
مدى مشروعية تنسيب الابن غير الشرعي في القانون العراقي
The legality of the placement of Illegitimate child in the Iraqi law
د. عبد المنعم عبد الوهاب العامر ، نقابة المحامين ، البصرة- العراق
Dr. Abdelmonem Alaamer, Bar Association, Basra, Iraq
مقال نشر في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 39 الصفحة 65.
الملخص:
أولت الشريعة الإسلامية الغراء عناية كبيرة للنسب، فحرصت على طهره ونقاءه فألحقت الأولاد من رابطة الزواج بآبائهم نسباً . لكنها في ذات الوقت لم تغفل امكانية وجود الابن غير الشرعي في مجتمع مسلم، فقررت أولاً براءته من وزر والديه الطبيعيين، ومنحته سائر الحقوق المقررة للأولاد الشرعيين، ثم اجتهد فقهائها الأجلاء في مسألة تنسيبه إلى أبيه فكانوا بين مجيز ومانع لذلك. ومع غياب النص الصريح في قانون الأحوال الشخصية النافذ بشأن هذه المسألة فقد أثار هذا الاختلاف إشكالية الترجيح بين الرأيين الفقهيين المتعارضين. وقد أنتهى البحث إلى مشروعية تنسيب الأبن غير الشرعي إلى أبيه في القانون العراقي.
ABSTRACT:
The Islamic sharia gave great attention to lineage, so it made sure that it was pure, so it attached the children from marriage association to their fathers. At the same time, It did not lose sight of the possibility of an illegitimate child in a Muslim community, first deciding that they were innocent of the burden of his Biological parents, and granted them all the rights issued to legitimate children, and then it respectable canonists worked on the issue of his placement to his father, and they were between mean and reluctance. In the absence of explicit provision in the personal status law on this issue, this difference has raised the issue of weighting between the two opposing jurisprudential opinions. The search ended in the legality of the placement of the illegitimate child to his father in the Iraqi law.
المقدمة:
الأولاد هم ثمرة الحياة الزوجية وهدفها الأول، قاعدة اتفقت عليها سائر التشريعات السماوية والنظم الوضعية التي عرفتها البشرية على مدى تاريخها المعروف. وكان من أهم النتائج المترتبة على هذه القاعدة، الإقرار – من جانب- بشرعية الأولاد الذين هم ثمرة العلاقة الزوجية ونسبتهم إلى أباءهم ، وعدم الاعتراف -من جانب آخر- بشرعية كل مولود يأتي من غير الزوجية واعتباره ابناً غير شرعي.
ومنذ القِدَم أستقر لدى مختلف الجماعات الإنسانية تحميل المولود غير الشرعي مسؤولية ما أرتكبه أبويه من وزِر، فعومل معاملة مُهينة، فكان منبوذاً، ينظر اليه باحتقار وازدراء، وقُطِعَت صلته بديانة الأسرة وطقوس عبادتها، وحُرِمَ من التمتع بالحقوق التي كان يتمتع بها الأولاد الشرعيين كالنفقة والإرث، وكذلك النسب، حيث لم تُقَر شرائع الشعوب القديمة واليونانيين والرومان والمصريين والبابليين وسواهم من المجتمعات الإنسانية الأخرى بنسبة المولود غير الشرعي إلى أبيه، وإنما ألحقت نسبه بأمه. وبقي الأمر على هذا الحال في عموم أوربا حتى مستهل القرن التاسع عشر الميلادي عندما أقرت فرنسا في عهد نابليون بحق المولود غير الشرعي المطالبة بإلزام والده بالنفقة عليه، فيما ظلت أوربا قاطبة على أنكارها لحق ذلك المولود بالتحاقه بأبيه الطبيعي حتى قبيل منتصف القرن العشرين حين سمح القانون الإيطالي بإثبات نسب المولود غير الشرعي بإقرار والديه أو أحدهما بشرط إعلان الزواج اللاحق لوالديه.
في المقابل، وقبل ذلك بقرون، كانت شريعة الإسلام قد برأت المولود غير الشرعي من وَزِرِ ما أرتكبه والديه الطبيعيين، وأوجبت احترامه ومعاملته بالرعاية والعناية، والإحسان في تربيته كسائر أطفال المسلمين، ومنحته من الحقوق مثل ما يمنح لأي منهم، وعاقبت بشدة كل مَن يُسيء إليه أو يحط من شأنه. ولم يتوقف الأمر عند هذا الذي ذكرناه، أو عند الكثير سواه مما لا يتسع المقام بيانه من صنوف المعاملة الحسنة التي منحها وأمر بها ديننا الحنيف للمولود غير الشرعي، بل أجازت ثلة من علماء الشريعة الغراء وفقهائها الأجلاء مستندين في ذلك للسنة النبوية المطهرة إلحاق الأبن غير الشرعي إلى بأبيه نسباً ضماناً للعناية به، واحتواءً للتبعات المترتبة على جريرة
والديه، وذلك في سابقة لم تعرفها البشرية جمعاء ولم تهتدِ إليها المدنية الغربية المعاصرة إلا بعد مضي ما يزيد على ثلاثة عشر قرن من الزمان.
وفي عصرنا الراهن، وبالنظر لتراجع الالتزام الاخلاقي في مجتمعاتنا العربية تحت وطأة ما تعانيه من تخلف قيمي مستشرٍ في شتى مناحي حياتها، وما تتعرض له من غزو فكري غربي متواصل ينخر عقول وضمائر شبابها فتياناً وفتيات فيحرف سلوكياتهم عن السبيل القويم، ويدفعهم إلى مهاوي الرذيلة والانفلات، فقد زاد شيوع ظاهرة الأبناء غير الشرعيين وازدادت معها مشاكل جمة على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية، ناهيك عن أثرها الفتاك على المنظومة الأخلاقية للمجتمع. وهكذا تبرز أهمية البحث في هذه المسألة الحيوية من جميع جوانبها كمدخل ضروري للعمل على تحجيمها والحد من آثارها المدمرة.
لكن مسألة تنسيب الأبن غير الشرعي إلى أبيه، التي لم تخلو أصلاً من اختلاف مستمر في الفقه الإسلامي بين مجيزٍ لها ومانع، تثير في العراق خصوصاً إشكالية الترجيح بين الرأيين الفقهيين المختلفين بالنظر لعدم وجود نص صريح بشأن هذه المسألة في قانون الأحوال الشخصية النافذ، مما فتح باباً لاجتهاد أحدى المحاكم الموقرة بما يخالف موقف المشرع العراقي في موضوع النسب بشكل عام وفي جزئية تنسيب الولد إلى أبيه بشكل خاص.
يتناول هذا البحث دراسة أوجه الإشكالية المشار اليها، وما يتصل بها من تساؤلات، مستهدفاً حلها والإجابة وتلك التساؤلات مع خلال تحديد المعيار الذي يوجب المشرع العراقي على محكمة الموضوع إتباعه للترجيح بين الأحكام الشرعية المختلفة بشأن مسألة معينة عند انعدام النص التشريعي عليها. وذلك بالانطلاق من فرضية للبحث تتبنى الحق المشروع لكل مولود بأن ينسب لوالديه الطبيعيين.
ولإنجاز مهمة البحث فقد اعتمدت المنهج التاريخي المقارن ومنهج التحليل الوصفي في دراسة النصوص الشرعية والقانونية وشروحها الفقهية، وتقييمها، ثم ترجيح الرأي المتسق في مضمونها وغايتها، وصولاً لعرض حلٍ للإشكالية المطروحة وتقديم إجابات لما تثيره من تساؤلات تكون متفقة مع روح القانون ونصوصه. فجاءت هيكلية البحث بعد المقدمة موزعة على ثلاثة مباحث، أفردت المبحث الأول منها لتحديد مفاهيم البحث ودلالاتها، وخصصت المبحث الثاني للتعريف بشكل موجز بموقف الفقه الإسلامي من مسألة تنسيب الأبن غير الشرعي إلى أبيه، وتناولت في المبحث الثالث موقف القانون العراقي من هذه المسألة. ثم أنهيت البحث بخاتمة تلخص ما توصلت إليه من استنتاجات وما أقترحه من توصيات.
المبحث الأول : تحديد مفاهيم البحث
إن تحديد مفاهيم المصطلحات ودلالاتها وبيان ما تستند عليه من مقومات يشكل المدخل الصحيح لأي بحث علمي رصين، لذا سنتناول في هذا المبحث تحديد مفاهيم أهم المصطلحات المتداولة في بحثنا هذا، فنخصص مطلب أول لبيان معنى النسب والتنسيب، ثم نعقبه بمطلب ثانٍ نحصصه لبيان معنى الولد كمسمى عام وكذلك معناه كمسمى محدد عندما تتصل به أوصاف معينة كالزنا واللعان.
المطلب الأول : معنى النسب والتنسيب
نوزع هذا المطلب على فرعين، نخصص الأول منهما لبيان معنى النسب، ونتناول في الثاني معنى التنسيب.
الفرع الأول: معنى النسب
النسب في اللغة أسم مفرد يجمع على أنساب مثل سبب وأسباب. وهو لفظ يدل على عدة معانٍ، منها القرابة، بمعنى صلة الإنسان بغيره على أساس من رابطة الدم، فتقول: بينهما نسب، أي؛ بينهما قرابة. وقيل هو القرابة في الآباء خاصة[1].
