
صدرت عن مدرسة تَنْكَرْتْ قصائد أندلسية ورسائل مسجعة، ومساجلات رائقة، إذ استطاع الطاهر الإفراني أن يكون خلفا لأساتذته الإلغيين في تَنْكَرْتْ وكانت إفران منبع الأدب ومركزه الذي استقطب معظم الطلبة الذين يقرون بفضل هذه المدرسة عليهم، يقول المختار السوسي في حقها:
هَِي آلجِنَانُ وَهَذِهِ آثَارُها أَيْنَ آلنُّفُوسُ آلمُؤمِنَاتِ الصَّادِقَةِ
لاَ غَزْوَ إِنْ كَانَ »ابْنُ إِبْرَاهِيمُ « مِنْ هَذِي آلْرُّبُوعِ ذَكَاءُ عِلْمٍ شَارِقِهِ
فَآلْعِلْمُ لاَ يَزْكُو سِوَى أَنْ كـَانَ فِي بَلَدِ يَرَى طِيبَ آلْهَوَاءِ سَرَادِقُهُ[60]
- سيدي الحاج الحسين ابن موسى الإفراني :
وغيرهم كثير ممن أدلوا بدلوهم في بحر الأدب، ونالوا من درره ما به يزينون جيد الشعر والأدب وتباهي بهم سوس أقطارا طالما فخرت بأدبائها وشعرائها حتى اليوم، فحق بهم لسوس الفخر، وحق لهم عندنا أطيب الذكر والعناية ما عاشوا بعد موتهم وذلك بدراسة فكرهم وإخراجه إلى الوجود كي يستفيد منهم الخلف وعن هؤلاء الرجال (سيدي الطاهر ومحمد بن الطاهر والمختار السوسي والحسين الحاج الحسين بن موسى الإفراني والبشير بن الطاهر و محمد عدي…) قال البشير بن الطاهر:
فَمَا زِينَةُ آلدُّنْيَا سِوَاهُمْ فَإِنْ مَضَوْا فَلَيْسَ لَهَا قَـدْرٌ يَقْدِرُ
وَمَفْخَرَةُ آلأَقْطَارِ هُمْ وَحْدَهُمْ فَإِنْ هُمْ ذَهَبُوا لَمْ يَبْقَ لِلْقُطْرِ مَفْخَرُ [61]
3- الإشعاع الثقافي:
ويتجلى هذا الإشعاع في تلك المناسبات الدينية التي تنظم داخل المدرسة، أو ما يحتفل به بالقرب منها. ونذكر: تنظيم ندوات وجلسات علمية، إما داخل المدرسة التَنْكَرْتْية حيث يحضر الطلبة والفقهاء والأصدقاء والأحباب والساكنة، أو خارج المدرسة التَنْكَرْتْية في المعاهد والجامعات المغربية (تناقش فيها أوضاع المدرسة أو مميزاتها أو تتمحور الندوات حول أشعار الفقهاء ومؤلفاتهم)، كما تقام بالمدرسة مواسيم عدة منذ القديم إلا أن أهمها الموسم السنوي الذي أخبرنا به سيدي البشير بن الطاهر الإفراني قال لنا عن هذا الموسم: هو موسم سنوي يقام مرة في كل عام يسمونه بموسم البخاري وكانت كل مداشر تَنْكَرْتْ تشارك في هذا اليوم السعيد (من مدشر أَرْزْ إلى مدشر تَاوْرِيرْتْ إِزْكَارْنْ)، يحيث يجهز لهذا اليوم قبل بلوغه، والساكنة تقوم بتجميع أموال من الأسر لشراء أربعة مواشي يقومون بذبحها جماعة ثم توزيع لحمها على الأسر في حين اقتراب ذلك الموسم، ليتم طبخها مع الكسكس وإحضارها يوم الموسم قرب المدرسة التَنْكَرْتْية، هذا الموسم الذي يكون مليئا بالزوار-يجتمع فيه كل من هو صغير وكبير- ويحضرفيه طلبة المدرسة والفقهاء والساكنة وفيها يقام التسامح بين الناس والتآزر ومناقشة أمور الدين والتقاء مع الأحباب وتبادل الأشعار والأقوال وغير ذلك، فهو موسم مزج بين الدور الاجتماعي والديني والعلمي، وكانت له حمولته و سمعته آنذاك، إلا أنه مع الآسف هذا الموسم لم يحافظ عليه أصحابه -أهل تَنْكَرْتْ- فانقطع منذ أزيد من أربعين سنة[62].
