
أثر السياسة التشريعية على العقار الوقفي في الجزائر
The effect of legislative policy on the waqf property in Algeria
الدكتور: حمرالعين عبد القادر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة ابن خلدون ، تيارت ، الجزائر.
Hameurlaine Abdelkader, Faculty of Law and Political Science, Ibn Khaldoun University-
مقال منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 40 الصفحة 11.
Abstract:
Algeria was endowed with significant endowment properties. With the entry of the French colonizer, he confiscated it on the pretext of obliterating all the features of Islamic civilization. As for the day after independence, the absence of legal protection of the endowments was seized, and its ownership was claimed by individuals, as the state considered it national property, and then nationalized it within the framework of legal texts. However, with the beginning of the nineties, the endowment property rights were constitutionalized, and this was embodied by setting legislative and regulatory texts aimed at recovering the nationalized endowment properties, as well as adding new mechanisms and formulas to develop the endowment property , Accordingly, the research aims to show the extent of the effectiveness of these legal frameworks in the development of the endowment king, and to restore its pioneering role in social and economic development. As for the results obtained in general, they are embodied in the necessity of a political will of the state that really embodies the legal status of the endowment property by retrieving the nationalized from it by harnessing resources. The financial and human resources, sufficient and specialized, as well as establishing effective and continuous monitoring of the exploitation of endowment properties through the formulas developed, with detailed provisions to be clarified by model contracts.
Key words: Waqf property, development, investment, endowment law.
الملخص:
كانت الجزائر تزخر بأملاك وقفية معتبرة، وبدخول المستعمر الفرنسي قام بمصادرتها بحجة طمس كل معالم الحضارة الإسلامية، أما غُداة الاستقلال فبغياب الحماية القانونية للأوقاف ، تمّ الاستلاء عليها ، وادعاء ملكيتها من قبل الأفراد ، كما اعتبرتها الدولة أملاكا وطنية ، ومن ثمّ تأميمها في إطار نصوص قانونية ، غير أنه ومع بداية التسعينات تمّ دسترة حقوق الملكية الوقفية ، وجُسد ذلك بوضع نصوص تشريعية وتنظيمية تهدف إلى استرجاع الأملاك الوقفية المؤّممة، فضلا عن اضفاء آليات وصيغ جديدة لتطوير العقار الوقفي، وعليه فالبحث يهدف إلى تبيان مدى نجاعة هذه الأطر القانونية في تنمية الملك الوقفي، وارجاع دوره الريادي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، أما النتائج المتوصل عليها فتتجسد عموما، في ضرورة وجود إرادة سياسية للدولة تجسد فعلا المركز القانوني للعقار الوقفي من خلال استرجاع المؤمم منه بتسخير الموارد المالية والبشرية الكافية والمتخصصة، فضلا عن ارساء رقابة فعلية ومستمرة لاستغلال الأملاك الوقفية من خلال الصيغ المستحدثة، مع تبيان أحكامها التفصلية بعقود نموذجية .
الكلمات المفتاحية: العقار الوقفي ، التنمية ، الاستثمار ، قانون الأوقاف .
مقدمة:
حقيقة تاريخية أن الجزائر كانت تتمتع بثروة عقارية وقفية هائلة، ساهمت على مرّ العصور والأقطار في بناء الحضارة الإنسانية والاجتماعية في المجتمعات الإسلامية، الشيء الذي شكّل موروثا حضاريا متجددا لا يمكن الاستهانة به، فهذا الكم الهائل من الأملاك الوقفية ، لاسيّما الأراضي والعقارات والمباني، فضلا عن المحلات التجارية والسكنية يمكن أن يشكل موردا أساسيا ذاتيا للتنمية والاستثمار في الكثير من المشاريع الاقتصادية والقطاعات الخدماتية ، غير أن هاته الأملاك تعرضت للنهب والاستلاء إبّان الاستعمار الفرنسي بحجة طمس كل مظاهر التكافل الاجتماعي الذي يشكل دعامة أساسية للحضارة الإسلامية لا يمكن الاستهانة بها، واستمر الوضع على ما هو عليه حتى غُداة الاستقلال ، لنأمل بعدها بإرجاع الدور الريادي التنموي للمؤسسة الوقفية وما تلعبه من دور بارز على مستوى الحياة الاجتماعية والاقتصادية، لكن الأمر كان بخلاف ذلك، إذ استمر التهميش والإهمال، فضلا عن الاستلاء على الكثير من الممتلكات العقارية الوقفية، فالمتأمل لحركية التشريع العقاري عموما يجده يعتبر الملكية الموقوفة ملكية عمومية ويمنحها للخواص في إطار الثورة الزراعية، أو في سيّاق ما يُعرف بالاحتياطات العقارية.
وعليه فإنّ الوضعية التي وصلت إليها الأوقاف حتّم على الدولة الجزائرية، ضرورة إحيائه والتفكير في كيفية الاستفادة منه في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وتمّ ذلك فعلا من خلال اضفاء حماية دستورية للأملاك الوقفية، وتصنيفها كملكية مستقلة عن الأملاك الوطنية ، ومن ثمّ بدأت هذه الحماية المتأخرة بالملك الوقفي وذلك بصدور قانون 91/10 المتعلق بالأوقاف المعدل والمتمم، كما توّج هذا الاهتمام بضمّ قطاع الأوقاف إلى صلاحيات وزارة الشؤون الدينية ، حيث تمّ إنشاء مديرية مكلفة بالأوقاف[1] تحوي مديرية فرعية مكلفة باستثمار الأموال الوقفية ، وبذلك تطورت إدارة الأوقاف في الجزائر بشكل جعل الوزارة الوصية تتمكن من استرجاع بعض الأملاك الوقفية التي ضاعت خلال الاستعمار وبعده ، كما تمّ استحداث صيغ قانونية جديدة لاستثمار وتنمية الملكية الموقوفة ، بغية إخراجها من حالة الركود ، وتطوير سُبُل استغلالها، ومن ثمّ الرُقي بالوقف ليكون أكثر نفعا وخدمة للصالح العام .
بيد أنه ورغم كل الإجراءات والنصوص التشريعية والتنظيمية، وجهود الدولة للنهوض بالمؤسسة الوقفية، إلاّ أن الأوقاف الجزائرية ما تزال تعاني من الضياع، ليس بسبب إهمال الوزارة الوصية، ولا من انعدام القوانين، ولكن لأسباب عديدة ومتعددة، وعليه فالبحث تتجلى أهميته في تبيان أسباب عدم نجاعة هذه الأطر القانونية في تنمية وتطوير الملك الوقفي، ونهدف من خلاله إلى معالجة سُبُل استثمار المؤسسة الوقفية، وارجاع دورها الريادي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
ومن ذلك لنا أن نتساءل عن إشكالات السياسة التشريعية للأملاك العقارية الوقفية في الجزائر، وآليات تفعيلها من أجل التنمية المنشودة ؟
وللإجابة على هذا التساؤل فإننا نعتمد المنهج الوصفي التحليلي، وذلك باستقراء النصوص القانونية وتحليلها تماشيا والآراء الفقهية الواردة في هذا الشأن، ومنه فقد تمّ تقسيم هذه الورقة البحثية إلى النقاط التالية:
المبحث الأول : إشكالات الإطار القانوني للأملاك العقارية الوقفية في الجزائر
المطلب الأول : الحركية السلبية للتشريع الوقفي
المطلب الثاني : الجوانب الإدارية للملك الوقفي
المبحث الثاني : جهود الدولة لتنمية العقار الوقفي ، والحلول المقترحة لاسترجاعه وُسبُل استثماره
المطلب الأول : جهود الدولة لتطوير وتنمية العقار الوقفي
المطلب الثاني : الحلول المقترحة لاسترجاع العقار الوقفي وسُبُل استثماره
المبحث الأول : إشكالات الإطار القانوني للأملاك العقارية الوقفية في الجزائر
تميزت الفترة الزمنية الممتدة بعد الاستقلال بحركية واسعة للنصوص القانونية المتعلقة بالأملاك الوقفية، غير أنه وباستقراء هذه الديناميكية والحركية لقواعد التشريع الوقفي ، نجدها تحمل في طياتها الجانب السلبي في ظل التدهور المقنّن للثروة الوقفية الهائلة التي كانت تزخر بها الجزائر، الشيء الذي أثّر على تنمية واستثمار هذه المؤسسة، وعليه سنتطرق إلى الحركية السلبية للنصوص التشريعية عموما (المطلب الأول )، ثم نتناول بعدها الجانب التسييري والتنموي للملك الوقفي ( المطلب الثاني ) .
