
الدور السياسي للمرأة الفلسطينية في حركة حماس
The political role of Palestinian women in Hamas
إبراهيم صقر الزعيم، دكتوراه في الحضارة الإسلامية من أكاديمية الدراسات الإسلامية بجامعة مالايا_ ماليزيا
Ibrahim S ALzaeem, PALM Strategic Initiatives Center
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 27 الصفحة 85.
Abstract:
Islam has many characteristics that led to Islam being the religion of common sense. These include: justice, mutual respect. Justice achieves peace of mind and promotes mental health. People are preoccupied with the reform of life, which leads to stability and social empowerment. Mutual respect motivates each community to work; in order to support Islam; and the benefit of mankind.
On the current study, these two principles allow women to take their role in society seriously. Because justice gives them their full rights and respect imposes duties on its people and nation.
Therefore, the aim of this study is to identify Hamas’ view of women and to monitor the political role in one of the major Palestinian national movements.
The researcher depended on the descriptive approach. The study was presented by a preface entitled: Women in the Political Thought of Hamas, and three demands: general political participation, municipal and legislative elections, and the political role in prisons.
The study concluded that Hamas’ concern in women issued by a national conviction that women could contribute to struggle against occupation, and building with men.
The women has also played an important political role in milestone stations, including municipal and legislative elections, and has been participated in decision-making on major issues, just like men.
Keywords: struggle, women, Hamas.
ملخص:
تميز الإسلام بالعديد من الخصائص، التي جعلته دين الفطرة السوية، ومن بين هذه الخصائص: العدل، والاحترام المتبادل. فالعدل يحقق الطمأنينة والراحة النفسية؛ إذ ينشغل الناس بإصلاح الحياة، وهو ما يؤدي إلى الاستقرار المجتمعي. أما الاحترام المتبادل، فإنه يحفز كل المجتمع على العمل؛ من أجل خدمة الإسلام؛ وتحقيق المنفعة للبشرية.
وفي موضوع هذه الدراسة، فإن هذين المبدأين يتيحان للمرأة، أن تأخذ دورها في المجتمع بجدية؛ لأن العدل يمنحها حقوقها كاملة، والاحترام يفرض عليها واجبات تجاه شعبها وأمتها.
ولذلك فإن هدف هذه الدراسة، هو الوقوف على نظرة حركة حماس للمرأة، ورصد الدور السياسي للمرأة، في واحدة من كبرى الحركات الوطنية الفلسطينية.
وقد اعتمد الباحث على المنهج الوصفي، وجاءت الدراسة في تمهيد، وعنوانه: المرأة في الفكر السياسي لحركة حماس، وثلاثة مطالب، وهي: المشاركة السياسية العامة، الانتخابات البلدية والتشريعية، والدور السياسي في السجون.
وخلصت الدراسة إلى أن اهتمام حركة حماس بالمرأة نابع من قناعة وطنية بأن المرأة يمكن أن تساهم في التحرير والبناء مع الرجل، كما كان لها دور سياسي بارز في محطات فارقة، منها الانتخابات البلدية والتشريعية، كما أنها شاركت في صناعة القرار في قضايا كبيرة، مثلها مثل الرجل تماما.
كلمات مفتاحية: النضال، المرأة، حماس.
مقدمة:
من المعلوم أن التكليف الشرعي يشمل الرجال والنساء، والآثار الطيبة المترتبة على العمل الصالح تشملهما معا، قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النحا:97).
والجهاد من بين هذه الأعمال الصالحة، قال تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ (آل عمران:195).
فالآية الكريمة بينت صور العمل المقبول عند الله، الذي أداه الذكور والإناث من المسلمين، وهي الهجرة والإخراج من الديار، والإيذاء في سبيل الله، والقتال، والشهادة، وعلى ضوء ذلك، فإن المرأة المسلمة مشاركة للرجل في الهجرة والجهاد، والشهادة في سبيل الله[1].
ولما كان الجهاد يشمل الجهاد بالمال والنفس واللسان، لما صح في سنن أبي داود من حديث أنس أن النبي ﷺ قال: “جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم”[2]، فإن هذه الدراسة ستفصل الدور النضالي للمرأة الفلسطينية في حركة حماس.
تمهيد: المرأة في الفكر السياسي لحركة حماس
اهتمام حماس بالمرأة:
أفردت حركة المقاومة الإسلامية “حماس: مادتين من ميثاقها؛ للحديث عن دور المرأة في المجتمع، فجاء في المادة السابعة عشرة، ما نصه: “للمرأة المسلمة في معركة التحرير دور لا يقل عن دور الرجل، فهي مصنع الرجال، ودورها في توجيه الأجيال وتربيتها دور كبير، وقد أدرك الأعداء دورها، وينظرون إليها على أنه إن أمكنهم توجيهها وتنشئتها النشأة التي يريدون بعيدًا عن الإسلام، فقد ربحوا المعركة”[3].
وعليه فإن للمرأة عند حماس، دورا مهما في معركة التحرير، وهي تتقاسم مع الرجل ذلك الدور، فهي التي تربي الجيل تربية إسلامية، لذلك ستجد محاربة من الاحتلال الإسرائيلي؛ لصدها عن دورها، وحرف مسارها.
كان اهتمام الحركة بالمرأة، نابعا من اهتمامها بالمجتمع، وكان إيمان جماعة الإخوان المسلمين، بقيادة الشيخ أحمد ياسين، أن هذا البناء لن يكتمل إلا بوجود النساء، وليس معنى ذلك أن تكون مستهدفة بالبرامج التي تنفذها الحركة فقط، وإنما أن تشارك أيضا في صياغة وتنفيذ هذه البرامج[4].
لقد حظيت المرأة باهتمام بالغ، عند الشيخ أحمد ياسين، ذلك أنه يعلم أن المرأة تمثل نصف المجتمع، وهي لا تقل أهمية عن الرجـل، فهي المربيـة للأجيال، وهي التي تخرج الشباب بجميـع تخصصاتهم لهذا المجتمع، كما أن الاهتمام بها، يعد امتثالا للأوامر النبوية، التي أوصت بالنساء خيرا[5].
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء”[6].
ولذلك فإن تأسيس دائرة العمل النسائي في المجمع الإسلامي؛ جاء في هذا السياق، فبدأ بعقد جميع الأنشطة الخاصة بالعمل النسائي؛ لتربية المرأة المسلمة تربية إسلامية؛ ولتكون عنصراً فاعلاً في الدعوة الإسلامية والمجتمع الفلسطيني[7].
