مكانة الطفل في العائلة و الطفل المفوض في النسق العائلي المسيء المعاملة
The status of the child in the family and child delegates in the abusive family system
د. فراحته دنيا /جامعة عبد الحميد مهري قسنطينة 2
Ferahta Dounya, université constantine2 Abdelhamid Mehri
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 58 الصفحة 9.
ملخص:
يدرس هذا المقال مكانة الطفل في العائلة و المستمدة من الدينامية النفسية للزوج- الوالدي، حيث يلعب خيال الوالدين ورغبتهما في الانجاب على مستوى لا شعوري دورا مهم في قيمة و وظيفة الطفل في العائلة و كذا المغزى من الانجاب، بما تحمله روابط النسل و القرابة من معاني التبادلات العاطفية و خلق مشاعر الانتماء و بناء الطفل لمركز حقيقي في نظام الهيكل الزوجي ، كما اكدنا على الدور الذي يلعبه “الطفل المفوض” في خلق شبه توازن للحفاظ على بنية عائلية مضطربة من الانفجار الكلي داخل العائلات المسيئة المعاملة، و الذي يعتبر عنصر مضطهد في المحيط العائلي يتم التضحية به كموضوع سيئ و وعاء للإسقاطات المخجلة داخل العائلة و يسمى بكبش الفداء يكشف عن خلل وظيفي داخل الأسرة من اجل تشكيل شبه تماسك عائلي يحتوي كل انواع العنف و المعاملة السيئة ، فهي بمثابة النمط و النموذج للتنشئة العائلية السلبية تطبعها العلاقة المرضية التي تربط بين الطفل و والديه تنم عن وجود مشكلات علائقية في حضن الكوكبة العائلية.
الكلمات المفتاحية: مكانة الطفل- النسل – الطفل المفوض- سوء المعاملة.
Abstract:
This article examines the child’s place in the family derived from the psychological dynamism of the couple. Parents’ imagination and desire to have children at a subconscious level play an important role in the value and function of the child in the family as well as the significance of reproduction. With the ties of filiation and kinship of the meanings of emotional exchanges and the creation of feelings of belonging and build a child to a real position in the system of marital structure, We also emphasized the role played by the “delegate child” in creating a semi-equilibrium to maintain a turbulent family structure from total explosion within abused families, Which is a persecuted element in the family environment is sacrificed as a bad subject and a Container of shameful projections within the family called the scapegoat reveals dysfunction within the family in order to form a family semi-cohesion containing all kinds of violence and abuse. It is the model of negative family upbringing characterized by the pathological relationship between the child and his parents shows the existence of relational problems in the lap of the family constellation.
Keywords: status of the child – filiation – child delegate – parental abuse .
مقدمة:
لقد اهتمت العديد من النظريات بدراسة الطفولة وتطرقت الى جوانب مختلفة من حياة الطفل، فالطفل له قدراته وحاجاته العاطفية والمعرفية والاجتماعية التي في طريقها الى التطور والنمو طبعا حسب الظروف والعوامل المحيطة به سواء من محيطه العائلي أو الاجتماعي الثقافي وحتى الاقتصادي. حيث أن نمو الطفل ممزوج بتصورات الراشدين والآباء فينفعل الطفل لإسقاطات متعددة فيها انتظار و قلق و وجدانية كبيرة. كما ان سوء المعاملة الوالدية هو موضوع يتضمن مجموعة معقدة من التفسيرات و المشكلات العلائقية في حضن العائلة و بتفصيلات متعددة وشائكة تحمل في طياتها معاني الاتصالات و التفاعلات المرضية و الممرضة التي تؤثر بدورها على كل فرد في العائلة وخاصة الطفل الذي يعتبر ضحية لحالة إساءة معاملة والدية وتؤثر على الصحة النفسية للطفل. فتتحدد وظائف الطفل في العائلة بناءا على عدة معطيات نفسية.
- وظائف الطفل في العائلة السوية:
إن الطفل يعيش في جو عائلي تسوده تفاعلات و روابط وجدانية بين أفراده و كما رأينا أن العائلات في عصرنا يغلب عليها طابع العائلة النووية المتكونة من الأب، الأم الطفل و الإخوة و تمتاز بخصائص و تفاعلات معينة.
و تعتبر العائلة هي المسرح الأول الذي ينمي فيه الطفل قدراته و يثبت فيها وجوده و يحقق ذاته و رغباته.
