
وسائل الدعوة إلى العرض المسرحي وأثرها
Les campagnes publicitaires pour la représentation théâtrale et leur impact sur le public
د. زهير بن تردايت/جامعة قابس، الجمهورية التونسيّة
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 55 الصفحة 141.
ملخص :يعتبر العرض المسرحي حدثا ثقافيا لا يمكن أن يكتمل بدون حضور الجمهور وكي يتحقق ذلك يهتم المنظمون بوسائل دعوة المشاهدين التي تتنوع ويتنوع تأثيرها; متأقلمة مع وسائل الإعلام الإلكترونية وتطور الطباعة وانتشار الإعلام المرئي والمسموع.
أصبح العرض المسرحي مسبوقا بعروض تنشيطية دعائية وغدا مشاهير الشاشة ضيوفا يكرمون في الافتتاحات ليستدرج الناس ويطلعون على بقية الفقرات.وغدت مواضيع الندوات الفكرية ذات علاقة بالمناهج الدراسية أحيانا وبمشاغل المربّين أو المسرحيين أحيانا أخرى . لذا نسعى من خلال هذه الدراسة إلى البحث في مختلف الوسائل التي يعتمدها منظمو العروض المسرحية لدعوة الجمهور والتأمّل في أثرها على العرض المسرحيّ.
الكلمات المفتاحية : الدعاية للعرض المسرحي – التّنشيط والاتّصال-التأثّر والتأثيرRésumé
Une représentation théâtrale est un événement culturel qui ne peut être accompli qu’en présence d’un public. Pour ce faire, et pour attirer un large public, les responsables et les organisateurs mobilisent toutes sortes de moyens d’information (presse écrite, audiovisuelle, électronique…). Par ailleurs, une représentation théâtrale est souvent précédée d’une compagne publicitaire. On y annonce souvent qu’on va rendre hommage à des personnalités et des stars de la télévision. C’est là un moyen pour attirer un large public. Nous proposons, dans cette recherche, d’étudier les effets des méthodes adoptées par les responsables sur la représentation théâtrale et le produit artistique.
. Mots Clés : Campagnes publicitaires – Animation et communication – Impact et influence.
مقدمةنحاول من خلال هذا المقال أن ندرس الوسائل المعتمدة لدعوة الجمهور إلى مواكبة العرض المسرحيّ بالبلاد التونسية في المرحلة الراهنة.
يعتبر العرض المسرحيّ في حدّ ذاته احتفالا; إذ لا يمكن للفعل المسرحي أن يكتمل دون العرض.وليس انفصال ثيسبيس عن الجوقة ليكون أوّل ممثل إلاّ تجديدا لشكل الاحتفال وابتكارا لمظهر آخر ثائر ومجدّد ; فلولا مهرجانات ديونيزوس وأعياده مثلا لما بقيت نصوص سوفوكليس ويوربيدس واسخيلوس وغيرهم ولما وصلت إلينا. فأغلب النصوص التي بين أيدينا متوجّة في هذه الاحتفالات. إنّ الاحتفال هو من دوافع المؤلف كي يكتب، وهو ما يمنحه الفرصة كي يلتقي بالجمهور. الفعل المسرحي ليس مذكرات تحبّر سرّاً، أو فعلا تمثيليّا إذاعيّا ينصت إليه بشكل فرديّ. إنّه لقاء بجمهور يشارك في اكتمال عناصر الفعل المسرحي فبدون جمهور لن ينجز العرض الآن وهنا.
لئن كان العرض المسرحيّ نواة الاحتفال ولبّها فإنّ هنالك عروضا أخرى تدور من حوله فتجعل من المناسبة محفلا قد يضمّ عروضا موسيقيّة أو عروض دمى وعرائس عملاقة، وقد تكون لقاءات مع نجوم ومشاهير مسرحيّة أو تلفزيّة أو سينمائية، وقد تكون برامج إعلاميّة مؤثرة تغري الجمهور من أجل الحضور، ولم لا المشاركة فيها تعليقا أو حتى مجرّد حاضرين يلتقطون صورا مع المشاهير أو يرونهم عن قرب.
