قضية الاشتقاق في معجم مقاييس اللغة – دراسة دلالية نقدية
The issue of derivation in the lexicon of language measures – a critical study of criticism
1-د.عباس محمد أحمد عبد الباقي، أ. مشارك، -كلية التربية، قسم اللغة العربية، جامعة زالنجي، السودان.
1- Dr. Abbas Mohammed Ahmed Abdul Baqi, Associate professor e, Faculty of Education, Department of Arabic Language, University of Zalingei, Sudan
2-د.جمال الدين إبراهيم عبد الرحمن أحمد، أ. مشارك -كلية التربية، قسم اللغة العربية، جامعة نيالا، السودان.
2-.Jamal El-Din Ibrahim Abdel-Rahman Ahmed, Associate professor e – Faculty of Education, Department of Arabic Language, University of Nyala, Sudan
3-د. يوسف محمد أبكر أحمد ، أ. مشارك -كلية العلوم الإسلامية واللغة العربية ، جامعة غرب كردفان
3-Dr.. Yousif Mohammed Abaker, Associate professor e – Faculty of Islamic Sciences and Arabic Language, University of West Kordofan
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 55 الصفحة 87.
Abstract
This study was examined through the most important references (Dictionary of Standards) Language and has studied the author of the idea of derivation scientific study methodology has shown the importance of the derivation and status, and thus Dictionary scales Language is the first and only lexicon in the lexicographic heritage that has treated derivation as a treatment of clear scientific value.
The study aimed at uncovering the Ibn Fares method in the study of derivation, and based on the descriptive abstraction, and highlighted the importance of derivation and the importance of the lexicon (measures of language) by revealing the efforts of Ibn Fares in the service of the lexical lesson in general and semantic in general. : Ibn Fares adopted the moral derivation in the response of the branches to the origins, and therefore did not derive it verbally, it became clear that the significance of the origin of the root of Ibn Fares means the significance achieved in all uses of that root, Ibn Fares derived its original indications from all uses of the root concerned, Its original connotations may be directly needed In some cases, the idea of originality was found in the work of some linguists before the son of Fares, such as Ibn Qutaiba, but their work was in part not fully defined as the son of Fares. Ibn Fares was able to apply his concept of origin in a complete manner. The general semantics in the Dictionary of Language Standards of Ibn Fares thought but the material is transferred from other sources such as eye and language mass.
ملخص:يعد الاشتقاق من أهم ما تتميز به العربية لأنه الرافد الأساس لنموها ورقيها، لذلك اهتم الدرس اللغوي عامة بالاشتقاق، وهذه الدراسة تناولته من خلال أهم مراجعها وهو (معجم مقاييس) اللغة وقد درس مؤلفه فكرة الاشتقاق دراسة علمية منهجية بينت أهمية الاشتقاق ومكانته، وبالتالي فمعجم مقاييس اللغة يمثل المعجم الأول والوحيد في التراث المعجمي الذي عالج الاشتقاق معالجة ذات قيمة علمية واضحة.
هدفت الدراسة إلى الكشف عن منهج ابن فارس في دراسة الاشتقاق، واعتمدت على المهج الوصفي التحليلي، وألقت الضوء على أهمية الاشتقاق وكذلك أهمية معجم (مقاييس اللغة) من خلال الكشف عن جهود ابن فارس في خدمة الدرس المعجمي خاصة والدلالي عامة. خرجت الدراسة بعدة نتائج أهمها: اعتمد ابن فارس الاشتقاق المعنوي في رد الفروع على الأصول، وبالتالي لم يكن اشتقاقه لفظيا، اتضح أن الدلالة الأصل لجذر ما عند ابن فارس تعني الدلالة التي تتحقق في كل استعمالات ذلك الجذر، استخلص ابن فارس دلالاته الأصلية من كل استخدامات الجذر المعني، وقد تتحقق دلالاته الأصلية مباشرة وقد تحتاج إلى تأويل أحيانا، وجدت فكرة الدلالة الأصل في عمل بعض اللغويين قبل ابن فارس مثل ابن قتيبة، ولكن عملهم كان جزئيا لم يفردوا له بحثا كاملا كما فعل ابن فارس، تمكن ابن فارس من تطبيق فكرته (الدلالة الأصل) تطبيقا كاملا وذلك لاطراد منهجه الذي اتبعه، الدلالات العامة في معجم مقاييس اللغة من فكر ابن فارس ولكن المادة منقولة من مصادر أخرى مثل العين وجمهرة اللغة.
المقدمة:
تحقق اللغة التفاهم بين المتخاطبين وسلكت كل السبل لتسهل عملية التواصل القائم على الفهم السليم للمعنى المعبر عن حاجات الإنسان المتجددة، لذا بحث الإنسان عن وسائل وكيفيات في اللغة تعينه على التعبير عن حاجاته، فكان الاشتقاق في مقدمة تلك الوسائل المعينة على التعبير عن طريق التوسع في الأداء اللغوي. وكان ابن فارس في مقدمة العلماء الذين وظفوا دراسة الاشتقاق في بيان العلاقات الدلالية بين الألفاظ، فبنى معجمه على فكرة الأصل الدلالي الذي تدور حوله كل مشتقاته وترتبط به دلاليا.
أهداف البحث: يحاول البحث تحقيق الأهداف الآتية:
أــــ الوقوف على مفهوم الاشتقاق عند ابن فارس، وبيان أهمية الاشتقاق في الدرس الدلالي.
ب ـــــ الكشف عن منهج ابن فارس في تطبيق فهمه للاشتقاق في معجمه مقاييس اللغة.
أهمية البحث: تتمثل أهمية البحث في أن معجم (مقاييس اللغة) يعد أول معجم قام بدراسة الاشتقاق دراسة علمية منهجية، وبالتالي لابد من الوقوف على منهجه وطريقته في التناول.
تساؤلات البحث: يطرح البحث التساؤلات التالية:
1/ ما هو مفهوم ابن فارس للاشتقاق، وكيف طبقه في معجمه؟
2/ هل استطاع ابن فارس أن يطبق فكرة الدلالة الأصل تطبيقا كاملا في معجمه؟
3/ ما الذي أضافه ابن فارس للدرس الدلالي من خلال معالجة الاشتقاق؟
منهج البحث: المنهج المتبع في البحث هو المنهج الوصفي الذي يعتمد على المتابعة والاستقراء والتحليل.
خطة البحث: تم تقسيم البحث إلى محوين: الأول بعنوان ابن فارس ومقاييس اللغة، تم فيه التعريف بابن ومعجمه مقاييس اللغة، والثاني بعنوان ابن فارس والاشتقاق وفيه أيضا تم تحليل منهج ابن فارس في تناوله للاشتقاق من خلال معجمه مقاييس اللغة.
