رحلة القارئ في النصوص الأدبية والفنية والحضارية: العبدري نموذجا Article:the reader’s journey in literary, artistic and civilizational texts : Al ـAbdari is a model
رحلة القارئ في النصوص الأدبية والفنية والحضارية: العبدري نموذجا
Article:the reader’s journey in literary, artistic and civilizational texts : Al ـAbdari is a model
سعيدة ابن الشرقي طالبة باحثة بسلك الدكتوراه تخصص السيميائيات وفلسفة الأدب والفنون بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس بالرباط ـ المغرب
Saida bencherqui,student researcher doctoral course specializing in semiology and philosophy of literature and arts, faculty of arts and humanities,Mohammed v University,Rabat ,Morocco
The literary text is a cognitive system bazed on knowledge,it is the body of speech that the writer is familiar with on humanitarian,social,intellectual,political and cultural issues.this is evident in the various literary texts:story,novel,poetry,essay,play, speeches and journey literature.
In this study ,we will examine a series of paths and concepts related to the literature of the journey.we will also stop at the letter of the journey from the traveler’s perspective,which is a model of fruitful and fruitful interaction with different cultures,with reference to the relationship of the traveler’ s speech to narrative heritage and it’s relation with reading theory ):reader,reading,waiting horizon( .
According,we approached this study from two angles:
1 ـ rebuilding the flight letter, according to the perspective of the AL ـAbdari reader.
2 ـ Monitor the interactions and fertile interactions between the culture of ALـ Abdari and other cultures.
ـ keywords :
The concept of the trip,reader and reading, horison waiting reader,competency, cultural cross ـ fertilization, interaction
ـ الملخص: يعتبر النصّ الأدبيّ منظومة معرفيّة تنبني على المعرفة، فهو متن الكلام الذي يعبر به الأديب عن قضايا إنسانية واجتماعية وفكرية وسياسية وثقافية، ويكون ذلك واضحاً في النصوص الأدبية المتنوعة، وهي: القصة، الرواية، الشعر، المقالة، المسرحية، والخطب وأدب الرحلة.
سنتناول في هذه الدراسة، مجموعة من المسارات والمنطلقات المتعلقة بأدب الرحلة، كما سنتوقف عند خطاب الرحلة من منظور الرحالة، الذي يعد نموذجا للتلاقح الخصب والمثمر مع الثقافات المختلفة، مع الإشارة إلى علاقة الخطاب الرحلي بالتراث السردي، ومقاربته في ضوء نظرية القراءة: (القارئ، القراءة، أفق الانتظار).
وبناء عليه، قاربنا هذه الدراسة من زاويتين:
إعادة بناء خطاب الرحلة، وفق منظور القارئ العبدري.
رصد التلاقحات والتفاعلات الخصبة، بين ثقافة العبدري والثقافات الأخرى.
ـ الكلمات المفتاحية:
مفهوم الرحلة، القارئ والقراءة، أفق انتظار القارئ، المثاقفة، التلاقح الثقافي، التفاعل.
تمهيد:
عرفت المجتمعات الإنسانية في مختلف العصور السابقة فن الرحلة والارتحال، وتنوعت هذه الرحلات بين العربية والأجنبية، التي طافت مختلف أنحاء العالم العربي الإسلامي والغربي، فقد كانت لكل منهم دورا لمعرفة الآخر، واستجلاء عالمه الأدبي والفكري والثقافي والحضاري. وتعددت بذلك الكتابات الرحلية في مجالات ارتبطت بتخصصات مؤلفيها في التاريخ والجغرافيا والأدب والخدمات السفارية وغيرها.
وبما أن الرحلة هي ترحال وسفر عبر القارات والمدن والعواصم، فإن المقصود بمفهوم رحلة العبدري في النصوص الأدبية والثقافية والفنية وغيرها، ما هو إلا تفاعل وتأثر وتأثير بين الثقافات والمجتمعات، بل هو حوار بين الحضارات ونقل لثقافة الآخر، إذن، فالعبدري هو قطب مشترك له دور إيجابي، في الاستفادة ومعرفة طريقة الآخر، وعاداته الفكرية والثقافية والأدبية من خلال استغوار نصوصه بمختلف أنواعها ومشاربها، وهو ما يمكن أن يصطلح عليه في العصر الحديث التناص أو التفاعل النصي INTERTEXTUALITE،[1] حيث اعتبره جيرار جنيت، مكونا أساسيا لكون التناص عبارة عن تفاعل نصي، لأن التاريخ الأدبي ما هو إلا نتاج إطلاع على نصوص أخرى .
إذن، كيف يتجلى هذا التفاعل والتلاقح الثقافي في الأدب والفن معا؟ وكيف استطاع القارئ إحداث هذا التفاعل من خلال نقل ثقافة الآخر؟ ما هي صوره الفكرية والعلمية والفنية؟ للإجابة عن هذه التساؤلات، ينبغي تحليل نموذج الرحلة عند العبدري، والوقوف على هذه التجليات الفكرية والأدبية والعلمية، والتطورات التي أحدثتها رحلته داخل الثقافة المغربية خصوصا والعربية على وجه العموم.
رحلة العبدري وخطاب الرحلة:
تعد الرحلة شكلا تعبيريا يوظف من خلاله الرحالة في كتاباته ضمير الأنا، باعتباره قارئا نموذجيا[2]lecteur modèle، محددا المقصود من هذه الرحلة، وهو الفعل التشاركي مع المؤلف، من خلال رسم فرضية لنفسه عن المؤلف، لأن أي عمل أدبي متوقف على فعل القراءة ، فالقارئ هو صنو الكاتب، يعيد بناء النص وفق معطياته الإبداعية، أي الدخول فيما يسميه إيكو بالعالم الممكن، وقد أشار العبدري بقوله:” ق 13 م “…..وبعد فإني قاصد بعد استخارة الله سبحانه إلى تقييد ما أمكن تقييده، ورسم ما تيسر رسمه وتسويده، مما سما إليه الناظر المطرق في خبر الرحلة إلى بلاد المشرق من ذكر بعض أوصاف البلدان، وأحوال من بها من القطان، حسبما أدركه الحس والعيان، قام عليه بالمشاهدة، شاهد البرهان من غير تورية ولا تلويح، وتقبيح حسن ولا تحسين قبيح…”[3].
ومن خلال هذا التحديد للخصوصية الخطابية للرحلة، يمكن الإشارة إلى أن القرن التاسع عشر، هو بداية التأريخ للرحلات العربية المكتوبة، مع اتساع دائرة التأليف في التصنيف لها، فتعددت الكتابات الرحلية في مجالات ارتبطت بتخصصات مؤلفيها في التاريخ والجغرافيا والأدب، والخدمات السفارية وغيرها، وقد استمرت هذه الرحلة التأريخية والتصنيفية إلى حدود القرن الثامن عشر، أو قبله بقليل.
إن الرحلة نص مفتوح على كافة الحقول بأشكال مكتملة أو جزئية، وقد عبر عن ذلك فلاديمير كريزنسكي، حين قال: “هي بطبيعتها متعايشة ومشاركة للتاريخ والميثولوجيا والأدب دون الحديث عن الإثنوغرافيا…إنها إحدى النماذج التيماتيكية والرمزية من الأدب الأكثر إنتاجا”[4]. حيث ربطها بالأدب العربي، الذي يعد نسقا عاما في إدماج خطاب الرحلة ضمن النسق الثقافي بكافة حقوله، ومد جسوره بدائرة الأدب لما يحمله من خطاب مباشر لصورة البلدان التي رحل إليها، وسيرهم وثقافاتهم الشعبية. فنص الرحلة ومحكيها بتعبير تودوروف[5]، وجد قبل الرحلات ؛ بمعنى أن المتخيل الذي شكل النص الرحلي عنصرا ونصا، كان هو المادة التي انفتحت على المعطيات الواقعية والاحتمالية.
