
موازنة بين مرثيتين في الخليفة المتوكل
: A comparison Between Two Elegies on Almtawkil Thw Khalifa
سليمان إبراهيم عبدالله إبراهيم – أستاذ مساعد – جامعة الخرطوم– السودان
Sulieman Ibrahim Abdalla Ibrahim – Assistant Professor – Khartoum University- Sudan
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 54 الصفحة 91.
مستخلصتهدف الدراسة إلى الموازنة بين قصيدتين في رثاء الخليفة المتوكل إحداهما لعلي بن الجهم والأخرى للبحتري. بداية من مطلعيهما وما تناول الشاعران من معاني الرثاء، وذكر مَن لهم دور في مقتل الخليفة، والذين كانوا غُيّباً وأثر غيابهم في الحدث. وقد تناول الشاعران الموضوع بزوايا مختلفة لأنهما كانا على طرفي نقيض. وخلصت الدراسة إلى جملة من النتائج لعله من أهمها: سلك كلا الشاعرين مسلكاً مختلفا في مقدمة قصيدته، فقصيدة ابن الجهم سلك فيها مسلكا غريبا بوصف سحابة وهي على غرابتها مقدمة لمرثية إذا أُوّل بالرمز. أما البحتري فقصيدته أقرب إلى الارتجال فأبياته الأولى كانت جزءا من قصيدته. وكذلك اتفاق الشاعرين تورية وتلميحا وتصريحا في بعض المواضع بأنّ ولي العهد المنتصر متآمر مع قتله أبيه، ثم إن الشاعرين ندب كلٌّ منهما الخليفة واستنكر الحادثة ودعا على الذين قتلوه بالويل والثبور وأن ينتقم منهم مع تشككهما في ذلك.
كلمات مفتاحية: موازنة- مرثية – الخليفة المتوكل – ولي العهدAbstract
The study aims at comparing two elegies on Al-Motawakil the Khalifa. One was written by Albuhtory and the other was written by Ibn Algaham. Initiating with their beginning, elegy expressions presented by the two poets in their elegies, revealing the names of those who had hands on the murder of Khalifa and the names of those who were not presented when the Khalifa was murdered but their absence had influenced the murder. The two poets talked about the murder from different angles because they were different from each other.
The study has come up with a number of findings, the most important are: Each of the two poets began his elegy in a different way. Albuhtory’s elegy was more to improvisation, his first verses were a part of his poem while Ibn-Algaham had done it in a strange way, and he began his poem with describing a cloud. Though the poem seemed unfamiliar, yet it was an introduction to an elegy, so he began with symbol. The two poets agreed in the insinuation, imitation and declaration in some situations in the two elegies concerning that the guardian Al-muntasir was involved in with those who murdered his father. The two poets also laminated the Khalifa and condemned the murder and they called for destruction for those who killed the Khalifa and they should be revenged on, though, this one is doubt.
Key Words:Comparison-Elegie- ALkhalifa Almtawkil- guardian
مقدمة:الرثاء من الأغراض التي درج معظم الشعراء على أن لا يقدموا له بالمقدمات التقليدية الشائعة في الشعر القديم – أعني المقدمة الطللية، والغزلية، والخمرية- وذلك لاختلاف العاطفة التي تسود النفس عند ابتداء القصيدة بإحدى هذه المقدمات وعاطفة الرثاء. فمعظم المراثي الشعرية تبدأ أمّا مباشرة بالهجوم على الرثاء دونما مقدمة كمرثية أبي دؤيب الهذلي: ([1])
أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبِها تَتَوَجَّعُ والدَّهْرُ ليسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
أو يشكو الزمان وهو الغالب ، ويميل الشاعر فيه إلى الوصف وبيان المفارقات في أحوال الدنيا وتقلبات الزمان كمرثية المتنبي في أم سيف الدولة: ([2])
نُعِدّ المَشــــرَفيّةَ والعَــــــــــــوالي وتَقْتُلـــــــُنا المَـــــــــــــنُونُ بِلا قِتالِ
ونَرْتَبِطُ السّوابِقَ مُقرَباتٍ وما يُنْجينَ مِنْ خبَبِ اللّيالي
وربما خرج من هذا المسلك عدد قليل من القصائد في الشعر العربي على اختلاف ما بدأت به. فقد خالف الأندلسيون ما درج عليه المشارقة في مقدمات مرثياتهم في قصائد قليلة، فقد جاءوا بوصف الطبيعة في مقدمات الرثاء كقول ابن خفاجة في مقدمة مرثية له في رثاء الوزير أبي محمد عبدالله بن ربيعة[3]:
في كلِّ نادٍ منك روضُ ثناء ٍ وبكل خدٍ فيك جدولُ ماءِ
ولكل شخصٍ هزّهُ الغصنُ الندِي غب البكاءِ ورنة المكاءِ
يا مطلعَ الأنوارِ إن بمقلتي أسفاً عليك كمنشأ الأنواءِ
فابن خفاجة من أجرأ الأندلسيين الذين خالفوا سنن المشارقة في مقدمات مرثياتهم فهو قد مزج في مطلع مرثية واحدة وصف الطبيعة بالغزل والنسيب ووصف الخمر، يقول مصطفى الشكعة في ذلك ( أما هذه النقلة فهي مزج الطبيعة بالغزل والنسيب والرثاء، صاحب هذه البدعة هو الشاعر ابن خفاجة الاندلسي إذ أنه يقدم لنا أبياتا عديدة محكمة الصنع متينة النسج في النسيب لا نشك قيد أنملة إنها مقدمة لمدحة فخمة لممدوح عظيم ، فيفتتح قصيدته بمجموعة من الأبيات الجزلة يقول في بعضها:
وربّ ليال بالقَميمِ عرفتُها لمرضَى جفونٍ بالفرات نيامٍ
يطول عليّ الليل ُيا أمَّ مالكٍ وكل ُّليالِي الصبِ ليل ُتمامِ
ولم أدرِ ما أشجِى وأدْعِى إلى الهوَى أخفقةُ بردٍ أم غناءُ حمامِ
إلى أن يقول:
فيَا عرفَ ريحٍ عاجَ أم بطنَ لعلعٍ فمَا بيننا بالحِقفِ مِن رمل عالجٍ تلذّذْ بدارِ القصفِ عنّي ساعةً وقلْ لغمامٍ ألحقَ الأرضَ ذيلُه وأيُّ ندىَ أو برُدَ ظلٍّ لمزنةٍ وقفتُ وقوفَ الشكِ بين قبورهِمِ | يجرُ على الأنداءِ فضلَ زمام ِ وفي ملتقَى الأرطَى بسفح شمامِ وأبلغْ ندامَاها أعمّ سلامِ فلفّ فجاجاً تحَتَه بأكامِ على عقبِ أترابٍ رزئنَ كرامِ أعظّمُها من أعظمٍ ورجامِ([4])) |
عرف الأندلسيون بحبهم للطبيعة ولهوهم في أحضانها، مصحوب بتلذذهم بالغناء خاصة الشاعر الذي استدللنا ببعض أشعاره لذلك لا غرابة أن تدخل مثل هكذا مقدمات في أغراض يكون البون شاسعا بينها وبين تلك المقدمات ؛كالرثاء لجلال الموقف، واختلاف العاطفة. إلا أننا لا نستبعد وجود بداية لمرثيات بخلاف ما درج عليه في ابتدائها حتى في المشرق.
