
التنافس الإيطالي الفرنسي وأثره على وحدة واستقرار ليبيا
The French – Italian rivalry and its impact on the unity and stability of Libya.
د. خالد أحمد محمد إبزيم، أستاذ مساعد
أ. عبد السلام أحمد حسين امحمد، مساعد محاضر، أعضاء هيئة التدريس بجامعة سبها
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 23 الصفحة 87.
Abstract:
This paper highlights the manifestations of French-Italian geopolitical rivalry and its impact on the unity and stability of the Libyan state. It has been concluded that, the political division has mainly caused an ongoing conflict among thewarring partieswhich has created an anarchyand instability. This division therefore, has allowed more interventionsfrom France and Italy, which gives them an opportunistic position to benefit from the current situation in Libya in order to achieve certain private interests. The rival parties also have claimed that the successive governments have failed to resolve the security matters over the Libyan territory which has subsequently effected over their own national security.
The rival states have adopted different approaches to Libya, in order to find a place for influencing over the Libyan political decision makers. This has mainly created a conflict of interest among them. Yet, both of the countries have common interest for achieving certaineconomic and strategic interests. In addition, each state tries to stand beyond its alliance in order to strengthen its position for having an effective control over the Libyan territory.
ملخص البحث :
يسلط هذا البحث الضوء على مظاهر التنافس الجيوسياسي الفرنسي – الإيطالي ومدى تأثيره على وحدة واستقرار الدولة الليبية، حيث تبين أنه مع استمرار اشتعال الساحة الليبية، وما وصل عليه الحالفي البلاد من فوضى وحروب وما خلفته من أزمات متتالية بفعل الانقسام السياسي ما بين الأطراف الليبية، وبالتالي سمح هذا الانقسام مزيداً من التدخل لكلاً من فرنسا وايطاليا وانتهازهما الفرصة للاستفادة من الوضع القائم في ليبيا لأجل تحقيق مصالحها، وذلك تحت مبررات تقديم يد المساعدة في حل الأزمة السياسية الليبية، وأنها متأثره من تردي الأوضاع الأمنية داخل الإقليم الليبي، وأنه لا يمكن التعويل كثيراً على الحكومات المتعاقبة التي فشلت في معالجة الملف الأمني الشائك والمعقد ومن ثم شكل هذا تهديداً على أمنها ومصالحها.
ولكن في حقيقة الأمر؛ نجد أن كلا من البلدين الأوروبيين يحاولان ايجاد موطئ قدم ونفوذ لهما داخل الساحة الليبية الملتهبة، فعلى الرغم من تباين وتقاطع المصالح بينهما، إلا أن الهدف يبقى مشتركاً يتجلى في تحقيق مكاسب اقتصادية واستراتيجية لها من خلال التأثير على صانعي القرار السياسي في ليبيا.
الكلمات المفتاحية: التنافس، الجيوسياسي، الاستقرار، فرنسا، إيطاليا
المقدمة :
في ظل الظروف الراهنة والمتلاحقة التي تشهدها ليبيا من تسابق دولي غير مسبوق، وتقاطع للمصالح بين القوى الكبرى المختلفة لبسط نفوذها وتحقيق مكاسبها داخل الأراضي الليبية، وساعدها في ذلك انقسام القوى الداخلية وفشلها في إدارة البلاد وتحقيق استقرارها. وبعد مضي أكثر من سبع سنوات من اندلاع الثورة الليبية عام 2011، مازال يخيم على المشهد السياسي الليبي صراعات وتناحرات بين مختلف القوى والتيارات السياسية رغبة منها في الاستحواذ والاستئثار بالسلطة ضاربة بعرض الحائط المصالح والأهداف الوطنية. وهذا الصراع انعكس بكل وضوح على الحياة العامة في البلاد وأحدث أزمة سياسية خانقة مما شكل تهديداً حقيقياً على الأمن القومي الليبي.
وبهذا الحال الذي أصبحت عليه الدولة الليبية من فوضى وحروب وما خلفته من أزمات متتالية بفعل الانقسام السياسي ما بين الأطراف الليبية، حيث سمح هذا الانقسام مزيداً من التدخل للقوى الكبرى التي لعبت دوراً كبيرا في إسقاط نظام ” معمر القذافي ” وانتهازها الفرصة للاستفادة من الوضع القائم لأجل تحقيق مصالحها، وذلك تحت مبررات تقديم يد المساعدة في حل الأزمة السياسية الليبية، وأنها متأثره من تردي الأوضاع الأمنية داخل الإقليم الليبي، وأنه لا يمكن التعويل كثيراً على الحكومات المتعاقبة التي فشلت في معالجة الملف الأمني الشائك والمعقد ومن ثم شكل هذا تهديداً على أمنها ومصالحها.
ومن هنا؛ برز التنافس الدولي الفرنسي والايطالي بشكل واضح، محاولة من البلدين الأوروبيين ايجاد موطئ قدم ونفوذ لهما داخل الساحة الليبية الملتهبة، حيث لعبت كلا من الدولتين في الآونة الأخيرة دوراً أكثر تدخلاً في السياسة الليبية، فعلى الرغم من تباين وتقاطع مصالح تلك الدول، إلا أن الهدف يبقى مشتركاً يتجلى في تحقيق مكاسب اقتصادية واستراتيجية لها من خلال التأثير على صانعي القرار السياسي الليبي، حيث تحاول كل دولة الوقوف إلى جانب حلفائها لتعزيز مكانتها في الداخل ويكون مركز ثقل لها.
وبناء على ما تقدم؛ تظهر أهمية هذه الدراسة في احتدام التنافس الثنائي الدولي الحاصل بين فرنسا وايطاليا وإبراز محدداته، ومدى تأثيره على وحدة واستقرار الدولة الليبية.إلا أنه بتسليط الضوء على واقع الحال؛ وما تشهده البلاد من تشظي وانقسام للحكومات الليبية، وما تمخض عنه من عدم وجود إرادة سياسية (مستقلة) وطنية تتولى مقاليد السلطة وصنع القرار، وتضع حداً للتدخلات الدول الكبرى، وتفرض وجودها ونفسها على الساحة الإقليمية والدولية، يجعل باب النقاش مفتوحاً على مصراعيه أمام عدة تساؤلات أو استفهامات تتمحور حول إشكالية رئيسية مفادها التساؤل التالي: ” إلى أي مدى يشكل التنافس الدولي – الفرنسي الايطالي – تهديداً على وحدة واستقرار الدولة الليبية ” ؟.
بنيت هذه الدراسة على فرضية مفادها ( أصبحت ليبيا تعيش بعد سقوط نظام ” معمر القذافي ” داخل دائرة الأجندات الدولية التي تتصارع فيما بينها داخل الساحة الليبية، بدافع التنافس عن حماية مصالحها هناك، مما أثر على استقرار المشهد الليبي وتدهور الملف الأمني).
وللإجابة على إشكالية هذه الدراسة سنعتمد منهجاً تحليلياً، وذلك وفقاً للمبحثين التاليين :
المبحث الاول : طبيعة التنافس الفرنسي – الإيطالي تجاه ليبيا
منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في عام 2011، أصبحت الساحة الليبية حلبة للتنافس بين مختلف القوى الكبرى التي ساهمت بشكل فعال وحاسم في إسقاط النظام السابق. ولعل من أهم هذه القوى هي فرنسا وايطاليا، حيث برز هذا التنافس بشكل واضح خلال السنوات السابقة وبلغ ذروته خلال العام الماضي، فتمثل هذا التنافس في خلق العديد من المبادرات الفردية من كلا الطرفين لأجل وقف الصراع، وإنهاء حالة التشظي والانقسام السياسي بين الأطراف الداخلية.
في هذا المبحث سنتناول مفهوم التنافس الدولي في ( المطلب الأول)، و من ثم ننتقل بالحديث عن محددات التنافس الفرنسي الايطالي تجاه ليبيا في ( المطلب الثاني).
المطلب الأول : مقاربة في مفهوم التنافس الدولي
يعد مفهوم التنافس في حقل العلاقات الدولية ظاهرة حديثة نسبياً، حيث أنه لم يتبلور إلا في منتصف القرن الماضي، مما دفع بعض من الباحثين للقول بأن أصول التنافس ترجع إلى جذور اقتصادية أشتق منها هذا المفهوم، و من ثم درج الباحثين في علم العلاقات الدولية على تبنيه واسقاطه على العديد من المفاهيم الواردة في الاقتصاد السياسي و العلاقات الدولية.