إلا أن ما يجب التأكيد عليه هو مكانة الطفل في العائلة و التي هي مستمدة من خيال الوالدين بالدرجة الأولى. أي أن الطفل قبل أن يولد إطلاقا هل هو مرغوب فيه أم لا من طرف والديه؟ هل هو موجود في هوامات أمه و أبيه و في الزوج الوالدي؟ و كذا هل الواقع تطابق مع هذا الخيال المسبق؟ و هل ممكن أو من غير الممكن إعادة تنظيم الوالدين لهواماتهم (الحداد على الطفل الهوامي للتكيف مع الطفل الواقعي).
إذن فمن خلال كل هذه التساؤلات فنحن نؤكد حول أهمية الرغبة في الطفل التي هي لا شعورية و متفاوتة في درجة اندفاعيتها و تعابيرها عند هذا أو ذاك من الوالدين. أو يريد طفلا من ذاك الشريك أو يبحث عن علاج للاكتئاب، أو أخذ مكان طفل مفقود، أو هو ركيزة لسد سوء التفاهم الزوجي، أو تعبير عن رغبة والدي … [1]
إذن فالطفل يجد مكانته في الدينامية النفسية للزوج مع الأخذ بعين الاعتبار اندفاعيته اللاشعورية، الإشكالية الأوديبية لكل من الزوجين, هوامات كل منهما.
لهذا سجل العلماء ثلاث أنظمة والدية التي ينظم كل منها على محور علائقي معين:
- النظام تكنوقراطي :
يقوم على كيفية تربية و رعاية الطفل خاصة في أيامنا هذه بالقيام على الأخلاقيات الإنسانية، إذا كان الطفل متفاعل مع الراشد يواجه في علاقة ثنائية حسب النموذج الأولي البدائي للعلاقة أم- طفل.
الهوام الذي يتخلل هذا النظام هو “هوام الإغراء” السؤال المطروح من طرف الأم على مستوى شعوري “هل أنا قادرة للالتزام والانشغال بهذا الطفل؟”
الذي يعني على مستوى لا شعوري “هل أنا قادرة على إغراء طفلي هذا”.
- النظام الرأسمالي:
قائم على الحاجة و الرغبة لإنجاب طفل إذ يعتبر هنا الطفل هوامي بالنسبة للراشد و له مكانة العصاب الأوديبي أي أنه في حضن العلاقة الثلاثية المتزامن مع النموذج الأولي للعلاقة: أب- أم- طفل.
الهوام الذي يتخلل هذا النظام هو “هوام المشهد الأول” ما هو على مستوى اللاشعور” أنا قادر على أخذ مكانة أمي- أبي في الغرفة الوالدية”.
- النظام الرمزي:
تعني أن أكون والد، قائم على الأعراف البشرية و الدينية، إنه الطفل الخيالي الذي يعتبر مشروع التسجيل في التاريخ العائلي في حضن علاقات ثلاثية مرتبطة بالزمن عبر الأجيال في النموذج الأولي و العلاقة بين الأجداد- الوالدين- الأبناء، الهوام الذي يتخلل هذا النظام هو “الأسطورة الأصلية” و هي أحد التعابير الشعورية للوالدين حول أبنائهم و السؤال “ما سوف تصبح؟”. [2]
أي الفصل بين إنجاب الطفل و تربية الطفل، أو تصبح والدا. إذن فحسب العلماء الرغبة في إنجاب الطفل هي الدعامة الأولى لتحقيق مكانة الطفل في العائلة.
و كما نرى في أيامنا فإن الطفل لا يقحم نفسه في حياة والديه بطريقة عشوائية، إنه في الأغلب “مبرمج” كمشروع يحضر له الزوجان مسبقا نفسيا اقتصاديا روحيا..[3]
كما أن الطفل يحتل مركز حقيقي في نظام الهيكل الزوجي و يقطن في آثار الخيال و الرغبة و الانتظار و كذلك في أعماق الحياة اللاشعورية. فهو يجسد الحيوية الوجدانية للآباء و للهيكل الزوجي و يمثل أوج التصور الاجتماعي في أخلاقه و في إسقاطه المثالي و يلعب الطفل منذ بداية الحمل دور الوسيط بالنسبة لتنظيم و نشاط الاتصال المعقد بين أطراف معلنة و خفية و بالنسبة لتبادل وسائل عديدة تحمل مواضيع القلق و الابتهاج.[4]
- مصطلح النسل (القرابة ):
إن العائلة كنسق وظيفي يتطور تدريجيا من خلال زوج يقرر في يوم من الأيام إنجاب أطفال لتكوين أو بناء عائلة بما تحمله الأبوة و الأمومة من مشاعر وأدوار أو وظائف، حيث تنتقل دينامية الزوج إلى المجموعة العائلية فيحقق الزوجين بطريقة ما دوام الحلم المشترك حيث تربط ثنائية الزوج بثالث، هذه الأخيرة تقوم على قناة نشطة من خلال ربط التبادل العاطفي فهذا المصطلح نسل جاء به jean Guyotat يقول:
» لماذا الفرد يعيش مربوط في سلالة (أحفاد) حقيقة أو خيال « هذا المصطلح نسل هو غير حاضر في روح الزوج الشاب خاصة في حالة العقم لأن هذه القرابة أو هذا النسل تأتي بطريقة ما ليتحرر الزوجين من قرابة النسل القديم نسبيا فقط، لأن اغلب المحللين النفسيين يفكر في فترة تقارب بين الزوجين، أين الأجيال السالفة لكل منهما هي هواميا حاضرة .
