ملخص:
تعتبر مشكلة تعاطي المخدرات من المشاكل الاجتماعية التي تؤثر على بناء المجتمع وأفراده بما يترتب عليها أثار عدة منها النفسية والصحية، وقد عرفت هدا الأخير تغلل كبير في الدول العربية و الغربية، فقد أصبحت خطرًا يُهدِّد المجتمعات وتُنذِر بالانهيار، فهي آفة المجتمعات التي تُدمّر الفرد والأسرة وعرفت تزايد كبير في الآونة الأخيرة عبر دول العالم.
فهي تكلف الحكومات أكثر من مائة وعشرين مليار دولار، وترتبط بها جرائم كثيرة، كما تلحق أضرارا بالغة باقتصاديات العديد من الدول مثل تخفيض الإنتاج وهدر أوقات العمل وانحسار الرقعة الزراعية المخصصة للغذاء وتراجع التنمية وتحقيق الاحتياجات الأساسية لذا سنحاول من خلال هذا المقال الطرق إلى الوضع العالمي حول ظاهرة المخدرات وتوضيح أهم الآثار النفسية و الصحية المرتبطة به.
الكلمات المفتاحية: المؤسسات، الظواهر الاجتماعية، المخدرات.
مقدمة:
تعاطي المخدرات لم يعد مشكلة محلية تعاني منها بعض الدول الكبرى أو الصغرى أو بلدان محلية أو إقليمية ، بل أصبح مشكلة دولية،تتكاتف الهيئات الدولية والإقليمية، لإيجاد الحلول الجذرية لاستئصالها ، وترصد لذلك الكفاءات العلمية و الطبية و الاجتماعية ، لمحاولة علاج ما يترتب عنها من أخطار إقليمية ودولية، و تنفق الأموال الطائلة لتضيق الحد من تفشيها و انتشارها تفاقمـت مشـكلة المخدرات في السنوات الأخيرة بحيث أصبحت مشكلة عالمية تقض مضـاجع المسئولين وأجهزة الدولة و الإدمان على مخدر ما، يعني تكون رغبة قوية وملحة تدفع المدمن إلى الحصول على المخدر وبأي وسيلة وزيادة جرعته من آن لآخر، مع صعوبة أو استحالة الإقلاع عنه سواء للاعتماد الإدمان) النفسي أو لتعود أنسجة الجسم عضويا، وعادة ما يعاني المدمن من قوة دافعة قهرية داخلية للتعاطي بسبب ذلك الاعتماد النفسي أو العضوي،إذ تشير العديد من المؤتمرات العالمية والمحلية إلى أن بدء التعاطي يقع غالبا في سن المراهقة ( خاصة المبكرة ) . وهي الفترة التي يقضيها الشباب في المدارس والجامعات . و تمتد عبر المراحل العمرية المتعددة ولكن تبدو أكثر خطورة وشيوعا لدى قطاعات الشباب والمراهقين . وتساعده على الهروب من الواقع شعوريا ولا شعوريا ومن ثم الاتجاه نحو الانحراف بأشكاله المتنوعة . كما تشيع هذه المشكلة في مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية والأسر ذات المستويات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة حيث أشار تقرير منظمة الصحة العالمية عام ١٩٦٩ م إلى أن التخدير حالة نفسية وفي بعض الأحيان جسمية تنتج عن التفاعل بين الكائن الحي وبين المخدر وتقترن باستجابات سلوكية تدل على أن المتعاطي يدفع إلى تناول العقاقير بصفة مستمرة او فترات متقطعة بغية الوصول الى المتعة التي يسببها التعاطي ، وقد ياتي الاقبال على التعاطي بقصد تجنب الشعور بعدم الارتياح الناجم عن عدم التناول[1]، هي خطر داهم قادم لتدمير كل العالم وكل الدول غنيها وفقيرها، وحسب إحصاء منظمة الصحة العالميـة فإن نسبة مدمني المخدرات في العالم أكثر من خمسين مليون شخص . وهذه النسبة آخذة في الزيادة