أولا : ماهية التنافس الدولي
التنافس لغة : هو نزعة فطرية تدعو إلى بذل الجهد، وكذا التزاحم و التسابق بين الأفراد أو الجماعات في سبيل الوصول إلى هدف ذو قيمة نفيسة.[1] وفي هذا الجانب ورد ذكر التنافس في القرآن الكريم في سورة المطففين بقوله تعالى ” وختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ” وهذا للدلالة على أن التنافس يعني التراغب والتسابق في تقديم الخيرات.
أما مصطلح دولي : فهو وصف مشتق من اسم الدولة وجمعها دول، وهي تعني ما يتداول فيكون مرة لهذا ومرة لذاك، وتطلق إجمالاً على البلاد. ويستخدم للدلالة على دور الدولة ووزنها كفاعل أساسي في الساحة الدولية، وتطلق هذه الصفة أيضا على ذلك الفرع من فروع القانون العام الذى يحكم حقل العلاقات في المجتمع الدولي.[2]
التنافس الدولي اصطلاحاً : هو ” عملية من عمليات التفاعل المصاحبة لمرحلة إعداد القرار السياسي، وهو النشاط الذى يسعى من خلال طرفين أو أكثر لتحقيق نفس الهدف.”[3]
اختلف الفقه في إيجاد تعريف موحد لمصطلح التنافس الدولي، ولعل ما يعكس ذلك بوضوح تباين التعريفات المسردة لهذا المفهوم. ومن ضمن أهم التعريفات التي أثارها الفقه الدولي لمفهوم التنافس في الآتي :
-” بأنه ذلك المفهوم السياسي الذي يشير إلى حالة من الاختلاف السياسي بين الدول، والذي لا يصل على الاطلاق إلى مرحلة الصراع، ويأخذ هذا التنافس أبعاداً سياسية واقتصادية لأجل تحقيق مكاسب ومصالح في إطار المجال الدولي والإقليمي “.[4]
– ” هو موقف معين يكون لكل المتفاعلين فيه علماً بعدم التوافق في المواقف المستقبلية المحتملة، كما يكون كل منهم مضطراً إلى اتخاذ موقف غير متوافق مع المصالح المدركة للطرف الآخر”.[5]
– ” هو حالة تجمع بين أطراف متعددة (دولتين أو أكثر)، تتميز بالطالع السلمي بعيداً عن أي مظهر من مظاهر العنف و التوتر و النزاع “.[6]
– ” هو الاختلالات الموجودة في المجتمع الدولي، ويمكن لهذه الاختلالات أن تتطور لتصبح صراعاً، إن لم تعالج في وقتها”.[7]
إذاً؛ وبناء على التعريفات السابقة، يمكننا أن نعرف التنافس الدولي وفق لمنظورنا بأنه ” ذلك التسابق الذي يحدث ما بين الدول في حقل العلاقات الدولية، حيث تجمعها مصالح متقاطعة ومتضاربة تجاه الدولة محل التنافس، لأجل الحصول على مكاسب و مصالح قد تكون سياسية أو اقتصادية على حساب الطرف الآخر.”
المطلب الثاني : محددات التنافس الفرنسي الايطالي تجاه ليبيا
منذ العام 2014 شهد المسرح الليبي مرحلة اتسمت بالصراع على السلطة بين التيارات السياسية المتناحرة، و اتخذ هذا الصراع طابعا ًسياسياً وعسكرياً ودستورياً بين القوى الداخلية المتناحرة، لأجل اعادة ترسيم نفودها على القرار السياسي الليبي، مما نتج عنه انقسامات على الصعيد السياسي والمؤسساتي بين حكومة الشرق والغرب الليبي، حيث سعى كل طرف لاستقطاب حلفاء له، والحصول على دعم من المجتمع الدولي.
ففي هذا الصدد، برز التقارب بين روما والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بشكل ملحوظ من جهة، والتقارب بين باريس وقائد قوات الجيش الوطني الليبي المشير ” خليفة حفتر ” المعين من طرف البرلمان من جهة أخرى، ليشكل هذا التقارب تنافسًا ثنائي الأطراف، حيث يمكن ارجاع ذلك للخصائص الجيوسياسية التي تتمتع بها الدولة محل التنافس. و لأجل تحديد أبعاد هذا التنافس، يتوجب علينا توضيح بشيء من التفصيل هذه الأبعاد التي تتمثل في البعد التاريخي والجغرافي والاقتصادي والأمني.
أولا: البعد التاريخي
تمتد جذور التنافس الفرنسي الايطالي تجاه شمال أفريقيا إلى القرن التاسع عشر، حيث كثفت روما جهودها نحو أفريقيا و تحديداً جزئها الشمالي، فركزت أنظارها على ليبيا التي كانت قبل ذلك مستعمرة من قبل العثمانيين. ومن جهة أخرى، كانت فرنسا مستحوذة على أغلب أجزاء الشمال الأفريقي عدا ليبيا، الأمر الذى مهد الطريق لإيطاليا لغزو ليبيا واستعمارها من عام 1911، إلى 1943. و بعد نهاية الحرب العالمية الثانية و هزيمة الحلفاء تم إعادة ترسيم النفوذ الاستعماري حول ليبيا، وعلى إثر ذلك قسّمت ليبيا إلي ثلاثة أقاليم رئيسية هي (طرابلس و برقة و فزان)، ومن ثم أصبح إقليم فزان خاضعاً للانتداب الفرنسي من الفترة بين 1943 -1951، وهذا بالنظر إلى ما يشكله هذا الإقليم من أهمية استراتيجية لفرنسا على اعتبار أنه بوابة أفريقيا الذى يصل شمالها بجنوبها.[8]
بعد ذلك، وبجهود المؤسسين نالت ليبيا استقلالها بتاريخ 24/12/1951، لتنتهي بذلك حقبة الاستعمار، غير أن فترة الاستقلال هي الأخرى لم تدم فترة طويلة، حيث وقع في عام 1969 انقلاباً عسكرياً على الحكم الملكي قاده الراحل ” معمر القذافي ” الذي استحوذ على السلطة لمدة تتجاوز الأربعة عقود ليفرض بذلك واقعا جديداً على الساحة الليبية. أثناء حكم القذافي برز التقارب الليبي الإيطالي، وتجسد ذلك بوضوح خلال فترة السبعينات بالتوقيع على مجموعة من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والتسليح ، علاوة على ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين، و تجدد هذا التقارب أيضا بشكل واضح في نهاية التسعينات و بداية الألفية الحالية.[9] ولعل من مظاهر ذلك إبرام المعاهدة الإيطالية – الليبية ( للصداقة والتعاون) عام 2008 في عهد رئيس الوزراء الإيطالي السابق “سيلفيو بيرلسكوني”، حيث كان الهدف منها هو أحداث قفزة نوعية في العلاقات الإيطالية – الليبية، وخلق شراكة متينة ومستدامة وتعزيز التعاون بين البلدين في العديد من المجالات؛ والتي من أهمها التنمية والاستثمار في الطاقة (النفط والغاز).[10]
ومن ناحية أخرى، اتسمت العلاقات الليبية الفرنسية خلال السبعينيات والثمانيات من القرن الماضي بالركود و الجمود، عدا التقارب العسكري الذى وقع بين باريس و طرابلس، والذي بموجبه تم عقد صفقة بيع مجموعة من طائرات الميراج إلى القذافي.[11] و منذ تولي الرئيس الفرنسي السابق ” نيكولا ساركوزي ” لمقاليد الرئاسة في فرنسا بدأت باريس في إعادة رسم علاقتها مع ليبيا بما يكفل لها التواجد الفعلي في المنطقة.[12] وبعد اندلاع انتفاضة السابع عشر من فبراير عام 2011 ونتج عنها سقوط نظام العقيد ” معمر القذافي “، ظهرت مرحلة جديدة من مراحل التنافس الإيطالي الفرنسي تجاه ليبيا، و لعل ذلك برز بوضوح من خلال الدور الحاسم التي قامت به فرنسا في إسقاط نظام العقيد ” معمر القذافي”.[13] بالمقابل، استشعرت ايطاليا بمدى خطورة الدور الفرنسي في ليبيا، فاعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي، وتخليها ضمنياً عن حليفها الاستراتيجي السابق.