- “الاحتفال بليلة القدر” في 27 من كل شهر رمضان، بحيث يجتمع الساكنة بالمدرسة مع الطلبة والفقهاء لاحياء تلك الليلة المباركة بترتيلهم للقرآن والذكر في جو ديني. ويجتمعوا على الطعام الذي يقوم بعض المحسنين من الساكنة بإعداده وجلبه إلى المدرسة، وتبقى العبادة في تلك الليلة حتى أداة صلاة الصبح والدعاء في الأخير بينهم بالخير والأمن ثم يفترق الجميع كل إلى مسكنه.
- “الاحتفال بعيد المولد النبوي” ثم “الاحتفال بيوم عرفة” كما ذكرنا سابقا، كما كانت تحتفل بهما أيضا المدرسة الأمسراوية.
- “الاحتفال بختم القرآن الكريم” حيث أخبرنا سيدي البشير يوم زيارتنا له بمسجد تيمولاي “إِزْدَارْ”[63] عن هذا الاحتفال كيف يقام.
بدأ الفقيه سيدي البشير بن الطاهر بحفظ القرآن الكريم منذ نعومة أظفاره، -خمس سنوات من عمره-، وأخذ القرآن عن الأستاذ المتقدم وعمدته (يعني سيدي الحسين بن محمد الأساكي الإفراني) حتى وصل إلى (سورة الأنبياء)، ثم بعد ذلك أخذ عن سيدي إبراهيم المنقوش السملالي القرآن يوم شارط في مسجد تَاوْرِيرْتْ نْدْعْلِي مْجُوضْ، وبدأ عنده من (سورة الأنبياء) إلى ختم القرآن الختمة الأولى وهو ابن 13 سنة في عام 1369 هجرية، واحتفلت أسرة سيدي البشير بهذه المناسبة وأعدت الطعام هذه الوليمة تدعى لدى الساكنة “تَانْعْرِيفْتْ”، وتوجهوا بها إلى مسجد تَاوْرِيرْتْ نْدْعْلِي مْجُوضْ، حيث اجتمع الفقهاء والطلبة والطالب الذي يلبسونه الجلباب الأبيض والبلغة الصفراء، ويخصصون له مقاما خاصا به يكون متقابلا مع أشياخه ومع الحضور، ويقوم الفقهاء بقراءة آيات من القرآن الكريم (السلكة)، ثم تقدم لهم الوليمة في الأخير، ويختتم الحفل الديني بدعاء جماعي. بعد هذا انتقل الفقيه سيدي البشير من هذا المسجد إلى مدرسة تَنْكَرْتْ عند المقرئ سيدي الحسين بمحمد الأساكي ليعاود حفظ القرآن وختمه للمرة الثانية وهذه المرة تقوم عائلته باستدعاء الفقهاء إلى المنزل حيث تقدم لهم مأدبة عشاء يكرم فيها الطالب وكذا الفقيه، هذا الأخير الذي تسلم له هدية تشجيعا له على اهتمامه بإبنهم وكذا الطلبة الأخرين، أما في ختمه القرآن الكريم للمرة الثالثة فيقام له احتفالا باستدعاء فقهاء وطلبة المساجد بتَنْكَرْتْ وكذا فقهاء المدارس السوسية الأخرى المجاورة الذين يحضرون إلى هذا الحفل الديني العظيم، وكانت أسرة الطالب من تتكلف بإعداد الطعام بتعاون من بعض المحسنين أما الفقيه سيدي الحسين بن محمد الإفراني الساكي الافراني البشير فتكلف بكتابة الختم في اللوحة [64] المخصصة بهذا اليوم والتي سيحملها المتخرج أمام حضور كبير من الفقهاء والطلبة (تنظر الصورة رقم 4، التي تمثل لوحة ختم القرآن الكريم) وبالمناسبة تقدم للفقيه هدية قد تكون عينية أو نقدية، كما يقوم الأب بشراء بذلة بيضاء لابنه وأخرى للفقيه، وغالبا ما تكون جلبابا أبيض ثم بلغة وعمامة بيضاء، هذا يدل على مكانته العظيمة بين الناس، وبعد هذا الاستعداد يبدأ الحفل بالمدرسة حيث يستظهر الطالب لوحته على الشيخ أمام الملأ ثم قراءة الفقهاء آيات من القرآن الكريم (سورة ياسين وسورة الملك)، ثم يقدم لهم الطعام. عند الفراغ من الأكل يبدأ الطلبة بتهنئة الطالب ويختتم الحفل بدعاء جماعي يدعو فيه الشيخ للطالب بالصلاح والعافية والمجيد من الجد والمواصلة في العلم ويدعو لجميع المسلمين بالخير وإلى كل من ساهم بقليل أو كثير في إنجاح وإتمام هذا الحفل[65]. هكذا إذن يتم الاحتفال بختم القرآن الكريم بهذه المدرسة وحتى بمدرسة تَازْرُوتْ الأمسراوية. لينتقل بعد ذلك سيدي البشير إلى تلقين العلوم الشرعية[66].
