
النخب الوزارية بالمغرب: 2011–2018 دراسة في ثوابت الخصائص وتحولاتها
Ministerial Elites in Morocco: 2011-2018
A study in properties constants and their transformations
عبد اللطيف الربوزي، طالب بسلك الدكتوراه، جامعة محمد الأول – وجدة المغرب
Abdellatif Rabouzi, PhD student, University Mohammed I Oujda, Morocco
مقال نشر في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 42 الصفحة 101.
ملخصتهدف هذه الدراسة إلى تحليل بنية النخبة الوزارية بالمغرب خلال المرحلة الممتدة ما بين 2011- 2018، حيث أن التحولات السياسية والدستورية التي عرفها المغرب مع بداية 2011، وإن أدت إلى مشاركة حزب من المعارضة الإسلامية في التشكيلات الحكومية، فإنها لم تؤثر بنيويا على خصائص النخبة الوزارية التي غلبت عليها خاصية الاستمرارية سواء تعلق الأمر بالخصائص الاجتماعية أو السياسية.
كلمات مفتاحية: النخبة، الوزارية، الخصائص، السياسية، الاجتماعية، الثوابت، المتغيرات.Abstract
This study aims to analyze the structure of the ministerial elite in Morocco during the period extending between 2011- 2018, as the political and constitutional transformations that Morocco experienced at the beginning of 2011, and even if they led to the participation of a party from the Islamic opposition in government formations, they did not affect structurally on the characteristics of the ministerial elite that it was dominated by the characteristic of continuity, Whether it was related to social or political characteristics.
Key words: the elite, ministerial, characteristics, political, social, constants, variables.
مقدمةإذا كانت الحياة السياسية المغربية بكل ما حملته من تطورات منذ الاستقلال وحتى 2011 لم تؤثر جوهريا في ملامح النخبة الوزارية، فإن الحقل السياسي سيعرف بعد ذلك حراكا سياسيا واجتماعيا كان إفرازا لأحداث إقليمية تمثلت فيما سمي بالحراك العربي، وقد تعامل النظام السياسي المغربي مع هذا الحراك بوضع دستور 2011، وتنظيم انتخابات تشريعية فتحت الباب أمام صعود حزب من المعارضة الإسلامية(العدالة والتنمية) إلى السلطة، وهو ما قد يندر عن بوادر تحول في بعض الخصائص الاجتماعية والسياسية لوزراء[1]هذه المرحلة. فما مدى تأثير متغيرات النسق السياسي المغربي إذن على ثوابت هذه الخصائص وتغيراتها.
نحاول في هذا الموضوع دراسة بنية النخبة الوزارية من خلال الوقوف على تحولات الخصائص الاجتماعية(المبحث الأول)، ثم تحولات الخصائص السياسية(المبحث الثاني).
أهمية الدراسة:
إن موضوع النخبة الوزارية يكتسي أهمية كبيرة نظرا للاعتبارات الآتية:
– إن التطورات السياسية والدستورية التي عرفها الحقل السياسي المغربي مع بداية 2011 تتطلب مقاربات للكشف عن مدى تأثير هذه التحولات على ملامح وخصائص النخبة الوزارية.
– إن النظام السياسي المغربي قد عرف خلال الفترة الممتدة ما بين 2011 و 2018 دخول العديد من الوزراء الجدد العمل الحكومي مما سيضفي على إبراز ملامحهم السياسية والاجتماعية مزيدا من الأهمية على موضوع الدراسة.
– المساهمة الأولية في تحديد بوادر التحول وبعض الملامح المستقبلية للوزراء المغاربة لاسيما بعد التغيرات التي شهدها الحقل السياسي المغربي بداية 2011.
إشكالية الدراسة
إن موضوع النخبة الوزارية بالمغرب الذي تناولته هذه الدراسة سيتمحور حول إشكالية ثوابت وتغيرات الخصائص السياسية والاجتماعية للوزراء المغاربة خلال المرحلة الممتدة مابين 2011 و2018.
منهجية الدراسة
استعنت بدراستي هذه بالمنهج المؤسسي القانوني، وساعدنا أيضا المنهج البنيوي الوظيفي. ثم المنهج المقارن للكشف عن عناصر التماثل والاختلاف في خصائص النخبة الوزارية.
حدود الدراسة
يقتصر البحث على دراسة ثوابت الخصائص السياسية والاجتماعية للنخبة الوزارية المغربية خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2018، وذلك وفق التقسيم التالي:
المبحث الأول: تحولات الخصائص الاجتماعية للنخبة الوزارية
المطلب الأول: تطور الملامح العمرية والجغرافية للوزراء
المطلب الثاني: مقاربة النخبة الوزارية من حيث مستوى التكوين
المبحث الثاني: تحولات الخصائص السياسية للنخبة الوزارية.
المطلب الأول: تطور الانتماء الحزبي للحكومات
المطلب الثاني: تجديد النخب الوزارية ودورانها
المبحث الأول: تحولات الخصائص الاجتماعية للنخبة الوزارية
لرصد التحولات الاجتماعية التي عرفتها النخبة الوزارية من بداية 2011إلى2018 سوف نتطرق للعنصرين التاليين:
المطلب الأول: تطور الملامح العمرية والجغرافية للوزراء
المطلب الثاني: مقاربة النخبة الوزارية من حيث مستوى التكوين
المطلب الأول: تطور الملامح العمرية والجغرافية للوزراء
سنقف على دراسة مدى التطور في بعض الملامح الاجتماعية للوزراء وذلك للكشف عن الأجيال التي تنتمي إليها، وكذلك أصولها الجغرافية.
الفرع الأول: متغير سن الوزراء
تعتبر مسألة السن من أهم المعايير التي تجب مراعاتها لاختيار النخبة السياسية، إذ عادة أن سن القادة لها انعكاسات مباشرة على حيويتهم وتصوراتهم وعلى طريقتهم في العمل وعلى مدى تفاعلهم مع الطموحات الشعبية والاستجابة لها[2].
ولئن كانت بعض دساتير البلدان العربية قد حددت سنا معينة لدخول الوزارة، كجمهورية مصر التي اشترط دستورها في المرشح لعضوية الحكومة بأن لا يقل عمره عن ثلاثين سنة[3]، فإن الدستور المغربي-على غرار نظيره التونسي-جاء خاليا من التنصيص على ذلك، فالعضوية في الحكومة غير مقيدة بسن معينة.
ولعل من شأن دراسة تاريخ ميلاد النخبة الوزارية، أن يلقي الضوء على بعض مظاهر الثبات والاستمرارية في متغير سن الوزراء، وذلك للكشف عن مدى تشبيب النخب أو شيخوختها.