المطلب الأول : الحركية السلبية للتشريع الوقفي
بعد الاستقلال غدت الجزائر تعاني من فراغا قانونيا في مجال الأملاك الوقفية، ممّا جعل هذه الأخيرة عرضة لكل أنواع التجاوزات والاستيلاء بدون وجه شرعي من الأفراد والجماعات، وذلك بالرغم من وضوح الحكم الشرعي الذي يقضي صراحة بأن أملاك الوقف أو الحبوس ليست من الأملاك القابلة للتصرف فيها ، ولا هي من أملاك الدولة بالمفهوم القانوني المعاصر، وإنما هي ملك لكل المسلمين، وعلى الدولة شرعا واجب الإشراف عليها، وحسن تسييرها وتنميتها والحفاظ عليها، وضمان صرف ريوعها وفقا لإرادة الواقفين بما يتماشى ومقاصد الشريعة الإسلامية الغرّاء [2].
إن التفسير القانوني لهذه الوضعية، يمكن أن يجد مصدره في الآثار المترتبة من جرّاء صدور وتطبيق المرسوم رقم 62/157 المؤرخ في 31/12/1962 المتضمن تمديد سريان القوانين الفرنسية في الجزائر، ما عدا تلك التي تمس السيادة الوطنية [3].
وبناء على ما تقدم، أُدمجت كل الأملاك والأراضي ضمن الأملاك الشاغرة وأملاك الدولة ، ومنه فهذه الحالة أفرزت أثارا سلبية على الأملاك الوقفية بالرغم من صدور المرسوم رقم 283/64 المؤرخ في 17/09/1964 المتضمن نظام الأملاك الحبسية العامة[4]، والذي بقي حبيسا لأفكاره النظرية ولم يلق تطبيقا من طرف الإدارة الجزائرية في ظل عدم تبيانه للأحكام القانونية التي تلزم الإدارة حماية الأوقاف من الإهمال والضياع.
هذا وتواصلت صور التعدي على الأملاك الوقفية، إذ صدر الأمر رقم 71/73 المتضمن قانون الثورة الزراعية، وتمّ من خلاله تأميم كل الأراضي الوقفية واعتبارها أملاك وطنية، ومنحها للخواص في اطار قاعدة الأرض لمن يخدمها ، يحدث هذا رغم تأكيد المادة 34 من الأمر 71/73 على استثناء الأوقاف من عملية التأميم [5] .
واستمرت هذه الوضعية السلبية للأوقاف، وازدادت تدهورا بعد صدور القانون رقم 81/01 المؤرخ في 07/02/1981 المتضمن التنازل عن أملاك الدولة [6]، بحيث لم يستثن هذا الأخير الأملاك الوقفية من عملية التنازل ، وتمّ التنازل عنها باعتبارها من أملاك الدولة ، على الرغم من أن الوقف قانونا هو حبس العين عن التملّك والتصدّق بالمنفعة ، وشرعا هو تحبيس الأصل، وتسبيل الثمرة أو الريع أو المنفعة ، فالمقصود من ذلك أن الوقف تكون فيه ملكية الرقبة لله تعالى ، أما حق المنفعة فيمنح في سبيل البر والإحسان[7] ، كما أن صدور قانون الأسرة رقم 84/11 الذي خصّص الفصل الثالث منه لتحديد مفهوم الوقف لم يكن كافيا لضمان الحماية القانونية والعملية للأوقاف[8].
لكن بصدور دستور 23/02/1989 مكّن من إقرار حماية على الأملاك الوقفية في أحكام المادة 49 منه، من خلال تصنيف الأملاك إلى خاصة وعامة وموقوفة .
هذا وبدأ يتجسد الوجود القانوني للأوقاف بصدور قانون رقم 90/25 المتضمن التوجيه العقاري، الذي صنف صراحة الأوقاف ضمن الأصناف القانونية العامة المعترف بها في الجزائر، ضمن أحكام المادة 23 منه، كما ألغيت أحكام قانون الثورة الزراعية ، ومن ثمّ امكانية استرجاع الأملاك الوقفية المؤمّمة في اطار هذا القانون [9]، وفي ذات السياق أبرز هذا القانون حرصه على أهمية الأوقاف بتخصيص المادتين 31 و 32 منه لتأكيد استقلالية التسيير الإداري والمالي للأوقاف، وخضوعها لقانون خاص ، وعلى هذا الأساس صدر القانون رقم 91/10 المنظم للأوقاف[10].
غير أن النصوص المنظمة له تأخرت إلى حين صدور المرسوم التنفيذي 98/381 المؤرخ في 01/12/1998 والمتعلق بشروط ادارة الأملاك الوقفية[11]، وفي ذات الوقت بقيت الأملاك الوقفية عرضة للاستلاء بحجة، تارة في اطار التأميم ، وتارة أخرى في اطار الحيازة المقترنة بالتقادم المكسب ، بالرغم من القاعدة التي تقضي بعدم جواز التصرف في الملك الوقفي، ومن ثمّ عدم امكانية كسبه بالتقادم المكسب [12] .
هذا وجاء النص التشريعي 01/07 يعدل ويتمم قانون 91/10 ويتكلم عن استثمار وتنمية الأملاك الوقفية بصيغ مختلفة ، لاسيّما المزارعة والمساقاة ، والترميم والتعمير وغيرها ، هذا من الناحية القانونية ، لكن ماهو موجود وواقع ، فإن الحقيقة من ذلك أن الأملاك الوقفية بالرغم من الحماية الدستورية المجسدة والمتأخرة جدا ، وفي ظل ترسانة من النصوص القانونية التي سعت إلى اضفاء أكثر حماية للملك الوقفي من خلال ضرورة استرجاع الأملاك الوقفية المؤمّمة في اطار الثورة الزراعية ، أو الاحتياطات العقارية هذا من جهة ، ومن جهة أخرى تضمنت هاته النصوص ضرورة تنمية واستثمار الملك الوقفي ، فإن الواقع من هذا أنه لم يتم استرجاع الأملاك الوقفية المؤمّمة ، وبقي الأمر يتراوح بين عدم المتابعة القضائية لاسترجاع الأملاك ، وبين أروقة المحاكم على قلتها ، وهذا راجع الى عدم وجود آليات واضحة للاسترجاع ، سيّما تسخير موارد بشرية مختصة، وتوسيع اختصاصاتها والابتعاد عن مركزية القرار وغيرها، وفي ذات السياق فإن تنمية واستثمار الأملاك العقارية لا يكون في اطار الصيغ التي جاءت بها النصوص القانونية ، وانما تؤجر في الغالب بأثمان زهيدة وبخسة ، لا ترق إلى مصطلح وفكرة التنمية والاستثمار.
وعلى كل، وفي ظل عدم وجود إرادة سياسية من الدولة لاسترداد واسترجاع الأملاك الوقفية المؤمّمة، فضلا عن عدم التطبيق الصارم للتشريع الوقفي، فإن الوقف كمؤسسة لها أثرها الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع، لا يمكنه أن يلعبه في ظل ما هو سائد .
المطلب الثاني: الجوانب الإدارية للملك الوقفي
في إطار تسيير الوقف على الصعيد المركزي، فقد أحدث المشرع الجزائري أجهزة مركزية تتجسد في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الممثلة في شخص وزيرها المكلف بالأوقاف، وكذا اللجنة الوطنية للأوقاف، وعليه سيتم الكلام عن ادارة الوقف ، والفروع الولائية ، بالإضافة إلى لجنة الأوقاف .