أما طبيعة وملامح هذه التربية، فتوضحها المادة الثامنة عشرة من الميثاق، والتي تقول: “والمرأة في البيت المجاهد والأسرة المجاهدة، أُمّاً كانت أو أختاً، لها الدور الأهم في رعاية البيت، وتنشئة الأطفال على المفاهيم والقيم الأخلاقية المستمدة من الإسلام، وتربية أبنائها على تأدية الفرائض الدينية، استعداداً للدور الجهادي الذي ينتظرهم، ومن هنا لا بد من العناية بالمدارس والمناهج التي تربى عليها البنت المسلمة؛ لتكون أما صالحة واعية لدورها في معركة التحرير”[8].
لقد فهمت حماس جيدا أهمية الدور التأسيسي للمرأة المسلمة، فلن يحظَ الجيل بحسن الخلق، والاستقامة على دين الله، فضلا عن طلب النصر والسعي له، إلا بعد الاطمئنان إلى المحاضن التربوية، فإذا أحسن المجتمع تربية الفتاة على الدين والخلق وحب الوطن، ربح المعركة مع العدو الإسرائيلي، وهذا هو دور الحركة تجاه الفتاة.
أما دورها بعد الزواج تجاه بيتها، هو أن تربي أبناءها على ثلاث، هي: المفاهيم والقيم الأخلاقية المستمدة من الإسلام، وتأدية الفرائض الدينية، وتهيئتهم للجهاد في سبيل الله. وهذه الثلاث تكمل كل واحدة منهن الأخرى، فنحن لا نريد فتاة أو شابا مصليا فقط، ولا مصليا وذا أخلاق فاضلة فقط، وإنما إلى جانب هذه وتلك، مجاهدا يسعى لتحرير أرضه ومقدساته، فإذا صحت الصلاة وحسن الخلق، أدرك المرء فوائدهما، وهو العمل من أجل نصرة الإسلام، وأي نصرة أعظم من تحرير فلسطين، وفي مقدمتها القدس.
دور المرأة في إصلاح المجتمع:
تزامن انضمام المرأة للحركة الإسلامية مع انضمام الرجل في سبعينيات القرن الماضي، فكان لها أثر بالغ في نشر الصحوة الإسلامية في قطاع غزة، وبعد أن كان دورها مقتصرا على بعض الميادين، أصبح شاملا لكافة مناحي الحياة، وباتساع دائرة النشاط النسائي، وازدياد أعداد النساء، أصبح للنساء تنظيم كامل، ويطلق على هذا الجزء المهم من حركة حماس، اسم “الحركة النسائية الإسلامية”.
وبعد تجربة طويلة، فإنه وفي الوقت الحالي، يجري نشاط الحركة النسائية، وفق استراتيجية ومخططات مدروسة، من أجل الخروج بأفضل الأعمال والفعاليات، فتقول الحلبي: “لن نُقدم على أي عمل دون تخطيط، للوصول إلى الأهداف المرجوة منه. وقد استطعنا أن ندخل في مجالات وملفات كثيرة متعلقة بالحركة، منها: السياسي، والأمني، والجماهيري، والكتلي، وغيره”[9].
ويمكن تلخيص رؤية الحركة النسائية في تأسيس تنظيم نسائي إسلامي قوي متكامل فعال متجذر مجتمعيا ومتواصل دوليا[10].
ورسالة التنظيم النسائي، هي سعي الأخوات في حركة “حماس”؛ لنشر الدعوة الإسلامية في المجتمع الفلسطيني، وخاصة بين النساء، وترسيخ روح الجهاد والمقاومة، من خلال البناء التنظيمي النسائي، المتكامل والقادر على الانخراط في العمل المجتمعي والامتداد الدولي[11].
أما الأهداف الاستراتيجية فهي: تطوير وتمكين كوادر بشرية، وتعزيز الحاضنة الشعبية المجتمعية وترسيخ دورها كداعم لمشروع التحرير، وتحقيق مأسسة العمل الحركي إداريا وتنظيميا وفنيا، وتعزيز دور التنظيم النسائي في المواجهة الشاملة ضد العدو، والمساهمة في توحيد الشعب الفلسطيني وقيادة المشروع الوطني، والمساهمة في توجيه بوصلة الأمة نحو فلسطين باعتبارها القضية المركزية[12].
المطلب الأول: المشاركة السياسية العامة
ليست السياسة معزولة عن الدين الإسلامي، فالسياسة جزء مهم من الإسلام، والسياسة الإسلامية منهجية شاملة لتحكيم شرع الله في الأرض، وإعلاء سلطانه، قال تعالى:﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة:30).
والسياسة كما قال ابن عقيل: ما يكون معها الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا نزل به وحي، فإن أردت بقولك: “إلا ما وافق الشرع” أي لم يخالف ما نطق به الشرع: فصحيح[13].
وبهذا المعنى فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يستعمل السياسة الحكيمة الراشدة في حكمه، وفي تدبير شئون الدولة؛ لأنه نزل بشريعة تعمل على تحقيق المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها. وعلى ذلك جرى عمل الخلفاء الراشدين من بعده[14].
وهذا هو فهم المرأة في حركة حماس، إذ ترى بناء على دراسة السيرة النبوية، أن الدعوة هي السياسة، بدليل أن قريش عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم، أن يتعبد كيفما شاء عند الكعبة المشرفة، بشرط ألا يعرض دعوته على القبائل، فرفض عرضهم، فمن صميم الدعوة الإسلامية اللقاء بالناس، ودعوتهم إلى الإسلام، فالدعوة سياسة، والإسلام رسالة علاقات وتواصل[15].
دور المرأة السياسي في العهد النبوي:
وقبل أن نبدأ بتفصيل المشاركة السياسية للمرأة في حركة حماس، يجدر بنا أن نتوقف عند المشاركة السياسية للمرأة في العهد النبوي، ففي العام الثالث عشر للبعثة، كانت بيعة العقبة الثانية، وكان للمرأة حضور في هذه البيعة، يقول كعب بن مالك في وصف بيعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم: “فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا، حتى إذا مضى ثلث الليل، خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نتسلل تسلل القطا مستخفين، حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلا، ومعنا امرأتان من نساءنا: أم عمارة نسيبة بنت كعب، وأم منيع أسماء بنت عمرو”[16].
