
الشباب العربي والمشاركة السياسية
الدكتور جميل حمداوي أستاذ التعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، فرع الناظور المغرب
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 22 الصفحة 73.
Abstract :
The article discusses the nature of political participation among Arab youth at the urban and Bedouin levels. This participation has declined at all levels and levels due to the political reluctance of young people on the one hand and their lack of confidence in the Arab governmental systems on the other hand and their dissatisfaction with political parties, Third Party. Therefore, Arab youth have taken the virtual field as a means of expressing their political views, a desire to rebel against unjust power, and a revolution against the existing political institutions in the name of freedom, justice, legitimacy and democracy
توطئةلايمكن الحديث عن الديمقراطية في الوطن العربي إلا بمشاركة الشباب العربي في إدارة شؤون بلادهم داخليا وخارجيا، وتصريف سياساتها العمومية بشكل إيجابي. ومن ثم، يقدر عدد سكان الوطن العربي بثلثمائة مليون نسمة، فإن الشباب يشكلون قرابة ثلثه.ويعني هذا أن ساكنة الوطن العربي شبابية بامتياز. ومازال الشباب العربي يعانون من مشاكل عدة كالفقر، والأمية، والبطالة، والجهل، والتخلف، والجنوح، والعزوبة، والعنوسة، والتغريب، والاستلاب،والإقصاء، والتهميش، واليأس، والإحباط، والتعاسة… على الرغم من المحاولات الحثيثة التي تقوم بها بعض الدول العربية للخروج من أزماتها الخانقة ، ولاسيما الدول التي تعرف نموا ديمغرافيا من جهة، وفقرا في الموارد من جهة أخرى.
وما يهمنا في هذا الصدد هو التوقف عند موضوع سوسيو- سياسي بامتياز، يتمثل في دراسة (المشترك والمختلف بين شباب الحضر والريف فى المجتمعات العربية حول رؤيتهم للقضايا الداخلية والخارجية فى دولهم)، وفق منظور علم الاجتماع السياسي الذي يدرس أثر المجتمع ونخبه وفئاته وجماعاته وفئاته في السياسة واتخاذ قراراتها، بالضغط على الحكومة من جهة، وتوجيه دفة المجتمع السياسي (الأحزاب السياسية والنقابات العمالية) من جهة أخرى.
المبحث الأول: مفهوم المشاركة السياسية
يقصد بالمشاركة السياسية اهتمام الأفراد بالشؤون السياسية أو الابتعاد عنها. وبتعبير آخر، يعني هذا المصطلح المشاركة في الشأن السياسي للبلد، أو الامتناع عن المشاركة فيه، أو الالتزام بالحياد الجزئي أو الكلي. وتعبر هذه المواقف الثلاثة (المشاركة، والامتناع، والحياد) عن فلسفة المشاركة السياسية للشباب الحضري أو القروي، سواء أكانت إيجابية أم سلبية.
ومن هنا، تعني المشاركة السياسية انخراط أفراد المجتمع الواحد في إدارة أمور بلادهم، والاهتمام بمختلف شؤونها على جميع الأصعدة والمستويات، والمساهمة أيضا في التأثير في القرار السياسي الداخلي والخارجي. ومن ثم، تعد المشاركة السياسية وسيلة للتعبير عن المواطنة المتمدنة، والانخراط في الشفافية الحقة، وإرساء الحكامة الجيدة ، والإيمان بالديمقراطية التشاركية[1]، وبناء المجتمع المدني، وتحقيق التنمية السياسية الشاملة، وتحديث المجتمع.ومن ثم، تكون المشاركة السياسية بالانخراط في المجتمع السياسي لتحقيق رغبة شخصية، أو من أجل تحقيق مصلحة مجتمعية عامة.
علاوة على ذلك، تعني المشاركة السياسية تلك الأنشطة الإرادية أو التطوعية أو المنظمة التي يقوم بها المواطنون بغية التأثير ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، في مختلف القرارات التي تتخذها الحكومة، أو في اختيار النخب السياسية، أو انتقاء الحكام، أو المشاركة في توجيه السياسات العامة للدولة. ومن هنا، ” فالمشاركة السياسية نشاط، وليست مجرد اتجاه أو اعتقاد فقد يشعر المرء شعورا عميقا بأهمية الإدلاء بصوته في الانتخابات، دون أن يدلي بالفعل بصوته في الانتخابات، ومن ثم لايعد ذلك مشاركة. وإن الاختلاف بين الفعل والاعتقاد يماثل الفرق بين دراسة المشاركة السياسية، ودراسة الرأي العام، وتهتم المشاركة السياسية بالنشاط الذي يقوم به الأفراد، على نحو ما تكون الإشارة إلى الجماعة في مجال المشاركة السياسية مثل الكيفية التي كان عليها إدلاء الرجال بأصواتهم في الانتخابات السابقة، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا يتركز على مشاركة الأفراد، فالجماعات لاتشارك إنما الأفراد هم الذين يشاركون ، فمشاركة الجماعة ما هي إلا بيانات أو توقع إحصائي خاص بسلوك الأفراد الأعضاء في الجماعة.”[2]
ومن ثم، تقوم المشاركة السياسية على الإرادة الحرة والرغبة الذاتية في الانضمام إلى التنظيمات ذات الأهداف المدنية من أجل مساعدة الدولة على حل مجموعة من المشاكل المستعصية ، أو من أجل تحقيق مصالح مشتركة يتفاوض عليها أعضاء المجتمع المدني من أجل تحقيقها. ومن هنا، ” تعتبر المشاركة السياسية عملية اختيار حيث البعض يشارك والبعض لايشارك، وقد تكون المشاركة بطريقة معينة، وفي أمور معينة، وعلى ذلك هناك اختيار في طريقة المشاركة ونوعها مثل الإدلاء بالأصوات في الانتخابات، والانضمام إلى تنظيم حزبي، كذلك يجب على المواطنين اختيار اتجاهات مشاركتهم، فيختارون من سيعطونه أصواتهم في الانتخابات، أو اختيار المشاركة في الحملات الانتخابية وأي الأحزاب التي يعملون معها وأي الجماعات أو المنظمات التي يرغبون في الانضمام إليها وأي البرامج والموضوعات التي تجذبهم للاختيار. وبذلك يمكن تعريف المشاركة السياسية بأنها النشاطات والاختيارات الواعية.وتعبير الوعي يعني الدراية بالبدائل ثم المشاركة العملية، ورغم هذا فليس من الضروري أن يتوافر في هذا النشاط عقلانية القرار.”[3]
ولايمكن الحديث عن مشاركة سياسية إلا بارتباطها بنظام سياسي متغير وضروري ، ينبغي أن يكون شرعيا وقانونيا ودستوريا من جهة أولى، وفي خدمة المواطن والشعب من جهة ثانية، ويحقق الأمن والسلم والاستقرار من جهة ثالثة، ولايتحقق ذلك كله إلا بالمشاركة السياسية التي تعبر عن مدى ديمقراطية المجتمع وشرعيته.
ومن المعروف أن النظام السياسي، سواء أكان بسيطا أم معقدا، له علاقة وطيدة بالمجتمع، ويمكن تشبيه تلك العلاقة بالمدخلات والمخرجات حسب دافيد إيستون(David Easton)[4]، فالنظام السياسي يستوعب طلبات المجتمع وحاجياته ويتفهمها بشكل جيد، ثم يستجيب له بالمخرجات في شكل قرارات سياسية، أو قوانين تشريعية تكون في خدمة المجتمع. بمعنى أن ” حركة النظام السياسي هي مجموعة التفاعلات بين مطالب الجماهير وقرارات الحكومة.[5]“
ومن هنا، يعد نموذج دافيد إيستون من ” أفضل وأبسط النماذج الأولية الشارحة لطبيعة عمل النظام السياسي، ويقوم هذا النموذج على أن العنصر الأكبر المؤثر في استقرار الحكومة هو الجمهور الذي يترجم ما يفكر فيه إلى مطالب تعبر عن حاجاته كما يعبر عن درجة رضاه من خلال الأقوال والأفعال، هذه الطلبات تستقبل في النظام السياسي عبر الأحزاب السياسية أو مؤسسات المجتمع المدني؛ حيث تشذب وتقدم للحكومة ، تستقبل الحكومة هذه المدخلات وتتفاعل معها لتخرج بقرارات وسياسات داخلية وخارجية تنعكس على الجمهور، فتعدل سلبا أو إيجابا في مطالبه ودرجة تأييده، ثم تستمر العملية.وبالتالي يبدو النظام قادرا على الاستمرار بقدر تعديله في القرارات والسياسات للحصول على حد أدنى من القبول” الشرعية” لدى الجمهور.
أي إن الوظيفة الرئيسة للحكومة هي اتخاذ القرارات، وهذه القرارات إما أن تكون رشيدة ولصالح الناس؛ فيصبح هناك رضا شعبي، أو تكون قرارات غيررشيدة وضد مصالح الناس؛ فيصبح هناك سخط عام .[6]“
ومن ثم، يكون السخط الجماهيري العام بأشكال متعددة، قد يكون في شكل تململ ؛ حيث يهمس الناس لبعضهم البعض، وبهذا تبدأ الثورة تحت السطح في شكل إرهاصات جنينية. وبعد ذلك، يتحول التململ إلى ردود أفعال احتجاجية بسيطة في شكل كتابات إعلامية وسياسية محدودة ومتناثرة. وبعد ذلك، تتحول إلى أعمال سخط ظاهرة في شكل إضرابات ومظاهرات وأشكال من العصيان للدولة تتسع وتنتظم. ويتحول هذا كله إلى العنف الثوري .أي: إلى أعلى درجات السخط والغضب ، وخروج الجماهير إلى الشارع للتأثير في قرارات الحكومة ، والمناداة بمطالب جذرية راديكالية[7].