المحور الأول: ابن فارس ومقاييس اللغة
أولا ابن فارس: المصادر التي ترجمت لابن فارس كثيرة إلا أنها لم تختلف اختلافاً يذكر في ذكر اسمه فهو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب، واكتفت بعض المصادر بالتوقف عند جده زكريا والمصادر التي رجعت إليها في ترجمته هي: بغية الوعاة للسيوطي وأورد الآتي: “هو أحمد بن فارس بن زكريا ابن محمد بن حبيب اللغوي القزويني، كان نحوياً على طريقة الكوفيين…”(1). وفي معجم الأدباء قال ياقوت الحموي إنه عثر على جزء من (المجمل) ورد فيه ذكر اسم ابن فارس بخط يده قائلا: “تأليف الشيخ أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الزهراوي الاستاذ خرزي”(2). وفي أنباه الرواة على أنباه النحاة قال القفطي “اسمة أحمد بن فارس بن زكريا أبو الحسين المقيم بهمذان من أعيان أهل العلم وأفراد الدهر…”(3). وفي مجمل اللغة لابن فارس ورد فيه ذكر اسمه وألقابه: فهو أبو الحسين أحمد بن فارس زكريا بن محمد بن حبيب الرازي نسبه إلى (الرّي) كما لقبوه بالقزويني نسبة إلى (قزوين) والهمذاني نسبة إلى (همذان) والزهراوي نسبه إلى (رستاق الزهراء) والأستاذ خرزي نسبه إلى (أستاذ خرز) وغيرها من الألقاب(4).
مولده ووفاته: أما عن سنة ميلاده فكل المصادر التي وقفت عليها لم تذكرها، ولكنها ذكرت مسقط رأسه وهي قرية (كرسف جياناباذ) ولا تساعدنا المصادر في تحديد موضعها، بل أشارت إلى ضبطها (كرسفة) بضم الكاف والسين وفتح الفاء، وذكرت أنها في لغة أهل قزوين اسم للقطن ثم أنها اسم موضع ولم تزد على ذلك(5). وبقول القفطي: “هذه القرية (كرسفة) ويظهر أنها كانت قريبة من (قزوين) لذلك نسب بعض المؤرخين ابن فارس إلى (قزوين) وقالوا بأنه منها أضف إلى ذلك أنه كان يتكلم بكلام أهل قزوين”(6). أما عن وفاته اتفقت المصادر على تاريخ وفاة ابن فارس قال القفطى: “وسكن ابن فارس أخيراً (الرّي) وتوفي بها سنة (395هـ) وهى أصح الأقوال في تاريخ وفاته ودفن بها مقابل مشهد القاضي علي بن عبدالعزيز الجرجانى”(7).
شيوخه وتلاميذه:
أسماء البلدان التي وردت في ترجمة ابن فارس تؤكد أنه تنقل كثيرا و درس في أكثر من مكان وعلى يد عدد من المعلمين الأمر الذى أكسبه علماً وافراً، وأول أساتذته والده كان فقيها شافعياً وروى عنه ابن فارس قال: “سمعت أبي يقول: إذا نتج ولد الناقة في الربيع ومضى عليه أيام فهو ربع فإذا أنتج بين الصيف والربيع فهو ربعة”(8). ومن أساتذته أبوبكر أحمد بن الحسن راوية ثعلب، وأحمد بن طاهر المنجم أبو عبدالله، وكان ابن فارس يجله ويقول عنه: “إنه ما رأى مثله ولا رأى هو مثل نفسه” ومنهم أيضاً أبو الحسن علي بن إبراهيم القطان(1).
وهكذا طوّف ابن فارس البلاد وجالس العلماء فأفاد علماً غزيراً ومعرفة بالقرآن الكريم والحديث الشريف واللغة، فطار ذكره وكان وقتها مقيما بمهذان فانتقل منها إلى (الري) في آخر حياته ليعلم مجد الدولة أبا طالب فخر الدولة علي بن ركن الولة الحسن بن بويه الديلمى صاحب (الري) فأقام فيها ما بقي من حياته(2). ومن تلاميذه الذين أخذوا عنه: بديع الزمان الهمذاني وقد تأثر بابن فارس كثيرا وصحبه طويلا حتى قيل أنه أخذ كل ما عند ابن فارس من علم، ومنهم الصاحب ابن عباد وأبو العباس أحمد بن محمد المعروف بالغضبان(3).
مكانته العلمية:
عرف ابن فارس بحبه الشديد للعلم ومعرفته الواسعة باللغة فحاز على مكانة علمية مرموقه بين أصحابه وقيل عنه في نزهة الألباء: “كان غزير العلم وافر المعرفة، وترك بعده تآليف وافرة وتصانيف جمة”(4). وقد برع في علوم شتى فإذا دار الحديث حول المعجم نراه يأخذ مكانا مرموقا بل هو صاحب مدرسة خاصة في الترتيب المعجمي وإذا كان المجال فقه اللغة فهو صاحب كاتب (الصاحبى في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها) الذي تناول فيه مختلف مسائل فقه اللغة العربية(5). وقد أثنى عليه العلماء أساتذته وأصدقاؤه، قال عنه الصاحب بن عباد: “شيخنا أبو الحسين ممن رزق حسن التصنيف، وأمن فيه من التصحيف”(6). وقال عنه أبو عبدالله الحميدي*: “كان أبو الحسن أحمد بن فارس الرزاي من أئمة أهل اللغة في وقته، محتجاً به في جميع الجهات غير منازع منجباً في التعليم ….”(7).
مذهبه: درس ابن فارس أولا على يد أبيه وكان والده فقيهاً شافعياً ومن غير شك أنه تأثر بأبيه الشافعي فاعتنق المذهب الشافعي في بداية حياته بمهذان(8). لكنه تحول إلى المالكية بعد أن أقام ببلدة (الري) وعندما سئل عن السبب ذكر أنه قد أخذته الحمية لمذهب الأمام مالك كيف يخلو بلد مثل(الري)عنه، فتحول إليه حتى يكتمل للبلد فخره ومجده، ولا غرابة في ذلك لأن ابن فارس فقيها ضليعاً يعرف أمور دينه وتحوله كما ذكر لم يكن إلا لمناصرة مذهب الإمام مالك(9).
آثاره العلمية: كان ابن فارس مولعاً باللغة ألف في كل ضروبها، بل ألف في علوم أخرى غير اللغة وقد ذكرت المصادر مؤلفات كثيرة في موضوعات متنوعة لابن فارس نذكر منها: (فتيا فقيه العرب) وعرضه لتنبيه الفقهاء على ضرورة معرفة اللغة، ورد ذكر هذا الكتاب في جميع المصادر التي ترجمت له وكتاب (أبيات الاستشهاد)
نشره المستشرق برونو بمدينة (جيسن) في ألمانيا، ثم حققه كمال مصطفي ونشره في القاهرة(1). وكتاب (أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم) ذكره ياقوت الحموي في معجم الأدباء، وذكر معه كتاب (أصول الفقه ) وكتاب (الأمالى)(2). وله كتاب (أمثلة الأسجاع) وذكره ابن فارس في كتاب (الإتباع والمزاوجة) وكتاب (الأضداد) ورد ذكره في (الصاحبى)(3). وله كتاب (الإفراد) وذكره الزركشى أثناء ذكره من صنفوا في الوجوده والنظائر قال الزمخشري: “وقد صنف فيه قديمأ مقاتل بن سليمان وجمع فيه من المتأخرين ابن الزاغونى وابن الجوزى والدامغانى* وابن فارس وسمي كتابه الإفراد(4). وله كتاب (الانتصار لثعلب) ذكره السيوطى، وكتاب (تفسير أسماء النبي صلى الله عليه وسلم) ذكره ابن الأنباري، وكتاب (تمام فصيح الكلام)، وكتاب (الثلاثة) و(المجمل) و(ذم الخطأ) و(ذم الغيبة) و(ذو وذات) و(الصاحبي) و(غريب أعراب القران) وغيرها من الكتب التي ذكرتها المصادر، مما يؤكد أن ابن فارس كان رجلاً ملماً بعلوم ومعارف كثيرة أبرزها اللغة بكل ضروبها ثم القرآن الكريم والحديث الشريف شأنه في ذلك شأن أهل زمانه يجمعون علوم شتى وتخصصات كثيرة.
