
الأجهزة العليا للرقابة المالية ومتطلبات الحكامة
Supreme Financial control bodies and Governance Requirements
الدكتور سعيد العزوزي Elaazzouzi Saïd
باحث في العلوم القانونية والعلوم السياسية والإدارية، وجدة
منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 43 الصفحة 93.
الملخص:
تمارس الأجهزة العليا للرقابة المالية مهامها من اجل المحافظة على المال العمومي من الهذر والتبذير وترشيد النفقات العمومية، وبالتالي تحقيق الفعالية والنجاعة داخل الأجهزة الإدارية وتحقيق الحكامة الجيدة .
ولكي يكون نظام الرقابة فعالا، يجب أن يكون جزءا من الاستراتيجيات التي تعتمدها الأجهزة العليا للرقابة المالية ، مما يؤدي إلي تحقيق الجودة في الأداء الفعال لهذه الأجهزة من جهة، ومن جهة أخرى خلق أجهزة إدارية فعالة وناجعة وذات مصداقية في علاقتها بالمواطن.
الكلمات المفتاح: الأجهزة العليا للرقابة- الحكامة- الفعالية –الرقابة المالية .
Abstract:
Supreme Financial control bodies perform their tasks in order to preserve public funds from squandering, waste and rationalization of public expenditures, thus achieving effectiveness and efficiency within administrative bodies and achieving good governance.
In order for the control system to be effective, it must be part of the strategies adopted by the Supreme bodies, which lead to achieving quality in the effective performance of these bodies on the one hand, and on the other hand creating effective, efficient and credible administrative bodies in their relationship
مقدمة:
تشكل عملية تقييم الإصلاح الإداري تحديا كبيرا وحقيقيا للقائمين على الشأن العام، خاصة وأنه يعتبر من المدخلات الرئيسية والهامة في عملية التنمية الشاملة وإحداث التغييرات الضرورية نحو الأفضل داخل المجتمع، حيث ترتبط عملية الإصلاح بشكل كبير بمبدأ الحكامة الجيدة وربط المحاسبة بالمسؤولية وترشيد النفقات العمومية. ويعتبر مفهوم الحكامة من أقوى المفاهيم التي جاء بها دستور 2011 كتعبير عن رغبة المشرع الدستوري المغربي في إحداث التغيير المنشود والحد من الفساد والرشوة التي تعاني منها المؤسسات العمومية والمجتمع([1])، إلا أن إشكالية الحكامة تتمثل في غياب الرقابة والتقييم الفعال والمعيقات التي تعاني منها الأجهزة العليا للرقابة المالية، وغياب ثقافة التقييم والرقابة والتتبع والتأطير، وربط المحاسبة بالمسؤولية في الأجهزة والوحدات الإدارية والجماعات الترابية.
وبناء على ما سبق يمكن القول أن مفهوم الحكامة لا زال محل خلاف وجدال فقهي، حيث اعتبره البعض عاملا جوهريا في إصلاح الدولة والمجتمع ومدخلا رئيسيا لتحقيق التنمية الشاملة، في الوقت الذي أضفى عليه البعض صبغة سياسية وإيديولوجية، باعتبارها أهم المبادئ التي يجب أن تسود في ظل العولمة والليبرالية الجديدة، في حين ربطه البعض الآخر بمجموعة في الأنساق النظرية الكبرى، والتغيرات المختلفة التي طرأت على المجال العام وممارسة السلطة والتحكم من خلال تغيير وظائف الدولة([2]).
وعموما ومهما تعددت الآراء والتأويلات بشأن المفهوم بين رجال الاقتصاد والمال، والقانون والسياسة وعلم الاجتماع، فإن هؤلاء يجمعون على هدف واحد يختلف باختلاف الزمان والمكان، فمنهم من يطلق عليها الحكم الرشيد أو تدبير الشأن العام المحكوم.
ويمكن تعريف الأجهزة العليا للرقابة بأنها تلك الهيئات العامة للرقابة وظيفيا لكونها الهياكل التي تتولى الرقابة البعدية على أشكال التصرف في المال العام طلبا لتحسين طرقه وسعيا لكشف الاختلالات كما يمكن تعريف ذات الهيئات هيكليا بكونها وعلى خلاف الرقابة الداخلية هيئات رقابية خارجية على المؤسسات والإدارات العمومية.
أما مفهوم الرقابة المالية فقد تعددت بشأنها هي الأخرى التعاريف، فهناك من يعتبرها أنها هي: الإشراف والفحص والمتابعة من جانب سلطة أعلى لها حق التعرف على كيفية سير العمل داخل الوحدة الإدارية، والتأكد من حسن استخدام الأموال العامة في الأغراض المخصصة لها، ومن أن الموارد يتم تحصيلها طبقا للقوانين واللوائح والتعليمات المعمول بها، والتأكد من مدى تحقيق المشروع لأهدافه بكفاية، ومن سلامة تحديد نتائج الأعمال والمراكز المالية وتحسين معدلات الأداء والكشف عن المخالفات والانحرافات، وتحديد الأسباب التي أدت إلى حدوثها، واقتراح وسائل علاجها لتفادي تكرارها مستقبلا[3].
وقد استخدم مفهوم الحكامة من قبل الإنجليز في القرون الوسطى بغرض التعاون بين مختلف السلطات السياسية والاجتماعية، ليتم اعتماده بعد ذلك من قبل البنك الدولي سنة 1989 خلال عملية التنمية الاقتصادية ومحاربة الفساد في مجموعة من الدول الإفريقية. وأمام التحولات الكبرى التي عرفتها دول أوربا خلال هذه المرحلة سوف يتم التخلي عن التركيز عن البعد الاقتصادي للمفهوم، ليتم تعويض ذلك بصبغة سياسية كنتيجة لتلك التحولات ليتم استخدامها بشكل أوسع خلال مرحلة التسعينات في الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية[4]،أما المراقبة الإدارية والمالية لم تكن وليدة اللحظة، ومن ثم يمكن القول انها ليست حديثة العهد، مرت بمراحل تاريخية طويلة وظهرت في أشكال شتى، قبل أن تستقر على ما هي عليه اليوم، وهكذا عرفت الحضارة الإغريقية والرومانية والمصريون القدامى مؤسسات وتنظيمات إدارية هامة، كان فيها للجانب المالي أهمية خاصة، لكون هذه المجتمعات عانت من ظاهرة الفساد المالي، كما عرف الإسلام أشكالا متعددة للرقابة التي تكفل حسن استخدام الأموال العمومية، وكانت في بدايتها تقوم على الوازع الديني، ثم تطورت إلى نظام الحسبة كعبارة شاملة تفيد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
من جانبها عرفت المجتمعات الأوروبية المراقبة المالية التي كانت نتاج الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، إذ كانت بريطانيا السباقة إلى ذلك سنة 1628عندما حصلت الحكومة على موافقة مجلس العموم قبل فرض أية ضريبة ونفقة عمومية. كما عرفت فرنسا بدورها الرقابة المالية والإدارية قبل الثورة الفرنسية وبالضبط سنة 1256من خلال إحداث غرفة محاسبة باريس التي مرت بعدة مراحل تاريخية الى أن وصلت الى ماهي عليه اليوم.
كما عرف المغرب بدوره الرقابة المالية مند عهد السلاطين وتطورت في فترة الحماية ومابعد الاستقلال، وقد شكل الدستور الجديد للملكة لسنة 2011 نقلة نوعية في هذا الإطار من خلال تخصيصه بابا كاملا للحكامة الرشيدة في جميع المرافق العمومية، مما دفع الجميع ودون استثناء إلى إعادة النظر في واقع الأجهزة الإدارية والمؤسسات العمومية، فضلا عن الجماعات الترابية، لتفعيلها وتحسين وضعيتها بما ينسجم مع المتغيرات الوطنية والدولية، وذلك من أجل تحقيق الجودة والفعالية بتكلفة أقل، من خلال معالجة الاختلالات الوظيفية، المالية والبنيوية التي تعاني منها هذه الهيئات[5].