بهذا المعنى (القرابة) جاءت دلالة النسب في القرآن الكريم. قال تعالى:وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا[2]. فالنسب والصهر معنيان يعمّان كل قربى تكون بين آدميين[3]. وبهذا المعنى أيضا تناوله جمهور الفقهاء المسلمين في مباحثهم الفقهية، لذا لم يهتم غالبيتهم بوضع تعريف اصطلاحي شرعي خاص به، بالنظر لتطابق دلالته الواردة في الذكر الحكيم مع معناه في اللغة. فيما لم يخرج معنى النسب الوارد في التعريفات التي صاغها بعض الفقهاء المتقدمين و المعاصرين على حد سواء عن معناه المتقدم ذكره. فقد عرفه الإمام الطحاوي في حاشيته على الدر المختار بأنه: “اشتراك من جهة الابوين”[4]. وعَرَّفهُ الدكتور عبد الكريم زيدان بأنه: “صلة الشخص بغيره
على اساس القرابة القائمة على صلة الدم”[5].
أما في القانون فلم يورد المشرع العراقي تعريفا للنسب، إنما اكتفى في الفصل الأول من الباب السادس من قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل ببيان شروطه وطرق إثباته وما يترتب عليها من أثار.
وبالتأمل في النصوص الفقهية المتعلقة بمسائل النسب يُستخلص بأن الفقه الإسلامي يقسم النسب إلى ثلاثة أنواع. النوع الأول يطلق عليه نسب الانتماء أو نسب الدعوة، ويكون النسب فيه من جهة الآباء فقط، فهو يعبر عن علاقة الفرع من جهة الأب حيث ينسب الشخص – رجلا كان أم امرأة- إلى أبيه أو إلى عشيرته أو قبيلته، فيقال: فلان ابن فلان، أو فلانة ابنة فلان، أو فلان الفلاني (نسبة لأسم عشيرته أو قبيلته). والنوع الثاني يسمى نسب البنوة، ويكون من جهة أي من الأبوين، فهو يعبر عن علاقة الولد بأحد والديه المباشرين (الأب أو الأم)، فيقال: فلان ابن فلان، أو فلان ابن فلانة. ويدخل ضمن هذه العلاقة كل من يولد للأبوين من بنين وبنات وبنيهم مهما سفلوا. أما النوع الثالث فيسمى القرابة النسبية والتي تشمل قرابة الأصول كالأب، وقرابة الفروع كالابن، وقرابة الحواشي كالأخوة، وقرابة الرحم كالأخوال. والقرابة النسبية رابطة تعبر عن علاقة جامعة لمن يشتركون في ولادة قريبة أو بعيدة. ولا تدخل المصاهرة (أهل الزوجة أو أهل الزوج بالنسبة لاحدهما)، ولا القرابة الحكمية (من الرضاع أو من الولاء) ضمن هذا النوع وذلك لعدم تحقق الاشتراك في الولادة مع الصهر أو مع القريب حكماً[6].
يتضح مما تقدم أن النسب في الشريعة الإسلامية يقوم على القرابة التي اساسها الاشتراك في الولادة، لذا فأن نظام النسب في الشريعة الغراء يحدد أقارب كل فرد من جهة أبيه ومن جهة أمه ، فهو –أذن- نظام ثنائي الجهة يولي الاعتبار لجهتي القرابة، لكنه –في ذات الوقت- لا يضع هاتين الجهتين في مرتبة واحدة، فمثلا من حيث الانتماء النسبي تُرجح جهة القرابة من الأب على جهة القرابة من الأم فيلحق أسم الولد باسم أبيه وأسم عائلة الأب أو عشيرته ولا يلحق باسم أمه أو أسم عائلتها أو عشيرتها ، وذلك لأن نسب الانتماء (أو الدعوة) – وكما تقدم بنا- إنما يكون من جهة الآباء فقط[7].
ولما كان النسب سبب لاكتساب الفرد للعديد من الحقوق المعنوية (كالاسم والحرمة) والمادية (كالنفقة والميراث) فقد حظي بعناية واهتمام الشريعة الإسلامية، فارسته على قواعد وضوابط محكمة تؤكد سموه كرابطة تشريف وتكريم للفرد، وتحفظه من الفساد والتزييف، وبالتالي تُجنب الأسر والمجتمع معاً مخاطر الانسياق إلى المحظورات ومن ثم الوقوع في دائرة الفوضى والمآسي. لهذا فقد أكدت الشريعة الإسلامية على أن يكون الزواج هو الطريق المشروع لثبوت النسب، وحثت عليه. وأقرت البينة والإقرار كوسيلتين لإثبات النسب.
وبناء على ما أرسته الشريعة الغراء من قواعد وضوابط في هذا الشأن فقد أجتهد الفقهاء المسلمين فعالجوا في مباحثهم الفقهية الكثير من المسائل المتعلقة بالنسب وجوداً وعدماً وإثباتاً، ومنها مسألة ثبوت النسب لمن لم يكن ثمرة زواج شرعي. ونعني بذلك مسألة تنسيب ولد الزنا أو الأبن غير الشرعي.
الفرع الثاني: معنى التنسيب
التنسيب لغةً من النِّسبَةُ مصدر الانتساب. وأنتسب واستنسب بمعنى ذكر نسبه. ونَسَبَه أي سأله أن ينتسب. ونَسَبتُ فلاناً إلى أبيه أَنُسبته اليه[8].
أما في القانون فثمة أكثر من دلالة لمصطلح التنسيب. منها استخدامه في القانون الإداري للدلالة على انتداب الموظف بشكل مؤقت للعمل في موقع إداري آخر ضمن ضوابط معينة[9]. ومنها استخدامه في الدراسات المتعلقة بالأحوال الشخصية للدلالة على نسبة الولد إلى أبيه. وهو بهذه الدلالة لا يخرج عن المعنى اللغوي المتقدم ذكره، ويقابل مصطلح الاستلحاق المتداول في مباحث الفقه الإسلامي
المعني به ادعاء شخص أنه أب لغيره[10].
المطلب الثاني : معنى الولد و ولد الزنا و ولد اللعان والابن غير الشرعي
نوزع هذا المطلب على ثلاثة فروع، نفرد الأول منها للتعريف بمعنى الولد عموماً، ونخصص الفرع الثاني للتعريف بولد الزنا وولد اللعان، ونتناول في الفرع الثالث معنى الابن غير الشرعي.
الفرع الأول: معنى الولد
الوَلَد لغةً هو المولود. ، ويقع على الواحد والجمع والذكر والأنثى، ويجمع على وِلد و أولادٌ[11].
وفي الاصطلاح الفقهي لا تختلف دلالة الوَلَد عن معناها اللغوي، حيث يُقصد به عموم النسل للذكر والأنثى. قال القرطبي في تفسيره لقوله تعالى:يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ[12]، وفي أولادكم يتناول كلُّ وَلدٍ كان، موجوداً أو جنيناً في بطن أمه، دَنيَّاً أو بعيداً، من الذكور أو الاناث[13]. كما ويشمل لفظ الولد أبناء الأبناء وأن سفلوا، قال تعالى:مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ[14]، فجعل المخاطبين بنين لجدهم الأعلى، فدخلوا في عموم مسمى الأولاد الذي يشمل الأبناء وبنيهم.
ولم يرد في القانون العراقي تعريف للولد ، إنما يفهم من نص المادة الحادية والخمسون من قانون الاحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل بأن الولد هو من كان ثمرة العلاقة الزوجية المستوفية لشروطها الشرعية[15]. إلا أن المشرع العراقي لم يغفل واقعة أن يأتي ولدٌ من غير رابطة الزواج، فأقر في المادة/20 –سابعاً من قانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016 بإمكانية وجودها لكنه مَيَّزّ الولد الناتج عنها باصطلاح “الابن غير الشرعي”[16]. وهو المقابل لمصطلحي “ولد الزنا” و “ولد اللِعان” المتداولين في كتب ومباحث الفقه الإسلامي[17].
الفرع الثاني: معنى ولد الزنا و ولد اللعان
يُعَرَّف الفقه الإسلامي وَلد الزنا[18] بأنه: “الولد الذي تأتي به أمه من سفاح لا من نكاح”[19]. فكل مولود نتج عن أتصال جنسي مُحَرَّمٌ شرعاً هو ولد زنا. يستوي أن كان ذلك الاتصال قد تم بالإكراه، كما لو حدث بفعل حالة اغتصاب، أو كان قد تم بالتراضي بين طرفيه. كما ويستوي أيضاً أن كان طرفا تلك الواقعة غير المشروعة عازبين أم محصنين، أم كان احدهما عازبا والآخر محصن.
