تدريس الفلسفة من المقاربة بالكفايات إلى تعلم التفلسف
إشكاليات ابستمولوجية في بيداغوجيا وديداكتيك درس الفلسفة بالتعليم الثانوي التأهيلي
Teaching philosophy, From competency-based approach to learning to philosophize
Epistemological problematics in philosophy lesson pedagogy and dedactic in secondary education
محمد الشاوي/ جامعة القاضي عياض مراكش، المغرب
MOHAMED CHAOUI / Cadi AYYAD University, Marrakesh, Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 70 الصفحة 135.
The educational proposals varied in terms of calling for the adoption of a systemic complex approach, taking into account the different theoretical perspectives and socio-cultural contexts and the multiplicity of pedagogical approaches, so that the lesson of philosophy in secondary school became based on the Didactics, To organize educational learning situations with the aim of achieving the required competency, developing the learner’s capabilities, stimulating critical thinking, and acquiring the principles of self-learning. If the approach to competencies is adopted in the study of philosophy as a new direction for development teaching processes and upgrading student’s abilities to practice critical thinking, which are mainly cognitive, methodological and value competencies that should be achieved during the learning time, then the lesson management is linked to a set of basic principles governed by the principle of gradualism at the level of building philosophical capabilities, from the stage of problematization, building concepts and extracting arguments, in addition to mobilizing Resources, acquisitions, and informative transfer of knowledge within significant educational situations.
key words: Competencies – Pedagogy – Dedactic – philosophizing.
ملخص:
تنوعت المقترحات التربوية من حيث الدعوة إلى تبني مقاربة نسقية تركيبية، تراعي اختلاف المنطلقات النظرية والسياقات السوسيو ثقافية وتعدد المقاربات البيداغوجية، بحيث صار درس الفلسفة في التعليم الثانوي التأهيلي مستندا على الديداكتيك، لتنظيم وضعيات تعليمية تعلمية بغاية تحقيق الكفايات المطلوبة وتنمية قدرات المتعلم في مختلف جوانبها واستثارة التفكير النقدي واكتساب مبادئ التعلم الذاتي.
وإذا كان اعتماد المقاربة بالكفايات في درس الفلسفة كتوجه جديد لتطوير عمليات التدريس وتنمية قدرات التلاميذ على تنمية ممارسة التفكير النقدي، وهي بالأساس كفايات معرفية ومنهجية وقيمية ينبغي تحققها خلال زمن التعلم، فإن تدبير الدرس موسوم بمجموعة من المبادئ الأساسية التي يحكمها التدرج على مستوى بناء القدرات الفلسفية، منذ مرحلة الاستشكال وبناء المفاهيم والحجاج، فضلا عن تعبئة الموارد والمكتسبات والنقل الديداكتيكي للمعارف ضمن وضعيات تعليمية دالة.
الكلمات المفتاحية: الكفايات- البيداغوجيا- الديداكتيك- التفلسف.
تمهيد :
عرف الفكر التربوي في السنوات الأخيرة تحولات كبيرة تندرج في إطار الثورة على طرق التدريس التقليدية المتبعة في مستويات التعليم المختلفة، ومن جملة هذه التحولات الاهتمام المتزايد بتنمية القدرات الفكرية العليا للتلاميذ، التي تدعو أساليب التربية الحديثة إلى أن تكون هدفا رئيسيا في جميع مراحل التعليم وفي جميع المواد الدراسية، وخاصة ما يتعلق منها بتعليم مهارات التفكير والتحليل والتركيب باعتباره أحد أهم الكفايات الممتدة والمشتركة بن جميع المواد الدراسية، غير أن “المادة الفلسفية تسمح بتربية فعل التفكير من حيث إن القضايا الفلسفية المجردة والإشكالات الفلسفية والطابع المنطقي الاستدلالي للقول الفلسفي يثير لدى المتعلم إمكانيات ممارسة أنشطة ذهنية ويكون لديه فعاليات فكرية”[1].
وفي هذا السياق، يهدف منهاج مادة الفلسفة إلى “التربية الفكرية” من حيث هي تربية يقوم التعليم من خلالها بتنمية القدرات العقلية للمتعلم اعتمادا على المقاربة بالكفايات التي تشكل الإطار المرجعي لتدبير عمليات التدريس وتوجيه أنشطة التعلم في المنهاج الجديد، والتي تقوم على مبادئ بيداغوجية وديداكتيكية وفلسفية مستمدة من النتائج التي توصلت إليها البيداغوجيا وعلوم التربية عامة وعلم النفس بصفة خاصة، فيما يتعلق بمفهوم التعلم المدرسي وطرق التدريس وأنماط التقويم وأدوار المدرس والتلميذ وبناء التعلمات ودور المدرس في القيام بالوساطة بين المعرفة والمتعلم بحيث تقوم عملية بناء المعرفة على المتعلم ذاته من خلال ربط نشاطه بالدافعية والتعلم الذاتي.
إن وضعية تدريس الفلسفة وفق المقاربة بالكفايات وآثارها على التعلم لا تنفصل عن تدريس الفلسفة بشكل عام، بعد أن تم مأسستها انطلاقا من التراكم المعرفي والنظري في البيداغوجيا وديداكتيك الفلسفة، حيث صار ضروريا استدعاء أدوات منهجية ملائمة، والإلمام بمستجدات البحوث التربوية المعاصرة في هذا الميدان، وهذا ما يعني أن المقاربة بالكفايات امتدادا خطيا لبيداغوجيا الأهداف وتجاوزا ايجابيا لعوائقها الابستمولوجية، بحيث اعتمدت على تجزيء التعلمات وتقليص درجة تعقيدها إلى مراحل، وهو ما يظهر في أطروحة بلوم الصنافية بعد التأسيس للكفايات العرضانية التي تعني بناء التعلمات الجزئية بترتيب أفقي على أساس التكامل وليس التجزيء، لذلك تم اعتماد العرضانية بغاية الانتقال من الأهداف إلى الكفايات، أما المقاربة السوسيو بنائية والمعرفية للكفايات، فتعتبر أن الكفاية أساس المعرفة، كما هو الأمر في علم النفس المعرفي الذي يعطي الأهمية لاستراتيجيات التعلم والنظر إلى البنيات المعرفية الداخلية للمتعلم، غير أن هذا يطرح لبسا ابستمولوجيا لكون الكفايات تنشأ وتنمو وتبنى من طرف المتعلم داخل التنظيم الاجتماعي، بحيث إن تحقيق الكفاية لا يحصل إلا على أساس استراتيجية نقلها من المجتمع إلى المدرسة، على عكس المقاربة التكوينية للكفايات التي تتحدد وفق الوضعيات التعليمية وأشكال التعلمات والأهداف التي يراد تحقيقها، أما المقاربة التعليمية للكفايات فتعتمد على بناء وفق مستويين أساسيين:
أ– الأنشطة المبيّنة: وتعني النشاط المنجز على مستوى التخطيط ونقله إلى التدبير الإنجازي.ب– الأنشطة الوظيفية: والتي تقوم على أساس أن النشاط التعلّمي ليس غاية في ذاته وإنما يتم توظيفه من أجل بلوغ الأهداف العامة والخاصة للتعلم.
وعلى الرغم من تعدد المقاربات لبيداغوجيا الكفايات، في تدريس الفلسفة بالثانوي التأهيلي، داخل النظام التعليمي بالمغرب، فإن هذه المقاربات تتأسس على المعارف والمهارات والأنشطة، على اعتبار أنه من الصعب تطبيق بيداغوجيا الكفايات في درس الفلسفة بالنظرة لقلة التجارب الديداكتيكية لمادة الفلسفة في السياق التربوي المغربي، مما يتطلب إرساء دعامات أولية لديداكتيك الفلسفة من خلال جعل الدرس الفلسفي ديداكتيكيا بالأساس، وهو ما يتطلب الاعتماد على مرجعية الفلسفة تتمثل في أجرأة الخطاب الفلسفي في حدود ما تسمح به المادة (مادة الفلسفة)، إلى جانب استدعاء ديداكتيك مواد أخرى، يقوم على بناء التعلمات وفق أنشطة تمكّن المتعلم من بلوغ المخرجات / أهداف التعلم على المستوى المنهجي والمعرفي والكفاياتـي الإنمائي.
