
الوكالة غير القابلة للعزل والأمن القانوني العقاري في فلسطين
Irrevocable Power of Attorney and the Legal Real Estate Security in Palestine
رئيس النيابة العامة/ ط.د. مصطفى أحمد فرحان، جامعة محمد الخامس، الرباط، المغرب
Farhan Mustafa, PhD Law Student, Mohammed V University, Rabat, Morocco
بحث منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 44 الصفحة 67.
Abstract:
The power of attorney is recognized as a non-binding contract by origin. However, the power of attorney that is related to the rights of others breaks the original norm and becomes binding, whereby the principal shall not dismiss the agent. The agent shall not dismiss himself in principal as the rights of others are attached to this special power of attorney. The Jordanian legislator used the contract-binding feature of the irrevocable power of attorney to grant the power to complete sale and transfer of immovable property as an exception to prevent real estate dealings outside the competent land registration departments authorized by the effective laws in the West Bank in Palestine which adopted the principle of problematic registration as a pillar to conclude the sale and real estate dealings of the territories covered by settlement. In this study, a definition of the irrevocable power of attorney and its legal nature will be provided. The study will then discuss the legal implications of this power of attorney as well as its effects on others who were entitled to real estate rights in rem registered in a date later than the date of organizing the irrevocable power of attorney. The study will clarify the position of the legislations effective in the West Bank in Palestine and the position of the judiciary from the implications of irrevocable power of attorney with regard to the rights of others, as well as its impacts on the real estate security and the requirements of stability of real estate transactions.
Key words: Irrevocable power of attorney, real estate registration, real estate security, real estate sale.
الملخص:
تتميز الوكالة بأنها عقد غير لازم من حيث الأصل، باستثناء الوكالة المتعلقة بحق الغير فإن ها تكون لازمة وبالتالي لا يجوز للموكل عزل الوكيل، كما لا يجوز للوكيل من حيث المبدأ عزل نفسه لتعلق حق للغير بهذا النوع الخاص من الوكالات. وقد استخدم المشرع الأردني ميزة لزوم العقد التي يتمتع بها عقد الوكالة غير القابلة للعزل للتوكيل بإتمام إجراءات البيع والفراغ في الأموال غير المنقولة كاستثناء على منع التصرفات العقارية خارج دوائر تسجيل الأراضي المختصة التي قررتها القوانين النافذة في الضفة الغربية في فلسطين والتي تبنت مبدأ شكلية التسجيل كركن انعقاد للبيع والتصرفات العقارية في الأراضي المشمولة بالتسوية، وستتناول هذه الدراسة التعريف بماهية الوكالة غير القابلة للعزل وطبيعتها القانونية، ومن ثم البحث في الأثار القانونية لهذه الوكالة وأثرها على الغير ممن ترتبت له حقوق عينية عقارية مسجلة في تاريخ لاحق على تاريخ تنظيم الوكالة غير القابلة للعزل، مع بيان موقف التشريعات النافذة في الضفة الغربية بفلسطين وموقف القضاء من آثار تعلق حقوق الغير بموجب الوكالة غير القابلة للعزل وأثر ذلك على الأمن العقاري ومقتضيات استقرار المعاملات العقارية.
الكلمات المفتاحية: الوكالة غير القابلة للعزل، التسجيل العقاري، الأمن العقاري، البيع العقاري.
مقدمة:
اهتم الإنسان بالملكية منذ القدم، وعرف العديد من وسائل انتقالها التي تطورت تبعا للتطور الذي شهدته البشرية عبر العصور، وكان لذلك التطور أثره الكبير في الكثير من العقود التي نعرفها اليوم، ومن بينها عقود البيع العقاري، التي انتقلت من الرضائية إلى الشكلية، وفقا لمدى أهميتها وما يسعى المشرع لتحقيقه من خلالها، وقد اختلفت التشريعات والنظم القانونية المتعددة في طبيعة الشكلية القانونية التي تشترطها لانعقاد البيوع العقارية، فمنها من اشترط وجوب أن يتم تحرير العقد بموجب عقد رسمي أو موثق، فيما ذهب اتجاه آخر إلى اشتراط تمام البيع لدى الموقع الرسمي المختص وهو دائرة تسجيل الأراضي كما سارت القوانين النافذة في الضفة الغربية، إلا مر الذي كان له أثر كبير في إثقال كاهل البائعين والمشترين، لما تتطلبه تلك الإجراءات من جهد وتكاليف باهظة ومدة زمنية طويلة، وهو الأمر الذي دفع بالمشرع الأردني إلى التخفيف من حدة الشكلية المشترطة في البيع العقاري من خلال إجازة البيوع العقارية بموجب الوكالات غير القابلة للعزل، بموجب أحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958، إلا أن التطبيق العملي لتلك الوكالات الدورية المتضمنة بيوعا عقارية ونتيجة لعدم شهرها، أو اشتراط آليات قانونية فاعلة تضمن منع الموكل الذي سبق له بيع العقار بموجب تلك الوكالات من إعادة بيع ذات العقار لمشتر آخر حسن النية، بسبب بقاء اسمه مسجلا كمالك على صحيفة تسجيل العقار، قد تسبب في العديد من الإشكالات القانونية والواقعية وأثار إشكالية مدى نفاذ هذه الوكالات بمواجهة الغير ذي النية الحسنة الذي قام بشراء ذات العقار دون أن يعلم بترتب حقوق سابقة بموجب الوكالة غير القابلة للعزل.
الأمر الذي يتطلب البحث عن الحلول التي تحفظ حقوق المشتري المستفيد بموجب الوكالة الدورية غير القابلة للعزل ولا تهدر حقوق الغير حسن النية وبما لا يتعارض مع مقتضيات الاستقرار والائتمان العقاري الذي يستوجب ثبات السجل العقاري وعدم الاعتراف بأي ملكيات عقارية مستترة وغير ظاهرة.
أهمية البحث:
تتمثل أهمية البحث في انتشار التعامل بهذا النوع من الوكالات بين المتعاملين في المجال العقاري، كآلية ميسرة أقرها القانون كبديل عن عقد البيع الابتدائي الذي تعرفه بعض الأنظمة العقارية والتي منعت التشريعات النافذة في فلسطين من إجراءه خارج دوائر التسجيل.
وما نتج عن استخدام تلك الوكالات في البيع العقاري من إشكالات عملية وقانونية، نتيجة بقاء ملكية العقار باسم الموكل في السجل العقاري، وضرورة إيجاد حلول مناسبة لذلك بما يتوافق مع حقوق المشترين بموجب الوكالات الدورية غير القابلة للعزل وبما لا يتعارض مع مقتضيات استقرار المعاملات العقارية وأهداف السجل العقاري.
إشكالية البحث:
هل قيام المالك المسجل ببيع العقار بموجب تلك الوكالات يؤدي إلى غل يده من التصرف بالعقار؟ وما أثر التصرفات التي يبرمها المالك المسجل على العقار موضوع تلك الوكالات بالنسبة للحقوق المترتبة للمستفيد من الوكالة غير القابلة للعزل، وهل تقع نافذة بحقه؟ وما أثر ذلك على استقرار المعاملات العقارية والثقة في مشتملات السجل العقاري؟
منهجية البحث:
سيتم تناول هذا البحث من خلال استخدام المنهج الوصفي التحليلي، في محاولة للإجابة عن إشكالات الدراسة المطروحة، والذي سيتم تناوله في مقدمة ومبحثين وخاتمة وفقا لما يلي:
المبحث الأول: ماهية الوكالة غير القابلة للعزل وطبيعتها القانونية
المطلب الأول: ماهية الوكالة الدورية غير القابلة للعزل وآلية توثيقها
المطلب الثاني: الطبيعة القانونية للوكالة غير القابلة للعزل
المبحث الثاني: الأثار القانونية للوكالة غير القابلة للعزل ومدى نفاذها بمواجهة الغير
المطلب الأول: الأثار القانونية للوكالة غير القابلة للعزل المتضمنة بيوعا عقارية.
المطلب الثاني : مدى نفاذ البيوع العقارية بموجب الوكالة غير القابلة للعزل بمواجهة الغير
المبحث إلا ول
ماهية الوكالة غير القابلة للعزل وطبيعتها القانونية
سيتم تناول هذا المبحث الموسوم بماهية الوكالة الدورية غير القابلة للعزل وطبيعتها القانونية من خلال البحث في تعريف وماهية الوكالة غير القابلة للعزل وآلية توثيقها في المطلب الأول فيما نبحث الطبيعة القانونية للوكالة غير القابلة للعزل في المطلب الثاني.
المطلب الأول
تعريف وماهية الوكالة الدورية غير القابلة للعزل
سيتم تناول هذا المطلب للبحث في تعريف الوكالة عموما والوكالة غير القابلة للعزل وآلية توثيقها في النظام القانوني الفلسطيني ( الفرع الأول) وبيان ماهيتها القانونية ( الفرع الثاني).
الفرع الأول. تعريف الوكالة عموما والوكالة الدورية غير القابلة للعزل
سيتم تناول هذا الفرع للبحث في تعريف الوكالة وبيان أقسامها بوجه عام (أولا) والوكالة غير القابلة للعزل (ثانيا ).
أو لا. تعريف الوكالة بوجه عام
الوكالة لغة، تفويض شخص للقيام بأمر، حيث جاء في لسان العرب وكيل الرجل الذي يقوم بأمره، لأنه موكله فهو موكول إليه ، أي قد وكل إليه القيام بأمره([1])، ووكل إليه الأمر، سلمه وفوضه إليه واعتمد عليه فيه، ووكل فعل، ووكل يكل فهو واكل ووكيل، والمفعول موكول([2]). أما اصطلاحا، فالوكالة كما عرفتها أحكام المادة 833 من القانون المدني الأردني بأنها:” الوكالة عقد يقيم الموكل بمقتضاه شخصاً آخر مقام نفسه في تصرف جائز معلوم”([3])، ويلاحظ أن المشرع الأردني بتعريفه للوكالة قد أشار إلى التصرف بصورة مطلقة، على الرغم أن عقد الوكالة يتميز عن غيره من العقود بأن محل الوكالة ينصب على التصرفات القانونية دون التصرفات المادية، والوكالة بموضوعها قد تكون عامة أو خاصة([4]).
كما ورد تعريف الوكالة بالفقه الإسلامي بمعنى أنابة الغير في إجراء التصرف، وأن كان فقهاء المذاهب المختلفة قد أجمعوا على التعريف السابق فإن هم قد اختلفوا في تحديد أبعاد هذه النيابة([5])، وعرفت مجلة الأحكام العدلية الوكالة بأنها تفويض أحد أمره إلى آخر وإقامته مقامه ويقال لذلك الشخص موكل ولمن أقامه مقامه وكيل ولذلك إلا مر موكل به([6]).
وتنقسم الوكالة في الفقه الإسلامي إلى عدة أقسام مختلفة، فمن حيث الصيغة، هناك الوكالة المنجزة، وهي التي يكون فيها التصرف حالا ، غير مؤجل ولا معلق على شيء، كقوله: وكلتك في بيع أرضي الأن، ويترتب عليها حكمها من وقت التوكيل. أما المعلقة فهي التي يكون فيها الإذن بالتصرف معلقاً على شرط، أما الوكالة المضافة فهي تلك التي تكون فيها الصيغة مضافة إلى زمن مستقبل، ولا يكون للوكيل فيها حق التصرف إلا بحلول الأجل المضاف إليه العقاد.
أما الوكالة الدورية فهي التي تكون مشتملة على نفي وقوع العزل بأداة من أدوات الشرط “كمهما” و”كلما” بما يفيد تكرار الجوب بتكرار الفعل السابق لها، كقول الموكل كلما عزلتك وكلتك. كما تنقسم الوكالة من حيث حدود التصرف إلى وكالة عامة، وخاصة ومطلقة ومقيدة([7]).
ثانيا . تعريف الوكالة الدورية غير القابلة للعزل والجهة المختصة بتوثيقها
عرف البعض([8])، الوكالة الدورية غير القابلة للعزل بأنها الوكالة التي خرج بها المشرع عن الأصل العام بجواز عزل الوكيل في أي وقت مراعاة منه لصاحب المصلحة سواء أكان الوكيل أم الغير مسبغا عليها صفة الإلزام في مواجهة الموكل ومرتبا المسؤولية على الإخلال بها، ولا تنتهي بوفاة الموكل([9]). ووصف الدورية المضاف للوكالة يفيد الطواف حول الشيء والعود إلى الموضع الذي ابتدأ منه، فهي تدور مع العزل، بما يفيد أنه كلما عزل الموكل الوكيل عاد ووكله([10]).