كانت بيعة العقبة الأولى والثانية، محطة فارقة في تاريخ الدعوة الإسلامية، فقد انتقلت الجماعة المسلمة من مفهوم الدعوة، إلى مفهوم الدولة التي تحمي الدعوة، وكانت بيعة العقبة الثانية أعظم أثرا في ترسيخ المعطى الجديد، ففيها بايع الأنصار على حماية الإسلام ورسوله، مما يحمون منه أنفسهم وأهليهم.
هذه البيعة بمثابة ركيزة أساسية لقيام الدولة في المدينة المنورة، ولن نبالغ إذا قلنا بأن المرأة المسلمة شاركت في تأسيس أول دولة للإسلام، وذلك من خلال تمثيلها في المجلس التأسيسي المكون من (75) مسلما، (73) رجلا، وامرأتان، يبايعون رسول الله، فيتم اتخاذ ثلاث قرارات مهمة:
- أن تكون المدينة المنورة هي أرض الدولة الجديدة.
- أن يشكل الأنصار مع المهاجرين شعب هذه الدولة، فيشكلون معا الشعب المسلم.
- يتولى الشعب المسلم حماية الدولة والدعوة.
أهمية المشاركة السياسية:
بدأ النشاط السياسي في الجامعة الإسلامية، وكان ذلك من خلال مجلس الطالبات؛ بهدف نشر الوعي السياسي بين الطالبات؛ حتى يكون التصدي للسياسة الإسرائيلية على فقه وبينة.
وحول أهمية المشاركة السياسية للمرأة، تقول رجاء الحلبي: “تكمن أهمية مشاركة المرأة السياسية داخل الحركة الإسلامية في أنها بحاجة للتعامل مع كافة المعطيات الموجودة في فلسطين وغزة تحديدًا وفق الواقع السياسي، فالرجال والنساء يتعرضون لممارسات الاحتلال الإسرائيلي على السواء، وهنا تتجلى أهمية مشاركة المرأة في العمل السياسي، وبشكل خاص المرأة داخل الحركة الإسلامية”[17].
نشر الوعي السياسي:
نظرا لأهمية الوعي السياسي، في استمرار المعركة مع المحتل على كافة الأصعدة، فقد تنوعت وسائل مجلس طالبات الجامعة الإسلامية؛ لتوعية رفيقاتهن، بحيث يتكامل الالتزام الديني، والوعي السياسي، فيشكلان معا عنصرا صلبا، عصيا على الاختراق الإسرائيلي.
وقد بدأ نشر ذلك الوعي، من خلال القراءة، إذ تقول سهيلة درغام إن مجلس الطالبات، كان يتابع الأحداث الجارية في فلسطين، ويطلع الطالبات عليها أولا بأول، ففي عام 1983، أصدر المجلس عددا من المجلات منها: العروة الوثقى، والغرباء، وكان يتم توزيع المجلات بسرية تامة؛ نظرا للظروف الصعبة، وفي العام نفسه نظم المجلس، لقاء بالشيخ أحمد ياسين، لشرح آخر المستجدات السياسية، كما نظم المجلس في ذلك العام، العديد من النشاطات السياسية[18].
ومع أن الرحلة وسيلة من وسائل التربية والتثقيف، إلا أنها في الحالة الفلسطينية، وفي تلك الفترة بالتحديد، كانت وسيلة من وسائل نشر الوعي السياسي، فحسب كفاح الرملي، أنه في الفترة ما بين عام 1984-1986، كان المجلس ينظم الرحلات للمسجد الأقصى المبارك والمسجد الإبراهيمي، وكانت هذه الرحلات من شقين: تعريف الطالبات بمكانة القدس وأهميتها، والشق الآخر تذكير الفتيات بالقدس، حتى لا ينسى الشعب أرضه ومقدساته[19].
وتضيف سميحة الأسود: “في صيف عام 1985 شاركت الطالبات، في رحلة إلى القدس، وكان معهم الشيخ صلاح شحادة والشيخ خليل القوقا، وانطلقوا في جولة راجلة، للتعرف على أحياء القدس الغربية، وكان في استقبالهم الشيخ ناجح بكيرات، فعرفهم على معالم المسجد الأقصى المبارك، والانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى المبارك”[20].
وليس هذا فحسب، فتوضح هيام حرز الله، أن إبداع الطالبات تجلى في تقديم الرسالة السياسية بقالب فني، وذلك من خلال المسرحيات والأعمال الفنية والتراثية، في المهرجانات السياسية، والمسابقات، التي تنظمها اللجنة الفنية في المجلس[21].
وتتابع حرز الله: “كان يتم نشر الوعي السياسي، من خلال العمل الفني، تقول هيام حرز الله التي تولت رئاسة اللجنة الفنية في الفترة 1984-1985، إن عمل اللجنة الفنية تمثل في: تشجيع المواهب في الشعر والنثر والكتابة، ونشر مشاركات الطالبات في المجلات الجدارية، والمجلات المطبوعة، مثل: العروة الوثقى، والغرباء”[22].
وحسب كفاح الرملي، فعندما بدأت الانتفاضة، كان طلاب الجامعة يعتلون أسطح المنازل، ويقذفون قوات الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة، وكانت الطالبات يجمعن الحجارة للشباب[23].
وتضيف سميحة الأسود أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أغلقت الجامعة الإسلامية في 9 كانون أول (ديسمبر) 1987، خاصة أن الجامعة الإسلامية خرجت بمظاهرات حاشدة، فتم إغلاقها قرابة أربعة أعوام، وكانت الطالبات يحضرن الدروس في مصليات النساء في المساجد، وفي منازل أساتذة الجامعة[24].
التحديات:
تتمثل التحديات التي تواجه دور المرأة السياسي، في ما يلي:
1_ الحساسية الأمنية:
لا شك أن الأمن مهم جدا في العمل التنظيمي، ومن الضروري المحافظة على أمن الإخوة والأخوات، ولكن المشكلة في تحول الحرص الأمني، إلى رعب أمني، وهنا سيتعطل العمل، وبالتالي ستفقد القدرة على كسب عناصر جديدة، مما يهدد استمرارية التنظيم، وقد كان هذا الخوف موجودا إلى حد كبير عند كثير من الأخوات، فتراهن متوترات من عقد لقاء، أو حضور اجتماع، والتواصل مع الناس تحت اسم الحركة النسائية، لكن وطأة تلك الحساسية الأمنية المفرطة بدأت تقل شيئا فشيئا، بعد الاقتناع أكثر بضرورة الانتشار في المجتمع، وهو ما سهلته حالة الأمن التي يعيشها قطاع غزة[25].