وخير دليل على ذلك ما تحدث عنهcharles Nicole عند الراشدين الذين ,لا يعرفون عائلاتهم حيث قام بخبرة ووجد ان أغلبهم يقوم بالبحث عن الأب وخاصة الأم انها أسئلة تراودهم، أين ولدت؟ كيف؟ البحث عن الطفولة وهي بمثابة عامل محفز تعطي قوة لمباشرة البحث.[5]
Guyotat أعطى للإكلينكيين شبكة من القراءات تتميز بـ “النسل أو القرابة النرجسية” و”النسل أو القرابة الناشئة” . وكل من الوظيفتين النرجسية والمؤسسة هما مرتبطتان بطريقة طبيعية .
Guyotat وهو طبيب بحث في روابط النسل (القرابة) ويرى أنها لا تمر فقط ببنية الأوديب لتوضح نسق القرابة المعروف من طرف المجموعة بل هي تخضع أيضا إلى النظام النرجسي للفرد.[6] انه يميز:
- النسل النرجسي ( القرابة النرجسية): ان القرابة النرجسية تدرس على مستويين :
واحد على الفردية وسلامة النفس ذاتها ( أي نظرة الفرد لذاته ) ومن جهة أخرى على تقدير الذات من خلال نظرة الآخرين إليك.[7]
فالقرابة النرجسية تتعلق بمشاعر سلامة النفس في حد ذاتها المستمد من الأم المعنى الخيالي و المجازي. [8]
كما أن القرابة النرجسية تعتبر كناية ومجاز عن » تماس جسد بجسد « وهي” قرابة أصلية ” التي بين جسد الأم وجسد طفلها.
والقرابة جسد بجسد يقصد بها علاقة الطفل مع أمه في رحمها كجنين ثم تأتي الولادة التي تعتبر أول تفريق ثم الرضاعة وهو تعلق جسدي بثدي الأم … بعدها يأتي الفطام، وهذه أول الروابط الجسدية مع الأم تبنى من خلالها هوامات أثرية ونكوص في العلاقة مع الصورة الامومية . كما جمع Guyotat كل ما هو ذو بعد خيالي في القرابة النرجسية. Antovine Guedeney- jern Francoise Allihaine[9]
حسب أعمال J.Guyotat 2008 يرى أن القرابة النرجسية قائمة على البعد الخيالي والذي يستمد من قوة العاطفة ( أساطير الأصول ، التفكير الخيالي، الهوامات ).
- النسل الناشئ (القرابة الناشئة او الرمزية) : حيث أن كل طفل يولد تصرح عنه العائلة من الناحية القانونية انه ينتمي إليها ، كما أن القرابة الناشئة لا تتعلق فقط بـ القوانين المنصوص بها في القانون لكن أيضا العادات والقواعد الناشئة في المجموعة، وتظهر في إنشاء القرابة (النسل) رمزيا مع الطفل. [10]
والتي نقصد بها المكانة والاعتراف به قانونيا من خلال الزواج والعائلة … (الاسم واللقب ..) أي رابط قانوني معترف به ثم علاقة الطفل مع والديه. [11]
اذن فالقرابة الناشئة تقوم على ما تتعلق به الجماعة، وتدعم باللغة الوالدية إذ تكون له مكانة رمزية وبنيوية.[12]
في النهاية القرابة النرجسية والقرابة الناشئة لهم علاقة جدلية »فالقرابة الناشئة تحتوي على الحقيقة والواقع الذي تقدمه المجموعة) العائلة) بينما تحتوي القرابة النرجسية على البعد الخيالي للقرابة (النسل) « [13]
كما أن الطفل له وظيفة اجتماعية و التي هي في تداخل وطيد مع مكانة الطفل في العائلة و لها تأثير مباشر في تحقيقها. لقد تضاعف التأمين الاجتماعي والاقتصادي للأطفال من (أمن اجتماعي واستفادات عائلية…) في أغلب بلدان العالم، إضافة إلى ذلك تحديد النسل، إنه المحرك لتصميم مفهوم الطفولة و التربية في المجتمع، كما ساعد على نقص معدل وفيات الأطفال، فبتالي الاستثمار العائلي يصبح كبير على الأطفال (1987 Gaulejac) إذا تناقص عددهم سواء داخل العائلة الواحدة أم في المجتمع. و يصبح الأطفال مرغوب فيهم وفقا لبرمجة المحيط الاقتصادي والتزام الوالدين بالواجبات. و بهذا يكتسب الطفل مكانة و وظيفة مختلفة في حضن العائلة، و تقرير الزوجين يأخذ مفهوم جديد يمثل الوظيفة العاطفية و الرمزية التي لها دور مهم مقارنة بالواجبات الأخرى. ويحظى الطفل باستثمار نفسي و اقتصادي و اجتماعي مهم، حيث الوظيفة الجديدة لا تقوم فقط على طبيعة و نوعية الروابط التي تعلقه بوالديه بل على الاستثمار الذي تحدثنا عنه سابقا, (1991 Combes) بمعنى آخر الطفل يأخذ معنى مكافأة عاطفية التي تأتي إلى الزوجين.