كما عرفها آخرون بأنها الوكالة التي ليس للأصيل الرجوع فيها أو أنهائها أو تقييدها بإرادته المنفردة([11]). وعلى الرغم من إسباغ المشرع لأحكام خاصة للوكالة غير القابلة للعزل إلا أن تلك الخصوصية لم تسلخ عنها صفة الوكالة التي تتمتع بذات الأركان و الأحكام التي تطبق على الوكالة بشكل عام([12]).
وترجع الوكالة غير القابلة للعزل إلى الفقه الإسلامي وكان يطلق عليها اصطلاحا بالوكالة الدورية المعلقة على العزل، كقول الموكل لوكيله: كلما عزلتك فقد وكلتك، فهي وكالة معلقة على شرط يفيد بانعقاد ها مجددا كلما قام الموكل بعزل الوكيل، إذ أنها تشتمل على أداة من أدوات الشرط الجائز تعليق الوكالة عليها.
وتكمن فوائد الوكالة الدورية غير القابلة للعزل، في توفير الجهد والوقت للموكل والوكيل بحكم طبيعتها المستمرة وغير المحددة بزمن، وتستخدم بشكل أساسي في بيع العقارات والأراضي ولحفظ حقوق المشتري بموجبها، مع بيان عدم اقتصارها على البيع العقاري وإمكانية استخدامها في بيع المركبات أو الأموال غير المنقولة أو ما يجوز في التوكيل عموما، ولكن تكتسي الوكالة الدورية غير القابلة للعزل أهميتها في استخدامها في تسهيلا للشكلية التي يفرضها القانون بالنسبة لبعض الحقوق التي تستلزم وقتا وجهدا كبيرا، بما تخوله تلك الوكالة للموكل من قبض الثمن في الحال وتمنح الوكيل الطمأنينة بحفظ حقوقه بعدم جواز عزله، إذ لا يجوز إلغاؤها إلا بحضور البائع والمشتري([13]).
وقد حددت الفقرة (أ) من المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة الموظفون المخولين بالمصادقة على الوكالات الدورية غير القابلة للعزل وهم كتاب العدل الموجودين في فلسطين أو القناصل المعتمدين، أو كتاب العدل في الخارج الذين لهم صلاحية مماثلة لكتاب العدل في فلسطين، وتتولى دوائر كتاب العدل في فلسطين باعتبار ها الجهة الرئيسية، التي يعهد إليه ا بتوثيق الوكالات الدورية الغير قابلة للعزل بالإضافة إلى توثيق العقود والاتفاقات بين الأفراد ومنحها صفة الرسمية، سواء أكان موضوع هذه العقود منقولا أو عقارا أو حقوقا شخصية، حيث يتم توثيق العقود لدى كتاب العدل في دوائر المحاكم، وتحفظ نسخة من هذه الوكالات في سجل كاتب العدل بعد منحها رقما متسلسلا، إلا أن هذا التوثيق لا يمكن الاعتماد عليه في البحث والتحري عن وضع العقار بشكل دقيق أو عن الحالة المالية لمالك العقارات والتصرفات التي قام بإجرائها إذ أن سجلات دوائر كتاب العدل لا تعدو عن كونها سجلات لا تحمل أي ترتيب أو تصنيف للعقارات أو لأسماء إلا شخاص ويتم توثيق العقود والسندات العدلية بناء على تاريخ ورودها وتصديقها ولا تعتبر عملية التوثيق لدى كتاب العدل طريقا للعلانية أو الإشهار، ويتلخص الغرض منها في اضفاء صفة الرسمية على هذه العقود وفقا لأحكام المادة 26 من قانون الكاتب العدل رقم 11 لسنة 1952 والتي نصت على أن:” الأوراق والمقاولات والسندات التي ينظمها كاتب العدل وقناصل المملكة الأردنية الهاشمية وفق الشروط والقواعد المبينة بهذا القانون تعتبر موثوقاً بها بلا بينة في جميع المحاكم الشرعية والنظامية والدوائر الرسمية“([14]).
ولم تحدد مجلة لأحكام العدلية مدة زمنية للوكالة الدورية غير القابلة للعزل، حيث تعتبر تلك الوكالة غير محددة المدة من حيث الأصل، إلا أن القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة، قد حدد مدة سريان هذا النوع من الوكالات الذي يتضمن بيوعا عقارية، بحيث يتوجب تنفيذ الوكالة الدورية غير القابلة للعزل لدى دوائر تسجيل الأراضي خلال فترة سريان الوكالة والتي حددها القانون المذكور عند صدوره بسنة وأحدة من تاريخ تنظيمها، ثم تم تمديد تلك المدة أكثر من مرة بموجب التعديلات التشريعية له حتى وصلت مدة سريان تلك الوكالات إلى خمس عشرة سنة من تاريخ تنظيمها وتصديقها. ونرى وعلى عكس ما يذهب إليه الكثيرون بأن تلك المدة ليست طويلة، كما نرى بأن المس بتلك المدة من شأنه إهدار حقوق المشتري الذي لم يستطع تنفيذ الوكالة لدى دائرة تسجيل الأراضي، مع ضرورة تعديل أحكام نفاذ تلك الوكالة بمواجهة الغير حسن النية ما لم يتم إشهارها بوضع إشارة بوجود وتعلق حق للغير بالعقار موضوع الوكالة الدورية غير القابلة للعزل في السجل العقاري، الأمر الذي من شأنه الموازنة بين حقوق المشتري المستفيد بموجب الوكالة والغير حسني النية الذين يرغبون بالتعامل بالعقار.
الفرع الثاني: ماهية الوكالة الدورية غير القابلة للعزل
وتعتبر الوكالة عموما من العقود غير اللازمة التي تجيز للموكل عزل وكيله متى شاء لافتراض أنها من عقود التبرع وتتم لمصلحة الموكل عموما([15]). إلا أن هذا الأصل مقيد باستثناءين الأول إذ ا تعلق بالوكالة حق للغير أو إذ ا كانت قد صدرت لصالح الوكيل، وعندها يكون عقد الوكالة لازما كاستثناء على قاعدة عدم لزوم عقد الوكالة، فلا يستطيع عندها الموكل أن يعزل وكيله حتى تستنفذ غاية الوكالة إلا بموافقة من صدرت لصالحه، وكذلك لا يستطيع الوكيل أن يقيل نفسه من الوكالة إذ ا تعلق بها حق للغير([16]).
والغير المقصود في النص المشار إليه أعلاه ليس كل شخص ليس طرفا بالعقد بل هو من يستمد حقا مباشرا من عقد الوكالة دون أن يكون طرفا فيها، ويسمى بالمستفيد ([17]). وبالتالي وحيث أن الوكالة غير القابلة للعزل تنعقد فيما يخص المنقول والعقار على السواء إذ لم تستثني النصوص المتعلقة بالوكالة غير القابلة للعزل بالمجلة أية أموال من أحكامها، إلا أن انعقادها لمصلحة الوكيل لا يكون إلا بالمنقول والأراضي غير المشمولة بأعمال التسوية، دون العقار المسجل في دوائر التسجيل الذي يتوجب لانعقادها فيه أن تنعقد لمصلحة الغير للوكيل، إذ أنها تعتبر استثناء من لأصل القاضي بمنع وبطلان التصرفات العقارية خارج دوائر التسجيل وبالتالي يتوجب الأخذ بالتحديد الذي جاء به الاستثناء وفقا لأحكام المادة 11 من قانون المعدل([18]) للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958 والتي حصرت هذه الوكالة بالغير، والغير لا يشمل الوكيل، إذ أن الغير هو كل من ليس طرفا في العقد أو التصرف القانوني([19]).
وقد تناولت مجلة الأحكام العدلية الأحكام الخاصة بعدم جواز عزل الموكل للوكيل في هذا النوع من الوكالات التي يتعلق بها حق للغير وذلك ضمن الفصل السادس من المجلة المتعلق ببيان المسائل المتعلقة بعزل الوكيل، حيث نظمت المادتين 1521و 1522 من مجلة الأحكام العدلية أحكام الوكالة غير القابلة للعزل، إذ نصت المادة 1521 على أن: ( للموكل أن يعزل وكيله من الوكالة ولكن أن تعلق به حق الغير فليس له عزله كما إذ ا رهن مديون ماله وحين عقد الرهن أو بعده وكل آخر ببيع الرهن عند حلول أجل الدين فليس للراهن الموكل عزل ذلك الوكيل بدون رضاء المرتهن كذلك لو وكل أحد آخر بالخصومة بطلب المدعي ليس له عزله في غياب المدعي).
بينما جاءت المادة 1522 من المجلة على حكم عدم جواز عزل الوكيل نفسه عن الوكالة المتعلق بها حق للغير حيث نصت على أنه:( للوكيل أن يعزل نفسه من الوكالة ولكن لو تعلق به حق الغير كما ذكر أنفا يكون مجبورا على إيفاء الوكالة).
وإذا كانت الوكالة عموما تنتهي بموت الموكل أو انعدام الأهلية، إلا أن ذلك لا يشمل الوكالة غير القابلة للعزل والتي لا تنتهي بوفاة الموكل وتظل سارية المفعول حتى تحقيق غايتها بحق الغير أو الوكيل المتعلق بها([20]). وذلك وفقا لصريح المادة 1527 من المجلة والتي تنص على أنه:( ينعزل الوكيل بوفاة الموكل. ولكن إذ ا تعلق به حق الغير فلا ينعزل).
كما قضت المادة 1529 من المجلة بانتهاء الوكالة بوفاة الوكيل بنصها:( الوكالة لا تورث. يعني إذا مات الوكيل فيزول حكم الوكالة وبهذا لا يقوم وارث الوكيل مقامه)، ولم تستثني أحكام المادة 1529 من المجلة الوكالة غير القابلة للعزل من أحكام انتهاء الوكالة بوفاة الوكيل، وذات الأمر فيما يخص فقدان الوكيل أو الموكل الأهلية القانونية حيث نصت المادة 1530 من المجلة بأنه:( تبطل الوكالة بجنون الموكل أو الوكيل). وقد جاء القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958 المعدل بوضع أحكام خاصة للبيوع العقارية بموجب الوكالة غير القابلة للعزل لتعلق حق الغير بها، فخرج عن أحكام المادة 1529 من المجلة التي قررت انتهاء الوكالة بوفاة الوكيل، ونص صراحة على نفاذ الوكالة في حال عزل الوكيل أو وفاته حيث نصت المادة 11 من القانون المعدل بأنه:(.. وفي حالة وفاة الوكيل تقوم دائرة تسجيل الأراضي بإتمام معاملة البيع أو الفراغ). إلا أن المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة غفلت ولم تعالج حالة فقدان الأهلية لدى الموكل والوكيل، مما من شأنه اثارة العديد من الإشكالات العملية والقانونية عند فقدان الوكيل أو الموكل أهليته القانونية قبل تنفيذ الوكالة غير القابلة للعزل، وبخاصة أمام صراحة النص العام القاضي ببطلان الوكالة بجنون الموكل والوكيل وفق أحكام المادة 1530 من المجلة([21]).
ويشترط لصحة الوكالة غير القابلة للعزل أن ترد على وكالة خاصة، أما فيما يخص الوكالة العامة فقد ثار نقاش طويل حول مدى صحتها، إلا أن الرأي القائل بعدم صحة الوكالة العامة غير القابلة للعزل قد استقر في النهاية لقوة الحجج القانونية التي يستند عليه([22])، فالاعتراف بالوكالة العامة غير القابلة للعزل يمثل الاعتراف بجواز الاعتراف بالتنازل عن الأهلية القانونية، الأمر الذي يتعارض مع النظام العام.
وذلك رغم وجود حالات استثنائية تعترف ببعض أنواع الوكالات العامة غير القابلة للعزل كنظام الوكالة العامة غير القابلة للعزل في نظام الذمة المالية الموحدة للزوجين في القانون الفرنسي، إلا أن تلك الأنظمة التي تسمح بهذا النوع من الوكالة بدأت بالتلاشي، بالإضافة إلى أن النظام المالي الموحد للزوجين يعتبر استثناء من القواعد العامة قد يكون له ما يبرره ولا يمكن القياس عليه([23]).
المطلب الثاني : الطبيعة القانونية للوكالة غير القابلة للعزل
أدى ظهور الوكالة الدورية غير القابلة للعزل وحرمان الموكل من حقه في عزل وكيله إلى حدوث انقلاب في المفاهيم القانونية وبخاصة في ظل الأنظمة العقارية التي تمنع التصرفات العقارية خارج دوائر التسجيل، وقد ظهرت العديد من الأراء الفقهية والقضائية التي حاولت تكييف الطبيعة القانونية لهذه الوكالات حيث نفى عنها البعض صفة الوكالة وحاول تقريبها إلى ما يشابه بعض أحكامها من العقود الأخرى كالقول بأنها عقد غير مسمى أو رهنا حيازيا أو بيعا في حين تمسك البعض الأخر بطبيعتها كوكالة إلا أنها وكالة ذات طبيعة خاصة وسنتناول هذان الاتجاهان بالبحث للوصول إلى الطبيعة القانونية للوكالة الدورية غير قابلة للعزل.
