الأخطاء الشائعة في أبحاث الماجستير
Common mistakes in master’s research
الباحثة هبة عبدالقادر الرطل، ماجستير إعلام – إذاعة وتلفزيون – جامعة الجنان، لبنان
Hiba Abdelkader Ratel, Jinan University of Lebanon
ورقة منشورة كتاب أعمال مؤتمر تمتين أدبيات البحث العلمي ديسمبر 2020 في الصفحة 113.
Abstract
Scientific research has a great importance in our life as it helps to understand and clarify the phenomena surrounding us, and contributes to solving the scientific problems that encounter us and explaining their causes, and based on the method of scientific research and the generally accepted scientific steps, the researcher sets out in the process of searching for the truth and reaching the desired goal of the research, Any defect or negligence – even if it was not intended – in the steps of scientific research, the results that will be reached will be inaccurate, and therefore we will not be able to properly treat the problem presented, based on what has been mentioned, the interest in scientific research is linked to the process of strengthening and consolidating the research methodology Scientific research is in the minds of researchers, and working with it within its fixed steps that do not change in all types of research and in the various university specialties, and despite the efforts of every researcher to present his research as fully as possible, many of them fall into methodological errors that may be a cause of weak research and low degrees of appreciation.
In this intervention, we will address the mistakes that have been repeated by many researchers, along with suggesting some directions to pay attention to and avoid them.
Keywords: scientific research, methodology, common mistakes. Graduation research.
ملخص:
للبحث العلمي أهميّة كبيرة في حياتنا فهو يساعد على فهم وتوضيح الظواهر المحيطة بنا، ويساهم في حلّ المشكلات العلميّة التي تصادفنا وتفسير أسبابها، وانطلاقا من منهج البحث العلمي والخطوات العلميّة المتعارف عليها، ينطلق الباحث في عمليّة البحث عن الحقيقة والوصول إلى الهدف المرجو من البحث، لذلك إنّ أيّ خلل أو إهمال – حتى لو كان غير مقصود- في خطوات البحث العلمي فإنّ النتائج التي سيتمّ التوصّل إليها ستكون غير دقيقة، وبالتالي لن نتمكّن من علاج المشكلة المطروحة بشكل صحيح، بناءً على ما ذُكر فإنّ الاهتمام بالبحث العلمي مرتبط بعمليّة تمتين وترسيخ منهجية البحث العلمي في أذهان الباحثين، والعمل بها ضمن خطواتها الثابتة والتي لا تتغيّر في كل أنواع البحوث وفي مختلف الاختصاصات الجامعيّة، ورغم سعي كل باحث إلى تقديم بحثه على أكمل وجه ممكن، يقع الكثير منهم في أخطاء منهجيّة قد تكون سبباً في إضعاف بحث تخرجه وتدنيّ درجات التقدير.
سنتناول في هذه المداخلة الأخطاء التي تكرّرت عند العديد من الباحثين في مرحلة الماجستير مع اقتراح بعض التوجيهات للتنبّه لها ولتفاديها.
الكلمات المفتاحيّة: البحث العلمي، المنهجيّة، الأخطاء الشائعة. بحث التخرج.
مقدّمة
كل باحث وطالب للعلم يحاول من خلال بحثه أو رسالته أو أطروحته، أن يصل إلى أقصى درجات التميّز وأن يقدّم نتائج علميّة جديدة تحسب له في بداية مسيرته العلميّة، فيبذل أقصى ما في وسعه عن طريق إتّباع الطرق العلمية الصحيحة، والالتزام بمعايير البحث العلمي، لتحقيق غايته ومراده، ورغم هذه الجهود المبذولة نجد أنّ الباحثين تتكرّر عندهم نفس الأخطاء البحثية ممّا أكسبها مصطلح الأخطاء الشائعة، التي أصبحت ثابتة إلى حدٍ ما كخطوات البحث العلمي، ولأنّ البحث العلمي هو مظهر من مظاهر التقدّم الحضاري، لا بدّ من إيلاء هذا الموضوع “الأخطاء الشائعة في أبحاث الماجستير” أهميّة كبيرة، وذلك كخطوة أوليّة وأساسيّة في عمليّة تطوير الأبحاث العلميّة والوصول إلى نتائج علميّة مميّزة تساهم في تطوير المجتمعات والرقيّ بها.