مما أدى إلى إقحام الأجهزة الرقابية في دائرة النقاش بين مختلف الفاعلين والمتخصصين في مجال المراقبة والحكامة، بهدف تعزيز الدور الرقابي لتلك الأجهزة خاصة تلك التي تمارس المهام الرقابية الجديدة كالمحاكم المالية والمفتشيات العامة مثل المفتشية العامة للمالية، التي تعتبر من أهم الهيئات المتخصصة في المراقبة والتدقيق المالي والإداري، والعمل على تمكينها من الاضطلاع بأدوار مهمة من خلال المساهمة في تحقيق الحكامة الرشيدة وتخليق الحياة العامة، والمشاركة في المخططات الوزارية وتعزيز وتفعيل دورها الرقابي[6]، فالرقابة كما عرفها الفقهاء تسعى إلى معرفة سير العمل والتأكد من ان الموارد المتاحة تستخدم وفق الخطة المرسومة، وبالتالي رصد ما تم وما لم يتم تحقيقه من الخطة الموضوعة من قبل الهيئة والمنظمات الإدارية، كما أن البعض اعتبرها عملية لتقييم الأداء باستخدام المعايير المحددة سلفا واتخاذ القرارات التصحيحية على ضوء عملية التقييم لضمان أهداف المنظمة بأقصى درجة ممكنة وبنوع من الفعالية والكفاءة، سوف يتم الاقتصار خلال هذه الدراسة على الرقابة الإدارية والقضائية .
ولموضوع الأجهزة العليا للرقابة المالية أهمية و راهنية حيث الرقابة الإدارية وتقييم العمل الإداري من المواضيع الهامة في ظل تزايد الاهتمام بتجويد عمل الإدارة وتفعيل أدواتها، ولذلك اخترنا البحث في هدا الموضوع فمن جهة ،أصبحت فعالية الأجهزة الرقابية عموما، وأجهزة مراقبة المالية خصوصا، مطلبا أساسيا لمناهضة ومحاربة الفساد المالي والإداري في ظل غياب الشفافية والمساءلة[7].
كما ترجع أهم الأسباب اختيار الموضوع الى ضرورة الى إجراء دارسة تقييمية لحصيلة عمل الأجهزة الرقابية بعد أزيد من خمسين عاما من إحداث أهمها المتمثل في المفتشية العامة للمالية ،خاصة وان هذه المواضيع لم تكن موضوعا للدراسة إلاناذرا طيلة مدة تواجدها .
وإذا كان المغرب لا يعاني من نقص في هذه الأجهزة الرقابية فإن المشكل المطروح يتمثل في نقص الديناميكية والفعالية الرقابية لدى هذه الأجهزة، كأداة وآليات رقابية مقابل مجموعة من الإشكالات والعوائق التي تعاني منها. وبالتالي فإن الإشكال المطروح يتجلى فيما إذا كانت تمتلك الأجهزة العليا للرقابة المالية الإمكانيات المادية والبشرية لممارسة الرقابة والتقييم بشكل فعال، وقدرتها على ترسيخ مبدأ الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة؟ ومدى قدرتها على مواكبة التطورات التي تعرفها مفاهيم الرقابة والتقييم؟
ولمعالجة هذه الإشكالية سوف نقوم باستعراض الدور الرقابي لمختلف الأجهزة الرقابية، ثم التطرق إلى الصعوبات والحدود التي تحد من فعالية رقابة هذه الهيئات، وآفاق تجاوزها ،مما يقتضي الاستعانة ببعض مناهج البحث العلمي أهمها المنهج التحليلي من خلاله يتم تحليل موضوع الأجهزة العليا للرقابة المالية، ومهامها ووظائفها، وكيفية تفاعلها مع الهيئات والجهات المحيطة بها. كما يتم تحليل مختلف الآليات والمكونات والمناهج المتبعة في عملية المراقبة والتدقيق المالي، فضلا عن الاطلاع على مجموعة من النصوص القانونية وتحليلها ، كما يمكننا المنهج الوصفي من تحديد بنية هذه الهيئات الرقابية، مع تحديد الوظائف والمهام الموكلة لها ومن اجل ذلك اعتمدنا خطة البحث التالية:
المطلب الأول: الرقابة الإدارية والقضائية على المال العام
المطلب الثاني: معيقات وحدود الرقابة المالية
المطلب الأول: الرقابة الإدارية والقضائية على المال العام
لقد عرفت الرقابة المالية تطورا كبيرا في مجال العلوم الإدارية والمالية، من خلال مراقبة المال العام بشكل يسمح بعدم تجاوز القوانين والتنظيمات المتعلقة بصرف المال العمومي، وأصبحت تعد من أهم الدعائم الأساسية للإدارة العامة خاصة في المجال المحاسبي والمالي، بهدف ترشيد النفقات العمومية لتدبير أفضل بتكلفة أقل من أجل القضاء على الفساد الإداري والمالي وتحقيق الحكامة الجيدة.
وتنقسم الرقابة على المالية العامة من حيث الجهة التي تتولاها إلى رقابة داخلية أو الرقابة الإدارية على المالية العمومية التي تتولاها وزارة المالية إلى جانب بعض الهيئات المستقلة عن السلطة التنفيذية (الفرع الأول) فضلا عن الرقابة الخارجية أو القضائية التي تتولاها المحاكم المالية (الفرع الثاني) إلى جانب الرقابة السياسية.
الفرع الأول: الرقابة الإدارية ومتطلبات الحكامة الجيدة
تعتبر الرقابة الإدارية على المالية العمومية إحدى أهم أنواع الرقابات التي تمارسها السلطة التنفيذية من خلال وزارة المالية، أو من قبل بعض الهيئات الأخرى مما يدل على أن الرقابة الإدارية على المالية العمومية رقابة داخلية تتم من خلال الإدارة على نفسها، اما عن طريق مجموعة من الهيئات والأجهزة الرقابية التابعة لوزارة المالية على رأسها المفتشية العامة للمالية، مراقبة الالتزام بنفقات الدولة (أولا) إلى جانب رقابة الخازن العام للمملكة (ثانيا).
أولا: المفتشية العامة للمالية ومراقبة الالتزام بنفقات الدولة
طبقا للمرسوم المتعلق بمراقبة نفقات الدولة، تخضع الالتزامات بنفقات الدولة الصادرة عن المصالح الآمرة بالصرف للمراقبة المالية ، كما تخضع نفقات الدولة في مرحلة الأداء لمراقبة صحة النفقة.
ويقصد بالمصالح الآمرة بالصرف، تلك المصالح التابعة للآمر بالصرف والتي تتدخل في مسار تنفيذ نفقات الدولة، و تخضع لمراقبة مسبقة على الالتزام ولمراقبة الأداء .غير أنه، ابتداء من فاتح يناير 2012، تم تخفيف هذه المراقبة من خلال “مراقبة تراتبية” وذلك وفق الشروط والكيفيات المنصوص عليها. وتتم مراقبة الالتزامات بالنفقات قبل أي التزام. .بحيث يقوم المحاسب العمومي بمراقبة المشروعية من خلال التأكد من أن مقترحات الالتزام بالنفقات مشروعة بالنظر للأحكام التشريعية والتنظيمية ذات الطابع المالي للتأكد من خلال توفر الاعتمادات والمناصب المالية؛ الإدراج المالي للنفقة؛ صحة العمليات الحسابية لمبلغ الالتزام؛
تتم المراقبة المالية المشار إليها أعلاه في إطار التنزيلات المالية لقانون المالية أو ميزانيات مصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة أو عند الاقتضاء، برامج استعمال الحسابات الخصوصية للخزينة.
وتتم مراقبة الالتزام بالنفقات:
– إما بوضع التأشيرة على مقترح الالتزام بالنفقات؛
– إما بإيقاف التأشيرة على اقتراحات الالتزام بالنفقات وإعادة ملفات الالتزام غير المؤشر عليها إلى المصلحة الآمرة بالصرف من أجل تسويتها؛
– إما برفض التأشيرة معلل وتضمن جميع الملاحظات على مقترح الالتزام، في حالة إيقاف التأشيرة أو رفضها، في تبليغ واحد إلى المصلحة الآمرة بالصرف المعنية.