الفرع الأول: الاتجاه بنفي صفة الوكالة عن الوكالة غير القابلة للعزل
يذهب هذا الاتجاه الذي يرى بأن الوكالة غير القابلة للعزل بحقيقتها وبحكم الأثار القانونية المترتبة عليها تخرج عن كونها وكالة بالمفهوم القانوني لهذا العقد، وقد حاول هذا الاتجاه تقريب عقد الوكالة غير القابلة للعزل إلى عقود أخرى مشابهة لها في الأثار وبالتالي محاولة استقاء أحكام تلك العقود لفرضها على عقد الوكالة غير القابلة للعزل، حيث يرى البعض بأن الوكالة غير القابلة للعزل ليست في حقيقتها سوى عقد بيع ابتدائي(أو لا)، فيما برى آخرون بأنها ليست سوى رهنا حيازيا لتشابه أحكامها مع هذا العقد(ثانيا )، فيما ذهب آخرون إلى أنها عقد لازم من العقود غير المسماة(ثالثا).
أو لا. الوكالة غير القابلة للعزل عقد بيع ابتدائي
يرى أصحاب هذا الرأي([24]) أن الوكالة غير القابلة للعزل هي عقد بيع، تبعا لإرادة الأطراف الحقيقية التي اتجهت إلى ابرام عقد بيع وليس وكالة، كما أن أحكام الوكالة تصطدم مع ارادة المتعاقدين بشأن الوكالات العقارية المتتالية في البيع العقاري، كما أن التزام الوكيل أو الغير بدفع ثمن العقار محل الوكالة والإقرار بقبض الثمن من قبل الموكل يؤكد هذا الاتجاه، إذ أن الوكيل لا يدفع مقابلا للموكل في عقد الوكالة([25]).
ونرى بأن هذا الاتجاه هو الأكثر وجاهة والأقرب إلى الطبيعة القانونية للوكالة غير القابلة للعزل وبخاصة أنها تضمن العناصر الرئيسية لعقد البيع، ومنها اقرار الموكل بقبض الثمن ووجوب تحديد العقار المبيع ومنح الوكيل سلطة بيع العقار، بالإضافة إلى أن الوكالة غير القابلة للعزل تشكل خروجا عن الأصل في التوكيل ذاته وأن مقصد وغاية أطرافها عند أنشائها تنصرف إلى العقار موضوع الوكالة ولا تتداخل فيها الاعتبار ات الشخصية للموكل أو الوكيل، كما أن هدف هذه الوكالة هو تحقيق مصالح الوكيل أو الغير أكثر من كونها تحقيقا لمصالح الموكل، إلا مر الذي يجعلها أقرب إلى عقود البيع من الوكالة، على الرغم من تعارض فكرة البيع الابتدائي للعقار مع بعض القوانين التي تأخذ بشكلية التسجيل لانعقاد البيوع العقارية ومنها القانون الأردني والقوانين النافذة في فلسطين([26]).
ثانيا . اعتبار الوكالة غير القابلة للعزل رهنا حيازيا
ذهب هذا الاتجاه من الفقه([27]) إلى وجب اعتبار الوكالة غير القابلة للعزل بغير مسماها الذي اسبغه عليها المشرع تبعا لطبيعتها الخاصة والتي تقترب من حيث الأحكام بعقود أخرى حيث ذهب جانب من هؤلاء إلى أنها عبارة عن رهن حيازي لتشابه العديد من أحكامها معه، ذلك أنه ينبغي وفقا لهذا الاتجاه([28]) النظر إلى هذه الوكالة التي تخول الوكيل ببيع العقار أو المنقول وقبض الثمن بعيدا عن عقد الوكالة، لاختلاف أحكامها عن أحكام الوكالة واشتراكها مع أحكام الرهن الحيازي، ذلك أن ثمن المبيع الذي يكون في حوزة الوكيل مخصص لضمان تنفيذ التزامات الموكل كمدين، وتخلي الموكل عن المال الذي تعلق به التصرف القانوني محل التوكيل ونقل حيازته إلى الوكيل بموجب الوكالة([29]).
وقد اعتمد هذا الاتجاه لتأييد رأيه في تكييف الوكالة غير القابلة للعزل بالرهن الحيازي على تقرير عدم نفاذ التصرفات التي يقوم بها الموكل في المال محل الوكالة، حيث يقارب هذا الرأي بين حق الدائن المرتهن بحبس المال المرهون إلى أن يستوفي حقه، و التقدم على غيره من الدائنين والتتبع للمال المرهون والتنفيذ عليه ولو انتقلت ملكيته إلى غير الراهن، وبين الحقوق التي ترتبها الوكالة غير القابلة للعزل للوكيل أو المستفيد من الوكالة، وبالتالي ووفقا للرأي السابق فإن الوكالة غير القابلة للعزل هي رهن حيازي يكون الموكل فيها هو المدين الراهن والوكيل هو الدائن المرتهن والمال المرهون هو المال موضوع الوكالة.
وقد وجهت لهذا الرأي العديد من الانتقادات كان أكثرها وجاهة، اختلاف النظام القانوني للوكالة غير القابلة للعزل عن الرهن الحيازي، إذ أن الأخير هو تأمين عيني يمنحه المدين الراهن للدائن المرتهن ضمانا للدين، وليس للدائن المرتهن أن يتملك المال المرهون إذا حل الأجل ولم يوف المدين الدين، إذ أن الضمان يقتصر على حق الدائن المرتهن بالتقدم على الدائنين وتتبع المال المرهون بهدف التنفيذ عليه لا تملكه([30]) ويقع باطلا كل اتفاق يخالف ذلك([31]).
كما يشترط لتمام الرهن تسليم المال المرهون إلى الدائن المرتهن في المنقول والتسجيل في دائرة التسجيل العقاري للعقار، وذلك ليس من متطلبات أو شروط الوكالة غير القابلة للعزل.
ويبدو أن الاتجاه السالف قد خلط بين ما جاء في أحكام المادتين761 و 1521 من مجلة الإحكام العدلية إذ جاءت المادة 761 بأحكام الوكيل ببيع الرهن عند حلول الأجل ([32]).
بينما تناولت المادة 1521 أحكام الوكالة الدورية وأو ردت أمثلة على عدم جواز عزل الوكيل كان بينها عدم جواز عزل الوكيل ببيع المال المرهون([33])، إلا أن ذلك وكما نرى يخالف الطبيعة والأثار المترتبة عن الوكالة غير القابلة للعزل إذ أن هدف هذه الوكالة هو نقل ملكية المال موضوع الوكالة إلى المستفيد منها سواء كان الوكيل أو الغير بينما هدف الرهن هو ضمان أداء الدين واستيفاء الدين من ثمن المال المرهون حال الإخلال بالتزام المدين المرتهن بالسداد، كما أن التمعن بأحكام المادة 761 تؤكد اختلاف الطبيعة القانونية بين الرهن الحيازي والوكالة غير القابلة للعزل إذ أنها وبمفهوم المخالفة للنص الوارد بها تمنع الدائن المرتهن من تملك المال المرهون، أو بيعه وكل ما يستطيع عمله الطلب من الوكيل بالبيع أو القاضي حال عدم تعيين وكيل بالبيع أو تمنعه عن ذلك بالتنفيذ على المال المرهون واستيفاء ثمنه من هذا المال، إذ يمنع عليه تملك هذا المال كبدل للدين.
كما أن الوكيل ببيع الرهن ليس هو ذات الوكالة الغير قابلة للعزل وإن كان أحد صورها، إذ يجوز الوكالة بالخصومة، وتختلف أحكامها عن الوكالة ببيع المال المرهون مما يؤكد على ما سبق، أما فيما يخص أحكام المادة 1521 فبالإضافة لما سبق فإن المادة المذكورة أو ردت الوكالة بالبيع للمال المرهون على سبيل المثال لا الحكم. وبالتالي وأمام اختلاف معظم أحكام الوكالة غير القابلة للعزل عن الرهن الحيازي فإن هذه الوكالة لا يمكن اعتبار ها بحال من الأحوال رهنا حيازيا على الرغم من جواز ورود الوكالة غير القابلة للعزل على التوكيل بالبيع للمال غير المرهون في الرهن الحيازي.
ثالثا. اعتبار الوكالة عقدا غير مسمى
ذهب اتجاه آخر من الفقه([34]) إلى اعتبار الوكالة غير القابلة للعزل عقدا غير مسمى، يمنع بمقتضاه المدين من عزل وكيله ومن التصرف بالمال محل العقد، وقد ووجه هذا الاتجاه أيضا بالنقد لعدم استطاعته اعطاء صورة واضحة عن العقد غير المسمى الذي يقارب به الوكالة غير القابلة للعزل وعدم تحديده ماهية العقد غير المسمى الذي ذهب إليه هذا الاتجاه([35]).
ونرى بأن اعتبار الوكالة غير القابلة للعزل عقداً غير مسمى يخرج عن الطبيعة القانونية التي قررتها التشريعات ذاتها لهذا النوع الخاص من الوكالات ورتبت لها أحكاماً خاصة، وأدرجتها ضمن العقود المسماة، الأمر الذي يجعل من هذا القول يفتقر للموضوعية ويخالف أحكام القانون.
الفرع الثاني: الوكالة غير القابلة للعزل عقد وكالة ذو طبيعة خاصة
سنتناول أهم الأراء الفقهية التي تمسكت بكون أن الوكالة غير القابلة للعزل وعلى الرغم من الأحكام والأثار الخاصة التي تترتب عنها ما تزال تحتفظ بطبيعتها القانونية كوكالة، إلا أنها وكالة ذو طبيعة خاصة، حيث يرى البعض بأنها وكالة تتضمن التزام الموكل بالامتناع عن التصرف(أو لا)، بينما يرى آخرون أنها وكالة ولكنها تتضمن التزاما من الموكل بإخراج المال محل الوكالة من ذمة الموكل (ثانيا )، بينما يذهب الاتجاه الأخير إلى أن الوكالة غير القابلة للعزل وكالة تتضمن بيعا عقاريا(ثالثا).
أو لا. الوكالة غير القابلة للعزل تتضمن التزام بالامتناع عن التصرف
يذهب هذا الاتجاه إلى أن الوكالة غير القابلة للعزل وتظل محتفظة بطبيعتها القانونية كعقد وكالة، ولكنها وكالة ذو طبيعة خاصة، وأن هذه الطبيعة لا تقتضي خروج ملكية المال محل الوكالة من ذمة الموكل إلى ذمة الوكيل، كما ذهب الاتجاه السابق ولكن هذه الطبيعة تقتضي أن تضمن الوكالة غير القابلة للعزل التزام بالامتناع عن عمل، ويتمثل هذا الالتزام بامتناع الموكل عن عزل وكيله عن الوكالة وكذلك الالتزام بالامتناع عن التصرف في المال محل الوكالة، فالقول بعدم قابلية الوكالة للعزل لا يضمن فقط التعويض للوكيل أو الغير عن الأضرار التي تلحق بهما نتيجة ذلك بل يقتضي أيضا استمرارية وجود الوكالة بخلاف ارادة الموكل، وبالتالي يعتبر التصرف الذي يقوم به الوكيل صحيحا ومنتجا لآثاره القانونية بحق الموكل رغم عزل الوكيل لأن هذا العزل يعتبر باطلا ولا ينتج أي أثر قانوني .
وقد انتقد البعض هذا الإتجاه بدليل أن ما استقر عليه القضاء الفرنسي الذي ابتدع فكرة الوكالة غير القابلة للعزل قرر على الدوام حق الموكل في عزل وكيله والتصرف في ملكه شخصيا أو عن طريق وكيل آخر([36]).
وقد ذهب جانب من الفقه إلى أن الموكل في الوكالة غير القابلة للعزل يظل متمتعا بحقه في التصرف في الحق محل الوكالة، كونه المالك القانوني لهذا الحق، وله سلطة التصرف على الرغم من منع التصرف الوارد بالوكالة غير القابلة للعزل، ولكنه يلتزم في هذه الحالة بالتعويض([37]).
ونرى بأن الرأي الأول، بعدم جواز عزل الموكل للوكيل ونفاذ تصرفات الوكيل بمواجهة الموكل برغم عزله هو الأقرب للطبيعة القانونية للوكالة غير القابلة للعزل في الضفة الغربية، دون الرأي الثاني الذي حاول التخفيف من الأثار الملزمة للوكالة غير القابلة للعزل وحصرها في التعويض كجزاء على مخالفة الموكل بالتزامه بعدم التصرف بما يضر المستفيد وبعدم جواز عزله للوكيل.