أما ولد اللعان أو ولد الملاعنة فيعرفه الفقه الإسلامي بأنه: “الولد الذي ولِدَ على فراش زوجية صحيحة، وحَكَمَ القاضي بنفي نسبه من الزوج بعد الملاعنة الحاصلة بينه وبين زوجته”[20]. فيتضح من هذا التعريف أن نسب ولد اللعان كان ثابتا من الزوج لقيام الزوجية الصحيحة، لكنه أنتفى بناءً على طلبه بعد تحقق الملاعنة بينه وبين زوجته. ومجرد الملاعنة بين الزوجين لا تنفي نسب الولد من الزوج، أنما يجب أن تقترن بنفي الولد لينتفي نسبه عنه[21]. وولد اللعان لم يثبت قطعاً كونه من زنا، أنما نفاه الزوج على أثر اتهامه لزوجته بالزنا دون بينة معتبرة، قال تعالى:وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ* وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ* وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ[22]، لذا فالفقهاء المسلمون متفقون على جواز استلحاق الزوج لذلك الولد إذا كَذَّب نفسه بعد الملاعنة، وذلك بالنظر إلى أن نسب الولد قد بقي بعد اللعان موقوفاً على حقه حتى لا تنفذ دعوى الغير فيه[23]. فيما لا يجيز جمهور الفقهاء المسلمين –كما سنرى لاحقاً- إلحاق ولد الزنا بأبيه الزاني ولو استلحقه.
الفرع الثالث: معنى الابن غير الشرعي
لم يرد في القانون العراقي استخدام لمصطلح ولد الزنا، وإنما استُخدِمَ مصطلح “الابن غير الشرعي” للدلالة على المولود الذي يأتي من غير زواج شرعي ؛ أي سفاح. ويرجع ذلك فيما نعتقد إلى أن القانون العراقي يفرق بين الواقعة الجنسية غير المشروعة التي تتم بين رجل وامرأة برضائهما، وبين تلك التي تتم دون رضا أحدهما، فيسمي الأولى زنا، ويسمي الثانية اغتصاب[24]. وحيث أن كِلا الواقعتين قد تفضيان إلى الحمل، فالإتيان بولد. ومنعاً من تعدد مسميات المولود لهاتين الواقعتين المختلفتين في ظروفهما المجتمعتين في صفة عدم شرعيتهما فقد أختار المشرع العراقي أسماً تعريفياً جامعاً للمولود الناتج عنهما معاً يعبر عن المشترك بينهما (الصفة غير المشروعة) ويتجنب ذكر المختلف فيما بينهما (نوع الواقعة أو ظروفها)، وحسناً فعل.
المبحث الثاني: موقف الفقه الإسلامي من تنسيب الابن غير الشرعي
تقضي القاعدة الشرعية بأن النسب يثبت بالزواج ولا يثبت بالزنا. ولهذه القاعدة وجهين. الوجه الأول يقضي بأن الولد يُنسب تلقائياً إلى أبيه الذي اتصل بأمه اتصالا شرعياً عن طريق زواج صحيح دون حاجة إلى إقرار أو بينة على تبعيته لأبيه، بالنظر إلى أن عقد الزواج يقتضي اختصاص كل زوجة بزوجها وانفراده الاستمتاع بها[25]. وعليه فإذا جاءت الزوجة بولد اثناء قيام الزوجية حقيقة أو حكماً[26] فالولد من زوجها وينسب اليه ما لم ينفه بلعان[27]، لأن الزواج الصحيح يعد سبباً لنشوء النسب وثبوته. أما الوجه الثاني فيقضي بأن كل مولود يأتي من غير طريق الزواج الصحيح ينتفي عنه النسب إلى أب[28]، لأن أي اتصال جنسي يقع بين رجل وامرأة لم تجمعهما رابطة الزوجية يعد زنا، والزنا مُحَرَّم شرعاً. لقوله تعالى: “وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً”[29]. وعليه لا يكون الزنا سببا لثبوت النسب شرعاً[30].
وقد أتفق الفقهاء المسلمون على نسبة ولد الزنا إلى أمه باعتبار الولادة ولضرورة الامومة لكل طفل عملاً بقوله تعالى: “إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ”[31]، ويستوي في ذلك أن كانت الأم متزوجة قد ثبتت بحقها واقعة الزنا، أم لاعنها زوجها نافياً الولد عنه، أو كانت غير متزوجة حقيقة أم حكماً[32]، ثم انهم اختلفوا في حكم الحاقه (نسبته) إلى أبيه فكانوا في هذا الشأن على اتجاهين متعارضين، يمنع أحدهما تنسيب ولد الزنا إلى أبيه أطلاقاً، فيما يجيز الآخر تنسيبه عند الطلب. وفي المطلبين التاليين نعرض لرأي كل اتجاه من هذين الاتجاهين، متوخين الإيجاز فيما نعرضه ابتعاداً عن الإطالة أو الإسهاب في تفاصيل هذا الموضوع الذي كان ولم يزل محل اختلاف في الرؤى ومواجهة في الحجج والردود بين المتصديين له من الاتجاهين.
المطلب الأول: القائلين بعدم تنسيب ولد الزنا إلى أبيه
يرى أصحاب هذا الاتجاه بأن لا ينسب ولد الزنا إلى الزاني مطلقاً. وهو مذهب جمهور الفقهاء المسلمين. قال بذلك المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية وابو يوسف وغيره من الأحناف والجعفرية[33]. واستدلوا على رأيهم هذا بعدة أدلة من السنة النبوية المطهرة ومن المعقول، أقواها حديث “الولدُ للفراشِ”. قال الفقيه والمحدث ابن عبد البر النمري: “وهو من أصح ما يروى عن النبي (ص)، فقد جاء عن بضعة وعشرين نفساً من الصحابة”[34]. فعن عائشة أم المؤمنين (ر) أنها قالت: “اخْتَصَمَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ بنُ زَمْعَةَ في غُلَامٍ، فَقالَ سَعْدٌ: هذا يا رَسولَ اللهِ، ابنُ أَخِي عُتْبَةَ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَهِدَ إلَيَّ أنَّهُ ابنُهُ، انْظُرْ إلى شَبَهِهِ، وَقالَ عبدُ بنُ زَمْعَةَ: هذا أَخِي يا رَسولَ اللهِ، وُلِدَ علَى فِرَاشِ أَبِي مِن وَلِيدَتِهِ، فَنَظَرَ رَسولُ اللهِ (ص) إلى شَبَهِهِ، فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بعُتْبَةَ، فَقالَ: هو لكَ يا عَبْدُ، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ، وَاحْتَجِبِي منه يا سَوْدَةُ بنْتَ زَمْعَةَ. قالَتْ: فَلَمْ يَرَ سَوْدَةَ قَطُّ”[35]. والفراش كما عَرَّفه الزيلعي هو: تعيين المرأة للولادة لشخص واحد. وهذا لا يكون إلا بقيام الزوجية الصحيحة[36]. ومعنى قوله (ص): “لِلْعَاهِرِ الحَجَرُ” أي للزاني الرجم بالحجارة أن كان محصناً.
ووجه استدلالهم بهذا الحديث أن النبي (ص) قد ألحق الغلام محل النزاع بصاحب الفراش، الذي هو الزوج، ولم يلتفت إلى الشبه الظاهر بينه وبين مَن يزعم أنه ابنه. وبناءً على ذلك فقد أجمعوا على أن الولد ينسب لصاحب الفراش (الزوج)، ولا ينسب إلى الزاني، سواء استلحقه أم لم يستلحقه[37].
وقد رُدَّ على ذلك بأن الحديث موضوع الاستدلال إنما هو خاصٌ بالمرأة إذا كانت فراشاً لزوج، ولم يتناول المرأة إذا لم تكن فراش. وعليه فأن الحكم الوارد فيه – والذي لا خلاف عليه- في أن النسب يثبت بالفراش ولا يثبت بالزنا، لا يمتد للمرأة التي يتناولها، ونعني المرأة التي لم تكن فراشاً لزوج، كونها خارج صورة ذلك الحكم. ثم أن الحكم الذي قرره النبي (ص) في سياق هذا الحديث إنما جاء فصلا في نزاع حول اثبات نسب ولد بين طرفين هما الزاني وصاحب الفراش، ولم يأت ليقرر حكما عاماً في تنسيب ولد الزنا في صورة مجردة عن النزاع[38]. لذا قالوا: إذا لم يكن هناك صاحب فراش ينازع ولد الزنا، فما المانع من إثبات نسب ذلك الولد لأبيه الذي يدعيه[39].
وقيل رداً أيضاً أن النبي (ص) في هذا الحديث قد حكم بالظاهر، فقضى بأن الولد للفراش، إلا أنه حينما رأى شبهاً بيناً بين الولد وبين الزاني رتب على ذلك حكماً آخر بأن أمر سودةَ بالاحتجاب عن الولد مع أنه أخوها وفق الحكم الظاهر، وفي هذا الحكم الأخير تفريق بين العمل بالظاهر الثابت بالفراش، وحقيقة الولادة. أذن لولا الفراش لثبت نسب ولد الزنا من الزاني[40].