وبهذا، تشكل الرحلة العربية في عموميتها، عنصرا وشكلا خالصا، ضمن دائرة معرفية منفتحة على أنواع أدبية أخرى صغرى وكبرى، هي ذلك البناء الذي يتناسل ويتوالد ويتشاكل باستمرار، ولها مميزات مشتركة تلتقي فيها مع مجمل الرحلات الإنسانية، لذلك يمكن النظر إلى الرحلة العربية من خلال معطياتهاّ؛ أي مضمونها وشكلها مقارنة مع باقي الأشكال التعبيرية في التراث السردي العربي، منها:
ـ التخييل الذاتي: استفادت الرحلة من أشكال تاريخية وأدبية مثل التراجم والسير والأخبار، كما تم دعم هذا النوع من النصوص الرحلية أثناء نقلها لأخبار وسير الآخرين بضمير المتكلم لإبراز الذات والهوية مقابل الآخر والغيرية.
ـ التنوع في الأشكال: لقد تنوعت أشكال الخطابات الرحلية وتعددت أنواعها، مما يعطي لقارئ هذه النصوص صورا وانطباعات، تدفع به إلى استجلاء أهدافها وخصوصياتها الأدبية والمعرفية.
ـ التنوع في الهوية الثقافية والاجتماعية: للرحالة المؤلف ما بين أديب ومؤرخ وجغرافي… وغيرها، مما مكنه من تقديم صورة عن هوية هذا النص الرحلي.
فمن خلال هذه المعطيات، التي تمت مناقشتها وتحليلها، يمكن القول، إن نص الرحلة له خصوصيات ثقافية وفنية وفكرية، تظهر من خلال دور الرحالة/ القارئ، هذا الأخير، الذي يجسد جل الأخبار والتراجم والأحداث التاريخية والفقهية، والنصوص القرآنية بضمير المتكلم، فهذا التنوع في الأشكال في حد ذاته، هو استجلاء للخصوصيات الأدبية والمعرفية للآخر، وتقديم صورة عن بلاده، فكل هذا هو نتيجة لكون الرحالة / المؤلف، له زاد معرفي من الأدب وحفظ الأشعار، فهي تأوي خطابات تتجه لأكثر من متلق، مما يولد جدلا يثري التأويل، ويجعل من خصوصية الرحلة العربية مشهدا ينتمي إلى النسق الثقافي المشرقي.
وقد سعيت في هذا المقال إلى مقاربة رحلة العبدري، ذات البعدين الحجاجي والثقافي، للإشارة إلى التنوع النسقي للثقافة العربية، والتحولات التي عرفها السرد العربي في مراحله الأخيرة. لقد قام العبدري برحلته في الخامس والعشرين من ذي القعدة عام ثمانية وثمانين وستة مئة، حيث كان له تكوينا ثقافيا على يد والده” المعلم”، ثم درس في الكتاب في بلدة” حاحة” وحفظ القرآن، وتعلم العمليات الحسابية، إذ أصبح طالب علم، وانتقل إلى مراكش التي كانت مركزا علميا مرموقا آنذاك. ودرس على يد أحد العلماء محمد بن علي بن يحيى الشريف، الذي كان شيخه وشيخ صاحبه ابن عبد المالك المراكشي، وعلى يد العديد من الفقهاء، وأتقن بذلك كثيرا من الفنون منها، حفظ القرآن والحديث والشعر والخطب والرسائل، واهتم بمصطلحات علم الأدب والبلاغة والعروض.
نستنتج مما تم جرده، أن للعبدري تكوينا مزدوجا باعتباره أديبا وعالما ورحالة، حيث انصب اهتمامه أثناء الرحلة على الجوانب العلمية في البلاد، التي قطعها برا من المغرب الأقصى إلى البلاد الحجازية والقدس والخليل، فضمن هذه الرحلة هناك رصد للعديد من تراجم العلماء، الذين التقاهم في رحلته، وذكر كثيرا من مبادئهم وعاداتهم، وأخبارهم وأشعارهم.
ومن هنا، يعد العبدري قارئا للثقافات المختلفة والمتنوعة، التي تلقاها عن طريق الرواية الشفوية والمشاهدة، لأن هذه الرحلة عنده ترتكز على مستويين هما:
ـ ارتحال ذهني: كون المؤلف يرتحل من أجل معرفة أحداث ماضية، يتم استقاؤها من الأسفار، أو مما هو شفوي، ويتجلى في استعادة سرد بداية الخلق وأخبار الأولين.
ـ ارتحال فعلي: للمؤلف نحو فضاءات متعددة ومتنوعة، بحثا عن الأحداث من أفواه الرواة، أو عن أماكن بها آثار شاهدة، بقصد توثيق الأخبار وتقييد المشاهدات.
فهذان المستويان الارتحال الذهني والفعلي، هما التحقق الفعلي لخصوصية القارئ ومبدأ القراءة، بواسطتهما يمكننا أن نشير إلى كون القراءة هي فعل ذهني، يقوم على عملية فهم النصوص، ومحاولة استنطاقها والاستفادة منها، ويشكل القارئ ضمن هذه العملية قطبا أساسيا في النظرية الأدبية، ويجعل من القراءة مدخلا أساسيا لمقاربة الظاهرة الأدبية وغيرها.
لقد تعدد فعل القراءة عند الرحالة العبدري باعتباره قارئا أولا، ثم مؤلفا ثانيا من خلال سرد ورصد كل ما يتعلق بالرحلة. فبالنسبة لفعل القراءة أصبح مادة أساسية لجرد هذه الأحداث والمواقف في إطارها المرجعي، لأن النص كما نرى يتخطى قصدية مؤلفه، لأنه أثناء كل قراءة يخرج من العالم الممكن، الذي يصوره المؤلف ليصنع عالما ممكنا جديدا، وكل قراءة جديدة فهي ولادة لعالم ممكن جديد بشكل متواصل. ومن هنا، وحسب نظرية القراءة، نتحدث عن أنواع القراء ضمن النظرية الأدبية، هنا القارئ الضمني لفولفغانغ إيزر[6] والقارئ الفعلي لياوس[7]، ثم هنا القارئ المخبر لستانلي فيش [8]والقارئ المقصود[9] والقارئ النموذجي[10].
وبناء على هذه التنوع، يمكن إدراج القارئ في هذه الرحلة ضمن القارئ المخبر والنموذجي، لأنه يقدم لنا مجموعة من الأشعار والأخبار والأحاديث النبوية، ثم يفيد بعض البلدان التي رحل إليها بالأشعار وبعض العلوم مثل: علم العروض والنحو وغيره، فهو مخبر وقارئ نموذجي في طريقة التلقين لهذه العلوم.
ولتوضيح ذلك، سنقف على بعض النماذج من الرحلة، من خلال تجلي ظاهرة المثاقفة والتلاقح الثقافي، حيث كان للعبدري صيت واسع، وله ثقافة متنوعة، تتجلى في مشاركته في الفنون والعلوم المختلفة، فالأخذ عن العلماء في رحلته كان متنوعا في الكتب والمعارف، كما أن ملاحظاته كانت أحيانا في النقد والأدب والفلك، ولقد بدأ في كل مراحل الرحلة قارئا متميزا قادرا على تمثل هذا الإرث الثقافي.