هذه النظرة ترتكز على العاطفة يرافقها تطور في العلاقات والدين- طفل تذهب في معنى أقل هرمية (أقل سلطوية حسب مرتبات)، حيث ان هناك ميل عام إلى ترقية “الطفل الملك” “L’enfant-roi” في حضن العائلة. أين ترى الطفل هو المختار الرئيسي لبرامجه التلفزيونية، الواصف للمشروبات المنزلية…
هذا المفهوم الذي اعطى قيمة للطفل في المجتمع المعاصر، وحسب هذه الوجهة من النظر التي غيرت مكانته في المجتمع حيث أكد علماء الاجتماع أن الطفل “صغير” يحتاج إلى حماية لكنه أيضا “فرد أو شخص” لديه نفس[14] حقوق أي شخص آخر طبيعته هي إذن مزدوجة والحدود بين هذه الجوانب هي غير واضحة. [15]فالطفل فيما مضى “ليس لديه الحق في الكلام”، وإعادة تعينه كموضوع في حد ذاته يجب الاستماع إلى كلمته والحق في إبداء وجهة نظره. خاصة في المواضيع المتعلقة به وبالعائلة أو حتى اهتماماته طموحاته، هوايته… مشاريعه وما إلى ذلك.
هذا السياق من الحداثة جعل من الطفل ملك في كل أسرة تماشيا مع التغيرات و التقلبات المرنة، الابتكار لأن متطلبات القدرة على التكيف مع هذا العالم ينطوي شخصية مرنة قادرة على بناء هويتها واعادة بناء متغيرة (رجوعية وميكانيزمات مرنة).[16]
والبعض يتحدث أيضا عن “تنشئة اجتماعية معكوسة” أين الطفل هو الذي يعلم والديه و يكسبهم معلومات خارج العائلة (مثال ذلك استعمال الكومبيوتر…) على أي حال تصبح التنشئة الاجتماعية في العائلة متبادلة و لا تصب فقط في معنى واحد، الراشد اتجاه الطفل.
وفي هذا المنظور نلاحظ أن الطفل يتمتع الآن بمكانة شرعية معترف بها، مطابقة للقانون الذي يعرفه بحقوقه. [17]
إلا أن حقوق الطفل هي مهضومة في بعض المجتمعات الفقيرة و المتخلفة، حيث يعاني الأطفال في العالم من الفقر، الجوع، الأمية، الأمراض، استغلالهم في الأعمال الشاقة، الاستغلال الجنسي، القتل و التعذيب في الحروب, سوء التربية. رغم ما تسعى له منظمة اليونيسف و اليونسكو و منظمات عالمية لحل بعض المشاكل في البلدان النامية.
حيث تحاول الجزائر أن تكون الهيئات اللازمة لحماية حقوق الإنسان، و صادقت على اتفاقية حقوق الطفل التي أصدرتها الأمم المتحدة سنة 1990. لكن المصادقة لا تكفي بل يجب تطبيق القوانين و السهر على احترامها و تكييفها حسب الخصائص المحلية.[18]
- تعريف سوء المعاملة الوالدية:
إن مصطلح سوء المعاملة دائما مرتبط بـ ” الضعف والهشاشية ” وتتضح من خلال التبعية الفزيولوجية أو العاطفية، لها علاقة بالقدرة بين الأفراد على أنهم غير متساويين. إذا العلاقة تتأسس على طريقة مسيطر و مسيطر عليه. [19]
– سوء المعاملة الطفل حسب L’ODAS : ( المرصد الدولي للعمل الاجتماعي )
الطفل المساء معاملته : ” هو ضحية عنف جسدي و قساوة عقلية أو مزاجية، اعتداءات جنسية، إهمال حاد، له آثار خطيرة على نموه الجسدي والنفسي”[20] .