المطلب الثاني: القائلين بجواز تنسيب ولد الزنا إلى أبيه
يجيز أصحاب هذا الاتجاه نسبة ولد الزنا إلى الزاني إذا استلحقه. إلى ذلك ذهب الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب (ر). وبه قال الصحابي الجليل ابن عباس (ر) والإمام أبي حنيفة النعمان ومحمد بن الحسن وهو القول المعتمد عند الأحناف[41]. وبه قال أيضاً رهط من الفقهاء المتقدمين منهم الحسن البصري وإبراهيم النخعي وعروة بن الزبير وابن سيرين وسليمان بن يسار والشعبي وإسحق بن راهويه وعطاء بن رباح وبعض من فقهاء المالكية[42]. وبه كذلك قال ابن تيمية وابن القيم[43]. كما وانحازت لهذا الاتجاه جمهرة من الفقهاء المعاصرين[44]. وقد استدل أصحاب هذا الاتجاه بأدلة من السنة النبوية المطهرة ومن الأثر ومن المعقول، يأتي في مقدمتها خبر “جريح” المخرج في الصحيحين . فعن أبي هريرة (ر) قال: قال رسول الله (ص): كانَ رَجُلٌ في بَنِي إسْرائِيلَ يُقالُ له جُرَيْجٌ يُصَلِّي، فَجاءَتْهُ أُمُّهُ، فَدَعَتْهُ، فأبَى أنْ يُجِيبَها، فقالَ: أُجِيبُها أوْ أُصَلِّي، ثُمَّ أتَتْهُ فقالَتْ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْهُ حتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ المُومِساتِ، وكانَ جُرَيْجٌ في صَوْمعتِهِ، فَقالتِ امْرَأَةٌ: لَأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا، فَتَعَرَّضَتْ له، فَكَلَّمَتْهُ فأبَى، فأتَتْ راعِيًا، فأمْكَنَتْهُ مِن نَفْسِها، فَوَلَدَتْ غُلامًا فقالَتْ: هو مِن جُرَيْجٍ، فأتَوْهُ، وكَسَرُوا صَوْمعتَهُ، فأنْزَلُوهُ وسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وصَلَّى ثُمَّ أتَى الغُلامَ، فقالَ: مَن أبُوكَ يا غُلامُ؟ قالَ: الرَّاعِي، قالوا: نَبْنِي صَوْمعتَكَ مِن ذَهَبٍ، قالَ: لا، إلَّا مِن طِينٍ[45]. قال أبن القيم: “وهذا إنطاق من الله لا يمكن فيه الكذب”[46].
ووجه استدلالهم بهذا الحديث أن النبي (ص) قد أخبر عن جريح نسب الولد للراعي الزاني، وأن هذه النسبة قد جاءت صحيحة لأن الله تعالى قد أنطق الولد بها خلافاً للعادة[47]. واستنبطوا من ذلك أنه يصح أن يطلق على الزاني أنه أب لولده من الزنا إذا لم تكن أمه فراشاً لزوج، فيلحق به[48].
المبحث الثالث : موقف القانون العراقي من تنسيب الابن غير الشرعي
لم يرد في القانون العراقي نص صريح على مشروعية تنسيب الأبن غير الشرعي إلى أبيه من عدمه. إلا أن المادة الاولى ف2 من قانون الأحوال الشخصية قد نصت على: “إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون”. يفهم من هذا النص أن الإحالة إلى مبادئ الشريعة الإسلامية قد جاءت بشكل مطلق، أي دون التقيد بمذهب معين[49]. فلو أثير أمام المحكمة المختصة نزاع، ولم تجد في قانون الأحوال الشخصية النافذ نصاً يعالج مسألته، فأن القانون يلزم المحكمة بالرجوع إلى مباحث الفقه الإسلامي لالتماس الحكم الشرعي في المسألة موضوع النزاع دون التقيد بمذهب فقهي معين . عليه أصبح من الضرورة معرفة ماهية الحكم الذي تقرره الشريعة الإسلامية بشأن مسألة تنسيب ولد الزنا بأبيه الزاني، وذلك سداً للنقص التشريعي في هذه المسألة، وتمكيناً لقاضي الموضوع من إصدار القرار الصحيح في النزاع المتعلق بها.
نتناول في هذا المبحث تحديد موقف القانون العراقي من مسألة تنسيب الابن غير الشرعي وذلك في مطلبين، نفرد الأول منهما للتعرف على المعيار الذي حدده المشرع العراقي في قانون الأحوال الشخصية لاختيار الحكم الشرعي عند انعدام النص التشريعي فيه لمسألة معينة. ونخصص المطلب الثاني لبيان موقف القانون العراقي من المسألة موضوع البحث.
المطلب الأول: معيار اختيار الحكم الشرعي
عند انعدام النص التشريعي في قانون الأحوال الشخصية، فأن قاضي الموضوع ملزم بالرجوع إلى الشريعة الإسلامية لاختيار الحكم الشرعي في المسألة موضوع النزاع المعروض عليه. هذه قاعدة قانونية أقرها المشرع العراقي بصريح نص المادة الأولى ف2 من قانون الأحوال الشخصية.
ومع تعدد الأحكام الشرعية التي تخص المسألة موضوع بحثنا هذا، واستناداً للقاعدة القانونية المتقدمة، لابد أن نسأل: بأي الاتجاهين الفقهيين الشرعيين السابق بيانهما يصح الأخذ برأيه حكماً في مسألة تنسيب الأبن غير الشرعي؟. ما هو المعيار الواجب اعتماده لاختيار أيٌ من الحكمين دون الآخر؟
قد تكون الإجابة الأقرب إلى المعتاد أن يؤخذ برأي الاتجاه الفقهي الأول كونه يمثل الرأي الذي توافق عليه جمهور الفقهاء المسلمين من شتى المذاهب الفقهية الإسلامية. وهذا ما ذهبت اليه محكمة اقليم كردستان فقالت في قرار لها: “لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه غير صحيح ومخالف للشرع والقانون، لأن ولد الزنا لا يلحق بأبيه شرعاً”[50].
ولكن بالرجوع إلى نص الفقرة 2 من المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية السالف ذكرها نجد أن المشرع العراقي قد ألزم المحكمة في حالة انعدام النص التشريعي أن تحكم “بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون”. أي اختيار الحكم الشرعي الأكثر ملاءمة لنصوص قانون الأحوال الشخصية النافذة. فإذا اختلفت رؤى الفقهاء المسلمين في المسألة موضوع النزاع وبالتالي تعددت الأحكام الشرعية فيها، فالمحكمة مقيدة بأن تأخذ بالحكم الأكثر ملاءمة لنصوص قانون الأحوال الشخصية دون سواه من الأحكام الأخرى. بمعنى أن المعيار الواجب على المحكمة اعتماده للترجيح بين الأحكام الشرعية المتعلقة بمسألة ما هو مدى ملاءمة الحكم وتوافقه مع نصوص قانون الأحوال الشخصية ، وليس أي معيار آخر سواه. وهذا ما أكده المشرع العراقي وأثبته في الأسباب الموجبة لقانون الأحوال الشخصية بقوله: “لقد اجتهدت اللجنة (يقصد لجنة وضع لائحة القانون) في أن تجمع في هذه اللائحة أهم المبادئ العامة لأحكام الأحوال الشخصية تاركة للقاضي الرجوع إلى المطولات لأحذ الأحكام الفرعية من النصوص الأكثر ملاءمة لأحكام هذا القانون، إذ وجدت اللجنة أنه من المتعذر وضع قانون يجمع كافة المسائل الكلية والجزئية”.
وهكذا يترتب على ما سبق بيانه أن كون الحكم المستقى من الشريعة الإسلامية يمثل رأي جمهور الفقهاء المسلمين لا يعني بالضرورة أنه يتلاءم مع نصوص قانون الأحوال الشخصية النافذ، وبالتالي لن تكون المحكمة ملزمة للأخذ به واعتماده حكماً في المسألة موضوع النزاع المعروض عليها. ومن جهة أخرى، فأن كون الحكم الشرعي يمثل رأياً لقلة من الفقهاء المسلمين أو حتى رأياً لفقيه واحد منهم لا يعني بالضرورة أنه لا يتلاءم مع نصوص قانون الأحوال الشخصية النافذ، مما يتوجب على المحكمة الأخذ به وتطبيقه حكماً في المسألة موضوع النزاع المعروضة عليها.
والحقيقة أن المشرع العراقي كان حريصاً على تطبيق هذا المبدأ؛ أعني وجوب ملاءمة الحكم الشرعي لنصوص القانون النافذ في أكثر من مناسبة تشريعية. نذكر منها –على سبيل المثال- تشريعه “الوصية الواجبة” في القانون رقم (72) لسنة 1979 (قانون التعديل الثالث لقانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959)كاستحقاق في الإرث للولد المتوفى قبل وفاة أحد والديه وينتقل هذا الاستحقاق إلى أولاده ويقسم عليهم حسب الأحكام الشرعية، على أن لا يتجاوز ثلث التركة[51].
فمع أتفاق جمهور الفقهاء المسلمين على أن الحكم الشرعي للوصية الواجبة هو الندب أو الاستحباب، وليس الوجوب[52]. قال الفقيه والمحدث أبن عبد البر النمري: “أجمعوا على أن الوصية غير واجبة إلا طائفة شذت فأوجبتها”[53]. إلا أن المشرع العراقي أخذ بالوصية الواجبة إتباعاً لرأي الفقيه الاندلسي أبن حزم الظاهري[54]وهو رأي مفرد.