ثانيا : البعد الجغرافي
تعد الخصائص الجيوسياسية والاستراتيجية التي تتمتع بها ليبيا، ومن أهمها موقعها الجغرافي الرابط بين جنوب القارة الأفريقية وشمالها؛ فيحدها من الجزء الشمالي تونس، ومن الجزء الشرقي مصر، ومن جانبها الجنوبي ترتبط بشريط حدودي مع كل من الجزائر وتشاد والنيجر والسودان. علاوة على موقعها الذي يطل على الشاطئ الجنوبي للبحر المتوسط الذى يمتد لحوالي 2000 كيلو متر، مما يجعلها على مرمى حجر من الشواطئ الأوروبية، الأمر الذى جعل منها البوابة الرئيسية المتحكمة في تدفق المهاجرين الغير شرعيين لأوروبا. فضلا على اتساع رقعة الإقليم الليبي، وقلة عدد السكان مقارنة بمساحة الإقليم، واحتوائه على مخزون هائل من الموارد الطبيعية. كل هذه العوامل و أكثر جعلتها محل استقطاب، وساحة للمنافسة من جميع القوى الدولية، خصوصاً بعد إعادة رسم الخارطة السياسية في ضل التحولات السياسية التي شهدتها المنطقة فيما يسمي بـــــــ ” الربيع العربي “.
من الناحية الجغرافية – كما قلنا سابقاً – تنقسم ليبيا تاريخياً إلى ثلاث أقاليم : إقليم طرابلس، إقليم برقة، وإقليم فزان. فمن حيث المساحة، تعد ليبيا رابع أكبر دولة في إفريقيا، و يبلغ عدد سكانها (6.2) مليون نسمة، وتحتل المرتبة التاسعة بين أكبر الدول التي تملك مخزون احتياطي للطاقة. علاوة على امتلاكها أحد أطول السواحل المطلة على البحر الابيض المتوسط، و قربها من الشواطئ الأوروبية، مكنها من اكتساب أهمية استراتيجية على اعتبار أنها البوابة الرئيسية لتدفق المهاجرين الغير الشرعيين إلى الشواطئ الأوروبية.[14]
ومن هذه المنطلقات، تتجلى الأهمية الجغرافية والاستراتيجية للأقاليم الثلاثة التي تتكون منها ليبيا، حيث نجد أن اقليم طرابلس باعتباره البوابة الشمالية التي تربط بين شمال القارة الأفريقية بأوروبا يحتوي على مخزون من الطاقة الموجودة في البحر، فضلاً على الثروة السمكية الممتدة على طول الساحل. أما فيما يتعلق بإقليم برقة، فتكمن أهميته في احتوائه على ما يمسي بـــــ” الهلال النفطي ” الذى يتم تصدير أغلب إنتاج ليبيا النفطي من الموانئ الموجودة به. أما بخصوص إقليم فزان، فهو يشكل بعداً استراتيجياً في غاية الاهمية وذلك من خلال ربطه بين الشمال الأفريقي والجنوب الأفريقي، مما جعله أحد الحدود الأوربية المهمة في مواجهة تدفق المهاجرين الغير شرعيين، والجماعات الإرهابية المتطرفة.
وتجدر الإشارة، أن التوزيع الجغرافي لموارد النفط والغاز في ليبيا يحتل أهمية استراتيجية في الصراع الذى تشهده ليبيا، حيث من المعلوم أن ثلثي إنتاج النفط مستمد من الشرق الليبي، بينما إقليم فزان يساهم بحوالي ربع الانتاج، أما الباقي فمنبعه المرافق البحرية الموجودة في الساحل الغربي الليبي.
كافة هذه العوامل، منحت ليبيا خصائص جيوسياسية أكسبتها أهمية من الناحية الاستراتيجية، مما جعلها ساحة ملتهبة للتنافس الدولي بين العديد من القوى الكبرى على رأسها إيطاليا وفرنسا.
ثالثا : البعد الاقتصادي
المستقصي لأدبيات السياسة الخارجية يقر بمدى أهمية البعد الاقتصادي في رسم ملامح وأطر السياسية الخارجية لكل دولة. ومن هذا المنطلق تشكل ليبيا حجر زاوية للقوى الدولية مما جعلها ساحة ملتهبة للتنافس. تحتفظ ليبيا بمخزون هائل من احتياطيات النفط الخام المقدرة بحوالي (48.4 مليار برميل) وتمتلك خامس أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في أفريقيا.[15]ونظراً لما يتمتع به النفط الليبي من خصائص جعلت منه الأفضل على الاطلاق بين أنواع النفط المستخرج في العالم، وتكمن هذه الخصائص في قلة تكاليف استكشافه واستخراجه وتسويقه – فعلى سبيل المثال- تبلغ تكلفة إنتاج برميل نفط واحد (23.80) دولار في ليبيا،[16]مما أكسبه صفة الجذب للعديد من الشركات النفط العالمية، وذلك بسبب قلة المخاطر الناشئة عن استخراجه، وهوامش الربحية العالية المترتبة على الاستثمار فيه. كل هذه السمات جعلت من ليبيا دولة محل للتنافس للعديد من الدول الكبرى لأجل الاستئثار بنصيب الأسد من مواردها الاقتصادية.
فنظراً للظروف الصعبة التي تمر بها منطقة اليورو، وتفاقم أزمة الديون السيادية لدى بعض دول الاتحاد الاوروبي خصوصا فرنسا وإيطاليا، ومروراً بالتراجعات التي شهدتها أسواق المال الأوروبية، وتداعيات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي ومدى تأثيره على الاقتصاد الأوروبي، كل هذه العوامل دفعت كل من فرنسا وايطاليا للبحث على وسائل بدلية للحصول على موارد مالية لمواجهة كل هذه الأزمات.[17]
بناء على ما تقدم، تعد ليبيا بالغة الأهمية؛ لكل من إيطاليا وفرنسا، فتوطيد العلاقات مع السلطات الليبية الجديدة من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه أمام الشركات الإيطالية والفرنسية للاستفادة من أوجه الاستثمار المحتملة لدى السوق الليبي. فمن ناحية، تسعى إيطاليا ليس فقط للحفاظ على مصالحها الموجودة إبان النظام السابق، بل أيضا لتعزيز هذه المصالح من خلال انتهاز الفرص لدخول في سوق الليبي للاستثمار في الطاقة و لتنمية والصناعة. و من ناحية أخرى، ترغب فرنسا بالدخول للسوق الليبية بقوة من خلال عدة مجالات؛ لعل من أهمها الاستثمار في الطاقة، والتنمية ( إعادة الإعمار)، والاستحواذ على نصيب الأسد فيما يتعلق بعقود تسليح للجيش الليبي الجديد، لا سيما بعد دورها الحاسم في مسار الانتفاضة الليبية.
رابعا : البعد الأمني
منذ سقوط نظام ” القذافي ” في عام 2011، خيّم على المشهد الليبي الفوضى وانتشار السلاح وانعدام الأمن، حيث أضحت ليبيا تسبح في بحر من الصراعات والاضطرابات في ظل المناكفات السياسية التي ساهمت بشكل كبير في انتشار الفوضى الأمنية في كافة أرجاء البلاد، فألقت بظلالها على المؤسسات الأمنية والعسكرية التي تم افراغها من الضباط والعناصر الأمنية ذات الخبرة والكفاءة المهنية، ومنعهم من المشاركة في إدارة ملف الأمني في ليبيا.[18] بالإضافة إلى تغول المليشيات التي حلت محل المؤسسات الأمنية الرسمية للدولة، ما نتج عنه الفشل في عدم التوصل إلى اتفاق على آلية موحدة يتم بموجبها دمج كافة التشكيلات المسلحة تحت مظلة شرعية واحدة. فضلا عن فشل الحكومات المتعاقبة على إدارة الملف الأمني والسيطرة الفعلية على كامل التراب الليبي.