2_ ندرة المال:
ندرة المال تشكل تحديا للعمل السياسي، ومع ذلك فلم تتوقف البرامج والنشاطات، بل إن هناك إصرارا من المرأة في كافة المواقع السياسية، سواء في العمل الحركي أم البرلماني والحكومي، أن يستمر العطاء، وبدأ التغلب على هذا الأمر بإنشاء مشاريع خاصة للحركة النسائية[26].
المطلب الثاني: الانتخابات البلدية والتشريعية
لم يكن الدور الريادي للمرأة في المجال السياسي، عبارة عن طفرة أو مفاجئة، بل كان هناك إعداد متواصل، فقد تحدث الدكتور عبد العزيز الرنتيسي مع هدى نعيم عدة مرات، بأنه لابد أن تؤهل المرأة نفسها للقيادة في المستقبل، وكانت رؤيته أن حماس لعبت دورا مهما في العمل الطلابي والنقابي والبلديات، وسيكون لها دور مهم في الإطار السياسي العام، ومن المهم الاستعداد لهذه المرحلة المهمة. وعندما بدأ الحديث عن إجراء الانتخابات عام 2006، تم التشاور في كافة أطر الحركة، وأخذ رأي النساء، فكان قرار الإخوة والأخوات بالمشاركة[27].
أولا: الانتخابات البلدية
عندما حان وقت إجراء الانتخابات البلدية في قطاع غزة، كان دور المرأة فيها قائما على منهجية علمية، فعلى سبيل المثال عندما تقرر إجراء الانتخابات في بيت حانون، وذلك ضمن المرحلة الأولى من العملية الانتخابية، كانت الحركة النسائية تعلم بناء على إحصاءات دقيقة، أن نسبة حركة حماس في هذه المنطقة، تبلغ (%20) فقط، فلم يكن ذلك مدعاة لليأس، وإنما للجهد المؤسس على رؤية واضحة، وكان الانطلاق بناء على ركيزتين أساسيتين، هما: أن الشعب الفلسطيني جديد على الانتخابات، وأنه شعب متدين بطبعه، سيما المرأة[28].
كانت الحركة النسائية تملك خريطة تفصيلية لبيت حانون، فهي على علم بعدد أفراد كل عائلة، ومستواها الثقافي والاقتصادي، وعلاقة كل عائلة بغيرها من العائلات، والانتماءات السياسية للعائلات، والانتماءات المتعددة في البيت الواحد، وقد أتاح لها ذلك اختيار الطريقة والوقت الأنسب، في مخاطبة العائلات.
أجريت الانتخابات وحصلت حركة “حماس” على أحد عشر مقعدا من أصل اثني عشر مقعدا، وكانت الفرحة كبيرة بهذا الفوز، وشارك الإخوة والأخوات في مسيرة، طافت شوارع بيت حانون، ثم شارك الجميع في صلاة الجمعة هناك[29].
ثانيا: الانتخابات التشريعية
جهزت الحركة النسائية خطتها لخوض الانتخابات التشريعية، وكذلك جهز الإخوة خطتهم، وحين تم تبادل الخطط، اكتشفوا أن خطة الأخوات هي الأفضل. وتؤمن الحركة بأهمية التنافس بين الرجال والنساء، بل إن الإخوة في قيادة الحركة يشجعون المرأة على ذلك[30].
وترى مريم صالح أنه عندما كان يتم الترشيح كان يؤخذ برأيهن في الترشيح، ولم يكن أداة للدعاية، بل كان يؤخذ رأيها، عبر الانتخابات السرية، ففي رام الله مثلا أخذ رأي الواعظات والطالبات في اجتماعات متنوعة، وترى أن مشاركة المرأة في حماس ضعيفة، وذلك كبقية النساء في كافة الأحزاب، وأن الحركة لم تعط المرأة ما تريده بشكل كامل، لكنها الطبيعة البشرية يتقدم فيها الرجال على النساء في القيادة، فالشريعة الإسلامية لا تجيز للمرأة أن تكون المسئول الأول في الدولة[31].
وفي هذا الإطار يمكن الحديث حول الإسهام البارز للمرأة في البرلمان، وذلك كما يلي:
1_ المشاركة في صنع القرار:
أجريت الانتخابات التشريعية الثانية بتاريخ 25 كانون ثاني (يناير) 2006، حيث توجه أكثر من مليون مواطن ومواطنة إلى صناديق الاقتراع لاختيار (132) مرشحا في المجلس التشريعي، وقد شارك في هذه الانتخابات كافة القوى والائتلافات والأحزاب السياسية (عدا حركة الجهاد الإسلامي)، الأمر الذي انسحب على الحركة النسوية بشكل عام، حيث شاركت في الانتخابات بعض الأطر النسائية، وقاطعتها أخرى، سواء على صعيد الترشح أو الانتخاب[32].
وبلغ عدد النساء اللواتي وصلن إلى قبة البرلمان (17)، أي بنسبة (%12.87) من الأعضاء، وهي أكثر مما تم تحقيقه في الانتخابات التشريعية عام 1996، التي بلغت (%5.6)[33]. واللائي فزن عن قائمة التغيير والإصلاح، التابعة لحركة حماس، هن: “مريم صالح، مريم فرحات، جميلة الشنطي، سميرة الحلايقة، هدى نعيم، منى منصور”[34].
وتقول منى منصور إن المرأة في الحركة الإسلامية، خاضت كافة مجالات العمل العام، فأثبتت جدارتها في المجالس المحلية والبلديات، وخاضت التجربة البرلمانية، فكانت عضو المجلس المحلي والبلدي ونائبا في التشريعي والوزير، واستطاعت أن تقوم بكل الأدوار المطلوبة منها وضحّت إلى جانب الرجل، فاعتقلت وصبرت، ولكن عزيمتها ما انهارت ولا تزعزعت وبقيت صامدة كالجبال تحمل الرسالة وتؤدي الأمانة[35].