بعد هذه المقاربة، يمكننا صياغة سؤالنا السابق بصيغة أكثر تخصيصاً فنقول: أي من رأيي الاتجاهين الفقهيين السابق بيانهما هو الأكثر ملاءمة لنصوص قانون الأحوال الشخصية العراقي بحيث يمكن الأخذ به حكماً في مدى مشروعية إلحاق ولد الزنا بأبيه الزاني؟
المطلب الثاني: موقف القانون العراقي من تنسيب الأبن غير الشرعي
في القانون العراقي يثبت نسب الولد إلى أبيه بالعقد الصحيح بين والديه، هذا ما نصت عليه المادة الحادية والخمسون من قانون الأحوال الشخصية بقولها: “ينسب ولد كل زوجة إلى زوجها بالشرطين التاليين:1- أن يمضي على عقد الزواج أقل مدة الحمل. 2- أن يكون التلاقي بين الزوجين ممكناً”. كما ويثبت نسب الولد إلى أبيه بالإقرار، والبينة (الشهادة)[55]، حيث نصت المادة الثانية والخمسون من ذات القانون على: “1- الإقرار بالبنوة -ولو في مرض الموت- لمجهول النسب يثبت به نسب المقر له إذا كان يولد مثله لمثله. 2- إذا كان المقر امرأة متزوجة أو معتدة فلا يثبت نسب الولد من زوجها إلا بتصديقه أو بالبينة”. وعليه فأن أسباب أو وسائل إثبات النسب في القانون العراقي ثلاثة هي العقد الصحيح، والإقرار، والبينة. ولا خلاف على ذلك بين القانون العراقي والفقه الإسلامي، سوى أن الفقه الإسلامي يقر أيضاً بثبوت نسب الولد إلى أبيه بالعقد الفاسد والوطء بشبهة[56].
وحيث أن إثبات نسب الولد بالعقد الصحيح يثبت به تلقائياً قيام الزوجية بين والديه، أي أنه يثبت قانوناً مشروعية العلاقة الرابطة بين طرفي العقد، مما تنتفي معه الحاجة للخوض في هذا الموضوع، فأن من الضرورة معرفة هل يتطلب القانون لإثبات نسب الولد إلى أبيه بالإقرار أو بالبينة إثبات قيام الزوجية[57] ابتداءً بين والديه للتأكد من سلامة الطريق الذي جاء منه ولدهما؟
بالرجوع إلى نص المادة الثانية والخمسون من قانون الأحوال الشخصية المسطورة أعلاه يتبين أنها قد اشترطت فقط في فقرتها الأولى أن يولد المُقَر له لمثل المُـقِر، لكنها جاءت خالية من أي ذكر صريح أو أية إشارة ضمنية لاشتراط وجود العقد أو إثبات وجوده بين والدي المُقَر له. وكذلك الأمر فيما يتعلق بالفقرة الثانية من المادة المتعلقة بإثبات النسب بالبينة حيث جاءت خالية أيضاً من أي ذكر صريح أو أية إشارة ضمنية لاشتراط وجود العقد أو إثبات وجوده بين المرأة المُقِرة صاحبت البينة وبين مَن يصدق إقرارها.
وعليه – وتطبيقاً لحكم المادة أعلاه- إذا أقر رجلٌ ببنوة ولد، ذكراً كان هذا الولد أم أنثى، ثبت نسب الولد من المُقِر له، وأصبح
الولد أبناً أو بنتا له بحسب الأحوال، سواء كانت زوجية المُقِر من أم المُقَر له ثابتة أم غير مثبتة، فالإقرار بالبنوة على الوصف المتقدم لا يستدعي قانوناً إثبات وجود أية رابطة بين المُقِر وأم المُقَر له، سواء كانت هذه الرابطة عقداً صحيحاً أم غير صحيح[58]. وكذلك الحال عند إثبات نسب الولد بالبينة، حيث تثبت نسبته إلى أبويه بالبينة المقدمة من الأم وتصديق الأب دونما حاجة إلى إثبات طبيعة الرابطة القائمة بينهما.
والحقيقة أن مجرد اعتبار المشرع العراقي الإقرار والبينة وسيلتين مستقلتين من وسائل إثبات نسب الولد يعني تماماً انتفاء الحاجة لإثبات رابطة الزوجية بين والدي الولد المطلوب اثبات نسبه بأي من هاتين الوسيلتين، إذ أن القول بغير ذلك يعني أن الإقٌرار أو البينة في إثبات نسب الولد على الإثبات إنما يتوقف على الإثبات المسبق لوجود رابطة الزوجية بين مَن يدعيان نسبه، وهذا سيلغي حكم المادة الثانية والخمسون من قانون الأحوال الشخصية ويجعله مجرد لغو. فحيثما كان إثبات الزوجية لازماً لقبول الإقرار أو البينة في إثبات نسب الولد من والديه لم يكن ثمة داعٍ لاعتبارهما وسيلتين مستقلتين معتمدتين قانوناً في ذلك الشأن. بمعنى أن الحاجة ستنتفي إليهما معاً فيما سيتأكد إثباته بالعقد الصحيح، فلا يبقى ثمة أثر قانوني للمادة المذكورة.
أذن يصح القول بأن القانون العراقي لا يستدعي إثبات قيام الزوجية عند إثبات نسب الولد إلى أبيه بالإقرار أو بالبينة، لأن كل من الإقرار والبينة والعقد الصحيح تعد وسيلة مستقلة من الوسائل التي منحها القانون المشروعية في إثبات نسب الولد إلى أبيه. ولا يصح قانوناً القول بما يعارض ذلك.
يتضح من هذه النتيجة التي توصلنا اليها مسلك المشرع العراقي الذي يولي عناية بالغة واهتمام كبير لمسائل إثبات نسب الأولاد من خلال توسيعه لنطاق وفعالية وسائل الإثبات فيها، وذلك لضمان لحوق أكبر عدد ممكن منهم بوالديهم الطبيعيين لينالوا منهم حقهم المشروع من الرعاية والعناية الواجبة عليهم، وليقلل من فرص تنصل أو تهرب أي من والديهم من مسؤولياته القانونية تحت أي ذريعة كانت، وبما يساعد أيضاً في خلق أجواء مناسبة لإصلاح الأوضاع الناتجة عن عديد من الظواهر المنبوذة اجتماعياً والسلوكيات المدانة أخلاقياً وحلحلة المشاكل الناجمة عنها ومعالجة الآثار السلبية المتولدة عنها.
واتباعاً لهذا المسلك، وإعمالاً لمبدأ أساسي من مبادئ الإثبات المقررة في قانون الإثبات النافذ[59] فقد أقرت الهيئة العامة في محكمة التمييز الاتحادية اعتماد استخدام البصمة الوراثية (DNA) في مجال إثبات النسب فجاء في قرار لها : “إذا كانت العوامل الوراثية للمدعي متطابقة مع المطالب بالحاق نسبه اليه وبتقرير رسمي من الطبابة العدلية فعلى المحكمة الحكم بصحة النسب”[60]. بل أن الهيئة المذكورة لم تكتفِ بذلك، وإنما حثت محاكم الموضوع على ضرورة الاستعانة بوسائل التقدم العلمي ومنها البصمة الوراثية في مسائل إثبات النسب، فجاء في قرار آخر لها :”على المحكمة لإكمال تحقيقاتها الاستفادة من وسائل التقدم العلمي بضمنها الفحص الطبي واجراء تطابق الانسجة وفحص الحمض النووي (DNA)”[61] في مسألة اثبات النسب أو نفيه.
لا مجال للشك أذن في أن القانون العراقي (تشريعاً وقضاء) يتبنى اتجاهاً داعماً لقبول تنسيب الولد الذي شاءت الظروف المختلفة حرمانه من أحد والديه الطبيعيين وإلحاقه به. وعليه، وإجابة على سؤالنا المطروح حول أي من رأيي الاتجاهين الفقهيين السابق بيانهما هو الأكثر ملاءمة لنصوص قانون الأحوال الشخصية العراقي بحيث يمكن الأخذ به حكماً فاصلاً في مسألة تنسيب الأبن غير الشرعي إلى أبيه؟، فأن الاتجاه الفقهي الثاني القائل بنسبة ولد الزنا إلى أبيه أطلاقاً هو الاتجاه الأكثر ملاءمة لنصوص قانون الأحوال الشخصية النافذ، وهو الرأي الواجب على المحكمة الأخذ به حكماً في مسألة تنسيب الأبن غير الشرعي. وهو ما يعني – من جانب آخر- أن قرار محكمة تمييز كردستان السابق بيانه والذي قضى بعدم جواز إلحاق ولد الزنا إلى أبيه بزعم أنه الحكم الشرعي في هذه المسألة، يشكل مخالفة لصريح نص الفقرة 2 من المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية المتقدم ذكرها، كونه قد أختار اتجاها فقهياً في المسـألة موضوع النظر لا يتلاءم مع نصوص القانون النافذ، هذا علاوة على أن القرار المذكور يعارض حكم المادة/1 من قانون الإثبات التي توجب على المحكمة “التطبيق السليم للأحكام القانون وصولاً إلى الحكم العادل في القضية المنظورة”.