كل هذه العوامل ساهمت بشكل مباشر في وقوع الفوضى الأمنية، وفي خلق بيئة حاضنة لترعرع نشاط الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، وتوفير ملاذ آمن للجماعات الإرهابية والجهادية المتطرفة القادمة من خارج الحدود. وقد بلغت هذه الفوضى الأمنية ذروتها في آواخر العام 2014، وبالتالي أدى إلى ظهور أجسام موازية تتناحر من أجل الاستئثار بالسلطة.[19]
وفي نفس الوقت سعت كل من باريس وروما لتعزيز تواجدها الفعلي في ليبيا لأجل تحقيق مكاسب ومصالح متضاربة ومتقاطعة فيما بينهما. فمن المنظور الفرنسي، ترى أن الحكومات المتنافسة في ليبيا هي واحدة من أكبر المساهمين في عرقلة الاستقرار، وبالتالي أدى إلى إحداث فراغ أمني في المناطق الحدودية التي أصبحت ساحة لتحرك وتواجد الجماعات الجهادية المتطرفة القادمة من جنوب الصحراء وساحل غرب أفريقيا، وهذا بالتأكيد شكل تهديداً حقيقياً على الأمن القومي الفرنسي، ومن ثم دفع باريس إلى دعم قائد الجيش الليبي التابع لبرلمان طبرق المشير ” خليفة حفتر “، وبعض القبائل النافذة الموجودة في جنوب ليبيا.[20]
أما من ناحية إيطاليا، أصبحت قضية المهاجرين موضوعًا سياسيًا رئيسيًا، على اعتبار أن مشكلة تدفق المهاجرين الغير شرعيين من ليبيا عبر البحر الأبيض المتوسط شكلت هاجس كبير ليس فقط للحكومات المتعاقبة في إيطاليا، بل أيضا للرأي العام الإيطالي ككل، الأمر الذى أدى إلى تنامي شعبية بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة وظهورها كمنافس قوي على الساحة الإيطالية، من ثم دفع السلطات الإيطالية لايجاد منطقة نفوذ واسعة في غرب ليبيا؛ تحديداً مع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المعترف به من قبل القوى الكبرى و المجتمع الدولي لأجل إيجاد سبل لمعالجة ملف الهجرة.[21]
المبحث الثاني : مظاهر التنافس الجيوسياسي الفرنسي–الايطالي وأثره على وحدة واستقرار الدولة الليبية
انطلاقاً من دوافع ومحددات التنافس الدولي( الفرنسي – الايطالي ) التي رسمت بدورها نمط التوجهات الفرنسية الايطالية تجاه ليبيا، ومن ثم نتج عن هذه التوجهات مصالح وأهداف مشتركة أحياناً، ومختلفة ومتضاربة أحياناً أخرى. ومن هنا يتحتم علينا كباحثين الوقوف على واقع هذا التنافس الفرنسي الايطالي (المطلب الأول)، ومعرفة وتبيان مدى تأثيره على وحدة واستقرار الدولة الليبية (المطلب الثاني).
المطلب الأول : واقع التنافس الفرنسي الإيطالي – استقطاب أم حل للأزمة الليبية – ؟
أصبح التنافس الفرنسي- الإيطالي يتطور داخل نسق سياسي معقد ودقيق وذلك منذ سقوط نظام “معمر القذافي ” عام2011، وبعدم تحقق الأولويات التي خطط لها المجتمع الدولي لإنجاح عملية الانتقال إلى الدولة المنشودة حيث سارت الأمور عكس ذلك؛ فحدث انقسام سياسي ما بين مختلف القوى والتيارات السياسية، فعمت الفوضى ودخلت البلاد في أثون حرب أهلية، ومن ثم أصبحت ليبيا موطئ قدماً للإرهابيين وساحة لتهريب مقدرات البلاد وتجارة المخدرات والأسلحة ودخول للمهاجرين غير شرعيين عبر حدودها الشاسعة والمفتوحة.
وفي ظل استمرار اشتعال الساحة الليبية وازدياد حدة الانقسامات ما بين القوى السياسية الداخلية من جهة وبين التشكيلات المسلحة المختلفة من جهة أخرى، تأتي هنا الجهود الفرنسية والإيطالية كفرصة تاريخية لهما في المحاولة لتسوية الأزمة الليبية، وايجاد حل يستند إلى واقع الأرض ويدفعها إلى مزيد من التنافس فيما بينها في إدارة الملف الليبي.
أولا : الدور الفرنسي تجاه الأزمة الليبية
تسعى فرنسا الاستفادة من موقفها المؤيد منذ البداية للثورة الليبية عام 2011، ومن تدخلها العسكري إلى جانب حلف الناتو من أجل الإطاحة بنظام ” معمر القذافي “، وبالتالي عززت من مكانتها كفاعل رئيسي في إدارة الملف الليبي. ففرنسا تحاول جاهداً بأن تكون أكثر قرباً وفاعليه في الساحة الليبية، وذلك من خلال جهود الوساطة التي تقوم بها، بغية تحريك الجمود الذي يعتري الازمة الليبية، وايجاد تسوية سياسية تنهي النزاع القائم حول الشرعية ما بين الأطراف الليبية، وعلى إثر ذلك وبتاريخ 25/ 07/2017 جمع الرئيس الفرنسي ” ايمــانــويـــل ماكـــــرون ” في باريس كلاً من ” فايز السراج ” رئيس حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن اتفاق الصخيرات والمعترف بها دولياً، وتسيطر على طرابلس بصلاحية فعلية محدودة – والمشير ” خليفة حفتــــر ” قائد قوات الجيش الوطني الليبي التابع لمجلس النواب، ـوالذي يحظى أيضاً بدعم دولي وإقليمي متمثل في روسيا ومصر والإمارات.
وفي شهر مايو 2018 جاءت المبادرة الفرنسية الثانية (مؤتمر باريس) بمشاركة موسعة شملت عدد من الشخصيات الليبية، إذ ضمت رؤساء المجالس الثلاث المنشئة بموجب الاتفاق السياسي (محلس النواب، المجلس الرئاسي، المجلس الأعلى للدولة) بالإضافة إلى المشير ” خليفة حفتـــــــر ” قائد الجيش الليبي الوطني، وابرز ما جاء في هذه المبادرات هو التأكيد على الحل السياسي والاتفاق على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مع حلول نهاية عام 2018.
وبالنظر إلى فحوى المبادرات الفرنسية، نجد أن باريس تربط بين الاستقرار السياسي في ليبيا وضرورة إجراء الانتخابات وبناء المؤسسات السياسية والاقتصادية والعسكرية؛ إذ تعتمد استراتيجية باريس لتحقيق الاستقرار في ليبيا على أساسين هما : تكوين جيش نظامي تحت إشراف قائد الجيش الوطني الليبي المشير ” خليفة حفتــــر ” للسيطرة على أجزاء كبيرة من الأراضي الليبية، ومراهنتها على إجراء الانتخابات الرئاسية. وفي هذا السياق يعتبر الباحث ” بن فيشمان ” أن الجدول الزمني الذي حدده الرئيس الفرنسي ” ما كرون ” في المبادرة الثانية قد يهئ حليفها المشير ” خليفة حفتـــر ” للسباق الرئاسي وهو ما يمكنه من تحقيق ما تتطلع له فرنسا من ضرورة استعادة الأمن والاستقرار.[22]
فرغم وجاهة بنود المبادرات التي احتضنتها فرنسا إلا أنها لم ترى النور، حيث أنه فلم يتم تنفيذها، وذلك راجع لعدة أسباب، منها عدم رضى بعض الاطراف الدولية المنخرطة في الازمة الليبية على التحرك الفرنسي الفردي، حيث رأت ايطاليا أن المبادرة الفرنسية ما هي إلا محاولة فرنسية للهيمنة على الملف الليبي.
وبالنظر إلى واقع الحال في ليبيا الذي يشهد حالة من التشظي والتعقيد يصعب معه تنفيذ ما نصت عليه المبادرة الفرنسية، حيث أنه من الصعب تأمين اجراءات انتخابات نزيهة، فضلاً عن غياب القاعدة الدستورية والقانونية التي يمكن تستند عليها العملية الانتخابية. ومن الملاحظ أيضا أن المبادرة الفرنسية اختزلت الأزمة الليبية بالتحديد بين شخصيتين ” السراج ” ” وحفتــــر ” وهذا ما يزيد من تعقيد المشهد، حيث أن تهميش القوى والأطراف الأخرى الفاعلة في المشهد الليبي والتي تمثل ثقلاً سياسياً وعسكرياً لن يساهم بطبيعة الحال في تحقيق توافق ومصالحة وطنية.