ولعل أحدى القصيدتين موضوع الموازنة من هذا النزر القليل والقصيدتان المعنيتان بالموازنة هما قصيدتان في رثاء الخليفة المتوكل، وهما قصيدة على بن الجهم:
وَسارِيَةٍ تَرتادُ أَرضاً تَجودُها شَغَلتُ بِها عَيناً قَليلاً هُجودُها ([5])
وقصيدة البحتري. ([6])
محلٌّ على القاطولِ أخلقَ داثرُه | وعادت صُرُوفُ الدهر جيشاً تُغاورُه |
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة إلى الموازنة بين القصيدتين أعلاه، في مطلعيهما وما تناوله الشاعران من معاني الرثاء، وذكر من لهم دور في مقتل الخليفة المتوكل من أعوانه والذين غابوا وقت الحادثة، فكان أحد أسباب مقتل الخليفة غيابهم ثم بيان أثر القرب من الخليفة والبعد عنه في سير الأحداث التي أدت إلى مقتل الخليفة في القصيدتين، لأن الشاعرين على طرفي نقيض، فعلى ابن الجهم كان مغضوباً عليه مفارقاً لمجلس الخليفة بعد أن كان نديماً مقرباً، والبحترى كان منادماً للخليفة ساعة مقتله. ثم ايضاح مَن مِن الشاعرين كان موفقاً في حسن تخلصه وأي الشاعرين كان موفقاً في مرثيته.
ترجمة الشاعرين والعلاقة بينهما:
عليّ بن الجهم:
هو عليّ بن الجهم بن بدر بن الجهم بن مسعود بن أسيدُ بن أذينه بن كرار بن كعب بن جابر بن مالك بن عتبه بن جابر بن الحارث بن قطن بن مدلج بن قطن بن احزم بن ذهل بن عمر بن مالك بن عبيد بن الحارث بن سامة بن لؤي القرشي الشاعر المشهور، على اتفاق كبير بين المترجمين في أسمه. واختلاف طفيف في ورود الأسماء وترتيبها. ([7]) ذكر صاحب الأغاني حقيقة نسبه القرشي ونفي ذلك من بعضهم استناداً على الروايات المختلفة من الرواة وأبيات في هجائه. ([8]) له ديوان شعر مشهور، وكان جيد الشعر عالماً بفنونه وله اختصاص بجعفر المتوكل ، نفاه الخليفة المتوكل إلى خراسان سنة 232ه أو 239، لأنه هجاه، ثم رجع إلى العراق بعد عفو المتوكل عنه ثم خرج إلى الشام وورد كتاب للمستعين من بريد حلب بمقتله بواسطة قبائل كلب وهو في طريقه إلى العراق سنة 249ه.
البحتري:
هو الوليد بن عبيد الله بن عبيد بن شملال بن جابر بن مسلمة بن مسهر بن الحارث بن جشم بن أبي حارث بن بدول بن بحتر يكني أبو عباده. وأبو الحسن والأول أشهر، البحتري الطائي المشهور. شاعر فاضل مجيد يقدّمه بعضهم على أبي تمام ،روي شعره أبو العباس المبّرد، وابن المرزبان محمد بن خلف، وأبي بكر الصولي، والمحاملي، وأبو عبد الله. ولد بمنبج ونشأ وتبتل، ثم ذهب لأبي تمام بحمص فعرض عليه شعره فاستحسنه ، وكان متأثراً بأبي تمام أشد التأثر، مبجلاً له، ومقدماُ له عليه. ولد سنة 206هـ. ومن آثاره كتاب الحماسة على مثال حماسة أبي تمام، وكتاب معاني الشعر، وديوان شعر في مجلدين جُمع مرتي؛، جمعه الصولي ورتبه على الحروف، وجمعه علي بن حمزه الأصفهاني مرتباً له على الأنواع. كان متصرفاً في فنون القول كلها ألا الهجاء، فقد كانت بضاعته فيه نذره قليلة، توفي البحتري عام 284ه.([9])
كان ذلك جانب من جوانب حياة الشاعرين في هذه الإلمامة السريعة ولعل أبرز القواسم المشتركة بينهما هو الخليفة المتوكل، إذ كليهما كان نديماً له، فابن الجهم نادمه ثم غضب عليه المتوكل فحبسه ونفاه فأصبح خارج مجلسه ثم عفا عنه وأطلقه دون أن يرجع إلى مجلسه ومنادمته مره أخرى، خلا أنه لم يحمّل الخليفة مسؤولية النكبة التي حلت به، فنراه يحمله لغيره من حاشيته ومنادميه. أما البحتري فقد نادم الخليفة حتى ليلة مقتله، على ما روي المسعودي على لسانه في كتاب مروج الذهب. ([10]) لذلك صدر الشاعران في رثائهما للخليفة القتيل من مصدر واحد، وعاطفة واحدة هي عاطفة الولاء والزلفي للخليفة، مع أن الشاعرين في حياتهما لم يكونا ذوي علاقة حميمة تربطهما ببعضهما، أن لم تكن علاقتهما أقرب للعداوة، وأن لم نجد في شعر ابن الجهم أبياتاً صريحة في هجاء البحترى، خلا تلك الأبيات ضمن مرثيته التي هاجم فيها بطانة الخليفة والمتقربين منه، ومنهم -كما سبق – البحتري، ولكن في شعر البحتري أبيات فيها هجاء لابن الجهم منها: ([11])
إذَا ذُكرتْ قريشٌ للمعَالي ومَا رغثائُك الجهمُ بن بدرٍ ولو أعطاك ربُك مَا تمَني لأيةِ حالةٍ تهجُو علياً أمالَك في أستِك الوجعاءِ شغلٌ | فلاَ في العيرِ أنتَ ولا النفيرِ من الأقمارِ ثمَّ ولا البدورِ عليه لزادَ في غلظِ الأيورِ بما لفّقْتَ مِن كذبٍ وزورِ يكُفُكَ من أذي أهلِ القبورِ |
هذا مع قلة أهاجي البحتري عامة، إذن الشاعرين أقرب إلى موقف العداوة ، من موقف الود والصداقة، ولعل منادمة الخليفة أحدى أسباب ذلك، وأن ظهر في أبيات البحترى، سبب مذهبي أيضاً إن صحت رواية البيت الرابع([12]) وإن عليّاً المهجو هو الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- ولا يستبعد سببا آخر للهجاء وهو العصبية القبلية لانتماء الشاعرين لعصبيتين مختلفتين المضرية واليمانية ، مع كل هذا فقد إتفقا في بعض معانيهما في رثاء الخليفة المتوكل على ما نري من موازنة بين قصيدتيهما، ولعل في مرثية ابن الجهم بعداً آخر هو بعد الإنتماء إلى قريش، والذي أفتقده البحتري في مرثيته. فأبن الجهم رثا الخليفة باعتباره من أقاربه.