وعموما، فإن التدريس بالكفايات في درس الفلسفة لا ينفصل عن ربط أنشطة التعلم والنقل الديداكتيكي للمعارف بسياق المتعلم الثقافي والاجتماعي والتربوي، إذ ينبغي أن يحايث عن الممارسة التعليمية والفعل الاجتماعي والسمات النفسية، لكن ينبغي الفصل بين تعليم وتعلم الفلسفة وممارسة التفلسف الذي يعني التأمل العقلي وقبول أو رفض مواقف فكرية ومفارقات نظرية، فالدرس الفلسفي معرفي مؤسسي في الوقت نفسه بحيث يحصل داخل مؤسسة باعتبارها نسقا تربويا وثقافيا ونظاما للتنشئة الاجتماعية، على الرغم من أن “الخطاب الفلسفي المدرسي يعاني من غياب المقاربات أو القراءات التي تعالجه وفق منظور سوسيولوجي يربطه بالإطار الاجتماعي التاريخي الذي يندرج فيه”[2].
- تدريس الفلسفة واستراتيجيات التدريس: المقاربة بالكفايات في العملية التعليمية التعلمية
تم اعتماد المقاربة بالكفايات كقاعدة مرجعية لمنهاج الفلسفة بالتعليم الثانوي التأهيلي، بحيث تم وضع إطار نظري للمقاربة الكفاياتية وفق المرجعية المعرفية لمعنى الكفاية بمختلف تصريفاتها المهارية والقدراتية (المنهج) والسلوكية والوجدانية دون إغفال الجانب التواصلي للكفاية، لأن الغاية من المقاربة بالكفايات في درس الفلسفة هي إعداد المتعلم لاكتساب المعارف الضرورية من خلال استخدام المعرفة في سياق إجرائي لأن الكفاية تعني المعرفة بـ »الفعل «ومن ثمة فإن تحقيق الكفاية يكون وفق المعايير التالية:
– تمييز المعرفة العالمة عن غيرها.
– أجرأة التعلمات من خلال الانتقال من منطق التعليم إلى منطق التمرين والتدريب بتحويل المعرفة إلى دراية.
– بناء الكفاية عن طريق الممارسة الصفية في وضعيات تعليمية تعلّمية مركبة.
– تميّز الكفاية بمنطق بنائي من خلال العمل في وضعية معينة وفق ما تم تعلّمه في وضعية سابقة. – اتخاذ الكفاية منطلقا لبناء المجزوءة والتحكم فيها بتقويمها إجرائيا.– تحقيق أهداف التعلم بإنجاز تصميم هندسي قائم على تصور شمولي ضابط لمختلف وضعيات التعلم وأهدافه ومضامينه واستراتيجيات بنائه.
– التعلم هو سيرورة تخضع لسلسلة من الأفعال المنظمة زمنيا بحيث يتم تحديد التوجهات بحسب خطة عمل منظمة عن طريق استحضار الحاجات والأهداف والفئات المستهدفة والموارد العملية التي تتدخل لاحقا في تحقيق الأهداف.
إن إعلان الأهداف هو بمثابة تعاقد حول خارطة طريق الممارسة الفصلية/ الصّفية التي تضمن للمتعلم وضوح الرؤية التعلمية، وهذا الإعلان لا ينبغي أن يقيّد حرية الإبداع للمتعلم والمدرس معا، بل عليه أن يضبط مسار التعليم والتعلم من خلال تثبيت نسقي منسجم للعناصر المكونة للمجزوءة، كما أن ملاءمة الأهداف لوضعية المتعلم التعليمية التعلمية (المعرفية، المنهجية، التواصلية، القيمية) توازيها ملاءمة زمن تدبير الأهداف وقابليتها للأجرأة عبر أنشطة تقبل التحقق ضمن الشرط التعليمي، من خلال التنسيق بين المكونات النواتية للدرس الفلسفي (المفهمة، الأشكلة، الحجاج)، وتوظيف المضامين لخدمة التعلمات وفق المقتضيات المنهجية والمعرفية لدرس الفلسفة، والتركيز على اختيار طرائق التعليم وتحويلها إلى ديداكتيك محايث «immanent» لمادة الفلسفة.
- تدريس الفلسفة وعوائق المنهاج
إذا كان منهاج مادة الفلسفة في التعليم الثانوي التأهيلي يدعو إلى تطوير فعل الإبداع والتعلم الذاتي واستخدام مجموعة من المهارات التي تتمثل في القدرة على الفهم والاستيعاب والاستشكال والتحليل والتركيب والنقد باعتبارها عملية عقلية، إلى جانب قدرات أخرى من قبيل المكتسبات اللغوية والمنهجية للمتعلم، فإن تعلم مادة الفلسفة يختلف باختلاف أهداف التعلم ودوافعه لدى التلاميذ، إذ ينصّ المنهاج على اعتماد مبدأ التدرج في إكساب المتعلمين المهارات الفلسفية، عن طريق تحيق كفايات معرفية ومنهجية بدءا بمستوى الجذع المشترك كمرحلة للاستئناس بالتفكير الفلسفي وأنماط اشتغاله، “والتعرف على الفلسفة كنمط فكري متميز يلتقي به التلاميذ لأول مرة في مسارهم الدراسي”[3]، إلى جانب تعليمهم ” النظرة التركيبية للمعارف والآراء التي يتلقونها، وعلى ممارسة التفكير النقدي الحر والمسؤول، والتشبع بقيم التسامح والمساواة والنزاهة والسلم والمواطنة والكونية”[4] إلى جانب التمرن على عناصر الفهم والتحليل والإطار الاستدلالي الذي يتمثل في البنية الحجاجية، وصولا إلى القدرة على الكتابة الإنشائية كتتويج للمهارات السابقة.
وإذا كان تدريس الفلسفة يقوم على الإلقاء وأنشطة التعلمات فإن تعلمها يتأسس على فعل التلقي، كفعل تكويني، يحصل حسب مجموعة من المؤشرات التي تم التعاقد عليها تعاقدا ديداكتيكيا، وهي التي تشكل دعامات الدرس الفلسفي، وتقوم على العناصر النواتية: الأشكلة والمفهمة والحجاج، فإن غياب أحد هذه العناصر عن الكتابة الإنشائية الفلسفية للتلميذ، سيجعل منها كتابة مضطربة وغير متوازنة، وهنا تنبع أهمية اعتماد المقاربة بالكفايات”[5] غير أنه ينبغي تبيـيئ بيداغوجيا نوعية في تدريس الفلسفة، لا تكون رهينة وتابعة لمقاربة بعينها، وإنما بيداغوجيا مندمجة تكاملية منفتحة على كل الحقول الابستمولوجية والتجارب التعلمية والتدريسية، تراعي خصوصية المجال السوسيو ثقافي وحاجات المتعلم وتجعله قادرا على تحليل المواقف ومجال التفاعل على اعتبار أن فعل التعلم يتماهى مع عملية التقويم التي تستهدف التحقق من حصول اكتساب المعارف والمعلومات، وهو تقويم للمضامين والكفايات الفلسفية والمنهجية و التواصلية والقيمية، وفي هذا الإطار لا بد من التمييز بين استراتيجيتين هما:
أ– استراتيجية التدريس: وهي أسلوب المدرس في تعليم درس الفلسفة الذي ينبغي أن يتأسس على تركيب بين الديداكتيك و تاريخ الفلسفة رغم أن المادة تسعى إلى الانفلات من تاريخها عن طريق إبداع المفاهيم والمراجعة النقدية لها وتقليب النظر فيها مع ” مراعاة بساطة التناول والدعامات البيداغوجية وجاذبيتها ومثاليتها”[6] مما يمكن التلميذ من اكتساب المعارف وتوظيف المهارات وتحقيق الكفايات المستهدفة، من خلال إنجاز الدرس وتحديد مكوناته ورصد سيروراته، والتدخل باعتماد تقنيات البناء المعرفي والتأطير المهاري والتواصل البيداغوجي والضبط المنهجي الديداكتيكي واختيار الوضعيات والمواقف التعليمية التعلمية الملائمة، لأن “فعل المعرفة العالمة (الفلسفة) يحتاج إلى معرفة مدرسية لمفاهيم وخطوات إجرائية تسمح بترجمة هذه المعرفة إلى مهارات ذهنية، بالتالي ترجمة هذه المهارات إلى سلوكات داخل الفصل، لذا تقدّم البيداغوجيا بناء واضحا ونسقيا ومنسجما ومترابطا يعرف بالصنافة ((Taxinomie مهمته تبيان خطوط وطرف فعل ذاك التحويل”[7].