الخاتمة
أولا: الاستنتاجات:
تقضي القاعدة الشرعية بأن نسب الولد يثبت بالزواج ولا يثبت بالزنا. وعليه فالولد يُنسب تلقائياً إلى أبيه الذي اتصل بأمه
اتصالا شرعياً عن طريق زواج صحيح دون حاجة إلى إقرار أو بينة على تبعيته لأبيه.
وقد أتفق الفقهاء المسلمون على نسبة ولد الزنا إلى أمه، يستوي في ذلك أن كانت الأم متزوجة قد ثبتت بحقها واقعة الزنا، أم لاعنها زوجها نافياً الولد عنه، أو كانت غير متزوجة حقيقة أم حكماً.
واختلف الفقهاء المسلمون في مسألة الحاق ولد الزنا بأبيه، فكانوا في هذا الشأن على اتجاهين متعارضين. يرى الاتجاه الأول، وهو رأي الجمهور، بأن لا ينسب ولد الزنا إلى الزاني مطلقاً. فيما يرى الاتجاه الثاني بجواز إلحاق ولد الزنا بأبيه الزاني إذا أستلحقه. وكان لكل اتجاه أدلته من السنة النبوية المطهرة ومن المعقول .
ولم يرد نص صريح في القانون العراقي على تنسيب الابن غير الشرعي لأبيه، لكنه نص على ثبوت نسب الولد لأبيه تلقائياً بالزوجية الصحيحة ، وأضاف الإقرار والبينة كوسيلتين لإثبات نسب الولد إلى أبيه.
ويتضح من مسلك المشرع العراقي في تنسيب الولد إلى أبيه توافقه مع اتجاه الفقهاء المسلمين القائل بجواز إلحاق ولد الزنا إلى أبيه الزاني.
ثانيا: التوصيات
لتلافي الآثار السلبية التي تنتج عن وجود ظاهرة الابن غير الشرعي وتداعياتها المختلفة على الولد المعني بها ووالديه بشكل خاص وعلى المجتمع بشكل عام، ولمنع أية احتمالية لتباين الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم المختصة بشأن مسألة تنسيب الابن غير الشرعي، نوصي بتقنين ما توصل اليه هذا البحث من نتائج، ونقترح على المشرع العراقي إضافة نص إلى الفصل الأول من الباب السادس من قانون الأحوال الشخصية يتضمن الآتي:-
- جواز إلحاق الأبن غير الشرعي بأبيه إذا لم تكن أمه زوجة للغير.
- أن يثبت طالب الإلحاق نسب ذلك الولد إلى أبيه بأدلة قاطعة معتبرة قانوناً.
- أن يمنح حق الادعاء في دعوى الإلحاق للأب والأم والادعاء العام، عملاً بمسلك المشرع التونسي الذي قضى بذلك في القانون رقم (75) لسنة 1998.
المراجع بعد القرآن الكريم
أولا: تفاسير القرآن الكريم
- محمد بن احمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج15، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2006.
ثانيا: كتب وشروح الحديث الشريف
- أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج12، ط1، مكتبة الصفا، القاهرة، 2003. ص44.
- عبدالله محمد بن اسماعيل البخاري ، صحيح البخاري، ط1 ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، 2004 .
- مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري ، صحيح مسلم ، ج4، دار الجيل ، بيروت.
ثالثا: كتب اللغة
- أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، ج5، ط1، دار الجيل، بيروت، 1991.
- اسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح في اللغة، دار الحديث، القاهرة، 2009.
- جبران مسعود، معجم الرائد، ط7، دار العلم للملايين، بيروت، 1992.
- مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، القاموس المحيط، ط8، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2005.
- محمد ابن منظور، لسان العرب، مج8، دار الحديث، القاهرة، 2013.
- محمد بن ابي بكر الرازي، محتار الصحاح، مكتبة لبنان، بيروت، 1986.
- محمد مرتضى الزبيدي ، تاج العروس، ج9، ط2، مطبعة حكومة الكويت، 1971.
رابعا: الكتب الفقهية
- أحمد بن ادريس القرافي، الذخيرة، ج4، ط1، دار الغرب الاسلامي، 1994.
- أحمد بن محمد الطحاوي، حاشية الطحاوي على الدر المختار شرح تنوير الابصار في مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان، ج2، دار المعرفة، بيروت، 1975.
- أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، الفتاوى الكبرى،ج3، دار الكتب العلمية، بيروت، 1987.
- أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، مجموع الفتاوى،ج32، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة، 1995.
- شمس الدين محمد بن ابي سهل السرخسي ، المبسوط، ج17، ط3، دار المعرفة ،بيروت، 1978.
- عبد الكريم زيدان، المفصل في أحكام الاسرة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية، ط1، ج9، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1993.
- علاء الدين بن مسعود الكاساني الحنفي، بدائع الصنائع، ط2، ج3، دار الكتب العلمية، بيروت، 1986.
- محمد أبو زهرة، أحكام التركات والمواريث، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1963.
- محمد بن أبي بكر بن ايوب ابن القيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، ج5، ط3، مؤسسة الرسالة، بيروت،1998.
- محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي ، مغني المحتاج إلى معرفة الفاظ المنهاج ، ج3، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1994،
- محمد بن أحمد بن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج4، دار الحديث، القاهرة، 2004.
- محمد بن ادريس الشافعي، الأم، ج6، دار المعرفة، القاهرة، 1990.
- محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام الحنفي، شرح فتح القدير، ج3، دار الكتب العلمية، بيروت، ص341.
- محمد بن عرفه الدسوقي المالكي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ج2، دار احياء الكتب العربية.
- محمد جواد مغنية، الإثبات في الفقه الجعفري، ط1، دار العلم للملايين، بيروت، 1964
- محمد علي بن حزم الاندلسي، المحلى، ج11، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
- منصور بن يونس بن ادريس البهوتي الحنبلي، كشاف القناع على متن الإقناع، ج5، دار الكتب العلمية، بيروت، 1983،
- منصور بن يونس البهوتي الحنبلي، الروض المربع شرح زاد المستقنع، دار المؤيد-مؤسسة الرسالة، بيروت.
- موفق الدين عبدالله بن احمد بن قدامة المقدسي، المغني، ج8، مكتبة القاهرة، 1968.
- نجم الدين جعفر بن الحسن المعروف بالمحقق الحلي، شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، ط11، مج2، دار القارئ، بيروت، 2004.
- وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في الكويت، الموسوعة الفقهية، ج45، ط2، دار ذات السلاسل، الكويت، 1983،
- وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج7، ط6، دار الفكر، دمشق، 2008،
- يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبد البر النمري، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والاسانيد، ج14، طبعة وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية المغربية، المغرب، 1387 هـ.
- يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي ، الاستذكار، ج15، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 2010.
خامسا: الكتب القانونية
- إبراهيم المشاهدي، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز في قسم الأحوال الشخصية، مطبعة أسعد، بغداد، 1989
- أحمد عبيد الكبيسي ، الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون، ج1، شركة العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة، ص309 وما بعدها.
- إياد أحمد سعيد الساري، الموسوعة الشرعية والقانونية في الأحوال الشخصية والأوقاف، ط1، شركة العاتك لصناعة الكتاب ، بيروت، 2017.
- عامر الكبيسي، إدارة شؤون الموظفين والعاملين في الخدمة المدنية، ط1 ، دار الكتب للطباعة، الموصل، 1980.
سادسا: الأبحاث المنشورة
- أوان عبدالله الفيضي، الخلافات في أثبات ولد الزنا وموقف القوانين (دراسة مقارنة)، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق، السنة 3، المجلد 3، العدد 4، ج1، 2019.
- عبد الوهاب أحمد السعيدي، إثبات النسب ونفيه في الإسلام (دراسة في المرتكز الأصولي والمنجز الفقهي)، بحث منشور في مجلة جامعة الناصر في اليمن، العدد الرابع، يوليو-ديسمبر 2014.
- زايدي كريم، استلحاق الزاني ولده من الزنا، بحث منشور في مجلة المعيار، المجلد 23، العدد46، 2019، ص570.
- محمد بن سعود بن فهد الدوسري، أحكام تبعية الولد لوالديه، بحث منشور في مجلة الجمعية الفقهية السعودية، العدد 29، 2015.
- محمد محمود أبو ليل، استلحاق ولد الزنا في الفقه الاسلامي وقانون الأخوال الشخصية الأردني، بحث منشور في المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، المجلد 15، العدد 3، السنة 2019.
سابعا: القوانين
- قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل.
- قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل.
- قانون الإثبات رقم (107) لسنة 1979 المعدل.
- القانون رقم (75) لسنة 1998 الصادر عن مجلس النواب التونسي.
- قانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016.
[1] ينظر: محمد ابن منظور، لسان العرب، مج8، دار الحديث، القاهرة، 2013، ص530. مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، القاموس المحيط، ط8، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2005، ص137. اسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح في اللغة، دار الحديث، القاهرة، 2009، ص1133. محمد بن ابي بكر الرازي، محتار الصحاح، مكتبة لبنان، بيروت، 1986، ص273. أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، ج5، ط1، دار الجيل، بيروت، 1991،ص288. جبران مسعود، معجم الرائد، ط7، دار العلم للملايين، بيروت، 1992، ص803.