هذه الاحتفالات هي التي تعرفها المدرسة التَنْكَرْتْية، أما إحتفالات الطلبة التي نسمع بها داخل المدارس السوسية مثل: “بِيضَا بِيضَا”[67] و”الجْمْعِيَة”[68] و”التِوِيزَة”[69] فلا تقام بهذه المدرستين الإفرانيتين “تَنْكَرْتْ” و”تَازْرُوتْ”[70].
إن احتفالات الطلبة داخل مدرسة تَنْكَرْتْ من بينها احتفال بيوم الأربعاء حيث يحضر الطلبة للفقيه المقرئ إما بيضة أو درهما، وقد يأتي بعد المحسنين في ذلك اليوم بطعام إلى المدرسة.
رابعا: الأدوار المجتمعية لمدرسة تنكرت
لعبت مدرسة تَنْكَرْتْ الإفرانية بالجنوب المغربي وما زالت تلعب أدوار مهمة شأنها شأن المدارس العتيقة الأخرى الموجودة بسوس، ويمكننا حصر هذه الأدوار فيما يلي:
6-1 الدور الديني المذهبي: يتمثل في نشر علوم الشريعة الإسلامية والدعوة إلى الكتاب والسنة، وذلك لتعزيز مكانة السنة النبوية في كل أرجاء المنطقة وخارجها، وكما عمل فقهاء المدرسة على تحفيظ الطلبة الوافدين إليها القرآن والحديث النبوي الصحيح والعمل على مشر العلم والحث على الأخلاق ومحاربة الأمية و الجهل، كما عملت المدرسة على صيانة السنة النبوية وحماية المذهب المالكي والحفاظ عليه ليس فقط داخل المدرسة بل في جميع مدارس سوس العتيقة.
6-2 الدور الاجتماعي: تقوم المدرسة بخدمة أهل العلم من العلماء والفقهاء والطلبة، هؤلاء الفقهاء الذين كان لهم الدور الكبير في إصلاح الخلافات في السابق والقضاء والساكنة تشاورهم في أمور عدة لدى نجدها كذلك تقدرهم وتحترمهم وتشجعهم بدعم وإعطاء نفقات خاصة منهم المحسنين داخل المنطقة و خارجها.
6-3 الدور التربوي التعليمي: يظهر ذلك من خلال تعليم الناشئة محو الأمية وتحلي الطلبة بالأخلاق اللازمة وتطهير النفوس الضالة وتعليم الطلبة لمبادئ الشريعة الإسلامية وتهذيب السلوك.
6-4 الدور الوطني الجهادي: حيث قام مجموعة من العلماء بالمدارس العلمية العتيقة منها النتكرتية كما ذكرنا سابقا (خاصة سيدي الطاهر الإفراني) بمجاهدة الغزاة المحتلين ومحاربة الاستعمار الأوروبي ابان القرن التاسع عشر.
6-5 الدور القومي: علاوة على الأدوار الأولى المذكورة فقد تشبع طلبة المدارس وعلمائها بالشعور القومي من التعاطف مع الأمة العربية الإسلامية التي تعرضت عبر تاريخها العريض لعدة هزائم ومصائب وكروب من بينها المد الاستعماري في ربوع العالم العربي الإسلامي واحتلال الصهاينة لفلسطين…
6-6 الدور السياسي: كونت المدارس كثيرا من العلماء الذين ساهموا في ترشيد سياسة الحكومة وبناء مقوماتها الدستورية وتنظيم مرافقها التشريعية والتنفيدية وقدموا خدمات جلى للدولة والسلطان على مستوى الاستشارة السياسية والدينية والتعلمية.
6-7 الدور التأطيري التنموي: تكوين الوعاظ والمرشدين والفقهاء والعلماء والمدرسين والأساتذة لتحمل مسؤولية التوعية والوعظ والتكوين والتأطير، ومساعدة السلطان والحكومة على أداء أدوارها الطبيعية. وقد تخرج من هذه المدرسة كثير من العلماء والأطر الكفئة لمزاولة المهام المنوطة بهم كممارسة الإمامة والخطابة والفتيا والتوثيق والعدالة والقضاء والتدريس وممارسة المهام الإدارية في كل المدن المغربية…
6-8 الدور الثقافي: يتجلى هذا الدور في تلك الاحتفالات والمناسبات الدينية التي تنظمها المدرسة ويحضرها الطلبة والضيوف من داخل المنطقة وخارجها ومن مدارس السوسية المجاورة لها، وهذه الاحتفالات لها دور وفضل كبير في تبادل الخبرات والآراء بين الفقهاء وتبادل الأفكار والأشعار والإبداعات الأدبية التي ينتجها الفقهاء والطلبة من أجل اكتساب التجارب والمعارف.