حيث تبنى المشرع الأردني في القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة ضرورة العمل بهذه الوكالات سواء أعزل الموكل الوكيل أم لم يعزله، وبذلك فقد بالغ المشرع في حماية المشتري المستفيد من الوكالة غير القابلة للعزل، فنصت على أن الوكالة غير القابلة للعزل (واجبة التنفيذ خلال مدة خمس عشرة سنة من تاريخ نفاذ هذا القانون سواء أعزل الموكل الوكيل أم توفي الموكل أو الوكيل وفي حالة وفاة الوكيل تقوم دائرة تسجيل الأراضي بإتمام معاملة البيع أو الفراغ وتكون دائرة التسجيل مسؤولة عنه)، ونرى ضرورة تعديل أحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة، بالنص على عدم نفاذ هذه الوكالة بمواجهة الغير حسن النية إلا بشهرها إما بواسطة التسجيل أو بوضع إشارة لإعلام الغير ممن يرغب بالتعامل بالعقار موضوع الوكالة غير القابلة للعزل من معرفة الوضع القانوني للعقار من خلال مشتملات السجل العقاري. وذلك لضمان عدم التحايل من قبل الموكل الذي ما زال اسمه مسجلا كمالك للعقار ويستطيع بالتالي إعادة بيع العقار إلى شخص آخر قد يكون حسن النية بما يضر بالثقة بالسجل العقار.
ثانيا . اعتبار الوكالة غير القابلة للعزل عقد يخرج المال محل الوكالة من ذمة الموكل
ذهب جانب آخر من الفقه إلى أن الوكالة غير القابلة للعزل لا تخرج عن كونها وكالة ذات طبيعة خاصة، فذهب البعض إلى أن طبيعتها الخاصة تقتضي خروج المال محل الوكالة من ذمة الموكل إلى ذمة الوكيل([38])، وقد بالغ البعض([39]) في الأخذ بهذا الرأي ولم يتردد بالقول ببطلان التصرف الصادر عن الموكل بطلانا نسبيا، أي أنه ينعقد موقوفا على اجازة الوكيل، مبررا ذلك بأن الموكل لم يعد مالكا للحق محل التوكيل لدخوله بذمة الوكيل أو الغير، الأمر الذي يجعل من تصرف الموكل في الحق محل الوكالة صادرا من غير مالك وبحكم الموقوف ولا ينفذ هذا التصرف بحق الوكيل أو الغير إلا بإجازة من نظمت لمصلحته منهم.
وقد واجه هذا الرأي الكثير من الانتقادات وبخاصة لفكرة خروج المال من ذمة الموكل إلى الوكيل، إذ أن خروج المال من ذمة الموكل إلى ذمة الوكيل يقتضي عدم رجوع المال محل الوكالة إلى ذمة الموكل إلا بعقد جديد يقضي بنقل هذه الملكية مرة أخرى إلى الموكل كونه أضحى غير مالك، وذلك لا يستقيم مع الحالة التي تنتهي بها الوكالة غير القابلة للعزل باتفاق الأطراف، قبل اتمام التصرف القانوني محل الوكالة، إذ يعود الحق للموكل بالتصرف مباشرة في المال محل الوكالة أو توكيل وكيل آخر للتصرف به ([40]).
ونرى بأن الرأي سالف الذكر لم يستطع التوفيق بين الطبيعة الخاصة للوكالة غير القابلة للعزل وبين عدم انتقال الملكية في الحقوق التي يشترط المشرع التسجيل لانتقالها كالملكية العقارية وملكية المركبات إذ أن الالتزام الذي تنشئه الوكالة غير القابلة للعزل ليس سوى التزام شخصي بعدم التصرف إلا أنه لا يرقى للالتزام العيني الذي يشترط أن يتم وفق الشكل الذي يتطلبه القانون، وتكمن أهمية التفرقة بذلك أن مخالفة الموكل لالتزامه بعدم التصرف لا يؤدي إلى بطلان التصرف الذي أنشأه خلافا لهذا الالتزام وإنما يلزم بتعويض الموكل المتضرر عن إخلاله بالتزامه بنقل ملكية العقار خلافا لتعهده بعدم التصرف.
وقد تبنت مجلة الأحكام العدلية هذا الموقف حيث ينعقد تصرف الموكل بالعقار موضوع الوكالة موقوفا على إجازة الوكيل أو المستفيد من الوكالة غير القابلة للعزل، وفقا لما قررته أحكام المادة 368 من المجلة والتي قضت بانعقاد البيع الذي يتعلق به حق للغير موقوفا على إجازة ذلك الغير، فنصت على أن:(البيع الذي يتعلق به حق الغير كبيع الفضولي وبيع المرهون ينعقد موقوفا على اجازة ذلك الغير). وقد سبق أن بينا مدى خطورة هذا التوجه الذي تبناه المشرع بمقتضى المادة 11 من القانون المعدل للأحكام غير المنقولة على استقرار المعاملات العقارية، وما يترتب على إجازة ونفاذ العقود المتضمنة حقوقا عقارية غير مسجلة على الأمن العقاري والثقة المفترضة في مشتملاته.
ثالثا. الوكالة غير القابلة للعزل وكالة ذو طبيعة خاصة تتضمن البيع العقاري
ونرى بأن الوكالة غير القابلة للعزل تبقى في حقيقتها وكالة ذو طبيعة خاصة، ترتب حقوقا للغير على العقار موضوع هذه الوكالة، وفقا لما قرره المشرع ضمن أحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة من صحة هذه الوكالات المتضمنة بيعا عقاريا بهدف تخفيف حدة المنع الوارد ضمن أحكام المادة 16 من قانون تسوية الأراضي والمياه. فأو رد أحكام البيوع العقارية بموجب الوكالة غير القابلة للعزل كاستثناء عن الأصل العام، وبما يحقق التوازن بين صحة العقد المتضمن توكيلا لازما بالبيع لمصلحة الغير إلا أنه وبحكم الطبيعة الشكلية لانعقاد البيوع العقارية يبقى غير الناقل للملكية إلا أنه يرتب التزاما على الموكل بعدم التصرف أو ترتيب أي حقوق عينية عقارية على العقار موضوع هذه الوكالة بما يضر بالمستفيد منها، وإذ ا دققنا بأحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة فليس هناك أي تعارض بينها وبين أحكام المادة 16 من قانون تسوية الأراضي والمياه وذلك باعتبار البيوع العقارية بموجب الوكالة الدورية جاءت كاستثناء تشريعي عن الأصل العام بمنع التصرفات العقارية خارج دائرة التسجيل، بالإضافة إلى عدم ترتيب انتقال الملكية إلا بتنفيذ هذه الوكالة لدى دوائر التسجيل، وهذا ما يتفق مع ما ذهبت إليه الكثير من التشريعات بفصل العقد الابتدائي الموثق عن نقل الملكية التي لا تتم إلا بالتسجيل، بما يحقق مصلحة الأطراف بسرعة انجاز معاملاتهم وحفظ حقوقهم ابتدائياً من خلال الحكم بانعقاد العقد من جهة، والحفاظ على أهداف السجل العقاري العيني وتحقيق الاستقرار والائتمان العقاري بالحكم بعدم نفاذ هذا البيع الابتدائي بمواجهة الغير حسن النية من جهة أخرى .
وبالتالي فإن التعارض الحقيقي ليس من حيث إجازة البيع والتصرفات العقارية بموجب هذا النوع من الوكالات، وإنما بإجازة نفاذها بمواجهة الغير حسن النية الذي قررته أحكام المادة 111 و368 من مجلة الأحكام العدلية، التي لم تراعي مقتضيات السجل العقاري وحماية حقوق الغير ذي النية الحسنة، وهو الأمر الذي يتوجب على المشرع الفلسطيني معالجته من خلال إيجاد التوازن بين مقتضيات الوكالة غير القابلة للعزل وسهولة تنظيمها والحفاظ على حقوق المشتري المستفيد بموجبها، وبين المحافظة على حقوق الغير حسن النية الذي لم يطلع وليس على علم بهذا العقد غير المسجل وغير المشهر، من خلال النص على تقييد نفاذ الوكالة بمواجهة الغير حسن النية بإشهارها بالسجل العقاري.
وعلى الرغم من ذلك إلا أن البعض قد أسبغ على الوكالة غير القابلة للعزل التي وصف عقد بيع ابتدائي بل أن بعضها ذهب إلى أنها عقد بيع منجز ففي حكم لمحكمة النقض السورية:(الوكالة غير القابلة للعزل تعتبر بمنزلة البيع المنجز وهي من الإسناد الرسمية التي لا يجوز اثبات عكس ما ورد فيها إلا بالتزوير) ([41]).
كما ذهبت محكمة التمييز اللبنانية إلى أن:(..أن الرأي الجامع في الاجتهاد يعتبر الوكالة غير القابلة للعزل لتعلق حق الغير بها عند تضمينها نصا يفيد براءة ذمة الوكيل من أي حق أو مطلب أو محاسبة تبعا لوصول كامل الثمن بمثابة عقد بيع)([42]).
وقد أكدت محكمة النقض الفلسطينية فيما استقر عليه قضاؤها بعدم اعتبار الوكالة الدورية عقد بيع، أو سندا ناقلا للملكية وإنما وسيلة لنقل ملكية العقار من البائع إلى المشتري([43])، وفي الواقع فإن التزام البائع بموجب الوكالة الدورية ليس سوى الإلتزام بعدم عزل الوكيل بالبيع الذي سيتم مستقبلا لدى دائرة تسجيل الأراضي من قبل الوكيل الدوري بوكالته عن الموكل، وغل يد الموكل عن التصرف في المال غير المنقول محل الوكالة([44])، وبالتالي فإن البيع الوارد في الوكالة غير منعقد، ولا يعتبر بيعا نافذا([45]) حتى تمام البيع وتوقيع الموكل على عقود البيع العقاري لدى الدائرة المختصة، وقد حدد المشرع مدة سريان هذه الوكالة والتي كانت تسري لمدة سنة وأحدة في النص الأصلي، ثم تم تمديد هذه المدة إلى خمس سنوات فعشر إلى أن وصلت إلى خمس عشرة سنة وفق آخر تعديل لأحكام المادة 11 المذكورة.
وتعتبر هذه المدة مدة سقوط وليست مدة تقادم، حيث تعتبر الوكالة الدورية لاغية بمرور هذه المدة، ولا يجوز تنفيذها لدى دوائر تسجيل الأراضي، والحكمة من وراء تحديد مدة تنفيذ الوكالة تتجلى في المحافظة على حقوق كافة الأطراف والغير، ورغبة المشرع في عدم التوسع في الأخذ بهذا الإستثناء على منع التصرفات العقارية خارج دوائر التسجيل، خارج الحدود التي رمها المشرع، وضمانا لاستقرار المعاملات العقارية ولعدم ابقاء حقوق غير مشهرة خارج نطاق السجل العقاري([46])، ونرى بأن تمديد هذه المدة قد أخرج الوكالات الدورية عن غايتها التي أرادها لها المشرع، بما أضر بالغير حسن النية الذي تعامل مع محتويات السجل العقاري، وتسبب في زعزعة الاستقرار العقاري من خلال السماح بالتصرفات العقارية المستترة وغير المسجلة التي قد تهدد تقييدات الغير حسن النية الذي ترتبت له حقوق على العقار دون أن يعلم بوجود هذه الوكالات الدورية.
فنص المادة 11 من قانون التصرف بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958 والتي نصت على أن هدفها:(… لتمكين الوكيل من بيع وفراغ أموال غير منقولة إلى شخص آخر لدى دوائر تسجيل الأراضي تعمل بها دوائر التسجيل خلال سنة وأحدة من تاريخ تنظيمها أو تصديقها وتعتبر ملغاة إذ ا لم تنفذ أحكامها لدى الدوائر خلال المدة المذكورة)، تبين بأن هدف المشرع من تقرير هذا النوع من الوكالات غير قابلة للعزل، كان بهدف ايجاد استثناء على منع التصرفات العقارية خارج دوائر التسجيل، وبالتالي فطبيعتها القانونية لا تخرج عن أنها وكالة خاصة تتضمن حق للغير بالنظر إلى الضرورات العملية التي أملت هذا النوع من الوكالات ولضمان حق الغير المتعلق بالوكالة، وبالتالي فإنها تكون لازمة بحق الموكل وغير قابلة للعزل([47])، إلا أنه كان يتوجب على المشرع النص على عدم نفاذ هذه الوكالات بمواجهة الغير حسن النية إلا بشهرها في السجل العقاري.