تعتمد المهرجانات المسرحيّة طرقا متنوّعة ووسائل عديدة لجلب الجمهور وذلك في ظلّ التطوّر التكنولوجيّ المذهل الذي يغري المشاهد كي يلتحم بدفء فراشه أمام حاسوبه أو هاتفه الجوّال.فبعد أن كان المنادي يتجوّل قارعا طبله مخبرا بأنبائه، معلما عن مناسبات أو أحداث، غدت سيارات الدعاية تجوب الأنهج والأزقّة بالإضافة إلى الإعلانات الحائطيّة والبلاغات الإذاعيّة والتّلفزيّة والمواقع الإلكترونيّة. إنّه ليس من السهل أن يستجيب الجمهور ويقدم على العرض المسرحيّ فكما قال محمد عبازة “يبقى جمهورنا إلى اليوم جمهورا صعب المراس وفي غالب الأحيان جمهورا محدودا ومناسباتيّا.”[1] لكنّ طبيعة الفعل المسرحيّ الآن وهنا تبتدع من خصوصيّتها أشكالا ومضامين حيّة ومباشرة تلتقي بالجماهير لتؤثّر في جزء منها وتحوّله إلى جمهور مسرحها المتابع لعروضها.
- في مفهوم الدعوة والدعاية
1-1 الدعوة
لئن ارتبط مصطلح الدعوة ب”البعد الديني ولازمه ومعنى هذا أنّ نشر العقيدة هو جوهر هذا المفهوم .”[2] إلاّ أنّه لا يعني افتقاده للمعنى خارجها; فقد ورد في لسان العرب ” دعا الرجل أي ناداه والاسم الدعوة ودعوت فلانا أي صحت به واستدعيته.”[3] .
إنّ المقصود بالدعوة في هذا السياق المناداة وجلب الانتباه كي يقدم المتفرّج إلى مكان العرض ويحضره وقد اخترنا استخدام مصطلح الدعوة عوضا عن الدعاية التي قد تحمل معنى تجاريا في حين أنّنا نفترض أنّ الفعل المسرحيّ خارج سياق التجارة والبيع والشراء .
1-2 الدعاية
تحمل دلالات سياسية أكثر منها ثقافية من ذلك اعتبار الدعاية فن تعبئة القوى الفكرية والعاطفية لتيسير عملية الإقناع بمثالية برنامج سياسي أو رأي أو موقف . والدعاية عملية تستهدف التأثير على الرأي العام لإفراز سلوك سياسي معين أو لتغيير رأي أو تعديل موقف وهي تسعى إلى إقناع المواطن أو الناخب بصحة الآراء التي يتبناها تنظيم سياسي أو حزب” [4] وقد صنفت الدراسات الحديثة الدعاية أربعة أصناف وهي :
دعاية التأطير العقائدي والتوسع والاستقطاب – دعاية التهييج – دعاية الإدماج ودعاية التدمير. وفي كلّ الأحوال عادة ما يوحي لنا هذا المصطلح ” دعاية” بأننا نروّج لمنتج أو فكر بكلّ الوسائل ولو كان هذا المنتج عكس ما ندعو إليه ;بمعنى أنّنا قد نضلّل المستهلك.إذ هي “محاولة التأثير في الأفراد والجماهير والسيطرة على سلوكهم لأغراض وأهداف متعددة خلال فترة زمنية معينة ” [5]
إنّ استعمالنا للفظ الدعوة فيه من مخاطبة الوجدان ولطف الأسلوب وتجنّب الابتزاز أو المتاجرة بالجمهور .وقد دأب منظّمو العروض على استخدام هذا المصطلح في مراسلاتهم حيث يكتسي حميميّة ويشعر المدعو أنّه ضيف مبجّل وليس حريفا يقدّم مقابلا نظير الخدمات التي ستوفّر له.
