
التّشكيل السرديّ في المنجز النسائيّ سردنة السيرة
داخل الرواية في مزاج مراهقة لــ : فضيلة فاروق
The Narrative Construction in Feminine Expediter
Narration of the autobiography within Fadila Farouk’s novel “A Teenager’s Mood”
الدكتور محمد شهري – جامعة مستغانم – الجزائر
Dr. Mohamed Chehri -University of Mostaganem-
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 56 الصفحة 55.
Summary:
It seems that the autobiography is more profound in its truthiness, and more influential for the human souls, because its writer and owner harnesses from his or her memory to write what is concealed within himself or herself. Thus, there is no intermediate in exhibiting the writers’ life events and situations. In contrast to biography, it is predominantly relative because the author cannot know everything about this particular character that he or she wants to talk about, or probably does not have adequate information about this character, and maybe there is a moderator between the author and that character. Therefore, an autobiography writer is both a bystander and a judge, which denotes that the writer is a witness of all the life events that happened to him or her, and also he or she is capable of judging those life events since they are a personal experience, whereas, a biography writer is a bystander but not a judge.
Hence, what are the borderline relationship between autobiography and the novel? what homogeneity we are talking about? Therefore, what are the aesthetics of literary description in what is narratively autobiographic?
Keywords: Autobiographic – narration – descriptive language – homogeneity.
الملخص:
ويبدو أن السيـرة الذاتية أوغل في الصدق، و أوقع في النفوس، لأن مؤلفها صاحبها يمتاح من ذاكرته و يكتب عما اعتمل في نفسه، فلا يوجد هناك وسيط لعرض أحداث حياته و مواقفه في الحياة ” عكس السيرة الموضوعية التي يكون فيها كل شيء نسبي لأن الكاتب لا يستطيع معرفة كل شيء عن هذه الشخصية التي يريد الحديث عنها، أو بالأحرى لا يملك الوثائق و المعلومات الكافية عن هذه الشخصية، و ربما يكون هناك وسيط بين الكاتب و الشخصية، و لهذا فكاتب السيرة الذاتية يكون مشاهد و حكم، و أي شاهد على كل الأحداث التي جرت له في حياته و بإمكانه الحكم عليها لأنها تجربة شخصية، أما كاتب السيرة الموضوعية فيكون مشــاهد لا حــــكم.
وعليه ماهي حدود العلاقة بين السيرة والرواية ؟ ثم عن اي إجناسية نتحدث؟ ومنه ماهي جماليات التوصيف اللغوي لكلّ ما هو سردي سير ذاتي؟
الكلمات المفتاحية :
سر ذاتي – سردنة – لغة توصيف – أجناسية
في البدء:
تستدعي الضرورة الآكاديمية قبل الغوص في غمار التحليل في إطار مقاربة موضوعاتية سردية لأهم بنيّات هذا المنجز الروائي النسائي أن نسجل وقفة محورية لـــ :”فضيلة فاروق” في سيرتها الذاتية خارج النّص كونها تُتشكل ملامح وتجليات جمالية تقفز عن الذكورة حينا وتقارب الأنوثة الفنّية حينا آخر وما نراعيه في معنى الأنوثة والذكورة تحديد بعيد عن الدلالات البيولوجية والفيزيولوجية .إلى الأنوثة المبدأ والموقف والطموح الجماعيّ.
فضيلة الفاروق و سيرتها الذاتية خارج النص:
- ميلادها :
ولدت الكاتبة فضيلة الفاروق في العشرين من نوفمبر ( تشيرين الثاني ) سنة 1967 في مدينة آريس بقلب جبال الأوراس ، التابعة لولاية باتنة شرق الجزائر .
- نسبها :
تنتمي فضيلة الفاروق لعائلة ثورية مثقفة اشتهرت بمهنة الطب في المنطقة تسمى عائلة ملكمي على مدى قرون في المنطقة ، واليوم أغلب أفراد هذه العائلة يعملون في حقل الرياضيات والإعلام الآلي والقضاء بين مدينتي باتنة وبسكرة وتازولت وآريس طبعا .
ج- حياتها ونشأتها :
عاشت الكاتبة فضيلة الفاروق حياة مختلفة نوعا ما عن غيرها ، فقد كانت بكر والديها ، ولكن والدها أهداها لأخيه الأكبر لأنه لم يرزق أطفالا … كانت الابنة المدللة لوالديها بالتبني لمدة ستة عشرة سنة ، قضتها في آريس ، حيث تعلمت في مدرسة البنات آنذاك المرحلة الابتدائية ، ثم المرحلة المتوسطة في متوسطة البشير الإبراهيمي ، ثم سنتين في ثانوية آريس ، غادرت بعدها إلى قسنطينة لتعود إلى عائلتها البيولوجية ، فالتحقت بثانوية مالك حداد هناك . نالت شهادة البكالوريا سنة 1987 قسم رياضيات والتحقت بجامعة باتنة كلية الطب لمدة سنتين ، حيث أخفقت في مواصلة دراسة الطب الذي يتعارض مع ميولاتها الأدبية ، إذ كانت كلية الطب خيار والدها المصور الصحفي آنذاك في جريدة النصر الصادرة في قسنطينة . عادت إلى جامعة قسنطينة والتحقت بمعهد الأدب وهناك ومنذ أوّل سنة وجدت طريقها . فقد فجرت مدينة قسنطينة مواهبها ، انضمت مع مجموعة من أصدقاء الجامعة الذين أسسوا نادي الإثنين والذين من بينهم الشاعر … والناقد يوسف وغليسي وهو أستاذ محاضر في جامعة قسنطينة حاليا ، والشاعر نصير معماش أستاذ في جامعة جيجل ، والناقد محمد الصالح خرفي مدير معهد اللغة العربية وآدابها بجامعة جيجل “[1]، والكاتب عبد السلام فيلالي مدير معهد العلوم السياسية في جامعة عنابة والكاتب والناقد فيصل الأحمر أستاذ بجامعة جيجل … كان نادي الإثنين ناد نشيط جدا حرك أروقة معهد اللغة العربية وآدابها في جامعة قسنطينة طيلة تواجد هؤلاء الطلبة مع طلبة آخرين في الجامعة ، وانطفأت الحركة الثقافية في المعهد بمغادرة هؤلاء للمعهد . تميزت فضيلة الفاروق بثورتها وتمرّدها على كل ما هو مألوف ، وبقلمها ولغتها الجريئة ، وبصوتها الجميل ، وبريشتها الجميلة . حيث أقامت معرضين تشكيليين في الجامعة مع أصدقاء آخرين من هواة الفن التشكيلي منهم مريم خالد التي اختفت تماما من الوسط بعد تخرجها . غير الغناء في الجلسات المغلقة للأصدقاء التي تغني فيها فضيلة الفاروق أغاني فيروز على الخصوص .