المبحث الثاني
الأثار القانونية للوكالة غير القابلة للعزل المتضمنة بيوعا عقارية ومدى نفاذها بمواجهة الغير
سنخصص هذا المبحث لدراسة الأثار القانونية للوكالة غير القابلة للعزل المتضمنة بيوعا عقارية في المطلب الأول فيما نخصص المطلب الثاني للبحث في مدى نفاذ البيوع العقارية بموجب الوكالة غير القابلة للعزل بمواجهة المشتري المسجل.
المطلب الأول
الأثار القانونية للوكالة غير القابلة للعزل المتضمنة بيوعا عقارية
تتضمن الأثار القانونية للوكالة الدورية غير القابلة للعزل، باعتبارها استثناء على شكلية التسجيل للبيوع العقارية في الأراضي المسجلة في فلسطين، آثاراً قانونية هامة سواء فيما يخص تقرير صحة البيوع العقارية التي تتضمنها الوكالة الدورية خارج دوائر التسجيل برغم عدم اعتبار هذه الوكالة عقدا للبيع العقاري وفقا للعديد من الآراء القانونية محل الاعتبار، الأمر الذي أكده القضاء الفلسطيني في العديد من أحكامه التي أكدت أن هذه الوكالة هي وسيلة لإتمام البيع وليست سندا ناقلا للملكية ما لم يتم تنفيذها وتسجيل اسم المشتري لدى دوائر تسجيل الأراضي (الفرع الأول)، إلا أن الأثر الأهم والذي أثار العديد من النقاشات الفقهية والإشكالات القانونية على صعيد الفقه والقضاء كما سنرى (في الفرع الثاني)، يبقى هو التزام الموكل بعدم التصرف بالعقار موضوع الوكالة.
الفرع الأول: تقرير صحة البيوع العقارية خارج دوائر الأراضي
جاءت أحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958 باستثناء هام على قاعدة شكلية التسجيل لانعقاد البيوع العقارية ومنع التصرفات العقارية خارج دوائر التسجيل([48])، فأرست مبدأ صحة بيع وفراغ العقار خارج دوائر التسجيل إذ أوقعت بموجب وكالة غير قابلة للعزل منظمة من كاتب العدل أو أحد الموظفين العامين المحددين حصرا بموجب الفقرة (أ) من المادة 11 المذكورة، حيث نصت المادة (11/ب) من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958 بأن:( الوكالات التي ينظمها أو يصدقها الموظفون المذكورون في الفقرة السابقة والمتضمنة بيع وفراغ الأموال غير المنقولة والمتعلق بها حق الغير كقبض الثمن واجبة التنفيذ في جميع الأحوال لدى دوائر التسجيل والمحاكم في خلال خمس عشرة سنة من تاريخ تنظيمها أو تصديقها وكذلك الوكالات المنظمة أو المصدقة قبلاً واجبة التنفيذ خلال مدة خمس عشرة سنة من تاريخ نفاذ هذا القانون سواء أعزل الموكل الوكيل أم توفي الموكل أو الوكيل وفي حالة وفاة الوكيل تقوم دائرة تسجيل الأراضي بإتمام معاملة البيع أو الفراغ وتكون دائرة التسجيل مسؤولة عنه)([49]).
وبالتالي ووفقا لذلك فإن اشتراط شكلية التسجيل لصحة البيوع العقارية لم تعد ذي اعتبار فيما يخص البيوع الواردة بموجب الوكالات غير القابلة للعزل، الأمر الذي أدى إلى انتشار التعامل بهذه الوكالات من قبل المتعاملين في العقار بسبب سهولة تنظيم هذا النوع من العقود وسرعة انجازها والتخلص من الروتين والإجراءات المتطلبة للتسجيل، كما أدى هذا الانتشار إلى استغلال نظام الوكالات غير القابلة للعزل في أحيان كثيرة لإخفاء المالك الحقيقي للعقارات موضوع الوكالة وكذلك للتهرب من دفع الرسوم الواجبة على انتقال الملكية العقارية([50])، وقد أكد القضاء الفلسطيني صحة البيوع العقارية خارج دوائر التسجيل بموجب الوكالة الدورية غير القابلة للعزل حيث قررت محكمة النقض الفلسطينية:( تعتبر الوكالة الدورية عقدا ملزما لطرفيه لا يجوز الرجوع عنه أو الغاءه ولا يسقط بالوفاة لتعلق حق الغير به، كما يعتبر صدور الوكالة الدورية عن البائع بمثابة قيد يمنعه من التصرف بالعقار المسجل باسمه في دائرة التسجيل، وقد أسبغ المشرع على الوكالة الدورية حماية لمصلحة المشتري تحول دون قيام البائع بالتصرف بالعقار سواء بالتنازل عنه لآخرين أو رهنه أو حجزه)([51]).
ويشمل البيع، وفقا لأحكام المادة 11 سالفة البيان كما نرى البيع بمفهومه الواسع والذي يضم البيع المطلق وبيع الصرف والمقايضة وبيع السلم كونها جميعا من العقود التي تدخل ضمن باب البيع وفق أحكام المادة 120 من مجلة الأحكام العدلية([52])، وبالتالي فإن أحكام المادة 11 تشمل كافة التصرفات التي ترد ضمن عقود المعاوضة وهي تلك العقود التي يأخذ كلا طرفي العقد مقابل لما يعطيه، فالبائع يحصل على الثمن مقابل العقد، والمشتري يحصل على العقار مقابل الثمن الذي يدفعه له، وقد يكون الثمن نقداً للعقار، وهذا هو البيع المطلق، وقد يكون الثمن بيع العقار بالعقار، وهنا يسمى البيع بالمقايضة أو بالمبادلة ويعني مبادلة عقار بعقار ضمن مديرية التسجيل التي يكون من اختصاصها العقارين موضوع المبادلة، وقد يقع كل عقار ضمن اختصاص مديرية تسجيل في محافظة معينة، أو ضمن محافظة أخرى ([53]).
إلا أن ذلك لا يشمل كما نرى التصرفات بدون عوض كعقد الهبة الذي يتوجب اتمامه أمام دائرة الأراضي لعدم شموله ضمن أحكام المادة 11 من القانون المذكور أعلاه.
الفرع الثاني : عدم انتقال الملكية إلا بالتسجيل
اتفق الفقه والقضاء على اعتبار البيوع والتصرفات العقارية عقود شكلية لا تنعقد إلا بتسجيلها في دائرة التسجيل المختصة وفقا لأحكام المادة 16/3 من قانون تسوية الأراضي والمياه رقم 40 لسنة 1952، والمادة 2 من قانون التصرف في الأموال غير المنقولة رقم 49 لسنة 1953، وبالتالي يقع باطلا أي تصرف أو بيع خارجي، ولا يترتب عليه أي أثر ويتوجب اعادة المتعاقدين إلى الحالة التي سبقت التعاقد لبطلان هذا التصرف وعدم صحته وفقا لأحكام المادة 16/1 من قانون تسوية الأراضي والمياه المشار إليه ، ([54]) وقد جاءت أحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958، باستثناء على المنع الوارد ضمن قانون تسوية الأراضي والمياه وقانون التصرف في الأموال غير المنقولة المذكوران، حيث سمحت بالبيوع بموجب الوكالة غير القابلة للعزل، وحددت صلاحية هذه الوكالات بمدة خمس عشرة سنة، إلا أن أحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة لم تغير من طبيعة عقد البيع العقاري ولم تمس بشكلية التسجيل المتطلبة لانعقاد هذا البيع، بحيث تنعقد الوكالة الدورية غير القابلة للعزل صحيحة وتتضمن توكيل الوكيل بإتمام اجراءات البيع لدى دائرة التسجيل المختصة، وبالتالي لا تنتقل الملكية من البائع إلى المشتري إلا من تاريخ تنفيذ مضمون الوكالة الدورية غير القابلة للعزل، وتسجيل ما تضمنته من بيوعات لدى دائرة التسجيل، وقد استقر قضاء محكمة النقض الفلسطينية والتمييز الأردنية بذلك، حيث قررت:( أن الوكالة الدورية طالما لم تنفذ في دائرة التسجيل لا تصلح أساسا للملكية حسب نص المادة 2 من قانون التصرف بالأموال غير المنقولة رقم 49 لسنة 1953 والمادتان 1/4 و11 من قانون انتقال الأراضي لسنة 1920)([55]).
وبالتالي فإن الوكالة الدورية تعتبر أداه لنقل الملكية ولا يترتب عليها أي حق عيني قبل التسجيل([56]). إذ أنه وباستقراء النصوص السابقة، يتبين بأن أحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958، محصورة التطبيق بنص القانون في شكلية انعقاد العقد، وليس بانتقال الملكية العقارية إذ لم تتناول المادة المذكورة بالتعديل أي نص من النصوص القانونية التي حددت آليات وتاريخ انتقال الملكية العقارية وحصرتها بوجوب التسجيل في السجل العقاري.
ونرى بأن المشرع عند إقرار أحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة قد سهى عن تحديد مدى نفاذ البيع العقاري الذي أقر بجواز أن تتضمنه الوكالة غير القابلة للعزل بمواجهه الغير ممن لم تربطهم علاقة مباشرة بالعقد ولا تنصرف إليهم آثاره، كالخلف الخاص الذي يكتسب حقوقا عينية عقارية على العقار موضوع الوكالة الدورية غير القابلة للعزل في حال تم بيع العقار مرة أخرى من الموكل في الوكالة الدورية، حيث سنصبح أمام حالة من حالات تزاحم المشترين، وهو المشتري الأول بموجب الوكالة غير القابلة للعزل والمشتري الثاني الذي آل إليه العقار من البائع بموجب عقد بيع منظم لدى دائرة الأراضي مباشرة، أو بموجب وكالة دورية غير قابلة للعزل بتاريخ لاحق عن الوكالة الأولى إلا أنه سارع في تسجيل شراؤه وسجل اسمه كمالك على صحيفة العقار، الأمر الذي يطرح العديد من الإشكالات القانونية والواقعية في الحق الأولى بالحماية والذي يتوجب ترجيحه، فهل هو صاحب الحق بموجب الوكالة الأسبق في التاريخ؟ أم أنه هو صاحب الحق الأسبق بالتسجيل؟
المطلب الثاني
مدى نفاذ البيوع العقارية بموجب الوكالة غير القابلة للعزل بمواجهة المشتري المسجل
انقسمت آراء الفقه والقضاء حول الأثار القانونية للتصرفات التي يعقدها الموكل على العقار موضوع الوكالة الدورية، إلى مذهبين يذهب الأول إلى ما استقرت عليه محكمة النقض الفلسطينية بعدم جواز أي تصرف يعقده الموكل على العقار محل الوكالة الدورية لكون يده مغلولة عن التصرف بالعقار لحين انتهاء مدة الوكالة غير القابلة للعزل، وبالتالي فالبيوع والتصرفات اللاحقة للوكالة الدورية تقع باطلة أو موقوفة على إجازة المستفيد من الوكالة الدورية السابقة بالتاريخ على التصرف العقاري اللاحق (الفرع الأول).
بينما يذهب جانب آخر إلى تبني ما استقرت عليه محكمة التمييز الأردنية وسارت عليه أحكام بعض محاكم الاستئناف الفلسطينية في بعض قراراتها، بأن تصرف الموكل مرة أخرى بالعقار موضوع الوكالة يعتبر صحيحا لصدوره من مالك قانوني في ملكه كون أن الوكالة غير المسجلة لا تنقل الملكية كما تقدم بيانه، وأن اخلال الموكل بالتزامه بعدم التصرف يرتب بذمته التزاما شخصيا بالتعويض ( الفرع الثاني ).
الفرع الأول: عدم نفاذ الوكالة غير القابلة للعزل بمواجهة الغير
يذهب الاتجاه الفقهي([57]) والقضائي([58]) الذي يرى ضرورة مراعاة استقرار المعاملات العقارية وثبات مشتملات السجل العقاري إلى ترجيح حقوق المالك المسجل على حقوق المستفيد بالوكالة الدورية، ولو كان المالك المسجل لاحقا بالمرتبة على المستفيد من الوكالة غير القابلة للعزل، بحيث يظل المالك وفقا لهذا الرأي حرا بالتصرف بالعقار موضوع الوكالة غير القابلة للعزل ما لم يتم تنفيذها لدى دوائر الأراضي، ونقل ملكية العقار لاسم المستفيد في هذه الوكالة، بوصفه أي البائع ما زال مالكا للعقار من الناحية القانونية ببقاء اسمه على صحيفة العقار موضوع الوكالة غير المنفذة.