- وسائل الدعوة إلى العرض المسرحي وأثرها
إنّ وسائل الدعوة إلى العروض المسرحية متنوّعة وعديدة وتختلف من منطقة إلى أخرى ومن عرض إلى آخر . وقد يستخدم الدعاة إلى العرض المسرحي وسائل تتوافق مع إمكانياتهم المادية ومع طبيعة المجتمع الذي يدعونه .كما يختارون زمن الدعوة إلى العرض والطريقة المعتمدة .وقد اعتمد الناس قديما على ” البرّاح” أو المنادي الذي يسير في الشوارع والساحات ليخبر الناس بحدث ما. ومع ظهور الطباعة أصبحت الصحف تنشر أخبار العروض وتعلم عنها كما تعتمد الفرق المسرحية المعلقات كوسيلة إشهار وإعلام .وسنحاول تحليل وسائل الدعوة إلى العرض المسرحي في تونس منطلقين من أوّل خطة اتصالية ألا وهي تسمية المهرجان مرورا بمختلف مراحل الدعوة إلى العرض .
2-1 تسمية المهرجان الخطوة الأولى للتّعريف به :
يبحث كلّ مهرجان عن تسمية تميّزه عن بقية المهرجانات فإمّا أن يختار عنوانا يعبّر عن مضمونه ” عرائس، تجريب ،…” أو مدى انفتاحه ” مغاربي، عربي، متوسطي، دولي…” وأحيانا يطلق اسم فنان مسرحيّ علا كعبه وعرفت تجربته ;عادة ما يكون ابن تلك المنطقة التي ينتظم فيها المهرجان. فعنوان المهرجان هو مرآته وصورته التسويقية .
” العنوان يجلب نظر القارئ ويجذبه نحو المعنى والمحتوى. كما هو معلوم عدد كبير من المتقبلين يقفون فقط على العنوان لذا فإنّ دوره مهم جدّا. “[6] فإمّا أن يجذب انتباه القارئ أو يصرف نظره عنه .فلا يجب أن يكون طويلا معقّدا بل عادة ما يكون عنوانا بسيطا وملحقا بعنوان فرعي يعبّر عن خصوصيّة كلّ دورة ;كأن يكون مهرجان مسرح الهواة تحت شعار طفل يعبّر – شباب يتحرّر . أو مهرجان مسرح التجريب تحت شعار التجريب في الفضاء أو التجريب في النصّ أو ما إلى ذلك…
2-2 التّنشيط الجماهيريّ بغاية جلب الجمهور إلى العرض المسرحيّ:
تعتمد أغلب المهرجانات على تقديم عروض تنشيطيّة متنوّعة خارجيّة، في السّاحات والتجمّعات الجماهيريّة وذلك قبيل انطلاق العرض الأوّل. الغاية منها إعلام النّاس بالحدث والدعوة إليه. تتنوّع محتويات العروض التنشيطيّة وإن كانت أغلبها تعتمد على الإيقاع القويّ كالطّبل أو الأبواق والمزامير، تحرص بعض إدارة المهرجان على أن تكون ضمن الفرق المشاركة فرقا للفنون الشعبية أو النحاسيّة أو غيرها والتي تصل أصوات موسيقاها إلى أبعد مدى.فعلى سبيل المثال قد تشارك الفرق الموسيقية الجوالة كالطباّلة والماجورات * والفرقة النحاسية وغيرهم.
كما تشارك عروض دمى عملاقة تحاكي أشكالها شخصيّات عرفت في برامج تلفزية مثل: “ميكي ماوس أو سبونجبوب أو بيكاتشو أو طوم وجيري أو شارلي شابلن”وغيرها، وقد يشارك لاعبون واقفون على العصيّ أوقد تجد فرسانا أو عروض البوسعديّة** أو ماجورات وغيرها. أحيانا يتقدم كل هذه الفرق عدد من الشّباب يحمل لافتة تعلن عن المهرجان وفقراته المختلفة. كما قد يتمكّن المهرجان في بعض الدورات من تقديم عروض مسرحيّة خارجيّة يمكن أن نصنّفها ضمن ما يسمّيه عبد الكريم برشيد بالمسرح الاحتفالي ” لقد ربطت الاحتفالية بين الفنّ والتحرّر، الشّيء الذي جعل الاحتفال يكون )مرادفا للتحرّر… التحرّر من المكان والتحرّر أيضا من الزمن.(“[7].