غير أنه، بالنسبة لصفقات الدولة التي لم يبد المحاسب العمومي أي جواب بشأنها خلال الأجل المنصوص عليها، يجب على المحاسب العمومي وضع التأشيرة على مقترح الالتزام بمجرد انصرام الأجل المذكور وإرجاع الملف إلى المصلحة الآمرة بالصرف المعنية، ولا يمكن أن يحتج بأحكام هذه المادة أمام المحاسبين العموميين إلا من قبل المصلحة الآمرة بالصرف المعنية[8].
يجب على المصالح الآمرة بالصرف، قبل أي شروع في تنفيذ الأشغال أو الخدمات أو تسليم التوريدات، أن تبلغ مع المصادقة، عندما يستلزم الأمر ذلك، إلى المقاول أو المورد أو الخدماتي المعني.
ويمكن، عند الاقتضاء، للمقاول أو المورد أو الخدماتي المعني أن يطالب المصلحة الآمرة بالصرف المعنية بمراجع التأشيرة المذكورة.
ومما سبق يمكن القول أن مراقبة الالتزام بالنفقات هي مراقبة تتم على النفقات ولا تهتم بالمداخيل وتقتصر على الالتزام دون أن تمتد إلى باقي المراحل التي يمر بها التنفيذ الإداري للنفقات العمومية، وطبقا لمقتضيات المرسوم السابق، يخضع الالتزام بنفقات الدولة الصادرة عن الأمر بالصرف لمراقبة المشروعية والأداء للتأكد من صحة النفقات العمومية.
ويقصد بمراقبة نفقات الدولة كما جاء في مرسوم 2008 مراقبة التزام كل موظف مكلف بمقتضى النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها بمراقبة الالتزام بنفقات الدولة أو جماعة ترابية وكل الهيئات والمؤسسات العمومية.
وبناء على ما سبق، يمكن القول أن مراقبة الالتزام بنفقات الدولة هي مجموعة من الإجراءات والتدابير الإدارية والمالية التي يفرضها القانون بهدف تفادي كل المخالفات المالية وترشيد النفقات العمومية وتحقيق الحكامة المالية.
كما تتولى المفتشية العامة للمالية المنظمة بمقتضى الظهير 269-59-2 صادر بتاريخ 14 ماي 1960 والخاضعة مباشرة إلى وزير المالية الرقابة والتقييم على المالية العمومية والتي يمكن اعتبارها رقابة قبلية وبعدية وزجرية، وغالبا ما تباشر تلك المهام من خلال برنامج سنوي يقرره الوزير المكلف بالمالية باقتراح من المفتش العام للمالية، مع الأخذ بعين الاعتبار طلبات التحقيق التي يتقدم بها الوزراء أو تقدمها مصالحهم، كما يمكن لهذه المفتشية القيام بمجموعة من المهام الرقابية خارج هذا البرنامج شريطة إخبار الوزير([9]).
ومن هنا فإن المفتشية العامة للمالية دورها شمولي فيما يخص الرقابة، أو من حيث الاختصاصات والمجالات، ويمكن القول إجمالا أن رقابة المفتشية تمتد إلى المظاهر المالية للدولة والجماعات المحلية والمقاولات العمومية وبعض الهيئات الخاضعة لوصاية الدولة. كما يجب التمييز بين موضوع الرقابة وشكلها، بحيث أن الموضوع غالبا ما يكون منصوص عليه بشكل حصري في القوانين والأنظمة السارية المفعول، أما أشكال الرقابة وكيفية ممارستها فيخضع للتغيير والتطورات التي يشهدها علم التدبير وعلم المالية مما أدى إلى استحداث تقنيات للرقابة كالتدقيق، مراقبة التسيير وتقييم السياسات العمومية.
كما تتولى مراقبة تسير المحاسبين والتأكد من شرعية العمليات الحسابية المسجلة في حسابات الأمرين الخاصة بالمداخل والنفقات العمومية وكل متصرف الدولة، والقيام بافتحاص المشاريع العمومية الممولة من قبل الهيئات الأجنبية كالبنك الدولي للإعمار والتنمية، والبنك الإفريقي للتنمية، برنامج الأمم المتحدة، باستخدام مقتربات رقابية جديدة تتماشى والتغييرات الدولية والإقليمية
وتخضع تدخلات المفتشية العامة للمالية لبرنامج سنوي مصادق عليه من طرف وزير المالية، الذي يمكن أن تطرأ عليه بعض التعديلات على هذا البرنامج حسب المهام المستعجلة والطارئة.
وخلافا لأجهزة المراقبة الإدارية الأخرى، فإن هيئة التفتيش العام للمالية، لا يمكنها إلا استنتاج المخالفة وإخبار السلطة الرئاسية للجهة المراقبة ووزير المالية في حالة ثبوت وجود إخلال خطير، فضلا على اقتصار وانحصار سلطتها الزجرية في إثارة مسطرة تعليق نشاط المحاسب العمومي في حالة ما تبين لها خطورة الموظف دون أن يتمكن المفتش من تنفيذ العقوبة([10]).
ثانيا: مراقبة الخزينة العامة للمملكة
تتمتع الخزينة العامة للملكة باختصاص عام فيما يخص تنفيذ عمليات الإنفاق، بحيث تنص المادة الأولى من مرسوم 13 فبراير 2006([11])، بان تلحق بالخزينة العامة للملكة أقسام ومصالح المراقبة العامة للالتزام بالنفقات، كما أن المادة الثانية من نفس المرسوم تنص على أن تسند للخازن العام للملكة الاختصاصات الموكولة للمراقب العام للالتزام بنفقات الدولة، على أن يستمر مراقبو الالتزام بالنفقات في ممارسة المهام الموكولة لهم طبقا للأنظمة الجاري بها العمل.
يتضح من خلال نص المرسوم على أن اختصاص المراقبة العامة للالتزام بالنفقات، تم إسنادها للخزينة العامة للملكة أي أن المسألة تتعلق بمزج بين المراقبة السابقة والموازية على تنفيذ النفقة العمومية. وبذلك أصبحت مصالح الخزينة العامة للملكة منذ بداية سنة (2005) تتخذ شكل مرفق الدولة المسير بصورة مستقلة.
بناء على ذلك تعتبر الخزينة العامة للملكة جهازا للمراقبة المالية تابع لوزارة المالية، فهي تقوم بمراقبة مالية سابقة على تنفيذ الميزانية الجماعية والعمومية، انطلاقا من السلطة التي يمارسها الخازن العام على محصلي المالية الجهويين والإقليميين، وكذا على فباض الجماعات الترابية، وبذلك فإن الخزينة العامة للمملكة تعد من بين الأجهزة الرقابية التابعة لوزارة المالية والتي تحتل مكانة متميزة داخلها نظرا لطبيعة المهام المنوطة به([12]).
وبهذه الصفة يتولى الخازن العام للمملكة مراقبة التدبير المالي للقابض كما يقوم بتصفية حسابات المحاسبين قبل تقديمها للمجلس الأعلى للحسابات بواسطة تقرير يعده سنويا.
لذا فإدماج هذه المراقبة داخل الخزينة العامة للملكة، وإسناد اختصاصات المراقب العام للخزينة العام، من شأنه أن يوحد الرؤى والأفكار ويحد من تعقد مساطر المراقبة القبلية والموازية على الإنفاق العام، حيث في السابق كان الأمر بالصرف قد يتيه بين اختلاف وجهات النظر بين جهازين ينتميان لمؤسسة واحدة وهي وزارة المالية. فقد تؤشر المراقبة العامة للالتزام بالنفقات على مقترح الالتزام في حين يرفضه المحاسب العمومي لسبب من الأسباب، وبهذا يتحول المحاسب العمومي من مراقب لآمر بالصرف إلى سلطة رئاسية أو رقابية للمراقب العمومي. وذلك بغض النظر عن الفكرة التي يكونها المتعامل مع الإدارة، والتي من شأنها أن تفقده الثقة في التعامل معها، مما قد ينشأ عنه تأثير سلبي على جودة الخدمات التي يؤديها للمصلحة العامة. خصوصا أن رفض الأداء من طرف المحاسب في بعض الحالات قد يعد مسألة إبراء ذمة المنظمة العمومية، وهذا ما تنص عليه المادة 30 من مرسوم 2008 المتعلق بنفقات الدولة والتي تنص على أنه يجب على المحاسب العمومي أن يرفض الامتثال لأوامر التسخير إذا كان إيقاف الأداء معللا بأحد الأسباب التالية:
* عدم وجود الاعتمادات أو عدم توفرها أو عدم كفايتها.