ويعني هذا كله أن النظام السياسي لايحافظ على تواجده واستقراره وتوازنه إلا بوجود مشاركة سياسية شبابية جماهيرية فعالة تكون في خدمة النظام، ولابد أن تكون تلك المشاركة إيجابية تضفي الشرعية على هذا النظام السياسي، وتكسبه مصداقية داخل الوطن وخارجه. وتتحقق تلك المشاركة السياسية عبر مجموعة من القنوات والوسائط كالمجتمع المدني، والأحزاب السياسية، والنقابات المهنية والعمالية، وجماعت المصالح، والنخب بمختلف أنواعها (السياسية، والإدارية، والاقتصادية، والدينية، والعلمية، والثقافية).
وعلى العموم، فالمشاركة السياسية هي انخراط المواطنين بشكل إرادي وتطوعي في الأحزاب السياسية ونقاباتها للتأثير في قرارات الدولة ، أو تحديد المواقف السياسية، أو اختيار الحكام والقادة والمنتخبين، وانتقاء النخب السياسية المؤهلة، أو رسم السياسات العامة للدولة. وتكون المشاركة السياسية بالطرائق التقليدية بالانخراط في الأحزاب السياسية والنقابات وجماعات الضغط بالدعاية لها، أو المشاركة في الندوات والمؤتمرات، والتصويت، والاقتراع، والانتخاب، والترشح للمناصب العامة، وتولي المسؤوليات السياسية. وقد تكون المشاركة السياسية بالطرائق غير التقليدية كالاحتجاج، والمظاهرات، والإضرابات، والتطرف، والتخريب، والحروب الأهلية، وممارسة العنف الثوري، والانقلابات…
وتتميز المشاركة السياسية بمجموعة من السمات والخصائص النوعية التي يمكن حصرها فيما يلي:
المشاركة السياسية سلوك تطوعي بامتياز، ونشاط إرادي مبني على الاقتناع الشخصي؛
المشاركة السياسية سلوك مكتسب عن طريق التفاعل مع الأفراد من جهة، والاحتكاك بالمجتمع ومؤسساته وهيئاته والمجتمع المدني من جهة أخرى؛
المشاركة السياسية سلوك إيجابي واقعي مرتبط بالممارسة السياسية الميدانية والعملية ؛
المشاركة السياسية عملية اجتماعية وجماهيرية عامة وشاملة وكاملة ومتعددة الجوانب تسهم في التنمية السياسية ؛
المشاركة السياسية عبارة عن سلوك إيجابي يسهم في التأثير في القرارات السياسية بتأكيدها أو رفضها أو تعديلها أو تغييرها؛
لاتقتصر المشاركة السياسية على حدود جغرافية معينة، بل تتجاوز ماهو محلي إلى ماهو جهوي، ووطني، وإقليمي، ووطني؛
المشاركة السياسية أساس مهم من أسس المواطنة الحقة، وحق من حقوق الإنسان وواجباته؛
المشاركة السياسية أساس الديمقراطية الحقة؛
المشاركة السياسية أساس التحديث والتغيير السياسي؛
المشاركة السياسية هي السبيل الأفضل لتحقيق التنمية السياسية والاجتماعية .
وللمشاركة السياسية مجموعة من الشروط الأساسية التي يمكن ذكرها على الشكل التالي:
وجود بيئة ديمقراطية ناضجة وواعية بالممارسة السياسية، تعترف بكينونة الإنسان، وتسمح له بالتعبير عن آرائه بكل حرية وصدق؛
وجود ترسانة قانونية تجيز للمواطن بالانخراط في التنظيمات المدنية والاجتماعية والسياسية؛
عدم محاسبة المواطن المدني الحر على إبداء آرائه الحرة، أو وضعه أمام مساطير المحاسبة والمحاكمة والعقاب الجنائي والمدني؛
تمتع المشارك السياسي بالحرية الكاملة للتعبير والتجمع من أجل الوصول إلى السلطة؛
عدم وجود قيود وعراقيل وقوانين تمنع المشارك السياسي من الترابط والتكتل في جماعات ومؤسسات وهيئات سياسية أو مدنية ؛
المساهمة في اختيار الزعماء والقادة والنخب والصفوة السياسية المفضلة لتمثيل الجماهير سياسيا ونقابيا؛
ضرورة الاعتراف بالعضوية الكاملة للجماعات والتنظيمات السياسية والمدنية والاجتماعية؛
توفير المناخ الديمقراطي الحقيقي لممارسة المشاركة السياسية الحقة؛
ألا تكون المشاركة السياسية فوضوية وعبثية وغير منظمة ، بل لابد من تنظيمها وفق أهداف مشتركة لتحقيق الصالح العام؛
أن تكون تلك المشاركة السياسية بناءة وهادفة ومثمرة ومتمدنة ، في إطار نظام سياسي شرعي وديمقراطي تعددي وتشاركي، يعترف بدور الآخرين في التأثير في استصدار القرارات السياسية.
ومن جهة أخرى، يمكن الحديث عن أنواع عدة من المشاركة السياسية التي يمكن حصرها في ما يلي:
المشاركة المؤسساتية أو الرسمية التي يقوم بها المسؤولون السياسيون وفق وظيفتهم داخل السلطة الحاكمة، أو نظرا لتمثيلهم لمؤسسات الدولة الرسمية ، كالوزراء، وكتاب الدولة، والكتاب العامين، والأعوان التنفيذيين، والولاة، وعمال الأقاليم، والقواد، والباشوات…
المشاركة المنظمة: هي التي تكون بواسطة مؤسسات المجتمع السياسي التي تكون حلقة وصل بين المواطن والسلطة العليا ، وتتمثل هذه المؤسسات في الأحزاب السياسية، والنقابات العمالية والمهنية والحرفية، وجماعات المصالح.
المشاركة المستقلة الفردية هي تلك المشاركة القائمة على الإرادة الحرة المنفردة؛ حيث ينخرط المواطن في أمور الدولة، ويشارك في بناء قراراتها السياسية[8]. وقد تكون هذه المشاركة إما بالاندماج الكلي، وإما بالرفض، وإما بالحياد. بيد أن ثمة دولا تفضل المشاركة الفردية .في حين، توجد دول تفضل المشاركة الرسمية والمؤسساتية والمنظمة[9].
وهناك أيضا المشاركة الاختيارية أو التلقائية العفوية القائمة على اقتناع المواطنين بضرورة المشاركة في الشأن العام الداخلي والخارجي للدولة. وفي المقابل، هناك المشاركة الإجبارية التي تفرض على المواطنين للمشاركة إذعانا وجبرا ، كما يبدو ذلك في بعض الدول الدكتاتورية الشمولية، أو في بعض دول العالم الثالث.
وثمة مجموعة من المستويات للمشاركة السياسية، ويمكن تحديدها فيما يلي:
التصويت في الانتخابات، ويعد أضعف مستويات المشاركة السياسية، وقد لايعبر عن الوعي السياسي ولا النضج المعرفي لدى المواطن. وهناك من يعتبر التصويت شرطا من شروط المشاركة السياسية. وغالبا، ماترتبط المشاركة التصويتية بالأمية، والانتماء الولائي والقبلي، ومن ثم، له تأثير ضئيل في القرارات ؛ لأنه ينتهي بمجرد وضع الورقة في الصندوق، وليس هناك متابعة مستمرة للقرارات.
المشاركة غير المباشرة التي تتمثل في المشاركة في الندوات، والمؤتمرات، والتعليقات الصحفية والإعلامية، وارتداء أزياء معينة، وحمل شارات معينة…
المشاركة في تنظيم الحملات الانتخابية.
الترشيح لمنصب سياسي.
تولي المناصب القيادية في الدولة.
ومن جهة أخرى، ترتبط المشاركة السياسية بالوضع الطبقي للفرد، وبانتماءاته الجغرافية والنوعية، وجذوره العرقية، وولاءاته العقدية، وثقافته التعليمية، ووعيه السياسي، وثقافته السياسية، وتنشئته السياسية، والوضع الاقتصادي والاجتماعي. وكلما ارتفع الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن ازدادت مشاركته السياسية الإيجابية. لكن يلاحظ في بعض الدول الغربية الديمقراطية، كالولايات المتحدة الأمريكية، أنه كلما ازداد التعليم قلت نسبة المشاركة السياسية؛ مما أثار جدلا كبيرا في الأوساط السياسية.
ولايمكن الحديث عن تنمية سياسية هادفة ومثمرة وحقيقية إلا بوجود مشاركة سياسية إيجابية وفعالة ومتميزة، تسهم في بناء الدولة وتحديثها وتطويرها ، وإخراجها من نظام سياسي استبدادي متعفن إلى نظام ديمقراطي تشاوري وتشاركي.
وعليه، فالمشاركة السياسية هي أساس التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.ويعني هذا أن المشاركة الفردية أو الجماعية للمواطنين يمكن أن تسهم في استصدار قرارات سياسية لخدمة الدولة وتطويرها وتنميتها وتحديثها على جميع الأصعدة والمستويات.
كما تعبر المشاركة السياسية التطوعية الفردية أو الجماعية عن سيادة دولة الحق والقانون. وتعبر أيضا عن مدى تقدم الدولة والمجتمع على حد سواء، ومدى تمتع المواطن بكامل حرياته الطبيعية والمكتسبة، ومدى انتشار ثقافة حقوق الإنسان.ولابد أن تعبر المشاركة السياسية عن مدى مراعاة الدولة لثقافة النوع؛ حيث تتساوى المرأة والرجل في الحقوق والواجبات.
ومن جانب آخر، يكون الغرض من المشاركة السياسية الوصول إلى السلطة، أو خدمة المجتمع، أو الرفع من مستوى الدولة على جميع الأصعدة والمستويات. ويكون الغرض أيضا هو الانخراط في مؤسسات الدولة أو المجتمع المدني عبر التصويت والانتخاب والاقتراع بغية اختيار النخب السياسية المؤهلة لتسيير دواليب المجتمع. والهدف الرئيس من المشاركة السياسية هو التأثير في قرارات الدولة لتكون لصالح الفئة المشاركة. ومن ثم، تكون المشاركة السياسية فعالة إذا كانت تستهدف توجيه أعمال الحكومة بانتقادها وتقويمها بشكل مفيد ومثمر وبناء، وتقديم النصائح، والاستشارات، والتوصيات، ومراقبة أجهزتها.