ولا شك في أن تسارع جهود باريس اتجاه الأزمة الليبية يعكس التوجه الجديد لفرنسا عبر سياستها الخارجية، بحثاً وراء مصالحها داخل ليبيا، حيث تسعى لاستعادة موقعها واسترداد دورها وتأثيرها في منطقة الشمال الأفريقي وهو ما يفرض عليها استعادة واحتكار الملف الليبي، ومن ثم تقديم نفسها كفاعل رئيسي وضامن دولي لحل الأزمة الليبية بما يفرض على القوى الإقليمية والدولية المتداخلة في الأزمة الليبية التعاون والتنسيق من خلالها.[23]
وبناء على ما تقدم، يمكن القول بأن السياسة الخارجية الفرنسية مازالت مستمرة على نفس النهج في التعامل مع الملف الليبي منذ تولي الرئيس ” أمانويل ماكرون ” رئاسة الجمهورية الفرنسية. فباريس لديها مصالح حيوية في ليبيا تتمثل في استعادة الاستقرار المفقود لمناطق نفوذها منذ سقوط حكم ” القذافي ” عام 2011، وانعكس عدم الاستقرار الليبي على الاستقرار السياسي في مناطق النفوذ التقليدي الفرنسي في مناطق الساحل والصحراء، حيث تشير التقارير الغربية أن معظم مرتكبي الهجمات الارهابية في عام 2015 في فرنسا مكثوا بعض الوقت في ليبيا وحصلوا على الـكثر من الأسلحة وتلقوا التدريب هناك.
وتجدر الإشارة إلى أن ضعف السيطرة على الحدود الممتدة مع ليبيا لأكثر من 4500 كيلو متراً اسهم بشكل كبير في تسهيل نقل الأسلحة بين الحدود، وتعتبر فرنسا التي عانت خلال العامين الماضيين من خطر تمدد العمليات الإرهابية إلى داخلها أن اغراق المنطقة بالسلاح أدى إلى تعزيز قوة الجماعات المتطرفة وصعود الدولة الاسلامية في منطقة الصحراء الكبرى، كما أدى إلى استخدام جماعة بوكو حرام الارهابية الأزمة الليبية في تهريب الأسلحة، بل واعتبرت ليبيا الحديقة الخلفية لأنشطة التنظيم الارهابية.[24]
ومن هنا، يبرز أكثر اهتمام فرنسا بليبيا المتاخمة لمستعمراتها القديمة ( تشاد، الجزائر، النيجر، تونس)، حيث تسعى باريس إلى استكمال مشروعها الأمني بمكافحة الإرهاب من خلال تأمين منطقة الجنوب الليبي، وكذا تأمين قاعدتها العسكرية ” مـــادامـــا ” والتي تقع داخل حدود دولة النيجر وبالتماس مع حدود ليبيا الجنوبية بهدف قطع الطريق عن أيه امدادات عسكرية قادمة من الجنوب الليبي للجماعات المسلحة في مالي، والتي تخوض معها فرنسا معارك عسكرية منذ عام 2013، الأمر الذي قاد فرنسا منذ بداية الأزمة الليبية إلى البحث عن شريك لها يحافظ على مصالحها داخل ليبيا، وتقديم الدعم العسكري له، ومن هنا لم تستطع فرنسا إخفاء دعمها للمشير ” خليفة حفـــتر ” والرهان عليه من أجل تأمين مصالحها الأمنية والاقتصادية.
ثانيا : الدور الإيطالي تجاه الأزمة الليبية
تخلت ايطاليا عن الحذر الذي اكتنف تحركاتها في الأزمة الليبية بعدما قبعت خلف أدوار الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية منذ سقوط نظام القذاقي في عام 2011،ومن ثم عمدت على التدخل المباشر في التفاعلات الداخلية في ليبيا دفاعاً عن مصالحها الأمنية ( درء تهديد الهجرة، والإرهاب المتنقل)، والاقتصادية ( تأمين إمداد الطاقة والاستثمارات والتجارة) المهددة جنوب البحر المتوسط، والذي يمثل نطاقاً حيوياً تاريخياً للدولة الايطالية كثيراً ما اعتمدت عليه في بناء قوتها الخارجية منذ وحدتها في القرن التاسع عشر.[25]
بدأ يبرز التدخل الايطالي أكثر بشكل مباشر في تفاعلات الصراع الليبي إثر توقيع اتفاق الصخيرات في ديسمبر 2015، الذي اعتبرته روما فرصة لبناء الاستقرار في ليبيا ومن ثم حشدت لدعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة ” فائز السراج ” الذي دخل العاصمة طرابلس في مارس 2016. وفي مسعى ايطالي لتصدر الجهود الغربية لدعم ” السراج ” كان وزيز خارجية ايطاليا آنذاك ” باولــو جينتيــــلوني ” أول مسؤول غربي يلتقي برئيس حكومة الوفاق في ابريل عام 2017.[26]
من ذلك الحين، طفت أكثر التحركات الإيطالية في ليبيا على السطح، حيث لوحظ أنها تتجه أكثر للتأثير في منطقتي غرب ( تدفق الغاز )، وجنوب ليبيا ( تدفق الهجرة )، لكنها واجهت انتقادات من تحالفات الشرق الليبي التي نظرت لسياسة روما على أنها منحازة لحكومة الوفاق، ومن أبز هذه التحركات :
أ- تدخلات عسكرية لمكافحة الإرهاب والهجرة، حيث اقدمت روما على تقديم الدعم العسكري لحكومة الوفاق لمكافحة تهديد تنظيم الدولة الإسلامية ” داعش “، إثرالسماح للولايات المتحدة باستخدام قواعد عسكرية في صقلية لقصف ذلك التنظيم في يناير عام 2016 ، كما أشارت تقارير غربية – نفتها روما- إلى وصول عناصر من القوات الخاصة والاستخبارات الإيطالية إلى غرب ليبيا ما بين مارس ويوليو من نفس العام لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية ” داعش “، وذلك عبر التنسيق مع حكومة الوفاق والولايات المتحدة التي تصدرت مشهد مواجهة التنظيم عبر القصف الجوي، دعماً لقوات البنيان المرصوص الموالية لحكومة الوفاق، ثم اعلنت حكومة ” رينـــزي ” في اكتوبر عام 2016 عن نشر قوة عسكرية في مدينة مصراتة غربي ليبيا لأغراض انسانية بغية معالجة جرحى تلك القوات.[27]
وتطور التدخل الايطالي المباشر عندما قامت روما بإرسال سفن حربية إلى السواحل الليبية في اغسطس 2017 للحد من تدفقات الهجرة غير الشرعية، وكذا دعم حكومة الوفاق في موازين القوى الداخلية، وحرصت روما في كل تحركاتها العسكرية في ليبيا على الإعلان عن أنها جاءت بناء على طلب من حكومة الوفاق، وذلك لتسويغ مشروعية تدخلها، لكن ذلك آثار بالمقابل حفيظة الجيش الوطني الليبي، حيث انتقد قائد الجيش الوطني الليبي ” المشير خليفة حفــــتر ” تحركات روما واعتبرها بأنها منحازة للمعسكر الآخر، فهدد بقصف أي سفينة تدخل المياه الليبية.
ب- دعم حكومة الوفاق لإبعاد تهديد الهجرة غير الشرعية واللجوء، حيث سعت ايطاليا إلى إبعاد أزمة الهجرة من أراضيها إلى دول العبور أو الاستقبال، خاصة ليبيا. لذا ؛ وقّع رئيس الوزراء الايطالي ” باولـــــو جينتــيـلــوني “مذكرة تفاهم مع نظيره الليبي ” فاير السراج ” في فبراير 2017، لتعزيز مكافحة الهجرة غير الشرعية تضمن أحد بنودها تعهد ايطاليا بتدريب حرس الحدود وخفر السواحل الليبي، وتجهيز مراكز ايواء مؤقتة للمهاجرين في ليبيا، تمهيداً لترحيلهم أو حثهم على العودة إلى بلدانهم، هذا الاتفاق لاقى موجه من الانتقادات والرفض الشديد من القوى الوطنية داخل ليبيا من جهة، ومن منظمات حقوقية مثل أطباء بلا حدود من جهة أخرى، حيث ثمة مخاوف وتحذيرات من أن تتحول مراكز الإيواء الليبية إلى أماكن لانتهاكات حقوق الإنسان في ظل النزاعات المليشياوية غربي البلاد وجنوبها.
وفي هذا السياق، نلاحظ أن استراتيجية ايطاليا لم تكتف باحتضان حكومة الوفاق المعترف بها دولياً فقط، بل سعت ايضاً إلى الاعتراف بالمليشيات المسلحة والفصائل القبلية والبلديات كشركاء ومحاورين شرعيين في إدارة أزمة الهجرة. وما يؤكد ذلك هو توسط ودخول الاستخباراتية الايطالية في اتفاقيات مع قادة المليشيات للسيطرة على تدفقات المهاجرين.