[2] سورة الفرقان: الآية54.
[3] محمد بن احمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج15، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2006، ص452.
[4] أحمد بن محمد الطحاوي، حاشية الطحاوي على الدر المختار شرح تنوير الابصار في مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان، ج2، دار المعرفة، بيروت، 1975، ص232.
[5] عبد الكريم زيدان، المفصل في أحكام الاسرة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية، ط1، ج9، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1993، ص315.
[6] ينظر: عبد الوهاب أحمد السعيدي، إثبات النسب ونفيه في الإسلام (دراسة في المرتكز الأصولي والمنجز الفقهي)، بحث منشور في مجلة جامعة الناصر في اليمن، العدد الرابع، يوليو-ديسمبر 2014، ص281 وما بعدها.
[7] المرجع السابق، ص283.
[8] ينظر: محمد ابن منظور ، مرجع سابق، ص530.
[9] ينظر: عامر الكبيسي، إدارة شؤون الموظفين والعاملين في الخدمة المدنية، ط1 ، دار الكتب للطباعة، الموصل، 1980، ص164.
[10] ينظر: محمد محمود أبو ليل، استلحاق ولد الزنا في الفقه الاسلامي وقانون الأخوال الشخصية الأردني، بحث منشور في المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، المجلد 15، العدد 3، السنة 2019، ص174.
[11] ينظر: محمد ابن منظور، مرجع سابق، مج9، ص397-398. مجد الدين بن محمد الفيروزآبادي، مرجع سابق، ص327. اسماعيل بن حماد الجوهري، مرجع سابق، ص1286. محمد بن ابي بكر الرازي، مرجع سابق، ص309. محمد مرتضى الزبيدي ، تاج العروس، ج9، ط2، مطبعة حكومة الكويت، 1971، ص321. جبران مسعود، مرجع سابق، ص873.
[12] سورة النساء: الآية 11.
[13] ينظر: محمد بن احمد القرطبي، مرجع سابق،ج6، ص103.
[14] سورة الحج: الآية 78.
[15] نصت المادة على: “ينسب ولد كل زوجة إلى زوجها بالشرطين التاليين :1- أن يمضي على عقد الزواج أقل مدة الحمل . 2- أن يكون التلاقي بين الزوجين ممكناً”.
[16] نصت المادة على: “تحدد اجراءات التسجيل في نظام المعلومات المدنية للقيط ومجهول النسب وابن الغائب والمفقود والمنقطع والابن غير الشرعي بتعليمات يصدرها الوزير”.
[17] أما مصطلحي “ولد الشبهة” و “اللقيط” فلا يدخلان ضمن ما يقابل مصطلح الابن غير الشرعي لانتفاء صفة عدم الشرعية فيهما. فولد الشبهة هو الولد الناتج عن وطء محرم شرعاً لكن فاعله (الواطئ) ظن حله(كوطء المطلقة طلاقاً ثلاثاً أثناء العدة). فالولد الناتج عن هذا الوطء ينسب إلى الواطئ ويجوز له استلحاقه. (ينظر: وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج7، ط6، دار الفكر، دمشق، 2008، ص 650). أما اللقيط فهو الصغير المنبوذ في شارع أو مسجد أو نحو ذلك لا كافل له معلوم ولو مميزاً لحاجته إلى التعهد[17]. والأصل في اللقيط السلامة وأنه ابن شرعي، ويستلحق بمن يطلب الحاقه ( ينظر: محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي ، مغني المحتاج إلى معرفة الفاظ المنهاج ، ج3، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1994، ص 598).
[18] تصح كتابة الالف ممدودة (الزنا) أو مقصورة (الزنى) . ينظر : محمد ابن منظور، مرجع سابق، مج4، ص418.
[19] وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في الكويت، الموسوعة الفقهية، ج45، ط2، دار ذات السلاسل، الكويت، 1983، ص204.
[20] يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي ، الاستذكار، ج15، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 2010،ص510.
[21] ينظر: أحمد بن ادريس القرافي، الذخيرة، ج4، ط1، دار الغرب الاسلامي، 1994، ص209. منصور بن يونس بن ادريس البهوتي الحنبلي، كشاف القناع على متن الإقناع، ج5، دار الكتب العلمية، بيروت، 1983، ص411.
[22] سورة النور: الايات6-9.
[23] ينظر: شمس الدين محمد بن ابي سهل السرخسي ، مرجع سابق، ج13، ص143.
[24] ومن الأهمية بمكان التنبيه إلى القانون العراقي لا يُجَرِّم واقعة الزنا إلا إذا أتى بها أحد الزوجين، حيث نصت المادة/377 من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل على: “1- تعاقب بالحبس الزوجة الزانية ومن زنا بها ويفترض علم الجاني بقيام الزوجية ما لم يثبت من جانبه انه لم يكن في مقدوره بحال العلم بها. 2- ويعاقب بالعقوبة ذاتها الزوج إذا زنا في منزل الزوجية”. وعلى أن تُحرَك الشكوى فيها من الزوج الآخر في ظروف ومدد معينة، فنصت المادة/378 عقوبات عراقي على: “1-لا يجوز تحريك دعوى الزنا ضد أي من الزوجين أو اتخاذ أي إجراء فيها إلا بناء على شكوى الزوج الآخر. ولا تقبل الشكوى في الأخوال التالية: أ-إذا قدمت الشكوى بعد انقضاء ثلاثة أشهر على اليوم الذي أتصل فيه علم الشاكي بالجريمة. ب- إذا رضي الشاكي باستئناف الحياة الزوجية بالرغم من اتصال علمه بالجريمة. ج-إذا ثبت أن الزنا تم برضاء الشاكي”. فيما يُجَرَّم ذات القانون كل واقعة اغتصاب بأنثى، ويشَدَدَّ العقوبة عليها في عدة ظروف منها إذا أفضت الواقعة إلى حمل المجنى عليها. حيث نصت المادة/393 عقوبات عراقي على : ” 1- يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت كل من واقع أنثى بغير رضاها أو لاط بذكر أو أنثى بغير رضاه أو رضاها. 2- يعتبر ظرفاً مشدداً إذا وقع الفعل في إحدى الحالات التالية: .. و- إذا حملت المجنى عليها أو زالت بكارتها نتيجة الفعل.”
[25] ينظر: أحمد عبيد الكبيسي ، الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون، ج1، شركة العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة، ص309 وما بعدها.
[26] تعتبر الزوجية قائمة حكما لغرض ثبوت النسب لحين جلاء أمر الحمل مع انقضاء مدة العدة الشرعية المقررة لواقعة الترك.
[27] ينظر: علاء الدين بن مسعود الكاساني الحنفي، بدائع الصنائع، ط2، ج3، دار الكتب العلمية، بيروت، 1986، ص246. محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، مغني المحتاج إلى معرفة معاني الفاظ المنهاج، ط1، ج3، دار الكتب العلمية، بيروت، 1994، ص383. منصور بن يونس البهوتي الحنبلي، الروض المربع شرح زاد المستقنع، دار المؤيد-مؤسسة الرسالة، بيروت، ص601. محمد بن عرفه الدسوقي المالكي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ج2، دار احياء الكتب العربية، ص462. نجم الدين جعفر بن الحسن المعروف بالمحقق الحلي، شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، ط11، مج2، دار القارئ، بيروت، 2004، ص82.
[28] ينظر: أحمد عبيد الكبيسي، مرجع سابق ، ص315.
[29] سورة الاسراء: الآية 32.
[30] محمد بن سعود بن فهد الدوسري، أحكام تبعية الولد لوالديه، بحث منشور في مجلة الجمعية الفقهية السعودية، العدد 29، 2015.
[31] سورة المجادلة : الآية 2.
[32] غير متزوجة حكماً كأن تكون مطلقة أو أرملة أنقضت عنها عدتها الشرعية.
[33] إلى هذا الرأي ذهب ابو يوسف وأخرين غيره من الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية والجعفرية . ينظر: شمس الدين محمد بن ابي سهل السرخسي ، المبسوط، ج17، ط3، دار المعرفة ،بيروت، 1978، ص154. محمد بن احمد بن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج4، دار الحديث، القاهرة، 2004، ص142. محمد بن ادريس الشافعي، الأم، ج6، دار المعرفة، القاهرة، 1990، ص244. موفق الدين عبدالله بن احمد بن قدامة المقدسي، المغني، ج8، مكتبة القاهرة، 1968، ص82. محمد علي بن حزم الاندلسي، المحلى، ج11، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ص308. محمد جواد مغنية، الإثبات في الفقه الجعفري، ط1، دار العلم للملايين، بيروت، 1964، ص172.
[34] أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج12، ط1، مكتبة الصفا، القاهرة، 2003، ص44.
[35] متفق عليه ورواه الجماعة . ينظر: عبدالله محمد بن اسماعيل البخاري ، صحيح البخاري، ط1 ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، 2004 ، ص1377. (كتاب الحدود ،باب للعاهر الحجر، رقم الحديث 6818) . مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري ، صحيح مسلم ، ج4، دار الجيل ، بيروت ،ص171 (باب الولد للفراش، رقم الحديث 3686) .