يوضح الجدول التالي متغير سن الوزراء لمرحلة 2011-2018
النسبة المئوية | عدد الوزراء | السن |
4.58 | 05 | ثلاثيني |
21.10 | 23 | أربعيني |
47.70 | 52 | خمسيني |
20.18 | 22 | ستيني |
8.25 | 09 | سبعيني |
0.91 | 01 | غير متوفر |
المصدر: إعداد الباحث اعتمادا على:
– المواقع الرسمية لبعض الوزارات.
– المعلومات التي تنشرها الجرائد مع كل تشكيل أو تعديل للحكومة.
يتبين من الجدول أعلاه أن الشريحة العمرية التي مثلت بأكبر نسبة، هي التي يتراوح عمرها ما بين 50و59سنة، وذلك بنسبة% 47.70 أي ما مجموعه 52 وزيرا، موزعين بين 19 وزيرا في حكومة بنكيران الأولى و16 في التعديل الحكومي ل10 أكتوبر 2013، أما حكومة سعد الدين العثماني المشكلة في 5 أبريل 2017 فقد مثلت ب17 وزيرا.
ويبقى عدد الوزراء الذين ينتمون إلى الشريحة التي يتراوح عمرها ما بين 40و49 سنة متواضعا، إذ لا يتجاوز 23 وزيرا، وذلك بنسبة%21.10. أما عدد الوزراء الذين ينتمون إلى الفئة العمرية ما بين 30 و 39 سنة فلم يتجاوز خمس وزراء بنسبة % 4.58، منهم وزيرا واحدا في حكومة بنكيران الأولى وهو مصطفى الخلفي المزداد بتاريخ 1973، ووزيرين في التعديل الحكومي لسنة 2013 ويتعلق الأمر بمباركة بوعيدة المزدادة بتاريخ 1975، ومأمون بوهدود المولود بتاريخ 1983، فيما مثلت هذه الفئة في الحكومة الحالية بوزيرين وهما: عثمان الفردوس المزداد سنة 1979، ورقية الدرهم المزدادة بتاريخ 1978.
أما الشريحة العمرية التي تتراوح بين 70و79، فنجدها ممثلة في جميع حكومات هذه المراحل بتسعة وزراء[4]. وتبعا لذلك، فإنه يبقى معدل سن وزراء هذه المرحلة الذي يصل ما بين 44و55 مرتفعا، إذا ما قارناه بالحكومات السابقة. وارتفاع سن الوزراء ليست ظاهرة خاصة بالمغرب وحده بل حتى حكومات مصر لما بعد 2011 تسير في نفس المنحى حيث وصل هذا المعدل في حكومة هشام قنديل مثلا إلى 56 سنة[5].بينما نجد أفضل معدل هو الذي سجلته حكومة يوسف الشاهد التونسية حيث بلغ 49 سنة، ويبدو أن لسن رئيس الحكومة ذي 41سنة انعكاس على تركيبة حكومته التي أغلب أعضائها من الشباب[6].
ولعل السبب في ارتفاع سن النخبة الوزارية لهذه المرحلة قد يعود إلى أن بعض الوزراء يعينون وهم في سن متقدمة[7]، بالإضافة إلى استمرار البعض الآخر في المنصب رغم تغيير الحكومة أو تعديلها، فمن مجموع الوزراء هذه المرحلة والبالغ عددهم 67 وزيرا نجد أن 12 وزيرا تم تعيينهم في المنصب لثلاث مرات، و 17 تم تعيينهم لمرتين بينما لم يتجاوز عدد من تولى المنصب لمرة واحدة 39 وزيرا، فالنخبة الوزارية تتجه نحو الشيخوخة وتزيد في العمر بانتقالنا من حكومة إلى أخرى، مما يجعلها لا تعكس الهرم الديمغرافي المغربي الذي يمثل فيه الشباب مابين 18و40، ما يقارب %60 من مجموع عدد السكان.
الفرع الثاني: تطور الانتماء الجغرافي للوزراء
لا يقل العامل الجغرافي، كأحد معايير اختيار النخبة الوزارية، أهمية عن باقي العناصر الأخرى، إذ يمكن من الوقوف على مدى تمثيل الوزراء لجميع المدن والمناطق،ومدى وجود توازن أو اختلال في هذا التمثيل[8]،خصوصا وأن هناك تباين بين المناطق المغربية غدتها تلك الثنائية التنازعية داخل المجال الترابي التي يعبر عنها “السهل- الجبل” والتي انعكست سياسيا من خلال “المخزن- السيبة” وحاليا من خلال “المغرب النافع-المغرب غير النافع[9]“.
إن دراسة متغير الانتماء الجغرافي لوزراء هذه المرحلة من شأنه أن يكشف عن حجم تمثيلية بعض المناطق ووزنها في التشكيلات الحكومية، وما إذا كان هناك توازن في هذه التمثيلية بين مجموع هذه المناطق.
ولعل الجدول التالي يوضح تطور التمثيل الجغرافي لحكومات 2012 -2018
النسبة % | المجموع | حكومة 05 أبريل 2017 | التعديل الحكومي 10 أكتوبر 2013 | حكومة 03 يناير2012 | |||
9.17 | 10 | 02 | 05 | 02 | مراكش | ||
8.25 | 08 | 03 | 02 | 03 | الرباط | ||
6.42 | 06 | 03 | 02 | 01 | تافراوت | ||
5.50 | 06 | 03 | 01 | 02 | الدار البيضاء | ||
5.50 | 05 | 01 | 02 | 02 | فاس | ||
4.58 | 05 | 01 | 02 | 02 | إفران | ||
3.66 | 04 | 01 | 01 | 02 | طنجة | ||
3.66 | 04 | 02 | 01 | 01 | القنيطرة | ||
3.66 | 04 | 03 | 01 | – | تطوان | ||
3.66 | 04 | 02 | 01 | 01 | الدريوش | ||
3.66 | 04 | – | 02 | 02 | أبي الجعد | ||
2.75 | 03 | 01 | 01 | 01 | بوعرفة | ||
2.75 | 03 | 01 | 01 | 01 | سيدي قاسم | ||
2.75 | 03 | 01 | 01 | 01 | القصر الكبير | ||
2.75 | 03 | 01 | 01 | 01 | الجديدة | ||
2.75 | 03 | – | 02 | 01 | لفقيه بنصالح | ||
2.75 | 03 | 01 | 01 | 01 | بني ملال | ||
1.83 | 02 | 01 | 01 | – | كلميم | ||
1.83 | 02 | 01 | 01 | – | بن سليمان | ||
1.83 | 02 | – | 01 | 01 | سلا | ||
1.83 | 02 | – | 01 | 01 | إيموزار | ||
1.83 | 02 | – | 01 | 01 | بركان | ||
0.91 | 01 | – | – | – | العيون | ||
0.91 | 01 | 01 | – | – | الناظور | ||
0.91 | 01 | 01 | – | – | وزان | ||
0.91 | 01 | 01 | – | – | العيون | ||
0.91 | 01 | 01 | – | – | قلعة السراغنة | ||
0.91 | 01 | – | 01 | – | أكادير | ||
0.91 | 01 | – | 01 | – | تازة | ||
0.91 | 01 | – | 01 | – | مكناس | ||
0.91 | 01 | – | – | 01 | صفرو | ||
0.91 | 01 | – | – | 01 | أولاد تايمة | ||
0.91 | 01 | – | – | 01 | إنزكان | ||
0.91 | 02 | 01 | 01 | – | تاونات | ||
0.91 | 01 | 01 | – | – | سطات | ||
0.91 | 01 | 01 | – | – | بن أحمد | ||
0.91 | 01 | 01 | – | – | غيرمتوفر |
المصدر: إعداد شخصي بناء على
– البيانات المتوفرة على المواقع الرسمية لبعض الوزارات
– المعلومات التي تنشرها بعض الصحف عن النبذات الشخصية للوزراء مع كل تشكيل أو تعديل حكومي.