ج- لا شك في أن التحرك الايطالي تجاه ليبيا دافعه الأساسي هو تأمين مصالحها الاقتصادية خاصة في مجال الطاقة، حيث تسعى روما للمحافظة على استمرارية تدفق النفط والغاز الطبيعي لها، فعمدت على تعزيز علاقتها بمناطق الغرب الليبي، أي في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق الوطني، حيث تعمل شركة ” ايني ” الايطالية بالتنسيق مع المؤسسة الوطنية للنفط في هذا الجانب. كما تحاول روما الدخول بشركاتها ومؤسساتها في مراحل إعادة الإعمار، مستندة على دورها التاريخي في ليبيا، على اعتبار أن هذه الأخيرة تشكل منطقة نفوذها تقليدي لها.
د- الانفتاح على الشرق الليبي،[28] فمع تغير موازين القوى على الصعيد الميداني في ليبيا لمصلحة الجيش الوطني الليبي في شرقي البلاد، اتجهت روما في النصف الأول من عام 2017 إلى الإعلان عن أهمية استيعاب المشير ” حفــتر ” في أي اتفاق سياسي لتخفيف حدة التوترات بينهما، ثم تعزز ذلك بمشاركة روما في إجلاء جرحي الجيش الوطني الليبي من قاعدة ” بنينا ” في بنغازي في ابريل 2017، كما ابدت السفارة الايطالية رغبتها في فتح قنصليتها في بنغازي لتسهيل سفر المواطنين لها، في محاولة منها لإعادة التوازن في علاقتها من كافة الأطراف الليبية المتصارعة على السلطة.
د- مع وصول الحكومة الشعبوبة الجديدة برئاسة ” جوسيبي كونتي ” للحكم في ايطاليا عام 2018، عملت على تنظيم مؤتمر دولي (باليرمو) بشأن ليبيا في نوفمبر 2018، حيث استخدمت الحكومة الإيطالية هذا المؤتمر لتهميش مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، والتشاجر علناً مع فرنسا من خلال الاعلان عن رفضها الشديد للمبادرة الفرنسية في إنهاء النزاع الليبي، والمجاهرة بسياساتها الخاصة بالهجرة، ومن ثم هذا يؤدي إلى زيادة إرباك الساحة السياسية الليبية التي تعمّها الفوضى.
إيطاليا اليوم تحاول الحد من التدخل الدبلوماسي الفرنسي، وتسعى أن تحافظ على دورها التقليدي كوسيط متميز في ليبيا واتخاذ زمام المبادرة في جهود السلام لمستعمرتها السابقة، فهي مازال تبرهن بأنها قادرة على تحمل مسؤولية الملف الليبي لوحدها، وأنها الأكثر أهمية تجاه الأحادية الفرنسية ، متهمة فرنسا بالاستفراد والاستحواذ الكامل لحل الأزمة الليبية.
المطلب الثاني : مخاطر تضارب المصالح الفرنسية الإيطالية على وحدة واستقرار الدولة الليبية
أصبح البلدين الأوروبيين الفرنسي والايطالي اليوم أكثر من أي وقت مضى على خلاف بشأن الأزمة الليبية، حيث تدعي كلاً من باريس وروما بأنه ليس من مصلحتهما استمرار حالة الفوضى داخل ليبيا في الوقت الراهن، فكلاهما يريد تحقيق الاستقرار في البلاد، وذلك بسبب تزايد المخاوف الأمنية الخاصة بكل واحده منها على حده، حتى لا تصبح ليبيا ملاذ للإرهاب وساحة للمهاجرين ( الهجرة والإرهاب).[29]
فعلى الرغم من أن البلدين لهما مصالح مشتركة في كسر الجمود السياسي لإيجاد حل على المدى القريب للصراع، إلا أنهما مازال يواجهان باستمرار بعضهما البعض سعياً وراء أجنداتها التي تخدم مصالحهما داخل الإقليم الليبي، وهذا من منظور أن ليبيا تمثل رقعة شطرنج مهمة للتنافس بينهما بغية تحقيق الكثير من المكاسب النفطية والاقتصادية وحتى الأمنية.
فالصراع الدائر ما بين روما وباريس ليس فقط من أجل تحقيق حل سلمي لأزمة لا نهاية لها، وإنما هي حالة تشبه التنافس الجيوسياسي الحقيقي بين قوتين استعماريتين سابقتين. وبالنظر إلى واقع حالة التنافس الدولي في ليبيا، تزعم كل من باريس وروما البحث عن الحل الأسرع والأكثر فعالية للأزمة، ولكن مع استراتيجية ونهج مختلفة (متضاربة)، وبالتالي فإن تلك الجهود الرامية لتحقيق استقرار دائم في البلد قد تنطوي على جوانب سلبية خطيرة، مما قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار داخل البلاد، علاوة على ذلك فإن الدولتان الأوروبيتان تجد نفسيهما في بيئة حرجة للغاية بسبب التشرذم السياسي الذي يؤثر على الوضع في ليبيا من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى حدودها الصحراوية الجنوبية.
ففرنسا تأمل الاستفادة من دعمها العسكري لقوات الجيش الوطني الليبي بقيادة ” حفتــــــر ” منذ عام 2015، وهذا في سياق النهج البراغماتي للسياسة الأمنية الذي اتخذتها باريس لأول مرة منذ عام 2013 ضد الجماعات الجهادية في مالي (عملية سيرفال2013 وعملية بارخان2014 في مالي)، ثم تكررت في ليبيا كرد فعل للهجمات الارهابية التي حدثت في باريس عام 2015، وبالتالي هذا يعد نجاح تكتيكي لا شك فيه بالنسبة لفرنسا في نهجها العسكري في إطار مكافحتها للإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي.[30]
يوجد موقف مشابه اليوم في ليبيا بدعم فرنسا للمشير خليفة ” حفتر ” وتحديد أولوياتها بشكل واضح لتعزيز تعاونها الأمني ومكافحة الإرهاب، هذه السياسة تجاه ليبيا تتلاءم مع المقاربة الفرنسية الجديدة تجاه منطقة الشرق الأوسط بأكملها. ويهدف هذا النهج الجديد إلى تعزيز الاستقرار وإعادة طمأنة الشركاء الإقليميين. وفي هذا الإطار لا تزال فرنسا تلعب دوراً رئيسياً في تحويل ميزان القوى لصالح حليفها الرئيسي على الأرض المشير ” خليفة حفتـــر ” الذي حقق انتصارات كبيرة في الشرق الليبي بعد هزيمته للجماعات الارهابية في بنغازي ودرنة وفي الهلال النفطي والجنوب الليبي.
بالإضافة إلى ذلك، تأمل باريس أنه في حال نجح المشير ” خليفة حفتـــر ” في توحيد ليبيا تحت قيادته، فإن ذلك سيمنح باريس مزايا تفضيلية في عقود التسليح والطاقة المربحة هناك، حيث تسعى فرنسا جاهداً لتحقيق مكاسب تجارية في البلاد، وما يدل على ذلك هو رفع شركة ” توتال ” الفرنسية وجودها بشكل كبير في سوق الطاقة الليبي خلال شهر فبراير الماضي / 2018 بشراء حصة قدرها %16.5 تقريباً في امتياز حقل ” الواحة النفطي ” من شركة ” ماراثون أويل ” الأمريكية مقابل 450 مليون دولار.[31]
وفي الجانب الآخر، اتهمت ايطاليا فرنسا عبر وزير داخليتها ” سالفيني ” بأنها السبب وراء تدفق المهاجرين من خلال سياسة التجويع والإفقار التي تتعمدها في دول جنوب وغرب افريقيا، ومن ثم” بأن لها مصلحة في عدم استقرار ليبيا، تزامن هذا الاتهام ايضاً مع رفض التيارات الإسلامية الموالية لحكومة الوفاق الوطني التحرك العسكري للمشير ” حفتر ” داخل الجنوب الليبي، واعتبرته بأن قواته غير شرعية متهماً إياه بأنه يهدف إلى فرض واقع جديد في المنطقة. ومع تركز كل مصالح ايطاليا في الغرب الليبي، لا يبدو أن روما تملك خياراً آخراً غير الحفاظ على روابطها مع مليشيات طرابلس ومصراتة، والرهان على حكومة الوفاق الوطني، والتعامل بحذر مع ” حفتر”. وفي ضوء ذلك فإن الانتخابات المبكرة التي تدعو لها فرنسا من أجل تمكين ” حفتر ” تهدد بتقويض نفوذ روما في الغرب، والأخطر من ذلك أنها يمكن أن تدفع الغرب الليبي بالكامل إلى تمرد عنيف بإمكانه أن يقوض جميع مصالح ايطاليا.