ثانيا مقاييس اللغة:
معجم مقاييس اللغة من المعاجم الرائدة في البحث الدلالي التي اهتمت بمعالجة المستوى الدلالي وركزت عليه، بل هو برهان واضح على نضج الدراسات الدلالية وبلوغها درجة عالية من التصنيف على أسس عملية ثابتة في وقت مبكر. قام بتحقيقه وضبطه عبدالسلام محمد هرون ونشرته مكتبة الخانجى في القاهرة في ستة مجلدات ومعها مجلد سابع تضمن الفهارس مثل فهرس ترتيب المواد وفهرس الألفاظ التي وردت في غير موردها وفهرس الأشعار والأرجاز والأمثال والأعلام والبلدان وفهرس الكتب.
أما عن حجمه فالأجزاء الستة متقاربة في الحجم وهي ليست ضخمة كمعجم لسان العرب مثلا وورقه من نوع فيه شيء من الخشونة وكل المعجم مكتوب بلون واحد هو الأسود والأبواب موضوعة بين أقواس تشبه الأقواس التي توضع فيها الآيات الكريمة وكذلك الكلمات التي تكون في البداية كلها داخل أقواس، أما من حيث الضبط فإنه اهتم بضبط الكلمات كما اهتم بنسبة الأشعار وقد يكمل المحقق بعض النقص في الأصل ويشير إلى ذلك بوضع كلامه بين قوسين ولكنه لم يذكر أسماء السور ولا أرقام الآيات الكريمة.
ثم قام بتحقيقه إبراهيم شمس الدين وأخرجه في جزأين فقط وفي ثوب جديد تماماً من حيث نوع الورق وطريقة التجليد وحجم الجزء الواحد مثل حجم الجزء الواحد من تحقيق عبد السلام محمد هرون، وهذا الأخير كتابته أوضح وأدخل فيه اللون الأحمر بجنب الأسود كما اهتم فيه بتخريج الأشعار والأحاديث النبوية وذكر أسماء السور وأرقام الآيات، وتخلص من الأقواس الكثيرة الموجودة في الأجزاء الستة ونشرت هذين الجزأين دار الكتب العلمية ببيروت في العام 2008م.
ولكن معجم المقاييس لم يلق ذكراً واسعاُ عند العلماء الذين ترجموا لابن فارس كالسيوطي في (بغية الوعاة) وابن الانباري في (نزهة الألباء) والقفطي في (أنباه الرواة) وغيرهم، لم يهتموا كثيرا بمعجم المقاييس مثل ما اهتموا بمعجم (مجمل اللغة) لابن فارس أيضاً والذي نبهَ عليه وذكر أنه كتاب جليل لم يؤلف مثله ياقوت الحموي(1)، والسبب في عدم ذكر العلماء لكتاب مقاييس اللغة يرجع إلى أنه صنُف مؤخراً بعد مجمل اللغة.
أ/ تسميته بمقاييس اللغة: سبب التسميه بمقاييس اللغة لأن مؤلفه كان مشغوفاً بقضية الاشتقاق فسمى كتابه (مقاييس اللغة) ويقصد بالمقاييس المعنى الأصلي المشترك في جميع صيغ المادة الواحدة فأطلق على هذه المعاني الأصول ويسميها اللغويون الاشتقاق الأكبر(2).
ب/ الهدف من تأليفه: كانت غاية ابن فارس من تأليف (مقاييس اللغة) كشف الستار عن المعنى الذي يتحقق تحققاً علمياً في كل الاستعمالات المصوغة من جذر الكلمة، يقول في مقدمته: “أن للغة مقاييس صحيحة وأصولا تتفرع منها وقد ألف الناس في جوامع اللغة ما ألفوا ولم يعربوا في شيء من ذلك عن مقياس من تلك المقاييس، ولا أصل من تلك الأصول، والذي أومأنا إليه باب من العلم جليل…وقد صدرنا كل فعل بأصله الذي يتفرع منه مسائله”(3).
د/ مصطلحات ابن فارس: استعمل مصطلحين أساسيين في كتابه للتعبير عن الدلالة الأصلية المشتركة هما: مصطلح الأصل الذي تردد كثيرا في المعجم، كقوله في أبّ: اعلم أن للهمزة والباء في المضاعف أصلين أحدهما المرعى والآخر القصد والتهيؤ، أما الأول فقول الله (وفَاكِهَةً وأَبَّاً) وأما الثاني فقال الخليل وابن دريد الأب: مصدر أبَّ فلان إلى سيفه إذا رد يده إليه ليستله(4). وقوله: السين والنون والهاء أصول واحد يدلا على زمان فالسنة معروفة(5). وقوله: العين والكاف أصول ثلاثة: اشتداد الحر والآخر الحبس والثالث جنس من الضرب(6). وقد ذكر ابن فارس كلمة (الأصل) كثيرا في معجمه وأحياناً يذكر مصطلح (أصيل) لينبه على أن استعمالات الجذر محدودة أو قليلة كأن يكون للجزر استعمال واحد أو استعمالان أو ثلاثة، مثل الكلمات (خوط)، (دلخ) و(هطع)(7).
ومصطلحه الآخر هو (القياس) ويعنى به الدلالة المشتركة أيضا التي تقاس عليها استعمالات الجذر، من ذلك قوله: الجيم والحاء والفاء أصل واحد قياسه الذهاب بالشيء مستوعباً(8)، وقوله: والنون والسين والخاء أصل واحد إلا أنه مختلف في قياسه قال قوم: قياسه رفع شيء وإثبات غيره مكانه وقال آخرون: قياسه تحويل شيء إلى شيء(9).
قصد المؤلف بالمقاييس أوجه التشابه أو الجوامع الاشتقاقية التي يقاس عليها كل جذر من جذور اللغة وأخذ هذا من معنى القياس في اللغة وهو الدلالة أصلاً على القدر الطولي ومنه أخذت الدلالة على التشابه أو التساوي يقال: قاس الشيء بغيره أي قدره على مثاله(1). وقد نجح ابن فارس في تطبيق فكرته تطبيقاً كاملاً على الألفاظ الثنائية والثلاثية أما الرباعية فله معها مذهب آخر يقول: “اعلم أن للرباعي والخماسي مذهباً في القياس يستنبطه النظر الدقيق وذلك أن أكثر ما نراه منه منحوت، ومعنى النحت أن تأخذ كلمتين وتنحت منها كلمة تكون آخذة منهما جمعياً بحظ”(2).