إذن، لقد كان لدور الرحلة في أفق انتظار القارئ، القيام بشعيرة الحج وتأديته المناسك، والاتصال بالعلماء، وذلك لإثبات كينونته، وأيضا تزكية المشارقة لعلمهم، وثنائهم على مستواهم العلمي والفني، ولهذا ينظر إلى الرحالة بعد رحلته على أنه استكمل أدوات البحث والمعرفة، واكتسب المناهج المعرفية، وكأنه قد تخرج من مؤسسة علمية، تستند إليه بعض المهام بعد عودتهم من الرحلة، وعلى العموم، فإن مراكز النشاط العلمي في المشرق، كانت مقصد المغاربة، تستهويهم بما تضمه من مجالس علمية ومؤسسات ثقافية، وهذا هو أحد الأسباب العلمية التي كانت وراء” الرحلة إلى كبريات الحواضر المشرقية”.
نستخلص مما سبق ذكره، أن الهدف الأساسي من الرحلة، هو هدف تتبع ثقافة الآخر، من خلال القراءة المباشرة أثناء الرحلة إلى المشرق على يد علماء وفقهاء، الذين أخذ عنهم العلوم الدينية والأدبية، وزودهم بدوره بما يحمله من الثقافة الفكرية والعلمية عن بلده المغرب. ولتوضيح ذلك، لابد من التطرق إلى مبحث دور الرحلة في أفق انتظار القارئ.
الرحلة وأفق انتظار القارئ:
يعتبر أفق انتظار القارئ[11]، مصطلحا مركزيا عند أصحاب نظرية التلقي، ويعرفه فولفغانغ إيزرizer بأنه مجموع التوجهات التي يبديها النص إزاء قارئ معين في لحظة محددة، أي أن النص هو الذي يقترح قراءاته على المتلقي، في حين يرى ياوسH.S JAUSS أن قراءة النص هي في الأساس قراءة تناصية INTERTEXTUELLE وانطلاقا من هنا، يمكن صياغة أفق انتظار يشمل كل تنويعات الجنس الأدبي. لقد لوحظ، أن رحلة القارئ في النصوص الأدبية وغيرها، اهتمت بتفجير طاقات النص الأدبي والحضاري وسبر أغوارها، محاولة منه أيضا استنطاق ثقافة هؤلاء للخروج بنتائج جديدة.
والجدير بالذكر، أن هذه الرحلة، ساهمت في دعم أسس الإحياء الأدبي والحضاري، لتغذي طموح الإنسان الذي لا ينتهي إلى التجديد، بل إلى تطور أفكاره عن طريق الانفتاح اللامتناهي، الذي ينظر إلى التاريخ مثل تجربة ترفض الانغلاق، ولقد كان للتطور النقدي في العالم الغربي، دافعا للقيام بالاطلاع على ثقافة الآخر، وبالخصوص الرجوع إلى الفن السردي الحديث بأوروبا، وأقصد القصة والرواية، لأنه بعد الاطلاع على نشأة هذا الفن في موطنه، يمكننا تقييم محاولات الذات المبدعة العربية، التي كانت تعيش ظروفا يصعب معها القول إنها قد توصلت إلى تأصيل هذا الفن، فبعد أن عبرت الملحمة عن البعد الأسطوري للتفكير الإنساني في مرحلته، جاءت الرواية الحديثة لتتخذ من الإنسان ذاته محورا لقضاياها، خاصة عندما أصبح هذا الإنسان أمام التقدم الحضاري الكبير مجرد أداة مستلبة[12].
ولهذا، قد أجبرت الرحلة على استمرارية الخطاب النقدي لسبر أغوار النص الفني، مما منح هذا الخطاب نفسا قويا أضحى معه بدوره إلى قراءة إبداعية للنصوص الأدبية. ومثلت كتب الرحلات[13] بداية للانفتاح الأدبي، كما ظهرت بعض الأشكال السردية الأخرى، استقت من التراث العربي بعض تقنياتها، وكان الجديد في هذه الأعمال مضمونها لا غير. وقد كان تلقي هذه الروائع الأدبية عن طريق الترجمة، وبذلك تبلور الإطار الفني للرواية من خلال التراث الأوربي، من خلال رواية زينب لحسين هيكل. حيث شكلت القصة والرواية مظهرا من مظاهر التثاقف العربي الأوروبي، إذ فتحت الباب أمام أعمال كرست للتجديد في النصوص الأدبية وازدهار حضارة العرب وفنونهم. ولهذا قدمت الرحلة مقصدية العبدري، فهو أراد نقل صورة الوطن العربي، وما تزخر به من علم وعلماء، باعتباره عالما موسوعيا يعرف فنون الأدب على اختلافها من علوم دينية ودنيوية.
وفي إطار هذه العلاقات الثقافية بين المشرق والمغرب، عرفت هذه الفترة الزمنية، بانتقال النظريات العلمية والأدبية إلى كل من مصر والشام وغيرها. وهذا ما أشار إليه حسين هيكل: ” في سنة 1875 كانت أوروبية فكرية قوية، غاية القوة، فكانت النظريات العلمية والفلسفية القديمة، قد أخذت تنهدم وتنهار أمام الفلسفة الواقعية، التي مكن لها أوغست كونت في فرنسا…. وكانت نظريات “لامارك” و” داروين” وغيرهما، ذات شأن يذكر، عند كثير من أصحاب هذه الفلسفة الواقعية. وكانت هذه النظريات ترد إلى الشرق عن طريق بعض الغربيين، الذين أقاموا فيه زمنا طويلا، وعن طريق بعض الشرقيين، الذين تعلموا في المدارس الأوربية. كان محتوما على هذا الاتصال المتزايد بين الشرق والغرب، ومع هذه الحركة العلمية والفكرية والأدبية الشديدة في الغرب، أن تقابلها في الشرق حركة علمية وفكرية وأدبية جديدة”[14].
المثاقفة وخطاب الرحلة:
يركز أدب الرحلة في التراث المغربي، على أهميتها في مختلف المجالات، نظرا لما تحتويه من فوائد علمية وأدبية مهمة، تعتمد في كثير منها على المشاهدة والرواية الشفوية، وقد برزت مجموعة من الرحلات مثل: رحلة ابن جبير ورحلة ابن بطوطة، ورحلة العبدري، التي لا تقل أهمية على سابقتيها، لما لها من أهمية في جانبها الأدبي، لأن العبدري كان أديبا وعالما من علماء المغرب في القرن السابع الهجري، حيث انصب اهتمامه أثناء الرحلة على الجوانب العلمية، في البلاد التي قطعها برا من المغرب الأقصى إلى بلاد الحجاز والقدس، فضمن هذه الرحلة هناك العديد من تراجم العلماء، الذين التقاهم في رحلته، وذكر كثيرا من طبائعهم، وعاداتهم وأخبارهم وأشعارهم ” فالجانب العلمي فيها يستحق أن يلقي الضوء عليه، ليكون الدراسون والباحثون على معرفة بهذا الأثر الأدبي الذي ضم بين دفتيه كثيرا من ألوان المعرفة والثقافة”[15]. إذن كيف ثم ذلك؟ وما هي سبل ترسيخ ثقافة الآخر داخل الثقافة الأدبية والفكرية عند المغاربة؟ إذن، للإجابة عن هذه التساؤلات، يمكننا أن نطرح مفهوم المثاقفة أو التثاقف ودوره في تطوير ثقافة بلده والبلد الذي ارتحل إليه.