خاتمة :
لقد وقفنا خلال هذا المقال العلمي على الغنى الثقافي والأدبي لمنطقة إفران الأطلس الصغير، من خلال جوانب مختلفة تهم تاريخ المنطقة ومجالها الجغرافي. كما تناولنا فيها الحديث عن المدارس العلمية العتيقة الموجودة بأرض إفران الأطلس الصغير وهي مدرستا “تَنْكَرْتْ” و”تَازْرُوتْ” اللتان أسهمتا في تنشيط الحركة العلمية، ولا ننسى الدور المهم لعلمائها وإسهامهم الكبير في تأسيسها وبعثها وإحيائها من جديد.
إجمالا، إن مدرسة تنكرت في تاريخها أعرق، وفي موقعها الجغرافي على الجبل، كما أن فقهائها مشهورين، وهي أكثر إشعاعا وانفتاحا، هذا ما جعلها أكثر شهرة من الأخرى. ولكن ما يهمنا ذكره أنه تعمل المدرسة التنكرتية على احتضان مدرسة تازروت وأن تمد لها يد المساعدة من أجل أن تتغير إلى الأحسن. وتتميز المنطقة كذلك بغناها الثقافي والحضاري الذي يختلف من حيث زمان البناء ومكانه وتقنياته. هذه المباني التاريخية الشاهدة على قدم التعمير وتطوره في المنطقة، تعد أكبر مؤشر على انفتاح المنطقة على مناطق الشمال والصحراء. ومن أهم هذه المآثر التاريخية نجد “المدارس العلمية العتيقة” التي عرفتها منطقة إفران منذ القدم، شأنها شأن مناطق سوس وهوامش الصحراء، والهادفة بالأساس إلى التنشئة السليمة على الدين والقيم الاجتماعية والتخلق بالآداب وتعلم اللغة العربية والعلوم الشرعية المختلفة؛ ك “مدرسة تَازْرُوتْ”و”مدرسة تَنْكَرْتْ”.
قائمة المراجع :
- التهامي الراجي الهاشمي، دور المدارس القرآنية في التربية، مجلة دعوة الحق، الرباط، المغرب، العدد 330، السنة 38، غشت – شتنبر 1997م.
- الحسن بن محمد (الوزان)، وصف إفريقيا، ترجمة عن الفرنسية: محمد حجي ومحمد الأخضر، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، سنة 1983م.
- المهدي بن محمد السعيدي، “المدارس العتيقة وإشعاعها الأدبي والعلمي بالمغرب، المدرسة الالغية بسوس نموذجا“، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، ط1 مطبعة فضالة، المحمدية، 1427 هجرية/2006 ميلادية.
- أبو الوفاء يحيى أحمد بن علي التجاجتي ، مآثر السلف و مفاخر الخلف، منشورات جمعية إيليغ للتنمية و التعاون ،الرباط، 1991م.
- أيت بومهاوت أمحمد (الوسخيني)، منار السعود عن تفراوت الملود و مدرستها العتيقة، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى- 1414 /1994 م.
- جميل حمداوي، المدارس العتيقة بالمغرب، سلسلة المعارف الأدبية، مطبعة العارف الجديدة، مكتبة المعارف، الطبعة الأولى، الرباط، سنة 2010م.
- جون جيمس ديمس، حركة المدارس الحرة بالمغرب ( 1919 – 1970 ، ترجمة السعيد المعتصم، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء، درا النشر تانسيفت، الطبعة الأولى، 1991م.
- رشيدة برادة، التعليم العتيق والبنية التقليدية في المغرب، مجلة علوم التربية، الرباط، المغرب، العدد الثالث والثلاثون ، مارس 2007م.
- عبد الله الحجاجي، “الارتجال في مناقب سبعة رجال“، مخطوط بالمكتبة الملكية، الرباط.
- عبد السلام الأحمر، حوار الدكتور اليزيد الراضي، الفقيه الشاعر حول واقع التعليم العتيق، مجلة تربيتنا، المغرب، عدد 5، ربيع الثاني 1426ه، ماي 2005م.