– تعريف آخر » هي كل شكل من أشكال العنف، إساءة جسدية أو عقلية، هجر أو إهمال، سوء معاملة أو استغلال بما فيها العنف الجنسي…أثناء كونه تحت حضانة ممثليه القانونين…[21] «
- شخصية الطفل المساء معاملته :
ضمن العائلة هناك أطفال لهم خصائص شخصية تجعلهم أكثر عرضة لسوء المعاملة دون غيرهم ، و يعتبروا عامل مساعد للإساءة و التعرض للاستغلال و الإهمال.
فأغلب الدراسات في هذا المجال ركزت على تحديد المنبهات الأكثر حساسية لإثارة سلوك سوء المعاملة الوالدية، و ركزوا على الصفات و السمات السلوكية الخاصة عند الطفل المساء معاملته.
حسب 1974 Watson في دراسة قام بها هذا العالم توصل إلى :
96 حالة لسوء المعاملة الحادة : 12 طفل تعرضوا للإساءة حسب الوالدين المسيئين : يبكون كثيرا , 11 لأنهم يوسخون ملابسهم , 7 لأنهم يخلقوا مشاكل في التغذية. فالسلوك السلبي للطفل حسب هذا العالم هو بالفعل منبه خلفي متكرر وراء الإساءة. كما أن التفاعلات العنيفة هي غالبا ناتجة أو مرتبطة بمنبه الذي يثيرها، و في هذه الحالة طبيعة المنبه هو دور الطفل في التفاعل. عدة أعمال تميز بعض السلوكات لدى الطفل تؤدي إلى :[22]
الإساءة الوالدية :
- سلوك الحركة المفرطة :
من خلال هذا السلوك يقوم الطفل بتنبيه كبير للإساءة، هناك عدد كبير من الدراسات تبين أن هؤلاء الأطفال لديهم سمات مزاجية متفاوتة الحدة.
في إطار تهيجهم ، طباع غير مستقرة لاستجاباتهم ، و لديهم قوة انفعالية مهمة (1985 Berger) ،
( 1975 Oliver, Balwin). هؤلاء الأطفال يبدو في أغلب الأحيان عليهم كثرة الحركة ( 1968 Morse, Johnson), ( (1975 Oliver, Balwin) (Knutson 1978
في نفس السياق ، هناك انحرافات سلوكية تغلب عليها العدوانية توجد مع تردد كبير في مجموعة الأطفال المساء معاملتهم (1989 Pepler et Moore) ، (Zak et Wilson, 1986Wolfe, Jaffe)
حسب 30% 1970 Gil من الأطفال المساء معاملتهم لديهم انحراف سلوكي هام Johnson,1968 Morse يرفعا هذه النسبة إلى 70% من الحالات هؤلاء الأطفال يميلوا إلى إثارة غضب مربيهم 1979 George et Main .
- سلوك اللامبالاة :
هذا النوع من السلوك يوضح حساسية ضعيفة اتجاه المنبهات في النسق التفاعلي مع والديه، في هذه الحالة الطفل يلعب دورا أقل نشاطا في التفاعلات، و منذ صغر سنه، حيث يكون الطفل سلبي يشجع أو يستفز والديه لإساءة معاملته.
و بهذه الطريقة، مجموعة البحوث في دراستها للصفات المزدوجة للطفل التي تعزز إنشاء أنماط استجابات عدوانية لدى الوالدين بالإساءة. هي نتائج متناقضة: كثرة الحركة برزت في بعض الدراسات ، تعارضا مع السلبية المفرطة و اللامبالاة التي برزت هي الأخرى في دراسات العلماء. إذن فبوظيفة الحركة المفرطة و باللامبالاة ، الأطفال المساء معاملتهم يلعبون دور المنبه على الأقل في التفاعل إلا أن مستوى الإثارة و التنبيه تؤثر في أنماط التفاعلية للعائلات المسيئة المعاملة.[23]
و حسب دراسات أخرى ترى أن الطفل المولود قبل أوانه (الغير ناضج) ، و المرضى والمعاقين و التوائم هم من بين الأطفال الأكثر عرضة لإساءة المعاملة الوالدية . و ذلك لأن الطفل المولود السابق لأوانه منذ عدة سنوات M.Soulé و فريقه درسوا لاضطرابات العلاقة البدائية بين الأم و طفلها المولود قبل أوانه.
إذ تعتبر الولادة المبكرة بالنسبة للأم كصدمة الولادة هي جد سريعة ، غير متحكم فيها و تبقى بعد الولادة في حالة فراغ.