العصر الذي عاشه الشاعران
من المناسب إلقاء ضوء علي العصر الذي عاش فيه الشاعران فقد كانا متعاصرين عاشا _حسب مؤرخي الأدب _ في أواخر العصر العباسيّ الأول وبداية العصر العباسيّ الثاني ’ فالعصر العباسيّ الثاني عند بعض مورخي الادب يبدأ عام 232 ه او 235ه([13]) أو بمقتل الخليفة المتوكل ” موضوع المرثيتين ” . فقد عاش الشاعران بعد مقتل المتوكل ردحا من الزمان كما سبق في ترجمتهما ’ فالشاعران أذن من مخضرميّ العصرين الأدبيين العباسيين – إن جازت التسمية – فإن يكونا عاشا في العصر الذهبيّ أو عصر القوة في تلكم الدولة (العصر العباسيّ الأوّل )فقد شهدا إنحدار الدولة نحو نهايتها في حياتهما في العصر الثاني وذلك بتحكم الاتراك علي كل مفاصلها([14]).ولعل أبلغ دليل علي ذلك هذا التجرؤ غير المسبوق علي الخليفة وقتله بتلك البشاعة بوساطة غلمانه وممالأة ابنه المننتصر – الذي كان ولي عهده – للقتله بله صاحب المصلحة العليا في مقتله فمقتل الخليفة بهذه الصورة لهو نذير شؤم لما تخبئه الأيام بهذه الدولة الفتيّة آنذاك ،وانتهاك حرمة الخلافة بتلك الجرأة دون وضع حسبان بما تمثّله من قدسيّة عند كآفة المسلمين؛ لهي النهاية الفعليّة للدولة منذ وقت مبكر إذ أضحت الخلافة بعد ذلك ألعوبة في أيدي قادة الجند الأتراك ’والخليفة دمية في ايديهم يحركونها حسب أهوائهم ؛ إهانة عزلا وتولية بل تعدّي الامر للتعذيب والقتل .([15]) ولعل شاعرينا قد قادهما حدسهما ووزنهما للأحداث ومقابلتها بأحداث أخرى سبقت إلى التنبؤ بنتائج كارسية على الدولة فنطقا محذريّن عن مآلات الامور في ما بعد هذه الحادثة داعيين إلي أخذ الأمر بمحمل الجد ومعاقبة الجناة الحقيقيين المتسببين في الحادثة ، مع تشككهما في ذلك، كما نري في بعض موازنتنا لمرثيتيهما اللتين صورتا جوانب من العصر سياسيّة واجتماعيّة وحضارية وغيرها.
مناسبة القصيدتين:
القصيدتان موضوع الموازنة في رثاء الخليفة المتوكل الذي خرّ صريعاً على أيدى غلمانه من الأتراك بمؤامرة من ابنه المنتصر، وهو أول تجرؤ على الخليفة في التاريخ الإسلامي من خاصته وحاشيته، ودونما مبرر فقد قتل بعض الخلفاء السابقين بطرق يمكن تبريرها: كالوليد بن يزيد لاستهتاره([16]) والأمين بن الرشيد لخلعه أخاه المأمون وقيام حرب بينهما فهزم وقتل[17] وقبل ذلك مقتل عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أب طالب -رضي الله عنهم- ودون مبررات مقنعة ولكن القتل من قبل أعدائهم، ومروان بن محمد -آخر خليفة أموي- قتل بعد مطاردة من العباسيين بعد سقوط دولة بني أمية.[18] أما مقتل المتوكل بتلك الطريقة من أعوانه وحاشيته يعد إيذاناً بنهاية القدسية المضروبة حول منصب الخليفة، وبداية لعصر الضعف الذي انتاب الدولة العباسية، وتعاورُ الهيمنة بين الأتراك والفرس على مقاليد الحكم فعلياً، وجعلهم للخلافة سلطة اسمية وألعوبة بيد هذه العناصر المسيطرة ، وتوالي نكبات الخلفاء بعد ذلك.
مطلع القصيدتين:
تبدأ موازنتنا بين القصيدتين بالمطالع، فعلي بن الجهم، فقد قدم لمرثيته بوصف سحابة وهو أمر غير معهود في مطالع المراثي، كأنه يرمز بهذه السحابة إلى أيام المتوكل، وما فيها من رخاء وما توقعه من اضطراب الأمر بعد مقتله. قال محقق الديوان، خليل مردوم بك في القسم الأول من القصيدة موقف شعري عجيب يستدعي النظر والتأمل، ماذا أراد بوصف السحابة، وماذا عني بها في مرثيته يتفجع فيها على الخليفة القتيل، وينكر على قتلته هذه الفعلة الشنيعة ، ويشنع على رجال الدولة الذين لم يدافعوا عن الخليفة. كأنه أراد بها أيام المتوكل التي كانت برخائها ويسرها كالغيث ومرت مر السحابة.([19]) ومما يجدر ذكره هنا أن وصفه لهذه السحابة جاءت في خمسة عشر بيتاً وذلك قوله:([20])
وَسارِيَةٍ تَرتادُ أَرضاً تَجودُها أَتَتنا بِها ريحُ الصَبا وَكَأَنَّها تَميسُ بِها مَيساً فَلا هِيَ إِن وَنَت إِذا فارَقَتها ساعَةً وَلِهَت بِها فَلَمّا أَضَرَّت بِالعُيونِ بُروقُها وَكادَت تَميسُ الأَرضُ إِمّا تَلَهُّفاً فَلَمّا رَأَت حُرَّ الثَرى مُتَعَقِّداً وَأَنَّ أَقاليمَ العِراقِ فَقيرَةٌ فَما بَرِحَت بَغدادُ حَتّى تَفَجَّرَت وَحَتّى رَأَينا الطَيرَ في جَنَباتِها وَحَتّى اِكتَسَت مِن كُلِّ نَورٍ كَأَنَّها دَعَتها إِلى حَلِّ النِطاقِ فَأَرعَشَت وَدِجلَةُ كَالدِرعِ المُضاعَفِ نَسجُها فَلَمّا قَضَت حَقَّ العِراقِ وَأَهلِهِ فَمَرَّت تَفوتُ الطَرفَ سَبقاً كَأَنَّما | شَغَلتُ بِها عَيناً قَليلاً هُجودُها فَتاةٌ تُزَجّيها عَجوزٌ تَقودُها نَهَتها وَلا إِن أَسرَعَت تَستَعيدُها كَأُمِّ وَليدٍ غابَ عَنها وَليدُها وَكادَت تُصِمُّ السامِعينَ رُعودُها وَإِمّا حِذاراً أَن يَضيعَ مُريدُها بِما زَلَّ مِنها وَالرُبى تَستَزيدُها إِلَيها أَقامَت بِالعِراقِ تَجودُها بِأَودِيَةٍ ما تَستَفيقُ مُدودُها تَكادُ أَكُفُّ الغانِياتِ تَصيدُها عَروسٌ زَهاها وَشيُها وَبُرودُها إِلَيها وَجَرَّت سِمطُها وَفَريدُها لَها حَلَقٌ يَبدو وَيَخفى حَديدُها أَتاها مِنَ الريحِ الشَمالِ بَريدُها جُنودُ عُبَيدِ اللَهِ وَلَّت بُنودُها(1) |