[36] أحمد عبيد الكبيسي ، مرجع سابق ، ص315.
[37] موفق الدين عبدالله بن احمد بن قدامة المقدسي، مرجع سابق، ج6، ص345.
[38] ينظر: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، الفتاوى الكبرى، ج3، دار الكتب العلمية، بيروت، 1987، ص187.
[39] ينظر: شمس الدين محمد بن ابي سهل السرخسي، مرجع سابق، ص131.
[40] ينظر: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، مجموع الفتاوى، ج32، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة، 1995، ص137.
[41] واشترطوا لألحاق الولد بالزاني أن يتزوج ممن زنى بها، فأن لم يتزوجها فلا يلحق به ولو طلب ذلك وقد جاء في بعض كتب الحنفية أن نسب الولد لا يثبت في هذه الحالة إلا إذا حصلت الولادة بعد الزواج بأقل مدة الحمل فصاعداً وهي ستة أشهر على المتبع في المذهب لتكون عقب نكاح صحيح، فأن حصلت الولادة لأقل من ذلك فلا يثبت نسب المولود للزوج إلا بإقراره أن الولد منه. ينظر: محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام الحنفي، شرح فتح القدير، ج3، دار الكتب العلمية، بيروت، ص341. محمد محمود أبو ليل، استلحاق ولد الزنا في الفقه الاسلامي وقانون الأخوال الشخصية الأردني، بحث منشور في المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، المجلد 15، العدد 3، السنة 2019، ص181.
[42] واشترط كل من الحسن البصري وإبراهيم النخعي وابن سيرين وإسحق بن راهويه سليمان بن يسار إقامة الحد على الزاني قبل إلحاق الولد به. ينظر: موفق الدين عبدالله بن احمد بن قدامة المقدسي، مرجع سابق، ج7، ص130.
[43] ينظر: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، مرجع سابق، ج5، ص508. محمد بن أبي بكر بن ايوب ابن القيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، ج5، ط3، مؤسسة الرسالة، بيروت،1998، ص425.
[44] منهم الشيخ محمد رشيد رضا صاحب تفسير المنار والشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين والشيخ سليمان بن عبدالله الماجد ونورالدين الخادمي و وعلي القره داغي وسعد الخثلان وعقيل المقطري وخالد المصلح ويوسف الشبيلي ونايف العجمي ود. عطية السيد فياض، ينظر: زايدي كريم، استلحاق الزاني ولده من الزنا، بحث منشور في مجلة المعيار، المجلد 23، العدد46، 2019، ص570. أوان عبدالله الفيضي، الخلافات في أثبات ولد الزنا وموقف القوانين (دراسة مقارنة)، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق، السنة 3، المجلد 3، العدد 4، ج1، 2019، ص108.
[45] اللفظ للبخاري. ينظر: عبدالله محمد بن اسماعيل البخاري، مرجع سابق، (كتاب المظالم ، باب هدم حائطا فليبن مثله، رقم الحديث 2482)، ج3، ص137. مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري ، مرجع سابق، (كتاب الآداب، باب الوالدين، رقم الحديث 6601)، ج8، ص4.
[46] محمد بن أبي بكر بن ايوب ابن القيم الجوزية، مرجع سابق، ص381.
[47] ينظر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، مرجع سابق، ج6، ص480.
[48] أوان عبدالله الفيضي، مرجع سابق، ص111.
[49] أحمد عبيد الكبيسي، مرجع سابق، ص17.
[50] القرار 99/شخصية/2010 في 7/4/2010 غير منشور. ومع احترامنا لهيئة المحكمة المذكورة واعتقادنا الراسخ بحقها في إصدار الحكم الذي تراه مناسباً ومتوافقاً مع القانون، إلا أن صياغتها لمنطوق قرارها سالف الذكر قد جاءت منتقصة من الآراء الفقهية المؤكدة في الموضوع محل النزاع، بالنظر إلى أن منطوق قرارها يقطع بأن الشريعة الإسلامية لا تقر إلا بعدم إلحاق ولد الزنا بأبيه. أو بمعنى آخر؛ أن ليس إلا رأياً واحداً في الشريعة الإسلامية في المسألة موضوع النظر ، وأن هذا الرأي لا يقر بإلحاق ولد الزنا بأبيه. وهذا – وكما تقدم بنا- غير صحيح، إذ أن ثمة رأي فقهي آخر في مواجهة الرأي المتقدم، وأن هذا الرأي الآخر يعارض الرأي الأول بالجملة فيقر بجواز إلحاق ولد الزنا بأبيه الزاني. لذا كان على المحكمة أن تشير إلى أن ما تتبناه من رأي هو رأي جمهور الفقهاء المسلمين، أو غالبتهم، ليفهم منه أن ثمة رأياً آخر في الموضوع وأن كان لقلة من الفقهاء .
[51] قضى القانون بإحلال النص التالي للمادة الرابعة والسبعون من القانون: “1- إذا مات الولد، ذكراً أم أنثى، قبل وفاة أبيه أو أمه، فأنه يعتبر بحكم الحي عند وفاة أي منهما، وينتقل استحقاقه من الإرث إلى أولاده، ذكوراً أم أناثاً، حسب الأحكام الشرعية، باعتباره وصية واجبة، على أن لا تتجاوز ثلث التركة. 2- تقدم الوصية الواجبة، بموجب الفقرة(1) من هذه المادة، على غيرها من الوصايا الأخرى، في الاستيفاء من ثلث التركة”.
[52] ينظر: محمد بن ادريس الشافعي، مرجع سابق، ج4، ص99. موفق الدين عبدالله بن احمد بن قدامة المقدسي، مرجع سابق، ج6، ص56. محمد أبو زهرة، أحكام التركات والمواريث، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1963، ص258. وهبة الزحيلي، مصدر سابق، ج8، ص19.
[53] يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبد البر النمري، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والاسانيد، ج14، طبعة وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية المغربية، المغرب، 1387 هـ، ص292.
[54] ينظر : محمد علي بن احمد بن حزم، المحلى، ج9، دار الفكر، بيروت ، ص314 وما بعدها.
[55] وأختلف الفقهاء المسلمون في نصاب الشهادة التي يثبت فيها النسب، فهي مثلاً عند الأحناف شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، ورجلين فقط عند المالكية والجعفرية. ولم يحدد قانون الأحوال الشخصية نصاباً للشهادة المثبتة للنسب، إلا أن المستقر من قضاء محكمة التمييز في هذا الشأن أن :”لا تحصر الشهادة في دعاوى الإرث والنسب لكونها من دعوى الحسبة” (القرار 1159/شخصية/77 في 25/6/1977 ( إبراهيم المشاهدي، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز في قسم الأحوال الشخصية، مطبعة أسعد، بغداد، 1989، ص 258).
[56] ينظر: وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص644 وما بعدها. والعقد الفاسد هو ما فقد شرطً من شروط الصحة كأن يكون بغير شهود ، أو ان تكون فيه المرأة محرمة كما لو كانت معتدة من طلاق بائن ولم تنقضي عدتها. أما الوطء بشبهة فهو كل وطء لم يكن زنا ولا ملحقاً بالزنا ولم يكن بناءً على عقد صحيح ولا على عقد فاسد ، ومثاله أن يطء الرجل زوجته المطلقة ثلاثاً وهي في عدتها معتقداً انها تحل له. ينظر: أحمد عبيد الكبيسي، مرجع سابق، ص54و319.
[57] تثبت الزوجية في القانون العراقي إما بالكتابة، أي الحجة (المستند) الذي تصدرها المحكمة المختصة بذلك حيث جاء في المادة العاشرة أحوال: ” يسجل عقد الزواج في المحكمة المختصة ..” ، وإما بالإقرار من أحد الطرفين المقترن بتصديق الطرف الآخر، حيث نصت المادة الحادية عشر أحوال على:1- إذا أقر أحد فمرأة أنها زوجته ، ولم يكن هناك مانع شرعي أو قانوني وصدقته، ثبتت زوجيتها له بإقراره.2- إذا أقرت المرأة أنها تزوجت فلاناً وصدقها في حياتها ولم يكن هناك مانع قانوني أو شرعي، ثبت الزواج بينهما، وأن صدقها بعد موتها فلا يثبت الزواج”.
[58] ينظر: إياد أحمد سعيد الساري، الموسوعة الشرعية والقانونية في الأحوال الشخصية والأوقاف، ط1، شركة العاتك لصناعة الكتاب ، بيروت، 2017، ص381.
[59] نصت المادة/3 من قانون الإثبات رقم (107) لسنة 1979 المعدل على: “إلزام القاضي بأتباع التفسير المتطور للقانون ومراعاة الحكمة من التشريع عند تطبيقه”.
[60] القرار 124/هيئة عامة/2008 في 10/2/2009 . النشرة القضائية، تصدر عن المكتب الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى في العراق، العدد(12)، آيار 2010 .
3 القرار 329/هيئة عامة/2011 في 1/5/2011 . ينظر: إياد أحمد سعيد الساري ، مرجع سابق ، ص407