يتبين من الجدول أعلاه أن حجم تمثيلية المدن والمناطق يختلف من حكومة إلى أخرى، فمن مجموع وزراء الحكومة الأولى نجد أن 03 منهم ينتمون إلى مدينة الرباط، فيما يتوزع 12 وزيرا بالتساوي على 06 مدن وهي:مراكش- الدارالبيضاء-إفران – فاس- طنجة-أبي الجعد، أما بقية المدن فكانت ممثلة بوزير عن كل مدينة.
ولئن كان يبدو تفوق العاصمة الرباط في الحكومة الأولى، فإنه مع تعديل الحكومة اختل ميزان القوة لصالح مدينة مراكش ب 5 وزراء[10]،بينما مثلت 7 مدن بوزيرين عن كل مدينة، فيما لم تتعدى تمثيلية باقي المدن وزير لكل مدينة (انظر الجدول أعلاه).
ومع الحكومة الحالية عادت مدينة الرباط لتتقاسم المرتبة الأولى مع مدن فاس، الرباط، الدار البيضاء بثلاثة وزراء عن كل مدينة، فيما وصلت تمثيلية أربع مدن إلى وزيرين لكل منهما(انظر الجدول)،بينما توزع 17 وزيرا على بقية المدن بمعدل وزير لكل مدينة.
فعرض الخلفية الجغرافية يبرز استمرار توسيع خريطة تمثيل المدن في التشكيلات الحكومية، وهو التوسع الذي بدأ في حقيقة الأمر مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي، فأغلب المناطق والمدن قد مثلت في حكومات هذه المرحلة: من الشمال[11]،والجنوب[12]، والشرق[13]،وكذلك الوسط[14]،كما دخل إلى الحكومة وزراء ينتمون إلى مناطق نائية وقروية[15].
ومن جهة، ولئن انخفضت تمثيلية مدن: الرباط-فاس- مراكش- الدار البيضاء مقارنة مع حكومات المراحل السابقة، فإنها مع ذلك مازالت في صدارة المدن التي تزود الحكومة بالوزراء وذلك بنسبة %28.42. ومقابل هذا التراجع فقد سجلت بعض المدن تطورا ملحوظا في حجم تمثيليتها بالحكومة مثل مدن تافراوت، إفران، تطوان، القنيطرة(انظر الجدول أعلاه).
كذلك، فإن اتساع خريطة المدن في التركيبات الحكومية لا زال لا يعكس التوازن المطلوب بين مختلف الأقاليم المغربية، فتمثيلية المناطق النائية ضعيفة ومحدودة، على خلاف مناطق أخرى مازالت تحظى بتمثيلية مهمة، فمن مجموع المدن الممثلة في الحكومة نجد أن أربعة مدن كبرى[16]تصل مشاركتها إلى % 28.42 بينما لا تتعدى مشاركة 19 مدينة[17] نسبة %22.81 مما يكرس ثبات أحد المعالم القديمة للخلفية الجغرافية لوزراء هذه المرحلة.
المطلب الثاني: مستوى تكوين الوزراء
تعتبر المؤهلات الدراسية من العناصر الأساسية لتحديد طبيعة النخب السياسية، ومدى مواكبتها لمختلف التحولات الاجتماعية[18]،كما أن مستوى التعليم ومجال تخصص النخب في العالم الثالث بصفة خاصة يكون مؤشرا له دلالته فيما يتعلق بأولويات التنمية لنظام الحكم، وكذا اتجاهاته السياسية[19].
وبينما يلاحظ من جهة أخرى، أن المستوى العلمي أصبح من أهم معايير الاستوزار، إذ باتت الأغلبية الساحقة من أعضاء الحكومة من ذوي المستوى العالي، فمن بين وزراء هذه المرحلة نجد أن % 37.61 حاصلين على الدكتوراه(41 وزيرا)،و%29.35 حاصلين على شهادة الماستر(32وزيرا)،و%20.18من حاملي دبلوم مهندس(22)، بينما لم يتجاوز عدد الحاصلين على الإجازة %7.33(08 وزراء)، في حين انحصرت نسبة الحاصلين على ديبلومات تقنية عالية في%4.58(خمسة وزراء).
ولتبيان أهم مظاهر الاستمرارية والثبات على المتغير الدراسي لوزراء هذه المرحلة، نرى أن نعرض للعنصريين التاليين:
الفرع الأول: نوعية دراسات الوزراء
الفرع الثاني: مكان دراسة الوزراء
الفرع الأول: نوعية دراسات الوزراء
يبين الجدول التالي توزيع الوزراء وفقا للتخصص الدراسي
النسبة | العدد | التخصص |
25.68 | 28 | الهندسة |
22.93 | 25 | الاقتصاد |
19.26 | 21 | الحقوق |
11.92 | 13 | الآداب |
7.33 | 08 | الطب والصيدلة |
6.42 | 07 | العلوم |
2.75 | 03 | دار الحديث الحسنية |
0.91 | 01 | الصحافة |
1.83 | 02 | تخصصات أخرى |
0.91 | 01 | دون معلومات |
المصدر: إعداد شخصي بناء على:
– البيانات المتوفرة على المواقع الرسمية لبعض الوزارات
– المعلومات التي تنشرها بعض الصحف عن النبذات الشخصية للوزراء عقب كل تشكيل أو تعديل حكومي.
يعرض الجدول أعلاه لنوعية دراسات النخب الوزارية لمرحلة 2011-2018،حيث أصبحت الهندسة تحتل المرتبة الأولى في تخصصات الوزراء ب%25.68، بعدما كانت تأتي في المرتبة الثانية في معظم الحكومات السابقة[20]، وقد يعزى هذا الارتفاع إلى الصعوبات التي تواجهها الدولة في مختلف القطاعات مما جعل حاجتها ماسة إلى أطر تقنية أكفاء لمواجهة احتياجات ومشاكل التنمية.