هـ/ مصادر ابن فارس: المصادر التي اعتمد عليها ابن فارس في المادة اللغوية أشهرها خمسة كتب ذكرها في مقدمته وهى: كتاب (العين) للفراهيدي وكتاب (جمهرة اللغة) لابن دريد وكتاب (إصلاح المنطق) لابن السكيت وكتاب (غريب الحديث) و(غريب المصنف) لابن عبيد القاسم بن سلام، وعنها يقول ابن فارس: “فهذه الكتب الخمسة معتمدنا فيما استنبطناه من مقاييس اللغة، وما بعد هذه الكتب فمحمول عليها….))(3). وقد تأثر ابن فارس بابن دريد كثيرا فابن دريد سبق ابن فارس في التأليف في الاشتقاق(4)، كما تأثر ابن فارس بالفراهيدي وذكره كثيرا في كتابه ولكنه كان يميل إلى الاختصار في ذكر أسماء من أخذ منهم من اللغويين وعند استقراء الدلالات المشتركة التي عينها ابن فارس للجذور تقود إلى أن أكثر هذه الدلالات من فكره وصياغة جهده الخاص لكن المادة ليست من جمعه بل هي مستقاة من مصادره المذكورة سابقاً.
و/ منهج ابن فارس في (المقاييس): إذا رجعنا إلى المعاجم القديمة لنقف على طرائق ترتيبها لموادها نجد أنها اتبعت طرائق متنوعة ومختلفة، ولكن فيها شيء من الصعوبة عند البحث فيها، خاصة المعاجم التي اتبعت الترتيب الصوتى كمعجم (العين) ومن سار على طريقه كابن دريد في (جمهرة اللغة) مع اختلاف يسير، تلك الطرائق الترتيبية شكلت مدارس بذاتها لكل منها ما يميزها عن أختها السابقة من بينها مدرسة ابن فارس التي اعتمدت نظام الأبنية والتدوير الألف بائي منهجاً لترتيب المواد.
درس ابن فارس النحو على طريقة الكوفة فتأثر بالكوفيين ولو قليلا فأهل الكوفة أهل ضبط وتشدد في الرواية وأهل قرآن وقراءات، ثم إنه درس الفقه الشافعي والمالكي مما جعله أكثر دقة في استنباط العلل والقياس ومعرفة طرائق الوصول إلى الحكم المعني أو القاعدة المطلوبة كل هذا أكسب ابن فارس تنظيما دقيقاً يلمسه المتصفح لمعجمه المقاييس. رتب مواده ترتيبا هجائيا وفق نظام الألف باء المألوف الذي يقوم على ثمانية وعشرين حرفا ًفكان ذلك ترتيباُ سهلاُ ومألوفاً، إلا أنه زاد عليه ابتكاراً جديداً من عنده لم يسبق إليه وهو النظام الدائري وقد يكون فيه شيء من الصعوبة أو ربما يؤدي إلى بعض الاضطراب والخلط والتكرار لكنه أسهل من نظام الخليل الصوتي التقليبي.
وبناءاً على هذا الترتيب الهجائي قسّم معجمه إلى كتب بدأت بكتاب الهمزة وانتهت بكتاب الياء، ثم قسّم كل كتاب إلى ثلاثة أبوب: أولها باب الثنائي المضاعف، وثانيها باب الثلاثي الأصول، وثالثها باب ما جاء على أكثر من ثلاثة أحرف أصلية، وبذلك تخلص من أبواب الخليل وابن دريد الكثيرة، فكان أضبط منهما(1). وكان يؤلف الحرف مع ما يليه في الألف باء لامع الهمزة أولا ثم الباء فالتاء ففي كتاب (الجيم) في باب المضاعف يبدأ الباب بالحرف المعقود له الباب وهذا النظام اتبعه في معجمه كله، ولكنه يبدأ بالجيم مع الحاء لا مع الهمزة لأن الحاء تلي الجيم في الترتيب الهجائي، ثم الجيم مع الخاء فجاءت مواده:(جح،جخ جد، جذ، جر جز، جس، جش، جص، جض، جظ، جع، جف، جل، جم، جن، جه، جو، جاً، جب جت)(2).
وفي باب الهمزة والتاء وما يثلثهما لم يبدأ بكلمة (أبت) ولكنه بدأ بكلمه (أتل) ثم (أتم) إلى أن وصل إلى كلمة (أتى) وأخيراً (أتب) وذلك لأن الباء لا تلي التاء ولا الياء بل تسبقهما، فأخرها وجعلها في آخر الباب(3). وكان عليه أن يبدأ بكلمة (أتت) ثم (أتج) ويسير وفق الترتيب ولكنه لم يذكر هذا الكلمات. هذا هو ترتيب ابن فارس الذي يسير وفق النظام الهجائي للعربية ولكنه أضاف إليه نظامه الدائري وذلك أنه يبدأ بالحرف مع ما يليه ويترك ما قبله ثم يعود إلى الحرف الذي تركه فيجعله في آخر الباب ثم يرتبه الترتيب المألوف.
هذا النظام فيه شيء من الصعوبة والتكرار لأنه عندما يصل إلى الياء يجد نفسه ترك عدداً من الكلمات المؤلفة من الحرف المعقود له الباب والحروف السابقة عليه، فوضعها في آخر الباب ولا شك أن في هذا جانب من المشقة والجهد. واهمل ابن فارس هذا الترتيب في أبواب ما زاد على ثلاثة أصول، مكتفياً بأن تبدأ الكلمات بالحرف المعقود له كل باب، ففي باب ما جاء من الكلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله باء وردت هذا الكلمات: (بلعم وبحتر وبعثق وبرجد وبلطج وبزمخ وبملخص وبزعر وبرقش…)(4) مما يؤكد أنه لم يلتزم ترتيباً معيناً غير البداية بالترتيب الهجائي.
واهتم ابن فارس بفكرة الأصول فأدار المادة على أصل واحد أو أصلين أو ثلاثة أصول أو أربعة أصول أو خمسة أصول، كقوله: (أث) هذا باب يتفرع منه الاجتماع واللين وهو أصل واحد وفي (أج) قال: وأما الهمزة والجيم فلها أصلان: الخفيف والشدة(5). وهذا يعني إنه سار في عرضه للدلالة على منهج شبه مطرد إذ يذكر الحروف المكونة للجذر ثم يحدد الدلالة أو الدلالات المشتركة ويفسرها في ضوء الدلالة المشتركة. وإذا لم يجد لبعض المواد أصولاً حكم عليها بالتباعد أو التباين أو عدم الانقياس أو الانفراد كما في قوله: (أجل) أعلم أن الهمزة والجيم واللام يدل على خمس كلمات متباينة لا يكاد يمكن حمل واحدة على الأخرى من جهة القياس فكل واحدة أصل في نفسها وربك يعمل ما يشاء، فالأجل غاية الوقت، وقولهم أجل في الجواب من هذا الباب كأنه يريد انتهى وبلغ الغاية، والأجل القطيع من بقر الوحش، والأجل مصدر أجل عليهم شراً أي جناه وبحته والأجل وجع في العنق(6). كما تجده في منهجه لا يذكر أسماء كل اللغويين الذين أخذ عنهم إلا الخليل وابن دريد. وأهم ما يميز منهج ابن فارس أنه تحرى الصحة والدقة، ونبه على المبدل من الحروف وإلى المجاز أحياناً ومال إلى الاختصار كثيرا، وطرح فكرة التقليب المعقدة، ووضح مفهومه للنحت كما قدم فكرة الاشتقاق بطريقة علمية واضحة، ولكنه من جانب آخر لم يؤثر كثيرا في أصحاب المعجم من بعده لأن نهجه التدويري في الترتيب لم يسر عليه غيره(1).