ويكون الغرض من المشاركة السياسية المباشرة وغير المباشرة اختيار النخب القيادية الكفئة، ورسم سياسة الدولة، ومساعدتها على وضع المخططات الإستراتيجية لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتنفيذ البرامج والمشاريع التنموية، واختبار الطرائق والسبل والوسائل الممكنة لتحقيق ذلك، والاهتمام بالقضايا المحلية، والجهوية، والوطنية، والإقليمية، والدولية.
ومن أهداف المشاركة السياسية كذلك تعويد الأفراد والجماعات على ممارسة الديمقراطية بغية إرساء مجتمع تنموي ديمقراطي فعال، والتعبير عن الآراء بكل حرية دون مس بكرامة الفرد والمواطن.ويعني هذا أن المشاركة السياسية تهدف إلى تكوين مواطن مدني حر يسهم في بناء مجتمعه، وتحقيق تطلعاته السياسية.
ومن ثم، ” تؤثر المشاركة السياسية في الأفراد وفي السياسة العامة للدولة على حد سواء، فعلى مستوى الفرد تنمي المشاركة فيه الشعور بالكرامة والقيمة والأهمية السياسية، وتنبه كلا من الحاكم والمحكوم إلى واجباته ومسئولياته، وتنهض بمستوى الوعي السياسي. كما أنها تساعد على خلق المواطن المنتمي الذي يعد عماد قوة وعافية الجسد السياسي.
وعلى صعيد السياسة العامة، تجلب المشاركة أعظم خير لأكبر عدد من الأفراد، إذ أنها تدفع الحاكم إلى الاستجابة إلى مطالب المواطنين، وتسهم في إعادة توزيع موارد المجتمع بشكل أكثر عدالة، ومن ثم يؤدي ازدياد عدد المشاركين السياسيين إلى مزيد من العدل الاقتصادي والاجتماعي[10].”
وعليه، تسهم المشاركة السياسية في الرفع من مستوى البلاد وتحديثها وتنميتها سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا.كما تسهم في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، والسمو بالمواطنة الحقة، وتمثل المقاربة التفاوضية والتشاركية في تسييس أمور الدولة الداخلية والخارجية من أجل دمقرطة المجتمع.
المبحث الثاني: شباب الأرياف ومدى اهتمامهم بالشأن الداخلي والخارجي لبلدانهم
لايمكن الحديث عن الديمقراطية والتنمية السياسية إلا إذا قسنا نسبة المشاركة السياسية في بلد من البلدان، وقسنا أيضا مدى تمتع المواطنين الشباب بالحريات الطبيعية والمكتسبة، ومدى انتشار ثقافة حقوق الإنسان في البلد نظرية وخطابا وممارسة، ومدى السماح للمواطنين بالتعبير عن آرائهم بكل حرية دون خوف، أو عنف، أو ضغط، أو محاسبة.إذاً، تقاس ديمقراطية الدول وتنميتها السياسية بنسب المشاركة السياسية، وانتعاش الثقافة السياسية، ومدى مساهمة مؤسسات الدولة ومجتمعها المدني في إثراء التنشئة السياسية لدى المواطن.
وعليه، ” تعتبر المشاركة السياسية هي أساس الديمقراطية من خلال اتساع الاقتراع الشامل وامتداده بدرجات مختلفة من دولة إلى أخرى لكل أعضاء المجتمع حيث الرجال مثل النساء ومن خلال أيضا المؤسسات الشرعية التي تشجع وتيسر اللقاءات والتجمعات السياسية، والتواجد الحزبي أو التنظيمي، وحق وضع الملصقات ، والقيام بالاتصالات وغير ذلك، ويساهم تشجيع المشاركة في تطبيق الشرعية السياسية مما يجعل الإنسان كائنا سياسيا.”[11]
ومن هنا، فالمشاركة السياسية هي أس الديمقراطية والمواطنة في بلد ما ، ومن خلالها نحكم على بلد ما بأنه بلد ديمقراطي أو متخلف.
ويعني هذا كله أن أحد ركائز التنمية الآن ” هي أن تتاح لكل فرد المشاركة في الحياة السياسية؛ لأن المشاركة تعني حصاد الفرص المتاحة أمام الشخص لكي يلعب دورا في الأهداف المجتمعية والتخطيط لها ولوسائلها.
وعلى هذا فقد أكد العلماء والباحثون أن انخفاض معدلات المشاركة السياسية يشكل أزمة عارمة أمام النظام السياسي القائم عليه أن يواجهها ، ويتصدى للسلبيات الناجمة عنها.[12]“
وتختلف المشاركة السياسية للشباب حسب النوع والجغرافيا والبيئة.ويعني هذا أن العمل السياسي” لايمارس في فراغ، وإنما داخل حيز مكاني وجغرافي له سماته الفردية، وفي بنية مجتمعية له خصائص معينة.فالحيز المكاني محكوم بمساحة محددة، وبموقع جغرافي له خصائص وتضاريس ومناخ وحدود معينة، وبموارد طبيعية قد تكون شحيحة أو وفيرة متنوعة أو غير متنوعة…إلخ.أما البنية المجتمعية، فهي محكومة بشعب له خصائص اجتماعية وثقافية وعرقية ولغوية ودينية معينة.وهذه كلها سمات وعوامل من شأنها أن تؤثر تأثيرا كبيرا في العملية السياسية في أي مجتمع، وتتيح فرصا أو تفرض قيودا قد تضيق أو تتسع فيما يتعلق بإرادة شؤون الدولة والمجتمع.[13]“
ومعنى ذلك أن ” لكل نظام سياسي بيئة تؤثر فيه ويؤثر فيها.فالنظام السياسي، بشكل عام، والحكومة، بشكل خاص، هما مرآتا البيئة وإفرازان لها كما أنهما قد يكونان أداة لتغيير هذه البيئة وتطويرها في الوقت نفسه. ولذلك تبدو العلاقة بين النسق السياسي والفاعل السياسي علاقة تفاعلية في الأساس، وتسير دائما في اتجاهين وليس في اتجاه واحد.”[14]
ومن هنا، يتأثر الفعل السياسي جغرافيا وبيئيا ومكانيا، كاختلاف المشاركة السياسية الشبابية من دولة إلى أخرى، ومن منطقة فقيرة إلى منطقة غنية ، ومن المدينة إلى البادية. و هنا، يمكن الحديث عن علم الاجتماع السياسي القروي، وعلم الاجتماع السياسي الحضري.
كما تختلف المشاركة السياسية من حيث النوع والجندر.أي: بين الرجال والنساء. وتختلف كذلك حسب الفئات العمرية، كاختلاف المشاركة السياسية بين الأطفال، والشباب، والكهول.
وعليه، فمازال شباب الأرياف والبوادي بالمجتمع العربي أقل اهتماما بالشؤون السياسية الداخلية والخارجية لوطنهم مقارنة بشباب المدن والحواضر العربية. ويعود ذلك إلى عوامل ذاتية وموضوعية التي يمكن حصرها فيما يلي:
هجرة الشباب العربي من الريف إلى المدينة بحثا عن العيش الأفضل، أو هجرتهم من دولهم إلى الضفة الأخرى للبحث عن لقمة الخبز؛ مما يجعلهم لايبالون، بشكل من الأشكال، بالشأن العام لبلدانهم على المستويين الداخلي والخارجي.ومن هنا، يركز هؤلاء الشباب، بالدرجة الأولى، على الهموم الاقتصادية والاجتماعية والدينية على حساب الهموم السياسية التي تقلقهم وتزعجهم وترهبهم. ويعني هذا أن البوادي العربية غير جذابة لقاطنيها وساكنيها وشبابها. ومن ثم، لايمكن الاستقرار فيها بسبب غياب البنية التحتية، وانعدام المرافق العامة، وعدم الثقة في الأحزاب السياسية من جهة، والسلطة السياسية من جهة أخرى.
وعند عودة هؤلاء الشباب المغتربين إلى بلدانهم العربية لقضاء عطلهم ، يهتمون فقط بأسرهم وعائلاتهم القريبة والبعيدة ، والانشغال بالبناء والعمران لإيواء أولادهم، والعناية بالفلاحة والزراعة وسقي الأرض وتربية الحيوانات والدواجن، والتشبث بالعادات والتقاليد والأعراف، والميل نحو العبادة والتدين بشكل كبير. ومن ثم، لايهتمون بالأمور السياسية التي لاتعنيهم في شيء، ولاسيما أن سياسة الدول العربية ، في عمومها، سياسة مستبدة قائمة على العنف والتسلط والترويع والترهيب، تفتقد الشرعية السياسية والديمقراطية الحقة. وقد يسهم العنف التسلطي في توليد العنف المضاد ، كما يبدو ذلك في التطرف، والإرهاب، وظهور جماعات عنيفة التي تتكون خلاياها إما في البوادي العربية، وإما في هوامش المدن والحواضر.ومن ثم، لايمكن فصل العنف المضاد عن واقعه السوسيواقتصادي؛ لأن التطرف نتاج الظلم الاجتماعي، والغبن المتفشي في جميع المجالات والأصعدة والمستويات، وانعدام العدالة الحقيقية، وغياب تكافؤ الفرص، وانتشار الأنظمة المستبدة والعسكرية ، ووجود تفاوت طبقي اجتماعي بسبب الرأسمالية المتوحشة الناتجة عن العولمة” المغولمة” التي تؤمن بمنطق الربوية، والاحتكار غير المشروع، والتنافس غير الشريف، واستغلال العمال والطبقات الكادحة، وانتشار الفقر والفاقة والبؤس، وانهيار القيم الأخلاقية الأصيلة في المجتمعات المنحطة والموبوءة بالأمراض والآفات المادية والمعنوية، وانتشار الفساد الإداري على حساب الحكامة الجيدة، وبروز الصراع الطبقي والاجتماعي الذي يولد الحقد الدائم ضد الأغنياء المفسدين، ويدفع الشباب العربي المنبوذ إلى ممارسة العنف بمختلف أشكاله الممكنة.