وفضيلة الجزائرية وجدت فرصة لدخول محطة قسنطينة للإذاعة الوطنية ، فقدمت مع الشاعر عبد الوهاب زيد برنامجه آنذاك ” شواطئ الانعتاق ” ثم بعد سنة استقلت ببرنامجها الخاص ” مرافئ الإبداع ” وقد استفادت من تجربة أصدقاء لها في الإذاعة خاصة صديقها الكاتب والإذاعي مراد بوكرزازة الذي يعمل الآن مديرا الإذاعة جيجل الجهوية . ولأنها شخصية تتصف بسهولة التعامل معها ، ومرحة جدا ، فقد كونت شبكة أصدقاء في الإذاعة آنذاك استفادت من خبرتهم جميعا ، وكانوا خير سند لها لتطوير نفسها ، في الصحافة المكتوبة بدأت كمتعاونة في جريدة النصر ، تحت رعاية الأديب جروة علاوة وهبي الذي كان صديقا لوالدها ، وأصدقاء آخرين له ، انتبهوا إلى ثورة قلمها وجرأته وشجاعته المتميّزة ، وقد أصبحت في ثاني سنة جامعية لها صحفية في جريدة الحياة الصادرة من قسنطينة مع مجموعة من أصدقاء لها في الجامعة . كانت شعلة من النشاط إذ أخلصت لعملها في الجريدة والإذاعة ودراستها التي أنهتها سنة 1993 .[2]
د- سفرها وشهرتها :
سنة 1994 نجحت في مسابقة الماجستير والتحقت من جديد بجامعة قسنطينة ولكنها غادرت الجزائر نهائيا في التاسع من أكتوبر ( تشرين الأوّل ) سنة 1995 نحو بيروت التي خرجت من حربها الأهلية للتو . وفي بيروت بدأت مرحلة جديدة من حياتها . عالم جديد مفتوح وواسع ، ثقافات مختلفة . ديانات مختلفة . أفق لا نهاية له .
بيروت : مثل الأفلام تلتقي فضيلة الفاروق بصديقها اللبناني بالمراسلة ، والذي راسلته لفترة ثلاث سنوات تقريبا ، ويقع في حبها . ومع أنه مسيحي الديانة ويكبرها بحوالي خمسة عشرة سنة ، إلا أنّها تقنعه باعتناق الإسلام ، وتغيير دينه ، ولا تطلب مهرا لها غير إسلامه ، تتزوجه قبل نهاية السنة ، وتنجب بعد سنتين ابنهما الوحيد . ولكنها في بيروت تصطدم بثقافة الآخر ، التي لم تعشها في مجتمعها ذي الثقافة الأحادية والدين الواحد والحزب الواحد أيضا . المجتمع اللبناني له تركيبة مختلفة ، عانت لتدخل وتتغلغل فيها . ولعل محطة ” الشاعر الكبير والمسرحي بول شاوول ” هي أهم محطة في حياتها في بيروت ، فقد كان اليد الأولى التي امتدت لها ودعمتها الدعم الفعلي والإيجابي لتجد مكانا لها وسط كل تلك الأقلام والأدمغة التي تعج بها بيروت .
جمعتها صداقة متينة ومتميزة مع شاوول ، جعلتها تستعيد ثقتها بنفسها وتدخل معترك الكتابة من جديد . في نهاية 1996 التحقت بجريدة ” الكفاح العربي ” ومع أنها عملت لمدة سنة فقط في هذه الجريدة إلا أنها كوّنت شبكة علاقات كبيرة من خلالها وفتحت لنفسها أبوابا نحو أفق بيروت الواسع . [3]
هـ – أعمالها :
لفضيلة الفاروق عدّة أعمال منها المجموعة القصصية لحظة لاختلاس الحب والتي صدرت سنة 1997 بدار الفارابي بلبنان ، وبعد سنتين من ذلك أصدرت روايتها مزاج مراهقة ، أي في سنة 1999 بنفس دار النشر ( دار الفارابي ) على حسابها الخاص تقريبا ، ” الحجاب … الحب … الحرية … تحار المرأة العربية وبالأخص الجزائرية كيف تعيش ، من ترضي من تغضب ، قوانين خنقها نسيجها من كل الجهات ، قوانين حمايتها غائبة تماما ، كل ما هناك هو قوانين عرفية تحميها وهميا وتنسق كيانها في الواقع على جميع الأصعدة ، هذه الموضوعات هي التي تناقشها رواية مزاج مراهقة ” [4] ، وهي الرواية التي أنا بصدد دراستها ، ثم كتبت تاء الخجل سنة 2003 ” وأرادت أن ترقى بها إلى درجة أرفع ، فطرقت بها أبواب دور نشر كثيرة في بيروت ولكنها رفضت ، ضلت هذه الرواية بدون ناشر لمدة سنتين مع أنها ناقشت موضوع الاغتصاب من خلال مجتمعنا العربي وقوانينه ، ثم عرضت بألم كبير معاناة النساء المغتصبات في الجزائر خلال العشرية السوداء ، ولكن الكتابة عن كل ما هو جنسي لم تكن مرغوبة في ذلك الوقت ، خاصة حين يكون الاغتصاب الذي يدين الرجل والمجتمع والقانون الذي فصله الرجل عن مقاساته .
ظلت الرواية تتجول وترفض إلى أن قدمتها لدار رياض الريسن وقرأها الشاعر والكاتب عماد العبد الله ، الذي رشحها للنشر مباشرة، ودعم فضيلة الفاروق دعما قويا تشهد له هي شخصيا [5] .
ورواية ” تاء الخجل ” هي عمل يبدو مزيجا من القصة القصيرة والقصة الصحافية أي أنها أقرب إلى القصة منها إلى الرواية بشكل نسبي ، صدرت رواية الفاروق في 98 صفحة توزعت على عناوين موحية اجتماعيا وإنسانيا وتفيض بالمفجع .
وتجعل القارئ يغص بالأسى والنقمة ، وموضوعها الأساسي هو المرأة الضحية .
لكن الكاتبة بلغتها الشعرية الملتهبة النفاذة لم تحبس نفسها في ” الإطار ” أي في ثنائية موضوع المرأة المسحوقة والرجل الوحشي المتحكم بل جعلت من هذا الإطار منطلقا إلى الظلم والإجرام الذي يرتكب بحق الإنسان عامة والمرأة خاصة .
تعالق الرواية بالسيّرة الذاتية :
إنّ ما يميّز السيرة الذّاتية عن غيرها من الأجناس الأدبية الأخرى، هو ضرورة وجود عقد أو ميثاق قد يستتبع ويفترض وجود قواعد صريحة ثابتة ومعترف بها لاتّفاق مشترك بين المؤلّف والقرّاء بحضور الكاتب الشّرعي الذي يتمّ التّوقيع عنده على العقد في الوقت نفسه. على أن يكون السّارد هو المؤلّف الحقيقي أو الكاتب المعلن صراحة وفق الميثاق.