عرض ” بلدي حار” المغرب.
إنّ الجمهور المتحرّك والذي يلتقي بالعرض صدفة، كثيرا ما يترك هدفه ويؤجّل سيره ليقف مشاركا أو مستهلكا أو أحيانا مصفّقا ولربّما راقصا على إيقاعات العازفين.وبعدها تنزاح منه أعداد هامّة لمشاهدة العروض وبقية فعاليّات المهرجان جالبة أطفالها وأصدقاءها و…
إذن تنطلق العملية اتصاليّة، تحاول من خلالها إدارة المهرجان إعلام النّاس بمواعيد الفعاليّات وأماكنها ومحتوياتها مجيبة عن الأسئلة التالية: من صاحب الرّسالة؟ ماذا يقول؟ بأي واسطة؟ لمن يقول؟ وسرعان ما يتحوّل الأمر إلى فعل تواصليّ يضاف إليه السّؤال الرّابع وربّما الأهمّ على حدّ تعبير هارولد لاسوال ( Harold Dwight Lasswell) ألا وهو: أيّ تأثير؟ أي مدى تجاوب المستفيد وردّة فعله. إنّ ما ينتظره المنظّمون من هذه الأنشطة هو أن يتفاعل المستفيدون ويبادروا بالقدوم إلى الفعاليّات ومواكبتها.
2-3 استضافة مشاهير التّلفزة والمسرح سبيل المنظّم نحو الإقبال الجماهيري:
تعمد المهرجانات عادة إلى دعوة بعض المسرحيّين ممّن لهم شهرة واسعة وشعبيّة وذلك بهدف استدراج الجمهور نحو العرض المسرحيّ،إذ في ظلّ انتشار التكنولوجيات الحديثة وبرامج التلفزيون لم تيأس المهرجانات بل وظّفت شهرة بعض فنّاني التلفزيون من المسرحيين لتجلبهم وتقرّبهم من الجمهور. لا يعني ذلك أنّنا نسعى لتكوين جمهور يتصرف بعقلية القطيع”إنّ هذا الجمهور يصبح جمهورا غنميّا Public Moutonnier) (مقلّدا أو وديعا يقبل على ما يقدّم إليه، ويسعد به لأنّ منتج العمل المسرحيّ أرضعه ذلك منذ البداية وألف به فبقي يقدّمه له باستمرار في أشكال مختلفة )ومثال ذلك مسرح الفودفيل أو المسرح الحرّ أو حتّى بعض العروض المنتظمة للكوميدي فرانساز في باريس فيصبح هذا الجمهور مشروطا ومتعوّدا أو جمهورا تحت الأوامر. أوامر المنتج، وأوامر غرائزه وطبيعته أي العادة “[8]. بل أن نستدرج هذا النوع من الجمهور ليكتشف أعمالا مسرحيّة مختلفة وإبداعات مغايرة. أن نحوّله عبر عاطفته إلى فاعل مفكّر، متفاعل يناقش ويتدبّر. تحقّق استضافة المسرحيّ “النجم” أكثر من فائدة كأن يقدم الجمهور على عرضه وينتبه إلى بقية العروض ويجلب وسائل الإعلام ومن ثمّة يذاب الثّلج ويكسر حاجز التردّد لحضور عروض لا يشارك فيها نجوم.
يمثّل عرض الافتتاح حجر الزّاوية للمهرجان لذا عادة ما تشارك أسماء لها مكانتها في المسرح .تكون هذه العروض منفذا ومعبرا ليطّلع الجمهور على البرنامج وتفاصيله وتنشّط ميزانيّة المهرجان.فغالبا ما يكون إقبال الجمهور مرتبطا بأسماء المشاركين في العرض. إنّ الجمهور الذي يواكب العروض يقتطع تذاكر ويدفع مقابلا ماديّا عن طيب خاطر فهو منجذب إلى العرض متحمّس لرؤية المخرجين والممثّلين ، وكلّ نوع من العروض له جمهوره وهناك أعداد ثابتة وأخرى متغيّرة ;فأمّا الثابتة فتواكب كلّ العروض شعبيّة كانت أو نخبويّة وأمّا المتغيّرة فهي تتنوّع حسب نوعيّة العرض. وأحيانا في سهرة واحدة تلتقي الأذواق والجماهير فيقبل الجمهور بأعداد غفيرة كما تهتم الصحافة بالمدعوّين فتنقل تصريحاتهم وصورهم ممّا يجلب انتباه النّاس ويحقق ذياع صيت المهرجان.