أكثر من ذلك إذا لم نواجه البلاء بكل الوسائل والطرق ونحد من انتشاره لأن المشكلة الآن ليست في وجود المخدرات بل في انتشارها السريع واقتناع بعض الشباب والمراهقين باستخدامها. ولقد تفاقمت مشكلة المخـدرات في الـسنوات الأخـيرة وأصبحت مشكلة عالمية تشغل المسئولين والأجهزة المعنية محلياً ودولياً، والمعضل في الأمر أن المخدرات تـسببت في مشاكل أخرى مثل الفقر والتسول وانتشار ظواهر الانحراف بصوره المختلفة[2]
ما هو واقع المخدرات في العالم بلغة الأرقام؟
ماهي أثاره الصحية و النفسية؟
تعريف المخدرات:
تعرف المخدرات علمياً بأنها كل مادة كيميائية يؤدي تناولها إلى النعاس والنوم أو غياب الوعي المرفوق بالآلام. ووفقاً لهذا التعريف؛ فإنّ المخدرات المنشطة وعقاقير الهلوسة لا تدخل ضمن إطار المواد المخدرة، بينما يندرج الخمر تحت صنف المخدرات.[3]
ومن الناحية القانونية تعرف المخدرات بأنها مجموعة المواد المحدثة للإدمان، يؤدي تعاطيها إلى تسمم الجهاز العصبي، ويحضر تداولها أو زراعتها أو صناعتها إلاّ لأغراض محددة وبترخيص قانوني؛ وتشمل: الأفيون ومشتقاته؛ والحشيش؛ وعقاقير الهلوسة؛ والمنشطات؛ والكوكايين، بينما لا تصنف الخمر والمهدئات والمنومات ضمن المخدرات بالرغم من ثبوت أضرارها وقابليتها لإحداث الإدمان.[4]
لا تزال مشكلة المخدرات العالمية مشكلة تثير القلق وتخيّم على الأفق. فوفقا لتقرير المخدرات العالمي لعام 2017 يعاني 29.5 مليون نسمة من اضطرابات ناجمة عن تعاطي المخدرات، وتتّسم أسواق المخدرات بسرعة تطور المواد المخدرة. ويرتهن متعاطي المخدرات في كثير من الأحيان بدوامة التهميش، مما يجعل تعافيهم واندماجهم من الناحية الاجتماعية أمراً صعباً.
وتُواصل الأمم المتحدة تقديم الدعم للعمل بسياسات في مجال مكافحة المخدرات تقوم على حقوق الإنسان، ولبناء القدرات في مجالات الصحة العامة، والعدالة الجنائية، وإدارة السجون، والمجتمع المدني دعما لزيادة إمكانية حصول متعاطي المخدرات والمساجين على الخدمات، بما فيها الخدمات المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية. وفي مجال أنشطة التنمية البديلة الهادفة إلى الاستعاضة عن محاصيل المخدرات بغيرها، تقدم الأمم المتحدة الدعم إلى المجتمعات المحلية الريفية بتوفير فرص مشروعة لإدرار الدخل تركّز على المحاصيل المدرة للريع النقدي والمتميزة باستدامة أسواقها.
وشهدت الدورة الاستثنائية للجمعية العامة بشأن مشكلة المخدرات العالمية، المعقودة في عام 2016، تأكيد الدول الأعضاء مجددا على اتباع نهج شامل يضع الشواغل المتعلقة بالصحة العامة والتنمية وحقوق الإنسان بجانب شواغل إنفاذ القانون. وأكّدت الدول من جديد الأهمية المحورية للاتفاقيات الدولية الثلاث لمكافحة المخدرات وسائر الصكوك ذات الصلة. وتتضمن الوثيقة الختامية (القرار S-30/1) أكثر من 100 توصية عملية، تعمل البلدان على ترجمتها إلى إجراءات بقيادة لجنة المخدرات
دور التكنولوجيا في إنشاء أسواق مخدرات ذات مخاطر منخفضة:
أتاحــت ثــورة الاتصالات بالأجهزة المتنقلــة فرصــاً جديــدة للمتَّا ِجريـن. فلم يعـودوا بحاجة إلـى الاتصال الشـخصي بالزبائن، وبــدالً مــن ذلــك، يمكــن أن يتولــى “ســعاة” مــن مســتوى أدنــى تحصيـل المبالـغ النقديـة، ويمكـن للموزعين، باسـتخدام رسـائل مرسـلة عبـر شـبكات مشـفَّرة، أن يوضحـوا للزبائـن الأماكن التي يمكنهم منها التقاط مخدراتهم. وتتيـح الشـبكة الخفيـة، للمتعاطيـن شـراء المخـدرات بعملـة مشـفَّرة، مثـل “البت كويـن”، حيث تُسـلَّم مشـترياتهم إليهم بطريقــة خفيــة. ويتشــكل المشــترون النمطيــون مــن المتعاطيــن الترويحييــن للقنــب و”الاكستاتي” والكوكاييــن والمهلوســات والمؤثـرات النفسـانية الجديـدة. وهنـاك احتمـال أقـل بـأن يطلبـوا الحصــول علــى الهيرويــن أو الميثامفيتاميــن. ورغــم أن الشــبكة الخفيــة لا تمثــل ســوى نســبة مئويــة ضئيلــة مــن مبيعــات المخدرات، تشهد السوق نموا سريعاً في السنوات الأخيرة
تقدَّر أنَّ ما مجموعه 246 مليون شخص، أو 1 من كل 20 شخص في سن 15 إلى 64 عامًا، تعاطوا مخدِّرًا غير مشروع في عام 2013 ويمثِّل ذلك زيادة قدرها 3 ملايين شخص عن السنة السابقة، ولكنَّ معدل تعاطي المخدِّرات غير المشروعة بقي ثابتًا في الواقع بسبب ازدياد عدد سكان العالم.
الاتجاهات العالمية للعدد التقديري لمتعاطي المخدرات.
شكل رقم 02 يوضح الاتجاهاتالعالميةللعددالتقديريلمتعاطيالمخدِّرات2006-2013 (سن 15-64) عدد متعاطي مخدرات غير شرعية عدد متعاطي المخدرات الإشكاليين
المصدر: التقرير العالمي للمخدرات 2016
الاتجاهاتالعالميةللانتشارالتقديريلتعاطيالمخدِّرات 2009- 2013 في سن 13-64 سنة٠ معدل انتشار متعاطي المخدرات الغير مشروعة معدل انتشار تعاطي المخدراتالمصدر: التقرير العالمي للمخدرات ، 2013، ص03
ويزداد حجم مشكلة المخدِّرات العالمية وضوحًا عندما يوضع في الاعتبار أنَّ أكثر من ١ من كل ١٠ من متعاطي المخدِّرات هو متعاطي مخدِّرات إشكالي، يعاني من اضطرابات تتعلق بتعاطي المخدِّرات أو من الارﺗﻬان للمخدِّرات. وبعبارة أخرى فإنَّ نحو ٢٧ مليون شخص، أو ما يقارب جميع سكان بلد في حجم ماليزيا، هم متعاطو مخدِّرات إشكاليون. ويتناول ما يقارب نصف هؤلاء المتعاطين الإشكاليين ( ١٢،١٩ مليون شخص) المخدِّرات بواسطة الحقن، ويقدَّر أنَّ ١،٦٥ مليونًا من المتعاطين بواسطة الحقن كانوا مصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في عام .2013
ويفرض ذلك عبئًا على نظم الصحة العمومية، من حيث الوقاية، وعلاج المصابين باضطرابات تعاطي المخدِّرات ورعايتهم، وما يترتب على تلك الاضطرابات من عواقب صحية. ولا يتاح الحصول على العلاج إلاَّ لواحد من كل ستة من متعاطي المخدِّرات الإشكاليين في العالم، لأنَّ العديد من البلدان يعاني من نقص كبير في توفير الخدمات. وقد بقي العدد السنوي 178 وفاة في عام 2013 دون تغيير نسبيا. وما زال هناك عدد لا يمكن قبوله للوفيات المتصلة بالمخدِّرات المقدَّر ب 100 من متعاطي المخدِّرات الذين يفقدون أرواحهم قبل الأوان، وكثيرًا ما يكون ذلك نتيجة لتعاطي جرعة مفرطة، على الرغم من أنَّ الوقاية ممكنة من الوفيات المتصلة بتناول جرعات مفرطة.