و يرى A.Delamarre أن الرضيع الضعيف الناقص، يمكن أن يستفز لدى الأم ، الفرق بين الطفل الهوامي أثناء الحمل تؤثر على نرجسية الأم. شعورها بالذنب، الأب منكسر من حالة المولود الجديد، ولديه مشاعر عدوانية اتجاه الأم. والتكفل بالطفل في المستشفى لتكملة نموه تعيشه الأم كعلامة لعجزها و عدم قدرتها. و عند عودة الطفل إلى المنزل، هي كولادة ثانية، فالأم تدخل في حالة قلق اتجاه طفلها.
إذن من خلال كل هذا فإن الروابط بين الطفل و والديه لا توجد إلا في خياله، لأن عودته إلى عائلته في 5 أو 6 أشهر بالنسبة له هو محيط غريب إذن عدم التناسب بين الوالدين والطفل هو عامة خطر ويستقر في العائلة ويعتبر كعامل خطر لسوء المعاملة.
الطفل المعاق هو الآخر عرضة لسوء المعاملة الوالدية لأن ولادة طفل معاق في العائلة يعتبر صدمة. حيث يستجيب الوالدين عادة بإنكار، قبل الاستثمار في هذا الطفل.
الطفل المعاق الذي يتعرض للإساءة الوالدية قد ألحق بوالديه جرح نرجسي، و صدمة من الصعب تجاوزها. طبيعة العلاقة مع الطفل هي التي تفرض نفسها في احتمال تعرض الطفل للإساءة الوالدية خاصة الإهمال.[24]
- عيادة سوء المعاملة الوالدية :
- المتغيرات المؤثرة في استجابة الطفل لسوء المعاملة :
هناك عوامل و متغيرات عدة تؤثر على استجابة الطفل للإساءة و كذلك في تأثير الإساءة على نمو الطفل و من المهم التطرق إلى العوامل المؤثرة على هذه النتائج المتمثلة في :
– سن الطفل الضحية و المرحلة النمائية التي يمر بها :
إن تأثير تعرض الطفل للإساءة سواء كانت جسمية أو جنسية أو انفعالية أو إهمال يعتمد في جزء كبير منه على العمر الزمني للطفل و درجة نضجه النفسي و العاطفي ، ومستواه العقلي حيث أوضحت بعض الدراسات أن الأطفال الذين يتعرضون إلى سوء المعاملة الجسدية في سن مبكرة يظهرون تعلق غير آمن بالقائمين على رعايتهم مقارنة بأقرانهم الذين لم يتعرضوا للإساءة.[25]
فالصدمة التي يتعرض لها الأطفال في سن مبكرة تسبب لهم أضرار و خسائر كبيرة لأن النمو المعرفي للطفل يكون محدودا، و غير ناضج. فيقوم الطفل بتشفير وتخزين المعلومات الحسية القادمة إليه ، ويتم تخزينها لتشكل جزء من ذاكرة الطفل وتؤدي فيما بعد إلى ظهور مشكلات نمائية خطيرة لدى الطفل. [26]
-البناءات التفسيرية الذاتية للطفل : حيث أن الطفل يستجيب لسوء المعاملة طرق مختلفة وذلك حسب البناء التفسيري الذي يقيمه الطفل، فيمكن أن يعيش الاعتداء كـ’عدوان فعال’ وهو كوسيلة تربوية مستعملة من طرف الوالدين بهدف تربوي . هذه السلوكات يعتبرها الطفل كعلامة للحب الوالدي في نظره و في عالمه، رغم هذا هذه الوجهة من النظر لها سلبياتها سنراها لاحقا في النتائج..[27]
-طول المدة التي تحدث فيها الإساءة : إن الطفل الذي تعرض للإساءة لفترة طويلة من الزمن يعاني نتائج اجتماعية و نفسية شديدة أي كلما طالت مدة الإساءة فإنها تؤدي لآثار خطيرة تجعل الطفل يشعر بالعجز و السلبية و يجد صعوبة في المقاومة.
– مدى شدة الإساءة : إن الإساءة الشديدة تحدث آثار وخيمة و أضرار كبيرة على الطفل في كل الجوانب النفسية و الجسدية و الاجتماعية و الجنسية. [28]
-العلاقة بين المعتدي و الضحية : أي طبيعة التفاعلات مع الوالد المسيء ، مكانة الطفل و دوره و وضعيته في حضن العائلة ، المشاعر و العواطف المتبادلة [29] .