تشير الموسوعة العالمية لمصطلح المثاقفة [16] acculturation إلى المعاني التي يحملها، وأصل هذه الكلمة يعود إلى اللاثينية، وتعني التقارب، في حين يستعمل الإنجليز مصطلحا آخرا بديلا لكلمة مثاقفة، وهو التبادل الثقافي”cultural change” ، والمقصود منه التبادل والتقارب لتوسيع المعارف. في حين استعمل الفرنسيون مصطلح ” التمازج الحضاري”interpertation des civilisations، وهذا النوع من المثاقفة، أو التثاقف تتم عبر الرحلات والأسفار إلى البلدان، لأنه انفتاح على جميع المعطيات والنتائج المتواجدة في ثقافة الغير. إذن، وبهذا “تتمثل المثاقفة في قدرة الثقافات الوطنية والتيارات الفكرية والأدبية والفنية على التحاور والتفاعل مع احتفاظ نسبي ببعض الخصوصيات، التي بدونها تفقد الثقافة صفة الأصالة”[17]. لهذا، تتحقق المثاقفة في عملية النقل والتحول من حيز معرفي إلى حيز معرفي آخر، وهي رحلة تعبر عنها المصطلحات، التي تقتحم الأجواء، وتبحث عن قراء ذوي انتماءات فكرية متباينة.
هذا النوع من المثاقفة التي تحمل في طياتها مقاصد فكرية وحضارية وفنية وأدبية، تحدث تأثيرا وتأثرا، وقد أشار إلى ذلك هيبوليت تين “H TAINE”، إلى كون النمط الإنساني هو نفسه موضوع التمثيل أو التصوير، حيث يبقى القالب الشعري نفسه، والبناء الدرامي نفسه، إلا أن اختلافا أساسيا، وهو أن أحد الفنانين هو السابق، والثاني هو اللاحق. وليس لدى الأول نموذج، في حين أن الثاني فيراها من خلال الأول، بمعنى أن العمل الأول يمارس تأثيرا في العمل الثاني”[18].
هنا، يؤكد “تين” على فكرة أساسية أهمها، التأثير الذي يمارسه التراث الفني السابق في اللاحق، وما يمكن أن يمارسه أيضا الحاضر في المستقبل، وهي فكرة تشكل محورا مهما في الدراسات المهتمة بفعل القراءة، وهو موضوع يندرج ضمن الأدبيات النقدية ” بالتناص”، الذي يتناول علاقة النص بنصوص أخرى سابقة عنه، وهو موضوع يثير ضمنا مسألة القراءة عند الكاتب.
وهذا الجانب الأساسي للمثاقفة، وإدراج ثقافة الآخر ضمن ثقافته، لا تتم عبر نقل كل ما شاهده، ولكن يتم ذلك عن طريق الانتقاء؛ أي هي عملية انتقاء من الأنساق الأدبية والاجتماعية والتاريخية والثقافية[19]، ومما يدل على ذلك، الأخذ والتثاقف بين الحضارتين أثناء رحلته ،يقول أحد الدراسين: “وقد أفاد العبدري من كثرة مشايخه، وتنوع ثقافاتهم فأتقن كثيرا من الفنون، ظهرت جلية في رحلته التي بدا فيها المؤلف حافظا للقرآن والحديث، مطلعا على الأدب العربي نثره وشعره، وخطبه ورسائله عارفا بأيام العرب وغزواتهم ، وفصحاء خطبائهم، وله معرفة بالأسماء والألقاب والكنى، وأسماء الأماكن، ومصطلحات علوم الأدب والبلاغة والعروض”[20].
وقد أبدى بذلك الرحالة العبدري، الاهتمام بتلك النظرية الأدبية الثاقبة التي أولاها في تقييم هذه الآثار، وما تستحقه من قراءة وفهم وإدراك لمكانة هذه النصوص التي تعكس مكانة أصحابها ورسوخهم في العلم. وما هذا إلا دلالة واضحة على نقل هذا الموروث الثقافي لهذه البلدان ونشرها في وطنه الأصلي” المغرب”. ولهذا يقترح ياوس من خلال نظريته، تأسيس البحث الأدبي على جمالية الأثر المنتج والمتلقي، عوض جمالية الإنتاج والتصوير التقليدية؛ ذلك لأن العمل الأدبي يثير لدى كل قراءة صدى جديدا، من هنا، يدعو إلى ضرورة رصد الآثار التي ينتجها العمل الأدبي في القراء المتعاقبين[21].
التلاقح الثقافي وفن الارتحال:
تشكل رحلة العبدري وثيقة حضارية وثقافية، ربطت بين المشرق والمغرب، من خلال تنقلات الرحالة بين عوالم عاش فيها واندمج مع سكانها وتأثر بهم وبعاداتهم، دون مجمل المعلومات الدقيقة التي عرفها ونقلها إلى مجتمعه، ليتم ربط شعوب وحضارات وثقافات في لحظات مختلفة، وفي ظروف متمايزة، كما أنه نقل ثقافة مجتمعه وحضارته إلى كل البلدان التي ارتحل إليها، مشيرا بذلك، إلى أوجه التقارب والاختلاف، معتزا بانتمائه إلى المغرب وبقدرته على ربط جسر للتفاعل والتلاقح بين الحضارات في المشرق والمغرب.
إن التلاقح الثقافي، هو التحاور والتفاعل بين الثقافات الوطنية، والتيارات الفكرية والأدبية والفنية بين المجتمعات الإنسانية، وتعد الترجمة أحد الوسائل الأساسية التي تسهل عملية التلاقح والحوار بين الحضارات. وفي إطار الترحال بين هؤلاء الرحالة العرب إلى بلدان أخرى، يساهم في توسيع وتنويع الثقافة المحلية، من خلال انتقال النظريات العلمية والأدبية، التي تمثل جسرا بين ثقافتين ولغتين ونصين، ومن ثم، فإنها انتقال من حقل ثقافي إلى حقل آخر مختلف عنه.
تعد هنا رحلة القارئ، عبارة عن تمثلات معرفية عن العالم المحيط بها في فترة من الفترات، أي أنها تفاعل محمل بالقيم الاجتماعية والأخلاقية والثقافية لصورة الآخر المتعدد، حيث توزعت مضامين هذا التثاقف بين الحضارتين، ما بين معارف فقهية وشعرية وجغرافية وتاريخية وأدبية، لتكون رحلة العبدري خطابا مليئا بالأجناس المتخللة. حيث استمد بعض الأشعار من التراث والسير أومن العلماء الذين التقى بهم، إذن، فهي صورة واضحة المعالم عن شخصية العبدري الرجل الفقيه والشاعر والناقد والمؤرخ والجغرافي.