بدايةً لا بدّ لنا من الحديث عن مفهوم البحث العلمي: “فالبحث العلمي هو محاولة لاكتشاف المعرفة والتنقيب عنها وتنميتها، وفحصها وتحقيقها بتقصٍ دقيق، ونقد عميق، ثمّ عرضها عرضاً مكتملاً بذكاء وإدراك، يسير في ركب الحضارة العالميّة، ويسهم فيها إسهاماً إنسانيّاً حيّاً شاملاً”([1]).
الأهميّة والأهداف :
تعود أهميّة هذه الدراسة إلى ارتباطها الوثيق بعمليّة التقدّم والإنجاز العلمي، إذ لا يبشّر بالخير اعتبار الأخطاء البحثيّة وخاصةً الجوهريّة منها أخطاء شائعة، فيصبح الوقوع فيها ممكناً ومقبولاً، فكان لا بدّ من اتخاذ التدابير اللازمة والإجراءات العلميّة والعمليّة لضمان عدم تكرارها وتناقلها، فعلى عاتق الباحثين تقع مسؤوليّة البحث والتدقيق شكلاً ومضموناً لتصحيح المسار ليبقى باتّجاه الموضوعيّة والدقّة العلميّة، ولأن الأخطاء الشائعة انتشرت بشكل كبير في مسيرة أغلبية الباحثين فأصبح من الممكن تصنيفها: “أخطاء شكليّة، أخطاء جوهريّة، أخطاء منهجيّة وغيرها… فبات من الضروري تسليط الضوء عليها وخاصةّ للأخطاء التي قد يقع فيها الباحث في البدايات الأولى لإعداد بحث الماجستير، لأنّ البداية هي أساس كلّ عمل نقوم به، فالبداية السليمة تضمن الوصول إلى معالجة صحيحة، وتنظيم الجهد الفكري القائم على الخطوات المنهجيّة المتسلسلة والمتناسقة والمتكاملة، يؤدّي إلى نتائج تضمن لنا إضافة علميّة مميّزة.
والهدف من هذه المداخلة ليس فقط عرض الأخطاء الشائعة، ولكن تقديم مقترحات ربّما تكون بادرة خير في عمليّة ضبطها وتقديم حلول عمليّة تضمن عدم حصولها، إذ لا يجب التهاون بتكرار الأخطاء لأنه بذلك تصبح ليس فقط شائعة بل راسخة.
وتنقسم هذه المداخلة إلى شقيّن:
الشق الأول: صفات الباحث وأهميّة دوره
الشق الثاني: كيفية تجنب الأخطاء الشائعة
الإشكاليّة
تتمحور إشكاليّة هذه المداخلة حول: “الوقوع في الأخطاء”، وتكمن أهميّتها في العمل على:” تصحيح مسار الباحثين من طلبة الماجستير”، لتفادي الوقوع في مثل هذه الأخطاء الشائعة، حيث يُتوقّع من طلبة الماجستير أن يكونوا على دراية بمنهجية البحث العلمي وخطواته الصحيحة، ولأنّ الواقع يظهر عكس ذلك، فنجد معظم هؤلاء الطلاب غير متمكنين من أسس البحث العلمي، ويتخبّطون في كثير من خطواته فبات من الضروري البحث في هذه النقطة واعتبارها مشكلة علميّة يجب بحثها وإيجاد الحلول لها.
وتأتي هذه المداخلة لتجيب على تساؤلين رئيسيين:
1- ما هي أبرز الأخطاء الشائعة في بدايات البحث العلمي؟
2- من أين يجب أن نبدأ لتفادي الأخطاء الشائعة في البحوث العلميّة؟
ولكي نجيب عليهما يجب البدء بالعنصر الرئيسي والأساسي للبحث العلمي وهو الباحث وتبيان أهميّة دوره.