* عدم توفر الصفة الإبرائية للتسديد.
* عدم وجود التأشيرة القبلية للالتزام حينما تكون هذه التأشيرة مطلوبة.
بالإضافة إلى كون هذه الرقابة تسمح بحماية المال العام من التجاوزات والانحرافات، فإنها تمكن المحاسب العمومي من تحصين نفسه من المسؤولية المالية والشخصية التي قد تثار في حالة تنفيذه لأوامر دفع أو استخلاص غير مشروعة مما يؤدي إلى تحقيق الشفافية والحكامة المالية.
الفرع الثاني: الرقابة القضائية ومتطلبات الحكامة
تقوم المحاكم المالية بمراقبة العمليات المالية ، بهدف محاربة كل أشكال الاغتناء اللا مشروع والنهب الممنهج، وتفعيل الرغبة الملكية المتمثلة في المفهوم الجديد لسلطة، التي تستهدف ترشيد الإنفاق العمومي، إذ أنه من البديهي القول بأن عدم وجود مراقبة صارمة من قبل المحاكم المالية، يؤدي إلى تفشي مظاهر التبذير والاختلال المالي، مما يؤثر على ثقة المواطنين بالمؤسسات، مما يكرس الوجه السلبي للإدارة العمومية([13]).
ولا تخضع لرقابة المجلس الأعلى للحسابات، المؤسسات العامة غير الوطنية، إذ أن المجالس الجهوية للحسابات هي التي تختص بالرقابة على المؤسسات العامة الجهوية والمحلية، ولكن تخضع لرقابته الشركات أو المقاولات التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة مشتركة، بصفة مباشرة أو غير مباشرة أغلبية الأسهم في الرأسمال، أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار، أو تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية بصفة مشتركة مع الجماعات الترابية بمقتضى عقد امتياز، أغلبية الأسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار، وهذا ما نص عليه القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المؤسسات العامة وهيئات أخرى.
ويأتي حرص المحاكم المالية على النظر في الحسابات وتمحصيها، بهدف الحيلولة دون إهدار المال العام، وتقرير المسؤولية بالنسبة للأشخاص المكلفين بحمايته([14])، وقد أخضعت مدونة المحاكم المالية عملية التدقيق والبت في حسابات المحاسبين العموميين من قبل المجلس الأعلى للحسابات، لنفس الإجراءات المسطرية التي تنهجها المجالس الجهوية للحسابات في ممارسة هذا الاختصاص القضائي، وذلك من حيث ترتيب المسؤولية على كل من الآمر بالصرف والمراقب والمحاسبين، على العمليات التي أشروا عليها خلال الفترة التي مارسوا فيها مهامهم، وكذا كيفية الإدلاء بالحساب أو الوضعية المحاسبية([15]).
وبما أنه تم إشراك المحاكم المالية في مهمة البت والتدقيق في حسابات المحاسبين العموميين، يكون المشرع المغربي قد خطى خطوة مهمة نحو ضمان احترام التشريعات المالية والمحاسبة، وبالتالي حماية الأموال العمومية من الاختلاس ومن التسيير والتدبير السيئين، والحد من استعمال طرق احتيالية للاستيلاء على المال العام وتحقيق الشفافية والحكامة المالية.
كما تمارس المحاكم المالية، الرقابة في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، وهذا يمثل الوجه الثاني لرقابة المشروعية أو الملاءمة، إذ أن محكمة التأديب هي الضامن الطبيعي للصالح العام في الميدان المالي([16])، وهذا النوع من المراقبة يبرز خصوصية تجربة المحاكم المالية بالمغرب، فهي تمارس اختصاصا قضائيا مزدوجا، يتجلى في توليها ممارسة الرقابة على المحاسبين العموميين والآمرين بالصرف في آن واحد([17]).
كما تمارس المحاكم المالية مهمة قضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة لكل مسؤول أو موظف أو عون بأحد الأجهزة الخاضعة لرقابة المجلس الأعلى للحسابات أو رقابة المجالس الجهوية للحسابات، كل في مجال تخصصه([18]).
وحسب المادتين 54 و56 من مدونة المحاكم المالية، فالولاية التأديبية للمحاكم المالية تشمل كل من الآمرين بالصرف أو الآمرين بالصرف المساعدين، أو أي مسؤول أو موظف يعمل تحت مسؤوليتهم، وكذا كل محاسب عمومي أو موظف أو عون يوجد تحت إمرته أو يعمل لحسابه، ويضاف إلى هؤلاء الآمرون بالصرف بالجماعات الترابية وهيئاتها، أو بأحد المؤسسات العمومية الخاضعة لوصايتها أو الشركات والمقاولات المشتركة فيها، وكذا الوالي والعامل في الحالات التي يعملان فيها، باعتبارهم آمرين بالصرف لجماعة ترابية أو هيئة تابعة لها.
ذهب المشرع نحو توسيع لائحة الأجهزة والأشخاص وقائمة المخالفات الخاضعة للولاية التأديبية للمحاكم المالية، في الأمور المرتبطة بالميزانية والشؤون المالية، وكذا توضيح المسؤوليات داخل هذه الأجهزة بشكل مدقق، وربط هذه المسؤوليات بالمحاسبة.
كما تشكل الغرامات المالية، الآلية الوحيدة التي تملكها المحاكم المالية بهدف الزجر بها وفقا للمقتضيات القانونية المنظمة لها، وهكذا فهي تصدر غرامات أو عقوبات مالية أو مادية في إطار الرقابة القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، في حالة ثبوت المخالفات المنصوص عليها في القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية([19])، وتكرس هذه النصوص مجالا يتراوح بين 1000 درهم، وأربع مرات مبلغ المرتب السنوي الصافي، مع إرجاع -عند الاقتضاء- المبالغ المعادلة للخسارة.
ولعل الهدف الأساسي من إقرار غرامات تصاعدية في مدونة المحاكم المالية في ظل قانون 62.99، مقارنة مع القانون 79.12 هو جعل نظام الجزاءات كنظام ردعي، يتصدى لكل ما من شأنه أن يساهم من بعيد أو قريب بالتلاعب بالمال العام.
ويتضح أن المحاكم المالية أضحت تعمل على ترسيخ مبادئ الترشيد والشفافية، من خلال الاستجابة للمعايير الدولية، عن طريق الأخذ بتوصيات وقرارات المنظمات العليا للرقابة المالية، كأخذ مبادئ الحكامة الجيدة، وهو الأمر الذي يبرز جليا في تثبيت ثقافة المساءلة والمحاسبة، وذلك بالنظر لأهمية الأموال العامة في تحقيق تقدم ورخاء المجتمعات البشرية من عدمها، لأن غياب مثل هذه الثقافة ستؤدي إلى سيادة ظاهرة الفساد المالي والنهب والاختلاس من اجل تحقيق الحكامة الجيدة([20]).
إلا أن الدور الرقابي لهذه الأجهزة لازال يعاني من مجموعة من المعيقات والاكراهات التي تحد من الفعالية الرقابية
المطلب الثاني: حدود مراقبة المالية العمومية
تعاني أغلب اجهزة المراقبة خاصة المفتشية العامة والمحاكم المالية من مجموعة من الإكراهات التي تعيق عملها، وبالتالي إخفاقها في تعزيز الشفافية والحافظ على المال العام وتحقيق الحكامة الرشيدة (الفرع الأول)، مما يستوجب تفعيل دورها الرقابي([21]) (الفرع الثاني).