وهــذا يحيلنـا إلى مـا يسمى بنظريـة تداخـل الأجناس الأدبية. وعليـه فإن الرواية كنوع تعبيري حديث العمر قادر على استيعــــاب كل الأجناس الأدبيـــــــة. فالــــــرواية لم تكتمل أو تأخـذ شكلا نهائيـــــــــا، نتيجة اقتحام الأنــــواع الشعبية و الشعرية والتاريخية و البلاغيـــــة لنظام النوع الروائــــــــي: و من ثم فالرواية نص يحاكي كل النصوص و بنية تدمج فيـها كل الأنـــــــــواع و الأجناس الأدبيــــة، ذلك ما يؤكد عليه باختين بقوله: ” إن الرواية تسمح بأن تدخل إلى كيانها جميع أنواع الأجناس التعبيرية سواء كانت أدبية (قصص، أشعار، قصائد، مقـــاطع كوميدية) أو خارج أدبية (دراسات من السلوكات، نصوص بلاغية و علمية و دينية…الخ)، نظريا، فإن أي جنس تعبيري يمكنه أن يدخل إلى بنية الرواية و ليس من السهل العثور على جنس تعبيري واحد لم يسبق له، في يوم مـا، أن ألحقه كاتب أو آخر بالرواية، و الرواية حسب جورج لوكــــــاتش محتوى غير خالص أبدا، و لا يملك شكلا ثابتا أو نهائيا، بل إن شكل الرواية عرضـة للتفكير المستمر”.[6] ” و فد بلغت الرواية أوج تجربتها كنص مفتوح على كل إمكانات التجديد في القرن العشرين، و ذلك بعد التطورات الجذرية التي عرفتها نظرية الرواية، و قد أصبح هذا الشكل الروائــي الجديد يلتهم كل النماذج و الأشكال المتوارثة و الحداثية، إلى درجة أن أمحت فيها الحـــدود و الفروق بين الأنواع و الأجناس الأدبية، فانكتبت الرواية بكل اللغات: لغة الشعر و الموسيقى و الحكاية و السيرة و الدراما…إلخ “[7]
و لعل أهم جنس تداخلت معه الرواية هو السيرة الذاتية فقد شغل عدد كبير من النقاد بإشكالية تداخل السيرة الذاتية بالرواية ” في سبيل الحصول و إيجاد فواصل دقيقة لتميز جنسي أدبي عن آخر و أسباب هذا التداخل، ساعتين في هذا السياق إلى معرفة البناء الفني للسيرة الذي يميزه عن الرواية “[8] .
إذا اهتم عدد كبير من الدارسين بهذه المسألة نتيجة اللبس الذي أحدثه تداخل الرواية بالسيرة الذاتية.” و السيرة تداخل مجال الأدب إذا كان الكاتب يهدف إلى تقديم رؤية خاصة إزاء الشخصية التي يكتب عنها سواء بالدفاع و تجميل الصورة أو بالنقد و تشويه الشخصية. و هنا تلتقي السيرة مع الرواية التاريخية، و يقتربان – فنيا – بدرجة يمكن أن نطبق قواعد الرواية التاريخية. على السيرة الأدبية سواء أكانت ذاتية(كتبه أديب عن حياته ) أم غيرية( كتبها أديب عن غيره )، فالسيرة نوع أدبي، يقوم على مضمون تاريخي، يتشكل في إطار بناء روائــــــــــــي قريب من الرواية التاريخية “[9] . فالسيرة تعتمد على درجة كبيرة على التاريخ، تاريخ الشخصية التي يكتب عنها الكاتب سواء كانت سيرة ذاتية أم موضوعية، فيتحدث عما وقع لهذه الشخصية بذكر كل الوقائع إيجابية كانت أم سلبية. و باعتماد الكاتب على التاريخ يجعل السيرة التي يكتبها قريبة من الرواية التاريخية، و هذا وجه آخر لتداخل السيرة الذاتية و الرواية.
” فقد تفاعلت السيرة الذاتية مع أجناس مختلفة عنها في الأصل اختلافا جذريا، من حيث مقوماتها العامة و مقاصدها الجوهرية، و إن اعتبرت منتمية مثلها إلى نفس النسق الأدبي، الذي يؤلف بينها جميع، و من أهم هذه الأجناس ما صنف منها في عداد الملفوظات التخيلية كالرواية. و التي استفادت السيرة الذاتية من تقنياتها استفادة كبيرة في تشكيل عالمها الخاص و هذا ما يقر به جورج ما الذي يؤكد تداخل جنسي السيرة الذاتية و الرواية تداخلا شديد التعقيد، يستعصي على الضبط، دفع به إلى أن يشكل منهما طرفين لسلم واحد “[10]
تتوسط درجاته الباقية على آثار عديدة متنوعة، قد تقترب من هذا الطرف أو ذاك بحسب ما تتم عنه من استعدادات خاصة للانتماء إلى الجنس الروائي المحض، أو السير ذاتي الصرف، و رغم مرونة هذه الرؤية النقدية، فإن جورج ماي لم يقنع بوجود فوارق بينة، يمكن التعويل عليها في الفصل بين المتخيل الروائي و المرجعي السير ذاتي حيث يقول: ” إن السيرة الذاتيــــة حـــــاضرة دائمــــــــــا في الروايــــــــــة و لا تغير إلا بمقدار النسبة السير ذاتية فحسب، فنحصل من هذا لا على مقولات من هنا نجد أنّ المعاش في السيرة الذّاتية لا يروى كما حدث فعلاً، بل كما يتذكّره السّارد لحظة زمن الكتابة، وبين الحدث المعاش ولحظة زمن الكتابة فاصل زمنيّ كفيل بأن يصقل الحدث ويحرّفه ويوجّهه أو يرميه في سلّة النّسيان. ونظراً لطبيعة الواقع العربيّ المعاش بما فيه من عادات وتقاليد وأعراف، وواقع سياسي قمعي، نجد الكاتب مدفوعا إلى التّخييل الرّوائي كقناع ليكون أكثر صدقاً وجرأةً في الكشف، ومن هنا يضمر الميثاق في السيرة الذّاتية بشكل أوسع من دائرته المغلقة الضّيّقة، فيؤدي دوره في هدم المحرّمات والمسلّمات والقمع…
ب. انفتاح الخِطاب السردي على الأجناس :
إنّ الخطاب السردي أكثر رحابة لتجميع أصناف السرد من تلك الأجناس الأدبية التي سادت عبر عصور متعاقبة وإن كانت هي الأخرى مرتبطة بالحكاية حيث أن أسماء تلك الأجناس تستند على سماتها النصية ولم تتعداها، وإذا غاب ذلك التعدي، انحصر
الجنس دون إطاره، حيث لا يمكنه أن يتداخل مع أي جنس آخر؛ لأن “مفهوم الجمع غامض جوهرياً وهذا يفسر عدم الاستقرار الدلالي لأسماء الأجناس المفترضة تجميعاً شكلياً وموضوعاتياً بسيطاً، حكاية، قصة، رواية،…الخ”([11])، وهذا ما أدى إلى توسيع الاسم الجنسي المتمثل في الخطاب السري عقب تشكيل تاريخي تطوري خضع لإعادة تصنيف تلك النصوص.
إن المادة الأساسية المحددة لجنسية السرد هي “المادة الحكائية التي تعتبر أساسية وثابتة وعليها مدار السرد وبانتفائها ينتفي السرد”([12]) وذلك بالرغم من اختلاف طبيعتها باختلاف الأنواع السردية. كما أنها هي ذاتها ما يجعل الخطاب السردي على درجة كبيرة من التنوع والتركيب والتعقيد، كما تجعله متصلاً بالواقع بما يحققه من وصف له وتمثيل، وفي الآن ذاته ينفصل عنه ويتجرد منه بما يضفيه عليه من تخييل قد يصل إلى حدود المستحيل المقنع نظراً للكيفية التي يُعرَض بها، والتي يفترض فيها ضرورةً أن تكون ممتعة ليصير المحكي المخيل أفضل من ذلك الممكن غير المقنع.