أولاً: صفات الباحث وأهميّة دوره
بدايةً إنّ أسمى مهمّة للتعليم العالي هو إعداد الطالب علميّاً وفنيّاً وتربويّاً، وتدريبه على كيفيّة كتابة البحث وفق المعايير الأكاديميّة المتّفق عليها عالميّاً، إذ يشترط في الباحث أن يتحلّى بالصفات التالية ([2]):
- الرغبة الحادّة في البحث: هذه الرغبة تنبع من حبّه للموضوع وسعيه لاكتشافه والغور في تفاصيله، وتقديم ما يمكن أن يكون إضافة علميّة جديدة، وهنا لا بدّ من ذكر نقطة أساسيّة وهي أنّه من المستحسن ألّا تبالغ بعض المؤسسات والجهات العلميّة والأكاديميّة المعنيّة في مسألة البحوث، الاهتمام بالنوعيّة على حساب متطلبّات أخرى ممّا يعني أنّه يجب أن يتناسب البحث مع قدرات وإمكانيّات الباحث ومستواه العلميّ، وتوفّر المصادر والمراجع والمعلومات التي يتطلّبها البحث، وتوفير سبل الحصول على معلومات، وهذه الجوانب تنطبق على طلبة الدراسات العليا عند اختيار موضوعات رسائلهم([3]).
- الصبر والعزم على الاستمرارية: إنّ الكثير من البحوث والرسائل والأطاريح الجامعيّة تحتاج إلى البحث والتفتيش المستمر والمضني والطويل أحياناً، كما أن العديد منها يحتاج إلى مراجعات دائمة ومتعبة أحياناً أخرى، وقد لا يجد الباحث التسهيلات والتجاوب المناسب منهم، لأسباب مختلفة ومتعدّدة، لذلك يتوجّب على الباحث الناجح تحمّل هذه المشقّات بكل رحابة صدر، والتعايش معها بذكاء وصبر وتأنّي، ولا يجب أن يصيبه الملل في أيّ مرحلة من مراحل البحث المختلفة.
- تقصّي الحقائق وجمع البيانات: وهو التقصي المنظم عن طريق إتّباع أساليب ومناهج علميّة تحدد الحقائق العلميّة بقصد التأكد من صحتها، الإضافة إلى جمع البيانات واستخدام الأدوات البحثيّة كالاستبانة والإحصائيّات لدعم البحث العلمي.
- الإشادة بجهود السابقين: الاعتراف بإنجازات الباحثين السابقين، وتدخل هنا الأمانة العلميّة التي كثُر الحديث عنها مؤخراً[4]، نظراً للسرقات العلميّة التي حصلت، “والمقصود بها عدم السطو على جهود الآخرين وأفكارهم، فلا بد للباحث أن ينسب الجهد لأصحابه، فلا يستند إلى مرجع ولا ينقل فقرة إلّا ويسندها إلى صاحبها، وهذه تعدّ قاعدة أساسيّة أخلاقيّة في مجال البحث العلمي”([5]).
- الابتعاد عن الأهواء واعتماد الحياد والموضوعيّة: يجب على الباحث ألّا يُقبل على عمله البحثيّ وهو محمّل بتحيّزات فكريّة وأيديولوجيّة ليسقطها على الدراسة، ويسعى إلى تأكيدها عبر ما يجمعه من معلومات، أو يتجاهل المعلومات التي يتناقص معها أو التي مل تثبت صحّتها ودقّتها([6]).
- إتّباع الأساليب والقواعد العلميّة المعتمدة في كتابة البحوث: يجب أن يتوفر لدى الباحث معرفة بالطرق العلمية التي يتم استخدامها من أجل إجراء البحث العلمي، وأن يكون قادراً على تحليل النتائج، ومعرفة الطريقة السليمة للتأكد من صحتها، وأن يقدم أبحاثاً حول مواضيع بحثية جديدة.
- إظهار القدرة على التعبير واستعمال الكلمات المناسبة: وهذا يعني القدرة على استخدام الأسلوب الواضح في كتابة الأبحاث العلمية بعيداً عن المفردات الغامضة التي لا تستطيع العامة فهمها، كما يجب على الباحث الجيد فهم قضية البحث التي يريد صياغتها بشكل جيد، ليستطيع تركيز جهوده على عناوين رئيسية محددة تجنبه الوقوع في التشتت والغموض. بالإضافة إلى الإلمام بأكثر من لغة لفهم المراجع الأجنبيّة.
- الاستفادة من تجربة الأساتذة السابقين وملاحظاتهم: وهذه النقطة ترتبط بمرونة الباحث وتقبّله للنقد، والثقة بمن هم أكثر منه خبرةً.