الفرع الأول: إدارة الأوقاف
إن إدارة الأوقاف ليست مستقلة وقائمة بذاتها ، بل هي إحدى المديريات الفرعية التابعة لمديرية الأوقاف والحج، فمديرية الأوقاف والحج تضمّ المديرية الفرعية للبحث عن الأملاك الوقفية ، وكذا المديرية الفرعية لاستثمار الأملاك الوقفية ، زيادة على المديرية الفرعية للحج والعمرة ، وكل مكتب فيه عدد ضئيل من الموظفين، الشيء الذي لا يسمح لهاته الموارد البشرية على قلتها وعدم تخصصها القيام بالمهام المنوط بها في جانبها الوقفي، إضافة إلى انشغالها بشعيرة الحج ، وعلى ذلك فإن البحث عن الأملاك الوقفية يصعب في ظلّ شساعة الدولة الجزائرية من جهة، ونقص الهيكل البشري المتخصص من جهة أخرى [13] .
الفرع الثاني: الفروع الولائية لإدارة الأوقاف
تتجسد الفروع الولائية لإدارة الأملاك الوقفية ، في أنه كل ولاية لديها مديرية للشؤون الدينية والأوقاف، وكل مديرية فيها مصلحة للإرشاد والشعائر الدينية والأوقاف [14]، فالأوقاف لها مكتب واحد ، وهذا غير كافي إطلاقا، ذلك أن مكتب الأوقاف التابع لمصلحة الإرشاد والشؤون الدينية والأوقاف ، لا يمكن أن يقوم بالمهام الحقيقية التي يجب أن يُناط بها موضوع الأوقاف في الجزائر، ولذا فإن رئيس هذه المصلحة سيكون مشتتا بين مشاكل ومشاغل الإرشاد الديني ، وأيضا بالأمور المتعلقة بالشعائر الدينية ، يضاف إلى ذلك أن في كل مكتب من هذه المكاتب رئيس مكتب ومن يساعده في المهام الموكلة لمكتبه، والتي لا تتوافق من حيث حجمها وأهميتها مع الحجم المعطى له كمكتب .
ومنه فتخصيص مكتب واحد للأوقاف في هاته المصلحة أمر لا تستسيغه المؤسسة الوقفية بمختلف مشاكلها ، ومن ثمّ فهذا التقسيم يجعلنا نؤكد أن مكتب الأوقاف ليست له القدرة على استيعاب أو حمل الأعباء الوقفية، لاسيّما أعمال الاسترجاع والتنمية وغيرها .
الفرع الثالث: لجنة الاوقاف[15]
تُجسد المركزية الإدارية وتتكون من مدير الأوقاف ، ومدير الإرشاد والشعائر الدينية، وكذا مدير عن مصالح أملاك الدولة، بالإضافة إلى مدير الثقافة الإسلامية وممثل الفلاحة والعدل والمجلس الإسلامي، وإذا نظرنا إلى الصلاحيات الموكلة لهذه اللّجنة نجد أنها تتولى النظر والتداول في جميع القضايا المعروضة عليها المتعلقة بشؤون إدارة الأملاك الوقفية واستثمارها وتسييرها وحمايتها، حيث تقوم على الخصوص بما يلي : ــــ دراسة حالات تسوية وضعية الأملاك الوقفية العامة والخاصة عند الاقتضاء[16] ، وتعدّ محاضر نمطية لكل حالة على حدة.
ـــــ تعمل على اعداد دليل عمل ناظر الوقف ، وتدرس حلات تعيينهم وانهاء مهامهم [17].
ـــ تشرف على إعداد دفتر شروط نموذجي لإيجار الأملاك الوقفية ، أو اعتماده في ضوء فقه الأوقاف والتنظيمات المرعية، تطبيقا لأحكام المادة 23 من المرسوم التنفيذي رقم 98/381. ومنه نستخلص من المهام المسندة لهذه اللجنة أنها تكرس فكرة المركزية في إدارة الأملاك الوقفية في الجزائر، خاصة إذا نظرنا إلى الأحكام الخاصة بالمرسوم 98/381 ، والتي تتعلق بإدارة الأملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك، ممّا يوحي بأنّ هذه اللجنة وكأنها اختزال لإدارة الأوقاف في الجزائر، علما أن أعضاءها يتشكّلون من عناصر منهم من لهم علاقة مباشرة بالأوقاف، ونقصد الرئيس والكاتب، بينما الأعضاء الباقون ليست لهم علاقة مباشرة بإدارة الأوقاف، بل وأنهم ليسو من المختصين في ذلك، فكيف يتسنى لهؤلاء أن يحكموا أو أن يدرسوا قضايا متعلقة بقرارات الاستثمار، أو إعادة التقييم، أو إصدار وثائق نمطية ، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن الحاجة إلى مثل هذه اللّجنة، علما أننا لو راجعنا وأصلحنا إدارة الأوقاف بما يعطيها الاستقلالية ويكرّس فيها النمط اللاّمركزي لأمكن أن نستغني عن هذه اللّجنة، أو كان يمكن الاستعانة بمثيلتها لتكون لجنة استشارة ، أو لجنة مداولات على أن يكون أعضاؤها متخصصون في إدارة وتثمير الممتلكات الوقفية[18].
المطلب الثاني: الجانب التنموي أو الاستثماري
الوقف هو حبسّ العين عن التملّك على وجه التأبيد بعقد التزام تبرع صادر عن ارادة منفردة ، فالأملاك الوقفية لا يجوز التصرف فيها ، لأن ملكية الرقبة أصبحت موقوفة ، أما التصرف في المنفعة فلا يوقف، وبالتالي فإن استغلال هاته الأملاك غالبا ما يكون عن طريق الإيجار بغض النظر عن صفة هذا العقار الوقفي سواء أكان معدا للإسكان أو للتجارة أو أرضا فلاحية أو غيرها .
الفرع الأول : تنمية العقار الوقفي بإيجاره
بالرجوع إلى القانون رقم91/10 المتعلق بالأوقاف، والمرسوم التنفيذي 98/381 المحدد لإدارة الأملاك الوقفية وتسييرها ، نجد المادة 42 من القانون تنص على أنه ” تؤجر الأملاك الوقفية وفقا للأحكام التشريعية والتنظيمية السارية المفعول، مع مراعاة أحكام الشريعة الاسلامية “.
ومنه فإيجار هذه الأماكن يخضع لقواعد القانون المدني ، لاسّيما الأحكام المتعلقة بإيجار المحلات السكنية والمهنية[19].
غير أنه ونظرا للصعوبات التي طرحتها المادة 42 من قانون الأوقاف من الناحية العملية جاء القانون 01/07 المؤرخ في 22/07/2001 يعدل ويتمم قانون الأوقاف، وقد نصت صراحة المادة 26 مكرر8 منه على أن تؤجر المحلات السكنية والمهنية وفقا لأحكام القانون المدني ، لاسّيما المواد467 وما بعدها ، وذلك في اطار أحكام الشرع ، وفي هذا الصدد نقول أن اخضاع ايجار العقار السكني أو المهني الوقفي لأحكام القانون المدني أمر أثبت فشله ، سيّما ومعظم الأملاك الوقفية تؤجر بأثمان بخسة ، وتهمل فيها الصيانة والمحافظة على العين المؤجرة ، ذلك أن معظم قواعد الايجار المدني هي قواعد مكملة تمتاز بالمرونة وتعتدّ بالإرادة كقانون للمتعاقدين، ومن ثمّ اعمال الإرادة في ايجار هذه المحلات من شأنه عدم الاستثمار الطيب لهذه الممتلكات، ونعتقد في ذلك أن تخصيص قواعد آمرة خاصة بالإيجار الوقفي يراعى فيها خصوصية الملك الوقفي كونه ليس بالملك العام ، ولا هو بالملك الخاص التي تكون فيه ارادة المتعاقدين حريصة على حماية حقوقها ، وانما هي ملكية موقوفة غالبا ما لا تحظى بالحماية والرقابة المالية اللاّزمة.