بينما احتل تخصص الاقتصاد المرتبة الثانية ضمن مجموع تخصصات وزراء هذه المرحلة ب%22.93، وهو التخصص الذي حافظ على استقراره ضمن المراتب الأولى في جميع الحكومات السابقة. ولعل أهمية القطاع الاقتصادي ومحاولة احتواء المشاكل التي تعاني منها الدولة في هذا المجال، قد تكون وراء الاستمرار في التعيين الوزاري ضمن هذه الفئة.
وبالنسبة لتخصص الحقوق، فقد تراجع إلى المركز الثالث بنسبة%19.26، وهو ما يشكل تحولا نسبيا في بعض ملامح الخلفية التعليمية لوزراء هذه المرحلة، بعدما ظل يستأثر بالصدارة طيلة الفترات السابقة. ولعل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر منها المغرب جعل الانفتاح أكثر على النخبة الوزارية أصحاب التخصصات التقنية وفي الاقتصاد.
أما الدراسات في الآداب والتي بلغت %11.92 من مجموع تخصصات النخبة الوزارية، فقد سجلت تطورا نسبيا مقارنة مع بعض الحكومات السابقة، ويأتي وزراء العدالة والتنمية على رأس المجموعة الوزارية في هذا التخصص ب%53.84، وذلك بما يعادل 7 وزراء من مجموع 13 وزيرا.
كما يسجل أيضا، استمرار ضعف الاستوزار في صفوف النخبة الوزارية أصحاب الدراسات في الطب والصيدلة، وهو نفس الأمر بالنسبة للتخصصات العلمية والصحافة.
وبصفة عامة، فإن عرض نوعية الدراسات يظهر ثبات السمات القديمة للخلفية التعليمية لوزراء هذه المرحلة، إذ لازال تعيين الوزراء من صفوف النخبة الحاصلة على مؤهلات في الحقوق، الاقتصاد والهندسة يحتل المراتب الأولى ب%67.87، مقابل استمرار ضعف الانفتاح على باقي النخب من ذوي التخصصات الأخرى.
الفرع الثاني: مكان دراسة الوزراء
يعرض الجدول التالي لمكان دراسة وزراء هذه المرحلة
النسبة | العدد | مكان الدراسة |
50.45 | 55 | المغرب |
35.77 | 30 | فرنسا |
6.42 | 07 | كندا |
2.75 | 03 | أمريكا |
2.75 | 03 | لندن |
0.91 | 01 | غير متوفر |
المصدر: إعداد الباحث اعتمادا على:
– البيانات المتوفرة على المواقع الرسمية لبعض الوزارات
– المعلومات التي تنشرها بعض الصحف عن النبذات الشخصية للوزراء عقب كل تشكيل أو تعديل حكومي.
يتضح من الجدول أعلاه أن 55 وزيرا أي ما يعادل%50.45 من الحاصلين على شهادات علمية قد درسوا بالمغرب، وأن %47.69 ممن حصلوا على شواهدهم قد درسوا بالخارج، فأكثر من نصف الوزراء تخرجوا من الجامعات والمعاهد الوطنية وهو ما يعتبر مؤشرا له دلالته على حدوث تحول في متغير مكان دراسة النخب الوزارية لهذه المرحلة.
وتأتي فرنسا في المرتبة الثانية ب%35.77، بعدما ظلت طيلة المراحل السابقة المكان المفضل لاستكمال الوزراء لدراستهم العليا.
ولعل هذا التحول في الخلفية التعليمية لوزراء هذه المرحلة، قد يجد تفسيره في الارتفاع الملحوظ لتمثيلية الطبقات المتوسطة والضعيفة في الحكومة، وهي الفئات التي قد لا تسمح لها الظروف بمتابعة دراستها خارج أرض الوطن[21]، وإلى التطور الذي شهده قطاع التعليم العالي في السنوات الأخيرة، حيث أصبح المغرب يتوفر على معاهد ومدارس عليا وفي مختلف الشعب مما جعل النخب الوزارية تقصدها للحصول على درجاتها العلمية.
المبحث الثاني: تحولات الخصائص السياسية للنخبة الوزارية
سنقتصر في دراسة الخصائص السياسية لوزراء هذه المرحلة على ما يلي:
المطلب الأول: تطور الانتماء الحزبي للحكومات
المطلب الثاني: مدى تجديد النخب الوزارية ودورانها
المطلب الأول: تطور الانتماء الحزبي للحكومات:
يعتبر الانتماء الحزبي أحد معايير الانتماء السياسي[22]،كما يعتبر منفذا أساسيا للوصول إلى المنصب الوزاري في البلدان الديمقراطية، أما في المغرب فقد اعتبر تعيين السياسي داخل النخبة الوزارية مثار جدل دائم[23].
ولئن كان المغرب قد أكد على التعددية الحزبية منذ أول تجربة دستورية لسنة1962[24]، فإن واقع التمثيل الحزبي في الحكومات ظل تتحكم فيه عدة محددات، لعل أهمها طبيعة العلاقة بين الفاعلين السياسيين، وهو ما انعكس على دور الأحزاب السياسية في تشكيل الحكومات، حيث يضيق ويتسع تبعا لظروف المرحلة ومعطياتها.
وقد شكلت حكومة عبد الرحمان اليوسفي(1998-2002)[25]على مستوى الانتماء السياسي، قطيعة مع بعض الحكومات التكنوقراطية المحضة، حيث أعادا لانتماء السياسي مكانته التي فقدها في التجارب السابقة. فمنذ ذلك الحين ارتفعت نسبة المنتمين سياسيا في التشكيلات الحكومية، وبدورها ستسهم التحولات التي سيعرفها الحقل السياسي المغربي مع بداية 2011 في تكريس هذا المنحى، حيث أصبح الانتماء الحزبي أحد القنوات المهمة للتعيين في المنصب الوزاري. ومن أجل الإحاطة ببعض ملامح التحول والاستمرارية على هذا المتغير نرى التطرق إلى تطور التمثيل الحزبي داخل التشكيلات الحكومية، ثم إلى نسبة التغيير داخل الأحزاب المشكلة للحكومات.