انطلاقا من هذه الصفات، يمكن القول أنّ النقطة الأساسيّة لبداية صحيحة، تعود إلى مدى سعي الباحث وإصراره على تقديم الأفضل للوصول إلى نتائج علميّة جديدة، محاولاً تفادي الأخطاء التي وقع فيها من سبقه، ودون تبرير هذه الأخطاء البحثية بأنها مقتبسة من بعض الدراسات التي استعان بها، وعدم تشريعها بذريعة أنّ العديد من الباحثين قد وقعوا فيها، وإن نالت دراساتهم وأبحاثهم درجات تقديريّة عالية، أنطلق من هذه النقطة بالذات لأبدأ مداخلتي بالحديث عن أهميّة دور الباحث في عمليّة تفادي الأخطاء الشائعة، الصغيرة منها والجوهريّة خاصةً في رسائل الماجستير، دون إغفال أهميّة دور المتخصّصين والمشرفين في توجيه الباحثين وخاصةً الجدد منهم.
ثانياً: كيفية تجنب الأخطاء الشائعة
إنّ لمنهجية البحث العلمي أهميّة كبيرة ودور فاعل في عملية الوصول إلى نتائج علميّة موثوق بها، ممّا استلزم الاهتمام بها والعمل الدائم على تطويرها، من هذا المنطلق سنقوم بعرض أبرز الأخطاء الشائعة في إعداد أبحاث الماجستير وفقاً لخطوات ومنهجية البحث العلمي، دون الاستفاضة بشرحها، محاولين التركيز على وضع حلول وتوصيات في النهاية:
أولاً: أول خطأ قد يقع فيه الباحث هو اختيار الموضوع: الذي قد يكون أحياناً من قبل المشرف وليس من قبل الباحث نفسه: فتنتفي عنده الرغبة الجادّة والحشريّة العلميّة التي تؤدّي إلى الابتكار والإبداع في البحث والتي هي أولى صفات الباحث.
ثانياً: تحديد وصياغة عنوان البحث: العنوان هو أول ما يصادف نظر القارئ فله أهميّة كبيرة في عمليّة الجذب والرغبة في قراءة البحث.
ثالثاً: خطأ في خطّة البحث لناحية تحديد أهميّة وأهداف وأسباب اختيار الموضوع، فبيان أهميّة البحث بالنسبة للمعرفة العلميّة يعتبر أول خطوة ينبغي أن يخطوها الباحث في خطته، يبرهن خلالها عن حداثة الموضوع وما يحمله من قيمة في مجال البحث العلمي، وما إذا كان يمثّل إضافة أم إعادة تفسير أم سدّ نقص، أم تصحيحاً لخطأ أو غير ذلك([7]).
– يقوم الباحث في العادة بوضع الأهداف في البحث من أجل([8]):
– المساعدة في حصر ما هو ضروري في البحث.
– تجنّب جمع البيانات والأهداف غير الضروريّة.
– تنظيم الدراسة في أجزاء محدّدة وأسلوب واضح.
ومن هذه المنطلقات يجب أن يتفادى الباحث تضخيم أهداف الدراسة، ووضع أهداف غير واضحة وغير محدّدة، تجعل أهدافه صعب الوصول إليها من خلال دراسة مثلاً بل تحتاج إلى مجهودات وإمكانات أكبر، وهذا ينطبق أيضاً على أسباب اختيار الموضوع.
رابعاً: أخطاء في ضبط إشكاليّة البحث وصياغة الفرضيّات كأن يطرح الباحث أسئلة تكون الإجابة عنها معروفة سابقاً أو تمّ التحدّث عنها باستضافة في بحوث أخرى، فيعتبر البحث تكرار لنتائج سابقة ولا يعتبر إنجاز علمي جديد، أو أن يقوم بصياغة فرضّيات غير سليمة، ولا توضح المتغيّرات المراد قياسها، أو أن تكون التساؤلات في بعض الأحيان، تتعدّى قدرات الباحث وإمكانياته الماديّة والفترة الزمنيّة.
خامساً: الأخطاء الشائعة في اختيار العيّنة وإجراءاتها، وتعرف العيّنة على أنّها :”ذلك الجزء من المجتمع التي يجري اختيارها وفق قواعد وطرق علميّة، بحيث تمثّل المجتمع تمثيلاً صحيحاً ([9]).