الفرع الثاني : الاستثمار الوقفي العقاري في ظل قانون 01/07
تطبيقا لسياسة الانفتاح الاقتصادي المنتهجة من قبل الدولة الجزائرية ، وفي اطار تنمية الملك الوقفي لما يحققه من بعد اجتماعي واقتصادي، تمّ تعديل قانون الأوقاف بقواعد قانونية تحمل في طياّتها بوادر الاهتمام بتطوير وتنمية العقار الوقفي، وذلك باستحداث آليات لتمويل الملك الوقفي، وخلق نوع من السيولة النقدية تستعمل في عملية الاستثمار، وفضلا عن ذلك تمّ اعداد صيغ قانونية لتنمية العقار الوقفي واستغلاله، وهاته الصيغ تختلف باختلاف الأملاك الوقفية ذاتها ، وما إذا كانت أراضي زراعية أو بورا، أو عاطلة ، أو مبنية ومعرضة للخراب والاندثار، أو غيرها ، وعليه فإن أهم الآليات والصيغ التي جاء بها قانون 01/07 في اطار استثمار العقارات الوقفية تتجلى فيما يلي :
أولا ــ مصادر التمويل الاستثماري الوقفي: وفي ذلك تنص المادة 26 مكرر من القانون 01/07 على أنه :” يمكن أن تستغل و تستثمر و تنمى الأملاك الوقفية بتمويل ذاتي، أو بتمويل وطني أو خارجي مع مراعاة القوانين والتنظيمات المعمول بها “.
وعليه فتطوير وتنمية الملك الوقفي قد يتم التمويل فيه ذاتيا ، أي من أموال الأوقاف ذاتها (صندوق الأوقاف)، وقد يكون التمويل وطنيا، ومعنى ذلك أن يكون من مختلف مصادر التمويل الحكومية، المؤسسات، الجماعات المحلية…وغيرها ، كما قد يكون التمويل خارجيا من قبل الهيآت والمؤسسات المالية الدولية ، أو حتى التمويلات الخاصة (الجالية في المهجر…) .
ثانيا ــــ آليات استثمار العقارات الفلاحية الوقفية: في اطار قانون 01/07 فرّق المشرع بين العقار السكني والتجاري، وبين الأراضي الفلاحية، حيث خصّ هذه الأخيرة بصيغ من شأنها تنمية الملك الوقفي[20] ، ومنه إذا كانت هذه الأوقاف عبارة عن أراضي أو أشجار، فإنها تستثمر وتُنمى وفق الصيغ التالية :
1 ـــ عقد المزارعة : ويتلخص في إعطاء الأرض الوقفية لمزارع يستغلها مقابل حصة من المحصول يُتفق عليها عند إبرام العقد [21].
2 ــــ عقد المساقاة : وهو إعطاء الشجر الموقوف لمن يصلحه مقابل جزء معين من ثمره[22]، كأن تمنح لبستاني لأجل سقيها ورعايتها وإصلاحها إن تطلب الأمر ذلك ، مقابل جزء معلوم من ثمرها يتفق عليه عند إبرام عقد المساقاة .
وفي هذا الصدد يؤخذ على المشرع الجزائري عدم تبيانه لأحكام هاته العقود ، واكتفي بتعريفها فقط دون التطرق لشروطها وأثارها وانقضائها ، ممّا جعلها حبيسة لأفكارها النظرية دون التطبيقية ، إذ لا نجد مجالا لتجسيد هذه العقود على أرض الواقع، وإنما يتم استغلال العقارات الوقفية الفلاحية بطريق الإيجار العادي، ومنه فكان الأجدر بمشرعنا أن ينظم هذه الصيغ بعقود نموذجية تُعد سلفا تبين فيها كل تفاصيل أحكام هاته الصيغ ، ومن ثمّ نجد لها تطبيقا في الحياة العملية .
ثالثا ـــ تنمية العقارات الوقفية العاطلة: تطبيقا لنص المادة 26 مكرر 2 من قانون 01/07 فإن هذه الأراضي يتم استثمارها وتنميتها في إطار الصيغ أو العقود التالية:
1 ــ عقد الحكر: ويقصد به تخصيص جزء من الأرض العاطلة للبناء و/أو للغرس لمدة معينة مقابل دفع مبلغ يقارب قيمة الأرض الموقوفة وقت إبرام العقد، مع إلزام المستثمر بدفع إيجار سنوي يحدد في العقد ،مقابل حقه في الانتفاع بهذه الأرض، كما أعطته الحق في توريث حقه هذا خلال مدة العقد.
2 ــ عقد المرصد [23]: فوفقا لهذا العقد يُسمح لمستأجر الأرض بالبناء فوقها مقابل استغلال إيرادات البناء، وله حق التنازل عنه باتفاق مسبق طيلة مدة استهلاك قيمة الاستثمار.
3 ـــ عقد الترميم (التعمير) [24]: وهذه الصيغة من العقود تخص العقارات الوقفية المبنية المعرضة للخراب والاندثار، حيث يدفع المستأجر بموجب هذا العقد ما يقارب قيمة الترميم، أو التعمير مع خصمها من مبلغ الإيجار مستقبلا.
هذا والجدير بالذكر أنه في سبيل استثمار العقارات الوقفية المبنية أو الموجهة للبناء قد صدر المرسوم التنفيذي 18/213 والمتعلق بشروط وكيفيات استغلال العقارات الوقفية الموجهة لإنجاز مشاريع استثمارية.
غير أنه وما يمكن قوله في هذا الصدد عموما، أنه وبالرغم من صدور قانون 01/07 والذي تناول استثمار وتنمية الملك الوقفي ، وكذا العديد من المراسيم التطبيقية في هذا الشأن ، إلّا أن واقع الحال يشير إلى أن الأراضي الوقفية بمختلف أنواعها لا تزال تخضع للإيجار بأجور بخسة إن لم نقل تافهة، مع بقاء قانون 01/07 بصيّغه الاستثمارية وأُطره التنموية مجرد قواعد لم ترق بعد إلى تطوير الأملاك الوقفية وارساء دورها الريادي في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية .
المبحث الثاني: جهود الدولة لتنمية العقار الوقفي، والحلول المقترحة لاسترجاعه وسُبٌل استثماره
في إطار تحقيق الدور التنموي في شقيه الاجتماعي والاقتصادي، سعى المشرع الجزائري في ظلّ الوضعية المزرية للأملاك الوقفية ـــ لاسيّما ومعظمها تعرض للنهب والاستلاء من الخواص والجهات العمومية ـــ إلى إيجاد حلول الغاية منها ارجاع الدور الريادي التي تلعبه المؤسسة الوقفية، إذ سطّرت الوزارة أهدافا مرحلية بغرض إيجاد قاعدة متينة من أجل تطوير التسيير الإداري والتنموي، وعليه فإن سعي الدولة الجزائرية لإرجاع الدور التنموي للمؤسسة الوقفية تجسد في أُطر قانونية وتطبيقية محاولة منها النهوض بتنمية الملك الوقفي، غير أن الواقع أثبت أن الدور التنموي بشقيه الاجتماعي والاقتصادي لا يزال يعتريه النقص والجمود ، وعليه سنتناول أهم الإجراءات والسُبُل التي اعتمدتها الوزارة للنهوض بمؤسسة الوقف (المطلب الأول ) ، وكذا الحلول المقترحة لتنمية العقار الوقفي وجعله يقوم بدوره الريّادي في مجال الاستثمار ( المطلب الثاني ) .