الفرع الأول: الحدود الذاتية والموضوعية
سنحاول أن نتطرق إلى الإكراهات التي تعاني منها أجهزة المراقبة الداخلية من خلال المفتشية العامة كنموذج (أولا) فضلا عن الصعوبات والحدود التي تعاني منها المحاكم المالية (ثانيا).
أولا: المفتشية العامة للمالية
يمكن رصد أهم جوانب الضعف ونقص الفعالية بالنسبة لهذه الأجهزة في مجموعة من الأمور كغياب تصور قانوني موحد لاختصاصاتها، بحيث أنه لا يوجد نص قانوني واضح يحدد مهام هذه الهيئات أو يبين وضعية المفتشين العاملين بها باستثناء ما يرد من عناصر عامة في النصوص التنظيمية بما فيها المراسيم المنظمة لاختصاصات وزارة المالية التابعة لها المفتشية العامة رغم وجود ظهير شريف ينظمها، كما أن هذه الهيئة لا اختصاص لها في ممارسة المراقبة والتقييم، غياب الاستراتيجية الواضحة في المراقبة والمساءلة([22]).
إضافة إلى ضعف المكون البشري، كما تعاني من غياب السلطة الزجرية تجاه الإدارات والأشخاص الخاضعين للتفتيش، بحيث تكتفي هذه المفتشية بعرض النتائج المتوصل إليها على الوزير. إضافة إلى الصعوبات المادية المتعلقة بالاعتماد على المالية الضئيلة المخصصة لمهام التفتيش خصوصا الخارجية منها بالنظر إلى محدودية وسائل التنقل والحوافز المادية مما يضعف وظيفتها الرقابية. كما أن المفتشيات العامة لا تتمتع بالاستقلالية الكاملة وتتبع مباشرة إلى الوزير، وبالتالي فإن العمليات التقييمية والرقابية التي تقوم بها لا تتحكم فيها بعد نشرها للتقارير التي تنجزها وترسلها إلى الوزير الذي يملك السلطة التقديرية في المتابعة من عدمه. كما أن المفتشية العامة للمالية ركزت ومنذ إحداثها على تكوين الأطر وتخرج المفتشين أكثر من اهتمامها بالرقابة والتتبع، كما تعمل هذه الهيئة بنصوص قديمة بحيث تجاوز على القانون المنظم لها ما يزيد عن نصف قرن.
إلا أن دورها الميداني لا زال في حاجة إلى تطوير وتحديث خاصة فيما يتعلق بتفعيل نصوصها القانونية وتحيينها وتوضيح مجالات تدخلها ودورها الفعلي([23]).
كما أن الدور الفعال الذي تلعبه المفتشية العامة لا يمكن إغفال أهميته من الناحية القانونية، وأن اختصاصاتها تشمل جوانب التسيير والتدبير المالي. ورغم ذلك فواقعها يبين أنها تعاني من جمود تام مما يجعل رقابتها تفتقد إلى الفعالية، بالإضافة إلى مجموعة من الحدود والإشكالات التي تحول دون أن تكون هذه الهيئة إحدى أهم الهيئات الرقابية العليا على المالية العمومية للهيئات والمؤسسات العمومية والقطاع العام.
وعموما بالرغم من أن المفتشية العامة للمالية تتمتع بسلطات واسعة في مجال التفتيش على كل الإدارات والمصالح العمومية، فإن دورها ظل يقتصر على القيام ببعض عمليات المراقبة لبعض المصالح التابعة لوزارة المالية وبعض المؤسسات العمومية دون أن يمتد ليشمل كافة مجالات النشاط العمومي، إذ لاتزال وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية غير خاضعة لرقابة المفتشية ([24]).
ثانيا: محدودية عمل المحاكم المالية
تعاني المحاكم المالية من مجموعة من الإكراهات خصوص في الحدود القانونية و تضخم المهام والاختصاصات المنوطة بالمجلس الأعلى والمجلس الجهوية للحسابات، فهما يجمعان بين الاختصاصات القضائية والإدارية والتأديبية. فالمجال الرقابي لهذه الهيئات هو مجال موسع من الناحية القانونية، بحيث أنه يغطي مختلف أوجه التدبير المالي. مما أثر بشكل سلبي على طبيعة الرقابة وفعاليتها، وحد من قدرة المحاكم المالية على تتبع كل مظاهر التدبير المالي للأجهزة المعنية، وأضحت المحاكم المالية تمارس رقابة عشوائية للعديد من القطاعات دون مراعاة التخصص والتناسب فيما بينها على مستوى الغرف.
وإلى جانب تعدد المهام المنوطة بالمجلس الأعلى للحسابات وعدم التحديد الدقيق لاختصاصاته ومهامه، هناك الدسترة المتأخرة للمجلس الأعلى للحسابات والتي ساهمت هي الأخرى في عدم تفعيل أدائه الرقابي، بحيث أن هذا المجلس همش لزمن طويل من طرف الجهاز التنفيذي ولم يكن يعمل باستقلال عضوي أو وظيفي عن السلطة التنفيذية، مما أثر على حصيلة تراكماته السابقة وحد من قدرته على ممارسة حقيقية لاختصاصاته.
كما أثرت بعض العوامل السياسية والإدارية بشكل كبير على السير العادي لأجهزة الرقابة على المال العام، خاصة في البلدان النامية، نظرا لتداخل وتشابك المصالح داخل مختلف أجهزة الدولة والفاعلين السياسيين في مجال صناعة القرار المالي.
وهذه الإكراهات ساهمت في إضعاف مهمة الرقابة التي تمارسها المحاكم المالية بالمغرب خاصة في أداء كل من المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات.
فالعوامل الموضوعية أو المحيط العام للمجال الرقابي والمتمثلة في العوامل السياسية والثقافية والإدارية والاقتصادية تؤثر في منظومة الرقابة المالية([25]).
إن للفاعل السياسي والإداري حساسية كبيرة اتجاه أجهزة الرقابة المالية بحيث أن هذه الأخيرة همشت لعقود طويلة من طرف صانع القرار السياسي بالمغرب.
فتقويم السياسات العامة ظل نشاطا سياسيا بامتياز([26])، وبالتالي فالتسييس المبالغ فيه للتسيير الإداري والمالي كرسته التبعية العضوية والوظيفية للأجهزة الإدارية والرقابية لصحاب السلطة، هذه التبعية لها عواقب وخيمة على منظومة الجهاز الرقابي وآليات اشتغاله.
وعلى هذا الأساس نجد الخصائص العامة المميزة لنمط التسيير الإداري بالمغرب والاختلالات الكبيرة التي تعرفها الإدارة المغربية من سيادة لمظاهر البيروقراطية والزبونية والرشوة والمحسوبية والوساطة والفساد الإداري بوجه عام، وهذا ما يعرقل التقويم الفعال والمراقبة الناجعة والفعالة للأجهزة المختصة، بل يمكن القول إن العديد من المؤسسات والنفوذ الذي يتمتع به مدراءها هو المقصود بهذا التحصين. إن النظام الإداري المغربي هو نظام بيروقراطي بامتياز، يكرس النظرة الأحادية للسلطة([27])، والنمط المركزي الغامض والمنفصل عن الإطار المجتمعي الذي ينتمي إليه بالرغم من سعي المغرب منذ الاستقلال إلى الاتجاه نحو تكريس اللامركزية الإدارية، ونهج سياسة القرب. لكن سياسة اللامركزية ظلت محدودة وعجزت عن تجاوز المنظومة البيروقراطية للإدارة، المتسمة بالغموض والإبهام، وكان التواصل مع العموم محدود جدا، كما أن الخطاب الإصلاحي يخفي تصورات متناقضة للإدارة ومستقبلها.
وبالرغم من اتخاذ السلطات العمومية لمجموعة من المبادرات لإصلاح الإدارة المغربية ومحاربة الفساد، وتكريس الشفافية والحكامة في التدبير الإداري والمالي، إلا أن جل هذه المحاولات باءت بالفشل وانعكس ذلك جليا على المستوى التنموي ونمط عيش المواطن.