سادساً: خطأ في منهج البحث العلمي وفي تطبيق خطوات معينة ومتسلسلة، ويعرّف بالتالي: ” الطريقة أو الأسلوب المتّبع في البحث الذي يسلكه الباحث لدراسة ظاهرة أو سلوك معيّنة قصد الوصول إلى كشف حقيقة تطوّرها، والبحث عن حلول لمعالجة المشاكل المرتبطة بها، فالبحث العلمي يتميّز بقدرته على وصف وتحليل الظاهرة المدروسة، ولذلك فإنّ استخدام المنهج العلمي مفيد وضروري، فمن خلال المنهج يمكن تحديد المشكلة بشكل دقيق يساعدنا على تناولها بالدراسة والبحث، ويمكّن من وضع الفروض (التوقّعات) المبدئيّة، التي تساعدنا على حلّ المشكلة، وأيضاً يمكّن المنهج من تحديد الإجراءات اللازمة لاختبار الفروض والوصول إلى حلّ المشكلات والتحقّق منها، ويسمح بفهم وبناء خطوات البحث، ويساعد على فهم نتائج الدراسة([10]).
ولعلّ من أخطر الأخطاء الشائعة هي التي تتعلّق بمنهجيّة البحث العلمي، وذلك نظراً للتعريف السابق فإنّ كل نقطة ترتبط بالأخرى، وأي خلل أو خطأ في نقطة ينعكس على سير المنهجية ككل، ومن هنا نستطيع القول أن بعض الأخطاء الشائعة قد تعالج بلفت نظر أو توجيه فيمكن التصحيح، ولكن هناك أخطاء قد يفقد البحث قيمته وغايته وهدفه، والقيام بتصحيح هذا الخطأ قد يحتاج إلى إعادة البحث من نقطة الصفر، كما أنّ هناك العديد من الباحثين الذين يخلطون بين منهجية البحث والمنهج المتبّع في البحث.
ذلك أنّ الفرق بينهما هو أنّ المنهج جزء من المنهجيّة التي هي جميع الخطوات والمحدّدات البحثية ابتداءً بمسألة البحث وانتهاءً بتوصياته ومقترحاته. وتنقسم بشكل عام إلى قسمين: مناهج كمية كالمنهج التجريبي ومناهج كيفية كمنهج دراسة الحالة، ويصنّف من ضمن الأسلوب الإجرائي، بينما المنهجية تعني جميع الخطوات البحثية بدءً من المشكلة والمنهج المستخدم، ومجتمع الدراسة، والعينة، وحدود الدراسة ومكان وزمان إجراء الدراسة([11]).
سابعاً: الأخطاء المتعلقة بتحديد المفاهيم والمصطلحات: تتكرر العديد من الأخطاء في هذا الموضوع، فيختار الباحث الكلمات الرئيسة في البحث وغالبها ما تكون في العنوان، دون الاهتمام بالمفاهيم التي ترتبط بالموضوع هدف الدراسة.
هذه بعض الأخطاء الشائعة التي تتكرّر عند الباحثين المبتدئين كطلاب الليسانس، ولا يسلم منها طلبة الماجستير والدكتوراه، ولكن كما ذكرنا سابقاً أنّ هناك أخطاء جوهرية تفقد الباحث تميّزه وتضعه في خانة قليل المعرفة وغير المتمكّن، وقد ذكرنا بعضاً منها لأنها بنظرنا الأساس في عمليّة الوصول إلى حقائق علميّة سليمة ومميّزة.
يمكننا أن نستنتج من خلال ما تمّ ذكره أنّ الوقوع في الأخطاء الشائعة يعود بشكل كبير إلى تمكّن الطلبة والباحثين من منهجية البحث العلمي، بالإضافة إلى عمليّة النقل التي تتمّ بشكل عشوائي من قبل الباحثين ، والتي تؤدي إلى عمليّة تناقل الخطأ دون تصحيحه[12].
وبعد ما تمّ عرضه من أخطاء يجب أن يكون هناك خطوات تصحيحيّة وإجراءات تنفيذيّة، تؤخذ على محمل الجدّ فاستعراض المشاكل وعرضها لا يكفي لتلافيها، فتهدف هذه الورقة إلى وضع اقتراحات وتوصيات يضمن تنفيذها تجنّب الوقوع فيها لاحقاً.