– الصحة النفسية و الانفعالية للطفل : أي مدى هشاشية الطفل و ذلك من خلال سيرته الذاتية و مستوى سيطرته على ذاته . حيث أنه إذا كان الطفل قبل تعرضه للإساءة يتمتع بالصحة النفسية يكون في وضع أفضل لمقاومة النتائج السلبية.
- دور الطفل المفوض في العائلة المسيئة المعاملة:
الطفل المفوض من طرف الوالدين لتوطيد و تقوية الروابط العائلية، و كل هذا الطلب للوالدين هو بطريقة لا شعورية.
إذا لم ينجحوا يفوضوا ضمنيا لأطفالهم مهمة تحقيق الحلم … إنهم يحققوا من خلاله بعض التكامل للمجموعة العائلية بدون إحباط.
فالطفل يستثمر في الطموح غير المشبع للوالدين، و هذا تفويض منحرف، أين الطفل المفوض يصبح ضحية ضغط كبير من طرف والديه.
- الطفل يمكن يكون مفوض لـ “هو” الوالدين: (ça).
وجدنا ان هناك أطفال متمردين يقوموا بمغامرات خطيرة من تناول المخدرات أو رفض الدراسة … هذا التمرد المزعوم بعد دراسة في العلاجات العائلية اكتشف أن الأطفال الأكثر عنادا للتمرد المزعوم أصبح هو الأكثر مطيعا و أكد أن التمرد هو استجابة لرغبة الوالدين العميقة حتى و إن كان بطريقة صراعية غير ظاهرة للملاحظ الخارجي، تبعا لما هو حامل صفة مفوض لوالديه.
ب- الطفل يمكن يكون مفوض لـ”الأنا” الوالدين: (Moi).
تحدث الطفل على تسلق سلم اجتماعي.
ج- الطفل يمكن أن يكون مفوض لـ “مثالية الأنا” الوالدين:
إملاء كل من الأب و الأم طلبات لا يستطيع الطفل تحملها أو القيام بها هذا ما يجعل الطفل يدخل في حالة مرضية نفسية جد حادة.
د- الطفل يمكن أن يكون مفوض لـ “الأنا الأعلى” القمعي:
أين الطفل يدخل في دور “كبش الفداء” عندما يفترض عدم احترام القواعد الكفيلة بالوظائف العائلية أو وضعها في خطر.
إذا العائلة اتبعت منطق إدانة و تجريم هذا الفرد “كبش الفداء” فيعاني من: رفض، نقد ثابت.
- هذا الفرد الذي اعتبرته العائلة “موضوع سيء” “كبش الفداء” يتم تحويله إلى وعاء الإسقاطات المخجلة للمجموعة و يصبح فرد ضروري لا غنى عنه، بفضل صفات شخصه المطابق لكل ما هو سيء، و يكون إلى الأبد مضطهد. مثال ذلك فإن أصل و منبع سوء معاملة الأطفال و بحكم هشاشة و ضعف هذا الطفل يكون عرضة للاعتداء و وضعه في وضعية “نفايات”. هذه الوضعية تناسب أفراد آخرين في العائلة و (حتى سوء معاملة الشيوخ). [30]
- فغالبا لا يفكر هذا الفرد المضطهد حتى في الهروب من هذا السجن النفسي لأنه يجد نفسه مستند على مكانة: “إنه مكروه” علامة نرجسية قبيحة. مع هذا فهي بالنسبة له تعادل منح هوية و مكانة اجتماعية، هي طريقة قاتلة للانتماء من خلال هذا الدور.
نحن نرى من خلال الخدمات الاجتماعية و القضائية للاعتداء على الأطفال و دراسة العائلات المسيئة المعاملة، فإن الطفل إذا كان ليس هو “السيء” إذن فمن أثر الساحة العائلية إنهم هم السيئون … (الوالدين).
- فإنه غالبا دور هذا الفرد الضحية للاضطرابات المخفية و هو وسيلة لتوحيد أو حل الاختلال الوظيفي لكل العائلة، يشهد على الاستثمار العائلي فيؤدي إلى اضطراب هذا الشخص (المرض النفسي).
رغم أن اضطراب هذا الفرد هو مشكل لكنه يخلق توازن في الوظائف الأسرية ليصبح هذا الفرد له دور قوي لأنه علائقيا هو العنصر المضطهد في العائلة حتى يخلق توازن عائلي.[31]
قائمة المراجع:
- مرداسي موراد ، 2009، حقول علم النفس الوسيط، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية.
- بدرة معتصم ميموني، 2003 ، الاضطرابات النفسية و العقلية عند الطفل و المراهق، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية.
- طه عبد العظيم حسين، 2006, سيكولوجية العنف االعائلي و المدرسي، الاسكندرية ، دار الجامعة الجديدة.