من يقرأ ويتتبع مراحل رحلة هذا القارئ النموذجي، والمخبر للقاءاته المكثفة بالعلماء والشيوخ، والاجتماع بأصحاب العلم، يكشف مدى حرصه على تحقيق الهدف العلمي، الذي وضعه أساس هذا التلاقح الثقافي أثناء قيامه بهذه الرحلة، حيث كانت لهذه اللقاءات العلمية نتيجة مهمة على الصعيد الفكري والثقافي والأدبي والحضاري، منها:
أ: إدراج ” السند” بطريقة متسلسلة عند إيراده لبعض الأخبار، كما قال حين لقائه بالشيخ الفقيه المحدث، الراوية المتفنن أبي زيد عبد الرحمان بن محمد، بن علي بن عبد الله الأنصاري الأسيدي من ولد أسيد بن حضير والمعروف بالدباغ من أهل العلم بالقيروان: ” وحدثني حفظه الله بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله ص : ” الراحمون يرحمهم الرحمان، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” وهو أول حديث سمعته منه عن الفقيه أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن عثمان الحنفي، سمع منه بالمهدية عام ثمانية وعشرين بسنده مسلسلا[22]، وبحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، والأحاديث التساعية، والمقصود بهذا الصنف من الأحاديث أن يكون سندها تسعة رجال من الرواة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
ب: الأخذ عن أهل العلم عن طريق القراءة والسماع:
لقد أنتج هذا النوع من التلاقح الثقافي والفكري والديني والحضاري، عن مجموعة من اللقاءات العلمية مع الفقهاء والعلماء في كثير من المدن والبلدان التي جابها، وقام فيها بتطبيق وسائل البحث العلمي والتحصيل على كم وافر من الجوانب الثقافية والعلمية، فمن ذلك، لقاؤه بالشيخ أبي الحسن علي بن الشيخ الفقيه العالم المحدث أبي العباس أحمد بن عبد المحسن الحسيني، المعروف بالغرافي بالإسكندرية سليل بيت النبوة، وهو عالم محدث أخذ عنه مجموعة من المغاربة والرحالة الوافدون إلى هذا البلد، فقد ذكر العبدري أنه قرأ عليه وأخذ عنه، إذ قال: ” قرأت عليه ثلاثيات البخاري، وكتبتها من أصله، وحدثني بها عن الشيخ الصالح أبي الحسن علي بن أبي بكر بن عبد الله بن روزية القلانسي سماعا لجميع ” البخاري” عليه عن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي سماعا عليه عن أبي الحسن بن عبد الرحمان بن محمد بن المظفر الداودي البوشنجي عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي عن أبي عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري عن البخاري”[23].
كما قرأت عليه أحاديث إسماعيل بن جعفر من جزء أبي صالح محمد بن أبي الأزهر المكي، عرف بابن زنبور، وكتبتها من أصله، وسمعت من لفظه حديث عبد الله بن عمرو: ” الراحمون يرحمهم الرحمان”، هو أول حديث أخرجه الترميذي في البر والصلة[24].
جـ ـ ذكره للمصادر المتنوعة والفوائد المرتبطة بها، منها: كتاب الشمائل، مقامات الحريري، حماسة أبي تمام، والتلقين للقاضي أبي محمد عبد الوهاب، والموطأ للإمام مالك، وكتاب الترمذي، وسنن أبي داوود.
د: الترجمة للعلم والعلماء:
اهتم القارئ في هذه الرحلة بالترجمة والتعريف بهؤلاء العلماء الذين درس وسمع لهم أثناء اللقاءات العلمية، فكان يترجم لهم، ويذكر صفاتهم ونشاطاتهم العلمية، وآثارهم من المصنفات في مختلف العلوم الفقهية واللغوية، فمفهوم الترجمة كما أشار إليه أحمد اليبوري، قائلا: “اعتبرت الترجمة في الأدب العربي الحديث، من طرف بعض المبدعين والنقاد العرب، مجرد نقل عن أصل لا تتقيد به، في أغلب الأحيان، معتبرين ذلك من أبرز نقائصها، غير مدركين أنها تمثل جسرا بين ثقافتين ولغتين ونصين، ومن تم فإنها انتقال من حقل ثقافي إلى حقل آخر يختلف عنه، مع ما يعنيه ذلك من تغير ومحاولة للتكيف مع لغة وذهنية وثقافة حقل المتلقي”[25]. حيث نجده في مدينة بجاية التقى بالشاطبي، وقام بترجمة أعماله في المجال الديني، وعنه قال العبدري: ” ولم أر بها من أهل الشيمة الفضلى، والطريقة المثلى، أمثل من الشيخ الفقيه الخطيب الصالح المسند الراوية أبي عبد الله محمد بن صالح بن أحمد الكناني الشاطبي، وهو شيخ على سنن أهل الدين، سالك سبيل المهتدين، مقبل على ما يعنيه، مشتغل بعمر في طاعة الله يفنيه، دأبه الاقتصار على تجويد الكتاب، والتردد ما بين بيته والمحراب. وقد لقي من الشيوخ أعلاما، صيره لقاؤهم والأخذ عنهم إماما، وله مع علو الرواية حظ وافر من الدراية إلى خلق لو شاب ماء البحر صار فراتا، ودين ألزمه خشوعا وإخباتا، وقد شاهدت له من غزارة العبرة، ما هو من أعظم العبرة[26]، فهو يشير إلى سمو روح الشاطبي، ونبل أخلاقه، وعلو مكانته في الرواية؛ أي رواية أحاديث الرسول “ص”، وما دار بينهما من حوارات للتعريف بالعلم والعلماء.
ولهذا، تعد الترجمة آلية من الآليات التي يوظفها القارئ، لتحقيق التفاعل والتلاقح الثقافي بين ثقافة المجتمعات الإنسانية، من أجل خلق التطور والتجديد في مختلف المجالات العلمية والثقافية والفكرية.
إن الرحالة العبدري، كان قارئا مقدما لترجمة وافية عن أهل العلم، وعن حياتهم، وتصوير المشاهد، ونقل الأوصاف لكثير من المدن والأماكن والبقاع التي زارها أثناء رحلته، “وترجم لمجموعة من العلماء الذين لا نكاد نعثر لهم على صورة واضحة في المصادر المختلفة، فأضاء جوانب من شخصياتهم، وعرفنا بهم وبطبائهم، وكانت أوصافه وأحكامه تتصف بالدقة لأنها صادرة عن شاهد عيان”[27].
وبالتالي، إن الجمع بين الفائدة والمتعة في أي أثر أدبي هو الهدف الذي يصبو إليه المؤلف، ويتطلع إليه القارئ، وهذا ما وجدناه في رحلة العبدري، فقد أفادنا بكل ما أورده فيها من الإشارات التاريخية والأمور اللغوية والأدبية والفقهية وعلم المنطق، وأمتعنا بأسلوبه الأدبي الرائع، وعباراته الأنيقة، وبنقله صورا حية لمشاهداته، وأحداث رحلته التي شابهت المغامرات في بعض الأحيان، لكنها مغامرات في البحث العلمي والأدبي والفكري والفني والحضاري لثقافة الآخر، وإنما هو نقاش وتداول للعلم ومعرفة العلماء، مما يمكن أن نصطلح عليها بالمجالس الأدبية والفقهية والمناظرات الثقافية، لترسيخ العلم وفوائده في الحياة الاجتماعية ودورها الفعال على الفرد والمجتمع.
توحي الرحلة لقارئها، عن القدرة المعرفية التي يتميز بها ومكانته العلمية، وولعه بالعلم والعلماء، حيث تعد هذه الرحلة محط لتداخل العديد من الأجناس الأدبية:” السير، الرسائل…”، تمثل رحلة العبدري مزيجا من المعارف الثقافية والفكرية، التي استقاها من الثقافات المتنوعة. إن الأولوية التي أعطاها الرحالة العبدري، ارتبطت بلقائه بالعلماء في شتى المجالات الفقهية والدينية وعلوم اللغة والشعر والنقد، لهذا كانت الرحلة، عبارة عن خطابات متعددة ومتداخلة نصيا وثقافيا.
رحلة القارئ التفاعلية للنصوص:
تعتبر الرحلة لدى العبدري عملا أدبيا، لما تحتويه من رواية وتراجم العلماء والأدباء، كما أنها تتجه إلى الشعر حيث دون نصوصه الخاصة، كما جمع قصائد هؤلاء الشعراء والعلماء والفقهاء. إن هذه الرحلة نموذج من الآثار الأدبية، التي وصلت إلينا من التراث الأدبي والأندلسي والمغربي، قدمت صورة جلية وواضحة المعالم لمظاهر النشاط العلمي في كل بقعة من بقاع المشرق والمغرب التي رحل إليها.