انعزال أهل البوادي العربية في الكهوف والخيام والجبال والمغارات والصحارى ، وابتعادهم عن بعضهم البعض في قمم الجبال وروابيها وتلالها ومفاوزها محافظة ومقاومة وتمنعا ؛ مما يجعل هؤلاء بعيدين عن أمور السياسة الداخلية والخارجية لبلدانهم، أو غير راغبين في ممارسة الفعل السياسي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .
بعد شباب البوادي والأرياف العربية عن مراكز الحضر ؛ مما يمنعهم ذلك من الاستفادة المثلى من التوعية السياسية، والتنشئة السياسية، والتثقيف الحقيقي. ناهيك عن قلة المؤسسات السياسية والأحزاب والنقابات التي تقوم بدور التأطير والتوعية السياسية في الأرياف والبوادي العربية، وغيابها أو ضعف أدائها في بعض الدول العربية، ولاسيما الدول الخليجية منها.
ضعف أداء الأحزاب السياسية والنقابات العمالية التي يمكن أن يكون لها دور في تفعيل المجتمع القروي العربي، وتنميته سياسيا وثقافيا، على الرغم من الشعارات السياسية الكبرى التي ترفعها الأحزاب السياسية من بلد عربي لآخر. ناهيك عن غياب المؤسسات التربوية والتعليمية والفنية والثقافية التي يمكن أن تعد قاطرة التنمية بمختلف أنواعها.
صعوبة الحديث عن مجتمع مدني في بوادي المجتمع العربي وأريافه ، بمختلف مقوماته وأسسه الديمقراطية والتشاركية، وحتى إذا وجد هذا المجتمع، فإنه يتخذ طابعا اجتماعيا واقتصاديا محليا يعنى بمشكل الجفاف، ومشكل البطالة، ومشكل التصحر، ومشكل البيئة، ومشكل الطاقة، ومشكل التربية والتعليم، ومشكل النقل، ومشكل الصحة.وقلما يهتم بالقضايا والشؤون السياسية الكبرى الداخلية والخارجية؛ بسبب الخوف من السلطة الحاكمة المستبدة، وعدم الجدوى من الخوض في المشاكل السياسية التي لاتعود على الشباب القروي إلا بالويل، والثبور، والهلاك، والمحاسبة.
انتشار الأمية والجهل والفقر والتخلف بين شباب الأرياف والبوادي بالمجتمع العربي، وانقطاعهم عن الدراسة المبكرة بسبب ارتفاع نسبة الهدر المدرسي، واهتمامهم بالفلاحة والزراعة. ناهيك عن بعد المدارس والمؤسسات التعليمية عن أغلب المناطق الريفية ، وخاصة الجبلية منها.
ضعف المشاركة السياسية في الانتخابات العربية مقارنة بنسبة المشاركة في المدن والحواضر ؛ بسبب اللامبالاة، وانشغال الشباب بأمورهم الشخصية ، ورغبتهم في الهجرة نحو المدن، أو الهجرة نحو الخارج للبحث عن العمل الشريف، ثم اقتناعهم الأكيد بعدم جدوى الفعل السياسي بشكل من الأشكال.
غياب الوعي السياسي لدى معظم شباب الأرياف في المجتمع العربي، ماعدا شباب الجامعات الذين يعودون إلى مواطنهم في لحظة من اللحظات، ولكن دون أن يكون لهم دور مهم في التغيير السياسي، أو في توعية أهل الأرياف الذين يغرقون في دياجي الاستلاب والوعي الساذج واللامبالاة، وعدم الاهتمام بأمور السياسة الداخلية والخارجية.
إذا كانت هناك مشاركة سياسية ضيقة وضئيلة ومحدودة في البوادي والأرياف العربية ، فإن ذلك يخضع لمنطق الولاءات المصلحية والانتهازية رغبة في إرضاء بعض الشخصيات الكاريزمية النافذة في البادية أوالريف، أو من أجل الدفاع عن عصبية قبلية معينة قصد تثبيت نفوذها ماديا ومعنويا، أو مساندة الأقرباء احتراما لرابطة الدم ، أو دفاعا عمن يحامي الدين وفق إيديولوجية المعتقد، أو نزولا عند إغراءات المال والفساد، أو المشاركة في الانتخابات الوطنية أو المحلية خوفا من العقاب والمحاسبة، وعدم قضاء حاجياته الإدارية والمرفقية. وقلما نجد من يشارك سياسيا في الانتخابات بسبب البرامج السياسية ، ويعود ذلك إلى انتشار الأمية، والجهل، والتخلف، وغياب وسائل الإعلام، وانعدام البنية التحتية واللوجيستيكية.
يلاحظ غياب الديمقراطية الحقيقية والتنمية السياسية في البوادي العربية بشكل كبير؛ بسبب رقابة التسلط، ووصاية المحاسبة، وشطط المحاكمة، وانتشار الأمية والجهل والتخلف، وغياب التنشئة السياسية، وانعدام الوعي والثقافة السياسية لدى معظم شباب البوادي العربية.لذلك، فهم لايهتمون بالشأن الداخلي العام، فكيف يهتمون بالشأن الخارجي الذي لايعنيهم في أي شيء؟ !!
وخلاصة القول، لايمكن لشباب الأرياف والبوادي في المجتمع العربي المشاركة في الحياة السياسية، والانخراط في المجتمع المدني والسياسي إلا إذا وجدت بنية تحتية مناسبة وملائمة للإقلاع الاقتصادي والتنموي، وتوفرت مؤسسات تربوية وجامعية وسياسية ومدنية وإدارية كافية لتسمح للشاب البدوي أو الريفي العربي بالمساهمة في إثراء الحياة السياسية وتنشيطها وتفعيلها .ولن يتحقق ذلك أيضا إلا بوجود تنمية شاملة اقتصادية واجتماعية وبشرية تحد من بطالة الشباب العربي بشكل تدريجي، بخلق فرص العمل، وتنمية القطاع الزراعي، وبناء المعامل والمنشآت والوحدات الإنتاجية في مجال الفلاحة والزراعة والقطاع الحيواني، وجلب الاستثمارات الوطنية والأجنبية إلى القرى، وخلق التعاونيات الفلاحية والصناعية، وتثقيف الشباب سياسيا ومدنيا، وتأسيس فروع مختلفة للأحزاب السياسية والنقابات العمالية في كل نواحي البوادي العربية، ورسم سياسية إستراتيجية للحد من الفقر والأمية والجهل والتخلف، وبناء قرى نموذجية مجهزة بالماء، والكهرباء، والهاتف، والإنترنيت…لذلك، نلاحظ مشاركة ضعيفة لشباب البوادي والأرياف في المجتمعات العربية مقارنة بشباب المدن والحواضر الكبرى والمتوسطة والصغيرة. بيد أن مشاركة هؤلاء الشباب مشاركة محدودة وضيقة وضحلة، ولكنها تتميز بالعنف الثوري، والميل نحو الاحتجاجات الصاخبة، واستعمال العنف والتطرف والتشدد في التغيير مقارنة بالاحتجاجات السلمية في المدن والحواضر.
علاوة على استخدام الوسائل السياسية التقليدية في هذه البوادي ، مثل: استغلال الولاء والقرابة والدين والتصوف وهيبة الشخصية في حث الشباب على الاندماج والانخراط والمشاركة السياسية. ومن هنا، فمشاركة شباب البوادي هي مشاركة تقليدية على عكس المشاركة في المدن والحواضر هي مشاركة سياسية عصرية وتقنية واعية بمعنى الكلمة. ويرى صاموئيل هانتغتون في كتابه (النظام السياسي لمجتمعات متغيرة) أن” المشاركة السياسية في المجتمعات التقليدية منتشرة على مستوى القرية، لكنها في أي مستوى أعلى من القرية تكون محدودة في فئة صغيرة جدا. وقد تتوصل المجتمعات التقليدية الكبيرة أيضا إلى مستويات عالية نسبيا من السلطة العقلانية والتفصيل البنيوي؛ لكن المشاركة السياسية ستكون أيضا محدودة في نخبة أرستقراطية وبيروقراطية صغيرة نسبيا.إن أهم أوجه العصرنة السياسية هو، بناء على ذلك، مشاركة فئات اجتماعية في السياسية ، فوق مستوى القرية أو المدينة، في نطاق المجتمع كله، وتطوير مؤسسات سياسية جديدة، كالأحزاب السياسية، لتنظيم هذه المشاركة.[15]“
ويعني هذا أن البوادي العربية مازالت تتوفر على نخب أرستقراطية أو بيروقراطية محدودة ومعدودة هي التي تمتلك الوعي السياسي، وتتحكم في إدارة شؤون القرية أو البادية في علاقة تامة بالسلطة الحاكمة ، ويكون لها اطلاع محدود على ماهو سياسي على الصعيدين الداخلي والخارجي، كما هو حال العمدة في البوادي والقرى المصرية.
وعلى العموم، نسجل، إلى حد كبير، غياب الثقافة السياسية بين شباب البوادي والأرياف العربية، بغياب فروع الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والحرفية التي تتمركز، غالبا، في المدن والحواضر. ناهيك عن ضعف الأداء الحزبي والنقابي بصفة عامة في المجتمع العربي بسبب فقدان الثقة في هذه المؤسسات المدجنة. ناهيك عن غياب الديمقراطية الحقيقية، وغياب المشاركة السياسية، وانعدام الحريات وحقوق الإنسان، وتدني الوعي السياسي، وغطرسة الحكم الاستبدادي، وفساد النظام السياسي، والعزوف السياسي، وفساد الانتخابات، وغياب النزاهة والمصداقية والشرعية.