يبيّن الباحثون في مجال علوم الاتصال أنّ المصدر الاتصالي يعتمد على أمرين مهمّين هما الجاذبيّة (Attractiveness)والمصداقيّة (Credibility) . ففيما يتعلّق بالجاذبيّة يستند التوجّه الإبستيمولوجيّ إلى أبعاد الحضور الاتصالي للشخصيّة مثل درجة المقبولية لدى الجمهور من حيث تماثل اهتماماتها ومواقفها وتجاربها مع جمهور الرّسالة، إضافة إلى النواحي الشكليّة التي تتعلّق بمظهر الجسد وحركاته في الموقف الاتصالي”[9].
إنّ لقاء الجمهور بشخصيّات كان يراها على شاشة التّلفزة يمثّل حدثا هاما بالنسبة إليه. حتّى أنّ بعض المهرجانات أصبحت تنظم سهرات بعنوان “نجوم المسرح والتلفزيون” فتستضيف فنانين لهم مشاركات على شاشات التلفزيون أو السينما ناجحة للقاء الجمهور دون أن يقدموا عروضا. إنّ الجمهور عادة ما يتعلّق بشخصيّات برزت على الخشبة أو في الأعمال التّلفزيّة فيرى نفسه فيها.
ولا نستثني من هذا عروض الأطفال التي كثيرا ما يتمّ انتقاؤها حسب رغبات الجمهور. ولا يعني ذلك أنّها استهلاكيّة بلا قيمة فنيّة وإنّما يكون الفاعلون فيها ممّن خبرهم جمهور المربّين والمدرسّين وعرف أعمالهم، فنجد أعمالا لمنشّطين ومذيعي البرامج التلفزيّة الموجّهة إلى الطفل. وكذلك نجد أعمالا لمبدعين من أهل الاختصاص وغيرهم ممّن جمعوا بين الشّهرة والأداء المسرحيّ المتميّز.
عادة ما يأت الطفل مع المربّي ضمن رحلات منظمة بعد أن يطّلع هذا الأخير على البرنامج ويتعرّف على العروض والمشاركين فيها ومن ثمّة يختار العروض التي يراها مناسبة لأطفال مدرسته أو ناديه أو ما إلى ذلك.وحتّى الأطفال الذين يأتون مع أوليائهم مباشرة دون المرور بمؤسّسات التّربية أو الوقت الحرّ عادة ما يدخلون إلى القاعة صحبة الأولياء فيتابعون معا العرض ويقومون بتأطير أطفالهم أثناء المشاهدة.
2-4 حضور إعلاميين مؤثّرين و أكاديميّين مرموقين يجلب الجمهور إلى العرض.
تسعى المهرجانات إلى دعوة إعلامييّن لهم مكانتهم في النقد المسرحيّ والكتابة الفنيّة وجامعيّين وأدباء ممن علا كعبهم في المجال الفنيّ والمسرحيّ خاصّة وبذلك تصبح مداخلاتهم وتصريحاتهم محلّ متابعة وتقدير ويقبل عليهم طلاّب المعرفة من المعاهد والجامعات للتعلّم على أيديهم. وهذا هو الأمر الثاني الذي يعتمد عليه المصدر الاتصالي أي “المصداقيّة التي تشير إلى الخبرة والموثوقيّة فثقة الجمهور فيما يقوله المتخصّص في مقابل شخص غير مؤهّل إذ أنّ الخبرات والمؤهلات تدخل ضمن المعياريّة التي تتجسد بموجبها الصورة الذهنيّة للمصدر الاتصاليّ كشخص يمكن الوثوق به جماهيريّا”[10]..كما أنّ حضور أساتذة الفنّ المسرحيّ وهم الباحثون الجامعيّون يجلب الشّباب تماما كجلبه للكبار فهم أهل ثقة ولهم مكانة معرفيّة معترف بها أكاديميّا، حيث يأتى الطلبة بأعداد غفيرة للتشبّع بموضوع ما خاصة إذا ما كان مدرجا ضمن مقرّرهم الدراسيّ وقد يكون حضورهم في الندوة الفكرية سببا لانتباههم لبقية البرامج فيعودون لمشاهدة العروض التي لم يكن لديهم علم بها.