الخاتمة:
يعتبر الباحث مؤتمن على بحثه، لذلك يجب عليه التحلّي بصفات التقصيّ عن صحّة المعلومة في زمن فاق فيه التدقيق المعلوماتي كل حدود، وبات من الصعوبة بمكان أن نتأكّد من صحّة المعلومة ودقّتها، لذلك وجب العودة إلى المصدر واستقاء المعلومة منه بشكل أساسي، وانطلاقا من هذه التعدديّة للمصادر ترتفع نسبة الوقوع في الخطأ المبحثي، فبات لزاماً على الباحث بذل مجهود مضاعف لتحرّي صحّة المعلومة والتعمّق فيه نصرةً للموضوعيّة والحقيقة، وتوضيح المعنى والتأكّد منه، خاصةً وأنّ كثيراً من الباحثين يقومون بنقل المعلومة وتقميش مرجعها من مرجع استعان بها دون العودة إلى المصدر الأساسي، الأمر الذي وسّع هامش الخطأ حتّى شاع بين البحوث عامّة بنسبة كبيرة.
من هنا تتجلّى أهميّة موضوع “الأخطاء الشائعة في البحوث العلميّة”، فيجب أن يأخذ حيّزاً كبيراً من الاهتمام، لما له من انعكاسات على مسيرة البحوث العلميّة، وإنّ لمنهجية البحث أهميّة كبيرة كونها الركن الأساسي للبحث العلمي، وآداة فاعلة للوصول إلى نتائج علميّة جديدة ومهمّة، وهذا يوجب الاهتمام بها وإعطائها أولويّة في عمليّة التعليم الجامعي.
التوصيات والمقترحات:
بالنسبة للمقترحات والتوصيات فأجد إمكانية تقسيمها كالتالي:
لناحية الباحث نفسه:
1- أن يولي الباحث أهمية كبيرة للبحث العلمي ولا يعتبره مجرد بحث لنيل شهادة جامعيّة فقط.
2- العمل على اكتساب ثقافة علميّة عن طريق التعمّق في القراءات التي تفيد تخصّصه وبحثه.
3- إن الدراسات العليا كالماجستير ليست فقط مراحل علمية لنيل شهادة، بل هي مسؤولية كبيرة، وبذلك فهو يحمل أمانة يجب أن يستحقّها.
4- يجب أن ينبع اختيار الموضوع من حشريّته وشغفه للبحث والتنقيب، ليبدع ويتميّز في ما سيصل إليه.
5- إعطاء أهمية لمادّة منهجيّة البحث العلمي والعمل على تنميتها ولو حتى بجهود خاصّة.
دور المشرفين والمتخصّصين والجهد الشخصي:
1- توفير مقرّرات للبحث العلمي لا تكتفي بالتنظير فقط، بل تقوم على تدريب ميداني للطلاب ويمكن أن ترفق بملحق خاص بأبرز الأخطاء الشائعة التي قد يقع فيها الباحثين، خاصة أنّ هذا الموضوع بدأ يأخذ حيّز من الأهمية في المؤتمرات وفي حلقات النقاش العلميّة.
2- التخفيف من أعباء بعض المشرفين لكي يعطوا كل طالب حقه من الإشراف والتوجيه.
3- التركيز أثناء تدريب الطلبة على أهمية أخلاقيات البحث العلمي والتي لها دور كبير في عملية تفادي الأخطاء الجوهرية الشائعة.
4- اعتماد تدريس منهجية البحث العلمي منذ السنوات الأولى للدراسات الجامعية، وفي كل التخصّصات.
5- توجيه المشرفين والمتخصصين الطلبة لاختيار واعتماد المراجع المعتمدة أو الأبحاث والدراسات التي أضافت شيء جديد إلى عالم المعرفة والبحث العلمي، فالمشرف يجب أن يكون البوصلة التي توجّه الطالب إلى المسار والطريق الصحيح.
6- يمكن أن يتضمّن البحث بعد مناقشته وبعد إطّلاع المناقشين والمتخصصين عليه، ورقة ترفق به بالأخطاء الشائعة التي وقع فيها الباحث في بحثه، مما يتيح الفرصة لمن يقرأ البحث أن يتفادى هذه الأخطاء، فننتهي من عملية التقليد والنقل الأعمى من باحث إلى آخر.
7- تحضير دليل عن “الأخطاء الشائعة في البحوث العلميّة” ووضعه في الجامعات مع تحديثه كل عام، وذلك لمعرفة هل هناك أخطاء جديدة وقع فيها الطلبة الباحثين، وهل ساهم هذا الدليل في عملية تقليل الأخطاء الشائعة في البحوث العلميّة.
قائمة المراجع:
1- إبراهيم، بختي، 2015، الدليل المنهجي لإعداد البحوث العلميّة (المذكّرة، الأطروحة، التقرير، المقال) وفق طريقة ال IMRAD ، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة – الجزائر، ط4، ص3.