ويمكن القول الآن أن هناك إرادة سياسة حقيقية لمحاربة هذه الظواهر لدى الحكومة الجديدة، ويتجلى ذلك في خطاباتها السياسية وبرنامجها الحكومي المعلن عنه، صحيح أن هذا ليس بالأمر السهل لكن يجب أن يتم هذا الإصلاح بتدرج وبمراحل، تنزيلا لبنود الدستور الجديد على أرض الواقع، وتكريسا لمبادئ الحكامة الجيدة والتدبير الأمثل للشأن العام.
إن النقص في الموارد البشرية الذي عرفته المحاكم المالية سواء بالنسبة للمجلس الأعلى أو المجالس الجهوية للحسابات أدى إلى قصور التجربة الرقابية لهذه الهيئة.
ورغم المجهودات التي بذلت في سبيل تعزيز المحاكم المالية بموارد بشرية مهمة ومضاعفة عددها، إلا أنه ما زالت هذه الهيئات تفتقر إلى الأطر البشرية ذات الكفاءة العالية في المجال المالي والاقتصادي والمحاسباتي وجانب التدقيق والاستشارة، والجدير بالذكر أنه في التشريعات الرقابية المقارنة الأجنبية والعربية، فقد تم تجاوز الضعف الكمي لهذه الموارد.
وهذا الضعف راجع بالأساس إلى عدم قدرة هذه المحاكم على استقطاب أطر جديدة متنوعة التخصص، فضلا عن غياب الشفافية في التوظيف.
الفرع الثاني: تفعيل أنظمة المراقبة الداخلية والخارجية
إن من بين الإجراءات المصاحبة لتعزيز آليات الحكامة الجيدة في التدبير المالي، تطوير آليات المراقبة الداخلية من أجل تتبع وتقييم العمل العمومي، والوقوف على مظاهر القوة لتعزيزها وكذا مظاهر الضعف لتجاوزها([28]). مما يجعل بعض الهيئات كالجماعات الترابية إلى اعتماد أنظمة المراقبة الداخلية من اجل التحكم في محيط أصبح أكثر تعقيدا ومن استغلال الموارد المالية التي أصبحت أكثر ندرة استغلالا الأمثل، كما يمكن شرح وتبرير السياسات العمومية المعتمدة لمواطنين أصبحوا أكثر متابعة للشأن العام المحلي واهتماما له([29]).
وتهدف أنظمة المراقبة الداخلية إلى تحليل الأخطار المرتبطة بتسيير الوحدات الإدارية والجماعات الترابية، وهذه الأخطار إما ذات طبيعة عامة بحيث يمكن اعتبارها ملازمة لكل تسيير إداري، أو ذات طبيعة خاصة بكل هيئة، وتتمثل الأخطار العامة .
وتواجه إرساء أنظمة المراقبة الداخلية العديد من الصعوبات منها ما هو ذو طبيعة سياسية واجتماعية ومنها ما هو ذو طبيعة تقنية.([30])
وإذا كانت المراقبة الداخلية عبارة عن منهجية للعمل أكثر منها وظيفة، فإن العديد من الوحدات الإدارية الفرنسية، وعيا منها بالأخطار المتعددة الناتجة عن اتساع مجال تدخلها وتنوع القطاعات التي تدخل في مجال اختصاصها وأهمية المبالغ التي تتصرف فيها وتعقد تنظيمها الإداري، قامت بخلق مصالح مختصة في المراقبة الداخلية خاصة في الجوانب القانونية، إذ تتوفر أغلبية الجهات والمحافظات والمدن الكبرى على مصالح قانونية مستقلة، وإن كان دور أغلب هذه المصالح ينحصر في معالجة وتتبع المنازعات القانونية والقليل منها فقط يتدخل في مرحلة إعداد القرارات([31]).
كما أصبح التدبير المحلي في الدول المتقدمة يقوم على الاحترافية، من قبيل الوظائف الجديدة التي ظهرت مع الهيكل التنظيمي organigramme، مثل التدقيق الداخلي، ومراقبة التسيير … وغيرها من الآليات التي تجعل من الوحدات الإدارية والجماعات مقاولة بامتياز لتجاوز تلك المعيقات والحدود الرقابية.
ومن بين الإجراءات المصاحبة التي تكفل تدبيرا ماليا سليما، وضع محددات لمراقبة داخلية من أجل تتبع وتقييم العمل المحلي ككل، من حيث معرفة مظاهر القوة لتعزيزها، وكذا مظاهر الضعف لتجاوزها([32]). وفي هذا الإطار، فإن هناك العديد من الآليات الحديثة التي تسمح بالتحكم في عملية التدبير المالي المحلي، كمراقبة التسيير (le contrôle de gestion)، التي تعتبر آلية رقابية حديثة تتوخى تقييم وتقويم مناهج داخل المنظمات، بواسطة اقتراح الإجراءات التصحيحية على المسؤولين، قصد تحقيق الأهداف المعلنة، وهو ما يجعل منها مراقبة مندمجة في التسيير وليست خارجة عنه([33]).
وتكتسي مراقبة التسيير أهمية بالغة في التدبير، لكونها مبادرة داخلية، أي أن الأجهزةالإدارية لها سلطة القرار في الاستعانة بها في تحديث وسائل عملها، نظرا للمزايا الكثيرة التي تقدمها مراقبة التسيير للرفع من جودة الأداء.([34]).
فمراقبة التسيير هي تلك العملية التي تسمح بالتأكد من استعمال الموارد المالية والبشرية للمؤسسة استعمالا عقلانيا وفعالا، وكذلك تدارك الانحرافات غير المسموح بها من أجل تحقيق الأهداف، وذلك باستخدام مختلف التقنيات والوسائل الكمية والكيفية، وبالتالي فدورها هو إعطاء المسؤولين داخل المؤسسة الوسائل لقيادتها، واتخاذ القرارات، وكذا ضمان مستقبلها. وفي هذا السياق، فخطاب الجماعة المقاولة يتمفصل مع هذه الآية، التي تمكن من معرفة مظاهر القصور والانحرافات داخل الوحدة الإدارية، وكذا تمكن من قياس الفوارق بين النتائج المحصل عليها وتلك المنتظرة، ومقارنة الوسائل بالأهداف.
وإجمالا يمكن القول، إن مراقبة التسيير هي آلية مهمة للرقي بالعمل الداخلي للمنظمة إلى مستوى التدبير المقاولاتي، وبالتالي الحصول على نتائج جد مرضية تعكس بدورها تحسن وضعية الجماعة الترابية والسكان معا([35]):
وتعتمد مراقبة التسيير على بعض الأدوات الموازية لتحقيق أهدافها، ومن بينها على وجه الخصوص المحاسبة التحليلية “la comptabilité analytique”([36])، ولوحة القيادة “le tableau de bord”([37])، بالنسبة للأداة الأولى (المحاسبة التحليلية) فهي تمكن من تجميع وتحليل بيانات التكاليف وتوزيع المصروفات، من أجل تحديد ثمن تكلفة المنتجات أو الخدمات، وتقديم معلومات دقيقة إلى إدارة المؤسسة([38]).
فدور الجماعات الترابية، لا يستقيم إلا بتبني أداة المحاسبة التحليلية، لأن من شأن تطبيقها والاستعانة بها تسهيل مأمورية الأدوار الجديدة التي تسعى إليها الجماعات المحلية ببلادنا، نظرا للإيجابيات التي تقدمها، ابتداء من معرفة تكاليف ووظائف المؤسسة، وتحديد سعر تكلفة المنتجات والخدمات، ووصولا إلى اتخاذ القرارات الصائبة. فهذه الإجراءات تمكن في تحقيق المصلة العامة في أدق وأجود صورها، كما تعمل أيضا على تخليق الحياة العامة المحلية وترشيد النفقات العمومية([39]).
وتتجلى أيضا أهمية المحاسبة التحليلية في مجال التدبير المحلي، في التطور الذي انتقل بالجماعة من الإطار إلى الإطار الاقتصادي، الذي ساهم إلى حد كبير في إنعاش التنمية المحلية، من خلال خوض غمار المنافسة والاضطلاع بدور الجماعة المقاولة([40]).