ب– استراتيجيات التعلم: وتتمثل في اعتماد أساليب معرفية تمكن التلميذ من توظيف المهارات وتحقيق الكفايات التعلمية، مما يعني تطويره وقابليته للتعلم، إلى جانب تقويمه لذاته بقياس قدرته في اكتساب المعارف قبل الخضوع لوضعية اختبارية في إطار تقويم تكويني أو إجمالي أو إشهادي، إذ “من المفروض على درس الفلسفة أن يكسب التلميذ مهارات معينة تمكّنه من الانجاز الجيد لهذه الإلزامات (إلزامات المقرر والامتحان)”[8].
يشكّل منهاج مادة الفلسفة ي عائقا لتحقيق أهداف التعلم إذ يلزم تعديله وتغييره، نظرا لتركيزه على الكمّ على حساب الكيف، وهو ما يجعله في تعارض مع المقاربة بالكفايات التي تستند في غاياتها على إكساب المتعلم القدرات والمهارات وليس الكم المعرفي، بدل التركيز حول المحتويات مما يجعل الأهداف التي يطرحها المنهاج صعبة التحقيق، بحيث إن التأكيد على تبني المقاربة بالكفايات يتعارض مع مقررات كمية مقارنة بزمن التعلم، فثمة هوة كبيرة بين مكونات وعناصر درس الفلسفة في تصور المنهاج وعلاقته بالزمن المدرسي، وهي الهوة القائمة بين منهجية التدريس وأهداف التعلم، وبين محتويات البرامج ومضامين المقررات الدراسية، بحيث يتطلب الأمر إعادة بناء المنهاج وملاءمته اعتمادا على تصور نسقي قائم على صياغة الآليات التعليمية التي تستهدف تطوير القدرات وتحقيق وحصول النجاح المدرسي.
وعموما فإن عدم بلوغ المكتسبات وتحقق التعلم في درس الفلسفة يجد تبريره في عوامل متداخلة متفاعلة، تشمل بالأساس الطرفين الرئيسيين في العملية التعليمية التعلمية (المدرس والمتعلم)، كما تشمل التصور المؤطر للدرس (المنهاج) و الشروط التي يتم فيها هذا الدرس، وعليه فإن كل تفكير في تجويده لا يمكن أن ينجح ما لم يتأسس على منظور نسقي تركيبي يأخذ بعين الاعتبار كل العناصر التي تتداخل في تدريس الفلسفة، إلى جانب توفير الشروط والإمكانات التي تسمح بتحقيق أهداف التعلم، وهو ما لا يمكن أن يحصل دون الاتفاق على المستلزمات التربوية والتعليمية التي ينبغي أن يتوفر عليها مدرس الفلسفة وصياغة نموذج ديداكتيكي مطابق للسياق التربوي والاجتماعي الثقافي.
- السياق البيداغوجي لدرس الفلسفة: المتعلم والمعلم ووضعيات التعلم
أ– علاقة المتعلم بالمعرفة: وتتمثل في ضرورة توظيف المعرفة لصالح التعلمات من خلال معرفة أساليب بناء المعارف والعوائق التي تحول دون ذلك.
ب– علاقة المدرس بالمعرفة: إن رهان المعلم بالمعرفة يكمن في ما يسمى بالنقل أو التحويل الديداكتيكي بحيث تتحول المعرفة الخالصة إلى درس بيداغوجي.
ج– علاقة المدرس بالمتعلم: وهي علاقة بيداغوجية تقوم على تعاقد تعليمي ديداكتيكي.
إذا كانت الغاية من المقاربة بالكفايات تتمثل في خلق ممارسة تعليمية تدفع المتعلم إلى الانخراط في وضعيات دالّة تكون ملائمة ومطابقة لوضعيات المحيط السوسيو ثقافي، فإن تجليات الكفاية تكمن في توظيف المعارف والقدرات في وضعيات فصلية أو صفية مصطنعة مطابقة للوضعيات الحقيقية (تستهدف حل المشكلات المصطنعة في أفق حل المشكلات الحقيقة).
إن الرهان على تأسيس نموذج ديداكتيكي في درس الفلسفة لا يمكن أن يقوم إلا من خلال تجاوز بيداغوجيا المعارف إلى خلق وضعيات لانجاز التعلمات، بحيث تكون المعارف فقط رافدا وظيفيا من بين روافد أخرى لحل المشكلات، علاوة على خلق نموذج تعليمي تعلمي يساوي بين كل المتعلمين لبلوغ أهداف التعلم وتحقيق النجاح والتحصيل والتفوق الدراسي، وذلك عن طريق التعرف على الكيفيات التي من خلالها يتم إنجاز المهام التي يطلب من المتعلم القيام بها، وتتبع تطور أداء المتعلم في ظل الكفاية المستهدفة، الخاصة- النوعية أو المستعرضة، وخلق توازن بين الوضع المعرفي كمرجع لبناء التعلمات، والوضع الديداكتيكي كمسار إنجازي وأدائي للمتعلم والمعلم، والتفكير في الوساطات الضرورية ما بين التفلسف بالذات وتعليم الفلسفة للغير، ما بين تعليمها وتعلمها، ما بين الإنصات إلى الفلسفة أو قراءتها والشروع في التفلسف بالذات[9].
ينبغي إذن على المقاربة بالكفايات في درس الفلسفة أن تكون تركيبية بالضرورة على مستوى الممارسة البيداغوجية والديداكتيكية، سواء خلال قيامها على تصحيح التمثلات وبناء المفاهيم أو على مستوى نمو المدركات العقلية أو الذهنية للمتعلم، مما يستدعي توظيف بيداغوجيا تقوم على تكييف هذه الممارسة مع سياق التعلم. وهي تتوزع على مجموعة أقطاب وهي:
أ– الممارسة الفصلية – الصفية: وتتمثل في الوظائف التي يقوم بها المدرس واستراتيجيات وطرائق التدريس.
ب– الأداءات: وهي إنجازات المتعلم من التي تتمثل في تمكينه من الكفايات الأساسية وأدوات التفكير الإبداعي والنقدي، واستثمار تعلماته وتوظيفها في وضعيات ومواقف اجتماعية، وأداء المعلم الذي يخص طرائق تصريف المعارف أو إكسابها كمخطّط و موجّه وميسّر ومنشّط لسيرورة التعلم.
ج– الاشتغال بالمجزوءات: بحيث تعتبر المجزوءة وحدة بيداغوجية تشمل مضامين معرفية- فلسفية وأنشطة تعلمية، إذ يتم تطوير القدرات كتصريف جزئي للكفاية، التي تكون قابلة للملاحظة والوصف والتحليل والقياس (التقويم) مع مراعاة الفروق الفردية وضبط زمن التعلم وإيقاعاته.
د– الأشكلة « Problématisation» : صياغة أسئلة منظمة ومرتبة بإحكام عن طريق طرح التساؤلات المتعلقة بالموضوع، في إطار حقل استفهامي يعتمد على مقاربة فلسفية لمفارقة معيّـنة باعتبارها قضية تحمل تقابلا أو تعارضا بين تصورين أو أكثر.