وعلى الرغم من التباينات الوطنية والإقليمية في اتجاهات تعاطي المخدِّرات فإنَّ البيانات المحدودة المتاحة تشير إلى أنَّ تعاطي المواد الأفيونية الهيروين والأفيون) بقي ثابتًا على صعيد العالم. فنتيجة للاتجاهات السائدة في القارة الأمريكية وأوروبا بصفة رئيسية، تراجع تعاطي الكوكايين عموما، في حين استمر تزايد تعاطي القنَّب وتعاطي المستحضرات الصيدلانية شبه الأفيونية لأغراض غير طبية. وتتباين اتجاهات تعاطي المنشِّطات الأمفيتامينية من منطقة إلى أخرى، وقد أبلغت بعض المناطق الفرعية، مثل جنوب شرق آسيا، عن زيادة في تعاطي الميثامفيتامين.
شكل رقم 03 يوضح الاتجاهات العالمية لمتعاطي المخدرات سنة 2009-2013
وهناك أيضًا مؤشرات على أنَّ عدد المحتاجين إلى العلاج من تعاطي القنَّب يتزايد في معظم المناطق. وتوحي الشواهد بأنَّ المزيد من متعاطي المخدِّرات يعانون من الاضطرابات المتعلقة بتعاطي القنَّب، وثمة أدلة متزايدة على احتمال تزايد الضرر
الذي يحدثه القنَّب. ويتجلى ذلك في علو نسبة الذين يبدأ دون العلاج لأول مرة من الاضطرابات المتصلة بتعاطي القنَّب في أوروبا وأمريكا الشمالية وأوقيانوسيا. ووفقًا للمعلومات المحدودة المتاحة فإنَّ القنَّب يتصدَّر أنواع المخدِّرات التي يبدأ متعاطي المخدِّرات العلاج منها لأول مرة في إفريقيا.
ويمثل القنَّب إلى حد بعيد أكثر المخدِّرات تعاطيًا في السجون. وعلى الرغم من محدودية البيانات المتاحة عن هذا الموضوع فثمة شواهد على أنَّ ُثلث السجناء تعاطوا مخدِّرًا مرة واحدة على الأقل أثناء سجنهم. وتعاطي الهيروين خلال العمر أو منذ وقت قريب (الشهر السابق) في السجون يفوق كثيرًا معدل تعاطي الكوكايين أو المواد الأمفيتامينية أو الإكستاسي”. والسجن بيئة محكومة وشديدة المخاطر، يكثر فيها تعاطي المخدِّرات، بما في ذلك التعاطي بالحقن، في ظروف غير مأمونة بصفة خاصة. وقد يوضح ذلك السبب في أنَّ بيئة السجون يمكن أن تتسم بعلو معدلات انتشار الأمراض المعدية وبمحدودية فرص الحصول على (“C”) ” فيروس نقص المناعة البشرية ولكن أيضًا التهاب الكبد من النوع “جيم خدمات الوقاية والعلاج، الأمر الذي يزيد من احتمال الإصابة بالفيروسات المنقولة بالدم.
شكل رقم (04) يوضح معدل انتشار تعاطي المخدرات في السجون خلال العمر وخلال السنة استناد الى 62 دراسة من 43 بلد خلال 200- 2013الإكستاسي الأمفيتانيات الكوكايين الهيروين القنَّب أي مخدِّر غير مشروع
المصدر: التقرير العالمي للمخدرات ، 2013، ص 06
ويتزايد أيضًا على الصعيد العالمي عدد المحتاجين للعلاج من تعاطي المنشِّطات الأمفيتامينية. ويمكن على الأرجح عزو ذلك إلى تأثير كبر الأعداد فحسب، لأنَّ معدل انتشار تعاطي المنشِّطات الأمفيتامينية مرتفع نسبيا في آسيا، التي يوجد فيها طلب كبير على العلاج ولكنَّ مستوى تطور خبرات علاج الاضطرابات المتصلة بتعاطي المنشِّطات الأمفيتامينية ليس على نفس مستوى تطور خبرات علاج الاضطرابات المتصلة بتعاطي المواد الأفيونية.