ويبرر هذا الاتجاه موقفه باستقرار القضاء الفلسطيني والقرارات المتعاقبة لمحكمة النقض الفلسطينية بعدم انتقال الملكية العقارية إلا بالتسجيل وأن البيوع بموجب الوكالة غير القابلة للعزل لا يترتب عليها انتقال الملكية إلى المشتري قبل تنفيذ الوكالة لدى دائرة التسجيل، وقد ذهبت بعض الأحكام القضائية في هذا الاتجاه فقررت محكمة استئناف القدس في أحد قراراتها:(وعليه يصبح القول بأن الوكالة الدورية الأسبق بالتاريخ هي الأولى بالتنفيذ على الوكالة التي نفذت فعلياً بالموقع الرسمي اللآحقة التاريخ إلغاء لنظام التسجيل ومخالفة لحكم القانون وإهدار للحقوق وضياع للنظام العام الذي يقوم عليه هذا النظام وتشجيع لذوي النفوس الضعيفة للقيام بعمليات بيع المرة تلو الأخرى، أما فيما لو كان الأمر يتعلق بعدم تنفيذ الوكالتين أي عدم اللجوء إلى دائرة التسجيل بأي الوكالتين حينها يطبق الاستثناء في تنفيذ الوكالة الأسبق بالتاريخ وخير للقانون وللعدالة وللنظام العام وأن يبقى السجل العقاري ثابتاً صحيحاً يحوز على الحجية المطلقة ويترتب عليه صرامة القيد من أن يتم الغاء القيد الذي تم بإجراءات صحيحة وسليمة ومتفقة والقانون ضمن مبدأ حسن النية للمشتري الثاني الذي نفذ البيع بالموقع الرسمي لأن حسن النية هنا مفترض وعلى من يدعي خلاف ذلك عليه اقامة الدليل وحينها لكل مقام مقال.
كما أن الوكالة الدورية هي اجراء تحضيري لتنفيذ البيع بالموقع الرسمي ولا تعتبر سنداً ناقلاً للملكية للقول بأن يد البائع غلت عن المبيع فطالما أن المشتري (المدعي) حصل على وكالة دورية من المالك فكان عليه المبادرة لتسجيل وتنفيذ وكالته بالموقع الرسمي وأن مجرد تقديم الطلب إلى دائرة الأراضي لا يقوم مقام عقد البيع وتنفيذ الوكالة)([59]).
ونرى بأن محكمة الاستئناف بقرارها المشار إليه أعلاه قد حاولت تبرير موقفها بهدم القوة القانونية التي رتبتها أحكام المادة 111 من مجلة الأحكام العدلية التي قررت حكم العقد الموقوف إذا تعلق بالمبيع حق للغير، دون أي سند أو نص قانوني خاص أو ناسخ أو لاحق لحكم المادة 111 و368 من مجلة الأحكام العدلية([60])، كما أن افتراض محكمة الاستئناف الموقرة بأن صرامة القيود العقارية تتنافى مع الاعتراف بنفاذ الوكالة الدورية غير القابلة للعزل إلا سبق بالتاريخ من جهة، أو بعدم نفاذ التصرف اللاحق بمواجهة المستفيد الأسبق بموجب الوكالة غير القابلة للعزل يفتقد لأي نص قانوني صريح أو ضمني في القوانين النافذة في الضفة الغربية، حيث أن قانون تسوية الأراضي والمياه وقانون تسجيل الأموال غير المنقولة التي لم يسبق تسجيلها وقانون التصرف بالأموال غير المنقولة قد خلت جميعها من منح القيود العقارية اللاحقة أي قوة ثبوت مطلقة، وحصرت الحجية المطلقة بالقيود العقارية الناتجة عن أعمال التسوية والتسجيل الجديد، أي القيد العقاري الأول دون القيود اللاحقة. كما يبدو وكما نرى أن محكمة الاستئناف قد غفلت عن أحكام المادة الثامنة من قانون انتقال الأراضي لسنة 1920 النافذ في الضفة الغربية والتي قررت بأن مجرد التسجيل لا يفيد ضمناً صحة الملكية أو معاملة التصرف، بما يؤكد عدم تبني القوانين النافذة في الضفة الغربية للأثر المنشئ للتسجيل، فالتسجيل المجرد وحده لا ينشئ الحق المقيد في السجل العقاري، بل أن ما ينشئ الحق وينقل الملكية هو العقد المقترن بالتسجيل، فالتسجيل لا يطهر الحق المسجل ولا يمنع الطعن بالعقد والمس بالتسجيل والغاؤه أو التشطيب عليه في الحالات التي يتم فيها نقض هذا العقد من قبل القضاء. حيث أجازت الكثير من الأنظمة العقارية التي تتبنى نظام السجل العيني الطعن بالتصرفات العقارية المسجلة والغاؤها كالنظام العقاري الأردني والسوري والجزائري والمصري([61]).
حيث نصت المادة 8 المذكورة على:( أن الموافقة المعطاة بمقتضى المادة 4 وتسجيل العقد لا يفيدان ضمنا صحة الملكية أو معاملة التصرف).
وبناءً على ما تقدم فإن الحكم ببطلان العقد الذي بني على أساسه التسجيل، يؤدي بالنتيجة إلى إلغاء هذا التسجيل والتشطيب على اسم المالك من السجل العقاري، تطبيقاً للقاعدة القانونية بأن ما بني على باطل فهو باطل.
كما نرى بأن هدم أي حق مقرر بموجب نص قانوني لا يجوز إلا بمقتضى نص قانوني آخر أعلى منه أو مساو له في المرتبة التشريعية، ويبدو أن محكمة الاستئناف الموقرة قد تأثرت بالأحكام القضائية والفقه القانوني في الأنظمة التي تقرر الحجية المطلقة للتقييدات العقارية اللاحقة، والتي لا يجوز استعارتها دون سند قانوني يسمح بذلك.
حيث أنه وعلى الرغم من وجاهة الاتجاه السابق في تعزيز الحماية القانونية للغير حسن النية المقيد في السجل العقاري، وترجيح مقتضيات استقرار المعاملات العقارية، وثبات السجل العقاري الذي تتنافى جميعها مع وجود ملكيات أو حقوق عقارية مستترة، ومن بينها الحقوق المترتبة للمستفيد من الوكالة الدورية غير القابلة للعزل، إلا أن تلك المبررات تعتبر غير كافية لمخالفة أحكام القانون، وإن كانت ذو أهمية في تسليط الضوء على الإشكالات التي نتجت عن البيوع العقارية بموجب الوكالات غير القابلة للعزل، والحاجة الماسة إلى تعديل أحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958، بالنص صراحة على عدم نفاذ الوكالات الدورية غير القابلة للعزل بمواجهة الغير حسن النية إلا بتنفيذها لدى دائرة التسجيل المختصة، أو بوضع إشارة على سجل الأموال غير المنقولة تفيد بوجود حق متعلق بالعقار بموجب الوكالة غير القابلة للعزل، بما يحقق العلنية ويتوائم مع مقتضيات الشهر العقاري بنفاذ التصرفات المعلنة دون المستترة بمواجهة المتعاملين ومن وضع ثقته بمشتملات السجل العقاري، بما يحقق العلم القانوني للغير ممن يرغب التعامل بالعقار موضوع الشهر بوجود حقوق قانونية سابقة.
الفرع الثاني . الالتزام بعدم التصرف بالعقار موضوع الوكالة ونفاذ آثار الوكالة بمواجهة الكافة
يذهب هذا الاتجاه والذي تبنته محكمة النقض الفلسطينية بما استقر عليه قضاؤها([62])، بأن مقتضيات القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958 والذي أجاز البيع بموجب الوكالات غير القابلة للعزل كاستثناء محدد ومحصور بمنع البيوع العقارية خارج دوائر التسجيل، وأن اعطاء وكالة دورية يتعلق بها حق الغير يحول بين معطيها وبين اعطاء وكالات أخرى بالعقار موضوعها كما تحول بينه وبين اجراءاية بيوعات على العقار موضوع الوكالة ذلك أن الوكالة المعطاة تغل يد البائع عن أية بيوعات تتعلق بذات العقار المباع بموجب الوكالة ويبقى حق المستفيد من الوكالة قائما طيلة المدة المقررة قانونا وهي خمس عشرة سنة وبالتالي فإن أية بيوعات يقوم بها البائع تلي اعطاء الوكالة الدورية الأولى سواء كان ذلك في الموقع الرسمي أو وكالات لاحقة للوكالة الأولى تقع موقوفة على إجازة المستفيد فإن أجازه نفذ وإلا بطلت وتوجب إلغاء كافة البيوع أو التصرفات أو القيود العقارية التي استندت عليها.
وفقا لأحكام المادة 368 من المجلة والتي نصت على أن:(البيع الذي يتعلق به حق الغير كبيع الفضولي وبيع المرهون ينعقد موقوفاً على إجازة ذلك الغير)، وقد أكدت محكمة النقض الفلسطينية ما سبق بالعيد من أحكامها والتي جاء في أحداها:( ما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض في العديد من أحكامها بأن اعطاء وكالة دورية يتعلق بها حق الغير يحول بين معطيها وبين اعطاء وكالات أخرى بالعقار موضوعها كما تحول بينه وبين اجراءاية بيوعات على العقار موضوع الوكالة ذلك أن الوكالة المعطاة تغل يد البائع عن أية بيوعات تتعلق بذات العقار المباع بموجب الوكالة ويبقى حق المستفيد من الوكالة (المشتري) قائما طيلة المدة المقررة قانونا وهي خمس عشرة سنة وبالتالي فإن أية بيوعات يقوم بها البائع تلي اعطاء الوكالة الدورية الأولى سواء كان ذلك في الموقع الرسمي أو وكالات لاحقة للوكالة الأولى تقع باطلة وعليه وتأسيسا على ما ذكر يقتضي أن تكون الوكالة الدورية الأولى بالحماية منظمة ومصدقة وفقا لأحكام القوانين الناظمة لهذه المسألة فالمادة (11) من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958 وما أدخل عليها من تعديلات مطبقة لدينا)([63]).
ونرى بأن ما قررته محكمة النقض الفلسطينية في قرارها المشار إليه، وما استقر عليه قضاؤها وأن كان قد أصاب صحيح القانون، فإنه كان يتوجب على محكمة النقض وكما نرى أن تسلط الضوء على خطورة ما نصت عليه أحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة وتعارضها مع التوجهات الحديثة للتشريعات العقارية وما تقتضيه من منح الحجية القانونية المطلقة لتقييدات الغير ذي النية الحسنة، والبحث عن معيار قانوني يمكن من خلاله الموازنة بين مبادئ العدالة وحماية المشتري وصاحب الحق القانوني الأسبق بتاريخ الشراء، ومقتضيات الاستقرار العقاري ووجوب حماية المالك المسجل ذي النية الحسنة.
كما نرى بأن التناقض والخلاف المشار إليه كان بسبب عدم وضوح النصوص القانونية في مدى حماية المالك المسجل حسن النية تجاه حالات الحكم ببطلان أو فسخ العقود والتصرفات سواء فيما بين الأطراف أو الغير.
إذ وبمراجعة الأحكام القضائية لمحكمة النقض الفلسطينية فإنها لم تتضمن تحديد هذه الطبيعة القانونية للوكالة غير القابلة للعزل، مكتفية بتحديد الأثار القانونية المترتبة عنها مما أو قع القضاء الفلسطيني في العديد من التناقضات بين هذه الأثار في العديد من الأحكام القضائية تبعا للخلفية التي استندت عليها الأحكام القضائية المختلفة في تحليل هذه الأثار مما يستتبع ضرورة تصدي محكمة النقض بهيئتها العامة إلى تحديد الطبيعة القانونية للوكالة غير القابلة للعزل لتوحيد الاجتهاد القضائي في هذه الناحية لما له من آثار قانونية هامة في الاستقرار والأمن القضائي من جهة، والوصول إلى ما إذا كانت النصوص القانونية المتعلقة بالتسجيل العقاري في ظل إقرار التعامل بالوكالات الدورية غير القابلة للعزل توازن بين مقتضيات العدالة واستقرار السجل العقاري من عدمه، وبخاصة أمام صراحة النصوص القانونية التي لا تسمح بإغفال الحقوق المتعلقة بالوكالات الدورية غير القابلة للعزل طيلة فترة صلاحيتها ولو لم يتم تنفيذها لدى دائرة الأراضي، ولو أدى ذلك إلى الإضرار بالمشتري الثاني المسجل والذي قد يكون حسن النية، الأمر الذي يؤدي إلى إهدار حقوق الغير حسن النية عند الحكم بنفاذ الوكالة الدورية الأولى بمواجهته والغاء تسجيله، وبخاصة في الحالات التي تتحقق فيها حسن النية للغير بعدم علمه وجهله بترتيب حقوق سابقة على العقار الذي قام بشرائه، ومواجهته ببيوع مستترة وغير مشهرة في السجل العقاري، الأمر الذي يهدر كل قيمة لمشتملات السجل العقاري ويؤدي لزعزعة الثقة بهذا السجل الذي يفترض أن يكون عنوانا للحقيقة ومرآة تعكس وضعية العقار الحقيقية.