المطلب الأول: جهود الدولة لتطوير وتنمية العقار الوقفي
لتجسيد الحماية الدستورية المتأخرة في مجال الملكية الموقوفة ، حاولت الدولة الجزائرية ممثلة في الوزارة المكلفة بالأوقاف ترميم ما يمكن ترميمه، لاسيّما والأملاك الوقفية تعرضت قبل التسعينات لشتى أنواع النهب والاستلاء، وتراوحت أعمال الوزارة بين الإجراءات الإدارية من خلال محاولة استرجاع الأملاك الوقفية المصادرة، واعداد جرد وحصر عام لهاته الممتلكات هذا من جهة ، ومن جهة أخرى محاولة إرساء قواعد قانونية جديدة من شأنها تطوير وتنمية الأملاك العقارية الوقفية، ومنه فجهود الدولة في نطاق استثمار الملكية الموقوفة تجلّى فيما يلي :
الفرع الأول: محاولة استرجاع الملك الوقفي
كما سبق القول فقد تمّ تأميم ثروة عقارية وقفية هائلة في ظل مفاهيم خاطئة ، فمن جهة اعتبار الأملاك الوقفية من أملاك الدولة ، ومن جهة أخرى اكتساب العقار الوقفي بالتقادم المكسب واعداد ما يسمى بعقد الشهرة ، غير أنه ومع بداية التسعينات وتجسيد الحماية الدستورية للأملاك الوقفية، فضلا عن النصوص القانونية والتنظيمية التي جسدت امكانية استرجاع الأملاك الوقفية المؤمّمة تمكنت الوزارة من خلال عملية البحث عن الأملاك الوقفية التي شرعت فيها إلى اكتشاف و استرجاع و تسوية الكثير منها، وقد اعتمدت في عملها على الخبراء العقاريين وبالتنسيق مع مصالح وزارة المالية (أملاك الدولة والحفظ العقاري ومسح الأراضي)، غير أن الواقع من ذلك أن حجم الأوقاف التي تمّ تأميمها والاستلاء عليها يفوق بكثير حجم الأملاك المسترجعة، أو حتى التي بقيت وقفية وتسهر عليها الوزارة المكلفة بهذا الشأن .
الفرع الثاني: ترقية أساليب التسيير المالي والإداري
وفي هذا عملت الوزارة على تحقيق هذا الهدف من خلال إعداد المذكرات والتعليمات في مجال التسيير المالي والإداري لاسيّما إعداد الملفات للأملاك الوقفية، وتوحيد الوثائق الإدارية الخاصة بتسييرها (منشور الملك الوقفي، وبطاقة الملك الوقفي)، وكذا تسيير الإيجار وكل المسائل المرتبطة به (عقود الإيجار، طرق تقييمه، الترميم والإصلاح )، بالإضافة إلى ضبط الوضعية المالية للأملاك الوقفية.
الفرع الثالث: مراجعة بدل الإيجار وارساء تطبيق ايجار المثل
ففي ظلّ انخفاض قيمة الدينار الجزائري سعت الوزارة إلى مراجعة بدل الإيجار، وتطبيق بدل ايجار جديد يتماشى وايجار المثل، وقد ركزت في البداية على المحلات التجارية والمرشات والأراضي الفلاحية ، أما بالنسبة للسكنات الوقفية الوظيفية فإن جهودها تركزت حول إبرام العقود مع المستأجرين والذين هم غالبا من رجال السلك الديني ، والعمل على زيادة الإيجار بالتراضي وبنسب متدرجة وكذلك على تسديد مخلفات الإيجار .
الفرع الرابع: جرد العقارات الوقفية وتسوية وضعيتها القانونية
وفي هذا الصدد عملت الوزارة على وضع جرد عام للعقارات الوقفية على المستوى الوطني، وذلك بإعداد حصر كلي لهاته الممتلكات من خلال إنشاء بطاقية وطنية وسجلات لجرد للأملاك الوقفية المستغلة ،وبالموازاة مع اجراءات الجرد سعت الوزارة المكلفة بالأوقاف إلى تسوية الوضعية القانونية للأملاك الوقفية [25] على أمل تجسيد أرضية متينة، تهدف من جهة إلى حماية العقار الوقفي، ومن جهة أخرى اعداد وعاء عقاري من شأنه تنمية واستثمار أمثل للأملاك الوقفية ، ولا يتسنى ذلك إلاّ بالحصول على الوثائق والمستندات اللاّزمة لإثبات الملكية الموقوفة .
وعليه فقد تطلبت تسوية الوضعية القانونية للأملاك الوقفية عناية وتركيز خاصين من أجل التوثيق الرسمي للأملاك الوقفية وشهرها لدى مصالح الشهر العقاري، و نشير هنا أن هذه العملية تختلف حسب نوع ووضعية الأملاك الوقفية المعروفة والمستغلة بإيجار والتي ليست لها سندات رسمية ، أو أملاكا وقفية مجهولة وتمّ اكتشافها في إطار عملية البحث، أو أنها مخصصة للشعائر الدينية.
غير أنه وما يمكن الإشارة اليه في هذا الصدد ، هو وجود ملكية عقارية موقوفة يسودها الفوضى والعشوائية جرّاء من جهة عدم وجود سياسة تشريعية عقارية تتمحور أساسا على تنظيم الملكية العقارية عموما، من خلال إيجاد مسح عام للأراضي يُبين فيه ما هو ملك خاص، وما هو وطني عام وخاص، وما هو ملك وقفي، إذ غالبية الأراضي الوطنية الخاصة يحوزها الأفراد الخواص والمتمسكون بحيازتها، ضف إلى ذلك أن الكثير من الأملاك الوقفية تمّ تأميمها واعتبرت أملاكا للدولة، ليتم بعدها محاولة استرجاعها من خلال نصوص تشريعية تتعارض مع عقود الامتياز العقاري، ومن جهة أخرى عدم وجود أمن قانوني يرتكز على استقرار النصوص القانونية باعتبار ذلك أساس لتنمية واستثمار العقار عموما، لاسيّما العقار الوقفي، إذ مسألة ضبط طبيعة العقار وفق آلية المسح، وتجسيد فكرة الأمن القانوني باستقرار القواعد القانونية أمر من شأنه اضفاء أكثر حماية للأملاك الوقفية .
الفرع الخامس : تنمية واستثمار العقار الوقفي
في إطار تطوير أساليب استغلال الأملاك الوقفية تمّ تعديل قانون الأوقاف 91/10 بموجب القانون رقم 01/07 المؤرخ في 28 صفر 1422 الموافق لـ 22 ماي 2001، وذلك لفتح المجال لتنمية واستثمار الأملاك الوقفية سواء بتمويل ذاتي من حساب الأوقاف، أو بتمويل وطني عن طريق تحويل الأموال المجمعة إلى استثمارات منتجة باستعمال مختلف أساليب التوظيف الحديثة، غير أنه وما يمكن قوله في هذا الصدد أن التعديل الجديد لقانون الأوقاف، وبالرغم من الصيغ العديدة التي جاء بها لتطوير وتنمية العقار الوقفي سواء أكان محلا سكنيا أو تجاريا أو أراضي زراعية، لاسيّما عقود المزارعة والمساقاة والمرصد والتعمير وغيرها من الصيغ التي من شأنها الرُقي بالملك الوقفي وجعله آداة للتطور الاجتماعي والاقتصادي، إلاّ أن ما هو واقع أثبت خلاف ذلك ، فمعظم العقارات الوقفية لا تستثمر بهاته الصيغ ، وإنما يتم منحها في اطار عقود ايجار عادية، وبأثمان بخسة، ومن ثمّ فتفقد دورها التنموي إن لم نقل تفقد حتى ذاتيتها، ذلك أن الملكية الموقوفة تُعد أحد أضعف الأملاك حماية مقارنة بباقي الملكيات، لاسيّما الخاصة والعامة، فالملكية الموقوفة تعد في حكم المال السائب، والمال السائب لا يمكن تنميته وإنما مصيره في ظل عدم المحافظة عليه الزوال والاندثار.
المطلب الثاني: الحلول المقترحة لاسترجاع العقار الوقفي وسُبُل استثماره
بالرغم من جهود الدولة للنهوض بقطاع الأوقاف وسعيها لجعله رائدا في مجال التنمية، فإننا نقول أنه في ظل عدم وجود ارادة سياسية تشريعية من الدولة لتجسيد الحماية الدستورية المستحدثة، فإن التشريع الوقفي بمختلف أطيافه القانونية والتنظيمية، لا يمكن له أن يرقى بالملكية الوقفية إلى مستوى التنمية المنشودة، ومنه فإننا نعتقد أنه وبالرغم من هاته النصوص التشريعية والتنظيمية فغنها تبقى قاصرة للوصول غلى مستويات من خلالها يلعب الوقف كمؤسسة قائمة بذاتها دورا اجتماعيا واقتصاديا مهما، وعليه سنتكلم عن آفاق ايجاد أرضية عقارية وقفية تعكس ما هو واقع، وتلبي ما هو مأمول، وذلك بالتطرق إلى هاته الآفاق، وإلى سُبُل تنمية الملك الوقفي من خلال تنويع مجالاته الاستثمارية.