ومن هنا، نلاحظ عزوفا سياسيا عاما لدى معظم الشباب العربي في البوادي والأرياف؛ بسبب غياب التنمية الشاملة والمستدامة، وإحساسهم بالإقصاء والتهميش والضياع والاغتراب، وتأرجحهم بين الحياة والموت، وانعدام مرافق التعليم والصحة والترفيه، وغياب فرص العمل حتى في مجتمعات الخليج العربي المعروفة باقتصاد الريع. لذا، لايهتم هؤلاء الشباب بالشأن العام الداخلي والخارجي لبلدانهم إلا في حالات نادرة. ناهيك عن الحروب الأهلية الطائشة التي ساهمت، بعد ثورات الربيع العربي، في تهجير أبناء البوادي إلى المدن ، أو إلى مناطق نائية، أو إلى دول مجاورة، كما هو حال العراق، وسوريا، واليمن، وليبيا، والصومال، ولبنان…
المبحث الثالث: شباب الحواضر و مدى اهتمامهم بالشأن الداخلي والخارجي لبلدانهم
إذا كان شباب الأرياف والبوادي يتميزون باللامبالاة والعزوف السياسي على جميع الأصعدة و المستويات والمجالات، فإن شباب المدن والحواضر، في المجتمع العربي، يهتمون بأمور بلادهم السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي، سواء أكانت مشاركتهم إيجابية أم محايدة أم سلبية.
ولقد كان شباب الحواضر أكثر نشاطا ومشاركة ووعيا في سنوات الستين والسبعين والثمانين والتسعين من القرن الماضي، بعد صعود أحزاب اليسار التي كانت أحزابا شعبية راديكالية تعارض توجهات الأحزاب اليمينية من جهة، وتعارض سياسة الحكام من جهة أخرى، كما يبدو ذلك في معظم الدول العربية بشمال أفريقيا . بيد أن السلطات الحاكمة كانت تمنع هذه الأحزاب المعارضة من أداء دورها السياسي والإيديولوجي كما يجب، بإغلاق مقراتها ، ومصادرة صحفها ومطبوعاتها وكتبها وبياناتها ومنشوراتها، ومحاكمة زعمائها. ناهيك عن انقلابات عسكرية عديدة شهدها المجتمع العربي، منذ استقلال الدول العربية، بعضها نجح ، وبعضها فشل، كما يبدو ذلك واضحا في العراق، ومصر، والجزائر، والمغرب، وليبيا ، وموريطانيا ، والسودان ، والصومال… ؛ مما أثر ذلك في الوضع السياسي للبلدان العربية بشكل سلبي، ولاسيما بعد فشل ثورات الربيع العربي في جل الدول العربية، وإن كانت ثورة تونس قد فشلت بدورها ، على الرغم من الانتخابات الديمقراطية الشكلية التي زادت في تعميق أزمات الدولة، وكانت سببا في تردي الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية. وقد نتج عن ذلك كله عزلة الشباب العربي عن المشاركة في الأحزاب السياسية الموالية للحكام والسلاطين والرؤساء، أو الانخراط في العمل السياسي بشكل عام، وخاصة بعد فشل التجارب الحكومية والحزبية والبرلمانية في جل الدول العربية.
ولقد ازداد العزوف السياسي عند الشباب في مدن المجتمع العربي، بعد فشل تجارب الأحزاب الوطنية واليسارية والإسلامية. وفي الوقت نفسه، تعاظمت قوة المجتمع المدني بعد فشل الأحزاب السياسية والنقابات العمالية ، وأصبح قوة مهددة وضاغطة على الدول العربية ، مادام هذا المجتمع المدني إطارا جمعويا عفويا غير منظم وغير مؤطر. وبالتالي، يصعب التحكم في انفعالاته وثوراته وانتفاضاته.
ولم يقتصر اهتمام شباب الحواضر والمدن في المجتمع العربي على الشأن العام الداخلي لدولهم ، بالتركيز على قضايا التنمية الداخلية على جميع الأصعدة والمستويات ، بل اهتموا كذلك بأمور الأمة على الصعيد الخارجي، كالاهتمام بمسار القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، والتوقف عند تداعيات الحروب الأهلية بسوريا، واليمن، والعراق، وليبيا، ومصر…علاوة على سبر أغوار ملف الدواعش والإرهابيين والمتطرفين على الصعيدين المحلي والدولي، والخوض في القضايا الأفريقية والأوروبية والأميريكية والآسيوية بمختلف ملفاتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والرياضية، والأمنية. علاوة على الاهتمام بقضايا المسلمين في معظم البلدان العربية والإسلامية ( الروهينغيا، وأفغانستان، والباكستان، والشيشان…)، والاهتمام بالملف النووي الإيراني، وتتبع ملف التشيع في الوطن العربي، وترقب أحوال الصراع العربي داخل مجلس الخليج العربي (قطر، والسعودية، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة)، والخوض في الملف اليمني وفق ما تثبته الأجندات الداخلية والخارجية…
ومن هنا، ستظل مشاركة الشباب العربي في المدن والحواضر مشاركة بارزة وفعالة ومتميزة عربيا، سواء أكانت مشاركة إيجابية، أم مشاركة محايدة، أم مشاركة معارضة.
وإذا كان شباب الحواضر العربية الكبرى أكثر حضورا وفعالية في السنوات التي خلت، فإن شباب المدن المهمشة والمقصية ، كما في تونس، والجزائر، والمغرب، وموريطانيا، وليبيا، أصبحت لهم كلمتهم في إشعال فتيل الحراك الاجتماعي من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، والحد من الفساد السياسي.
وغالبا، ما يحتكم شباب المدن إلى البرامج السياسية للأحزاب السياسية المتعددة، بالميل نحو الأحزاب اليسارية المعارضة، أو الميل نحو الأحزاب الإسلامية التي تستغل الدين للوصول إلى السلطة ، أو الانخراط في الأحزاب أو الجماعات الممنوعة بقوة القانون (جماعة العدل والإحسان بالمغرب، والأحزاب الإسلامية والسلفيين والجهاد بمصر، وحركة أحرار البحرين الإسلامية وحزب الوفا الإسلامي بالبحرين، إلخ…) …
وعلى العموم، يمكن الخروج بمجموعة من الملاحظات المتعلقة بالاهتمام الشبابي الحضري العربي بشؤون دولهم الداخلية والخارجية، ويمكن حصرها في النقط التالية:
برزت ظاهرة العزوف السياسي ، بما فيه العزوف الانتخابي، في المجتمع العربي، عند الشباب القاطنين بالمدن والحواضر بعد فشل الربيع العربي، وانتشار الحروب الأهلية، وتدمير الوطن العربي، وانتشار الفساد الإداري والسياسي، وتعاظم القوى السياسية المستدبة، وفشل الأحزاب السياسية الإسلامية. وقد اتسع ذلك العزوف اتساعا كبيرا بعد سنوات الألفية الثالثة، بمقاطعة الانتخابات المزيفة والمزورة والمطبوخة مسبقا، والنفور من العمل السياسي نظرية وخطابا وممارسة وأداء ومشاركة، وعدم الثقة في الأحزاب السياسية أو في النقابات العمالية، وعدم الانشغال بالشأن العام الداخلي أو الخارجي لدول الوطن العربي؛ لأن الخطاب السياسي العربي، بصفة عامة، مجرد شعارات طوباوية ، أو خطاب ديماغوجي أو إيديولوجي فارغ ، ولم يتعد ذلك إلى ممارسة عملية واقعية حية وفعالة. ناهيك عن كون الأحزاب السياسية العربية لاتؤمن بالديمقراطية الداخلية، فالأمين العام للحزب لايتغير عبر انتخابات المؤتمرات المزيفة المتوالية، بل يظل على كرسي الأمانة حتى يشيخ أو يموت ليتولى ابنه أو أقرباؤه الحكم بعد ذلك. بعني أن ثمة وراثة مستدامة على مستوى الحكم من جهة، وعلى مستوى الأحزاب السياسية والنقابات العمالية من جهة أخرى. ومن ثم، ليست هناك ديمقراطية مواطنة حقيقية. وهذا هو السبب الذي جعل الشباب العربي بالحواضر والمدن يبتعدون عن الأحزاب والنقابات، مادامت غير ديمقراطية، وغير عادلة إطلاقا. وفي الوقت نفسه، تظل مكاتبها السياسية المركزية مغلقة في وجه الشباب بصفة عامة.
ويلاحظ كذلك أن الأمين العام وأصحابه المقربين أو المناضلين أو أفراد العائلة هم وحدهم الذين يصلون إلى الحكم أو إلى البرلمان بطرائق مشروعة أو غير مشروعة، ثم يتنافسون على المال والجاه والسلطة والنساء ضمن ما يسمى بالفساد السياسي.
للعزوف السياسي عند الشباب العربي بالحواضر عوامل ذاتية وموضوعية، يمكن حصرها في استبداد النظام السياسي ، وفساد المخزن، وغياب الديمقراطية الحقيقية، وانتشار الفساد بمختلف أنواعه، وضعف أداء الأحزاب السياسية الوطنية، وتداخل العمل النقابي بالعمل السياسي، ولامبالاة الحكومات السياسية، وضعف المشهد البرلماني، وغياب معارضة حزبية وبرلمانية حقيقية، وغياب الفعالية على مستوى المشاركة السياسية، وضعف الثقافة السياسية، وغياب التنشئة السياسية الفعالة، وعدم وجود نخبة سياسية عضوية قائدة لتأطير الشباب وتوعيتهم وتوجيههم وجهة سياسية إيجابية. ومن هنا، فالعزوف السياسي أنماط متباينة ، “وليس نمطا واحدا، فهناك عزوف موقفي مبني ومؤسس، وواع بأهدافه ومراهناته السياسية والاجتماعية، وهناك عزف ناجم عن بدائل استقطاب متعددة مثل الانشغال بثقل الأعباء اليومية وبعض أشكال التدين والتصوف، أو تفضيل العمل الجمعوي والثقافي، أو تعاطي المخدرات وارتياد الملاهي ومقاهي الأنترنيت ونوادي الألعاب الرياضية…وهناك عزوف لامبال ناتج عن نفور مجاني من المشاركة السياسية عموما كنوع من الرفض للواقع الاجتماعي والسياسي.”[16]
وأكثر من هذا فلقد تحول العمل السياسي ، في الساحة السياسية العربية، إلى لعبة إيديولوجية ميكيافيلية قائمة على المراوغة، والمكر ، والخداع، والدهاء، والتسويف، ودغدغة عواطف الشباب بغية الوصول إلى الحكم من أجل الاستفادة من الامتيازات المادية والمالية والمعنوية.