- عمر المتوكل الساحلي، المعهد الإسلامي بتارودانت والمدارس العلمية العتيقة بسوس، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، الجزء3، 1990م.
- مارمول كربخال، إفريقيا، ترجمة محمد حجي، دار النشر المعرفة مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط، سنة 1989م.
- محمد المختار السوسي،
- سوس العالمة، مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر، مطبعة فضالة –المحمدية- المغرب الأقصى الدار البيضاء الطبعة الثانية، عام 1380 هـ/1960م.
- المعسول“، مطبعة الشمال الافريقي، ومطبعة النجاح، الرباط، 1962– 1963م.
- محمد تيفاوين، قراءة في التعليم العتيق رقم 01-13، مجلة تربيتنا، المغرب، عدد 5، ربيع الثاني 1426 ه، ماي2005م.
لائحة الصور:
مدرسة تَنْكَرْتْ لتعليم العتيق – الجناح القديم | مدرسة تَازْرُوتْ |
الجناح العلوي لمدرسة تَنْكَرْتْ | بيوت الطلبة داخل مدرسة تازورت |
الخزانة العلمية لمدرسة تَنْكَرْتْ | خزانة مدرسة تَازْرُوتْ |
[1]– عمر المتوكل الساحلي، المعهد الإسلامي بتارودانت والمدارس العلمية العتيقة بسوس، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1990، الجزء 3، ص.33.
[2]– جميل حمداوي، المدارس العتيقة بالمغرب، سلسلة المعارف الأدبية، مطبعة العارف الجديدة، مكتبة المعارف، الطبعة الأولى، الرباط، سنة 2010، ص 7.
[3]– نفسه.
[4]– عبد السلام الأحمر، حوار الدكتور اليزيد الراضي، الفقيه الشاعر حول واقع التعليم العتيق“، مجلة تربيتنا، المغرب، عدد 5، ربيع الثاني 1426ه، ماي 2005م، ص: 38 – 43.
[5]-كان المغاربة يتلقون عادة تعليمهم الابتدائي في المدارس القرآنية المسماة بالمكتب أو الكتاب في اللغة العربية الفصحى ،غير أن المصطلح المستعمل غالبا للدلالة على المدارس القرآنية في المغرب هو لفظة “المسيد” و تستعمل هذه الكلمة في اللغة العربية المكتوبة في كل أنحاء المغرب ومصطلح “المسيد” تهجية عامة لكلمة “المسجد” التي يستعملها المغاربة كمرادف “للمدرسة القرآنية” و بخصوص الانتقال من فكرة “المدرسة القرآنية” الملحقة بالمسجد ،قارن المصطلح المغربي ” الجامع ” الذي يفيد المعنيين معا ، وبالرغم من أن “المسيد” كلمة عامية ،فقد أدرجت في اللغة العربية المكتوبة بالمغرب، مأخوذ من : جون جيمس ( ديمس ): “حركة المدارس الحرة بالمغرب ( 1919 – 1970 )”، ترجمة السعيد المعتصم، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء،، درا النشر تانسيفت، الطبعة الأولى، 1991، ص. 16.
[6]– جميل حمداوي، المدارس العتيقة بالمغرب، مرجع سابق، ص 8.
[7]– محمد (تيفاوين)، قراءة في التعليم العتيق رقم 01-13“، مجلة تربيتنا، المغرب، عدد 5، ربيع الثاني 1426 ه، ماي2005م، ص 48-51.
[8]– التهامي الراجي (الهاشمي)، دور المدارس القرآنية في التربية، مجلة دعوة الحق، الرباط، المغرب، العدد 330، السنة 38، غشت – شتنبر 1997 م، ص 64 – 70.
[9]– رشيدة برادة، التعليم العتيق والبنية التقليدية في المغرب، مجلة علوم التربية ، الرباط، المغرب، العدد الثالث والثلاثون ، مارس 2007، ص 121 -143.
[10]– هم ابن عمروا بن العاص ولد على عهد رسول الله و استشهد سنة 63ه، وللتفصيل أكثر آنظر كتاب “أسد الغابة في معرفة الصحابة “، 3/556.
[11]– أيت بومهاوت أمحمد (الوسخيني): “منار السعود عن تفراوت الملود و مدرستها العتيقة “، (مرجع سابق)، ص24.
[12]– أيت بومهاوت أمحمد (الوسخيني): “منار السعود عن تفراوت الملود و مدرستها العتيقة “، (مرجع سابق)، ص25.
[13]– هو ادريس بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب، قدم الى المغرب من مكة 170 للهجرة حيث قام دولة الأدارسة، اغتيل 175هجرية.