المحور الثاني: ابن فارس والاشتقاق
أولاــــ الاشتقاق قبل ابن فارس:
الاشتقاق في اللغة من الشق، وهو أخذ الشيء أو أخذ شقه أي نصفه، واشتقاق الكلام الأخذ فيه يمينا وشمالا … (1) والاشتقاق اصطلاحا أخذ كلمة من كلمة أو أكثر مع تناسب بين المأخوذ والمأخوذ منه في اللفظ والمعنى جميعا(2). وقد عرفه السيد الجرجاني (ت816هـ) قائلا: “نزع لفظ من آخر بشرط مناسبتهما معنى وتركيبا ومغايرتهما في الصيغة(3) وفي رأي معظم المحدثين الاشتقاق ((إحدى الوسائل الرائعة التي تنمو عن طريقها اللغات وتتسع ويزداد ثراؤها في المفردات، فتتمكن به من التعبير عن الجديد من الأفكار والمستحدث من وسائل الحياة))(4).
والاشتقاق بهذا المعنى علم عملي تطبيقي في اللغة العربية مختلف في مفهومه عن الاشتقاق عند اللغويين الغربيين فهو عندهم (عبارة عن أخذ ألفاظ القاموس كلمة كلمة، وتزويد كل واحدة منها بما يشبه أن يكون بطاقة شخصية يذكر فيها: من أين جاءت؟ ومتى؟ وكيف صيغت؟ والتقلبات التي مرت بها، فهو علم تاريخي يحدد صيغة كل كلمة في أقدم عصر تسمح المعلومات التاريخية بالوصول إليه، ويدرس الطريق الذي مرت به الكلمة، مع التغييرات التي أصابتها من جهة المعنى أو من جهة الاستعمال)(5). و يأتي الاشتقاق بمعنى (المقاييس) التي ترجع مفردات كل مادة إلى معنى أو معان تشترك فيها المفردات(6). لقد اهتم علماء اللغة بهذا الموضوع اهتماما كبيرا قديما وحديثا ووضعوا فيه المصنفات التي نبهوا فيها على خطر الاشتقاق ودوره الكبير في إثراء اللغة(7).
كانت دراسة علماء العربية القدامى للاشتقاق تدور حول الاشتقاق الصرفي واللغوي، فكل جهدهم في هذا المضمار يتركز حول تتبع المادة وجميع ما تصرف منها للكشف عن العلاقة بين معانيها ومعرفة أحوال صيغها وأوزانها فمادة (ض ر ب) يصاغ منها المضارع، الأمر، اسم الفاعل، اسم المفعول، صيغة المبالغة… وما إلى ذلك مما يسمى بالمشتقات القياسية أو الصرفية، كذلك يشتق منها صيغ أخرى، كالضرب، والاضراب ونحوهما مما يسمى بالاشتقاق اللغوي.
وظلت دراسة الاشتقاق على هذا الحال حتى القرن الرابع الهجري، وفي هذا القرن يطالعنا ابن جني في كتابه (الخصائص) بنوع جديد من الاشتقاق سماه (الاشتقاق الكبير) وهذا نص ابن جني: “الاشتقاق عندي على ضربين: كبير وصغير، فالصغير ما في أيدي الناس وكتبهم كأن تأخذ أصلا من الأصول فتقرأه، فتجمع بين معانيه وإن اختلفت صيغه ومباينه وذلك كثير كتركيب (س ل م) فإنك تأخذ منه معنى السلامة في تصرفه نحو سَلَمَ، يسلمُ… وعلى ذلك بقية الأمثلة، وأما الاشتقاق الأكبر فهو أن تأخذ أصلا من الأصول الثلاثية فتقعد عليه وعلى تقالبيه الست معنى واحدا تجتمع التراكيب الستة، وما ينصرف من كل واحد منها عليه وان تباعد الشيء من ذلك عنه، ردَّ بلطف الصنعة والتأويل إليه كما يفعل الاشتقاقيون ذلك في التركيب الواحد “(1). ومثل ابن جني لفكرته بأمثل كثيرة.
وإن كان ابن جني صاحب الفضل في التسمية، فالخليل صاحب الفضل في فكرة التقاليب، فقد حاول حصر كل المستعمل من كلمات اللغة العربية معتمدا على تقليب اللفظ إلى كل الاحتمالات الممكنة، ومبينا المستعمل من هذه التقاليب من غير المستعمل، وعلى أساس فكرة التقاليب هذه بنى معجمه (العين) إل أن الخليل لم ير أَنَّ التقاليب الستة للكلمة الثلاثية تدخل في باب اشتقاق واحد، وإنما الباعث عنده على هذا الترتيب فكرة إحصائية(2).
وقد أَقَرَّ ابن جني بأن هذا النوع من الاشتقاق صعب التطبيق على جميع نصوص اللغة، وصرح باستحالة الاطراد والإحاطة، فقال: “واعلم أَنا لا ندعي أَنَّ هذا مستمر في جميع اللغة، …”(3) وإذا كان ابن جني على ولعه بهذا الاشتقاق الكبير أو كما يسميه (الاشتقاق الأكبر) يترفق فيه ولا يبالغ فقد تكلف بعضهم فيه وفي غيره تكلفا لا يطاق، فخرجوا عن مدلول اللفظ الأصلي وتعسفوا في التعليل والتفسير.
ونظرا لأهمية الاشتقاق وكثرة دورانه في اللغة فقد تكلم عنه القدماء كثيرا وكذلك المحدثون، ومن القدماء من يرى أنه لا وجود للاشتقاق لأن كل كلمة في العربية أصل بنفسها وأن اللغة كلها توقيف ووحي من الله، وبالغ بعضهم في التوسع في الاشتقاق وتكلف فيه(4)، ولكن الإجماع منعقد قديما وحديثا على وقوع الاشتقاق وخاصة الاشتقاق الأصغر حتى ألف فيه جماعة من المتقدمين منهم الأصمعي، وقطرب، وأبو الحسن الأخفش، وأبو نصر الياهلي، وغيرهم. ولا يوجد خلاف بين المحدثين في أن الاشتقاق وسيلة مهمة جدا من وسائل نمو اللغة العربية وتطورها ومواكبتها للحضارة والحياة المتجددة، فالدكتور علي عبد الواحد يذكر مثالا من (الاشتقاق العام) هو: عَلِمَ، اعْلَم، تَعَلّم، أَعْلَمي، عِلمْ،….. الخ وعرفه بانه “ارتباط كل أصل ثلاثي في اللغة العربية بمعنى عام وضع له، فيتحقق هذا المعنى (العام) مثلا، وهو إدراك الشيء وظهوره ووضوحه، في كل كلمة توجد فيها الأصوات الثلاثة مرتبة حسب ترتيبها في الأصل الذي اخذت منه وهو (ع ل م) وقال: “وعلى هذه الرابطة يقوم أكبر قسم من متن اللغة العربية”(5) وذلك لأن اللغة في تطور والحاجة إلى مفرداتها في ازدياد، فقد تدعو الحاجة إلى اشتقاق معين لم يكن موجودا، والمشتقات لم تكن في عصر واحد، وإنما زادت شيئا فشيئا… وعليه تكون قاعدة القياس في الاشتقاق مستمرة جيلا بعد جيل.