الفرع الأول: تطور التمثيل الحزبي داخل التشكيلات الحكومية
جدول تطور التمثيل الحزبي داخل التشكيلات الحكومية 2012 -2018
المستقلين | النسبة | المجموع | الاتحاد الدستوري | الاستقلال | الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية | التقدم والاشتراكية | الحركة الشعبية | التجمع الوطني للأحرار | العدالة والتنمية | الحزب |
05 | 83.87 | 26 | – | 06 | – | 04 | 04 | – | 12 | حكومة 03 يناير 2012 |
08 | 79.48 | 31 | – | – | – | 05 | 06 | 08 | 12 | التعديل الحكومي 10 أكتوبر 2013 |
07 | 82.05 | 32 | 02 | – | 03 | 03 | 05 | 07 | 12 | حكومة 5 أبريل 2017 |
20 | %100 | 89 | 02 | 06 | 03 | 12 | 15 | 15 | 36 |
المصدر: إعداد شخصي بناء على البيانات التي تنشرها بعض الصحف عقب كل تشكيل أو تعديل حكومي.
يلاحظ من الجدول أعلاه أن الانتماء الحزبي قد حافظ على أهميته في حكومات هذه المرحلة، حيث بلغ عدد المنتمين سياسيا 89 وزيرا بنسبة %81.65، فيما وصل عدد غير المنتمين 20وزيرا بما يعادل%18.34، ويأتي حزب العدالة والتنمية في صدارة الأحزاب من حيث عدد الوزراء المنتمين سياسيا بنسبة % 40.44، وهو الحزب الذي تمكن من قيادة الائتلاف الحكومي لولايتين متتابعتين، باعتباره الحائز على الشرعية الانتخابية.
وقد احتل حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية المرتبة الثانية ب 15 وزيرا لكل منهما، فيما اعتبرت مشاركة كل من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري محدودة ولا تتجاوز في مجملها 5 وزراء.
أما حزب الاستقلال الذي حصل على الرتبة الثالثة في الانتخابات التشريعية للسابع أكتوبر من العام الماضي، فقد بلغ عدد وزرائه 6 في مشاركة وحيدة له في أول حكومات هذه المرحلة قبل أن ينسحب منها في 2013، وكان بإمكانه أن يزيد في نسبة تمثيليته لو لم يتم إبعاده عن المشاركة في الحكومة الحالية.
إجمالا يمكن القول، أن الملامح القديمة لحكومات 1998-2010 ظلت ثابتة، حيث إعادة تفعيل الانتماء السياسي كقناة مهمة للتعيين في المنصب الوزاري، وهو الأمر الذي يبدو طبيعيا بعدما أصبح تشكيل الحكومات مرتبطا إلزاميا بصناديق الاقتراع[26]،حيث تشارك الأحزاب السياسية المشكلة للأغلبية البرلمانية في تشكيل الحكومة، مما يساهم في تفعيل الحياة السياسية من خلال خلق ديناميكية وصراع داخل الأحزاب السياسية ومنح فرص للأطر والكفاءات السياسية لتبوء المنصب الوزاري[27].
غير أنه ومهما يكن حجم الانفتاح على النخب السياسية في تشكيل الحكومة، فإن ذلك لا يعكس أي تغيير في الاتجاه الذي يروم إلى دوران فعلي لهذه النخب، وهذا ما ينكشف بوضوح من خلال عدد وزراء هذه المرحلة الذي لا يتجاوز 67 وزيرا، إذ معظمهم حافظ على منصبه الوزاري بالرغم من تعديل الحكومات وتغييرها. ومن جانب آخر، فإن استمرار ثنائية “حزبي-مستقل” داخل مؤسسة الحكومة، بالإضافة إلى ممارسات أخرى من قبيل الاستوزار تحت المظلة[28]، وتكريس سلطة العائلة في إسناد المنصب[29]، كل ذلك يضفي المزيد من التحكم على المشهد السياسي، مما ينقض أي تحول حقيقي ويجعل من التغيير السياسي أحد الآليات لإعادة إنتاج السلطوية وضمان استمرار النظام السياسي .
الفرع الثاني: نسبة التغيير داخل الأحزاب المشكلة للحكومات
يتعرض الجدول التالي لنسبة التغيير داخل الأحزاب السياسية المشكلة لحكومات هذه المرحلة
نسبة التغيير | الأعضاء الجدد | الأعضاء القدامى | مجموع وزراء الحزب | الحزب |
13.88 | 05 | 31 | 36 | العدالة والتنمية |
60 | 09 | 06 | 15 | التجمع الوطني للأحرار |
57.14 | 08 | 06 | 14 | الحركة الشعبية |
16.66 | 02 | 10 | 12 | التقدم والاشتراكية |
100 | 06 | 00 | 06 | الاستقلال |
100 | 03 | 00 | 03 | الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية |
100 | 02 | 00 | 02 | الاتحاد الدستوري |
المصدر: إعداد شخصي بناء على البيانات التي تنشرها بعض الصحف مع كل تشكيل أو تعديل حكومي
فيما يخص تغيير الوزراء المنتمين إلى الأحزاب السياسية المشكلة لحكومات هذه المرحلة، فإنه يتبين أن أعلى نسبة هي التي سجلتها أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري والاستقلال ب% 100، على اعتبار المشاركة الأولى لهما في حكومات هذه المرحلة حيث أسندت الحقائب الوزارية التي كانت من نصيبهما إلى وزراء جدد.
أما حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، فقد بلغت نسبة تجديد وزرائهما %60 و%57.14 على التوالي، وهي نسب تكشف الأزمة الحقيقية التي تعيشها الأحزاب السياسية على مستوى تجديد نخبها وانفتاحها على المجتمع، مما يجعل من استمرار هذه الظاهرة عائقا أمام أي إصلاح يروم القطع مع ممارسات الماضي، ويعطي الفرص للتداول على المسؤوليات بين الأجيال.
وتبقى نسبة التجديد في حزب التقدم والاشتراكية ضعيفة على الرغم من مشاركته ثلاثة مرات في حكومات هذه المرحلة، فمن بين 12 منصبا أسند فقط منصبين لوزيرين جدد وهما عبد الواحد سهيل وعبد السلام الصديقي[30]، أما حزب العدالة والتنمية فجاء في المرتبة الأخيرة، حيث نجد من بين 37 حقيبة وزارية أسندت له، أربعة وزراء جدد فقط، وزير واحد في الحكومة الحالية وهو محمد أمكراز، ووزيرين في الحكومة المشكلة في أبريل 2017 وهما: محمد يتيم، خالد الصمدي، وتغيير وحيد في التعديل الحكومي ل10 أكتوبر 2013 ويتعلق الأمر بالوزيرة سمية بنخلدون. أما بالنسبة لوزرائه القدامى فنجد سبع وزراء تداولوا على 21 منصبا حكوميا(التعيين لثلاثة مرات لكل وزير)، فيما تداول 6 آخرين على 10 مناصب(التعيين لمرتين لكل وزير)، فالحزب اعتمد طوال هذه التجربة على نفس الشخصيات مما أفضى إلى جمود وانغلاق نخبته الوزارية، وهذا ما يدل على ثبات الملامح القديمة للنخبة الوزارية حيث أزمة تجديد النخب لا زالت حاضرة وتطال جميع الأحزاب السياسية بصرف النظر عن مرجعياتها وهوياتها.