وتُسوَّق المؤثِّرات العقلية الجديدة باعتبارها بدائل للمخدِّرات الخاضعة للمراقبة الدولية، ويُزعم أﻧﻬا تُحدث آثارًا مشاﺑﻬة للآثار التي تحدثها نظيراﺗﻬا “التقليدية”. ويمكن أن تشكل هذه المؤثِّرات مخاطر جسيمة على الصحة والسلامة العموميتين. والمعلومات والبحوث عن الأضرار التي يمكن أن تسببها المؤثِّرات العقلية الجديدة محدودة، ولكنَّ تكاثر هذه المواد، التي يقدَّر أنَّ عددها يبلغ 500مادة، من بينها مادة الميفيدرون، يشكل خطرًا على صحة متعاطي المخدِّرات، وقد أدى إلى تزايد الطلب على العلاج من تعاطي المخدِّرات. ولا يزال الكوكايين هو المخدِّر الرئيسي الذي يثير القلق في أمريكا اللاتينية والكاريبي، في حين لا يزال تعاطي المواد الأفيونية أكثر أساليب التعاطي إشكالية على الصعيد العالمي. ويمكن عزو ذلك إلى العلاقة بين تعاطي المواد الأفيونية، وتعاطي المخدِّرات بالحقن، وفيروس نقص المناعة البشرية والأيدز والوفيات الناتجة من تعاطي جرعات مفرطة، وإلى أنَّ تعاطي المواد الأفيونية يفضي إلى غالبية حالات الإدخال في المؤسسات العلاجية لتلقي العلاج من تعاطي المخدِّرات في آسيا وأوروبا.
وتميل تصورات الجمهور بشأن إعادة تأهيل المرﺗﻬنين للمخدِّرات إلى الإفراط في تبسيط حجم ظاهرة الارﺗﻬان للمخدِّرات.
وليس هناك علاج سريع وبسيط للارﺗﻬان للمخدِّرات. فهو حالة صحية مزمنة، وكما في الحالات المزمنة الأخرى، يبقى
المصابون معرضين للخطر مدى الحياة وبحاجة لعلاج طويل الأمد ومستمر. وهناك عدد متزايد من البحوث التي تدل على أنَّ تدخلات عديدة رامية إلى الوقاية من البدء في تعاطي المخدِّرات (أو من احتمال الانتقال إلى مرحلة الاضطرابات المتصلة بتعاطي المخدِّرات) يمكن أن تكون فعالة إذا تصدَّت لمواطن الضعف الشخصية والبيئية المختلفة لدى الأطفال والشباب- التي هي عوامل خارجة بقدر كبير عن سيطرة الشخص المعني.
آثار تعاطي المخدرات:
1.8. الآثار الصحية:
يتوقف مدى التأثير الصحي للمخدرات على عوامل كثيرة منها الحالة الصحية للمتعاطي وبناءه الجسدي، وتركيب شخصيته وحالته النفسية، وأيضا نوع المخدر ونسبة المادة الفعالة فيه وجرعته المعطاة، ودرجة الإدمان للمتعاطي وطريقة التعاطي، فضلا عن الظروف الاجتماعية والبيئية المحيطة بالمتعاطي نفسه.
فالإدمان يؤدي إلى ضمور الدماغ الذي يتحكم في التفكير والإرادة وتؤكد الأبحاث الطبية أن تعاطي المخدرات ولو بدون إدمان يؤدي إلى نقص في القدرات العقلية وإلى إصابة خلايا بالمخيخ بالضمور مما يخل بقدرة الشخص على الوقوف من غير ترنح[9] . كما تحدث اضطرابات في ضربات القلب، ويرتفع ضغط الدم ويمكن حدوث اضطرابات مزمنة في عضلات القلب تؤدي إلى فشله في النهاية في القيام بوظائفه الهامة[10] . كما أنها تؤدي إلى تهيج موضعي للأغشية المخاطية والشعب الهوائية وذلك نتيجة تكون مواد كربونية وترسبها بالشعب الهوائية اذ ينتج عنها التهابات رئوية مزمنة قد تصل إلى الإصابة بالتدرن الرئوي.