أما اليوم نجد نهضة لغوية مستمرة ومتصاعدة تَجلَّتْ في نشاطات المجامع اللغوية العربية، كمجمع اللغة العربية في القاهرة، والمجمع العلمي العراقي، والمجمع السوري، وفي المجالات والكتب العلمية التي تصدر، وقد نال الاشتقاق من عنايتها ما ينبغي أن ينال في عصرنا الحاضر، وخاصة أننا نشهد اليوم فيضاً من الكتب والبحوث العربية.
وللاشتقاق فوائد كثيرة في المجال اللغوي منها:
أ/ يقوم الاشتقاق على الذي ينتج زيادة في الثروة اللغوية، فالاشتقاق إذن عامل هام من عوامل تنمية اللغة.
ب/ يمدنا الاشتقاق بمدلولات جديدة لمسميات كثيرة تبعاً لما يطرأ على ساحة الحياة المتغيرة من آن لآخر. يكشف الاشتقاق عن الربط بين الجزيئات والكليات، أو المعاني الجزئية والمعاني الكلية، يقول د. عبد الحسين المبارك: “وإذا كان الاشتقاق في اللغة العربية مظهراً من مظاهر منطقيتها وموافقتها للطبيعة في إرجاع الجزيئات إلى الكليات وربط الأجزاء المبعثرة بالمعنى الجامع، وتتجلى في ذلك مقدرة اللغة العربية في الربط والتصنيف سواء في الألفاظ، أو في المعاني، وتطبع بذلك عقلية أصحابها بهذا الطابع المنطقي العلمي، وإن شئت عكست، فقلت إن هذه الخاصية هي صدى ما للعقلية العربية من خصائص التفكير المنطقي العلمي”(1).
ج/ إن الاشتقاق يطلعنا على الأصل الذي تفرعت منه الكلمات أو بمعنى آخر الذي تولدت منه الكلمات فمثلا (الرحمن) مشتق من (الرحم) وكذلك (الرحيم) مشتق من الرحم أيضاً. وهكذا نستطيع فهم اللغة والوقوف على أسرارها، ومعرفة خباياها وفي هذا يقول الدكتور محمد المبارك” والاشتقاق يدلنا على أصول الألفاظ، فيمكننا من ربط الكلمة بأَخواتها، وأَفراد المجموعة التي تنتسب إليها، وذلك مما يثبت معناها أو يوضحه فإن كلمة سماء من (س م و)… فالاشتقاق هو الطريق إلى حسن فهم اللغة والتفقه فيها، ومعرفة اسرارها، والدخول في عالمها الخاص …”(2).
د/ إن الاشتقاق يعرفنا بالأصيل من الدخيل في اللغة، فالكلمة الدخيلة في العربية تبقى غالبا في معزل عن هذه المجموعات فلا نجد لها أصلاً لفظياً ذا معنى يدل على أَصالتها كالصراط، الفردوس، والكوب، فليس في العربية مادة (ص ر ط) ولا (ف ر د س) ولا (ك وب) لنعتقد أن هذه الألفاظ عربية أصيلة.
ثانياـــ الاشتقاق عند ابن فارس:
عالج ابن فارس من خلال شرحه للمفردات في (مقاييس اللغة) موضوع الاشتقاق معالجة علمية قائمة على منهج واضح، لذلك يعد معجم مقاييس اللغة من أشهر المعاجم التي سلكت هذا السبيل ــــ الاشتقاق ــــ في الشرح، لأن ابن فارس يرى أن للغة العرب مقاييس صحيحة وأصولا تتفرع منها الفروع.
يمكنن أن نعرض منهج ابن فارس في الكشف عن معاني المادة الواحدة، فهو يذكر الحروف المكونة للجذر المعالج ثم يذكر المعنى أو المعاني العامة للجذر، ثم يعرض استخدامات الجذر ويفسرها في ضوء المعنى الجامع، ثم يذكر ما شذَّ من المعاني عن المعنى العام إن وجدت شواذ، نأخذ هذه الكلمات:
جن: الجيم والنون أصل واحد الستر والتستر، الجَنَّة البستان وهو ذلك لأن الشجر بورقه يستر، والجَنَّة ما يصير إليه المسلمون في الآخرة وهو ثواب مستور عنهم، والجنين الولد في بطن أمه والجنين المقبور، والجِنان القلب، والجِنَّة والجنون وذلك لأنه يغطي العقل، والجان والجنون سموا بذلك لأنهم مستترون عن الخلق(3). فالمعنى العام هو الستر والتستر والاستعمالات التي ذكرها وفسرها تحت المعنى العام هي: الجنة للبستان لأن ورق الشجر يستر الأرض والجنين لأنه مستور في بطن أمه والجنة لأنها مستورة عنا في الدنيا، العلاقة بين المعنى العام وهذه المعاني واضحة مما يجعل المعاني أكثر وضوحا. وهذا سبيل ابن فارس في معجمه كله وقد وقف على حد كبير إذ لا نجد استخدام إلا وقد تتحقق تحققا تام في المعنى الجامع الذي عينه أولا.
خطف: الخاء والطاء والفاء أصل واحد مطرد منقاس وهو استلاب في خفة، فالخطف استلاب وبرق خاطف لنور الأبصار، والشيطان يخطف السمع إذا استرق، وجمل خيطف سريع المرور وتلك السرعة الخيطفي، وبه سمي الخطفي والأصل فيه واحد لأنه المسرع يقال لبث قوائمه على الأرض فكأنه قد خطف الشيء، ويقال: هو مخطف الحشا إذا كان منطوي الحشا، وذلك صحيح لأنه كان لحمة خطف فرق ودق وأما قولهم: رمى الرمية فأخطفها إذا أخطأها فممكن أن يكون من الباب {وممكن أن يكون} الفاء بدلا من الهمزة، والخطاف طائر والقياس صحيح لأنه يخطف الشيء بمخلبه ويقال: لمخالب السباع خطاطيفها(1).
دفتر: الدال والفاء والراء أصل واحد، وهو تغير رائحة الدفر النتن، يقولون للأمة يادفار والدنيا تسمى أم دفر وكتيبة دفراء يراد بذلك روائح حديدها. وشذت عن الباب كلمة واحدة إن كانت صحيحة يقولون: دفرت الرجل عني إذا دفعته(2).