يمكن الحديث عن أنواع وفئات متعددة من شباب الحواضر بالمجتمع العربي، كالشباب الجامعي، وشباب المجتمع المدني، وشباب الأحزاب السياسية، وشباب النقابات العمالية، والشباب الحاكم، والشباب المثقف، وشباب التنظيمات والجمعيات والأحزاب الدينية والإسلامية، والشباب الرياضي، والشباب اللامبالي، والشباب المنشق المعارض، والشباب الراديكالي المتطرف، والشباب الفايسبوكي، والشباب المدافع عن الهويات العرقية واللغوية كما في الجزائر، والمغرب، وتونس، وليبيا…
ويمكن تصنيف هؤلاء الشباب الحضري ضمن ثلاث فئات كبرى على النحو التالي:
أ- الفئة الإيجابية المنخرطة من خلال اهتمامها بشؤون الدولة الداخلية والخارجية كشباب الجامعات و الأحزاب السياسية والنقابات العمالية؛
ب- الفئة المحايدة التي لها موقف معين من سياسة الدولة الداخلية والخارجية كالشباب المثقف الواعي؛
ج- الفئة المعارضة السلبية التي تلتجىء إلى آليات الحجاج، والحراك الاجتماعي، والرفض، والإضرابات، والمظاهرات، والمقاطعة كشباب الضواحي المهمشة في تونس، والمغرب، والجزائر؛ والجمعيات الإسلامية والدينية المعارضة في مصر، والمغرب، والأردن، والجزائر، وتونس، إلخ…
تراجع نسبة المشاركة السياسية لدى الشباب العربي بصفة عامة، وشباب المدن والحواضر بصفة خاصة، من انتخاب إلى آخر، بفعل تكرار الانتخابات السياسية الفاسدة والمزورة التي سئم منها الشباب والكبار.
يمكن الحديث عن عوامل ذاتية وموضوعية عدة وراء نفور الشباب الحضري العربي من المشاركة السياسية ، وعدم الانشغال بأموردولهم الداخلية والخارجية، وفق استمارات واستجوابات ميدانية، ويمكن تحديد هذه العوامل في غياب ثقة الشباب في الأحزاب السياسية التي تتناسى حاجيات الشباب ورغاباتهم عند وصولها إلى سدة الحكم، وعدم الاطمئنان إلى أدائها في الحكم والمعارضة، وعدم امتلاكها السلطة الحقيقية التي يمتلك الحكام فعليا، وعدم الاقتناع بالشخصيات المنتخبة التي توضع في بداية اللائحة الانتخابية، وضعف البرامج السياسية، وعدم واقعيتها على مستوى الأداء والإنجاز والممارسة، وتفشي ظاهرة الفساد السياسي والإداري، ثم ضعف المستوى التعليمي لدى المرشحين لتولي زمام السلطة ؛ لأن أغلب هؤلاء أميون جهلة من أصحاب النفوذ والأموال ، هدفهم الأول هو حماية ممتلكاتهم في إطار الحصانة البرلمانية أولا، ثم التهرب من فاتورة الضرائب من جهة ثانية، ثم الحصول على الامتيازات المادية والمالية والمعنوية من جهة ثالثة. دون أن ننسى أن الإحساس بالإحباط هو من العوامل الرئيسة التي تجعل الشباب العربي في المدن والحواضر لايهتمون بأمور السياسية الداخلية والخارجية لبلادهم بشكل أخص. وقد يتحقق هذا الإحباط النفسي بعجز المجالس المحلية عن حل مشاكل الشباب المختلفة، وقصورهم في إيجاد الحلول الواقعية المستعجلة لمختلف أزماتهم الكثيرة٬ منها أزمة السكن، وظاهرة البطالة، وظاهرة الفساد الإداري، وغياب الخدمات. وثمة سبب آخر يتمثل في الوعود الوهمية الزائفة التي يئس منها الشباب العربي الحضري والبدوي معا من فينة لأخرى، أو من انتخاب لآخر.
وهناك أسباب أخرى للعزوف السياسي تتمثل في غياب الديمقراطية الحقيقية، وغياب منظومة حقوق الإنسان ممارسة وتطبيقا وواقعا، وفقدان المواطنة الحقيقية، وغياب الاهتمام بالمواطن العربي باعتبارها كائنا إنسانيا، وتهافت السلطة الحاكمة على جمع الثروات ونهبها، واستغلال المرفق العام لتحقيق أغراضها وامتيازاتها المادية والمعنوية. ناهيك عن غياب المواطنة الحقيقية، وضعف المجتمع المدني، وتراجع الأداء الحزبي والنقابي، وحياد المثقف العربي، وعدم وجود نخبة سياسية مؤطرة وقائدة وكاريزمية، كما كان ذلك في سنوات الخمسين والستين والسبعين والثمانين من القرن العشرين ( جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وصدام حسين، ومعمر القدافي، وحسين آيت أحمد ، وعبد الرحيم بوعبيد، والحبيب بورقيبة…)
علاوة على إقصاء الكفاءات السياسية الفاعلة والمنتجة والمتميزة على الصعيد العربي، ولاسيما الكوادر والنخب السياسية المعارضة، بممارسة لغة التهميش واللامبالاة في حقهم، ومنعهم من أي مشاركة إعلامية تظهر قدراتهم وكفاءاتهم ومهاراتهم المتميزة، حتى أضحى الإعلام العربي بوقا للتدجين والاستلاب والتخدير المجاني، يعتمد على قنوات إيديولوجية تمارس العنف الرمزي في حق الشباب العربي المقهور والمنخور على جميع الأصعدة والمستويات.
و أكثر من هذا لايستطيع شباب الوطن العربي التعبير بحرية وصدق عن مواقفهم السياسية؛ بسبب سلطة القهر والقمع والمحاسبة والتضييق.وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على غياب الديمقراطية الحقيقية في الوطن العربي، وانعدام مفهوم المواطنة، وغياب المفهوم الحقيقي للمجتمع المدني الفعال والمنتج، في ظل أنظمة إقطاعية مستبدة تقليدية وتيوقراطية لاشرعية لها، همها الوحيد هو ترويع الشعوب الآمنة، بتوظيف الدين في تخديرها من جهة أولى، والتهديد باللجوء إلى السلاح العسكري من جهة ثانية، وتوظيف الإعلام الزائف لاستلاب الشباب من جهة ثالثة.
وللتمثيل، فلقد استجوبت جريدة (الاقتصادي/ L’Economiste) المغربية عينة من الشباب المغاربة ، فكانت النتيجة ألا أحد ” من الشباب المبحوثين تقريبا يعلن انخراطه في نشاط جمعوي أو سياسي، وأن 95 بالمائة من هؤلاء الشباب يجمعون على القول إنهم لايجدون ذواتهم في أي تيار سياسي، و 68 بالمائة منهم يصرحون فقدانهم الثقة في السياسة كلية، و73 بالمائة من العينات موضوع الدراسة المشار إليها يرون أن الذين يمثلونهم في المجالس الممنتخبة يقومون بذلك بكيفية سيئة.”[17]
ويمكن الحديث كذلك عن مجموعة من الممارسات السلوكية السيئة التي تدفع الشباب العربي إلى الانزواء والابتعاد عن السياسية، كالغش والتزوير، واستعمال الرشوة والزبونية، وبلقنة الخريطة السياسية، وإخضاع التقطيع الانتخابي للسلطة التقديرية لوزارات الداخلية[18]. ناهيك عن استعمال الدين لاستغلال الشباب والوصول إلى السلطة.
المبحث الرابع: المشترك والمختلف بين شباب الأرياف والحواضر في المجتمع العربي
فيما يتعلق بالمختلف بين شباب الأرياف والحواضر في المجتمع العربي، نثبت أن الشباب العرب الموجودين بالبوادي والأرياف لايبالون بالشؤون السياسية لبلدانهم بشكل كبير على المستويين الداخلي والخارجي ؛ والسبب في ذلك انعدام البنية التحتية الملائمة على جميع الأصعدة والمستويات، وغياب المؤسسات السياسية ، وضعف المجتمع السياسي، وغياب الثقافة السياسية لغياب التنشئة السياسية للأحزاب السياسية من جهة، وانعدام التكوين النضالي للنقابات العمالية والمهنية من جهة أخرى. ناهيك عن التأثيرات السلبية للهجرة والفقر والأمية والجهل والتخلف والبطالة والهدر المدرسي في المشاركة السياسية ، والانخراط في شؤون الدولة على الصعيدين الداخلي والخارجي. ومن ثم، ففاقد الشيء لايعطي بطبيعة الحال. وإذا كانت هناك مشاركة سياسية، أو اهتمام بالشأن العام الداخلي أو الخارجي في البوادي العربية، فتبقى تلك المشاركة محدودة وضيقة ونسبية لايمكن القياس عليها، وليس لها أي تأثير فعال في القرارات السياسية التي تتخذها السلطات العربية الحاكمة.
أما شباب المدن والحواضر في المجتمع العربي، فهم أكثر مشاركة مقارنة بشباب البوادي والأرياف؛ بسبب نضج وعيهم السياسي، واكتسابهم للثقافة السياسية المتينة، والاستفادة من التنشئة الاجتماعية في حضن الأحزاب السياسية والنقابات العمالية منذ سنوات السبعين من القرن الماضي إلى غاية سنوات التسعين؛ فترة بداية العزوف السياسي.ومن ثم، فمشاركة الشباب في الحواضر والمدن مشاركة إيجابية بكل المعاني، فهي، أولا ، مشاركة منخرطة فاعلة ومثمرة بالفعل والممارسة .وثانيا، فهي مشاركة بالرفض والامتناع والمقاطعة والاحتجاج والتظاهر والثورة والتطرف. وثالثا، فهي مشاركة محايدة لدى الشباب المثقفين الذين يرفضون التعامل مع ماهو سائد من الأنظمة والحكومات السياسية الفاسدة. فضلا عن تكتل الشباب في منظمات المجتمع المدني للضغط على الحكومة لتغيير قراراتها السياسية أو تثبيتها أو تعديلها أو توجيهها.