- البنية العامة لدرس الفلسفة من خلال المقاربة بالكفايات
إذا كانت المقاربة بالكفايات كإطار مرجعي لتدبير عمليات التدريس وتوجيه أنشطة التعلم في المنهاج، فإنها تقوم على مبادئ وأسس تربوية ترتبط بالتعلم وطرائق التدريس وأشكال التقويم، إلى جانب قيام المدرّس بدور الوساطة بين المعرفة والمتعلم، غير أن مستوى التحصيل “في ما يتعلق بالكتابة الإنشائية الفلسفية مثلا، فالملاحظ أننا ننغلق – التلميذ والأستاذ- ضمن معايير صورية تحدد تقييم النجاح، في حين إن المطلوب هو معاينة ما لا نستطيع تقييمه”[10]، كما أن المتعلم يستهدف من خلال استراتيجياته تجاوز عمليتي الفهم والاستيعاب إلى تحقيق أداء جيد يمكّنه من الحصول على نقطة جيدة بعد عملية التقويم الإجرائي، لذلك فإن التدخل البيداغوجي للمدرس يفرض عليه التركيب بين عدة أدوار تتأسس على تنويع وتكثير المقاربات البيداغوجية وطرق التدريس وصياغة نموذج ديداكتيكي مطابق للسياق السوسيو ثقافي المحلي، مما يتطلب معه القيام بتحديث بيداغوجي عن طريق التأسيس لبيداغوجيا لا ممركزة توائم حاجات المتعلم وقدراته الذهنية وخصوصية المجال، لأن “العمل بالكفايات يتطلب الأخذ بعين الاعتبار السياقات الثقافية ومجالات الفعل والتفاعل”[11].
أ– درس الفلسفة بين استراتيجيات التعلم وتعلم الاستراتيجياتإن تعلم الفلسفة يصطدم بمجموعة من العوائق التي تكتسي طابعا معرفيا ومنهجيا على مستوى الإنشاء الفلسفي، خاصة أن قراءة المتعلم تكون سطحية واختزالية لدلالة المفاهيم وبناء الموضوع، إلى جانب الاختلال المنهجي في عرض الأفكار والربط المنطقي بينها، وغياب التجليل والنقد والتركيب مع اعتماد السرد والوصف، وهي ملاحظات ” تلزم مادة الفلسفة بالعودة إلى ذاتها، وممارسة نقد ذاتي على مستوى آليات ومناهج تدريسها في ارتباط بتجارب مواد تعليمية أخرى”[12]، وهو ما يجعل التدريس بالكفايات في مادة الفلسفة بالتعليم الثانوي التأهيلي يرتبط بتصور تقني للعملية التعليمية التعلمية، بحيث لا يحيل على أفعال معزولة وإنما على قدرات ومهارات متصلة مؤتلفة في بنية نسقية عقلية وسلوكية ووجدانية.
يعتبر الدرس الفلسفي نسقا من الثوابت البنيوية الصغرى والكبرى لكن تعدد المقاربات البيداغوجية تجعله درسا مركبا ومتغيرا ومتعددا، حيث إن المقاربة بالأهداف في مادة الفلسفة تستهدف العمل على تحصيل المعارف والمعلومات بشكل تراكمي، عن طريق التعلم والاكتساب والتذكر، كما أن طرائق التعليم تعتمد على إكساب المعرفة بواسطة الإلقاء والتلقين والحوار الموجّه، لكن المقاربة بالكفايات ركزت على تعديل السلوك الذي يتمثل في عملية نمو الشخص أو نشاط الجماعة، بحيث يكون المتعلم قادرا على توجيه ذاته عن طريق نشاطه كتعلم ذاتي، مما يعني أن ” المتعلم متحرر من حيث إنه هو الذي يحدد موضوع وكيفية تعلمه”[13] باعتباره ذاتا مبدعة ومنتجة و قادرة على بناء معرفتها وليس مستهلكا لها فقط، بإعداده لحل مشكلاته وإشباع ميولاته وتنمية استقلاليته وتعزيز روح الابتكار فيه، وهذا التعلم هو” الذي يحدد مضمون تعلمه والكيفية التي سيتعلم بها”[14].
إن درس الفلسفة عموما عبارة عن ممارسة فلسفية بيداغوجية ديداكتيكية، تعمل على تحقيق أهداف عامة تتمثل في إكساب التلميذ حصيلة معرفية وتطوير مهارات الفهم والتحليل والتركيب والاستدلال، وامتلاك أدوات التفكير الفلسفي وتنظيم المعلومات والمعارف والموارد، “و ممارسة عمليات فوق معرفية لتأمل الأفعال والسلوكات الذاتية ككفايات استراتيجية“[15] تجد في امتلاك مبادئ التفكير النقدي في مختلف أبعاده امتدادا لها بحيث إن ” العمليات فوق المعرفية تساعد الفرد على تحقيق التعلم بنجاح وتعمل على تنفيذ العمليات المعرفية المناسبة لتحقيق الغرض منها”[16].
إذا كان تعليم الفلسفة (تفلسفا- تفكيرا فلسفيا- مهارات فلسفية) يرتكز على تكوين القدرات العقلية للمتعلمين، رغم أن تدريسها كمادة طرح إشكالات كبيرة منها ما تعلق بأهداف الدرس الفلسفي والأسناد الديداكتيكية و أنماط التقويم واكتساب المعرفة، فإن ” نموذج الإنسان العارف الذي تؤسسه المعارف التاريخية مجرد ذاكرة مشحونة بالمعارف، لكن تنقصه القدرة على التفكير كثيرا خصوصا ملكة الحكم”[17]، غير أن الأمر لا يمكن أن يتم – في السياق التعليمي المغربي- بمعزل عن المقاربة بالكفايات في بناء المناهج التعليمية، خاصة الكفايات النوعية التي تم تحديدها في خمس وهي: الكفايات الاستراتيجية والتواصلية والمنهجية والثقافية والتكنولوجية( تقنيات الإعلام والتواصل)، ذلك أنه إذا كان منهاج الفلسفة يهدف إلى التمرّن على التفكير الفلسفي، تعلما وإنتاجا، بتنمية قدراته وكفاياته وتعزيزها باستثمار المكتسبات لمعالجة الإشكالات النظرية أو العملية التي تتصل بسياق المتعلم، فإن تنظيم سيرورة التعلم يتم وفق مجموعة من المبادئ التي تعتمد التدرج والتعلم الذاتي وتعزيز القدرة على اتخاذ المواقف والقرارات وبناء المعرفة الفلسفية.
ب- تقويم التعلمات في درس الفلسفة
ليس لغوا القول بأن الأبحاث في علم الامتحان (Docimologie ) التي تناولت مسألة التقويم في مادة الفلسفة ركزت على مقاربات تربوية عامة همّت بالخصوص محاولة تقديم منهجية لمقاربة النص الفلسفي أو كتابة الإنشاء الفلسفي، من خلال العناصر التالية :
أ- النص الفلسفي مرفق بمطلب التحليل والمناقشة. ب- القولة المرفقة بسؤال.ج- السؤال الإشكالي المفتوح.
إن العناصر السابقة صيغا من صيغ التقويم الإجمالي،بيد أن التركيز يتم بشكل أكبر على الفعل التكويني وفق مؤشرات تمت المواضعة حولها والتي تشكل الدعامات الرئيسة للدرس الفلسفي بهدف إنمائها وتقويمها و التي تختزل في المقاربة النواتية وهي:
أ – الأشكلة
ب – المفهمة.
ج – الحجاج.
إذا كان المتعلم يشعر بالرغبة في تعلم التفكير الفلسفي فإن سيطرة هاجس الامتحان و التقويم و كثافة المقرر، إلى جانب التمثلات السلبية حول الفلسفة كمادة تتميز بالصعوبة والتعقيد، يجعل علاقة التلميذ بها موسومة بالنفعية والتوتر، بحيث لا يستفيد من تقويم تكويني يُكسبه مهارات القراءة و التحليل والنقد والأشكلة والكتابة الإنشائية الفلسفية عموما، لذلك تشكل أهداف المتعلم التي تتمثل في ربط درس الفلسفة بالامتحان عاملا وراء عدم تحقيق التعلم في المادة المذكورة، لكونه يركز على تعلم ما يمكن أن يوظفه خلال الإجراء التربوي وعمليات التقويم الإجمالي أو الإشهادي سواء من خلال فروض المراقبة المستمرة أو الامتحان الوطني الموحد، دون تعلم الكفايات الفلسفية والقيميمة والتربية على التفكير النقدي وامتلاك أدوات التعبير عن الذات وعن الرأي، لأن الفلسفة “نسق من التأملات النقدية حول مسائل ترتبط بالمعرفة والفعل، ومن هذا المنظور، يمكن للفلسفة أن ترجع إلى التفكير في ما يدرسه كل علم بشكل مباشر”[18].