تقول المرشحة إخلاص الصويص: “إن دفع المرأة في حركة حماس إلى قبة البرلمان في أول تجربة تخوضها الحركة دليل واضح أن الحركة لم تهمش دور المرأة، بل دفعتها بقوة إلى موقع صنع القرار والمشاركة… وهذا يشكل نقلة نوعية للمرأة الفلسطينية بشكل عام، وفي حركة حماس خصوصا، حيث نقلت المرأة من العمل الدعوي الى الإطار السياسي”[36].
وتقول جميلة الشنطي: “لا يخفى على أحد أننا ندخل تجربة نعدها إضافة من خلال المشاركة السياسية، فنحن من خلال مؤسساتنا الاجتماعية والتربوية عملنا على خدمة المواطنين والمرأة الفلسطينية، وتواصلنا معهم في أكثر الأوقات شدة، واستطعنا أن نقدم الكثير، ونأمل في غطاء رسمي وشرعي، وأن نقدم الكثير وطموحاتنا كبيرة في جوانب عدة”[37].
بينما تقول سميرة الحلايقة: “إن حماس تحترم المرأة، وقد جعلتها شريكا في القرار السياسي منذ اللحظة الأولى، وطرحت الحركة أسماء (13) امرأة في أول تجربة برلمانية، وهو إنجاز كبير لم تحققه الكتل البرلمانية الأخرى، وقد فاز منهن ست أخوات، وهذا إنجاز آخر… وفي برنامجها الذي طرحته أعطت حماس المرأة الدور الرئيس على صعيد البرنامج العملي. ورسخت أهم القواعد التي من شأنها رفع المستوى التعليمي والثقافي؛ للمساهمة في تطوير أدائها، وإيجاد واقع يتناسب مع جهادها الطويل”[38].
إن إفساح المجال للحركة النسائية للمشاركة في اتخاذ قرارات مصيرية، بحجم المشاركة في الانتخابات التشريعية، وأكثر من ذلك، ترشيحها لتتبوأ منصبا رياديا في المجتمع، فتشارك في صناعة القرار، من تحت قبة البرلمان، دليل صدق اهتمام حركة حماس بالمرأة، وإيمان الحركة الراسخ، بأهمية تضافر جهود الرجال والنساء، في معركة التحرير والبناء، فلن يستطيع الاضطلاع بهذه المهمة الجليلة، الرجال دون النساء، ولا النساء دون الرجال.
2_ انجازات المرأة في البرلمان:
تؤدي المرأة في كتلة التغيير والإصلاح، دورها المنوط بها في المجلس التشريعي بكل مسؤولية، فهذا هو واجبها تجاه المجتمع الذي منحها الثقة، ففي الضفة الغربية وقفت نواب الحركة النسائية مع الشعب، وتعرض ثلاثتهن للاعتقال، وهن: “مريم صالح، ومنى منصور، وسميرة الحلايقة”[39].
أما في قطاع غزة فكان النواب ثلاثة، وبعد وفاة النائب مريم فرحات، زاد العبء الذي تتحمله كلا من: جميلة الشنطي وهدى نعيم، فالنائب جميلة الشنطي أحد أعضاء لجنة شؤون المجلس، وفيها خمسة نواب، هم إلى جانب الشنطي: “أحمد بحر، وخليل الحية، وفرج الغول، وإسماعيل الأشقر”، وتؤدي هذه اللجنة دورا كبيرا، فهي تتولى إدارة المجلس، ومتابعة النواب، والجلسات، والنظام الإداري، وسن القوانين، كما أن للنائب الشنطي عضو في لجنتين مهمتين، هما: لجنة التربية والقضايا الاجتماعية، واللجنة القانونية، ولهما دور مهم في سن مجموعة من القوانين المهمة، منها: قانون حماية حقوق زوجات الشهداء، وضبط أحوال الرضاعة، والتبني، واسم المولود وتسميته، ولذلك فإن هذا القانون، حل كثيرا من المشاكل الاجتماعية[40].
وبوجود المرأة في البرلمان، انتقلت إلى ساحة جديدة من النضال، فكان النضال البرلماني، مؤازرا للنضال الوطني، فساهمت مع الإخوة النواب في سن قوانين: الثوابت، وحماية حقوق الشهداء، وتجريم الاحتلال، وتجريم التعاون مع الاحتلال، إضافة إلى أنها لم تترك مربع المقاومة الميدانية، فشاركت وحرضت على المشاركة في الفعاليات، الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، والمتصدية للاحتلال الإسرائيلي[41].
وليس أدل على ذلك، من المسيرة الفدائية[42]، لنساء شمال قطاع غزة، والتي كانت في مقدمتها جميلة الشنطي، محرضة ومنسقة، ولعله من الغريب أن تقود نائب برلماني مسيرة على مستوى عال من الأهمية والخطورة، لكن الغرابة تزول عندما، تعلم أن للنائب رجلا كان أم امرأة، قضية يؤمن بها، ويدافع عنها بقلمه ولسانه وروحه، وأيضا بمواقفه في البرلمان، الذي جاء فرعا لا أصلا، فالأصل هو المقاومة حتى نيل الاستقلال التام، والفرع هو البلديات والبرلمان، ولا يعقل إلا أن يصب الفرع في خدمة الأصل، وليس العكس.
وحول شخصية جميلة الشنطي، التي تميزت في كل المناصب التي أسندت إليها، فقد أضاف العمل التشريعي لها معرفة بالناحية القانونية، وعلى صعيد العلاقات الدولية، فإن مشاركتها في زيارة برلمانات عربية أتاح لها، التعرف على آليات عملها، وكانت زيارة الدول العربية مفيدة لها من جانبين، هما: حضور جلسات البرلمان في تلك الدول والمشاركة في النشاطات المختلفة، والثاني هو الالتقاء بالنساء، والحديث معهن عن القضية الفلسطينية. أما العمل الوزاري فعزز لديها الإدارة، والدول التي لم تتمكن من زيارتها، التقت بقياداتها البرلمانية والفكرية والاجتماعية، من خلال زيارة قطاع غزة، وكانت تلك اللقاءات مهمة في تبادل الخبرات، وحشد الدعم لقضية فلسطين، ودعم صمود المرأة الفلسطينية[43].
3_ تحمل أعباء إضافية:
إن تغييب بعض القيادات في الضفة الغربية؛ بسبب الاعتقالات المستمرة، حمل المرأة أمانة أكبر، فعندما تم اعتقال القيادات، كان لمنى وسميرة ومريم دور بارز تقوم بالدور على أكمل وجه وكانت جهودهن على مساحة الضفة، وكان لهن دور اجتماعي وسياسي[44].