الفرع الأول : آفاق ايجاد وعاء عقاري وقفي تنموي
بصرف النظر عن المشاريع الاستثمارية الوقفية الضئيلة جدا، فإن تنمية الأملاك الوقفية وتطويرها لابد أن يرتكز أساسا على وعاء وأرضية عقارية من شأنها تعزيز واسترجاع المؤسسة الوقفية، ولن يتأتّ ذلك إلاّ بوجود ارادة سياسية من الدولة الجزائرية تقوم على فكرة ، من جهة استرجاع الأراضي المؤمّمة ، ومن جهة أخرى إرساء قواعد الرقابة على تسيير الممتلكات الوقفية، وكذا التطبيق الصارم للقواعد القانونية المتعلقة بالأوقاف، وعليه ففي اطار ايجاد آفاق لتطوير العقار الوقفي، وفضلا عن ضرورة التوعية والإعلام فيما يخص القيمة الاقتصادية والاجتماعية للوقف فإننا نعتقد ما يلي :
أولا ــــ على المستوى التسييري : انشاء مديرية أوقاف مستقلة تماما عن غيرها، حيث يكون هيكلها التنظيمي خاصا بالأوقاف فقط، ولمّا لا انشاء المديريات الجهوية للأوقاف شرقا وجنوبا وغربا ووسطا .
ثانيا ــــ تسخير الموارد البشرية المتخصصة والمادية لاسترجاع العقار الوقفي الذي تمّ تأميمه، ولمّا لا يتم منح الدولة عقارات لها كتعويض عيني مادام هناك نصوص قانونية تتكلم عن التعويض العيني.
ثالثا ـــــ الواقع العملي يؤكد بقاء الإيجار الطريق الوحيد لاستغلال الأملاك الوقفية، بينما تبقى الصيغ الأخرى التي جاء بها التعديل الجديد بقانون 01/07 المعدل لقانون الأوقاف مجرد أفكار نظرية لم ترق بعد إلى التجسيد التطبيقي الفعلي، وعلى ذلك نعتقد ضرورة اعتماد تلك الصيغ ميدانيا، وذلك بإعداد نماذج تُعدّ سلفا ( عقود نموذجية ) تتضمن عقود المزارعة والمساقاة والمرصد والترميم والتعمير وغيرها .
الفرع الثاني: تنويع نطاق الاستثمار في العقارات الوقفية
إذ وفي إطار تنمية الأملاك الوقفية لا يمكن أن ينحصر استغلال هاته الممتلكات على الطرق التقليدية المتمثلة عموما في استعمال العقار الوقفي في المجال السكني والتجاري، ولكن يمكن استثمار العقارات الوقفية في نطاق أوسع وبصيغ حديثة، إذ يمكن تطوير ذلك في المجالات التالية :
أولا ـــ المدن السياحية: وهنا يمكن الاستثمار في العقار الوقفي، وذلك بإنشاء قرى سياحية سواء أكانت ساحلية أو في الصحراء أو في أي منطقة تتوافر على جانب سياحي يمكن الاستثمار فيه، وكل ذلك يكون في اطار ديني، ووفق ما تقتضيه العادات والتقاليد الإسلامية الحميدة [26] .
ثانيا ـــــ انشاء فنادق وقفية راقية : ومعناه الاستثمار في مجال الخدمات الفندقية وذلك بتشييد فنادق على الأراضي الوقفية بالشكل الذي يساير تعاليم الشريعة الإسلامية، وبأسعار تنافسية وخدمات في أفضل وأجود صورها .
ثالثا ـــ مؤسسات وقفية استشفائية : فالكثير من الدول العربية تستخدم العقار الوقفي في مجال الصحة، وثبت أنه وسيلة لتطوير الممتلكات الوقفية، ولذلك فإنه يمكن تنمية الأملاك العقارية الوقفية في الجزائر وذلك بإنشاء مستشفيات وعيادات متخصصة تقدم خدمات طبية بشتى أنواعه، وبأسعار تنافسية وفي أفضل صورها، مع الأخذ بعين الاعتبار صفة الوقفية وما يترتب عنه من مساعدة لفئة المحتاجين والفقراء وغيرهم .
رابعا ــــ المكتبات والمدارس المتخصصة الوقفية : ويقصد بذلك المكتبات الكبيرة التي تقدم مصادر البحث العلمي بشتّى أنواعه، فضلا عن تقديم مختلف الخدمات الأخرى، لاسيّما خدمات تصوير الوثائق والإعلام الآلي، وكذا خدمات الإطعام وغيرها، أما المدارس المتخصصة فهي تلك المدارس التي تحترف تعليم اللغات والإعلام الآلي، الحرف التقليدية، الصناعات الصغيرة،…وغيرها من المجالات التي تستثمر فيها الملكية الخاصة عموما، هذا كله مع ضرورة تجسيد رقابة فعلية مركزية وغير مركزية على عملية تسيير واستغلال هاته الممتلكات الوقفية.
خاتمة
وكخاتمة لما تمّ ذكره نقول أن العقار عموما يثير الكثير من المنازعات والخصومات باعتباره منبعا ومصدرا مهما للربح، والعقار الوقفي باعتباره نوع من أنواع العقار تعرض لشتىّ أنواع الانتهاك بدءا بالاستعمار الفرنسي، ومرورا بالتأميمات المختلفة للتشريعات الوطنية ، لاسيّما قانوني الثورة الزراعية، والتنازل عن أملاك الدولة للخواص ، ووصولا إلى الحماية الدستورية للأملاك الوقفية والنصوص القانونية المطبقة لذلك .
غير أن الواقع لا يزال ينبئ بتدهور الأملاك الوقفية، سيّما وانعدام إرادة سياسية للدولة في جعل العقار الوقفي مصدرا مهما للاستثمار ، ومن ثمّ تحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية مستدامة .
فلاشك أن الأوقاف في الجزائر على ما هي عليه اليوم لا يمكن أن تقوم بالدور المراد منها في عملية التنمية المنشودة، إذ في ظل ذلك فهي عاجزة عن تلبية الحاجات العامة المتزايدة، وعليه فمن الضروري العمل على إنمائها، واستغلالها و تعظيم ريعها، ولكونها في الأصل تعاملا دينيا، لذا يتطلب ضبط العمل الوقفي بأحكام الشرع ، لأن الاستثمار الوقفي يعتبر من أهم وأدق التصرفات التي تحتاج إلى تأصيل شرعي ومراعاة لحكم الدين والتزاما بأغراض الوقف ، وأخذا في الحسبان مصلحة المستحقين، وشروط الواقفين.
وعليه وممّا سبق ذكره فإننا نخلص الى النتائج والتوصيات التالية :
1 ـــــ ضرورة تسخير موارد بشرية ومالية كافية ومتخصصة لاسترجاع الأملاك العقارية الوقفية سواء التي تمّ تأميمها من قبل الدولة ومنحها للخواص في إطار الثورة الزراعية، أو الاحتياطات العقارية، واذا استحال ذلك فيتم التعويض العيني ، وذلك بمنح أملاك عقارية وطنية مقابل ما تمّ تأميمه، هذا بالإضافة إلى اعادة الملك الوقفي الذي تمّ الاستلاء عليه من قبل الخواص في اطار اكتساب الملكية بالحيازة، واعداد ما يسمى بعقد الشهرة.
2 ـــــ ضرورة تفعيل صيغ استثمار الأملاك الوقفية التي جاء بها قانون 01/07 ، وذلك بتبيان أحكام هذه الصيغ ، لاسيّما المزارعة والمساقاة والمرصد والتعمير وغيرها، فيتم التنظيم من خلال تكوين هاته العقود وشروطها ، فضلا عن آثارها وانقضائها، ولما لا إعداد عقود نموذجية تعدّ سلفا من شأنها أن تضبط استثمار وتنمية الملك الوقفي .