وتشكل الشروط التي يدرّس فيها الأستاذ ويتعلم فيها التلميذ عائقا يحول دون تحقيق الأهداف، ولذلك فلابد من البحث عن مداخل لتقريب درس الفلسفة لتحقيق أهدافه التعليمية التعلمية خاصة والتحصيل الدراسي في المادة عامة، بدليل أن تدريس الفلسفة بالتعليم الثانوي التأهيلي يغلب عليه أسلوب الإلقاء والإملاء والتلقين مما ينتج عنه غياب ممارسة تقويمية فعالة ومندمجة عضويا في الدرس، إضافة إلى عدم اعتماد المدرسين على تخطيط مركب يشمل كل العناصر الضرورية لدرس الفلسفة. و بذلك تكون استراتيجية التدريس عاملا وراء عدم تحقق أهداف التعلم، إذ أن الطرائق التعليمية لا تحفّز على تعلم التفكير الفلسفي والتساؤل النقدي، وأن الاشتغال بالمقاربة النواتية تحوّل إلى أسلوب لغوي جاف ومبتذل يستوجب مراجعة طريقة الأداء التربوي في درس الفلسفة ومناهضة »النزعة التقنوية « التي حوّلته إلى مجرد تقنيات يمكن لمدرس آخر لا ينتمي للفلسفة أن يقوم بها، لذلك ينبغي التركيب بين درس الفلسفة وبين ديداكتيك المادة بحيث إن الدرس الفلسفي في حاجة إلى الديداكتيك، كما يحتاج كل نشاط فكري إلى تخطيط وتنظيم واستراتيجية عامة للتدريس والتعلم، تتعدد أقطابها وتتكون من: المتعلم والمدرس والمضامين والوسائل والوضعيات والتقويم، لهذا فإن تعلم الفلسفة يقتضي اندماجا بين الأهداف التعليمية التعلمية باعتبارها مجموعة من الأفعال المنظمة زمنيا تستلزم اتخاذ قرارات لأجرأتها عمليا.
إن الممارسة البيداغوجية والديداكتيكية لمادة الفلسفة تستهدف بلوغ الأهداف والكفايات التي تتعلق بنمو المدركات العقلية أو الذهنية من قبيل: بناء التمثلات، بناء المفهوم والبناء الحجاجي، ببناء التعلمات والوقوف عند شكل من أشكال انتقال التفكير من المجسد إلى المجرد، مما يتطلب القيام بإدماج للمقاربة المفاهيمية والكفايات المنهجية (التحليل) مع المقاربة المضامينية واستحضار الحاجات والأهداف والموارد والطرائق التي تتدخل في تحقيق هذه الأهداف وفق الخصوصيات المحلية والسياقات الثقافية للمتعلم.
5. الاستراتيجيات العامة لبناء درس الفلسفة في التعليم الثانوي التأهيلي
إن تدبير درس الفلسفة يستدعي وضوح الإطار المعياري، بحيث على التمدرس أن يتساءل عن طبيعة المعايير التي تحكم فعله في القسم، كما عليه أن يكون واعيا بالضوابط البيداغوجية والقانونية التي تؤطر فعله التربوي، لأنه لايمكن فصل سيرورات إنجاز الدرس الفلسفي عن الديداكتيك النسقي بحيث إن كل إجراء تعليمي تعلمي يتعلق بما سبقه وما يليه، لذلك لا يبلغ الدرس كماله إلا إذا أتم بعضه بعضا نظرا لنسقيته.
يقوم بناء الدرس الفلسفي على طرح التمثلات (المتعلقة بالمفهوم والموضوع) باعتبارها تصورات أولية حاملة لأحكام مسبقة، وفحص العلاقات المركبة المتعددة التي تربط المفهوم بغيره من المفاهيم الأخرى، قبل بناء المفاهيم هي عملية بنائية للغة الطبيعية بحيث يتم من خلالها نقل الألفاظ أو المصطلحات الفلسفية من المستوى المحسوس إلى المستوى المجرد، ويتخذ الحسي والجزئي طابعا كليا، بحيث يتوزع هذا الدرس على لحظات هي:
أ– لحظة التمهيد
يتم التمهيد للدرس انطلاقا من تشخيص مستوى المتعلمين والقيام بتقويم تكويني استنادا على مكتسباتهم السابقة، قبل تأطير المجزوءة و المفهوم بالاشتغال على وضعية مشكلة أو نص بالكتاب المدرسي أو نص فلسفي وظيفي من خارج المقرّر الدراسي، غير أن لوضعية المشكلة بالكتاب المدرسي تكون أحيانا خارج سياق الدرس، لذلك ينبغي اختيار وضعيات دالة من خارج المقرر (نصوص، صور، أشرطة..)، ثم تصحيح التمثلات من خلال الاستدلال بأمثلة، إلى جانب الأسئلة الموجّهة هي معايير ينبغي أن تكون واضحة ودقيقة لقياس درجة نماء الكفاية وتطور مستوى التعلم.
ب– لحظة بناء الدرسإن بناء الدرس الفلسفي يقوم على استهلاله بوضعيات بسيطة ليصل إلى وضعيات معقدة، باعتماد التدرج والمنهج الاستقرائي والتفاعل بين الأستاذ والتلاميذ، بحيث يكون كل قرار قابلا للتعديل والمراجعة إذا أثبت عدم فعاليته في تحقيق أهداف الدرس، كما ينبغي للحوار أن يتماهى مع الدرس في إطار التفاعل الصفي إذ على المدرس تنظيم وتوجيه الحوار نحو الهدف من التعلم (أهداف الدرس) بحيث ينبغي أن يكون الإلقاء في بداية بناء الدرس فقط لكي لا يحتكر المدرس زمن التعلم دون المتعلمين، مع اعتماد أسئلة غايتها إكساب المتعلم أدوات التفكير النقدي، غير أن استثمار الذاكرة لا يكون إلا لإبراز نسقية الدرس وربط التعلمات السابقة واللاحقة.
و تتقيّد أداة الإنجاز بشروط التحليل الموضوعي بحيث تختزل المعارف والمواقف وأوجه الاتفاق أو الاختلاف بينها، إلا أنه ثمة أسئلة فجائية يكون مصدرها المتعلمين في الغالب، وهي أسناد وعوامل مساعدة بناء الدرس، وعلى المدرس تعزيز الإجابات وتدعيمها وتحفيز المتعلمين، وضرورة تدخّل المدرس في خلق التوازن على مستوى تحديد العناصر المعتمدة في إنجاز الدرس وأهدافه.
ج– لحظة المفهمة
لا تنفصل المفهمة عن السياق النظري الذي يندرج ضمنه الإشكال الذي يعالجه الدرس، لأن معالجة المفهوم/ المفاهيم تتم من خلال تحديد دلالته اللغوية والفلسفية، فالاشتغال على المفهوم يتم من خلال نقله من مستوى الرأي إلى مستوى الضبط المعرفي لذلك ينبغي التدرج في بنائه وتحديد دلالته التي ينتمي إليها، فالمعرفة نسق مركب وتفكيك المادة المعرفية وتبسيط مكونات الدرس تفرض استدعاء حقول معرفية عديدة، فضلا عن عزل كل مفهوم عن التداول العامي ونزعه من مستوى التمثلات التي تكون حمّالة لتصورات أو أحكام مسبقة وقبلية أو أحكام قيمة وصفية، فلا يمكن توظيف المفاهيم إلا في سياقها الفلسفي أو الابستمولوجي وضمن أهداف التعلم.