فنحن ابتداءً من هذه اللحظة أمام منطلقين ([13]):
- الجنسية: باعتبارها تشكل للموضوع الذي يتحقق من خلال الكلام الذي يتخذ طابع القص.
- السردية: التي نعتمد الكشف عنها باستحضارنا لجنس السرد انطلاقاً من نصوص محددة.
من هنا نجد أنّ المعاش في السيرة الذّاتية لا يروى كما حدث فعلاً، بل كما يتذكّره السّارد لحظة زمن الكتابة، وبين الحدث المعاش ولحظة زمن الكتابة فاصل زمنيّ كفيل بأن يصقل الحدث ويحرّفه ويوجّهه أو يرميه في سلّة النّسيان. ونظراً لطبيعة الواقع العربيّ المعاش بما فيه من عادات وتقاليد وأعراف، وواقع سياسي قمعي، نجد الكاتب مدفوعا إلى التّخييل الرّوائي كقناع ليكون أكثر صدقاً وجرأةً في الكشف، ومن هنا يضمر الميثاق في السيرة الذّاتية بشكل أوسع من دائرته المغلقة الضّيّقة، فيؤدي دوره في هدم المحرّمات والمسلّمات والقمع…
لذا فإنّ الكاتب حين بأنّه يكتب سيرته الذّاتية في قالب روائي (السيرة الذّاتية الروائية)، فإنّ ذلك ي زيل اللّبس عند القارئ ويتلقّاها على أنّها التّاريخ الحقيقي لكاتبها وعندما يكشف الكاتب عن غايته على هذا النّحو، فإنّ ذلك يعدّ الحدّ الفاصل المميّز بين الرواية الفنيّة الخالصة وبين السيرة الذّاتية المصوغة في قالب روائي، حيث استعار كاتبها تكتيك الرّواية دون أن يجمح به الخيال بمعزل عن نقل الحقيقة المصوّرة لواقع تاريخه الشّخصيّ، إذ لابدّ للمترجم لذاته الذي يختار القالب الروائي أن يلتزم الحقيقة التّاريخية في كلّ جزء من أجزا ء تلك التّرجمة، رغم استعانته بعناصر من الفنّ الرّوائي(1).
وعادة ما يكون هناك تواصل وترابط بين الأجناس الأدبيّة المختلفة، فالرّواية مثلاً منذ أواخر القرن التّاسع عشر والقرن العشرين، استعارت الحوار من الفنّ المسرحي لتحقيق التّجارب والمتعة والتّأثير وتصوير التّجارب، وإثارة الإحساس الجمالي لدى القارئ، مع الحرص على نقل الحقيقة المصوّرة لسيرة الكاتب الشّخصي، دون السّماح لتلك العناصر الفنّية أن تجمح به، ممّا يبعده عن واقعه التّاريخي.
وقد انتشر هذا اللّون من الصّياغة الفنيّة الرّوائية بين كتاب السّير الذّاتية الغربية منذ ذلك الحين، حتّى بات من الممكن القول أنه ليس بين قراء الرّواية الغربية المعاصرة من يمكنه أن يشكّ أنّ الرواية قد مالت لأن تكون ترجمة ذاتية بشكل أو بآخر. ويبقى الحدّ الفاصل بين السيرة الذّاتية المصوغة في شكل روائي (السيرة الذّاتية الروائية )، وبين الرّواية الفنيّة المعتمدة على أجزاء من الحياة الشّخصية لكاتبها (رواية السيرة الذّاتية)، هو التزام الحقيقة ، إلى جانب الكشف عن غرضه، فيعلن أنّه يكتب سيرته الذّاتية في هذا البناء الرّوائي كما يعلن عن اسمه الحقيقي وعن أسماء الشّخصيات والأماكن وعن التّواريخ.
وفي ضوء هذا التّحديد الفنّي الذي يبيّن لنا الحدود الدّقيقة بين السيرة الذّاتية الروائية الملتزمة بالحقيقة ، وبين الرّواية الفنيّة المعتمدة على أجزاء من الحياة الخاصّة للكاتب يمكن أن نحدّد النّوع الأدبيّ الأجناسي الذي تنتمي إليه مدوناتنا المستهدفة بالدراسة ( مِزاج مراهقة – هوامش الرحلة الأخيرة – مقامات الذاكرة المنسيّة) عند تناولهم بالتّحليل والتّعليق حتّى نتمكن من ربطها بالسيرة الذّاتية أو السيرة الذّاتية الروائية أو رواية السيرة الذّاتية.
يقول فيليب لوجون : ” إنّ مصطلح رواية السيرة الذّاتية قريب جدّا من مصطلح السيرة الذّاتية، وهذا الأخير قريب جدّاً من كلمة السيرة، ممّا يسمح بالخلط أليست السيرة الذّاتية، كما يشير إلى ذلك اسمها، سيرة شخص مكتوبة من طرفه هو نفسه؟ “(1).
والرّواية، تعدّ من أكثر الأجناس الأدبية التصاقا بفنّ السيرة الذّاتية، فمن الأمور الواضحة والمعروفة في الرّواية، إمكانية التّطابق بين المؤلّف والسّارد والشّخصية الرئيسة، ما يعزّز كون هذه الرّواية سيرة ذاتية. والرّواية تشبه السيرة الذّاتية في ضرورة التزامها بنمط فنّي وأسلوب سردي يغري القارئ بالاستمرار في قراءتها، أمّا الفواصل بينهما فتتمثّل في الخيال، إذ أنّه في الرواية مطلق، ويستطيع المؤلّف أن يوظّفه كما يشاء، أما في السيرة فهو مقيّد، إذ أنه في الرّواية مطلق، ويستطيع المؤلّف مهما أراد أن يسترسل في توظيفه للخيال، فإنّه يصطدم بواقعه الذي يرغب في تقديمه للآخرين لأسباب عدّة منها رغبته في نقل تجربته لهم حتّى تتمّ الاستفادة منها، أو من أجل تخفيف العبء عن كاهله، أو من أجل تبرير بعض مواقفه.
وإذا كنّا حدّدنا معالم السيرة الذّاتية، وكذلك معالم السيرة الذّاتية الرّوائية، فإنّنا نجد أن حاتم الصكر في مقاله( السيرة الذّاتية النسويّة، البوح والتّرميز القهري) نجده يتحدّث عن رواية السيرة الذّاتية فيقول إنّ بعض النّقاد يتعقبون الأعمال الروائية للكتاب، ويبحثون فيها عن كسر أو أجزاء ذاتية، فتقدّمها القراءات النّقدية على أنّها سيرٌ مهربة وغير مصرّح بها… وهو ما يعرف برواية السيرة الذّاتية، وذلك خطأ لا نوافق عليه، ونرى أنّه يعيد مقولة الانعكاس وتعبير العمل الرّوائي عن حيا ة صاحبه بالضّرورة” [14] . ويرى أنّ ذلك يتمّ بإغراء ضمير السّرد الأوّل (ضمير المتكلّم)، أو استحضار معلومات أو استنتاجات غير نصّيّة، تذكّرنا بالمنهج البيوغرافي وإسقاط حياة الكاتب الفعلية على المتخيّل السّردي، وهو “ما حاولت المناهج النّقدية الحديثة مقاومته وإقصاءه لصالح قراءات تستند إلى النّص، وتنطلق منه بعيداً عن المعلومات الخارجية أو التّاريخية” [15].