فالشاعر على بعد مابين مقدمته وغرضه الأساسي في القصيدة، استطاع أن يتخلص أحسن تخلص إلى موضوعه فكأن البيتين الآخران في المقدمة: سوق رياح الشمال السحابة، بعد أن قضت حق العراق وأهله وتشبيهه سرعة السحابة، كأنها جيش عبيد الله الوزير الذي هرب من القصر بكل سرعة تاركاً الخليفة يلاقي مصيره؛ خير واسطة في المعني بين الأبيات التي فوقها في وصف السحابة وأبياته بعدها والتي أبان فيها عن رثاء الخليفة الغرض الأساسي للقصيدة. وهذا يدل علي أن الرثاء يمكن التقديم له _وان قلّ-بمقدمات مختلفة حسب المقدرة البلاغيّة للشاعر وتحكمه في اللغة وامتلاكه ناصية البيان لتوجيه دفة عاطفته كيفما أراد، وقد وفق الشاعر في ردم الهوة التي خلقتها غرابة مقدمته بالنسبة لغرض الرثاء وطولها، ومن شأن المقدمات الطويلة أن تؤثر في بناء القصيدة وترابطها . هذا ولا بد من وقفة في وصفه للسحابة على الرغم من وضعها كمقدمة لمرثيته لا علاقة لها بموضوعها ظاهريا، فقد أجاد وأبدع في وصفه والشعر يقاس أحيانا بجودة الوصف لأنها تدخل تقريبا في كل الأغراض، فأرى أنه لم يترك شيئا في السحابة إلا وصفه ببراعة فائقة مستخدما الصور البيانية المختلفة. كالتشابيه الكثيرة، مثل تشبيه السحابة بالفتاة في قوله : (اتتنا به ريح الصبا وكأنها فتاة) وتشبيه الأرض المكسية بالأزهار بالعروس، والكناية عن شدة لمعان البرق في قوله ( ولمّا أضرت بالعيون بروقها) وكذاك الكناية في شدة قصف الرعد ( وكادت تصم السامعين رعودها) والكناية عن السرعة في قوله ( ومرت تفوق الطرف سبقاً)
أما البحتري هجم على موضوعه مباشرة وهي طريقة شائعة من طرق ابتداء المراثي كما بينا في وصفه لقصر الجعفري الذي أضحى خرباً بعد أن كان آنسا آهلاً بمن فيه، وتغير كل ما فيه إلى الضد، حتى استوي بالمقابر من الوحشة. ثم يذكر ما جري في ذلك اليوم -يوم مصرع الخليفة- كالخوف والروع الذي حلّ بالقصر، والصياح بالرحيل عنه، وسرعان ما نهُب القصر ومزقت ما كان به من أستار وستائر فتمزقت تلك المهابة الجاثمة بالقصر، ولعل قصر الجعفري لارتباطه بالمتوكل جعل الشاعر يلتفت إلى وصفه في المقارنة بين أمسه وحاضره مبينا بعض مظاهر الترف والنعيم في عهده الذي عاشه خاصة في هذه القصور، وما يعج به من مظاهر العمران والحضارة وبعض المظاهر الاجتماعية في وصف الجواري بالقصر المختلفات صغرا وكبرا في السن، فكل ذلك قد انقلب إلى الضد، ثم أضحى القصر موحشا قفرا، فقد مس الشاعر بذلك بعض مظاهر عصره واصفا على سبيل إبراز المفارقات. ثم يدلف إلى تفاصيل الواقعة بعد تساؤله عن الحجّاب والجند، الذين لم يفعلوا شيئاً إزاء ذلك، كأنه يرميهم بالتآمر مع القتلة ، ثم يمتد تساؤله عن الخليفة الصريع، الذي تناوله مغتالوه بسيوفهم بغتة وغدراً ينم عن جبن وخِسة أصل، فالشجاع الهمام من يواجه وليس الذي يباغت وذلك في قوله:([21])
مَحَلٌّ على القَاطُولِ أخْلَقَ داثِرُهْ كأنّ الصَّبا تُوفي نُذُوراً إذا انبَرَتْ وَرُبّ زَمَانٍ نَاعِمٍ ثَمّ عَهْدُهُ، تَغَيّرَ حُسْنُ الجَعْفَرِيّ وأُنْسُهُ، تَحَمّلْ عَنْهُ سَاكِنُوهُ، فُجَاءَةً، إذا نَحْنُ زُرْنَاهُ أجَدّ لَنَا الأسَى وَلم أنسَ وَحشَ القصرِ، إذ رِيعَ سرْبُهُ وإذْ صِيحَ فيهِ بالرّحِيلِ، فهُتّكَتْ وَوَحْشَتُهُ، حَتّى كأنْ لَمْ يُقِمْ بِهِ كأَن لمْ تَبِتْ فيهِ الخِلاَفَةُ طَلْقَةً وَلمْ تَجْمَعِ الدّنْيَا إلَيهِ بَهَاءَهَا، فأينَ الحِجابُ الصّعبُ، حَيثُ تَمَنّعَتْ وأينَ عَمِيدُ النّاسِ في كلّ نَوْبَةٍ | وَعادتْ صُرُوفُ الدّهرِ جَيشاً تُعاوِرُهْ تُرَاوِحُهُ أذْيَالُهَا، وَتُبَاكِرُهْ تَرِقُّ حَوَاشِيهِ، وَيُونِقُ نَاضِرُهْ وَقُوّضَ بَادي الجَعْفَرِيّ وَحَاضِرُهْ فَعَادَتْ سَوَاءً دُورُهُ، وَمَقَابِرُهْ وَقَد كَانَ قَبلَ اليَوْمِ يُبهَجُ زَائِرُهْ وإذْ ذُعِرَتْ أطْلاَؤهُ وَجَآذِرُهْ عَلى عَجَلٍ أسْتَارُهُ وَسَتَائِرُهْ أنيسٌ، وَلمْ تَحْسُنْ لعَينٍ مَنَاظِرُهْ بَشَاشَتُها، والمُلكُ يُشرِقُ زَاهرُهْ وَبَهجَتَها، والعيشُ غَضٌّ مكاسرُهْ بِهَيْبَتِهَا أبْوَابُهُ، وَمَقاصِرُهْ تَنُوبُ، وَنَاهي الدّهرِ فيهِمْ وآمرُه |
ذمّ مرتكبي هذه الجريمة الشنعاء:
تمالأ على قتل المتوكل ثلاثة أصناف من الناس: الذي تولي قتله بضربه مباشرة من غلمانه الأتراك، والذين تآمروا مع هؤلاء على قتله كابنه المنتصر([22]) والذين لم ينصروه ونجوا بأنفسهم كوزيره عبيد الله ،لقيت هذه الأصناف الثلاثة ذماً وتقريعاً في القصيدتين فالبحتري في قصيدته أشار ملمحاً لتقصير عبيد الله بقوله: ([23])
وَلَوْ لعُبَيْدِ الله عَوْنٌ عَلَيْهِمُ، لَضَاقَتْ عَلَى وُرّادِ أمْرٍ مَصَادِرُهْ
ثم أتهم المنتصر موارياً مكنياً مرة: ([24])
ومغتصب للقتل لم يخش رهطه ولم تحتشم أسبابه واواصره