2-5 الورشات التكوينيّة التي يؤمّنها مختصّون معروفون في مجالهم توفّر نواة قارة لحضور مختلف الفعاليّات.
يحقّق التّكوين في أغلب الأحيان رغبة هواة المسرح الذين يرون احترافهم له حلما قد يتحقّق بالاحتكاك بمكوّن له تجربة ودراية، فما بالك لو كان بالإضافة إلى ذلك ممّن حقّقوا شهرة مسرحيّة ومكانة مرموقة. فيصبح القدوة والمثال الذي به يحتذى.
يقبل المربّون والشّباب العاشق للمسرح على هذه التربّصات لحاجتهم الماسّة لتعلّم التقنيات على أيدي خبراء من محليين وآخرين آجانب. ويدفعون مقابلا أحيانا مبادرين بالتّسجيل إلى درجة تفوق إمكانيات القاعات والمؤطّرين. إنّ مربيّة الطفولة التي تتكوّن في الورشة سرعان ما تنتبه إلى عروض الأطفال فتنظم رحلات لمنخرطي ناديها وربّما تعود في المساء صحبة عائلتها لمشاهدة عروض الكبار.
كما قد يِؤثّر المتكوّنون في أصدقائهم وعائلاتهم فيجلبون عشرات آخرين لمواكبة العروض ومشاهدة الفنانين.
خاصة إذا ما كان المكوّن من كبار المخرجين أو الخبراء في مجالهم كما كان الأمر مثلا في” مشروع مسرح الشعب بفرنسا لموريس بوتشار ” Maurice Pottecher ” الذي كان ينجز أعمالا تتناول قضايا الجهة يؤديها مشهورون وأناس من العامة يحظون بتجربة فريدة “[11]فأن يجد الفرد نفسه مع ممثل مشهور فرصة يبحث عنها الهواة ولو بمقابل.فقد تفتح لهم آفاق مشاركات احترافية وقد يرضى البعض بمجرد صورة مع المكوّن وآخرون يستثمرون شهادة ممضاة من طرفه .
خاتمة :
حاولت هذه الدراسة رصد الوسائل المعتمدة لدعوة الجمهور إلى العرض المسرحيّ وأثرها وما قد تتيحه للمهرجانات المسرحية من أفق للتّواصل مع الجماهير و الانفتاح والإشعاع.يعتمد منظمو العروض المسرحية وسائل الطباعة والإعلام الإلكتروني بالإضافة إلى الإشهار التلفزيوني ولكنهم يقتبسون من طبيعة الفعل المسرحي “الآن وهنا” وسائل تنشيطيّة في الشوارع تواجه المارة وتستوقفهم لتحوّل وجهتهم إلى قاعة العرض . هناك حيث نجوم الشاشة يكرّمون وأساتذة الجامعات يحاضرون وشخوص المسرح يبدعون. إنّها سلسلة مترابطة الحلقات لا غنى فيها عن أيّة حلقة إذا ما أراد المنظّم أن يحقّق نجاح عرضه المسرحيّ.