ونحن لا نقف في صف حاتم الصكر، إذ لا نرى وجهة بالنّسبة لرواية السيرة الذّاتية، وكذلك لا نرى وجهة نظر الفريق الآخر، وإنّما نرى أن لا شيء يمكن أن يمنع القار ئ أثناء قراءته لأيّة رواية، بأن يتذكّر ما كان قد قرأه أو علمه عن الكاتب، ونجده يتساءل “ربّما يكون الكاتب هنا يتحدّث عن نفسه في هذا الفصل بناء على كذا وكذا “، وهي من الأمور التي يمكن أن نعدّها حقّاً مشروعاً للقارئ الذي قد يتماهى مع النّص، فيعيشه في متعة، وهي من المتع المباحة لدفع القارئ للقراءة، وهو الشّيء الذي نسعى إليه جميعا.
وإذا كانت الحقيقة ( الصّدق والصّراحة) من أبرز مقوّمات السيرة الذّاتية، فإنّ السّيرة قد اتّخذت من الرّواية عنصر التّخييل. إلاّ أنّ صلة الخيال بالرّواية أكبر وأوسع، إذ أنّ هناك إمكانية لوجود شخصيات وأحداث مخترعة. فجوهر الرّواية متخيّل وإن كانت الأحداث الهامّة فيها حقيقة، إذ ليس هدفها رسم حيا ة شخص كما تفعل السّيرة.
وهنا نجد أنّ السّير الذاتية التي انعقدت فيها الميثاق على الغلاف بعنوان فرعي ( سيرة أو سيرة ذاتية) ، قد أعطت القارئ فكرة مسبقة عما سوف يقرأ.
فلقد خلصنا إلى أن الخطاب السردي يحفلُ بجملة من الأجناس الأدبية سواء تعلق الأمر بخصائصها الشكلية أو معالمها المضمونية التي تدفع إلى تكثيف السمات الفنية داخل هذا الخطاب الذي يعكس جمعاً أجناسياً تتناوب فيه صيغ التعبير ووسائله التصويرية أو التخييلية أو حتى الإقناعية، لكنه تناوب في غاية الإحكام يطفو من بين جوانبه الملمح السردي الذي يميز هذا العراك الأجناسي، مما يمكننا من قبول الخطاب بصورته العمومية التي تعكس صياغة جنس أدبي عام باعتبار أن “أي مسرود يمثل جزئياً الاسم الجنسي للسرد، فإننا لا نأخذ إلا السّمات الوصفية التي تسمح بتمييزه بصورة شاملة”([16])، فهنا لا نأخذ بعين الاعتبار الفروقات الداخلية في النص المقصود، والتي تفصله عن غيره من النصوص، وتؤهله أن يكون مرشحاً للقيام بدور نواة أخرى يتحرر منها جنس أدبي آخر.
هكذا يكون الخطاب السردي قادراً على تحقيق جنسية عامة لصنوف الخطابات التي تنتمي إليه والتي كثير ما تكون “بعيدة عن أن تكون متشابهة في مضمونها وشكلها، ولكن اختلافاتها لا تتواجد في مستوى الميزة التي ينتقيها مصطلح السرد، إنها تتساوى في هذا المستوى وتتعارض جزئياً”([17]).
هذا يعني أننا حينما نقر بجنسية السرد كنوع تناسل عن نوع آخر واحتوى بين ثناياه أجناساً أخرى، فإن البحث في هذه الأخيرة يصبح أمراً لا مفر منه، ويصبح السؤال عمَّ إذا كان المؤلف قد التزم بما تفرضه تلك الأجناس، وحينها يكون المبدع مجبراً على التعامل مع كل مكوّن على حِدَه لكن في إطار الجنس الواحد، وهذا يفضي بنا إلى الاعتقاد بسقوط نظرية الأجناس بمفهومها، وفق متصوراتها الكلاسيكية أمام الخطاب السردي المعاصر.
التشكيل السردي في المنجز النسائي
- إنشائية السيرة داخل الرواية في مزاج مراهقة :
إذا كان هناك كُتّاب يراهنون على اللغة ويجعلونها مدار الكتابة وأساسها، فإن “فضيلة فاروق” تراهن على الصورة، وتجعل منها آلية لإنتاج كتابة سردية تنسجها العين قبل أن تحول إلى اللغة التي تبقى عندها مجرد أداة مترجمة وناقلة لاشتغال العين وما تلتقطه وما تشكله من صور. حتى وإن كانت اللغة هي الوسيط الأساسي في عملية الكتابة، فهي مجرد وسيط للعين تلك الأداة السحرية التي تؤثث بها فضيلة فاروق عوالمها السردية. وقد تأتى لها ذلك بفضل انفتاحها على الآخر.
سنحاول في هذه القراءة رصد اشتغال “فضيلة فاروق” على الصورة وتجلياتها وأثرها على طريقة السرد وبناء المتخيل الروائي في رواية مزاج مراهقة مركزين على :
– دلالات المكان وأنساقه عند فضيلة فاروق.
– التقاطعات والظاهرة الصراع بين الشخصيات داخل نسق الرواية.
– أنماط البوح بين المسكوت عنه والمنطوق به .
– فضيلة فاروق بين الأنا / والنحن .
1.خط اللغة الواصفة :
إن خط اللغة السارد و الواصف لمجريات الأحداث هو تلك المساحة التي يؤطرها ويؤسس لها الإحساس والشعور الإنساني باعتباره يعبر عن حقيقة الذات وفق السياق واللغة والمقام ، وهي الراسم الفنيّ أثناء تلوين و تكوين أبطال أي عمل درامي .
اعترفت الدراسات منذ القديم بأن اللغة في السرد هي سرّ قوته وبراعة الحكي هي سرّ استمراره في الأثر والقيمة .ولا غرو أن كانت متصلة . ولكن ما يجب الإشادة به أنّ الذات الإنسانية مزيجة بالمكان والزمن ومنها صحّ قولهم : أنسة المكان ، ففضيلة فاروق من خلال مزاج مراهقة وجدنا فيها زمانا تسكنه لا مكانا ، وهذا البعد الفلسفي صنعته لغتها الجريئة داخل مقاطع السرد التراتبية .
لم يعد المكان إطارا أو طابو اتفق واصطلح على قراءته بقواعد ومراحل ثابتة، بل لونت الذات الإنسانية المكان بلونها وصبغته بصبغتها وربطته بشعورها وإحساسها الخاص وهكذا فان المكان في /التأريخ للأنا /هو المكان كموضوع تضاف إليه الذات بكل محتوياتها ولذا نستطيع الجزم انه لا وجود في الرواية –للمكان الموضوعي إذ هو مكان منظور إليه بعين الذات مدرك إدراكا كليا ومعقدا .