ثم أتهمه صراحة دون مواربة ثم دعا عليه بالموت والقتل وعدم ثبوت الأمر له أن هو فعل هذا الأمر المنكر، ومن ثم أعجب الأعاجيب أن يغدر ولي العهد بأبيه يتآمر في قتله وذلك في قوله: ([25])
وَهَلْ أرْتَجِي أنْ يَطْلُبَ الدّمَ وَاترٌ أكانَ وَليُّ العَهْدِ أضْمَرَ غَدْرَةً؟ فلا مُلّيَ البَاقي تُرَاثَ الذي مَضَى، وَلاَ وَألَ المَشْكُوكُ فيهِ، وَلا نَجَا | يَدَ الدّهْرِ، والمَوْتُورُ بالدّمِ وَاتِرُهْ فَمِنْ عَجَبٍ أنْ وُلّيَ العَهدَ غادرُهْ وَلاَ حَمَلَتْ ذاكَ الدّعَاءَ مَنَابِرُهْ من السّيفِ ناضِي السّيفِ غدراً وَشاهرُهْ |
فالبحتري صبّ جام غضبة على القاتل الحقيقي، صاحب المصلحة الأولي في مقتل الخليفة وهو أبنه المنتصر، والذي خلعه والده من ولاية العهد ،وقد كان البحتري حاضراً ساعة مصرع المتوكل وهو نديماً له، فغض الطرف عن المأجورين الذين نفذوا الجريمة البشعة، باعتبارهم أدوات فقط ، وذم ولي العهد مباشرة ، أما الشاعر علي بن الجهم، فأنه تارة يذم القتلة الفعليين الغلمان الأتراك وتارة يرجع الأمر إلى التقصير، وإيكال الأمر إلى غير أهله، ويشير إلى تورط المنتصر على سبيل التورية. ثم يصّب جام غضبه على العصبة الذين قربهم الخليفة منهم وبسببهم تم إبعاده، وقد كان من منادمي الخليفة فاتهمهم بالزندقة والمروق عن الدين، وخاصة الوزير- وربما عني به عبيد الله- قد أشاعوا إشاعات ولفقوا أكاذيب بشأن الخليفة وهم الذين مهدوا لقتله، لأنهم أفلحوا أن يباعدوا بينه وبين أهل النصح، بل أوغروا صدور مواليه عليه، وفي قصيدته يقول ذامّاً التقصير ناعياً نادما أسفا على ضياع الثقة الموضوعة في غير مكانها:([26])
وَكانَ أَضاعَ الحَزمَ وَاِتَّبَعَ الهَوى كَأَنَّهُمُ لَم يَعلَموا أَنَّ بَيعَةً وَباتَت خَبايا كَالبَغايا جُنودُهُ وَفَرَّ عُبيدُ اللَهِ فيمَن أَطاعَهُ فَيا لِجُنودٍ ضَيَّعَتها مُلوكُها عَبيدُ أَميرِ المُؤمِنينَ قَتَلنَهُ | وَوَكَّلَ غِرّاً بِالجُيوشِ يَقودُها أَحاطَت بِأَعناقِ الرِجالِ عُقودُها وَفي زَورَقِ الصَيّادِ باتَ عَميدُها إِلى سَقَرِ اللَهِ البَطيءِ خُمودُها وَيا لِمُلوكٍ أَسلَمَتها جُنودُها وَأَعظَمُ آفاتِ المُلوكِ عَبيدُها |
وفي اتهامه للمنتصر ولي العهد بقتل أبية نراه هنا كأنه يخفف على ذويه بقوله : أن بني هاشم يقتل بعضهم بعضا وهذا ما يهدي نائرة الغضب: ([27])
فَلا طالِبٌ لِلثَّأرِ مِن بِعدِ مَوتِهِ بَني هاشِمٍ صَبراً فَكُلُّ مُصيبَةٍ عَزيزٌ عَلَينا أَن نَرى سَرَواتِكُم وَلكِن بِأَيديكُم تُراقُ دِماؤُكُم | وَلا دافِعٌ عَن نَفسِهِ مَن يُريدُها سَيَبلى عَلى طولِ الزَمانِ جِديدُها تُفَرّى بِأَيدي الناكِثينَ جُلودُها وَيَحكُمُ في أَرحامِكُم مَن يَكيدُها |
أما موقفة من الذين قربهم الخليفة، ولم يدافعوا عنه فوصفهم بأنهم سبب ما حّل بالخليفة لأنهم عملوا لذلك قبل يوم مقتله، فهم زنادقة كان هدفهم تشويه صورة الخليفة وسط الرعية تمهيداً للانقضاض عليه وقتله، ولا ينسى أبداً أنه كان مستهدفاً من ذات العصبة التي استطاعت أبعاده وأبعاد غيره من الناصحين عن مجلس الخليفة ، وقال كأنه يخاطب الخليفة القتيل: ([28])
فَيا ناصِرَ الإِسلامِ غَرَّكَ عُصبَةٌ وَكُنتَ إِذا أَشهَدتَها بِيَ مَشهَداً فَلَمّا نَأَت داري وَمالَ بِكَ الهَوى أَشاعَ وَزيرُ السوءِ عَنكَ عَجائِباً وَباعَدَ أَهلَ النُصحِ عَنكَ وَأوغِرَت | زَنادِقَةٌ قَد كُنتُ قَبلُ أَذودُها تَطَأمَنَ عاديها وَذَلَّ عَنيدُها إِلَيها وَلَم يَسكُن إِلَيكَ رَشيدُها يُشيدُ بِها في كُلِّ أَرضٍ مُشيدُها صُدورُ المَوالي وَاِستَسَرَّت حُقودُها |
ولعل المواربة والتورية ’ والكناية عن مشاركة المنتصر في المؤامرة تفسر بالخوف من بطش السلطان ، فكيف بمن تسبب أو تآمر في قتل ابيه_ وهو خليفة المسلمين- بسبب تحويل ولاية العهد عنه أن يتورع عن قتل من اتهمه بقتل ابيه واشاعة ذلك في شعره فلا اجد تعليلا ً لتصريح البحتري الّا إذا كان مثل هذا البيت :
إن كان وليّ العهد أضمر غدرة فمن عجب أنّ ولي العهد غادره
من المكتمات أو كانت كل المرثيّة كذلك لم تظهر الّا بعد وفاة المنتصر. فمع اتفاق الشاعرين على ذم مرتكبي الجريمة الفعليين والمتآمرين والذين عجزوا عن الدفاع عن الخليقة رغم حضورهم، فقد اختلفا في كيفية تناولهما للأمر، كل حسب ما يجيش به صدره، فنديم البلاط يرى ما لا يراه النديم السابق الذي أبعد وحبس، وربما عدّ ابن الجهم البحتري من جملة الذين ذمهم بأبياته من العصبة المتآمرة التي اغتر بها الخليفة
الإشادة ببعض مقربي الخليفة:
اشترك الشاعران في الإشادة بالفتح بن خاقان([29]) الوزير الذي صرع مع الخليفة وهو منادمه وملازمه، وعدا مقتله مع الخليفة شرف لا يدانيه شرف قال على بن الجهم في ذلك: ([30])
بَلى وَقَفَ الفَتحُ بنُ خاقانَ وَقفَةً فَأَعذَرَ مَولى هاشِمٍ وَتَليدُها
وَجادَ بِنَفسٍ حُرَّةٍ سَهَّلَت لَهُ وُرودَ المَنايا حَيثُ يَخشى وَرودُها