المطلب الثاني: تجديد النخب الوزارية ودورانها
لدراسة ملامح التحول على مستوى تجديد النخب الوزارية، سنعرض بداية لنسبة التغيير الوزاري، ثم بعدها لمدى التغيير على رأس وزارات السيادة.
الفرع الأول: نسبة التغيير الوزاري
لقد كانت للتحولات السياسية التي شهدها المغرب مع بداية 2011 تأثير كذلك، على نسبة التغيير الوزاري، حيث عكست التركيبات الحكومية لهذه المرحلة نسب تغيير متفاوتة، ولعل الجدول التالي يوضح حجم التغيير في حكومات هذه المرحلة.
جدول تطور نسبة التغيير الوزاري 2012-2018.
نسبة التغير الوزاري | الوزراء الجدد | الوزراء القدامى | مجموع الوزراء | الحكومة |
70.96 | 22 | 09 | 31 | حكومة 3 يناير 2012 |
33.33 | 13 | 26 | 39 | التعديل الحكومي10 أكتوبر2013 |
51.28 | 20 | 19 | 39 | حكومة 5أبريل 2017 |
المصدر: إعداد شخصي بناء على البيانات التي تنشرها بعض الصحف مع كل تشكيل أو تعديل حكومي.
يلاحظ من الجدول أعلاه أن أعلى نسبة في التغيير هي التي سجلتها حكومة 03 يناير ب%70.79، حيث بلغ عدد الوزراء الجدد 22 وزيرا، وطبيعي أن ترتفع نسبة التغيير في هذه الحكومة، فالإصلاحات السياسية والدستورية التي نهجها المغرب كما ذكرنا سابقا، أدت إلى إعادة انتشار وتموقع جديد للنخب السياسية، فوصول حزب من المعارضة ينتمي إلى التيار الإسلامي إلى السلطة، أضاف إلى النخب الوزارية عناصر جديدة، شاركت لأول مرة في تدبير الشأن الحكومي مما انعكس ايجابيا على معدل تجديد النخب في هذه الحكومة. لكن سرعان ما ستعود هذه النسبة إلى الانخفاض سواء مع(التعديل الحكومي لسنة 2013) الحكومة الثانية التي لم تبلغ نسبة التغيير فيها إلا%33.33،بما يعادل13وزراء جدد، أو مع الحكومة (حكومة أبريل 2017)الحالية التي بقيت فيها هذه النسبة متواضعة أيضا، إذ وصلت%51.82، أي20 وزيرا جديدا، فأغلب النخب الوزارية استمرت في مواقعها[31].
ومقارنة مع بعض حكومات البلدان العربية لما بعد 2011، نجد أن تونس قد سجلت معدلات أعلى في تغيير وزرائها، إذ وصلت مثلا هذه النسبة في حكومة الحبيب الصيد المشكلة في 2015 إلى% 82.5، بينما ارتفعت إلى%97 في حكومة يوسف الشاهد[32] .
أما مصر فقد عرفت نسب تغيير متواضعة، فباستثناء حكومة هشام قنديل التي بلغت أعلى نسبة في تغيير الوزراء ب%72.22بمايعادل دخول 26 وزراء جدد، فإن باقي الحكومات سجلت نسب محدودة، إذ لم تتجاوز مثلا في حكومة شريف إسماعيل 48.48%، أما في حكومتي إبراهيم محلب الأولى والثانية فقد بلغت النسبة %54.33 و%41.12 على التوالي[33].
وعموما، إذا كانت نسبة التغيير الإجمالية لحكومات هذه المرحلة والتي تصل إلى %51.85، تعد أعلى نسبيا مقارنة مع تلك المسجلة في حكومات المرحلة (1998- 2010)، فإن ذلك لا يعني حدوث تحول في الملامح القديمة للنخب السياسية، فدوران النخبة الوزارية لا زال ضعيفا،حيث نجد نفس الوزراء يستمرون في المنصب، فمن مجموع وزراء هذه المرحلة والبالغ عددهم 67 وزيرا،نجد 12 من الوزراء قد تقلدوا المنصب لثلاث مرات، و17 لمرتين، فيما تولى 51 وزيرا آخر المنصب لمرة واحدة.
الفرع الثاني: التغيير على مستوى وزارات السيادة
في أي نظام سياسي توجد وزارات ذات أهمية كبرى، وتشكل حضورا مستمرا ومتميزا، إما بوزن المرفق الوزاري ذاته أو لوزن الشخص الذي تولى هذا المرفق[34]،وتعرف هذه الوزارات في المغرب بوزارات السيادة، وهي وزارات رسختها الممارسة دون أن يكون لها أي أساس قانوني، فالنصوص الدستورية لا تشير إلى هذا التصنيف وإنما تحديدها يعتمد على الترتيب البروتوكولي للوزارات، ويبقى حجمها يضيق ويتسع تبعا لظروف المرحلة .
ولعل أهم ما يميز هذه الوزارات هو ضعف التجديد الوزاري واستمرار الوزراء في مناصبهم الحكومية.
– إدارة الدفاع الوطني: لقد عرفت إدارة الدفاع الوطني ثبات للنخبة الوزارية على مستواها، إذ لم يتولاها خلال هذه المرحلة إلا عبد اللطيف لوديي الذي لا يزال في المنصب منذ تعيينه في 2010، و هو ما يكشف عن مدى انغلاق هذا القطاع السيادي وعدم انفتاحه على النخب السياسية.
– وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تعتبر هذه الوزارة من أهم الوزارات السيادية وذلك لارتباط تدبير شؤونها مباشرة بالملك، كما تعد من أكثر الوزارات استقرارا إذ لم يتولاها إلا أحمد التوفيق الذي لا يزال في منصبه منذ تعيينه في 2002، وتقدر مدة بقائه في المنصب ب 174 شهرا. ولعل طول مدة بقاء التوفيق في منصبه، قد يفسر بالثقة الملكية التي ظل يحظى بها خصوصا بعد النجاح الذي أظهره الرجل في مجال ضبط الحقل الديني وسعيه الحثيث إلى محاصرة المد السلفي وبعض القوى السياسية وفي مقدمتها جماعة العدل والإحسان.
– وزارة الخارجية: لقد تداول عليها ثلاثة وزراء وهم: سعد الدين العثماني عن حزب العدالة والتنمية وصلاح الدين مزوار عن حزب التجمع الوطني للأحرار، ثم التكنوقراطي ناصر بوريطة الذي تولاها في الحكومة الحالية.