د– لحظة المثاليرتبط التعلم على مستوى المضامين بتوظيف السياق الثقافي والاجتماعي، بحيث إن “وضعيات القسم توجد خارج القسم”، وهي وضعيات تعليمية معرفية واجتماعية وتواصلية دالة، يقوم خلالها المعلم باستدراج التلاميذ إلى محيطهم الاجتماعي، مع الاعتماد على أمثلة تنتمي لسياق المتعلم بدليل أن التركيب الثقافي مفتاح لربط المتعلمين بواقعهم ليكون توظيف المثال بعيدا عن العفوية والارتجال، ويتضمن: أمثلة شعبية، حكايات، حقائق علمية… لذلك على الرغم من الفروق الفردية بين المتعلمين فإنه ينبغي ضبط الفترة الزمنية في تقديم المثال لأنه ينتمي لسياق التلميذ مباشرة بعد بلوغ الكفاية لأجل تمكين المتعلمين من تفعيل ما تعلّموه إلى جانب أن توظيف المثال مساعد في شرح المفهوم.
هـ– لحظة الأشكلة
لا تعتبر الإشكالية مجرد تساؤل فقط بل هي بناء تصور عام وشامل لمشكلة تقوم على مجموعة من المفارقات أو الآراء أو المتغيرات، بحيث يعتبر لالاند أن الإشكالية سمة حكم أو قضية قد تكون صحيحة، تتفتح على رهانات الممكن المعرفي مما يستدعي إدراك العلاقة بين عناصرها، إذ أن الأشكلة تأزيم الموضوع من خلال أسئلة منظّمة والتي تستدعي الاشتغال على التقابلات وإبراز المفارقات باستخدام الوسائل التي تحقق الكفاية المستهدفة، علاوة على مواجهة أطروحتين فلسفيتين متعارضتين وإمكانية استدعاء أطروحة ثالثة وتبني تصور آخر لا يعبر بالضرورة عن المواقف المعطاة في المقرر أو البرنامج الدراسي بشكل عام، و مواجهة رأي شائع بأطروحة فلسفية.
يتم البناء الإشكالي في درس الفلسفة من خلال التساؤل كمدخل للإحاطة بمشكل ما وتحويله إلى موضوع للتفكير، والانتقال من مرحلة في التحليل إلى أخرى، من خلال بناء المفارقة عن طريق إبراز التقابلات بين الأفكار بحيث تستمد الإشكالات والمفارقات الفلسفية جوهرها من ديداكتيك الفلسفة. و– الحجاجإن أشكال بناء قضايا التفكير والآليات التعبيرية والاستدلالية في البنية المنطقية للقول الفلسفي، تستدعي إثبات القضايا اعتمادا على القياس وتوظيف أدوات البرهان المنطقي والمحاجة، فلا تناول لدرس الفلسفة دون عرض حجاجي لتأسيس موقف ما والدفاع عن مشروعيته من خلال جرد الأساليب الحجاجية وإبراز وظائفها، وتحديد الحجاج المستعمل “في النص مثلا” لإبراز تأثيره ودرجة إقناعه (الاستنباط، الاستنتاج، المماثلة، المثال، المجاز…) وتوظيف حجج متنوعة وتصورات فلاسفة وأمثلة أو الاستشهاد بأقوال فلسفية أو دينية، علاوة على التمرّن على تعلم البناء الحجاجي، من خلال خلق وضعية بهدف الشك في القضايا المثبتة أو الانطلاق من رأي معين وإقامة الحجة على رفضه، والتدرب على استخراج الروابط المنطقية وإبراز قيمتها الفلسفية والمقارنة بين حجج نصوص مختلفة، “ففي كل نسق فلسفي لا تكون الدعوة إلى الإيمان البسيط بقضاياه ومضامينه هي الهدف الأول بقدر ما تحضر الدعوة إلى النشاط التفكيري الفلسفي والى بناء الحجج وأشكال البراهين”[19] لذلك فإن:
– البناء الحجاجي أو المحاجة هي الإطار الاستدلالي الذي من خلاله يتم قياس صلاحية الأطروحة الفلسفية.
– إثبات الأطروحة كتصور فلسفي يكمن في إبراز قيمة الحجج ودلالتها في دعم الأطروحة نفسها.
وتتمثل الاستراتيجية الاستدلالية في درس الفلسفة في:
أ- البعد الحجاجي:
– استخراج المؤشرات اللغوية الدالة عن المحاجة/ الحجاج.
– إبراز صدق القضايا أمام المتعلم.
– ترتيب وتصنيف المؤشرات اللغوية أو البلاغية.
ب- البعد البرهاني:
– تسلسل القضايا منطقيا وارتباطها بعلاقات ضرورية.
– مؤشرات لغوية ومنطقية.
– تمكّن التلميذ من آليات التفكير بما يحوله “من مستمع مستهلك سلبي يحفظ المادة الفلسفية إلى مدرك لمنطقها وقادر على كشف آلياتها، وذلك عندما يتجه تعلمه إلى استلهام البعد الاستدلالي الحجاجي من درس الفلسفة”[20]
– لا يمكن تبني مقاربة أحادية في عملية التعليم والتعلم في درس الفلسفة بالنظر لاختلاف قدرات ومهارات المتعلمين، لذلك ينبغي الانفتاح على مقاربات بيداغوجية متنوعة في تناول الدرس: الكفايات، المقاربة النصية..
– النصوص الفلسفية هي مجرد أسناد ودعامات مساعدة على تعلم موارد درس الفلسفة لتحقيق كفايات معرفية ومنهجية وتواصلية وغيرها.
– الكتاب المدرسي لا يقدم دروسا بل يعمل على بناء عناصرها.
– تنويع أساليب التعليم تنطلق من إنجاز تصور تركيبي واضح لأهداف الدرس ومنطلق المجزوءة.
– بناء الدرس الفلسفي يتم من خلال دعامات أخرى، دون اعتماد النصوص الفلسفية، من قبيل وضعية مشكلة أو استخدام الموارد الرقمية، لتحقيق التعلم.
– النصوص الفلسفية كدعامات ديداكتيكية تكون في الغالب منغلقة مما يجعل علاقة المتعلم بها متوترة، تدفعه إلى إسقاط نموذج قبلي لنص سابق وتطبيقه على عناصر النص الجديد.
– ضرورة مراعاة وضعيات الانطلاق في الدرس لسياق التعلم ولمستوى المتعلم وحاجاته.
وينبغي لدرس الفلسفة أن يتم من خلال:
أ- المقتضيات البيداغوجية
– ينبغي أن تستهدف الإطار العام للمجزوءة في بعدها التركيبي (مجزوءة السياسة نموذجا تشمل مفاهيم : الدولة والعنف و الحق والعدالة).
– المجزوءة هي وضعية تعليمية تعلمية تضم المادة المعرفية والأنشطة المرتبطة بها.– الأهداف المرحلية والجزئية ينبغي أن تراعي قدرات المتعلمين والسياق المدرسي واستراتيجيات التدريس والأسلوب البيداغوجي المنظّم لسيرورة التعلم.
ب- المقتضيات الديداكتيكية
بالرغم من اختلاف المقاربات المنهجية في تعليم وتعلم مادة الفلسفة فإنها تعتمد على:
– ضبط الأهمية النظرية والفلسفية للإشكالات والقضايا المطروحة في الدرس.
– ضبط البناء المفاهيمي.
– ضبط الطبيعة الخطابية والحجاجية.
– إذا كانت التوجيهات التربوية تعتبر النصوص مكوّنا أساسيا في المجزوءة، فإن هذه النصوص ينبغي أن تكون نصوصا وظيفية تخدم التعلمات، بدليل أن أغلبها مبتور ومستقطع تم تركيب فقراتها دون وحدة موضوعية مما يحدث تشويشا في ذهن المتعلم.
6. مهارات اكتساب الكفايات: من الإجراء التكويني إلى الإجراء التقويمي
يقوم تعلم التفكير الفلسفي بالتعليم الثانوي التأهيلي على تقويم الإنشاء الفلسفي ومهارات التحليل والتركيب، بإجراء اختبار التلاميذ حول تحليل نص فلسفي، أو تحليل قولة أو سؤال، وهو تقويم نسبي مضاميني لا يستهدف قياس تحقق الأهداف التعليمية التعلمية، لذلك بات من الضروري تعديل طريقة تدريس مادة الفلسفة وطريقة التقويم وضرورة اعتماده مقاربة تركيبية لتحفيز المتعلمين على الفهم بدل الحفظ واجترار المقالات الاستهلاكية التي تتضمنها مؤلفات موازية لمقرر المادة، لابد من:
– التركيب بين المقاربات البيداغوجية وتدريب المتعلمين على استخراج الإشكالية والمحاجة والبنية المفاهيمية.