أما البحتري فقد ربط موقف الفتح بن خاقان المشرف هذا -والذي لم يغن عن الخليفة شيئاً – بغياب مناصري الخليفة، وتخاذل من كان حاضرا من كبراء الدولة بقوله وقد وردت أبياته هذه في ثنايا هذا البحث:
وَلاَ نَصَرَ المُعتَزَّ ([31]) مَنْ كَانَ يُرْتَجَى تَعَرّضَ نصل السيف من دونِ فتحِهِ، وَلَوْ عَاشَ مَيْتٌ، أوْ تَقَرّبَ نَازحٌ، وَلَوْ لعُبَيْدِ الله عَوْنٌ عَلَيْهِمُ، | لَهُ، وَعَزِيزُ القَوْمِ مَنْ عَزّ ناصِرُهْ وَغُيّبَ عَنهُ في خُرَاسَانَ، طاهِرُهْ لدَارَتْ مِنَ المَكْرُوهِ ثَمّ دَوَائِرُهْ لَضَاقَتْ عَلَى وُرّادِ أمْرٍ مَصَادِرُهْ |
بالعودة إلى ابن الجهم فأنه فصل بين الموقف المشرف للفتح ابن خاقان في بيتيه السابقين ، والموقف المخزي المجلل بالعار للوزير عبيدالله ،وغياب المقربين للخليفة من قادة الجند والولاة وهم آل مصعب ، أي ابناء طاهر بن الحسين ويعني بهم عبدالله بن طاهر الذي ولي خراسان بعد ابيه، وعبيدالله بن عبدالله ابن طاهر الذي ولي شرطة بغداد حيث قال: ([32])
وَفَرَّ عُبيدُ اللَهِ فيمَن أَطاعَهُ وَلَم تَحضُرِ الساداتُ مِن آلِ مُصعَبٍ وَلَو حَضَرَتهُ عُصبَةٌ طاهِرِيَّةٌ لَعَزَّ عَلى أَيدي المَنونِ اِختِرامُهُ أولئِكَ أَركانُ الخِلافَةِ إِنَّما | إِلى سَقَرِ اللَهِ البَطيءِ خُمودُها فَيُغنِيَ عَنهُ وَعدُها وَوَعيدُها مُكَرَّمَةٌ آباؤُها وَجُدودُها وَإِن كانَ مَحتوماً عَلَيهِ وُرودُها بِهِم ثَبَتَت أَطنابُها وَعَمودُها |
موقف الشاعرين من الحادثة والقتلة :
اتفق الشاعران كلاهما في حزنهما العميق على الخليفة القتيل واسفهما على ما اصابه بسبب التقصير والتفريظ كما قدمنا مع اختلاف يسير في الأمر ، فعلي بن الجهم كان نديماً للخليفة أقصي عن المنادمة فجاء موقفه موافقاً متماشياً مع الحالة النفسية التي يعيشها، في بيتيه لوم غير قليل للخليفة القتيل وهؤلاء القتلة – يعني بهم حاشية الخليفة– قد تآمروا عليه هو بدءاً، وأوغروا صدر الخليفة ،فغضب عليه ،لأنه كان بالمرصاد ،لدسائسهم ومكائدهم راينا ذلك في قوله:
فَيا ناصِرَ الإِسلامِ غَرَّكَ عُصبَةٌ زَنادِقَةٌ قَد كُنتُ قَبلُ أَذودُها
وَكُنتَ إِذا أَشهَدتَها بِيَ مَشهَداً تَطَأمَنَ عاديها وَذَلَّ عَنيدُه
أما البحتري كان حاضراً ولابد أن يدفع الملامة عن نفسه ويجيب على السؤال الملح حتى من دواخله، لماذا لم يقف موقف الفتح بن خاقان؟فجاء بتبريره في هذه المرثية الحزينة: ([33])
أدفع عنه باليدين ولم يكن ليثني الاعادي أعزل اليد حاسرة
لو كان سيفي ساعة الفتك في يدي لدري الفاتك العجلان كيف أساوره
وقد سبق موقف الشاعرين المستنكر أشد الأستنكار للحادثة، وندب الخليفة وشمائله والدعاء بالسلو لأهله والصبر الجميل مقابل الدعاء على قتلة الخليفة المباشرين والمتأمرين بالويل والثبور ، ورغم نبرة اليأس البائنة على مطالبتهم بالأخذ بثآر الخليفة المقتول لأن الموتور هو الواتر يقول علي بن الجهم مكتفياً في هذا الموقف بالتأبين والدعاء لأهل الخليفة وأقاربه بأن يلهمهم الله الصبر الجميل والسلوان وندب شمائل الخليفة الصريع في قوله: ([34])
أَيُقتَلُ في دارِ الخِلافَةِ جَعفَرٌ بَنو هاشِمٍ مِثلُ النُجومِ وَإِنَّما بَني هاشِمٍ صَبراً فَكُلُّ مُصيبَةٍ أَلَهفاً وَما يُغني التَلَهُّفُ بَعدَما أَما وَالمنايا ما عَمَرنَ بِمِثلِهِ ال فَطُلَّ دَمٌ ما طُلَّ في الأَرضِ مِثلُهُ | عَلى فُرقَةٍ صَبراً وَأَنتُم شُهودُها مُلوكُ بَني العَبّاسِ مِنها سُعودُها سَيَبلى عَلى طولِ الزَمانِ جِديدُها أُذِلَّت لِضِبعانِ الفَلاةِ أُسودُها قُبورَ وَما ضُمَّت عَلَيهِ لُحودُها وَكانَت أُمورٌ لَيسَ مِثلي يُعيدُها |
ويقول البحتري في هذا المعني : ([35])
لَنِعمَ الدّمُ المَسْفُوحُ، لَيلَةَ جَعفرٍ، كأنّكُمْ لمْ تَعْلَمُوا مَنْ وَلِيُّهُ، وإنّي لأرْجُو أنْ تُرَدّ أُمُورُكُمْ مُقَلِّبُ آرَاءٍ تُخَافُ أنَاتُهُ، | هَرَقتُمْ، وَجُنحُ اللّيلِ سُودٌ دَيَاجِرُهْ وَنَاعيهِ تَحْتَ المُرْهَفَاتِ وَثَائِرُهْ إلى خَلَفٍ مِنْ شَخصِهِ لا يُغَادِرُهْ إذا الأخرَقُ العَجلانُ خيفتْ بَوَادرُهْ ج |
وهنا يأتى الفرق بين الشاعرين، فانتماء ابن الجهم إلى قبيلة الخليفة وعصبيته القرشية جعلته في ختام مرثيته ينوه ببني هاشم فرع الخليفة وهذا ما لا نجده في قصيدة البحتري
هذا وقد عبر الشاعران عن أفكارهما في مرثيتيهما بجانب الأسلوب المباشر الذي يتميز به قصائد الرثاء، بأساليب عدة جعلت من قصيدتيهما نموزجين في براعة الرثاء، فقد سبق قولنا عن أتيان ابن الجهم في مقدمة مرثيته بوصف السحابة سالكا مسلكا غير معهود في مقدمات الرثاء، علاوة على ما ذكرناه أيضا من اعتماده على الصور البيانية التي تمثلت في تشبيهاته وكناياته ثم حديثه عن بني هاشم مواليه ودعوته بالصبر والسلوان الجميل لهم فالقاتل والمقتول منهم وذلك مما يهدئ نائرة النفوس ويستل سخائمها .