دبر: الدال والباء والراء أصل هذا الباب وجله في القياس واحد وهو الشيء خلفه خلاف قبله، وتشذ عنه كلمات يسيره نذكرها. بعد أن ذكر المعاني التي تحت المعنى العام قال: وأما الكلمات الأخرى فأراها شاذة عن الأصل الذي ذكرناه وبعضها صحيح، فأما المشكوك فيه: إن دبار اسم يوم الأربعاء وأن الجاهلية بالذات كانوا يسمونه وفي مثل هذا نظر، وأما الصحيح فالدبار وهي المشار من الزرع، ومن ذلك الدبر وهو المال الكثير(3).
صرف: الصاد والراء والفاء معظم بابه يدل على رجع الشيء، صرفت القوم وانصرفوا إذا رجعوا والصريف اللبن ساعة يحلب وينصرف به، والصرف القرآن والتوبة لأنه برجع به عن المذنبين(4).
طلق: الطاء واللام والقاف أصل صحيح مطرد واحد وهو يدل على التخلية والإرسال يقال انطلق الرجل وأطلقه والطلق الشيء الحلال كأنه قد خلي عنه فلم يحظر ومن بابه عدا الفرس طلقا أو طلقين، امرأة طالق، ورجل طلق الوجه وطليقه كأنه منطلق، ويقال: يده بخير واطلاق، وهذا لسان طلق ذلق، وهذا أمر ما تطلق نفسي له أي لا تنشرح له، واستطلق الراعي لنفسه ناقة(5).
يحدد ابن فارس حروف الكلمة ثم يذكر مشتقات الكلمة في أكثر من عشر صفحات، بسبب حرصه الشديد على أن تكون هنالك علاقة بين كل المشتقات والمعنى العام الذي حدده، بهذا يكون الاشتقاق محددا جيدا من محددات المعني كما أنه في ذكره للمشتقات يستشهد بآيات من الذكر الحكيم مما يزيد المعني وضوحا، وكذلك من ميزاته أنه يمكنك من مشتقاته الكثيرة أن تحدد المعنى المجازي بنفسك دون عناء.
ولكن هنالك ملاحظات يسيرة وقفت عليها منها إنه أحيانا لا يذكر المعنى العام الجامع، كما في هزق: الهاء والزاي والقاف كلمات في قياس واحد امرأة هزقة لا تستقر وكذلك المهزاق والهزق الرعد، وأهزق الرجل ضحك وحمار حزق كثير الاستنان(1). الملاحظ إنه لم يذكر المعني الجامع وعبر عنه بقوله قياس واحد، وربما لأن ذلك واضح هو الحركة السريعة وكان يمكنه أن يوضح ذلك، ولكن مثل هذا ليس كثيرا في المعجم.
كذلك تجد ابن فارس قد بذل جهدا كبيرا في رد جميع مشتقاته إلى المعنى العام مما اضطره إلى الشرح والتأويل البعيد أحيانا كما في قوله: مختف الحشا إذا كان منطوي الحشا وذلك صحيح لأنه كأن لحمه خطف فرق ودقن وهو يذكر الكلمات الشاذة عن قياسه بعد أن لم يتمكن من إرجاعها إلى المعني العام في (دفر) و (دبر) وغيرهما كثير.
مما يميز منهج ابن فارس في الاشتقاق إنه أبعد عند استنباط المعنى العام الاستعمالات المشكوك فيها والاستعمالات غير العربية والمبدلة والمقلوبة والمصحفة وحكايات الأصوات، وكلمات الاتباع والاستعمالات المنحوتة وأسماء النباتات والأماكن وأعلام الأشخاص والقبائل، وقد أشار إلى ذلك في مقدمته، ولم يخرج عن هذا المنهج الا نادرا. وبهذا قدم ابن فارس نموذجا جيدا للعلاقات بين الكلمات التي تدور حول معني واحد، ولم يكن وحده الذي طرق هذا الباب فقد سبقه أصحاب المعاجم القديمة إلا أنهم لم يتناولوا الفكرة بهذا التوسع الذي نجده عن ابن فارس.
الخاتمة:
خلصت الدراسة إلى النتائج الآتية:
1/ اعتمد ابن فارس الاشتقاق المعنوي في رد الفروع على الأصول، وبالتالي لم يكن اشتقاقه لفظيا.
2/ اتضح أن الدلالة الأصل لجذر ما عند ابن فارس تعني الدلالة التي تتحقق في كل استعمالات ذلك الجذر.
3/ استخلص ابن فارس دلالاته الأصلية من كل استخدامات الجذر المعني، وقد تتحقق دلالاته الأصلية مباشرة وقد تحتاج إلى تأويل أحيانا.
4/وجدت فكرة الدلالة الأصل في عمل بعض اللغويين قبل ابن فارس مثل ابن قتيبة، ولكن عملهم كان جزئيا لم يفردوا له بحثا كاملا كما فعل ابن فارس.
5/ تمكن ابن فارس من تطبيق فكرته (الدلالة الأصل) تطبيقا كاملا وذلك لاطراد منهجه الذي اتبعه.
6/ الدلالات العامة في معجم مقاييس اللغة من فكر ابن فارس ولكن المادة منقولة من مصادر أخرى مثل العين وجمهرة اللغة.
7/ استبعد ابن فارس عند استنباط الدلالة الأصلية الاستعمالات المبدلة والمصحفة والمقلوبة وغير العربية وقد كان مصيبا في ذلك.
8/ توسع ابن فارس كثيرا في بعض الدلالات مما أدى إلى وإعمال الفكر التأويل البعيد الذي أضر ببعض الدلالات.
9/لم يجد معجم مقاييس اللغة حظا كبيرا من الاهتمام كغيره من المعاجم مثل أساس البلاغة أو لسان العرب.
10/ ترك ابن فارس بعض الاستعمالات التي تبدو غير واضحة العلاقة بالدلالة الأصل، وهذا مما يؤخذ عليه.
11/ ابتكر ابن فارس طريقة جديدة في ترتيب معجمه ولكنها لم تسهم في تطور المعجم العربي ولم يتبعها غيره في الترتيب.
المراجع:
1/ ابن فارس، أبو الحسين أحمد فارس، مجمل اللغة، تحقيق زهير عبد المحسن، مؤسسة الرسالة، الاردن، ط/1، د.ت.
2/ ابن فارس، أبو الحسين أحمد فارس مقاييس اللغة تحقيق ابراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط/2، 2008م.
3/ ابن فارس، أبو الحسين أحمد فارس، الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها، مكتبة المعارف، بيروت، ط/1، 1993م.
4/ ابن جني، أبو الفتح عثمان بن جني، الخصائص، تحقيق عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط/1،2001م.
5/ الفراهيدي، أبو عبد الرحمن الخليل ابن أحمد الفراهيدي، العين، تحقيق داؤود سلوم، مكتبة لبنان ناشرون، ط/1، 2004م.
6/ الثعالبي، أبو منصور عبد الملك محمد ابن إسماعيل الثعالبي، فقه اللغة وسر العربية، تحقيق مجدي فتحي السيد، المكتبة التوفقية ،ط/3، 1972م.