لقد جسدت الرحلة الحياة الثقافية في أواخر القرن السابع الهجري، فهي مصدر مهم للأدباء والعلماء والمؤرخين، لما تتضمنه من نصوص أدبية وآثار فكرية وثقافية ونقدية ومحاضرات علمية ودينية. وبذلك استفاد العديد من الدارسين والنقاد والباحثين من هذه المعرفة العلمية والثقافية والدينية، “ومما يدل على أهمية هذه الرحلة انتشار نسخها المخطوطة في كثير من مكتبات العالم واحتفال المؤرخين بها إذ نقل كثير منهم عنها كالتنبكتي صاحب” نيل الابتهاج” الذي أفاد منها أيما إفادة ونقل كثيرا من التراجم عنها، وعدها مصدرا من مصادر كتابه. ونقل عنها الوزير السراج في كتابه “الحلل السندسية في الأخبار التونسية” فقرات طويلة في الأوصاف والتراجم. وعدها أيضا من مصادره في تأليف كتابه”[28].
ومن هنا، سنحاول في هذا المقال، أن نرصد جميع مظاهر هذه التفاعل بين مختلف هذه الثقافات التي ذكرناها، والتي تعد مجالا للتداخل الثقافي بين المغرب والمشرق. ولإبراز ذلك، نشير إلى الجهود التي قام بها العبدري في رحلته الأدبية والثقافية والفنية، قاصدا بذلك، تطوير ثقافته المحلية والوطنية. وقد استمر اهتمام العلماء والباحثين حتى العصر الحديث برحلة العبدري، ذات البعد الثقافي والعلمي والحضاري، فهي رحلة ثقافية أكثر منها رحلة من أجل التجوال والزيارة فقط، كما أنها تعد مرجعا مهما لدارسي ومؤرخي الأدب والفقه، “إذ عمد العلامة عباس بن إبراهيم المراكشي إلى تلخيصها في كتابه الجليل: “الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام”[29].
وكما سبقت الاشارة إلى ذلك، فقد استمد جل ثقافته من خلال المشاهدة، والرواية الشفوية والحفظ على يد العلماء الذين تلقى عنهم مختلف العلوم من الفقه والنحو والشعر وعلم المنطق والنقد وغيره، مما أعطى بعدا إيجابيا لتنوع الثقافة عند المغاربة، وغيرهم ممن اطلعوا على كتاب الرحلة، منها أولا:
النصوص والآيات القرآنية:
اهتم الرحالة العبدري باعتباره قارئا نموذجيا، بالموروث الديني والثقافي، واستوعب الشواهد الدينية والقرآنية، التي حفظها أثناء زيارته لمكة وتداوله لحقيقة بعض الامور الدينية، مثل: قصة بناء الكعبة، إذ دل على أنها كانت قبل سيدنا إبراهيم عليه السلام، وذلك أنه دعا عند وضعه هاجر وابنها اسماعيل بمكة قبل بنائه البيت بزمان “ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم، سورة ابراهيم، الآية 37 [30]. ثم أفرد فصلا في ذكر أسماء مكة، فقد أورد قوله تعالى ” إن اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ” آل عمران الآية 96، وقول تعالى “وهو الذي كف أيديهم عنكم، وأيديكم عنهم ببطن مكة “[31]الفتح الآية 24 والأمثلة كثيرة.
الأحاديث النبوية الشريفة:
ويتجلى البعد الثقافي أيضا، في الأحاديث النبوية التي أوردتها رحلة العبدري عن الرسول “ص”، التي حدثه بها مجموعة من الفقهاء المحدثين والرواة منهم، أبو زيد عبد الرحمان بن محمد المعروف بالدباغ، الذي التقى به في القيروان وابن دقيق العيد بمصر، وما ذكره عن التشهد، وفضل الحج، وأيضا ما روي عن مالك في الموطأ عن النبي “ص”، “العمرة الى العمرة” كفارة لما بينهما، والحج، المبرور ليس له جزاء الا الجنة”[32] أخرجه مالك الموطأ برقم 237، والبخاري في العمرة باب وجوب العمرة، رقم 1773، 3/597.
القصائد الشعرية:
كما تجدر الإشارة إلى كون الثقافة المغربية، تأثرت بثقافة الآخر، من خلال إعجابه بأشعارهم وقصائدهم، إذ استفاد بذلك الشعر المغربي من هذه الأشعار، وتمثلت عملية التأثير في إنشاد العبدري لبعض القصائد التي نظمها وتأثر بها وقرأها. إذن، فالعبدري باعتباره قارئا نموذجيا، حاول أن ينقل ثقافة الآخر من خلال تجواله في كل من تونس والجزائر والمغرب والحجاز وغيرها من البلدان المشرقية، حيث نظم قصائد شعرية، يخاطب فيها ابنه محمد، يشكو من ألم الشوق والفراق:
أصخ سمعا أوصك يا بني وصية والد بر حفي
جرى القدر المتاح لنا ببين قضاء جاء من ملك علي
وقد فتت نواكم في فؤادي وأشجت بالأسى قلب الخلي[33]
نستنتج أن العبدري له موهبة شعرية قوية، وخيال خصب غني بالصور الشعرية “images poetique”، ولغة رصينة مستمدة من الواقع الاجتماعي. وما يزيد ثراء هذه الثقافة المغربية، هو كون الرحلة أيضا، زاخرة بالمختارات الشعرية المتنوعة، التي تتضمن مواضيع مختلفة، فمنها أشعار لكبار الشعراء في الجاهلية “مجنون ليلى”، والإسلام “أبي العلاء المعري”، ومنها أشعار بعض العلماء والأدباء والفقهاء. وأيضا ما ألقاه ابن خميس من أشعار أمام العبدري في المحافل الأدبية، فمن ذلك قوله:
ومن العجيبة أن أقيم ببلدة يوما وأسلم من أذى جهالها[34]
ثم هناك القصيدة النبوية التي نظمها بالحجاز أمام الشيخ عفيف الدين البصري التمار من أهل العراق في مدح خير البرية محمد “ص”[35]، ومنها قوله:
فهناك سر أخو الظواهر ظاهرا وأخو الحقائق في المقيم المقعد
وبهذا، تلونت رحلة العبدري بالكثير من الأشعار المتفرقة والقصائد المطولة، التي تدل على موهبته الشعرية من جهة، وعلى أهمية اللقاءات التي جمعته مع العلماء والفقهاء من جهة أخرى.
الأمثال والأقوال السائرة:
كما اتبع العبدري في منهجه، طريقة لإيراد الأمثال والحكم والأقوال، مكنته من إقامة المثل في الموضع المناسب، ويأتي بالمثل ضمن سياق أدبي، وفق صور وتشبيهات، تنقل القارئ إلى مكان الحدث، منها ما أورده في وصفه لمدينة طرابلس وأرجائها، قال: “لا ترى بها شجرا ولا تمرا، ولا تخوض في أرجائها خوضا ولا نهرا، ولا تجتلي روضا يحوي نورا ولا زهرا، بل هي أقفر من جوق حمار، وأهلها سواسية كأسنان الحمار ليس على ناشئ منهم فضل لذي شيبة، ولا لذي الفضل منهم هيبة”[36]. فالمقصود بالحمار هنا في هذا المثل هو رجل اسمه حمار بن مويلع كفر بعد إيمانه لموت أبنائه، وقال: لا أعبد من فعل هذا ببني، ودعا قومه إلى الكفر فأهلكه الله تعالى، وأهلك جوفه، والمقصود بالجوف أرض خصبة كانت له، انظر ثمار القلوب ص: 84.