الخاتمة:
لا شك أن مقتضيات المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958، قد أثارت الكثير من الاشكالات القانونية لتعارضها مع أحكام المادة 16 من قانون تسوية الأراضي والمياه رقم 40 لسنة 1952 وبخاصة أحكام الفقرة الثالثة من المادة المذكورة والتي قررت شكلية التسجيل العقاري لانعقاد التصرفات والبيوع العقارية.
وبالتالي فإن محأولات الفقه والقضاء في التوفيق بين مقتضيات أحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة وبين حكم البيوع العقارية المسجلة بما يخالف حقوقا قانونية سابقة لها في المرتبة، مع مقتضيات استقرار المعاملات العقارية يصطدم مع أحكام المادة 368 من مجلة الأحكام العدلية التي تقرر حكم العقد الموقوف على العقار الذي ترتب فيه حق للغير ولو كان هذا الحق غير مشهر أو مسجل في السجل العقاري من جهة كما تتعارض مع أحكام المادة الثامنة من قانون انتقال الأراضي باب 81 لسنة 1920 النافذ في الضفة الغربية التي تتعارض مع إهدار الحقوق غير المسجلة لفائدة تلك التي تم شهرها وتسجيلها في السجل العقاري الفلسطيني.
مما خلق واقعا قانونيا معقدا أدى إلى تضارب الأحكام القضائية من جهة، ومس بالأمن القانوني نتيجة عدم استقرار الأحكام القضائية التي تمس أحد أهم مفاصل الثروة العقارية وهي الملكية العقارية المسجلة.
الأمر الذي يتوجب معه البحث عن حلول تشريعية ترفع التعارض الذي خلق حالة فريدة ضمن التشريع العقاري الفلسطيني من شأنها العصف بمباديء السجل العيني العقاري الفلسطيني، الذي يتبين بأنه لم يقرر أي حجية لتسجيل البيوع والتصرفات العقارية اللاحقة بمواجهة الغير من أصحاب الحقوق العينية العقارية غير المسجلة لانعدام أي نص قانوني يمنح المالك المسجل حجية قانونية بمواجهة المشترين غير المسجلين أو يمنعهم من التمسك بإستحقاقهم للعقار المبيع لتعلق حقهم بهذا العقار بموجب عقد الوكالة غير القابلة للعزل بمواجهة البائع ذاته أو الغير ممن أنتقلت إليه الملكية العقارية من ذلك البائع ببيع لاحق على تاريخ البيع الأول، الأمر الذي ندعو من خلاله المشرع الفلسطيني بضرورة تعديل أحكام المادة 11 من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة والنص على إلزام المشتري بموجب الوكالات الدورية غير القابلة للعزل بإشهار حقه بموجب تلك الوكالات من خلال وضع إشارة على صحيفة العقار تحت طائلة عدم نفاذ ذلك الحق بمواجهة الغير ذي النية الحسنة بما يحقق الحماية القانونية للكافة ويؤدي إلى الثقة بالسجل العقاري وثبات الحقوق المقيدة فيه.
قائمة المصادر والمراجع
النصوص التشريعية:
- مجلة الأحكام العدلية لسنة 1293ه، المنشورة في مجموعة عارف رمضان( الحكم العثماني)، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، المقتفي.
- قانون انتقال الأراضي الباب 81 لسنة 1920، المنشور في العدد 81 من قوانين فلسطين، مجموعة درايتون، الانتداب البريطاني، بتاريخ 22/01/1937، ص. 1001، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، المقتفي.
- قانون الكاتب العدل رقم 11 لسنة 1952، المنشور في العدد 1101 من الجريدة الرسمية الأردنية، بتاريخ 01/03/1952، ص. 110، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، المقتفي.
- قانون تسوية الأراضي والمياه رقم (40) لسنة 1952، المنشور في العدد 1113، الجريدة الرسمية الأردنية، بتاريخ 16/06/1952، ص. 279، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، المقتفي.
- نظام تسجيل الأراضي رقم (1) لسنة 1953المنشور في العدد 1136من الجريدة الرسمية الأردنية (الحكم الأردني) بتاريخ 16/03/1953 ص609، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، المقتفي.
- قانون التصرف بالأموال غير المنقولة رقم 49 لسنة 1953، الصادر بتاريخ 02/03/1953 والمنشور في العدد 1135 من الجريدة الرسمية الأردنية، بتاريخ 01/03/1953، ص. 577، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، المقتفي.
- القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958، المنشور في العدد 1410، الجريدة الرسمية الأردنية، بتاريخ 01/01/1959، صفحة 50، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، المقتفي.
- قانون تسجيل الأموال غير المنقولة التي لم يسبق تسجيلها رقم 06 لسنة 1964، منشور على الصفحة 199 من عدد الجريدة الرسمية رقم 1743 بتاريخ 01/03/1964، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، المقتفي.
- القانون المعدل لقانون كاتب العدل رقم 28 لسنة 1964، والمنشور في العدد 1811، الجريدة الرسمية الأردنية، بتاريخ 16/12/1964، ص. 1831، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، المقتفي.
- القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976، المنشور على الصفحة 2 من عدد الجريدة الرسمية رقم 2645 بتاريخ 1/8/1976، وأصبح قانوناً دائماً بموجب إعلان اعتبار القانون المؤقت رقم 43 / 1976 قانونا دائما المنشور على الصفحة 829 من عدد الجريدة الرسمية رقم 4106 بتاريخ 16/3/1996، قسطاس.
المراجع:
- إلا هوأني، حسام الدين كامل، عقد البيع في القانون المدني الكويتي، مطبعة جامعة الكويت، 1989.
- عواد، نصري إبراهيم، مجموعة المبادئ القانونية الصادرة عن محكمة الاستئناف برام الله في الدعاوي الحقوقية لعام 1987، الجزء الأول.
- هلدير أسعد أحمد، نظرية الغش في العقد، دراسة تحليلية مقارنة في القانون المدني، دار الكتب العلمية، بيروت، 2011.
المجلات والدوريات:
- مجلة البلقاء للبحوث والدراسات، البديرات، أحمد، “النظام القانوني للوكالة ببيع المال غير المنقول التي تعلق بها حق الغير، دراسة في قانون الأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958، وتعديلاته”، المجلد 12، العدد 02، الأردن، 2008.
- مجلة الحقوق، الدريعي، سامي عبدالله، “الوكالة غير القابلة للعزل في القانون الكويتي والقانون الفرنسي”، جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، مجلد 25، عدد 04، الكويت، 2001.
- مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية الكيلأني، جمال زيد، و داود، محمد داود حسين، “الوكالة الدورية الغير قابلة للعزل وإشكاليات تنفيذها، دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني”، السنة الثامنة، العدد العاشر، 2017.
- مجلة حقوق حلوان للدراسات القانونية والاقتصادية، الجماعين، خليل، “حكم البيع العقاري غير المسجل في القانون والقضاء الأردني”، جامعة حلوان، عدد 22.
- مجلة دراسات، المساعدة، نائل علي حماد،” الوكالة غير القابلة للعزل في القانون الأردني”، مجلة دراسات، علوم الشريعة والقانون، الجامعة الأردنية، مجلد 38، عدد1، الأردن، 2011.
- مجلة دراسات، عويدي، احمد علي، “المشكلات القانونية للوكالة غير القابلة للعزل الواردة عن الأموال غير المنقولة في التشريع الأردني”، علوم الشريعة والقانون، الجامعة الأردنية عمادة البحث العلمي مجلد 44، عدد 3.
- مجموعة البحوث القانونية والاقتصادية، عبد الرحمن، أحمد شوقي، “مدى سلطة الموكل في انهاء عقد الوكالة بإرادته المنفردة”، 1981.
الرسائل الجامعية:
- حمدان، إسحاق أحمد علي، الوكالة غير القابلة للعزل في التشريع الأردني، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، الأردن، 2000.
- شنطاوي، فراس غازي سعيد، الوكالة غير القابلة للعزل، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة اليرموك، إلا ردن، 2011.
- العدوان، عماد عبدالله محمد، آثار الوكالة غير القابلة للعزل في التصرفات الجارية على الأموال غير المنقولة، دراسة في التشريع الأردني والمقارن، أطروحة دكتوراه، جامعة عمان العربية، كلية الدراسات القانونية العليا عمان، 2013.
- النوايسة، هاشم عبدالله، أثر الوكالة غير القابلة للعزل علي البيع العقاري : دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه، قسم القانون المقارن، جامعة العلوم الإسلامية العالمية، عمان، 2016.
المواقع الإلكترونية:
- التكروري، عثمان، المفاضلة بين الوكالة الدورية الأولى والوكالة الدورية الثانية، بحث منشور على الموقع الإلكتروني: othman.ps، تاريخ زيارة الموقع 15/11/2020.
([1]) ابن منظور، لسان العرب، ج 15، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت، 2004،ص. 273، نقلا عن حمدان، إسحاق أحمد علي، الوكالة غير القابلة للعزل في التشريع الأردني، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، الأردني، 2000، ص. 47.
([2]) المعاني، معجم المعاني الجامع، الموقع الالكتروني: www.almaany.com/ar، تاريخ زيارة الموقع 15/11/2020.
([3]) المادة 833، من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976، المنشور في العدد 2645 من الجريدة الرسمية، ص. 2، بتاريخ 01/08/1976، قسطاس.
([4]) حمدان، إسحاق أحمد علي، الوكالة غير القابلة للعزل في التشريع الأردني، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، الأردني، 2000، ص. 47.
([5]) العاني، محمد رضا عبد الجبار، الوكالة في الشريعة والقانون، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 2007، ص36، نقلا عن هبة بوذراع، النظام القانوني لعقد الوكالة، مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماجستير في القانون، جامعة العربي بن مهيدي، أم البواقي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2016، ص. 9.
([6]) المادة 1449 من مجلة الأحكام العدلية.
([7]) الكيلاني، جمال زيد، و داود، محمد داوود حسين، “الوكالة الدورية الغير قابلة للعزل وإشكاليات تنفيذها، دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني”، مجلة الشريعة والدراسات الاسلامية، السنة الثامنة، العدد العاشر، 2017، ص. 274،275.
([8]) حمدان، إسحاق أحمد علي، مرجع سابق، ص. 89.
([9]) العدوان، عماد عبدالله محمد، آثار الوكالة غير القابلة للعزل في التصرفات الجارية على إلا موال غير المنقولة، دراسة في التشريع الأردني والمقارن، أطروحة دكتوراه، جامعة عمان العربية، كلية الدراسات القانونية العليا، عمان، 2013، ص. 14.
([10]) الكيلاني، جمال زيد، و داود، محمد داوود حسين، مرجع سابق، ص. 277.
([11]) المساعدة، نائل علي حماد، الوكالة غير القابلة للعزل في القانون الأردني ، دراسات، علوم الشريعة والقانون، الجامعة الأردني، مجلد 38، عدد1، 2011، ص. 326.
([12]) حمدان، إسحاق أحمد علي، الوكالة غير القابلة للعزل في التشريع الأردني، مرجع سابق، ص. 86.
([13]) الكيلاني، جمال زيد، و داود، محمد داوود حسين، مرجع سابق، ص. 277، 281.
([14]) أحكام المادة 26 من قانون الكاتب العدل رقم11 لسنة 1952 والمعدل بموجب القانون رقم 51 لسنة 1958 الأردني والنافذ في فلسطين.
([15]) شنطاوي، فراس غازي سعيد، الوكالة غير القابلة للعزل، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة اليرموك، إلا ردن، 2011، ص. 13-16.
([16]) النوايسة، هاشم عبدالله، أثر الوكالة غير القابلة للعزل علي البيع العقاري : دراسة مقارنة، اطروحة دكتوراه، قسم القانون المقارن، جامعة العلوم الاسلامية العالمية، عمان، 2016، ص. 80.
([17]) العدوان، عماد عبدالله محمد ، مرجع سابق، ص. 34.
([18]) عدل القانون المذكور، بموجب الأمر العسكري بشأن قانون تعديل الأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 847 الصادر عن ادارة الإحتلال الإسرائيلي بتاريخ 1حزيران 1980 والأمر بشأن قانون تعديل الأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة (يهودا والسامرة) (رقم 811) 5740- 1980.