- Antoin Gueudeney, Allilaire Jean Françoise, 2001,Interventions psychologiques en prinalité, paris, masson.
- Bénoit Bayle, 2005 , l’identité conceptionnelle , l’harmattan.
- Born Michel et autre, 1996, les abus sexuels d’enfants, luxemborg ,mardaga.
- Caroline Rey, Brigitte Bader-Meunir, Catherine Epelbaum , 2001,Maltraitence a enfants et adolescents, France ,doin.
- Christine henry, 1994, les iles ou dansent les enfants,paris, CNRS.
- Castellan Yvonne, 1993, psychologie de la famille, édition privot, Toulouse.
- De Boucaud Michel, 2009, Psychiatrie et psychopathologie, Paris, L’Harmattan
- Farzaneh Pahlavan, 2002, les conduites agrissives, paris, Armond colin.
- lopez G ,stamatios tzitzis, 2004,Dictionnaire des sciences criminelles, édition dalloz.
- Marcelli Daniel, 2006,Enfance et psychopathologie, Paris
- Marie-Hélène Abeille, Relation – Communiaction Module 5, 2007, Paris .Masson.
- Pourtois Jean Pierre , 2000,Blessure d’enfant, Bruxelles, De Boek.
- Rouyer Michelle, Marie Drouet, l’enfant violenté, des mauvais traitements a l’inceste, 1986.
Article :
- Marie Cardine, psychopatlogie du lien de filiation d’après les travaux de J, guyotat (mars 2008) www.psyest.fr/collques/infos/ 2008
- Simon Korff, Sausse, 2007, L’enfant roi, l’enfant dans l’adulte et l’infantile, Le Journal des psychologues, n°249, p62-66.
- fapeo.be.
[1] Marcelli Daniel, 2006, Enfance et psychopathologie, Paris, Masson, p465.
[2] Daniel Marcelli, Op-cit, p 465.
[3] Pourtois Jean Pierre , 2000,Blessure d’enfant, Bruxelles, De Boek, p 21.
[4] مرداسي موراد ، 2009، حقول علم النفس الوسيط،.الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية ، ص107.
[5] Castellan Yvonne, 1993, Psychologie de la famille, édition privot, Toulouse. p58
[6] Christine Henry, 1994, les iles ou dansent les enfants, Paris, CNRS, p82
[7] Bénoit Bayle, 2005 , l’identité conceptionnelle , l’harmattan , p76.
[8] Michel De Boucaud, 2009, Psychiatrie et psychopathologie, Paris, L’Harmattan, p84
[9] Antoine Guedeney, Jean Françoise, 2001, Interventions psychologiques en périnatalité, Paris, Masson, p10
[10] Bénoit Bayle, 2005,Ibid, p76
[11] Marie Cardine, 2008, psychopathologie du lien de filiation d’après les travaux de J, guyotat, p53
[12] Michel De Boucaud, Op-cit, p84
[13] Bénoit bayle, Op-cit, p76
[14] www.fapeo.be
[15] www.fapeo.be.
[16] Simon Korff, Sausse, 2007, L’enfant roi, l’enfant dans l’adulte et l’infantile, Le Journal des psychologues, n°249, p62-66.
[17] Pourtois. j. p, Oo-cit, p21.
[18] بدرة معتصم ميموني، 2003 ، الاضطرابات النفسية و العقلية عند الطفل و المراهق، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية. ص 278 – 279
[19] Marie-Hélène Abeille, Relation – Communiaction Module 5, 2007, Paris .Masson, p68
[20] Caroline Rey, Brigitte Bader-Meunir, Catherine Epelbaum , 2001,Maltraitance a enfants et adolescents, France ,Doin, p11
[21] Gérar lopez, stamatios tzitzis, 2004, Dictionnaire des sciences criminelles, édition dalloz
[22] Pourtois Jean pierre, Op-cit, p73,74
[23] Pourtois Jean pierre, Op-Cit, p73,74
[24] Rouyer Michelle, Marie Drouet, l’enfant violenté, des mauvais traitements a l’inceste, 1986, P 61- 63.
[25] طه عبد العظيم حسين، 2006, سيكولوجية العنف االعائلي و المدرسي، الاسكندرية ، دار الجامعة الجديدة، ص208-209.
[26] طه عبد العظيم حسين، مرجع سابق ، ص 208-209
[27] Farzaneh Pahlavan, 2002 , Les conduites agressives, Paris, Armand Colin, P 173
[28] طه عبد العظيم حسين، مرجع سابق، ص 210
[29] Michel Born et al, 1996, les abus sexuels d’enfants, Luxembourg ,mardaga, p145
[30] Castellan, Op-Cit, p115
[31] Castellan, Op-Cit, p115-116