وإلى جانب المحاسبة التحليلية، هناك تقنية مماثلة لا تقل أهمية عنها، وهي لوحة القيادة (le tableau de bord)، التي تسمح بمتابعة المنجزات وتزويد المسؤول أو صاحب القرار بمجموعة من المعلومات، تساعده في مهامه المتمثلة في تأمين التطابق الفعلي بين الإنجازات والأهداف المحددة سلفا([41]).
وبذلك، فإن لوحة القيادة في أداء الانتقاء الإجراءات التصحيحية، عبر الكشف عن الفوارق القابلة للقياس، والتحكم في الكلفة ومتابعة النشاط المنجز، وتكييف الوسائل مع الأهداف، والبحث كذلك عن استعمال القدرات الغير الموظفة والتنسيق بين المصالح، أي أنها عبارة عن نظام للمعلومات، يمكن بواسطته التعرف بشكل مستمر وفي وقت وجيز على المعطيات الضرورية لتتبع السير الجيد أو السيء على المدى القصير للمؤسسة([42]).
وإجمالا يمكن القول، بأن الآليات التدبيرية الحديثة لم تعد حكرا على القطاع الخاص، بل إن نجاحها كان دافعا ومحفزا لإدخالها إلى القطاع العمومي، وبفضل ذلك لم يعد هناك حدود بين ما هو عام وخاص([43])، بحيث تسعف في تجاوز بعض الإشكاليات التي يطرحها التسيير الداخلي.
وبالإضافة إلى مراقبة التسيير، هناك آلية أخرى لا تقل أهمية عنها هي آلية التدقيق الداخلي، الذي تعتبر من الركائز الأساسية للتدبير العمومي ، تتأكد إيجابياتها من خلال تحكمها في الجوانب المالية والمحاسبية أو التنظيمية للهيئات العمومية كما يجب تفعيل الأجهزة الرقابية وتعزيز استقلاليتها لتتمكن من المحافظة على المال العام وتحقيق الحكامة المفقودة، إذ يتم تطبيق تلك المقتريات الحديثة لتفعيل المراقبة المالية بعدما نجحت بشكل كبير في القطاع الخاص.
خاتمة
يتضح ان الخلل الذي تعاني منه الرقابة المالية الذي يعيق تحقيق الحكامة المنشودة والحفاظ على المال العام، هو خلل ذاتي وموضوعي بحيث يتفاعل العنصران معا ،وبالتالي لا يمكن إرجاع الإكراهات والحدود التي تعيق تحقيق الحكامة الرشيدة إلى الأجهزة العليا للرقابة المالية ا والى الأنظمة والقوانين المنظمة لها، بل يتعداه ويتأثر بشكل أو بأخر بالبيئة والنظام الإداري الذي تتم فيه هده الرقابة، المثقل بمجموعة من العوامل الثقافية والسياسية ،فضلا عن اعتمادها على علاقات تسوده الزبونية والمحسوبية التي تعتبر معقدة تنظمها مجموعة من المفاهيم التقليدية.
إضافة إلى اقتصار الرقابة المالية على الجانب التقليدي المتمثل في مراقبة المشروعية والملائمة مهمشة مجموعة من العوامل الأخرى ذات الأهمية كالعنصر البشري والتنظيمي والاستراتيجي.
وبالتالي لابد من التفكير في تجاوز المقتريات التقليدية لتكييف التقنيات الحديثة في الرقابة المالية، خصوصا مراقبة التسيير، التدقيق، تقييم السياسات العمومية إلى جانب تفعيل مراقبة الأداء المعتمدة على النتائج بدل الوسائل من اجل الحفاظ على المال العام وتحقيق الحكامة الرشيدة المفقودة.
لائحة المراجع :
أولا:بالعربية
- إبراهيم جافي، الإنفاق العمومي بين التنفيذ والمراقبة وخصوصيات وزارة المالية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1998-1999.
- أبو العرب عبد النبي،» مفهوم وآليات الحكامة في الدستور الجديد « ، جريدة المساء، العدد 1764/ 25 ماي 2012.
- أحميدوش مدني ، المحاكم المالية بالمغرب، دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة، الطبعة الأولى، 2003.
- بنميرمهدي، الجماعات المحلية والممارسة المالية بالمغرب، سلسلة اللامركزية والجماعات المحلية، مطبعة الوراقة الوطنية، مراكش، 1994.
- حليمة الهادف، التدبير العمومي المحلي وإشكالية التحديث، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق اكدال، الرباط، السنة 2011-2012.
- سامح فوزي، « »الحكامة« ، مجلة أساس المفاهيم العلمية للمعرفة، العدد 10، 2005.
- سعيد الميري، التدبير الاقتصادي للجماعات المحلية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق الرباط، السويسي، السنة2006/2007 .
- عبد الحافظ أدمينو، البيروقراطية الإدارية بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق أكدال الرباط 2001/2002.
- عبد اللطيف بروحو، ميزانية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة عبد الملك السعدي، كلية العلوم القانونية والاجتماعية، طنجة، السنة 2008/2009.
- كريمة الكنوني، التدقيق والاستشارة بالوحدات الإدارية –الجماعات الترابية نموذجا- أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة عبد الملك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية، طنجة، السنة 2013/2014.
- محمد براو، الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية، مساهمة في التأصيل الفقهي للرقابة القضائية على المال العام، مطبعة طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى، غشت 2004.
- محمود حيمود، إشكالية تقييم التدبير المحلي مقاربة نقدية على ضوء التوجهات الرقابية الحديثة.
- محمد سالم الصبتي،”المفهوم الجديد للسلطة، الإطار العام والأبعاد”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، الطبعة الأولى، 2001.
- محمد سلكي، التدبير المالي العمومي ومتطلبات الحكامة المالية ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق الرباط، اكدال، السنة 2012/2013.
- محمد مجيدي، الجهة بالمغرب البنية ووسائل العمل، دبلوم لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق الرباط، السويسي ، السنة 1998/199.
- معاد السبيب، منظومة الرقابة المالية بالمغرب بين الإصلاح وتقوية الحكامة، بحث لنيل الماستر في القانون العام، جامعة عبد الملك السعدي، الكلية المتعددة التخصصات، تطوان، 2014/2015.
- نعيمة لموين، القابض الجماعي وإشكالية الرقابة على تنفيذ الميزانية الجماعية بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، عين الشق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2003-2004.
- يحي ربيعي، الشفافية المالية: المحاكم المالية نموذجا، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، وحدة التكوين والبحث: الإدارة والتنمية، كلية الحقوق جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2006-2007..
- محمد بلهموش، التدخلات الاقتصادية للجماعات المحلية تقييم تجربة المجلس الجماعي للقنيطرة، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، وحدة لتكوين والبحث: تدبير الشن العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي، الرباط، السنة الجامعية 2007-2008.
ثانيا :بالفرنسية
- Aline Ledoux, la comptabilité analytique des collectivités locales, mémoire management du secteur public , université Lyon ; France 1999 .
- Kapisa R.S et Norton, D.P « le tableau de Bord prospectif, pilotage stratégique : les quatre axes du succès » ; les éditions d’organisation, 1998.
- Michel LASCOMBE,« Xavier Vandendriesseche » , revue de trésor , n° 1, janvier 2006 .
- -Mohamed Brahim : « de l’efficacité des contrôles exercés sur les collectivités locales » REMALD, avril- juin 1998..
- Mohamed RACHIDI, La cour régionale des comptes outil de transparence de la vie locale, mémoire pour l’obtention de D.E.S.A en science économiques, faculté de droit Mohamed 1er, Oujda, année 2000-2001.
- Sara El IDRISSI Nadir, L’audit dans les collectives territoriales, cas de la commune urbaine de Ribat el Kheir, licence fondamentale en économie et gestion, faculté de science juridique, économiques et sociales, Université Sidi Mohamed ben Abdellah Maroc 2011.