2- حسين علي إبراهيم، الفلاحي، 2018، أساسيّات البحث العلمي ومناهجه في الدراسات الإعلاميّة، دار الكتاب الجامعي، دولة الإمارات العربيّة المتحدة-الجمهورية اللبنانيّة، ط1، ص29.
3- سرور طالبي، محاضرات في منهجية البحث العلمي، ألقيت خلال الحلقات التكوينية لتمتين أدبيات البحث العلمي، من تنظيم مركز جيل البحث العلمي، نوفمبر ديسمبر 2020.
4-سعود بن ضحيان، الضحيان، 2011، الأخطاء المنهجية أم منهجية الأخطاء، ورقة عمل مقدّمة إلى الملتقى العلمي الأول بعنوان: “تجويد الرسائل والأطروحات العلميّة وتفعيل دورها في التنمية الشاملة والمستدامة.
5- عبدالعالي، بشير،25 نوفمبر 2018،مجلّة الآداب واللغات، الأخطاء المنهجيّة في إعداد الرسائل الجامعيّة، المجلّد 18 عدد01، ص2.
6- عبد المجيد، لطفي، 1976، علم الاجتماع، دار المعارف، القاهرة، ط7، ص353.
7- عزت محمود، فارس و خالد أحمد، الصرايرة، 2011، البحث العلمي وفنيّة الكتابة العلميّة، زمزم ناشرون وموزّعون، عمان، ص40.
8- ماثيو، جيدير- ترجمة ملكة أبيض، 2015، منهجيّة الباحث، دليل الباحث المبتدئ في موضوعات البحث ورسائل الماجستير والدكتوراه، تنسيق د.محمد عبد النبي السيد غتنم، ص15.
9- محمّد عثمان، الخشت، 1990، فنّ كتابة البحوث العلميّة وإعداد الرسائل الجامعيّة، مكتبة إبن سينا للطبع والنشر، مصر، دط، ص17.
[1] . جيدير، ماثيو- ترجمة أبيض، ملكة، 2015، منهجيّة الباحث، دليل الباحث المبتدئ في موضوعات البحث ورسائل الماجستير والدكتوراه، تنسيق د. محمد عبد النبي السيد غانم، ص15.
[2] . عبد العالي، بشير، 25 نوفمبر 2018، مجلّة الآداب واللغات، الأخطاء المنهجيّة في إعداد الرسائل الجامعيّة، المجلّد 18 عدد01، ، ص2.
[3]– حسين علي إبراهيم، الفلاحي، 2018، أساسيّات البحث العلمي ومناهجه في الدراسات الإعلاميّة، دار الكتاب الجامعي، دولة الإمارات العربيّة المتحدّة، الجمهوريّة اللبنانيّة، ط1، ص64.
[4] سرور طالبي، محاضرات في منهجية البحث العلمي، ألقيت خلال الحلقات التكوينية لتمتين أدبيات البحث العلمي، من تنظيم مركز جيل البحث العلمي، نوفمبر ديسمبر 2020.
[5] – الفلاحي، مرجع سابق، ص68.
[6] – الفلاحي مرجع سابق، ص 68.
[7] . محمّد عثمان، الخشت، 1990، فنّ كتابة البحوث العلميّة وإعداد الرسائل الجامعيّة، مكتبة إبن سينا للطبع والنشر، مصر، دط، ص 17.
[8] . عزت محمود، فارس وخالد أحمد، الصرايرة، 2011، البحث العلمي وفنيّة الكتابة العلميّة، زمزم ناشرون وموزّعون، عمان، ص40.
[9] . لطفي، عبد المجيد، 1976، علم الاجتماع، دار المعارف، القاهرة، ط7، ص353.
[10] . إبراهيم، بختي، 2015، الدليل المنهجي لإعداد البحوث العلميّة (المذكّرة، الأطروحة، التقرير، المقال) وفق طريقة ال IMRAD ، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة – الجزائر، ط4، ص3.
[11] . سعود بن ضحيان، الضحيان، 2011، الأخطاء المنهجية أم منهجية الأخطاء، ورقة عمل مقدّمة إلى الملتقى العلمي الأول بعنوان: “تجويد الرسائل والأطروحات العلميّة وتفعيل دورها في التنمية الشاملة والمستدامة.
[12] سرور طالبي، المرجع السابق.