3 ـــــ العمل على تنويع نطاق الاستثمار في العقارات الوقفية، وذلك بإنشاء مؤسسات فندقية وعيادات طبية متخصصة، فضلا عن تشييد قرى سياحية وقفية، ومدارس ومكتبات وغيرها من المشآة التي تستعمل في إطار الاستثمار في الملكية الخاصة، شريطة اضفاء آليات الرقابة الفعلية الآنية لعملية تسيير هاته الممتلكات .
4 ــــــــ ضرورة تجسيد رقابة فعلية مستمرة على الاستغلال الأمثل للممتلكات الوقفية، خصوصا في ظل الفساد الإداري ، واللاّمبالاة بالملكية الموقوفة، واستغلالها في غير ما يحقق أهدافها المنشودة .
5 ــــــ تعزيز التعاون الدولي في مجال تنمية وتطوير المؤسسة الوقفية، لاسيّما دول الخليج، إذ تعتبر رائدة في هذا المجال، بالإضافة إلى بحث سُبُل التعاون مع الهيئات العلمية الدولية المتخصصة .
أخيرا نقول أن كل هذه التوصيات والنتائج التي تهدف إلى الرُقي بالمؤسسة الوقفية وإسناد لها الدور الريادي في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية لن تجد نفعا ما لم تكن هناك إرادة سياسية للدولة من أجل تغيير واقع الملك الوقفي من الركود والجمود إلى آفاق وآمال التنمية والازدهار.
قائمة المصادر والمراجع:
أولا / قائمة المصادر:
أ ـــــ النصوص التشريعية
1 ــــــ دستور الجزائر لسنة 1989 الصادر بموجب المرسوم الرئاسي 89/18المؤرخ في 22 فبراير 1989 ،ج ر العدد 09 لسنة 1989المعدل والمتمم بالقانون 96/76 الوؤرخ في 08/12/1996 ،ج ر رقم 76 لسنة1996 المعدل والمتمم بالقانون رقم 16/01 المؤرخ في 06/03/2016 ،ج ر رقم 14 لسنة 2016 ، الجزائر.
2 ــــ الأمر رقم 71/73 المؤرخ في 08/11/1971المتضمن قانون الثورة الزراعية ،ج ر العدد 97 لسنة 1971، الجزائر ، ملغى.
3 ـــــ الأمر رقم 75/58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975، المتضمن القانون المدني الجزائري، المعدل والمتمم بالقانون 07/05 المؤرخ في 13 ماي 2007 ، ج.ر العدد 13 لسنة 2007، الجزائر.
4 ــــ القانون رقم 81/01 المؤرخ في 07/02/1981 المتضمن التنازل عن أملاك الدولة ، الجريدة الرسمية العدد 06 لسنة 1981، الجزائر. ملغى.
5 ــــــ القانون 84/11 المؤرخ في 09/06/1984 المتضمن قانون الأسرة ،ج ر العدد 24 لسنة 1984 المعدل والمتمم بالأمر05/02 المؤرخ في 27/02/2005، ج ر العدد 15 لسنة 2005، الجزائر .
6 ــــــ قانون 90/25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 المتضمن التوجيه العقاري ، ج ر العدد 49 لسنة 1990، الجزائر.
7 ـــ قانون 91 /10 ، الصادر بتاريخ 12 شوال 1411 ه الموافق ل 27 افريل 1991 والمتعلق بالأوقاف المعدل والمتمم ، ج ر العدد 21 لسنة 1991 ، الجزائر.
8 ـــــــ قانون 01/07 المؤرخ في 28 صفر 1422 الموافق ل22 ماي 2001 المعدل والمتمم للقانون 91/10 المتعلق بالأوقاف ، ج ر عدد 29 لسنة 2001، الجزائر.
9 ـــــــ قانون 07/02 المؤرخ في 27/02 /2007 المتعلق بتأسيس اجراء لمعاينة حق الملكية وتسليم سندات الملكية عن طريق التحقيق العقاري ،ج ر العدد 15 لسنة 2007 ، الجزائر، ألغى المرسوم 83/352 المؤرخ في 21/11/1883 والمتعلق بالتقادم المكسب واعداد عقد الشهرة ، ج ر العدد 21 لسنة 1983.
ب ــــ النصوص التنظيمية
1 ــــــ المرسوم رقم 62/157 المؤرخ في 31/12/1962 المتضمن تمديد سريان القوانين الفرنسية في الجزائر، ما عدا تلك التي تمس السيادة الوطنية الجريدة الرسمية العدد 02 لسنة 1963 ،الجزائر.
2 ـــــ المرسوم رقم 64/283 المؤرخ في 17/09/1964 المتضمن نظام الأملاك الحبسية العامة ،ج ر رقم 35 لسنة 1964 ، الجزائر.
3 ــــ المرسوم التنفيذي 94/470 المؤرخ في 25/12/1995 والمتعلق بإنشاء مديرية مكلفة بالأوقاف، العدد01 لسنة 1994، الملغى بالمرسوم التنفيذي 2000/146 المؤرخ في 28/06/2000 ،ج ر العدد38 لسنة 2000 ، الجزائر.
4 ــــ المرسوم التنفيذي 98-381 المؤرخ في 01 ديسمبر 1998، المؤرخ في 12 شعبان عام 1419 الموافق 01 ديسمبر 1998 الذي حدد شروط إدارة الأملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك ، ج ر العدد 90 لسنة 1998 ،الجزائر.
5 ــــ المرسوم التنفيذي 2000/200 المؤرخ في 26 يوليو 2000 و المحدد لقواعد تنظيم مصالح الشؤون الدينية والأوقاف في الولاية وعملها، ج ر العدد 17 لسنة 2000 ، الجزائر.
6 ــــ المرسوم التنفيذي 18/213 المؤرخ في 20/08/2018 والمتعلق بشروط وكيفيات استغلال العقارات الوقفية الموجهة لإنجاز مشاريع استثمارية، ج ر العدد 52 لسنة 2018 ،الجزائر.
ثانيا /قائمة المراجع:
أ ــــ الكتب والمحاضرات:
- خالد رمول، الإطار القانوني والتنظيمي لأملاك الوقف في الجزائر ، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، ط1 ، الجزائر ، 2004 .
- ناصر الدين سعيدوني، تاريخ الوقف ودوره الاجتماعي والاقتصادي ، محاضرة قدمت لدورة ادارة الأوقاف الإسلامية المنعقدة بالجزائر من 21 إلى 25 نوفمبر1999، نشر وزارة الشؤون الدينية، الجزائر، 1999 .
ب- المقالات والاجتهادات القضائية:
- فارس مسدور، كمال منصوري، الأوقاف الجزائرية، نظرة في الماضي والحاضر والمستقبل ، مجلة علمية نصف سنوية تصدر عن الأمانة العامة للأوقاف، الكويت ، 2008 ، ص 85 – 100
- فارس مسدور، الأوقاف الجزائرية بين الإستثمار والإندثار، مجلة معهد العلوم الإقتصادية ، الجزائر، المجلد 12 العدد 03 ، لسنة 2008 .
3 ـــــ شرون عز الدين، أساليب استثمار الوقف في الجزائر، مجلة الحجاز العالمية المحكمة للدراسات الإسلامية والعربية، السنة 2014 ، العدد 08 .
4– مجلة المحكمة العليا، لعدد 02 لسنة 2009، القرار رقم 514789 المؤرخ في 11/02/2009 الصادر عن المحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية، الجزائر.
[1] ــــ وذلك بموجب المرسوم التنفيذي رقم 94/470 المؤرخ في 25/12/1995 والمتعلق بانشاء مديرية مكلفة بالعدد01 لسنة 1994 والذي ألغي بالمرسوم التنفيذي 2000/146 المؤرخ في 28/06/2000 ،ج ر العدد38 لسنة 2000 ، الجزائر.
[2] ــــــ ناصر الدين سعيدوني ، تاريخ الوقف ودوره الإجتماعي والإقتصادي ، محاضرة قدمت لدورة ادارة الأوقاف الإسلامية المنعقدة بالجزائر من 21 إلى 25 نوفمبر1999 ، نشر وزارة الشؤون الدينية، الجزائر، 1999، ص 9 وما بعدها.
[3] ــــ الجريدة الرسمية العدد 02 لسنة 1963 الجزائر.