والواضح أن اعتقال نواب الحركة النسائية، واعتقال أزواجهن وأولادهن، والتضييق والملاحقة، التي تعرضن لها من قوات الاحتلال الإسرائيلي، لم تؤثر في عزمهن، ولم تؤخر أداء واجبهن تجاه الشعب الفلسطيني، فبقي التلاحم بارزا مع القضايا الوطنية، والتفاعل مع الهموم الشعبية.
وتضيف سميرة الحلايقة أن دور المرأة كان مهما وخطيرا جدا في تلك الفترة، فتقول: “كنت أزور زوجي وابني في السجن، كنت أدرك أهمية دوري في تلك الفترة”، مضيفة أن هذه الظروف تفرض على المرأة مواجهة الاحتلال بقوة أكبر، وقد أثبتت المرأة نجاحها في أداء واجبها، بل ونجاحها في سد الفراغ، الذي نتج عن اعتقال الزوج[45].
وفي الوقت الذي تنجح فيه المرأة بمواجهة كثير من التحديات، التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، وما يترتب عليه من صعوبات، فإن المرأة تتطلع للإنصاف من شركاء النضال الوطني، فرؤية المرأة أن الكوتة الخاصة بها في البرلمان، هي (20%) ليست كافية أبدا، والمطلوب من كل القوى الوطنية والإسلامية، ممارسة الضغط لإعادة هيكلة قانون الانتخابات، بحيث تتم زيادة الكوتة النسائية في أي انتخابات قادمة[46].
المطلب الثالث: الدور السياسي في السجون
عام 2005 شكلت الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس، وكان وجود المرأة فيها بالتزكية، إذ عرضت الأسيرات، اللواتي كن نوابا في التشريعي وأعضاء في البلديات، على أحلام التميمي[47]، أن تخاطب الإخوة، لتكون هي ممثلة الأسيرات، بحكم أقدميتها، وهذا ما تم بالفعل، بعد مشاورات من خلال المحامي، أما الانتخابات فتنظم وفق شروط خاصة للانتخاب والترشيح، وبعد إعلان النتائج، يتم تقسيم اللجان على الأعضاء، وكل شخص يتسلم لجنة، وهذه اللجان تعنى بشؤون كل أسرى حماس، وهناك رئيس للهيئة القيادية، وكان في بعض الفترات يحي السنوار[48].
يوجد في السجن العديد من اللجان، منها: الاجتماعية، والإعلامية، والمالية، والرياضية، ويفرز لكل رئيس لجنة محامي، بحيث يتواصل مع ممثلي حركة حماس في كافة السجون، وينقل التقارير إلى رؤساء اللجان[49].
استلمت أحلام التميمي لجنة تسمى “اللجنة الخاصة”، منذ أن بدأت نشاطها مع الهيئة القيادية وحتى تحررها، وهي لجنة تضم المعزولين والمرضى والأشبال والأسيرات، “فإذا أرادت إحدى الأسيرات مواصلة التعليم، أنقل الأمر إلى مسؤول اللجنة التعليمية، أما أحوال الأسرى المرضى، فكنت أوجه المحامي للاطمئنان على أحوالهم، ومن بين الإنجازات هي توفير كراسي متحركة للأسرى المقعدين، ونتيجة التقارير التي أرفعها لرئيس الهيئة القيادية عن أوضاع المرضى، كان يطلب مقابلة مدير المستشفى؛ لتيسير الحياة اليومية لهم. أما الأشبال تحت سن 18 سنة، فكنت أتابع أمورهم الخاصة، وأكتب لهم برنامج يومي يلتزمون به، وراسلها لهم عبر المحامي”[50].
ولم تكن المرأة بمعزل عن الأحداث السياسية في الخارج، فكان على رئيس اللجنة السياسية، أن يطلع الأعضاء على المستجدات السياسية، ومن المعلوم أن الهيئة القيادية جزء من قرار حركة حماس، فالقرار تشكله عدة أذرع، هي: قطاع غزة، والضفة الغربية، والسجون، وخارج فلسطين، فأي أمر يصل إلى الهيئة القيادية تتم مناقشته، وبلورة قرار بشأنه، وإرسال الرد لقيادة الحركة خارج السجن، وذلك من خلال المحامين، أو الهواتف المهربة، أما القضايا التي تتطلب قرارا عاجلا، فكان من صلاحيات رئيس الهيئة أن يتخذ قرارا بشأنها[51].
تقول أحلام حول صفقة وفاء الأحرار: “كان دورنا مهما في إنجاز الصفقة، قدمنا رأينا حول سياسة التفاوض، ورؤيتنا لطبيعة دور الوسيط. كانت معظم أمور الصفقة معلومة لدينا، فالأسماء تم تحديدها بالتشاور مع ممثلي السجون والهيئة القيادية العليا، وكنا نعلم بالتطورات عبر المحامين والهواتف المهربة، وكنت أقدم رأيي فيؤخذ به كثيرا، أما إذا لم يؤخذ به لسبب ما، فكان رئيس الهيئة القيادية، يشعرني بالسبب”[52].
ولم تكن أحلام تتخذ قرارا دون الرجوع إلى الأسيرات، فكل مسألة تعرض عليها، ويطلب منها أن تقدم رأيا في الأمر، سواء أكانت القضية تخص السجون، أم الحركة عموما، فكانت تحمل الأمر إلى الأسيرات، فتتم مناقشته، وعندما يؤخذ القرار، تنقله إلى رئيس الهيئة القيادية، ولذلك كانت التميمي تستعين في تسيير أمور الأسيرات، بصاحبات الفكر والرأي، فتوكل لهن المهمات، التي تتناسب مع خبرتهن[53].
الخاتمة وتشمل النتائج والتوصيات، وهي كما يلي:
نتائج الدراسة:
- إن اهتمام حركة حماس بالمرأة نابع من انقياد لأوامر نبوية، وقناعات وطنية بأن المرأة يمكن أن تساهم في التحرير والبناء مع الرجل، ولذلك فإن هذا الاهتمام ليس مقصورا على جانب دون آخر، ولا محصورا في موسم بعينه، بل إنه احترام وتكريم وتقدير، يستوجب مع الإيمان بقدرات المرأة، منحها الفرصة للمشاركة في تعمير الأرض.