والمتأمل في أنساق الخط اللغوي الواصف داخل رواية “مزاج مراهقة “
1-الخط الواصف للجسر:
تسمى قسنطينة مدينة الجسور المعلقة نظرا لكثرة الجسور والتي استهوت الكثير من الكتاب والكاتبات، لذا نجد منهم من يذكرها في نصوصه ورواياته منهم الكاتبة فضيلة الفاروق التي تحدثت في روايتها عن جسر سيدي راشد، وقنطرة الحبال، لكن من منطلق تحويلهما إلى قبلة للشباب المنتحر خاصة في فترة التسعينات التي شهدت تغيرات في الأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية…وحتى المعيشية والتي ألقت بظلالها على نفسية الأشخاص.
فقد ذكرت صورة ذلك الشاب الذي انتحر من على جسر سيدي راشد ليهوي على صخور وادي الرمال قطعة مهشمة، وتجمع الناس بسرعة لمشاهدة هذا المنظر الفظيع، كما وصفت ما جرى في قنطرة الحبال أين تم إطلاق الرصاص على أحد الأشخاص دون أن ينتبه إلى ذلك أحد وحتى صوت الرصاص لم يسمعوه.
هذا الجو جعل المدينة ومن ثم الجسور مشوهة الوجه ورمزا لفضاء الخوف والقلق والموت بعد أن كانت مليئة بالفرح والسعادة فقد كان الناس يأتون إلى هذه الجسور من أجل التنزه والاستجمام لكن سرعان ما تحولت إلى ملجأ للمنتحرين، فهذه الجسور تجمع بين كثير من المتناقضات: الأمن واللا أمن، الحياة والموت، الخوف واللا خوف، السعادة والحزن، الاستجمام والانتحار…
2-الخط الواصف للمثقف:
إنَّ توصيف المثقف الذي نحاول رسم معالمه والإمساك به هو الفضاء المدرك من طرف الشخصية المثقفة أو المفترض أن ينسب إليها ويتحدد هذا الإدراك من خلال وعيها بالمكان وعلاقتها بين حالة انسجام وحالة اللا انسجام، وبين أماكن مسموحة وأماكن ممنوعة، وأي مكان دليل على الشخصية ومن علاقتها به وتأثيرها فيه يتأثث فضاء تألفه الشخصية ويترتب عن هذا أن يصبح للفضاء دور أساسي وهو تعيين مكانة الشخصية في فضائها، وموقعها ومسارها فيه، وكون الشخصية المعنية هنا هي الشخصية المثقفة فإن نظرتها لفضائها ووعيها لابد أن يتميز عن الشخصية الكادحة والمهمشة والجاهلة.
فشخصية المثقف في الرواية تعكس أزمة هذا المثقف في علاقته مع واقعه وحتى مع نفسه وهذا ما يعمل على بناء فضاء مميز يختزل معاناة هذه الفئة الخاصة من المجتمع.
وفي رواية مزاج مراهقة هناك عدة شخصيات مثقفة منها الشخصية الرئيسية لويزا والي، خالها عبد الحميد، توفيق عبد الجليل…فكل واحد كان يعبر عن معاناته بطريقته الخاصة، فلويزا كغيرها من النساء المثقفات حاولت أن تنتفض لوضع المرأة من خلال سخطها على وضعها كأنثى وما يسببه ذلك من متاعب مثل تسلط رجال العائلة وما يفرضونه على الأنثى من قوانين جائرة وتعسفية في كثير من الأحيان، ليس هذا فقط بل عبرت عن معاناة كل فئات المجتمع الجزائري بسبب تلك المرحلة الخطيرة التي عاشتها الجزائر، مرحلة الإرهاب الذي زرع الرعب في نفوس الجزائريين، كما تطرقت إلى العديد من المواضيع التي تشغل فكرها سواء كانت أدبية، دينية –قضية الحجاب الذي فرض عليها- وقضايا سياسية واجتماعية ونفسية وحتى تعلمية…
وكون الشخصية مثقفة لا بد من وجود دلائل على أنها بالفعل شخصية مثقفة ذات مركز ومكانة اجتماعية مميزة، ونقصد بالشخصية المثقفة أنها شخصية تحمل رسالة ومهمة في المجتمع تسعى إلى تحقيقها لكنها تجد في طريقها عقبات وحواجز ومقاومة الآخر لها ومحاولته تهميشها والقضاء عليها.
والشخصية الرئيسية في الرواية “لويزا والي” شخصية مثقفة ويتجلى ذلك في الكثير من الأمور داخل متن الرواية، فهي طالبة جامعية، وعاملة بإحدى المجلات، تكتب الخواطر التي سرعان ما تحولت إلى كتابات قصصية جادة، كما أنها تحب المطالعة وقراءة الكتب ليس لمجرد القراءة فحسب بل إنها تفك شفرات الكتاب الذي تقرأه من عنوان واسم المؤلف، وما يحويه الغلاف الخارجي، ثم تلج إلى المضمون وتحاول فهمه من كل النواحي.
لا تنحصر ثقافتها في مجال الأدب وحسب بل تتعداه إلى مجالات أخرى، فنجدها ذات حس فني كبير وراق، تحب الموسيقى، الغناء، السينما والرسم والفنون التشكيلية إذ تعلقت بمدرسة الفنون الجميلة التي تدرس فيها صديقتاها علجية وماجدة، بالإضافة إلى اطلاعها على ميادين أخرى ويتجلى ذلك من خلال المسائل التي طرحتها كقضية الحجاب، والأوضاع السياسية والاجتماعية في الجزائر مثل استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد وتنصيب محمد بوضياف رئيسا للجزائر.
وتتجلى شخصية لويزا المثقفة من خلال البيئة التي كانت تعيش فيها، وإقبالها الكبير على المكتبات مثل مكتبة خالها عبد الحميد ومكتبة الجامعة ومكتبات أخرى نذكر منها: المركز الثقافي الفرنسي، مكتبة السيدة ديلو، ومكتبة الجيش، والأرشيف، وما المكتبة في الحقيقة إلا ملجأ ومنفى المثقف.
إن شخصية المثقف في الراوية ليست حكرا على لويزا بل هناك شخصيات مثقفة أخرى فيوسف عبد الجليل شخصية مثقفة أيضا فهو كاتب وصحفي كبير يترأس إحدى المجلات، له ميول فني كبير فهو فنان يحب الفن الراقي الجميل ويؤمن بأنه جزء من الحياة اليومية وله القدرة على بناء الذات
وزيادة على يوسف عبد العزيز ولويزا نجد عبد الحميد خال لويزا وتوفيق عبد الجليل وهما من الشخصيات المثقفة أيضا، وما الحوارات والنقاشات التي دارت بين هذه الشخصيات إلا دليل على ذلك..
3-الخط الواصف للأنثى:
إن الحديث عن توصيف الأنثى له مبرره فيما يلمس من حضور متنام لظاهرة الكتابة النسائية في الأدب الجزائري المعاصر، ولاسيما في مجال الرواية.