[14]– أيت بومهاوت أمحمد (الوسخيني): “منار السعود عن تفراوت الملود و مدرستها العتيقة”، (مرجع سابق)، ص28.
[15]– نفسه.
[16]– نفسه، ص 20.
[17]– نفسه، ص 29.
[18]– محمد المختار(السوسي): “سوس العالمة”، ص 20.
[19]– محمد المختار(السوسي): “سوس العالمة”، ص 20.
[20]– عيسى بن عبد الرحمن السكتاني أبو مهدي قاضي تارودانت ثم قاضي مراكش، هو ركراكي النسبة فيما اشتهر عنه صاحب الفتاوى الشهيرة وصاحب القضية المعلومة بينه وبين يحيا بن عبد الله بن سعيد الحاحي… و عيسى السكتاني أشهر من نار على علم ، توفي وهو عالى قضاء الحمراء 7 – 2 – 1061 هجرية، مأخوذ بتصرف من محمد (المختار السوسي): المعسول، 5/15.
[21]– عبد الله بن يعقوب السملالي: هو الفقيه العالم العامل المحقق نسبه :هو عبد الله بن يعقوب بن عبد الله بن يعقوب – مكررا– بن سليمان بن محمد بن تامورة ابن عبد العزيز بن يونس – هكذا مكررا أيضا- بن علي بن عمر بن موسى ابن أحمد بن محمد بن العربي بن عيسى بن عبد الله بن كندوز بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن حسان بن اسماعيل بن جعفر بن عبد الله بم الحسن بن علي بن أبي طالب. وقال عنه تلميذه الرسموكي: شيخنا الفقيه العالم المتفنن الصالح سيدي عبد الله بن يعقوب السملالي خاتمة المدرسين المحققين بجزولة، واظب على التدريس رحمه الله.
[22]– محمد(المختار السوسي):”المعسول”، مطبعة الشمال الافريقي، مطبعة النجاح، الرباط، 1962 – 1963 ميلادية،11/202.
[23]– سعيد الهوزالي: ولد سنة 913 هجرية وقد قال عنه تلميذه عبد الرحمن التامانارتي في ( الفوائد الجمة ): شيخنا الفقيه العالم العلامة الصدر القضاة سيدي سعيد بن علي بن مسعود ابن علي السوسي الهوزالي ،طود من أطواد الأناة و السكينة وركن من أركان المهابة و العزة، ولى قضاة الجماعة بسوس الأقصى نيفا وثلاثين سنة، فأحسن السيرة و جمع كلمة الهدى، توفي رحمه الله ليلة الإثنين لثمان عشرة خلت من صفر سنة 1001 هجرية . آنظر بقية ترجمته في المعسول، 7/48.
[24]– انظر ترجمته في “المعسول”، 10/158.
[25]– محمد بن محمد بن ابراهيم التامانارتي: هو محمد بن محمد بن ابراهيم بن عمرو بن طلحة بن محمد بن سليمان بن عبد الجبار التامانارتي هو العالم الجليل قام بوظيفة التعليم و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بعد أبيه، أحسن قيام في أحسن سيرة. آنظر تتمة الترجمة في المعسول ج 10، ص 47.آنظر ترجمته في “المعسول” 7/ 47.
[26]– توفي سنة 76 هجرية في غزوة ببلاد الروم “قادة فتح المغرب”، 1/205.
[27]– أيت بومهاوت أمحمد(الوسخيني): “منار السعود عن تفراوت الملود و مدرستها العتيقة”، (مرجع سابق)، ص26.
[28]– توفي بوادي القرى بالحجاز سنة97 هجرية، آنظر “قادة فتح المغرب” ص277.
[29]– ولد أوائل الستينات الأولى من الهجرة وتوفي “بدير سمعان “قرب حمص في رجب سنة 101 هجرية انظر تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 212.
[30]– توفي بالقيروان سنة 132 هجرية.
[31]– كلمة “مسجد”: عبارة عن مجموعة من البيوت التي يرتفق بها سكان القرية من محل الصلاة ويسمى المقصورة، والميضأة، ومسخن الماء وبيت الطالب(امام الصلاة ومعلم الصبيان )وكتاب القرآن، ودهليز يستريح فيه الناس للأحاديث والأقاصيص وعرصة ومخزن للحبوب والحطب، فالمساجد عموما هي بيوت الله تتلى فيها آياته و حكمه فبهذا نالت المنزلة العالية والمقام الكريم(مأخود من :”المدرسة الأولى”، م.س، ص 14-15 /وأبوالوفاء يحيى أحمد بن علي( التجاجتي ): “مآثر السلف و مفاخر الخلف”، منشورات جمعية إيليغ للتنمية و التعاون ، 1991، ص 13.