وفي ظل استمرار التنافس الجيوسياسي بين باريس وروما ودعم كل منهما لحفائها في الداخل الليبي، فمن المحتمل حدوث سيناريوهات أخرى قد تتحقق في حالة فشل جهود التوافق وانسداد أفق التسوية السياسية بين الفصائل الليبية المتصارعة، مع صعوبة الحسم العسكري. ومن هنا يظهر سناريو تقسيم وتفكك الدولة، ومن ثم ستسعى الأطراف الليبية المنقسمة الاستقواء بالتشكيلات المسحلة التابعة لها للحفاظ على مناطق نفوذها داخل التراب الليبي، وقيامها بإنشاء كيانات هزيلة تخضع لسيطرة كل منهما على استمرار وحدة الدولة بالصورة القائمة.
وفي ظل هذا السناريو قد تزداد حدة التدخلات بين باريس وروما في الشأن الليبي خوفاً على مصالحهما، ومن ثم قد يتم دعم خيار تقسيم البلاد، إما لقناعتهما بانسجام هذا السناريو مع مصالحهما، أو لإدراكهما صعوبة حسم حلفائهما المحليين للصراع لصالحهم.
وفي حالة نجاح سناريو تقسيم الدولة، سيؤدي إلى نتائج وخيمة تضر بوحدة البلاد واستقرارها، ومن ثم ستصبح ليبيا بيئة للنزاعات القبيلة والجغرافية، وللمزيد من التطرف ولتمدد الجماعات والحركات الإرهابية المشتددة، فضلاً عن استمرار تدفقات المهاجرين غير الشرعيين، وهذا بالنتيجة سيزيد من التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن الليبي، وتبعية الكيانات الليبية المنفصلة للأطراف الإقليمية والدولية الداعمة لها، وبالتالي ستصبح الأراضي الليبية ساحة لخوض الصراعات الخارجية على حساب مصالح ليبيا وشعبها، فضلاً عن زيادة التهديدات والانعكاسات الخطيرة على الأمن الوطني الأقليمي وبخاصة أمن دول الجوار.
وأخيراً؛ فإن تنافس الدوليتن الأوربيتين سعياً وراء تحقيق مصالحهما المتضاربة سيكون له تأثير قوي على أمن واستقرار ومستقبل وجود الدولة الليبية، وإنه سيكرس ويعمق من حالة الاستقطاب والانقسام السياسي، ويشعل فتيل الحروب والاقتتال بين الجماعات والتشكيلات المسلحة سواء في الشرق أو في الغرب الليبي، وهذا بالتأكيد سيشكل عرقلة أمام تحقيق أي حل أو تسوية للعملية السياسية سواء كان بإجراء انتخابات أو إحداث توافقات سياسية جديدة ما بين الأطراف المتخاصمة الليبية. ومن هنا يمكن القول بأن اعادة استقرار وسيادة ليبيا يبقى مرهون بالدرجة الأولى على قدرة السلطات الليبية الموحدة على استعادة السيطرة على حدودها الجنوبية وتأمينها من التحديات الكبيرة التي تعانيها وأهمها مواجهة تنامي تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وفي وقف تمدد الجماعات الإرهابية داخل البلاد.[32]
الخاتمة :
تناولت هذه الورقة بالدراسة والتحليل مظاهر التنافس الجيوسياسي بين فرنسا وإيطاليا ومدى تأثيره على وحدة واستقرار الدولة الليبية، حيث توصلنا إلى مجموعة من النتائج والتوصيات يمكن إجمالها في الآتي:
1- أن التنافس الفرنسي الإيطالي أصبح يتطور على امتداد طموحاتهم الجيوستراتيجية لا سيما في جنوب غرب ليبيا، فالدولتين في نزاع حول “المجالات التاريخية”، حيث تستحضر إيطاليا نفوذها التاريخي على مستعمرتها السابقة، وتعيد فرنسا تأكيد نفوذها التقليدي داخل المنطقة الأوسع وهي منطقة الساحل.
2- ازدياد تدخل كل من باريس وروما في السياسة الليبية وعدم التنسيق والتوتر ينهما وتغليب مصالحهما ( النفوذ السياسي والنفط) في الساحة الليبية، أدى إلى تقويض الجهود دولية لحلحلة الأرمة الراهنة، فبدلاً من دعم جهود البعثة الاممية في ليبيا، سعت كل من فرنسا وباريس إلى إطلاق مبادرات تخدم مصالحها الجيوسياسية تجاه الملف الليبي، وهذا بالنتيجة قاد إلى توسيع دائرة الخلط السياسي والفوضى في ليبيا.
3- على الرغم من أن كل من باريس وروما يجمعها مصالح مشتركة تجاه ليبيا تثمثل في إنهاء حالة الفوضى، وكسر الجمودالسياسي داخل ليبيا، إلا أن كل منهما له وجهة نظر خاصة حول كيفية الوصول لهذا الهدف، حيث تولد عن هذا التعارض نشوء صراعات ونزاعات “حرب بالوكالة ” باعتماد كل من باريس وروما على حلفاء وشركاء بالداخل.
4- أساس التنافس الفرنسي الإيطالي تجاه ليبيا، لا يشمل مجالات الأمن والهجرة فقط، بل يمتد نطاقه ليشمل مجالات أخرى إقتصادية واستراتتجية و سياسية.
5- توحيد كافة المبادرات مع الخطة التي رسمتها الأمم المتحدة لاجراءات انتخابات رئاسية، تحت مظلة دستورية وقانونية، بغية توحيد القرار السياسي وإنهاء الانقسام المؤسساتي بما يضمن الحفاظ على وحدة البلاد واستقراراها.
6- ضرورة التنسيق والتعاون بين روما وباريس، على الأقل في جنوب غرب ليبيا مما يسمح للبلدين مواجهة مخاوفهم الأكثر إلحاحًا مع المساهمة في استقرار الأزمة على المستوى الوطني، بحيث يجب أن يتحقق مثل هذا التعاون – الممكن والمرغوب – في إطار العمل المشترك لسياسة الأمن والدفاع الأوروربية المشتركة (CSDP).
قائمة المصادر والمراجع
أولا : المراجع باللغة العربية :
الكتب :
المنجد في اللغة والإعلام، بيروت: دار المشرق،1984.
حسين قادري، النزعات الدولية: دراسة و تحليل منشورات خير جليس، الجزائر2007.
المجلات والرسائل العلمية
حارث قحطان عبدالله ومثنى فائق مرعي، التنافس الدولي على النفط و الغاز الطبيعي وأثره في العلاقات الدولية، مجلة تكريت للعلوم السياسية، العدد 1، يناير 2014.
حمدي نذير، ظاهرة التنافس الدولي في العلاقات الدولية، مركز الديمقراطي العربي، للدراسات الاستراتيجية الاقتصادية، والسياسية، برلين 2014.
خالد حنفي علي، تشابكات سياسة ايطاليا تجاه ليبيا، مجلة السياسات الدولية، العدد210 لسنة 2017.
?خالد فؤاد، الأزمة الليبية بين المبادرة الفرنسية والدور المصري، المعهد المصري للدراسات، 9 اغسطس 2017.
سعد أحمد سلامة، الهجرة غير الشرعية إلى ليبيا وانعكاساتها على المنطقة الجنوبيةـ مجلة الجنوب الليبي، العدد الأول، السنة الأولى ديسمبر 2015.
عبدالله فلاح عودة العضايلة، التنافس في اسيا الوسطى، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، قسم العلوم السياسية، كلية الآداب و العلوم، 2001.
منير محمود بدوى، مفهوم الصراع : دراسة الأصول النظرية للأسباب و الأنواع، مجلة الدراسات المستقبلية، العدد3، 1997.
محمدعبدالحفيظ الشيخ، آفاق العلاقات الليبية الإيطالية في ضوء تداعيات التغير الثوري عام 2011، مجلة الاتجاهات السياسية، العدد 5 أغسطس 2018.
مفيد كاصدالزيدي، العلاقات الفرنسية- الليبية (خلفية تاريخية و رؤية مستقبلية)، مركز الدراسات الدولية جامعة بغداد، العدد25، 2013.