نجد أن المرأة –الأنثى-هي محور الأحداث تؤثر وتتأثر بها، فنكون بذلك أمام نموذج لامرأة جديدة أو مشروع لبطلة نسائية جديدة ذات وعي ناضج لوجود المرأة ومشروعية دورها في بناء المجتمع، وعندما نحيل هذا الكلام على نصنا نجد أن لغته تحيلنا منذ البداية على فضاء معين مخصوص هو فضاء الأنثى (لويزا والي) فقد هيمنت الأنثى المثقفة على أغلب هذا النص، يبدو ذلك واضحا منذ الصفحة الأولى: لا أدري بالضبط، هل هذه قصتي أن قصة توفيق عبد الجليل؟ هل هذه محنتي أم محنته، أسئلتي أم أسئلته؟ أم عقدة ما كان بيننا من اختلاف، فهذا الفضاء-فضاء الأنثى-هو الذي يسمح بأن تنفجر فيه مكبوتات المرأة وأن تنطلق فيه من أفكارها وتسبح مشاعرها أمام هيمنة الرجل عليها وسعيه الدائم للكبح من حريتها وجمع مشاعرها وأفكارها كتدخل عائلة لويزا من أعمام وأخوال وحتى الجيران في قرار اختيارها الدراسي، وفرض بعض الأمور عليها والتقليل من حريتها مثل الحجاب
ب. ملامح الشخصية في معمار المُنجز / مزاج مراهقة :
تعد الشخصية عنصرا هاما من عناصر بناء الرواية، ولا يمكن فصلها عن باقي العناصر فالشخصيات مرتبطة بالحدث، وعن طريق تصرفات الشخصيات وعلاقاتها المتشابكة تنمو الأحداث، كما أن الحدث بدوره يؤثر في الشخصيات ومن ثمة تكتسي أهميتها في العمل الروائي “إذ تلعب دورا أساسيا في التواصل بين النص والمتلقي”[18].
والشخصية هي التي تحرك الحدث، بل تولده ضمن سياق الرواية، “وعليه فالشخصية بوصفها عنصرا روائيا هاما لا يمكن فصله بأي حال عن باقي العناصر تلك التي يلتحم معها التحام الجزء بالكل حتى يدفع الروائي روايته إلى عالم الفن الروائي، ويقصيها عن طبيعة وروح المقل الذي قد ينعدم فيه الاهتمام بالشخوص مكتفيا بعرض خبر ما على القارئ مركزا جل اهتمامه على فكرة وحدث معينين فحسب، ومن غير شك فإن الشخصية في معناها الحقيقي العام سواء كانت عنصرا من عناصر فن الرواية أم في مفهومها العام المطلق، إنما هي مجموع تلك الجوانب السلوكية التي تتحدد مع مسارات نفسية داخلية تتحدد بدورها في أبعاد ذلك السلوك.
والجدير بالذكر أن الشخصية (خاصة في العمل الفني كالرواية) إنما تعتمد على عبقرية الفنان المبدع حتى يستطيع أن يمحو معالم كل جانب بشكل متفرد لأن عملية إظهار الشخصية بوصفها أحد العناصر الفنية في العمل الفني الروائي يحتاج فيها الروائي إلى مقدرته نقل تلك الشخصية من عوالم محدودة بحدود الزمان والمكان المحددين والجزئيين إلى عوالم رحبة وأكثر صلاحية لكي تصبح نماذج بشرية عامة، ولعل قوة الإبداع الفني لشخصية قصصية لا تكون فقط في حياتها المتدفقة النابضة داخل القصة نفسها، بل في حياتها خارج القصة، في حياتها الممكن استمرارها على وجود آخر في رؤوس الناس”[19].
غير أن النظرة للشخصية اختلفت باختلاف العصور “تبعا للتقاليد الأدبية المرتبطة بالشخصية”[20]، “وباعتبار أن الشخصية تعبير جمالي لواقع معقد تتحكم فيه عدة معايير متداخلة، القصد منه الكشف عن جوانب متعددة من هذا الواقع، وأن الشخصية الروائية هي الوسيلة الوحيدة لذلك، لأنها بمثابة المعيار، أو المجهر اللذين تفحص بواسطتهما نوعية الواقع الاجتماعي”[21].
وفي مرحلة معينة من مراحل الرواية العربية، نجدها قد رصدت الحياة في بعض نماذجها الروائية، وطرحت مواضيع مهمة قضية الانتماء التي طغت على أغلب الروايات الجزائرية خلال مرحلة السبعينات مثل: الرواية الإقطاعية التي يمثلها أحسن تمثيل ابن القاضي في رواية “ريح الجنوب” لعبد الحميد بن هدوقة، وكذلك الرواية البرجوازية لكن كانت مستوى أقل عن البرجوازية الغربية والتي عرفت صراعا طبقيا كبيرا، كما عالجت بعض الروايات أو بالأحرى كانت لها توجهات حسب الإيديولوجية السائدة في تلك الفترة، إذ كانت بعض الروايات تعكس توجهات أصحابها نذكر على سبيل المثال الكاتب الجزائري الراحل الطاهر وطار الذي يتحدث كثيرا في رواياته عن الاشتراكية.
وهناك بعض الروايات خاصة الجزائرية منها كانت روايات ثورية أي تتحدث عن الثورة ويكون فيها البطل ثوريا مثل رواية اللاز للطاهر وطار، وكل هذه الاتجاهات تتجلى من خلال شخصيات الرواية.
لكن نظرة النقاد للشخصية اختلفت عبر العصور، فنجد عبد المالك مرتاض يقول بأن “الشخصية في الرواية التقليدية تعامل على أساس أنها كائن حي له وجود فيزيقي، فتوصف ملامحها، وقامتها، صورتها وآلامها وآمالها…ذلك بأن الشخصية كانت تلعب الدور الأكبر في أي عمل روائي”[22] يكتبه كاتب روائي تقليدي، حتى إن البعض اصطلح على هذا النوع من الرواية “رواية الشخصية، حيث كانت الشخصية وهي أحد عناصر العمل السردي تطغى على باقي العناصر الأخرى، حتى إنها حملت في بعض الأحيان عناوين باسم أبطالها”[23].
فالدراسات التقليدية إذا كانتا تولي أهمية بالغة للشخصية، لكن سرعان ما فقدت الشخصية هذه المكانة، أي فقدت سيطرتها على النص الروائي، وأصبحت مجرد كائن ورقي، وهذا بتأثير بعض اتجاهات النقد المعاصر كالشكلانيين الروس، حيث لم يعد ممكنا دراسة الشخصية نفسها، ولكن بدأت الأفكار تتجه إلى دراستها أو تحليلها، في إطار دلالي، حيث تتعدى الشخصية مجرد عنصر شكلي وتقني للغة الروائية”[24] ولهذا فقد تحولت الشخصية من عنصر أو كائن حي إلى كائن ورقي.
وقد اتجه كتاب الرواية في نهاية القرن الماضي إلى طريقة فنية لمعالجة أشخاص الرواية، وهي طريقة السيرة الذاتية أو الترجمة الفردية التي تسلط الضوء على جانب واحد أو جوانب متعددة من الشخصية، كدراسة باطن الشخصية ومكوناتها الداخلية والخارجية من أحاسيس وميول ورغبات وسلوك، والتي تلقي بظلالها على صفحات النص الأدبي”[25].