لم تلغ وسائل الاتّصال الحديثة طبيعة الفعل المسرحيّ الاحتفالية قبل العرض وأثناءه وبعده. نعم إنّ ما يحقّقه نشر بلاغ على صفحات الانترنت لا مثيل له فقد يصل إلى أصقاع الدنيا في ثوان ويوصل ما نريد نشره من معلومات ودعوات وقرارات، لكنّ اللّقاء المباشر الآن وهنا له سحره الأخّاذ في وجدان الجمهور وعقله إنّه بمثابة الصّدمة أو تحويل الوجهة التي لا يجرّمها القانون بل يدفع مقابلها الجمهور. فهي نابعة من طبيعة العرض المسرحيّ نفسه، تخلق بهجة داخل الشوارع المزدحمة وتفتح أفقا لهؤلاء القادمين لغاية أخرى كالحصول على شهادة في دورة تكوينيّة أو الحصول على معلومات من ندوة فكريّة، فيزيحون السّتارة ويندمجون مع العتمة باحثين عن نور الرّكح وسحر الأداء وعبق المسرح. متوغّلين في مضمونه، متلذّذين جماله .
قائمة المراجع :
باللغة العربية:
- ابن منظور (جمال الدين ابن الفضل) ، لسان العرب ، (مادة د ع ا.) ، الجزء الثاني ص 1386 – دار المعارف 2008
- برشيد عبد الكريم ، الاحتفالية في أفق التسعينيات – الاحتفالية إلى أين- مطبعة اتحاد الكتاب العرب، دمشق.
- رستم أبو رستم ومحمد بوجمعة ، الدعاية والإعلان ، دار المعتز للنشر ، عمان ، بدون تاريخ .
- المجلة التونسية لعلوم الاتصال ، معهد الصحافة وعلوم الإخبار ، العدد 31 ، جوان 1997.
- دراسات مسرحيّة، منشورات المعهد العالي للفن المسرحيّ ، مارس 1994، تونس.
- دراسات مسرحيّة ، منشورات المعهد العالي للفن المسرحيّ ، تونس ، 1996.
- رضا المثناني ، مفهوم الدعاية وأنواعها، ص 08-09 ، محاضرة مخطوطة ، تونس 2002
- جريدة الصحافة 12 ديسمبر 1992.
- جريدة الشروق ،تونس، 22 مارس2001.
باللغة الأجنبية:
- Catherine Naugrette, Le coût et la gratuité, Editions L’Harmattan 2011 .
- Ksenija Djordjevic Léonard, Eléonore Yasri-Labrique –Médias et Pluralisme: La diversité à l’épreuve – Édition des archives contemporaines-2004.
[1]– محمد عبازة، دراسة بعنوان : المسرح والجمهور، دراسات مسرحيّة، منشورات المعهد العالي للفن المسرحيّ ، مارس 1994، تونس، ص32.
[2] – رضا المثناني ، مفهوم الدعاية وأنواعها، ص 08-09 ، محاضرة مخطوطة ، تونس 2002
[3] – ابن منظور لسان العرب جذع : د ع ا الجزء الثاني ص 1386 – دار المعارف 2008
[4] – نفس المصدر، ص11.
[5] – رستم أبو رستم ومحمد بوجمعة ، الدعاية والإعلان ، دار المعتز للنشر ، عمان ، بدون تاريخ ، ص 39
[6]–Ksenija Djordjevic Léonard, Eléonore Yasri-Labrique –Médias et Pluralisme: La diversité à l’épreuve – Édition des archives contemporaines-2004- Page 119
– الماجورات فرق موسيقية لا تختلف كثيرا عن الفرق النحاسية من حيث الآلات المستعملة لكن العازفين عادة ما يكونون فتيات يافعات.*
** – بوسعدية شخصيّة تؤدّي الرقص الإفريقيّ وتعزف إيقاعات افريقيّة .
[7]– عبد الكريم برشيد ، الاحتفالية في أفق التسعينيات – الاحتفالية إلى أين- مطبعة اتحاد الكتاب العرب، دمشق، ص 123.
[8]– محمد عبازة عن آن ماري قوردون ،دراسة بعنوان : المسرح والجمهور، دراسات مسرحيّة، مصدر سابق ، ص32
[9]– عبد الله بن مسعود الطويقي ، المجلة التونسية لعلوم الاتصال ، معهد الصحافة وعلوم الإخبار ، العدد 31 ، جوان 1997، ص 75.
[10]– نفس المصدر السابق ، نفس الصفحة.
[11] Catherine Naugrette, Le coût et la gratuité, Editions L’Harmattan 2011 p24