- إذا جاء ما يخالف هذه القاعدة، فهو لا يعدو أن يكون تصرفا محدودا، فليس سياسة عامة، ولا قبول له في دوائر حركة حماس، وسيجد من يعارضه ويرد الحق إلى نصابه.
- ساهمت المرأة في نشر الوعي السياسي في المجتمع، وذلك من خلال مجموعة من الوسائل.
- كان للمرأة دور مهم في فوز حركة حماس، في الانتخابات البلدية والتشريعية، من خلال مشاركتها الفاعلة في إقناع النساء على وجه الخصوص، بممارسة حقهن الانتخابي.
- قدمت المرأة في المجال السياسي نموذجا فريدا للمرأة المسلمة، الملتزمة بالقيم والفضائل، وفي الوقت ذاته مدافعة عن حقوق شعبها وأمتها.
- أثبتت المرأة قدرة عالية على أداء أدوار سياسة ناجحة، كما نجحت من قبل في الميدان الإنساني والدعوي والعسكري.
- اضطلعت المرأة بدور محوري في السجون، فشاركت في صناعة القرار في قضايا كبيرة، مثلها مثل الرجل تماما.
- تواجه المرأة في الميدان السياسي، العديد من التحديات، التي تفرضها ظروف العيش تحت الاحتلال الإسرائيلي، لكنها مصرة على مواصلة طريقها حتى نيل الحقوق الفلسطينية.
التوصيات:
- أن تساهم المرأة السياسية في مختلف دول العالم، بدعم وإسناد شقيقاتها في فلسطين؛ من أجل التصدي لممارسات الاحتلال الإسرائيلي، المتنكرة للحقوق الفلسطينية.
- على الحركات الإسلامية أن تؤهل النساء تربويا وقياديا، وهذا يتطلب في الأساس إيمانا بقدرات المرأة، ودورها الإيجابي في المجتمع.
- منح المرأة الفرصة للمشاركة السياسية داخل الحركات الإسلامية، ذلك أن وجودها يعد إضافة نوعية، فهناك الكثير من الأدوار التي تجيد أداءها.
- مساعدة المرأة للوصول إلى مؤسسات الدولة، (البرلمان، والحكومة)، فبناء دولة متقدمة ومستقرة، يحتاج جهود كافة مكونات المجتمع المسلم، ولا شك أن المرأة جزء أصيل من أي مجتمع.
المصادر والمراجع:
القرآن الكريم: رواية ورش
أولا: المصادر
ابن القيم، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، تحقيق: نايف أحمد الحمد، (مكة المكرمة، دار عالم الفوائد، ط1، 1428هـ)، ج1.
ابن كثير، إسماعيل، السيرة النبوية، (لا.ب)، ج2.
البخاري، محمد، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير الناصر، (لا.م، دار طوق النجاة، ط1، 1422هـ)، باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته، رقم الحديث:3331، ج4.
السجستاني، سليمان، سنن أبي داود، تحقيق: محمد عبد الحميد، (بيروت، المكتبة العصرية، لا.ت)، ج2، باب كراهية ترك الغزو، رقم الحديث:2506.
ثانيا: المراجع
القضاة، أحمد، الحقوق الجهادية للمرأة في الفقه الإسلامي، (عمان، دار المأمون، ط1، 1432هـ/ 2011م).
ثالثا: الأبحاث
اشتيه، عمر، تجربة المرأة الفلسطينية في العمل البرلماني وأثر ذلك في تعزيز المشاركة السياسية (1996-2009)، رسالة ماجستير، (جامعة النجاح الوطنية، نابلس، 2012).
الشامي، غسان، مقابلات أجراها الباحث عام 2015، لبحث لم ينشر بعد، وذلك ضمن مشروع تطوير رسالته في الماجستير “دور المرأة الفلسطينية في قطاع غزة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي 1967-1993”.
صافي ويوسف، خالد وأيمن، موقف حركة المقاومة الإسلامية حماس من دور المرأة العسكري والسياسي، (غزة، مجلة جامعة الأقصى، سلسلة العلوم الإنسانية، مجلد 11، عدد 1، 2007.
عواد، لبنى، دور المرأة الفلسطينية في حركات الإسلام السياسي: حركة حماس نموذجا 1987-2010، (رسالة ماجستير، القدس، جامعة القدس، 2014م).
ياسين والدجني، نسيم ويحيي، الإمام الشهيد أحمد ياسين.. حياته ودعوته وثقافته، (غزة، الجامعة الإسلامية، 1428هـ/ 2007).
رابعا: الوثائق
ميثاق حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، 1988م.
الرؤية والرسالة والأهداف، المكتب الإداري العام للحركة النسائية، 2017.
خامسا: المقابلات الخاصة
الشنطي، جميلة، نائب في المجلس التشريعي، 22 تموز (يوليو) 2017.
التميمي، أحلام، أسيرة محررة من حركة حماس، 13 آب (أغسطس) 2017.
سادسا: المواد التلفزيونية
الحركة النسائية في حماس.. والقضية الفلسطينية، برنامج نسيم الأقصى، قناة الأقصى، 6 كانون أول (ديسمبر) 2012.
فيلم نساء في تاريخ قضية، مؤسسة شهاب، 2012.
سابعا: المواقع الالكترونية
الرسالة نت.
صحيفة الشرق الأوسط.
المركز الفلسطيني للإعلام.
المؤتمر نت.
موقع الإسلام سؤال وجواب.
نساء من أجل فلسطين.
[1] القضاة، أحمد، الحقوق الجهادية للمرأة في الفقه الإسلامي، (عمان، دار المأمون، ط1، 1432هـ/ 2011م)، ص37.
[2]السجستاني، سليمان، سنن أبي داود، تحقيق: محمد عبد الحميد، (بيروت، المكتبة العصرية، لا.ت)، ج2، باب كراهية ترك الغزو، رقم الحديث:2506، ص318.
[3]ميثاق حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، 1988م.
[4] نعيم، هدى، فيلم نساء في تاريخ قضية، مؤسسة شهاب، 2012.
[5] ياسين والدجني، نسيم ويحيي، الإمام الشهيد أحمد ياسين.. حياته ودعوته وثقافته، (غزة، الجامعة الإسلامية، 1428هـ/ 2007)، ص70.
[6] البخاري، محمد، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير الناصر، (لا.م، دار طوق النجاة، ط1، 1422هـ)، باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته، رقم الحديث:3331، ج4، ص133.