– إعادة النظر في نمط وأشكال التقويم الخاصة بإنتاج المتعلم بالتحرر من النمط التقليدي
– وضع شبكة جديدة للتقويم مع تحديد زمن كل مجزوءة ومواصفاتها لأن صورة منتوج المتعلم لا يمكن اختزالها في الكتابة الإنشائية الفلسفية فقط.
– الاعتماد على أنشطة التعلمات والتي تتمثل في:
– وضع نص مذيل بأسئلة مباشرة بالموازاة مع سؤال أو قولة فلسفية يكون مطلبها هو التحليل والمناقشة.
– وضع أسئلة متعددة الاختيار.
– مطلب تحديد مفاهيم النص وأفكاره.
– تمكين التلاميذ من البناء المنهجي للمعارف من خلال مراعاة التسلسل المنطقي للأفكار.
– إنجاز تلخيص جماعي مشترك للمضامين.
ولا يمكن تحقيق هذه الأهداف إلا من خلال طرق تدريس مرنة تمكن المتعلم من اكتساب هذه الكفايات مما يجعل الدرس الفلسفي تركيبيا.
7. درس الفلسفة وصعوبات التعلم
– صعوبة استخراج إشكالية النص حين يكون مجرد سرد ملخص بحيث يتم الخلط بين الإشكالية والافتراضات.
– صعوبة استخراج المفاهيم، بحيث إن الجهاز المفاهيمي واستعماله الفلسفي للغة لا يتجلى إلا من خلال النصوص الفلسفية، لا من خلال نص قصير “مبتور” من سياقه ومقتطف من بنيته (كما في الكتاب المدرسي).
– تظهر صعوبة المفهمة حين لا تكون موضوعات النص تخضع فيما بينها لعلاقات ناظمة.
– ترتبط هذه الصعوبة بانعدام لغة فلسفية تقنية موحّدة ، حيث يستدعي الاعتماد على مجموعة من المعاجم الفلسفية (معجم صليبا، معجم لالاند..) إذ يقدم الأخير تحديدات عدة للمصطلح أو المفهوم الواحد، والذي يختلف استعماله من فيلسوف لآخر، وهذا ما يدل على أن كل فيلسوف يشتغل على اللغة بإدخال مفاهيم وبناء علاقات دلالية جديدة.
– صعوبة فهم الدرس وإعداده والمشاركة في تدبيره وإنجاز الأنشطة التطبيقية.
– صعوبة استخراج الحجاج خاصة إذا غابت تمفصلات النص أو تم الانطلاق من سؤال وقولة في بناء الدرس، فحين يكون النص مجزأ إلى محطات يصعب التعرف على أطروحته.
– تعدد طرق الأساتذة وأساليبهم وتنوع طرائق اشتغالاتهم في المستويات الثلاث للتعليم الثانوي التأهيلي مما يخلق لدى المتعلمين تشتتا في استيعاب منهجية تدريس مادة الفلسفة.
– تنوع المنهجيات يستوجب بناء منهجية موحّدة تقوم على التعامل مع درس الفلسفة كنموذج للتفلسف.
– اختلاف مستويات الأساتذة وتخصصاتهم (فلسفة، علم النفس، علم الاجتماع، علوم التربية، علوم سياسية..).
– إقحام بعض الأساتذة لقناعاتهم الخاصة وإدخالها على درس الفلسفة مما يخرجه من طبيعته الفلسفية أو الابستمولوجية إلى درس إيديولوجي، وهو ما يجعله ينفلت من الفهم العلمي إلى فهم مقلوب ومشوّه ، وفي هذا الإطار فإن “قناعة الأستاذ ايجابية وواقعية لكنها بعيدة عن إنتاج الإحباط الذاتي”[21] عملا بقاعدة النظرة الايجابية.
ولتجاوز هذه الصعوبات ينبغي :
– حسن اختيار الإسناد الفلسفية ووضعها في سياقها الإشكالي والأهداف التعليمية التعلمية.
– وضع كل درس على مستوى إشكالاته في إطارها التاريخي لتحقيق الفهم الجيد بناء على وظيفة الوظائف الديداكتيكية للأسناد (نصوص فلسفية، وضعية مشكلة، شريط…).
– تمرين المتعلم على إتقان كل مهارة على حدة (لمفهمة، الأشكلة، الحجاج، التحليل، النقد، توظيف المثال، الاستعارة…) واستثمار هذه المهارات في الكتابة الإنشائية الفلسفية.
– وضع نماذج لتحليل النصوص وتقنيات متعددة بتعدد النصوص الفلسفية.
– ترسيخ المكتسبات لتوظيفها خلال عملية التقويم والإجراءات التربوية والوضعيات الاختبارية.
– تحديد الكفايات المستهدفة من العملية التعليمية التي تراعي كون المتعلم فاعل ومشارك في بناء الدرس الفلسفي.
– مراعاة مستوى المتعلم وقابليته للمعرفة.
– سلامة اللغة ووضوح المضمون وتبسيط الأفكار برفع كل غموض أو التباس.وعموما، فلا بد من وضع استراتيجية “علمية” في انجاز درس الفلسفة من خلال تحديد الخطوات الإجرائية في إنجاز الدرس، وهي مراحل عملية في تدبير التعلم تعتمد على قواعد التركيب، خاصة قاعدة الرؤية الاستراتيجية وقاعدة التجديد وقاعدة التميز وقاعدة المرونة، و “التي لا تعتبر الفعل في القسم فعلا تقنيا ديداكتيكيا، ولا تعتبر الجذاذة وسيلة تقنية، بل على العكس تماما، فالفعل الديداكتيكي فعل بيداغوجي مركب، سياقا ومجالا ومضمونا ووسائل ومكونات”[22]، إلى جانب التحفيز من طرف المدرس الذي هو جزء من نسق الدرس، لذلك عليه توظيف أحسن وسيلة وأفضل طريقة يستأنس بها المتعلمون.
8. نحو بناء نموذج جديد في درس الفلسفة
يتحدد النموذج البيداغوجي في تدبير درس الفلسفة بالتعليم الثانوي التأهيلي في ثلاثة مستويات، بحيث يرتبط مستوى الجذع المشترك بعملية الاستنئناس، أما السنة الأولى من سلك الباكالوريا فتقوم على الممارسة الفلسفية، في حين أن درس السنة الثانية من السلك نفسه يقوم على الإنتاج، هذا النموذج الكلي في الممارسة العملية يتأسس على الأسلوب التلقيني والسلوكي والبنائي في التعلم، وبذلك تكون استراتيجيات التدريس عاملا في تحقيق أو عدم بلوغ أهداف التعلم، إلى جانب عوامل مركبة متداخلة ومتفاعلة، تشمل الطرفين الرئيسيين في العملية التعليمية التعلمية (المدرس والمتعلم)، كما تشمل التصور المؤطر للدرس (المنهاج)، وكذا الشروط التي تتم فيها عملية إنجاز هذا الدرس. لذا فإن أي تفكير في تجويد الدرس لا يمكن أن يكتب له النجاح ما لم يتأسس على منظور نسقي شمولي تركيبي يأخذ بعين الاعتبار كل العناصر المؤثرة في تدريس الفلسفة، بحيث ينبغي: اعتماد التناسب بين حجم وحدات البرنامج الدراسي وزمن التعلم.
– الاشتغال بالورشات والموائد المستديرة مما يمكّن التلاميذ من بناء الدرس والمشاركة في تدبيره/ تدبير التعلم، بدل الأسلوب الإلقائي والتلقين وسرد الأفكار والمواقف الفلسفية.
– وضع استراتيجية عامة لتدريس الفلسفة بإشراك أساتذة المادة والمؤطرين التربويين وبيداغوجيين وباحثين في ديداكتيك الفلسفة.