وقد وصلت مشاركة الوزير سعد الدين العثماني 21 شهرا، فيما استمر صلاح الدين مزوار في المنصب 42 شهرا وهي مدة دالة على استمرار وزراء السيادة في مناصبهم.
– وزارة الداخلية: لقد عرفت وزارة الداخلية مشاركة ثلاثة وزراء، فبينما لازالت مشاركة عبد الوافي لفتيت مستمرة منذ تعيينه في 5 أبريل 2017، فإن أطول مدة هي التي قضاها محمد حصاد ب 42 شهرا، أما محند العنصر فلم تتجاوز مشاركته 21 شهرا، وهي مدة قصيرة لسياسي على رأس هذا القطاع السيادي.
-الأمانة العامة للحكومة: لم تشهد الأمانة العامة للحكومة مشاركة إلا وزيرين فقط وهما: إدريس الضحاك منذ 21 غشت 2008 إلى 5 ابريل 2017، (103شهرا) تاريخ تعيين محمد الحجوي في الحكومة الحالية.
خاتمة
بالرغم من التحولات السياسية والدستورية التي عرفها النظام السياسي المغربي مع بداية 2011، فإن النخبة الوزارية لا زالت تعكس ثباتا ملحوظا في سماتها السياسية والاجتماعية الأساسية التي تميزت بها طوال الفترات السابقة. حقيقة أن هذه النخبة قد شهدت تغيرات داخلها جاءت نتيجة التغيرات الوزارية والانتخابات التشريعية، إلا أن كل ما أدت إليه هذه التغيرات كان استبدال أعضاء النخبة بآخرين لهم الخصائص والمميزات نفسها. ويعني ذلك أن عملية التغيير لا تمثل أي تجديد للنخبة، وإن كل ما أدت إليه هو توزيع أعضاء النخبة على المناصب الوزارية المختلفة، لذلك فالانفتاح على عناصر جديدة ومشاركتها في تدبير الشأن الحكومي، لا يقابله مؤشر على حدوث تغيير جوهري في بنية وتكوين النخب الوزارية، فلا زال نمط الاستوزار وإعادة توزيع المناصب الحكومية في منأى عن أي تغيير، ومن هنا يبقى الحديث عن دور حقيقي لهذه النخب في ممارسة السلطة مثار تساؤل في ظل غياب أي تحول هيكلي في بنيتها السياسية والاجتماعية.
قائمة المصادر والمراجع:
I: باللغة العربية
أولا: الكتب
1- أمينة المسعودي، هوامش التغيير السياسي في المغرب، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء، 2011.
2- أمينة المسعودي، الوزراء في النظام السياسي المغربي 1955-1992 الأصول المنافذ المآل، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2001.
3- مايسة الجمل، النخبة السياسية في مصر دراسة حالة النخبة الوزارية، مركز دراسات الوحدة العربية، سلسلة أطروحات الدكتوراه (22)، بيروت، 1993.
4- محمد الرضواني، التنمية السياسية في المغرب: تشكل السلطة التنفيذية وممارستها من سنة 1956 إلى سنة 200، مطبعة المعارف الجديدة، 2011.
5- محمد الرضواني، بيوغرافيا الوزراء المغاربة 1955-2000، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2007.
6- منير الشرفي، وزراء بورقيبة، مطبعة تونس، قرطاج،1988.
ثانيا: الرسائل والأطروحات
7- عزيزة حاجي النخب السياسية في المغرب محاولة للتحديد، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال، 2001 2002.
8- محمد الرضواني، التطور السوسيوسياسي للحكومات المغربية من حكومة 11غشت 1992الى حكومة 14 مارس 1998، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 1999-2000.
ثالثا: المجلات والدوريات
9- محمد الرضواني، النخبة الوزارية المغربية 1955-2000 دراسة في ثوابت الخصائص وتغيراتها، مجلة الحقوق، العدد 2، الكويت، 2011.
2- محمد العجاتي، أنواع الحكومات وحكومة هشام قنديل، منشورات منتدى البدائل العربي للدراسات، أغسطس 2012.
II: باللغة الفرنسية:
1- Sehimi Mustapha, les élites ministérielles au Maroc : constantes et variables, Editions du C N R S, Aix- en- Provence, 1992.
[1]– يتعلق الأمر هنا بمختلف أصناف وأنواع الوزراء: وزير الدولة، الوزير، الوزير المنتدب، كاتب الدولة، الأمين العام للحكومة.
وزير الدولة: وهو أسمى مرتبة من الوزير العادي من حيث الأسبقية في البروتوكول ومن الناحية السياسية والأدبية وقد تسند لوزير الدولة وزارة معينة، ويمكن أن لا تسند له أية وزارة فيكون وزير بلا حقيبة، وفي جميع الأحوال فهو عضو كامل العضوية في الحكومة.
الوزير: يعد الوزير عضوا في الحكومة، ويتولى الإشراف على وزارة معينة، ويعد رئيسا تسلسليا للموظفين العاملين بها، كما يعتبر المسؤول الأول عن تنفيذ سياسة الحكومة داخل القطاع الذي يرأسه.
الوزير المنتدب: يعتبر عضوا في الحكومة ويقترب كثيرا من منصب الوزير وتتسم مهمته بطابع التخصص، وينتدب هؤلاء الوزراء لدى رئيس الحكومة، كالوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، أو لدى أحد الوزراء، كالوزير المنتدب لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي.
كاتب الدولة: من أعضاء الحكومة ويتم تعيينه لكي يكون معاونا لرئيس الحكومة أو لبعض الوزراء ويمارس مهامه بتفويض منهم.
الأمين العام للحكومة: له رتبة وزير وتكمن مهمته الأساسية في تأمين حسن سير العمل الحكومي ويتولى الإشراف على تنظيم وتحضير محاضر جلسات المجالس الحكومية والمجالس الوزارية، كما تقع على عاتقه مسؤولية مواكبة كل مشروع نص قانوني منذ مرحلة إعداده إلى حين صدوره بالجريدة الرسمية.
[2]– الشرفي منير، وزراء بورقيبة، مطبعة تونس، قرطاج، 1988، ص:13.
[3]– حول شروط تعيين أعضاء الحكومة المصرية يراجع: المادة 164 من دستور الجمهورية الصادر في 2014.
[4]– من بين هؤلاء الوزراء نجد:
– محند العنصر المزداد في 1942.
– إدريس الضحاك المزداد بتاريخ 1939.
– رشيد بلمختار المزداد بتاريخ 1942.
– محمد الحجوي المزداد بتاريخ 1943.
[5]– محمد العجاتي، أنواع الحكومات وحكومة هشام قنديل، منشورات منتدى البدائل العربي للدراسات، أغسطس 2012.