[7] مرجع سابق، ياسين والدجني، الإمام الشهيد أحمد ياسين.. حياته ودعوته وثقافته، ص70.
[8]مرجع سابق، ميثاق حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
[9] صالح، نور الدين، الحلبي: المرأة أصبحت عنصرا مهما في حماس، الرسالة نت، 20 ديسمبر 2016، http://alresalah.ps/ar/post/152694/.
[10]الرؤية والرسالة والأهداف، المكتب الإداري العام للحركة النسائية، 2017.
[11] المرجع السابق، الرؤية والرسالة والأهداف
[12] المرجع السابق، الرؤية والرسالة والأهداف.
[13] ابن القيم، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، تحقيق: نايف أحمد الحمد، (مكة المكرمة، دار عالم الفوائد، ط1، 1428هـ)، ج1، ص29.
[14]موقع الإسلام سؤال وجواب، مفهوم السياسة من المنظور الإسلامي، https://islamqa.info/ar/181673.
[15] الشنطي، جميلة، نائب في المجلس التشريعي، مقابلة خاصة، 22 تموز (يوليو) 2017.
[16]ابن كثير، إسماعيل، السيرة النبوية، (لا.ب)، ج2، ص196-197.
[17]أبو القمصان، أماني، الوجه السياسي للمرأة داخل الحركة الإسلامية…آثار وتطلعات، نساء من أجل فلسطين، 28 تشرين ثاني (نوفمبر) 2010.
[18]الشامي، غسان، مقابلات أجراها الباحث عام 2015، لبحث لم ينشر بعد، وذلك ضمن مشروع تطوير رسالته في الماجستير “دور المرأة الفلسطينية في قطاع غزة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي 1967-1993”.
[19]المرجع السابق، الشامي.
[20]المرجع السابق، الشامي.
[21]المرجع السابق، الشامي.
[22]المرجع السابق، الشامي.
[23]المرجع السابق، الشامي.
[24]المرجع السابق، الشامي.
[25]مرجع سابق، الشنطي، مقابلة خاصة.
[26] المرجع السابق، الشنطي.
[27] نعيم، هدى، فيلم نساء في تاريخ قضية، مؤسسة شهاب، 2012.
[28] مرجع سابق، الشنطي، مقابلة خاصة.
[29] المرجع السابق، الشنطي.
[30] زبون، كفاح، نساء حماس، صحيفة الشرق الأوسط، 22 محرم 1429هـ/ 1 فبراير 2008م، عدد (10657)، http://archive.aawsat.com/details.asp?section=45&article=456489&issueno=10657#WJrLMz2qk3y.
[31]مرجع سابق، عواد، لبنى، دور المرأة الفلسطينية في حركات الإسلام السياسي: حركة حماس نموذجا 1987-2010، ص71.
[32] اشتيه، عمر، تجربة المرأة الفلسطينية في العمل البرلماني وأثر ذلك في تعزيز المشاركة السياسية (1996-2009)، رسالة ماجستير، (جامعة النجاح الوطنية، نابلس، 2012)، ص69.
[33] المرجع السابق، اشتيه، ص71.
[34]مرجع سابق، عواد، دور المرأة الفلسطينية في حركات الإسلام السياسي: حركة حماس نموذجا 1987-2010، ص71.
[35] منصور، منى، مقابلة مع المركز الفلسطيني للإعلام، https://palinfo.com/36538.
[36]مرجع سابق، صافي ويوسف، موقف حركة المقاومة الإسلامية حماس من دور المرأة العسكري والسياسي، ص64.
[37] المرجع السابق، صافي ويوسف، ص64.
[38]خويرة، سامر، برلمانيات حماس: لا حجاب بالإكراه، المؤتمر نت، 18 آذار (مارس) 2006، http://www.almotamar.net/2014x/print.php?id=28869.
[39] مرجع سابق، الشنطي، مقابلة خاصة.
[40] المرجع السابق، الشنطي.
[41] المرجع السابق، الشنطي.
[42]عام 2006 تصدت مجموعة من المجاهدين من مختلف الفصائل الفلسطينية لاجتياح إسرائيلي، لبلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، وبعد أيام من المقاومة نفدت ذخيرة المجاهدين جميعا، فانحازوا إلى مسجد أم النصر للاحتماء به، وكانوا أكثر من (75) مجاهدا، فطوقت الدبابات الإسرائيلية المسجد، وبدأت بالتقدم نحوه، فأطلقت نداءات الاستغاثة، وقد كان ذلك يوم الخميس 2 نوفمبر (تشرين ثاني)، وكان للنساء، ومن بينهن نواب في المجلس التشريعي دور مهم في فك الحصار عن المسجد وتحرير المجاهدين. (فيلم فدائيات الحصار، المكتب الإعلامي للحركة النسائية (حركة حماس).
[43] المرجع السابق، الشنطي.
[44] الشنطي، جميلة، الحركة النسائية في حماس.. والقضية الفلسطينية، برنامج نسيم الأقصى، قناة الأقصى، 6 كانون أول (ديسمبر) 2012.
[45] الحلايقة، سميرة، الحركة النسائية في حماس.. والقضية الفلسطينية، برنامج نسيم الأقصى، قناة الأقصى، 6 كانون أول (ديسمبر) 2012.
[46] مرجع سابق، الشنطي، مقابلة خاصة.
[47]ولدت في 20 تشرين الأول (أكتوبر) 1980 في مدينة الزرقاء بالأردن، ثم عادت مع أسرتها إلى فلسطين، والتحقت بكلية الإعلام، في جامعة بير زيت. بعد انضماماها لصفوف كتائب القسام، كان دورها الأبرز، هو التغطية على الاستشهادي عز الدين المصري، منفذ عملية مطعم “سبارو” في القدس المحتلة، يوم 9 آب (أغسطس) 2001، حيث أجرت جولة في المدينة، اطلعت فيها على الاحتياطات الأمنية، وحددت بنفسها مكان العملية. (ياسين وآخرون، عبد القادر، نساء فلسطين في معترك الحياة، (القاهرة، مكتبة الشروق الدولية، ط1، 1433هـ/ 2012م)، ص187).
[48] مرجع سابق، التميمي، مقابلة خاصة.
[49] المرجع السابق، التميمي.
[50] المرجع السابق، التميمي.
[51] المرجع السابق، التميمي.
[52] المرجع السابق، التميمي.
[53] المرجع السابق، التميمي.