[32]– عبد الله (الحجاجي): “الإرتجال في مناقب سبعة رجال”، مخطوط بالمكتبة الملكية، الرباط، ص 194.
[33]– “القيروان” أسسه عقبة بن نافع سنة 50 هجرية، “شجرة النور”، ص 96.
[34]– “نفيس”: تقع على ضفة نهر يحمل الإسم ويتلقى مياهه من جبال الأطلس الكبير عند “تينمل “ويصب في بحيرة جنوب مراكش قال عنها البكري:إنها مدينة محصنة قديمة افتتحها عقبة بن نافع و ذكر أنها كثيرة السكان في زمانه أما اليوم فلا يعرف لها أثر “خالدون ” ص87 .
[35]– “أغمات” تقع على نهر يحمل اسمها وهي قاعدة دولة “المرابطين ” قبل تأسيس مراكش أما اليوم فهو مركز تقام فيه سوق اسبوعية .
[36]– “ماسة” تقع على شاطئ المحيط الأطلسي بين اكادير وتزنيت ويذكر أن مبدأ تأسيس هذا المسجد كان على يد عقبة بن نافع الفهري.”خلال جزولة “،ج4 ص44.
[37]– أسسته فاطمة بنت محمد بن عبد الله الفهري سنة 245 هجرية.
[38]– أيت بومهاوت امحمد (الوسخيني): “منار السعود عن تفراوت الملود و مدرستها العتيقة” ،م.س. ص .30 .
[39]– محمد المختار(السوسي): “سوس العالمة“، ص .21.
[40]– نفسه ص 22.
[41]– منوغرافية جماعة إفران الأطلس الصغير، لسنة 2011- 2016، ص 5.
[42]– مارمول كربخال، إفريقيا، ترجمة محمد حجي، دار النشر المعرفة مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط، سنة 1989، 3/143.
[43]– الحسن بن محمد (الوزان)، وصف إفريقيا، ترجمة عن الفرنسية: محمد حجي ومحمد الأخضر، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، سنة 1983، 2/115.
[44]– منوغرافية جماعة إفران الأطلس الصغير، (مرجع سابق) 2011- 2016، ص 6.
[45]– منوغرافية جماعة افران الأطلس الصغير، سنة 2011-2016، ص6.
[46] – “منوغرافية جماعة إفران الأطلس الصغير“، لسنة 2011 – 2016، ‘ نبدة عن إفران الأطلس الصغير’، ص.7 .
[47]– “منوغرافية جماعة إفران الأطلس الصغير“، لسنة 2011 – 2016، ‘ نبدة عن إفران الأطلس الصغير’، ص.7.
[48]– من “موسوعة المغرب“، الباب ( إفران )، ص 549.
[49]– المهدي بن محمد (السعيدي )، “المدارس العتيقة وإشعاعها الأدبي والعلمي بالمغرب، المدرسة الالغية بسوس نموذجا“، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية المغربية، ط1 1427 هجرية/2006 ميلادية مطبعة فضالة ، المحمدية، ص 536.
[50]– رواية شفوية: الفقيه “سيدي مولود السريري”، 53 سنة، إفران الأطلس الصغير، يوم 12 – 03 – 2016.
[51]– رواية شفوية : الفقيه سيدي”الحسين بن موسى البكري”، 83 سنة، مسجد لبنان بتالبرجت، يوم 16 – 03 – 2016.
[52]– بيت به كسر عروضي.
[53]– القصيدة مأخودة من أزجوزة “أخرج زكاة الفطر بالنقود” لعبد الله التتكي، وقد عقب عليها شاعرنا سيدي الحاج الحسين البكري، بقصيدة طويلة في 375 بيتا سماها “نكس اللواء المعقود ” وبظرا لطولها اقتصرنا فقط على أبيات من قصيدته الأولى. وهي أيضا بها بها كسر عروضي.
[54]– محمد بن أحمد عدي المسراوي ولد 1948 وتلقى معظم معارفه على يد الحاج الحسين البكري الافراني، ثم تقلب مشارطا في عدة مدارس الى أن استمر أماما وخطيبا بمسجد بدر بتيزنيت، وظل مجاهدا و باحثا مبدعا وواسع الأفق يرغب في التجديد و الاجتهاد ويعارض الجمود . هذا ما أخبرنا به الفقيه سيدي” الحسين بن موسى البكري”، يوم 16 – 03 – 2016.