- Serge Barichard ; une expérience concrète de mise en place d’un contrôle interne, contrôle interne et contrôle externe dans les collectivités territoriales, étude des juridictions financières, les éditions du journal officiel, paris ; 1997, p 55.
- XAVIER PONS, changer d’échelle ? « Les inspections générales de l’éducation nationale face à la déconcentration du système scolaire » ; revue française de l’administration publique ; N° 155 ; décembre 2015.
[1]– حليمة الهادف،التدبير العمومي المحلي وإشكالية التحديث، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق اكدال، الرباط، السنة 2011-2012، ص. 221.
[2]– أبو العرب عبد النبي، مفهوم وآليات الحكامة في الدستور الجديد، جريدة المساء، العدد 1764/ 25 ماي 2012.
[3]– شكري فهمي محمود، الرقابة المالية العليا مفهوم عام وتنظيمات أجهزتها في الدول العربية وعدد من الدول الأجنبية، دار لاوي للنشر والتوزيع، عمان الأردن السنة1983، ص.10 .
[4] -سعيد العزوزي،المفتشيات العامة في النظامين الإداريين المغربي والفرنسي،بحث لنيل الدكتوراه في القانون العام،جامعة محمد الأول ،كلية الحقوق ،وجدة،السنة 2018/2019،ص.10.
[5]– سامح فوزي، “الحكامة”، مجلة أساس المفاهيم العلمية للمعرفة، العدد 10، 2005، ص .4.
[6]– محمد المسكيني وطارق الفاطمي، ” تحو إستراتيجية فعالة للرقابة والتقييم في المنظومة التربوية”، المجلة المغربية للقانون الإداري والعلوم الإدارية، العدد1،السنة الاولى2016 ،ص .48.
-[7]محمد حركات ، الاقتصاد السياسي والحكامة الشاملة ،مطبعة المعارف الجديدة،الرباط،2010،ص.313.
[8]– المادة العاشرة من المرسوم رقم 1235.07.2 صادر في 05 ذي القعدة 1429 (04 نونبر 2008)، المتعلق بمراقبة نفقات الدولة، الجريدة الرسمية عدد 5682، الصادرة في 13 نوفمبر 2008.
[9]– XAVIER PONS ; changer d’échelle ? « les inspections générales de l’éducation nationale face a la déconcentration du système scolaire » ; revue française de l’administration publique ; N° 155 ; décembre 2015, p . 649.
[10]– معاد السبيب، منظومة الرقابة المالية بالمغرب بين الإصلاح وتقوية الحكامة، بحث لنيل الماستر في القانون العام، جامعة عبد الملك السعدي، الكلية المتعددة التخصصات، تطوان، 2014/2015، ص. 23.
[11]– المرسوم رقم 2.06.52 الصادر في محرم 1427 (الموافق 13 فبراير 2006) ،القاضي بإلحاق المراقبة العامة للالتزام بنفقات الدولة إلى الخزينة العامة للمملكة وبتحويل اختصاصات المراقب العام للالتزام بنفقات الدولة إلى الخازن العام للمملكة،الجريدة الرسمية عدد5397 بتاريخ20 فبراير 2006.
[12]– بنمير مهدي، الجماعات المحلية والممارسة المالية بالمغرب، سلسلة اللامركزية والجماعات المحلية، مطبعة الوراقة الوطنية، مراكش، 1994، ص. 179.
[13]– محمد سالم الصبتي، “المفهوم الجديد للسلطة، الإطار العام والأبعاد”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، الطبعة الأولى، 2001، ص. 25.
[14]– محمد براو ،الوجيز في شرح قانون المحاكم المالية، مساهمة في التأصيل الفقهي للرقابة القضائية على المال العام، مطبعة طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى، غشت 2004، ص. 95.
[15]– المادتين 127 و128 من مدونة المحاكم المالية.
[16]– Michel LASCOMBE ; « Xavier Vandendriesseche », revue de trésor ; n° 1, janvier 2006 ; p 37.
[17]– Mohamed RACHIDI ; « La cour régionale des comptes outil de transparence de la vie locale », mémoire pour l’obtention de D.E.S.A en science économiques, faculté de droit Mohamed 1er, Oujda, année 2000-2001 ; p .46.
[18]– إبراهيم جافي ،الإنفاق العمومي بين التنفيذ والمراقبة وخصوصيات وزارة المالية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1998-1999، ص 105..
[19]– المواد من 45 إلى 56 من مدونة المحاكم المالية.
[20]– يحي ربيعي ،الشفافية المالية ،المحاكم المالية نموذجا، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، وحدة التكوين والبحث الإدارة والتنمية، كلية الحقوق، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2006-2007،ص. 68.
[21]– أحمد الأكحل ،’المفتشية العامة لوزارة العدل والحريات، من الرقابة الزجرية إلى الرقابة التقييمية”، منشور بالمجلة المغربية للإدارة والعلوم الإدارية، العدد الأول، سنة 2016، ص 71.
[22]– كريمة الكنوني ،التدقيق والاستشارة بالوحدات الإدارية –الجماعات الترابية نموذجا- أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة عبد الملك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية، طنجة، السنة 2013/2014، ص. 111.
[23]– عبد اللطيف بروحو، ميزانية الجماعات المحلية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة عبد الملك السعدي، كلية العلوم القانونية والاجتماعية، طنجة، السنة 2008/2009، ص .33.
[24]– محمد سكلي، التدبير المالي العمومي ومتطلبات الحكامة المالية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق الرباط، اكدال،السنة 2012/2013 ، ص. 365.
[25]– أحميدوش مدني. المحاكم المالية بالمغرب، دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة، الطبعة الأولى، 2003، ص. 363.
[26]– نفس المرجع، ص .364.
[27]– عبد الحافظ أدمينو،البيروقراطية الإدارية بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، أكدال الرباط، 2001/2002. ،ص.220
[28]– سعيد الميري، التدبير الاقتصادي للجماعات المحلية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق الرباط، السويسي، السنة2006/2007 ، ص. 555.
[29]– Serge Barichard , une expérience concrète de mise en place d’un contrôle interne : « contrôle interne et contrôle externe dans les collectivités territoriales » étude des juridictions financières, les éditions du journal officiel, paris ; 1997, p. 55.
[30]– محمد مجيدي، الجهة بالمغرب البنية ووسائل العمل، دبلوم لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس،كلية الحقوق الرباط، السوسي، ص .180.
Mohamed Brahim : « de l’efficacité des contrôles exercés sur les collectivités locales » REMALD, avril- juin 1998, p 41.
[31]– Sara El IDRISSI Nadir : « L’audit dans les collectives territoriales, cas de la commune urbaine de Ribat el Kheir » licence fondamentale en économie et gestion, faculté de science juridique, économiques et sociales, Université Sidi Mohamed ben Abdellah Maroc 2011 , p. 8.
[32]– سعيد الميري، مرجع سابق، ص 541.
[33]– محمود حيمود، إشكالية تقييم التدبير المحلي مقاربة نقدية على ضوء التوجهات الرقابية الحديثة”، ص .229.
[34]– نفس المرجع، ص. 232.
[35]– سعيد الميري، مرجع سابق، ص. 542.
[36]– Aline Ledoux , la comptabilité analytique des collectivités locales ,mémoire management du secteur public , université Lyon ; France 1999 , p .37.
[37]– Voir Kapisa R.S et Norton ; D.P « le tableau de Bord prospectif, pilotage stratégique : les quatre axes du succès » ; les éditions d’organisation, 1998, p. 105.
[38]– محمد بلهموش، التدخلات الاقتصادية للجماعات المحلية تقييم تجربة المجلس الجماعي للقنيطرة، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، وحدة لتكوين والبحث: تدبير الشن العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي، الرباط، السنة الجامعية 2007-2008، ص. 132.
[39]– سعيدالمبري، مرجع سابق، ص 543.
[40]– نعيمة لمويني، القابض الجماعي وإشكالية الرقابة على تنفيذ الميزانية الجماعية بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، عين الشق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2003-2004، ص. 345.
[41]– محمد بلهموش، مرجع سابق، ص 132.
[42]– نفس المرجع، ص. 134.