الخطب والرسائل:
لقد تأثر العبدري بالنصوص المختلفة، التي تتجلى في الرسائل والخطب باعتبارها نموذجا أدبيا، تدل على بلاغة صاحبها، ومنها خطبة الفقيه القاضي حفص عمر بن عبد الله السلمي، ومنها:” عباد الله الدين النصيحة، فخذوها محضة صريحة، هدي الله هو الهدى، ومن اتبع رسل الله اهتدى[37].
كما أن له أبحاث ودراسات وآراء في اللغة والنقد، حيث نجده في اللغة، لا يتردد في عرض مواقفه ولو خالفت مواقف مشاهير النحاة واللغويين مثل المبرد في” كتابه الكامل”، الذي أنكر مجيء رعد وبرق بالأردف؛ أي أرعد وأبرق “[38]. فهو يرى صواب الحالتين أو الوجهين، ويذكر بأنهما لغتان، الأشهر فيها بغير ألف، ثم استدل بما ذكر في شرح ديوان المتلمس نقلا عن الأصمعي على مجيء برق ورعد بالألف. كل هذه الآراء والمواقف اللغوية والنحوية التي دارت بين العبدري، وكبار اللغويين والنحويين، تغني بذلك ثقافة القارئ، كما أن تلك المناقشات تفتح أبوابا للمناقشة والشرح والتفسير فيما بعد” …فإن هذه الرحلة تفيد علماء الجغرافية والتاريخ في دراسة الظواهر التي كانت سائدة آنداك، كما تفيد مؤرخي الأدب في التاريخ الأدبي للأقطار التي مر بها العبدري، فهي تضم نصوصا أدبيةـ وشعرية ونثرية ونقديةـ مهمة تتفرد الرحلة في بعضها، بما يزيد في أهمية الرحلة ويضعها في مكانها الصحيح بين كتب الرحلات المختلفة”[39]
كما أن له حظ وافر في مجال الدراسات النقدية، حيث أبدى العبدري رأيه النقدي في أبيات من نظم الشيخ ابن خميس التلمساني أبي عبد الله محمد بن عمر، إذ قال: ” قلت: هذه القصيدة مهذبة الألفاظ والمعاني، وألذ من نغمات المثالث والمثاني، إلا أن مقطعها قلب ناب، لا يلين ولو مضغ بضرس وناب، ليس يلتئم بما قبله ولا يمتزج، ولا يزال السمع به يقلق وينزعج، وقد زاولته أن يلتحم فأبى، وحاولته كي يلتئم فنبا وقوله:
وعادتها ألا توسط عندها فإما سماء أو تخوم تراب “[40]
هذه الأبيات مقتطفة من قصيدة خميس التلمساني، له حظ وافر في الأدب وطبع فاضل في قرض الشعر، له ديوان بعنوان ” المنتخب النفيس في شعر ابن خميس” وهذا البيت هو الثالث والعشرون ضمن هذه القصيدة. “انظر القصيدة في أزهار الرياض للمقري 2/ص 317 ـ 319. والوجه فيه ” وإما تخوم تراب” بتكرار إما بعد حرف العطف، كما هو الشأن في البيت الذي قاله الشاعر كما ورد في نص الرحلة:
إما فتى نال العلا فاشتفى أو بطل ذاق الردى فاستراح “[41].
يقول العبدري الناقد كل هذه الألفاظ، فهي عذبة ومنتقاة بعناية، لكن ما يلاحظ فيها هو الافتقار إلى الترابط وإحكام السبك، وقد ناقش هذه المسألة اللغوية، من خلال حديثه عن تكرار” إما” بعد حرف العطف.
كما أن له ذخيرة كبرى في مجال الفقه والتفسير، حيث ناقش بعض القضايا المرتبطة بهذا المجال من تفسير وشرح مواقف فقهية للقرآن الكريم، وقد أدلى بدلوه فيها، حيث دار بينه وبين الشيخ أبي محمد عبد الله بن عبد السيد في أحد مجالسه العلمية في التدريس، تفسيرهما للآية الكريمة:” وإن كذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير”[42]. سورة فاطر الآية 25. حيث استفسر الشيخ عن ما المراد بالكتاب المنير الذي أراد هنا؟ فأجاب بأنه جنس، وحمد على ذلك. وقد أبدى العبدري رأيه في ذلك، أن للآية الكريمة وجهان ” [43]
الوجه الأول: ” إن قوله تعالى ” جاءتهم” يعود فيه الضمير على المكذبين للنبي “ص”، وعلى الذين من قبلهم، فيكون النبي”ص” داخلا في الرسل المذكورين.
والوجه الآخر:” أن يكون المعنى على حذف مضاف كأنه قال: وبخبر الكتاب المنير يعني: القرآن الكريم، فيكون مثلا قوله:” ومبشرا لرسول يأتي من بعدي اسمه أحمد” سورة الصف الآية 6. ويقول: هذا وجه حسن وقريب، وكان شيخنا زين الدين أبو الحسن المالكي الإسكندري قد استحسنه حين عرضته عليه والحمد لله”[44].
نستنتج من كل ما سبق ذكره، أن ما قدمه العبدري من آراء، تبدو زاخرة بالجوانب اللغوية والبلاغية، مركزا بذلك على ححج وأدلة قوية، مدعومة بشواهد لآيات بينات من القرآن الكريم، وأبيات من الشعر ومواقف وآراء بعض كبار العلماء، وهذا يدل على تمكنه من أصول النقاش العلمي، وأسس تدارس القضايا والمسائل اللغوية والعلمية المختلفة، من عرض للرأي والاحتجاج له بالأدلة المناسبة. وبالتالي، يعد العبدري قارئا نموذجيا متمكنا وليس قارئا مبتدئا، حسب تصور أمبرطو إيكو للقارئ النموذجي أو الناقد المبدي للرأي، “إن النص وكذا الموسوعةEncyclopédie ، التي يفترضها، هو الذي يضع بين يدي القارئ النموذجي ما توحي به الاستراتيجية النصية”[45].
خلاصة:
إذن، فالعبدري صاحب علم وثقافة ومعرفة، له قدرة على إظهار الكثير من جوانب علمه في المواضيع المناسبة، فهو متمكن من نقد ما يراه، مستحقا لذلك، معتمدا على سعة علمه ومعارفه التي حصل عليها عبر دراسته الأولية بمراكش، ثم من خلال لقائه بالعلماء، والاطلاع على الكثير من المصادر في الفقه، التفسير، الشعر، اللغة، النحو والبلاغة وغيرها من العلوم. فرحلة العبدري، هي رحلة ثقافية وعلمية بامتياز، غنية بالآراء والمواقف العلمية القيمة، والإشارات المفيدة في اللغة والفقه وغيره، وكذلك في الجزئيات المعرفية والثقافية، التي تدل على علمه الواسع ومعلوماته الوفيرة في المجال الأدبي والعلمي والثقافي والفني والفكري.
المصادر والمراجع: المتن المدروس:
ـ العبدري، ، أبو عبد الله، رحلة العبدري، المحقق د. علي إبراهيم كردي، تقديم: د. شاكر الفحام، دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع، ط2 ، 2005 .
بالعربية:
ـ أبو العيش فتحي ، التفسير الإجتماعي للظاهرة الأدبية: التراث ومشكلات المنهج، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،مج:23 عدد 3ـ4 يناير ـ مارس ــ أبريل ـ يونيو 1995.