. فتحدث آلام في الجهاز الهضمي وتفقد الشهية وتسبب سوء التغذية والهزال والخمول والضعف الجنسي وتؤدي إلى تصلب الأنسجة والشرايين …إلى غير ذلك من الأمراض الخطيرة كالسرطان ومرض فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز) وانتشار الزهري الخطير والتهاب الأوعية الدموية والأوردة.[11]شكل رقم 3 يوضح المخاطرالصحيةلتناولالمخدِّراتالخاضعةللمراقبة،المتصورةمنجانبمتناوليالموادالمشروعةالتيتحاكيآثارالمخدِّراتغيرالمشروعةومنجانبغيرالمتناولينلتلكالموادفيالاتحادالأوروبي،2011
المصدر: التقرير العالمي للمخدرات 2013، ص 120
2.8. الآثار النفسية:
إن الفرد المتعاطي للمخدرات نجد بأنه يشعر في البداية عند أخذه للجرعة بالفرح والسعادة والنشوة، لكن ما إن يزلْ مفعولها فإنه يعود لحالة الكآبة والحزن، لأن حل المشاكل لا يكون بالتعاطي والتجاهل، بل بالمواجهة، وبتالي فان هناك العديد من الآثار التي قد تنعكس على نفسية الفرد ،كما[12]أن المواد المخدرة تؤثر بأنواعها المختلفة على الحالة النفـسية والمزاجيـة للأشخاص عن طريق تأثيرها على الجهاز العصبي المركزي. فتدخل المواد المخدرة عبر الدورة الدموية وتخترق الحاجز الوهمي للمخ وتدخل إلى مناطق المخ المختلفة (لكل مادة من المواد النفـسية منطقـة مختلفة تكون هدف لها). فتتجه إلى مراكز التنفس، والقلب، ومراكز التحكم في الأوعية الدموية، والمراكز الحـسية ومراكز المتعة والألم ومناطق إنتاج الأفيونيات الداخلية. ومركز الذاكرة، والتوازن، والتناسق الحركـي للجـسم، ومناطق تنظيم درجة حرارة الجسم، وتنظيم الحالة النفسية، والمناطق المسئولة عن إنتاج الهرمونات وغيرهـا. كمـا دلت الدراسات التي أجريت على أنواع المخدرات المختلفة: التي تؤثر على الشحنات الكهربائية وإفـرازات المـواد الكيميائية بالمخ، وهرمونات الغدة النخامية التي تتحكم في سائر الغدد، فتعمل على تغيير معـدلات الموصـلات أو الناقلات العصبية .والموصلات العصبية هي مواد لها أهميتها في انتقال الإشارات العصبية من خلية عصبية إلى أخرى[13].
وأشار المكتب الفني لنشر الدعوة الإسلامية[14] إلى أن للمخدرات تأثير ضـار علـى الناحيـة النفسية سواء في المراحل الأولى من تعاطيها أو في حالة الإدمان. فعندما يبدأ الشخص في تعاطي المخدرات يخـتلط عنده التفكير ولا يحسن التمييز ويكون سريع الانفعال ثم تتبلد عواطفه وحواسه بعد ذلك وبتكرار التعاطي يـصبح الشخص كسولاً قليل النشاط يضيع وقته في أحلام اليقظة ولا يمكنه أن يحاول أن يخفي هذه الظواهر عـن المجتمـع فيلجأ إلى الخداع والغش والتزوير وخرق القانون. وكثير من الشباب الذين يتعاطون هذه المخـدرات يـسقطون صرعى بالأمراض العقلية فتظهر الهلاوس السمعية والبصرية والحسية كأن يحس إحساساً خاطئاً بآلام في جـسمه أو خور في أطرافه أو كأن هناك حشرات تمشي على جلده وقد يظهر المرض العقلي على صورة شك عنيف في سلوك أفراد أسرته وفي كل من يتعامل معهم وعندئذ تكثر عنده الأفكار ا لخاطئة ضد الغير وفي هذه الصورة النهائية تتدهور شخصية المدمن تماماً وينكص إلى العادات البدائية الأولى.
كما تؤثر العديد من العقاقير، والمخدرات، تأثيراً كبيراً على الحالة النفسية، والعقلية للفرد، حيث تسبب له في حالات عديدة توتراً كبيراً وتعيق قدرته على الأداء الوظيفي الملائم، ويمكن رؤية هذه الآثار، ليس فقط فيمن يتعاطون هذه السموم، ولكن أيضا فيمن يمرون بمرحلة الانسحاب، وفي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي التعاطي، إلى أضرار نفسية، وفسيولوجية مستديمة، ولكن يمكن التغلب على هذه الآثار لدى العديد من المدمنين عن طريق العلاج، والدعم.