والمختلف أيضا أن شباب المدن والحواضر أكثر وعيا وعلما ومعرفة ، كما يبدو ذلك جليا في تنظيم مظاهرات وإضرابات واحتجاجات سلمية ناجحة في المدن العربية الكبرى.في حين، يميل شباب البوادي والقرى إلى العنف والتطرف والتشدد واستعمال القوة مع العسكر والسلطة الحاكمة ؛ بسبب كثرة الإحباط والقلق والخوف من المستقبل المتردي في واقع موبوء ومنحط ميؤوس منه.
ومن ناحية أخرى، يستعمل شباب المدن والحواضر الوسائل الإعلامية الرقمية والإلكترونية والمنشورات الورقية بكثرة، إذا ما قورن ذلك بأغلب شباب البوادي الذين مايزالون يفتقدون الكهرباء من جهة، ولايملكون أجهزة الحاسوب والإنترنيت من جهة أخرى.
بيد أن المشترك – اليوم- الذي يجمع بين هذين النوعين من الشباب العربي هو الفقر المدقع، والبطالة المتزايدة ، والمعاناة السيزيفية، ومواجهة الواقع العربي بالانزواء، والعزوف السياسي، وعدم المشاركة في الانتخابات المزيفة، وعدم الانشغال بالشأن العام الداخلي والخارجي، على الرغم من وجود مشاركة نسبية عبر الفايسبوك والأنترنيت لجيل جديد من الشباب العربي الذين يستعملون سلاح المقاطعة والتثوير والعنف والتطرف والإرهاب لمواجهة الظلم و الاستبداد والفساد بكل أنواعه فضحا، وتشهيرا، وتعرية، ونقدا، وسجالا…
هذا، ولقد عجزت الدول العربية عن تحقيق التنمية البشرية المستدامة في البوادي والحواضر العربية ، وقد نص برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على أربع دوائر للحرمان، وهذا نص التقرير:
” أولا الحرمان والتهميش الاجتماعي…من صحة وتعليم ونظم الحماية الاجتماعية؛
وثانيا التهميش الاقتصادي…وتراجع مستوى الدخل والأمن الغذائي بسبب التضخم وتدهور البيئة…وهيمنة الاحتكار…وعجز السياسات الكلية عن مجاراة التغيرات في التوقعات لدى جيل الشباب العربي، أما الدائرة الثالثة…، فهي دائرة السياسة والحكم بكل أبعادها ، خصوصا فيما يتعلق بحوكمة التنمية، حيث سيادة مؤسسات شديدة المركزية لاتملك الحد الأدنى من الشفافية والمساءلة والمحاسبة أو المشاركة…
أما الدائرة الرابعة، فهي الخلل الشديد في موارد المياه والتربة والطاقة، وارتباطها باستدامة النمو والعجز في الموازنات الحكومية…[19]“
ومازالت التنمية في العالم العربي قاصرة عن تحقيق أهدافها الإستراتيجية الناجعة لوجود اقتصاد الريع، وعدم تنويع المداخل والمخارج الاقتصادية، وهيمنة القطاع التقليدي على مستوى المنتج الفلاحي أو الصناعي، وكثرة الواردات مقارنة بالصادرات،وفشل السياسات التنموية والإيكولوجية، وهدر الطاقات والموارد الإنتاجية بشكل دائم ومستمر ، والاكتفاء بتصدير المواد الخام، أو تصدير المنتجات الطاقوية التي تعرف أسعارها تقلبات دورية في السوق، وعدم الاهتمام بالبحث العلمي والتقني، وعدم تطوير البنيات التعليمية والصحية والاستشفائية والصناعية، و التبعية للدول الأجنبية، وتفاوت بين الدول العربية على مستوى الدخل الفردي من درجة مرتفع جدا (الكويت، وقطر، والإمارات العربية المتحدة) إلى درجة متوسط (المغرب، وتونس، ولبنان) ، ودرجة ضعيف(اليمن، ومصر، وسوريا).
ناهيك عن مجموعة من الأدواء الإيكولوجية والبيئية والاجتماعية، مثل: الجفاف، والتصحر، والفقر، والهشاشة، ونضوب الموارد الطبيعية، وقلة التغذية، ونقص المياه الصالحة للشرب، والتلوث، وازدياد النمو الديمغرافي الكبير في بعض الدول كمصر، والمغرب، والجزائر… دون أن ننسى بعض الويلات والآفات الخطيرة والسلبية كالاستعمار (فلسطين)، والتطرف، والإرهاب، والتكفير، والحروب بين الإخوة العرب، والصراع المذهبي والسياسي والحركي، وهجرة المواطنين والأدمغة العلمية إلى الخارج بطرائق شرعية أو غير شرعية…
وعلى الرغم من ” الجهود التنموية التي شهدتها العقود المنصرمة، فإن جميع الأقطار العربية ماتزال تعتبر ضمن مجموعة بلدان العالم الثالث، حيث تعاني اقتصادياتها من مظاهر التخلف والتبعية التجارية للخارج…فما تزال بقايا العلاقات الأبوية وشبه الإقطاعية البالية تعيق تطور العلاقات الإنتاجية الرأسمالية ، وتطور المجتمع المدني الحديث. كما تعيق تحقيق عملية التنوير الضرورية للمجتمع التي تحققت في أوربا منذ قرون. وفي الوقت الذي لم تحقق هذه المجتمعات ثورتها الصناعية الأولى، يمر العالم العربي بالمرحلة الثالثة من الثورة الصناعية، وهو تعبير عن الفجوة الحضارية والتقنية التي تفصل العالم الغربي عن العالم العربي الإسلامي حاليا. فما يزال الاقتصاد الوطني وحيد الجانب ومشوها وريعيا[20]، سواء كان زراعيا أم نفطيا، كما أن الصناعة لاتزال ضعيفة التطور، ومشوهة البنية حتى في أكثرها تقدما.ويتجلى ذلك في اعتماد هذه البلدان الواسع على الاستيراد لتغطية نسبة عالية جدا من حاجاتها المحلية، وفي تشوه البنية الاجتماعية، وتخلف الوعي الاجتماعي للسكان، والمستوى الضعيف لتطور المجتمع المدني سياسيا وحضاريا. فإلى جانب تخلف البنية الاجتماعية تنتشر الأمية على نطاق واسع وخاصة في الريف وبين النساء.”[21]
ويعني هذا كله أن العالم العربي لم يتجاوز بعد التنمية الاقتصادية المحضة التي تستهدف النمو ، لينتقل ، بعد ذلك، إلى أنواع أخرى من التنمية كالتنمية الاجتماعية، والتنمية البشرية، والتنمية المستدامة، والتنمية الثقافية الشاملة، والتنمية الحقوقية .لكننا نلاحظ أن التنمية في العالم العربي يهددها الاستغلال والحروب والتبعية الأجنبية من جهة، والعنف الداخلي القائم على التطرف والإرهاب والثورة من جهة ثانية.
ومن هنا، يسهم ضعف التنمية، وفشل الأنظمة السياسية في توليد العنف السياسي عند الشباب العربي من جهة، وعدم الثقة في حكوماتهم من جهة أخرى. ومن ثم، فالعزوف السياسي للشباب العربي، يقول الباحث السوسيولوجي المغربي عبد الله حمودي في كتابه (مصير المجتمع المغربي) ” هو نقد ضمني للممارسة السياسية للمجتمع وللمجتمع السياسي لمساره العام اليوم وهذا في ظني أمر خطير جدا هذا الابتعاد من قبل الشباب عن العمل السياسي يمكن أن يفرز ممارسات لها أبعاد ومغازي سياسية ضمنية (احتجاج، رفض…) لم نتوصل بعد لتأويلها بشكل دقيق، ومن جهة أخرى هذا الابتعاد وهذا الاحتجاج يمكن لهما أن يفضيا إلى أعمال خطيرة في المجال العام في تحركات هذا الشباب غير المؤطر، كالفوضى في الشارع أو عدم احترام القانون أو المس بكرامة الناس، وحتى التظاهر السياسي والاجتماعي في الشارع يمكن أن تنجم عنه أعمال تخريب في الممتلكات وهو ما قد يثير غضب الدولة لترد على هذه الأعمال بشكل قوي وصارم مما سيفرز نتائج دامية وضحايا كثرا، والأكثر خطورة من كل هذا أن هذه النتائج الدامية لاتكون لها فائدة في مجال التعبير عن رؤية جديدة أو أنها لاتكون سببا في المراجعة العامة للسياسة حتى نقول: إن ضحايا هذه الحوادث جاءت بنتيجة.”[22]
ومؤخرا، يمكن الحديث عن ظاهرة لافتة للانتباه تتمثل في تراجع أداء الأحزاب السياسية عن مهامها النضالية الحقيقية، وضعف دورالنقابات العمالية في توجيه الشباب سياسيا ومهنيا وحرفيا، ليحل محلها المجتمع المدني الفايسبوكي الذي التجأ إلى سلاح النقد والفضح والتعرية للتأثير في القرارات السياسية والاقتصادية التي تتخذها الحكومات العربية من جهة، أو يتخذها سماسرة الاقتصاد لتجويع شعوب المجتمع العربي من جهة أخرى.
الخاتمة:
تلكم ، إذاً، نظرة مقتضبة إلى واقع الشباب العربي في البوادي والأرياف؛ ذلك الواقع الذي يتميز بعدم انشغال الشباب بأمور دولهم وشؤونها السياسية والمجتمعية داخليا وخارجيا. بمعنى أن اهتمامهم بأمور السياسية محدود وضعيف جدا ؛ بسبب غياب البنيات التحتية، وانعدام الوعي السياسي، وانتشار الفقر و الأمية والجهل والتخلف. ناهيك عن غياب الإعلام الرقمي والإلكتروني، واستعمال القوة والعنف والتطرف في ممارسة الرفض والاحتجاج والمقاومة وقيادة الحراك الاجتماعي.