[4] ـــــ الجريدة الرسمية العدد 35 لسنة 1964 ،الجزائر.
[5] ـــــ خالد رمول، الإطار القانوني والتنظيمي لأملاك الوقف في الجزائر ، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع ، الجزائر ، 2004 ، ط1 ،ص 21.
[6] ــ الجريدة الرسمية العدد 06 لسنة 1981 ، الجزائر.
ـــ[7] عرّف المشرع الجزائري الوقف في المادة 03 من قانون 91/10 المؤرخ في 12 شوال 1411ه الموافق 27 أفريل 1991م على أنه: “حبس العين عن التملك على وجه التأبيد ، والتصدق بالمنفعة على الفقراء أو على وجه من وجوه البر والخير”
[8] ــ قانون 84/11 المؤرخ في 09/06/1984 المتضمن قانون الأسرة ،ج ر العدد 24 لسنة 1984 المعدل والمتمم بالأمر05/02 المؤرخ في 27/02/2005، ج ر العدد 15 لسنة 2005 ، الجزائر .
[9] ــ تمّ الغاء قانون الثورة الزراعية بموجب المادة 75 من قانون 90/25 المتعلق بالتوجيه العقاري المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 المعدل والمتمم ،ج ر العدد 49 لسنة 1990،الجزائر.
[10] ـــ قانون 91 /10 المؤرخ في 12 شوال 1411 ه الموافق ل 27 افريل 1991 والمتعلق بالأوقاف المعدل والمتمم ، ج ر العدد 21 لسنة 1991 ، المؤرخ في 08 / 05 / 1991 ، الجزائر ، والمنظم في 50 مادة .
[11] ـ الجريدة الرسمية العدد 90 لسنة 1998 ، الجزائر .
[12] ـــ الأملاك الوقفية لا تقبل الاكتساب بالتقادم ، وقد منع المشرع الجزائري التصرف في الوقف من خلال تطبيق القاعدة العامة التي تقر أنه من لا يجوز التصرف فيه، لا يجوز كسبه بالتقادم ، وبصدور قانون 07/02 المؤرخ في 27/02 /2007 المتعلق بتأسيس اجراء لمعاينة حق الملكية وتسليم سندات الملكية عن طريق التحقيق العقاري ،ج ر العدد 15 لسنة 2007 ، الجزائر، ألغى المرسوم 83/352 المؤرخ في 21/11/1883 والمتعلق بالتقادم المكسب واعداد عقد الشهرة ، ج ر العدد 21 لسنة 1983، ونص في المادة 03 منه صراحة على عدم جواز تملك الأملاك العقارية الوقفية ، لكن عمليا تمّ اكتساب العديد من الأملاك العقارية الوقفية الخاصة ، ومنها الأراضي الوقفية الجرداء عن طريق التقادم المكسب ، واعداد ما يسمى بعقد الشهرة ، الشيء الذي أكدته المحكمة العليا عن طريق غرفة الأحوال الشخصية في قراررها المؤرخ في 11/02/2009 تحت رقم 514789 ، بأنه لا تقادم في الحبس كون عقد الحبس من طبيعة خاصة ـــ أنظر ـــ مجلة المحكمة العليا ، لسنة 2009 ، العدد 2 ، ص 283 .
[13] ــ الأملاك العقارية الوقفية عانت مدة طويلة من الإهمال والضياع ، الشيء الذي يؤكد فكرة صعوبة استرجاع هاته الأملاك ، إذ وفي ظل تربع الجزائر على مساحة تفوق 2.3 مليون كيلومتر مربع ، مقسمة الى 48 ولاية ، فإنه يلزم ضرورة توفر الكمّ اللاّزم من الكوادر والأعوان المؤهلة للعمل في مديرية الأوقاف ، ويضاف إلى ذلك أن هناك ولايات تتوافر على أملاك وقفية قائمة ، وأخرى يتم استرجاعها، والباقي في طور البحث، ممّا يستلزم تخصيص هياكل قائمة بذاتها داخل الإدارة المركزية لمتابعة كل هذه العمليات .
[14] ـــ وهو ما جاء به المرسوم التنفيذي رقم 98/381 في المادة 10 منه إذ نصت على أنه ” تسهر نظارة الشؤون الدينية في الولاية على تسيير الأملاك الوقفية وحمايتها و البحث عنها وجردها ، وتوثيقها إداريا طبقا للتنظيم المعمول به” ، وكذا المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 2000/200 المؤرخ في : 26 يوليو 2000 و المحدد لقواعد تنظيم مصالح الشؤون الدينية والأوقاف في الولاية وعملها، ج ر العدد 17 لسنة 2000 ، الجزائر.
[15] ــ هي من أهم الأجهزة التي تتولى إدارة الأملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها ، وقد أنشأت بموجب قرار وزاري رقم : 29 المــــؤرخ في 21/02/1999 تطبيقا للمادة 09 من المرسوم التنفيذي رقم 98/381 المــؤرخ في : 01/12/ 1998، وتعمل وتمارس مهامها تحت سلطة وزير الشؤون الدينية والأوقاف باعتباره سلطة مكلفة بالأوقاف.
[16] ــــــ أحكام المواد 03 ، 04 ، 05 ، 06 من المرسوم التنفيذي 98-381 المؤرخ في 01 ديسمبر 1998، المؤرخ في 12 شعبان عام 1419 الموافق 01 ديسمبر 1998 الذي حدد شروط إدارة الأملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك ، ج ر العدد 90 لسنة 1998 ،الجزائر.
[17] ــــــ المواد 13 ، 14 ، 20 ، 21 من نفس المرسوم .
[18] ـــــ فارس مسدور ، كمال منصوري ، الأوقاف الجزائرية ، نظرة في الماضي والحاضر والمستقبل ، مجلة علمية نصف سنوية تصدر عن الأمانة العامة للأوقاف ، الكويت ، 2008 ، ص 15 وما بعدها.
[19] ـــــ في هذا الصدد نشير الى أنه لا مجال لتطبيق حق البقاء على الأملاك الوقفية مطلقا ، إذ حق البقاء أبدي ، ولا يجوز تأبيد العقود في الشريعة الإسلامية ، وهذا الكلام ينحصر في الفترة التي تسبق صدور المرسوم التشريعي 93/03 المتعلق بالنشاط العقاري المعدل للقانون المدني الذي ألغى الحق في البقاء ، غير أن الواقع أثبت أن الكثير من شاغلي هاته الأمكنة تمسكوا بحق البقاء ، وبقي الحال كذلك حتى صدور القانون 07/05 المعدل والمتمم للقانون المدني ، ونص في مضمونه على ما يفيد انقضاء حق البقاء بحلول سنة 2017 ، واستثناءا من ذلك شاغلي العقار الوقفي البالغين 60 سنة عند صدور التعديل الجديد 2007 ينقضي حق البقاء بوفاتهم ، أنظر، المادة 507 مكرر من القانون المدني الجزائري .
[20] ــــــ لأكثر تفصيلا ، أنظر ، شرون عزالدين ، أساليب استثمار الوقف في الجزائر ، مجلة الحجاز العالمية المحكمة للدراسات الإسلامية والعربية ، السنة 2014 ، العدد 08 ، ص 177 وما بعدها .
[21] ــــــ المادة 26 مكرر 01 من قانون 01/07 .
[22] ـــــ المادة 26 مكرر 02 من قانون 01/07 .
[23] ـــــ المادة 26 مكرر 05 من قانون 01/07
[24] ــــــ المادة 26 مكرر 07 من قانون 01/07
[25]ـــ و قد تم اتخاذ الأساس القانوني للتسوية القانونية للأملاك الوقفية بالتنسيق مع وزارة المالية ، وبعض الوزارات المعنية في صيغة تعليمات وزارية مشتركة أدت كلها إلى تسارع وتيرة التسوية القانونية للأملاك الوقفية .
[26] ـــــ فارس مسدور، الأوقاف الجزائرية بين الاستثمار والاندثار ، مجلة معهد العلوم الاقتصادية، الجزائر ، المجلد 12 العدد 03، لسنة 2008 ، ص 204 .