[55]– بيت به كسر عروضي.
[56]– رواية شفوية: الفقيه”سيدي البشير بن الطاهر الإفراني”، 76 سنة ، تيمولاي، يوم 16 – 03 – 2016.
[57]– بيت به كسر عروضي.
[58]– عمر(الساحلي ): “المدارس العلمية العتيقة بسوس”،(مرجع سابق)،ج3، ص. 229.
[59]– وجه الفقيه الطاهر الإفراني هذه القصيدة إلى الفقيه أحمد بن عبد الرحمان الجشتيمي قبل توقيع معاهدة الحماية، لأن وفاته كانت عام 1327 هجرية الموافق 1909 ميلادية. وعدد أبيات القصيدة يقارب مائة وعشرون بيتا، آنظر عمر(الساحلي ):”المدارس العلمية العتيقة بسوس”، (مرجع سابق)، 3/234.
[60]– عمر(الساحلي): “المدارس العلمية العتيقة بسوس”، (مرجع سابق)، 3/24.
[61]– رواية شفوية: الفقيه سيدي “البشير بن الطاهر الإفراني”، 76 سنة، تيمولاي، يوم 16- 03- 2016.
[62]– رواية شفوية: الفقيه سيدي “البشير بن الطاهر الإفراني”،76 سنة، تيمولاي، يوم 16 – 03 – 2016.
[63]– ” إِزْدَارْ كلمة أمازيغية تعني السفلى.
[64]– اللوحة كما ستجدون في الصورة تتضمن آيات من الذكر الحكيم وبعض الأدعية.
[65]– رواية شفوية: الفقيه سيدي”البشير بن الطاهر الإفراني”،76 سنة، تيمولاي، يوم 16 – 03 – 2016.
[66]– هذه العلوم أخذها الفقيه سيدي البشير الناصري عند الفقيه سيدي “محمد بن الطاهر” وسيدي” المدني بن محمد بن الطاهر” .
[67]– “بيضا بيضا “: ينطلق الموكب الذي يجمع “بيضا” من باب المدرسة في انجاه أحياء القرية أو الدوار ومنازله، منزل بمنزل واللوح المكسو بأزهى الألوان يعلو رؤوس الجميع، ويرددون بشكل جماعي مايلي:
بيضا بيضا لايلاه ما سانكلا تيلواح
تيلواح ن طالبي طالب ايحوجاني
إيحوجان إيحوجاني مولانا مولانـا
هو احتفال ونشاط تربوي يقوم به الطلبة الصغار (الذين يحفظون القرآن الكريم بالمدرسة) بحيث يرتدون أبهى ما يملكون من الثياب، ويحملون لوحا “تاللوحت” من طرف أحدهم المختار مسبقا من طرف الفقيه، وزخرفته ببعض الآيات والأدعية، وذلك بعد لفه في قماش جميل و إثباته في طرف قضيب من القصب أو الخشب، يمسكونه به. ويرددون عبارات أخرى:
يات تكلايت تيسنات بيضة أو إثنتين
إزران ن تاربيعت أحجار (الربيعية) أي السكر
إيزان نتزنبيلت دباب (الزنبيلة) أي حبات الشاي
تيزكيين أوجبيـر شقوف المحفظة أي قطع النقود أو الدراهم .
[68]– “الجمعية”: يطلق على الاحتفال الذي يقوم به طلبة بعض المدارس العلمية العتيقة بسوس، ويتمثل في قيام الطلبة بجمع القليل من الزبدة عند الساكنة وحين الانتهاء في تجميعها، تقدم لفقيه المدرسة العتيقة، ليعد بها السمن الخاص بتموين المدرسة سابقا وهذه العادة لم تكن تقام بمدارس إفران الأطلس الصغير كما أخبرنا بها فقهاء هذه المدارس.
[69]– “التويزة نطالب” هو ضمن نظام المشارطة، يقوم خلالها أهل المدشر بالتعاون على إنجاز الأشغال الفلاحية الخاصة بالإمام كالحرث والحصاد، وهذا التقليد العرفي المسمى”تيويزي”يشارك فيها جميع الأهالي رجالا ونساءا وكل من هو مؤهل للقيام به، وذلك بأدواتهم وسواعدهم.
[70]– رواية شفوية: “الفقيه سيدي الحسين البكري الناصري”، 83 سنة، تالبرجت الذي أمدنا بها يوم زيارته، يوم 16 – 03 – 2016 ثم رواية شفوية: “عبد الله أبهام”، خريج مدرسة تازروت، 40 سنة، إفران الأطلس الصغير، يوم 18 – 03 – 2016.