مواقع الكترونية
محمد السعيد، بين فرنسا وايطاليا … من يقضم كعكة ليبيا ؟، 17/9/2018، شبكة الجزيرة الاعلامية، https://midan.aljazeera.net/reality/politics
محمود جمال عبد العال، التنافس الفرنسي الايطالي وحدود تطورات الأزمة الليبية، المركز العربي للبحوث والدراسات، (31 / 8 / 2018)، انظر إلى الرابط : http://www.acrseg.org.
ثانيا : المراجع الأجنبية
- Natalucci, The Geopolitics of Natural Resources in Libya in the post-Gaddafi era, published : 02/05/2016. https://europa.eu/capacity4dev/securityfordevelopment/discussions/geopolitics-natural-resources-libya-post-gaddafi-era
- Chelotti, & E.J. Nogues, Stable Unpredictability ? an Assessment of Italian – Libyan Realtions, Loughborough University Institutional Repository, 2014.
- IIardo, the Rivalry between France and Italy, over Libya and its Southwest Theatre, Austria institute fur Europa – und Sicherheitsspolitik, May 2018.
Worldview Stratfo France and Italy Each Go their Own Way on Libya, published 05/09/2018, https://worldview.stratfor.com/article/france-and-italy-each-go-their-own-way-libya
21 F. S. Fasanoti& B. fishman, How France and Italy’s Rivalry is Hurting Libya, and How Palermo Conference Can Help? , published on 31/10/2018. https://www.foreignaffairs.com/articles/france/2018-10-31/how-france-and-italys-rivalry-hurting-libya
22 L.Davis, & S.S. Deole, Immigration and the Rise of far- Rights Parties in Europe DICE Report, published on 4 /12/ 2017, Volume 15, p 10-11. https://www.cesifo-group.de/DocDL/dice-report-2017-4-davis-deole-december.pdf
Ben Fishman, Haftar’s Play for Libyan Oil, The Washington Institute for Near East Policy, (3/7/2018), Accessible at : https://goo.gl/MHhZPT:
Antonio Varsori, Italy and the Mediterranean: between tradition and new challenges, 30May 2016.https://www.ispionline.it/it/pubblicazione/italy-and-mediterranean-between-tradition-and-new-challenges-15154.
llardo, The Rivalry between France and Italyover Libya and its Southwest Theatre, Austria Institut fur Europaund – und Sicherheitspolitik (AIES), FOKUS | 5- 2018.
Powell, Nathaniel K. “A Flawed Strategy in the Sahel,” Foreign Affairs. February 02, 2016, www.foreignaffairs.com/articles/west africa/ 2016-02-01 flawed-strategy-sahel.
[1] – المنجد في اللغة والإعلام، دار المشرق، بيروت، 1984، ص27.
–2 حمدي نذير، ظاهرة التنافس الدولي في العلاقات الدولية، مركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية الاقتصادية و السياسية، برلين 2014، ص1 https://democraticac.de/?p=1775
-3 حسين قادري، النزعات الدولية: دراسة و تحليل، منشورات خير جليس، الجزائر، 2007، ص 10-12.
–4 عبدالله فلاح عودة العضايلة، التنافس في اسيا الوسطى، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، قسم العلوم السياسية، كلية الآداب والعلوم، 2001، ص 4-5.
–5 منير محمود بدوى، مفهوم الصراع دراسة الأصول النظرية للأسباب و الأنواع، مجلة الدراسات المستقبلية، العدد 3، 1997، ص 36.
-6أنظر إلى : حمدي نذير، ظاهرة التنافس الدولي في العلاقات الدولية، مركز الديمقراطي العربي ،مرجع مذكور أعلاه.
-7 نسيمة الطويل، ظاهرة التنافس الدولي في العلاقات الدولية، المجلة الجزائرية للأمن و التنمية، العدد 10 فبراير، 2017، ص 31.
8– محمد سعيد، بين فرنسا و إيطاليا من يقضم كعكة ليبيا، الميدان( الجزيرة )، تاريخ النشر 17/09/2018.
https://midan.aljazeera.net/reality/politics/2018/9/17
-9محمد عبدالحفيظ الشيخ، آفاق العلاقات الليبية الإيطالية في ضوء تداعيات التغير الثوري عام 2011، مجلة الاتجاهات السياسية، العدد 5 أغسطس 2018 ، ص 121.
10- N. Chelotti, & E.J. Nogues, Stable Unpredictability ? an Assessment of Italian – Libyan Realtions, Loughborough University Institutional Repository, 2014, p 2-3.
–11 أنظر محمد سعيد، بين فرنسا وإيطاليا من يقضم كعكة ليبيا، الميدان ( الجزيرة). مرجع سابق.
–12 مفيد كاصد الزيدي، العلاقات الفرنسية- الليبية : خلفية تاريخية و رؤية مستقبلية، مركز الدراسات الدولية جامعة بغداد، العدد 25، 2013 ص 35.
14- M. Natalucci, The Geopolitics of Natural Resources in Libya in the post-Gaddafi era, published, 02/05/2016.
15– حارث قحطان عبدالله ومثنى فائق مرعي، التنافس الدولي على النفط و الغاز الطبيعي و أثره في العلاقات الدولية، مجلة تكريت للعلوم السياسية، المجلد الأول، العدد1 يناير 2014، ص 126.
16- See M. Natalucci, The Geopolitics of Natural Resources in Libya in the post-Gaddafi era.
–17 أنظر إلى : مفيد كاصد الزيدي، العلاقات الفرنسية- الليبية : خلفية تاريخية و رؤية مستقبلية. مرجع مذكور أعلاه، ص 24-25.
18- M. IIardo, the Rivalry between France and Italy, over Libya and its Southwest Theatre, Austria institute fur Europa – und Sicherheitsspolitik, May 2018, p, 2-3.
19-Worldview Stratfo France and Italy Each Go their Own Way on Libya, published 05/09/2018, https://worldview.stratfor.com/article/france-and-italy-each-go-their-own-way-libya
20- F. S. Fasanoti & B. fishman, How France and Italy’s Rivalry is Hurting Libya, and How Palermo Conference Can Help? , published on 31/10/2018. https://www.foreignaffairs.com/articles/france/2018-10-31/how-france-and-italys-rivalry-hurting-libya
21- L. Davis, & S.S. Deole, Immigration and the Rise of far- Rights Parties in Europe, ifo DICE Report, published on 4 /12/ 2017, Volume 15, p 10-11. https://www.cesifo-group.de/DocDL/dice-report-2017-4-davis-deole-december.pdf
22– Ben Fishman, Haftar’s Play for Libyan Oil, The Washington Institute for Near East Policy, (3/7/2018), Accessible at : https://goo.gl/MHhZPT:
23– خالد فؤاد، الأزمة الليبية بين المبادرة الفرنسية والدور المصري، المعهد المصري للدراسات، 9 اغسطس 2017، ص 2.
24– محمود جمال عبد العال، التنافس الفرنسي الايطالي وحدود تطورات الأزمة الليبية، المركز العربي للبحوث والدراسات، (31 / 8 / 2018)، انظر إلى الرابط : http://www.acrseg.org.
25– لفهم طبيعة الدور الإيطالي في جنوب المتوسط انظر إلى :
Antonio Varsori, Italy and the Mediterranean: between tradition and new challenges, 30May 2016.https://www.ispionline.it/it/pubblicazione/italy-and-mediterranean-between-tradition-and-new-challenges-15154.
26– خالد حنفي علي، تشابكات سياسة ايطاليا تجاه ليبيا، مجلة السياسات الدولية، العدد210 لسنة 2017، ص134.
28 – خالد حنفي علي، تشابكات سياسة ايطاليا تجاه ليبيا، مجلة السياسات الدولية، مرجع سابق، ص134- 135.
29-Matteo llardo, The Rivalry between France and Italyover Libya and its Southwest Theatre, Austria Institut fur Europaund – und Sicherheitspolitik (AIES), FOKUS | 5- 2018.
30– Powell, Nathaniel K. “A Flawed Strategy in the Sahel,” Foreign Affairs. February 02, 2016, www.foreignaffairs.com/articles/west africa/ 2016-02-01 flawed-strategy-sahel.
31– محمد السعيد، بين فرنسا وايطاليا من يقضم كعكة ليبيا ؟، 17/9/2018، مرجع سابق.
32– سعد أحمد سلامة، الهجرة غير الشرعية إلى ليبيا وانعكاساتها على المنطقة الجنوبيةـ مجلة الجنوب الليبي، العدد الأول، السنة الأولى ديسمبر 2015، ص 76.