و نتائج البحث ختاما:
بعد رحلة البحث التي حاولنا من خلالها دراسة التماس بين السيرة الذاتية والرواية من خلال المدونة الجزائرية ، معترفين أن كل عمل يضيع بين تعويم وتعميم دون الإحاطة بكافة معطياته ، توصلنا إلى نتائج هامة تعلق بعمق البحث وحيثياته .
- مفهوم المصطلح ” الرواية السير ذاتية ” واسع ومتشعب، لا يمثل الامتداد الفكري فقط ، وإنما يتعداه ليشمل تضاريس الأرض، والإنسان، والمجتمع، وكل ما يملأ علينا هذه الأرض الخاصة بنا وبأشيائنا وأجسادنا وأحداثنا وتفاصيل كل حيز منها، على هذا الأساس فُسرت أزلية تعلق الإنسان بالحكي وبنقل الخبرة والتجربة لغيره والإحساس بذاك منذ أن كان .
- علاقة المكان السير ذاتي بالثلاثية (الإنسان، الزمان، الحركة) أكسبه نمطية، فعلاقته بالإنسان جعلته مدخلا مهما تشتغل عليه الأنثروبولوجيا الثقافية التي تلج إلى ذاكرة الإنسان وتنقب في بُنيته الثقافية والنفسية ، كما أن الزمان والمكان كيانان لا ينفصلان ، والحركة لا تتم ولا تنقل إلا بتحرك المادة في مكان أو حيز ما.
- اتخذ السرد في اللغة أشكالا متعددة، ساهمت في إثراء المباحث اللغوية، تمثلت في تشكيل هندسي لفضاء نصيّ متميز وفضاء دلالي راق .
- خصائص أدب السيرة جعلنا نفرد له مسردا خاصا لجمع بعض المفردات والمصطلحات الدالة وتنوعه واتساع مفهومه أثرى المادة المعجمية وشكله مما أفرز لنا معاجم خاصة، تعددت باختلاف مادتها .
2- نتائج البحث تخصيصا:
لا يكاد يختلف اثنان في أن الرواية سجلت حضورا قويا في الساحة الأدبية و النقدية على حد السواء و خلقت لنفسها مساحة مقروئية واسعة ، و اذا كانت الرواية العالمية قد امتلكت الوسائل التقنية و الأدوات الإجرائية الحديثة التي مكنتها من أن تتبوأ هذه المكانة و أن تفرض استقلاليتها في الرؤى و التصور ، فإن الرواية الجزائرية لا تقل قيمة عن هذه النصوص الإبداعية .
و الّذي يؤكد ما ذهبنا إليه ، هو ذلك النتاج الروائي الجزائري الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهله ، و الذي فرض نفسه في الساحة الابداعية العربية و حتى الدولية بفضل تميزه فكثيرة هي النصوص الروائية الجزائرية التي تدرس الأن في الجامعات العربية و الأوربية و حتى نزيل اللثام على الكثير من النصوص الأخرى ، قررنا أن نخوض هذه المغامرة .
- للزمن أهمية في هذه المدونات على غرار باقي العناصر الروائية حيث تشمل الحركة الداخلية على بعدين زمنيين متقاطعين هما : الاسترجاع و الاستباق ، و قد شغل الاسترجاع حيزا هاما في النص كما أن الاستباق يكثر في الرواية هو الآخر، الغرض منه التكهن بما هو محتمل الوقوع في عالم الرواية .
و دون ان نجيز المطابقة التامة بين العالم الروائي و الواقع لأن ذلك غير ممكن ، نشير إلى أن المنجزات الروائية كانت تتحدث عن هواجس وعن مخيال المتمثلة فيوعن واقع اللحظة الراهن .
و في الأخير أقول ان الدراسة لن تكون الاخيرة بإذن الله، مادمنا نطمح لتوسيع معارفنا ، و أيا كان حظي من التوفيق فإن عزائي الوحيد اني أخلصت الجهد و لم أتوان لحظة من بذل قصارى ما استطيع ، و أسأل الله التوفيق ، فإن أصبت فمن الله و ان أخطأت فمن نفسي و من الشيطان آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
[6] Pour une sociologie de roman: lucich goldman Ed gallinard 1964 P177
نقلا عن تناص التراث الشعبي في الرواية، ليندة خراب، ريالة ماجستير، جامعة قسنطينة 1998_1999 ص 98.
[7] – ليندة خراب، المرجع نفسه، ص 100 .
[8] – أمل التميمي: السيرة الذاتية النسائية في الأدب العربي المعاصر، المركز الثقافي العربي الدار البيضاء، المغرب، ط]،2005، ص93.
[9] – طه وادي: هيكل رائد الرواية ( السيرة و التراث ) ط2، القاهرة، 1996، ص( 145،144).
[10] – جورج ماي : السيرة الذاتية، ص ص (1999-203) نقل عن جليلة الطريطر: مقومات السيرة الذاتية في الأدب العربي الحديث (بحث في المرجعيات)، مركز النشر الجامعي، مؤسسة سعيدان، كلية الإنسانية و الاجتماعية، تونس، 2004، ص 85.
[11] – ماري شيفير، ما الجنس الأدبي، ص: 125.
[12] – سعيد يقطين، الكلام والخبر، ص: 219.
[13] – ينظر: سعيد يقطين، الكلام والخبر ، ص: 177.
1 – عبد الدّايم، يحي: التّرجمة الذاتية في الأدب العربي الحديث، ص427-429 بتصرّف.
(1) – لوجون، فيليب: السيرة الذاتية، الميثاق والتاريخ الأدبي، ص 52.
[14] – الصكر، حاتم: السيرة الذاتية النسوية، البوح والترميز القهري، مجلّة الموقف الأدبي، العدد 404، 2004،دمشق، ص2 . ( مأخوذ عن الانترنت: موقع اتحاد الكتاب العرب في دمشق).
[15] – الصكر، حاتم: السيرة الذاتية النسوية، البوح والترميز القهري،ص2.
[16]– ماري شيفير، ما الجنس الأدبي، ص: 119.
[17]– ماري شيفير، ما الجنس الأدبي، ص: 115.
[18] -نبيلة بونشادة: بنية النص السردي في رواية غدا يوم جديد، رسالة ماجستير، جامعة قسنطينة، 2004/2005، ص138.
[19]– مجلة الفيصل: المرجع السابق، العدد 37، ص 20-22.
[20] -صالح مفقودة: صورة المرأة في الرواية الجزائرية، أطروحة دكتوراه، 1996/1997، جامعة قسنطينة، ص 383.
[21] -بشير بويجرة: الشخصية في الرواية الجزائرية (1970/1983)، ديوان المطبوعات الجامعية، ص12.
[22] -عبد المالك مرتاض: في نظرية الرواية، بحث في تقنيات السرد، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1998، ص86.
[23] -عبد الملك مرتاض، المرجع نفسه، ص 86.
[24] -المرجع نفسه، ص86.
[25] -مجلة الفيصل، العدد 37، مرجع سابق، ص23.