أما لبحتري فقد بدأ مرثيته بوصف قصر المتوكل ( الجعفري ) الذي أضحى قفرا بعد أن كان آهلا وسريان مظاهر الخراب فيه بسرعة مذهلة وقد وفق كل التوفيق بالتقديم الحزين للمرثية بتلك الأوصاف، ثم أنه استخدم ألوان بيانية مثل التشبيه كتشبيه الدور بالمقابر، وصروف الدهر ومصائبه بالجيش ( وعادت صروف الدهر جيشا تعاوره) والاستعارات المكنية في مثل قوله ( كأنّ الصبا توفي نزورا) وقوله (كأن لم تبت فيه الخلافة طلقة) والاستعارات التصريحية في مثل (أطلاؤه وجآزره) والكناية في ( وحش القصر، وعميد الناس) إلى غير ذلك من الألوان البيانية. وكلا الشاعرين قد حافظ على رنة الحزن التي بدآ بها قصيدتيهما وقد ساعدهما على ذلك البحر الطويل الذي اتبعاه في نظم قصيدتيهما
الخاتمة والنتائج :
كان ذلك موازنة لقصيدتين من قصائد الرثاء في الخليفة المتوكل الذي قتل غيلة بيد غلمانه الاتراك ، لشاعرين أحدهما نديم له حاضراَ الليلة واحداثها مشاهدة بام عينيه والآخر:نديم سابق اقصى بسب التآمر عليه ،فأخرج من القصر مغضوباً عليه، وحرم عليه منادمة الخليفة ،مع انهما اتفقا في معاني عدة في مرثتيهما ، مع اختلاف الموقف عند كل منهما .وخلصنا من الموازنة للنتائج الأتية :-
أولاً :جاءت المرثيتان على وزن واحد وهو البحر الطويل واختلفتا في الروى ، فابن الجهم حائية ، والبحتري رائيةكما اختلفتا في القافية من حيث الإطلاق والتقييد . فقافية ابن الجهم مطلقة ساعدهاطلاقها على إبراز مشاعره الحزينة أما البحتري رغم تقييد قافيته استطاع أن يعبر عما جاش بخاطره ، اما أسلوبهما فكان اسلوباً مباشراً ،ومعانيهما واضحة جاءت دون غرابة عن الموضوع بالرغم من اعتمادهما على الألوان البيانية التي اعطت القصيدتين ميزات اضافية.
ثانياً: سلك كلا الشاعرين مسلكاً مختلفاً عن الآخر . فعلي بن الجهم ، في قصيدته سلك مسلكاً غريباً فبدأها بوصف سحابة فإذا اولناه بانه سلك طريقة الرمز كأن أيام المتوكل كلها رخاء ، ثم تحولت أو أوشكت أن تتحول الأيام بعد مقتله إلي ضدها، فتكون أبياته على حد قول خليل بك مردم ، مقدمة لمرثيتة على غرابتها بالنسبة لموضوع القصيدة . أما البحتري فقصيدة أقرب إلي الارتجال أو الهجوم على الموضوع ،فأبياته الأولى ؛كانت جزءاً من موضوعه ، بينما
ثالثاُ: اتفق الشاعران تورية وتلميحاً أحياناً وتصريحاً أحايين أخري ،على أن ولي العهد متآمر على قتل الخليفة ،فقد ألمح علي بن الجهم إلي ذلك ،اما البحتري فقد وارى ثم صرح بذلك ولا أظن هذا التصريح ممكنا في حياة المنتصر المتهم بقتل أبيه.
رابعاً: اشاد الشاعران بالموقف البطولي،بالفتح بن خاقان وذما الذين تخاذلوا عن نصرة الخليفة كالوزير عبيدالله ،وتأسفا غاية الأسف لغياب مناصري الخليفة –ربما يكونوا غيبوا قصداً – كابنه المعتز وآل طاهر بن الحسين ،وغيرهم من الأوفياء الخلص .
خامساً: أتفق الشاعران في جدب الحادثة والموقف الحازم منها فعلي بن الجهم أوصل ما أراد من ثأره لنفسه أولا، فقد اتهم من حول الخليفة بالزندقة والوقيعة به ودس الاشاعات بين العامة لتشوية صورة الخليفة ؛من قبل الحادثة فتم لهم ما أرادوا ،وما إبعاده عن منادمة الخليفة إلا حلقة من حلقات المؤامرة .
مع أن البحتري اتصف موقفة بالتبرير لنفسه لحضوره وعدم دفاعه عن الخليفة وبرر ذلك بانه أعزل .
سادساً: ندب كلا الشاعرين الخليفة وتأسف لمقتله بهذه الطريقة المهينة كل على طريقته ،ودعا على الذين قتلوه بالويل والثبور والهلاك من يد منتقم للخليفة مع التشكك في الأخذ بثأره .ويظهر هنا إتهام ولي العهد بأنه القاتل والمطالب بالثأر في آن واحد . ودعا ابن الجهم لآل الخليفة أن يلهمهم الله الصبر الجميل والسلوان.
سابعاً: صورت المرثيتان العصر العباسيّ _ زمن مصرع المتوكل _ تصويرا شمل جوانب شتي كالجانب السياسيّ الذي وصل قمة الفوضى والاضطراب بمقتل الخليفة المتوكل بوساطة غلمانه ، كما صورتا جانبا من مراكز القوة في الدولة العباسيّة والتي استطاعت أن تتخلص من الخليفة وكل أعوان الخليفة وثقاته الذين ربّما ابعدوا كي تكتمل المؤامرة. واجتماعيّاً صورت القصيدتان مجالس الخليفة وندمائه وما تحاك حولها من دسائس تؤدي إلي نتائج خطيرة كالحبس والإبعاد والنفي. وانفردت قصيدة البحتريّ بوصف قصر الجعفريّ بين أمسه وحاضره وصفاً دقيقاً كشف مدي التطور الذي اصاب العمران ’وماحلّ بالقصر من اضطراب وفوضي وخراب وإخلاء حتى عاد موحشا قفرا
المصادر والمراجع :-
1) الأدب الأندلسي موضوعاته وفنونه، الدكتور مصطفى الشكعة، دار العلم للملايين بيروت 2014م.
2) الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني.ت إحسان عباس وإبراهيم السعافين ،وبكر عباس دار صادر بيروت 2002م.
3) تاريخ الأمم والملوك –لأبي الفضل محمد بن جرير الطبري ت محمد أبوالفضل إبراهيم دار المعارف مصر 1961م .
4) تاريخ بغداد أو مدينة السلام ،لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي دار الكتاب العربي بيروت لبنان .
5) تاريخ الخلفاء، جلال الدين بن عبدالرحمن السيوطي، دار ابن حزم ط1 بيروت 1424هـ- 2003م
6) ديوان أبي الطيب المتنبئ ، شرح أبي البقاء العكبري ، المسمي التبيان في شرح الديوان ،ضبطه وصححه ووضع فهارسه ،مصطفي السقا وإبراهيم الأبياري وعبدالحفيظ شلبي ،وشركة ومطبعة ومكتبة مصطفي البابي الحلبي وأولاده1959م .