[6]– تم جرد هذه الإحصائيات انطلاقا من البيانات المتوفرة على المواقع الرسمية لبعض الوزارات، وكذا من المواقع التي تنشر النبذات الشخصية لأعضاء الحكومة.
[7]– ومن الأمثلة على ذلك في الحكومة الحالية نجد:
– أحمد التوفيق الذي تم تعيينه وهو في 74 من العمر.
– محمد الحجوي الذي تم تعيينه وهو في 72 من العمر.
– محمد حصاد الذي تم تعيينه وهو في 65 من العمر.
– العربي بن الشيخ الذي تولى المنصب وهو في 64 من العمر.
[8] – Sehimi Mustapha, les élites ministérielles au Maroc : constantes et variables, Editions du C N R S, Aix- en- Provence, 1992, p : 212.
[9]– محمد الرضواني، النخبة الوزارية المغربية (1955-2000) دراسة في ثوابت الخصائص وتغيراتها، مجلة الحقوق، العدد 2، المجلد 35، 2011، ص :461.
[10]– الوزراء المعنيون هم سمية بنخلدون- حفيظ العلمي- محمد الوفا- أحمد التوفيق- رشيد بلمختار.
[11]– من الوزراء المنحدرين من الشمال نجد شرفات أفيلال- نجيب بوليف- محمد الأعرج- رشيد الطالبي العلمي
[12]– من الجنوب هناك وزيرين وهما رقية الدرهم ومباركة بوعيدة.
[13]– من هؤلاء الوزراء نجد عبد السلام الصديقي ومحمد عبو.
[14]– مصطفى الرميد- لحسن الداودي- المعطي سهيل.
[15]– من بين هؤلاء الوزراء نجد:
– عبد الصمد قيوح الذي ينحدر من أولاد تايمة.
– العربي بن الشيخ الذي ينحدر من بن أحمد.
– لحسن حداد الذي ينتمي إلى أبي الجعد.
– الشرقي الضريس الذي ينحدر من لفقيه بنصالح.
– عزيز رباح الذي ينحدر من سيدي قاسم.
– خالد الصمدي الذي ينحدر من القصر الكبير.
– أحمد التوفيق الذي ينحدر من قرية مريغا بمراكش.
[16]– المدن هي: الرباط- الدار البيضاء- مراكش- فاس.
[17]– المدن هي: كلميم- بن سليمان -سلا- إيموزار- بركان- الحسيمة- الناظور- وزان- العيون- قلعة السراغنة- أكادير- تازة- مكناس- صفر- أولاد تايمة- إنزكان- سطات- بن أحمد- تاونات.
[18]– عزيزة حاجي، النخب السياسية في المغرب محاولة للتحديد، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال-الرباط، 2001- 2002،(أطروحة غير منشورة) ص:106.
[19]– مايسة الجمل، النخبة السياسية في مصر دراسة حالة النخبة الوزارية، مركز دراسات الوحدة العربية، سلسلة أطروحات الدكتوراه (22)، بيروت، 1993، ص: 149.
[20]– المسعودي، الوزراء في النظام السياسي المغربي 1955-1992 الأصول المنافذ المآل، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2001، ص: 136.
[21]– أمينة المسعودي، الوزراء في النظام السياسي المغربي، مرجع سابق، ص: 148.
[22]– مايسة الجمل، النخبة السياسية في مصر: دراسة حالة النخبة الوزارية، مرجع سابق، ص: 173.
[23]– محمد الرضواني، التنمية السياسية في المغرب، مرجع سابق، ص: 126.
[24]– حيث نص الفصل الثالث من دستور1962 على أن: “الأحزاب السياسية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم ونظام الحزب الوحيد ممنوع في المغرب”، وهذا الفصل يقابله الفصل السابع من دستور 2011 الذي نص على ما يلي:” تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنين والمواطنات وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة السياسية وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الديمقراطية.
[25]– وهي التجربة التي سميت “بالتناوب التوافقي” ودشنت مرحلة جديدة أنهت مسار صراع طويل بين الملكية وبعض أحزاب المعارضة المنتظمة في إطار الكتلة الديمقراطية.
[26]– ينص الفصل 47 من دستور 2011 على ما يلي:” يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها. ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها(…).
[27]– محمد الرضواني، التنمية السياسية في المغرب، مرجع سابق، ص: 131.
[28]– من هؤلاء الوزراء نجد:
– محمد حصاد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة الحالية والذي تم استوزاره باسم الحركة الشعبية.
– مونية بوستة كاتبة الدولة لدى وزير الخارجية والتعاون الدولي والتي تم استوزارها باسم الحركة الشعبية.
– خالد الصمدي كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المكلف بالتكوين المهني والذي تم استوزاره باسم العدالة والتنمية.
– عثمان الفردوس كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي المكلف بالاستثمار والذي تم استوزاره باسم الاتحاد الدستوري.
[29]– من بين هؤلاء الوزراء:
– كاتبة الدولة لمياء بوطالب وهي بنت فاطمة مروان الوزيرة السابقة في حكومة بنكيران الثانية.
– الوزيرين محمد الوفا ونزار بركة وتجمعهما علاقة مصاهرة بالوزير الأول السابق عباس الفاسي والذي رشحهما باسم الحزب في حكومة بنكيران الأولى.
– كاتبة الدولة مونية بوستة وهي إحدى قريبات امحمد بوستة الأمين العام السابق لحزب الاستقلال.
[30]– تجب الإشارة أنه من بين مجموع وزراء الحزب القدامى نجد أن كل من محمد نبيل بنعبدالله والحسين الوردي قد تم تعيينهما في المنصب لثلاث مرات، فيما تولى أمين الصبيحي وشرفات أفيلال المنصب الوزاري مرتين لكل منهما.
[31]– تجدر الإشارة أن نسبة تغيير الوزراء بقيت متواضعة مع التعديل الحكومي الذي جرى في 9 أكتوبر 2019 وذلك بنسبة %33.33 أي ما يعادل دخول ثمانية وزراء جدد من مجموع الوزراء البالغ عددهم 24 وزيرا.
[32]– تم جرد هذه الإحصائيات انطلاقا من البيانات التي نشرتها بعض الجرائد الالكترونية عقب تشكيل حكومة كل من الحبيب الصيد ويوسف الشاهد
[33]– تم جرد هذه الإحصائيات انطلاقا من البيانات التي نشرتها بعض الجرائد الالكترونية عقب تشكيل حكومة شريف إسماعيل وحكومتي إبراهيم محلب الأولى والثانية.
[34]– محمد الرضواني، التطور السوسيوسياسي للحكومات المغربية من حكومة 11غشت 1992الى حكومة 14 مارس 1998، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 1999-2000،ص:63.