7/ الجوهري، أبو نصر اسماعيل بن حامد الجوهري، تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق إميل بديع يعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت، ط/199،1م.
8/ أحمد مختار عمر، علم الدلالة، علم الكتب، القاهرة، ط/6، 1988م.
9/ الطرابلسي، أمجد الطرابلسي، نظرة تاريخية في حركة التأليف عند العرب في اللغة والأدب، المكتبة العربية، حلب ،ط/4، 1966م.
10/ الزركشي، بدر الدين محمد ابن عبدالله الزركشي، البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، مطبعة البابي الحلبي وشركاه، ط/2، 1972م
11/ السيوطي، جلال الدين أبوبكر بن عبد الرحمن السيوطي، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، دار احياء الكتب العربية،القاهرة،1965م.
12/ السيوطي، جلال الدين أبوبكر بن عبد الرحمن السيوطي، الاتقان في علوم القرآن، تحقيق محمد الفضل ابراهيم، مكتبة دار التراث، القاهرة،1967م.
13/ السيوطي، جلال الدين أبوبكر بن عبد الرحمن السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، شرح محمد جاد المولي، دار الجيل، مصر، 1974م.
14/ القفطي، جمال الدين أبو الحسن علي ابن يوسف القفطي، إبناه الرواة علي أبناه النحاة، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، دار المكتبة المصرية، القاهرة، ط/1، 1952م.
15/ ابن منظور، جمال الدين ابن مكرم بن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط/1، 1990م.
16/ حازم علي كمال الدين، دراسة في علم المعاجم، مكتبة الآداب القاهرة، ط/1، 1999م.
17/ نصار، حسين نصار (الدكتور)، المعجم العربي نشأته وتطوره، دار مصر للطباعة ، ط/4، 1988م.
18/ ياقوت، سليمان يعقوت (الدكتور)، فقه وعلم اللغة، دار المعارفة الجامعية، الأسكندرية، 1940م.
19/ الحموي، شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت الحموي، معجم الأدباء، دار مأمون، عمان، الطبعة الأخيرة ،1961م.
20/ الحموي، شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت الحموي، معجم البلدان ، تحقيق محمد أمين الخانجي، 1961م
21/ جبل، عبد الكريم محمد حسن جبل، الدلالة المحورية في معجم مقاييس اللغة، مطبعة العلمية دمشق ،ط/ 2003،1م
22/ وافي، علي عبد الواحد وافي (الدكتور)، علم اللغة، دار نهضة مصر، ط/1، 2004م.
23/ ابن الأنباري، كمال الدين أبو بركات عبد الرحمن بن محمد بن الأنباري، نزهة الألباء في طبق الأدباء، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، دار نهضة مصر، د.ت.
24/ المبارك، محمد المبارك، فقه اللغة وخصائص العربية، دار الفكر بيروت، ط/2، 1992م
(1) السيوطي، جلال الدين السيوطي، م، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط/1(1965)، دار الفكر، بيروت.
(2) معجم الأدباء، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت عبد الله الحموي، دار المأمون، مصر، الطبعة الأخيرة، د.ت، 1/81.
(3) أنباه الرواة على أنباه النحاة، جمال الدين علي بن يوسف القفطي، تحقيق، محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار المكتبة المصرية، القاهرة، ط/1، 1952م، 1/93.
(4) مجمل اللغة، أحمد بن فارس، تحقيق زهير بن عبد المحسن، مؤسسة الرسالة، ط/1، 1984م، 1/11.
(5) معجم البلدان، ياقوت الحموي، تحقيق محمد أمين الخانجي، المطبعة الرحمانية، د.ت، 7/238.
(6) إنباه الرواة، 1/93.
(7) المرجع السابق، ص97.
(8) بغية الوعاة، 1السيوطي، /429.
(1) نزهة الألباء في طبقات الأدباء، أبو البركات كمال الدين عبدالرحمن بن محمد بن الأنباري، تحقيق محم دأبوالفضل إبراهيم، دار نهضة مصر القاهرة د.ت، ص320.
(2) المرجع السابق، ص321.
(3) المرجع نفسه، 322.
(4) نفسه والصفحة.
(5) أنباه الرواة، القفطي، 1/94.
(6) المدارس المعجمية دراسة البنية التركيبية، د. عبد القادر عبد الجليل، دار الصفا، عمان، ط/1، 1999م، ص118.
* أبوعبدالله الحميدي هو أبوعبدالله محمد بن نصر بن فتوح بن حميد الأندلسي(ت488هـ).
(7) المرجع السابق، ص96.
(8) إنباه الرواة، 1/97.
(9) نزهة الألباء، 1/429.
(1) مجمل اللغة، ابن فارس، 1/11.
(2) معجم الأدباء، ياقوت الحموي، 2/7.
(3) الصاحبي، ابن فارس، ص98.
* الزاغوني هو أبو الحسن علي بن عبدالله بن نصر الزاغوني(ت 275هـ)، وابن الجوزي هو أبو الفرج عبدالرحمن بن علي بن الجوزي(ت 397هـ)، والدامغاني الواعظ قاضي القضاة أبو عبدالله بن علي (ت 478هـ).
(4) البرهان في علوم القرآن، بدر الدين الزركشي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة البابي الحلبي، ط/2، 1972م،ص102.
(1) معجم الأدباء، ياقوت الحموي، 2/83.
(2) الخصائص، ابن جني، 3/283.
(3) مقاييس اللغة، تحقيق، عبدالسلام محمد هرون، المقدمة، ص3.
(4) المرجع السابق، 1/11.
(5) المرجع نفسه، 1/571.
(6) نفسه 4/94.
(7) نفسه، خوط2/229، ودلخ2/295، وهطع 6/69.
(8) نفسه، 1/319.
(9) مقاييس اللغة 5/424.
(1) المرجع السابق 5/424.
(2) المرجع نفسه 1/4.
(3) نفسه 1/45.
(4) نفسه 1/22.
(1) المعجم العربي نشأته وتطوره، د. حسين نصار، 1/384.
(2) مقاييس اللغة 1/405.
(3) المرجع السابق 1/47.
(4) المرجع نفسه 1/70.
(5) نفسه 1/ 78.
(6) مقاييس اللغة 1/64.
(1) المعاجم اللغوية نشأتها وتطورها، ص60.
(1) لسان العرب، 1/221.
(2) فقه اللغة ص78
(3) المرجع السابق، ص103
(4) فصول في فقه اللغة، ص29.
(5) المرجع السابق، ص290.
(6) مقاييس اللغة، ص39.
(7) خصائص العربية، ص77.
(1) الخصائص 2/125.
(2) المعجم العربي نشأته وتطوره، د.حسين نصار، ص79.
(3) الخصائص 2/140.
(4) المزهر، 1/346.
(5) فقه اللغة، ص276.
(1) خصائص العربية، محمد المبارك، ص67
(2) المرجع السابق، ص73.
(3) مقاييس اللغة 1/216.
(1) مقاييس اللغة 1/317.
(2) المرجع السابق 1/ 23.
(3) المرجع نفسه 1/43.
(4) نفسه 2/37.
(5) نفسه 2/77.
(1) مقاييس اللغة 2/605.