7) ديوان ابن خفاجة، أبي إسحق بن إبراهيم ، مصر 1286هـ
8) ديوان البحتري، ضبط وتصحيح وطبع ،عبدالرحمن البرقوقي، مطبعة هندية بالموسكي مصر 1911م.
9) ديوان علي بن الجهم ،ت خليل مردم بك دار صادر بيروت 1949م
10) ديوان الهذليين ، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب ، الدار القديمة للطباعة والنشر القاهرة 1965م .
11) الفهرست أبوالفرج محمد بن اسحق بن النديم ضبطه وشرحه وقدم له يوسف على الطويل دار الكتب العلمية بيروت 2002م
12) مروج الذهب ومعادن الجوهر ، أبوالحسن على بن الحسين بن علي المسعودي دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع .
13) معجم الأدباء ،أو إرشاد الاريب إلي معرفة الأديب ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي.
14) معجم الشعراء ،لمحمد بن عمران المرزباني، مكتبة المقدس 1354ه.
15) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ،لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان ،ت إحسان عباس دار الثقافة بيروت لبنان1970م.
[1] . ديوان الهذليين ، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب، الدار القديمة للطباعة والنشر، القاهرة، 1965، 1.
[2] . ديوان أبي الطيب المتنبي بشرح أبي البقاء العكبرى، المسمي التبيان في شرح الديوان، ضبطة وصححه ووضع فهارسة، مصطفي السقا، وإبراهيم الأبياري، وعبد الحفيظ شلبي، شركة ومطبعة ومكتبة مصطفي البابي الحلبي وأولاده ، 1959، ط2، 2، 8
[3] . ديوان ابن خفاجة أبي اسحق بن إبراهيم، مصر 1286هـ، 13
[4] . انظر الأدب الأندلسي موضوعاته وفنونه، الدكتور مصطفى الشكعة، دار العلم للملايين بيروت 2014م ، 362 – 364
[5] . ديوان على بن الجهم ، تحقيق خليل مردم بك ، دار صادر بيروت، 1949، 113.
[6] . ديوان البحتري ضبط وتصحيح طبع عبد الرحمن البرقوقي ، مطبعة هندية بالموسكي، مصر ، 1911، ط1 ، 1، 55.
[7] . انظر: تاريخ بغداد أو مدينة السلام لأبي بكر على بن احمد الخطيب البغدادي، دار الكتاب العربي بيروت لبنان م 7، 164 و معجم الشعراء لمحمد بن عمران المزربانيّ مكتبة المقدس 1354ه.، 140، وكتاب الأغابي لأبي الفرج الأصفهاني، تحقيق احسان عباس وإبراهيم السعافين وبكر عباس ، دار صادر بيروت ، 2002، 10، 162 . وانظر وفيات الأعيان مرجع سابق،3، 355.
[8] . الأغاني : مصدر سابق، 163.
[9] . أنظر وفيات الأعيان انباء أبنا الزمان ، لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان تحقيق أحسان عباس، دار الثقافة بيروت لبنان، 1970، 3، 35، ومعجم الادباء :أو إرشاد الأريب إلي معرفة الأديب ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي.دار الكتب العلمية بيروت لبنان 5، 570.
[10] . انظر مروج الذهب، معادن الجوهر، ابو الحسن على بن الحسين بن على بن على المسعودي، دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع، 2، 5
[11] . ديوان البحتري، 2، 5
[12] . للبيت رواية أخرى:
علام طفقت تهجو ملياً ** بم لفقت من كذب وزور
[13]– أنظر تأريخ الادب العربيّ العصر العباسيّ الثاني د شوقي ضيف دار المعارف 1973م ط12 13
[14]– المرجع نفسه 9
[15]– انظر تأريخ الامم والملوك لمحمد بن جرير الطبري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف مصر 1968م، 7 ،238
[16] – تاريخ الخلفاء، جلال الدين عبدالرحمن السيوطي، دار ابن حزم، ط1 1424هـ – 2003م، ص99
[17] – المرجع نفسه ص 238
[18] – المرجع نفسه ص203
[19] . ديوان علي بن الجهم ، ص113.
[20] . المصدر نفسه ، الصفحة نفسها
[21] . ديوان البحتري، 1، 215.
[22] .عبيدالله بن يحي بن خاقان وزير المتوكل كان كاتباً له منذ 236ه وعند مقتله كان يلي الوزارة وقيل أنه كان في القصر يصرف الأعمال فأتاه خبر مقتل المتوكل فامر من معه من الجنود بهدم باب مغلق في ناحيته وفر من القصر وركب مركباً لأحد الصيادين بدجلة بات فيه ليلته . انظر مروج الذهب ومعادن الجوهر مصدر سابق 269 .وتاريخ الأمم والملوك لمحمد بن جريرة الطبري مصدر سابق 7 ،271
2.المنتصر محمد بن جعفر المتوكل، بويع بالخلافة في الليلة التي قتل فيها المتوكل وهو ابن خمس وعشرون سنة ، ولم تدم خلافته ألا ستة شهور فقط، وقيل أنه مات مسموماً ، ومرض مرضاً لم يبل منه حتى مات ، وقيل أنه وراء تأمر الأتراك على أبيه ومقتله. أنظر تاريخ الأمم والملوك ، مصدر سابق، 7، 268 ، ومروج الذهب ومعادن الجوهر،مرجع سابق ، 4، 148.
2.ديوان البحتري 217
[26] . ديوان على بن الجهم ، 115
[27] . ديوان على بن الجهم ، 118
[28] . ديوان على بن الجهم ، 115
[29] . الفتح بن خاقان بن أحمد وقيل ابن عرطوج، من أبناء الملوك الترك، كان نهاية في الذكاء والفطنة، وحسن الأدب أتخذه المتوكل أخا ، وكان يقدمه على جميع أولاده، وكان محباً للكتب والعلوم وله عدة تصانيف قتل مع المتوكل ليلة قتل لأربع خلون من شوال سنة مائتين وتسع وأربعين . وأنظر معجم الأدباء ، مرجع سابق، 4، ص583. والفهرس أبو الفرج محمد بن اسحق بن النديم ضبطه وشرحه وقدم له يوسف الطويل دار الكتب العلمية بيروت، 581.
[30] . ديوان على بن الجهم ، 116
[31] . المعتز الزبير بن جعفر المتوكل يكنى أبو عبيد الله بويع وهو بن ثماني عشر سنة بعد خلع المستعين 3 محرم 252هـ ، وخلع نفسه في 3 رجب 255هـ ، مدة خلافته ثلاثة سنوات وثلاثة أشهر توفي بعد خلى نفسه سته أيام، أنظر مروج الذهب ، مرجع سابق ، ج ص 190، والاغاني لأبي فرج الاصفهاني مصدر سابق، 8، 150.
[32] . ديوان على بن الجهم ، 117
[33] . ديوان البحترى ، 216.
[34] . ديوان على بن الجهم ، ص .116
[35] . المصدر السابق ، ص 214