([19]) المساعدة، نائل علي، الوكالة غير القابلة للعزل في التشريع الأردني، دراسات، الجامعة الأردنية، مجلد 38، عدد1، 2011،ص326.
([20]) النوايسة، هاشم عبدالله، أثر الوكالة غير القابلة للعزل علي البيع العقاري : دراسة مقارنة، اطروحة دكتوراه، قسم القانون المقارن، جامعة العلوم الإسلامية العالمية، عمان، 2016، ص. 84-85.
([21]) عويدي، احمد علي، “المشكلات القانونية للوكالة غير القابلة للعزل الواردة عن الأموال غير المنقولة في التشريع إالأردني”، دراسات، علوم الشريعة والقانون، الجامعة الأردنية، عمادة البحث العلمي مجلد 44، عدد 3، ص. 96-98، ص. 96-98.
([22]) استقر القضاء الفرنسي على أن الوكالة غير القابلة للعزل لا ترد إلا على وكالة خاصة، وذلك بعد إن كان قد أقر بصحة الوكالة العامة غير القابلة للعزل، إلا أنه تراجع عن ذلك وفق ما سبق بيانه، سامي عبدالله الدريعي، “الوكالة غير القابلة للعزل في القانون الكويتي والقانون الفرنسي”، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، مجلد 25، عدد4، 2001، ص. 181.
([23]) الدريعي، سامي عبدالله، مرجع سابق، ص. 180-182.
([24]) إلا هواني، حسام الدين كامل، عقد البيع في القانون المدني الكويتي، مطبعة جامعة الكويت، 1989،ص44.
([25]) إلا هواني، مرجع سابق، ص44.
([26]) العدوان، عماد عبدالله محمد، مرجع سابق،ص107
([27]) العدوان، عماد عبدالله محمد، مرجع سابق ص.41.
([28]) Salle De La Marnierre, mandate irrevocable, Rev, Trim, Dr. Civi, 1937,p 272., نقلا عن سامي عبدالله الدريعي، مرجع سابق، ص. 201.
([29]) الدريعي، سامي عبدالله، مرجع سابق، ص. 201، 202.
([30]) طه وآخرون، 1982، ص215 نقلا عن عماد عبدالله محمد العدوان، مرجع سابق، ص. 41.
([31]) الدريعي، سامي عبدالله، مرجع سابق، ص. 204.
([32]) نصت المادة 761من مجلة الأحكام العدلية بأن:( الوكيل ببيع الرهن إذا حل أجل الدين يسلم ثمنه إلى المرتهن فإن أبى الوكيل يجبر الراهن على بيعه وإذا أبى وعاند الراهن أيضاً باعه الحاكم وإذا كان الراهن أو ورثته غائبين يجبر الوكيل على بيع الرهن فإن عاند باعه الحاكم).
([33]) نصت المادة 1521 من مجلة الأحكام العدلية بأن:( للموكل أن يعزل وكيله من الوكالة ولكن أن تعلق به حق الغير فليس له عزله كما إذا رهن مديون ماله وحين عقد الرهن أو بعده وكل آخر ببيع الرهن عند حلول أجل الدين فليس للراهن الموكل عزل ذلك الوكيل بدون رضاء المرتهن كذلك لو وكل أحد آخر بالخصومة بطلب المدعي ليس له عزله في غياب المدعي).
([34]) ابو سعد، ص. 580، الشربيني، ص. 207، نقلا عن عماد عبدالله محمد العدوان، مرجع سابق، ص. 44.
([35]) العدوان، عماد عبدالله محمد، مرجع سابق، ص. 44.
([36]) الدريعي، سامي عبدالله، “الوكالة غير القابلة للعزل في القانون الكويتي والقانون الفرنسي”، مرجع سابق، ص. 205-208.
([37]) حجازي، 2005، نقلا عن احمد علي عويدي، مرجع سابق، ص 102.
([38]) فرج، 1969،ص 236، مرجع سابق، ص. 45.
([39]) عبد الرحمن، أحمد شوقي، “مدى سلطة الموكل في انهاء عقد الوكالة بإرادته المنفردة”، مجموعة البحوث القانونية والاقتصادية، 1981، ص. 39.
([40]) الدريعي، سامي عبدالله، مرجع سابق، ص. 210.
([41]) نقض سوري رقم 593 سنة 1999، مجلة المحامون، 2001، ص. 470، نقلا عن احمد علي عويدي، مرجع سابق، ص. 49،53.
([42]) تمييز لبناني رقم 77 لسنة 2000، نقلا عن احمد علي عويدي، مرجع سابق، ص. 53.
([43]) ينظر نقض حقوق رقم 34/2010، الصادر عن محكمة النقض الفلسطينية بتاريخ 08/09/2011 حيث قررت محكمة النقض بأن:(الوكالة الدورية لا تقوم مقام التسجيل، ولا تعتبر سندا ناقلا للملكية)، وينظر بذات المعنى نقض حقوق صادر عن ذات المحكمة رقم 87/2004 بتاريخ 14/07/2004، ورقم 147/2005 بتاريخ 21/06/2006، ورقم 467/2010 بتاريخ 13/02/2012، ونقض رقم 45/2010 بتاريخ 27/04/2010. ورقم121/2010 بتاريخ 23/09/2010، ورقم 517/2012 بتاريخ 19/02/2014، المقتفي، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين.
([44]) البديرات، محمد أحمد، “النظام القانوني للوكالة ببيع المال غير المنقول التي تعلق بها حق الغير، دراسة في قانون الأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958، وتعديلاته”، مجلة البلقاء للبحوث والدراسات، المجلد 12، العدد2، 2008، ص. 51.
([45]) وقد أكدت محكمة التمييز الأردنية على ذلك بتقريرها أن:( بيع العقار الذي تمت فيه التسوية لا يكون صحيحا ولا نافذا إلا إذا جرى بدائرة التسجيل، لا اعتبار للوكالة بقطعة الأرض وان كانت غير قابلة للعزل لتعلق حق الوكيل بها إذا لم يقم الوكيل بتنفيذ الوكالة ولم يتصرف هو تلقائيا ببيع قطعة الأرض بالاستناد إلى الوكالة وإنما جرى استملاكها، وذلك لأن الخصم في الاستملاك هو المالك)، تمييز حقوق رقم 544/1985، الصادر عن محكمة التمييز الأردنية بتاريخ 14/10/1985، منشورات مركز عدالة.
([46]) البديرات، محمد أحمد، مرجع سابق، ص. 38.
([47]) وذلك وفق أحكام المادة 1521 من المجلة والتي نصت على أنه:( للموكل أن يعزل وكيله من الوكالة ولكن أن تعلق به حق الغير فليس له عزله كما إذا رهن مديون ماله وحين عقد الرهن أو بعده وكل آخر ببيع الرهن عند حلول أجل الدين فليس للراهن الموكل عزل ذلك الوكيل بدون رضاء المرتهن كذلك لو وكل أحد آخر بالخصومة بطلب المدعي ليس له عزله في غياب المدعي).
([48]) حيث نصت الفقرة 3 من أحكام المادة 16 من قانون تسوية الأراضي والمياه رقم 40 لسنة 1952 على منع أي تصرفات عقارية خارج دوائر التسجيل فقررت بأنه:( في الأماكن التي تمت التسوية فيها، لا يعتبر البيع والمبادلة والإفراز والمقاسمة في الأرض أو الماء صحيحاً إلا إذا كانت المعاملة قد جرت في دائرة التسجيل. كل من كان فريقاً في معاملة أجريت خلافاً لما ذكر يكون عرضة بعد الإدانة من قبل المحكمة التي تنظر في القضية لدفع غرامة لا تتجاوز خمسة دنانير).
([49]) عدلت المدة الواردة ضمن أحكام المادة 11 أكثر من مرة، حيث كان القانون الأصلي قد حدد مدة سريان الوكالة بسنة واحدة، ثم تم تعديلها إلى خمس سنوات ثم عشر سنوات ثم خمس عشرة سنة بموجب الأمر العسكري بشأن قانون تعديل الأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 847 الصادر عن ادارة الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 1حزيران 1980 والتي تنص على انه:( في كل مكان ذكر به في المادة 11 من القانون لتعديل الأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم 51 لسنة 1958، كما عدل بالأمر بشأن قانون تعديل الأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة (يهودا والسامرة) (رقم 811) 5740- 1980 بدلا من “عشر سنوات ” يأتي “خمس عشرة سنة”).
([50]) الدريعي، سامي عبد الله، مرجع سابق، ص. 220.
([51]) نقض مدني رقم 100 لسنة 2004، الصادر عن محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة برام الله، بتاريخ 14/09/2004، موقع قانون الإلكتروني.
([52]) نصت المادة 120 من المجلة بأن:( البيع باعتبار المبيع ينقسم إلى أربعة أقسام: القسم الأول بيع المال بالثمن، وبما أن هذا القسم أشهر البيوع يسمى بالبيع المطلق. القسم الثاني هو الصرف. والقسم الثالث بيع المقايضة والقسم الرابع السلم). وعرفت المادة 121 من المجلة بيع الصرف بأنه:( الصرف: بيع النقد بالنقد)، وعرفت المادة 122 من المجلة بيع المقايضة بأنه:( بيع المقايضة: بيع العين بالعين، أي مبادلة مال بمال غير النقدين)، وعرفت المادة 123 من المجلة فعرفت بيع السلم بأنه:( السلم: بيع مؤجل بمعجل). كما عرفت المادة 126 من المجلة المال بأنه:( المال: هو ما يميل إليه طبع الإنسان ويمكن ادخاره إلى وقت الحاجة منقولاً كان أو غير منقول). بينما عرفت المادة 149 من المجلة البيع بأنه:( ركن البيع: يعني ماهيته عبارة عن مبادلة مال بمال ويطلق على الإيجاب والقبول أيضاً لدلالتها على المبادلة). فيما جاءت المادة 152 من المجلة بتعريف الثمن بأنه:( الثمن: ما يكون بدلاً للمبيع ويتعلق بالذمة).
([53]) النوايسة، هاشم عبدالله، أثر الوكالة غير القابلة للعزل على البيع العقاري، دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه، جامعة العلوم الإسلامية العالمية، عمان، الأردن، 2016، ص. 15.
([54]) الجماعين، خليل، “حكم البيع العقاري غير المسجل في القانون والقضاء الأردني”، مجلة حقوق حلوان للدراسات القانونية والإقتصادية، جامعة حلوان، عدد 22، ص. 327-328.
([55]) نقض مدني رقم 87/2004 ، الصادر عن محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة برام الله، بتاريخ 14/07/2004.
([56]) نقض مدني رقم 1333/2019 ، الصادر عن محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة برام الله، بتاريخ 17/03/2019.
([57]) التكروري، عثمان، المفاضلة بين الوكالة الدورية الأولى والوكالة الدورية الثانية، بحث منشور على الموقع الإلكتروني: www.othman.ps، تاريخ زيارة الموقع 15/11/2020.
([58]) نقض مدني رقم 1333 لسنة 2019، الصادر عن محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة برام الله، بتاريخ 17/03/2019، منشور على موقع المقتفي.
([59]) نقض مدني رقم 1333 لسنة 2019، الصادر عن محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة برام الله، بتاريخ 17/03/2019، منشور على موقع المقتفي. واستئناف حقوق رقم 130/2016، الصادر عن محكمة استئناف القدس المنعقدة برام الله، بتاريخ 21/12/2016، غير منشور، واستئناف حقوق رقم 642/2010، الصادر عن محكمة استئناف رام الله، بتاريخ 29/03/2011، منشور على موقع المقتفي، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين.
([60]) نصت المادة 111 من مجلة الأحكام العدلية بأن:( البيع الموقوف: بيع يتعلق به حق الغير كبيع الفضولي)، فيما نصت المادة 368 من مجلة الأحكام العدلية بأن:(البيع الذي يتعلق به حق الغير كبيع الفضولي وبيع المرهون ينعقد موقوفاً على إجازة ذلك الغير).
([61]) هلدير أسعد أحمد، نظرية الغش في العقد، دراسة تحليلية مقارنة في القانون المدني، دار الكتب العلمية، بيروت، 2011، ص. 35.
([62]) نقض مدني رقم 15/2009، الصادر عن محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة برام الله، بتاريخ 22/12/2009، منشور بموقع منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، المقتفي.
([63]) نقض مدني رقم 1400/2017، الصادر عن محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة برام الله، بتاريخ 23/08/2020، منشور على موقع قسطاس للمعلومات القانونية. ينظر أيضا نقض مدني رقم 769/2015، الصادر عن محكمة النقض الفلسطينية المنعقدة برام الله، بتاريخ 11/12/2019، منشور على موقع قسطاس للمعلومات القانونية.