– ضبط المحاور التي تعتبر ذات أولوية على مستوى إعداد المجزوءات وفق بيداغوجيا تراعي التركيب وتستجيب لخصوصيات الفعل التعليمي التعلمي ومضامينه وأهدافه.
– التوجيهات التربوية هي توجيهات مدرسية عامة تقدم نماذج عن العمليات المطلوب القيام بها في الممارسة الصفية، وهي بذلك لا ترسخ تعلم المهارات في درس الفلسفة (الإبداع، التفلسف، النقد..) ولا اكتساب أدوات التفكير الفلسفي.
– ضرورة تحيين المنهاج بوضع برنامج خاص يقوم على إنتاج تصور تركيبي للعملية التعليمية التعلمية.
– إعادة النظر في عملية التقويم الذي يستهدف البعد المعرفي دون البعد المنهجي والتواصلي والوجداني، بتجاوز الترتيب والتصنيف العددي- الكمي إلى تقويم إنجاز المتعلم بحيث ينبغي إدماج زمن التقويم في زمن التعلم.
- أي نموذج بيداغوجي وديداكتيكي نريد لمجتمع التـعلم؟
ينبغي- أمام تعدد المقاربات البيداغوجية- اعتماد نموذج مرن يراعي سياقات التعليم والتعلم ويدمج الخصوصيات المحلية والجهوية في التربية، ولا يتبنى بيداغوجيات جاهزة يتم تدويلها وهيمنتها بغاية إسقاطها على السياق والنظام التربوي والاجتماعي المحلي، فالنموذج البيداغوجي التركيبي هو إطار نظري للأنشطة والممارسات التعليمية التعلمية التي هي وحدة من أنشطة التلقين والإلقاء والتعليم والتحصيل، لا تنفصل عن عمليات النقل أو التحويل الديداكتيكي للمعارف والمعلومات، والتي عليها محاكاة النماذج الثقافية والأخلاقية والفكرية للمجتمع، وتبني الاتجاهات والقيم والكفايات وتطوّر المهارات وتراعي القدرات، لذلك فالبراديغم البيداغوجي المركب هو نسق منفتح على حقول ابستمولوجية عديدة ومقاربات بيداغوجية متنوعة، على مستوى تخطيط وتدبير الممارسة التعليمية وعمليات التدريس وأنشطة التعلم، غير أنه في استراتيجيات التعلم باعتباره مبحثا في علم النفس المعرفي والبيداغوجيا والعلوم العصبية فإن التعلم لا يحصل إلا من خلال عمليات الإدراك والذاكرة واستخدام الرموز والعلامات اللغوية والبصرية، وبناء أنماط وتصاميم ونمذجة خطاطات دينامية للعمليات المعرفية والسوسيو وجدانية للمتعلمين، تكون لها القابلية لأن تتحول إلى استراتيجية معرفية، تعتمد على الفهم والإدراك والتحليل والتركيب والحفظ وتخزين المعارف وترويض الذاكرة في إطار سيرورة اكتسابية، أو داخل ممارسة تعليمية تعلمية، وهي عملية إدماجية تعمل على تطوير المهارات وتعزيزها بخبرات جديدة سواء على مستوى معالجة المعلومات أو حل المشكلات.
قائمة المراجع:- أعراب محمد، الفلسفة والتدريس بالكفايات في التعليم الثانوي التأهيلي، مؤسسة مؤمنون بلا حدود 2013 (mominoun.com)
- أميم عبد الجليل، مدخل إلى البيداغوجيا أو علوم التربية- رؤية تربوية مغايرة- في التأسيس لديداكتيك السياقات المغربية المركبة، النظريات والنماذج الديداكتيكية، الجزء الثاني، فضاء ادم للنشر والتوزيع، مراكش 2019
- بربزي عبد الله، تدريس الفلسفة وتعلم التفكير النقدي، منشورات دار التوحيدي، الرباط 2015
- محسن مصطفى، المعرفة والمؤسسة، مساهمة في التحليل السوسيولوجي للخطاب الفلسفي المدرسي في المغرب،ط 1،دار الطليعة، بيروت لبنان 1993
- منصف عبد الحق، كانط ورهانات التفكير الفلسفي، إفريقيا الشر ق الدار البيضاء 2007
- 6. الزاهي نور الدين، الفلسفة واليومي، مطبعة فضالة، المحمدية 1999
- الزهراوي محمد بن الحسن، بنية الدرس في مادة الفلسفة- استقصاء تركيبي- ط: 1،إفريقيا الشرق الدار البيضاء 2011
- الانتصار، عبد المجيد، الأسلوب البرهاني الحجاجي في تدريس الفلسفة، من أجل ديداكتيك مطابق، دار الثقافة، الدار البيضاء 1997
- .9التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة بسلك التعليم الثانوي التأهيلي، وزارة التربية الوطنية، مديرية المناهج الرباط، نونبر 2007.
- 10. Cossutta Frédéric, Eléments pour la lecture des textes philosophiques, Bordas, paris,1989
- Durozoi Gérard – Roussel André, Dictionnaire de philosophie, Edition Nathan,1987
- Tozzi Michel, Contribution à l’élaboration d’une didactique de l’apprentissage du philosopher, Revue Française de pédagogie, 1993
[1] – الانتصار، عبد المجيد، الأسلوب البرهاني الحجاجي في تدريس الفلسفة، من أجل ديداكتيك مطابق، دار الثقافة، الدار البيضاء 1997، ص.15.
[2]– محسن، مصطفى، المعرفة والمؤسسة، مساهمة في التحليل السوسيولوجي للخطاب الفلسفي المدرسي في المغرب،ط 1، دار الطليعة،بيروت لبنان 1993،ص.9.
[3]– التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة بسلك التعليم الثانوي التأهيلي، وزارة التربية الوطنية، مديرية المناهج الرباط، نونبر 2007، ص.5269– التوجيهات التربوية ، نفس المرجع ، ص.3.
270– أعراب، محمد، الفلسفة والتدريس بالكفايات في التعليم الثانوي التأهيلي، مؤسسة مؤمنون بلا حدود 2013، ص.11.(mominoun.com)
[6]– التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة بسلك التعليم الثانوي التأهيلي، ص.5 .[7]– الزاهي، نور الدين، الفلسفة واليومي، مطبعة فضالة، المحمدية 1999، ص.71.
[8]– الزاهي، نور الدين، مرجع سابق،ص.71.
[9]– Tozzi Michel, Contribution à l’élaboration d’une didactique de l’apprentissage du philosopher, Revue Française de pédagogie, N°103. 1993, p.20-21.
[10] – أعراب، محمد، الفلسفة والتدريس بالكفايات في التعليم الثانوي التأهيلي، مرجع سابق، ص. 13. [11]– أعراب، محمد، مرجع سابق، ص.5. [12]– أعراب، محمد، المرجع السابق، ص.1. [13]– الزهراوي، محمد بن الحسن، بنية الدرس في مادة الفلسفة- استقصاء تركيبي- ط: 1،إفريقيا الشرق الدار البيضاء 2011، ص.2. [14] – الزهراوي، محمد بن الحسن، مرجع سابق، ص.26. [15]– الزهراوي، محمد بن الحسن، مرجع سابق، ص.46. [16]– بربزي، عبد الله، تدريس الفلسفة وتعلم التفكير النقدي، مرجع سابق،ص.135. [17]– منصف، عبد الحق،كانط ورهانات التفكير الفلسفي، إفريقيا الشر ق الدار البيضاء 2007، ص.287.[18] – Duruzoi, Gérard – Roussel, André, Dictionnaire de philosophie, Edition Nathan, 1997, p.253.
[19]– Cossutta, Frédéric, Eléments pour la lecture des textes philosophiques, Bordas, paris, 1989,p.140.
– الانتصار، عبد المجيد، مرجع سابق، ص. 41- 41.[20]
21– أميم عبد الجليل، مدخل إلى البيداغوجيا أو علوم التربية- رؤية تربوية مغايرة- في التأسيس لديداكتيك السياقات المغربية المركبة، النظريات والنماذج الديداكتيكية ، ص 323، الجزء: 2 ، فضاء ادم للنشر والتوزيع، مراكش 2019.