أما شباب الحواضر والمدن العربية، فهم أكثر اهتماما بالشؤون السياسية لبلدانهم ؛ بسبب انتشار الوعي السياسي والحزبي والمدني، ووجود البنيات والمؤسسات السياسية والثقافية بشكل وافر، وتعاملهم المستمر مع التكنولوجيا الرقمية المعاصرة في الاحتجاج والرفض والمقاطعة والمشاركة .بيد أننا نسجل عزوفا سياسيا لدى هؤلاء الشباب منذ تسعينيات القرن الماضي وسنوات الألفية الثالثة.
أما المشترك بين هؤلاء الشباب العربي، سواء أكانوا في البوادي أم في المدن، فيتمثل في الإحساس بالمعاناة المجتمعية والسياسية نفسها، والميل نحو العزوف السياسي النسبي من فئة إلى أخرى بسبب انعدام الثقة في السلطة الحاكمة من جهة، وضعف الأداء عند الأحزاب السياسية والنقابات المهنية من جهة أخرى.
بيد أن المستقبل السياسي الإيجابي والحقيقي فهو للمجتمع المدني الذي سيرسم خرائط سياسية جديدة ومتنوعة للوطن العربي، ولاسيما الشباب العربي الفايسبوكي الذي يمتلك مؤهلات رقمية وإعلامية خارقة، وملكات كفائية هائلة ستجعله قادرا على الإنجاز والفعل والتغيير .
الهوامش:
[1] –Jacques Donzelot et Renaud Epstein, Démocratie et participation : l’exemple de la rénovation urbaine, Esprit, juillet 2006, p. 5 à 34.
2- سامية خضر صالح: المشاركة السياسية والديمقراطية: اتجاهات نظرية ومنهجية حديثة تساهم في فهم العالم من حولنا، طبعة 2005م، ص:20.
3- سامية خضر صالح: المشاركة السياسية والديمقراطية: اتجاهات نظرية ومنهجية حديثة تساهم في فهم العالم من حولنا، ص:21.
4-David Easton: A Systems analysis of political life, New York, Wiley, 1965, p: 32.
5- جاسم سلطان: قواعد في الممارسة السياسية، الشبكة العربية للابحاث والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى سنة 2015م، ص:73.
6- جاسم سلطان: قواعد في الممارسة السياسية، ص:73-74.
7- جاسم سلطان: نفسه، ص:74-75.
8- نبيل الأندلوسي: العزوف السياسي بالمغرب، طوببريس، الرباط، المغرب، الطبعة الاولى سنة 2016م، ص:19-20.
9- إبراهيم أبراش: علم الاجتماع السياسي، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى سنة 1998م، ص:250.
10- نقلا عن جميل عودة: (المشاركة السياسية وجه آخر للعدل)، موقع الحياة، 16ديسمبر2017م،
الرابط: http://www.alhayat.com/article/
11- سامية خضر صالح: المشاركة السياسية والديمقراطية: اتجاهات نظرية ومنهجية حديثة تساهم في فهم العالم من حولنا، طبعة 2005م، ص:17.
12- محمد ياسر الخواجة: علم الاجتماع الحضري، مصر العربية للنشر والتوزيع، طبعة 2010م، ص:227.
13- خالد بنجدي: مدخل إلى علم السياسة، د.ت، الطبعة الثانية 2014م، ص:104.
14-خالد بنجدي: مدخل إلى علم السياسة، ص:105.
15- صموئيل هانتغتون: النظام السياسي لمجتمعات متغيرة، دار الساقي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 2015م، ص:50.
16- نبيل الأندلوسي: العزوف السياسي بالمغرب، ص:176.
17- سعيد بنسعيد العلوي: شروط المصالحة مع السياسة بالمغرب، منشورات الزمن، كتاب الجيب، العدد51، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2006م، ص:14-15.
18- نبيل الأندلوسي: نفسه، ص:180-181.
19- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير تحديات التنمية في المنطقة العربية 2011: الدوائر الأربعة للحلقة المفرغة: حالات قطرية (عبد الله الدردري)، صص:1-2.
20- اقتصاد الريع هو اقتصاد يقوم على الحصول على دخل دوري ومنتظم ناتج عن ترويج سلعة أو توظيف رؤوس أموال ، وليس عن عمل أو وظيفة محددة.
21- كاظم حبيب: (العولمة ومخاوف العالم العربي)، مجلة عيون، عدد11، سنة 2001م.
22- عبد الله حمودي: مصير المجتمع المغربي، دفاتر وجهة نظر، العدد الخامس، مطبعة النجاح الجديدة، الدار اليضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2004م، ص:39.
ثبت المصادر والمراجع
المراجع باللغة العربية:
1- إبراهيم أبراش: علم الاجتماع السياسي، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى سنة 1998م.
2- جاسم سلطان: قواعد في الممارسة السياسية، الشبكة العربية للابحاث والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى سنة 2015م.
3- خالد بنجدي: مدخل إلى علم السياسة، د.ت، الطبعة الثانية 2014م.
4- سامية خضر صالح: المشاركة السياسية والديمقراطية: اتجاهات نظرية ومنهجية حديثة تساهم في فهم العالم من حولنا، طبعة 2005م.
5- سعيد بنسعيد العلوي: شروط المصالحة مع السياسة بالمغرب، منشورات الزمن، كتاب الجيب، العدد51، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2006م.
6- صموئيل هانتغتون: النظام السياسي لمجتمعات متغيرة، دار الساقي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 2015م.
7- عبد الإله بلقزيز :العنف والديمقراطية، كتاب الجيب، الكتاب الثاني، منشورات الزمن، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1999م.
8- عبد الله حمودي: مصير المجتمع المغربي، دفاتر وجهة نظر، العدد الخامس، مطبعة النجاح الجديدة، الدار اليضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2004م.
9- محمد ياسر الخواجة: علم الاجتماع الحضري، مصر العربية للنشر والتوزيع، طبعة 2010م.
10- نبيل الأندلوسي: العزوف السياسي بالمغرب، طوببريس، الرباط، المغرب، الطبعة الاولى سنة 2016م.
المراجع الأجنبية:
11-David Easton: A Systems analysis of political life, New York, Wiley, 1965.
12-Jacques Donzelot et Renaud Epstein, Démocratie et participation : l’exemple de la rénovation urbaine, Esprit, juillet 2006.
13-Mounia -Bennani Chraïbi : Soumis et rebelles, les jeunes marocains, Le Fennec, Casablanca, 1995.
المقالات:
14- كاظم حبيب: (العولمة ومخاوف العالم العربي)، مجلة عيون، عدد11، سنة 2001م.
الدلائل:
15- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير تحديات التنمية في المنطقة العربية 2011: الدوائر الأربعة للحلقة المفرغة: حالات قطرية (عبد الله الدردري).
الروابط:
16- جميل عودة: (المشاركة السياسية وجه آخر للعدل)، موقع الحياة، 16ديسمبر2017م،
الرابط: http://www.alhayat.com/article/
[1] –Jacques Donzelot et Renaud Epstein, Démocratie et participation : l’exemple de la rénovation urbaine, Esprit, juillet 2006, p. 5 à 34.
[2] – سامية خضر صالح: المشاركة السياسية والديمقراطية: اتجاهات نظرية ومنهجية حديثة تساهم في فهم العالم من حولنا، طبعة 2005م، ص:20.
[3] – سامية خضر صالح: المشاركة السياسية والديمقراطية: اتجاهات نظرية ومنهجية حديثة تساهم في فهم العالم من حولنا، ص:21.
[4] -David Easton: A Systems analysis of political life, New York, Wiley, 1965, p: 32.
[5] – جاسم سلطان: قواعد في الممارسة السياسية، الشبكة العربية للابحاث والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى سنة 2015م، ص:73.
[6] – جاسم سلطان: قواعد في الممارسة السياسية، ص:73-74.
[7] – جاسم سلطان: نفسه، ص:74-75.
[8] – نبيل الأندلوسي: العزوف السياسي بالمغرب، طوببريس، الرباط، المغرب، الطبعة الاولى سنة 2016م، ص:19-20.
[9] – إبراهيم أبراش: علم الاجتماع السياسي، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى سنة 1998م، ص:250.
[10] – نقلا عن جميل عودة: (المشاركة السياسية وجه آخر للعدل)، موقع الحياة، 16ديسمبر2017م،
الرابط: http://www.alhayat.com/article/
[11] – سامية خضر صالح: المشاركة السياسية والديمقراطية: اتجاهات نظرية ومنهجية حديثة تساهم في فهم العالم من حولنا، طبعة 2005م، ص:17.
[12] – محمد ياسر الخواجة: علم الاجتماع الحضري، مصر العربية للنشر والتوزيع، طبعة 2010م، ص:227.
[13] – خالد بنجدي: مدخل إلى علم السياسة، د.ت، الطبعة الثانية 2014م، ص:104.
[14] – خالد بنجدي: مدخل إلى علم السياسة، ص:105.
[15] – صموئيل هانتغتون: النظام السياسي لمجتمعات متغيرة، دار الساقي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 2015م، ص:50.
[16] – نبيل الأندلوسي: العزوف السياسي بالمغرب، ص:176.
[17] – سعيد بنسعيد العلوي: شروط المصالحة مع السياسة بالمغرب، منشورات الزمن، كتاب الجيب، العدد51، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2006م، ص:14-15.
[18] – نبيل الأندلوسي: نفسه، ص:180-181.
[19] – برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير تحديات التنمية في المنطقة العربية 2011: الدوائر الأربعة للحلقة المفرغة: حالات قطرية (عبد الله الدردري)، صص:1-2.
[20] – اقتصاد الريع هو اقتصاد يقوم على الحصول على دخل دوري ومنتظم ناتج عن ترويج سلعة أو توظيف رؤوس أموال ، وليس عن عمل أو وظيفة محددة.
[21] – كاظم حبيب: (العولمة ومخاوف العالم العربي)، مجلة عيون، عدد11، سنة 2001م.
[22] – عبد الله حمودي: مصير المجتمع المغربي، دفاتر وجهة نظر، العدد الخامس، مطبعة النجاح الجديدة، الدار اليضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2004م، ص:39.