ــ إيكو أمبريطو القارئ في الحكاية” التعاضد التأويلي في النصوص الحكائية، ترجمة أنطوان أبوزيد، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط، 1996 .
ـ إيكو أمبريطو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، ترجمة وتقديم سعيد بنكراد، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط1، 2000.
ـ الطهطاوي رفاعة ، تلخيص الإبريز في تلخيص باريز “1834” ، أوديوان النفيس بإيوان باريس، دار التقدم، مصر، 1905.
ـ فولفغانغ إيزر، فعل القراءة، نظرية جمالية التجاوب في الأدب، ترجمة حميد الحميداني ود. الجيلالي الكدية، منشورات مكتبة المناهل، فاس 1975.
ـ كوكة فاتن، الجانب العلمي في رحلة العبدري، مجلة جامعة دمشق، المجلد 31ـ العدد الثالث ـ 2015 .
ـ اليبوري أحمد، في الرواية المغربية : التكون والاشتغال، شركة النشر والتوزيع، المدارس، الدار البيضاء، ط1، 2000.
بالفرنسية:
Encyclopedia universalis “ Acculturation”,in Roger bastideـ_
_ Genette Gerard palimspestes la littérature au second degre ,editions du seuil, paris, 1982
_Goldman, pour une sociologie du roman, gallimard, paris,196
_H R Yaus , pour une esthetique de la reception , ed gallimard, 1978.
_ krysinski wladimir : discours de voyage et sens de l alterite in la littérature de voyage, No cursos da arrabida coorden acao de maria alzira seixio , bublicucoes amirica,c d a,Portugal,1997
ـ Todorov Tezvetan, les morales de l’histoire, France ,ed grasset ,1991
_W.ISER ; Acte de lecture ; theorie de l effet esthetique ; pierre Mardaga, paris, 1985
_ Genette Gerard palimspestes la littérature au second degre ,editions du seuil, paris, 1982 1
[2] ـ إيكو أمبريطو القارئ في الحكاية” التعاضد التأويلي في النصوص الحكائية، ترجمة أنطوان أبوزيد، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط، 1996، ص 61.
[3] ـ العبدري، أبو عبد الله رحلة العبدري، المحقق د. علي إبراهيم كردي، تقديم: د. شاكر الفحام، دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، 2005، ص: 28
[4] _ krysinski wladimir : discours de voyage et sens de l alterite in la littérature de voyage, No cursos da arrabida coorden acao de maria alzira seixio ; bublicucoes amirica,c d a,Portugal, 1997,P :236
[5] ـ Todorov Tezvetan, les morales de l’histoire, France ,ed grasset ,1991, P 95
[6] ـ فولفغانغ إيزر، فعل القراءة، نظرية جمالية التجاوب في الأدب، ترجمة حميد الحميداني ود. الجيلالي الكدية، منشورات مكتبة المناهل، فاس 1975،ص:25
[7] ـ _H R Yaus ; pour une esthetique de la reception ، ed gallimard, PARIS ،1978,P : 49
[8] ـ ـفولفغانغ إيزر، فعل القراءة، نظرية جمالية التجاوب في الأدب، ترجمة حميد الحميداني ود. الجيلالي الكدية، منشورات مكتبة المناهل، فاس 1975،ص:25
[9] ـ نفسه ص: 27.
[10] ـ إيكو أمبريطو، القارئ في الحكاية، ترجمة أنطوان أبوزيد، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط، 1996 ص: 61
[11] W.ISER ; Acte de lecture ; theorie de l effet esthetique ; pierre Mardaga, paris; 1985 ;P : 8
[12] ـGoldman ; pour une sociologie du roman, gallimard, paris,1964
[13] ـ الطهطاوي رفاعة، تلخيص الإبريز في تلخيص باريز “1834” ، أوديوان النفيس بإيوان باريس، دار التقدم، مصر، 1905 .
[14] .ـ اليبوري أحمد، في الرواية المغربية : التكون والاشتغال، شركة النشر والتوزيع، الدارالبيضاء،ط1 ،2000، ص:37.
[15] ـ كوكة فاتن، الجانب العلمي في رحلة العبدري، مجلة جامعة دمشق، المجلد 31ـ العدد الثالث ـ 2015، ص: 33
[16] ـEncyclopedia universalis “ Acculturation”,in Roger bastide p :114 .
[17] ـ اليبوري أحمد، في الرواية المغربية : التكون والاشتغال، شركة النشر والتوزيع، المدارس، الدار البيضاء، ط1، 2000، ص : 37
[18] ـ فتحي أبو العيش، التفسير الإجتماعي للظاهرة الأدبية: التراث ومشكلات المنهج، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،مج:23 عدد 3 ـ 4 يناير ـ مارس ــ أبريل ـ يونيو 1995 ص: 181.
[19]ـ W.ISER ; Acte de lecture ; theorie de l effet esthetique ; pierre Mardaga, paris, 1985
[20] ـ العبدري، أبي عبد الله، رحلة العبدري، تحقيق وتقديم د. علي إبراهيم كردي، تقديم د. شاكر فحام، دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع، ط2005،2، ص:8
[21]H R Yaus ; pour une esthetique de la reception ; ed gallimard, 1978,p: 46 p: 49
[22] ـ العبدري أبو عبد الله، رحلة العبدري، المحقق: د علي إبراهيم كردي، تقديم: د. شاكر فحام. ،دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع، ط2 ،2005،ص: 246
[23] ـ نفسه، ص: 246
[24] ـ نفسه ص: 246 .
[25]ـ اليبوري أحمد، في الرواية المغربية: التكون والاشتغال، شركة النشر والتوزيع، المدارس، الدار البيضاء، ط2000،1، ص: 38
[26] ـ العبدري أبو عبد الله، رحلة العبدري، المحقق: د علي إبراهيم كردي، تقديم: د. شاكر فحام، دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع، ط2 ،2005ص: 84
[27] ـ نفسه،ص:18
[28] ـ العبدري أبو عبد الله، رحلة العبدري، المحقق: د علي إبراهيم كردي، تقديم: د. شاكر فحام، دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع، ط 2 ،2005، ص:16، ص: 17
[29] ـ نفسه،ص:17 .
[30] ـ العبدري أبو عبد الله، رحلة العبدري، المحقق: د علي إبراهيم كردي، تقديم: د. شاكر فحام، دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع، ط 2 ،2005، ص: 381
[31] ـ نفسه ص: 376
[32] ـ نفسه،ص: 411 .
[33] ـ العبدري أبو عبد الله، رحلة العبدري، المحقق: د علي إبراهيم كردي، تقديم: د. شاكر فحام، دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، 2005، ص: 176
[34] ـ نفسه ص: 54.
[35] ـ نفسه ص: 431.
[36] ـ نفسه، ص: 184 ـ 185
[37] ـ العبدري أبو عبد الله، رحلة العبدري، المحقق: د علي إبراهيم كردي، تقديم: د. شاكر فحام، دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، 2005، ص:286.
[38] ـ نفسه، ص: 61.
[39] ـ نفسه، ص: 18
[40] ـ نفسه، ص:51 .
[41] ـ العبدري أبو عبد الله، رحلة العبدري، المحقق: د علي إبراهيم كردي، تقديم: د. شاكر فحام، دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، 2005، ص: 58 ـ 59.
[42] ـ نفسه، ص: 188.
[43] ـ نفسه، ص: 189 ـ 191.
[44] ـ نفسه، ص:191 .
[45] ـ إيكو أمبريطو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، ترجمة وتقديم سعيد بنكراد، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء،ط1 ،2000 ص: 162 .