ويمثل الإدمان التأثير الأقوى للمخدرات على عقلية، ونفسية المتعاطي، وهذا ينطبق بصورة خاصة على الأفيونات، مثل الهيروين، والذي يسبب اعتماداً كيميائياً، وأيضا المنشطات، مثل الكوكايين، والذي يشعل مراكز الاستمتاع، والسرور في المخ، والمرتبطة بالسلوك الانتعاشي، وكما في حالة الاشتياق الجسدي الحقيقي للمخدر، فإن الإدمان النفسي، يمكن أن يتسبب في أن يبحث الفرد باستمرار عن المخدر، وذلك برغم الآثار السلبية الملحوظة.
خاتمة:
في الأخير يمكننا القول إن ظاهرة المخدرات ظاهرة خطيرة ويجب تكاتف الجهود من أجل مواجهتها ودق ناقوس الخطر ضدها لما لها من أثار و مخلفات سلبية تعود على الفرد والمجتمع بسلب، فقد أصبحت تتفشى بصفة مستمرة، ورقعة المتعاطين تمتد اتساعا وسوق المخدرات يعرف رواجا، وأمام هذا الوضع نجد قانون المخدرات يقف عاجزا ولا يستطيع الإجابة لخصوصية ظاهرة الإدمان وزراعة الكيف وترويجه في بلادنا الشيء الذي يزيد من تفاقم هذه الظاهرة.ق ناقوس الخطر ضدهاقائمة المراجع :المراجع العربية :
العشماوي، السيد متولي، الجوانب الاجتماعية لظاهرة الإدمان، الجزء الأول، الرياض، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، 2009.
التقارير الصادرة عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، الأمم المتحدة، 2016، ص06. تاريخ الإطلاع 03/03/2018 ، على الخط :
5.دعبس، محمد يسري إبراهيم، الحياة الاجتماعية للمدمن، دراسة اجتماعية في أنثروبولوجية الجريمة الإسكندرية، جامعة الإسكندرية، 1994.
6.رفعت محمد، إدمان المخدرات أضرارها وعلاجها، ط3، بيروت دار المعرفة للطباعة والنشر.
7.عبد الحميد عبد العظيم، الندوة العلمية المخدرات والأمن الاجتماعي، جامعة نايف العربيع مركز الدراسات والبحوث،جمهورية مصر السويس، 2009.
رفعت محمد، ادمان المخدرات أضرارها وعلاجها، ط3، بيروت دار المعرفة للطباعة والنشر، ص 15 [1]
[2] عبد الحميد عبد العظيم، الندوة العلمية المخدرات والأمن الاجتماعي، جامعة نايف العربيع مركز الدراسات والبحوث،جمهورية مصر السويس، 2009، ص01
[3] دعبس، محمد يسري إبراهيم، (١٩٩٤ ،(الحياة الاجتماعية للمدمن، دراسة اجتماعية في أنثروبولوجية الجريمة، الإسكندرية: جامعة الإسكندرية.
[4] العشماوي، السيد متولي، (٢٠٠٩م)الجوانب الاجتماعية لظاهرة الإدمان، الجزء الأول، الرياض: المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب.
[5] حسين فايد، دراسات في الصحة النفسية، المكتب الجامعي الحديث،ط1 ، الإسكندرية2001، ص208
[6] التقارير الصادرة عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، الامم المتحدة، 2016، ص06. تاريخ الإطلاع 03/03/2018 ، على الخط : https://news.un.org/ar/tags/lhyy-ldwly-lmrqb-lmkhdrt
[7]التقارير الصادرة عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، الامم المتحدة، 2016، ص04. تاريخ الإطلاع 03/03/2018 ، على الخط :
www.un-ilibrary.org/drugs-crime-and-terrorism/2016[8]التقارير الصادرة عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، الامم المتحدة، 2016، ص04. تاريخ الإطلاع 03/03/2018 ، على الخط :
محمد علي البار، المخدرات والخطر الداهم 1 الأفيون ومشتقاته ، ص: 163-166.[9]
ناصح علوان، تربية الاولاد في الاسلام، الجزء الاول، الطبعة الاولى، دار السلام للطباعة والنشر.[11]
ذكي نادية جمال الدين، الآثار الصحية لتعاطي وإدمان المخدرات بين الحقيقة و الوهم، القاهرة، 2005، ص49[12]
الندوة العلمية المخدرات والأمن الاجتماعي، مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف العربي، الآثار النفسية لتعاطي المخدرات،2009، ص7.[13]